الخميس، 18 يونيو 2009

 

TUNISNEWS

9 ème année, N 3313 du 18.06 .2009

 archives : www.tunisnews.net


المنظمة الدولية للمهجرين التونسيين:المؤتمر التأسيسي بسويسرا يومي 20 و 21 يونيو2009 : بلاغ إعلامي

سليم بن حميدان :مؤتمر حق العودة : قضية نبيلة وتحامل مؤسف عبدالله الزواري:المنفييون محمد عبد الوهاب :هجرة فاستقالة فعودة فولاء 

بحري العرفاوي :ما اسْمُك يا صابر؟

محفوظ بلدي :أين تونس من كل هذا؟؟؟ رسالة مفتوحة….إلى من يهمه الأمر

الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين :

ختم الترافع في قضية طارق السوسي

السبيل أونلاين :فيديو:إعتداء جبان على سيارة المناضل ومراسل السبيل في تونس زهير مخلوف

عن لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس:البوليس التونسي يشنّ حملة على المحجبات في وسائل النقل

معز الجماعي:بنزرت : إيقاف عضو مكتب الشباب الديمقراطي التقدمي « حمزة بولعابي »

أساتذة المعهد العالي للغات : بيان

 

النقابة المستقلة لأساتذة المعهد العالي للغات  بتونس: بيــــــــــان

طالب بسنة الرابعة رياضيات بكلية العلوم صفاقس :نداء لكل شريف من أساتذتنا بالتعليم العالي

موقع الاستاذ نجيب الشابي :أحمد نجيب الشابي في واشنطن:لقاءات مكثفة مع السياسيين والمجتمع المدني

الاينوبلي في حوار شامل لـ »السياسيّة

البديـل عاجل:نظام بن علي لا يقبل وجود جمعيات ومنظمات مستقلة والحلّ في التكتل ضد الاستبداد

البديـل عاجل:قراءة في التّقرير السّنوي للنّقابة الوطنيّة للصّحافيّين التّونسيّين

جريدة « الصباح »:النظام الداخلي وتركيبة الهيئة العليا لحقوق الإنسان

الحبيب الشابي عضو المكتب التنفيذي لنقابة الصحفيين التونسيين لـ »الصباح »:  «استقالتي من المكتب التنفيذي واردة جدا»

بدر السلام الطرابلسي:رحيل عم خميس- المولدي زليلة..قرن من النضال من أجل الشغيلة والشعب

جريدة « الصباح »:كي لا ننسى مائوية المناضل الشهيد الحبيب ثامر

البديـل عاجل: »اللاقمي » في قفص الاتهام :الحلول الأمنيّة وحدها لن تضع حدّا للمخدّرات والعنف

البديـل عاجل:مراقبة الأنترنيت جزء من وضع الصّحافة في بلادنا

خالد الكريشي :الحرية أولا وأخيرا :حدود الأوهام وأوهام الحدود

البديـل عاجل:الفلاحة في « تونس الخضراء »… من يزرع الشّوك يجني الجراح!

جريدة « الصباح »:إيران أو أوهام انتظار البرتقال…!!

وكالة رويترز للأنباء:تقرير: كمين للمتمردين يقتل 24 من قوات الأمن الجزائرية

صبحي غندور:مسؤولية السلطة الفلسطينية والحكومات العربية


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


التقارير الشهرية لمنظمة « حرية وإنصاف » حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس  جانفي 2009:https://www.tunisnews.net/17fevrier09a.htm         فيفري 2009:https://www.tunisnews.net/15Mars09a.htm  مارس 2009:https://www.tunisnews.net/08avril09a.htm            أفريل 2009:https://www.tunisnews.net/15Mai09a.htm ماي 2009:https://www.tunisnews.net/15Juin09a.htm
 

قائمة الموقعين على مبادرة حق العودة  http://www.manfiyoun.net/list.html الرجاء من المقتنعين بهذه المبادرة إرسال الاسم وبلد الإقامة وسنة الخروج من تونس على البريد الالكتروني للمبادرة:
 


مؤتمر حق العودة : قضية نبيلة وتحامل مؤسف ردا على مقال الأستاذ مصطفى عبد الله ونيسي « أبسم حقوق الإنسان، يستثنى الإنسان »  

سليم بن حميدان   قبل يومين على موعد انعقاد مؤتمر حق العودة للمهجرين التونسيين حبر الأستاذ مصطفى ونيسي مقالا في الموضوع آخذ فيه على أصحاب المبادرة ما يستوجب الرد والتوضيح.   بادئ ذي بدء، أريد شكر الأستاذ على اهتمامه بالموضوع وإبدائه رغبة الإسهام في تأسيس مثل هذا العمل « النضالي » وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على أصالة معدن الرجل ووفائه من جهة وعلى نبل قضيتنا وشرف الانتماء لها ونصرة أصحابها من جهة أخرى.   لا يتسع الوقت، ونحن في خضم الإعداد للحدث، لطرح كل القضايا والتساؤلات التي يثيرها المقال ولكن المسؤولية تقتضي منا تناول بعضها رفعا للالتباس واجتنابا لكثير من الظن أو لبعضه ابتغاء الصدق مع الضمير أولا ومع النصير ثانيا ومع الغريم أخيرا.   1- لقد انطلق الأستاذ في مقاله من مقدمة خاطئة فحواها أننا تعرضنا  » لضغوط ظاهرة و خفية أثناء إعدادكم لمثل هذا الحدث لتستبعدوا صنفا من المناضلين من المساهمة في تأسيس مثل هذا العمل وحرمانهم من ذلك لاعتبارات واهية ما أنزل الله بها من سلطان، فهم  لم يرتكبوا ذنبا أو معصية، ولكنهم اختلفوا مع المتحزبين منكم والإقصائيين في تقدير موقف واضح مما أصبح يعرف ( بحق العودة )،فركنتم إليهم،أي المتحزبين، وانحرفتم بالتالي ومنذ الوهلة الأولى وقبل التأسيس أصلا، بمنظمتكم عن الدور الذي يجب أن تلعبه وتؤديه ».   للأمانة أقول بأن الضغوط الظاهرة والخفية التي مارسها المتحزبون (والمقصود عندكم، في رأيي، هو بعض قيادات حركة النهضة من الموقعين على المبادرة) تمثلت في توجسهم من انزلاق المبادرة إلى متاهات الحلول الأمنية والسياسية المغشوشة وحرصهم على توجيه بوصلة المبادرة بما يخدم قضية الحريات والمواطنة الحقيقية ويشحذ روح المبدئية والصمود والكرامة.   وفي تاريخ التأسيس لهذه المبادرة ما يغني عن الظنون والفرضيات إذ تنادى لها ثلة من المناضلين الذين لا تربطهم بتلك القيادات إلا وشائج من أخوة وطنية خالصة وأسلاك محنة تهجير فظيعة تغلي في دمائنا جميعا حنينا إلى وطن عزيز حرمنا الاستبداد منه سنين طوالا بل عقودا قاربت في حقك الثلاث.   أما فيما يتعلق بمسألة الإقصاء فلست أعلم لها أصلا في مبادرتنا حيث فتحنا الباب مشرعا للتوقيع عليها والانسحاب منها، لمن يرى نفسه معنيا بها، إيمانا منا بأن الحق يعلو ولا يعلى عليه وأن المنافحة عنه واجب أخلاقي وسياسي وشرعي لا يحتاج توسلا أو مصادقة من أحد.   لقد كان هدفنا من المبادرة، ولا يزال، هو التعريف بمظلمة التهجير ووضع حد لمعاناة ضحاياها دون ثمن من حرية أو كرامة. فلا يعقل والحال هذه أن يكون هناك إقصاء بل تجميع وتأليف وتعاون على بر رفعها سبيلا لاسترداد حقوق المواطنة كاملة حتى لا يضام في أرض الخضراء أحد.   والرأي عندي هو أن ينفتح جهد النضال، مع قيام المنظمة، على كل صاحب ضمير في تونس والعالم، وأحسبك منهم، من أجل تحقيق عودة آمنة وكريمة لكل المهجرين التونسيين دون استثناء وبغير قيد أو شرط.   ثانيا- لقد جانبت الحق وظننت ظن السوء بالمبادرة والقائمين عليها لما ادعيت تمويلها من المال العام بقولك : « لا شك أن تنظيم مؤتمر في سويسرا بهذا الحجم، يُستدعى له الضيوف و النواب و المؤتمرون من القارات الخمس كما قلتم يتطلب أموالا هائلة وإمكانيات ضخمة لا يقدر عليها إلا المتصرفون في  المال العام ، وهؤلاء بطبيعة الحال مؤتمنون على هذا المال ولا يريدون أن يفسد عليهم عُرسهم الحقوقي أحد ٌ  خالفهم الرأي والاجتهاد ».   فهذا غير صحيح مطلقا لأن تمويل المؤتمر تم بالمال الخاص وبمساهمة المؤتمرين (أي الموقعين على المبادرة) الذين تكبدوا فرادى، وبإمكانياتهم المتواضعة، حتى مصاريف سفر وإقامة بعض الضيوف الذين لبوا نداء النصرة.   إنها محطة نضالية فريدة حتى في ظروف انعقادها، عددا وعدة وعطاء، إذ لا أعلم لها مثيلا في تاريخ بلادنا حتى زمن الاستعمار الفرنسي.   وعلى فرض تمويلها من المال العام الذي ادعيت (والمقصود هنا مال حركة النهضة) فهي ليست سبة ولا نقيصة بل هو عطاء محمود يفترض أن تتنادى له الأحزاب ويهب له كل أحرار البلاد فالمال قوام الأعمال وتخلفه غالبا سبب من أسباب التعثر والإخفاق فلا ينبغي أن يصدنا عنه إلا مصدر مشبوه يدرك شعبنا يقينا أننا منه براء.   لقد انطلقت من هذا الظن الخاطئ لتصل إلى نتيجة (خاطئة طبعا) مفادها حسب قولك « وقوعنا أجراء ورهائن عند أصحاب السلطان والمال لا نملك حولا ولا قوة » (بتصرف)   إنك تعلم جيدا أن طلائع هذه المبادرة هم من فئة الرجال الذين تستعصى ذممهم على البيع والشراء فلا يرتهنون لأي جهة عدا ضمائرهم وأفكارهم. ولكنها تهمة قديمة جديدة يلقى بها جزافا لتشويه النضال عبر الطعن في مصادره والتشكيك في أهدافه والتهوين من إنجازاته، فحذار منها.   أخيرا وليس آخرا، أود إبداء رأيي فيما يسمى بتعدد المقاربات أو الطريق الآخر في مسألة العودة كخلفية في طرح القضية.   بعض الأصدقاء، من ضحايا التهجير طبعا، يرى في مبادرات العودة الفردية خيانة ونكوصا عن خط النضال ومقاومة الاستبداد لارتباطها، جلها إن لم يكن كلها، بإعلانات الاستقالة الحزبية والبراءة من التاريخ ورفاق الدرب ناهيك عن تزييف الحقائق سواء بتنسيب فضائع الاستبداد أو السكوت عن جرائمه مطلقا.   البعض الآخر يرى في تلك المبادرات بعض النفع كونها حركت فعلا المياه الراكدة (والعبارة لكم) ولكن « إثمها أكبر من نفعها » إذ أوهنت عزائم وأوغرت صدورا وأطالت للظلم أنفاسا لولا صمود رجال أشاوس، داخل البلاد وخارجها، آمنوا يقينا بأن الصبح قريب وأن دوام الحال من المحال.   فريق ثالث، وكاتب المقال منهم، لا ينظر إلى الآلام والخسائر التي سببتها تلك المبادرات، تثبيطا للصامدين على درب النضال وانتصارا للظالم بالتسليم له في ظلمه، بقدر ما يهمه المستقبل وأهمية استعادة، لا استعداء، أصحابها رصيدا ينبغي إعادة استثماره في معركتنا الحضارية ضد الاستبداد كتجل للصهيونية وحليف لقوى الشر العالمية المتربصة بأمتنا العربية والإسلامية.   ورغم هذا التباين في تقدير المصالح، بمعيار الكسب في مسيرتنا الوطنية نحو الحرية والديمقراطية، وأسفنا على رجال غادروا حلبة الصراع باكرا بعد أن أعياهم اليأس والحنين وبعض من جفاء ذوي القربى، فإن التدارك يبقى ممكنا وباب النضال الشريف مفتوحا بأن نتعاون فيما نتفق فيه وأن يعذر بعضنا بعضا فيما نختلف حوله شرط التزام الحق وعدم الركون للظالم مهما بلغت سطوته أو علا سوطه.   لا ينبغي أن تكون خلافاتنا السياسية ونزاعاتنا الحزبية ونرجسياتنا الفردية إلا جزئيات وفواصل بسيطة في سجل الحرب الحضارية الكبرى التي نخوض، في تونس، إحدى فصولها حلقة مع معارك أهلنا في غزة ولبنان والعراق.   ذلك هو السجل الحقيقي الذي يجدر أن تحبر فيه أعمالنا وليس السجل الذهبي لمبادرتنا، نحن المهجرين التونسيين، إلا صفحة مشرقة فيه بإذن الله.  

بسم الله المنفييون

 


ماذا عساي أن أقول إلى أحبة فرقت بيننا عصا الجلاد و قضبان سجونه و مقاصل ابتدعها زيادة في التشفي و إمعان في العقاب,,, ما ذا عساي أن أقول أفضل مما ذكره العباس بن أحنف في شأن أحبته؟؟؟ …   و من عجب أني أحن إليــــــــــهم     و أسأل عنهم من لقيت و هم معي و تشتاقهم عيني و هم في سوادها     و يشتاقهم قلبي و هم بين أضلعي   نعم فرقت بيننا المواطن لكن لم تفرق بيننا المواقع… فكان كل منا على ثغرة يسعى أن لا يخذل منها إخوانه سواء من ارتقى إلى عليين أو من لا يزال يكدح عساه قريبا يظفر بما حدث به نفسه في لحظة إيمان متأجج و انعتاق من شوائب الدنيا و أسبابها.. كان لسان حالنا ذات يوم يردد:   غير أن الفتى يلاقي المنايا       كالحات.. و لا يلاقي الهوانا   و أي هوان أتعس من أن يعيش الإنسان دون مقومات إنسانيته… دون أن يخفق فؤاده حبا لقيم نبيلة ترتقي به في سلم الكمال بعد أن نأت به عن مهاوي الحيوانية الآسنة… ارتضى بعضنا لنفسه السجون و المعتقلات و فضاءات التشفي و الانتقام و الحقد الأعمى….فأقبل عليه طيبة نفسه.. و ابتلي آخرون بالهجرة و مفارقة الأوطان طيبة بها أنفسهم اعتقادا منا جميعا أن إنسانيتنا تستحق مثل هذه الضريبة و أكثر و يهون في سبيلها كل شيء…  و رددنا معا في تحد للذين تألهوا في الأرض و دعوا الناس إلى السجود لهم    شردوا أخيارها بحرا و برا     و اقتلوا أحرارها حرا فحرا إنما الصالح يبقى صــــالحا     آخر الدهر ة يبقى الشر شرا كسروا الأقلام، هل تكسيرها     يمنه الأيدي أن تنقش صخرا قطعوا الأيدي، هل تقطيعها      يمنع الأعين أن تنظر شزرا أطفئوا الأعين، هل أطفاؤها      يمنع الأنفاس أن تصعد زفرا أخمدوا الأنفاس، هذا جهدكم,   و به منجاتنا منكم … فشكرا     و تدور عجلة الزمان… و تمر السنون .. و يخال البعض أن عروش الطغاة تزداد رسوخا   و ثباتا… و يذكر المرء مراتع الصبا و شيوخ الحي أو القرية و ساحات النضال… فتحن النفس إلى تلك البقاع و في هذا الحنين بعض مما ذكره ابن الرومي:   و حبب أوطان الرجال إليهم      مآرب قضاها الشباب هنالك إذا ذكروا أوطانهم ذكرتهم        عهود الصبا فيها فحنوا لذلك   لحظات عديدة تكون حاسمة في تاريخ الأفراد كذا المجتمعات….لعل منها تلك اللحظة التي اتخذ بعضنا قرار مصاولة الظلم و الاستبداد…  و لكل رجال… رجال رضوا لأنفسهم الرضى بالهوان فسخروها في خدمة أعداء إنسانية الإنسان بعد أن تخلوا عن إنسانيتهم فتراهم يسعون بالليل و النهار ليتخلى غيرهم عما يميزهم عن بقية الكائنات، ليستوي الجميع في حضيض العبودية و الرق و الضياع… أنتم يا من خرجتم من بلدكم سالكين شعابا وعرة في الجبال و الفيافي متلطفين كي لا يظهر عليكم الطغاة و الجبابرة فيرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم و لن تفلحوا بعدها… خرجتم انتصارا للحرية و فرارا من الاستبداد… انتصارا للحرية في أقدس معانيها و أسماها         و فرارا من الاستبداد في أتعس أشكاله و أكثرها بؤسا… و النصر إنما هو صبر ساعة…  أنتم يا من رحلتم بغية للمكارم… نحن يا من رحلنا بغية المكارم… هل يليق بنا أن نقعد بل أن نعود مكتفين بالطعام والكساء وقد زينت لنا البشاعة و البؤس فارتاحت أنفس للعودة لأرض جدباء قاحلة، قاعا صفصفا لا عوج فيها و لا أمتا، لا حياة فيها و لا حياء و منذ قديم حفظنا  » إذا لم تستح فاصنع ما شئت »… إن مؤتمركم هذا بداية الرحلة نحو المكارم… و ككل رحلة لا بد لها من زاد… و من زادكم صبركم، صبرنا على بعضنا بعضا… و خفض جناح بعضنا لبعضنا… فمعا نخط صفحة أخرى من صفحات رسم وفاة الاستبداد و الاستعباد لنعيش أحرارا في بلد لم يبلغ من دركات التردي ما بلغه بعد أن هجرتم منه بغيا وعدوانا…   و إلى لقاء قريب في بلد يحن إليكم حنينكم إليه..   و السلام   عبدالله الزواري    

هجرة فاستقالة فعودة فولاء


محمد عبد الوهاب هجرة كلما إقترب فصل الصيف إلا و يعود الحديث عن العودة و لم تشذ هده السنة عن غيرها, إلا أن الملاحظ هذه المرة هو أن الأمن التونسي هو الذي بادر بذلك أقول هذا إقتناعا مني أن المقالات التي كتبها الصحبي العمري تكتب له من طرف البوليس السياسي ويوقع عليها الصحبي فقط كذلك مقالات الذى سمى نفسه حاتم كريشان و في بعض القرآءات حاكم كريشان.  هذه البداية تدل على أن الأمن التونسي قلق جدا من مبادرة المنفيين و خاصة من التحركات التي يخططون للقيام بها والتي من شأنها أن تنغص على العرس الإنتخابي. و أريد بهذه المناسبة أن أجمع شهادات لمنفيين منهم من سوى وضعيته و زار تونس و منهم من ينتظر, منهم من تحصل على جواز السفر و منهم من رفض مطلبه أو هو ينتظر. المنفيون المشار إليهم أعلاه كلهم غاب عن تونس مدة تفوق الخمسة عشرة سنة قدموا مطالبهم للحصول على جواز السفر منهم من حصل على الجواز بعد شهر واحد بتدخلات و منهم من ينتظر أكثر من أربع سنوات  أغلبهم فر من الملاحقة الأمنية في بداية التسعينات.  استقالة الذين تحصلوا على جواز السفر هم من الذين أقنعوا الأمن التونسي أنهم لم يعد لهم أي علاقة بحركة النهضة و يكون ذلك بعد فترة جس النبض قد تطول إلى سنوات قد يكتب فيها الشخص رسالة توضيحية يعبر فيها  عن توبته أو إنسلاخه من حركة النهضة أو حتى معاداته لها. في فترة الإنتظار يتكتم الشخص عن سعيه هذا و يلاحظ عليه الإنقطاع عن التردد على « الأماكن المشبوهة » مثل المساجد أو جمعيات لها علاقة بالمعارضة,  بعضهم كانت له لحية طويلة أصبحت قصيرة تمحى بالممحاة ولا تعلم بحصوله على جواز السفر إلا ليلة سفره إلى تونس. قبل الحديث عن السفارات و العاملين بها يجدر التذكير بأن تونس دولة بوليسية تحكمها مؤسسة واحدة لا شريك لها هي مِؤسسة الأمن الداخلي عبر عن ذلك أحد السفراء أحسن تعبير حينما قال » الوزراء و السفراء هم شلايك في ساقين الأمن الداخلي » . في السفارة يقع استقبالك بطريقة عادية تقدم مطلبك ثم تنتظر. في فترة الإنتظار يكون جوابهم كالآتي: عليك بالصبر فالعملية تأخد وقتا طويلا. ما زال لم يأتنا رد حين يأتينا جواب نحن نتصل بك. يا أخي نحن في حرج شديد لا ندري كيف نجيبك و كم وددنا أن تتحصل على جوازك لكن الأمر ليس بأيدينا.  نحن تابعون لوزارة الخارجية و القرار بيد الأمن. هل تتصور أن السفارة لها نفوذ أو شي مثل هذا؟ نحن مثلكم لا نعلم لماذا لم يجيبوك حتى نحن لا يعلموننا بذلك.  أخي نحن مواطنون مثلكم رضي عنا الأمن التونسي فبعثونا لمدة قصيرة ندبروا فيها روسنا كثير منا لو يجد فرصة للبقاء لن يفوتها. يمكن جمع المطالب في القائمة التالية يطلب من الشخص بعضها أو جلها كل حسب حالته: – كتابة رسالة توضيحية لماذا لم تعد إلى تونس طوال هذه الفترة. – كتابة رسائل طلب عفو و تعبير عن التوبة باسم رئيس الدولة و وزيري الداخلية و العدل. – الإمضاء على بيان الأزهر العبعاب )هكذا يسمونه. – كتابة نص تنديد بقيادة حركة النهضة و التعبير عن الأنسلاخ منها و يا حبذا لو تنشر ذلك في تونس نيوز و بعد نشرها ترسل لهم نسخة بالفاكس و إذا رفضت تونس نيوز النشر يكتفون حتى بنسخة ترسل إلى جريدة في الحي. تجدر الإشارة إلى أنه لا يشفع لك كل ذلك فمهما لبيت من طلبات لا تضمن الحصول على الجواز و لا أدل على ذلك من أن العديد من الذين وقعوا عل بيان العبعاب لا يزالون ينتظرون إلى الأن . عودة فجأة يهاتفك صديق لك يعلمك أنه غدا مسافر إلى تونس أو تسمع من صديق آخر أن فلانا غدا مسافر و في أفضل الحلات يعلن إلى العامة أنه سيعود عن قريب. أغلب الذين عادوا يدهم على قلوبهم حتى يعودون. هم أكثر الناس ترددا على التوالات على متن الباخرة أو الطائرة. في المطار يسلم العائد إستدعاءا للتحقيق في وزارة الداخلية أو يأخذ مباشرة. التحقيق: أغلب الذين يستجوبون هم أصغر سنا من العائدين مؤدبون في كلامهم يعطوك إنطباعا أن الأسئلة التي تلقى عليك هي روتينية فقط لغلق الملف: الهدف الرئيسي هو معرفة من مازال ينشط في المعارضة و من تخلى عن ذلك وهذه بعض أسئلتهم: نحن نعلم عنكم كل شيء. نحن نعلم أنك كنت من النهضة لكن الي فات مات المهم الحاضر. هل تعرف فلان ؟ و فلان؟ وفلان ما علاقتك به؟ ماذا يفعل الآن؟ أين يسكن؟  فلان هل يريد أن يعود هو أيضا؟ قل لهم بإمكانهم أن  يقدموا طلبا لجواز السفر و يعودوا شجعهم على ذلك. حضرت حفل زفاف إبنة النهضوي فلان. أخذت راشد الغنوشي معك في سيارة التاكسي متاعك. إجتمعتم في بيت فلان بمناسبة كذا هل تذكر من كان معكم؟ أنت تعمل في الجمعية الفلانية من معك في الإدارة ؟ حتى جنسيات أخرى أكتبها , نحن نتعاون مع الدول الشقيقة. أنت شاركت في مظاهرة أمام السفارة لماذا؟ 
جمعت أموال من دولة خليجية. نحن نعلم أن النهضة قد إنتهت و ما بقي إلا بعض الجثث في الخارج. سوف ترى أن تونس قد تغيرت كثيرا . ولاء في نهاية التحقيق يعرض على  بعض العائدين التعاون مع الأمن و تتمثل المهمة في الإخبار عن المعارضين : إخدم بلادك. شجع الفريق القومي عاد. (أهوكة الجماعة غادي العام الجاي تجينا و تحكيلنا عليهم.) قد يعرض على بعض العائدين أن يتعامل مع الأمن قبل العودة وهذه مهمة لا تطلبها كل السفارات خاصة التي لا تملك مسؤلا أمنيا كبيرا في هذه الحالة يحال الشخص على بوليس موظف بسفارة تونس ببلجيكا, يبدو أن له صلاحيات كبيرة. إما أن تتخاطب معه بالهاتف أو تزوره في بلجيكا فيعرض عليك من جملة عروضه أن تصبح عميلا للمخابرات و من بعد ذلك يبدء في إعطاء المهام و المتابعة عبر الهاتف.  يدفع الشخص حسب قاعدة » الرجل و بلاؤه ») فمن كان معارضا معروفا يكتب مقلات أو تصريحات تندد برموز كالغنوشي و المرزوقي هذا بالمسبق أو عند عودته من تونس يكتب مقالا ملمعا لصورة النظام كأن يقص علينا جلوسه في تونس و هو يرشم 🙁 متحجبة / غير متحجبة ) أو أن تونس ليست ألبانيا و الأمثلة كثيرة و هي مقالات « يحبذها الزمزمي » . انطباعات العائدين: يكذب عليك من يقول لك أنه لم يطرحوا عليه فكرة التعاون الأمني معهم. من منا دخل الى وزارة الداخلية مرفوع الرأس؟
تونس تغيرت كثيرا. وجدت نفسي مثل أصحاب الكهف. النهضة إنتهت و الغنوشي الأفضل له أن يحل ما تبقى في الخارج. القريب الذي تذخل لي و هو واصل في التجمع و يقابل الرئيس أكد أن بن علي رجل يريد الخير لكنه لا يستطع التحرك الذين حوله خانونقون له حينما يخلو بنفسه يبكي لأنه لا يستطيع أن يفعل شيئا. أصلي في مسجد الحي الذي إعتدت الصلاة فيه قبل الهجرة لم يعرفني أحد الطل يحسبونني عابر سبنل من مدينة بعيدة. بصراحة البولسية الذين حققوا معي متربين لما طال التحقيق إشتروا لي كسكروت و ماء صافية باردة على حسابهم. رأيت فلان من القيادات الذين خرجوا السنة الفارطة من السجن قال لي أخي هذا فلان لما رأيته خارجا من البلدية إنتابني شعورغريب فهو من أعز أصدقائي لم يعرفني مررت و لم أسلم عليه. لم ألتق بالأخوة حتى لا أحرجهم و لا يحرجوني. شخت في البحر و الحوت المشوي و الله نعمة من عند ربي. أمي أغمي عليها لما رأتني. الناس بكلهم أمنيتهم الهجرة من تونس. التقى أحد العائدين بأحد المنفيين المعروف بنشاطه المعارض كان ذالك في موكب تشييع جنازة خاشع  فاذا بالعائد يطلب العفو من المنفي على ما قدم من معلومات اثر التحقيق معه أثناء عودته. بعد هذا العرض يسهل فهم نداءات البوليس التونسي عبر الصحبي العمري بالتقدم بمطالب للحصول على جوازات السفر: ان الهدف من ذلك ليس تسوية الوضعية كما يدعون ولكن هو بالأساس: ـ تحييد أكبر عدد ممكن من المنفيين – تجنبد البعض منهم

في الأخير أرجو ممن يملك شهادات مماثلة ألا يبخل بنشرها.

 


ما اسْمُك يا صابر؟

 


مشاركة شعرية، في الحوار الدائر بين المُهجّرين التونسيين حول موضوع العودة للوطن، وكذلك بمناسبة المؤتمر الذي ستنظمه مبادرة منفيون في جنيف في الأيام القادمة كتبها صديقنا الشاعر التونسي المتميز الأستاذ البحري العرفاوي عبّر فيها عن رأيه في الغربة وعن هموم المُهجّرين ومعناتهم لبعدهم عن وطنتهم. وقد توجه في قصيده لصديق له، كثيرا ما تحاورا حول « العودة » فاتفقا على الحاجة إليها واختلفا على ظروف تنزيلها. خاطب الشاعر صديقة وخاطب من ورائه كل المهجرين الصابرين. فشكرا لشاعرنا البحري على نبضات قلبه الصادقة ومشاعره الجياشة.  (صابر التونسي)   ما اسْمُك يا صابر؟ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ                                 1   ما اسمُك يا صابرْ؟ هل تعرفُ نفسكَ حقا هل تذكرُ إسمك أم أنت تكابرْ؟ إسمك عنوانٌ إسمك نبضٌ وزمانٌ إسمك ذاكرة ٌودفاترْ إسمُكَ رعْشة أمك يا صابرْ  ……………………….. أعرف أنك من تونسَ لكن هل عندك رقمُ جواز…  لتعودَ وتسافرْ؟ من منكمْ صابرْ عفوًا من منكم لا يُدْعَى في الغرْبةِ صابرْ؟! من منكم لم يترك إسمهُ  في غصّة أهله ويُهاجرْ؟! من منكمْ لم تدمعْ عيناهُ مراتٍ؟ من منكم لم يكتب بالحزن دفاترْ؟ ………………………………                                                        2 ما اسمُك يا صابرْ؟ ما اسمُ صَبَاحَاتكَ في الغربةِ ما اسْمُ الغرْبةِ… ما اسْمُ دُموعكَ تتهامرْ؟ إذ تصحو تحسبُ أنكَ في وطنٍ آهٍ… آهٍ.. هذا رمادُ العُمْرِ في الغربة يتناثرْ !! ……………………….. صابرْ……….. ما اسْمُك يا صابرْ ؟ هل تشعُرُ أنك أنت ؟  أنك مملوءٌ… مسكونٌ ومُسافرْ؟ هل عندك في « الغرْبِ » جناحانِ… وأظافرْ ؟ هلْ عندك في « الغربِ » وفي »الشرقِ » وفي نومك حتى…. هلْ عندك « أمٌّ » تفركُ طينك حُبّا وتحاذرْ ؟ أمّك .. أمّك ..أمّكَ.. تهتفُ بالشوق وتجاهرْ أمّك يا صابرْ تفرك كل صباح … عينيها تتأملُ صورتك الأولى… هل تذكرُ صورتك الأولى هل تذكرُ لوح الكُتابِ هلْ تذكرُ ريشة حِبْرِكَ هل تذكُرُ صوْت وخطّ مُعلمك يا صابرْ ؟ وعصـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاهُ!! وبقايا طباشيرٍ…. ونشيدا… وحروفا ورُسوما…. ودفاترْ؟                                                  3 هل تذكرُ ألعابَك ..أترابَكَ ..أفكارًا ومشاعرْ؟ صوْتَ الجارِ وبابَ الـــدّارِ ورَوائحَ وطعُومًا شتى… وخمائرْ وصهيلَ خيولٍ وغبارًا… وعراكا …وحراكا….. وتشاجرْ؟ تذكرُ تذكرُ تذكُرُ…أنك كنت صغيرًا وشجاعًا وتغامرْ تذكُرُ أنك كنت ترتلُ آياتٍ… كنت تغالبُ شهوتكَ … تصبرُ وتصابرْ تذكرُ أهلا وأحِبّهْ يأتونكَ في النزلةِ والحُمّى يأتونك في الفرْحةِ ..في الحُزنِ وفي الهِمّهْ يأتونك يا صابرْ ويُحبّون حديثك… وحديث الساعة وبشائرْ والساعة في الأهل صفاءٌ ودُعاءٌ وسرائرْ ………………………….. ما اسمُك يا صابرْ؟! ما اسمُ الغربةِ في غير التربةِ ما اسمُ الوجع الثائرْ؟ ما اسْمُ أناسِكَ وطعامِك ولباسك؟ ما اسمُ رئيسك؟ ما اسمُ رئيسك؟ ما اسمُ الدولةِ من غير جواز!! ما اسمُ الوطن النافرْ!! ……………………………                                                          4 وطنيّ أنتَ وطنيٌّ وأبيّ ٌ ووفيّ ٌ ومُجاهرْ خدعتكَ « العَجَلهْ  » خدعتك « الردّة « … وخطابٌ ماكرْ!! خدعُوكَ غدروا وجهكَ…باعُوكَ شهدَ البائعُ والخائنُ والتاجرْ شهدَ الخائف والراجف والسّاكرْ شهد الكاتب والخاطب والناثرْ شهدوا…شهدوا………في الظلمةِ ……………………. في وادٍ ماكرْ وتنادوا وتداعوا لمؤامرةٍ كبرى لمؤامرةٍ أخرى لمؤامرةٍ أكبرَ من قلبكَ من صبركَ يا صابرْ ………………………………….. لليل جفونٌ وستائرْ لليل عيونٌ وعساكرْ لكنك تحلمُ بالعودة يا صابرْ وتقاومُ ضعفك وتكابرْ ضعفَ حنينك ودبيبِ الوطن في دمّكَ هادِرْ وطني وطني تحلفُ إنكَ مظلومٌ إنكَ مهمومٌ… بالشوق وبالدولةِ … والآخرْ!! يا الآخرُ! يا الآخرُ!  ! يا الآخرْ لست الدولة َ، لست الأمة ، لست الشعبَ                                                 5 ولست القدرَ القاهرْ يا الآخرُ .. يا الآخرُ… يا الآخرْ هل أسْتأذنك في العودةِ ؟ هلْ أسألُ عن وطني                               سُيّاحًا ورياحًا ودوائرْ؟ هلْ أنسى؟ هلْ أشطبُ خارطة؟  هلْ أمحو تاريخا ؟ هلْ أقفلُ قلبي …أخنق حُبي … أتشرّدُ وأقامرْ؟! يا الآخرُ يا الآخرُ يا الآخرْ هلْ كان الوطنُ أرْحبَ؟ هل كنت سعيدًا… بدُموعٍ وجراحٍ وتآمُرْ ؟ هلْ كان الوطنُ أكبرَ ؟ هل تكبرُ يا وطني…. إذ أصغرُ  أوْ أني أتصاغرْ ؟ ……………………………….   إسْمُك يا صابرُ ماءٌ إسمُك شوقٌ ونداءٌ إسْمُك أسْماءٌ ..ألقابٌ شتى إسمك أطلالٌ وجبالٌ وتلالٌ إسمك أطفالٌ وخيالٌ وجمالٌ إسْمُك أسْمى وسماؤك في تونس أسمى يا صابرْ                                            6 خذلتك « العَجَلهْ » خذلوكَ لوْ أنك ـ يا صابرُـ آهٍ  لوْ أنكَ.. لوْ أنكَ… « لوْ » هذه تفتحُ بابًا وشياطين… أعرفُ لكنْ… لوْ أنك… لوْ أنكَ……………………………. آهٍ يا صابرُ عشرون من عُمُرِ الدّولةِ من ماء الرّوحِ ومن دفء الشمس ..وفصُولٍ وحقولٍ وذخائرْ أنت ذخيرة ُ تاريخٍ أنتَ ……….  وأنت………  وأنتَ……….   وأنتَ ……… وكمْ جيلا ينزفهُ الطينُ كما المرجلِ تأكلهُ النارُ ولا يثأرْ!! صابرْ: ـ  أدركُ أن الأسئلة أوْلى؟ ـ  أدركُ أن سؤالك عن وطنٍ كان يُمهّدُ للعودةِ ويُحـاذرْ ـ أدركُ أنك مشتاقٌ … أنك توّاقٌ ….لكنك مازلت تكابرْ ـ أدركُ أن دماءك تركضُ في تونسَ…. .وفؤادك طائرْ ـ أدركُ أن الرّيح تهبّ برائحة الأهلِ….. تقضّ مشاعرْ  ـ أدركُ أن العاصفة شوقٌ يتقدّمُ نحوَ الأوطانِ يتجاسرْ                        
 ـ أدركُ أن الرّعدَ خطابُ الرّوحِ إذا غضِبتْ: يا صابرْ ………………………………….. العودة نصرٌ العودة ُعُرْسٌ ونهارٌ …أنهارٌ وضفائر تونسُ حبلى تونسُ شوق ٌ ووعودٌ وبشائرْ تونسُ للكلّ فراشٌ وغطاءٌ وستائرْ       
 بحري العرفاوي  
 ماي/جوان

أين تونس من كل هذا؟؟؟

رسالة مفتوحة….إلى من يهمه الأمر


ﻹن كانت السلطة جوهر الصراع غالبا في تاريخ الأمم والشعوب فالسياسة والحرب أداة هذا الصراع الأزلي٬ وان كنت أفضل استعمال مصطلح الصراع على مصطلح الحرب وكلاهما سيئ عادة ما تقوم السياسة بأدائها في إدارة التفاوض والتعامل مع قضايا المجتمع بتعقيداته واختلاف مكوناته وتداخل مصالحه٬ فان نجحت هذه السياسة في بناء تخاطب مسئول وتذويب العداءات الشخصية والعقائدية والفكرية الضيقة٬ وإزالة التعصب الحزبي والجهوي والديني٬ سادت عرى المحبة والوئام وازدادت رغبة البناء والتطوير بما يعود على البلاد والعباد من خير في التنمية والازدهار٬ وان فشلت٬ حكم على الكل الدخول في دوامة العنف والعنف المضاد لتصبح الفوضى سيدة الموقف بما يضمن إبادة العباد وإفساد البلاد٬ عندها يدرك الكل أيضا من جديد٬ حاكمين ومحكومين٬ انه محكوم علينا أن ندخل الصدام عندما تفشل السياسة وان نعود للسياسة لنصلح ما أفسده الصدام فمهمة السياسة تنظيم التفاوض والحرص على التواصل بين مكوّنات المجتمع المتنوع فكرة ورغبة٬ وتجاوز الخلافات بأسمى مظاهر العفو والصفح والتسامح وإصلاح ذات البين. فهاهي الجزائر التي عاشت سنوات في دوامة الحرب الأهلية٬ قضى فيها من قضى٬ وسجن من سجن٬ وعذب فيها من عذب٬ مزقتها النزاعات الحزبية الضيقة والعداءات الشخصية التي حولت التنافس الديمقراطي إلى صدامات قاتلة٬ عندها أدرك الكل ولو متأخرا هول الفاجعة فهبوا للمصالحة وركنوا لمبدأ الوئام٬ اتقاء لشر الفتنة وحصد مزيد الأرواح وضياع البلاد٬ حيث اعتبروها وبغض النظر عن الأسباب والنتائج٬ صفحة ماضية لا بد من طيها وبداية عهد جديد……….. وهاهو المغرب بعد سنوات الاضطهاد والتنكيل٬ وما يعنيه سجن تازمامرت٬ للذي قضى فيه وللذي لازال على قيد الحياة٬ – من إسلاميين ويساريين على حد سوى- يسعى لتصحيح واقع ماض اليم٬ في خطوة جريئة٬ بحوار المصالحة والتعويض لطي صفحة سوداء من تاريخ المغرب الأقصى وهاهو لبنان بألوانه وأطيافه السياسية والدينية المتناقضة والمتضاربة أحيانا٬ استطاع  أن يفلت من شر الفتن والمغامرات التي دفع اللبنانيون ثمنها غاليا في الماضي٬ وحقق الحد الأدنى من الاستقرار والتعايش بفضل طاولة الحوار والقبول بالأخر. ولعل أمرﱞ الّتجارب الإنسانية الحديثة في القرن الأخير٬ قرن إفريقيا٬ وما تعنيه سنوات العنف التي وصلت حد التطهير٬ إفريقيا الوجه الأخر للبؤس.آنذاك٬ والمرتع الخصب للعنف الناجم عن الظلم والقهر والإذلال واﻹستبداد والتمييز العنصري٬ سلبت فيها الحريات واغتصبت اﻷراضي وانتهكت الأعراض وأبيد فيها السود. كل هذا لم يمنع النخبة السياسية من تحويل البلاد إلى الضفة الأخرى عبر التفاوض والقفز على ذهنية المحاسبة والردع وطي صفحة الماضي٬ بهضم صيغة العفو دون الانتقام٬ بطريقة تضمن إعادة الأمن للخائف. فأين تونس من كل هذا ؟ وان كانت المعارضة التونسية بإسلامييها ويسارييها ولبرالييها٬ تنتهج سياسة المغالبة والاستقواء بوسائل الإعلام الأجنبية والجمعيات الحقوقية للتشهير والتنديد٬ فمن الأجدر بها٬ وعلى رأسها حركة النهضة التي غالبا ما أحسب عليها ولم أكن يوما عضوا فيها٬ أن تراجع حساباتها وتعيد الأمور إلى نصابها بعيدا عن المزايدة بالمساجين والمنفيين والحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان….والعمل على إنهاء مأساة الناس بعيدا عن الأنانية والغرور. وبوصفي تونسي معني بمصلحة بلدي ومتخلصا من رواسب التحزب والتقيد وضحية من ضحايا سياسات وخيارات النهضة ومنهجها في التعامل مع العديد من المبادرات٬ بغض النظر عن جديتها٬ فإنني أؤكد على أهمية حاجة البلاد لكل أبنائه سلطة و معارضة في التحاور والتقارب والتصالح واخذ المبادرات على محمل الجد وحسن النية من اجل تونس أفضل إن تعنت من لا مصلحة له في بناء تونس الجميع٬ بعيدا عن ذهنية المنتصر والمهزوم٬ والرابح والخاسر٬ التي تدعو لها بعض التيارات المحسوبة على الراديكالية٬ إسلامييها ويساريها وحتى ديمقراطيها ومن يراهن عليها٬ وإشاعة الفوضى ببيانات موغلة في العدائية والإساءة إلى كل ما يجمع التونسيين٬ لن يؤدّي إلا لتواصل محنة المغتربين وإطالة المأساة …وتنوع الابتزاز. فكما أنه لا مستقبل لأي نظام سياسي يعتمد الإقصاء والتهميش٬ فلا أمل أيضا للمعارضة في المشاركة والتغيير. ودون مستقبل نظام ديمقراطي عادل قابل للصلح ومشبعا بثقافة العفو والتجاوز٬ ومعارضة مسئولة وجريئة قابلة للتحاور والتنازل٬ فلا مجال للتنمية والسلم الاجتماعي٬ و يبقى البلد هو الخاسر الأكبر .فهل لنا من درس في تجاوز الماضي لما تفرضه المصلحة المشتركة والاحترام المتبادل والعمل الجامع لتبقى تونس فوق كل اعتبار؟. محفوظ بلدي – باريس  فرنسا

الحرية للدكتور الصادق شورو الحرية لجميع المساجين السياسيين       الجمعية الدولية          لمساندة المساجين السياسيين  نهج الجزيرة تونس  43 e-mail: aispptunisie@yahoo.fr        تونس في 18 جوان 2009

ختم الترافع في قضية طارق السوسي


نظرت الدائرة الجناحية الثانية بمحكمة الاستئناف ببنزرت برئاسة القاضية فوزية الزرّاع اليوم الخميس 18 جوان2009 في القضية عدد 09/2367 التي يحال فيها بحالة سراح السيد طارق السوسي عضو الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين، بتهمة » ترويج عن سوء نية لأخبار زائفة من شأنها تعكير صفو النظام العام  » طبق الفصلين 42 و 49 من مجلة الصحافة على خلفية مداخلته في النشرة المغاربية لقناة الجزيرة يوم 26 أوت 2008 حول اختطاف البوليس السياسي لسبعة شبان بمدينة بنزرت. ويُذكر أن الدائرة الجناحية بالمحكمة الابتدائية ببنزرت كانت قضت في حقه بالسجن 3 أشهر مع تأجيل التنفيذ. و قد  أعاد طارق السوسي للقاضية تمسكه بما ورد على لسانه في النشرة المغاربية لقناة الجزيرة يوم 26 أوت 2008 ، وترافع دفاعا عنه الأساتذة أسامة بوثلجة وأنور القوصري وسمير ديلو أصالة و نيابة عن  الأستاذة سعيدة العكرمي و الأستاذ نور الدين البحيري. وتقرر حجز القضية للتأمل والتصريح بالحكم يوم الخميس 25 جوان 2009 وقد عمد العشرات من أعوان البوليس السياسي إلى محاصرة المحكمة و منع النشطاء الحقوقيين والسياسيين من حضور المحاكمة. والجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين،إذ تجدد مساندتها المطلقة  لطارق السوسي فإنها تعتبر أن أي حكم يصدر ضده بالإدانة ليس سوى تكريس متجدد لتوظيف القضاء .. لترهيب المعارضين و النشطاء ..! عن الجمعيـــة                الهيئـــــــة المديــــرة

فيديو:إعتداء جبان على سيارة المناضل ومراسل السبيل في تونس زهير مخلوف


السبيل أونلاين – تونس   الرابط على اليوتوب : http://www.youtube.com/watch?v=1J2KNAfaGG8    أقدم اليوم الإربعاء 17 جوان 2009 ، على الساعة الثامنة والنصف صباحا ، عونان بالزي المدني كانا يمتطيان دراجة نارية على الإعتداء على سيارة الناشط الحقوقي ومراسل السبيل أونلاين في تونس زهير مخلوف حين كانت رابضة أمام منزله ، وهو الإعتداء الرابع خلال أقل من سنتين . وقد قام اليوم أحد العونين المشار إليهما بإلقاء حجارة على البلور الأمامي للسيارة مما تسبب في تهشيمه ، ثم غادرا المكان بسرعة . وعلى إثر ذلك توجه مخلوف إلى مركز الشرطة ببرج الوزير لتسجيل محضر شكوى في حادث الإعتداء ، إلا أن رئيس مركز الشرطة المدعو مراد تعذر بأن موضوع الشكوى يتجاوز صلاحياته ، وإتصل برئيس منطقة الشرطة بأريانة الشمالية الذى أمره بعدم تسجيل الشكوى وطلب منه توجيهه للمنطقة المذكورة ، فتوجه زهير مخلوف إلى المنطقة ، وهناك قابله رئيس فرقة الإرشاد الذى طرح عليه إستفسارات حول ملابسات الإعتداء وعن مرتكبيه وساعة الجريمة ، ومن هو محل الدعوى ، فأجابه زهير عن مكان وزمان الإعتداء وأبطالة وهما عونان من أعوان أمن الدولة ، وعلى إثر ذلك طلب رئيس الفرقة من زهير الإنتظار قليلا خارج مكتبه للبت في الأمر ، وبعد إتصاله برؤساءه ناداه ليعلمه بأنه يرفض تسجيل شكوى في الإعتداء بدعوى أن ذلك يتجاوز صلاحياته أيضا ، وطلب منه التشكي لدى وزارة الداخلية حيث يوجد رؤساء الأعوان الذين قاموا بالإعتداء على سيارته ، ولكن المناضل زهير مخلوف خاطبه بأنه سيقوم بتقديم شكوى لدى وكالة الجمهورية بأريانه ، خاصة وأن الإعتداء تكرر أربع مرات . جدير بالإشارة ، فقد إعتدى أعوان البوليس السياسي ، في المرة الأولى ، على سيارة الناشط الحقوقي والسياسي والإعلامي زهير مخلوف سنة 2008 ، وذلك بتهشيم الفوانيس الأمامية والخلفية ، حينما كانت رابضة بنهج مختار عطية بالعاصمة ، وفي الإعتداء الثاني وقع تمزيق الإطارات الأمامية للسيارة خلال وجودها بأحد الأنهج الفرعية عن شارع باريس ، أما المرّة الثالثة فقد وقع تمزيق ثلاثة إطارات لسيارته حين كانت متوقفة أمام مقبرة الجلاز أثناء دفن والد السجين السياسي السابق لطفي العمدوني ، وهذه هي المرّة الرابعة حيث وقع تهشيم الزجاج الأمامي . وقد سبق أن إعتدت فلول البوليس السياسي وأمن الدولة بالعنف الجسدي على المناضل زهير مخلوف أكثر من مرّة ، كان آخرها ما كشفته المشاهد التى بثتها قناة الجزيرة . ويتعرض مخلوف إلى المضايقات والملاحقات البوليسية دائما وقد نشر السبيل أونلاين بعض المشاهد الحية لتلك الملاحقات . ويعود إزدياد وتيرة الملاحقات والمضايقات ضد مراسلنا في تونس ، المناضل زهير مخلوف بسبب تسجيله لإنتهاكات حقوقية خطيرة وكثيرة بالصوت والصورة ، وتناوله لملفات كانت تعدّ من المحرمات في تونس ، وكشفه لملابسات الكثير من جرائم القتل والتعذيب وتوثيق شهادات الضحايا وعائلاتهم في مشاهد حيّة ، أزعجت السلطة التونسية ، بالإضافة إلى نشاطه الحثيث صلب المجتمع المدني والحقوقي والسياسي .    (المصدر : السبيل أونلاين ، بتاريخ 18 جوان 2009)

بسم الله الرحمان الرحيم لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس تونس في 18.06.2009  

البوليس التونسي يشنّ حملة على المحجبات في وسائل النقل


إنتهى إلى علم لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس ، إقدام مجموعة تابعة لفرقة الحرس الوطني يوم الثلاثاء الموافق لـ16 جوان 2009 ، بإعتراض السيارات التى تسلك الطريق الرابط بين مدينة نابل ومدينة الحمامات (شمال) ، وتوقيف كل سيارة بها نساء وفتيات محجبات وإجبارهن على النزول .   ثم يقع إقتيادهن إلى داخل مركز الحرس أين يجبرن على الإمضاء على إلتزامات مؤلفة من 5 نسخ كاملة تقضى بعدم إرتداء الحجاب ، كما وقع تهديدهن ان عدن مجددا الى إرتدائه .   ولجنة الدفاع عن المحجبة بتونس تعتبر أن ما أقدمت عليه فرقة الحرس من ممارسات مشينة بحق المحجبات ، سابقة خطيرة ، وتؤكد أن هذه الحملة تأتي في إطار الحرب المحمومة التى تشنها السلطات التونسية ضد مواطناتها المحجبات ، ونحن نحمّلها كامل المسؤولية لما ينتج عن إرهاب النساء والفتيات المحجبات من آثار سلبية .   تدعو السلطة التونسية إلى لجم عصابات البوليس التى تخلت عن قيم الدين والشرف والوطنية ، وإستأسدت على المحجبات التونسيات بالبطش والإرعاب ، وتطالب من المحجبات المستهدفات في هذه الحملة المسعورة وأسرهن ، التظلم لدى كل الدوائر السياسية الرسمية وغير الرسمية في تونس ، ولدى القضاء وعدم الصمت على التجاوزات الخطيرة التى يرتكبها البوليس بحقهن .   تطالب أحرار العالم وشرفائه ، وكل المنظمات والشخصيات الحقوقية بتونس وخارجها إلى عدم الصمت على الإنتهاكات التي تتعرض لها المحجبات التونسيات ، وتناشد علماء الأمة في كل مكان إلى النهوض بواجبهن في نصرة المرأة التونسية المحجبة ، وقد أعذر من بلّغ .   عن لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس البريد : protecthijeb@yahoo.fr  

بنزرت : إيقاف عضو مكتب الشباب الديمقراطي التقدمي « حمزة بولعابي »


 علم موقع الحزب الديمقراطي التقدمي أن السلط الأمنية في جهة بنزرت وجهت بصفة رسمية إستدعاء إلى عضو مكتب شباب الحزب ببنزرت الطالب « حمزة بولعابي » للتحقيق معه حول أحداث عنف شهدها المبيت الجامعي « منزل عبد الرحمان » الأسبوع الفارط بين طلبة المبيت سقط خلالها عدد من الجرحى . كما علم موقعنا أن الطالب « حمزة بولعابي » وقع التحقيق معه قبل أيام في مركز الشرطة حول نفس الموضوع و إستغرب أثناء التحقيق من حشر إسمه في القضية  و ذكر انه لم يشارك في أحداث العنف و لم يكن متواجد داخل المبيت لحظة حدوث الواقعة و هو ما أكده شهود عيان و عدد من المشاركين في الأحداث . و إلى حدود كتابة هذه الأسطر مازال الطالب « حمزة » رهن الإيقاف داخل منطقة الشرطة ببنزرت .   معز الجماعي  

أساتذة المعهد العالي للغات : بيان


نحن الأساتذة المجتمعين بإشراف الهيكل النقابي بالمعهد العالي للغات بتونس، بعد اطلاعنا على ما أقرّه مجلس الجامعات وما أُشعرت به شفويا إدارة المعهد من قبل رئاسة الجامعة والقاضي بإلغاء الإجازات الأساسية الخاصة باللغة الألمانية واللغة الايطالية واللغة الاسبانية واللغة الصينية والترجمة من منظومة التكوين المقترحة من وزارة التعليم العالي والمضمنة في  دليل التوجيه الجامعي الجديد حسب ما أوردته مصادر صحافية مطلعة نشرته بعنوان سرّي وخاص قبل إدراجه رسميّا في موقع الوزارة على الأنترنات  : 1-نعبّر عن شديد استنكارنا لهذا القرار الذي يعدّ تراجعا عن مسار كانت اتخذته الوزارة لوضع ملامح جديدة لمسارات التكوين الجامعي وذلك بمشاركة الهياكل العلمية والبيداغوجية.  2- نندّد بهذا القرار الفوقي الذي نرى فيه تجاوزا للهياكل العلمية والبيداغوجية المخوّلة وضربا لما أقرّته أطر التكوين من أقسام ومجالس علمية ولجان قطاعية ولجنة الاشراف الوطنية إلى جانب لجان إعداد مشاريع المؤسسات التي نعتبرها سلسلة حلقاتها  مترابطة ومتماسكة وهي ذات مصداقية ومنغرسة في أرض الواقع, 3- نستنكر هذا التوجه الذي، بتعلة فتح آفاق التشغيل للمتخرجين، يفرغ الجامعة من مقوّماتها العلميّة وينأى بها عن مجتمع المعرفة الذي يُعدّ هدفا استراتيجيا تطمح المجموعة الوطنية  إلى تحقيقه ولا يمكن أن يتمّ إلاّ إذا اضطلعت الجامعة بدورها الرّيادي في التكوين القائم على تحقيق الجودة والتميّز. 4- ندين هذا القرار الذي يفتقد إلى أية منهجيّة تستند إلى تدرّج مدروس وتقييم مستمرّ وتعديل متواصل. 5- نطالب وزارة الاشراف بالعدول عن هذا القرار الذي يقوم في تصوره العام على منطق حسابي آلي جوهره (66% تطبيقي – 33 % أساسي) وذلك بشكل ارتجالي مفبرك وملفّق دون مراعاة لخصوصيات المؤسسات الجامعية أو النظر بتأنّ في استجابتها أو عدم استجابتها لما يطلب منها قسرا من إجازات تطبيقية قد لا تنسجم مع واقعها من حيث مواردها البشرية والعلمية والبيداغوجية وبنيتها الأساسية (وذلك رغم تحقّق هذا المبدأ على مستوى الخارطــة الجامعية الوطنية وجدول المسارات بالجامعات و عدد الطلبة الموجهين إلى الثلثين التطبيقيين  والثلث الأساسي).     6-  نحمّل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا المسؤولية كاملة عمّا يمكن أن يؤول إليه هذا « الاصلاح » الوهمي المتسرع وغير المدروس من نتائج سيّئة وسلبية تمسّ جوهر رسالة الجامعة ووظيفتها العلمية والبيداغوجية والاجتماعية ونعبّر عن تجنّدنا للدفاع عن مكتسبات المؤسسة الجامعية التي أنتجت على مدى 50 سنة خيرة عقولنا وأفضل خبراتنا.

النقابة المستقلة لأساتذة المعهد العالي للغات  بتونس   بيــــــــــان  

نحن الأساتذة المجتمعين بإشراف الهيكل النقابي بالمعهد العالي للغات بتونس، بعد اطلاعنا على ما أقرّه مجلس الجامعات وما أُشعرت به شفويا إدارة المعهد من قبل رئاسة الجامعة والقاضي بإلغاء الإجازات الأساسية الخاصة باللغة الألمانية واللغة الايطالية واللغة الاسبانية واللغة الصينية والترجمة من منظومة التكوين المقترحة من وزارة التعليم العالي والمضمنة في دليل التوجيه الجامعي الجديد حسب ما أوردته مصادر صحافية مطلعة نشرته بعنوان سرّي وخاص قبل إدراجه رسميّا في موقع الوزارة على الأنترنات : 1) نعبّر عن شديد استنكارنا لهذا القرار الذي يعدّ تراجعا عن مسار كانت اتخذته الوزارة لوضع ملامح جديدة لمسارات التكوين الجامعي وذلك بمشاركة الهياكل العلمية والبيداغوجية. 2) نندّد بهذا القرار الفوقي الذي نرى فيه تجاوزا للهياكل العلمية والبيداغوجية المخوّلة وضربا لما أقرّته أطر التكوين من أقسام ومجالس علمية ولجان قطاعية ولجنة الاشراف الوطنية إلى جانب لجان إعداد مشاريع المؤسسات التي نعتبرها سلسلة حلقاتها مترابطة ومتماسكة وهي ذات مصداقية ومنغرسة في أرض الواقع. 3)  نستنكر هذا التوجه الذي، بتعلة فتح آفاق التشغيل للمتخرجين، يفرغ الجامعة من مقوّماتها العلميّة وينأى بها عن مجتمع المعرفة الذي يُعدّ هدفا استراتيجيا تطمح المجموعة الوطنية إلى تحقيقه ولا يمكن أن يتمّ إلاّ إذا اضطلعت الجامعة بدورها الرّيادي في التكوين القائم على تحقيق الجودة والتميّز. 4)  ندين هذا القرار الذي يفتقد إلى أية منهجيّة تستند إلى تدرّج مدروس وتقييم مستمرّ وتعديل متواصل. 5) نطالب وزارة الاشراف بالعدول عن هذا القرار الذي يقوم في تصوره العام على منطق حسابي آلي جوهره (66% تطبيقي – 33 % أساسي) وذلك بشكل ارتجالي مفبرك وملفّق دون مراعاة لخصوصيات المؤسسات الجامعية أو النظر بتأنّ في استجابتها أو عدم استجابتها لما يطلب منها قسرا من إجازات تطبيقية قد لا تنسجم مع واقعها من حيث مواردها البشرية والعلمية والبيداغوجية وبنيتها الأساسية (وذلك رغم تحقّق هذا المبدأ على مستوى الخارطــة الجامعية الوطنية وجدول المسارات بالجامعات و عدد الطلبة الموجهين إلى الثلثين التطبيقيين والثلث الأساسي). 6)  نحمّل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا المسؤولية كاملة عمّا يمكن أن يؤول إليه هذا « الاصلاح » الوهمي المتسرع وغير المدروس من نتائج سيّئة وسلبية تمسّ جوهر رسالة الجامعة ووظيفتها العلمية والبيداغوجية والاجتماعية ونعبّر عن تجنّدنا للدفاع عن مكتسبات المؤسسة الجامعية التي أنتجت على مدى 50 سنة خيرة عقولنا وأفضل خبراتنا.   عن الاجتماع العام منسق النقابة المستقلة لأساتذة المعهد العالي للغات  بتونس

بسم الله الرحمان الرحيم

نداء لكل شريف من أساتذتنا بالتعليم العالي


اليوم 18 جوان 2009 بدأت دورة المراقبة بكلية العلوم بصفاقس وكالعادة بدأت معها التجاوزات والاختراقات والضحية الطالب المسكين.. توجهنا نحن طلبة السنة الرابعة رياضيات إلى قاعة الامتحان المقرر إجرائه الساعة الثامنة ونصف وما راعنا إلى أن يأتي أحد العملة ويقوم بوضع إعلان عن تأجيل الامتحان إلى الشهر المقبل دون مراعاة أوضاع الطلبة وظروفهم وإمكانية إرباكهم جراء هذه الفوضى وعدم المسؤولية… وقمنا بإبلاغ ممثل الطلبة وانتقلنا معه إلى الكاتب العام ثمّ إلى العميد الذي قابلنا مقابلة سيئة قائلا إنه خطأ بسيط ولا مشكلة مع العلم أن نائب العميد أخبرنا بأنه وقع(erreue) . وهناك أخبار يروجها أغلبية الطلبة تؤكد أنه تمّ تسرّب بعض الامتحانات ..وعندما أخبره نائب الطلبة بأنه يتحمل مسؤوليته كاملة في هذا التأخير أمام رئاسة الجامعة أجاب العميد قائلا له انك تهددني وقد قلت هذا الكلام أمام المجلس وأنا سأحيلك على مجلس التأديب مما جعل الطلبة يضحكون مستغربين هذا التصرف وهذا الردّ.. وهنا أظمّ صوتي لصوت ممثل الطلبة“عمر أولاد أحمد“ ولصوت جميع الطلبة المظلومين لأبعث نداء استغاثة لجميع الأساتذة بالتعليم العالي وخاصة أساتذتنا بصفاقس لوقف هذه المهزلة وليوفروا لنا الظروف الملائمة للدراسة كما أننا كطلبة نستغرب سكوت نقابة التعليم العالي على هذه الممارسات وندعوهم للوقوف جانب أبنائهم الطلبة لإعانة الطلبة النقابيون للتصدي للتجاوزات وذلك لحساسية هذه الفترة وهي فترة امتحانات… والله من وراء القصد طالب بسنة الرابعة رياضيات بكلية العلوم صفاقس

أحمد نجيب الشابي في واشنطن   لقاءات مكثفة مع السياسيين والمجتمع المدني


قام الأستاذ أحمد نجيب الشابي، مرشح الحزب الديمقراطي التقدمي للانتخابات الرئاسية القادمة، بزيارة إلى الولايات التمتحدة الأمريكية، الأسبوع الماضي، قادته إلى أطلنطا وواشنطن. وفي إطلنطا التقى الأستاذ الشابي بالسيد ديفيد كارول(David J. Carroll)  رئيس برنامج الديمقراطية بمركز كارتر وهو واحد من أبرز مراكز مراقبة الانتخابات في العالم وأكثرها صدقية. وطرح  الأستاذ الشابي على مخاطبه رؤية الحزب الديمقراطي للاستحقاق الانتخابي القادم في تونس وعبر عن الرغبة في أن يقوم  المركز بزيارة إلى بلادنا في هذه المرحلة السابقة للانتخابات حتى يتثبت من توفر شروط الانتخابات الحرة والنزيهة وأن يعد تقريرا في ذلك. وقد عبر السيد كارول عن تحفظ مركز كارتر من حظور انتخابات لا تتوفر فيها الشروط الدنيا لحرية الاختيار لكنه لم يستبعد أن يطلب المركز من الحكومة التونسية الترخيص له بإرسال بعثة استطلاعية تتثبت من توفر هذه الشروط قبل أن يتخذ موقفا إزاء مسألة مراقبة الانتخابات ذاتها. وفي واشنطن التقى الأستاذ الشابي بالسيد كنث ولاك (Kenneth Wollak )  رئيس « المعهد الوطني الديمقراطي (National Democrat Institute ) » الذي كان مرفوقا بعدد من معاونيه ودار الحديث حول التوجه الجديد للإدارة الامريكية إزء الشرق الأوسط كما تطرق إلى مسألة الانتخابات في تونس وأوضح السيد ولاك أن المعهد الديمقراطي معني بالانتخابات في العالم وهو يشترك مع العديد من المنظمات الدولية المماثلة في رقابة الانتخابات وقد شارك المعهد في السنين الأخيرة في أكثر من أربعين بلدا منها المغرب وموريتانيا واليمن وفلسطين وهو يستعد للمشاركة في مراقبة الانتخابات اللبنانية لهدا الشهر كما أوضح أن هذه الرقابة تتم بناء على موافقة الحكومات المعنية  وفي إطار القوانين الجارية واحترام السطلات القائمة والتزام الحياد وعدم التدخل في الشؤون الداخلية. وأضاف أن المعهد يتابع الأوضاع الانتخابية في تونس وهو يتجه إلى مراسلة الحكومة التونسية ليطلب منها الترخيص له بإرسال بعثة استطلاعية للتثبت من توفر الشروط الدنيا لانتخابات حرة ونزيهة قبل أن يقرر موقفه النهائي منها. كما كان للاستاذ الشابي لقاء بالسيدين ليث كبة و جريجوري هاول (Gregory Houel)  عن « الوقف القومي للديمقراطية (National Endowment for Democracy)  » وتركز الحديث حول التوجهات الجديدة لإدارة الرئيس أوباما إزاء الشرق الأوسط وأهمية مسألة الديمقراطية ودفع التنمية في علاقة الولايات المتحدة ببلدان المنطقة إلى جانب حل النزاعات الأقليمية وفي مقدمتها حل القضية الفلسطينية وإنهاء الحرب في العراق. وفي ذات السيياق التقى الأستاذ الشابي بالسيدة مارينا أوتاوي (Marina Ottaway )  مديرة الشرق الأوسط في « وقف كارنيجي للسلام (Carnegie Endowment for International Peace ) الدولي » وتركز  الحديث عن الآفاق الجديدة التي يفتحها عهد الرئيس أوباما من جهة إصلاح وتطوير العلاقة بين الولايات المتحدة ودول المنطقة العربية والعالم الإسلامي وعن الأهمية التي تحتلها مسألة الديمقراطية في هذه العلاقة كما تطرق الحديث إلى الاستعدادات الجارية للانتخابات القادمة في تونس وطرح الأستاذ الشابي على مخاطبته رؤية الحزب الديمقراطي التقدمي من هذا الاستحقاق والجهد الذي يقوم به للدفاع عن الحق الانتخابي للتونسيين وأهمية الرقابة الدولية كظاهرة جديدة تساعد على الشفافية وتكافؤ  الفرص في الانتخابات. كما وقع استقبال الأستاذ الشابي بمقر وزارة الخارجية الأمريكية  من قبل السيدة سارة أوزكان (Sarah Fox Ozkan )  رئيسة قسم الشرق الأوسط المكلفة بالديمقراطية وحقوق الأنسان وشؤون الشغل قبل أن سيتقبله السيد وليام هدسن (William J. Hudson )  السفير الأمريكي السابق بتونس والذي يشغل حاليا خطة نائب مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأوسط وتم اللقاء بحضور عدد من كبار مسؤولي الوزارة وتركز الحديث أيضا عن آفاق العلاقات بين الولايات المتحدة ودول المنطقة العربية والإسلامية في ضل إدارة الرئيس أوباما. وعرض الأستاذ الشابي على مخاطبيه رؤية الحزب الديقراطي من مجمل القضايا الإقليمية ومن مسألة الاستحقاق الانتخابي القادم. كما كان للأستاذ الشابي لقاءان مستقلان مع كل من مساعد وزير الخارجية السابق السيد سكت كربنتر (Scott Carpenter)  ومع السيدة دانيال بلتكا » (Danielle Pletka)  نائبة رئيس « معهد المؤسسات الأمريكية وهي مؤسسة قريبة من الحزب الجهوري وتطرق الحديث إلى  » الوضع بالمنطقة العربية وإلى توجهات الرئيس أوباما ومستقبل الاهتمام بالديمقراطية في أجندة الإدارة الجديدة. كما تطرق الحديث معهما إلى الاستحقاق الانتخابي القادم في تونس.  والتقى الأستاذ الشابي من جهة أخرى  بالسيدة إلزبث دوغن نائبة (Elizabeth Dugan )  رئيس « المعهد الجمهوري الدولي » (International Republican Institute ) وهو معهد ناشط ضمن المؤسسات الدولية المعنية بمراقبة الانتخابات وتطرق الحديث معها إلى أهمية هذه الظاهرة في النهوض بالديمقراطية والمساعدة على توفير شروط المشاركة الحرة في كنف الحياد التام بين أطراف المنافسة الانتخابية، وعبر الاستاذ الشابي عن أمله في أن يوفد المعهد الجمهوري بعثة استطلاعية للوقوف على المناخ السياسي والإطار القانوني الذين يجري فيهما الاستعداد للانتخابات القادمة في تونس. وفي ختام زيارته ألقى الأستاذ الشابي محاضرة على منبر مركز الدراسات عن الإسلام والديمقراطية » حول سبل تحسين  العلاقات بين الولايات المتحدة والمنطقة  العربية » وكان الأستاذ الشابي استهل زيارته بإلقاء محاضرة أخرى على منبر « المعهد الوطني الديمقراطي  » حول موضوع  » الانتخابات القادمة في تونس: العقبات والفرص » ويذكر أيضا أن قناة « الجزيرة مباشر » استضافت يوم السبت الماضي الأستاذ الشابي في برنامج حواري بث على الهواء من واشنطن (المصدر : موقع الاستاذ نجيب الشابي بتاريخ 18 جوان 2009)

الاينوبلي في حوار شامل لـ »السياسيّة


  · اللامبالاة والعزوف الشعبي أو النخبوي أو الشبابي عن العمل السياسي يُحدثُ فراغات ويفتحُ الأبواب على المجهول · حزبنا أفضل الأحزاب هيكليا .. ولكن يبقى الاحتكام إلى رأي الناخبين هو المقياس · التطرق إلى قضايا أحداث الحوض المنجمي ورابطة الدفاع عن حقوق الإنسان أو غيرها مبدئي ولم يكن ناتجا عن أيّة ضغوطات مورست على قيادة الحزب · لهذه الأسباب نتمسّك بمبادرة الحوار القومي-القومي … والديمقراطية هي الأداة الوحيدة لتفعيل الأهداف الوحدوية  تُواصل « السياسيّة » سلسلة حواراتها مع الأمناء العامّين للأحزاب السياسيّة في تونس معرفة لآخر الأخبار والمستجدات ورصد أهمّ المواقف حيال جملة القضايا والملفات المطروحة على مستوى داخل الأحزاب والمشهد السياسي الوطني.وفي هذا الحديث يُجيب الأستاذ أحمد الإينوبلي الأمين العام للاتحاد الوحدوي الديمقراطي عن جملة من الأسئلة والاستفسارات منها ما هو مُحرج وعلى علاقة بما يتردّد عن واقع العمل والانسجام داخل هذا الحزب ذي المرجعيّة العروبيّة وموقعه في الساحة السياسيّة في تونس ومدى استعداداته للمواعيد والاستحقاقات الانتخابيّة المقبلة والّتي يدخلها الحزب في شقيها الرئاسي والتشريعي    اعتبر عدد من المراقبين للشأن السياسي في تونس أنّ حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ينتهج منذ مدة في أدائه السياسي خطا يمكن وصفه بالخط الثالث بين ما يسمى بـ »معارضة الموالاة ومعارضة المغالاة ». هل أن هذا الأمر مرتبط بالمحطات الانتخابية القادمة أم أنه مسألة مبدئية وإستراتيجية في أداء الحزب الّذي كثيرا ما نُعت بأنّه قريب من السلطة والحزب الحاكم؟   يمكن القول إن الاتحاد الديمقراطي الوحدوي أعلن منذ مؤتمره الرابع بأنه حزب وسطي ينتهج خطا سياسيا مرجعيته قوة الحجة والبديل بعيدا عن المزايدات اللفظية التي لا تقدم البدائل كما أن الاتحاد الديمقراطي الوحدوي لا يتماهى مع أطروحات حزب التجمع الدستوري الديمقراطي المضطلع بمتطلبات الحكم. لأنه يتحمل أعباء دوره في المعارضة التي تطرح بدائل واقعية تنسجم مع الواقع الوطني في أبعاده السياسية والاجتماعية والتنمية الاقتصادية آخذا بعين الاعتبار حجم حضوره السياسي والفعلي في الساحة الوطنية دون السقوط في نهج المغالطة كما أننا في حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي نؤمن بالمراكمة في البناء الحزبي والبناء الوطني ككل.    تعرضت صحيفة « الوطن » لسان حال حزبكم في عديد المناسبات إلى موضوع « إعادة فرز للحياة السياسية  » في تونس على قاعدة رد الاعتبار للسياسي… هل من توضيح حول خلفية ذلك ؟    إنّ صحيفة الوطن مع أنها لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي إلا أنها تتمتع بمساحة من الحرية الصحفية في إبداء الرأي بما يساهم في إرساء إعلام وطني حر، وهو ما يعني أن بعض وجهات النظر تتنزل في إطار هذه المساحة وعليه يمكن أن توجه هذا السؤال إلى كاتبي تلك المقالات أو إلى رئيس تحرير الجريدة ليجيبك حول وجهات النظر تلك لأنّ جريدة الوطن ليست نشرية حزبية داخلية، وعموما أعتقد أنّ الحديث عن ردّ الاعتبار لما هو سياسي جاء في سياق البحث عن جواب لمعضلة استقالة النخب والشباب عن الشأن العام وما هو سياسي عموما.     الناشطون في الحياة السياسية وغير الناشطين أيضا يشيرون دائما إلى عدم إقبال الشباب على الشأن السياسي  والى قلة الاهتمام بالشأن العام لدى فئات واسعة من الشعب خاصة في ظل هذه التحولات العالمية والفكرية والاقتصادية . في اعتقادكم كيف يمكن لحزب سياسي أن يمارس السياسة في ظل هذه اللامبالاة ؟ لكلّ حزب طريقته في ممارسة العمل السياسي أيّا كان الواقع ولكن خصوصية اللامبالاة والعزوف الشعبي أو النخبوي أو الشبابي عن العمل السياسي فذلك أمر يتطلب الوقوف عنده من طرف جميع مكونات المشهد السياسي الوطني وفتح حوار حوله لتحصين المستقبل الوطني لأن هذا الوضع يفتح الأبواب على المجهول جراء ما يحدثه من فراغات. لذلك يؤكد الاتحاد الديمقراطي الوحدوي دائما على ضرورة الحوار حول القضايا الوطنية الهامة وهذه إحداها تتطلب توافقا وطنيا يحصن المكتسبات ويضمن المستقبل الآمن في تطور مطرد دون انتكاسات أو انزلاقات وليس بالمعالجات الانفعالية أو بالاتهامات المتبادلة بين هذا وذاك وهو ما يبقي الواقع على ما هو عليه. والحل السليم يكمن في تحديث الخارطة السياسية حاضنتها القاعدة الشعبية الواسعة، من خلال إيلاء الشأن السياسي أهميته ودوره.    بيان  الوضع الداخلي  الذي صدر عن الاجتماع الأخير للمجلس الوطني لحزبكم  تعرض إلى عدة ملفات وطنية منها الحوض المنجمي والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والاتحاد العام لطلبة تونس و النقابة الوطنية للصحفيين.هل صحيح أنّ التعرض إلى هذه الملفات بذلك الوضوح مرده « الضغط  » الذي مورس على قيادة الحزب من قبل أعضاء المجلس الوطني ؟ أم أنّه خطوة أخرى أرادها « الوحدوي » في اتجاه « الخط الثالث » الذي رسمه لنفسه، أو هو بداية حملة انتخابية بطريقة »ذكية »؟ بين كل هذه الاحتمالات ما هو رأي الأمين العام لحزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي؟    هذه الاحتمالات وهذه الآراء هي قراءات مختلفة مرتكزة على أرضيات ومرجعيات وفرضيات مختلفة، فالديمقراطي الوحدوي اختار لنفسه خطا وسطيا وهو لم يهمل إطلاقا في يوم من الأيام تناول القضايا الوطنية المطروحة بكل جدية ومسؤولية وهي ليست المرة الأولى التي يتطرق فيها إلى قضايا مثل أحداث الحوض المنجمي أو الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان أو غيرها، لذلك لا يمكن اعتبارها في إطار ضغوطات مورست على الأمين العام أو كأن الحزب كان في منأى عن القضايا الوطنية في السابق وهو أول مرة سيستفيق من سباته وهذا أيضا مجانبا للصواب وفيه تجني على نهج الحزب ودوره الوطني والحداثي بهدوء العقلانية والمسؤولية منذ زمن بعيد ودليله في ذلك بياناته التي نشرت في كتيب والتي تؤكد ما ذكر.وعليه فهي ليست بداية حملة انتخابية لأن الحملة الانتخابية لم يفتح أجلها القانوني بعد.     منحتكم الانتخابات التشريعيّة لسنة 2004 المرتبة الثالثة على مستوى التمثيل البرلماني بعد ح د ش والشعبيّة ، أين تستشرفون موقعكم في التركيبة المقبلة لمجلس النواب على ضوء المعطيات المتوفّرة حاليّا؟   نعتقد أن حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي اليوم يختلف وضعه هيكليا وسياسيا عن وضعه سنة 2004 إذ أنه حزب متواجد عبر جامعاته وفروعه في كامل ولايات الجمهورية ووفق هذه المعطيات الواقعية المتوفرة قبل مناسبة الانتخابات أي انه لم يبني نفسه بمناسبة الانتخابات فإنه من بين أفضل الأحزاب هيكليا وهو ما ينتظر حضورا متميزا يتماشى وحجمه وأدائه السياسي إلا أن ذلك يبقى مرتبطا بخيارات الناخبين وليس بتوقعاتنا أو أحلامنا أو طموحاتنا لأن مواقع الأحزاب تحددها إرادة الناخبين وليس إرادة قيادتها أو منظوريها.    يضعكم البعض في صف القيادات السياسية الشابة الّتي يُنتظر منها الكثير للمساهمة في الارتقاء بالمشهد السياسي الوطني..كيف تنظرون إلى مثل هذه الرؤى؟   الارتقاء بالمشهد السياسي الوطني غير مرتبط بعامل سن القيادات وإنما برؤية موضوعية للواقع السياسي الوطني وصياغة رؤية تهدف إلى تطويره وعليه، أعتقد أن تواصل الأجيال ضروري ومهم في البناء الوطني لما فيه من تعاون يجمع بين الخبرة والطموح في تعادلية مرنة وذات فاعلية بناءة سواء داخل الأحزاب أو داخل المشهد السياسي الوطني لأن البناء الوطني هو حلقات مترابطة لا يمكن الفصل بينها وإلاّ وقع السقوط في منطق الإلغاء وإعادة البناء وهو منطق تأسيسي في بعض جوانبه انقلابي.    رشّحكم حزبكم للانتخابات الرئاسية المقبلة، ومع ذلك لا يبدو أنكم بصدد الإعداد لهذه المحطة، نقول ذلك لأن مرشحين آخرين لا يفوتون فرصة دون الإشارة إلى ترشحهم، هناك من يقول انه سينافس »الند للند »، وهناك من يستند إلى « تجربة حزبه في الانتخابات الرئاسية »، وأنتم تلازمون الهدوء… ما مرد ذلك ؟ ترشح حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي للمشاركة في الانتخابات الرئاسية من خلال الأمين العام هو خيار حزبي اتخذه المجلس الوطني بعد نقاش في مختلف الهياكل الحزبية. أما عن الإعداد لهذا الاستحقاق فهو جار داخل هياكل الحزب من خلال الدوائر المعنية بإعداد مفاصل البرنامج الانتخابي بشقيه الرئاسي والتشريعي.  وفي خصوص ملازمتنا للهدوء حسب وصفكم فهذا منطقي لأن الأجل القانوني لبداية الحملة الانتخابية لم يبدأ بعد، وسيكون لنا حضورنا حين يفتح هذا الباب قانونيا. فضلا على أن مواقف الحزب من مجمل القضايا المطروحة واضحة ونمد بها وسائل الإعلام في إبانها.     يرى البعض أنّ تمسّككم بمبادرة الحوار القومي التي أطلقها الحزب منذ 2006  ، هو في جانب منه  تمسك بـ »الايدولوجيا » والحال أن التجارب الحزبية في الوطن العربي بل والعالم تتجه إلى إعطاء الأولوية للسياسي وليس للأيديولوجيات؟   تمسكنا بمبادرة الحوار الوحدوي الوحدوي التي أطلقها الحزب سنة 2006 على عكس مضمون السؤال – وهي مبادرة من أجل توحيد الفعل السياسي وليس من أجل وحدة الايديولوجيا بل وهي أيضا من أجل التوصل إلى أرضية مشتركة تساهم في بناء حركة سياسية وحدوية فاعلة تساهم في البناء القومي من خلال التعاطي مع مشكلات الأمة العربية ويا حبذا لو توصل هذا الحوار إلى صياغة أرضية فكرية جامعة وموحدة لأن السياسي يتطلب فكرا ينطلق منه ولا وجود لسياسة دون فكر ونهج فكري يقودها ويؤطرها.    في حديث لكم لصحيفة الرأي الأردنية ذكرتم أن حزبكم يحمل مشروع تجديد الفكر القومي، ما هي الخطوط العامة لهذا المشروع خاصة أننا نسمع في جوانب أخرى عن تجديد المشروع الاشتراكي وتجديد المشروع الإسلامي؟  التجديد الذي نتحدث عنه لا يمسّ المضامين الرافعة للمشروع الوحدوي في ثوابته المتعارف عليها تجاوزا لمشكلات الأمة العربية نحو بناء دولتها الواحدة أيّا كان شكلها وإنما يتعلق بالأسلوب المتبع لانجاز هذه المهمات ألا وهو تأكيدنا على الديمقراطية كأداة وحيدة لتفعيل الأهداف الوحدوية في الواقع. أجرى الحوار:خالد الحداد   العنوان الالكتروني لصحيفة « السياسية » http://www.assyassyia-tn.com

على هامش الهجوم على النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين : نظام بن علي لا يقبل وجود جمعيات ومنظمات مستقلة والحلّ في التكتل ضد الاستبداد


على إثر التقرير الذي قدّمه مكتب النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين بمناسبة اليوم العالمي للصحافة (3 ماي) والذي تناول فيه بالنقد وضع الإعلام والإعلاميين في بلادنا، اشتدت الضغوط على هذه النقابة الناشئة، ولم يعد خافيا أن السلطة تبحث عن وسيلة للانقلاب على مكتبها الشرعي وتعويضه بعناصر موالية على غرار ما قامت به في جمعيات ومنظمات أخرى. لقد تولت عناصر تابعة للسلطة إفساد الندوة الصحفية التي عقدها المكتب يوم 4 ماي لتقديم التقرير، بل إن هذه العناصر حاولت الاعتداء ماديا ومعنويا على رئيس النقابة وبعض أعضاء المكتب متهمة إيّاهم بـ »تسييس النقابة » و »الإضرار بمصالح المنخرطين » و »العمل وفق أجندات لا علاقة لها بالقطاع » إلى غير ذلك من التهم المعتادة والممجوجة، والحال أن المأخذ الوحيد للسلطة وأذنابها على رئيس النقابة وزملائه هو تمسكهم باستقلالية نقابتهم واحترامهم لتعهداتهم إزاء القواعد التي انتخبتهم ورفضهم الصمت عن الانتهاكات رغم ما أن ورد منها في التقرير منقوص. وتحاول السلطة اليوم بكل الوسائل زعزعة استقرار النقابة، وافتعال أزمة في داخلها استعدادا للانقلاب عليها. فمباشرة بعد الندوة الصحفية، انطلقت حملة إعلامية شرسة على البغوري وزملائه. كما عمد ثلاثة أعضاء من المكتب موالون للسلطة إلى تقديم استقالتهم في انتظار استقالة رابعة تبرّر الدعوة لجلسة عامة استثنائية. وفي نفس الوقت انطلقت عريضة مشبوهة أرغم العديد من الصحافيين على توقيعها بالتهديد من الرفت من العمل، في صورة الرفض. إن ما تتعرّض له النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين يؤكد تلك الحقيقة التي ما انفككنا نردّدها على صفحات هذه الجريدة وفي مواقفنا والتي تتمثل في أن طبيعة النظام القائم الدكتاتورية والبوليسية بل الفاشستية تجلعه لا يتحمّل وجود تنظيمات مستقلة، سياسية أو نقابية أو شبابية أو نسائية أو ثقافية أو حقوقية أو بيئية تضع احتكاره للحياة العامة بمختلف أوجهها موضع سؤال وتقدم إلى الرأي العام إعلاميا وتتخذ مواقف تتعارض مع دعايته الرسمية الممجوجة وهو لا يتردّد في استعمال كل الوسائل لتكسير تلك التنظيمات من افتعال أزمات داخلية، وقمع ومحاصرة أمنية وإعلامية، وخنق مالي وإداري، وفبركة قضايا وتدبير انقلابات على قياداتها الشرعية، إلخ. ويكفي المرء إلقاء نظرة على تاريخ الجمعيات والمنظمات لإدراك هذه الحقيقة. إن تاريخ الاتحاد العام التونسي للشغل منذ وصول الحزب الدستوري بقيادة بورقيبة إلى دفة الحكم سنة 1955-1956 هو تاريخ الصراع من أجل الاستقلالية التي تحوّلت على مدى ما يزيد عن النصف قرن إلى مطلب مركزي دائم من مطالب المنظمة الشغيلة، وكانت حاضرة، إن لم تكن محور كل الأزمات التي واجهت هذه المنظمة بالسلطة. ولم تتردّد هذه الأخيرة في استعمال حتى السلاح للتصدي لنزعة الاتحاد العام التونسي للشغل الاستقلالية وإخضاعه (جانفي 1978). هذا دون ذكر الانشقاقات المفتعلة والانقلابات المنظمة والتصفيات الممنهجة للقوى النقابية المعارضة من مختلف النزعات الفكرية والسياسية (تجميد، طرد، اعتداءات…). وما يزال الاتحاد العام التونسي للشغل إلى اليوم تحت قبضة نظام بن علي يتحكم فيه عبر بيروقراطية فاسدة. أما الاتحاد العام لطلبة تونس فإن تاريخه يختلف في الجوهر عن تاريخ المنظمة العمالية. فقد وضعه الحزب الدستوري تحت كلكله وأخضعه لمراقبته وقمع كل نزعة استقلالية لقواعده ومناضليه. ولمّا توصّل الطلاب في مطلع السبعينات من القرن الماضي، إلى قلب موازين القوى داخل منظمتهم بمناسبة مؤتمرها الثامن عشر بقربة نظمت السلطة، انقلابا، تحت جناح الليل عيّنت بموجبه عناصر موالية على رأس الاتحاد. وقد عاش هذا الأخير أزمة دامت 17 سنة، قبل أن يعقد مؤتمرا استثنائيا (1989) ويستعيد استقلاليته. ولكن لم تمض سوى سنوات قليلة حتى أعادت السلطة الهجوم على المنظمة الطلابية وخرّبتها من الداخل عن طريق عناصر انتهازية يمينية، مدعومة من الإدارة والبوليس السياسي. ولما اتفقت كل الأطراف الطلابية، عدا تلك العناصر الانتهازية، على عقد مؤتمر توحيدي في ربيع هذا العام (10 و11 و12 أفريل 2009) يضع حدّا لتشتت الصف الطلابي ويكتل جهود الطلبة في وجه هجوم الرجعية النوفمبرية المستمر على حقوقهم المادية والمعنوية تدخّل البوليس السياسي بوحشية، لمنع انعقاد المؤتمر للحفاظ على الوضع المتردي للحركة الطلابية، وغطت أجهزة الدعاية الرسمية وشبه الرسمية على هذا التدخل السافر في الشأن الطلابي، بالادعاء بأن « الخلافات الطلابية الداخلية حالت دون عقد المؤتمر ». ومن جهة أخرى فقد ظهرت جمعية القضاة الشبان إلى الوجود في بداية السبعينات من القرن الماضي، أسوة بجمعية المحامين الشبان التي ظهرت في نفس العام (1970). وظلت هذه الجمعية في « أحضان » السلطة إلى أن برز في صلبها تيار استقلالي يريد أن يعطي للسلطة القضائية الدور الدستوري المنوط بعهدتها. وتمكن هذا التيار من كسب الانتخابات والوصول إلى قيادة الجمعية في أواسط الثمانينات من القرن الماضي، ووصل حد إعلان الإضراب عن العمل من أجل تحسين الأوضاع المادية والمعنوية للقضاة. فما كان من نظام بورقيبة إلا أن هجم على الجمعية وحلها وأحال قياداتها على مجالس التأديب التي سلطت عليهم عقوبات بالعزل لمدد مختلفة. وقد رفض بن علي عند استيلائه على السلطة عام 1987 مطلب إحياء جمعية القضاة الشبان، وبعثت عوضا عنها « جمعية القضاة » عام 1990 بدعوى جمع القضاة الذين كانوا موزعين على جمعية القضاة الشبان والودادية التي كانت تضم كبارهم في هيكل واحد. ولكن تجري الرياح بما تشتهي سفن السلطة، فقد أدّى الضغط المستمر على القضاة وامتهانهم وتوظيفهم إلى بروز تيار مستقل صلبهم من جديد وهو ما أدّى في أواخر عام 2004 إلى صعود مكتب يضم أغلبية مستقلة. وما أن بادر هذا المكتب باتخاذ مواقف ضد انتهاكات البوليس السياسي لحرمة القضاء بمناسبة اعتقال الأستاذ محمد عبّو في مارس 2005، حتى وجد نفسه في مرمى سهام الدكتاتورية التي حرّكت بيادقها داخل القطاع لينظموا انقلابا على المكتب الشرعي بدعم من الإدارة والبوليس السياسي، وقد اتخذت الوزارة إجراءات تعسفية ضد أعضاء المكتب الشرعي الذين يتعرّضون إلى اليوم للتنكيل (مراقبة بوليسية، منع من السفر، خصم من الراتب لأتفه الأسباب…). وقد مثـّل الحفاظ على استقلالية الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، الهاجس الأول والدائم لمناضلاتها ومناضليها منذ أن تم تأسيسها عام 1977. ففي سنة 1985 ولمّا ضاق نظام بورقيبة ذرعا من مواقف الرابطة من انتهاكات الحريات وحقوق الإنسان، عمد إلى تكوين رابطة موازية، لتهميشها، وعيّن على رأس الرابطة الجديدة وزير داخلية سابق (الضاوي حنابلية) الذي كان أشرف بمعيّة بن علي على مجزرة 26 جانفي 1978. وعوض أن تُهمّش الرابطة الأصلية، هُمّشت الرابطة المصطنعة وانتهت في مزبلة التاريخ. وبعد مجيء بن علي إلى السلطة بحوالي خمس سنوات (1992) سعى إلى حلّ الرابطة والقضاء عليها بمقتضى قانون الجمعيات المحوّر الذي يلزم الرابطة بقبول عضوية كل من هبّ ودبّ، وخاصة أعوان الحزب الحاكم والبوليس السياسي. ولم تعد الرابطة إلى نشاطها إلا بعد مدة وبضغط داخلي وخارجي كبير. ولكنها ظلت محاصرة ولم تتمكن من عقد مؤتمرها الخامس إلا بعد ستّ سنوات من مؤتمرها الرابع. وما أن انتهى المؤتمر الذي أفرز قيادة أكثر استقلالية، حتى وجدت الرابطة نفسها من جديد في مواجهة سلطة تأبى أن تراها مستقلة في قرارها. فحرّكت بعض بيادقها لافتعال أزمة داخلية ورفع دعوى للقضاء لأسباب واهية، ومن ثمة أصبحت محاصرة بالبوليس السياسي إلى أن منعت بالقوة من عقد مؤتمرها الوطني سنة 2005 بل وحتى من الاجتماع في مقرها المركزي ومقراتها الجهوية. وما يزال هذا الوضع قائما حتى اليوم. وتردّد السلطة لمن يريد أن يسمعها، أن « الرابطة مكسب وطني ينبغي الحفاظ عليه » وأن الأزمة التي تعيشها « داخلية » ولا دخل للسلطة فيها، وكان أعوان البوليس السياسي الذين يحاصرون مقرات الرابطة ليلا نهارا ويمنعون الدخول إليها جاؤوا من « بلاد الواق الواق » أو هم ممّن وكـّلهم رضا الملولي و »شلته » للدفاع عن مصالحهم. ورغم أن فرع منظمة العفو الدولية بتونس، لا يركز نشاطه على ما يجري في تونس، فإنه لم يسلم من تحرّشات السلطة خلال السنوات الأخيرة. فالمقرّ محاصر من طرف البوليس الذي يراقب كل وافد ولا يتورّع من منع بعض الأنشطة أو من منع حضور بعض الأعضاء فيها. كما أنه يراقب كافة اتصالاتها ويحجز البريد الذي لا يريده أن يصل إلى الفرع. وخلال السنة الماضية داهم البوليس السياسي منزل رئيس الفرع الذي تطوّر نشاطه وبرز حضوره في بعض الحملات (الحملة ضد عقوبة الإعدام، الحملة ضد العنف المسلط على النساء…) وتوطدت علاقاته بمكونات المجتمع المدني الأخرى. وقد اشتدت الحملة على الفرع أمنيا وإعلاميا منذ الجلسة العامة الأخيرة، إذ عمدت بعض العناصر المشبوهة إلى محاولة افتعال أزمة داخل الفرع بفبركة سلسلة من الأكاذيب والاتهامات ونشرها في بعض الصحف وتسريبها إلى الأمانة الدولية بلندن (اتهام الفرع بـ »التسييس » وحزب العمال بالهيمنة عليه وتوظيفه لفائدة أنشطته الخاصة، والهيئة التنفيذية بالتلاعب بالانتخابات…) وكانت هذه العناصر التي سرعان ما دخل البوليس السياسي على الخط لمساعدتها بشكل لمفضوح (توزيع ما يكتبون، نشر مقالات في صحف العار لشتم رئيس الفرع واتهامه بالفساد وسوء التصرّف…) تهدف إلى تلهية أعضاء الفرع بالمشاكل الداخلية، وعند الاقتضاء التأثير في الأمانة الدولية حتى تشن حملة تصفيات تستهدف ناشطات ونشطاء الفرع أو تحلّه. هذه عينات ممّا يتعرّض له عدد من الجمعيات والمنظمات القانونية التي تمكنت من الحفاظ على وجودها. أمّا الجمعيات والمنظمات غير المعترف بها فحدّث ولا حرج. فهي مستباحة للبوليس يعتدي على أعضائها وعلى ممتلكاتهم الشخصية ويخضعهم لمراقبة دائمة، ويتنصّت على هواتفهم ويمنعهم من القيام بأيّ نشاط. إن نظام الحكم سواء كان في عهد بورقيبة أو في عهد بن علي لا يقبل وجود جمعيات ومنظمات وهيئات مستقلة، مهما كان مجال نشاطها وحجمها التنظيمي. وهو لا يتوانى عن استعمال كل الأساليب القمعية لتكسيرها وإخضاعها للحفاظ على احتكاره للحياة العامة وتأبيد هيمنته على المجتمع. وتمثل الديمقراطية أكبر خطر عليها. ونظام الحكم يستعمل دائما نفس الأسلوب في مواجهة الجمعيات والمنظمات المستقلة: افتعال أزمات داخلها عن طريق بيادقه ليدّعي أنه لا ناقة له ولا جمل في ما تعيشه، ومحاصرتها أمنيا وإعلاميا وماليا، وتحيين الفرصة للانقلاب عليها وإن لم يتوفر له ذلك أفشل نشاطها حتى تبقى دون تأثير أو تندثر مع مرور الأيام والأشهر والسنوات. وبالرغم من أن هذه المسألة واضحة فإنه يوجد دائما، عدا بيادق السلطة، أشخاص سرعان ما يدبّ فيهم اليأس والإحباط، وتؤثر فيهم دعاية السلطة وبعض « القنوات » المكلفة بالاتصال والضغط والترويض والتي لا تكف عن ترديد أن « حل الأزمة » أو « تجاوز الوضع » مرهون بتقديم هذا التنازل البسيط أو ذاك أو بـ »التخلي » عن هذا المسؤول « المتطرف » الذي « يرفض الحوار مع السلطة » والذي « تربطه علاقات مشبوهة » مع « التطرف اليساري » أو « الإسلامي ». و »يتخمّر » المعنيون ويظنون أن الحل على « مرمى حجر » فيضغطون من أجل تقديم المزيد من التنازلات أو من أجل تغيير هذا المسؤول أو ذاك، وعوض أن يوجهوا سهامهم للمتسبب الحقيقي في الأزمة أي السلطة، يوجهونها إلى بعضهم البعض ويحوّلون الأزمة إلى أزمة داخلية، إلى أن يتبيّن أن ما وعدت به السلطة مجرد « كلام في كلام » وأن هدفها ليس حلّ الأزمة، بل تعميقها وتأبيدها حتى يظل الهيكل المعني غير ذي فعل في الساحة، فيتراجع البعض وينكمش البعض الآخر في انتظار « بادرة انفراج جديدة ». إن تجربة نصف قرن من حكم النظام الدستوري تؤكد أن هذا النظام بطبيعته معاد لوجود الجمعيات والمنظمات المستقلة. وأن هذه الجمعيات والتنظيمات لا يمكنها أن تتطور وتعمل بصورة طبيعية في ظله. ففي فترة أولى وتحديدا منذ مطلع الستينات من القرن الماضي كان هذا النظام يجرّم تجريما باتا وجود تنظيمات مستقلة ويزج بكل من تحدّثهم أنفسهم تكوين مثل هذه التنظيمات في السجن. ومع تطور النضال الديمقراطي في بلادنا وما فرضه من هامش حرية، اضطر نظام الحكم إلى القبول شكليا وفقا للظروف بوجود تنظيمات مستقلة، ولكنه يعمل بكل الوسائل على خنقها وتهميشها حتى لا تتطور ويتطور تأثيرها، لذلك فإنه ما من منظمة أو جمعية مستقلة في بلادنا (نحن هنا نتحدث عن الجمعيات فحسب علما وأن الأحزاب تعاني ما تعانيه الجمعيات والمنظمات أيضا) إلاّ وهي تعيش أزمة مزمنة بحكم الحصار الأمني والإعلامي والمالي المضروب عليها. فالدكتاتورية النوفمبرية تريد من تلك الجمعيات والمنظمات أن تبقى ديكورا لا غير، حتى يقال « إن تونس تحترم حرية التنظم وبها تعددية ». إن الجمعيات والمنظمات والهيئات بمختلف اختصاصاتها لا يمكن أن تتواجد وتعمل بصورة طبيعية إلا في ظل نظام ديمقراطي، تتوفر فيه الحريات السياسية فيكون من حق العمال والكادحين والطلاب والنساء والمثقفين وكافة طبقات الشعب وفئاته التمتع بحق التنظم من أجل التعبير عن مصالحهم وطموحاتهم والدفاع عنها. وفي تونس، وطالما أن الدكتاتورية قائمة، لا يمكن بأيّ شكل من الأشكال أن يكون للجمعيات والمنظمات والهيئات النقابية والحقوقية والثقافية والنسائية والشبابية وجود عادي، ولا يمكن أن تنعم بالاستقرار، بل ستظل في صراع دائم مع السلطة من أجل الحفاظ على وجودها، إن كانت تريد الحفاظ على استقلاليتها. ومن هذا المنطلق تأتي ضرورة أن يدرك أعضاء تلك التنظيمات المدنية (مثلهم مثل أعضاء التنظيمات السياسية) أن معركتهم مع الدكتاتورية معركة جوهرية، وأنهم للنجاح فيها، مطالبون بالتخلي عن الأوهام وتكتيل ضغوطهم بعضهم مع بعض ومع الأحزاب والقوى السياسية التي تناضل من أجل الحرية السياسية للصمود في وجه الدكتاتورية وتهيئة الظروف لإسقاطها وتأسيس نظام ديمقراطي يكفل تلك الحرية ويحميها من الانتهاك. كما أنه من واجبهم إدراك ضرورة تنويع أساليب نضالهم لتجاوز العراقيل التي تضعها السلطة أمامهم لتلهيتهم وثنيهم عن القيام بمهامهم. فإذا لم يتركهم البوليس السياسي يلتقون في مقرّاتهم الرسمية مثلا، فهل أن ذلك يبرّر تجميد النشاط أو النزول به إلى أدنى حدوده؟ وإذا كانت السلطة تتهم الجمعيات بـ »التسييس » فهل أن ذلك من دواعي عدم التنسيق مع الأحزاب السياسية في النضال من أجل الحريات؟ وإذا كانت السلطة تقمع الجمعيات غير المعترف بها، فهل أن ذلك يبرّر الخوف من العمل معها؟ إن الدكتاتورية لن تنتهي في بلادنا إلا إذا اقتنعت جميع القوى المدنية والسياسية التي لها مصلحة في الحرية بأن مصلحتها في وحدتها وفي تخطي كل العراقيل التي تضعها أمامها الدكتاتورية، من قوانين جائرة وخطوط حمر… (المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ  17 جوان  2009)  

قراءة في التّقرير السّنوي للنّقابة الوطنيّة للصّحافيّين التّونسيّين

أصدرت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين تقريرها لسنة 2009 حول واقع الصحافة في تونس بعنوان « التقرير السنوي للحريات الصحفية، 3 ماي 2009 ». وقد شمل هذا التقرير في أكثر من 30 صفحة من الحجم الكبير وتضمّن عدة أبواب تتعلّق بالمناخ السياسي العام والإطار التشريعي والاتفاقية المشتركة للصحافة المكتوبة وواقع مهنة الصحافة (الحق في الوصول إلى المعلومة وحماية الصحفيين) وغيرها من جوانب الوضع المادي والمهني للصحافيين. وعدّد التقرير جملة الانتهاكات المسجلة في مجال الصحافة المكتوبة بمختلف مؤسساتها وفي مجال الإشهار وفي القطاع السمعي البصري العمومي والخاص وفي مجال الإعلام الجهوي والصحافة الإلكترونية. وأفرد التقرير فقرة أخيرة جاءت كعرض موجز لنشاط النقابة الوطنية للصحفيين والعوائق التي اعترضتها طيلة عام من العمل. وقد عقدت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين ندوة صحفية يوم 4 ماي عرضت فيها مضمون تقريرها وأعلنت موقفها من خصائص الوضع الذي تعمل فيه. وقد شهد هذا الاجتماع حوادث عرضتها وسائل الإعلام الأجنبية تعمّد خلالها بعض « المبعوثين » و »المكلفين بمهمّة » إفساد الاجتماع ومنع رئيس النقابة من عرض التقرير المذكور. وفي ما يلي أهم ما جاء في هذا التقرير: بعد المقدمة التي أكدت فيها النقابة أن ما أوردته في تقريرها من « تركيز على السلبيات والهنات والنقائص ينطلق من رغبة تلافيها وتجاوزها بما يرتقي بإعلامنا وتطوّره… ولا ينبع من موقف عدائي… »، تعرّض التقرير بصورة موجزة ومركزة لمميّزات الواقع السياسي العام بالبلاد حيث ذكّر بأهمّ الأحداث السياسية (مؤتمرات الأحزاب) والإعلامية (صدور بعض الصحف وانطلاق بث تلفزات وإذاعات ومنع واحتجاب البعض الآخر) كما ذكّر ببعض النضالات الاجتماعية (الحوض المنجمي وأعوان مؤسسة الإذاعة والتلفزة) والدّيمقراطية (أزمة الرابطة والاتحاد العام لطلبة تونس) والقومية والعالمية (الحرب على غزة). وفي باب « الإطار التشريعي » عبّرت النقابة الوطنية عن موقفها الصريح من ما تتميّز به مجلة الصحافة من طابع زجري ومخالف للحرية وقدّمت جدولا حول الجرائد والدوريات والإذاعات وقنوات التلفزة التي قدّم أصحابها مطالب رخص ولم تقع بعد الاستجابة لها (4 دوريات وجريدتان و6 إذاعات). كما أكدت النقابة في تقريرها تمسّكها بأحقيتها في النيابة عن الصحفيين التونسيين في المفاوضات الاجتماعية « مندّدة بإقصائها من هذه المفاوضات على الرغم من قيامها بكل الإجراءات القانونية الضرورية » ومذكّرة بخلاصة توصيات الملتقى الدولي الذي نظمته يومي 13 و14 مارس الفائت بالتعاون مع الاتحاد الدولي للصحافيين بخصوص بث قانون موحد للصحافيين التونسيين. أمّا في ما يتعلق بأوضاع أداء مهنة الصحافة فقد أفرد التقرير مسألة « الحق في الوصول إلى المعلومة » و »حماية الصحفيين » بفقرتين أبرز فيها الصعوبات التي يلاقيها أصحاب المهنة في الوصول إلى المعلومة جرّاء التعتيم والمضايقات والضغوط في غياب تشريعات تضمن حق الصحفي في الوصول إلى المعلومة. كما بيّن التقرير تخلف الأحكام القانونية الحالية (الفصل 406 من مجلة الشغل) المتعلقة بحماية الصحفي. هذه الأحكام التي على تخلفها مقارنة ببلدان عربية وغير عربية لا يقع احترامها وتطبيقها. ورصد التقرير في باب « الوضع المادي والمهني » التجاوزات والانتهاكات المادية والمهنية للصحفيين في عديد المؤسسات « التي أثرت سلبا في المنتوج الإعلامي وجودته ». فالصحفيون يعملون على العموم في ظروف عمل سيئة (عدم استقرار، أجور متدنية وغير ثابتة…). ومن ناحية أخرى قدّم التقرير جدولا مفصلا حول الانتهاكات والاعتداءات التي تعرّض لها الصحافيون (22 حالة) من مختلف المؤسسات الإعلامية ووصلت هذه الانتهاكات حدّ الاعتداء بالعنف المادي وطالت النساء والرجال وحتى بعض أعضاء النقابة الوطنية. كما عدّد التقرير في باب « أخلاقيات المهنة » الحالات التي تمّ فيها اعتداء على أخلاقيات المهنة وخرق ميثاق الشرف. كما خصّص قسما كبيرا للصحافة المكتوبة استعرض فيه أوضاع المهنة والصحافيين في دور « لابراس » و »الصباح » و »الأنوار » و »الصريح » و »وكالة تونس إفريقيا للأنباء » وفي الصحف الأسبوعية وصحافة الأحزاب مبرزا الانتهاكات والتجاوزات المسجلة والقضايا التي عرفتها بعض هذه الصحف (الموقف، مواطنون..). وجاءت الأقسام الأخيرة مخصّصة لقطاعات السمعي البصري العمومي والخاص والصحافة الإلكترونية. واعتبر التقرير أن قرار فصل مؤسستي الإذاعة والتلفزة كان غير مدروس ولم يشرّك عند اتخاذه الأطراف المعنية زيادة على إصدار قوانين خاصة بكل منهما ولم تأخذ في الاعتبار النقابة الوطنية التي تمّ إقصاؤها. وبطبيعة الحال فإن مثل هذه القرارات أدخلت « فوضى وإرباك » للمؤسستين علاوة على استمرار تقاليد المحاباة وتحقير الكفاءة والحرفية ومواصلة المؤسسات الإعلامية على نهجها في المادة الإعلامية والثقافية الخاضعة للرقابة والتوجيه. أما بالنسبة للصحافة الإلكترونية التي وجد فيها المواطن ضالته « ليشفي تعطشه وبحثه المتواصل عن الخبر » فقد اختلط فيها « الصحيح بالزائف والمعلومة بالإشاعة ». ولكن الحراك الذي شهده الإعلام الإلكتروني (مواقع، حركة تدوين، إلخ.) عرف هو الآخر عراقيل « الحجب والقرصنة وعديد التضييقات ». الفصل الأخير من التقرير خُصّص لأوضاع النقابة الوطنية للصحافيين إذ تمّت الإشارة إلى انسداد أبواب الجهات الرسمية وغير الرسمية في وجهها وعدم التعاطي مع الملفات التي طرحتها بجدية ورفض الكثير من الأطراف الاعتراف بها كممثل للصحافيين في القضايا المادية والمهنية التي تهمّهم خاصّة أثناء دورة المفاوضات الاجتماعية العامة. وجاء في التقرير « لعلّ المسألة المثيرة للانتباه تعمّد جل المؤسسات الإعلامية عدم تغطية أنشطة النقابة وجلساتها العامة والإعلام بمواقفها في حين تفتح الأبواب واسعة أمام كل من يحاول الإساءة لصورتها والنيل من مصداقيتها ». لقد جاء هذا التقرير شاملا (حتى وإن لم يتوقف عند كل الانتهاكات: الفاهم بوكدّوس…) وموضوعيا وجريئا، وهذا ما يفسّر الحملة الشرسة التي شنت ضد النقابة والتي تقودها السلطة عن طريق بعض عملائها في قطاع الصحافة. ومازالت هذه الحملة متواصلة خاصة بعد استقالة ثلاثة أعضاء معروفين بولائهم للحزب الحاكم من مكتبها التنفيذي وترويج عريض مشبوهة ضد المكتب الوطني في خطوة تذكرنا بمسلسلات السطو على المنظمات المستقلة وتفكيكها بتوظيف القضاء والجهاز البوليسي (جمعية القضاة، رابطة حقوق الإنسان…). (المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ  17 جوان     2009)

النظام الداخلي وتركيبة الهيئة العليا لحقوق الإنسان

تونس-الصباح
تم مؤخرا إصدار أمر يتعلق بالمصادقة على قواعد تنظيم الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية وطرق تسييرها والتصرف فيها ونظامها الداخلي. وذلك بعد ان تم ضبط تركيبة أعضاء الهيئة منذ مطلع السنة الجارية والمصادقة على القانون المنظم لها خلال جوان من العام الماضي. وجاء في نص المصادقة أن رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية مكلف بالسهر على أداء الهيئة العليا مهامها المحددة في القانون المؤرخ في 16 جوان 2008 المتعلق بالهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية. وهو الذي يمثل الهيئة العليا لدى السلطات والهيئات الوطنية والدولية، والناطق الرسمي لها. كما يسهر على تطبيق أحكام النظام الداخلي للهيئة العليا. وعند تعذر قيامه بمهامه يتم تعويضه بأكبر أعضاء الهيئة العليا سنا والذين لهم حق التصويت. وتجتمع الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية في صيغة جلسة عامة عادية تنعقد مرة كل ثلاثة أشهر على الأقل، وكلما دعت الحاجة إلى ذلك لاتخاذ قراراتها ولإبداء آرائها في خصوص ما يتم عرضه عليها. ويمكن انعقاد جلسة استثنائية بطلب كتابي يصدر على الأقل عن ثلث أعضاء الهيئة العليا الذين لهم حق التصويت ويوجه في هذه الحالة طلب الانعقاد إلى رئيس الهيئة العليا ويتضمن الطلب الموضوع المراد دراسته. وينص النظام الداخلي على أن تشتمل الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية على لجنة قارة للعرائض والشكايات ولجنة قارة للتقارير العامة. وقد تم أيضا التنصيص على أن يتم إحداث صلب الهيئة مركز للإعلام والتوثيق والبحوث حول حقوق الإنسان والحريات الأساسية، ووحدات، ومكتب ضبط. يسهر رئيس الهيئة العليا على تسيير مصالحها ويساعده على أداء مهامه كاتب عام ومكلفون بمهمة. ويرفع رئيس الهيئة العليا إلى رئيس الجمهورية خلال الثلاثية الثانية من كل سنة تقريرا حول نشاط الهيئة العليا خلال السنة السابقة لتاريخ تقديم التقرير،وتقريرا وطنيا عن حالة حقوق الإنسان والحريات الأساسية في تونس. وذلك بعد موافقة الجلسة العامة العادية عليهما. كما ينص النظام الداخلي للهيئة العليا على إحداث وحدة للعلاقات العامة والتعاون الدولي مكلفة بالخصوص بالعلاقات مع المنظمات غير الحكومية والجمعيات والهيئات الناشطة في مجال حقوق الإنسان، والعلاقات مع مؤسسات الأمم المتحدة ذات الاختصاص وكذلك مع المؤسسات الإقليمية والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في الدول الأخرى. تركيبة الهيئة وقد تم بمقتضى أمر صادر بتاريخ 30 ديسمبر 2008، تحديد تركيبة الهيئة العليا كانت « الصباح » قد تولت نشرها حصريا. وتتكون التركيبة من 15 شخصية وطنية، و12 ممثلا عن المنظمات غير الحكومية الوطنية المعنية بحقوق الإنسان، وممثل عن مجلس المستشارين، وممثل عن مجلس النواب، فضلا عن ممثل عن كل وزارة من الوزارات المكلفة بالعدل وحقوق الإنسان، والداخلية، والشؤون الخارجية، والصحة، والتربية والتعليم العالي، والشؤون الاجتماعية، والشباب والطفولة، والثقافة، والمرأة والاتصال. ويرأس الهيئة العليا لحقوق الانسان والحريات الأساسية حاليا السيد منصر الرويسي. علما وأن رئيس الجمهورية يعين رئيس الهيئة وكافة أعضائها لمدة ثـلاث سنوات قابلة للتجديد بموجب أمر. وتتكون قائمة الشخصيات الوطنية الذين تم تعيينهم من السادة حسونة بن عياد، الحبيب سليم، حاتم قطران، محمد الفريوي، الهادي بن معيز، علي بلهاني، آمنة عويج، ريم بلحاج، كلثوم بن حسين، عبد الوهاب محجوب (أساتذة تعليم عال). والسادة عبد الله الهلالي (قاض)، عبد الله الأحمدي، سمير العنابي (محاميان)، برهان بسيس (صحفي)، بشير قدانة (طبيب). وتم تعيين كل من السيد الصحبي القروي كممثّل لمجلس النوّاب، والسيدة نعيمة خيّاش كممثّلة لمجلس المستشارين. أما ممثّلو الجمعيّات النّاشطة في مجال حقوق الإنسان والحريّات الأساسيّة فقد تم تعيين السادة محمّد شندول عن الإتحاد العام التّونسي للشغل، سعاد خلف اللّه عن الإتّحاد الوطني للمرأة التّونسيّة، عبد اللّطيف الصدام عن منظمة الدّفاع عن المستهلك، منذر الرزقي عن المنظمة التّونسيّة للتربية والأسرة، توفيق ونّاس عن الهلال الأحمر التّونسي، جمال الدين عبد اللطيف عن الإتّحاد التّونسي للتضامن الاجتماعي، فاطمة موسى عن جمعيّة بسمة للنهوض بتشغيل المعوقين، الشاذلي الصرارفي عن المنظمة الوطنيّة للطفولة التّونسيّة، محمّد الهاشمي بلوزة عن اتّحاد الكتّاب التّونسيّين، إلياس بن مرزوق عن جمعيّة أطبّاء بدون حدود، عز الدين القرقني عن جمعية الدراسات الدولية، محمد بن سدرين عن جمعية إدماج المساجين المفرج عنهم. دعم استقلالية الهيئة وكان القانون المتعلق بالهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية قد تمت المصادقة عليه خلال شهر جوان من السنة المنقضية وهو يهدف إلى الارتقاء بالأحكام المنظمة لهذه المؤسسة التي تم إحداثها بمقتضى أمر مؤرخ في 7 جانفي 1991، إلى مرتبة القانون وإقرار استقلاليتها الإدارية والمالية ومراجعة تركيبتها بما يدعم التواصل بين الدولة ومكونات المجتمع المدني ويعزز اختصاصها. ويقر القانون دعم استقلالية الهيئة وإضفاء مزيد من المرونة على تسييرها من خلال منحها الشخصية المعنوية والاستقلال المالي وتنويع مصادر تمويلها مع المحافظة على طابعها غير النفعي. وتمكينها من إنشاء فروع لها داخل الجمهورية. إعداد رفيق بن عبد الله (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 18 جوان 2009)

الحبيب الشابي عضو المكتب التنفيذي لنقابة الصحفيين التونسيين لـ »الصباح »:

«استقالتي من المكتب التنفيذي واردة جدا»


أجرى الحوار: رفيق بن عبد الله تونس-الصباح: قال السيد الحبيب الشابي عضو المكتب التنفيذي للصحفيين التونسيين أن « استقالته من المكتب التنفيذي ممكنة وغير مستحيلة ». وأفاد في حديث لـ »الصباح » تطرق فيه إلى موقفه من الوضع الراهن الذي آلت إليه النقابة ورؤيته لكيفية تجاوز ذلك الوضع ومعالجة الملفات المهنية والاجتماعية للصحفيين، أن استقالته من المكتب « إن كانت تؤدي مباشرة إلى حل عادل يرضي جميع الصحفيين وتحترم إرادتهم وتحقق أغلب تطلعاتهم فهي ممكنة وغير عصية ». داعيا السلطة والمجتمع المدني إعانة الصحفيين على أن يكونوا جزءا من الحل وليس جزءا من المشكل »، وقال « لنقر بأخطائنا التي قمنا بها داخل المكتب التنفيذي سواء وفق النقد الذاتي او وفق مبدأ المصارحة الذي يربطنا بعموم الصحفيين ». * كيف تصف الوضع الذي آلت اليه النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين؟ ـ وضع النقابة الآن بات يعاش ولا يوصف، لأن مجرد الوصف قد يقودنا الى إلغاء جملة من الأسباب الموضوعية والتاريخية التي تسببت في هذه الأزمة الهيكلية العميقة والحادة في الآن نفسه.. فهل يمكن أن يعمل المكتب التنفيذي بصورة طبيعية في غياب بقية الهياكل، وهل يمكن لهذه الاخيرة أن تقوم بكامل وظائفها في غياب المكتب التنفيذي؟ ثم ماذا يمكن أن نحقق لعموم الصحافيين والجميع يتخبط في هذه الأزمة؟ وأخيرا أي مصداقية وفاعلية لهذه النقابة وهي تعيش حالة من التمزق والتشتت والصراع المحتدم يوما بعد يوم.. وهل أن حرب البيانات بامكانها أن تمد جسور التواصل مع الصحفيين ومع الاطراف المعنية بالملف الاعلامي عامة.. * تبدو مقاربتك لوضع النقابة موغلة في التشاؤم، أليس هناك بوادر انفراج في الأفق؟ ـ هناك مرارة يعيشها اليوم جميع الفرقاء وتزداد درجة هذه المرارة حين نعيد فتح الملفات الاجتماعية والمهنية وتتفحص اوضاع العديد من الزملاء والزميلات في العديد من المؤسسات الاعلامية وما هو أكثر تعقيدا في هذه الأزمة الهيكلية للنقابة الظلال التي ألقتها على الساحتين الوطنية والدولية. * ألا تعتقد أن المكتب التنفيذي قد زاد في تعقيد الاوضاع من خلال تقرير الحريات؟ ـ أنا شخصيا لا أؤمن بالتحاليل الميكانيكية والمباشرة، فالأسباب متعددة ومتراكمة، فيمكن التأكيد أن بوادر التأزم قد بدأت من لحظة توزيع المسؤوليات وتطورالوضع الى أن وجدت نواة صلبة داخل المكتب التنفيذي ساهمت في اقصاء بعض الاعضاء الرافضين لتسييس العمل النقابي وارتهانه بأجندات غير صحفية لا تمت بصلة بانتظارات عموم الصحفيين.. وبعيدا عن منطق المحاسبة أو التضليل علينا أن نقر بأن تونس من البلدان القليلة في العالم التي تحتفل بالعيد العالمي لحرية الصحافة، فضلا عن التقاليد المحمودة التي دأب عليها سيادة الرئيس زين العابدين بن علي والمتمثلة في تهنئة نقيب الصحفيين وكافة الاعلاميين بهذا العيد، اضافة الى أن باب الاعلام بات بندا ثابتا في كل خطابات سيادته. علينا اليوم أن نستفيد من اخطائنا ونعمل من مواقع متقدمة على رأب الصدع الذي أصاب جدران البيت الصحفي وبنكران الذات دائما والتنازل احيانا يمكن أن نعزز وحدة الصحفيين ونعمق أواصر الزمالة بينهم، لأن المهم ليس الموقع، بل الأهم هو الموقف؟ * هناك حديث في الكواليس عن استقالة العضو الرابع من المكتب التنفيذي، فهل يمكن أن ترتبط هذه الاستقالة بالحبيب الشابي؟ ـ اصلاح الوضع الصحفي لا يرتبط باستقالة الرابع أو الخامس أو كامل اعضاء المكتب التنفيذي، بل بتصور شامل ينهض على أسس موضوعية قوامها أولا المحافظة على النقابة كمكسب وطني وثانيا على وحدة الصحفيين، وثالثا العمل على حل القضايا المطروحة وفق تطلعات عموم الصحفيين.. علينا جميعا أن نفكر بكل الوسائل الكفيلة باخراج هذه النقابة ومن ورائها عموم الصحفيين من عنق الزجاجة، علينا أن نتفادى ما آلت اليه الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان وما آل اليه الاتحاد العام لطلبة تونس، علينا أن نتسلح بالجرأة.. على جميع الاطراف من داخل النقابة ومن خارجها أن تفك أسر الصحفيين وانشطارهم.. على الجميع احترام استقلالية العمل الصحفي وتجذير الثقافة والممارسة النقابية وفق مبادئها وقيمها النبيلة، وعلى السلطة والمجتمع المدني اعانة الصحفيين على أن يكونوا جزءا من الحل وليس جزءا من المشكل. فتراكم المشاكل قد يتحول الى توظيفات سياسية وغير سياسية في الداخل والخارج، على الصحفيين الالتزام بأخلاقيات المهنة واحترام القانون الأساسي والنظام الداخلي والاحتكام الى العقل والمنطق والقاعدة الصحفية والموضوعية لنقر بجملة الاخطاء التي قمنا بها داخل المكتب التنفيذي سواء كان وفق منطق النقد الذاتي أو وفق مبدإ المصارحة الذي يربطنا بعموم الصحفيين. * هل انت مستعد للاستقالة وانهاء حالة الصراع والانقسام؟ ـ جميع الصحفيين على علم بأنني من دعاة الوفاق والوحدة والاعتدال، مثلما هم على علم بأنني لم أكن في يوم من الأيام عنصر تفرقة وتشدد وانقسام.. وإذا كانت استقالتي تؤدي مباشرة الى حل عادل يرضي جميع الصحفيين ويحترم ارادتهم ويحقق أغلب تطلعاتهم، فإن استقالتي من المكتب التنفيذي ومن الاعلام عامة ممكنة.. أي أنها غير عصية وغير مستحيلة.. * تحدثت عن امكانية الاستقالة من العمل الصحفي، فهل تلقيت عروض شغل أخرى أو وعودا خاصة من أية جهة من الجهات؟ ـ ليعلم الجميع انني لا استطيع العيش خارج بلدي رغم توفر عروض شغل بمؤسسات اعلامية كبيرة، كما يجب أن يعلم الجميع أن الصحفي لا يمكن أن يعيش فقط بقلمه، بل يمكن أن يعيش بشرفه وبصدقه مادام يتنفس ملء الصدر، ملء الرئتين من اكسيجين الحرية. لقد تعلمت من ترحالي وتنقلاتي وطردي المتواصل من أغلب المؤسسات الصحفية التي عملت بدواميسها وفي ظلمتها القاتمة كيف أنحت كياني من مفاصل الصخر ومن ثنايا الصحاري وغبار الطريق.. ولكن في بلد أرحب أفقا وامكانية العيش بكرامة حتى خارج القرطاس وبعيدا عن القلم.. * تقول هذا الكلام وكأنك تستميل السلطة السياسية أو كأنك تبعث اليها برسائل محددة بعد استقالتك من المكتب التنفيذي ومن الاعلام؟ ـ عليك يا صديقي أن تميز بين الحزب الحاكم ومعه بقية الاحزاب وبين الحكومة والدولة والسلطة، حتى تتبين الخيط الابيض من الخيط الأسود، ثم تحدد جملة العلاقات التي تحكم كل هذه المؤسسات والهياكل.. فالسلطة لا تستمال، قد تستميل احيانا، وأنا شخصيا قد بلغت ذروة السعادة الانسانية، لأن هناك أطرافا من الحزب الحاكم تعتبرني من المعارضة، وهناك أطرافا اخرى من المعارضة تحسبني على التجمع الدستوري، واذا كان للفرد شرف الانتماء الى أي حزب فأنا سليل هذه التربة من شمالها الى جنوبها لا غير. (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 18 جوان 2009)

رحيل عم خميس- المولدي زليلة..قرن من النضال من أجل الشغيلة والشعب

  بعد أربعة وتسعين عاما من النضال والتضحية والإبداع والعطاء الثري للعمل الثقافي والسياسي والجماهيري، رحل الأب الروحي للوطنيين والنقابيين واليساريين التونسيين المولدي زليلة أو « عم خميس » الكنية التي عرف بها لدى جميع من تعرف عليه وذلك  يوم الخميس  10 جوان من سنة 2009 بمدينة منشئه جزيرة قرقنة التي أنجبت مؤسس الحركة النقابية في تونس فرحات حشاد جزيرة ، وشيّع جثمان الفقيد وسط جمع هام من رفاقه وأصدقائه والعديد من المثقفين والسياسيين التونسيين رحل « عم خميس » الذي جاء للدنيا ذات سبعة وعشرين ديسمبر من سنة 1917 حيث الحرب التي ملأت العالم ساعتها عكست جيناتها الوراثية عليه ولم يجد من غيرها خيارا للتحرر الوطني والانساني من الاستعمار والأنظمة الشمولية فانظم للحزب الحر الدستوري وبعدها للحزب الشيوعي واقترب لليوسفيين..وعمل بالجيش الفرنسي وهرب منه..! وناضل مع فرحات حشاد واختلف معه جامعا في جوانب من حياته متناقضات لا منطقية عند البعض و فعالة عند البعض الآخر.. لم يترك أفقا نضاليا إلا وكان من محركيه، انخرط في الإتحاد النقابي للعمال التونسيين (USTT وكان أحد مؤسسي الحركة الشيوعية التونسية ومن أشد المنافحين لامتداده القومي والمنتصرين للقضية الفلسطينية التي لم يبخل عليها بشيء من التزامه ونضاليته وحكم عليه بالإعدام لمحاولته الالتحاق بها.. كما في تونس..كما في المهجر  تواجده بعاصمة الأنوار باريس لم يقيله عن النضال اليساري الشعبي، وتواجده دائما في صفوف الشغالين والهامشيين في تونس كما في باريس كان يفتح له الآفاق دائما من أجل إبداع طرق جديدة للالتزام بقضايا شعبه ووطنه  فأصدر في العاصمة الفرنسية، التي رحل إليها سنة 1957 والتقى فيها  بسارتر وسيمون دي بوفوار وتوفيق الجبالي  ومحمد إدريس وحسن كركر ورجاء فرحات وجلبار النقاش والهاشمي الطرودي، أصدر جريدة العامل التونسي حيث عمله وقتها مع حركة آفاق اليسارية العمالية، هذه الجريدة التي أسسها صحبة رفيق دربه المناضل الهاشمي بن فرج واتسمت بطابعها التهكمي و »اقترابها من الهموم الحقيقية التونسية » وهو السبب الذي أدى لوأدها من قبل « البعض من السياسيين التونسيين الذين رأوا أن هذا الأسلوب شعبوي ولا ينطلق من قاعدة إيديولوجية واضحة وكانوا سببا في توقفها عن الصدور! ». « بابور زمر » قصيدة كتبها المولدي زليلة وهو يولي وجهه قبلة أوروبا ويترك وطنا عزيزا على قلبه أعطاه الكثير وزرع فيه حب التحرر، هذه القصيدة الشهيرة تحولت إلى أغنية شعبية يؤديها الفنان التونسي الهادي قلة في كل الأماكن  » الجامعات، التجمعات العمالية.. » ويحي بها الروح الوطنية الملتهبة في تلك الأزمان الجديدة بعد الاستقلال، ويرثي فيها الشباب المهاجر عن أوطانه فيقول: بابور سافر عل العين غاب تحت الضباب محشي معبي بخير الشباب وسڤوه للاجنبي بلا حساب مثل الدواب الفرڨ بينه و بين البڤر جواز السفر نحات ورسام..شعبي  عُرف « عم خميس » بعد عودته لتونس أواخر السبعينات بالنحت اشتغالا على الطين وبالرسم الكاريكاتيري والرسم على البلور والقماش، فأنتج العديد من التحف والتماثيل الإبداعية كتلك التي لفرحات حشاد، والكثير الكثير من الرسوم والكاريكاتيرات التي انتصر من خلالها للفقراء والمهمشين ولقضية تحرر المرأة..، وحاول أن يلامس مكامن الحيف الاجتماعي والإقصاء بواقعية كبيرة والتصاق شديد بهموم مجتمعه..   فيما يلي تقرؤون قصيدته الشهيرة:   بابور الهجرة * بابور زمّر خش البحر عطى بالظهر لأرض الوطن عز الوكر *** بابور زمّر خش الغريق سالك طريق ﭬدا أرض غربة تشيح الريق عاطي بظهره لوجه الصديق و ﭬلب الرفيق وجوه الأهالي طافية صفر هم و كدر *** بابور زمّر بالصوت عالي عل الوطن جالي يحمل شباب عالشعب غالي ﭬداه اليدين ترعش تشالي دمع الأهالي يلذع و يجرح شبح النظر حرڨ الشفر *** بابور زمّر خاشش لبحره ﭬدا أرض برة لسماء صافية عاطي ظهره يحمل شباب من أرض خضراء لحياة مرة كما يحمل الواد وﭬت المطر عتوڨ الشجر بابور زمّر هج مالوطن في مثيل سن يڤص الموج ﭬص الجبن عل البحر أزرڨ خلـّف كفن خلـّى السفن عالشط ترعش خايفة الخطر هاج البحر ماج البحر *** بابور سافر عل العين غاب تحت الضباب محشي معبي بخير الشباب وسڤوه للاجنبي بلا حساب مثل الدواب الفرڨ بينه و بين البڤر جواز السفر   رحمك الله يا « عم خميس » ملاحظة: العبارات الموجودة بين مزدوجتين مأخوذة عن إجاباته لحوار أجراه معه الزميل ناجي الخشناوي في جريدة الشعب بتاريخ 16 فيفري 2008. كتبها:بدر السلام الطرابلسي

كي لا ننسى مائوية المناضل الشهيد الحبيب ثامر

بقلم: آمال موسى يبدو أن عام 1909، تاريخ حاسم واستثنائي في ذاكرة تونس الإصلاحية والثقافية والنضالية الوطنية.ذلك أن سنة 1909 فأل خير على تونس إذ زفت لها العديد من المبدعين ومن الكفاءات المهمة التي تمثل من أبرز عناصر النخبة التونسية التجديدية والمنتجة للأفكار من جهة والمجسدة لمقولات العمل والتجاوز والوطنية الصادقة والإبداع الحر والخلاق من جهة أخرى. ولم يرزقنا عام 1909 بأبي القاسم الشابي وبالعلامة محمد الفاضل ابن عاشور وبعلي الدوعاجي والهادي الجويني فقط بل أن  هناك أيضا  في القائمة شخصية ذات أهمية قصوى ،ساهمت في صنع تحرر تونس من محنة الاستعمار وعُرفت بإحساسها العميق بشعبها حتى أنها ـ أي هذه الشخصية- اختارت أن تكون قضيتها الأولى والأخيرة الدفاع عن الشعب التونسي وحقه في تقرير المصير  ومنحت هذه القضية العقود الأربعة التي عاشتها. إنه الدكتور الراحل الحبيب ثامر (1909-1949)،الذي يصفه البعض بمهندس المقاومة المسلحة ضد الاستعمار ويلقي عليه البعض الآخر ومنهم الباحث عبد الجليل التميمي لقب قديس الحركة الوطنية في تونس لِما عرف به من صدق وتفان غير نفعي من أجل تحرير تونس من الاستعمار ووحشيته. لذلك فإن للدكتور الحبيب ثامر أكثر من دين نحونا وأولها أن لا يُنسى وأن يأخذ حقه من الاعتراف والتكريم .بل أنه في إحياء ذكرى مئوية ميلاده احتفاء بالمناضلين كافة وتحفيزا للشباب كي يتعرفوا على رموز تونس وصانعي تحررها وتألقها. وفي هذا السياق لعله من المهم أن نتحلى بشيء من العدل ( على صعوبة ذلك) في استحضار انجازات رموزنا وأعلامنا وأن لا نركز على أسماء دون أخرى والحال أن ما تعيش فيه تونس اليوم من حداثة ومن انتصار ساحق على الأمية ومن أمن واستقرار ومستوى حياتي لائق هو نتاج جهود سابقة وراهنة لعدد كبير من المناضلين والغيورين الوطنيين والمجتهدين في المجالات كافة. من هذا المنطلق وفي إطار مبادرات رد الاعتبار والرؤية القائمة على المصالحة مع الرموز الوطنيّة ،نعتقد أنه من حق الدكتور الحبيب ثامر علينا أن نحتفل بمرور مئة عام على تاريخ ميلاده (هناك تضارب في المراجع حول تاريخ ميلاده: 4أفريل أو 9 ماي 1909) ويمكن للتجمع الدستوري الديمقراطي أو معهد الحركة الوطنية أن يضطلعا بمهمة إحياء مائوية رجل وهب حياته وانتهى شهيدا من أجلها. والمقصود بإحياء مائويته هو تناول نضاله وأفكاره ومزيد التوقف عند كتابه « هذه تونس » وهو الكتاب الذي أظهر فيه الحبيب ثامر وتحديدا في الفصل المتعلق بالحركة الوطنيّة التونسيّة أنه رجل موضوعي لا يزهق جهد غيره  مترفعا كما ذكر المؤرخ الراحل حمادي الساحلي عن حسابات الحزبية الضيقة . وكما هو معروف ،فإن الدكتور الحبيب ثامر متخرج من كلية الطب في باريس ومتخصص في فن الطب الاجتماعي . وعلى المستوى النضالي نشط في « جمعية طلبة شمال إفريقيا المسلمين »  وكان من أشد المنتقدين لمحاولات المستعمر في تهميش  اللّغة والثقافة العربيتين في تونس وبقية الأقطار المغاربية فكتب المقالات وقدم الخطب منددا بالسياسة الاستعمارية وبواقع التعليم والثقافة والحياة الاقتصادية. كما أنه من باعثي شعبة طالبية دستورية بباريس في عام 1938 وما إن عاد إلى تونس حتى التحق بعناصر لجنة المقاومة الوطنية الدستورية السرية . وبسبب الأعمال المزعجة والمقلقة التي قام بها صحبة رفاقه ضد السلطة الاستعمارية والمظاهرات التي قادها ومقالات الاحتجاج والتنديد التي كتبها ،تمت إحالته على المحكمة العسكرية الفرنسية التي أصدرت ضده حكما بالسجن مدة 20عاما إلا أنه فلت من هذه العقوبة. واعترافا له بالوطنيّة الجارفة والنضال غير المحدود ،أُنتخب في 17أكتوبر 1948رئيسا مساعدا للحزب الدستوري الجديد وهي خطة تعكس درجة الثقة وحجم المصداقية التي حظي بها الحبيب ثامر. ولكن لماذا أطلقت عليه صفة الشهيد؟ بكل بساطة لأنه مات شهيد الدفاع عن قضية تونس حيث أنه على إثر تعيينه لتمثيل تونس في المؤتمر الاقتصادي الإسلامي، الذي عقد في كراتشي العاصمة الباكستانية وأثناء  قيامه بجولة داخل باكستان  حيث عقد الندوات ووزع وثيقة تشرح القضية التونسية بأكثر من لغة …على إثر هذه الجولة التي ركز فيها على مزيد التعريف بالقضية التونسية، لقي حتفه في 13 ديسمبر 1949 عندما اصطدمت الطائرة بقمة جبل من جبال باكستان. لذلك فإنه من واجبنا إزاء هذا المناضل أن نخصص له الحيز الذي يستحق لمقاربة دوره ونضاله وتكريمه في ذكرى ميلاده المئة  خصوصا أن الاستعدادات في بعض الأقطار المغاربية (في مدينة طنجة المغربية وفي الجزائر) جارية حاليا لتكريم الدكتور الحبيب ثامر. (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 18 جوان 2009)

« اللاقمي » في قفص الاتهام : الحلول الأمنيّة وحدها لن تضع حدّا للمخدّرات والعنف

أصدرت السّلط الجهويّة بقبلي قرارا بتنظيم حملة أمنية ضد تداول وتعاطي مادة « القيشم » وهي مادة مخدّرة كانت سببا في العنف في أوساط معينة من الشباب وصلت حدّ القتل. وقد تجاوزت قضايا القتل المرتبطة بتناول هذه المادة إلى 3 أو 4 حالات في الأشهر الأخيرة. وينظم أعوان البوليس في مختلف قرى قبلي حملات في الواحات ضدّ هذه المادة وضدّ مروّجيها ومتعاطيها. ومرة أخرى تؤكّد السلطة أن تعاطيها مع كل مشاكل المجتمع التونسي لا يمكن أن يكون إلا أمنيا. فعوض الوقوف على أصل العلة، وقع الانحراف بها والتركيز على جانب واحد منها. فإذا كان « القيشم » هو السبب فلماذا لا تطال الحملة كل المسكرات الأخرى التي لها نفس المفعول وربما أكثر والتي تباع في محلات الدولة والتي لا يقارن الإقبال عليها مع الإقبال على مادة « اللاقمي »؟ لماذا طال القرار حتى « اللاقمي الحلو » الذي يعتبر أحد مميّزات الجهة وهو مصدر رزق العشرات أو المئات من سكان الجهة؟ إن هذا القرار هو انتقائي ودعائي في آن، انتقائي لأنه لا يقف على حقيقة أسباب تنامي العنف في وسط عُرف بكون هذه الظاهرة خفيفة نسبيا فيه. إن تضاعف العنف وبروز جرائم القتل هو مؤشر يجد أسبابه في الظروف الموضوعية أساسا علما وأن ممارسي العنف وضحاياه هم من الشباب العاطل، الفقير، محدود التعليم والثقافة، مضافا إليها الإدمان الذي لا يشمل بالضرورة مادة « اللاقمي » فقط بل عادة ما يشمل مسكرات أخرى بما فيها الأقراص والمواد المخدرة. وإن كانت مادة « اللاقمي » هي خاصية الجنوب الغربي، فإن باقي المسكرات هي خاصية كل العالم، علما وأن اللجوء إلى مادة اللاقمي المخمّر (القيشم) إنما يمليه الفقر ومحدودية الدخل. فهذه المادة وخاصة في شكلها الأكثر تعفنا، هي في « متناول الجميع » مقارنة بالخمور المصنعة رسميًّا والتي تباع بأسعار مرتفعة (« صاروخ لاقمي »، أي ما يعادل لتر ونصف بدينار واحد مقابل 4 دنانير لنصف هذه الكميّة من الخمور المصنّعة رسميا). إن تنامي ظاهرة العنف في السنوات الأخيرة في كامل البلاد وليس في منطقة الجنوب الغربي فحسب تجد أسبابها في النظام الاقتصادي والاجتماعي السائد الذي يفرّخ ردود الأفعال الهجينة والعنيفة ليس ضد النظام المذكور بل ضد ضحايا النظام الرأسمالي ذاتهم، أي بين المفقرين الذين إلتجأوا إلى الغابة وأجوائها بحثا عن « تفرهيد » وهمي وعن هروب من إيقاع الحياة المرّ، لكن هذا الهروب يكون إلى وضع أمرّ. فمادة « اللاقمي » تضاف إليها أحيانا مواد مخدرة وسامّة (الفليوم، عظام الجيفة، ماء الخندق، الغاز المركز…) دون التفطن إلى أخطارها الصحيّة وتأثيرها على المدارك العقلية لمتناوليها. إن رافل « اللاقمي » لن يقضي على العنف والإجرام بل إنه سيعطي للإدمان « نكهة » إضافية، نكهة تحدي ومراوغة رجال الأمن. ومشاكل شباب قبلي وشباب تونس لن تحل باللجوء إلى الخيار الأمني ولا بالقبضة البوليسية الحديدية، وإنما تحلّ بالوقوف على أصل الداء ومعالجة الأسباب العميقة لهذه الظواهر. وبما أن الدكتاتورية النوفمبرية عاجزة عن معالجة الأمور من هذه الزاوية بحكم طبيعتها المعادية للشعب وسياساتها المولدة للعنف والإجرام فإن الحل الحقيقي يمرّ بالضرورة عبر النضال ضدها ومن أجل إقامة مجتمع لا يحتاج فيه المواطن إلى شرب السموم لنسيان واقعه الأليم. (المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ  17 جوان     2009)

مراقبة الأنترنيت جزء من وضع الصّحافة في بلادنا

تكثف بشكل لافت في المدّة الأخيرة عمل أجهزة مراقبة الأنترنيت، وتركز مؤخرا على مراقبة المحلات العمومية للأنترنيت (البوبلي نات) حيث أعطيت التعليمات إلى أصحاب هذه المحلات بمطالبة الحرفاء بالاستظهار ببطاقة التعريف الوطنية قبل الشروع في استعمال الخدمة. وينضاف هذا التضييق الجديد إلى قائمة التضييقات الأخرى التي أصبحت مألوفة لدى عموم مستعملي الأنترنيت في بلادنا مثل مراقبة مواقع الأحزاب والجمعيات، والبريد الإلكتروني الشخصي… وقد أصبح « بوليس الأنترنيت » يتفنن في إبداع طرق مستجدة وخبيثة لمراقبة بريد الأفراد والتدخل لإفساده. وقد لاحظ العديد في الأيام الفارطة أن الشخص قد يقضي وقتا طويلا دون التمكن من الولوج إلى بريده الخاص (وهو أسلوب قديم)، وإن تمكن من ذلك فإنه لا يستطيع قراءة رسائله. فإذا كان الشكل الكلاسيكي لعمل أجهزة البوليس هو أن « تطير » الرسائل غير المرغوب فيها بمجرد محاولة قراءتها ليجد مكانها رسائل أخرى كثيرا ما تكون شتما وبلادة، فإن الشكل المستجد هو أن لا يستطيع الواحد الدخول إلى رسائله ولا الولوج إلى « الفايس بوك » بأيّ وسيلة كانت. ويتضرّر من هذا الأسلوب العديد من النشطاء فضلا عن المنظمات والجمعيات. يأتي هذا « الإبداع » في عمل أجهزة الرّقابة في الوقت الذي صدرت فيه العديد من التقارير الدولية بمناسبة 3 ماي، اليوم العالمي لحرية الصحافة والتي أجمعت على رداءة أوضاع الحريات الصحفية في بلادنا التي حازت أسوأ المراتب في هذا المجال ضمن « كوكبة » الأنظمة الشمولية « الخارجة عن التاريخ » مثل السعودية والصين وبرمانيا وسوريا وإيران… وكذلك في الوقت الذي صدر فيه تقرير لنقابة الصحفيين لامس هذه المظاهر ووقف عليها وهو ما رفضته زمرة « القوّادين » من المرتزقة الذين يشنون حملة شعواء ضد النقابة من أجل شل نشاطها والاستيلاء عليها. كما يأتي هذا « التطور اللافت » أشهرا قليلة قبل « الاستحقاق الانتخابي » الذي لم يعد يتحدث عنه في بلادنا سوى الواهمون الذين مازالوا يعتقدون في كون هذا الاستحقاق يفترض « إجرءات انفتاحية، انفراجية.. » وهو ما لا ينطبق على بلادنا. قد يستقيم ذلك على دكتاتوريات أخرى في إفريقيا وآسيا إذ تضطر، حتى « تسوّق » مواعيدها الانتخابية، إلى بعض الإجراءات، وقد يفرضها كذلك تدخل الشارع والحركة السياسية. لكن في تونس العكس تماما هو ما يحدث خاصة في ظل خمول الشارع كنتاج للطمع وكذلك في ظل خمول الأحزاب الديمقراطية التي تشارك في هذه المواعيد، فهي خالية الذهن من هاجس فرض تنازلات على الحكم تشمل الإعلام والتعبير… فهاجسها لا يتعدّى تكوين القوائم بأيّ شكل وفي أيّ ظروف كانت، ونصب العين على الـ25 بالمائة من الكعكة التي ستوزّع على « المعارضة ». إن مراقبة الأنترنيت (في عصر الطفرة التكلنولوجيّة) هو جزء من وضع الإعلام في بلادنا، وتشديد الرقابة عليه مفهوم لتضاعف أعداد اللاجئين إليه أفرادا وجمعيات وهو أهم وسيلة للتواصل مع كل العالم، وهو ما يزعج السلطة ويجعلها تتدخل « للتحكم » في هذا الجهاز الفالت وتتحوّل اللعبة بين المستعمل والرقيب إلى لعبة قط وفأر ينتصر أحدهما في كل مرة. إنها أحد واجهات الصراع بين المجتمع وكاتمي أنفاسه. لذلك لا بدّ من تنظيم معركة الفضح والتشهير. إن السلطة وبعد أن أغلقت العديد من محلات الأنترنيت وهي تحاصر بشكل كامل ما تبقى منها، تجد صعوبة في « المحاصرة الفردية ». فما عسّر عليها مهامها هو امتلاك عديد الأفراد لأجهزة حواسيب وخطوط أنترنيت شخصية، وابتكار طرق جديدة لمواجهة الرقابة والمنع وخلع الأبواب الموصدة باستعمال تقنيات حديثة ما فتئت تتطور وتلقى رواجها بين عشاق الأنترنيت وخاصة الشباب منهم. إن النظام المتخلف الجاثم على صدورنا لا يتوانى عن أي شيء يمكن أن يؤخر يقظة الشعب التونسي وهبّته للنضال والدفاع عن حقوقه، ولا خيار أمام الأحرار إلا أن يضاعفوا مجهوداتهم من أجل محاصرته وفضحه والتصدي له وخوض معركة الأنترنيت بجميع الأسلحة الممكنة. (المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ  17 جوان     2009)  

الحرية أولا وأخيرا  حدود الأوهام وأوهام الحدود

خالد الكريشي   الحد كما يعرفه إبن منظور في لسان العرب هو « الفصل بين الشيئين لئلا يختلط أحدهما بالآخر أو لئلا يتعدى أحدهما على الآخر و جمعه حدود، و فصل مابين كل شيئين: حد بينهما، ومنتهى كل شيء: حده، و منه: أحد حدود الأرضين و حدود الحرم، قيل: أراد لكل منتهى نهاية، و منتهى كل شيء: حده ، و فلان حديد فلان إذا كان داره إلى جانب داره أو أرضه إلى جنب أرضه، وداري حديدة دارك و محادتها إذا كان حدها كحدها و حددت الدار أحدها حدا و التحديد مثله، و حد الشيء من غيره يحده حدا و حدده،ميّزه » وتفصل الحدود الدول وتميزها بعضها عن بعض، فلقد حددت إتفاقية مونتيفديو لعام 1933 شروط قيام الدول في أربع و هي: -1- مساحة محددة. -2- سكان دائمين. -3- حكومة تمارس السيادة. -4-مقدرة على إقامة علاقات مع دول أخرى.  تصبح هذه الحدود الدولية –طبقا للقانون الدولي العام-المتعارف عليها و المعترف بها هي الحدود المعينة لكل دولة والتي تستطيع بداخلها ممارسة حقها بالسيادة و تقصي سيادة أي دولة أخرى تزاحمها و تنافسها على هذه الأراضي، و منذ أواخر القرن الثامن عشر تكفل الإستعمار الفرنسي و البريطاني – الذي تعزز دوره بإنتصاره في الحرب العالمية الأولى-بإعادة رسم الحدود في أوروبا و آسيا و شمال إفريقيا  على جثة الرجل المريض الإمبراطورية العثمانية، فكانت جريمة تجزئة الوطن العربي التي تعززت بخلق كيانات قطرية لتأبيد واقع التجزئة، كيانات تابعة لها، تحرسها و ترعاها، ملتزمة بالحدود المرسومة لها، التي هي حدود وهمية والوهم كما ورد كذلك في لسان العرب « من خطرات القلب، و الجمع أوهام، ولقلب وهم، و توهم الشيء تخيله و تمثله كانفي الوجود أو لم يكن، و قال: توهمت الشيء إذا أغفلته، و يقال وهمت في كذا و كذا أي غلطت فيه، و توهمت أني ظننت:و التهمة!!!؟؟ (نقاط الإستفهام و التعجب من عندي لبيان تهمة التجزئة بالوهم) أصلها الوهمة من الوهم ، و يقال إتهمته، إفتعال منه، يقال: إتهمت فلانا، على بناء إفتعلت ، أي دخلت عليه التهمة، والوهم هو الطريق الواسع الواضح الذي يرد الموارد و يصدر المصادر »، فسلكت الدولة القطرية طريقها الواسع فكانت شريكة الإستعمار في جريمة التجزئة، و أضحت بذلك التجزئة فعل إستعماري محض وهي في النهاية محصلة لوضع التقهقر التاريخي للأمة العربية و نتيجة طبيعية للمشروع الإمبريالي الصهيوني و الذي تواصل في الزمن بفضل الدولة القطرية العربية. يتخذ الفعل المجرم شكل الفعل الإيجابي تارة و شكل الفعل السلبي طورا آخر، فهو إما فعل ما وجب تركه أو ترك ما وجب فعله، و الفعل المجرم قديم قدم الإنسانية ذاتها منذ أول جريمة على سطح الأرض و قتل قابيل أخاه هابيل إلى حد الآن، و لقيام الجريمة لا بد من توفر ثلاث أركان: الركن الشرعي، الركن المادي و الركن المعنوي و تنقسم الجرائم من حيث الإمتداد الزمني إلى جرائم حينية كجريمة القتل العمد مع سابقية الإضمار و الترصد مثلا وجرائم مستمرة كجريمة إخفاء مسروق و من حيث الإمتداد المكاني إلى جرائم محلية تقع داخل حدود دولة معينة و جرائم دولية أو جرائم متعدية الحدود و هي حصرا ثلاث جرائم:1) جرائم الحرب، 2)  جرائم ضد السلام و 3) جرائم ضد الإنسانية ، و في جميع هذه الجرائم سابقة الذكر لا بد من توفر أداة الجريمة التي تستعمل في الفعل المجرم حتى تتحقق نتيجة معينة إنصرفت إليها إرادة الجاني أو الجناة، فها يمكن تبويب جريمة التجزئة ضمن إحدى هذه التصنيفات. لعل من أصعب المهام التي تعترض سبيل رجال القانون و الباحث  القانوني مهمة » التكييف القانوني » ، أي تكييف الفعل المجرم ضمن أي من الجرائم المنصوص عليها بالقانون حصرا، فلا جريمة بدون نص قانوني سابق الوضع طبقا لمبدأ شرعية الجرائم و العقوبات، فها جريمة تجزئة الوطن العربي منصوص عليها بالقانون حتى يسلط العقاب الرادع على مرتكبيها سواء كان فاعلا أصليا أو شريكا؟. في نهاية القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين إحتلت فرنسا الجزائر (1830) ، ثم تونس(1881 ) ، ثم المغرب(1912)، و إحتلت إيطاليا ليبيا(1911) و إحتلت بريطانيا مصر والسودان، و هي كيانات يحكمها البايات و الدايات و الباشا وات وتتمتع بشبه إستقلال ذاتي مدا و جزرا عن السلطة المركزية العثمانية ما عدى المغرب الذي كان مستقلا كليا، ثم بعد الحرب العالمية الأولى كانت معاهدة(سايكس – بيكو) بين بريطانيا و فرنسا لتجزئة الوطن العربي و إقتسام أجزاءه بينهما في إطار قسمة بالتراضي للكعكة العثمانية في المشرق  العربي و ذلك من أجل المحافظة على الوضع القائم في وادي النيل والمغرب العربي، في نفس الوقت الذي أصدرت فيه بريطانيا وعد بلفور المشؤوم تمنح بمقتضاه وطن قومي-نعم قومي- لليهود في أرض فلسطين. يكون الركن المادي لجريمة تجزئة الوطن العربي متوفرا من خلال الإحتلال العسكري (فعل مادي-فعل ما وجب تركه)و إنشاء المعاهدات الدولية السرية و العلنية لتمزيق الوطن العربي و تفتيته(أداة من أدوات الجريمة) فإنشاء هذه الكيانات القطرية إلى جانب دولة الكيان الصهيوني  من خلال معاهدة سايكس- بيكو و وعد بلفور شكل لا ريب التمظهر الخارجي لجريمة التجزئة، و ليست الإحتلالات السابقة لأجزاء منه إلا أعمالا تمهيدية أو تحضيرية كما تسمى في فقه القانون الجنائي، هنا يبدو الربط بين معاهدة سايكس- بيكو و وعد بلفور من جهة وجريمة التجزئة من جهة أخرى ربطا غير منطقيا و غير علميا، فجريمة التجزئة كانت نتيجة لتفاعل العديد من العناصر و لئن شكلت الأداة(معاهدة سايكس – بيكو) و وعد بلفور-العنصر الرئيس فيها، فإن ذلك لا يحجب دور العناصر الأخرى كتمتع بعض الأجزاء العربية قبل الحرب العالمية الأولى بالإستقلال الكلي، هذا المعطى التاريخي لا يجب أن يغيب عند دراستنا للتجزئة و الظاهرة القطرية لأن تعليق أسباب هذه الظاهرة على شماعة العنصر الخارجي بمفرده لا يجدي نفعا لتجاوز آثارها السلبية فهناك الفاعل الأصلي و هناك الشريك، و تسلط على الشريك نفس العقوبة المسلطة  على الفاعل الأصلي و لا تقوم المشاركة إلا بقيام الجريمة الأصلية، و الفاعل الأصلي –الإستعمار- هو الذي خلق الشريك-الدولة القطرية بحدودها- في جريمة التجزئة و لقد تعامل الإستعمار الأوروبي مع منطقتنا العربية طبقا لأهوائه و مصالحه و ظروفه، و إن كان خط التجزئة يسير تاريخيا بشكل مستقيم، إلا أن مع ذلك لا يخلو من تعرجات لأن المستعمر-البريطاني الفرنسي أساسا-جزأ بعض المناطق العربية و « وحد  » البعض الآخرمصر و السودان مثلا كانت وحدة إقليمية إدارية موحدة تحت الإستعمار البريطاني. كانت نية الإستعمار واضحة وجلية لإخضاع المنطقة العربية لنفوذه بإستعمال القوة العسكرية حينا والحيل و الدسائس و المؤامرات حينا آخر، فأكتمل بذلك الركن المعنوي لجريمة التجزئة و ينقسم الركن المعنوي إلى قصد جنائي عام و قصد جنائي خاص ، فالقصد الجنائي العام هو إنصراف إرادة الجاني أو الجناة لإرتكاب فعل يعاقب عليه قانونا، أما القصد الجنائي الخاص فهو نية الجاني لإرتكاب فعل مجرم خاص بغية تحقيق نتائج معينة مع العلم مسبقا أن ما أقترفه مخالف للقانون، ثم أن تحديد الباعث عن إقتراف فعل التجزئة يساعد في إضفاء الصبغة الجرمية على فعل التجزئة، فالباعث الأساس-أو الدافع كما يسميه فقه القانون الجنائي-على أرتكاب جريمة التجزئة هو تحقيق الجاني-الإستعمارالبريطاني الفرنسي-لمصالح مادية(تجارية ،مالية، إقتصادية…)خاصة مع بداية إكتشاف النفط ذلك الذهب الأسود بالمنطقة العربية و موقعها الإستراتيجي الهام كممر للتجارة الدولية(قناة السويس، باب المندب، الموانئ الجارية الدولية على ضفاف لبحر الأبيض المتوسط…) ألم يقل وزير خارجية فرنسا أنذاك- إعتراف تلقائي من الجاني و الإعتراف سيد الأدلة –أن من يملك قناة السويس يملك العالم!أما الباعث الثانوي فتجلى في الغزو الحضاري للأمة العربية الإسلامية من خلال حمل رسالة الرجل الأبيض، الأوروبي المتمدن لتلك الشعوب »المتخلفة » حتى يخرجها من الظلمات إلى النور،فماهي إذن الطبيعة القانونية لجريمة التجزئة و نظامها القانوني؟. نشأت التجزئة بداية كفعل إجرامي إستعماري مقصودا و إشتراك الأتراك في تمهيد هذا الفعل و تسهيله بإعتمادهم الولايات تقسيما إداريا للوطن العربي، فسهلوا إذن تحويل الخطوط الإدارية إلى حدود سياسية بهدف نهب ثرواته و سلب الأمة العربية المقدرة على التحرر في وضع دولي يتسم بالتنافس و الصراع المحموم و ساعدهم على ذلك قيام الدولة القطرية و تواصلها إلى الآن بعد إنهاء الإحتلال العسكري المباشر الذي أصبح مكلفا للإستعمار و حصولها على « الإستقلال الشكلي » فتداخل القطري بالقومي بالدولي، فإتخذت بذلك جريمة التجزئة طابع الجريمة الدولية التي يعرفها الأستاذ »ستيفان جلاسر » Stefan Glaser بأنها: »الفعل الذي يرتكب إخلالا بقواعد القانون الدولي، و يكون ضارا بالمصالح التي يحميه القانون، مع الإعتراف لهذا الفعل بصفة الجريمة و إستحقاق فاعله للعقاب »، و لقد قسم الفصل السادس من ميثاق المحكمة الدولية العسكرية بنورمبارغ التي شكلت لمحاكمة مجرمي  الحرب النازيين الجرائم الدولية إلى ثلاثة أصناف:1/الجرائم ضد السلام،2/جرائم الحرب،3/الجرائم ضد الإنسانية، و عرفت الفقرة »ج »من الفصل السادس لميثاق المحكمة المذكورة الجرائم ضد الإنسانية بأنها: »قتل، أو إستئصال أو إسترقاق أو تهجير أي سكان مدنيين، و الأعمال غير الإنسانية الأخرى التي ترتكب ضد أي سكان مدنيين قبل الحرب، أو أثناءها أو الإضطهادات بسبب الإنتماء العرقي ،القومي »، السياسي،  أو الديني تنفيذا لأية جريمة تدخل في إختصاص المحكمة أو إرتباطا بها سواء أعتبرت هذه التصرفات منتهكة أم غير منتهكة للقانون المحلي للبلاد »، و هو نفس التعريف الذي تبنته المحكمة الجنائية الدولية الدائمة في ميثاقها، و قد أجمع فقهاء القانون الجنائي الدولي على أن الجرائم ضد الإنسانية هي الأفعال المتمثلة في الإعتداء على حق الحياة و كذلك على الحرية و ذلك بهدف ممارسة سياسة »تفوق إيديولوجي » و هي السياسة التي تسلكها حكومة معينة تنفيذا لخطة وقع الإعداد لها مسبقا للقضاء على كل معارضي النظام الإيديولوجي التي تعتبره الأفضل و تفرض تحقيقه بشتى الوسائل. ألا يشكل قتل و جرح الملايين من أبناء الشعب العربي منذ الإحتلال المباشر لأرضه إلى الآن جريمة ضد الإنسانية؟، ألم تدفع جريمة التجزئة إلى تهجير الملايين و إستئصالهم من أرضهم؟،ألم يتم إسترقاق السكان المدنيين و اغتصاب النساء منهم في أكبر عملية للتطهير القومي(يستعمل النص القانوني عبارة الإضطهاد القومي)؟ ألم يتم تهجير العائلات و تقسيمها وفصل بعضها عن بعض بفعل الرسم الإعتباطي للحدود؟ فتجد عائلة واحدة نصفها في قطر و تصفها الآخر في القطر المجاور والعائلات المتاخمة على الحدود العراقية-السورية والحدودالليبية-التونسية و الحدود السعودية-اليمنية و الحدود الفلسطينية-الأردنية………..لخير دليل على ذلك!!!بل تجد عائلة واحدة مشتتة على أغلب الأقطار العربية، ألا يشكل كل ذلك إعتداءا على حق الشعب العربي و على حقه في بناء الدولة العربية الواحدة؟ ضاربة عرض الحائط بمبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها الذي رفعته تلك الأنظمة التي تدعي الديمقراطية، و بالمفهوم الحديث للدولة-الأمة الذي ترجمته أن لكل أمة و من ضمنها الأمة العربية الحق في أن تكون لها دولتها الواحدة على غرار الأمة الفرنسية و الأمة الألمانية و الأمة الانجليزية…و غيرها من الأمم التي كونت دولتها الواحدة،ألم تخلف جريمة التجزئة دولة قطرية لم تحقق أنظمتها للشعب العربي سوى الفقر و الجهل و الأمية و فنون من الإستبداد و القمع؟ بل عجزت حتى عن حماية حدودها من عودة الإستعمار المباشر و توهمت يوما أن هذه الحدود قادرة على حمايتها ،إذعجزت الدولة القطرية العربية عن حماية « الإستقلال الوطني » وعن تحقيق تنمية إقتصادية شاملة ومستقلة،وعن إقرار العدالة الإجتماعية وعن التجديد الحضاري والثقافي والمحافظة على الهوية العربية الإسلامية وعجزت أخيرا عن إحترام حقوق الإنسان والحريات الفردية وتوسيع المشاركة السياسية والشعبية،بعد هذا العجز هل بقي لها من مبرر للوجود ؟ألم يحن الوقت لتحمل عصاها وترحل؟ و كل هذه الأفعال موثقة و محفوظة جيدا، و بذلك إكتملت عناصر الركن المادي لجريمة التجزئة و هي: الفعل، النتيجة، و العلاقة السببية. هنا سوف يتمسك الجناة-الإستعمار الأوروبي كفاعل أصلي في جريمة التجزئة و الدولة القطرية كشريك-بمبدأ شرعية الجرائم و العقوبات و أنه لا تقوم الجريمة إلا بمقتضى نص قانوني سابق الوضع ضرورة أن الأفعال المجرمة-الركن المادي للجريمة-وقع في نهاية القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين مع نهاية الحرب العالمية الأولى وقد تحصلت تلك الدول على استقلالها و معترف بها من المجتمع الدولي و من أشخاصه، و الحال أن النصوص المجرمة لتلك الأفعال صدرت في أواخر الحرب العالمية الثانية و في جويلية 1998 تاريخ المصادقة على ميثاق المحكمة الجنائية الدولية الدائمة، و أن هذه النصوص ليس لها أثر رجعي، و أن هذه الأفعال قد سقطت بمرور الزمن ،ربما!!!. إلا أن هذا الدفع لن يصمد طويلا و ليس له أي مبرر قانوني لأنه: -أولا:من المبادئ القانونية المستقر عليها قانونا و قضاءا إن التقادم لا يسري على الجرائم ضد الإنسانية و هي لا تسقط مهما طال الزمن، و هو مبدأ مستقر و أكدته مختلف الشرائع والقوانين الوضعية من ذلك الإتفاقية الدولية المبرمة في إطار منظمة الأمم المتحدة سنة 1968 و المتعلقة بعدم تقادم جرائم الحرب و الجرائم ضد الإنسانية، و هو مازال مطبقا إلى اليوم ضد من بقي على قيد الحياة من مجرمي النازية. – ثانيا:إن جريمة تجزئة الوطن العربي من الجرائم المستمرة، بمعنى أنه طالما تواصل الوطن العربي مجزأ إلى كيانات قطرية إلى جانب دولة الكيان الصهيوني فإن جريمة التجزئة تظل قائمة مكتملة الأركان القانونية كما سبق بيانه. – ثالثا: إن جميع الدول القطرية التي تأسست منذ أواخر الحرب العالمية الأولى إلى الآن تفتقد إلى شرعية التأسيس ، بما أنها نشأت على أساس معاهدة سايكس-بيكو ملتزمة بحدودها المرسومة لها بدقة على الخريطة  العربية بالبركار و قلم الرصاص، و هي معاهدة باطلة قامت على الغصب و الخديعة، و من المبادئ القانونية المسلم بها و التي يلقنوها لطلبة الحقوق جيدا من أول يوم تطأ فيه أقدامهم مدارج الكلية أن « ما بني على باطل فهو باطل و العدم لا ينقلب إلى الصحة أبدا »و أن محاولات الترميم عبر إنشاء جامعة الدول العربية لطمس معالم الجريمة و تقنين واقع التجزئة لإضفاء الشرعية المفقودة لن تجدي نفعا، فكانت جهودهم هباءا منثورا. نشر على حلقات بجريدة مواطنون خلال شهر أفريل 2009 .

الفلاحة في « تونس الخضراء »… من يزرع الشّوك يجني الجراح!

الحديث عن مشاكل الفلاحة في « تونس الخضراء » لا ينتهي. ففي كل سنة تطفو مشكلة… مشكلة البصل ثم الحليب ثم البطاطا ثم العلف والغلال، فالحليب من جديد… وهذه السنة جاء دور الطماطم،.إلخ. لكن الأخطر من كل هذا هو النقص المسجل في كميات الحبوب والعلف بما يهدد « الأمن الغذائي ». وهذا راجع إلى تقلّص المساحات المخصّصة للزراعات الكبرى من قمح وشعير وفارينة وقرط وعلف… فهذه المساحة لا تتجاوز 12 بالمائة فقط من جملة المساحة المخصصة للزراعة. وهو ما أدّى إلى نقص في المنتوج وبالتالي ارتفاع الأسعار، حيث بلغ سعر القنطار الواحد من القمح أكثر من 60 دينار بالنسبة للقمح و50 دينارا بالنسبة للشعير. ورغم أن كميات الأمطار المسجلة هذه السنة تبشر بإنتاج وفير إلا أن الأرقام تكذب ذلك باعتبار أن هذه الأمطار جاءت متأخرة مسجلة نقصا في فترة الخريف. وبالتحاور مع بعض الفلاحين يمكن رصد أسباب التراجع كالآتي: 1 – بالنسبة للمساحات الصغيرة فإن الفلاح يتجنب الزراعات الكبرى ويحبذ زراعة الخضر لأن مدخولها أفضل. ولا يزرع الحبوب إلا لإراحة الأرض وتوفير مؤونته الخاصة. 2 – مصاريف تهيئة الأرض وتكاليف الزراعة ارتفعت بشكل ملحوظ. 3 – زراعة الحبوب « تجمّد » الأرض لمدة موسم كامل في حين يمكن زراعة بعض المواد الأخرى أكثر من مرة في الموسم. إن أغلب الفلاحين الفقراء لا يتجاوز معدل دخلهم اليومي الأربعة أو الخمسة دنانير، وهو دخل غير مضمون ومرتبط بالأحوال الجوية وبتقلبات السوق. أما بالنسبة لتربية الماشية فإنها مرتبطة أساسا بأسعار العلف وتوفـر المراعي. وقد تأثر هذا القطاع تأثرا واضحا بغلاء أسعار العلف التي عرفت ارتفاعا مشطا وصل إلى 200 بالمائة. وقد أدّى هذا الارتفاع إلى تدني أسعار المواشي لأن الفلاحين يريدون التخلص من قطعانهم بعد عجزهم عن توفير العلف لها. لكن الأسعار سرعان ما عادت إلى الارتفاع من جديد بعد نقص المنتوج وتزايد الطلب الخارجي على المنتوج التونسي خاصة من الدول المجاورة (الجزائر…). ومن البديهي أن يؤدي هذا الوضع إلى ارتفاع أسعار اللحوم. وممّا زاد الطين بلّة تفاقم سرقة المواشي بشكل لم يسبق له مثيل، الشيء الذي جعل الفلاح يفكر في التخلص من مواشيه قبل أن تتمّ سرقتها أو تشديد الحراسة وهو ما يتطلب مصاريف إضافية. ويمكن أن نسمع كلاما كبيرا حول الفلاحة في تونس وضرورة النهوض بها باعتبارها قطاعا استراتيجيا وحيويا، كما يمكن أن نقرأ المقالات المطولة التي تحاول عدم تحميل مسؤولية تردي الأوضاع الفلاحية إلى المتسببين الحقيقيين فيها وإلصاقها بالأوضاع العالمية الصعبة، يمكن أن نسمع ونقرأ ونشاهد مثل هذه التحليلات، لكن الفلاح الفقير المرتبط بالأرض يلخص الأزمة في كلمتين: « الفلاحة ما عادش فيها، التعب ياسر والمسوار شويّه ». وهو ما يعكس الحالة التي وصلت إليها فلاحتنا في ظل السمسرة والنهب والثراء الفاحش على حساب قوت الشعب. ولن يستقيم حال الفلاحة وحال البلاد بصفة عامة والاقتصاد التونسي موجه لخدمة أقلية فاسدة لا همّ لها سوى تكديس الثروات واستغلال الكادحين. ولا يجد الفلاح الغلبان من حلّ سوى ترك الفلاحة ومشاكلها والبحث عن « خبزته » في مجال آخر. ونتيجة لذلك يفاجأ المواطن باختفاء هذه السلعة أو تلك من السوق وبارتفاع أسعارها، ويتساءل عن السبب خاصة وأن هذه المنتوجات تعتبر من خصوصيات البلاد التونسية وكان من المفروض أن يكون هناك فائض في الإنتاج يقع تصديره. وسنة بعد أخرى تتفاقم مشاكل الفلاحة وتحتدّ. والأكيد أنها ستصل إلى الحد الذي لم يعد بالإمكان السكوت عنه، فالمسألة تتعلـّق بالغذاء والجوع، والشعب إذا جاع لن يسكت… ومن يزرع الشوك يجني الجراح! (المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ  17 جوان     2009)

إيران أو أوهام انتظار البرتقال…!!

بقلم: برهان بسيس يتحرك الشارع الايراني لا ليحرق أعلام الشيطان الأكبر أو ليطالب بإزالة اسرائيل، طهران تموج هذه المرّة بشيء من رائحة ذاك الذي احتضنته آخر سبعينات القرن الماضي: شوق الحرية. الأكيد أن الصورة ليست تماما  محمولة على أكف هذا الشوق بالنظر لعقدة الانتخاب التي فجرت تحرك هذا الشارع وهي عقدة غير واضحة الابعاد والخلفيات لكي تسمح بالحكم أن كان هناك صراع حقيقي في إيران بين محافظين ودعاة تغيير أو أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد تبادل أدوار بين أجنحة تتصارع دون أن تكون هناك فرصة في تغيير جوهر النظام القائم الذي أرساه الإمام الخميني أو المس من ثوابته. واذا كانت بعض تجارب عمليات التحول السياسي تثبت أن صراع الأجنحة داخل نسق سياسي واحد قد تنتهي الى سقوط النسق والانقلاب الجذري عليه فإن الحالة الإيرانية الماثلة اليوم على أصداء انتخابات الرئاسة حادة الاستقطاب بين جناح نجاد المحافظ وخصومه الاصلاحيين لا تمثل مقدمات جدية لامكانية انقلاب راديكالي للاوضاع في ايران. في ذروة حماسة النقاش والاحتكاك بين الجناحين المتصارعين لم تكن مقدسات سياسية مثل ولاية الفقيه أو مرجعية المرشد أو ميراث الامام الخميني والثورة الاسلامية محل خلاف أو تشابك، يبدو الصراع في إيران اليوم بين بدائل من داخل الحضن التاريخي للثورة نفسها وباسم التنافس حول المشروع الأكثر قدرة على حماية أرث هذه الثورة وتصليب عود نظام ولاية الفقيه لا اختلاف في ذلك بين المحافظ نجاد أو الاصلاحي ميرموسوي. يتابع الغرب بانتباه حركة الشارع في إيران بالتأكيد لا خوفا على نظام يواظب مرشده الأعلى كل جمعة على الدعاء بالسقوط والنكوص على هذا الغرب المعادي بل أملا في رؤية طهران مستئنسة بخطى عواصم الثورات البرتقالية وهي تعج بمواطنيها المعتصمين بالشوارع حتى تتحقق مطالبهم في تغيير أنظمتهم المتكلسة. ينتبه الغرب أملا لكن خبراءه المرموقين يدركون أن ايران قصة مختلفة عن النموذج البرتقالي المستنسخ في بعض عواصم امبراطورية السوفيات المنهارة فالتجربة التي استطاعت ان تولد من داخلها مشروعها الديمقراطي الخاص الذي يفسح لمجتمعها الاختيار والفعل في عملية تداول انتخابي  مكتملة المعايير كأي تجربة في بلدان الديمقراطية العريقة، ايران الملالي التي استطاعت أن تتقن بذكاء ديكورا ديمقراطيا يسمح بالتنفيس والايحاء بالتداول ومنح الشعب نشوة الاختيار، إيران الحاكمة باسم  الايديولوجيا الدينية بنسخة شيعة الامامة الاثنا عشرية التي نجحت في أن تجمع مرشحين للرئاسة في مناظرة تلفزيونية مباشرة قالا فيها كل شيء دون رقابة أو منع واكتظت مدنها بتجمعات الدعاية الانتخابية وتصارعت صحفها انقساما في المساندة لهذا المرشح أو ذاك. إيران بهذا الخيال الذي استعصى على أنظمة من المفترض أنها أكثر حداثة لا يمكن أن تكون مجرد نسخة سطحية سيئة لأوهام الانقلابات البرتقالية!!! (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 18 جوان 2009)  

تقرير: كمين للمتمردين يقتل 24 من قوات الأمن الجزائرية

الجزائر (رويترز) – قالت صحيفة محلية يوم الخميس ان متمردين قتلوا 24 من قوات الامن الجزائرية في كمين استهدف قافلتهم في وقت متأخر يوم الاربعاء 17 جوان 2009. ولم يصدر تعليق رسمي على التقرير الذي اذا تأكد فسيكون ذلك أكبر عدد للقتلى في هجوم واحد منذ شهور في الجزائر حيث تحارب الحكومة تمردا اسلاميا متحالفا مع تنظيم القاعدة. ونقلت صحيفة الشروق عن مصادر أمنية وسكان محليين قولهم ان الهجوم وقع حوالي الثامنة مساء (1900 بتوقيت جرينيتش) بين المهير والمنصورة في ولاية برج بوعريريج على مسافة حوالي 180 كيلومترا شرق العاصمة. وقالت الصحيفة ان المهاجمين استهدفوا القافلة في البداية بقنبلتين تقليديتين ثم فتحوا النار عليها. وغادر المتمردون حاملين معهم الاسلحة والعتاد وست سيارات شرطة. وقال مصدران أمنيان جزائريان طلبا عدم نشر اسميهما لرويترز ان كمينا نصب وان أكثر من 20 من عناصر الشرطة قتلوا. وعانت الجزائر وهي أحد أكبر منتجي النفط والغاز في شمال أفريقيا لعقدين من الزمان في محاولة السيطرة على المتمردين الاسلاميين الذين أصبحوا يعملون الان تحت راية تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي. وانخفض عدد الهجمات عموما لكن الاسابيع القليلة الاخيرة شهدت ارتفاعا في معدل العنف. وقتل المتمردون خمسة من عناصر الدرك أواخر شهر مايو أيار وبعدها بأسبوع قتلوا تسعة جنود. وفي بداية هذا الشهر قتل تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي البريطاني ادوين داير الذي كانت الجماعة تحتفظ به كرهينة في مالي المجاورة. وقال التقرير المنشور في الصحيفة ان الكمين الذي نصب يوم الاربعاء وقع على طريق ان5 السريع وهو طريق رئيسي يربط مدينة الجزائر العاصمة بمدن شرق الجزائر. وذكر التقرير أن عناصر الشرطة التي وقع عليها الهجوم كانت مكلفة بحراسة مجموعة من عمال البناء الصينيين يعملون في رصف طريق يربط بين شرق الجزائر وغربها. ولم تورد الصحيفة أنباء عن اصابة أي من العمال الصينيين في الهجوم. (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 18 جوان 2009)

مسؤولية السلطة الفلسطينية والحكومات العربية

صبحي غندور*   أجمعت ردود الفعل الفلسطينية والعربية على رفض ما جاء في خطاب نتياهو من شروط أعلنها كي تقبل حكومته بفكرة « حل الدولتين ». وهذا جيّدٌ طبعاً. لكن ماذا بعد؟! وهل سيكون هذا الموقف الفلسطيني والعربي مدخلاً للمراهنة مرّةً أخرى على « الوسيط الأميركي » كي يقنع نتنياهو بتغيير موقفه، بينما المعهود في التجارب السابقة للرعاية الأميركية للمفاوضات أنّ « التغيير » يحدث في مواقف الطرف الفلسطيني المفاوض، حيث تُمارس الضغوط الأميركية والدولية لمزيد من التنازلات عليه، لا على الطرف الإسرائيلي!! صحيحٌ أنّ إدارة أوباما قد وضعت في أولوياتها التعامل مع الملف الفلسطيني بشكل جدّي، وهذا يختلف عمّا كانت عليه الإدارة السابقة من تهميش وتجاهل لهذا الملف .. وصحيحٌ أيضاً أنّ إدارة أوباما تعمل الآن لتسوية شاملة للصراع العربي/الإسرائيلي من خلال مؤتمر دولي وعدم السير في المسارات المنفصلة كما كان الحال خلال حقبتيْ بيل كلينتون .. صحيحٌ كلّ ذلك، لكن إدارة أوباما تبقى أولاً وأخيراً إدارة تبحث عن كيفية تحقيق المصالح الأميركية المتشابكة تاريخياً مع دعم وجود إسرائيل ودورها في المنطقة العربية. هذا من ناحية الصراع العربي/الإسرائيلي. أمّا القضايا الدولية الأخرى التي تشدّ الآن انتباه إدارة أوباما فهي مبنيّة أيضاً على معيار المصالح الأميركية، وبما لا علاقة له بإسرائيل أو بالقضية الفلسطينية. لذلك، فإنّ من الخطأ الكبير سحب الرؤية الإيجابية لظاهرة الرئيس باراك أوباما على كل القضايا الدولية، كما أنّ من الخطأ أيضاً تعميم التحفظات السلبية على موقف إدارة أوباما تجاه قضية معينة على كل المسائل الأخرى أو على تقييم كل السياسة الأميركية في ظلّ الإدارة الجديدة الحالية. ولعلّ من المفيد وضع الموقف الأميركي الآن من الصراع العربي/الإسرائيلي أمام ثلاثة احتمالات: الاحتمال الأول: وهو ما يراه البعض من وجود تغيير جذري في الموقف الأميركي، ومن إمكانات تعارض وتصادم مع الموقف الإسرائيلي، ومن تمنيات بأن تكون معايير الموقف الأميركي هي العدالة وحقّ الشعوب بالتحرّر. وهذا الاحتمال يقوم في تقديري على كثير من المبالغة وعلى تضخيم لا أسس واقعية له بعد، بل هو وهم لن يتحقق طالما وُجدت مصالح أميركية تفرض ذلك. الاحتمال الثاني: هو في الرؤية المعاكسة التي لا تجد أيّ تغيير في السياسة الأميركية تجاه إسرائيل ولا تعتبر أنّ ما تقوم به إدارة أوباما هو حالة جدّية، بل مجرّد تكرار لما فعلته إدارات سابقة في اهتمامها المرحلي بالملف الفلسطيني ثمّ نفض اليد منه بعد حصول ضغوط إسرائيلية على الإدارة الحاكمة. وهذا الاحتمال يمكن أن يكون صحيحاً لو أنّ إدارة أوباما تتعامل الآن مع الملف الفلسطيني والصراع العربي/الإسرائيلي لاعتبارات « إعلامية وسياسية آنيّة »، كما كان الأمر مع الإدارات السابقة التي اهتمّت بالقضية الفلسطينية في السنة الأخيرة من حقبة الإدارة، لرفع العتب فقط أو لمحاولة دخول التاريخ دون أن يؤدّي ذلك إلى خروج الرئيس أو حزبه من البيت الأبيض!! الاحتمال الثالث: وهو الذي تشير إليه دائماً الحكومات العربية والسلطة الفلسطينية بأنّ المؤمّل والمرجوّ هو أن تكون الإدارة الأميركية في موقع « الوسيط النزيه » و »الطرف المحايد » الذي عليه رعاية المفاوضات العربية/الإسرائيلية دون تبَنٍّ لطرف ضدّ طرف آخر. وفي هذا الاحتمال تكمن المشكلة في الموقفين الرسميين العربي والفلسطيني. إذ أنّ مطالبة الإدارة الأميركية بأن تكون « على الحياد » يعني ترك المفاوضات تسير وفق حساب موازين القوى بين المتفاوضين. فما هي « الأثقال » الفلسطينية والعربية الموضوعة في ميزان المفاوضات مع إسرائيل؟ هناك طرف إسرائيلي واحد يملك أكبر قوة عسكرية في الشرق الأوسط مع تفوّق جوّي وبحري وتكنولوجي ورؤوس نووية، وهو طرف يحتلّ الأراضي العربية ويقيم المستوطنات ويخوض كلّ فترة الحروب المدمّرة ويرفض تنفيذ قرارات الأمم المتحدة وما للفلسطينيين من حقوق بالأرض والعودة وبالدولة الفلسطينية المستقلّة. في المقابل، هناك جسم عربي منقسم على نفسه وطرف فلسطيني مفاوض أعطى لإسرائيل في « اتفاق أوسلو » « شرعية » حق الوجود والاعتراف بها كدولة (دون اعتراف إسرائيلي بأي حق للفلسطينيين)، كما تعهّد هذا الطرف بالتخلّي عن أسلوب المقاومة المسلّحة ضدّ الاحتلال، بل وبالتصدّي لمن يقومون به!! إنّ الطرف العربي المفاوض قبل بتجزئة الجبهات العربية وبإلغاء مقولة « الصراع العربي/الإسرائيلي » أو شمولية المسؤولية عن القضية الفلسطينية، فتحوّلت المعاهدات مع إسرائيل إلى تسويات جزئية منفردة استفادت منها الحكومات الإسرائيلية كي تمارس حروباً وضغوطاً أكثر على الفلسطينيين وعلى الجبهات الأخرى التي لم تشملها التسويات بعد. لذلك، فإنّ المراهنة على دور أميركي « نزيه ومحايد » يتطلّب أيضاً تحسين الواقع التفاوضي الفلسطيني والعربي، بل تغيير نهج معتمد منذ ثلاثة عقود. فواقع الحال الفلسطيني والعربي عموماً لا يمكن أن يشكّل الآن قوّة ضاغطة، لا على الحكومة الإسرائيلية ولا أيضاً على الموقفين الأميركي والأوروبي. فما كان متوفّراً من « وسائل ترغيب وترهيب » على المستويين الفلسطيني والعربي يتمّ نزعهما كسلاح من أيدي الفلسطينيين والعرب. وهناك الآن توافق إسرائيلي/أميركي/أوروبي على ضرورة وقف كل أشكال المقاومة المسلحة، وهي هنا وسائل « الترهيب »، ضدّ الاحتلال الإسرائيلي، وأيضاً الضغوط على الدول العربية للتطبيع مع إسرائيل (وهو وسيلة الترغيب المنصوص عليها في المبادرة العربية). وفي مجمل الأمرين يفقد الفلسطينيون والعرب أي موقع قوي في المفاوضات، وتكون إسرائيل هي الطرف الذي يشترط وعلى الآخرين تقديم التنازلات!! إذن، القضية ليست ما تريده إدارة أوباما وما قد تفعله، ففي الاحتمالات كلّها هناك مسؤولية كبيرة تقع على الفلسطينيين خصوصاً وعلى العرب عموماً، وبداية الطريق تكون بوحدة الموقف الفلسطيني على أسس تجمع بين السير بالمفاوضات وبين الحرص على نهج المقاومة. أمّا عربياً، فإنّ الحدّ الأدنى المطلوب الآن للتعامل مع « شروط نتنياهو » و »ضبابية أوباما »، يكون في رفض أي شكل من أشكال الاعتراف بإسرائيل أو التطبيع معها قبل قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وتحرير الأراضي المحتلّة، وفي دعم التوافق الفلسطيني على برنامج وطني توحيدي للتحرير وقيام الدولة المستقلّة. ومن المهمّ الإشارة إلى أنّ ترحيب إدارة أوباما (بالخطوة الهامّة إلى الأمام) في خطاب نتنياهو الأخير، ربّما يكون فقط للحصول على الموافقة المبدئية الإسرائيلية على « حل الدولتين » حتى تسهل الطريق أمام الإدارة الأميركية من أجل الدعوة لمؤتمر دولي يكرّس التسوية الشاملة على الجبهات المحيطة بإسرائيل (مصر – الأردن- سوريا – لبنان)، ويترك الملف الفلسطيني للمفاوضات الثنائية، بعدما تكون كل الدول العربية معنيّة بالعلاقة مع إسرائيل والتطبيع معها حصيلة توقيع معاهدات تسوية جديدة على الجبهتين السورية واللبنانية. وما تريده الإدارة الأميركية من إسرئيل خلال فترة المؤتمر الدولي وما بعده، هو تجميد المستوطنات وتسهيل التنقلات والحياة الاجتماعية والإنسانية للفلسطينيين، وتعزيز دور السلطة الفلسطينية في الضفة وغزّة، في سياق زمني تكون فيه نتائج المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية على القضايا الكبرى متوقّفة على تطورات الوقائع على الأرض وعلى مدى قوة الموقع التفاوضي لكلّ طرف!! *مدير « مركز الحوار العربي » في واشنطن.  alhewar@alhewar.com

 

Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.