10ème année, N°3740 du 19. 08 .2010
archives : www.tunisnews.net
الحرية لسجين
العشريتين الدكتور الصادق شورو
وللصحفي الفاهم بوكدوس
ولضحايا قانون الإرهاب
السبيل أونلاين:لليوم الخامس على التوالي « الانتفاضة » مستمرّة تصعيد خطير في بنقردان وقوات البوليس ترتكب تجاوزات كلمة:مواجهات متجدّدة في بنقردان بين الأمن والأهالي الحوار.نت:هل تسير تونس نحو الانتفاضة ضد العائلة المالكة؟! مرسل الكسيبي: »ثورة » بن قردان أم متاعب الاستخلاف؟ كلمة:هلع وسط أهالي بولعابة بسبب هزة أرضية كلمة:فدرالية مواطنة الضفّتين تشجب الحكم على أربعة مهاجرين تونسيين بالسجن في إيطاليا الصباح:السيد محمد صخر الماطري:برنامج بن علي المستقبلي لن يتوقف وسيتواصل إلى ما بعد 2014 كلمة:خنيس: رئيس شعبة يمنع ضعاف الحال من ارتياد مائدة إفطار لعدم انتمائهم للتجمّع البديـل عاجل:أين ذهبت عائدات التفويت في المؤسسات العمومية؟ البديـل عاجل:اتحاد الشغل يعبّر عن « قلقه » المنتدى:بين الاستنكار ورسائل المساندة..تصريحات علي رمضان تقسم النقابيين هيكل بن مصطفى – نقابي – صديق الجامعة العامة للتعليم العالي و البحث العلمي : مناشدة W M C:تونس: عمال « شال » يضربون للمطالبة بتعويضات الصباح:يستخدمه أكثر من مليون و650 ألف تونسي جرائم بالجملة على الفايس بوك تصطدم بصعوبة الإثبات وبعد المسافات العربي القاسمي:شورو: في كلّ عام وأنت الشّامخ البطل رشيد خشانة:خبراء: « الإجراءات الجديدة لمكافحة الهجرة غير الشرعية فاشلة مُـسـبـقـا » جيلاني العبدلي:قراءة في سياسة ساركوزي حول الهجرة د.المنصف المرزوقي :السيناريو المرعب توجان فيصل :حين تتداخل الرؤى فتلتبس المواقف عبد الباري عطوان:شهود الزور.. والعملاء ايضا د. بشير نافع:مفاوضات تقريبية… مفاوضات مباشرة… وأنواع أخرى خورشيد دلي:تركيا والغرب.. انفكاك أم تموضع جديد؟ القدس العربي:تصاعد التوتر بين المغرب واسبانيا بعد زيارة اثنار المفاجئة لمدينة مليلية القدس العربي:إطلاق حملة لدعم ترشيح جمال مبارك رئيسا لمصر يثير تساؤلات حول من يقف وراءها الجزيرة.نت :أول فضائية عربية تنطلق من جامعة
Pourafficherlescaractèresarabes suivreladémarchesuivan : Affichage / Codage / ArabeWindows)Toread arabictext click on the View then Encoding then Arabic Windows)
منظمة حرية و إنصاف التقرير الشهري حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس
جوان 2010
https://www.tunisnews.net/18juillet10a.htm
لليوم الخامس على التوالي « الانتفاضة » مستمرّة تصعيد خطير في بنقردان وقوات البوليس ترتكب تجاوزات
السبيل أونلاين – بنقردان (تونس) – تقرير خاص
في تصعيد خطير في أحداث بنقردان بعد مماطلة السلطة في تنفيذ وعودها لحل الأزمة ، أحرق المتظاهرون في منطقة (الزكرة) ليلة 18 أوت 2010 حافلة تابعة لقوات البوليس (باقة) اشتعلت فيها النيران بالكامل وذلك قرب شركة دبوبة للمواد الغذائيّة ، واحتدمت المواجهات إثر ذلك بين المحتجّين وعناصر « قوّات مكافحة الشغب » الذين كانوا على متن عشرين سيّارة أو يزيد ، والذين استخدموا الغازات المسيلة للدموع بكثافة فانتشر الدّخان في منطقة واسعة ليطال عددا كبيرا من المواطنين في منازلهم مما سبب في حالات اختناق كثيرة .
واكدت مصادر السبيل أونلاين اصابة عشرة عناصر من البوليس تمّ نقلهم إلى المستشفى وكانت إصاباتهم متفاوتة بين جروح وكسور قبل أن يخيّم الهدوء الحذر بعد تلك المواجهات الدامية ، وقد استدعيت الى منطقة الأحداث حشود أمنيّة غير مسبوقة . والجدير بالذكر أنّ البوليس اعتقل صاحب شركة الموادّ الغذائيّة القريبة من الأحداث المهدي دبوبة بعد تعنيفه .
وأشارت مصادرنا الى أن قوات الأمن انخرطت في هستيريا انتقاميّة ، حيث كسرت أبواب المتاجر المحاذية للطريق الرئيسي ، كما عمدت تلك القوات الى نهب وتهشيم بلّور المحلات بشكل منهجيّ منظّم على طول كيلومتر أو أكثر (محلّ تلو الآخر) . وقالت « النقابة العامة للتعليم الثانوي » أن تعامل السلطات مع قضية بنقردان يؤشر الى تكرار مأساة الرديف ، وطالبت النقابة في بيان بتاريخ 18 أوت ، بوقف المعالجة الأمنية للملف وفتح الحصار الأمني المضروب على السكان واطلاق سراح المعتقلين ، كما دعت الى ارساء تصور تنموي لمقاومة الفقر والبطالة وخلق فرص عمل في الجهة .
لليلة الخامسة على التوالي انتفاضة بنقردان مستمرّة والأحداث تمتدّ إلى مناطق جديدة
وكسابقاتها شهدت الليلة الفاصلة بين يوم الثلاثاء 17 / 08 ويوم الأربعاء 18 / 08 ، تجمّعات شبابيّة احتجاجيّة في شتّى المناطق المضطربة مثل مناطق (الزكرة) و (وجلاّل) و(حيّ النهضة) حيث أغلق المتظاهرون الطريق وأشعلوا النيران وتعالت صيحاتهم الاحتجاجيّة المطالبة بفتح المعبر أو حلّ الأزمة المعيشيّة للنّاس ، وككلّ مرّة تدخلت قوات البوليس بأعداد هائلة لتفريقهم فتنشب المواجهات بين الطرفين ، وكانت أعنف المواجهات الشرسة في منطقة (الزكرة) قرب « بابور نفخة » ثمّ بين نقطة البريد والجامع القديم ، وقد استخدمت فيها الحجارة من الطرفين فيما التجأت « قواّت مكافحة الشغب » إلى استعمال القنابل الغازيّة بكثافة مرّة لتفريق المتظاهرين وأخرى لفكّ الحصار عن سيّارة أمن تعطّلت إحدى عجلاتها وبقي أحد ركّابها خارجها عرضة لنقمة المحتجّين وقد سقطت خوذته .
وأكد شاهد عيان للسبيل أونلاين أن قوات البوليس أجبرت على الانسحاب باتجاه مدينة بنقردان وهي تطلق القنابل الغازيّة لكنّ الرّتل سرعان ما توقّف لأنّ السيارة المعطّبة تعطّلت عن السير فأحاطوها ببقيّة السيّارات من الجهات الأربع في وضعيّة دفاعيّة حذرة وعندما اقترب منهم المحتجّون تكفّل عدد من الأعوان بدفع السيّارة المعطّبة وتفرّغ البقيّة إلى الاشتباك مع الشباب الغاضب في مواجهة شديدة اشتعلت فيها النيران وتصاعد دخان القنابل الغازيّة في الحيّ كلّه متسبّبا في أذى كبير للأهالي القريبين من ساحة المصادمات، وبعد ساعة من الاشتباكات الدامية عثر الأعوان على حبل لجرّ السيّارة المعطلة فجرّوها ولاذوا بالانسحاب الحثيث صوب المدينة فسيطر المحتجّون على الطريق الخالية إلاّ منهم ومن حواجزهم المختلفة ولم يغادروها إلى ديارهم إلاّ عند السحور.
وتزامنت مع هذه المواجهة مواجهة أخرى شرسة في (حومة الشواوطة) على بعد كلم ونصف تقريبا من سابقتها في اتجاه بنقردان المدينة، ولم تدبّ الحركة في الطريق بشكل تدريجيّ إلاّ بعد صلاة الفجر أين عادت قوّات البوليس لتفسح المجال أمام عبور السيّارات الليبيّة وقد خلد المحتجّون المنهكون إلى النّوم استعدادا لليلة جديدة .
أمّا في منطقة (جلاّل) فقد شهدت اشتباكات متعدّدة ومتقطّعة طوال اللّيل والملاحظ في اشتباكات هذه الليلة أنّ قوات البوليس لم تتوغّل داخل الأحياء السكنية فانحصرت معظم الصدامات خارجها.
واتسعت دائرة الأحداث ، إذ التحقت منطقة (العامريّة) جنوب بنقردان ، وعرفت مظاهرات شبابيّة صاخبة تمّ فيها غلاق جانب هامّ من طريق (العامريّة) بالحواجز وإضرام النيران في العجلات المطّاطيّة ،و تواصلت الاشتباكات مع البوليس إلى ساعات الفجر الأولى وسُجلت أصابات في صفوف الطرفين .
يأتي هذا التصعيد كمؤشر على استفحال الأزمة وحالة الغضب التي استبدّت بالناس جرّاء الاعتداءات الهمجيّة على الأهالي وممتلكاتهم وكرامتهم ، التي تورّطت فيها قوّات البوليس ، فقد قامت تلك القوات بعمليات تخرّيب ونهب وسرقة ومسّت أعراض المواطنين . وأكد مصدر مطلع للسبيل أونلاين أن أحد « العائلات المتنفذة القريبة من السلطة والمعروفة بتعاملها في مجال توريد البضائع من الصين وغيرها » هي التي تقف وراء اغلاق معبر « رأس جدير » بوصفه مزاحما كبيرا لها ، مشددا على أن حركة الاحتجاج قد تمتدّ الى مناطق أخرى بالجنوب التونسي المستفيد من التجارة البينية مع ليبيا ، في حالة استمرار اغلاق المعبر وتمادي قوات البوليس في قمعها للمواطنين في بنقردان .
(المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس) ، بتاريخ 19 أوت 2010)
مواجهات متجدّدة في بنقردان بين الأمن والأهالي
حرر من قبل التحرير في الإربعاء, 18. أوت 2010 كما كان متوقّعا، عاد الوضع للاشتعال في بنقردان خلال ليلة الثلاثاء 17 أوت الجاري، حيث جدّت مواجهات بين الأهالي المحتجّين وقوّات الأمن أسفرت عن إصابات عديدة في الجانبين، حسب مصادر من الجهة. وأفادت مصادرنا أن أغلب أحياء وشوارع بنقردان عمّتها المواجهات وذلك احتجاجا على مماطلة السلطات المحلّية في إطلاق سراح المعتقلين، حيث اتضح أن الجهات الأمنية أطلقت عددا قليلا منهم أغلبهم من صغار السنّ. وذكر شهود عيان أن بعض الشباب الغاضب منع قوّات الأمن من استرجاع سيّارة أمن معطّبة. من جهة أخرى أفادت مصادر مطّلعة أن تعزيزات أمنية نقلت من جميع جهات البلاد إلى بنقردان تحسّبا لمزيد التحرّكات، كما نقل شهود عيان في بنقردان أن قوّات الأمن أصبحت تهاجم الناس في الشوارع بدون إنذار مسبق، وتعمد إلى تفريق كلّ مجموعة بالعنف. كما أفادت بعض المصادر، أنه وقع إطلاق سراح 17 معتقلا من بينهم نشطاء سياسيون ونقابيون. في حين تشير المصادر إلى عشرات من المعتقلين على خلفية هذه التحرّكات الاحتجاجية. من جهتها عبرت فروع للرابطة التونسية لحقوق الإنسان في بيان مشترك تحصلت كلمة نسخة منه عن انشغالها لما ألت إليه الأوضاع في منطقة بن قردان إثر غلق معبر رأس جدير وطالبوا بإيقاف التتبع ضد المحتجين وإطلاق سراح كل المعتقلين على خلفية الاحتجاجات كما دعوا إلى إرساء تنمية جهوية عادلة ومتوازنة. كما أصدرت النقابة العامة للتعليم الثانوي بيانا تعبّر فيه عن مساندتها لتحرّكات أهالي بنقردان ومطالبهم وطالبت بالتوقف عن المعالجة الأمنية والعمل على وضع تصوّر تنموي عادل للجهة، مذكّرة بأحداث الحوض المنجمي التي اندلعت منذ أكثر من سنتين بجهة قفصة. وكان عدد من الجمعيات والمنظمات والأحزاب قد أصدرت بيانات مشابهة طالبت فيها بإطلاق سراح المعتقلين الذين بلغ عددهم حسب مصادرنا أكثر من 150 معتقلا منذ بداية الإحداث التي انطلقت على إثر قرار السلطات الليبية غلق معبر رأس جدير الحدودي. وقد أدانت الهيئات والمنظّمات المدنية والسياسية التعامل الأمني مع التحرّكات الاحتجاجية في بنقردان، معتبرة أن الخيار الأمني لا يحلّ المشاكل العالقة. وفي تصريح خصّ به راديو كلمة، قال السيد المولدي الجندوبي عضو المكتب التنفيذي الوطني لاتحاد الشغل أن الاتحاد شكّل يوم الاربعاء لجنة متابعة وطنية مهمّتها الاتصال بالهياكل النقابية الجهوية بالمنطقة وتقديم مقترحات وتصوّرات حلول. كما صرّح أن فتح الحدود الليبية التونسية ليس حلاّ لأزمة التشغيل وأن على الدولة أن تتحمّل مسؤوليتها في إيجاد تنمية عادلة في الجهات، لحلّ أزمة الشغل. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 18 أوت 2010)
هل تسير تونس نحو الانتفاضة ضد العائلة المالكة؟!
من العوامل المؤثرة التي يسرت لبن علي الانقلاب ضد بورقيبة عام 1987 ـ فضلا عن عوامل خارجية تصنعها الدوائر الغربية المتنفذة التي تبسط استكبارها على بلدان العالم الثالث ـ أول انتفاضة شعبية في تاريخ تونس المستقلة ـ سميت ثورة الخبز ـ وذلك عام 1984 أي: 3 سنوات فحسب قبل الانقلاب ضد بورقيبة. بنقردان تنتفض في إثر إنتفاضة الرديف تحمل إلينا الأنباء بالصوت والصورة ـ حمدا لله على ثورة الاتصالات الهادرة التي دوخت الأسر الحاكمة في بلداننا العربية بعدما عجزت عن إخماد صوت الكلمة التي تعبر القارات اليوم بالصورة وهو ما نعده أكبر متآمر على عروش تلك العائلات التي ستطيح بها ثورة الاتصالات وليست ثورة الثكنات ولا ثورة الديمقراطية التي علبوها تعليبا على مقاسهم ـ تحمل إلينا ثورة الاتصالات إرهاصات انتفاضة في مدينة بنقردان الحدودية مع جماهيرية ليبيا احتجاجا على إغلاق العائلة المالكة في تونس للمنفذ الوحيد لسكان المنطقة ولكثير من أبناء الشعب في البلاد كلها. منفذ يدر على من سحقتهم العائلة المالكة والمافيا التي تمتص دماء الشعب بسلطانها بفتات من الطعام والشراب من أثر التجارة مع السوق الليبية.
واجهت العائلة المالكة ـ كالعادة دوما ـ المحتجين والمتظاهرين بالرصاص والاعتقال وفتحت لهم سجن حربوب بمركز الولاية التي تتبعها مدينة بنقردان إداريا.
قبل أشهر حدث شيء شبيه بذلك في مدينة جبنيانة بوسط البلاد ولكن أشهر انتفاضة في تاريخ تونس المستقلة ـ بعد انتفاضة الخبز آنفة الذكر ـ هي انتفاضة الرديف والحوض المنجمي بالجنوب الغربي للبلاد وما زالت آثارها عالقة بالنقابيين الذين قادوا تلك الانتفاضة وسجنوا وعذبوا وطردوا من وظائفهم. السنن الاجتماعية لا تجامل عصابات النهب ولا الحثالات. إذا ساقتك الأقدار إلى شهود حلقات النقاش لدى النخب فإنك ستلحظ ـ أول ما تلحظ ـ تركيزهم على مقولة محورية يحكمونها وهي: موازين القوى منخرمة لصالح العائلة الحاكمة المغتصبة للسلطة والثروة في تونس ولذا يستحيل شهود انتفاضة شعبية. أما الحثالة منهم فإنّ لهم خطابا آخر أدنى أسى وأشد سفسافا وحمالته أنه لا يناسب الوضع التونسي سوى الإنحناء وإلجام الأفواه والأقلام وممالأة النعجة التي تسير مع القطيع المسوق بعصا الراعي وهي تدرك أنها إن لم تؤكل اليوم فستؤكل غدا.
لا تكاد تجد ذكرا عند تلك النخب التي استغربت ـ إلا من رحم الله سبحانه ـ حديثا عما هو أولى من موازين القوى أي السنن والأسباب والأقدار والوعود والمواعيد (جمع وعيد) التي بثها الخلاق في كونه وخلقه ليسير الكون عليها والخلق بها فمن وافقها أفلح ومن خالفها داسته. تلك سنن يغفل الناس عنها بسبب أنها تنتمي لعالم الروح وليس لعالم المادة حتى لو كان أثرها ماديا قحا. تلك سنن نغفل عنها لأننا لا ننظر في التاريخ إلا قليلا ولو التفت المرء إلى ما خلفه وراءه لوجد عبرا ثمينة. الداء ذاته الذي ذهب ببورقيبة سيذهب ببن علي. عبر عن ذلك شاعر مصري في قصيدة يحفظ الناس منها كلهم قوله: دار لقمان على حالها والقيد باق والطواشي صبيح. دار لقمان هي السجن الذي اعتقل فيها قائد الحملة الغربية ضد مصر يومئذ وصبيح هو إسم الطواشي والطواشي هو الحارس أو السجان. الشاعر يهدد من تحدثه نفسه بالعودة إلى مصر غازيا. ما هو الداء الذي ذهب ببورقيبة؟ أليس هو الفساد وخاصة في آخر أيامه حين تسللت إلى قصره عصابات نهب وسلب ظلت تسول له الأمر حتى أردته في معركة طاحنة حول الخلافة ـ وليس الرجل ـ وقد أفضى إلى ربه ـ بريئا إلا أنه لم يدخر دينارا واحدا لنفسه ولا لأسرته ولكن السرطان الذي تمكن منه مبكرا جدا هو سرطان التأله في الأرض ـ. ألم يكن يتحدث الشارع التونسي يومها كله على أنّ حظوظ محمد الصياح الرجل القوي المقرب هي أكبر الحظوظ للظفر بخلافة بورقيبة؟ دارت الأيام وأصبح أقوى رجل حبيسا في بيته سجينا ومثله كل مخلص لبورقيبة ممن رفض الانحناء لبن علي على حساب التنكر لبورقيبة. أما قائمة العار فمأواها مزبلة التاريخ. قائمة العار من زهاء ثمانين فنان و »مثقف » ورياضي تونسي ممن أكرهوا على التوقيع على مناشدة بن علي ليطحننا خمس سنوات أخرى.. تلك قائمة معروف مآلها وستكون ببغاواتها من أول المنادين بحياة خليفة بن علي بمثل ما حدث لجزء من النخبة المهترئة يوم الانقلاب ضد بورقيبة وجريدة الأنوار شاهدة على ذلك إذا توقفنا دقيقة واحدة لنلتفت إلى الوراء. العائلة المالكة في تونس: من قمع الشعب إلى التمكين لذريتها. ليس من باب التجني إطلاق صفة العائلة المالكة على بن علي الذي يحكمنا بأصهاره وعائلته. بورقيبة مثلا لم يكن يحكمنا بعائلته ولم تعرف له عائلة أصلا… وزوجة من عائلة معروفة ميسورة حاول استخدامها بعض رجال بورقيبة من مثل محمد الصياح في معركة الخلافة وتقوية النفوذ فساء حالها قليلا ولكن لم يكن لها عشر معشار الدور العبثي المشين الذي تقوم به زوجة الرئيس الحالي بأشقائها وعائلتها الطرابلسية عموما. لا يصدق على الحكم الحالي سوى أنه حكم عائلة اغتصبت الجمهورية بقوة السلاح والتعامل الاستخباراتي مع أصحاب المصالح الغربية في تونس ثم تمكنت بمافيا المال ومافيا ميليشيا القصر الاستخباراتيه وعصا البوليس الحارة وكممت الأفواه وألجمت الأقلام وتحولت البلاد إلى سجن ـ دون أدنى مبالغة ـ. سجن يشعر به كل حر يأبى الضيم ويعتبر أنّ له دورا وطنيا وليس رقما مرعيا في مملكة يهيمن عليها راع يسوس الناس بعصاه ولسان حاله يقول: لا أريكم إلا ما أرى. آخر مثال من التمكين لذرية العائلة المالكة. إذاعة خاصة رابعة جديدة تسند تأشيرتها لسيرين بن علي ابنة الرئيس من الزوجة الأولى. إذاعة (شمس FM)… حركة التحرر في العالم تفرض بتضحياتها ونضالاتها تحرير الإعلام من سلطان الدول والحكومات سيما في عصر ثورة الاتصالات التي تنسج خيوط الانقلاب ضد الإمبراطوريات والدكتاتوريات والملكيات المستبدة يوما بعد يوم في وضح النهار وليس في جنح الليل.. أما عندنا في تونس فالأمر مختلف: الإعلام تؤممه الحكومة بما يخدم مصالح العائلة المالكة. ومن قبل ذلك أسندت العائلة لبلحسن الطرابلسي صهر بن علي تأشيرة إذاعة اسمها (موزاييك). حتى الإعلام الديني تحتكره العائلة المالكة حيث أسندت كما هو معروف لأول إذاعة خاصة لصهرها صخر الماطري تأشيرة إذاعة الزيتونة للقرآن الكريم وهو الشخص الذي ترشحه بعض الدوائر لخلافة بن علي، ولكن بعد 2019 إلا أن يسبق إلى الرئيس الحالي من ربك سابق ما له من دافع، وذلك بعدما تأكدت مواصلته لحكمنا في ولاية جديدة من 2014 حتى 2019. سؤال الكلمة الحرة: هل تسير تونس نحو انتفاضة شعبية. إذا سألت النخبة تجيبك بالنفي قطعا ضمن معادلات تجريدية بنوها لأنفسهم وسجنوا فيها أنفسهم ومؤداها أنّ التغيير في تونس يملكه بن علي كما ملكت أمريكا أوراق القضية الفلسطينية بحسب تعبير المرحوم السادات في انهزامية متخاذلة بئيسة. فما جاد به بن علي تفضلا ونعمة نلتقطه كمن يلتقط فتات مائدة المترفين وما ضنّ به نتوب عن المطالبة به توبة نصوحا. أما انتفاضة الشعب بأي شكل من أشكالها فهو أمر مضحك عندهم لا يبخلون عليك بالسخرية منه ومنك .
ليس يعني ذلك أننا على أبواب انتفاضة شعبية في تونس ولكننا لا نسلم باستحالتها ولكن الأقرب ترجيحا عندنا هو أن تمادي العائلة المالكة في البلاد بطشا وقمعا وسلبا ونهبا ـ سيما بعدما سقطت هيبتها في عيون الناس وبأثر أكبر متآمر على عرشها أي: ثورة الاتصالات ـ سينمي نقمة الشعب يوما بعد يوم ويملأ وطابات صدره غضبا بما يذوق من كراهية الحرمان وهو يرى بأم عينيه عصابات النهب والسلب التي تجندها العائلة المالكة ترفل في الذهب والحرير.. تلك نقمة ستتحول بفعل التراكم إلى تململ ثم إلى انتفاضة تتبعها انتفاضات متفرقة يخمد البوليس بعضها بالرصاص الحي ويعتقل ويعذب ويسجن ويبسط الخوف حينا.. ثم ما يلبث ذلك أن يتوسع ويمتد أثره.. سيثبت الشعب ـ بإذنه سبحانه ـ أنه لن يساوم في لقمة عيشه حتى بعد أن فقد ذراعه الواقي أي اتحاد الشغل.
ذاك هو اتجاه الأحداث في تقديرنا في تونس في الأعوام القابلة بإذنه سبحانه. والله أعلم. (المصدر: موقع « الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 16 أوت 2010)
« ثورة » بن قردان أم متاعب الاستخلاف؟
مرسل الكسيبي*
اقدام السلطات الليبية على اغلاق بوابة راس جدير الحدودية , مع فرض رسوم مرتفعة على تجار مدينة بن قردان التونسية , وتحولات الموقف الليبي الفجئي تجاه السلطات التونسية لايمكن أن يخرج في نظرنا عن احتمالات صراع الأجنحة داخل تركيبة النظام … كل المؤشرات تتجه تونسيا الى دخول الصراع على السلطة منعرجه الخطير, فأعين السيدة ليلى بن علي حرم الرئيس التونسي موجهة صوب كرسي الرئاسة في ظل تعزيز موقعها المالي والاعلامي والسياسي عبر شبكة من المصاهرات والصفقات المعقدة.. كان نداء مجموعة ال 67 للرئيس التونسي بالتمديد في وقت مبكر لموعد رئاسيات سنة 2014 , هو الاخر في تقديرنا مؤشرا على وجود أجنحة تريد قطع الطريق على سيدة القصر , فترتيبات نقل السلطة ينبغي أن تكون في نظر من كان وراء البيان باتجاه جهة أخرى لم يكشف عنها بشكل واضح الى حد هذه الساعة… الغريب في الأمر أن عائلة حرم الرئيس التونسي تتمتع بعلاقات وثيقة مع جهات ليبية نافذة , الى الحد الذي تحولت فيه شركات توزيع الوقود الى احتكار لبعض أقاربها مع فاعلين بارزين في الوسط السياسي والمالي الليبي …, الشيء الذي يطرح أكثر من علامة استفهام حول المغزى من غلق السلطات الليبية لبوابة راس جدير … يفسر الأمر في تقديرنا بوجود خلافات حقيقية بين العائلة التونسية الحاكمة وبعض دوائر صناعة القرار ليبيا , وقد يكون الأمر على علاقة بتقاسم عائدات أرباح بيع الوقود أو بمسألة خلافة الرئيس التونسي … الثابت أن لليبيا دورا استشاريا بارزا في انتقال السلطة من الرئيس بورقيبة الى الرئيس الحالي زين العابدين بن علي , فكل التقارير أكدت بأن طرابلس الغرب كانت على علم ببعض تفاصيل ماحدث يوم 7 نوفمبر 1987 , والراجح أن الأخيرة سوف لن تكون بمعزل عن تطورات الوضع السياسي في المرحلة الانتقالية القادمة… وبالعودة الى الثمانينات من القرن الماضي , فقد أعلم رئيس الوزراء التونسي الأسبق , الراحل محمد مزالي في وقت لاحق من العاصمة باريس , بأن بعض مقربي بورقيبة طلبوا عبر مبعوث خاص من السلطات الليبية تقوية بث اذاعة قفصة المعارضة , رغبة في تأليب الشارع واسقاط امكانيات وصول الأخير الى سدة الحكم… وحينئذ فان انتفاضة بن قردان بالجنوب التونسي قد تكون فاتحة لما بعدها من أحداث أمنية وسياسية بارزة , فهي في نظرنا مؤشر خطير على وجود صراع غير معلن على اتجاهات نقل السلطة بالبلاد التونسي… في هذه الأجواء لاتبدو المعارضة التونسية بعيدة عن تطورات هذا الحراك , فشعار « لاللتمديد لاللتوريث » بدأ يسلك طريقه بقوة الى خطاب النخبة والمعارضة , وكتابات المثقفين والاعلاميين دشنت مرحلة جديدة من الخطاب السياسي , بعد رفضها للتلاعب المتجدد بالدستور أو الالغاء المقنع لمبادئ الجمهورية , وقد كانت عريضة لاللتمديد لاللتوريث ,والتي نشرت أولى توقيعاتها يوم أمس السادس من رمضان 1431 ه , بداية التدحرج لأكبر كرة ثلج سياسية منذ سنة 1987 , اذ أمضى مثقفون وسياسيون واعلاميون وحقوقيون تونسيون من تونس وخارجها على نداء يرفض التجديد أو التمديد للرئيس الحالي تحت أي صيغة من الصيغ .., وقد قطع خطاب العريضة مع أماني التوريث وحمل النخبة مسؤوليات كبرى تجاه أكبر الاستحقاقات السياسية المقبلة… هذه الأجواء المحمومة بانتفاضة الشارع في قفصة سابقا ثم بنقردان هذه الأيام , مع تواصل المقاومة المدنية على صعيد النخبة , تقابلها ثورة شبابية تونسية غير مسبوقة في العالم الافتراضي , اذ بات الشأن الوطني بواجهاته الثقافية والحقوقية والسياسية الشغل اليومي لعشرات الالاف من التونسيين , فالشبكات الاجتماعية العالمية ومواقع الواب والصحف الالكترونية والمدونات تشهد أوج حركتها في مقاومة االكبت السياسي والاعلامي ومظاهر الاستبداد … ترشحات المشهد في تداخلاتها الوطنية والخارجية , تبدو علامة على مرحلة حبلى بالمفاجات , فنظام الحكم الذي طالما افتخر وتفاخر باستتباب الأمن والاستقرار , بدأ يجني حصادا مرا بواعثه تفشي الفساد في أجهزة الدولة وتواصل القمع في التعاطي مع ملفي الاصلاح السياسي والحريات … دون أن ننسى ترسبات الأزمة الاقتصادية العالمية وتراجع نسب النمو وتفشي البطالة وضيق التونسيين ذرعا بنموذج سياسي حول السلطة الى اقطاع , وجعل الثروة علاقة مصاهرة بعد أن كانت في وقت سابق من دولة الاستقلال , تسلقا في النضال ومزاوجة معقدة بين الكفاءة والولاء… كتبه مرسل الكسيبي* بتاريخ 7 رمضان 1431 ه – 17 أوت 2010 *كاتب واعلامي تونسي .
عن الوسط التونسية
هلع وسط أهالي بولعابة بسبب هزة أرضية
حرر من قبل المولدي الزوابي في الإربعاء, 18. أوت 2010 قال عدد من أهالي منطقة بولعابة ومعتمدية فرنانة شمال-غرب تونس أنهم شعروا صباح يوم الإربعاء 18 أوت حوالي الساعة العاشرة بهزّة أرضية هرعوا على إثرها خارج منازلهم. وأفادت مصادر مطّلعة أن قوّة الهزّة تجاوزت الثلاث درجات على سلّم « ريشتر ». جدير بالذكر أن هذه الهزة تعتبر الثالثة التي تشهدها ولاية جندوبة خلال الثلاثة أشهر الماضية. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 18 أوت 2010)
فدرالية مواطنة الضفّتين تشجب الحكم على أربعة مهاجرين تونسيين بالسجن في إيطاليا
حرر من قبل التحرير في الإربعاء, 18. أوت 2010 على إثر صدور الحكم على أربعة شبان مهاجرين تونسيين معتقلين في إيطاليا يوم الجمعة 13 أوت الماضي بالسجن 4 سنوات على خلفية احتجاجات وأحداث شغب اندلعت ببعض مراكز الاعتقال – والذي كنّا تعرّضنا له في نشرة سابقة ناقلين عن عائلة أحد الشبان نفيها أن يكون الأربعة قد شاركوا في هذه التحرّكات وتأكيدها أنه قد وقع الزجّ بأبنائهم في القضية نظرا لصغر سنّهم – أصدرت فيدرالية التونسيين من أجل مواطنة الضفّتين بيانا تشجب فيه هذا الحكم. واعتبر البيان أن هذه الأحداث ليست إلا استمرارا لمسلسل الاحتجاجات التي انطلقت في مراكز الاحتفاظ منذ بداية الصيف في كامل التراب الإيطالي. مرجعا إياها إلى ظروف الاعتقال السيئة للغاية. واعتبر البيان أن تصاعد القمع ضدّ المهاجرين التونسيين يعود للاتفاقات المبرمة بين الحكومة التونسية ونظيرتها الإيطالية في مجال الهجرة، والتي اعتبرها البيان تسيء إلى حقوق المهاجرين. كما طالب البيان بإطلاق سراح الشبان التونسيين وبعث لجنة تقصّي حقائق حول الوضع في مراكز الاحتفاظ في إيطاليا (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 18 أوت 2010)
في حفل تضامني بهيج بمنطقة سيدي البشير بالعاصمة
السيد محمد صخر الماطري يشرف على توزيع مساعدات مادية على ضعاف الحال برنامج بن علي المستقبلي لن يتوقف وسيتواصل إلى ما بعد 2014
أشرف عشية أمس السيد محمد صخر الماطري عضو اللجنة المركزية للتجمع وعضو مجلس النواب، بمقر الدائرة البلدية بسيدي البشير بالعاصمة على حفل تضامني بهيج تم خلاله توزيع مساعدات مادية على عدد من ضعاف الحال والعائلات المعوزة بالمنطقة. وحضر حفل توزيع المساعدات التي انتفع منها أكثر من 130 عائلة معوزة، السيد منذر الفريجي والي تونس، وكاتب عام لجنة التنسيق بالوردية، وكاتب عام الجامعة الترابية بسيدي البشير، وثلة من إطارات التجمع. وعبر السيد صخر الماطري عن سعادته بوجوده وسط « اخوانه واحبائه بمنطقة سيدي البشير » وأكد بالمناسبة على أهمية السياسة التضامنية التي أرسى دعائمها الرئيس زين العابدين بن علي، والمقاربة الإصلاحية والتنموية التي كانت خير سلاح لمقاومة التعصب والارهاب من خلال مكافحة كافة أشكال الفقر والتهميش والتحيز لضعاف الحال والمعوزين.. وأضاف أن بن علي ما انفك يدافع عن كرامة التونسي الوطني الغيور المحب لوطنه والذي لا يتجرأ للحظة للإساءة إلى بلده مهما كانت الظروف والأسباب، على عكس المناوئين الذي يهرولون إلى الخارج قصد الإساءة إلى بلدهم. وشدد عضو اللجنة المركزية للتجمع على أن الرئيس بن علي يوصي دائما بتكريس قيم التآزر والتضامن في كل مكان وفي كل تجمع سكني، مذكرا بما جاء به البرنامج الرئاسي « معا لرفع التحديات » من برامج تنموية كبرى شملت جميع الميادين مثل التشغيل وتعميم التغطية الاجتماعية ومزيد الإحاطة بالفئات المعوزة والعائلات محدودة الدخل.. وعدد المكاسب التي تحققت لتونس في ظل القيادة الرشيدة للرئيس بن علي والمسيرة التنموية الموفقة التي نجحت في جلب الاستقرار والأمن للبلاد وكرست البعد التضامني وقيم التكافل والتآزر، في الوقت الذي عجزت فيه عديد البلدان عن تحقيق أي من العاملين بل لا يجد معظم سكان بعض البلدان ما يأكلون ويموتون بسبب الفقر والجوع والمرض والخصاصة…. وقال أن برنامج بن علي التنموي لن يتوقف وسيتواصل حتى إلى ما بعد سنة 2014 وهو ما يحتم بقاءه لمواصلة قيادة مسيرة التنمية وتحقيق مزيد النجاحات والمكاسب والانجازات لتونس..مضيفا قوله « ليس لدينا كتجمعييّن مرشح آخر خلافا للرئيس بن علي ». كما ذكر السيد محمد صخر الماطري ببادرة السيدة الفاضلة ليلى بن علي رئيسة جمعية سيدة لمكافحة السرطان بإطلاقها المشروع الخيري الرائد وهو بناء مستشفى الزهراوي لمعالجة السرطان. (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 19 أوت 2010)
خنيس: رئيس شعبة يمنع ضعاف الحال من ارتياد مائدة إفطار لعدم انتمائهم للتجمّع
حرر من قبل المستير في الإربعاء, 18. أوت 2010 عمد رئيس شعبة بخنيس-المنستير إلى طرد مجموعة من مرتادي مائدة إفطار تبرع بها أحد رجال الأعمال وتشرف عليها الشعب الدستورية. وقد أطرد رئيس الشعبة المذكور خمسة من ضعاف الحال جاؤوا للإفطار بتعلة أنهم لا ينتمون إلى التجمع وأنهم أصدقاء لمعارضين معروفين في المدينة. وكنا قد أشرنا في نشرات سابقة إلى سيطرة التجمع الدستوري الديمقراطي على مسألة توزيع المساعدات التي تقدمها الدولة لضعاف الحال وتعامله بسياسة الكيل بمكيالين عبر إقصاء من لا ينتمي الى صفوفه. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 18 أوت 2010)
أين ذهبت عائدات التفويت في المؤسسات العمومية؟
ذكر تقرير اقتصادي صدر يوم السبت 31 جويلية أوردته وكالة الأنباء القطرية أن عائدات التفويت في المؤسسات العمومية بتونس قدرت بحوالي سبعة مليار دينار تونسي أي ما يعادل حوالي 4.6 مليار دولار امريكي.
وأفاد التقرير أن هذه العائدات نتجت عن التفويت وإعادة هيكلة حوالي 220 مؤسسة اقتصادية منذ انطلاق برنامج الاصلاح الهيكلي سنة 1988. وأوضح أن 116 مؤسسة تم التفويت فيها كليا و29 جزئيا و10 عبر فتح رأس المال و5 عبر العطاءات فيما تمت تصفية 41 مؤسسة.
ومن المنتظر أن يتم خلال ما تبقى من هذه السنة التفويت في 10 مؤسسات تم الإعلان عنها منها الشركة التونسية للسكر والشركة التونسية للملاحة والشركة التونسية لصناعة الإطارات المطاطية والشركة الوطنية لتوزيع البترول وعقارية الشارع وشركة الإيجار المالي والشركة التونسية لتربية الدواجن إلخ…
جدير بالملاحظة أن عمليات التفويت في المؤسسات العمومية تثير العديد من التساؤلات والإشكاليات حول مصير عملتها الذين غالبا ما يقع التخلّص منهم دون تعويض يذكر، وأيضا من جهة شفافية عمليات التفويت التي كثيرا ما تطال مؤسسات رابحة من جهة وتتم لفائدة متنفّذين وأقارب لكبار رجال الدولة من جهة أخرى. (المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 19 أوت 2010)
اتحاد الشغل يعبّر عن « قلقه »
أصدر المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل بيانا عبّر فيه عن انشغاله إزاء ارتفاع أسعار موادّ الاستهلاك الذي اعتبره البيان « لافتا للانتباه » خاصّة في الموادّ الأساسية مثل الخبز والسميد. واعتبره ينعكس سلبا على القدرة الشرائية للأجراء الذين عرفت أجورهم في نفس الفترة « تعديلا » حسب البيان. وشدّد البيان على أن المحافظة على القدرة الشرائية للأجراء ودعمها كفيلان بحفز الطلب الداخلي كشرط أساسي من شروط توازن الاقتصاد الوطني في ظل التراجع الدولي للطلب الخارجي بسبب ما تشهده بلدان العالم من تراجع ملحوظ في نسب النمو. وقد عبر بعض النقابيين عن عدم رضاهم على مضمون البيان واعتبروه غير كاف متهمين البيروقراطية النقابية بأنها رضخت للضغوط التي مارستها عليها السلطة لتعديل البيان. وكانت السلطة قد رفـّعت من أسعار الموادّ الأساسية من خبز وسميد يوم 18 جويلية المنقضي بزيادة 10 مليمات لسعر الخبزة من وزن 400 غرام والخبزة من وزن 220 غرام وبزيادة 30 مليما لكلغ السميد. كما شهدت أسعار الموادّ الاستهلاكية الأخرى وخاصة اللحوم ارتفاعا كبيرا في نفس الفترة، أرجعه المتابعون لارتفاع الطلب وضعف العرض، خاصّة مع اقتراب شهر رمضان المعروف باللهفة على الاستهلاك إلى جانب ارتفاع نسقه في الصيف. (المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 19 أوت 2010)
بين الاستنكار ورسائل المساندة…تصريحات علي رمضان تقسم النقابيين
الصباح بتاريخ 19 أوت 2010 أثارت تصريحات الأمين العام المساعد الكلف بالنظام الداخلي لاتحاد الشغل السيد علي رمضان عدة ردود أفعال داخل الأوساط النقابية وخاصة فيما يتعلق بتحوير الفصل العاشر من النظام الداخلي للاتحاد ومسالة المعارضة النقابية. وقد اعتبر رمضان في حديث خاص له « بالصباح »بتاريخ 13 أوت 2010″ أنّ مؤتمر المنستير أوكل للمجلس الوطني النظر في إعادة الهيكلة بما يجعلها تتماشى والتطورات الإجتماعية و الإقتصادية سواء في الداخل أو الخارج » وهو ما اعتبره عدد من النقابيين « محاولة للانقلاب على قوانين المنظمة » حسب تعبيرهم.
كما تناقلت الأوساط النقابية عددا من رسائل المساندة للمكتب التنفيذي برئاسة الأمين العام السيد عبد السلام جراد ودعوا المكتب إلى مواصلة « المسيرة النضالية للاتحاد بما يخدم مصلحة العمال. » ورغم الاختلاف في المواقف فقد دعت أطراف أخرى إلى التعقل والى احترام قوانين المنظمة بعيدا عن « التشنج ». (*) أكد عدد من النقابيين من جهة القيروان في رسالة لهم على رفضهم اعتبار الفصل العاشر فصلا « ككلّ الفصول يمكن إلغاؤه أو تعديله » مؤكدين على أنّ الفصل العاشر » فصلا يختزل الأسس الدّيمقراطيّة للمنظّمة والتي نادى بها الشّغّالون في مواجهة كلّ التّحدّيات، كما تعتبر أنّ أيّ التفاف عليه يمثّل ضربا للشّرعيّة ولإرادة النّقابيّين. » وأضافت الرسالة التي حملت أكثر من 70 إمضاء من مختلف القطاعات بالقول » أنّ التّذرّع بالاستمراريّة واستكمال الملفّات المفتوحة يتجاهل ما يزخر به الاتّحاد من طاقات وكفاءات قادرة على تسييره فضلا عن كونه ادّعاءً يتعارض مع روح الممارسة الانتخابيّة التي تتضمّن احتمال الفشل والنّجاح. » وفي ردهم على ما اعتبره السيد علي رمضان « إنّ مؤتمر المنستير أوكل للمجلس الوطني النظر في إعادة الهيكلة بما يجعلها تتماشى والتطورات الاجتماعية والاقتصادية سواء في الداخل أو الخارج » أورد عدد من نقابي جهة جندوبة والذين سبق لهم أن شاركوا في مؤتمر المنستير (ديسمبر 2006) « أن المؤتمر ناقش مقترحا بإيكال النظر في إعادة الهيكلة إلى هيئة إدارية أو مجلس وطني أو مؤتمر استثنائي لا غير. »
وأضافوا « أن المقترح المقدم تم رفضه من قبل أغلب نواب مؤتمر المنستير، وأن النواب تمسكوا حينها بالإبقاء على الفصل العاشر من النظام الداخلي الذي لا يخول الترشح لعضوية المكتب التنفيدي الوطني لأكثر من دورتين فحسب. » تصحيح المسار وكان نقابيون أصدروا في وقت سابق مبادرة نقابية أطلقوا عليها اسم » » اللقاء النقابي الديمقراطي المناضل « . وبرر النقابيون موقفهم هذا بأنه نتيجة لما أسموه ب « غياب فضاءات الحوار الصريح والتفكير والعمل الحر. » موضحين في ذات السياق أنهم » ارتأوا في بعث هذا الإطار نقاشا ونشاطا من أجل تجميع كلمة كل الرافضين للمسار الذي تردى فيه الاتحاد بغية العمل جماعيا وبصورة ديمقراطية ومن أجل وضعه على سكة المسار الصحيح. » حسب رأيهم. وتوجه النقابيون بمبادرتهم إلى عموم العمّال والنقابيين قصد بلورة تصور عام ولتحديد أولويات العمل النقابي.
خليل الحناشي http://www.assabah.com.tn/article.php?ID_art=39365 (*) ملاحظة من المنتدى : لم نسمع و لم نرى على مواقع الأنترنات رسائل مساندة للمكتب التنفيذي و دعوة لهم للإنقلاب على الفصل العاشر (طبعا يمكن أن يكون فاتنا ذلك) إلاّ إذا كان صاحب المقال أخطأ فهم الورقتين المنشورتين بإمضاء عبد السلام الككلي و هيكل بن مصطفى (نقابيين جامعيين من المعارضة النقابية الديمقراطية) بعنوان مناشدة لعلي رمضان و للمكتب التنفيذي لجامعة التعليم العالي و البحث العلمي بأسلوب تهكّمي و ساخر. المصدر : إعادة نشر منتدى » الديمقراطية النقابية و السياسية « الرابط :http://fr.groups.yahoo.com/group/democratie_s_p
هيكل بن مصطفى – نقابي – صديق الجامعة العامة للتعليم العالي و البحث العلمي : مناشدة
18 أوت 2010 مناشدة أيها الإخوة الأعزّاء في الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي الصامدون في الخطوط الأماميّة والمنافحون عن مصالح الجامعيين أجمعين. لقد حاول البعض أن يعطلوا مسيرتكم المكللة بالنجاح وما افلحوا ولا هم مفلحون. فبدونكم هل كان الجامعيون يحصلون على الزّيادة الأخيرة التي تضاعف بها أجرهم..مرتين ؟. وبدونكم هل كان يمكن أن يكون للجامعي القول الفصل في كل ما يعني الجامعة التونسية من إصلاحات وبرامج جديدة ؟ …وبدونكم هل كان من السهل أن ننعم مع الباب العالي في نهج محمد علي بهذه الصلة القائمة على المحبة والودّ الصافي الظاهر أو الذي لا يعلم تفاصيله غيركم. لقد حاول المناوئون أن يشوشوا عليكم جهدكم فادّعوا أنّ موعد المؤتمر القادم للجامعة العامة قد حان أجله في حين أن كلّ الجامعيين من المهتمّين بالشّأن النقابي وغير المهتمين يعلمون أنّ موعده سيحل سنة 2014 بدون حساب الصرف. فلماذا العجلة إذن…؟ وإذا ما حلّ موعد المؤتمر فلماذا نغيّركم أيها الأعزّاء ؟. وهل يغيّر الإنسان فريقا رابحا ؟ أيّها الإخوة لا تستمعوا إلى الفاشلين ممّن أكلتهم الغيرة وأعمى عيونهم الحسد. لقد وجدتم في الجامعة لتبقوا. فابقوا إذن على بركة الله… ونحن معكم حتى النصر. هيكل بن مصطفى – نقابي صديق الجامعة العامة للتعليم العالي و البحث العلمي Quelques commentaires du coordinateur du Forum de « Démocratie Syndicale et Politique » sur facebook : علي رمضان : إعطه ألف دينار يا محمد سعد (الأمين العام المساعد المكلف بالمالية) عبد السلام جراد : بل إعطه يا حاجب ألفي دينار من بيت مال …النقابيين سامي العوادي : يا أخ جراد دمتم ذخرا للجامعة العامة للتعليم العالي و للجامعيين ففي عهدكم ازدادت مكاسبنا… Remarque : Bien sûr le texte et les commentaires sont écrits dansun style ironique. المصدر : منتدى » الديمقراطية النقابية و السياسية « الرابط :http://fr.groups.yahoo.com/group/democratie_s_p
تونس: عمال « شال » يضربون للمطالبة بتعويضات
ذكرت صحيفة « الشروق » اليومية أنّ عمال « شال » للمنتوجات البترولية شنوا إضرابا بثلاثة أيام للمطالبة بتمكينهم بتعويضات مالية بعد أن قررت الشركة التفويت في نشاطها بالبلاد التونسية لصالح مستثمر أجنبي. وتجري حاليا اتصالات مع مجموعات عالمية لشراء أسهم الشركة. ودخلت شركة « أويل ليبيا » على خط التفاوض، لكن مصادر مطلعة نفت إمكانية تمكين « أويل ليبيا » من هذه الصفقة خوفا من احتكارها لنشاط توزيع البترول بتونس. من جهة أخرى، قالت « الشروق » إن مدير عام مجمع « شال إفريقيا » سيؤدي زيارة إلى تونس يوم 4 سبتمبر القادم للتباحث مع مختلف الأطراف في وضعية العاملين في الشركة. ومن المنتظر أن يكون لمدير عام مجمع « شال » لقاءات مع كل من وزير الصناعة ووزير الشؤون الاجتماعية ومع الأطراف النقابية. في المقابل، يقول مصدر من الشركة إنّ « شال » ستحافظ على حقوق العاملين لديها، وإن عقود العـمل الحالية مع العمال ستستمر مع المالك الجديد، الذي سيقع اختياره بعد إجراء المفاوضات، التي قد تدوم بضعة أشهر. وأضاف المصدر أنه « في حال فقـدان العمل أو التخلّي عنه يحصل العاملون على تعويضاتهم كاملة وفقا لما ينص عليه القانون التونسي »
(المصدر:موقع واب منجر سنتر( W M C)بتاريخ 19 أوت 2010)
يستخدمه أكثر من مليون و650 ألف تونسي جرائم بالجملة على الفايس بوك تصطدم بصعوبة الإثبات وبعد المسافات
استباحة للأعراض وللمحظورات الاجتماعية والدينية بجميع أشكالها.. شتم.. ثلب.. وهتك للأعراض.. ترويج للإشاعات ونشر أخبار زائفة وأخرى مثيرة وغيرها من التجاوزات القانونية التي يرتكبها بعض مستخدمي شبكة الأنترنيت المنخرطين في «الفايس بوك» والمواقع الاجتماعية الأخرى دون إدراك منهم لخطورة ما يفعلون.. فالنقرات على أزرار الحاسوب يمكن أن تنتهي بهم وفق ما أكده السيد محمد العسكري رجل القانون إلى «السجن لمدة تتراوح بين سنة واحدة وسنتين مع دفع خطية مالية تتراوح قيمتها بين مائة دينار وألف دينار».. ويعتبر العديد من رواد هذا الموقع الاجتماعي الذي يؤمه وفق إحصائيات موقع فيس باكر نحو مليون و644 ألفا و420 تونسيا، أن الحق في استخدام هذه الشبكة والتعبير فيها عن جميع الأفكار التي تخامر أذهانهم هو امتداد لحرية التعبير التي ينص عليها دستور البلاد. وفي هذا الصدد يرى محمد بوعلاق البالغ من العمر 25 سنة والطالب بكلية الحقوق أن «القوانين المعمول بها حاليا تجاوزها الزمن وبالتالي فإنها في حاجة أكيدة للمراجعة».. وتذهب هدى عطية طالبة المرحلة الثالثة علوم إلى أبعد من ذلك وتدعو مستخدمي «الفايس بوك» إلى «تكوين مجموعة ضاغطة تطالب السلطة بتنقيح مجلة الاتصالات ومجلة الصحافة وغيرها من النصوص القانونية الخانقة». ويقول عز الدين سيدهم «إن محاسبة مستخدمي «الفايس بوك» على أقوالهم أمر غير منطقي بالمرّة في ظل التحولات الكبيرة التي تمخض عنها غزو التكنولوجيات الحديثة للاتصال وشبكة الانترنيت جميع المؤسسات والبيوت التونسية». ويقدر عدد مستعملي شبكة الانترنيت في تونس وفق ما ذكرته مصادر وزارة تكنولوجيات الاتصال بنحو 3 ملايين و800 ألف مستعمل. وفي المقابل يرى عادل بن أحمد «ضرورة نشر الثقافة القانونية على نطاق واسع لأن القانون يعلو ولا يعلا عليه» وهو نفس ما أشارت إليه الشابة درة تلميذة الباكلوريا آداب مؤكدة على أن جاهل القانون لا يعذر بجهله لكنها بينت في المقابل أنه لا يوجد لديها أي فكرة عن هذه القوانين. وفي المقابل يقول محمد بوعلاق إنه مطلع عن هذه القوانين لأنه يدرس في كلية الحقوق لكنها غير واضحة في ذهنه تمام الوضوح. وفي هذا السياق يقول السيد محمد العسكري رئيس خلية بمركز الدراسات القانونية والقضائية والمختص في الجرائم المعلوماتية إن النظر في هذه الجرائم يتم بالعودة إلى عدة نصوص قانونية.. فهناك مجلة الصحافة ومجلة الاتصالات والمجلة الجزائية وقانون حماية المعطيات الشخصية.. وهو ما يفسر أسباب اختلاف الحكم على نفس الجريمة من قاض إلى آخر.. اختلاف النصوص القانونية ونص الفصل 86 من مجلة الاتصالات الصادر بالقانون عدد واحد لسنة 2001 المؤرخ في 15 جانفي 2001 ينص على أنه يعاقب بالسجن لمدة تتراوح بين سنة واحدة وسنتين وبخطية من مائة إلى ألف دينار كل من يعمد الإساءة إلى الغير أو إزعاج راحتهم عبر الشبكات العمومية للاتصالات.. أما القانون المتعلق بالمعطيات الشخصية فيعرف هذه المعطيات بكل بيانات مهما كان مصدرها او شكلها والتي تجعل شخصا طبيعيا معرفا او قابلا للتعريف بطريقة مباشرة او غير مباشرة باستثناء المعلومات المتصلة بالحياة العامة. أي ان المعطيات الشخصية ملك صاحبها ولا يحق لاي شخص التصرف فيها او استخدامها دون موافقته وعند التجاوز يتعرض الفاعل الى عقوبة سجن مدة عام وخطية قدرها 5 آلاف دينار. كما نصت مجلة الصحافة على معاقبة من يدعو مباشرة بواسطة الصحافة أو بأية وسيلة قصدية أخرى من وسائل الترويج إلى التباغض بين الأجناس أو الأديان أو السكان أو إلى نشر أفكار قائمة علي الميز العنصري أو التطرف الديني أو يحرّض علي النيل من كرامة رئيس الجمهورية والنيل من إحدى الشعائر الدينية. ولاحظ العسكري أن الحق في البحث عن المعلومات وتلقيها وإبلاغها هو حق نصت عليه المعاهدات والمواثيق الدولية والقارية والإقليمية من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمعاهدة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب والاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الانسان والحريات الأساسية . ونصت الفقرة الأولى من الفصل 8 من دستور الجمهورية التونسية على أن حرية الفكر والتعبير والصحافة والنشر والاجتماع وتأسيس الجمعيات مضمونة وتمارس حسبما يضبطه القانون. وذكر أن مثل التكنلوجيات الاتصالية كمثل كل اختراع يستأنس به الانسان: يحقق النفع حينما يكون الاستعمال هادفا ومراعيا لقواعد السلوك الإنساني النبيل.. وينقلب ضررا إذا استخدم لأغراض غير مشروعة بهدف النيل من حقوق الغير وتقويض حريته. ولاحظ محدثنا وجود نوعين من الصعوبات أمام إثبات الجرائم المعلوماتية أولها يتعلق بمشكلة الحدود.. فالجريمة المعلوماتية لا تقف عند حدود جغرافية وقد ترتكب في بلد معين ويكون المتضرر والجاني مقيمين ببلدين آخرين مختلفين.. وهو ما يطرح التساؤل: هل يمكن للسلطات التونسية التعهد بالنظر في القضية أم لا؟ أما المشكلة الثانية وهي الأهم فتتعلق بالإثبات في الجرائم المعلوماتية. إذ تمر الدعوى العمومية المثارة من أجل جريمة معلوماتية بنفس المراحل المقررة لأنواع الجرائم الأخرى بدءا بالمعاينة وجمع الأدلة أثناء البحث الأولي وما يتبع ذلك من تفتيش وحجز واختبار واستنطاقات وسماع الشهود والمكافحات وكل الأعمال التي يقتضيها البحث. وبين العسكري الذي نشر سابقا دراسة شاملة بمجلة القضاء والتشريع الصادرة عن مركز الدراسات القانونية والقضائية بوزارة العدل وحقوق الإنسان عنوانها «خصوصيات الإثبات في الجرائم المعلوماتية» أن الجريمة المعلوماتية تتسم بصبغة فنية دقيقة لأنها ترتكب باستعمال التكنولوجيات وفي فضاء الكتروني مما يجعل عملية استخلاص الأدلة في شأنها أمرا عسيرا بالنسبة إلى أعضاء النيابة العمومية وقضاة التحقيق ومأموري الضابطة العدلية الذين لا يتوفر فيهم حد أدنى من الخبرة والمعرفة بالجوانب الفنية للمعلوماتية التي تتطور بشكل مطرد وبسرعة فائقة. وأكد محمد العسكري على أنه لا مناص من توفر المؤهلات الفنية لدى الجهات المعنية بالبحث في الجرائم المعلوماتية حتى يتسنى لها الغوص في أعماقها والخروج بدرر البراهين والحجج المثبتة أو النافية للتهم موضوع التتبع. وبين أنه خلافا للجريمة العادية فإن الجريمة المعلوماتية تظل مجهولة ما لم يقع الإبلاغ عنها إلى السلط المكلفة بإثارة التتبعات الجزائية وفي غالب الأحيان يتم الكشف عن تلك الجرائم والتعرف على مرتكبيها عن طريق الصدفة لأن موضوعها غير حسي.. فلا جثث ولا دماء ولا سكاكين ولا منقولات ولا وثائق فيها وبالتالي فإنها لا تترك آثارا مادية يمكن التفتيش عنها ومعاينتها وحجزها. ويقتضي هذا الأمر مراعاة الخصوصيات التي يتسم بها الإثبات في الجرائم المعلوماتية سواء باستعمال الوسائل التقليدية أو الوسائل الرقمية. سعيدة بوهلال (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 19 أوت 2010)
شورو: في كلّ عام وأنت الشّامخ البطل
مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ رِجَالٌ۬ صَدَقُواْ مَا عَـٰهَدُواْ ٱللَّهَ عَلَيۡهِۖ فَمِنۡهُم مَّن قَضَىٰ نَحۡبَهُ ۥ وَمِنۡہُم مَّن يَنتَظِرُۖ وَمَا بَدَّلُواْ تَبۡدِيلاً۬ (23) سورة الأحزاب في كلّ عام وأنت الشّامخ البطل تزداد صدقا ونزدادوا بك أمل تزداد رِفْعا على خصم تراغمه لا تعرف اليأس بل قد ملّك الملل تبيت سلّمت للّه لا تخشى مكائدهم يبيت خصمك يحتار :فما العمل؟ لا السّجن ناله لا التّعذيب حطّمه! لا القيد غَلّه، لا بل قيده حُلل!!! تعلوك في صبرك الأنوار ساطعة وظلمة الظّلم تعلو الباغيَ الخَبِلُ مدّت يداه لوأد الحق آثمة تبـّت يداه و فََلّ عضدَه كللُُ بالصّبر يا شورو قد سطّرت ملحمة صدعت بالحقّ لا خوف ولا وَجِل تشكو إلى الله ما كادوا وما مكروا وكفّك مبسوط بها من دمعك بلل دعاء ربّك في الأسحار ترفعه تشفي القلوب كما لو جُرِّعت عسل تقوم في القيد للفرعون تقهره لا تعرف اللّين ما فتّ بك كسل نوائب الدّهر تترا تبغي هامتك وأثخنت جسمك الأمراض والعلل لكنّ روحك في العلياء سابحة كدحا إلى الله لا زيغ ولا زلل عشرون عاما تعايدْك مظالمهم فانشقّت الأرض و انهدّ لها الجبل تعاليت كالنّجم حتّى غبت عن بصر وخصمك في الدّرْك قد حاق به شلل لا تخشى في الله لوما، لا تهادنهم فكيد « إبليس » ضعف بائس هزِل في كلّ يوم ثواني الدّهر شاهدة على الطّغاة على من شرّدوا قتلوا لله درّك شورو في تجلّدك كما الرّجال يكونوا، إنّك رجل لا تحسبنّ بأنّ الله مخلفنا وعدا بنصر مبين مهما ما فعلوا العربي القاسمي / نوشاتيل سويسرا في 18.08.2010
خبراء: « الإجراءات الجديدة لمكافحة الهجرة غير الشرعية فاشلة مُـسـبـقـا »
رشيد خشانة
أعادت الإجراءات التي اتّـخذتها مؤخرا حكومات أوروبية عدّة في حقّ المهاجرين غير الشرعيين، طرح ملف الموقف الأوروبي من الهجرة، ووضعت على بِـساط النقاش التعاطي الأوروبي المخاتل والمتذبْـذب مع الأجانب، وخاصة الجاليات المسلمة. وشكّـل الصعود المطّـرد للجماعات والأحزاب اليمينية، عُـنصر ضغط على الحكومات التي باتت تُـسايِـر طروحاتها وتنفِّـذ سياساتها، لإنقاذ شعبيتها المتدحْـرجة في مراصد سبْـر الآراء. من هولندا شمالا، حيث تُـبدي الجاليات الإسلامية (التركية والمغاربية) قلقها من صعود «حزب الحرية» المتطرّف، بعد مضاعفة عدد مقاعده في البرلمان من تسعة مقاعد إلى 24 مقعداً وإصرار زعيمه غيرت فيلدرز على أن يكون جُـزءً من الحكومة المقبلة، إلى إسبانيا جنوبا، حيث فجّـرت الإعتداءات العنصرية للشرطة والحرس المدني على المغاربة العائدين لوطنهم عند المعابر الحدودية، أزمةً بين البلدين الجاريْـن، يسعى حاليا وزير الداخلية ألفريدو بيريز لاحتوائها خلال زيارته المفاجئة للرباط، إلى فرنسا، حيث أعلن وزير الهجرة إيريك بيسون أن قانون الهجرة الجديد (الذي سيعرض على البرلمان في شهر سبتمبر المقبل) يتضمّـن »إجراءات قوية لفائدة المهاجرين الشرعيين، بينما يشدّد العقوبات على المهاجرين السريِّـين ». وأوضح بيسون في حِـوار مع صحيفة »لوفيغارو » أن القانون الجديد ينصّ على « منع عودة المهاجرين غير الشرعيين ودخولهم إلى كافة دول الاتحاد الأوروبي »، وهو ما يعني أن المنع لا يخصّ دولة واحدة، مثلما كان معمولا به في السابق، بل سيعمَّـم على كل دول فضاء »شنغن »، ممّـا يضيِّـق الخناق بصفة كلية على الرّاغبين في الانتقال إلى الضفة الشمالية من المتوسط، سواء من الأفارقة أو من دول المغرب العربي. شرخ بين الجاليات والمجتمعات الأصلية
والظاهر، أن تداعيات الأزمة الاقتصادية في كل من الولايات المتحدة وأوروبا، هي التي حملت الحكومات على اتِّـخاذ هذه الإجراءات الجديدة، على أمل السيْـطرة على ملف الهجرة الحسّـاس. غير أن الإجراءات تبدو غير مُـجدية، بل يعتقد خبراء مطّـلعون على هذا الملف، أنها ستزيد من الاحتقان وتُعمق الشّـرخ بين الجاليات والمجتمعات الأصلية. وأكد خورخي بوستامانتي Jorge Bustamanti، المقرر الخاص للأمم المتحدة لحقوق الإنسان والمهاجرين لـ swissinfo.ch أن الإجراءات التّـضييقية والتمييزية ضد عشرات الملايين من المهاجرين في أوروبا وأمريكا، استفحلت وأصبحت عدائية، وخاصة بعد رفع أسوار التمييز العنصري بالمعنيين، المجازي والحقيقي، ومنها السور الذي تريد أن تفصل الولايات المتحدة من خلاله أراضيها عن المكسيك. واعتبر بوستامانتي، الأكاديمي الذي ينحدِر من أصل مكسيكي، أن تلك الإجراءات تتناقَـض مع الدعوات للحوار بين الحضارات. وأكّـد تمسُّـكه بالدعوة التي ضمّـنها تقريره الأخير عن حقوق المهاجرين لمعاقبة المُـورطين في انتهاك حقوق هؤلاء البشر المعذبون. ووجّـه بوستامانتي، الذي كان يتحدّث على هامش مشاركته في ورشة في تونس عن الهجرة، انتقادات شديدة لغالبية الحكومات الغربية، واصفا سياسات الهجرة التي تتَّـبعها، بكونها مختلّـة التوازن، لأنها تكيل بمِـكياليْـن. وقدّر عدد المهاجرين في العالم حاليا بـ 220 مليون مهاجر، مشيرا إلى أن قسما مهمّـا منهم لم يُحدّده، بات يحمل جنسية مزدوجة، بينما الباقون لا أمل لهم في الظَّـفر بالجنسية ولا حتى ببطاقة إقامة قانونية. وشدّد على أن كل الدول التي تضيق الآن بالمهاجرين، تعلم أنها لا يمكن أن تستغنِـي عنهم، لأنهم أقلّ كلفة من العمالة المحلية أولا، ولأنهم يقومون بالأعمال المُـضنية التي لا يَـرضى أبناء البلد الأصليين بإنجازها. واستدلّ بولاية كاليفورنيا الأمريكية، التي تُـعتبر سادس قوّة اقتصادية في العالم، حيث يشكل المكسيكيون 90% من العاملين في القطاع الزراعي، مُبيِّـنا أن ثُـلثيْـهم في وضع غير قانوني. ورأى في هذا السلوك تضارُبا بين الخطاب والواقع في السياسة الأمريكية، لكنه أشار إلى أن المهاجرين في جميع الدول الغربية تقريبا يُعانون من التّـمييز، بسبب اللون والجنس والدِّين والأصول القومية. وبحسب بوستامانتي، المُلم بتطوّرات ظاهرة الهجرة في العالم، بحُـكم تخصُّـصه الأكاديمي وخِـبرته في الأمم المتحدة، يتمثّـل الخطر الأكبر حاليا في إقامة أسوار التّـمييز العنصري التي تفصل بين الشعوب، على غِـرار الجدار الذي تسعى الولايات المتحدة لإقامته على حدودها مع المكسيك، ما يتناقَـض مع مبادِئ التنوّع الثقافي واللُّـغوي والعِـرقي، التي نهض عليها المجتمع الأمريكي والذي تميَّـز طيلة القرون الثلاثة الماضية بانفِـتاحه. واعتبر أن الحواجِـز القانونية التي تفرضها الدول الأوروبية على المهاجرين « لا تختلف عن السور الذي تقيمه الولايات المتحدة، للحيلولة دون دخول المهاجرين القادمين من أمريكا اللاتينية إلى أراضيها ». تنديد بالسياسة الفرنسية
وأيَّـدت لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري، مواقِـف بوستامانتي عندما ندّدت يوم 12 أغسطس الجاري بالسياسة الفرنسية حِـيال الأقليات في إطار الدراسة الدورية التي تُجريها للدول المُصدّقة على المعاهدة الدولية للقضاء على كل أشكال الميز العنصري. واعتبر الخبراء الأعضاء في اللجنة الأممية، أنه لا توجد لدى باريس « إرادة سياسية لمواجهة ما تشهده فرنسا من تصاعُـد للأعمال العنصرية ». وكان النقاش في هذه اللجنة يكتسي بُـعدا فنيا بَـحْـتا في الماضي، غير أنه اتّـخذ منحى سياسيا هذا العام في أعقاب التصريحات المتشدِّدة التي أدلى بها الرئيس الفرنسي ساركوزي، مطالبا بسحب الجنسية الفرنسية من المُـدانين بقتل شرطي أو الدّاعين إلى تعدّد الزوجات. وعلى رغم أن الوفد الفرنسي دافع في اجتماعات اللجنة عن إطلاق خطّـة وطنية لمكافحة العنصرية في فرنسا، لم يُفلِـح دفاعه في إقناع أعضاء اللجنة بالتخفيف من انتقادهم لسياسات باريس. ويبدو أن فرنسا ليست وحدها المُصرّة على السيْـر في هذا النهج. فالحكومات الأوروبية الأخرى تبدو أيضا راضية عن أدائها وماضية أكثر فأكثر في سياسة القبضة الحديدية مع المهاجرين غير الشرعيين. وقال وزير الداخلية الإيطالي روبرتو ماروني أمس، إن الهجرة غير الشرعية تراجعت في العام الأخير بنسبة 90% (بين يوليو 2009 ويوليو 2010)، بفضل الإجراءات المتشدِّدة التي اتّـخذتها، بالتعاون مع البلدان المتوسطية المعنية. وأوضح أنه لم تُسجّـل خلال تلك الفترة، بحسب قوله، محاولات نزول على سواحل جزيرة لامبيدوزا، التي كانت المقصَـد المفضّـل للمهاجرين غير الشرعيين، الآتين من السواحل التونسية والليبية، طيلة الأعوام الماضية. هجرة بلا حدود؟
غير أن خبراء شكّـكوا في جدوى تلك الإجراءات، ومنهم ماريو لانا Mario Lana، المسؤول في الإتحاد الدولي لروابط حقوق الإنسان، الذي قدّر عدد المهاجرين غير الشرعيين في العالم حاليا بـ 4 ملايين مهاجر، على رغم جميع الإجراءات الأمنية والنّـفقات العسكرية الكبيرة التي يخصِّـصها كل من الإتحاد الأوروبي والحِـلف الأطلسي، للسيْـطرة على الهِـجرة غير الشرعية. وأشار إلى الدّور الكبير الذي تقوم به المنظمات الحقوقية من أجل وضع حدٍّ لتجارة البشر عبْـر المتوسط وضمان حقّ أبناء الضفة الجنوبية في السفر إلى أوروبا والإقامة فيها، من دون تعقيدات. ونبّـه إلى ضرورة عمل المنظمات الإنسانية على تحسين أوضاع المهاجرين الذين وصلوا إلى أوروبا بصفة غير قانونية ومعالجة ملفّـاتهم، مستدِلا بتجربة المنظمات الإيطالية في هذا المجال. أما مسؤول الهجرة في اليونسكو بول دوقشتينير PaulDe Guechteneire، الذي شارك في ورشة تونس، فأكّـد من جانبه أن الإجراءات المتَّـخذة للحدِّ من الهجرة السرية، غير فعّـالة، واقترح فكرة « الهجرة بلا حدود » كحلّ لتجاوز الاحتقانات الحالية وإدماج ملف الهجرة في الحوار السياسي والثقافي بين دول الجنوب والشمال. وشدّد على أن جميع التضييقات والقُـيود، التي تقرّرت في شأن المهاجرين في جميع البلدان، « مناقضة تماما للإعلان العالمي لحقوق الإنسان ». وأكد لـ swissinfo.ch أن الإجراءات الأمنية والقُـنصلية، التي تتَّـخذها الدول الأوروبية في حق المهاجرين القادمين من شرق أوروبا وجنوب المتوسط، لم تستطِـع تحقيق الحدّ من تدفُّـق المهاجرين غير الشرعيين، إذ أن أعدادهم في ارتِـفاع. وحثّ على تكوين حركات وجمعيات حقوقية وسياسية وثقافية في جميع الدول، تعمل على إلغاء العراقِـيل والقُـيود التي تحُـدّ من حقّ السفر. واقترح تأسيس حركة يُطلَـق عليها اسم « هجرة بلا حدود »، أسْـوة بـ « أطباء بلا حدود » و »محامون بلا حدود » و »صحفيون بلا حدود »، وحذّر من أن البلدان الصناعية المستقبلة للمهاجرين، ستحتاج في العقود المقبلة إلى المزيد منهم، بحُـكم استفحال العَـجز السكاني في بلدان الإتحاد الأوروبي وسائر الدول الصناعية الأخرى. ويُؤيِّـد الدكتور مهدي مبروك، أستاذ عِـلم الاجتماع في الجامعة التونسية والخبير الدولي في شؤون الهجرة، رُؤية دوقشتينير، إذ استعرض لـ swissinfo.ch الفوائد التي جنَـتها بعض البلدان الأوروبية من قرارات تسوِية أوضاع المهاجرين غير الشرعيين، مثل إسبانيا (280 ألف في 2006) في مقابل دول أخرى رافضة لهذا الخيار، مثل فرنسا، التي قال إنها لم تقُـم بحركة تسوية مماثلة منذ 15 سنة وإيطاليا منذ 2002. وشدّد على أن مفهوم المُـهاجر غير الشرعي، لم يكن موجودا في أوروبا إلى حدود السبعينات وأنه اختراع خاص بأوروبا الغربية، لكنه أكّـد أيضا على مسؤولية الجنوب، وخاصة المغرب العربي، في الامتناع عن تصدير مشاكِـله التنموية إلى الخارج، فعلى السلطات، كما قال، أن تضع سياسات تنموية تؤمِّـن فُـرص عمل للشباب، وخاصة الخرِّيجين العاطلين، بالنظر إلى أن 2% من المهاجرين غير الشرعيين، هم ممَّـن أكملوا دراستهم الجامعية وحصلوا على شهاداتهم. وقال الدكتور مبروك « علينا أن نُـعطي الأمل لهؤلاء الشبان، كي يُـؤمِـنوا بمشاريع الحياة لا بخِـيار الموت (في الطريق إلى الجنّـة الموعودة) ». (المصدر: موقع « سويس إنفو »(سويسرا) بتاريخ 18 أوت 2010)
قراءة في سياسة ساركوزي حول الهجرة
بقلم: جيلاني العبدلي
مازال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي يتصدر الكثير من وسائل الإعلام الفرنسية والعربية، باستمراره في اتخاذ مزيد من إجراءات الضبط والردع ضد المهاجرين والفرنسيين من أصول أجنبية، الأمر الذي جعله ينتزع زمام المبادرة، ويفتك الأضواء الإعلامية من الجبهة الوطنية لليمين المتطرف بزعامة جون ماري لوبان، التي اتهمته بالسطو على أفكارها.
فمنذ سنة 2002 وساركوزي يبادر بهندسة السياسة الفرنسية للهجرة بصفته وزيرا للداخلية ثم رئيسا للبلاد.
فهو الذي نظّر للانتقال من الهجرة المفروضة إلى الهجرة المنتقاة على قاعدة جلب الكوادر والمواهب، وهو الذي سنّ نظام الحصص السنوية لاستقدام ما تحتاجه فرنسا من أيد عاملة مختصة، وهو الذي سنّ مجموعة من الإجراءات الصارمة للحدّ من مطالب اللجوء السياسي والالتحاق العائلي، وهو الذي يقود حملة ضد ظاهرة النقاب، وهو الذي يُعدّ مشروعا لتحوير جملة من الفصول القانونية منها الفصول رقم 7و38 و40 و75 في سياق إحكام تنظيم الهجرة وتأمين تحقيق الاندماج، وهو أخيرا من يلوّح بإسقاط الجنسية عن الفرنسيين المنحدرين من أصول أجنبية ممّن يتطاولون على أعوان الدولة. كان ذلك خلال خطاب ألقاه بقرونوبل في جنوب شرق فرنسا على خلفية أحداث العنف التي عرفتها المدينة إثر مقتل مواطن جزائري كان يحاول الفرار من الشرطة. أهمية ملف الهجرة بالنسبة لساركوزي
تُعتبر مسألة الهجرة في المسار السياسي للرئيس الفرنسي ساركوزي منذ توليه شؤون الأمن سنة 2002 ورقته الرابحة في بناء سجله السياسي، وتلبية طموحاته في تقلد أعلى مناصب الدولة الفرنسية.
وقد وجد في نشوب الأزمة الاقتصادية، وفي ما كان لها من تأثيرات سلبية على الحالة الاقتصادية والاجتماعية للفرنسيين فرصته الذهبية للتصعيد ضد المهاجرين، واعتبارهم سببا في المشاكل التي تعاني منها فرنسا، فأطلق باقة مشاريع صدمت الرأي العام الحقوقي محليا ودوليا بتطرفها من أجل تحقيق الأهداف التالية:
1- افتكاك زمام المبادرة من الجبهة الوطنية العنصرية في ما يتعلق بموضوع الهجرة، لجلب أصوات مؤيديها من الناخبين، وتحسين قاعدته الانتخابية بعد الهزيمة المدوية التي لحقت بحزبه في الانتخابات الجهوية، علّه ينطلق بحظوظ وافرة في الرهان على رئاسية 2012
2- فرض جدول أعمال على الفرنسيين يتعلق بالمهاجرين، من أجل صرف أنظارهم عن المشاكل الحقيقية المترتبة عن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها فرنسا، وعجز حكومته عن وضع السياسات والحلول الملائمة لها
3- جرّ أحزاب المعارضة إلى السجال حول معضلة الهجرة وآثارها السلبية، من أجل استنزاف طاقاتها وإضعاف قدرتها على الاقتراح، وبالتالي ضرب قاعدتها الانتخابية المتنامية، ففي الوقت الذي يُظهر نفسه مدافعا عن الفرنسيين من مخاطر الهجرة يزج بمعارضيه في زاوية الدفاع عن المهاجرين من سياسة ساركوزي مآخذ سياسة ساركوزي
نظرا لأنّ فرنسا تحتلّ المرتبة الأولى أوربيا في استقبال المهاجرين الذين بلغ عددهم حسب آخر إحصاء خمسة ملايين نسمة أغلبهم من دول المغرب العربي، فقد شغلت سياسة الرئيس الفرنسي ساركوزي المتعلقة بالهجرة الرأي العام الفرنسي والعربي على حد سواء، وأفرزت جملة من المآخذ لدى المنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان وفي صدارتها منظمة العفو الدولية، ومن أبرز هذه المآخذ:
1-أن فرنسا بلد ديمقراطي يحتكم إلى القانون ويحترم مبادئ حقوق الإنسان، وبالتالي ليس طبيعيا أن يجعل سحب الجنسية ضمن وسائل الردع عند ارتكاب الجنح أو الجنايات
2- أن خصّ الفرنسيين المنحدرين من أصول أجنبية بقوانين ردعية لا تطال غيرهم من الفرنسيين الأصليين، يُعدُّ إجراء تمييزيا من شأنه أن يغذي مشاعر السخط والكراهية تجاه الأجانب، ويعطي شرعية للقوى العنصرية المتنامية في استهدافهم
3- أن الربط بين المهاجرين وانعدام الأمن الذي يعاني منه الفرنسيون يقدم صورة مسيئة للأجانب، ويطمس دورهم الحيوي في بناء الاقتصاد الفرنسي، ويجعلهم مجرّد ضيوف غير مرغوب فيهم.
4- أن الإجراءات التي يقف وراءها ساركوزي تخالف المادة الأولى من الدستور الفرنسي، التي تنص على المساواة بين جميع المواطنين أمام القانون دون تمييز بينهم لجهة أصولهم، وهي مخالفة من ناحية أخرى للقوانين الأوربية والمواثيق الدولية الراعية لحقوق الإنسان. سياسة الهجرة والأفق المسدود
لئن قضّى الرئيس ساركوزي ما يزيد عن ثماني سنوات في مقاربة جديدة لملف الهجرة، فإنه عجز عن تحقيق الأهداف التي رسمها، وتعرضت سياسته في الإدماج للاهتزاز بسبب:
1- الإجراءات الفوقية المتبعة في الإدماج الرامية إلى طمس الخصوصيات الثقافية
2- التفاعل مع المهاجرين بصفتهم ورقة سياسية مهمة يقع توظيفها باستمرار للأغراض الانتخابية والحسابات السياسية
3- التمييز في المعاملة بين الفرنسيين الأصليين والفرنسيين من أصول أجنبية، وتغذية مشاعر السخط لدى المهاجرين
4- الاعتماد على المقاربات الأمنية في معالجة مشاكل الهجرة ومقاومة الجريمة
5- شعور المهاجرين بالانبتات الدائم، إذ في فرنسا يُنظر إليهم على أنهم مهاجرون ولو كانوا حاملين للجنسية الفرنسية، وفي بلدانهم الأصلية يُنظر إليهم على أنهم فرنسيون يعودون إلى أوطانهم لأغراض سياحية ولو كانوا من رعاياها. من أجل سياسة فرنسية عادلة
إنّ مشروع الرئيس ساركوزي في إدارة ملف الهجرة، الذي شبهه رئيس الوزراء السابق مشال روكار بنظام فيشي الفاشي وبالنازية العنصرية في استهدافه لفئة من الفرنسيين دون غيرها على خلفية أصولهم العرقية والدينية في حاجة إلى مراجعة عاجلة، وإلى سياسة عادلة تنظر إلى الفرنسيين على أنهم سواسية أمام القانون، لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات، لا فرق بين فرنسي أصلي وآخر أجنبي إلا بما يلعبه من دور في تنشيط الحضارة الفرنسية.
ولإجبار الحكومة الفرنسية على تغيير سياستها، لا بد للمهاجرين من تنظيم صفوفهم، وتنسيق جهودهم، والتخطيط المشترك لإجهاض ما قد يتربّص بهم من مخاطر تمسّ صورتهم ومكانتهم في المجتمع الفرنسي وما قد ينشأ عن ذلك من مؤامرات عنصرية.
السيناريو المرعب
منصف المرزوقي جل أعمالنا مبنية على توقعات للمستقبل، وبقدر ما تكون قريبة من التخمين الصحيح، تتحسن قراراتنا لمواجهة أنجع مع الواقع وأخطاره. المشكلة أن المستقبل صعب التنبؤ به. كم من توقعات ساذجة كذبتها الأحداث وأصحابها يتناسون عاملا مهما. هكذا يفاجأ هذا الدكتاتور أو ذاك بالحبل حول عنقه لأنه ظنّ المستقبل امتدادا للحاضر، أو يحبط معارض آمن ظن أنه لا بد للّيل أن ينجلي فإذا به يتزايد حلكة وبالقيد يتزايد استعصاء على الكسر. ومع ذلك لا بدّ مما لا بدّ منه، فإما توقعات غامضة مبنية على مخاوف أو أوهام تزيد من تخبطنا، وإما توقعات مبنية على معطيات صلبة نعتبرها أرجح الاحتمالات نأخذ على ضوئها قراراتنا لنستبدلها إن تغيرت الأحداث. وفي حالة الأمة، أي توقعات جدية مطالبة بالانطلاق من أول شرط توفر بعض حظوظ صحتها أي أدق تشخيص ممكن من رؤوس أقلامه ما يلي. لم يعد هناك من حاجة للتدليل على أن الاستبداد الذي يتحكم في رقابنا اليوم جد مختلف عن استبداد ما بعد الاستقلال الأول. هو لا عقائدي، لا وطني، لا مستقل، خصخص مؤسسات الدولة للتسلط والإثراء والبقاء خارج النقد والمحاسبة، لا هدف له غير التأبيد في السلطة (وتوريثها) بكل الوسائل حتى العمالة وإشراك الأجهزة العسكرية والبوليسية في الغنيمة لتبقي على الوضع ولو بثمن يربو على مائتي ألف قتيل كما حصل في الجزائر. وهذا يعني أننا نواجه تحالفا متينا وخطيرا بين طبقة سياسية متورطة إلى العنق في كل أنواع الجرائم، من سرقة المال العمومي إلى التعذيب إلى العمالة إلى تزوير الانتخابات، مع جهاز بوليسي لم تعد مهمته حماية المجتمع من الجريمة المنظمة وإنما حماية الجريمة المنظمة من المجتمع، أضف لهما جيشا لم تعد مهمته حماية الوطن من أعداء الخارج وإنما حماية النظام من أعداء الداخل.. كل هذا في ظل حماية إسرائيلية غربية. ولا شكّ أنه يوجد داخل أجهزة بعض الدول الغربية الحامية لوكلائها بعض من يظنون أنفسهم ميكيافيلات العصر، وهم يعملون على مزيد من تعفين الوضع الداخلي العربي، لأن ذلك يضعف خصما قد يهددهم تماسكه ونهوضه. هم لا يفهمون أنه إذا شبت النار في طابق في العمارة فإن كل الطوابق مهددة وليس فقط بإزعاج الدخان. ثمة سياسة إسرائيل التي أصبحت لغة الطب العقلي هي الأكثر تلاؤما لوصفها، والعالم شرقه كغربه شبه مجمع على صورة دولة مصابة بالشيزوفرينيا والبارانويا والعصاب. للأسف، المجانين الذين يحكمونها جالسون فوق حزمة من القنابل الذرية، ولا أحد يعرف متى تدفعهم حالتهم العقلية المتردية لما لا يتدارك، وكل أنواع الحروب سواء ضد العرب أو إيران متوقعة منهم في أي لحظة. بهذا تكتمل صورة البركان الذي نجلس عليه جميعا. أما بالنسبة لتفاقم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، فما الذي يمكن لهذا النص المقتضب إضافته في هذا الموضوع باستثناء إحالة القارئ مرة أخرى على تقرير 2009 للإنماء الدولي للأمم المتحدة أو دعوته لتخيل وضع ستين مليون عربي الذين يعيشون بأقل من دولارين في اليوم، أو حالة الملايين من الشبان العاطلين، ومنهم مئات الآلاف من المتعلمين وكلهم مخيرون بين الانتحار أو الهجرة إلى بلدان ليست بعيدة عن إطلاق النار على قوارب الموت والجوع العربية والأفريقية. كل هذا في إطار انهيار الطبقة الوسطى وتوسّع الهوة بين من قيل عنهم إنهم أغنى الأغنياء ومن لا يملكون إلا أسمالهم، في ظل أزمات اقتصادية عالية متلاحقة كأمواج المحيط، ناهيك عن الكارثة البيئية التي تنذر بمزيد من التصحر والجفاف وانهيار الزراعة وعودة شبح المجاعة داخل مدننا السرطانية. فليس أكثر عمى ممن لا يريد أن يرى ولا أكثر طرشا ممن لا يريد أن يسمع ولا أكثر غباء ممن لا يريد أن يفهم. إنه حال معارضات تصرّ على المشاركة في « انتخابات » صورية لتوسيع رقعة الحريات شيئا فشيئا كما تدّعي. هي تتصرف كما لو كنا في تمش ديمقراطي، حقا بطيء لكنه موجود، أو كما لو كنا في ديمقراطيات جنينية يجب الصبر على طول نضجها، والحال أننا أمام عصابات نهب وسلب وتسلط وعمالة لا تخشى شيئا قدر حرية التعبير الفاضحة لفسادها، ولا تهرب من شيء قدر الهروب من الانتخابات الحرة والنزيهة لأنها ستكنسها كنسا. ولن تسمح أبدا بوجود قضاء مستقل لأن فيه إدانتها، وستواصل نهجها الانتحاري إلى آخر لحظة، شعارها الإصلاح شريطة ألا يصلح شيئا، والمصالحة لكن مع النفس والعميل. كم هو مضحك مبك أن نراها تتخابث مع الخبثاء وكأن بوسع الأرانب خداع الذئاب، مصرّة على تجاهل قانون أثبته التاريخ ألف مرة، أنه لا معارضة تحت دكتاتورية، وإنما مقاومة إما مدنية وإما مسلحة. والأغرب أن يتشدق أصحابها بالاعتدال والوسطية وخاصة الواقعية، والحال أن إنكارهم للواقع المخيف هو خاصيتهم الفكرية الأولى. عن عجز منظمات المجتمع المدني، عن فرض التغيير حدث ولا حرج، وكل تقاريرها تنتهي في سلة المهملات، شعار الطغاة كلامك يا هذا في النافخات زمرا. لا فائدة من الحديث عمّن يبحثون عن حلول مشاكلنا في كبرى العواصم الغربية، فهم لا يستأهلون حتى هذا السطر. عندما يعتبر المرء العوامل الأربعة وتفاعلها وبشيء من معرفة التاريخ، لن يجازف كثيرا بالقول بأن كل متطلبات كارثة عظمى موجودة، وأن الاحتمال الأرجح في العقدين القادمين هو السيناريو التالي. – تفاقم التعفن على مستوى الدولة الاستبدادية العاجزة عن كل إصلاح، والانحطاط على مستوى مجتمع عاجز عن التحرك والتفكك على مستوى نخب سياسية عاجزة عن الفعل. – اندلاع حروب أهلية قاسية بين إرهاب الدولة وإرهاب المجموعات المسلحة، تعطينا الجزائر واليمن والصومال والسودان والعراق بعض نماذجها، علما بأننا نفتعل أن هذه الحروب حرائق منعزلة ولا تدلّ على أن الوطن العربي غابة من الحطب اليابس ترتفع الحرارة داخلها يوما بعد يوم، والمستقبل شبه المؤكد اشتعال الحرائق في كل مكان. – وقوع ثورات دموية رهيبة تشهد التنكيل بالمنكلين مع تمكن أنظمة أصولية أو قومية من الحكم ستشن في الداخل حربا لا هوادة فيها على أفكار وقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان باعتبارها جزءا من الإرث الغربي الكريه، ولا بأس من رمي الرضيع مع ماء الحمام القذر. – تصاعد حدة المواجهات ثم حروب حتمية مع إسرائيل وحتى مع الغربيين ونهايتها خراب شامل للمنطقة. مرة أخرى لا شيء في أن هذا التوقع ثابت ومؤكد، كل ما في الأمر أننا أمام أكثر الفرضيات احتمالا نظرا للوضع ولدروس التاريخ. طبعا يمكننا رفضه كأضغاث كوابيس، فيعود المتسلط لطمأنة نفسه بخصوص جبن الشعوب واستكانتها إلى الأبد له ولورثته، ويعود المعارضون للتشهير الطوباوي بغياب الحريات والإشهار لأشخاصهم وأحزابهم إبان مواسم الدجل الانتخابي، والاعتصام بحبل الأمل أن يهدي الله السلطان أو أن يكون الخلف أحسن من السلف. يمكن لملايين الشباب مواصلة البحث عن حلول فردية عبر التدخلات العائلية والقبول بفتات الأسياد. يمكن للحالمين أن يتصوروا أن للغرب قدرة استبدال عملائه الحاليين الذين انتهت صلاحيتهم، بجيل أذكى أو أخبث يمكنه المحافظة على نفس النظام والمصالح ببعض التنازلات الشكلية. المصيبة أنه لا شيء في كل هذه « الحلول » قادر على إلغاء الحقائق المرعبة، آه لو كان رفض المريض لمرضه أو لتكاليف العلاج يبعد شبح الموت! السؤال إذن ما المطلوب لإجهاض سيناريو مرعب بداهة كل الأحداث حبلى به؟ لنعتمد منهجية تصفف ما يجب فعله وذلك بغض النظر عن قابليته للتحقيق. نظريا الحلّ المثالي أن تتمكّن من السلطة حكومات خلاص وطني، تنبثق من جبهات ديمقراطية واسعة وممثلة تكونت على أساس سياسي لا عقائدي، لا لإصلاح الاستبداد وإنما لتعويضه، تشرع حالا في الإصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي طال تأخيرها، تبعد شبح العنف الداخلي بهذه الإصلاحات والحرب الخارجية بالتفاوض الجدي والمدعوم بالقوة الداخلية لسلام عادل وشامل. مثل هذا الحل غير وارد إلا بنجاح إستراتجيات منها: – تجند الشباب للمقاومة المدنية باستعمال هذه الهبة الإلهية التي هي تكنولوجيا الاتصالات الحديثة، والهدف ليس جمع مليون إمضاء لتسوّل نفس المطالب المعلقة منذ نصف قرن، وإنما لتنظيم مليون مظاهرة واعتصام، وفي هذا وحده ما يجعل أنظمة هشة تنهار كصرح من الورق المقوى. – قيام القيادات المتوسطة في الجيش والشرطة بشق عصا طاعة أنظمة فقدت كل شرعية وهيبة ومصداقية، مع التنبيه إلى أنها ستسهر من هنا فصاعدا على استقلال الوطن وحرية المواطن في اختيار من يحكمه دون أن تحكم هي، وقد أخذت العبرة من الماضي. – انعقاد المؤتمرات الديمقراطية الوطنية بلدا بلدا (ثم في يوم ما على صعيد الأمة) تحت إشراف قيادات شابة للاتفاق على عقد سياسي جديد قوامه دستور يخرج من العموميات ليضع بمنتهى الدقة آليات حفظ المال العمومي وحماية الحريات الفردية والعامة، واستقلال القضاء، والتداول السلمي والسريع على السلطة والدفاع عن استقلالية القرار الوطني والقومي. – تعهد هذه المؤتمرات بعدم المتابعة في حالة عدم إهدار الدم، لكن مع تحميل المسؤول الأول وأقرب المقربين إليه المسؤولية الجنائية عن كل القتلى شخصا شخصا يسقطون برصاص عصابات موالية أو برصاص قوى الأمن الباقية على الطاعة. – فتح أوسع قنوات التواصل والحوار الممكنة مع قوى المجتمع المدني في الغرب، لتعرية المكيافليين المساندين للاستبداد العربي، وفضح قصر نظرهم وهم يتركون للأجيال الغربية المقبلة فاتورة هائلة من الضغينة المؤدية حتما إلى نوع أو آخر من صدام الحضارات. – فتح أوسع قنوات التواصل والحوار مع القوى السياسية والثقافية اليهودية المناهضة للصهيوينة داخل وخارج إسرائيل. وقد اتضح أن الحرب الأزلية لن تنتهي بحلّ الدولتين، أي بإسرائيل إمبريالية ذرية مهددة لسلم المنطقة والعالم، و »بانتوستانات » فلسطينية ممزقة الأوصال غير قابلة للعيش، وإنما البديل الوحيد لكي لا تحرث القنابل الذرية يوما المنطقة قيام دولة واحدة ديمقراطية عبرية عربية تصبح في المستقبل عضوا شريكا في اتحاد الشعوب العربية الحرة. والآن وقد وضعنا الأهداف المثالية والإستراتيجيات المثالية، تجب العودة إلى إشكالية قابليتها للتحقيق. ماذا عن العوائق؟ يا إلهي ما أكثرها، طاعة الأجهزة العسكرية والبوليسية العمياء لكل من يحكم ولو كان بغلا.. شراسة أجهزة القمع.. التعصب الديني والعرقي.. اللاوعي عند قطاعات كبيرة من مجتمع جل أفراده يلهثون وراء لقمة العيش.. الخوف المزمن من السلطة.. استقالة الشباب واعتباره التكنولوجيا وسيلة للتسلية لا أدوات لتغيير الحياة.. الحواجز النفسية والعقائدية بين طيف المعارضات السياسية.. غلبة العقائدي على السياسي والشخصي على الجماعي والذاتي على الموضوعي.. دون نسيان أهم فاعل في التاريخ، الغباء. آه! مؤكد أنني نسيت كثيرا من العوامل، لكن إن تضافرت عقولنا فسنكتشف بعضها إلا تلك التي ستفاجئنا جميعا فنلطم وجوهنا لأننا لم ننتبه لها وهي كالأنف في الوجه. أي إحباط سيصيبنا ونحن نضع من جهة الأخطار الخارقة التي تهددنا وفي المقابل برّ الأمان الذي نريد الوصول إليه، وبين الحالتين هذا الكم الهائل من العراقيل! تقول ما الفائدة من فكر يؤشر على أخطار رهيبة ولا يقدم لها إلا حلولا مستحيلة؟ لننتبه إلى أن هذا الفكر الذي يمكن تسميته بالكارثي ليس من يختلق الكوارث أو يبالغ فيها، وإنما من يرصدها بدقة، وهذه وظيفة اجتماعية ضرورية للمجتمعات مثلما هي ضرورية للأفراد، التنبيه للأخطار حتى يمكن تفاديها. طيلة الحرب الباردة كان الفكر الكارثي يصرخ بخطر الدمار النووي الشامل، وكم باعت هوليود من أفلام حول اليوم الأخير للبشرية وما بعده. وفي الثمانينيات كان نفس الفكر يصرخ بقرب موت آخر أفريقي بنقص المناعة المكتسب وحتى بنهاية البشرية بالوباء الجديد. نحن نعيش حاليا النسخة الأخيرة منه و »الكوارثيون » يصرخون بأهوال التغيير المناخي. حقا لا أكثر إزعاجا من مثل هذا الصراخ لكن أيهما أنفع؟ هو، أم الفكر الطوباوي الذي خدرنا بالانتصار « الحتمي » للاشتراكية والوحدة والغلبة لقوى التقدم على الرجعية. بدهي أن الوعي بالتبعات المرعبة للحرب الذرية كان أهم العوامل التي فرملت الانزلاق نحو المحظور، والخوف من وباء نقص المناعة هو الذي ضخّ موارد هائلة في البحث العلمي ساهمت في وقف الوباء، وخوفنا اليوم من التغيير المناخي هو الذي يحرك طاقات فكرية ومادية وسياسة هائلة لمنع كارثة الكوارث من الوقوع. كاتب هذه السطور إذن مجرد صدى لأفكار مبهمة تعتمل داخل الوعي العربي عن الأخطار التي تهدد الأمة، ومهمته ترجمتها إلى كلمات وضخها في الفكر الجماعي لتواصل أدمغة أخرى العمل على إشارات الإنذار هذه بحثا عن الحلول. تقول لكن المقترحات مغالية في المثالية. طبعا هي كذلك، لكن انظر وظيفتها الحقيقية. هي مثل الأنوار البعيدة التي تؤشر لمطار تبحث عنه طائرة تتقاذفها المطبات الهوائية وسط الظلام.. مع فارق هام أن مسؤولية الوصول إليه بأمان ليست ملقاة على عاتق ربان ماهر يكون قائدا فذا وحزبا طلائعيا وعقيدة لا يأتيها الباطل من خلفها أو أمامها وإنما مسؤولية كل الركاب، الضباط الأحرار والنقابيون الأحرار والشبان الأحرار والمثقفون الأحرار والقضاة الأحرار والصحفيون الأحرار … إلخ. سأل أحد القراء عن معنى التشاؤل، هذا الموقف الذي نادى باتخاذه إميل حبيي أمام الحياة ويدعو له كاتب هذه السطور بكل حماس. إنه الامتناع عن كل أمل، وقوى الدمار الرهيبة لا تتوقف عن تخريب كل ما نخلق ونختلق، زائد الامتناع عن كل يأس وقوى الخلق الجبارة على قدم وساق تدرأ الأخطار وتعيد بناء ما تهدم وتبتكر من الحلول لأعوص المشاكل ما لم يتوقعه فكر معزول. صحيح أننا في أخطر وأصعب وضع، لكن الأصحّ أن قوى الخلق المجهولة التي تعتمل داخل عقولنا وقلوبنا هي التي ستمنع الطائرة من الارتطام بالجبل. دور كل واحد منا أن يقوم بواجبه أيا كان مستوى فعله والبقية مشيئة الله والأقدار. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 19 أوت 2010)
حين تتداخل الرؤى فتلتبس المواقف
توجان فيصل حين أصدر المتقاعدون العسكريون بيانهم الأول في الأول من مايو/أيار المنصرم، كنا في مقدمة من رحب به انطلاقا من إيماننا بحق كامل الشعب الأردني في المشاركة في صياغة سياسات البلد وتصويبها والمحاسبة على أخطائها والمعاقبة على خطاياها.
ولكن ترحيبنا لم يخل من نقد لبعض ما شاب البيان من أخطاء دستورية وعيوب في الصياغة تجاوز بعضها الهنات الناتجة عن قلة الخبرة السياسية لمحترفي العسكرية، إلى ما توقعنا أنه خلط متعمد قام به بعض من « ركبوا موجة البيان » لتحقيق طموحاتهم الشخصية، أو لتغليب رؤيتهم وأيديولوجياتهم بتسجيل أهداف بالتسلل.
ولكون طرف آخر دخل على البيان غير أصحابه العسكر يتضح من وقوع البيان في عدد من التناقضات مع نفسه، أبرزها أنه يدعو لتوحيد الصفوف، ولكنه يتبع هذا بما لو شرع في تطبيقه، فإنه سيشق الصف الوطني إلى نصفين.. وهذا ما جعل جزءا كبيرا من « الشرق أردنيين »، يرفضون هذا البند باعتباره ضارا بالأردن وبالأمة العربية.
وخير من عرض وجهة النظر هذه الكاتب والمناضل علي حتر، وتحديدا في سلسة من ثلاثة مقالات نشرتها له مؤخرا أسبوعية السبيل الصادرة عن حزب جبهة العمل الإسلامي، تحت عنوان « أسئلة للمتقاعدين العسكريين ومقالة روبرت فيسك ».
وقد أغناني ما ورد في مقالاته الثلاثة ببلاغة وإيجاز، عن محاولتي شبه المستحيلة الإحاطة بموضوع تشعب وتشتت وتناقض كما لم يحدث من قبل لأمر، لكون تناوله بات إما مغيبا أو حصريا، وذلك لعلاقته بالمتقاعدين العسكريين. إذ دخول المتقاعدين العسكريين على مطالب الإصلاح مؤشر على توسع قاعدة الاحتجاج الشعبي لتشمل قطاعات لم تتعامل بالسياسة مباشرة من قبل.
ولكن أثر هذا الدخول الفعلي وحجمه الحقيقي يبقى أمرا يحدده العسكريون أنفسهم، لكون الخلط الناتج عن القفز على بيانهم والتراجع عنه بفعل ضغوط مورست عليهم، أصبحت تحير مؤيديه قبل معارضيه.
وهنا يمكن اعتبار أسئلتي الموجهة للعسكريين استكمالا لأسئلة علي حتر، وكلانا لا يزيد عن أن يطرح أسئلة الشارع الأردني.
مصدرو البيان عادوا، بعد إصداره بقليل، وأكدوا أنهم لم يطالبوا بسحب جنسيات قطاع من الأردنيين، بل إن الناطق الرسمي باسمهم قال لصحيفة « العرب اليوم » حرفيا « من يحمل الرقم الوطني أردني.. يا إلهي، كيف يمكن أن نطالب بترحيل الفلسطينيين، هذا غير ممكن.. هنالك من لا يقرأ، وهنالك من اتخذ موقفا مستندا على ما قيل له بأننا قلناه، وهذا لا يجوز ».
واتهم الناطق أطرافا « عمدت لركوب موجة البيان »، مستعملا نفس التعبير الذي قلناه لنفس الصحيفة في نفس التحقيق وقبله، وحاولت الجهات التي ركبت موجة البيان تفسير قولنا بأنه تصد من قِبَلنا لبيان العسكر.
وكان يفترض أن يحسم الأمر هنا، لولا أن ركوب موجة العسكريين تجاوز التنظير لهم إلى تحديد وتغيير أولوياتهم ووجهتهم وصولا، ليس فقط للتعامل معهم « مفتاحا انتخابيا »، بل بافتراض أن قواعد هؤلاء المتقاعدين، العسكرية والعشائرية، بات يملكها هؤلاء المنظرون، وتشكل (حتى قبل البدء بتنظيمها) ما يشبه « الحزب الحاكم » في نسخته العربية.
ويعزز هذا شروع في إقصاء وإنكار الوجود السياسي للآخرين، بل وشتمهم وتخوينهم وصولا لتهديدهم، ليس فقط بالمتقاعدين العسكريين، بل و »بالأجهزة الأمنية ».. وكأن كامل الجسم العسكري والأمني العامل والمتقاعد بات يقوده هؤلاء المنظرون المنصبون أنفسهم ممثلين حصريين للوطنية، وقادة حصريين للوطن!
فهناك كم كبير من الكتابة المنشورة محليا تمثل مسار هذا التطور العجيب المناقض للدستورية والديمقراطية التي طالب بها المتقاعدون العسكريون في بيانهم الأول، في حين لزم علي حتر اللجوء لجريدة حزب إسلامي معارض -وعلي حتر يساري مسيحي- لنشر ردوده على هذا الذي يكتب، وتحديدا على أحد أبناء عمومته، بينما الأخير يملك موقعا تصدر هذا النهج.
يقول صاحب هذا الموقع، بعد أيام فقط على صدور بيان لجنة المتقاعدين العسكريين « لا أظنّ -بل أجزم- أن أعضاء اللجنة لم يكونوا يعلمون أنهم مقدمون على فعل تاريخي.
كانت تتجمع لديهم بالطبع مشاعر قلقة وأفكار وهواجس ومخاوف وانشداد للعب دور في مواجهة التحديات، يعبّر عن الضمير والشجاعة، بأكثر مما يعبّر عن إستراتيجية في السياسة.
لكن أبناء شرق الأردن كانوا يتطلعون إلى جهة تنظّم هواجسهم وتطرح مطالبهم في رؤية. الرؤية لم تكن غائبة، ولكنها كانت رؤية مثقفين متماسكة وحيوية، ولكنها بلا جسد.. الحكم والمعارضة معا مفلسان إزاء رؤية وطنية متماسكة تحوّلت بين عشية وضحاها إلى ثقافة شعبية ».
هذه « الرؤية » تختص تحديدا بالجزئية موضع الالتباس المذكور أعلاه، من بيان العسكر.. وهي حقيقة رؤية هذا الكاتب شخصيا للعلاقة بالأردنيين من أصل فلسطيني المعروفة منذ عقود، لكونه ما فتئ يعيد إنتاجها في مقالاته.
وهو يعترف هنا أن « رؤيته » تلك كانت بلا جسد شعبي يحملها، ولكنها تحولت بفعل البيان إلى ثقافة شعبية حلت عند الشعب محل مجمل رؤى الحكم والمعارضة اللذين اعتبرهما مفلسين.
ولكن منطق السياسة يقول إن البيانات العسكرية لا تصنع « ثقافة » شعبية بين عشية وضحاها. وإذا كان الحكم والمعارضة مفلسين كما يقول الكاتب، وكانت رؤيته هو تعالج هواجس الأردنيين وتجسد مطالبهم بصورة « متماسكة وحيوية » فالمفترض أن يكون الأردنيون اصطفوا وراءه منذ أمد في تنظيم يبز كل تنظيمات المعارضة الأردنية وكل قوى الحكم.. خاصة أن الرجل صحفي قديم يملك منابر متعددة أغلبها محلي، مما يفترض أن يخدمه أكثر من أي صاحب رؤية في التاريخ كله ممن تحولت رؤاهم لثقافات شعبية في سنوات معدودة.
ما يفعله أي بيان عسكري هو أن يعد بتغييرات تتجاوب مع ما كان أصبح هواجس ومطالب شعبية محددة.
وإمكانية تقدم أصحاب البيان إلى موقع قيادي شعبي أو إمكانية بقائهم فيه (ومعهم من يركبون موجته)، مرهون بمقدار ما يحققه هؤلاء من تلك الوعود.
وبالعودة إلى بيان المتقاعدين العسكريين نجد أن سر تأييده يكمن في وعود في مجالات ثلاثة، أولها التأكيد على الدستور والمطالبة بتطبيقه نصا وروحا، مع تحديد أن هذا التطبيق يلزم بألا يكون لغير الملك أي سلطة مهما كانت درجة قرابته منه، وأن يمارس الملك سلطاته من خلال حكومة تحصل على ثقة مجلس نواب منتخب بنزاهة.
والمطلب الواعد الثاني للمتقاعدين يتمثل في شن حملة « حقيقية وشاملة » على الفساد و »مصادرة ثروات الفاسدين » واستعادة الملكية العامة للقطاعات الاقتصادية الإستراتيجية، وفرض نظام ضريبي تصاعدي يحقق العدالة وفق الدستور.
والمطلب الثالث هو دعم القوات المسلحة وتسليحها بمنظومة صواريخ فعالة وتفعيل قانون الجيش الشعبي لمواجهة أخطار العدوان الصهيوني المتوقع.
والرابع (جرى لاحقا إسقاط تفاسير مغرضة عليه)، ينص على إعادة الاعتبار للهوية الوطنية الأردنية وإطلاق حرية التنظيم السياسي والإعلامي والشعبي للحركة الوطنية الأردنية، وضرب القوى المرتبطة بالمشروع الصهيوني.
وقبل ورود مجمل تلك التفاسير اللاحقة، كانت هذه كلها مطالب مجمع عليها من كافة الشعب بقواه الوطنية المنظمة وغير المنظمة.
ولهذا قوبلت بتأييد وترحيب كان يمكن أن يكون شاملا لولا المطلب المتبقي في البيان، وهو « دسترة قرار فك الارتباط » غير الممكن دستوريا، كما أوضحنا من قبل في مقالتنا « عن الهبة الأردنية ».
وأكثرية الأردنيين يعارضون فك الارتباط ليس فقط لكونه غير دستوري، بل لأنهم يعتبرون ما جرى وما قد يجري باسمه معينا للعدو الصهيوني الذي يريد تصدير أزمته إلينا.. بدليل أن بيانا يعارض هذه الجزئية تحديدا من بيان العسكر ويؤيد بقية البنود الإصلاحية فيه صراحة أو ضمنا، أصدره القيادي الأردني الأستاذ أحمد عبيدات، وقعه الألوف خلال أيام معدودة.
وبقي هنالك آخرون لم يرضوا بالبيانين، لأن سقفهم الوحدوي والنضالي أعلى من البيانين، كما عبر عنهم علي حتر. وهذه حقائق يجب الإقرار بها من قبل أي سياسي عينه على الشارع والقواعد الشعبية حقيقة.
وبالنسبة للمتقاعدين العسكريين تزداد أهمية إدراك هذه الحقائق لأن مصير تجربتهم الفتية متعلق بها، وسيكون من المؤسف أن يسمح بإجهاضها من الداخل، وبخاصة أن جهودا عليا كثيرة تبذل لإجهاضها.
ومن حقنا وحق أصحاب البيان في آن أن نسألهم، متجاوزين وصاية أي كان عليهم، فيما اختلط علينا من مواقفهم قبل أن نحدد، أو نعيد تحديد، موقفنا من حراكهم.
وبداية نسألهم من هم؟ فاتّباع نص على الورق يستحيل إن لم يُعرف صاحبه.. فالنصوص متشابهات، وكما يقول المثل الإنجليزي، المغني وليس الأغنية.
والموقعون على بيان عبيدات أوردوا أسماءهم الصريحة، ولكننا لا نعرف من هم أصحاب بيان العسكر الستون (ويقال إنهم اثنان وخمسون) سوى أسماء بضعة نفر.
وما تكرر من قول العسكر إنهم سيعلنون أنفسهم لاحقا أدى إلى شكوك في أن بعضهم يخشى العلنية، وهو ما سهل قفز غيرهم لاحتلال واجهتهم ونسبة أي تأييد يأتيهم لهذا الغير.. والأسوأ ما تشيعه جهات بعينها من أن هؤلاء المتقاعدين أبقوا باب التفاوض الفردي معهم مفتوحا.
وإزاء هذا يصبح حذر المتقاعدين لا مبرر له، خاصة أن الحديث عن بيان وليس عن منشور سري، إضافة لكون الحكومة والجهات الرسمية تحديدا تعرف كل واحد من مصدريه.
السؤال الثاني هو عن بيان العسكر الثاني وما سبقه من توضيحات للبيان الأول، فمع أنه سجل لمصدريه أنهم أعلنوا مقاطعتهم للانتخابات رافضين بذلك مطلب المنظر سابق الذكر الذي كتب مفصلا في مزايا المشاركة، ومبرزين بهذا درجة من الاستقلالية بما يحيي إمكانية التعامل معهم كجسم مستقل ذي طرح مستقل، وليس كجسم ألبس ثوبا قديما ووضع له رأس جاهز.. إلا أن هنالك مجددا، ما يسجل على صيغة البيان الثاني مثل التصريحات.
فكل ما صدر عن لجنة المتقاعدين بعد البيان الأول خلا من ذكر الالتزام بالدستورية، وفصّل فقط في طرق تطبيق فك الارتباط.
والفارق أن « دسترة فك الارتباط » تراجعت إلى « قوننته وتنظيمه »، مع العلم أن القوانين والأنظمة المتعارضة مع أحكام الدستور باطلة، مثلها مثل قوانين الضريبة والانتخابات المؤقتة التي اعترض عليها بيان العسكر.
وبنفس القدر خلا بيانهم الثاني وتوضيحاتهم من أي ذكر لتسليح الجيش وتشكيل الجيش الشعبي.. كما غاب أي تفصيل أو تجديد لطلب « الحملة » على الفساد ومصادرة ثروات الفاسدين. لا بل إن آخر بيان للعسكر (لحين إقفال مقالتي هذه) وعد بتقديم « رؤى » لمحاولة « التخفيف » من الوضع المعيشي السيئ للمواطنين « دون تكليف الدولة شيئا »!
وهذا قول يطمئن المسؤولين الفاسدين ويقلق المواطنين الذين عولوا على « رؤية » صريحة للمتقاعدين في بيانهم الأول تتعلق بالثروات المتحققة من الفساد واستعادة الأصول المبيعة لشركات أو عبر وساطات مسؤولين بأسعار بخسة.
ورفاه المسؤولين يتأتي من أموال الخزينة فكيف لا يمسها « التخفيف » من الوضع المعيشي « السيئ » لمفقرين يرفدون خزينة الدولة بالضرائب والرسوم المتأتية من جيوبهم بقوة قانون الضريبة المؤقت غير الدستوري المحابي للأغنياء.
ونختم بما استجد على حركة المتقاعدين العسكريين، وهو تصدرهم لعقد « مؤتمر وطني » يقولون إنه « المؤهل وحده لإصدار الوثائق السياسية المعتمدة وطنيا » وإنه لا يستثني أيا من المواطنين من « الانخراط في جهود المؤتمر وفق قرار فك الارتباط » (أي أنهم استثنوا أكثر من نصف الأردنيين من أصول فلسطينية).. وأن المؤتمر « سيمثل الأردنيين بلا تمييز إلا على أساس الالتزام بثوابت نداء الأول من مايو/أيار ».
وهذا « تمييز » آخر يستثني من فوره جزءا آخر أكبر من الأردنيين حين يحدد لهم مسبقا فحوى الوثائق التي ستصدر.. ومن صياغات كهذه يستشف ركوب أخطر لموجة المتقاعدين يعيد إنتاج ما نفاه المتقاعدون واستنكروا أنهم قـُوّلوه!
وما يؤكد هذا الاستنتاج أن هذا كله يتزامن مع إدانة ومحاولة إقصاء متصاعدة لكامل الجسم السياسي الحالي التي يقوم بها من فرضوا أنفسهم منظرين للمتقاعدين العسكريين من خارج لجنتهم، يذكر بتصنيفات « أعداء الثورة ».
وقد بدأ منذ الآن تهديد من يُقصَون والتلويح، ليس بسيوف المتقاعدين العسكريين فقط، بل وبـ »الأجهزة الأمنية » بعمومها!
فمنظّر الحركة الذي ألبسها « رؤيته » يقول إنه في العقد الأخير، انتقلت كل القوى التي كانت تشكل المعارضة كالحركة الإسلامية والأحزاب القومية واليسارية والنقابات المهنية والشخصيات القيادية المستقلة.. انتقلت موضوعيا إلى خندق المشروع الأميركي الكمبرادوري في الأردن « من خلال اصطفافها وراء شعار الوحدة الوطنية المزيف وهو ليس سوى ستار لعملية التجنيس والتوطين والمحاصة والخضوع لنظم السوق المعولم وسيطرة الكمبرادورية والنيو ليبرالية وقوى الفساد »، حسب قوله.
ويعتبر أن « الحركة الوطنية »، ويعني تنظيمه الذي ينوي تشكيله (والمتنازع على تسميته مع تنظيم آخر قائم قبله وتعتبره الحكومة غير مشروع) بالاستناد إلى قواعد المتقاعدين العسكريين وبعض التحركات المطلبيّة المستقلة (منهم المعلمون وعمال المياومة)، مضافا إليها « عشرات التجمعات العفوية الناشئة في الجامعات والعشائر » (مع أن هذه باتت تعتبر بما يشبه الإجماع مصدر العنف الجامعي والعشائري المدان الذي شاع مؤخرا).. يعتبر أن حركته هذه غير المتشكلة بعد، تعبّر وحدها عن المعارضة الآن، والأهم، عن « الحركة الوطنية الأردنية » التي هي تاريخ أردني جمعي غني لا يحق ولا يمكن لأحد اختزاله في نفسه وفي صحبه!
وفي مرحلة لاحقة، وفي « شيء من الغضب » تلا إعلان المتقاعدين العسكريين قرارهم مقاطعة الانتخابات، يقول هذا المنظر إن الطروح السياسية لتياره غير المتشكل تمثل « أرقى الأشكال فكرا وممارسة »، وأن ليس مقابلهم « سوى الكذب والبهتان والتزوير وعلك الشعارات الفارغة وخلط الأوراق والحقد والسماجة والعمالة والانحطاط الثقافي ». وأن ليس هنالك مجال للطعن في حركته « اللهم إلا من شبكات الموساد السرية والعلنية، مهما تزيت بأثواب زائفة، قوموية وليبرالية وإسلاموية، لكنها زائفة، يرتديها فاسدون ومتواطئون »..
ويقول مهددا « زمر الصغار من المرضى بالمازوشية والانتهازيين والأميين والحاقدين والمرتشين وتجار العقارات والشعارات وعملاء دايتون تجاوزت الحد، وآن الأوان لنريها العين الأردنية الحمراء! »
عين من؟ قد يدلنا مقال آخر لكاتب آخر لا ينشر له في غير هذا الموقع، ولا يكتب إلا في هذا المحور وحوله، عنوان المقال يقول صراحة « رؤوس قد أينعت وحان قطافها »! ويتصدى فيها لكاتب تحدث عن الحقوق المنقوصة في موقع خارجي لا يذكره لنا ولا يذكر اسم الكاتب.
ولكن الأهم أن تهديده أشمل وأوسع من هذا الذي يبدأ برأسه، إذ يقول « وإلى الذين تجرؤوا على الوطن يوما ومن يفكر بذلك نقول، وقت الدبلوماسية قد ولى وبدون عودة، ووقت المجاملات انتهى.. وقد حان وقت الفرز فإما مع الوطن وإما على الوطن.. وزمن الادعاء بالحقوق المنقوصة وعدم المساواة والتخوين والعمالة قد عفا عليه الزمن ».
حق التخوين الحصري الذي يطول الرأي وحتى النوايا، لم يرد بهذه الفجاجة في خطاب أي حكومة طوال فترة الأحكام العرفية -وإن مارسته حكومات- ويسعد الحكومة حتما أن يلقي بنفسه على ظهر بيان عسكريين أحرجوها بدعوتهم للدمقرطة والدستورية والحريات.
فالرجل يختم بما ينطبق عليه قول سيف الدولة في مفاخرة أبي فراس الحمداني به « ما زاد على أن جعلني شرطيا عنده ».. إذ يقول « وأخيرا إنني باسم كل أردني وكل منتم وكل مخلص لهذا الوطن أتوجه بنداء إلى مؤسستنا العسكرية وإلى أجهزتنا الأمنية أن ضعوا حدا لمن يتجرأ على هذا الوطن وقيادته ووحدته، وأن اجعلوا منهم عبرة لمن يقف خلفهم.. ولتكن رسالة قوية أن الحرية والديمقراطية هي للمنتمي للوطن والمضحي من أجل الوطن ولمن يخشى على وحدة الوطن، وليست للمندسين والعملاء والممتهنين للإساءة لوطننا ومؤسساته »!
سؤالنا الأخير والأهم لمتقاعدي جيشنا الذين وحدهم (هم وعاملوه) كما قلت في مقالة في تسعينيات القرن الماضي، من يمكن أن ندير ظهورنا لهم وهم يحملون السلاح، لنتفرغ لجبهات وطنية أخرى ونحن مطمئنون وواثقون كل الثقة أن ظهورنا محمية بهم.. أين تقفون من أقوال كهذه؟ أنيرونا لنعرف أين نقف منكم، فقد التبست علينا السبل والمواقف. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 19 أوت 2010)
شهود الزور.. والعملاء ايضا
عبد الباري عطوان
ان يكلف مجلس الوزراء اللبناني وزير العدل باعداد ملف عن شهود الزور في قضية اغتيال المرحوم رفيق الحريري رئيس الوزراء اللبناني الراحل، تلبية لطلب السيد حسن نصر الله، زعيم المقاومة الاسلامية اللبنانية، فهذا قد يعني ان ‘السحر انقلب على الساحر’، وان المحكمة الدولية المكلفة بالتحقيق، واصدار القرار الظني، باتهام جهات لبنانية بالوقوف خلف عملية الاغتيال هذه، باتت اي المحكمة هي المتهمة رسميا، وعمليا، بعدم مصداقيتها. خطاب السيد حسن نصر الله الاخير الذي قدم فيه ادلة وقرائن لا تستبعد تورط اسرائيل في عملية الاغتيال هذه، بدأ يعطي مفعوله، من حيث قلب المعادلات السابقة، واجبار المحكمة القضائية على اعادة النظر في نهجها، وفضح القصور الكبير في اجراءات تحقيقاتها. بمعنى آخر، نجح السيد نصر الله من خلال هذا الخطاب الذي وصفه الاسرائيليون، وبعض الدافعين ببراءتهم، من سياسيين واعلاميين عرب، في التشكيك، وبشكل مسبق ومدروس في اي قرار ظني يمكن ان يصدر عن هذه المحكمة، وبالتالي تأجيله الى اجل غير مسمى، الامر الذي يشي بان هناك اتفاقا جرى التوصل اليه في هذا الصدد، بين قوى اقليمية ودولية، على اطالة امد التهدئة الى اطول فترة ممكنة. ويمكن رصد هذه المحصلة وتداعياتها من خلال تطورين رئيسيين حدثا على الساحة اللبنانية، وبشكل مفاجئ مما يؤكد اتساع دائرة التفاهمات وعدم اقتصارها فقط على المحكمة وقرارها: الاول: اصدار مجلس النواب اللبناني (البرلمان) قرارا برفع الحظر المفروض على عمل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وبالاجماع تقريبا، مع تأجيل البحث في بعض الحقوق المدنية الاخرى مثل حق التملك وممارسة الاعمال الحرة الى فترة لاحقة. الثاني: الموافقة على ملاحقة شهود الزور الذين بنت المحكمة اتهاماتها التي وجهتها الى اجهزة امنية سورية بالوقوف خلف عملية الاغتيال بناء على افاداتهم. هذان القراران يعكسان تفاهمات لبنانية، املتها عملية التهدئة التي ترتبت على الزيارة المشتركة للعاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس السوري بشار الاسد الى بيروت. والا لماذا يتم الغاء ‘الفيتو’ المفروض على عمل الفلسطينيين في هذا الوقت بالذات، وبعد اكثر من ستين عاما من الالتزام به. ولماذا يتم فتح ملف شهود الزور هؤلاء بعد اكثر من خمس سنوات فجأة، وبعد ان وصل الوضع اللبناني الى حافة الانفجار قبل التهدئة؟ ‘ ‘ ‘ ولعل السؤال الآخر المشروع الذي لا يقل اهمية هو المتعلق بالعملاء الآخرين المتعاونين مع اجهزة الامن الاسرائيلية الذين يصل عددهم المعلن الى اكثر من 180 شخصا حتى الآن، ولا يمر اسبوع تقريبا دون ان يتم الكشف عن شبكات جديدة متورطة. فهل ستلجأ المحكمة الى سلطاتها وتفويضاتها الدولية بالتحقيق مع هؤلاء، وخاصة الذين ذكرهم السيد نصر الله في خطابه الاخير، ومن بينهم غسان الجد الذي تواجد في مسرح الاغتيال قبل يوم واحد من تنفيذ الجريمة؟ المحكمة استخدمت صلاحياتها الدولية لاستجواب العديد من القادة الامنيين السوريين الكبار، عندما استدعتهم فرادى وجماعات الى فيينا لهذا الغرض، كما انها ارسلت من يلتقي بالرئيس السوري بشار الاسد نفسه بطريقة مغمغمة استنادا الى الشهادات المزورة نفسها التي تزامنت مع حملات ترهيب مدروسة، ومدعومة امريكيا، وفرنسيا، واسرائيليا، لسورية وحلفائها في لبنان. فلماذا لا تستخدم المحكمة الصلاحيات نفسها لاستجواب عملاء اسرائيل، بل وقادة الاجهزة الامنية الاسرائيلية انفسهم، على قدم المساواة مع نظرائهم السوريين واللبنانيين (اربعة منهم اعتقلوا لأربع سنوات) حتى تؤكد انها محكمة محايدة، غير منحازة وغير مسيسة؟ فتح ملف شهود الزور اهم خطوة تتخذها الحكومة اللبنانية في هذا المضمار، رغم اننا نستغرب تلكؤها طوال السنوات الماضية عن ملاحقتهم قانونيا، خاصة ان احدهم ويدعى زهير الصديق جرى اعتقاله في فرنسا الام الحنون للبنان، ويقبع حاليا في احد سجون دولة الامارات العربية المتحدة بتهمة دخول البلاد بطريقة غير مشروعة، اي بجواز سفر مزور. فمن سهل له السفر اليها وكيف دخلها وهل دخلها بتأشيرة دخول وعلى اي جواز سفر؟ مثول زهير الصديق امام المحاكم اللبنانية، بل والمحكمة الدولية نفسها يجب ان يكون احد الاعمدة الرئيسية لتحقيقات المحكمة، وصياغة قرارها النهائي، لان شهادته لم تؤد فقط الى اخراج القوات السورية من لبنان بشكل مهين (تبين لاحقا انه انسحاب لصالح سورية)، بل ايضا الى ادانة اناس ابرياء وتشويه سمعتهم، ابتداء من قادة الاجهزة الامنية الاربعة وانتهاء بنظرائهم السوريين. من حق اللبنانيين، والسوريين، بل والمجتمع الدولي بأسره، ان يعرف من الذي جند هؤلاء ولقنهم، وهربهم الى خارج لبنان، وزودهم بجوازات السفر الحقيقية او المزورة، التي تحركوا، ويتحركون بها ومن وفر لهم الحماية طوال هذه الفترة، وأمدهم بالاموال والمصاريف وتذاكر السفر. وزير العدل اللبناني يجب ان يتقدم الى المحكمة الدولية، التي تشكلت بطلب من حكومته، بتسليم هؤلاء الى العدالة للتحقيق معهم، ووضع حصيلة هذه التحقيقات امام المحكمة الدولية هذه، حتى تكون جزءا اساسيا من وثائقها، اذا كانت فعلا محكمة عادلة ومستقلة. ‘ ‘ ‘ واذا كانت فرنسا، او غيرها من الدول الاوروبية، ترفض تسليم هؤلاء، تحت ذريعة الخوف من اصدار احكام بالاعدام بحقهم وتنفيذها، لتعارض هذا مع القوانين الفرنسية، ومواثيق حقوق الانسان الاوروبية (عقوبة الاعدام ملغاة)، فان الحكومة اللبنانية مطالبة، وبصفة استثنائية، بتقديم ضمانات بعدم اعدام هؤلاء، من اجل الوصول الى الحقيقة، اذا كانت فعلا حريصة عليها، ونعتقد انها كذلك. من المؤكد ان شهود الزور هؤلاء هم مجرد قمة جبل ثلج كبير يضم الكثير من الرؤوس اللبنانية الكبيرة التي تورطت في فبركة الشهادات هذه، من اجل تجريم جهات معينة، ثبتت براءتها لاحقا، ومن حق اللبنانيين والعرب جميعا ان يعرفوا هوية هؤلاء جميعا كبارا كانوا او صغارا، وتقديمهم الى العدالة، لتجريمهم او تبرئتهم. يجب الاعتراف بان السيد حسن نصر الله ادار الأزمة بشكل متميز، تماما مثلما ادار المواجهة مع العدوان الاسرائيلي قبل اربع سنوات، لانه يملك اسباب القوة العسكرية المنظمة والضاربة، مدعومة بالمؤسسات المدنية والبحثية الحافلة بالعقول المتخصصة، ويقف على ارضية وطنية صلبة في مواجهة اسرائيل، ويستند الى تراث مشرف في المقاومة، عنوانه تحرير الاراضي اللبنانية بالقوة عام 2000. وهي مجموعة من الانجازات تفتقدها حكومات عربية عديدة وليس خصوم الحزب فقط. المحكمة الدولية جرى توظيفها بنجاح كبير لاخراج القوات السورية من لبنان في المرة الاولى، وكاد الذين يقفون خلفها ينجحون بتوظيفها لاخراج حزب الله من لبنان، من خلال تجريمه وتصويره كمجموعة من القتلة باصدار قرار ظني باتهامه باغتيال الرئيس الحريري وباقي السياسيين والاعلاميين الآخرين بالتالي، ولكن يبدو النجاح في الهدف الثاني في قمة الصعوبة في الوقت الراهن على الاقل، علاوة على كونه باهظ التكاليف للبنان والمنطقة بأسرها. الخطة الاولى كانت تقتضي ان يكون السيناريو من شقين، اي شن عدوان لانهاء حزب الله بعد انسحاب القوات السورية مباشرة من لبنان، بحيث يتم التفرد به، ولكن الصمود في حرب تموز افشلها، ومن غير المستبعد ان يكون القرار الظني الذي كان من المتوقع صدوره عن المحكمة قبل نهاية هذا العام هو استكمال للشق الثاني من هذا السيناريو، اي تبرير عدوان آخر ينجح فيما فشل فيه العدوان الاول. منذ ثلاثين عاما، وبالتحديد منذ العدوان الاسرائيلي على لبنان عام 1982 لانهاء المقاومة على ارضه، فلسطينية كانت او لبنانية، والهزائم تلاحق اسرائيل ومخططاتها، وهذا يدفعنا الى التفاؤل بان اي عدوان جديد يجري التحضير له، ربما يواجه بالنتيجة الحتمية نفسها، اي الفشل والباهظ التكاليف في آن. السيد حسن نصر الله نجح في كسب الوقت، بل والمزيد منه بتأجيله صدور القرار الظني، ولكن هذا النجاح الذي ازعج اسرائيل وحلفاءها حتما قد يدفعها وهي المعزولة حاليا، للمقامرة مرة اخرى في لبنان، لانها تتصرف مثل النمر الجريح المتخبط الذي يضرب في عدة اتجاهات، لانه يعرف ان الخناق يضيق عليه، وان نهايته قد تكون اقتربت. المصدر: القدس العربي
مفاوضات تقريبية… مفاوضات مباشرة… وأنواع أخرى
د. بشير نافع
منذ مباحثات مدريد في مطلع التسعينات، واختيار قيادة الحركة الوطنية الفلسطينية القاطع سلوك نهج التفاوض، لم يتبق صنف من المفاوضات لم يجربه المفاوضون الفلسطينيون. مفاوضات عربية جماعية في مؤتمر مدريد، مفاوضات مسارات ثنائية تحت مظلة أردنية في واشنطن، ومفاوضات سرية في عدد من العواصم الأوروبية، أثبتت أوسلو في النهاية أنها الأكثر مناسبة للتوصل إلى اتفاق سلام، أو بالأحرى إطار فضفاض لاتفاقية سلام.
وبالرغم من التفاؤل الذي صاحب التوقيع على أوسلو، فسرعان ما أدرك الفلسطينيون أن الأمور لم تكن بالسهولة التي ظنوها؛ وبدأت بالتالي مفاوضات من نوع آخر. مرة في القاهرة أو شرم الشيخ برعاية عربية، ومرة في واشنطن أو واي ريفر أو كامب ديفيد، برعاية أمريكية، ومرات عديدة في ضيافة الإسرائيليين المباشرة. ولكن مسار السلام منذ أوسلو لم يزد الإ صعوبة وتعقيداً. وإن كان ثمة وصف يمكن إطلاقه على عهد بوش الابن، على اعتبار أن المفتاح كان دائماً في واشنطن وليس في مقر الحكومة الإسرائيلية، فلا بد أن يكون زمن الانتقال من المفاوضات الشائكة والبطيئة إلى الانقلاب الكلي في مسار التسوية، بعد أن نزع عن السلطة الفلسطينية غلالة شريك عملية السلام والتفاوض، لتصبح مجرد أداة أمنية في يد الدولة الإسرائيلية.
خلال زهاء العقدين من السلام التفاوضي، لم تستطع الحركة الوطنية الفلسطينية تحقيق ولو الحد الأدنى من الأهداف التي افترضت أن من الممكن تحقيقها عبر عملية السلام والتفاوض. اتسع نطاق سلطة الحكم الذاتي لبعض الوقت خارج نطاق البداية المضحكة في غزة وأريحا، ولكن اتساع حدود خارطة السلطة لا يعني أنها أصبحت أكثر سيادة واستقلالاً، أو أن شعبها أصبح أكثر أمناً واستقراراً. الحقيقة، أن مرور الزمن على وجود السلطة لم يجعلها إلا أقل سلطة، وشعبها أكثر عرضة لمخاطر القتل والاعتقال والمطاردة. ولكن ثمة شيئاً آخر لا يقل أثراً في تقويض المنطق الأساسي الذي استند إليه قرار الذهاب الحاسم إلى خيار التفاوض في مطلع التسعينات. فلمن لا يذكر الآن الجدل الذي ساد أوساط الحركة الوطنية الفلسطينية بعد حرب الخليج الأولى وانهيار الاتحاد السوفياتي، أسس قرار التسوية التفاوضية على فرضية أن انهيار الكتلة الشرقية والاتحاد السوفياتي قد جرد الفلسطينيين من حليف دولي كبير، وأن عليهم منذ الآن، كما اختارت مصر السادات، منافسة الإسرائيليين على التقرب إلى واشنطن، سيما أن حاجة الغرب للدولة العبرية خلال سنوات الحرب الباردة تراجعت إلى حد كبير؛ وعلى فرضية أن الهجرة اليهودية من روسيا، ودول أوروبا الشرقية الأخرى، باتت تهدد بقاء الأرض الفلسطينية في الضفة والقطاع. ما حدث، بالطبع، أن الفلسطينيين والعرب أصبحوا خلال العقدين الماضيين أقل تأثيراً في واشنطن عما كانوا عليه قبلها، وأن معدلات السيطرة الإسرائيلية على أراضي الضفة الغربية قد تسارعت في ظل عملية السلام بأضعاف ما كانت عليه قبلها.
الآن يعود الفلسطينيون إلى جدل التفاوض من جديد، بعد سنوات إدارة بوش القاحلة، التي خلت في معظمها من دفء المفاوضات.
كانت المؤشرات التي أعطتها إدارة أوباما لتحقيق تسوية ما في الشرق الأوسط مغرية بدون شك، ولكن أحداً لا يريد أن يرى أن المشكلة ليست في واشنطن. ولأن السقف الذي حددته إدارة أوباما كان مرتفعاً في البداية، فقد اضطرت القيادة الفلسطينية إلى رفع سقفها هي الأخرى. ولذا، بدأت المفاوضات في إطار تقريبي، كان يفترض أن يستطيع الوسيط الامريكي من خلاله تحقيق تقدم كاف لإطلاق المفاوضات المباشرة. ولكن إدارة أوباما سرعان ما تعلمت الدرس؛ فالطرف الإسرائيلي أكثر عناداً مما حسبت واشنطن الجديدة، والطرف الفلسطيني أكثر هشاشة مما بدا. وخلف ذلك كله ثمة حرب خاسرة في أفغانستان، ومتطلبات انسحاب من العراق، وملف نووي مستعص في إيران، وبوادر أزمة في لبنان. كما هو دائماً، أثبت ‘الشرق الأوسط’ أنه أكثر استعصاء مما اعتقد الرئيس الامريكي، الذي كان يطمح في بداية جديدة يعيد بها تأمين المصالح الامريكية في المنطقة. الضغط على الجانب الفلسطيني، باختصار، أيسر منالاً من الضغط على الإسرائيليين، وخلف ذلك كله هناك ما يكفي من الأصدقاء و’الحلفاء’ العرب، الكفيلين بتوفير الغطاء. لم يكن أبو مازن بحاجة لرسالة تهديد أمريكية ليذهب إلى المفاوضات المباشرة، فالقيادة الوطنية الفلسطينية، وباختيارها المحض قبل عقدين من الزمان، تركت كل أوراق القوة سوى نهج التفاوض، والتفاوض في أكثر الأوقات حتى لمجرد التفاوض.
خلال أسابيع قليلة ستبدأ المفاوضات المباشرة، وحتى إن استأنفت حكومة نتنياهو حركة الاستيطان، المستمرة بلا هوادة منذ ولادة سلطة الحكم الذاتي، فلن تجد القيادة التي يقف الرئيس عباس على رأسها من الشجاعة ما يكفي لإيقاف المفاوضات. ولكن المفاوضات مع نتنياهو لن تكون أفضل من سابقتها مع أولمرت، ومع من سبقوا أولمرت، منذ ألقى إسحق شامير خطاب اليقينات التوراتية في مؤتمر مدريد. هذه ليست أزمة، ولا حتى مجرد انعكاس لميزان قوى مختل، وميزان القوى مختل بالفعل، هذا وضع أكثر سوءاً وانهياراً.
لنتذكر أن اتفاق أوسلو عكس في جوهره تصوراَ إسرائيلياً لمستقبل العلاقة بين الشعبين، ولم يكن اتفاقاً تفاوضياً بالمعنى المعروف، كاتفاق المؤتمر القومي الإفريقي مع حكومة جنوب إفريقيا البيضاء، مثلاً. أراد الإسرائيليون من اتفاق أوسلو: 1- أن يلقوا بأعباء الشعب المحتل، وليس الأرض التي لم تكن محل تفاوض في أوسلو، سواء من ناحية شؤونهم اليومية أو الملف الأمني، على كاهل إدارة فلسطينية؛ 2- أن تفتح حالة السلام مع الفلسطينيين أبواب المجال العربي والإسلامي، سياسياً واقتصادياً وأمنياً؛ أي أن تعيد الدولة العبرية رسم دورها من حليف للغرب يركن إليه أثناء الحرب الباردة، إلى مركز قرار رئيس للمشرق كله. في السنوات العشر الأولى لما بعد أوسلو، حاولت القيادة الفلسطينية تعظيم ما اعتقدته إيجابياً في الاتفاق وتقليل ما رأته ضاراً. ولكن النتائج، كما أصبح واضحاً بمرور السنوات، كانت بالغة البؤس، بينما نجحت الدولة العبرية في تحقيق اختراقات جوهرية في صفوف الحركة الوطنية. عندما انفجرت الانتفاضة الأولى، لم يستطع عرفات حتى المحافظة على وحدة قيادته، وعندما حوصر في مقر قيادته ، حوصر وحيداً ورفاقه الاخرون ينتظرون ما ستنجم عنه معركة كسر الإرادات التي كانوا على يقين كامل من نهايتها. نجح الاسرائيليون، بالتحكم الكامل في مصير السلطة، من جهة، وبوسائل الترغيب والقوة والقهر، من جهة أخرى، في ترويض القطاع الأكبر من قيادة الحركة الوطنية، وإعادة فرض إطار أوسلو الإسرائيلي. وهذه الشرائح الفلسطينية المروضة هي التي تولت القيادة منفردة بعد إطاحة عرفات، وتكفلت في مرحلة ما بعد عرفات بترويض القلة القليلة التي ظنت كما عرفات أن شيئاً ما إيجابياً يمكن أن يحصل من عملية السلام التفاوضي.
يعرف الجميع ما هو المقصود من عملية المفاوضات المباشرة؛ فليست ثمة أسرار تخفى على أحد. حكومة نتنياهو تريد تحسين وضعها في لعبة الكراسي الموسيقية السياسية داخل الدولة العبرية، وعلى المستويين الإقليمي والدولي. وواشنطن تريد تحقيق إنجاز ما، بعد أن أصبحت أهدافها أكثر تواضعاً. وكلاهما معاً يرغب في توفير متطلبات الضربة العسكرية للملف النووي الإيراني، في حال أصبح الخيار العسكري ضرورياً. أما على مستوى سلطة الحكم الذاتي، فلن يتغير الكثير.
تدرك قيادة سلطة الحكم الذاتي حقيقة المسؤوليات التي فرضها اتفاق أوسلو؛ وفي الضفة الغربية على الأقل، أثبتت حكومة السلطة منذ الانقسام بين الضفة وقطاع غزة أنها تتعهد هذه المسؤوليات بأقصى ما تستطيع من كفاءة وحزم. ثمة إدارة جيدة لشؤون أهالي الضفة اليومية، بل أن هناك ما يكفي من المؤشرات على أن وضع الضفة الاقتصادي، بمعنى وضع الأهالي وليس الأرض، في تحسن. ومن وقت لآخر يستعرض رئيس حكومة السلطة إنجازات إدارته بتسجيل أرقام جديدة في كتاب أسبقية غينيس الشهير. وقد نجحت أجهزة السلطة الأمنية في الإمساك بالملف الأمني كما ينبغي، بإشراف وعون أمريكيين وتنسسيق دائم مع الإسرائيليين، بحيث لم يعد بإمكان أي من مجموعات المقاومة، ليس تنفيذ أو الإعداد لعمل ما، بل وحتى القيام بنشاطات خيرية أو اجتماعية محضة. الهدف الرئيسي من اتفاق أوسلو تحقق في الضفة الغربية بالفعل، وليس على الدولة العبرية وشركائها في السلطة سوى إحكام الحصار على قطاع غزة، حتى لا يتحول القطاع إلى مصدر تخريب وتهديد لأهداف أوسلو. صحيح أن عملية التطبيع والانتشار الإسرائيلي في المجالين العربي والإسلامي قد تعثرت، ولكن هذه ليست مسؤولية الشريك الفلسطيني على أية حال.
لقد استقر وضع السلطة هذا منذ ما بعد الصدام مع حماس؛ بل أن السعي للوصول إلى مثل هذا الوضع كان السبب الرئيسي في انفجار الصراع على قطاع غزة، ومن ثم خسارة السلطة سيطرتها على القطاع. لا المفاوضات التقريبية، ولا المباشرة المترقبة، ستغير شيئاً من هذا الوضع. تعرف قيادة السلطة مسؤولياتها وتعرف حدودها؛ ولأن طبقة السلطة الحاكمة لا تتصور خسارة الامتيازات البائسة التي يوفرها هذا الوضع الإلحاقي بالدولة العبرية، فلن تقول لا للمفاوضات من أجل المفاوضات، أو المفاوضات من أجل تحسين المناخ الاستراتيجي للسياستين الامريكية والإسرائيلية. وهي بالتأكيد لن تفكر ولو للحظة في خيار حل السلطة والتخلص من وضع الإلحاق المشين. في مرحلتها التي بدأت في منتصف الستينات، وصلت الحركة الوطنية الفلسطينية نهاية الطريق منذ زمن. كل ما في الأمر أن جهة يعتد بها لم تصدر شهادة الوفاة بعد.
(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 19 أوت 2010)
تركيا والغرب.. انفكاك أم تموضع جديد؟
خورشيد دلي – التحول – جدل التحول – اختلاف الأولويات – المصالح والأدوار
ثمة جدل يتعاظم في الغرب عن خيارات تركيا السياسية في عهد حزب العدالة والتنمية, بين من يرى أن تركيا بدأت تنفك بشكل هادئ وتدريجي عن المنظومة الأمنية الغربية وتتجه شرقا بحثا عن هويتها الحضارية الإسلامية، وبين من يرى أن التحول الجاري نتيجة طبيعية فرضتها الظروف والمتغيرات المحلية والإقليمية والدولية, وأن المسألة لن تخرج في النهاية عن تموضع جديد وفقا لهذه الظروف والمتغيرات.
وتحت تأثير هذا الجدل اضطر الرئيس عبد الله غل مؤخرا إلى نفي الاتهامات الموجهة لبلاده بالابتعاد عن الغرب والتقرب إلى العالم الإسلامي, وأشار في مقابلة مع صحيفة « ذي تايمز » البريطانية إلى أن هذه الاتهامات غير مقبولة, معتبرا أنه من الخطأ الفادح تفسير مصالح بلاده في مناطق جغرافية أخرى على أنه قطيعة مع الغرب أو تحول عنه.
التحول
مع وصول حزب العدالة والتنمية إلى سدة الحكم في عام 2002 بدأت تركيا تنتهج سياسة مغايرة لتلك التي اشتهرت بها من التبعية للغرب منذ اعترافها المبكر بإسرائيل عام 1949، ومن ثم انضمامها المبكر أيضا إلى الحلف الأطلسي عام 1952 ودخولها في علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة وإسرائيل مقابل علاقة سلبية مع الدول العربية والإسلامية كثيرا ما اتسمت بالتوتر إلى حد الحرب ولا سيما مع سوريا والعراق على خلفية قضايا المياه والأمن والحدود.
اليوم تبدو الصورة مختلفة تماما, إذ باتت تركيا في صلب الصراع العربي الإسرائيلي, ترسل السفن إلى قطاع غزة وتطالب بكسر الحصار عنه وتستقبل قادة حماس وتصف سياسة إسرائيل بإرهاب الدولة وتطور علاقاتها مع إيران وسوريا مقابل توتر في علاقاتها مع إسرائيل. » في تركيا رأي عام شعبي مناهض للسياسة الأميركية والإسرائيلية وثمة تحولات اجتماعية تأخذ شكل استعادة الهوية الإسلامية بعد عقود من الإقصاء الممنهج لهذه الهوية من قبل المؤسسة العسكرية » وفي الداخل ثمة رأي عام شعبي مناهض للسياسة الأميركية والإسرائيلية وثمة تحولات اجتماعية تأخذ شكل استعادة الهوية الإسلامية بعد عقود من الإقصاء الممنهج لهذه الهوية من قبل المؤسسة العسكرية التي كلفت نفسها بمهمة الحفاظ على أسس الجمهورية التركية, حين عرف حزب العدالة والتنمية كيف يدير المعركة في الداخل مع القوى الكمالية (نسبة إلى مصطفى كمال أتاتورك مؤسس الجمهورية التركية) التي اتخذت من شعار العلمانية أداة لمحاربة القوى السياسية المطالبة بالتغيير, وفي كل هذه التحولات برز حزب العدالة والتنمية الذي ارتبط اسمه برجب طيب أردوغان كقاسم مشترك لما جرى.
جدل التحول
في الواقع, إذا كان التحول في المشهد الداخلي التركي مفهوما في الغرب بحكم تداعيات انهيار الاتحاد السوفياتي السابق فإن ما يثير قلق هذا الغرب هو ازدياد قوة « لا » التركية وتعاظم حجم الندية في السياسة والمواقف.
فمن قول تركيا « لا » لنشر القوات الأميركية على أراضيها في إطار الحرب على العراق عام 2003 إلى قولها « لا » في مجلس الأمن لفرض عقوبات جديدة على إيران, ثمة شرخ عميق بدأ يرسم معالمه في العلاقات بين تركيا وحلفائها في الغرب.
وفي العمق فإن « لا » هذه تبرز تركيا في الغرب وكأنها كمن يقف مع إيران من منطلق أيديولوجي أو كمن يدعم خطط إيران وسياساتها, ولعل ما يشجع مثل هذا التصور هو التوتر الحاصل بين تركيا وإسرائيل بعد أن أصبحت الأولى في صلب الصراع العربي الإسرائيلي في وقت تحس فيه إسرائيل بخسارة إقليمية كبيرة.
في الجدل الجاري, ثمة رؤى مختلفة للتحول التركي وأبعاده وأهدافه على النحو التالي:
1- هناك من يرى أن تركيا تستغل هذا التحول لتعزيز موقعها في العالمين العربي والإسلامي, إذ يرى السفير مارتن إنديك مدير السياسات الخارجية في مركز بروكينغز أن تركيا تريد من سياستها الجديدة في الشرق الأوسط تعزيز نفوذها ودورها دون أن يؤثر ذلك بشكل جوهري على علاقاتها الإستراتيجية مع الغرب لأسباب كثيرة.
2- هناك من يرى أن التحول التركي يتجاوز مسألة تعزيز الدور في الجوار الجغرافي والإقليمي, وهؤلاء يرون أن التحول الجاري يأخذ شكل الانفكاك التدريجي عن الغرب والانسحاب من منظومته الأمنية والسياسية.
وفي نظرهم أن تركيا العدالة والتنمية تعمل لأن تصبح دولة مركزية قائدة في العالم الإسلامي, ومثل هذا الأمر لا يمكن أن يحدث في ظل ارتباطاتها الأطلسية, وما ذهابها إلى تطوير علاقاتها مع إيران عكس ما يريده الغرب، إلا البداية الفعلية للانفكاك عن الأخير ومنظومته الأمنية والسياسية. 3- هناك من يعتقد أن تركيا العدالة والتنمية تتصرف من منطق محض براغماتي, وهؤلاء يرون أن ما يجري لا يأخذ شكل التحول الأيديولوجي بقدر ما يأخذ شكل معالجة الخلل الحاصل في العلاقات خلال المرحلة الماضية، وتحقيق نوع من التوازن في العلاقات والمصالح بعد عقود من التبعية للغرب والتجاهل غير المبرر للدائرة الحضارية الإسلامية التي تبرز كدائرة متخمة بالمصالح والمشاريع والتطلعات الإقليمية والنفوذ والدور. 4- على المستوى الفكري, ثمة قناعة غريبة مفادها أن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما توفر الغطاء الأخلاقي, سواء عن قصد أو دونه لحكومة العدالة والتنمية لجهة إعلان أجندتها الإسلامية من غير حرج، كما يقول قدري غورسيل المعلق السياسي في صحيفة « مللييت » التركية. » « لا » التركية ليست تعبيرا عن الانفكاك من الغرب بقدر ما هي ترجمة عملية لنظرية « صفر مشكلات » مع الجوار الجغرافي، لأن عكس ذلك هنا أي « نعم » تعني انهيار هذه النظرية » وأصحاب هذه القناعة يرون أن وراء هذا الغطاء أجندة كبيرة سواء في تقديم النموذج التركي المعتدل على النموذج الإيراني المتشدد على المستوى المرحلي، ومن ثم وضع تركيا في امتحان مع نفسها على المستوى الإستراتيجي من خلال دفعها إلى تقديم أجوبة عن أسئلة الدولة والنظام والهوية والأقليات والفرد.
5- رؤية البعض في الغرب (تصريحات وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس) بأن الأسلوب المتعالي للاتحاد الأوروبي مع السعي التركي إلى العضوية الأوروبية دفع بتركيا إلى البحث عن شرقيتها, وهي في بحثها هذا اكتشفت أنها دولة كبرى في دائرة حضارية تلقى القبول فيها, مما يعني إمكانية تحولها إلى دولة مركزية قادرة عبر إيجاد سوقها الشرقي أن تتطور وتطور علاقاتها مع أوروبا على قاعدة الندية، بعيدا عن تقديم التنازلات في قبرص وغيرها من الاشتراطات الأوروبية الحساسة للكرامة التركية.
اختلاف الأولويات
في تركيا تبدو الأمور مختلفة عن التقييمات السابقة, فمنظار المصالح والنظر إلى القضايا المثارة من فلسطين إلى العراق وليس انتهاء بأفغانستان، يأخذ شكل اختلاف الأولويات والمصالح, بين النظرة الأميركية التي تتطلع إلى دور تركي في إطار وظيفي يساهم في إنجاح الإستراتيجية الأميركية بخصوص هذه القضايا وبين الموقف التركي الذي ينظر إلى هذه القضايا ويتعامل معها في إطار السعي إلى تحقيق نوع من الاستقرار الإقليمي وسط التطلع إلى القيام بدور مؤثر.
أمام هذا الواقع تبدو تركيا، وتحديدا حكومة حزب العدالة والتنمية أمام امتحان كبير, فهي ترى أن « لا » التركية في لحظات محددة هي تعبير عن تعارض السياسة الأميركية مع المصالح الإستراتيجية التركية.
ففي الحالة العراقية كان هاجس تقسيم العراق وولادة دولة كردية في المنطقة هو السبب, وفي حالة إيران ثمة هواجس مماثلة فضلا عن أن تركيا ستكون من أكبر المتضررين اقتصاديا من العقوبات على إيران بعد أن تطورت العلاقات بين البلدين وعقدت سلسلة اتفاقيات ضخمة في مجالات النفط والغاز والتجارة, وهي اتفاقيات من المقرر أن ترفع حجم التبادل التجاري بينهما خلال السنوات القليلة المقبلة إلى ما يزيد عن عشرين مليار دولار سنويا.
وعليه فإن « لا » التركية هنا ليست تعبيرا عن الانفكاك من الغرب بقدر ما هي ترجمة عملية لنظرية « صفر مشكلات » مع الجوار الجغرافي، لأن عكس ذلك هنا أي « نعم » تعني انهيار هذه النظرية.
بمعنى آخر هي نسف لمقومات الدبلوماسية التركية التي حققت نجاحات ملحوظة على أكثر من مستوى وصعيد في السنوات الأخيرة.
ولعل العتب التركي هنا على الغرب وتحديدا الولايات المتحدة هو أن الأخيرة تستخف بقدرات تركيا وإنجازاتها, كما اتضح ذلك من خلال طريقة تعامل واشنطن مع اتفاق تبادل الوقود النووي مع إيران الذي تم التوصل إليه بوساطة تركية برازيلية مشتركة. » ثمة من يعتقد أن تركيا بدأت تنتهج سياسة مستقلة وندية للغرب، وأنها في النهاية قادرة على حل مشكلاتها بقدراتها الذاتية، وأن تطلعها إلى أن تصبح دولة مركزية مؤثرة سيزيد من قلق الغرب وبالتالي من حتمية الصدام معه » المصالح والأدوار
في الواقع, على الرغم من جاذبية التطلع إلى دولة مركزية قوية منبثقة من جيوسياسة تتسم بالأمجاد التاريخية في حال تركيا فإن للمتغيرات والظروف دورا مهما في تحديد السياسات والمصالح وبالتالي العلاقات الدولية.
فتركيا اليوم تعاني من مشكلات داخلية بنيوية صعبة ومعقدة, سواء تلك المتعلقة بالصراع الخفي العلني بين حزب العدالة والجيش، حيث نسمع بين فترة وأخرى أخبارا عن محاولة اغتيال أردوغان أو الكشف عن مخطط انقلاب عسكري جديد, أو مشكلات من نوع الصراع التركي الكردي الذي يشهد تصعيدا جديدا في هذه الفترة، ويكاد يتحول إلى صراع عرقي بين الأكراد والأتراك في ظل تفجر أعمال العنف بين الجانبين في العديد من المدن.
ومع أن هذه القضايا قضايا تركية داخلية بامتياز فإنه من الواضح أنها ليست بعيدة عن مسار العلاقات مع الخارج, ولا سيما فيما يتعلق بالقضية الكردية, حيث المخاوف التركية تظل دفينة من ولادة دولة كردية في المنطقة تخيم بظلالها على الدولة التركية.
وفي سبيل ذلك تتطلع تركيا إلى دعم أميركي قوي لمنع قيام مثل هذه الدولة والقضاء على معاقل حزب العمال الكردستاني في شمال العراق, وفي السياسة كما نعرف لا شيء بالمجان.
ومن هذه النقطة بالذات برزت نظرية (قنديل مقابل قندهار) بمعنى أن تساعد أميركا تركيا على تصفية معاقل حزب العمال وقادته الذين يتخذون من جبال قنديل قاعدة لهم، مقابل مشاركة تركيا العسكرية في عملية نوعية ضد معاقل طالبان في قندهار الأفغانية.
دون شك، ما سبق يشكل مثالا على إمكانية تبادل الأدوار في بناء المصالح المشتركة والحفاظ على علاقة جيدة على الرغم من اختلاف الأولويات, وإلا كيف يمكن فهم الدعم الأميركي اللامحدود لأكراد العراق مقابل تصنفيها للأحزاب الكردية في تركيا في خانة الإرهاب على الرغم من أن مطالب أكراد تركيا أقل بكثير من مطالب أكراد العراق، وعددهم يزيد عليهم بالضعف.
في الواقع, بغض النظر عن دور تبادل الأدوار والمصالح في الحفاظ على علاقة جيدة بين الدول فإن ثمة من يعتقد أن تركيا بدأت تنتهج سياسة مستقلة وندية للغرب، تعبيرا عن مصالحها وأنها في النهاية قادرة على حل مشكلاتها التركية بقدراتها الذاتية، وأن تطلعها لدولة مركزية مؤثرة كما يسعى قادة العدالة والتنمية سيزيد من قلق الغرب وبالتالي من حتمية الصدام معه.
وهذا هو ما يبقي السؤال مفتوحا، هل التوجه الشرقي لتركيا يعني بالضرورة الابتعاد والانفكاك عن الغرب، أم إيجاد تموضع جديد لهذه العلاقة؟
(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 19 أوت 2010)
تعليق قطع الطريق امام الشاحنات المتوجهة للمدينة حتى نهاية رمضان تصاعد التوتر بين المغرب واسبانيا بعد زيارة اثنار المفاجئة لمدينة مليلية
8/19/2010 مدريد ـ ‘القدس العربي’ ـ من حسين مجدوبي: في الوقت الذي تحاول فيه الرباط ومدريد احتواء الأزمة المترتبة عن اعتداءات الشرطة على مواطنين مغاربة في المعبر الحدودي في مليلية المحتلة، فاجأ رئيس الحكومة الإسبانية السابق خوسيه ماريا أثنار أمس الجميع بزيارة هذه المدينة المتنازع حول سيادتها في مبادرة تم تصنيفها ‘بالخطوة الاستفزازية’. جاء ذلك فيما افادت مصادر متطابقة الاربعاء في مدينة الناظور المجاورة لمليلية الاسبانية في شمال المغرب، ان عملية اغلاق الطريق امام شاحنات البضائع المتوجهة الى مليلية التي قام بها ناشطون مغاربة ‘علقت بالكامل حتى نهاية رمضان’. وقال منعم شوقي مسؤول ‘تنسيقية جمعيات شمال المغرب’ في اتصال هاتفي مع فرانس برس ‘قررنا الاربعاء رفع حظر دخول الشاحنات الى مليلية حتى نهاية رمضان’. واضاف ان ‘هذه التهدئة ستسمح لرجال السياسة في كلا البلدين بمناقشة المشاكل العالقة بين اسبانيا والمغرب’. وسينتقل وزير الداخلية الاسباني الفريدو بيريث روبلكابا الاثنين المقبل الى الرباط ليبحث مع نظيره المغربي الطيب الشرقاوي في هذه الازمة. وتعود وقائع هذه الأزمة التي دخلت شهرها الثاني إلى اعتداءات تعرض لها مغاربة في المعبر الحدودي مليلية مع الأراضي المحتلة، ومن وقتها وناشطون مغاربة يقومون بالاحتجاج ومنع مرور شاحنات الخضر والسمك ومواد البناء بين الفينة والأخرى، وآخرها أمس الأربعاء. في حين تعتبر الطبقة السياسية الإسبانية أن هذه الاحتجاجات تخفي أجندة سياسية تتعلق بضغوطات من طرف الرباط لإجبار مدريد على فتح مفاوضات حول مستقبل مدينتي سبتة ومليلية. وفي الوقت الذي ينتظر فيه الجميع زيارة وزير الداخلية الإسباني ألفريدو روبالكابا الاثنين المقبل للرباط لمعالجة الأزمة مع المسؤولين المغاربة وعلى رأسهم وزير الداخلية الطيب الشرقاوي، وتبذل الرباط ومدريد مساعي جمة لاحتواء هذه الأزمة ومن ضمنها احتجاجات ناشطي المجتمع المدني المغربي، يقوم رئيس الحكومة السابق خوسيه ماريا أثنار بزيارة مفاجئة أمس الأربعاء لمليلية ومن ضمن ذلك زيارته للحدود عند المعبر مع الأراضي المغربية. وصرح أثنار أن زيارته تهدف للدفاع عن سكان مليلية وأجهزتها الأمنية أمام ‘تراخي حكومة مدريد والتحرشات المغربية’، في إشارة إلى احتجاجات ناشطي المجتمع المدني المغربي وما تروجه بعض الصحف الإسبانية من تحرك خفي تدعمه الأجهزة المغربية.وتابع قائلا ‘الأجهزة الأمنية التي تدافع عن حدود مليلية تعرضت للسب والتجريم وهو ما يتعارض مع سياسة قائمة على حسن الجوار’، أي محاولا إبراز عدم احترام المغرب لاتفاقية الصداقة وحسن الجوار. وشكلت زيارة أثنار لمليلية الحديث السياسي والإعلامي الأبرز، حيث تصدر نشرات الأخبار ومواقع الجرائد في شبكة الإنترنت، وقدمه الإعلام اليميني المحافظ بمثابة حامي وحدة اسبانيا. وخلفت زيارة أثنار لمليلية امتعاضا وسط الحكومة الإسبانية، وأكد وزير الأشغال العمومية خوسي بلانكو والرجل الثاني في الحزب الاشتراكي الحاكم أن ‘هذه الزيارة تعتبر بمثابة عدم الولاء لإسبانيا’ وأكد على طابعها الاستفزازي، واتهم الحزب الشعبي المحافظ بعرقلة البحث عن الحل مع المغرب واستغلال هذه الأزمة لأسباب سياسية. ولم يصدر عن المغرب أي رد حتى الآن حول هذه الزيارة، علما أن أثنار يعتبر من السياسيين الذين لا ترتاح لهم الرباط، وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس قد انتقد تطرف أثنار في حوار مع جريدة ‘الباييس’. وكان أثنار وراء أكبر أزمة سياسية بين البلدين خلال الأربعين سنة الأخيرة، ويتعلق الأمر بأزمة جزيرة ثورة في صيف 2002 عندما كادت أن تندلع حرب بين البلدين حول جزيرة صغيرة في مضيق جبل طارق. وحول ردود الفعل المغربية حول هذه الزيارة، صرح مصدر مقرب من الأوساط الحاكمة في الرباط لجريدة ‘القدس العربي’، ‘زيارة أثنار استفزازية بشكل كبير، ستدفع ناشطي المجتمع المدني المغربي لمزيد من التشدد في مطالبهم واحتجاجاتهم، لكن رسميا من الأحسن تجاهل هذه الزيارة واعتبارها تدخلا في إطار السياسة الصبيانية’. وأكد محمد سعيد السوسي منسق الشؤون التنظيمية في ‘اللجنة الوطنية لتحرير سبتة ومليلية والثغور المحتلة’ لجريدة ‘القدس العربي’، ‘نعتبر هذه الزيارة استفزازية من طرف سياسي يميني محافظ تجاوزه الزمن ولن تؤثر في أجندة عملنا نهائيا وكأن أثنار لا يوجد بالنسبة لنا’. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 19 أوت 2010)
إطلاق حملة لدعم ترشيح جمال مبارك رئيسا لمصر يثير تساؤلات حول من يقف وراءها
8/19/2010 القاهرة- أطلقت شخصيات مجهولة على الساحة السياسية المصرية مع بداية شهر اب/ اغسطس الحالي حملة لدعم ترشيح جمال مبارك لخلافة والده حسني مبارك في رئاسة الجمهورية العام المقبل، ما أثار تساؤلات في مصر عن الذين يقفون ورائها. وبدأت الحملة بإعلان ناشط غير معروف يدعى مجدي الكردي عن تأسيس مجموعة أطلق عليها (الحملة الشعبية لدعم جمال مبارك) ووضع ملصقات في عدد من أحياء القاهرة تدعو إلى تأييد ترشيح النجل الأصغر للرئيس المصري في انتخابات الرئاسة العام المقبل. وأعلنت بعد ذلك مجموعات متعددة لا تتضمن أي شخصيات معروفة عن تنظيم حملات في بعض المحافظات وبعض أحياء القاهرة لجمع توقيعات من المواطنين في المنازل وعلى المقاهي لدعم جمال مبارك (47 عاما). وتحت شعار (جمال مبارك .. بداية جديدة لمصر) أطلقت مجموعة من الشباب ترتدي قمصان (تي شيرت) عليها صورة جمال مبارك حملة لجمع التوقيعات في حي منشية ناصر الشعبي في شرق القاهرة. ونفت قيادات الحزب الوطني الحاكم في تصريحات للصحف المصرية أي علاقة لها بهذه الحملة التي يبدو انها قررت استعارة أساليب حملة المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي من أجل اصلاح دستوري وديمقراطي في مصر. ونقلت صحيفة (المصري اليوم) المستقلة الثلاثاء عن ناشطة مجهولة تدعي إجلال سالم ان عضو لجنة السياسات في الحزب الوطني، رجل الاعمال ابراهيم كامل هو ممول هذه الحملة وانه رصد مليوني جنيه مصري لها. غير أن كامل، المقرب من جمال مبارك والذي دعا علنا في تموز/ يوليو الماضي إلى اختياره مرشحا للحزب في انتخابات الرئاسة المقبلة، نفى تماما في بيان أصدره أي علاقة له بهذه الحملة. وحتى الآن، لم يعلن الرئيس حسني مبارك (82 عاما) أو نجله نواياهما بالنسبة للانتخابات المقبلة. ويقول مسؤولو الحزب الوطني إن الوقت مازال مبكرا لاختيار مرشح الحزب في الانتخابات الرئاسية التي يحين موعدها الصيف المقبل وان تركيزهم منصب حاليا على الاعداد لانتخابات مجلس الشعب المقرر اجراؤها قبل نهاية العام. غير أن المحللين يرون أن هذه الحملة يقف وراءها على الارجح رجال اعمال مقربون من نجل الرئيس بغرض تعزيز فرص صعوده الى الرئاسة في حياة والده لان غياب مبارك، الذي اجرى في اذار/ مارس جراحة في المانيا لاستئصال الحوصلة المرارية وزائدة لحمية في الاثني عشر، يضعف حظوظة. وقال استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة مصطفى كامل السيد، اعتقد إن هذه الحملة بدأت بمبادرة من بعض رجال الأعمال الذين يخشون من تدهور الحالة الصحية للرئيس مبارك ويرون انه من الأفضل التعجيل بتولى جمال مبارك الرئاسة في وجود والده لان فرص توليه الرئاسة في حالة غياب والده ستكون محدودة للغاية. وأضاف إن الحزب الوطني لم يجند قواه خلف هذه الحملة التي تدعي انها شعبية حيث مازالت هناك وجهات نظر متعددة داخل الحزب حول مرشح انتخابات الرئاسة المقبلة بدليل انه حتى الان لم تشارك في الحملة شخصية واحدة معروفة أو تتمتع بثقل لدى الرأي العام. وتابع إن رجال الأعمال الذين يدعمون جمال يريدون شخصا يؤيدهم على طول الخط ويرون انه افضل ضامن لمصالحهم الاقتصادية ويخشون ان تتولى الرئاسة شخصية من القوات المسلحة تتبنى سياسيات اقتصادية اكثر اعتدالا ولا تترك لهم كامل الحرية لكي يفعلوا ما يشاؤون. وأكد الخبير بمركز الاهرام للدارسات السياسية والاستراتيجية ضياء رشوان أن هذه الحملة يقف وراءها على الارجح مجموعة من القيادات الوسطى في الحزب الوطني من بينهم بعض رجال الاعمال ولذلك تبرأت منها كافة القيادات الكبيرة للحزب. ويعتقد رشوان أن هذه الحملة موجهة بالاساس إلى الرئيس مبارك لاقناعه بأن جمال مبارك رجل له شعبية ولا خطر من ان يكون مرشحا للرئاسة. واعتبر أن الغرض من هذه الحملة هو توقي احتمالين: الاحتمال الاول ان يعيد الرئيس ترشيح نفسه والاحتمال الثاني غياب الرئيس فجأة وبالتالي غياب أي فرص لجمال مبارك في الصعود إلى الرئاسة. ويرى رشوان أن مبارك هو العقبة الرئيسية أمام التوريث لانه حتى الان لا يوافق (على ترشح نجله للرئاسة). ويضيف إن الرئيس المصري بحكم تركيبته الشخصية رجل حذر وليس انقلابيا وهو أكثر واحد في مصر يعرف معادلة السلطة، لانه جزء من جهاز الدولة ويعرف أن منصب رئيس الجمهورية يخضع لمعادلات داخل مؤسسات الدولة ومن بينها المؤسسة العسكرية التي سيكون لها كلمة في حال حدوث فراغ على رأس السلطة في مصر. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 19 أوت 2010)
أول فضائية عربية تنطلق من جامعة
أحمد فياض-غزة وسط زحام الفضائيات وتعددها ومع ظهور عصر التخصص، أطلقت الجامعة الإسلامية بغزة فضائية جديدة تحمل اسم « الكتاب » على القمر الصناعي نايل سات، لتنضم للفضائيات الفلسطينية التي تزايدت مؤخرا بشكل ملحوظ. ويؤكد رئيس مجلس أمناء الجامعة الإسلامية المهندس جمال الخضري أن إطلاق فضائية الكتاب يعد بمنزلة اختراق للحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة، وإضافة نوعية للتواصل مع العالم الخارجي، وإيصال رسالة الوفاء والبناء والعطاء التي تحملها الجامعة وتسعى لنشرها بين خريجيها. وقال الخضري « سيكون لفضائية الكتاب دور فعال في الحياة الأكاديمية، والعملية البحثية، وخدمة المجتمع والتعليم المستمر، وإفادة أبناء الشعب الفلسطيني والوطن العربي عموما، عبر تقديم برامج تعكس صورة الصمود والثبات للشعب الفلسطيني، وبناء جيل قادر على الثبات في كل الظروف ». الأولى عربيا وبين الخضري للجزبرة نت أن فضائية الكتاب تعد أول تجربة فلسطينية وعربية تنبثق عن جامعة تقع في بؤرة محاصرة دفعت الأوضاع التي تمر بها للإسراع في الشروع بالبث التجريبي تمهيدا للبدء في البث الرسمي لتكون حلقة تواصل بينها وبين العالم. وأضاف أن القناة لن تكون إضافة رقمية للفضائيات بل إضافة نوعية للإعلام ككل، عبر تقديمها للبرامج التعليمية والثقافية والتربوية والدينية والترفيهية والتراثية والتاريخية وبرامج أخرى تتعاطى مع الواقع الفلسطيني وتبرز الإبداعات الطلابية، وسيكون لها دور في التواصل مع الجامعات العربية والدولية والمؤسسات البحثية وجسر تواصل يفتح للفلسطينيين بغزة نافذة للتواصل مع ذويهم بالخارج. وبشأن نسبة مشاهدتها قال الخضري « وصلت الكتاب للكثير من المشاهدين رغم حداثتها في الانطلاق، فلم يمضِ عدة شهور على ظهورها ونحن نلاحظ الأعداد الهائلة التي تهنئنا بإطلاقها من دول عربية وإسلامية عديدة، والسبب في ذلك نقل احتفالات الخريجين وإعادتها مما زاد من نسبة مشاهدتها ». إعلام تخصصي بدوره يقول الأستاذ المشارك بجامعة الأقصى الدكتور أحمد أبو السعيد « إن إطلاق الفضائية يعد إضافة جديدة للتعليم الجامعي وللإعلام الفلسطيني، واستحواذها على هذا القدر من الأهمية يرجع لكونها أول فضائية انبثقت عن جامعة ». وشدد أبو السعيد على ضرورة امتلاك رؤية واضحة بشأن طلبة الإعلام، خاصة أن الجامعة الإسلامية لا يوجد بها كلية للإعلام، فهذه فرصة للطلاب الإعلاميين للتدريب بها وتطبيق ما درسوه، « فهي تفيد طلبة الإعلام والطلبة الجامعيين من خلال بث برامجها وأستوديوهاتها للتدريب والتواصل ». وأكد أن فضائية الكتاب تعد إضافة نوعية جديدة إلى حقل الإعلام التخصصي الأكاديمي، مما يحتم عليها مراعاة مخرجاتها ومضامينها التي ينبغي أن تصب في الجانب الأكاديمي والتعليمي الخالص. ويرى الطالب بكلية الهندسة بالجامعة الإسلامية منتصر عاشور أن انطلاق الفضائية من الجامعة هو بمنزلة انتصار وتقدم لم يسبقه إليها أحد. وأضاف للجزيرة نت أن هذا إنجاز يسجل في تاريخ الإعلام والجامعات الدولية، ويضيف للجامعة معلما تقنيا بارزا، عبر توظيفها للأساليب التكنولوجية الحديثة في التعليم، بما يسهل على الطالب الحصول على المعلومة ويزيد من تفوقه بأقل التكاليف والجهود.
(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 19 أوت 2010)
Home – Accueil – الرئيسية