TUNISNEWS
7 ème année, N° 2187 du 18.05.2006
الهيئة الوطنية للمحامين بتونس: الإعتصام في يومه العاشر النقابة العامة لمؤسسة الاذاعة والتلفزة التونسية: لائحة
الصباح:: في خطوة مفاجئة:القيادة النقابية تبدأ مفاوضات مع مكتب نقابة التعليم العالي « الصباح: في عملية حرقان من ليبيا إلى إيطاليا:7 لقوا حتفهم من بين أكثر من 30 حارقا أفريقيا سويس إنفو: غرق 7 مهاجرين أفارقة قبالة السواحل التونسية المصري اليوم: القنصلية المصرية بتونس ترفض منح تأشيرة لقيادي حقوقي للتضامن مع البسطويسي ومكي المعهد العربي لحقوق الإنسان: المعهد العربي لحقوق الإنسان مع الجالية العربية بلندن
صدور العدد الثالث من مجلة « البلاد » الالكترونيةالبلاد: الكاتب الصحفي عبد اللطيف الفراتي: »حان الوقت لعقد ندوة وطنية تبحث في أسباب تردّي الصحافة التونسية » صلاح الدين الجورشي: نظرة من ثقب الباب العربي شويخة: لا بدّ من إعادة تأهيل الصحافة والصحافيين البلاد: زياد الهاني:انتعاش المشهد الإعلامي مرتبط بانتعاش الأوضاع السياسية والاقتصادية خميس الخياطي: المشهد السمعي – بصري التونسي: الواقع والممارسة مرسل الكسيبي: عندما تسكت الدولة عن تفشي الجريمة: أي معنى للإصلاح؟
نورالدّين الخميري: تحقق الحلم وماذا بعد ! ! مواطــن: تنكرت لأهلها القدامى… فتنكر لها أهلها الجدد!
تونس، استفيقي! »: حوار مع السيد فتحي الشّامْخي، الناطق الرسمي لجمعية راد أتاك تونس
صالح عطية: بعد خطوة التطبيع الأمريكي- الليبي:المغرب العربي في مهب رياح جديدة
الصباح: في ملف «قناة 7»:حول «قطاع المحاماة.. الواقع والآفاق»الشروق: بعد الملف التلفزي حول المحاماة: الحقيقة أولا… الحقيقة ثانيا… الصباح: الصادق شعبان: مجلس حقوق الانسان:انتصار لخياراتنا الحياة : « أم بي سي »… نحو اهتمام أكبر بالمغرب العربي
الحياة : « البلوغرز » المصريون في صفوف المواجهة وبعضهم في السجون إخوان أون لاين: « إخوان أون لاين » ينفرد بمعلومات خطيرة عن المتهمين في قضية الأسلحة الأردنية إسلام أون لاين: مقتل قاض تركي أيد حظر الحجابفهمي هويدي: عن تدهور مستوى التلفيق في العالم العربي إغناطيوس دي تيران: نفاق الغرب ورياء العرب
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).
|
الإعتصام في يومه العاشر
1- بمجال عمل المحامي سواء في المادة الجزائية او في المادة المدنية أو في المادة العقارية. 2- بالضمانات الكفيلة بممارسة مهنة المحاماة. 3- بمعهد المحاماة. 4- بالتغطية الإجتماعية.
كما تم توزيع نسخ من المراسلات الموجهة إلى السيد رئيس مجلس النواب والسادة النواب. وأكد العميد على شرعية المطالب المهنية وعلى شرعية النضالات النقابية التي يقوم بها المحامون مبينا ان الحوار الذي إنتهجته وزارة العدل لم يكن حوارا بناءا وجديا مثلما كان يامله المحامون وهياكلهم بل كان شكليا وصوريا. هذا وقد تميز الإعتصام بكثافة الحاضرين من الزملاء المعتصمين أو المساندين، وبقدوم وفود تمثل النقابات العامة للتعليم الأساسي والثانوي والعالي أتت لتعبر عن تضامنها المطلق مع المحامين في نضالاتهم ولتؤكد عن وحدة المصير بين النقابيين والمحامين.
العميد عبد الستار بن موسى
الاتحاد العام التونسي للشغل
النقابة العامة لمؤسسة الاذاعة والتلفزة التونسية تونس في 16 ماي 2006
لائـــحـــة
نحن أعوان مؤسسة الإذاعة والتلفزة التونسية المجتمعون اليوم 16 ماي 2006 بمقر العمل تحت إشراف النقابة العامة للإذاعة والتلفزة التونسية والاتحاد الجهوي للشغل بتونس وبعد تدارسنا للوضع العام للمؤسسة وتعثر المفاوضات الاجتماعية الخاصة بالزيادات في الأجور لسنوات 2005- 2007 نعبر عن:
1- اعتزازنا بالانتماء للاتحاد العام التونسي للشغل ومؤسسة الإذاعة والتلفزة التونسية
2- قلقنا من تدهور المناخ الاجتماعي بالمؤسسة الناجم بالأساس عن:
– عدم خلاص مستحقات الأعوان من ساعات إضافية وساعات الليل ومنحة التنقل ومصاريف الأكل وعقود الإنتاج… المتراكمة منذ سنوات
– عدم استقرار الشغل بالنسبة للأعوان العرضيين والمتعاقدين
– الشعور بالحيف إثر تسوية وضعيات بعض الزملاء الصحفيين دون غيرهم في غياب مقاييس عادلة ودون تشريك الهياكل النقابية
– تمطيط المفاوضات الاجتماعية الخاصّة بالزيادات في الأجور
3- استغرابنا من صدور بلاغ تسوية وضعيات بعض زملاءنا الصحفيين عن جمعية الصحفيين التونسيين عوضا عن رئاسة المؤسسة.
4- رفضنا المطلق لمقترحات الإدارة العامة بخصوص الزيادات في الأجور وتمسكنا بمقترحات الجانب النقابي في الغرض
لذا فإننا نطالب ب:
1- ترسيم الأعوان المتعاقدين طبقا للقانون الجاري به العمل
2- تسوية وضعية باقي الأعوان العرضيين طبقا للأمر الرئاسي الصادر بتاريخ 17 سبتمبر 2001 والقاضي بتسوية وضعية كافة الأعوان العرضيين
3- زيادات في الأجور طبقا لمقترحات الجانب النقابي
4- خلاص كافة مستحقات الأعوان المتراكمة منذ سنوات
في الختام نحن أعوان مؤسسة الإذاعة والتلفزة التونسية وتبعا لما سبق ذكره وإزاء مماطلة الجانب الإداري قررنا حمل الشارة الحمراء يوم الاثنين 22 ماي 2006 بكافة فروع المؤسسة كما قررنا مبدأ الدخول في إضراب عن العمل بيوم واحد بكافة فروع المؤسسة في صورة عدم الاستجابة لمطالبنا ونترك لهياكلنا النقابية تحديد موعد الإضراب.
عاش الاتحاد العام التونسي للشغل حرا وديمقراطيا و مناضلا
عن النقابة العامة عن الاتحاد الجهوي للشغل
محمد الشريف القروي راضي بن حسين
71 شارع الحريّة تونس الهاتف 71847300
انطلاق الاحتفالات بالذكرى الخمسين لانبعاث الجيش الوطني
انطلقت اليوم الخميس الاحتفالات بالذكرى الخمسين لانبعاث الجيش الوطني التي تقام تحت سامي إشراف الرئيس زين العابدين بن علي القائد الأعلى للقوات المسلحة .
وقد اشرف السيد كمال مرجان وزير الدفاع الوطني بهذه المناسبة على موكب عسكري انتظم بساحة القصبة أعطى خلاله إشارة انطلاق سباق عدو التناوب بالمشعل الذي سيجوب طول الشريط الحدودي البرى والساحلي للبلاد التونسية تحت شعار « الجيش سور للوطن » .
ويشارك في هذا السباق حوالي 600 عسكري من الجنسين ومن مختلف الرتب ينتمون إلى الجيوش الثلاثة والأكاديميات والى المدارس والإدارات والمصالح العسكرية.
(المصدر: موقع « أخبار تونس » الرسمي بتاريخ 18 ماي 2006)
في عملية حرقان من ليبيا إلى إيطاليا:
7 لقوا حتفهم من بين أكثر من 30 حارقا أفريقيا
تمكنت فرقة من الجيش الوطني التونسي في المياه الاقليمية بجهة صفاقس من انقاذ حياة حوالي 38 شخصا من بينهم نساء ورجال واطفال من جنسيات افريقية مختلفة مثل نيجيريا والصومال وساحل العاج كما انتشلت خمس جثث وذلك بعد ان تلقت فرقة الجيش اشعارا من اصحاب زوارق للصيد البحري بان زورقا مطاطيا في عرض البحر اشرف على الغرق بعد نفاد مادة البنزين من خزانه، ساعتها كان يحمل على متنه مجموعة من الافارقة قد «حرقوا» من مدينة زوارة الليبية الى الاراضي الايطالية
وبعد ان اوشك الزورق على بلوغ جزيرة صقلية فضل راكبوه تغيير الاتجاه واثناء الرجوع هبت عاصفة هوجاء فحصل ما حصل وقد تمت عملية الانقاذ بعد ان قضوا احد عشر يوما في عرض البحر يواجهون التيار والامواج ومباشرة اثر عملية الانقاذ توفي طفلان عمر الواحد منهما اربع سنوات كما تم نقل ثمانية منهم في حالة حرجة جدا الى قسم الانعاش بالمستشفى الجامعي الحبيب بورقيبة، وقد تضافرت جهود العديد من الاطراف كالامن والحرس الوطني والصحة العمومية وجمعية التعاون الخيري بصفاقس لنجدتهم وتقديم المساعدات اللازمة لهم بالاضافة الى رعايتهم والعناية بهم في مثل هذه الظروف الصعبة للغاية.
محمد القبي
(المصدر: جريدة « الصباح » التونسية الصادرة يوم 18 ماي 2006)
غرق 7 مهاجرين أفارقة قبالة السواحل التونسية
تونس (رويترز) – لقي ما لا يقل عن سبعة مهاجرين افارقة حتفهم بينما نجا اكثر من 30 اخرين من الموت قبالة سواحل صفاقس جنوبي العاصمة تونس اثناء محاولتهم الوصول الى جزيرة لمبدوزا الايطالية بعد حدوث عطب في زورقهم.
ونقلت صحيفة الصباح يوم الخميس عن مصادر ان « وحدات خفر السواحل انتشلت جثث خمسة غرقى بينما توفي طفلان اخران لم يتجاوز عمره الواحد منهما الاربع سنوات وانقذت حياة 38 مهاجرا افريقيا على متن نفس الزورق. »
واضافت ان « فرقة الجيش تلقت اشعارا بان زروقا غرق في عرض البحر لنفاد البنزين من خزانه بعد ان قضى المهاجرون على متنه 11 يوما يواجهون الامواج. »
وجاءت هذه الرحلة السرية للمهاجرين الافارقة التي انطلقلت من شاطيء زوارة بليبيا فيما تزايدت محاولات الهجرة غير المشروعة من شواطيء شمال افريقيا باتجاه ايطاليا مع استقرار العوامل الجوية.
وتمتد الشواطيء الليبية التي تمثل نقطة انطلاق اغلب مراكب الهجرة غير الشرعية بطول الفي كيلومتر.
واضافت الصحيفة ان من بين المهاجرين نساء ورجالا واطفالا من جنسيات افريقية مختلفة مثل نيجيريا والصومال وساحل العاج.
(المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 18 ماي 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)
القنصلية المصرية بتونس ترفض منح تأشيرة لقيادي حقوقي للتضامن مع البسطويسي ومكي
رفضت القنصلية المصرية في تونس منح محمد نجيب حسني عضو مركز تونس لاستقلال القضاء والمحاماة تأشيرة سفر إلي القاهرة للتعبير عن تضامن المركز والقضاة والمحامين في تونس مع المستشارين محمود مكي وهشام البسطويسي نائبي رئيس محكمة النقض بمناسبة المحاكمة التأديبية المحدد لها اليوم «الخميس».
وقال المركز في بيان بعث به إلي «المصري اليوم» إنه يعبر عن مساندته للقاضيين مكي والبسطويسي في «المحنة الظالمة التي يتعرضان إليها والتعسف الذي يواجهان به».
وأشار المركز إلي أنه يتابع ما يتعرض له القضاة في مصر من اعتداءات ومحاصرة وملاحقات تأديبية وما رافق ذلك من مداهمات بوليسية واعتداءات واعتقالات طالت المواطنين المتعاطفين الذين تجمعوا حول نادي القضاة كما شملت الصحفيين والإعلاميين الحاضرين.
وقد جاءت هذه التطورات علي خلفية محاولة السلطات المصرية تمرير قانون لا يستجيب لطلبات القضاة المصريين في توفير الضمانات اللازمة لممارسة خصائص وظيفتهم بكل استقلالية ويحصنهم من تسلط السلطة التنفيذية وفقاً للمعايير الدولية المتعلقة باستقلال القضاء وبعد تجاهلها للمشروع المقدم من طرفهم والمتضمن اقتراحاتهم طلب نادي القضاة.
وبعد المنحي الخطير الذي اختارته السلطات المصرية بإقدامها علي تقديم القاضيين المصريين محمود مكي وهشام البسطويسي للمحاكمات التأديبية بسبب تعبيرهما عن آرائهما حول متعلقات اختصاصهما ومطالبهما بفتح تحقيق في تزوير الانتخابات وفي التهديد والاعتداء علي القضاة المشرفين عليها وذلك من طرف هيئات معينة من السلطة التنفيذية رفضت تمكنهم من ضمانات الدفاع اللازمة لحماية حقوقهم.
وقال البيان بقدر ما تبرز هذه الأحداث من توافق يصل إلي حد التطابق مع ما يتعرض له القضاة والمحامون التونسيين فإنها تؤشر علي حقيقة أزمة الدكتاتوريات في كل من مصر وتونس وانحسار آفاقها في عنف السلطة الأمنية القمعية وتطاولها علي بقية السلطات الدستورية بما وضعها في مواجهة السلطة القضائية ترهيباً للقضاة والمحامين بقصد إسكاتهم وفرض تزكيتهم لكل ما يحصل من تجاوزات.
وأضاف أن مركز تونس لاستقلال القضاء والمحاماة الذي قرر إرسال أحد أعضائه للتعبير مباشرة عن تضامنه وتضامن القضاة والمحامين التونسيين مع زملائهم المصريين والحضور المباشر لمؤازرة القاضيين الفاضلين محمود مكي وهشام البسطويسي يوم «الخميس» ١٨ مايو بمناسبة انعقاد جلسة المحاكمة التأديبية المتعلقة بهما.
(المصدر: صحيفة « المصري اليوم » بتاريخ 18 ماي 2006)
وصلة الخبر: http://www.almasry-alyoum.com/article.aspx?ArticleID=16933
المعهد العربي لحقوق الإنسان مع الجالية العربية بلندن
بدعوة من المنظمة العربية لحقوق الانسان في بريطانيا قام رئيس المعهد العربي الاستاذ الطيب البكوش بزيارة عمل الأسبوع الأول من الشهر الجاري وقد القى بالمناسبة محاضرة أمام جمع من الجالية العربية حول دور الجالية العربية في اوربا و المهجر في عملية التنمية , وحضر عرضا من الرابطة العراقية لملف انتهاكات حقوق الانسان في العراق تحت الاحتلال.
وقد التأمت بالمناسبة عدة اجتماعات مع منظمات متعددة منها المركز العربي للتطوير الوظيفي في لندن الذي يديره الاستاذ مصطفى الامارة , والمنظمة العالمية لمواجهة التطرف, بالاضافة الى اعضاء المنظمة العربية لحقوق الانسان ببريطانيا .
وقد تضمن البرنامج زيارة لأحد السجون بلندن واجتماعا بمجموعة من السجناء العرب والمسلمين للاطلاع على ظروفهم ومشاكلهم أعقبتها جلسة عمل مع المسؤولين في أدارة السجن.
وقد توجت الزيارة بمذكرة تفاهم بين المعهد العربي والمنظمة العربية , تضمنت صيغ تعاون ومشاريع مشتركة لفائدة الجالية العربية بأوربا عامة وبريطانيا خاصة.
(المصدر: مراسلة ألكترونية من المعهد العربي لحقوق الإنسان بتاريخ 17 ماي 2006)
تصحيح
في عدد الأمس، ذكرنا أن مصدر مقالة « العلماء الأمريكان يتوقعون عودة الخلافة عام 2020 » للدكتور أحمد القديدي هي صحيفة الشرق القطرية والصحيح أنها نشرت في موقع « الوسط التونسية » يوم 17 ماي 2006. لذا وجب التصحيح والإعتذار.
هيئة تحرير تونس نيوز
18 ماي 2006
أين وكيف تتحصل على كتاب الدكتور خالد الطراولي ؟
يمكن الحصول على نسخة من كتاب إشراقات تونسية الديمقراطية ورحلة الشتاء والصيف الذي وقعت مصادرته في تونس وسحب كل نسخه من الأسواق، على العناوين التالية :
Librairie d’Orient
18, rue des Fossées St Bernard
75005 Paris
Métro : Cardinal Lemoine Ligne 7
ــــــ
Librairie du Monde Arabe
Les Editions Al Qalam
220, rue St Jacques
75005 Paris
RER : Luxembourg
ــــــ
Librairie Al boustan
1, rue Larrey
75005 Paris
Métro : Monge Ligne 7
ــــــ
Librairie des quatre chemins / quatre écoles
Avenue Jean Jaurès Aubervilliers
Métro : quatre chemins ligne 7
ــــــ
كما يمكن مراسلة دار النشر » مركز الحضارة العربية » على موقعها على النات
أو بالاتصال مباشرة بعنوانها الإلكتروني :
E.mail : alhdara_alarabia@yahoo.com
E.mail : alhdara_alarabia@hotmail.com
كما يمكن مراجعة موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي :
أو مراسلة الموقع على البريد الإلكتروني :
صدر يوم 18 ماي 2006 العدد الثالث من مجلة « البلاد » الالكترونية
عدد جديد من مجلة البلاد
يسر أسرة مجلة البلاد أن تلفت عناية مرتادي الشبكة العنكبوتية إلى صدور عددها الجديد متضمنا جملة من الأخبار والمقالات في أبواب متنوعة.
من بين أهمها:
افتتاحية منتصف الشهر: أحزاب كروية
الحدث: توتّر بين أساتذة التعليم الثانوي ووزارة التربية
حضارة: عائد من السودان
ملف العدد
واقع الصحافة التونسية في عيون أبنائها
تقرير جديد لنقابة الصحافيين يرصد واقع الإعلام التونسي
خميس الخياطي: المشهد السمعي – بصري التونسي، الواقع والممارسة صلاح الدين الجورشي: نظرة من ثقب الباب العربي شويخة: لا بدّ من إعادة تأهيل الصحافة والصحافيين
الكاتب الصحفي عبد اللطيف الفراتي: حان الوقت لعقد ندوة وطنية تبحث في أسباب تردّي الصحافة التونسية
,وثيقتا العدد تقريري جمعية الصحفيين ونقابة الصحفيين عن أوضاع الصحافة في تونس
و في العدد مواضيع أخرى محلية وعربية ودولية…ادعمونا بمساهماتكم
زوروا موقعنا على الانترنت:www.albiled.net
وراسلونا على العنوان التالي: tunisonline2006@yahoo.fr
أسرة تحرير البلاد
ملف العدد: واقع الصحافة التونسية في عيون أبنائها
الكاتب الصحفي عبد اللطيف الفراتي:
« حان الوقت لعقد ندوة وطنية تبحث في أسباب تردّي الصحافة التونسية »
تونس- البلاد- خاص
محمد فوراتي
مع كل موعد 3 ماي من كل سنة وهو اليوم العالمي لحرية الصحافة تختلف التقييمات حول واقع الإعلام التونسي، ولكنها تقر جميعا بأن المشهد الإعلامي التونسي ليس بخير. فمن جهة الحريات الصحفية هناك انتقادات عديدة لسيطرة الحكومة على وسائل الإعلام وغياب مؤسسات مستقلة بأتم معنى الكلمة. وهو الأمر الذي اتفقت عليه تقارير جمعية الصحفيين ونقابة الصحفيين. هذه التقارير وغيرها من الشهادات تحدثت أيضا عن وضع مادي خانق للصحفيين وعن غياب للحقوق المهنية الأخرى وعن تغييب لدور الصحفي. هذه الأسباب وغيرها جعلت عددا كبيرا من خيرة الإعلاميين وهم من الكفاءات يفضلون الهجرة والعمل في فضائيات وصحف عالمية أثبتوا فيها أن الإعلامي التونسي قادر على الإبداع. كما تسببت نقاط الضعف في المشهد الإعلامي التونسي في هجرة المواطنين للإعلام الخارجي حيث انخفضت الثقة في مصداقية هذا الإعلام واصبح لزاما اتخاذ إجراءات عاجلة وصادقة من اجل استرجاع هذه المصداقية.
لتسليط الضوء حول مختلف هذه المشاغل و لوضع الإصبع على بعض الأسباب التي أدت إلى تردي المشهد الإعلامي التونسي تحدثت البلاد إلى عدد من الخبرات الإعلامية والتي قضى بعضها عشرات السنين في هذا الميدان لتتحدث من واقع التجربة عن نقاط الضعف والقوة وعن كيفية الخروج من هذا الواقع.
كيف كانت تجربة العمل الطويلة مع جريدة الصباح.. ماذا بقي من هذه التجربة في شخصية عبد اللطيف الفوراتي الصحفية؟
لا يمكن اختصار تجربة استمرت 42 سنة في كلمات قليلة. ولكني أقول إن الصباح كانت مدرسة تخرج منها العدد الكبير من الصحفيين من الرواد وممن ما زالوا يمارسون مهنة المتاعب حتى اليوم.
وعدا ما يتعلمه المرء واقعا وعلى الميدان زيادة عن زاده المعرفي من أصول المهنة وكيفية ممارستها والدقة وفصل الخبر عن التعليق والعكس، فقد كانت الصباح مدرسة فريدة من نوعها للتدريب على أصول أخلاقيات مهنة كثيرا ما انحرف العاملون بها عن تلك الأصول والأخلاق.
وأعترف أن الصباح قد نحتت شخصيتي سواء الصحفية أو غير الصحفية عبر العمل إلى جانب عمالقة تعلمت على أيديهم كل منهم له جوانب مضيئة لا يمكنني أن أنساها، وأذكر هنا وليس على سبيل الحصر خمسة أشخاص كان لهم أثر كبير في تكويني:
* الحبيب شيخ روحه، وهو الرجل الذي كان يأخذ بيد من يأنس فيهم حب المهنة والفناء فيها فيرعاهم ويوجههم ويشجعهم ويقدم لهم النصح، وهو رجل لم يكن يعرف الغضب أو الحنق وربما يعرف كيف يداريه ولكنه كان أيضا يقول وفي رفق ما يريد أن يقوله، ديدنه التمسك بأخلاقيات المهنة الصحفية التي كان يحرص على أن تسير على هديها جريدته وفي كل المناسبات..
* الهادي العبيدي: وهو رجل المبادئ الصارمة والدقة الشديدة، كان شديدا على نفسه قبل أن يكون شديدا مع الآخرين، وهو مدرسة صحفية قائمة بذاتها.
* عبد الجليل دمق: أدين له بأنه أطرني ووجهني على مدى سنوات وما زلت أعتقد أني دائما في حاجة إلى نصحه وإرشاده.
* عبد الله شريط: الصحفي الجزائري ثم لاحقا الأستاذ الجزائري الذي تعلمت عنه الانطلاق الفكري وعدم التقوقع داخل أفكار معينة، و »لعن » الأفكار المسبقة كما كان يقول لأنها وراء جمود العقل وعدم انطلاقه.
* محمد الميلي: الوزير الجزائري ومدير عام الألكسو السابق والذي كان لفترة ما رئيسي المباشر في الصباح والذي تعلمت منه لا فقط حب المطالعة بل معرفة اختيار ما أطالع، فقد كان يقول لي: إن الوقت أقصر من أن توفر ما تقرأ فيه كل ما يسقط بين يديك فتعلم كيف تختار ما يكون الأكثر فائدة.
من خلال مسيرتك الإعلامية كيف تقيم تطور الصحافة التونسية؟
لا أعتقد أن الصحافة التونسية هي في أحسن أحوالها ، وأعتقد أن كل الأطراف حكومية ومستقلة تتفق عند هذا الرأي ولكنها تختلف في تقييم أسباب ذلك، لعله جاء الوقت لعقد ندوة حقيقية ـ تحت إشراف رئيس الدولة –ETATS GENERAUX – لا يقع فيها إقصاء أي تجربة أو استثناؤها من وجوه المجتمع مهما كان موقفها، للبحث في الأسباب الحقيقية لتردي الصحافة التونسية والخروج بمقترحات يتم تنفيذها بكل أمانة وصدق وحسن نية.
ما هي عوامل قوتها؟
قوة الصحافة التونسية تكمن لا في وضعها الراهن وإنما في عمق تجربتها وعراقة تلك التجربة وما أفرزته من تراكم يمكن أن يعود بها إلى مستوى مرموق. وقوتها تكمن أيضا في ذلك الكم من الموارد البشرية ذات التكوين الجيد سواء منها ما هو داخل مجال النشاط أو خارجه، فهي ثروة حقيقية لكنها معطلة.
ما هي مواطن الضعف في المشهد الإعلامي التونسي؟
موطن الضعف الحقيقي هو الشعور السائد لدى مختلف الجهات الشعبية بقلة مصداقية الصحافة التونسية وضعف جاذبيتها وبالتالي انعدام تأثيرها.
إلى أي حد يمكن تحميل الصحفي مسؤولية فشل بعض التجارب؟ هل التكوين المتوفر حاليا يكفي لوجود صحفيين ناجحين؟
في اعتقادي لا يمكن تحميل الصحفي مسؤولية فشل الصحافة، فهو نفسه ضحية ذلك الفشل ولا يمكن تحميله نتيجة أسباب ليست متولدة عنه، القضية ليست قضية تكوين فقد جاءت فترة ارتقت فيها الصحافة التونسية إلى مستويات راقية، وكان عدد الخريجين أقل من الآن.
إن الصحفيين الناجحين لا يصنعهم فقط نظام تعليمي جيد ولكن تصنعهم أيضا ممارسة جيدة وحرية ضرورية وصقل للمواهب وتأطير ناجح.
كما جاءت فترات وفي ظل قانون الصحافة لسنة 1975 السيء الذكر قامت فيها صحافة جيدة، ولعله جاء الوقت للعمل بقانون الصحافة الصادر في فيفري 1956 وهو قانون متحرر منطلق قد يحتاج إلى ملاءمة مع الواقع الجديد ولكنه في مضمونه يبقى النص الأفضل الذي عرفته البلاد.
(المصدر: مجلة البلاد، إلكترونية نصف شهرية مستقلة، العدد الثالث بتاريخ 18 ماي 2006)
نظرة من ثقب الباب
صلاح الدين الجورشي
يكاد يجمع التونسيون حول القول بأن إعلامهم دون آمالهم بكثير. فهو إعلام يعاني من فقر في المعلومة وشح في التحليل وانحصار لتعدد الآراء. وقد صمدت هذه الحالة كل هذه الفترة الطويلة، رغم الإجماع الوطني حول المطالبة بالإصلاح الإعلامي. ورغم هجرة الإعلاميين المتواصلة، والتضحيات التي قدمها آخرون، والمناورات التي لجأ إليها من أقعدته ظروفه في المؤسسة التي يعمل بها. ورغم حرية التعبير المتفاوتة التي هبت نسائمها على معظم دول الجوار وبقية البلاد العربية. ورغم تقارير المنظمات الدولية المختصة في حقوق الإنسان وحرية الصحافة. كل ذلك حصل ولا يزال دون أن يقنع الماسكين بالملف الإعلامي بأن السياسة الإعلامية المتبعة منذ 1992 لم تعد مجدية على جميع الأصعدة، وأن أضرارها على السلطة والبلاد لا تقل عن الذي لحق ولا يزال بمئات الصحافيين.
هذا التوصيف السلبي لا يعني أن المشهد الإعلامي التونسي خال تماما من بعض الإيجابيات. فأنا شخصيا أتجنب في كتاباتي وتصريحاتي المبالغة في تضخيم السلبيات وتقديم صورة سوداء، لأن ذلك بقدر ما يتضمن إدانة للوضع الإعلامي والسياسي بقدر ما يدفع إلى الإحباط ويدفع بالكثيرين إلى التخلي عن مسؤولياتهم وإلقاء كل البلوى على مشجب الآخرين. فعبقرية النخب لا تكمن في اكتشافها للأزمات، وإنما في قدرتها على الاستمرار في الفعل رغم كل العوائق، وتغيير المعدلات رغم اختلال الموازين.
عندما كنت أعمل ضمن فريق مجلة ( حقائق )، ورغم الضغوط المختلفة التي كانت تتعرض لها المجلة بسبب ما يكتب أساس في القسم العربي، أمكن أن نجتهد وأن نحافظ على الحد الأدنى. وقد استمرت المحاولات بعد إيقافي عن العمل ومحاولة شطبي من المهنة، بفضل وعي عدد من الزملاء مثل الصديق لطفي حجي. وهذا يعني أن الصحفيين الذين بقوا يعملون داخل المؤسسات الإعلامية، ولا يزالون يرفضون لغة الابتذال ويتمسكون بالحد الأدنى من قواعد المهنة، قادرون على تقليص حجم الرداءة، وتجديد العهد مع القراء من خلال مبادرات فردية، والبحث عن مداخل متنوعة لتقديم أعمال جيدة أو متوسطة، مع محاولة اختبار الجرأة من حين لآخر. وهو ما نلمسه أحيانا في بعض الأعمال التي تنشر أحيانا هنا وهناك. المهم أن لا يكسر الزملاء أقلامهم، ويلقوا بالمنديل الأبيض، فالصحفي قد يخاف، قد يتراجع أحيانا، قد لا يكتب كل ما يعتقد، أو يزل قلمه في بعض المناسبات، وهي حالات نفسية واجتماعية يمكن التغلب عليها، لكنه حين يستسلم للموج سيأخذه البحر بعيدا فيفقد اسمه ورسمه وتاريخه ومستقبله، إلى أن يأتي يوم فلا يستطيع إطلاقا أن ينظر إلى نفسه في المأساة، هذا إن بقيت له قدرة على النظر وإحساس بذاته.
لست من الذين يرغبون في إعطاء دروس للآخرين، لكني أعتقد بأن العشرات من الصحافيين الجيدين والراغبين في الحفاظ على الحد الأدنى يشكون من غياب السند من داخل مؤسساتهم. وهنا لابد من القول بأن من بين الأسباب التي ساعدت على مزيد خلخلة الوضع الإعلامي، هو تراجع استعداد أصحاب المؤسسات الإعلامية عن الرغبة في المغامرة. وهي صفة كانت تميز عددا من مديري الصحف في مراحل سابقة. ليس المطلوب منهم القيام بعمليات انتحارية، وإن كان بعض في السابق قد فعل ذلك ودفع ثمنا غاليا فاكتسب مكانة عالية في ذاكرة الصحافة الوطنية. المطلوب فقط هو أن يستمر أصحاب المؤسسات الإعلامية الخاصة في المناورة، وأن لا يحولوا صحفهم إلى مجرد واجهات، وأن يعتبروا أن المال وحده ليس كافيا لصنع الصحافة، وأن يدافعوا عن الصحافيين العاملين معهم ولا يتخلوا عنهم بسهولة كما يتخلوا عن أحذيتهم. فالصحفي عندما يجتهد إنما يعطي قيمة مضافة للمؤسسة التي يعمل بها، وما ينتظره على الأقل من وراء » مغامرته المحدودة » هو أن لا يلقي به مدير الصحيفة من جبل في أول احتكاك مع الرقيب. فمجد الصحافة التونسية خلال الثمانينات لم يصنعه فقط بعض الصحفيين ولكن يعود فيه الفضل كذلك إلى عدد من أصحاب الصحف الوطنيين الذين وفروا الفرصة لهؤلاء الصحافيين وأشعروهم حقيقة بأن هناك شراكة بينهم وهناك مصيرا موحدا يجمع بينهم.
لقد جاء تأسيس نقابة الصحافيين ليشكل دليلا قويا على أن الصحافيين التونسيين لم يستقيلوا نهائيا. كان لحظة التأسيس لحظة تاريخية أثبتت أن هناك مجموعة من الإعلاميين مستعدون للدفاع عن أنفسهم ومهنتهم بالوسائل القانونية والمشروعة. وأنا أعتبر أن هذه النقابة الوليدة وجه إيجابي من المشهد الإعلامي التونسي، رغم إصرار السلطة على عدم الاعتراف بها، وأدعو بهذه المناسبة كل الزملاء إلى تجاوز الخلافات الضيقة، وأن يحرصوا على حماية هذا الإنجاز، وأن يبحثوا عن الوسائل الكفيلة بتحقيق التعايش وتفعيل هذه الخطوة الجريئة.
أخيرا، من إيجابيات هذا المشهد، انخراط عدد من الزملاء المقيمين خارج تونس في تحريك الإعلام الوطني، من خلال تأسيس عدد من الصحف الالكترونية. إنه دليل نضج، لأنه جرت العادة أن من نجح في إنقاذ نفسه، ينسى البقية ويعطي ظهره للبلد، ويصبح همه ضمان مستقبله المهني والمالي. في حين أن شعوبا أخرى لم تتجاوز مآزقها التاريخية إلا بجهود جميع المخلصين من أبنائها، بمن في ذلك الذين أسسوا موقع قدم خارج الوطن.
هذه بعض الانطباعات أسوقها بسرعة، للمساهمة في تعميق نقاش يتجاوز التشخيص، وإنما يبحث عن نقاط القوة والضعف من أجل تحرير إعلامنا من كوابحه، وإنهاء حالة الاستثناء التي تعيشها صحافتنا في المنطقة العربية والإفريقية.
(المصدر: مجلة البلاد، إلكترونية نصف شهرية مستقلة، العدد الثالث بتاريخ 18 ماي 2006)
لا بدّ من إعادة تأهيل الصحافة والصحافيين
العربي شويخة (*)
في تونس كما في عدد من بلدان العالم العربي، الصحافة والصحافيين هم عرضة للاستهداف في بعض الأحيان من طرف الأنظمة الحاكمة: ترهيب وضغط وإيقاف وأحكاما تبعث أحيانا على القلق.
منذ انطلاق « الحرب على الإرهاب » خاصة والأنظمة المتسلّطة تجد في ذلك ذريعة لكي تحيد باستمرار بهذا (الفضاء للتعبير الحر) للجم كل رأي « مزعج ». هذه الوضعية هي مثيرة للقلق رغم لحظات الانفتاح التي تعرفها بعض بلدان المغرب العربي، إذ تنتهي الأشباح القديمة للديكتاتورية بالظهور من جديد.
ما هي العوائق الموضوعة بوجه كل انطلاقة لوسائل الإعلام الحرة والمستقلة عن السلطة السياسية في بلداننا، وما الذي يجب فعله لكي نحفّز هذا القطاع بإحاطته بكل ضمانات الاستقلالية والحرية؟
من المستحسن أولا أن نبدأ من المسلّمة التي تقول أن حرية التعبير وحرية تبادل وانتقال المعلومات والآراء والأفكار تشكل جوهر مواطنتنا. فمنع أو تعطيل ممارسة حرية التعبير هذه، ينتهي بنفي حق الوجود أو التواجد كمواطن كامل الحقوق. بناءا على هذه النتيجة فان تعلم وترسيخ الديمقراطية والحرية لا يمكن أن يتحقق إلا في إطار من تلاقح الأفكار المختلفة والمتناقضة. في حين أن سياسة وضع اليد شبه الكلية- حسب البلدان- للنظام السياسي الذي كثيرا ما يقع الخلط بينه وبين الدولة، والأطراف التي توجد في السلطة على إنتاج وتوزيع المعلومة و أيضا على توزيع الإعلانات الاشهارية، يضعف حرية المناورة لدى الصحافيين و يمنع أي إمكانية لانبعاث صحافة حرة ومستقلة . و الحق انه منذ فجر الاستقلال إلى يومنا هذا كان النظر إلى المعلومة قائما على أنها أداة بيد الدولة توظفها لمصلحتها وتستعملها غالبا للدعاية السياسية .
لقد تحقق بعض التطور فعلا باتجاه فسح مجال اكبر للحرية في بعض دول المغرب العربي ولكن هذا التطور كان دائما مبنيا على املاءات فوقية أي أن السلطة السياسية تدفع بهذه التطورات في سياق وضعيات تتميز بأزمات هيكلية حادة تؤثّر فيها » أي السلطة » بصفة مباشرة . وتبعا لذلك فان كل انفتاح ديمقراطي يلاحظ هنا أو هناك قابل لان يقع التراجع عنه . وفضلا على ذلك وفي ظل غياب تقاليد ديمقراطية متجذرة في مجتمعاتنا فان كل تحرك شعبي كبير- بما في ذلك الصحافيون أنفسهم – من اجل حرية التعبير و فتح الفضاءات المرتبطة كليا بالدولة يبقى محدودا للغاية . ويمكن تعليل ذلك بكون الهيكلة التي تأسست عليها دولنا لم تتطور منذ الاستقلال. فالاستبداد لا يزال يوتر جميع العلاقات الاجتماعية ويحد بذلك من إمكانات التداول والاستقلالية. ويزيد الشعور بالانتماء إلى مهنة جديرة بأن يعاد إليها الاعتبار وتثمن من وجهة نظر العامة، والواقع أنها ترزح تحت وطأة التدهور الذي تشهده الأوضاع المادية والمهنية التي يكابدها الصحفيون المغاربة لرفعها باستمرار.
لهذه الأسباب تحديدا فان حرية الإعلام وتبادل المعلومات مرتبط بشكل وثيق بالمعركة السياسية من اجل الحريات بصفة عامة. ومن هذا المنطق فان ملاحظتين يجب أن نركز عليهما اهتمامنا:
الأولى أن هذا الإعلان الاحتفالي لهذه الحرية يفترض به أن ينتهي – في الحالة الطبيعية – إلى الإقرار بنهاية هيمنة الدولة على كل القطاعات الإعلامية بما في ذلك ميدان الصحافة المكتوبة ولكن خاصة في المجال السمعي البصري (الإذاعة والتلفزة).
الثانية أن كل محاولة تنظيم لهذا القطاع (مثل المصادقة على ترسانة من التشريعات حول وسائل الإعلام) يمكن أن يحدث تقييدا أو تحديدا وحتى مساسا بتلك الحرية.
صحيح أن أساس هذه المقاربة يرتكز على فكرة أن وسائل الإعلام وبالنتيجة حرية التعبير وحرية تبادل المعلومات لا يمكن أن تتحرك وان تنفتح في فضاء عام تهيمن عليه الدولة بشكل كبير. بمعنى آخر فان المطالبة الديمقراطية بالفصل الفعلي بين الدولة والمجتمع واستعلاء الفرد يندرج ضمن استقلالية مجال الإعلام عن هيمنة الدولة. ويجب أن تحفيز الوعي بضرورة الارتقاء إلى (ثقافة إعلامية مستقلة) إذن فمن صلب الاهتمام بهذا الموضوع أن ننخرط في بحث إشكاليات العمل التالية: كيف يمكن أن نجعل فكرة أن الإعلام والتواصل في مجملهما لا يمكن في جميع الأحوال أن يزدهرا في ظل النظام السياسي مثل الدولة في شكلها الحالي .
فالمقاربة المؤسسية القضائية مثل إعادة صياغة قوانين جديدة للصحافة وتعزيز الهياكل القائمة مثل المجلس الأعلى للاتصالات تبدو غير مناسبة وعديمة الجدوى في علاقتها بهيكلة الفضاء العمومي. فهي لا تقوم إلا بتأبيد هيمنة الدولة على المجال الإعلامي وخاصة من يتحدثون ويتصرفون باسمها الخاص؟
وبالنتيجة فان الوسيلة المناسبة لضمان انفتاح وتطور هذا المجال ولضمان حرية التعبير للمواطنين سيكون بالنظر في خلق هيكل عمومي فعلا ، شفاف، قانوني ويتمتع حقيقة بكل استقلالية عن الدولة التي ستراقب التنظيم والدخول والنشر في المجال الإعلامي. إذا فالمشكل كله في معرفة ماذا نعني بـ(هيكل عمومي) في فضاءاتنا العامة؟ وماذا ستكون مكوناته؟ وخاصة كيف نضمن له استقلاليته ؟ ومن الذي سيضمن له هذه الاستقلالية؟
وبعض الحالات يمكن أن تقدم لنا صورة في هذا الاتجاه، الحالات مثل المجلس الأعلى للإعلام السمعي البصري في فرنسا والهيئة العليا للإعلام السمعي البصري بالمغرب التي رأت النور مؤخرا وهياكل أخرى ذات الاستقلالية التي انبثقت في بعض البلدان الإفريقية تبين انه بالإمكان تجميع المهنيين وممثلين عن الشعب وفاعلين اجتماعيين آخرين معروفين بإشعاعهم وكفاءتهم واستقلاليتهم الفكرية.
هذا الشكل الذي يجب بناءه يجب إذا أن يشيد حول هذين المبدأين الأساسيين: أولا القبول بان كل الأفكار والتعبيرات يجب أن تتنقل بحرية بدون عوائق خاصة تلك التي تعتبر لدى الرأي العام المغاربي و العربي كأفكار لا تحظى بالقبول من طرف أغلبية الناس وأنها ليست محل توافق الجميع، ثم التفكير في ضمان هذا المبدأ لحرة التعبير وحرية تنقل المعلومات فعليا. طبعا لا يجب أن يفهم مما قيل أن هذه الهياكل يجب أن تكون معوضا أو بديلا عن الأنشطة المعترف بها للنقابات والمنظمات المهنية للصحافيين والناشرين الصحفيين المنتخبين بطريقة ديمقراطية.
وبما أن هذه الأمنية أو هذه الرغبة في استقلالية أكثر للمجال الإعلامي أصبحت ملموسة أكثر ومعبر عنها في البلدان المغاربية يكون من المأمول أن تقوم المنظمات المهنية المستقلة وذات المصداقية ومنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان بالعمل مجتمعة من اجل هذه المهمة وان تبلور وان تتابع مع بعضها رؤية في هذا الاتجاه.
( *) أستاذ جامعي وناشط في حقوق الإنسان
(المصدر: مجلة البلاد، إلكترونية نصف شهرية مستقلة، العدد الثالث بتاريخ 18 ماي 2006)
زياد الهاني، عضو مكتب جمعية الصحفيين التونسيين:
انتعاش المشهد الإعلامي مرتبط بانتعاش الأوضاع السياسية والاقتصادية
البلاد- خاص
ما هو تقييمك للمشهد الإعلامي التونسي من خلال تجربتك الشخصية ونشاطك في الجمعية؟
تقييمي ببساطة أن المشهد الإعلامي يبقى دون انتظارات وتطلعات المواطن التونسي وكذلك دون القدرات الحقيقية لعطاء الصحفي التونسي.
فتطور المشهد الإعلامي مرتبط بمدى حرية الإعلام وحرية الإعلام ليست حالة معزولة عن باقي الحريات وأساسا حريّة التعبير وحرية التجمّع والتظاهر وحرية تأسيس الأحزاب والمنظمات.
وتشهد فترات الانفتاح السياسي في تاريخ بلادنا بأن انتعاش الوضع الإعلامي كان دائما مرتبطا بانتعاش الأوضاع السياسية والاقتصادية والثقافية.
إلى أي حدّ تساهم جمعية الصحفيين التونسيين في الارتقاء بالمشهد الإعلامي؟
الجمعية منذ تأسيسها في 21 جانفي 1962 كأداة لتجميع الصحافيين التونسيين والدفاع عن حقوقهم الماديّة والمعنوية شهدت فترات مدّ وجزر وما تسعى إليه اليوم هو بناء قاعدة صلبة يمكن أن تؤسس لانطلاقة جديدة في عمل الجمعية تمكنها من بلوغ أهدافها وما المصادقة على التنقيح الأخير للقانون الأساسي للجمعية ونره في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية بما يجعله وثيقة باتة وحاسمة لكلّ جدل إلا خطوة هامة في هذا الاتجاه خاصة وان الجمعية بموجب الفصل الثاني من قانونها الأساسي أصبحت تختصّ ليس فقط في الدفاع عن الحقوق الماديّة والمعنوية للصحفيين وإبرام الاتفاقيات باسمهم وإنّما كذلك في الدفاع عن حريّة التعبير في بلادنا وهما حريتان متلازمتان لا تتوفّر الواحدة منهما دون الأخرى.
إلى أي حدّ تعتقد أن التكوين المتوفر الآن للصحفيين يوفر لهم فرص النجاح والإبداع ؟
هذه الوضعيّة تطرح إشكالية عامّة ترتبط بمستوى التكوين في مختلف فروع المعرفة والتي شهدت تدهورا كبيرا خلال العشريات المنقضية وصولا إلى تخريج جامعيين لا يستطيع الكثير منهم كتابة مطلب انتداب بسيط باللغة العربية وما بالكم عندما يتم تحرير هذا المطلب بالفرنسية. فالمشكلة إذا ترتبط بكامل المنظومة التربوية وليس فقط بالتكوين في القطاع الصحفي. أضف إلى ذلك أن الحرية تبقى دائما هي الإطار الأفضل لتفجير الإبداعات ورعايتها وتطويرها وفرز الغث من السمين.
يعاني عدد كبير من الصحفيين من صعوبات مادية كبيرة في الوقت الذي تمتنع فيه مؤسسات الصحافة المكتوبة وغيرها عن تطبيق القوانين ومنها الاتفاقية المشتركة. كيف ترى تجاوز هذه الوضعية؟
الحلّ في رأيي يتم في اتجاهين الأول هو التطبيق العام للقانون وخاصة للفصلين 406 و 407 من مجلّة الشغل اللذين يمنعان المؤسسات التي لا تحترم حقوق الصحفيين من الحصول على الإشهار العمومي. أمّا الاتجاه الثاني فيتمثّل في الالتزام بتطبيق القانون فيما يتعلّق بفتح المشهد الإعلامي وتمكين كلّ الراغبين في بعث جرائد أو مجلات أو إذاعات أو تلفزات خاصّة من حقهم في بعث مؤسساتهم.
فإصدار الصحف مثلا حرّ في بلادنا يخضع لمجرّد إعلام يقع تقديمه لوزارة الداخلية مقابل وصل لكنّ هذا الوصل لا يسلّم في غالب الأحيان وبدون موجب قانوني مما يمنع من إصدار هذه الصحف وبالتالي خلق موارد شغل إضافية للصحافيين توفر لهم فرص اختيار أكثر. ومرونة أكبر في الانتقال إلى مؤسسات قد تكون أقدر على احترام حقوقهم.
(المصدر: مجلة البلاد، إلكترونية نصف شهرية مستقلة، العدد الثالث بتاريخ 18 ماي 2006)
المشهد السمعي – بصري التونسي
الواقع والممارسة
خميس الخياطي(*)
عاش الفضاء السمعي-البصري التونسي طيلة السنة المنقضية بعض التغييرات التي لا يمكن تقييمها إلا بالنظر إلى الخصائص العامة التي يمتلكها هذا الفضاء على مستوى منظومة متابعة الفضائيات إن محليا أو مغاربيا.
بينت دراسة ميدانية قامت بها شركة « سيغما كونساي » (حسن الزرقوني) أن المشاهد المتوسط التونسي يقضي أمام تلفازه ما يعادل 142 دقيقة يوميا (تؤكد دراسة للشركة التونسية لتوزيع الكهرباء والغاز أن جهاز التلفاز يشتغل لمدة ست ساعات يوميا في المنزل التونسي) وأنه يستمع إلى الإذاعات بما يقارب 179 دقيقة يوميا.
مقارنة بجيرانه المغاربة، يتميز المشاهد المتوسط التونسي بمتابعته للقنوات المحلية (تونس7/حنبعل/قناة21) بنسبة 46 في المئة (35 في المئة للجزائر و44 في المئة للمغرب) وفي متابعته للقنوات الفضائية العربية يأتي إهتمامه بها على رأس السلم بنسبة 45 في المئة (15 في المئة للجزائر و41 في المئة للمغرب) في حين عندما يتعلق الأمر بالقنوات الفرنسية، يكون المشاهد التونسي أقل متابعة لها بنسبة 5 في المئة (11 في المئة للمغرب و48 في المئة للجزائر).
مثل هذه الأرقام تبين تجانس المشاهد مع محيطيه الثقافيين التونسي والعربي، الأمر الذي يدحض بعض الممارسات السارية في الوسائل الإعلامية الخاصة (إذاعة موزائيك وقناة حنبعل) أو في وكالات الإستشهار التي بتعلة التواصل، تنفخ في الكيان الإجتماعي نماذج سلوكية تكرس إزدواجية لغوية للفرنسية فيها المكانة المرجعية.
إضافة لذلك، يبين سلم المشاهدة لشهر مارس الفارط أن خارطة الفضائيات تقوم أساسا على تونس 7 بنسبة 52.5 في المئة (واحد في المئة يعادل 93000 مشاهد)، 25.5 في المئة لحنبعل، 13.7 في المئة لألـ بي سي، 7.9 في المئة لروتانا سينما، 7.1 في المئة للجزيرة، 5.1 في المئة لقناة أبوظبي، 4.1 في المئة للسادسة الفرنسية، 3.7 في المئة للأولى الفرنسية ونجد في أخر سلم القنوات العشرين أم بي سي 3 و »دبي » و »إقرأ » و »الإمارات » والثانية الفرنسية بعد قناة 21 التي حصلت على نسبة 1.6 في المئة. الأمر الذي يوضح لنا أولويات الطبق السمعي-بصري التونسي واختياراته.
كذلك على مستوى الإستشهار، حصلت القنوات التلفزية (نظريا) على ما يقارب 32 مليون دينار في ما حصلت الإذاعات على 23.5 مليون دينار من الإستثمار الإستشهاري. في ذلك، تحتل المواد الغذائية مركز الصدارة بنسبة 54 في المئة (30 في المئة للجزائر و15 في المئة للمغرب) تليها المواد الإتصالية والإنترنيت بنسبة 14 في المئة (40 في المئة للجزائر و29 في المئة للمغرب) ثم مواد التجميل (11 في المئة) ومواد التنظيف (5 في المئة) والبنوك (3 في المئة). إضافة لكونها تدلنا على المكونات الأساسية لخصوصيات المشاهد/المستمع التونسي واهتماماته، فإنها تؤشر على الميادين الإقتصادية التونسية الأكثر حيوية.
علاوة على هذه السمات العامة، شهد المشهد السمعي-بصري تغييرات ثلاثة هي:
1- بمناسبة الذكرى الثامنة والأربعين لعيد الجمهورية وسنة ونصف السنة بعد إنطلاق إذاعة « موزاييك » تم الترخيص وبعث إذاعة « جوهرة » الموجودة بسوسة على الساحل التونسي حيث توجد إذاعة « المنستير » (قطاع عام) وقد عين على رأسها السيد علي بلحاج يوسف، المدير السابق لإذاعة الشباب (قطاع العام). ومنذ ذلك الإعلان، تبث الإذاعة 19 ساعة يوميا وتغطي ست ولايات…
2- الإعلان عن إنشاء إذاعة ثقافية تابعة للقطاع العام. ولهذا الغرض قامت وزارة الإتصال والعلاقات مع مجلس النواب ومجلس المستشارين وبالتعاون مع وزارة الثقافة والمحافظة على التراث بيوم إستشاري دعت إليه عديد الفاعلين التونسيين سواء على المستوى الثقافي أوعلى مستوى الإعلام وذلك لتبيان تطلعات أصحاب المهنة ودراسة إمكانية الإستجابة لها. ومن المتوقع، بعد أن تم إختيار مديرا لها في شخص السيد أحمد الحذيري، أستاذ الحضارة بكلية الآداب بسوسة، أن تبدأ البث قريبا…
3- تنصيب الأعضاء الجدد للمجلس الأعلى للاتصال.
تستدعي هذه الأحداث بعض الملاحظات:
أولها: شح الإدارة في إعطاء التراخيص لإنشاء وسائط إعلامية حديدة وتجاهلها المطالب التي تقدم بها عديد المواطنين لإنشاء إذاعات وتلفزات خاصة مع غياب الشفافية في قراراتها تسليم تراخيص لجهات وتحجبها عن أخرى. هذا السلوك غير القانوني تحكم به الإدارة القفل على حرية التعبير التي يكفلها الدستور.
ثانيها: في ما يخص إذاعة جوهرة، من الصعوبة الحصول على قيمة رأسمالها والمساهمين فيه وكذلك كراس شروطها أو العقد الذي يربطها بالإدارة التونسية. غياب هذه المعلومات أو عدم تداولها يتسبب في غموض وتأويلات ليست في صالح المشهد الإعلامي التونسي.
ثالثها: الإذاعة الثقافية وإن هي مكسب مهم، إلا أنها ليست بالأهمية التي توليها إياها الإدارة التونسية. ذلك أنه في غياب سياسة إعلامية متحررة، لا تمثل الإذاعة الثقافية أولوية قصوى. كان الأفضل أن يفتح المجال أمام الخواص وأن تدعم البرامج الثقافية في القنوات الإذاعية والتلفزية بالتعاون بين وزارة الإتصال ووزارة الثقافة وألا يسجن الإعلام الثقافي في إذاعة خاصة بها…
رابعها: تركيبة المجلس الأعلى للإتصال وإن هي مفتوحة على ممثلي المجتمع المدني وأحزاب المعارضة البرلمانية بما فيه الكفاية والنجاعة، فإنها من جهة أخرى تضمنت أطرافا وممثلين لا علاقة لهم من قريب أو من بعيد بمشاغل ومتطلبات المشهد الإعلامي/الإتصالي التونسي. كذلك، أعمال وقرارات المجلس تأثيرها نادر على المشهد السمعي-بصري التونسي لأنها غير إلزامية، إضافة لكون المجلس مرتبط عضويا بوزارة الإتصال في حين من المفترض أن يكون مستقلا عنها هيكليا. ذلك أن من مهام الوزارة الإشراف على المجلس الأعلى للإتصال كما تشرف على مؤسسة الإذاعة والتلفزة أو وكالة تونس أفريقيا للأنباء وغيرها…
الإذاعات
ما زال التونسي يهتم بالإستماع للإذاعات التونسية. لقد بينت دراسة عامة لـ »سيغما » أن 66.4 في المئة من عينة شهر جانفي للعام 2006 تواكب الإذاعات مقابل 33.6 في المئة التي لا تهتم بها… ومع ذلك، تحتل إذاعة « موزاييك » المرتبة الأولى (57.7 في المئة) من نسب الإستماع وقد نسجت على منوالها إذاعة « جوهرة » (74.5 في المئة بحسب نشرية « ماد نيوز » لرياض بن فضل ودراسة لشهر فيفري لشركة « ميديا سكان » لإلياس عبد الجواد). وبما أن جمهور مستمعي هاتين الإذاعتين جمهور شبابي وأنثوي بالخصوص، فإنهما تحصدان أكبر نسبة من الإستشهار. بالمقابل، تحصل الإذاعة الوطنية على نسبة 8.6 في المئة من الإستماع والإذاعة الدولية على 5.2 في المئة وإذاعة الشباب على 4.9 في المئة.
ليس معنى هذا أن إذاعات القطاع العام الثلاثة غير قادرة على جذب جمهور المستمعين، بل، خلافا عن وظيفة القطاع الخاص، من مهام القطاع العام المحافظة على مقومات الشخصية الوطنية من دارجة تونسية ولغة عربية واهتمامات محلية عوض الركض وراء الإزدواجية اللغوية والموضة والـ »توب تان » كما أرستها إذاعة « موزاييك » وتبعتها في ذلك إذاعة « جوهرة ».
أما الإذاعات الجهوية (المنستير، صفاقس، تطاوين، قفصة والكاف) التي تعمل في ظروف « الأف أم »، فهي منحصرة في وظيفة إعلام « القرب » وهو أمر إيجابي لو أعطيت لهذه الإذاعات بعض الحرية الإدارية والتحريرية. وما حدث لإذاعتي صفاقس والمنستير يعتبر مثالا في حصر خطابهما الإعلامي في حدود مساحة موجة الـ »أف أم » حتى لا تنافس وتغطي الإذاعة الوطنية. أغلبية هذه الإذاعات الجهوية عادة ما تتجاهلها وسائل الإعلام التونسية رغم ما تقدمه من إعلام قريب من مواطن الولايات الداخلية وفي ظروف مهنية صعبة ماديا ومعنويا.
التلفزة
مقارنة بمتابعته للإذاعات، يظهر ولع التونسي بمشاهدة التلفزة إذ 94.8 في المئة من عينة دراسة ميدانية لشهر مارس 2006 أعلنت علاقتها الوطيدة بالشاشة الصغيرة (يوجد بتراب الجمهورية مليونين و279 ألف جهاز تلفزي) مقابل 5.2 في المئة لا يشاهدونها. رغم ذلك وبعد انطلاق قناة « حنبعل تي في » ورغم كثرة الأخبار المنشورة في الصحف التونسية عن نية بعث قنوات تلفزية جديدة خاصة تثري خارطة الإعلام المرئي ببلادنا، بقي المشهد التلفزي على حاله مكون من قناتي القطاع العام (تونس7 وقناة 21) وقناة بالقطاع الخاص (حنبعل تي في)…
1- حنبعل تي في:
منذ إنطلاق بث هذه القناة في منتصف فيفري من العام 2005، حصلت على نسبة محترمة من إهتمام المشاهد التونسي جعلها تتبوأ المركز الثاني في سلم المشاهدة. إلا أنه تبين في ما بعد – وكما هي الحال بالنسبة إلى إذاعة موزاييك – أن الجاذبية لم يكن سببها جودة البرامج أو سياسة إعلامية/ترفيهية قائمة بذاتها. يكمن السبب في عطش التونسي لإعلام آخر غير الإعلام الرسمي والصوت الرسمي والرؤية الرسمية. أن تنتقل قناة حنبعل من المرتبة الرابعة في شهر جوان 2005 بـ5.3 في المئة إلى المرتبة الثانية بـ25.5 في المئة في شهر مارس 2006 فسبب هذه القفزة أنها بثت نفسا جديدا في التناول التلفزي دون غيره أسوة بما فعلته « موزائيك » بالنسبة للإذاعات. لقد قدمت هذه القناة نوعية من البرامج تعدت الخطوط الحمر من أخلاقيات المهنة مثل تقويل المستجوبين ما لم يقولوه كما يحدث في برنامج « باباراتزي » ومن قبله في « فرغ قلبك » وكلاهما من إعداد وتنشيط علاء الشابي أو التركيز على أمور شخصية كما يقوم بذلك سمير الوافي في « الصراحة راحة ». هذه المنافسة وإن هي محبذة ونافعة في المبدأ، إلا أنها في حالتنا هذه جذبت إلى الأسفل بتعلة الإستجابة إلى رغبات المشاهد/المستمع… وهو ما دفع عديد البرامج في إذاعة الشباب أو تونس 7 وقناة 21 إلى إستعمال تعابير فرنسية في التنشيط أو المحاورة، ناهيك عن الجذب إلى الأسفل حيث عملت تونس7 على محاكات حنبعل في إبعاد الإنتاج الوطني وبث مسلسلين واحد مصري والآخر مكسيكي وراء بعضهما البعض بتعلة أن الجمهور يشاهد الشيء نفسه على القناة الخاصة… البرامج التي جذبت المشاهد التونسي لهذه الشاشة ليست كلها من إنتاج القناة ومنها المسلسلات (إما مصرية او مكسيكية أو من إنتاج القطاع العام وهذه الأخيرة حصلت عليها حنبعل مجانا، وهو أمر غير مقبول وأثار حفيظة عديد المسؤولين في المؤسسة العمومية). حصلت هذه المسلسلات على نسبة 15 في المئة ويأتي بعدها ملخص « ستار أكاديمي » (10.4 في المئة) ثم « ستار أكاديمي » (6.1 في المئة). تتخلل هذه البرامج المستوردة نوعية من البرامج من إنتاج القناة والقائمة على دغدغة فضول المشاهد وحذبه نحو مناخ الصحف الصفراء مثل « الإتجاة المشاكس » (12.9) و »الصراحة راحة » (6.1) و »فرغ قلبك » (5.3) و »سويعة سبور » (5.1) إلخ… وتجدر الملاحظة أن هذه البرامج لم تتضمن أية إضافة إعلامية إلا في صيغة المحاورة « الجريئة » كما هي الحال في « سويعة سبور »… غير ذلك، جل إنتاجات حنبعل حتى الرمضانية منها (سيتكوم « قهوة جلول » ومسلسل « مال وآمال ») تنم عن غياب تصور لدى القائمين على القناة وإن كان هناك تصور فهو لغير صالح تطور الإعلام التونسي، اللهم في الإبتذال وحديث الشارع والتعدي على الذوق العام.
وقد إتسم مناخ العمل بقناة حنبعل بعديد التجاوزات المهنية والمعنوية التي أدت إلى إقالة/إستقالة العديد من العاملين لإسباب اساسها واحد ويتمثل في « تسلط صاحب القناة » وفي غياب هيكلة واضحة يمكن الرجوع إليها في حالات الطرد التعسفي… وإلا كيف نفسر النزيف المستمر الذي تشهده القناة على مستوى الإدارة والإعداد والإخراج والتسيير التقني وغير ذلك، منها إيقاف مجموعة من البرامج دفعة واحدة دون إستبدالها بشبكة جديدة ولم يمض على إنطلاقها إلا عام واحد… لقد حصلت « حنبعل تي في » على إمتيازات مالية وبرمجية كبيرة من الدولة إضافة لإعفاءات مختلفة كالإشهار العمومي والبث الأرضي. ورغم هذا الدعم الدائم، لا يكف صاحب القناة عن استعمال عصى الإبتزاز والتشكي والتهديد من أنه سيغلقها لسبب قلة مردودها المالي (الإستشهار)… نتيجة تجربة « حنبعل » في سنتها الأولى سلبية لجهة التعدي على حقوق الصحفيين والعاملين التقنيين. لا أحد يعرف حتى هذه الساعة واجبات القناة من الإنتاج المحلي الروائي والإخباري وما تفرزه تأثيره سلبي على الساحة الإعلامية التونسية. يرجع ذلك إلى الصيغة التي أعطي بها الترخيص بالبث لصاحب الإمتياز الذي لا علاقة له بالإعلام السمعي بصري لا من بعيد ولا من قريب…
2- تونس 7
لأن المشهد الإعلامي السمعي-بصري التونسي بقي على حاله ولان للتونسي حرية السباحة بين الفضائيات العربية وغير العربية المتكاثرة عبر اللاقطات الهوائية التي تغطي 70 في المئة من العائلات التونسية، بقيت تونس 7 متربعة على عرش سلم المشاهدة (pénétration) بنسب تترواح بحسب الدراسات والأشهر والأحداث ما بين 30.9 في المئة و52.5 في المئة في حين إنحبست قناة 21 ما بين 1.6 في المئة و1.8 في المئة. كذلك نجد أن حضور (audience) تونس 7 يعادل أكثر من ساعة بقليل فيما هو يفوقها بكثير بخصوص قناة 21. هنا كذلك، الأرقام لا تعني جودة الإنتاج ولا صواب السياسة الإعلامية بقدر ما تعني تشبث التونسي بقناته الوطنية بين خضم الفضائيات.
لم تشهد تونس 7 تغييرات جذرية نحو الأفضل، بل استمرار لحالات الترهل المهني على مستوى المعدات التقنية وغيرها ضمن مؤسسة الإذاعة والتلفزة التونسية لحين الإنتقال إلى المقر الجديد. وقد وقف وزير الاتصال في الزيارات التي أداها إلى المؤسسة على الهنات والفجوات التي تحول دون تقديم إعلام عصري ومهني. ويترقب أهل المهنة التصور والقرارات والهيكلة التي ستدفع بآداء المؤسسة العمومية نحو آفاق أكثر صدقية ومهنية. وهو ما لن يتم إذا ما لم تأخذ إدارة المؤسسة في الحسبان العوامل الإنسانية والمهنية والمنافستية. وهو ما لا تقوم به لسبب بسيط هو أن قراراتها تخضع لعناصر سياسوية وليست مهنية.
البنية التحتية للتلفزة التونسية من معدات تقنية تماثلية ورقمية وخليات التركيب وكاسيتات ومعدات إضاءة وديكور تدل كلها على حالة تسيب وإهمال. زيارة واحدة وقصيرة لما يسمى بالـVTR central » أو ما تسميه الإدارة في ملفاتها بـ »مركز الإنتاج التلفزي » تبين أن التسميات أكبر من واقع الممارسات. ثم إستحواذ قسم الأخبار على عدد هام من خليات التركيب وترك اربعة فقط لباقي برامج التلفزة يدل على أولويات الإدارة وقد يقبل العاقل بذلك لو كان آداء قسم الأخبار بالمهنية والصدقية المتوقعان منه, إن التلفزة التونسية تتعامل مع نشرات الأخبار كبوق دعاية لإنجازات الحكومة وأيديولوجية الحزب الحاكم ولا تحترم في ذلك أبجديات المهنة ولا حتى اولويات التناول كما تفعل القنوات التي تحترم مشاهديها. أما الأرشيف السمعي البصري الذي لا يوجد حتى جرد معلوماتي له، فحدث ولا حرج. بحسب إخصائي من المعهد الوطني السمعي-البصري الفرنسي، تلثه الموجود بـ »مقرين » على سبيل المثال قد إندثر ومن المستحيل ترميمه أما البعض المتبقي، فعو معرض للحرارة الشديدة وقد يتلف كما هو الحال بالنسبة لما يوجد بباب العسل. فيما ليس بإمكان المؤسسة تقنيا اليوم نقل المتبقي على وسائط رقمية للمحافظة والاستعمال.
سلم مشاهدة تونس 7 يعطي الأولوية لبرنامج « دليلك ملك » بنسبة 47.3 في المئة يليه برنامج « الأحد الرياضي » بنسبة 25 في المئة وبعده سيتكوم « شوفلي حل » بنسبة 22.5 في المئة. بعدها تأتي النشرة الرئيسية للأخبار (15.7 في المئة) ثم منوعة « موسيقى وفرجة »(12.4) ليوم السبت مساء و »كوكتيل الأحد » (9.1) تليه « نسمة الصباح » (9). أما البرامج الحوارية (المنظار والملفات) فقد حصلت على 2.8 في المئة من المشاهدة أي ما يعادل 260 ألف مشاهد وهو رقم هزيل للغاية أمام ما ترمي إليه المؤسسة من إنتاجهما…
جذب برنامج « دليلك ملك » كسابقه « آخر قرار » إهتمام الجمهور التونسي بصفة كبيرة لجهة الأموال الطائلة المطروحة للربح… وبدون التقييم الأخلاقي للقيم التي يروج لها هذا البرنامج، نلاحظ أن إنتاجه يضع إشكالا كبيرا أمام تقييم عمل المؤسسة العمومية. صحيح أن التلفزة التونسية لا تدفع في إنتاجه مليما واحدا ومقابل ذلك تقوم بالبث « مجانا »… مجانية البث أمر غير معقول إذ لا توجد تلفزة في العالم تقدم بثا مجانيا حتى ولو كان لبرنامج جماهيري… إضافة لذلك، يتضمن البرنامج على مساحات إعلانية متعددة وهي التي تمول البرنامج وتمثل نقصا في أرباح التلفزة إضافة إلى أرباح الإرساليات القصيرة ولا تحصل التلفزة إلا على 60 في المئة من عائدات الموزع الصوتي، ناهيك عن أنه يصور بمعهدات المؤسسة التقنية وبتقنييها الذين يعملون في التلفزة ولصالح الشركة الخاصة في ذات الوقت ويحصلون على مستحقات مضاعفة…… الأمر الذي حفر خندقا بين العاملين في البرامج السيارة والعاملين في برامج الوكالة او الإنتاج الخاص المضمون من طرف المؤسسة العمومية… أما خارطة البرامج، فقد إتسمت في هذا الموسم بالعشوائية إذ تطلع برامج وتنسحب أخرى دون سبب أو إعلام وذلك بحسب الأهواء ودون سابق دراسة وهو ما حدث مثلا لبرامج « تلمت لحباب » و »أحلى جو » و »موسيقى وفرجة » و »دليلك ملك » الذي إنقطع عن الإنتاج دون سبب (معلوم) ودون حتى إعلام المشاهدين بتوقيفه.
أما على مستوى الإنتاج الدرامي (المسلسلات)، نلاحظ قلته وعدم إستجابته لنهم المشاهد التونسي. وإن تم الإنتاج، فإنه لا يحترم مقاييس الشفافية. فكيف يعطى مسلسل « عزيزة ويونس في تونس » (15 حلقة) بميزانية تفوق 600 ألف دينار لمنشط تلفزي (لطفي البحري) لم يكتب في حياته المهنية ولو سيناريو ولم يخرج أي برنامج تلفزي. كذلك نستغرب تعامل المؤسسة مع المخرجين المتقاعدين وتكليفهم بالمسلسلات الرمضانية وتغض الطرف عن المخرجين الذين ما زالوا تحت إمرتها ويترقبون فرصهم للبروز وتقديم الأفضل على مستوى الإنتاج الروائي…
مقارنة بما يحدث في بلدان عربية ومغاربية قريبة من/وشبيهة بتونس، يتطلب المشهد السمعي-بصري التونسي برمته ونظرا لما يعاني منه من تدجين للطاقات وتوظيف للخطاب وإدارة فردانية قائمة على الولاءات، إعادة هيكلة وتاهيل شامل ليكون المعبر الصادق عن تطور المجتمع التونسي ووعي شعبه وكفاءة نخبه وآمال شبابه… وهو الأمر الذي لا نراه في مجمل الإنتاجات التي تبثها القنوات التلفزية الثلاثة العامة والخاصة إلا في ما ندر. ويتمثل الحل في نقاطتين بسيطتين لو وجدت رغبة المتابعة والتدقيق للقرارات السياسية: 1- إعطاء المجلس الأعلى للإتصال أكثر تمثيلية للعالم الإعلامي/الإتصالي التونسي مع إلزامية قراراته كما هي الحال مثلا بفرنسا أو المملكة المغربية. 2- إصدار كراسات خاصة بالإذاعات والتلفزات تسمح لكل مواطن من الحصول على رخص الإعلام السمعي-بصري إن استجاب موضوعيا لشروطها. في كلمة واحدة، مرفأ السلام للإعلام التونسي هو تحريره وتقنينه وشفافيته.
(*) إعلامي تونسي
آخر إصداراته « تسريب الرمل. الخطاب السلفي في الفضائيات العربية ». دار سحر. 220 ص مع ملزمة مصورة. تونس 2006. لم يحصل بعد على الإيداع القانوني بعد مرور ثلاثة أشهر على إيداعه.
(المصدر: مجلة البلاد، إلكترونية نصف شهرية مستقلة، العدد الثالث بتاريخ 18 ماي 2006)
عندما تسكت الدولة عن تفشي الجريمة: أي معنى للإصلاح؟
مرسل الكسيبي- الوسط التونسية – خاص
لست أدري أي بلاء حل بهذا الوطن وهذا المواطن؟!…لست أدري ماذا يحدث في تونس بعد أن انقلب هم أجهزة الدولة الى مصادرة للحريات وتجريم لأصحاب الموقف السياسي؟! لست أدري ماذا يصنع أكثر من مائة وثلاثين ألف شرطي في بلد لايتجاوز عدد سكانه العشرة ملايين؟!ولست أدري والحيرة تذهب بالمهجة ولبيبة القلب ,لماذا تصمت المعارضة عن أخطر الهموم التي أثقلت كاهل المجتمع والمواطن ألا وهي تفشي الجريمة؟!
لقد كان التونسيون فيما مضى من حقبة بورقيبية فخورين الى حد ما بسطوة أجهزة الدولة في التصدي للمجرمين والجريمة ,حتى أن أحد المحامين حدثني يوما عن صرامة العقوبات التي كانت تواجه مروجي نبتة « التكروري » المخدرة ,اذ أن العقوبة الجزرية كانت تصل في هذا الغرض الى حد خمسة عشر سنة !…ولايشك أحد في أن هذه الحقبة عرفت على علاتها السياسية الكثيرة استتبابا للأمن وبسطا لسلطان الدولة في فض المنازعات والتصدي لعتاة المجرمين حتى أن بورقيبة كان يثقب الورق عندما كان يستصدر تصديقات بالموافقة على أحكام الاعدام في حق أكابر المجرمين!,وهو ماشكل رادعا مع نشر التعليم وبسط الوعي واشاعة الروح الوطنية في التصدي لظواهر الانحراف الاجتماعي والضميري والأخلاقي …ولولا ماعرفته حقبته من خصومة مفتعلة مع الموروث الحضاري للبلاد وفردانية في الحكم ورغبة في اقصاء الخصوم السياسيين وفترات من القمع السلطاني لكان الأمر مختلفا تماما في تقييم ثلاثة عقود من تاريخ الاستقلال الأول حيث عرفت تونس أول تجربة تحديثية في تاريخ العالم العربي وأول اشعاع سياسي وديبلوماسي لها على مستوى القارة والعالم.
أما اليوم فان البلاء الذي حل بتونس والتونسيين أصبح بلاء مضاعفا بعد أن صودرت الحريات وقمعت الحركات المعارضة وفكك الارتباط بين النخبة والجماهير بفعل القمع بصفة لايمكن مقارنتها أصلا مع حجم القمع السياسي الذي تعرض له التونسيون على بعض أشهر الحقب السياسية في نهاية الخمسينات ونهاية السبعينات وبداية الثمانينات واخر الأشهر من حكم الزعيم « سي الحبيب » سنة 1987,اذ أن البلاء الذي نزل بساحة التونسيين بات بلاء يلامسه التونسيون من خلال مايتناقله المواطنون يوميا من أخبار السرقات تحت تهديد السلاح الأبيض وجرائم الاغتصاب والقتل وترويج المخدرات بين الكهول و الشباب وتلاميذ المدارس مثلما حدث منذ أسابيع بجهة حمام سوسة وقبلها بالضاحية الجنوبية للعاصمة تونس…وخلف ذلك كله تصمت الدولة وأجهزتها السياسية والاعلامية عن تدهور أخلاقي خطير بات يهدد تماسك النسيج الاجتماعي ,وماقضايا الخيانة الزوجية وشبكات الدعارة المنظمة وغير المنظمة ثم ارتفاع معدلات الطلاق لأسباب تتعلق بالشرف وبنسب لم يسبق لها مثيل في تاريخ البلاد الا دليل قاطع على التردي الخطير للأوضاع في تونس.
واذا كانت احصائيات الجهات المختصة في تونس تؤكد معاناة 12 بالمائة من التونسيين من مشكلات نفسية تحتاج الى متابعة أو ربما حتى العلاج,فان السؤال المطروح يبقى حول أسباب الممانعة في التعاطي مع المسببات الحقيقية لهذا التطور الاجتماعي والنفسي الذي يشهدهه التونسيون منذ مايزيد عن العشرية ؟
واذا كان البعض قد غسل يده من السلطة القائمة في معالجة هذا الموضوع والوقوف عند أسبابه بحكم استتباع هذا الملف لقضايا الحريات والأجواء السياسية العامة التي تخيم وتغيم على البلاد منذ مايزيد عن العقد ونصف ,فان الأغرب هو الصمت وربما التقصير العام من قبل قوى المعارضة والمجتمع المدني في التعاطي مع هذا الملف الخطير الذي بات يشكل مصدر أرق ومأساة للالاف من العائلات التونسية ليس فقط على مستوى المدن الكبرى وانما حتى على مستوى القرى والأرياف التي عرفت تاريخيا بميلها للمحافظة والبعد عن هرج ومرج ومتاعب التجمعات السكنية الكبرى.
الجواب بلا شك يبقى صعبا في ظل استمرار الاستنزاف الجماعي لقوى المجتمع المدني ومنظماته ,غير أن هذا الاستنزاف مثلما لم يحل دون المطالبة بحق التنظم وحرية الاعلام واخلاء السجون من معتقلي الرأي ,فانه لاينبغي بأي حال من الأحوال أن يحول دون طرح المشكلة بالصوت العالي أمام المجتمع المحلي وكل الجهات الاعلامية والحقوقية والسياسية,حيث أن أمن المواطن وسلامته وسلامة المجتمع من جرائم تترك أثرها على القادم من الأجيال أمر لايمكن التقليل من شأنه أو التبخيس من أهميته أو التغاضي عنه بدعوى الانشغال بقضايا سياسية مباشرة تلقى القبول والاصغاء لدى المجتمع السياسي العالمي.
مثل هذا الامتحان لابد للنخب أن تتقدم للنجاح فيه اذ أن ورقاته تعد ملفا محرجا أيما احراج للسلطة,كما أن حواشيه وملحقاته تعد مفتاح الاقتراب من المعاناة اليومية للجماهير وهي في حقيقة الأمر ورشة ضخمة من ورشات الاصلاح التي لاينبغي هجرها وترك مسؤوليتها التقصيرية لخيارات الدولة , بل ان المطلوب لايقل عن التعريف بالمشكلة والتوعية بخطورة تفشيها وطرح أسبابها العميقة في ندوات سياسية وفكرية واعلامية جهوية ووطنية, كما تحصين المجتمع والشبيبة من مخاطر الانحرافات الكبرى التي تتربص به…واذا كان هذا هو الدور الأدنى المطلوب من قوى المعارضة فان ذلك لن يعفي السلطة من مسؤوليتها في بسط سلطان القانون الحقيقي عبر التصدي للمجرمين وكبار المنحرفين والكف عن ايذاء المعارضين ورفع سلطان البطش والقمع عنهم من أجل التفرغ للمشكلات الحقيقية التي تتربص بأمن المجتمع واستقرار البلاد وماتفشي الجريمة الا واحدة من مشكلات كثيرة باتت لاتحتمل تأخير الوقاية والعلاج.
(المصدر: موقع « الوسط التونسية » بتاريخ 18 ماي 2006)
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم تحقق الحلم وماذا بعد ! !
ولئن لعبت مصالح بعض الدّول الكبرى دورا كبيرا في التأثير على نتائج الإنتخابات فإنّ السّلطة في تونس وبرغم هذا النّجاح الدّبلوماسي الذي حقّقته تعدّ من بين أكثر السّلطات في العالم إنتهاكا لكرامة مواطنيها وتعدّيا على سلامتهم الجسديّة , كما يبقى تاريخها حافلا بالتجاوزات والمظالم ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يمثل هذا الإختراق الدّبلوماسي إعترافا دوليّا بنجاح تونس في إرساء قيم الديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان.
فتونس التي تجاوزعدد سجناء الرّأي فيها في بداية التّسعينات أكثر من 20 ألف معتقل وتعدّدت فيها المظالم منذ مجيئ صانع التّغيير لتشمل كل أطياف المجتمع المدني ومنظّماته المستقلة سواء عبر تعطيل دور الصحافة الحرّة أو محاصرة الرّابطة التّونسية للدّفاع عن حقوق الإنسان ومنعها من عقد مؤتمرها وشلّ نشاط لجنة 18 أكتوبر للحقوق والحرّيات وفرض حصار على الأحزاب الدّيمقراطية ناهيك عن ممارسة التّعذيب على نطاق واسع ومواجهة حركات الإحتجاج بكل عنف وقوة تمثل نموذجا شاذا للقهر والإستبداد لا يمكن أن يستمر إلى مالا نهاية.
إنّ ما تشهده السّاحة السّياسية اليوم من حركات إحتجاجيّة واسعة لعلّ من أبرزها اعتصام المحامين بسبب رفضهم لمشروع يحدّ من استقلالية المهنة يضاف إلى ذلك جملة من إضرابات الجوع قادها كلّ من عالم الرّياضيّات والفيزياء الدكتور منصف بن سالم و مجموعة الثّمانيّة الذين عرفوا فيما بعد بحركة 18 أكتوبر المطالبة بإطلاق سراح المساجين السيّاسيّين ورفع القيود عن حرّية التنظّم والإعلام ,علاوة على تحرّك الصّحفي سليم بوخذير والصحفيّة شهرزاد عكاشة من أجل صحافة حرّة بعيدة عن إملاءات رجال المباحث ومقصّ الرّقابة … كلّ ذلك يعدّ مؤشّرا حقيقيّا على التّدهور الحاصل في أوضاع الحرّيات العامّة والخاصّة بالبلاد.
ورغم تعالي أصوات المنظّمات الحقوقيّة منبّهة إلى خطورة الموقف فإنّ السّلطة مازالت مصرّة على التّعامل مع الأحداث بمنطق القوّة ولغة العنف والتّهديد ممّا يؤكّد مرّة أخرىعجزها الفادح على إيجاد مخرج عقلاني للأزمة الخانقة التي يعيشها المجتمع والنّظام السيّاسي . ولئن حقّقت تونس رغم خطورة الإنتهاكات بعض النّجاحات على مستوى علاقاتها الدّبلوماسيّة إلاّ أنّها ساهمت بتجاهلها لمطالب المجتمع واعتماد سياسة الهروب إلى الأمام في تغذيّة حالة الإحتقان والتذمّر والقلق لدى النّخبة والمواطن , ممّا يؤشّر على إقدام البلاد على تحوّلات عميقة قد تسارع في حركة التّغيير وفكّ قبضة البوليس عن رقاب النّاس أو دفع البلاد لا قدّر اللّه إلى المجهول . نورالدّين الخميري ـ ألمــــــانيا ـ 2005.05.18
تنكرت لأهلها القدامى… فتنكر لها أهلها الجدد! *
حوار مع السيد فتحي الشّامْخي، الناطق الرسمي لجمعية راد أتاك تونس (التجمع من أجل بديل عالمي للتنمية)
أجرى الحوار: سفيان الشّورابي
جمعية راد أتاكْ تونس، هي جمعية غير حكومية تناهض العولمة الرأسمالية، و تعمل على الدفاع عن الحقوق الاجتماعية للفئات المتضرّرة من السّياسة الاقتصادية المسطّرة وراء الأبواب الحديدية للمؤسسّات المالية العالمية، والشّركات المتعدّدة الجنسيّات. تأسسّت سنة 1999، وهي ممنوعة من النشاط القانوني. إذ ترفض السلطة الترخيص لها، رغم سلامة و قانونية ملفّها، ورغم المُساندة المُطلقة التي تلْقاها من شبكة أتاكْ في العالم، التي تُقيم معها علاقات تعاون متكافئة و ندّية. ارتأيْنا أن نُلقي عدد من الأسْئلة على المُتحدّث باسْمها، السيّد فتحي الشّامْخي. وهو ما تقّبله برحابة صدْر. و كان الحوار التّالي :
1- في البدْء، ماذا يمكن أن تقول عن جمعية رادْ أتاك تونس؟
الإجابة: رادْ أتاك تونس هي جمعيّة مستقلة تأسست منذ ستّ سنوات. تهدف إلى إنشاء فضاء ديمقراطي للتفكير والتحليل والمقترحات الجماعية في تونس لإنتاج المعلومة وتوزيعها حول سياسة التعديل الهيكلي والشراكة التونسية الأوروبية ونتائجها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية. كما تسعلى إلى تطوير مختلف أشكال المقاومة المواطنيّة والنضال المناهض للعولمة الرأسمالية التي تدوس حقوق الذات البشرية وتهدر حقوق الشعوب وتدمر كوكب الأرض. كما أن ما يميّز رادْ أتاك تونس هو كونها جمعيّة تمارس ضدّها السلطة القائمة شتى أنواع القهر والقمع، بدأ بمصادرة حقها في التواجد القانوني. لكن ورغم شدّة ما نعانيها من هذه الوضعيّة فإننا تمسكنا بحقنا في النشاط كما ينصّ على ذلك القانون. كما تمكنت الجمعية على الرغم من قساوة أوضاعها من أن تساهم بشكل فعال في نشر الوعي بمخاطر العولمة الليبراليّة وبتعبئة القوى المحليّة لمناهضتها وتجديد الأمل في تونس أخرى أفضل.
2- تعاني تونس من هجمة شديدة القوة على مكتسباتها الاجتماعية و الاقتصادية، نتيجة انخراطها في مسار العولمة الرأسمالية، أين تروْن المجالات الأكثر تضرّرا؟
الإجابة: لم تكن أوضاع التونسيات والتونسيين على أحسن حال قبل أن تكتسح العولمة الليبراليّة البلاد، ولكن القليل الذي تحقق كان يضمن قدرا من الآمان للسكان، خاصة في مجالي الشغل والدخل، كما كانت الخدمات الاجتماعيّة الأساسيّة مضمونة لأغلبيّة السكان. أما اليوم فإن الهشاشة هي السمة الطاغية على جميع مظاهر الحياة، وبشكل خاص في مجال التشغيل. ويعد الشباب الضحيّة الأساسيّة من نظام الليبراليّة الجديدة. لذلك فإن تونس تبدو اليوم بلدا بلا مستقبل…
3- لكن، أيْن هي قوى الرفض و الاحْتجاج الاجتماعييِِْن ضدّ هذه الانتهاكات؟
الإجابة : ليس من السهل النضال في هكذا ظروف، إذ أن الضغوظ المتعددة المسلطة على السكان على جميع المستويات: في مكان العمل، في المدرسة، في الشارع، في البيت… تدفع كلها في اتجاه إضعاف آليات التضامن والتآزر بين المتضررين بل أكثر من ذلك إذ تدفعهم إلى منافسة بعضهم بعضا. إن قساوة الأوضاع المادية السائدة تنمى لدى الناس الرغبة في الخلاص الفردي… بكل الطرق. كما أن عدم الثقة في النفس والشعور بالعجز تجاه نظام العولمة لا يشجع على مقاومتها. كما لا يشجع مناخ الاستبداد السياسي السائد في البلاد السكان على الاحتجاج العلني. لذلك يلازم الجميع الصمت خشية افتقاد الشيء القليل الذي لديهم. وعلى الرغم من عدم سلامة هذا الموقف، إلا أنّه هو السائد الآن…
4- يُمثل تأسيس منتدى اجتماعي في تونس، حدثا تاريخيا مُهما من أجل الردّ، ولو النّسبي، على السياسة الاقتصادية المطبّقة حاليا في تونس، كيف تتصوّرون الشكْل المُناسب لإنشائه؟
الإجابة : يجب أن يكون محتوى المنتدى الاجتماعي التونسي مناهض بشكل صريح للسياسة الليبراليّة التي تمليها العولمة الرأسماليّة. كما يجب أن تكون المشاركة في جميع مراحله ومحطاتها أوسع ما يمكن. ليست مهمة المنتدى البحث عن حلول لمرافقة السياسة الليبرالية وجبر أضرارها، إنما البحث عن بدائل اجتماعية وديمقراطية لها. لا يمكن أن ندفع الناس بالقوة لكي ينخرطوا في سيرورة المنتدى الاجتماعي، هناك دائما من يفتحون الطريق ولكن على البقية أن تساهم بدورها في تحمل أعباء النضال، وكما يقول المثل التونسي « حمل الجماعة ريش« .
5- ولكن، المُتمعّن لنوعية المشاركين، يلْحظ انخراط عدد كبير من الهيئات التي تُساهم في تكْريس سياسة العولمة في تونس؛ في التحضير للمنتدى. وهو من شأنه أن يُفرغه من مضمونه. و نحن نستنتج ذلك، خصوصا، من احتضان نُزل ِصنْف 5 نجوم لفعاليّات الجلْسة التأسيسيّة له. زيادة لحصْر عدد معيّن و محدْود من الفاعلين الاجتماعييّن للمشاركة فيها؟
الإجابة: النزل الذي تشير إليه هو نزل أميلكار وهو ليس كما تصفه، وهو على ملك الإتحاد العام التونسي للشغل. أما عن عدد المشاركين فقد فاق 500 مشارك وهو عدد هامّ، على الرغم من محاولة البعض التقليص من حجم المشاركة.
6- نعود من جديد لجمعية رادْ أتاك. لماذا عجزتْ عن لعب الدور المُناط على عُهدتها في مقاومة سلبيّات العولمة ؟
الإجابة: نحن ناهض نظام العولمة اللليبراليّة. كما نسعى إلى المساهمة في بلورة مشروع تنمية بديلة مغاير للمشروع الليبرالي الذي حدد في إطار المؤسسات المالية العالمية واللجنة الأوروبية. نحن نعتقد أن رادْ أتاك تونس قد نجحت في لعب دور لا يستهان به في نشر ثقافة المقاومة ضد العولمة الليبرالية وربط هذه المقاومة المحليّة بشبكة العولمة البديلة العالمية
7- إضافة لدور السُلطة السياسية، ألا تروْن أنّ الجمعية تُقصّر نوعا ما في نشاطاتها، خاصة و أنّه من المفروض أن تكون ْ قد عقدتْ مؤْتمرها منذ سنتيْن، وفق قانونها الدّاخلي؟
الإجابة: لقد حاولنا في مناسبتين عقد المؤتمر الثاني للجمعية لكن قوات البوليس كانت في كل مرة بالمرصاد ومنعتنا من ذلك. إن السلطة تريد دفعنا إلى العمل السري حتى تتخلص من الاحراج الذي تسببه لها المعارك الديمقراطية التي نخوضها ضدّها سواء في مناسبة المؤتمر أو غيرها. لا ريب في أن السلطة الحاكمة تريد خنقنا والقضاء علينا. لا ندعي أن أحوال الجمعية على أحسن ما يرام بالعكس لقد أضر بنا القمع إلى حد كبير. إن القمع جعل الجمعية في مهب الريح، فهي لا تستطيع أن تكبر عدديا ولا أن تنتشر جغرافيا، بل هي أصبح عاجزة على ضمان حد أدنى من النشاط العادي. هذا أمر ليس بغريب في بلد تصادر فيه الحريات وتمنع فيه أبسط أشكال التعبير الحر. نحن نساهم بقدرنا في الوقوف ضد آلة السلطة القمعية ونحن نتحمل في ذلك شتى أنواع الأذى… لكننا لن نركع ولن نستسلم، إننا سنظل واقفين إلى يسقط الظلم عن تونس…
8- في الأخير، أيّ مستقبل تترقّبونه لحركة مناهضة العولمة في تونس؟
الإجابة: في الوقت الراهن ليس هناك مستقبل لآي شيء في تونس. إن نضالنا هو محاولة للخروج بتونس من دوامة التخلف والظلم والاستبداد، من أجل إعادة تملك المصير المشترك. بهذا المعنى فإن لحركة العولمة البديلة دور هام في تعبئة القوى المحليّة وإعادة تجديد الأمل في قدرتنا جميعا على فتح آفاق المستقبل أمامنا جميعا.
(المصدر: موقع « تونس، استفيقي! »، بتاريخ 17 ماي 2006)
في خطوة مفاجئة:
القيادة النقابية تبدأ مفاوضات مع مكتب نقابة التعليم العالي
تونس – الصباح:
يبدو أن أزمة نقابة التعليم العالي، مرشحة لتطورات إيجابية، لا يستبعد أن تنتهي بعودة المكتب الشرعي للعمل خلال الفترة المقبلة.
فقد التقى السيدين الهادي الغضباني، الأمين العام المساعد المكلف بالنظام الداخلي، ومحمد سعد الأمين العام المساعد المكلف بالادارة المالية لاتحاد الشغل أول أمس، بوفد من النقابة العامة لأساتذة التعليم العالي، يتقدمهم السيد البشير الحمروني، الكاتب العام السابق، ومصطفى التواتي المكلف بالدراسات والتشريع إلى جانب محمد عبد العظيم وفوزي زيد، وذلك في سياق إعادة فتح ملف النقابة، الذي رغم تحوله إلى القضاء، فإنه ظل مسألة مطروحة لدى المركزية النقابية التي لم تتعود على حسم القضايا النقابية عبر أروقة المحاكم.
نحو مؤتمر جديد
وأوضح السيد الهادي الغضباني، لأعضاء النقابة الخمسة الذين حضروا الجلسة، أن القيادة النقابية التي كلفته بفتح الحوار مع النقابة، باتت مقتنعة بأن القطاع لم يعد يتحمل مزيدا من الاشكاليات والتراكمات، مبرزا أن الضرورة تقتضي إيجاد حل لهذا المأزق الذي تجاوز العامين.
وأعرب الغضباني، عن عزم المركزية النقابية إنجاز مؤتمر تحضره جميع الأطراف لغلق هذا الملف نهائيا.
وعلمت «الصباح» أن لقاءات شرع فيها مع السيد ناجي الغربي، الكاتب العام للأساتذة المحاضرين، لبحث هذا الموضوع، فيما يفترض أن يكون الغضباني التقى أمس، السيد أنور بن قدور، الكاتب العام الحالي لنقابة التعليم العالي، لإعادة فتح الملف من جديد، بهدف التوصل إلى صيغة لانجاز مؤتمر جديد للنقابة، ينتخب من خلاله مكتبا لادارة شأن النقابة بشكل توافقي بعيدا عن الصراعات بين هذا الجانب وذاك.
وقال السيد البشير الحمروني الكاتب العام لنقابة التعليم العالي في تصريح لـ«الصباح»، أن الوفد النقابي سعيد بهذه المبادرة، وأوضح أن نقابة التعليم العالي، تساند أي حل يقوم على تشريك جميع الأطراف، وفتح حوار مع مختلف مكوّنات النقابة.
لكن النقابة طالبت في المقابل بالتمهل عند صياغة أي موقف بشأن ملف التعليم العالي، فيما دعت إلى الاسراع بإنجاز المؤتمر عبر إشراك الجميع فيه.
ويرى مراقبون للشأن النقابي، أن هذه الخطوة إيجابية، وربما أنهت مرحلة من الصراع النقابي الذي لم يكن ضروريا فيما بين نقابيي التعليم العالي والمركزية النقابية، لكن أوساطا نقابية أخرى، تعتبر أن مبادرة المكتب التنفيذي لا يمكن عزلها عن سياق القضية المطروحة في المحاكم، حيث يرغب الاتحاد في تجاوز الاشكال القضائي والتوصل إلى حلول نقابية صرفة.
فهل تنتهي الأمور إلى حلول بهذا في هذا الاتجاه؟
صالح عطية
(المصدر: جريدة « الصباح » التونسية الصادرة يوم 18 ماي 2006)
في ملف «قناة 7»:
حول «قطاع المحاماة.. الواقع والآفاق»
تونس ـ الصباح
اهتمت «قناة 7» في ملفها مساء اول امس والذي يديره الزميل عماد قطاطة بموضوع «قطاع المحاماة.. الواقع والآفاق».. وقد استدعي لهذا الملف وزير العدل وحقوق الانسان من ناحية وثلة من المحامين من الناحية الاخرى، الى جانب حضور ممثلين عن الصحافة الوطنية وبعض الحضور من المواطنين.
ودون مبالغ او رمي ورود قد شدّني هذا الملف لما تميز به من شفافية وحوار صريح وتكافؤ حتى في بعده الشكلي. ولعل جملة هذه الجوانب هي الاساسية التي يقوم عليها اي ملف او حوار، لتكون له المصداقية الكافية ويشد النظارة والمستمعين اليه.
واذا كان قطاع المحاماة يمثل ملفا اسال في الفترة الفارطة ولا يزال حبرا كثيرا، فان الاشكاليات التي طرحت في الملف الذي دار حوله في التلفزة الوطنية ليلة اول امس، والمتمثل اساسا في بعث معهد للمحاماة من ناحية والتغطية الاجتماعية للمحامين مثل في الحقيقة لب واقع القطاع، واتصل بصميم الاشكاليات المطروحة داخله.. واذا كان هاما من حيث التطرق الصريح لامهات القضايا المطروحة والملفات الاساسية في البلاد، فان الاهم حسب نظري هو تلك الاريحية الكاملة التي دار فيها النقاش بكل حرية، وبعيدا عن الاقصاء او التهميش، وهو ما نحن في حاجة ماسة اليه حتى نتصارح عبر قنواتنا الاعلامية الوطنية وبعيدا عن الالتجاء الى وسائل اعلامية اخرى همها الوحيد نشر الغسيل والركوب عن القضايا والملفات لجملة من الغايات.
الملف انطلق من الاشكال الدائر بين وزارة العدل والهيئة الوطنية للمحامين بخصوص تسيير المعهد الاعلى للمحاماة المزمع بعثه خلال السنة القضائية القادمة، وكذلك طبيعته، وما ترتب عنه من مواقف حول بعض الاجراءات والقرارات.. وقد تولى ممثلو المحامين داخل الملف التعبير عن موقفهم بكل حرية وامانة وصدق حول هذه الاشكالية ذاتها وحول بقية الجوانب الاخرى المتصلة بالموضوع ولعل ما ابرزوه بكل حرية كان واضحا وعبّر عن وجهة نظر تبقى محترمة. وقد تولى وزير العدل الذهاب الى لب الموضوع والى طبيعة الخلاف الدائر بين البعض من اعضاء هيئة المحامين والوزارة مشيرا في الان ذاته الى ان بعث المعهد يبقى امرا واقعا بعد عرضه على مجلس النواب وعلى المستشارين وصدور قانون في شأنه، لكن الحوار حول مجمل الخلافات الدائرة بشأنه تبقى مطروحة للنقاش ويمكن مواصلة اللقاء بشأنها دون غلق لباب الحوار او مزايدة او تمسك بالرأي.. وقد كان لكلامه هذا في الحقيقة رفع لبس ورؤية اخرى بخصوص الحوار والارتقاء به في تونس الى مستوى ديموقراطي في ارقى تجلياته. كما انه دليل اخر على الاستماع الجيد للمشاغل من طرف المسؤول وبالتالي صورة اخرى للحوار البناء القائم الذي يجب السير عليه في بلادنا بعيدا عن التشنج والتمسك بالرأي وفرض الراي المخالف، وهو ما نحتاج اليه اليوم في كافة الحوارات وحول مجمل الملفات.
ثاني المسائل التي طرحت داخل الملف هو ما تعلق بالتغطية الاجتماعية لسلك المحامين والحوار الدائر حوله بين الهيئة ووزارة العدل، ولعل ما اثلج الصدر في هذا الموضوع هو اقرار السيد وزير العدل والمحامين الحاضرين بالمعضلة الحاصلة في هذا الجانب واتفاقهم المشترك حول السعي الى ضرورة ايجاد حل له في اسرع واقرب الآجال باعتبار ان المسألة قد تفاقم الوضع داخلها ولكل مواطن مهما كان السلك الذي ينتمي اليه الحق في تغطية اجتماعية. الوزير طرح الاشكالية والتصورات والسبل الكفيلة بحلها، ودعا صراحة هيئة المحامين الى ضرورة الحسم في الموضوع مشيرا في الآن ذاته الى ظروف بعض المحامين التي لا تتطلب التأخير ولا تترقب اكثر من اللازم، تاركا الخيار للهيئة دون تدخل في شؤونها من حيث الاختيار الذي يناسبها.
كما خلفت مساهمات المشاهدين سواء عن طريق المكالمات الهاتفية او الفاكس وتدخلات بعض الحاضرين من الطلبة انطباعات جيدة نظرا الى ان هذا الملف يشمل عديد القضايا ويمس العديد من شرائح المجتمع.
أود في النهاية ان اشيد بهذا الحوار البناء والصريح الذي دار لاكثر من ساعتين في التلفزة الوطنية وبشكل مباشر، وهو يحسب لوسائلنا الاعلامية ويبشر بمرحلة جديدة طالما توارت لاسباب مختلفة وعديدة.. كما لا يفوتني ايضا ان اشير الى رحابة صدر الوزير والى تفاعله الكامل واللامحدود مع الاطراف الحاضرة، وأتمنى ان تتواصل مثل هذه اللقاءات مع ملفات اخرى وتكون ايضا بالمصداقية والصراحة التي دار بها هذا الملف.
علي الزايدي
(المصدر: جريدة « الصباح » التونسية الصادرة يوم 18 ماي 2006)
بعد الملف التلفزي حول المحاماة: الحقيقة أولا… الحقيقة ثانيا…
* تونس ـ الشروق:
دائما يحتاج الاقناع الى الحجة ويحتاج الكلام الى الهدوء والى الرصانة والى الكثير من الحكمة والعقل…
الحجة والهدوء والرصانة والحكمة والعقل عناصر كانت بارزة وحاضرة في الملف التلفزي الذي بثته قناة تونس 7 في سهرة الثلاثاء وتناول ملف المحاماة في تونس.
أمام ملايين المتفرجين برزت الحقيقة، الحقيقة كاملة والحقيقة التي تحتاج دائما الى الوضوح والشفافية بتفاصيل كثيرة وبعناصر واضحة وضح السيد بشير التكاري وزير العدل وحقوق الانسان الموقف وكشف خلفيات كانت غائبة وكان البعض يعمل على اخفائها وعدم ابرازها.
لقد ثبت من خلال تلك الحقائق أن الامر لا يتعلق بخلاف قائم بين وزارة العدل وحقوق الانسان وهيئة المحامين بل أن الامر يتعلق بتراجع من الهيئة التي لها ممثلون في لجنة اعداد مشروع المعهد الاعلى للمحاماة وهي لجنة عقدت اجتماعات عديدة وناقشت المشروع وأعدت التصوّر ووافقت عليه وهو ما يجعلنا الآن نقرّ بأن الامر إن كان يتعلق في ظاهره بأمور مهنية الا أنه في باطنه يتعلق بأمور سياسية وانتخابية محسوبة سلفا، ولها أبعادها التي لن تكون خافية على من يرى الحقيقة بعين مجردة…
لقد فهم الناس من خلال ذلك الملف التلفزي ان بعث معهد للمحاماة يأتي لغايات تتعلق بالتكوين وبناء مؤسسة المحاماة التونسية التي يجب ان تكون دائما مؤسسة رائدة ومتميزة مؤسسة تدافع عن الحق وتعمل من أجل اعلاء كلمته.
فمعهد المحاماة سيكون مؤسسة حقوقية عمومية تكوينية بعيدة عن كل غايات التوظيف السياسي او الانتخابي الضيق وهو ما يجعلنا نستغرب رفض هيئة المحاماة لمؤسسة تكون بهذا الهدف وبهذه الغاية ثم كيف يمكن القبول بالدعوة الى تمويل مؤسسة تكوينية في المحاماة من الخارج اعتمادا على هبات ومنح في الوقت الذي يجب ان تكون فيه هذه المؤسسة عمومية وممولة من المجموعة الوطنية من أجل تكوين المحامي التونسي في وقت تنخر فيه الآن مؤسسة المحاماة سلوكيات وتصرفات مثل السمسرة وغيرها.
ويأتي هدف هذا المعهد لتكون مؤسسة المحاماة خالية من كل تصرفات وسلوكات قد تضر بهيبتها وسمعتها. ثم ان معهد المحاماة سيفتح الباب بشكل متساو وبنفس الحظوظ امام كل التونسيين لينتسبوا الى مؤسسة المحاماة دون اقصاء او حسابات ضيقة.
ثم ان هيئة المحامين ستكون ممثلة في المعهد والوزارة أعلنت استعدادها الدائم للحوار والتشاور.
* تغطية
الملف التلفزي تعرّض الى مسألة التغطية الاجتماعية للمحامين وكانت الهيئة ممثلة في لجنة اعداد المشروع ولا نعرف لماذا تعارض الهيئة مشروعا يضمن التغطية الاجتماعية لجميع المحامين بدون استثناء ويضمن لهم ولعيالهم تغطية صحية شاملة وانتفاعا مباشرا بكل المنافع والامتيازات الاجتماعية. ونستغرب كيف تطالب هيئة المحامين بخصم نسبة من معاليم تسجيل الاحكام لفائدة صندوق المحامين في حين أن هذه المعاليم يدفعها المواطن وتدفعها الأرملة ويدفعها اليتيم.
لماذا يُرفض هذا المشروع؟ أليس من ملصحة المحامي ومن حقه ان يتمتع بتغطية اجتماعية شاملة كغيره من الشرائح والفئات؟ لقد كشف الملف التلفزي الحقيقة كاملة ووضع النقاط على الحروف بعيدا عن الحسابات التي لن تكون خافية على أحد.
* سفيان الاسود
(المصدر: صحيفة « الشروق » التونسية الصادرة يوم 18 ماي 2006)
بعد خطوة التطبيع الأمريكي- الليبي:
المغرب العربي في مهب رياح جديدة
بقلم: صالح عطية
لعل الحدث السياسي الابرز خلال هذا الاسبوع، هو استئناف العلاقات الامريكية ـ الليبية، في اعقاب القرار الامريكي بشطب الجماهيرية من قائمة الدول الراعية للارهاب على الصعيد الدولي.
لم يكن هذا التطور في علاقات البلدين مفاجئا او معزولا عن جملة من الحيثيات والتفاصيل التي طبعت العقد الماضي..
فقد قبلت ليبيا ـ عبر وساطات مختلفة ـ بانهاء ازمة «لوكربي»، ودخلت في حوارات أوروبية متعددة بعضها سياسي علني، وبعضها ذو صبغة اقتصادية «مصلحية» مكنت من حصول «تطبيع» تدريجي في علاقات ليبيا الخارجية ابان رفع الحصار الاقتصادي عنها نهاية الالفية الماضية، وذلك قبل ان تسلك طريقا تفاوضيا مع الجانب الامريكي استمر لبضع سنوات، كانت عجلة التطبيع ـ خلالها ـ تدور بنسق اقرب الى التخطيط المسبق بين البلدين منه الى مجرد تطورات عابرة..
واذا كانت القيادة الليبية اقتنعت في لحظة ما بضرورة الدخول في سياق جديد من العلاقات الدبلوماسية، بعيدا عن «اللغة» الثورية التي كانت عنوانا رئيسيا للسياسة الليبية طيلة عقود طويلة، فان الولايات المتحدة، تنظر الى الجماهيرية بعينين اثنتين: واحدة سياسية ترغب من خلالها في ايجاد نوع من التوافق مع اكثر الانظمة المغاربية مشاكسة لها، وعين ثانية ذات منحى اقتصادي مركزه الاساسي ثروات ليبيا البترولية، في مرحلة يمثل «الذهب الاسود» هدفا استراتيجيا اوليا في اجندا واشنطن على الصعيد الدولي..
ويبدو ان السنوات القليلة الماضية، كانت كافية لتحقيق «اختراق متبادل» على رأي احد المفكرين الاوروبيين.
فقد استثمرت ليبيا هذه العلاقات مع الجانبين الاوروبي والامريكي، لكي تفتح صفحة جديدة ضمن الجغرافيا السياسية الدولية، بشكل سمح لها بالتحول الى نقطة تجاذب سياسي واقتصادي من قبل الدول الغربية، وهو ما يفسر حجم الوفود والمجموعات السياسية الرسمية وغير الرسمية التي كانت ـ وما تزال ـ تتردد على طرابلس على امتداد السنوات الخمس الماضية وبشكل غير مسبوق..
وبالتزامن مع ذلك، قامت ليبيا بتعديل «أوتار» سياستها الداخلية، عبر ادخال اصلاحات ـ وان بدت نسبية ـ في المشهد السياسي، وتدشين مرحلة انفتاح على الشركات الغربية المتخصصة في النفط والصناعات الثقيلة، فضلا عن تحويل الجماهيرية الى فضاء تسوق، ربما كان الانشط والاكثر حركية في مستوى المغرب العربي..
وفي المقابل، بدت الولايات المتحدة اكثر حماسة من الاوروبيين باتجاه التطبيع مع ليبيا..
فطرابلس ـ بالنسبة لواشنطن ـ نقطة مهمة ضمن الكتلة المغاربية التي تراهن عليها الولايات المتحدة، سواء عبر مشروع «ايزنستات» او في سياق «الشرق الاوسط الكبير»، من اجل تشكيل سوق مغاربية، وصياغة تحالف امني عسكري لمكافحة ما تسميه «الارهاب»، واعادة ترتيب التعاون العسكري في اطار حلف الناتو الذي ظلت ليبيا بعيدة عنه، في وقت تعتبر الدول المغاربية الاخرى ارقاما اساسية في معادلته المستقبلية..
لقد شكلت ليبيا «عقدة» لدى الولايات المتحدة التي لم تنجح ـ على مر السنوات الماضية ـ في جمع شتات اطراف المغرب العربي على طاولة واحدة، بسبب الرقم الليبي الذي كان يصعب ادراجه ضمن التحالف الامريكي ـ المغاربي.. ولكن واشنطن كانت على قناعة تامة بأن هذا «الرقم» الليبي، يحتاج الى ترويض «من نوع خاص»، بعد ان فشلت خيارات الاقصاء والقطيعة ومحاولة القفز عليها في المنطقة.
لكن السؤال، بل الاسئلة التي تطرحها الخطوة الامريكية الليبية الجديدة، اكثر خطورة من خطوة التطبيع ذاتها..
فهل تعيد هذه الخطوة الامريكية، اعادة تشكيل اتحاد المغرب العربي وفقا للاجندا الامريكية؟
وهل تكون ليبيا جزء من تحالفات جديدة على اجندا الاولويات الغربية الامريكية، بشكل يخلق نوعا من التسابق المغاربي نحو البيت الابيض؟ والى اي مدى يمكن لاوروبا ان ترضى بهذه «الترتيبات» الجديدة؟ ومن سيكون «المتضرر» بمنطق الاولويات الامريكية؟
اسئلة، لاشك ان السنوات المقبلة سيجيب عنها بصورة واضحة، بعد ان باتت العلاقات الامريكية مع ليبيا علنية وشفافة وخارج الصالونات السرية المغلقة..
(المصدر: جريدة « الصباح » التونسية الصادرة يوم 18 ماي 2006)
مجلس حقوق الانسان:
انتصار لخياراتنا
بقلم: الصادق شعبان
نجاح تونس في مجلس حقوق الإنسان وحصولها على العضوية فيه، ليس انتصارًا واحدًا. إنه أكثر من انتصار.
تونس، كعادتها، تعمل في صمت .يتحدث عنها الآخرون، ولا تتحدث عن نفسها. تنجح، ولا تتباهى بنجاحاتها. ثورتها هادئة. حداثتها متميّزة. قفزتها الاقتصادية رائعة. نموّها الاجتماعي رائد، لكنها مثل رئيسها زين العابدين بن علي، تعمل في صمت. تحطم الأرقام، وتسير إلى أمام. لا يثنيها نقد، ولا يلهيها إطراء.
يوم 9 ماي في الأمم المتحدة كان يوما كبيرا لحقوق الإنسان، ويوما كبيرا لتونس عكس عديد الانتصارات، نذكر منها أربعة.
1- انتصارنا الأوّل: هو فوزنا بعضوية المجلس. تونس الآن من ضمن الـ 47 دولة التي تمثل المجموعة الدولية في مجلس حقوق الإنسان.
اختيرت على أساس معيارين أساسيين:
– احترامها الفعلي لحقوق الإنسان داخلها،
– مدى استعدادها مستقبلا للدفاع عن حقوق الإنسان في العالم،
كل الدول المترشحة قدمت تقارير وفقا لهذه المعايير. بعض هذه الدول نجح، وقبل ترشحه، والبعض الآخر أخفق.
2 – انتصارنا الثاني، هو حصولنا على عدد كبير من الأصوات. نحن ضمن الدول الأربع الأولى الحاصلة على أعلى تزكية :171 صوتا. في حين حصلت دول أخرى، عرفت «بتزعمها» لحركة حقوق الإنسان على عدد أقلّ بكثير، سويسرا مثلا 140 صوتا فقط.
3 – انتصارنا الثالث، وهو أهم من الأوّلين، يتمثّل في توافق مبادئ المجلس الجديدة مع المبادئ التي ما انفك الرئيس بن علي يرسخها في مجال حقوق الإنسان، وأدرجها في الدستور ( 1997و2002). وهي:
– شمولية حقوق الإنسان، بحيث يتم الحرص مستقبلا على حماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بما في ذلك الحق في التنمية، بقدر ما يتم الحرص على حماية الحقوق الأخرى المدنية والسياسية،
أتى في قرار الجمعية العامة 60/ 251بتاريخ 8 ماي 2006 ما يلي: «إذ تؤكّد من جديد (…) أن جميع حقوق الإنسان (…) غير قابلة للتجزئة، ومترابطة، ومتشابكة، ويعزز بعضها بعضا، وأنه يتعيّن معاملة جميع حقوق الإنسان (…) بالقدر نفسه من الاهتمام».
– عالمية حقوق الإنسان، التي تطبق في كل المجتمعات دون تضييق أو استثناء، ما عدا ما تسمح به في حدود معقولة الخصوصيات الوطنية.
أتى في قرار الجمعية العامة 60/ 251بتاريخ 8 ماي 2006 ما يلي: «وإذ تؤكد الجمعيـة العـامة أن جميع حقـوق الإنسان عالمية (…)»… وتسلّم أيضا بأهمية الالتزام، عند النظر في قضايا حقوق الإنسان، بمبادئ العالمية (…)» وأن «توضع في الاعتبار أهمية الخصوصيات الوطنية (…) والخلفيات التاريخية والثقافية والدينية المختلفة».
4 – انتصارنا الرابع، وهو الأهمّ من الجميع، اتباع المجلس الجديد عند استعراض أوضاع حقوق الإنسان وتقييم الدول تمشيًا جديدًا يلبّي تماما نداءات الرئيس بن علي. وخصوصيات هذا التمشي هي:
– الموضوعية، والتحرّي في المعلومات المرسلة من قبل جهات لا تتّصف بالمصداقية أو بالجدّية،
– عدم الانتقائية في المعاملة، والقضاء على أسلوب المعايير المزدوجة في التقييم،
– عدم التسييس، والإبقاء مثلما قال الرئيس بن علي في أكثر من موضع على «إنسانية حقوق الإنسان»، واتباع مبدأ الحياد من قبل الأجهزة والمنظمات المعنية مسار الحرية والديمقراطية في العالم.
لذلك، سوف يتوخى «مجلس حقوق الإنسان» منهجية عمل تأخذ بهذه المبادئ: «استعراض شامل ودوري لكل حقوق الإنسان في كل الدول»، «الاستناد إلى معلومات موضوعية موثوق بها»، «الاستناد إلى حوار تفاعلي يشترك فيه البلد المعني اشتراكا كاملا»، «إقامة تعاون وثيق مع الحكومات والمنظمات الإقليمية والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان»، إضافة إلى المجتمع المدني. الحرص على «بناء قدرات» الدول على ضمان الحقوق وعدم الاكتفاء بالنقد والتشويه. وكل الفقرات الموضوعة بين قوسين مأخوذة من قرار الجمعية العامّة المحدث للمجلس.
أتى في قرار الجمعية العامة 60/ 251بتاريخ 8 ماي 2006 ما يلي: «وإذ تسلّم (الجمعية العامّة) أيضا بأهمية الالتزام عند النظر في قضايا حقوق الإنسان بمبادئ (…) الموضوعية واللاانتقائية، والقضاء على أسلوب المعايير المزدوجة والتسييس»، كما تقرّر (كذلك) أن يسترشد المجلس في عمله بمبادئ (…) الحياد والموضوعية واللاانتقائية، «وأن يجرى» استعراضا دوريا شاملا يستند إلى معلومات موضوعية وموثوق بها لمدى وفاء كل دولة بالتزاماتها وتعهداتها في مجال حقوق الإنسان على نحو يكفل (…) المساواة في المعاملة بين جميع الدول، ويتخذ هذا الاستعراض شكل آلية تعاون تستند إلى حوار تفاعلي يشترك فيه البلد المعني اشتراكا كاملا، مع مراعاة احتياجاته في مجال بناء القدرات(…)».
هذا تحوّل كبير في مجال حقوق الإنسان. وإننا نهنّىء كوفي عنان الأمين العام للأم المتّحدة الذي ساهم في تدوين هذا التوجه، وكذلك لويز آربر، المفوضة السامية للأمم المتحدة، التي على غرار الرئيس بن علي، ظلّت تحرص على البناء التدريجي للقدرات الوطنية في مجال حقوق الإنسان، وتخليص حقوق الإنسان من مخالب التسييس.
لعلّ منظّماتنا الوطنية العاملة في مجال حقوق الإنسان، ونشطاء حقوق الإنسان عندنا، يعون عمق هذه المبادئ، وسلامة هذه التوجّهات. لعلّهم يعيدون لحقوق الإنسان «إنسانيتها»، وينزعون عنها الغطاء السياسي، أو بالأحرى لينزعوا عن السياسة -التي يمارسها أغلبهم- غطاء حقوق الإنسان. من يريد السياسة فليدخلها من أبوابها، والأحزاب مجعولة لذلك، وهي في حاجة إلى نشاطهم. بهذا، ندعم الأحزاب، ونحمي الجمعيات. بهذا يستوي العمل الديمقراطي الذي نحن جميعا، أغلبية ومعارضة، مسؤولون على إنجاحه.
(المصدر: جريدة « الصباح » التونسية الصادرة يوم 18 ماي 2006)
« أم بي سي »… نحو اهتمام أكبر بالمغرب العربي
الجزائر- إسماعيل طلاي
أعلن مسؤولو مركز تلفزيون الشرق الأوسط «أم بي سي» من الجزائر اطلاق مشروع «أم بي سي المغرب العربي»، الذي تطمح من خلاله شبكة التلفزيون السعودية الى استعادة الريادة من حيث عدد مشاهديها في المنطقة.
وفي ندوة صحافية هي الأولى من نوعها ينظمها مسؤولو فضائية عربية في الجزائر، وسط حضور إعلامي كبير، كشف مسؤولو المحطة عن مشروعهم الجديد الذي انطلق العمل به الشهر الماضي، واختيرت الجزائر كأول محطة للترويج له، تليها المغرب ثم تونس، مع استثناء ليبيا في الوقت الراهن.
ويرمي المشروع إلى ضبط مواعيد بث برامج «ام بي سي 1» على توقيت دول المغرب العربي، ومراعاة مواقيت الذروة لبث البرامج الإخبارية، وغيرها من البرامج التي لاقت صدى لدى المشاهد المغربي، مثل برنامج «من سيربح المليون». ذلك أن غالبية البرامج التي تبثها قنوات «أم بي سي» وقناة «العربية»، لم تكن تراعي مواعيد الجزائريين وسكان المغرب العربي.
وشهدت الندوة الصحافية نقاشاً ساخناً حول نقطتين أساسيتين، هما عامل اللغة ومضمون البرامج التي ستبث في المغرب العربي، إذ سجل الصحافيون أن المنطقة بعاداتها وتقاليدها ولهجاتها تبقى غائبة أو مقصية أحياناً من برامج الفضائيات العربية، ويروج عنها خطأ أن أهلها ينطقون الفرنسية أكثر من نطقهم العربية، في حين أن السبب الحقيقي في نظر الإعلاميين هو الاهتمام الذي توليه الفضائيات الفرنسية للمنطقة منذ سنوات التسعينات، أمام تغييب شبه كامل لها في الفضائيات العربية ! كما انتقد بعض الحضور طغيان اللهجات على حساب اللغة العربية الفصحى في برامج الفضائيات، ما يجعل حال المشاهد في المغرب العربي أشبه بحال الطرشان وهو يستمع لتحاليل وبرامج إخبارية وفنية وترفيهية تطغى عليها اللهجة اللبنانية أو المصرية أو غيرها.
(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 18 ماي 2006)
« البلوغرز » المصريون في صفوف المواجهة وبعضهم في السجون
القاهرة – أمينة خيري
شهدت الأيام الأخيرة الإعلان «الرسمي» و «غير الرسمي» عن انضمام أصحاب المدونات الشخصية المصرية «البلوغرز» من ذوي الآراء والميول والاتجاهات السياسية المعارضة إلى «زمرة» القوى المعارضة المساعدة على إصابة رأس الأمن المصري بالصداع. وعلى رغم أن هذا يعني توقع مضايقات وملاحقات لأولئك المدونين في المستقبل القريب، إلا أنه يعني في الوقت نفسه اعترافاً بأهمية المعلومات والآراء الواردة في هذه المدونات، وترسيخاً لها باعتبارها قناة إعلامية موازية وقوية للقنوات الموجودة من فضائيات وإذاعات وصحف ومجلات.
فمنذ تفجرت أزمة القضاة في مصر، هب العديد من أصحاب المدونات الشخصية المصرية الى إعلان تضامنهم «الكترونياً» مع القضاة المعتصمين، وهو التضامن الذي صعّد الى درجة المشاركة الفعلية مع جموع المتظاهرين السلميين المؤيدين لـ «استقلال القضاء».
وشهدت المدونات – التي يعتمد أصحابها على تسجيل آرائهم وأفكارهم ومذكراتهم والتعليقات الواردة اليهم على مدوناتهم الشخصية الشبيهة بالمواقع الالكترونية الناشطة – سجالات وحملات تأييد إلكترونية عاتية للقضاة، إلا أن وقوعهم في قبضة الأمن لم يحدث إلا بعد نزولهم الفعلي إلى الأرض.
وبلغ عدد المدوِّنين الذين ألقي القبض عليهم منذ اندلاع التظاهرات المؤيدة للقضاة والمعارضة للدولة في نيسان (ابريل) الماضي ستة مدونين هم مالك مصطفى صاحب مدونة Malek-x.net، ومحسن عادل صاحب مدونة arab.ingo/meit 43، ومحمد الشرقاوي صاحب مدونة speaksfreely.net، وكريم الشاعر صاحب مدونة misrhura.blogspirit.com، وأسماء علي صاحبة مدونة tafaseel.blogspot.com، إضافة إلى «المبلوغ» الأشهر علاء أحمد سيف الإسلام الذي يدون وزوجته منال في manalaa.net. وهي المدونة التي حازت جائزة في مسابقة المدونات التي نظمتها منظمة «صحافيون بلا حدود» و «دويتش فيللة» الألمانية في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.
«صحافيون بلا حدود» أعلنت – فور انتشار خبر القبض على علاء عن تأييدها له ولأسرته، وأرسلت رسالة إلى السلطات المصرية يوم 9 أيار (مايو) الجاري تطالبها بالإفراج عنه لأن «توجيه تهم التجمع غير القانوني، وتعطيل حركة المرور، وسب رئيس الجمهورية، والإساءة اللفظية لقوات الشرطة ليست أسباباً كافية للاحتجاز».
لكن أصداء القبض على «مبلوغين» تختلف تماماً عن القبض على مواطنين «غير مبلوغين»، بمعنى أن أجواء البلوغة وروح الرفاق التي هي سمة الغالبية العظمى من أصحاب المدونات الشخصية، على اختلاف، بل وعلى رغم تناقض ميولهم وأهوائهم، تقيم الدنيا ولا تقعدها حين «يقع» أحدهم في مأزق كهذا.
الصدى الأول غير المتوقع تماماً كان إضافة أنجزها علاء من داخل الزنزانة بعد فترة وجيزة من القبض عليه، وعلى ما يبدو، فقد أنجزت من خلال هاتفه المحمول، ربما قبل أن يتنبه المسؤولون الى ذلك. كتب علاء في مدونته الى زوجته: «اليوم أيقنت، أنا حقاً مسجون، لست متأكداً من مشاعري، كنت أعتقد بأنني بخير، ولكن الطريقة التي ينظر بها إليّ زملاء الزنزانة تشير إلى انني لست بخير، يقولون لي إن هذه الزنزانة هي لـ «الجرائم النفسية»، الجميع يواجه تهمة ضرب أفضى إلى موت. أكتب هذه الكلمات حتى لا يفهم زملائي من المساجين ما أكتب، وإن كنت غير متأكد من أن الكلمات ستصل إلى المدونة».
هذه الكلمات جذبت ما يزيد على 1100 قراءة في أيام قليلة، معظمها يؤيد علاء في أزمته، وإن كان البعض يتشفى فيه بسبب آرائه وانتماءاته العلمانية والليبرالية التي لا يتحملها أصحاب الاتجاهات الدينية.
الطريف أن أحد المعلقين أهدى علاء وزوجته منال أغنية يستمعان إليها بتحميلها من أحد المواقع ويتضح أن الموقع هو «موقع التغيير» الذي يمكن من خلاله الاستماع إلى «الأغاني التي تدعو إلى تغيير الأوضاع في مصر»، ومن هذه الأغاني «سنة أولى تغيير» و «هنواصل مشوارنا» و «أطفال من أجل التغيير» و «ياعـبدالعزيز مخيون» و «كفاية» و «حملتنا شعبية»، لكن أحدث الإصدارات أغنية بعنوان «أصرخ بأعلى صوتك». والظريف أن الموقع يقدم كذلك «سينما التغيير التي تعود بواحدة من أقوى أفلامها بعنوان كلنا محاربون»، مع تحياتنا للمشاهدين بسهرة ممتعة.
المدونون الذين لم يلق القبض عليهم بعد، منهم من بات يعرف بحكم حنكته التقنية أن مدونته «تحت المراقبة»، فمثلاً أحدهم – ويسمي نفسه sandmonkey كتب أن مدونته يزورها العاملون في «مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار» في مجلس الوزراء المصري، وذلك من خلال رصده لـ IP’s التي يستخدمونها، وهو ما جعله يكتب لهم ساخراً: «أهلاً بأفراد المركز، كيف حالكم اليوم؟ أرجو أن تنعموا بإقامة سعيدة».
من جهتها، بادرت منظمة «هيومان رايتس ووتش» إلى إصدار بيان قال فيه نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال افريقيا في المنظمة جوستورك إن «هذه الاعتقالات الجديدة تشير إلى نية لإسكات المعارضة السلمية كلياً».
وطالب ستورك الحكومة المصرية بـ «إطلاق سراح الناشطين الذين اعتقلوا خلال الأسبوعين الماضيين على الفور ومن غير أن يصيبهم أذى»، واعتبر الحكومة المصرية مسؤولة عن سلامتهم بموجب القانون الدولي.
كذلك فعلت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، إذ تضامنت 15 جمعية ومركزاً لحقوق الإنسان مع «المدافعين عن الديموقراطية في مصر».
لكن يبدو أن قطاعاً من المدونين مصمم على المضي قُدماً، بل وابتكار كل ما هو جديد ومختلف للتفوق في حرب «توم وجيري» الدائرة بين الأمن و»المبلوغين» حالياً. فتحميل الفيديو المصور بالهواتف المحمولة من مواقع التظاهرات على المدونات وطرحها أمام العالم لحظة حدوثها سلاح لا يمكن الاستهانة به، ولا تنفع معه «التكذيبات الرسمية» و «موجات النفي الإعلامية الحكومية» التي تعقب الحدث، ومن ثم فإنه يمكن اعتبار موجة احتجاز المدونين البداية «الرسمية» بمعنى الاعتراف الرسمي بأهمية المدونين المعارضين، وإن كان الاعتراف في حد ذاته «غير رسمي» أي غير موثق أو «مدون»، فالمدونات باتت في حكم الموبقات التي تعكر الأمن والاستقرار.
الطريف أن المدونين المحتجزين منهم من هو من أعضاء جماعة «الإخوان المسلمين»، ومنهم الليبرالي، ومنهم الوطني المستقل الهادف إلى التغيير.
(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 18 ماي 2006)
« إخوان أون لاين » ينفرد بمعلومات خطيرة عن المتهمين في قضية الأسلحة الأردنية
وصلت لـ(إخوان أون لاين) معلومات خطيرة، تكشف عن شخصيات المتهمين الثلاثة في قضية الأسلحة الأردنية (والتي تقول الحكومة إنها خاصةٌ بحماس!!) وأن المتهمين الثلاثة أعضاء بحركة حماس، وتلقَّوا تدريبًا في سوريا.
والمعلومات التي حصل عليها (إخوان أون لاين) هي شهاداتٌ من أشخاص قريبين جدًّا من المتهمين الثلاثة، الذين ظهروا على شاشة التلفزيون الأردني يوم الخميس الماضي، وهؤلاء الأشخاص يعرفون المتهمين الثلاثة معرفةً وثيقةً جدًّا، تصل إلى عشر سنوات.
و(إخوان أون لاين) يضع المعلومات التي وصلتنا أمام القارئ؛ ليكتشف بنفسه المؤامرة التي تقوم بها الحكومة الأردنية ضد حكومة حركة حماس.
1- أيمن ناجي صالح حمد لله دراغمة (يبلغ من العمر 34 سنة) من سكَّان منطقة الهاشمية في الزرقاء.
– لا يتمتع هذا الشاب بأي التزام ديني مطلقًا، بل إن لديه مجموعةً من رفقاء السوء، فضلاً عن أنه لا يصلي في أيٍّ من المساجد القريبة منه، وشهِد بذلك أهالي المنطقة التي يقطنها دراغمة.
– المظهر الخارجي لهذا الشاب لا يُوحي بأنه ملتزم، بل إنه يحمل على جسده عددًا من الأوشام التي يضعها « المنحرفون« .
– المذكور عاطل عن العمل، غير أنه يعمل في بعض الأحيان في بيع الخضراوات على سيارة متجولة في نفس المنطقة التي يقطنها.
2- أحمد محمد خليل أبو ربيع (يبلغ من العمر 27 عامًا) ويعمل في موقف للسيارات في منطقة (ت) الهاشمية.
– يتمتع هذا الشاب بمجموعةٍ من رفقاء السوء، والذين يتعاطون المسكرات و »الحبوب المخدرة »؛ حيث أكد شهود عيان من نفس منطقته أنه كان قبل ظهوره على شاشة التلفزيون بعدة أيام متعاطيًا للمسكرات بالقرب من سوق البلدية!!
– بشهادة الكثير من أصدقائه كان كثير الكذب باستمرار، وهي السمة السائدة لديه.
– وكان المذكور يعمل ضمن بيئة فاسدة جدًّا كما يعرف أهالي منطقته هذه البيئة جيدًا.
3- أحمد نمر مصطفى أبو ذياب (من سكَّان منطقة المزرعة في منطقة الهاشمية)
– كان من الفاشلين في حياته الدراسية، وكان كثيرَ المشكلات مع الطلبة والمعلِّمين، وشهد بذلك عددٌ من الطلبة الذين درسوا معه في تلك الفترة ولازموه حتى هذا الحين.. الأمر الذي اضطره إلى ترك المدرسة.
– يعمل المذكور في « مخبز الروضة »، على الشارع الرئيس في لواء الهاشمية.
– أطلق المذكور لحيتَه، ولبس الزيَّ الأفغاني منذ فترة قصيرة؛ ليعيَّن مؤذنًا في منطقة الزنية في المزرعة!!
4- توفيق العبوشي: الذي ذكر اسمه دراغمة خلال اعترافاته على شاشة التلفاز على أنه هو من قام بتجنيدهم لحركة حماس!!
– يؤكد المقرَّبون من هذا الشخص العبوشي (والذي كان يقطن منطقة الهاشمية، ويسكن حاليًا في الإمارات العربية المتحدة منذ حوالي ثلاث سنوات) أن هذا الشخص لم يسبق له أن دخل المسجد للصلاة طيلة فترة سكنه في الهاشمية والتي جاوزت 14 عامًا.
– يشير أهالي المنطقة إلى أن هذا الشخص كان يتصف بـ »البلطجة » وسوء الخلق والتي كانت تزعج أهالي المنطقة.
– يشدِّد المقرَّبون من المذكور أنه كان من المتعاطفين والمقرَّبين من حركة (فتح).
(المصدر: موقع « إخوان أون لاين » (مصر) بتاريخ 16 ماي 2006)
مقتل قاض تركي أيد حظر الحجاب
أنقرة- وكالات
أطلق مسلح الرصاص داخل المحكمة الإدارية العليا بالعاصمة التركية أنقرة؛ وهو ما أودى بحياة قاض وأصاب أربعة آخرين.
وعزا البعض هذا الهجوم إلى تأييد المحكمة لقرار بحظر ارتداء الحجاب في الجامعات والمؤسسات الحكومية التركية، فيما وصفه قادة سياسيون بأنه هجوم على المؤسسات العلمانية في تركيا.
وصرح مسئولون الأربعاء 17-5-2006 بأن قاضيا لقي مصرعه، وأصيب أربعة آخرون حينما أطلق رجل مسلح الرصاص عليهم صائحا: « نحن جنود الله »، وذلك خلال جلسة للمحكمة الإدارية العليا (مجلس الدولة).
كما اقتحم المهاجم قاعة ثانية بالمحكمة في أثناء انعقاد جلسة في الصباح، وبدأ في إطلاق الرصاص من مسدسه.
وكان رئيس القاعة مصطفى بيردين من بين الجرحى، لكن حياته ليست في خطر، فيما توفي القاضي مصطفى يوسيل أوزبلجين متأثرا بجروحه، وفقا لما ذكرته وكالة رويترز للأنباء.
وفور وقوع الحادث ألقت الشرطة القبض على مرتكبه، وهو البارسلان أصلان (29 عاما)، وهو محام عضو بنقابة المحامين في مدينة إستانبول.
حظر ارتداء الحجاب
وقالت نائبة رئيس مجلس الدولة تانسيل جولاسان: إن المهاجم وصف نفسه بأنه « جند الله » بينما كان يشن هجومه. فيما ذكرت وسائل الإعلام أن البارسلان أخذ يردد جملة « الله أكبر » مع إطلاقه للرصاص.
وأوضحت جولاسان في تصريحات للصحفيين أن « المهاجم برر فعله بالحكم الخاص بتأييد حظر ارتداء الحجاب، والذي يقول إن الذين أصدروه يجب أن يعاقبوا ».
وأيد قضاه بالمحكمة الإدارية العليا في فبراير الماضي حظر ارتداء الحجاب خلال نظر قضية رفعتها مدرسة محجبة تعمل في حضانة أطفال داخل قاعدة عسكرية.
من جانبه أدان وزير العدل جميل جيجك الذي زار مبنى المحكمة عقب الحادث الهجوم قائلا: « ليس هناك أي سبب ممكن أن يبرر مثل هذا الحادث ».
لكن جولاسان قالت: إن « انتقاد مثل هذا الهجوم غير كاف »، مضيفة أن « أولئك (القلقين بشأن حظر ارتداء الحجاب) الذين يدمرون الوفاق الاجتماعي، هم مذنبون، ولا يعرفون أنفسهم جيدا ».
« العدالة والتنمية »
وسارع رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركي الذي انتقد قرار مجلس الدولة بتأييد حظر ارتداء الحجاب في المؤسسات الحكومية والجامعات بإدانة الهجوم، قائلا: « إنني ألعن وأدين هذا الهجوم ».
ورفض أردوغان بشدة الربط بين الحادث وحملة حزبه « العدالة والتنمية » الإسلامي من أجل رفع حظر ارتداء الحجاب قائلا: « إن من السيئ للغاية رسم مثل هذا النوع من العلاقات ».
وأدى الهجوم إلى تصاعد القلق في الأوساط التركية، بعد أن وجهت اتهامات لرئيس الوزراء بالفشل في الدفاع عن مبادئ البلاد التي تنتهج النظام العلماني، وهي أيضا عضو في منظمة المؤتمر الإسلامي.
فقد حمل دينز بايكال زعيم الحزب الاجتماعي الديمقراطي، وهو حزب المعارضة الرئيسي، الحكومة مسئولية الحادث، معتبرا أن « تركيا بدأت الانزلاق لمنحدر خطير ».
وقال: « أولئك الذين بجوار السلطة، والذين تسببوا في بلوغنا مثل هذه النقطة، يجب أن يعودوا لوعيهم ».
« علامة سوداء »
أما الرئيس التركي أحمد نجدت سيزر فوصف الهجوم بأنه « علامة سوداء في تاريخ الجمهورية ».
وقال: إن « الضغوط والتهديدات لن ترهب القضاء التركي الذي سيواصل مهامه الدستورية تجاه الجمهورية العلمانية الديمقراطية ».
وتنظر الدوائر العلمانية، بما فيها المؤسسة العسكرية، إلى الحجاب باعتباره رمزا للإسلام السياسي يستهدف تقويض المبادئ العلمانية للدولة التي وضعها مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك.
وتتهم تلك الدوائر صحيفة « فاكيت » التركية ذات التوجهات الإسلامية بتعريف من أسمتهم « المتطرفين » بأهدافهم، حينما نشرت صورا للقضاة الذين أصدروا قرارا بتأييد حظر ارتداء الحجاب في المؤسسات الحكومية والجامعات.
ومنذ سقوط الخلافة العثمانية، وتأسيس الجمهورية التركية الحديثة، وتولي أتاتورك سدة الحكم في عشرينيات القرن الماضي، تنتهج تركيا خطا علمانيا شديد الصرامة في إقصاء الدين عن السياسة.
غير أنه في الفترة الأخيرة تشهد البلاد حالة استقطاب شديدة بين العلمانيين من جهة، يدعمهم في ذلك المؤسسة العسكرية شديدة التمسك بمبادئ أتاتورك، والإسلاميين من جهة أخرى، والذين يجدون تأييدا من قسم من الشعب التركي لا يزال يحن إلى العهد العثماني أو إلى حالة التدين الشائعة فيه.
(المصدر: موقع إسلام أون لاين بتاريخ 17 ماي 2006)
عن تدهور مستوى التلفيق في العالم العربي
فهمي هويدي (*)
بعد إطلاق فرقعة اتهام حركة حماس بتهريب أسلحة إلى الأردن، لاستهداف شخصيات ومواقع حيوية فيه، فإن المرء لا يستطيع أن يخفي دهشته من تردي مستوى التلفيق والتدليس في العالم العربي. ذلك أننا في حالات عدة ألفنا مثل هذه الممارسات، وحين لم نكن نملك لها صداً، فإننا صرنا نفضل أن تتم بكفاءة تعبر عن التمكن من التقنية والاحتراف، وليس بأسلوب بدائي يخلو من أي إتقان، ولا أقول، إبداع.
في مصر مثلاً هناك مشكلة متفجرة في الوقت الراهن بين القضاة والسلطة، سببها تمسك نادي القضاة المنتخب والممثل الشرعي الوحيد لهم، بمطلبين أساسيين هما: إصدار قانون استقلال السلطة القضائية، والتحقيق في ما تردد عن وقائع تزوير للانتخابات التشريعية التي يفترض أنها تمت تحت إشراف القضاء، وإزاء التراخي في الاستجابة للمطلبين، قرر القضاة الاحتجاج، ثم الاعتصام في ناديهم، الأمر الذي أغضب السلطة، التي استخدمت أساليب عدة لردعهم وقمع مؤيديهم. وفي إطار الردع جرى تقديم اثنين من كبار مستشاري النقض إلى مجلس للتأديب، يملك سلطة عزلهما من وظائفهما، كما جرى التحقيق مع ستة آخرين من كبار القضاة بتهم عدة تبعث على الضحك والرثاء، أما عملية القمع، التي تضمنت مشهداً لضرب أحد القضاة وسحله في الشارع، غير مشاهد أخرى أدت إلى اعتقال المئات، بينهم ثلاث أو أربع فتيات، وإلى استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين، التي لم تستثن الصحفيين والصحفيات الذين ذهبوا لتغطية المظاهرات، ذلك كله نشرت الصحف ووكالات الأنباء العالمية تفاصيله، مدعمة بالصور التي نقلت انطباعاً سلبياً للغاية للحاصل في مصر، التي لا يكف خطابها السياسي عن الإشادة بتقدم مسيرة الإصلاح السياسي.
ما أثار دهشة كثيرين ـ وأنا منهم ـ أن السلطة دخلت في مواجهة غير مبررة مع القضاة، وأنها استخدمت ضدهم أساليب لم تكن مضطرة إليها، أما الأكثر مدعاة للدهشة فهو إصرار المتحدثين باسم السلطة على أنها ليست طرفاً في الموضوع، وأن المشكلة هي بين القضاة وبعضهم البعض! علما بأن أي تلميذ صغير في المرحلة الابتدائية يمكن أن يدرك بمجرد مطالعة الصور أن السلطة بأرتالها العسكرية الجرارة التي احتلت قلب القاهرة، هي الطرف الآخر في المشكلة، وأن القضاة الذين وقفوا في صفها، هم في الأصل موظفون في الحكومة يأتمرون بأمرها، لذلك فإن السؤال الذي بات يشغلني لم يعد منصباً على أسباب عدم استجابة السلطة لطلبات القضاة المتواضعة، وإنما صرت أتساءل: لماذا تم إخراج مشهد الرفض بتلك الطريقة الرديئة، وأين الذكاء المعهود في إدارة العملية وحبك روايتها؟
الانطباع ذاته خرجت به أثناء قراءة كتاب عن تونس، ترجم مؤخراً من الفرنسية إلى العربية، وفيه تحدث مؤلفاه ـ وهما صحفيان فرنسيان ـ عن قصة طالب في الجامعة الفرنسية اسمه فيصل بركات، كان ناشطاً سياسياً ومن دعاة الحريات النقابية، الأمر الذي أدى إلى انخراطه في العمل السري ثم اعتقاله، وبعد الاعتقال بأسبوع أخبرت عائلته بأنه «مات في حادث سيارة»، غير أن تقرير المستشفى الذي نقل إليه، سجل في الشهادة الطبية أن الوفاة ناجمة عن إدخال جسم حاد في الشرج، وهو ما علق عليه المؤلفان بقولهما ـ من باب السخرية في الأغلب ـ أن تلك حالة نادرة في حوادث السير!
لا أعرف كيف فاتت المفارقة على الذين لفقوا قصة وفاة الشاب فيصل بركات، ولكن الذي لا شك فيه أن حدوثها على ذلك النحو دال على تردي مستوى الأداء المهني لدى رجال الأمن الذين باشروا العملية، حيث كان يتعين عليهم وهم محترفو مثل هذه الأعمال أن يقوموا بحبك القصة على نحو أفضل.
ما دعانا إلى الاستطراد في الموضوع، هو تلك القصة التي أطلقتها قبل أيام أجهزة الأمن الأردنية، وتحدثت فيها عن ضبط أسلحة ومتفجرات أدخلتها حركة حماس للقيام بأعمال تخريبية في المملكة، وهي القصة التي لا يستطيع أحد أن يصدقها، على الأقل في الظروف الراهنة، ولا أعرف كيف غاب ذلك عن جهاز الاستخبارات الأردنية، الذي نعرف جميعاً كفاءته العالية، وقدرته المشهودة على حبك مثل هذه القصص.
في السيناريو الرديء للقصة، أن حماس بعد حوالي عشرين عاماً من تأسيسها، وبعد أن عاشت قيادتها حيناً من الدهر في الأردن، بينما قواعدها ما زالت قوية هناك، وبعد أن أعلنت مراراً وأثبتت عملياً أن معركتها الوحيدة هي ضد الاحتلال الصهيوني فقط، وبعد أن ظلت يدها ممدودة للأردن في أعقاب إبعاد قادتها من عمان، بعد ذلك التاريخ الذي كانت فيه فصيلا مقاوما، هامش حركته أوسع بكثير، انتظرت حماس حتى وصلت إلى السلطة وضاقت خياراتها نسبياً، وأصبحت أكثر حذراً، بعد ذلك كله قررت أن تباشر التخريب في الأردن!
من آيات رداءة السيناريو الأخرى، أن عملية التخريب هذه اكتشفت قبل ساعات من وصول وزير الخارجية محمود الزهار إلى عمان، ووسط أجواء الحصار الخانق المضروب حول حكومة حماس إقليمياً ودولياً، وهي الأجواء التي يفترض أن تدفع حماس إلى التركيز على مد الجسور مع «الأشقاء» ـ وهم في الأردن أهل أيضاً وليسوا أشقاء فقط ـ وليس على نسف تلك الجسور واشتعال الحرائق وممارسة التخريب في قلب عمان.
لا يقولن قائل إن هناك أسلحة واعترافات وأشخاصا ظهروا في الصور ورآهم الجميع على شاشات التلفزيون، فالذي يصدق أن تلك أدلة تؤكد الإثبات في القصة لا يعيش في الزمن العربي، لأن أي طفل في المرحلة الابتدائية ـ أيضا ـ يعرف جيداً أن ذلك كله يمكن أن يحدث، من دون أن يكون لكل ما قيل أصل من الحقيقة، ومن دون أن تكون «للمضبوطات» صلة بالموضوع، فقد بات معلوماً للكافة أن أجهزة الأمن العربية قادرة على توفير كل هذه العناصر، من الاعترافات إلى المضبوطات لإثبات أي مؤامرة تريد السلطة «طبخها»، حتى إذا كانت محاولة لقلب نظام الحكم في كوستاريكا أو بوركينا فاسو.
من السخف الادعاء بأن حماس تريد القيام بأعمال تخريبية في الأردن، حتى أزعم بأنه إدعاء لا يستحق المناقشة من الأساس، وإذا لم يكن الأمر مجرد افتعال أريد به عدم استقبال الزهار في عمان، أو توفير حجة لإشراك الأردن في محاصرة حكومة حماس، فهو إما اختراق أريد به الوقيعة بين حماس والأردن، أو محاولة للوقيعة بين ما سمي بقيادات الخارج وقيادات الداخل في حركة حماس، وهي المحاولة التي حرصت على إنجاحها جهات عدة لها مصلحة في ذلك.
أما أحسن الفروض، أن تكون المحاولة قد تمت بالفعل قبل سنة أو اثنتين، وأن حماس أرادت أن تسرب أسلحة إلى الأرض المحتلة، وحاولت أن توصلها عبر الأردن، الأمر الذي يعني أن الأردن لم يكن مستهدفا، وأن المحاولة قديمة، قبل أن تشترك حماس في الانتخابات وتصل إلى السلطة، وفي حدود علمي فإن قيادة حماس (المتهمة) طلبت إرسال وفد إلى عمان لتحري الحقيقة في الادعاء، ولكن الطلب رفض، واستبدل بوفد يمثل السلطة، ضم عدداً من مسؤولي الأجهزة الأمنية والاستخبارات، الضالعة الآن في التحرش بحكومة حماس وجرها في مواجهة مسلحة، وهو وفد تستطيع أن تعرف سلفاً أين يقف وأين تكمن مصلحته في الوقت الراهن.
لقد عبرت في البداية عن الأسف لتدهور مستوى الحرفة لدى الأجهزة الأمنية في بعض الأقطار العربية، وهو أمر لا بد أن يقلقنا لأننا نظل بحاجة إلى أجهزة أمنية ذات مستوى رفيع في كل الأحوال، ولذلك فإنني أدعو إلى تحقيق موسع في الموضوع، يتجاوز مسألة تهريب أسلحة حماس إلى الأردن وبتجاهلها، ويركز بعد ذلك على الإجابة عن السؤالين التاليين:
* لماذا تدهور مستوى الأداء المهني لأجهزة الأمن، بحيث لم تعد قادرة حتى على التلفيق الجيد الخالي من الثغرات التي تفضحه؟
* لماذا ساء تقدير تلك الأجهزة حتى أصبحت تفترض في الناس البلاهة والغباء، وتصورت أنها يمكن أن تمرر عليهم قصص التلفيق الخائبة التي تنسجها؟
اللهم إنا لا نسألك رد البلاء، ولكننا نسألك اللطف فيه.
(*) كاتب ومفكر من مصر
(المصدر: صحيفة الشرق الأوسط الصادرة يوم
16 ماي 2006)
نفاق الغرب ورياء العرب
إغناطيوس دي تيران (*)
بعد أسابيع طويلة من اندلاع أزمة الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة إلى النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) ما زلنا نتساءل عن الدوافع الحقيقية التي تقف وراء القضية، خاصة أننا ألفينا بعض الجهات الغربية وأخرى إسلامية تبذل جهدها من أجل استغلال القضية، مما أدى إلى إفلات المسألة من عقالها.
وتابع الكثير هنا في الغرب تطورات الأحداث وكأنه تعذر عليه الاتزان أمام هذا الكم الهائل من الحجج والبراهين والمواقف الغريبة الشكل، وفي المقابل صدرت عن الجانب العربي والإسلامي ردود فعل لم تقل في كثير من الأحيان غرابة وإثارة للشك عن المواقف الغربية.
على الصعيد الغربي، سمعنا القيمين على الجريدة الدانماركية صاحبة مبادرة الكاريكاتير المشؤومة ومعها وسائل الإعلام التي أعادت نشر الرسوم، تبادر بالقول إنها تدافع عن حرية التعبير وحقها في تعاطي جميع المواضيع دون رقابة بما فيها المحرمات الدينية.
وسرعان ما انضمت إلى هذا الموقف مجموعة واسعة جدا من السياسيين والمفكرين والقطاعات الاجتماعية شجبت المظاهرات الصاخبة « المنظمة » في بعض الدول الإسلامية والدعوات إلى مقاطعة البضائع الدانماركية والأوروبية وما تخللها من أعمال الاعتداء (المحدودة) على السفارات والبعثات الأوروبية في البلاد الإسلامية.
وتفاوتت شدة هذه المواقف من بلد أوروبي إلى آخر فالقضية تأججت بشكل لافت في الدول الإسكندنافية وفرنسا وربما ألمانيا، بينما لم تتجاوز حدود النقاش العلني خلال عدد من الأسابيع في بلدان أخرى كإسبانيا.
وبمعزل عن أحقية عرض هذه الرسوم والدعوة إلى احترام جميع الآراء فإن المبادرات الأوروبية السياسية والثقافية والاجتماعية والإعلامية التي شددت على إعادة نشر الرسوم وطرح قضية حرية التعبير، علاوة على ما زُعم عن معاداة الدين الإسلامي للتسامح وتعدد الآراء، تحمل في أحشائها تناقضات كثيرة يصعب على المراقب المحايد التجاوز عنها.
فلم نلبث أن علمنا أن الصحيفة الرائدة في نشر الرسوم فعلت ذلك بعد أن وجه مفكر دانماركي دعوة مفتوحة إلى القراء من أجل إرسال رسوم تصور رسول الإسلام تصويرا ساخرا.
وإن صح هذا الخبر، وفعلا قد أكده جامع الرسوم ذاته، فإن المسألة لا ترتبط بعمل فني تلقائي ينبع من منطلقات فكرية وثقافية مستقلة وإنما هي متعلقة بمحاولة مبرمجة تهدف إلى إحداث البلبلة.
ومما يدعو إلى التأمل والحسبان أن صاحب الملف نفسه اعترف بأن الفكرة طرأت عليه بعد أن تناهى إلى سمعه أن دارا من دور النشر أخفقت في إيجاد رسام واحد يقبل تصوير النبي محمد (صلى الله عليه وسلم).
ومرة أخرى يجب أن نسأل عن أسباب هذه الدعوة الغريبة وكأن تصوير مرسل من مرسلي الأديان التوحيدية فريضة من الفرائض على رواد فن الكاريكاتير الحديث.
ولا بد أن يشار هنا إلى أن الفن التصويري الغربي يزخر بسوابق عديدة تم فيها تصوير النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) بطريقة مشينة ومجحفة في غالب الأحيان، كما تحفل الأدبيات الأوروبية بأوصاف وهمية لمظهر النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) وحتى طباعه الأخلاقية، وتعدّ الكوميديا الإلهية للكاتب الإيطالي دانتي ألياري أحد الأعمال الأكثر تركيزا على هذه النقطة.
لذلك لا يجوز الادعاء بأن الفنون الغربية امتنعت في وقت من الأوقات عن مثل هذه المقومات التصويرية، على الرغم من أن الدين الإسلامي يحظر تمثيل خاتم الأنبياء بأي شكل من أشكال.
ومن يشك في ما نقول نحيله إلى الكتابات واللوحات وحتى النقوش المنتجة في أوروبا من العصور الوسطى إلى يومنا هذا والأمثلة متوفرة، لذلك لا نفهم الحجج والبراهين التي ساقها المدافعون عن حق التعبير.
ونزداد حيرة إذا أخذنا بعين الحسبان أن غالبية الجهات الأوروبية المصممة على إعادة نشر الرسوم المشؤومة تمتنع كل الامتناع عن نشر آراء وأقوال ومواقف تهين معتقدات وشخصيات يرفضون المساس بها.
فالجريدة الدانماركية صاحبة المبادرة كانت قد رفضت سابقا نشر رسوم تتطاول على المسيح رسول الدين المسيحي الأعظم، كما أن هناك وسائل إعلام متدينة منسوبة إلى التيار المسيحي الأقل اعتدالا أقدمت على احتضان القضية من أجل رعاية حرية الرأي، بينما هي تأبى وتشجب أي مظاهر تحسبها معتدية على منطلقاتها العقائدية.
وعلى الصعيد السياسي لا بد أن نذكر ردود الفعل المتصلبة من الحكومة الدانماركية قبل انفجار الأزمة، إذ استمعنا إلى تصريحات رسمية غير لائقة عن الإسلام والمسلمين في أوروبا بعيدة كل البعد عن الكياسة الدبلوماسية المألوفة لدى دول الشمال الأوروبي.
وكان الأولى بالحكومة أن تدافع عن حق الجرائد المحلية في نشر ما تراه مناسبا والامتثال إلى القضاء حالة انتهاكها الآداب أو مشاعر المؤمنين على اعتبار أن هذا أمر منوط بالمحاكم، وليس العمل على تحويل القضية إلى قضية سياسية تتطلب تدخلها الشخصي.
ثم لدينا واقعة شائكة أخرى تعكس بشكل صريح حجم النفاق الذي أحاط بالمسألة منذ الوهلة الأولى وهي ازدواجية المعايير بشأن تحديد الخطوط الحمراء التي لا ينبغي تجاوزها في مجال التعبير.
إذ إن بعض الدول الأوروبية سنت قوانين تمنع منعا باتا التطرق « بصورة منبوذة » إلى مواضيع حساسة كالمحارق النازية مع أن الأخيرة مسألة تاريخية تحولت بحكم المصالح السياسية والأيديولوجية إلى حرام ممنوع الاقتراب منه.
وليس من الصدف أن نجد العناصر الغربية الأكثر امتعاضا من احتجاجات الشارع في الدول الإسلامية تبادر إلى الغلو والتعدي السافر على الدين الإسلامي لمجرد أنهم مقتنعون بأن هناك صراعا مديدا بين الحضارة المسيحية المتطورة المتسامحة والحضارة الإسلامية الكظيمة المتحجرة! أو « الكيان الإسلامي » كما يفضلون تسميتها لأنهم يحجمون عن عدها حضارة!
ولسنا نحن من الداعين إلى معاقبة المسؤولين عن نشر وقائع يراها البعض مشينة وإنما نطالب باحترام الأسس التي تضمن حرية الرأي، مشددين في الوقت ذاته على حق كل إنسان يعتبر نفسه مهانا أو معرضا للإهانة في اللجوء إلى الوسائل القانونية المعترف بها.
غير أنه من غير المستحسن جرح المشاعر الدينية خدمة لمصالح مشكوك فيها تهدف أكثر ما تهدف إلى تغذية نظرية الاصطدام والقطيعة وتحويل الإسلام إلى عدو العصر الحديث.
ومما يثبت هذا النفاق الغربي السافر القرارات التي اتخذتها بعض الحكومات في سبيل منع فضائيات عربية وإسلامية أن تباشر بثها الفضائي في أوروبا لأنها تنشر -على حد زعم تلك الحكومات- الكذب والبهتان على القيم الحضارية الغربية، أو الملاحقة التي تعرضت لها قناة الجزيرة الموصومة بتشجيع الإرهاب لبثها خطابات الزعماء الإسلاميين المتطرفين « المجرمين » أو لتقديم أخبار معينة عن تجاوزات القوات المحتلة في أفغانستان والعراق، وكأن تلك الحكومات مستعدة لتعددية الآراء ما دامت الآراء تتفق بشكل أو آخر مع منظورها الخاص للواقع.
والأسوأ بالنسبة لسمعة الآلية الدعائية الغربية أن قسما من المواطنين الغربيين، خصوصا الأوروبيين، باتوا يخشون أن تكون الأخبار المشاعة من وسائل الإعلام الإسلامية صحيحة أو شبه صحيحة وإن كانت لهجتها مفعمة بالإنشائية والغلو، أي أن سبب الحملة عليها ليس دحض الباطل وإنما الحيلولة دون إجراء تحليل دقيق للسياسة الخارجية الغربية في العالم الإسلامي.
بيد أن مظاهر النفاق الغربية تلقى موقفا انعكاسيا مقابلا وموازيا لها في التطرف والتعصب في الجانب المقابل، حيث لمسنا رغبة جلية لدى بعض الدوائر الإسلامية الرسمية وغير الرسمية في تحريك القضية والصيد في المياه العكرة.
ومما يزيدنا تشكيكا في دوافع تلك الدوائر أن الرسوم عرضت في بعض الصحف الأردنية واليمنية والمصرية في وقت سابق دون أن تثير لغوا يذكر إلا عندما اتسعت رقعة الأزمة وتذكر الجميع أن جرائد معينة قد أفسحت المجال لهذه الحملة الشنيعة على الدين الإسلامي.
ولقد استمعنا إلى تصريحات رؤساء التحرير لدى الجرائد المعنية فألفيناهم جميعا مشددين على ضرورة إظهار هذه الرسوم لإثبات بشاعتها ومدى سخفها في آن واحد لا من أجل الإساءة إلى أحد.
وأشار البعض إلى أن مشاركة عدد من الأنظمة العربية في الجدال وتقديم الاحتجاج الرسمي أمام الحكومة الدانماركية دليل على اضطرار الأنظمة العربية إلى منافسة الحركات الإسلامية الصاعدة وتجريدها من ورقة الانفراد بالدفاع عن قيم الأمة ومقدساتها.
وربما يفسر هذا الاعتقاد أحداث الشغب المسجلة في سوريا وليبيا، حيث أجريت مسيرات شعبية يُعتقد أنها حظيت أساسا بمباركة السلطات المحلية، والكل يعرف أن الأنظمة العربية خبيرة في سبل منع المظاهرات وإرهاب المشاركين فيها إذا أعدّت هذه المسيرات تهديدا لمصالحها أو لروابطها القوية بالقوى الحليفة كالولايات المتحدة.
إن محاولة السيطرة على القضية الدينية وتهميش الإسلاميين في هذا المجال محاولة سبق أن باءت بالفشل في العقود الماضية.
وليس من المعقول أن يسمح الحكم للتيار الإسلامي بقدر من البطولة الاجتماعية المقيدة لاحتواء الغليان الشعبي في حين تسعى السلطة إلى وضع العراقيل أمام انضمام القوى السياسية المناهضة للعبة السياسية.
ولقد تراجعت المسيرة الانفتاحية الإصلاحية إلى ظاهرة شكلية لا معنى لها في معظم الدول العربية إن لم نقل جميعها.
ويحيرنا أن نرى الجماهير الملتهبة تجوب الشوارع دفاعا عن شعائرها الدينية، وثمة ما يبرر غضبها، لأن هذه الرسوم مشبوهة الغرض مست لديها الرمز الأعظم لعقيدتها ودينها، بينما لم نكد نلاحظ مسيرات حاشدة تبلغ الحدة نفسها في أعقاب قصف أفغانستان أو احتلال العراق أو فضائح أبو غريب والإساءات المتكررة للقرآن الكريم في غوانتانامو أو أي من المواقع التي قتل وجرح وعذب وأهين فيها ألوف المسلمين الأبرياء.
خلاصة القول، لا نعرف من هو أكثر تيها وضلالا، آلمواطن الغربي الممتعض الذي هرول إلى المتاجر لشراء السلع الدانماركية وطالب باتخاذ إجراءات صارمة للتصدي للموجة الإسلامية المعادية للحضارة الغربية وهي مطالبة تنبثق مما تكرره وسائل إعلام غربية جاهلة خبيثة، أم المواطن المسلم المقاطع للسلع نفسها والموقن بأن هناك حملة صليبية جديدة تهدف إلى محو الإسلام والاستيلاء على قدرات الأمة الإسلامية.
وتتمثل طليعة هذه الحملة المتجددة في التشهير بأركان الدين الإسلامي من خلال حفنة من الرسوم لم يطلع عليها ابن الشارع لأنه اطلاع غير مباح!
والمؤسف أن هناك جهات « غامضة » على كلا الجانبين تحاول أن تجني ثمارا من الأزمة عن طريق التضخيم والغلو والإفك.
ولحسن الحظ لم تنجر أكثرية الأوروبيين إلى البغض والكراهية، وفي المقابل لم نر مظاهرات عنيفة إلا في عدد قليل جدا من المدن الإسلامية بلغ فيها السيل الزبى لأسباب داخلية وخارجية على حد سواء.
هكذا أمسينا محاصرين بين تناقضين متعارضين، تناقض الأنظمة الغربية التي تنصب نفسها حامية لحرية الرأي والتعبير وهي الضاربة بها عرض الحائط كلما كانت حرية التعبير ذاتها تمس مصالحها، وتَناقض الأنظمة العربية التي تدعو إلى استخدام الكلمة والصورة ضمن حدود معقولة وأخلاقية بينما هي عاجزة عن استيعاب المضمون الحقيقي للعقلانية والأخلاق وحرية التعبير.
(*) كاتب إسباني
(المصدر: ركن « المعرفة » بموقع الجزيرة.نت بتاريخ 17 ماي 2006)