الخميس، 17 مايو 2007

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2550 du 17.05.2007
 archives : www.tunisnews.net


الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ــ فرع  بنزرت:بــيــا ن الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس:تمنع من زيارة إبنها الذي فقد مداركه العقليه تحت التعذيب! القدس العربي: منظمات دولية تندد بالاعتداء جسديا علي صحافي تونسي ا ف ب: سيغولين روايال تمضي عطلة في جزيرة جربة جنوب تونس طارق العبيدي:صدى صرخة يوميات المحامين: »دليل صوت الحقيقة و إثبات وجود العوائق و الدهاليز » صابر الشاهد: هيئة 18 أكتوبر والجامعة..من يثير فزاعة عودة الإسلاميين؟ مواطن من حمام سوسة:خ طير جدا:بتعلة تطبيق تعليمات الرئيس… المجلس البلدي بحمام سوسة يدفع بمواطن نحو الانتحار

عبد الحق:حمام سوسة و خمسون عاما للبلدية
عادل القادري: في منتدى التقدم : التنمية الإنسانية وأهداف الألفية للتنمية
بقلم محمد العروسي الهاني :الحلقة الثانية حول ثقافة الخوف: مبادئ 17 ماي 1954 و ثوابت العمل السياسي و قاية و حماية من ثقافة الخوف و الوهم السائد

علي بن غذاهم :الهاشمي الحامدي : من دخل دار التجمّع فهو آمن من  ركع  لزعبع فهو آمن

جمال الدين أحمد الفرحاوي: لن نصـــالـــح

إسلام أونلاين: باب الوادي الجزائري ينتخب « الخبزة »

إسلام أونلاين: نسبة المشاركة؟..السؤال الأهم بتشريعيات الجزائر

اسماعيل الكوت: المؤتمر 16 لرابطة مسلمي سويسرا: تجذير مفهوم المواطنة الفاعلة

توفيق المديني :الصين تدخل عصر الملكية الخاصة


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows  (


 

L.T.D.H الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ــ فرع  بنزرت Ligue Tunisienne pour la Défense  des Droits de l ‘ Homme – section de bizerte 75 شارع فرحات حشاد 7001 بوقطفة – الهاتف 72435440(*)     ـ  بنزرت  في  9  ما ى  2007 بــيــا ن
 
 
علم  فرع  الرابطة  ببنزرت   أن الشاب خالد  ابن الحسين الورغي ، من سكان مدينة  سجنان ،  طالب  بجامعة   منوبة  ،  سنه 21 عاما ، قد  اختفى  منذ  يوم   3  ماى  الجاري عندما  كان  بالجامعة  ، حتى  لوازمه  الجا معية   بالمبيت  الجامعي بحي  الزهور قد  تبخرت  ولم  يتحصل  والد اه  على أى  خبر  من  قبل  الجامعة  أو من  زملائه  بالمبيت  . ويوم  6  ماى  الجاري  على  الساعة الـتا سعة  صباحا  د اهمت  فرقة  من  البوليس  بالزي  المدني ، مقـر  سكنة  عائلة  الطا لب   المذكور حيث  قامت  بتفتيشه   ثم  أمروا  السيد  حسن  الورغي ، والده  ، بأن  يأتيهم  بجواز  سفر  إبنه محملينه مـسؤولية  إنجاز  هذه  التعليمات عاجلاً . مما  ذهب الظن بالأبـوين  أن  ابنهما  عصام  المذكور  قد  ارتكب  جريمة  في  حق  الغير ؟   وتجدر الإشارة  إنه سبق أن أخططف خالد من قبل البوليس والحرس الوطني خلال صائفة  2005 رفقة مجـمـوعة  من  الاطفال ، تـتـرا وح  أعمارهم   بـيـن  الـخامسة عـشـر  والـتا سعة  عـشـر ، كـا نوا  يـسـبـحون  ويـلـعـبـون  كــرة  القد م   بـمـخـيـم    بـشـا طيء  رأس  سـيـرات . و إ قتيد  أغلب هؤلاء  الأطفال إلـى مـركـز الـبـولـيس  ببـنزرت  حيث تم  بحثهم  في شؤون  د ينية لا يعرفون منها  شيئا  مـثـل :  هــل أباك  يـصلـي  مـالـكي  أم   شافعي  ؟  و :  مـن  يـصـلـي  مع  أبيك  في منزلكم ؟  و :  مـن  أتـا كم  ضـيفا  في  داركم  ؟ …….. كذلك اختفى  الشاب  : عصام  عـز الدين  الحنا شـي ،  سنه 21 عاما ، من مواطني  مدينة  سجنان ،   طالبا  بالتكوين المهني  ببرج  السدرية ، انقطعت أخباره عن عائلته  منذ 4  ماى الجاري  ولم  يظهر له  أثر في مراكز بوليس  المنطقة المذكورة   ونفت  وزارة  الداخلية  أن  يكون عصام  الحناشي موقوفاً لديها . مع الإشارة أن الشاب المذكور قد تم   إيقافه سابقا بعد اقتحام مقر سكناه وتفتيشه   في 21/12/2006 حيث تم حجز أشرطة أفلام وأقراص غناء، وقد توجهوا له بالسب والألفاظ البذيئة أمام الأم والأب والإخوة وأوثقوا يديه وانصرفوا به بعد تهديد ووعيد. ومن  ثمة  ُأرسل  عصام  إلى  البوليس  المختص  بالشؤون السياسية  ببنزرت  وهناك قـبل أن يخاطبـوه  بأي  سؤا ل  أو  يعلموه  عـن  سبب  إيـقـافه ،  بادروا  بإها نته   ونعته  بالألـفاظ  الـبـذ يـئة  مــع  الـجـذ ب  والـد فع  حـتى  أغــمـى  عـلـيـه .  وحين اعتقدوا أنه إستعاد وعيه ، عادوا إلى إستنطاقه     في  مـواضيـع  الـد يـن  والتـد ين  ثم   بـعـدها  أطلقوا  سـبـيـله ، ليظل طليقاً إلى يوم إختفائه يوم 4 ماي الجاري   .  إن  فـرع   بـنـزرت  لـلـرابطة  التونسية  لـلـد فاع  عن  حقوق  الإنسان  يطالب   : – السلط  المعنية  الكـف  عـن  هـذه  التـصـرفات  الـقـمعـيـة  وإطـلاق  سـراح  الـشبان الـمـوقوفـين  بـد ون  مـوجـب  قـانوني . – بـوضع   حـد   لـلــتعـذ يـب   .   – بــإ حـتـرام    الــذات   الــبـشـريـة . بــتــفــعــيــل   الــقـوانـيـن  الــتونـسـيـة  الــبـحــتـة  –  فـي  صـورة  حـد وث   مـخـا لفة  ثــا بـتـة   قــا نونـيـا  . عــن  هــيــئـة   الــفرع الــرئــيــس  عـلـي  بـن  ســـالم ــــــــــــــــ (*) الهاتف إذا لم يكن مقطوعاً فهو مراقب      أما الأنترنا ت فهي ممنوعة علينا .

الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس International Campaign for Human Rights in Tunisia icfhrt@yahoo.com  

تمنع من زيارة إبنها الذي فقد مداركه العقليه تحت التعذيب!

تواصل السيدة فطيمة بوراوي، والدة السجينين السياسيين خالد ووليد العيوني منذ يوم 3 ماي، اضرابا مفتوحا عن الطعام، للحصول على اذن بزيارة ابنها وليد، المقيم في مستشفى الرازي للأمراض العصبية والنفسية. والذي فقد مداركه العقلية بسبب التعذيب الوحشي الذي تعرض له في سجن المرناقية. ولقد تعرضت السيدة فطيمة بوراوي نفسها الى اعتداء بالضرب المبرح، خلف لها اضرارا جسدية ظاهرة، بعد أن عمد أعوان السجن الى تمزيق ثيابها وبعثرة الأغراض التي كانت تحملها لإبنها. ويذكر ان بيت السيدة فطيمة بوراوي يخضع الى حصار أمني مشدد منذ بداية الإضراب، ومنع محاميها الأستاذ محمد النوري من دخول مدينة قليبية لزيارتها.   وإننا في الحملة الدولية لحقوق الإنسان، اذ نستنكر وبشدة الإعتداء الآثم الذي تعرضت له السيدة فطيمة بوراوي، والتعذيب الوحشي الذي أفقد ابنها مداركه العقلية، فإننا نطالب بمحاسبة المجرمين واحالتهم على العدالة، كما :   – نطالب ادارة سجن المرناقية بإحترام القوانين المنظمة للسجون، والتوقف عن ممارسة التعذيب، والإذن للسيدة فطيمة  بوراوي بزيارة إبنها. – نناشد أصحاب الضمائر الحية، والمنظمات الحقوقية الوطنية والدولية، مساندة عائلة العيوني في محنتها، وبذل الجهد لرفع المظلمة عنها وعن بقية عائلات المعتقلين. – نطالب بإطلاق سراح جميع المعتقلين بموجب قانون مكافحة الإرهاب اللادستوري. – نناشد السيدة فطيمة بوراوي وقف الإضراب عن الطعام حفاظا على حياتها، متعهدين بمواصلة العمل رفقة كل القوى الوطنية الحية، حتى اطلاق سراح ابنيها وكل المعتقلين السياسيين واعلان العفو التشريعي العام.   عن الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس علي بن عرفة لندن  في 17 ماي 2007


حزب الوحدة الشعبية منتدى التقدم     دعــوة

 

ينظم منتدى التقدم لحزب الوحدة الشعبية لقاء فكريا يحاضر خلاله الدكتور الطيب البكوش رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان  حول :

واقع الديمقراطية وحقوق الإنسان في الوطن العربي

وذلك يوم الجمعة 25 ماي 2007 على الساعة السادسة مساء بمقر جريدة الوحدة  ( 7 نهج النمسا ـ تونس ).       الدعوة إلى المشاركة في هذا اللقاء مفتوحة للجميع.         عن منتدى التقدم  عادل القادري


منظمات دولية تندد بالاعتداء جسديا علي صحافي تونسي

 
لندن ـ القدس العربي : نددت منظمات حقوقية دولية باعتداءات جسدية قالت ان الصحافي التونسي سليم بوخذير تعرض لها علي ايدي بلطجية قالت انهم من الشرطة ظلوا يراقبون تحركاته . وقالت منظمة مراسلون بلا حدود المدافعة عن الصحافيين، والتي تتخذ من باريس مقرا لها، ان بوخذير، وهو صحافي مستقل، تعرض لاعتداءات جسدية عدة مرات آخرها مساء امس الثلاثاء بينما كان يغادر مقهي انترنت في العاصمة تونس.

واكد بوخذير في اتصال مع القدس العربي امس تعرضه لهذه الاعتداءات والمضايقات من رجال شرطة يرتدون الزي المدني. وارجع بوخذير ما يتعرض له الي مقال نشره حول مأساة مسرح صفاقص الشهر الماضي حيث لقي سبعة شبان حتفهم في تدافع اثناء حفل غنائي لنجوم برنامج ستار اكاديمي اللبناني. وقال بوخذير انه حمّل منظم الحفل، وهو احد اقارب الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، مسؤولية الفاجعة لان المسرح يستوعب تسعة الاف شخص بينما باع المنظم نحو 16 الف تذكرة حتي ضاق المسرح بالشبان فوقعت الفاجعة، بحسب الكاتب. واُصيب في الحادثة ازيد من 30 شخصا كلهم شبان ومراهقون حضروا لتشجيع ممثلة بلادهم في البرنامج الغنائي. وقالت مراسلون بلا حدود ان بوخذير تعرض لاعتداء آخر في يوم 3 ايار (مايو) الماضي المصادف اليوم العالمي لحرية التعبير. واوضحت انه تعرّض للاعتداء الجسدي قرب مكتب المحامية المعارضة راضية نصراوي بالعاصمة تونس.   (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 17 ماي 2007)


 

سيغولين روايال تمضي عطلة في جزيرة جربة جنوب تونس

باريس (ا ف ب) – تمضي سيغولين روايال المرشحة الاشتراكية التي لم يحالفها الحظ في الانتخابات الرئاسية الفرنسية حاليا عطلة مع ابنائها الاربعة في جزيرة جربة في جنوب تونس كما علم من اوساطها الخميس. وقالت المصادر نفسها ان النائبة الفرنسية ذهبت الى الجزيرة التونسية السياحية للراحة مع اولادها لكن بدون شريك حياتها فرنسوا هولاند الامين العام للحزب الاشتراكي لكنها لم تعط اي ايضاح عن المدة التي ستمضيها في هذه العطلة. وقد هزمت روايال في الانتخابات الرئاسية في 6 ايار/مايو امام منافسها اليميني نيكولا ساركوزي الذي تسلم مهامه كرئيس للجمهورية الاربعاء وعين اليوم الخميس احد المقربين منه فرنسوا فيون رئيسا للوزراء.

وكانت روايال اقترحت في اجتماع عام للحزب الاشتراكي السبت تعيين المرشح الاشتراكي المقبل للانتخابات الرئاسية المرتقبة في 2012 مباشرة بعد الانتخابات التشريعية. لكن هذه الفكرة لم تلق الاستحسان لدى رئيس الحزب هولاند. وتنشر الصحف تكهنات كثيرة حول وضع العلاقات بين هولاند وروايال وقد تحدث كتاب صدر مؤخرا بعنوان « لا فام فاتال » (المرأة الفاتنة) عن « ازمة زوجية » بينهما. وكلف المسؤولان الاشتراكيان محاميهما رفع دعوى بعد صدور هذا الكتاب. وذكرت مجلة « رياليتيه » الاسبوعية المستقلة الخميس ان روايال التي وصلت الاحد الى جربة (500 كلم جنوب العاصمة) تقيم مع ابنائها في فندق كبير تابع لمجموعة سياحية فرنسية. واضافت ان فرنسوا هولاند سيلتحق بعائلته الخميس في جربة.


 

الحمد لله، الكاف في 17/05/2007  صدى صرخة يوميات المحامين

« دليل صوت الحقيقة و إثبات وجود العوائق و الدهاليز »

 
 
عندما كتبت عن يوميات المحامين في الكاف بتاريخ 09/05/2007، سألت باطني مرّات و مرّات فأجابني جوابا عاريا « بأنّها صرخة الحقيقة لكنّها وقحة »…… فليكن ما سيكون، ألم يقل نبيّ روحي جبران خليل جبران بأنّ الوقاحة الخشنة أفضل من النفاق الناعم، لأنها لاّ ترتدي مثله لباس غيرها. نـكاية في النفاق و لباسه، و من أجل الحقيقة قرّرت أنّ أتحمّل عبء وقاحتي، و نشرت مقال يوميات المحامين في رحاب العدالة بالكاف …. فعاد صداه ضجيجا و صخبا ….. ينفى من مدينتنا الجميلة أو يودع السجن بجانب من سبقه مـن الوقحين …….. إنّه شيطان، لا ينام و لا يدعنا ننام، فاليصلب حتّى الموت، ليكون عبرة للناشئة التي لا تهاب شيوخها …. بل يسلخ جلده حيّا ليتذوّق مصير من لا يرضى بالمصير.

بعد ستة أيّام من الضجيج الصاخب، قرّر الشيوخ الغاضبون في مدينتي أن يلتزموا بالمعايير الدولية لمحاكمة الوقحين، و عقدوا إجتماعا ضخما في قاعة المحامين لإختيار أي عقاب يلائم وقحا في حجمي …. النفي ….. أم السجن ….. أم السلخ …. أم الصلب. و في اللحظة الأخيرة تذكروا آخر معيار من المعايير الدولية لردع الوقحين، و هو إستدعائي و إستنطاقي بمحضر المحلّفين في مسجد الطّاعة. فحضرت …. نعم حضرت قهرا عن باطني،  و لم أجد أحد من شيوخ مهنتنا، فتردّدت عن الدخول عند باب المسلخ (عفوا قاعة المحامين). غير أنّ حماس الناشئة الحاضرة بمعيّة أشراف المهنة و مناضليها شجّعني على الولوج، و كان في باطني جوابين « مقالي جلدا لذاتي المتمثّلة فيكم جميعا ….. خيّركم و شرّيركم  » و  » إعتذاراتي لكلّ من أخطأ و وضع يده على رأسه »…… لكنّ الرّصاصة أطلقت.

للّذي قتل الإعتذار في فمي …. أقول مصرّا على الإعتذار إليك …. و لا أطلب إعتذارا منك. للمجموعة المنسحبة من المسلخ لحظة إطلاق الرّصاصة عليّ، إحتجاجا على القنّاص، أقول أقسم أنّي بكيت فرحا لأنّكم صدى حقيقتي. للباقين فيه …… أصـــرخ و أصـــرخ تشجّعوا شجاعة المخاض و أخرجوا من المسلخ. لجنـود الخفاء الأسـود …..  أقول لن تنتصروا على الوقحين، لأنّكم تزرعون الخوف في كلّ مكان …. و هم يقتلعون الخوف من النفوس.  

طارق العبيدي محام بالكاف

هيئة 18 أكتوبر والجامعة..من يثير فزاعة عودة الإسلاميين؟

 

لقد أثار الالتقاء حول الهداف الثلاثة(حرية العمل الحزبي وحرية الإعلام والصحافة والعفو التشريعي) خلال إضراب الجوع الذي خاضه ثمانية من رموز العمل الجمعياتي والسياسي الوطني خلال شهر اكتوبر2005 وتولدت عنه هيئة18 أكتوبر ردود فعل مختلفة بحكم طبيعة التحالفات التي صيغت خلاله وبحكم طبيعة الفاعلين السياسيين في الساحة الوطنية من حيث التحالفات التي حصلت خلاله وتبين أنها من طبيعة جديدة لم تحصل مند ترويكا :الوحدة الشعبية –الحزب الشيوعي والاتجاه الإسلامي خلال النصف الثاني من الثمانينات حيث حصل التقاء بين قوى سياسية كانت غلى زمن قريب متنافرة ولكن الاستنتاجات التي توصلت إليها بعض مكونات هذه الهيئة بينت أن التحالف مع السلطة أو السكوت عنها عندما تضرب طرفا معينا لم يمنعها من أن تمد عصاها إلي الطرف الصامت بعد أن سحقت » الأخ الأكبر » .و إذا ما تجاوزنا الأطراف التي تقول أنها معارضة وهي موالية للسلطة ودققنا النظر في موقف الأطراف ذات الخلفية الفكرية الماركسية المعارضة لتحالف 18 أكتوبر يتبين لنا أنها إضافة إلى رفضها من حيث المبداٍ الالتقاء حول النقاط الثلاث مع الطرف الإسلامي نجدها قد عبرت عن استيائها من شركائها الفكريين لمشاركتهم الإسلاميين هذا التحرك لأنه كان فرصة لعودة هذا التيار للجامعة(راجع مقال عبد الرزاق الهمامي عن حزب العمل الوطني الديمقراطي في جريدة الطريق الجديد ديسمبر 2005)ولست ادري كيف كانت هذه العودة ثم تتالت المواقف من قبل إطراف شيوعية أخرى في هذا الاتجاه فرددت الشعارات المناوئة للإسلاميين الغائبين عن الجامعة خلال الحفلات التي تقيمها ائتلافات الشيوعيين والقوميين داخل الاتحاد العام لطلبة تونس بشقوقه المختلفة » الرابع والعشرين » « التصحيح » « الموحد »ثم في مقال صادر في النشرية المسماة الطالب التونسي الناطقة باسم مجموعة مؤتمر التصحيح هذا الربيع

 

كل هذه التفاعلات والإحداث تدفع المراقبين إلي التساؤل عن كيفية خروج التيار الإسلامي من الجامعة ؟أو لماذا تخاف هذه الأطراف من وجوده بالجامعة وما حقيقة موقف هيئة 18 أكتوبر مما حدث بالجامعة ويحدث وهل هي محايدة أم منحازة لجهة ما . لا شك أن الجميع يعرف ما حدث بالجامعة خلال سنة 1991 وان كان العديد يريد شطب هذه الصفحة من تاريخ الحركة الطلابية علي تذكرهم وذكرهم لها في المجالس الخاصة ولسائل أن يسال ما الذي قدمه أنصار هذا الطرح ألاستئصالي خلال أكثر من 16 سنة من الغياب القسري للإسلاميين عن الجامعة سوى تنمية الفراغ والتطاحن الداخلي علي مواقع في هيكل لا يستقطب أحدا أم لماذا يخاف هؤلاء من عودة التيار الإسلامي إلى الجامعة فراجع إلي غلبة هذا الأخير تاريخيا في كل الصراعات التي خاضوها معه وما انتخابات مجالس الكليات في الثمانينات إلا دليل علي ذالك وان كان هؤلاء قد حاولوا جهدهم منع الإسلاميين من الوجود باستعمال العنف (مجزرة منوبة 1982)وأظن إن قدرتهم علي الاستفادة من دروس التاريخ ضعيفة جدا إن لم نقل أنها منعدمة تماما.وأريد أن استثني من هذا الوصف تيار « الوطنيين الديمقراطيين بالجامعة « الذين لم ينساقوا إلي هذه الشماتة وهذا الإقصاء إذ عبروا علي أن التيار الإسلامي يبقى جزءا من الحركة الطلابية وانه لا يمكن مصارعة انس يمرون بحالة استثنائية كما لا يمكن اعتبارهم من أعداء الحركة الطلابية التاريخيين .أم هيئة 18 أكتوبر فإنها لم تعبر صراحة عن موقفها مما حدث في الجامعة ومن التيار الإسلامي بالجامعة وان كانت المؤشرات تشير إلي أن بعض مكونات هذه الهيئة لها مواقف مزدوجة تبينت خلال هذه السنة الجامعية ميدانيا وفكريا فقد أصدر الطرف المعني مقالا في نشرية « الطالب التونسي » الصادرة عن مجموعة » مؤتمر التصحيح » حذر فيه مما سماه بعودة الظلامية إلي الجامعة في نقل غير أمين لحدث شهدته كلية الحقوق بتونس إذ حاولت فتاة منتمية لهذا التيار ألبست الحجاب منع احد الطلبة من التحدث في اجتماع عام محذرة الطلبة من النهضويين الذين سيجرونهم إلي السجن كان الطلبة الإسلاميين الذين دخلوا السجن نالوا جزاء عادلا.ثم إن هيئة 18 أكتوبر نجدها تتغاضى عن ذكر منظمة الاتحاد العام التونسي للطلبة في إطار حديثها عن المنظمات الممنوعة من النشاط والحال أن الجميع يعلم الظروف المشبوهة التي حلت فيها هذه المنظمة في محاكمة لم تتوفر فيها ابسط قواعد استقلالية القضاء واجبر بعض قيادتها علي المنفي وتوفي واحد منها لطفي العيد ودي نتيجة الإهمال الصحي داخل السجن.ورغم أن هيئة 18 أكتوبر تتشكل من بعض العناصر الإسلامية فان السؤال المطروح هو ما هي خلفيات التي تكمن وراء هذا الإقصاء هل المنع له لون واحد وهل الحجر لا يهم إذا مس طرفا بعينه وهل أن هيئة 18 أكتوبر منحازة إلى جهات دون اخرىوبهذا تكون قد التقت من حيث لا تدري أو تدري مع الشق اليساري الذي بقي خارجها في الموقف من الجامعة هل هناك جرأة على فتح ملف الجامعة في كل أبعاده التاريخيةوالانية أم أن مصلحة الجميع تكمن في الحفاظ علي التوازنات الراهنة بالرغم من أنها أضرّت بالوضع داخل الجامعة أيّما ضرر.

                                                                

صابر الشاهد  

 

خطير جدا بتعلة تطبيق تعليمات الرئيس… المجلس البلدي بحمام سوسة يدفع بمواطن نحو الانتحار

 
هو صاحب نقطة بيع عدد9 بسوق الجملة للخضر و الغلال بحمام سوسة .. كانت نقطته بشهادة مدير السوق نفسه أحسن و أقوى نقطة من حيث رقم المعاملات المسجلة بالسوق… و بين عشية و ضحاها و بفعل سوء تصرف صاحبها و إصراره على عدم لالتزام بتعهداته المالية تجاه مزوديه من الفلاحين و العملة ، فقدت النقطة حركييتها و فقد صاحبها مصداقيته و انحدر رقم المعاملات إلى مستوياته الدنيا و دخل صاحب النقطة تباعا في مشاكل مادية حادة انتهت به خلف قضبان السجن الذي غادره مؤخرا ليجد نفسه عاطلا عن العمل بعد أن سحبت منه بلدية حمام سوسة ترخيص استغلال النقطة ، و باعتباره مسؤولا عن عائلة تتكون من زوجة و ثلاثة أطفال باتوا مهددين بالجوع من غير ذنب اقترفوه ، اتصل صاحب النقطة ببلدية المكان مقترحا عليهم إسناد الترخيص الجديد مناصفة بين زوجته و أحد شباب المدينة حتى يضمن لأسرته الحد الأدنى من العيش الكريم كما التقت زوجته السيد رئيس المجلس البلدي و بعض المستشارين الذين يهمهم الأمر و توسلت إليهم أن لا يأخذوا أطفالها بأخطاء أبيهم و أن لا يغيبوا عن اعتباراتهم الأبعاد الإنسانية و الاجتماعية للموضوع مؤكدة على أحقيتها بمناصفة ترخيص استغلال النقطة و لاق هذا الاقتراح استحسان المسؤولين البلديين و وعدوا الزوجة بذلك ، غير أنه و قبل يومين من انعقاد الدورة العادية للمجلس البلدي وزعت الإدارة البلدية على المستشارين برنامج المجلس المتضمن دعوة المستشارين بالتصويت بالموافقة على إسناد النقطة عدد9 إلى أحد شباب الجهة العاطل عن العمل  و ما أن سمع الزوج بذلك حتى هرول باتجاه البلدية عله يستطيع ثنيهم عن قرارهم حيث اتصل برئيس دائرة سهلول الغرابي و رئيس لجنة  و هو في لآن نفسه إمام خطيب بأحد مساجد المدينة و طلب منه بكل لطف و أدب تبرير سبب أو أسباب عدول اللجنة الاقتصادية عن منح ترخيص إستغلال النقطة لزوجته مناصفة طالبا منه باعتباره رجل دين التدخل من أجل إلغاء القرار الجائر فأجابه فضيلة الإمام أنه لا مجال للتراجع عن هذا القرار باعتبار ( الزوج ) لم يعد محل ثقة و نصحه بعدم العودة لمثل هذا الموضوع فخرج الزوج يجر أذيال الخيبة و قد اسودت الدنيا في وجهه فقرر الالتجاء إلى أحد المقربين المعروفين بنفوذهم في الجهة عله يتمكن من إقناع رئيس البلدية بضرورة العدول عن قراره لكنه على ما يبدوا رفض مقابلته حينها قرر الإنتحارو غير بعيد عن منزل هذا المقرب و في أول شجرة إعترضته وضع حدا لحياته تاركا ورائه أسرة لا عائل لها

قد تبدوا هذه القصة للبعض عادية بحكم تكرارها في المكان و الزمان إلا أنني أرى فيها نموذجا واضحا و مهما لطبيعة المسؤولين القائمين قصرا بتصريف شؤوننا و طريقة إدارتهم للشأن العام و مدى استخفافهم بمصالح المواطنين و أرواحهم و لإبراز هذه المعاني و الأبعاد أسوق بإختصار شديد هذه الملاحظات أولا، بقطع النظر عن قانونية و صحة قرار سحب الرخصة من عدمه فإن الأصل في القانون معاقبة المخطئ لا التشفي و الانتقام منه و من عائلته و في موضوع الحال فقد نال المخطئ عقابه القانوني بدخوله السجن و نال عقوبته الإدارية بسحب رخصة النقطة منه و باعتبار أن البلدية مؤسسة غير ربحية موكول لها الاعتناء بالتنمية المحلية في كل أبعادها دون إلغاء أو تهميش للأبعاد الإنسانية و الاجتماعية و هو الجانب المفقود في تعاطي المجلس البلدي مع هذه القضية

ثانيا ، إن مشروع القرار الذي وزع على المستشارين للموافقة عليه تضمن إقرارا واضحا بالعدول عن فكرة إسناد الترخيص مناصفة دون ذكر للأسباب أو المستجدات التي دعت اللجنة إلى تغيير موقفها الشيء الذي يستشف منه أن هذه الأسباب غير و جيهة و غير مقنعة من ناحية و غير قانونية و لا ربما غير بريئة من ناحية ثانية

ثالثا ، لقد برر المجلس البلدي إسناده لترخيص استغلال النقطة لإحد شباب المدينة منفردا على أساس أنه متحصل على شهادة جامعية عليا و قد فاخر المجلس البلدي المحلي بأنه سباق  » في تكريس القرارات الرائدة لسيادة رئيس الجمهورية زين العابدين بن علي الواردة في خطاب سيادته …و الداعية إلى إحداث مواطن شغل لحاملي الشهادات العليا. » ( الكلام مأخوذ حرفيا من نص القرار) لذلك يهمنا إبداء الملاحظات التالية .

إن ما يسمى  » بالحملة الوطنية لتشغيل أصحاب الشهائد العليا  » المدعومة رآسيا تقتضي وجوبا إما بمساعدة هؤولاء الشباب على إحداث مواطن شغل خاصة بهم على حسب مؤهلاتهم العلمية أو بإدماجهم في سوق الشغل المحلي أو العالمي ، لكن هذه الحملة حسب تقديرنا لا تقضي بالمرة تشغيل أصحاب الشهائد على حساب غيرهم من المواطنين و لا تقضي ضرورة تشريد عائلة بكاملها لتوفير شغل لفرد منفرد تحت شعار تطبيق تعليمات رآسية . إن تشغيل خريجي الجامعة يقتضي مراعاة إمكانياتهم العلمية حيث لا يستقيم كما هو في موضوع الحال إسناد ترخيص استغلال نقطة بيع بسوق جملة لشاب متحصل على إجازة في الأداب و الحضارة العربية لما يحمله هذا المنح من إهانة جارحة للجامعة التونسية و من إساءة واضحة للشهادات الأكادمية التونسية

وفي المحصلة فإن سحب قرار العدول عن إسناد ترخيص استغلال هذه النقطة مناصفة و إسناده إلى أحد خريجي الجامعة من جدول أعمال المجلس البلدي الذي انعقد أمس تحت اشراف السيد والي سوسة بعد انتحار صاحب النقطة هو دليل واضح على ارتباك هذا المجلس وعدم شرعية حججه و في الأخير فإن عدم جدارة بعض المسؤولين في إدارة الشأن العام و محاولتهم الدائمة التخفي وراء القرارات و التعليمات الرآسية لتبرير استهتارهم بالمواطنين  و مصالحهم  هو ما دفع حتما  هذا المواطن لوضع حد لحياته …حادثة أليمة تحدث عنها الكبير و الصغير بالمدينة  يقتضي منطق العدل بادئ ذي بدء تقديم المجلس البلدي لإستقالته فورا في انتظار فتح تحقيق يحدد مسؤوليات كل مستشار في هذه القضية.

 

مواطن من حمام سوسة

 

حمام سوسة و خمسون عاما للبلدية

 
  تحيي العديد من البلديات  في تونس سنة 2007 الذكرى الخمسين لإنبعاثها و البلدية كما نعلم هي المدرسة الأولى للديمقراطية بما هي  أسلوب تتطور به المجتمعات الحرة ماديا وفكريا، وسنسعى في هذا المقال إلى التبين من مدى تحقق التطور المنشود بالإستناد إلى بلدية حمام سوسة كعينة . البلدية جماعة عمومية محلية تتمتع بالشخصية المدنية و الإستقلال المالي ,وهي مكلفة بالتصرف في الشؤون البلدية.تساهم البلدية في نطاق المخطط القومي للتنمية في النهوض بالمنطقة إقتصاديا و إجتماعيا و ثقافيا  )  الفصل1 من قانون البلديات عدد33لسنة 1975 (. يمكن الإنطلاق من  هذا التعريف القانوني للبلدية  لمعاينة مدى تجسيد برامج بلدية حمام سوسة لهذا التعريف.

تستلزم   إستقلالية البلدية أن ينتخب مجلسها بطريقة حرة ومستقلة ،وهو ما لم يتم منذ إحداثها بمقتضى أمر 9 جانفي 1957 إذ وقع حل أول مجلس بلدي ترشح له المرحوم المناضل الصادق قلّص كرئيس للقائمة الخضراء وقد وصل الأمر إلى حد الإعتداء عليه  بالضرب و إرغامه على الإنتقال بمقر سكناه إلى تونس العاصمة  كما تعرض الأعضاء السبعة الباقون إلى التضييقات بعد ذلك وهم السادة المرحوم حسن بن عمر،المرحوم النوري قعاية، المرحوم العجمي المهيري ،المرحوم الهادي القنطاوي ، المرحوم عبد السلام جغام و السيد فرج الدواس .

إن ما تعرض له هؤلاء يعد إنقلابا وعملا غير شرعي  على حرية إختيار أبناء البلدة آنذاك لممثليهم في المجلس البلدي  الفائز بطريقة ديمقراطية  ومنذ ذلك التاريخ  وبذلك الأسلوب،يهيمن الحزب الواحد على المجلس البلدي بالمدينة. لقد كانت تعلة قرار الحل آنذاك هي التوجه اليوسفي للمجلس الفائز. وقد تكررت محاولة المؤمنين بالحرية و الديمقراطية خوض تجربة ثانية كانت توجت سنة 1990 بفوز القائمة الزرقاء بنسبة كبيرة من الأصؤات . غير أن نفس ممارسات الحزب الحاكم من تزوير و ترهيب رجحت كفة فوزه  رغم إقرار القضاء حصول الخروقات ، ولم يكتف الحزب الحاكم  بذلك بل تعداه لملاحقة من شارك في تلك العملية عبر الحرمان من جواز السفر و المضايقة في العمل .  لذلك نجد أنه سنة 2005 لم يكن هناك منافس للحزب الحاكم في الإنتخابات البلدية. 

إن المسّ من حرية إختيار المجلس البلدي كان له بالضرورة تأثير على سير العمل البلدي وعلى درجة تحقيق التطور التنموي المنشود وهو ما يلحظ اليوم بعد مسيرة خمسين عاما من العمل البلدي.

من الناحية الإقتصادية  تشير الأرقام إلى أن ميزانية البلدية لسنة 2005 بلغت 4780000 دينار وهي ميزانية لا بأس بها بالنسبة لبلدية تمتد على مسافة 20كم مربع وبها  34685 ساكن حسب إحصائيات 2004 .غير أن المتأمل في التصرف المالي البلدي  في هذه الميزانية من أجل تنمية المدينة إقتصاديا يلاحظ جانبا إجابيا يتعلق بالبنية الأساسية ذلك أن خمسين سنة كانت كافية لتجعل من حمام سوسة مدينة جميلة و عصرية من حيث البنية العمرانية و عدد المؤسسات الإقتصادية ، من ذلك المصانع ذات الإختصاصات المتعددة  و الشريط السياحي الساحلي  المتكون من قرابة 20 نزلا و35 فندقا سياحيا .غير أن العناية بالبنية الأساسية لم تخلو من الإنفراد بالرأي و القرار في صياغة و تنفيذ المشاريع فحرم متساكني  المدينة من شاطىء بحري يصطافون فيه و الطريق السريعة الحزامية التي أنجزت غدت خطرا على المتساكنين بما تخلفه من ضحايا  ، و وادي الحمام أصبح بقعة تصدر الحشرات و الأفاعي بل وصل الأمر لأن أصبح ملاذا للمنحرفين ، زد على ذلك ما ينتج عن صرف المياه المستعملة في البحر من تلويث للمحيط و روائح سامة تلحظ خصوصا صيفا .

هذه العينات تشير إلى أن التوجه الإقتصادي الذي هو بالضرورة صلب مخططات التنمية الوطنية والتي تعلن فيها توجهات تنموية لصالح المواطن تخالف واقع الحال  حيث يبرز عدم تكافىء الفرص الإقتصادية لغياب الشفافية و النهج الديمقراطي الذي يفترض تشريك الناس في صياغة و تنفيذ المشاريع الإقتصادية حتى يعم النفع ، كما أن  وجود المحاباة و المحسوبية و الذي يتجسد في طريقة فض  النزاعات العقارية  وهي نزاعات تضرر منها العديد من أهالي المدينة خصوصا المتعلقة بالإنتزاع للمصلحة العامة و التي إمتدت من السبعيانات إلى اليوم.  زد على ذلك إسناد رخص البناء و رخص إستغلال الملك العام البلدي )مثال ذلك   منطقة شبين الكوم والمقاهي التي تستولي على الأرصفة كتلك الممتدة على طريق الشاطئ( كل ذلك يجعل من البلدية بعيدة عن تحقيق ديمقراطية إقتصادية .

في  السياسة الإجتماعية لا بد من الإشارة إلى أهمية دور المؤسسات الإجتماعية في بناء النسيج المجتمعي و تكريس روح المواطنة و التضامن إذا ما وجدت هياكل مختصة في الغرض وخلصت النية لدى المسيرين في خدمة النفع العام . في حمام سوسة مثلا قرابة 300 معاق ذهنيا بين إعاقة كلية و جزئية و قد رفض مطلب إحداث جمعية تعنى بهم دون تبريرات وجيهة رغم إصرار طالبي الترخيص الذين وفروا جميع شروط نجاح هذه الجمعية و متابعتهم الأمرلمدة ثلاث سنوات ، كما أن    جمعية القاصرين عن الحركة العضوية لا مقر لها ولا يعرف عن نشاطها شيئا أما وحدة النهوض الإجتماعي  بالمدينة فما عدى الدور الإداري نجدها غائبة في المجال الإنساني و الخلل في إعتقادنا هو أن الشاط في هذا المجال  نجده مناسباتيا و مرتبطا بل خاضعا لما تمليه المعتمدية وأطراف القرار في الحزب الحاكم بالمدينة دون إحتكام لمصلحة أهالي المدينة أو تعهّد الهياكل الإجتماعية المعنية كتشريك الهلال الأحمر و منظمة التربية والأسرة  فيما يتعلق بالمساعدات للعائلات المعوزة و الموجودة بشكل ملفت في حمام سوسة إنما تخضع المساعدات للولاء و الإعتبارات الشخصية و يلعب العمد في ذلك الدورالرئيس .

أما المؤسسات التربوية  فلا يعتمد في تعيين مسييريها على الكفاءة و الخبرة بما تقتضيه مصلحة  هذه المؤسسات بل على درجة ولائهم و قربهم من الحزب و صانعي القرار في الدولة  وفي  ذلك تعدي على منتسيي هذه المؤسسات و على  حقهم في  أن ينشأوا مستقلي الشخصية بعيدا عن التحزب و التحيز ويكون الأمر أخطر عندما يتعلق الموضوع برياض الأطفال ولنا من روضة الجنان الراجع ملكيتها للبلدية خير مثال . هذه المعطيات و غيرها نجدها السبب الرئيسي في عدم وجود تضامن حقيقي و نسيج مجتمعي متماسك بين متساكني البلدية  وهي سلبية نلاحظها في المجال الثقافي و الرياضي  .

في المجال الثقافي و الرياضي يمكن القول أن العدد الكبير للجمعات و الذي يناهز  80 جمعية  و تعامل البلدية معها من حيث التمويل والذي يناهز ال200 ألف دينار يعطينا فكرة واضحة عن الصورة التي يبنيها المشرفون على الشأن البلدي  للمدينة   في هذا المجال  .

للبلدية شعبة مهنية ككل البلديات  إفتكّت وظيفة نقابة مهنية تدافع عن حقوق  موظفي و عملة البلدية ، هذا الجسم الدخيل على هيكل البلدية يحوز قسما كبيرا من الدعم مما يجعل التجمع صاحب الفضل في تقديم الخدمات حيث ينتفع بمنحة تقدر ب30ألف دينار في حين أن هياكل ثقافية عريقة في المدينة و التي من المفروض أن تكون لها أولوية التمويل على إعتبار تشجيع المعرفة و الثقافة الذي هو رافد أساس في بناء الأجيال المستنيرة نجدها تحضى بتمويل لا يتجاوز ألفي دينار بل أن هيئة مثل اللجنة الثقافية بوصفها مشرفة على جميع الأنشطة الثقافية بالمدينة تقريبا لا يتعدى تمويلها حدود الألف دينار سنويا في عصر العولمة و الأنترنات والحديث الذي لا يكل عن الإستثمار في المعرفة .

إن ما ورد يفسر إلى حد ما  عزوف الشباب و المثقفين  في حمام سوسة عن الشأن العام و عدم إكتراثهم بالنشاط صلب الهياكل الجمعياتية على مختلف إختصاصاتها وهو ما لم يكن كذلك في أواخر الثمانينات مثلا حين لم يكن بحمام سوسة هذا العدد من الجمعيات إنما كان هناك مجال أوسع لحرية التعبير و الفكر فنشطت جمعيتا المسرح و الكشافة و المصائف وغيرها وكانت تعج جميعها بالمنخرطين و المحبين أما اليوم فعدد روادها في تقلص مفزع كما أن القائمين على هذه الجمعيات يسيرون على نفس تقليد الرئاسة مدى الحياة . في مقابل ذلك نجد الدور البلدي اليوم يشجع أنشطة أخرى مثل رياضة كرة القدم حيث تسند لجمعية الأمل الرياضي بحمام سوسة و التي أصبحت شركة بإعتبارها جمعية محترفة  أكثر من مائة ألف دينار و قد سعت  البلدية سنة 2006 هي و أطراف أخرى أن تؤمن لها تمويلا يقدر ب450 ألف دينار لتحسين ملعب بلدي يزاحم منازل الأهالي ويثبت يوما بعد يوم أنه في غير مكانه العمراني. إن ما يتسم به النشاط البلدي لا يمكن عزله عن الإستراتيجية العامة للدولة في إطار الخوصصة و رفع يد الهياكل العمومية عن تمويل المشاريع دفعا للإستثمار الخاص وهو ما نجده متناقضا حين يساهم  هيكل عمومي مثل البلدية في تمويل جمعية رياضية بمثل ذلك الحجم من التمويل على حساب بقية  النسيج الجمعياتي الذي هو أصلا أولى بالرعاية و التمويل. 

أخيرا وليس آخرا يمكن القول أن  خمسين سنة من التنمية البلدية أفرزت سياسة   يلعب في صياغة مقرراتها طرف وحيد   على حساب مجموع دافعي الزبلة و الخروبة ويجري كل ذلك في إطارغياب ديمقراطية الصندوق الذي لن يكتسب تلك الصفة دون تحريره من غاصبيه وتحرير العقول قبله من فكرة  » إبعد عالشر وغنيلو » دون مواجهته و تعريته أمام الملأ ، كما أن من إفرازات تلك السياسة تنمية إقتصادية مشوهة وعلاقات إجتماعية يشوبها التهميش للأغلبية و المحسوبية و الولاءات الضيقة بين الفاعلين ،أما الجانب الثقافي و التربوي فغادره اهله مكتفين بالسعي وراء لقمة  العيش  بعد أن فقدوا الأمل في الإصلاح الذي انتظروه خمسة عقود.  

عبد الحق حمام سوسة 17/05/2007


في منتدى التقدم : التنمية الإنسانية وأهداف الألفية للتنمية

 
 انتظم في إطار منتدى التقدم بمقر جريدة الوحدة يوم 11 ماي 2007 لقاء فكري حول التنمية الإنسانية وأهداف الألفية للتنمية حاضر خلاله الأستاذ عزام محجوب الذي شارك بصفته خبيرا اقتصاديا دوليا في إعداد التقرير الأول لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي حول التنمية الإنسانية العربية وكافأته مؤخرا وزارة التعليم العالي (مثل بعض زملائه من الأساتذة الجامعيين التونسيين المرموقين من ذوي السمعة الدولية) بإحالته إلى التقاعد القانوني جدا وهو في أوج العطاء العلمي.
وقد رحبت السيدة عربية بن عمار(عضو المكتب السياسي لحزب الوحدة الشعبية) بضيف المنتدى وبكافة المشاركين في هذا الفضاء الحواري المفتوح لجميع المهتمين بالشأن العام الذين يجمع بينهم التفكير في مستقبل أفضل لبلادنا مهما اختلفت الرؤى والمرجعيات الفكرية و الايديولوجية و المواقف الحزبية والفردية. من جهته أكد الأستاذ عزام محجوب نائب رئيس الجمعية العربية للدراسات الاقتصادية حاجتنا الملحة لتوطيد تقاليد الحوار،داعيا إلى تعزيز التصالح بين التونسيين في المجال الفكري على الأقل، لأن في ذلك ركيزة أساسية لبناء مجتمع ديمقراطي مبني على احترام اختلاف الرأي، معتبرا أن الحريات الأكاديمية في تونس ليست في أحسن الأوضاع ولا سيما في السنوات الأخيرة. وقد تضمنت المحاضرة في محورها الأول تقديم  مفهوم التنمية الإنسانية أوالتنمية البشرية، وهومصطلح برز في بداية التسعينات، بمبادرة من عالمين كبيرين هما أمارتيا سين (من الهند) المتحصل على جائزة نوبل في الاقتصاد، ومحبوب الحق (من الباكستان) وكان موظفا ساميا في برنامج الأمم المتحدة للتنمية، ولعل في انتماء الرجلين إلى شبه القارة الهندية (الفقيرة) أكثر من دلالة. وتعرّف التنمية البشرية بأنها عملية توسيع لخيارات الناس والحريات الجوهرية الفعليةعن طريق توسيع الوظائف والقدرات لكل فرد من المجتمع.  والوظائف تعبر عن مجال الإمكانات والفرص لكل فرد أي مختلف الأشياء التي يطمح أن يتمتع بها ويحياها وأن يعمل على إنجازها. ولكن هذه الإمكانات المتاحة تكون قدرات حين تكون فعلية، أي أن القدرات هي مختلف الوظائف التي يتم تفعيلها، وهي بالتالي تمثل نطاق الحريات الجوهرية الأساسية التي يتمتع بها كل إنسان وكل فرد، ولئن كانت القدرات كثيرة ويمكن أن تتباين شكلا ومضمونا، فإنها تبقى مترابطة، وتشمل مهما كانت مستوياتها، ثلاث قدرات أساسية،على الأقل، وهي: 1) أن يحيا الإنسان أو الفرد حياة مديدة وصحية. 2 )أن يحصل على المعرفة. 3 ) أن يحصل على الموارد اللازمة لمستوى معيشي لائق. وهذه القدرات التي تنبني عليها الحريات يضبطها مؤشر التنمية البشرية (IDH) وهو مؤشر كمي (من 0 إلى1) يقع بواسطته تصنيف البلدان ضمن ثلاث مستويات تنموية: ضعيف (من 0 إلى 0.5) ومتوسط (من 0.5 إلى 0.8) وعالي (أكثر من 0.8). ويتناول هذا المؤشر القدرات المذكورة. أولا في مجال الصحة: العمر المتوقع عند الولادة، ثانيا التحصيل التعليمي (وفيه مؤشران: نسبة القراءة والكتابة، ونسبة التمدرس أو الالتحاق بالمدارس في كل المراحل التعليمية)، وثالثا نصيب الفرد من الداخل القومي، مع الأخذ بعين الاعتبار ما يسميه الاقتصاديون بتعادل القدرات الشرائية(PPA) الذي يقيس القدرة الشرائية لقيمة الدولار الأمريكي الحقيقية بالنسبة إلى كل بلد في العالم. وكمثال مبسط، إذا كان الدخل (أو الإنفاق) الشهري أقل من 120 دولار لعائلة تونسية تتركب من 5 أفراد، فإن مقاييس البنك الدولي (ذات البعد الواحد النقدي) تعتبرها تحت عتبة الفقر.
وتعتمد التنمية الإنسانية على ثلاث ركائز هامة تربط بين المجال التنموي الاجتماعي والاقتصادي بالمجال السياسي، كلما تحققت فعلا كلما كان الأداء في مجال التنمية البشرية أحسن وأعلى، وهي المشاركة والشفافية والمساءلة. ويمكن التعبير عنها بطريقة مباشرة بالحريات السياسية والإسهام الفعلي في الشأن العام و حرية الإعلام واستقلالية القضاء وحياد الإدارة والتداول على السلطة.  أما عن حقيقة وجود علاقة ترابطية وسببية بين التنمية والحريات، فلئن لم تؤد التنمية بصفة آلية وحتمية إلى ازدهار الحريات كما يبرز في بعض الأمثلة فإن هناك علاقة غير مباشرة تاريخيا بينهما، باعتبار أن التنمية كرافعة للوعي العام تقوي من الروح المطلبية من أجل إحقاق وتفعيل الحريات. وقد أثبت باحثون دوليون أن انعدام الحريات والمبادئ الثلاثة المذكورة يؤثر سلبا على ديمومة التنمية واستمراريتها في المدى المتوسط والبعيد، لأن غياب الشفافية والمشاركة والمحاسبة من شأنه تشجيع الفساد والمحسوبية (وتعيينات بمناصب على أساس الصداقة وليس بمعيار الكفاءة) ويفتح إمكانات لبعض الفئات والأفراد غير الخاضعين لسلطة القانون، لتحويل متراكم لنصيب لا يستهان به من محاصيل التنمية لأغراض شخصية وزبونية، يصبح عائقا دون مواصلة العملية الإنمائية بل ربما التفريط في المكاسب المحققة. وبالنسبة إلى تونس، اعتبر الأستاذ المحاضر أننا في منعرج تاريخي وأن بلادنا هي المؤهلة أكثر موضوعيا في المنطقة للانتقال إلى ربط عملية التنمية بمزيد من الإصلاح السياسي الذي نتفق عليه ونختلف في نسقه ومداه، مما يؤكد أهمية فتح الحوار.
ويبلغ مؤشر التنمية البشرية المتعلق بتونس 0.760 (في آخر تقريرعالمي صدر سنة 2006) وتحتل تونس بهذا المؤشر مرتبة متوسطة في العالم: 87 من مجموع 177 دولة مصنفة. وأوضح المحاضر أن العملية التنموية هي عملية تراكمية لمدة أكثر من نصف قرن ويمكن التأكيد أن تونس قد حققت تقدما في مجال التنمية البشرية، فقد ارتفع معدل العمر المتوقع للتونسي إلى 73.5 سنة وبلغت نسبة التمدرس ( للفئة العمرية 6 ـ 24 سنة) 75.4 بالمائة وإن كانت بعض التقارير تشير إلى ظاهرة ارتفاع نسب الانقطاع المدرسي، ولكن النقص يبرز بالخصوص في القدرة على القراءة والكتابة حيث بقيت نسبة الأمية مرتفعة بمعدل 23.5 بالمائة. وتصل في بعض الولايات إلى 35 بالمائة ، وهنا تجدر الملاحظة أن العديد من دول العالم الأقل دخلا من تونس قد حققت نسبة أمية أقل من تونس ومنها من قضى على الأمية بالكامل. وبمقارنة ترتيب تونس الدولي حسب معدل الدخل الفردي ( المرتبة 69 ) وترتيبها حسب مؤشر التنمية البشرية ( المرتبة 87) يبرز تفاوت واضح (يهم أغلب البلدان العربية ولا سيما النفطية ذات الدخل المرتفع) يحمل دلالة عجز في النجاعة في تحويل التنمية الاقتصادية إلى تنمية إنسانية (اجتماعية). والمطلوب هو ترشيد السياسات وتصويب التدخلات لتجاوز ذلك العجز. أما أهداف الألفية للتنمية التي وضعت أمميا سنة 2000 فتتعلق بضبط أهداف يجب تحقيقها على كل دولة في غضون 10 ـ 15 سنة، بالتقليص من نسبة الفقر إلى النصف ،وكذلك بالنسبة إلى مكافحة الجوع وتحقيق شمولية التعليم لمختلف مراحله مع إزالة التفاوت بين الجنسين وتخفيض معدل وفيات الأطفال وصحة الأمومة وكذلك مكافحة الأمراض والأوبئة… ويعتقد الدكتور عزام محجوب أن هذه الأهداف في متناولنا بتونس وليست صعبة المنال ، لاسيما إذا أمكن الرفع من نسبة النموالاقتصادي إلى 7 بالمائة عوض 4 أو 5 بالمائة الحالية، وإن كان يقترح إدخال مفهوم لامركزية أهداف الألفية وضبط مؤشرات محلية (حسب المعتمديات و الولايات) لأن التفاوت بين الجهات والمناطق هو من أسوأ النقائص التي ينبغي حصرها في بلادنا إلى جانب تسجيل الإنجازات.
وقد أثارت هذه المحاضرة ، نقاشا عميقا أسهم فيه الأستاذ محمد الجابلي ( رابطة الكتاب الأحرار) الذي اعتبر أن الأهم بالنسبة إليه هو التأكيد على أن التنمية موصولة بالحريات وأن وضع الحريات في تونس لا يتطور، أما الإحصائيات الرسمية إذا سلمنا بمصداقيتها فإنها لا تجيبنا هل إنها مؤشرات لتنمية مؤقتة أم تنمية مستديمة، وعندما نقول مثلا إن لدينا في تونس 9 آلاف جمعية فهل يعني ذلك أن لدينا مجتمع مدني فاعل حقيقة.وقد تعكس التنميةغير البنيوية والمتضافرة العوامل، في قطاعات هشة، تطورا مختلا وغير متكافئ. ورأى أن ظاهرة الانقطاع المدرسي تعني انسداد الأفق أمام شباب لا يفكر الآن إلا في فرص الربح السريع والمغامرات غير المحسوبة و(الحرقان) الذي تشهد عليه عشرات الضحايا في قاع المتوسط وضفتيه، متسائلا بنبرة متشائمة عن  قدرة البلدان الفقيرة التابعة والشعوب المسلوبة الإرادة على  تقرير مصيرها أو أن تكون لها خيارات حقيقية في توجيه اقتصادياتها المستقبلية، فحتى برامجنا التعليمية مستوردة وإطارات الإشراف التربوي عندنا يشرفون عليهم من الخارج. أما الأستاذ سليم الزواوي فقد اختار مناقشة المحاضرة من زاوية معاكسة لما طرحه الدكتور عزام محجوب، حيث أشار إلى السياق التاريخي الذي ظهر فيه التقرير الأول للتنمية الإنسانية العربية، فقد تزامن مع الإعلان الأمريكي عن مشروع الشرق الأوسط الجديد،عبر شعار الإصلاح الديمقراطي والحكم الصالح، ولذلك تعرض التقرير لانتقادات عديدة وحملة تشكيك واسعة. كما اعتبر أن التقرير قد أغفل التعرض للمعوقات الخارجية مع تركيزه المبالغ فيه على ما يسميه النواقص الثلاث ( الحريات ـ المعرفة ـ تمكين المرأة). ومن أبرز المعوقات المهملة قضية التبعية والتجزئة أي استحالة قيام تنمية في ظل أنظمة تابعة وأمة مجزأة بالإضافة إلى وطأة الديون الخارجية، والإرث الاستعماري الثقيل الذي جعل التفاوت التاريخي بين العرب والبلدان الغربية أمرا موضوعيا يصعب تداركه في الوقت الراهن. ورأى أن المؤاخذة الكبرى على التقرير انعدام ضبط الأولويات ووضع استراتيجية عملية تجعل التوصيات الواردة فيه ممكنة التحقق، إذ لا بد من تحديد القوى المؤهلة وصاحبة المصلحة في تحقيق الأهداف الإنمائية، وتحديد القوى المضادة المعارضة لتلك الأهداف وإبراز التكتيكات الملائمة لمواجهتها . ودون ذلك لن تكون تقارير التنمية الإنسانية سوى أحلام غارقة في طوباوية أكبر من المشاريع الايديولوجية المتهمة بالطوباوية. كما لاحظ أنه كان على معدّي التقرير تحديد طبيعة النظام الاقتصادي والاجتماعي الذي يمكن أن تتحقق فيها مؤشرات التنمية الأفضل. هل هو النظام الرأسمالي أم النظام الاشتراكي أم نظام آخر لم يحدد بعد، وقبل ذلك وبعده لا بد من التساؤل عن طبيعة النظام العالمي وقواه المهيمنة حاليا وإلى أي مدى يمكن أن تسمح بنجاح مشروع التنمية ببلادنا.
الأستاذ نوفل الزيادي أشار إلى الجدل الكبير الذي يشق النظريات حول التنمية والنمو… فكل مرة نسمع شيئا جديدا معتبرا أن تفوق البنك العالمي والشركات متعددة الجنسيات هو تفوق ثقافي وسياسي وليس مجرد هيمنة اقتصادية مؤكدا أن الثقافة هي قاطرة الحياة والمجتمعات… ولذلك لا بد لنا من القيام بتعرية حقيقة الليبراليين المتطرفين الذين يريدون انتزاع جلد العمال والشعوب. فخبراء صندوق النقد الدولي والبنك العالمي بعد أن حددوا لنا مسارنا الاقتصادي المتعثر (برنامج الإصلاح الهيكلي والخوصصة وضروة خروج الدولة من دائرة الإنتاج والتداول…) عادوا  للاعتراف بأنهم كانوا مخطئين. والجميع اليوم (حتى ساركوزي) يقرون بدور الدولة الاقتصادي.  أما التعامل مع التنمية على أساس مؤشرات فقط قد يجعلنا نتغافل عن الفوارق الطبقية والفوارق الجهوية والفوارق الدولية، مشيرا إلى سيطرة مجتمع السوق وعقلية الاستهلاك مع تفاقم مشاكل الإقصاء والتهميش الاجتماعي وبروز أنواع جديدة مهينة من الشغل والمناولة، حتى في البلدان المتقدمة الصناعية… ثم أثار العديد من القضايا المتعلقة بالهجرة وأبناء الضواحي وقيم عصر التنوير والمواطنة والاقتصاد الإنساني ومكانة القطاع العام والبيئة وقيمة العمل و الأرقام المفزعة للبطالة (التي تصل ببعض الولايات التونسية إلى 30 بالمائة) و الفقر (الذي نجده كذلك في الأرياف الفلاحية بالوطن القبلي) وتراجع الجامعة التونسية المستهدفة بمنطق السوق والتكيف عن دورها الريادي في بناء الإنسان وتقدم المجتمع بمنطق تكاملي متوازن. السيد صالح الزغيدي عبّر عن ثقته في قدرة الخبراء الاقتصاديين مثل الأستاذ عزام محجوب على تقييم مصداقية الإحصائيات والأرقام التي يعتمدونها أو لا يعتمدونها. معتبرا (على طريقة جورج عدة) أن تونس من أفضل البلدان بالمنطقة في المجال الإحصائي. وضرب بدوره مثال العدد الرسمي للجمعيات فهو صحيح ولكن أغلبيتها الساحقة هي فعليا ميتة. ولو حسبنا الجمعيات التي لم تعقد منذ أكثر من عشر سنوات أي اجتماعات أو جلسات عامة ولم تنظم أي نشاط، لما بقي منها سوى ألفين أو ثلاثة آلاف جمعية ناشطة ولا سيما في المجالات المهنية والرياضية… كما نبّه إلى أن  نسبة التمدرس للفئة العمرية (6 ـ 14 سنة) 94.5 بالمائة قد تبدو جيدة ، تنزل في بعض الجهات إلى 90 بالمائة أي أن 10 بالمائة من أطفالنا غير متمدرسين وهذا رقم كبير يصل إلى عشرات الآلاف من الأطفال المنقطعين عن الدراسة … وهو ما يدعو إلى ضبط دقيق ومصوّب لتوزيع الاعتمادات المرصودة محليا وجهويا كأن يقع ضبط برنامج خاص في هذا المجال بالقصرين مثلا أو القيروان… ورأى أن الرفع من نسبة النمو الاقتصادي إلى مستوى 7 بالمائة يمكن أن يكون الحل الأنجع لإشكاليات كبرى مثل أصحاب الشهائد العاطلين عن العمل (الذين يبلغ عددهم عشرات الآلاف) ولكن ذلك لن يكون كافيا لتحقيق الترابط بين التنمية والحريات، فالمواطن الذي يشتغل وله دخل محترم ولكنه ليس حرا، ليس مواطنا ( معطيا مثال الشيلي في السبعينات إبان عهد الديكتاتور العسكري بينوشيه حيث كانت الأرفع نموا اقتصاديا على مستوى أمريكا اللاتينية) ، مؤكدا على أولوية تحقيق دولة القانون لتفادي تعطيل المسار التنموي.
السيد الناصر صدام ركز تدخله على مسائل تهم التربية والتعليم مثل لغة تدريس المواد العلمية والتذبذب الحاصل للتلميذ في هذا المجال من مرحلة دراسية إلى أخرى (من العربية إلى الفرنسية) وكذلك سلبيات السياسة  الانتقائية الخاصة بالمعاهد النموذجية وآثارها النفسية المحبطة للتلميذ غير المقبول وتعارضها مع مبادئ العدالة الاجتماعية. بينما تساءل السيد مهدي الطباخ إن لم تكن المعادلة التي قام عليها مؤشر التنمية البشرية قد فقدت صلاحيتها الإجرائية مع المتغيرات الحاصلة اليوم. وأشار إلى مؤشرات آخرى مثل مؤشر دافوس الاقتصادي، وتصنيف البلدان حسب حروف تراتبية من طرف وكالات ومؤسسات دولية مختصة في إسناد الأعداد والتقييم الاقتصادي والمالي. السيد حسين الهمامي اعتبر أن التقارير التي ينجزها خبراء مستقلون يمكن أن تساعد الحكومات على تصحيح خياراتها، وإن كان البعض قد استعمل هذه المؤشرات ضد الشعوب. وأكد أن التفاوت الجهوي ناتج أيضا عن تخلي الدولة عن دورها السابق كأول مستثمر ومموّل للمشاريع في الجهات الداخلية. وتساءل عن تراجع نصيب العمل بالمقارنة مع نصيب رأس المال عما كان عليه الأمر في الستينات، فاليوم يقترب نصيب الرأسمال الخاص من ثلثي الدخل الوطني. داعيا إلى ردّ الاعتبار للعمل كقيمة إنسانية.
وإجابة عن بعض الأسئلة و الملاحظات أوضح الأستاذ عزام محجوب أن مساهمته مع الخبراء العرب المستقلين في التقرير الأول الخاص بالمنطقة العربية كان سابقا بسنتين لعملية 11 سبتمبر 2001 وهذا وحده يكفي لدحض الاتهام القائل بأنه وقع تجنيدهم وتوظيفهم لإعطاء مبرر للبنتاغون أو الإدارة الأمريكية لضرب العراق أو غيره مذكرا بمواقفه الواضحة إزاء السياسات الأمريكية في المنطقة. ومؤكدا من جهة أخرى  أنه ليس فاعلا سياسيا، فدوره ليس رسم الاستراتيجيات والتكتيكات وتعبئة القوى الحية التي ستتولى تغيير الأوضاع، بل تشخيص الأوضاع وتقديم المعلومة الصحيحة والاجتهاد في صياغتها مع اقتراح بعض التوصيات حتى تكون ذات دلالة وتصل إلى المواطن العادي أوصاحب القرارالذي يمكنه رصد خطة إنمائية مغايرة تأخذ بعين الاعتبار تلك العوائق والإخفاقات أو الناشط السياسي الذي يمكنه توظيفها كما تمليه عليه مرجعياته وغاياته. وقد مارس ذلك الدور العلمي المحايد بلا أي تحفظ ولو كانت له تكلفة شخصية أحيانا. وقد أكد التطور الحاصل في رصد وضعية الحريات والحقوق الاقتصادية والاجتماعية ومؤشراتها بكل دقة وقد قام مؤخرا بدراسة مقارنة منهجية (benshmarking) للمنطقة العربية في هذا المجال (مستعينا بأفضل النماذج الريادية) بيّنت مثلا أنه خلافا لما يروّج فإننا لم ندخل بعد الثورة الاتصالية (نسب الربط بالانترنات وكذلك الأمية في المنطقة العربية هي من أضعف النسب في العالم) كما سيقوم بدراسة مقارنة بين المنطقة العربية ومنطقة أمريكا اللاتينية التي تعتبر أكبر مخبر سياسي واجتماعي بالعالم في الفترة الأخيرة وما تشهده بلدانها الديمقراطية، من مبادرات ومشاريع وتكتلات واعدة مثل المركوسوروالاتحاد القاري الجنوبي والبديل البوليفاري لشافيز(ALBA) والتي تسعى الولايات المتحدة إلى إفشالها وشق صفوفها باتفاقيات ثنائية، شبيهة بتلك التي أمضت عليها في منطقتنا العربية بعض الدول مثل المغرب والأردن و البحرين.
 أما قضية تمكين المرأة فقد ركز عليها بامتياز التقرير الأخير للتنمية الإنسانية العربية الذي صدر في ديسمبر 2006. واعتبر الأستاذ محجوب  أن مؤشر الفقر المادي الذي يعتمده معهد الإحصاء التونسي غير مرضي، ليس من ناحية الأرقام في حد ذاتها،بل بالنظر إلى الأرضية العلمية التي قامت عليها، مذكرا بالمرصد الذي أسهم في تكوينه حول التنمية الإنسانية (المستديمة). أما عن السؤال المتعلق بنصيب العمالة ونصيب رأس المال فلا شيء لدينا يجعلنا نجزم بأن الوضع قد انقلب نهائيا لفائدة رأس المال، وشدد على أن انعدام الشفافية وتفشي المعاملات التمييزية يؤديان إلى نقص في التوقع(prévisibilité) وتعكير مناخ الاستثمار وفرصه وبقائها. وهذا ما تقيسه إلى جانب مستوى الاستقرار والأمن بعض المؤشرات الاقتصادية المتمحورة حول ثقة المستثمرين في البلاد. وفي هذا السياق دعا إلى رصد مسار الاستثمارات الخارجية (الأوروبية) المباشرة في بلادنا، ليس باعتماد قيمتها المطلقة، بل بنسبة تطورها بالمقارنة مع بلدان أخرى، مشيرا إلى معضلة التداين وحلقته المفرغة ونزيفه المتواصل. 

ومع كل ذلك ورغم ضيق سوقنا المحلية وتعطل البناء المغاربي وهيمنة قوى كبرى في العالم، فلا شيء يمنعنا من رؤية وطنية تقوم على جبهة داخلية وجبهة إقليمية لتحسين قدرتنا التفاوضية مع هامش حركة أوسع من أجل رسم طريق رفاهنا بأنفسنا دون وصاية أو تدخل أجنبي. وإذا لم يتسنى لنا أن نكون في مستوى الفاعل ولا نقبل أن نكون في مستوى المفعول به فلا بد أن ننجح على الأقل في مستوى المتفاعل.  

عادل القادري

       بسم الله الرحمان الرحيم 
 و الصلاة و السلام على أفضل المرسلين  الرسالة رقم 233 على موقع تونس نيوز  

الحلقة الثانية حول ثقافة الخوف

مبادئ 17 ماي 1954 و ثوابت العمل السياسي و قاية و حماية من ثقافة الخوف و الوهم السائد

 
 
 تونس في 17/05/2007
بقلم محمد العروسي الهاني
أواصل على بركة الله الحديث على ثوابت العمل السياسي و القيم الدستورية التي تعلمناها في مدرسة  الحزب الحر الدستوري منذ نصف قرن و 3 أعوام. وهي فعلا صقلت عقولنا و طهرت نفوسنا و حررت العقليات و سمت بالمواهب الفكرية و رسخت القيم النبيلة . و عمقت مفهوم و معاني المواطنة و حب الأثارة .و التضحية و العمل من أجل إسعاد الأخرين . وقد فعلت فعلتها في النفوس الطاهرة و القلوب الرحيمة .

و حققت نتائج ايجابية بفضل الروح النضالية و السمو في التفكير و حب الأخرين…، و الفضل كل الفضل يعود إلى مدرسة الحزب و المعلم الملهم الذي ربى شعبه على هذه القيم الأصلية و الشجاعة و عدم الخوف . و الأصداع بالرأي و قول الحق . والابتعاد على قول الزور و البهتان و النفاق و التذلل و التمسك بعزة النفس و الأنفة و الكرامة تلك هي الخصال التي وجدناها في حزبنا و تغذينا بها و عشناها على مر السنين . و الحمد لله . و كنت في يوم 17/05/1954 في سن الرابعة عشر من عمري حينما دخلت بصفة رسمية الشبيبة الدستورية التابعة لحزب التحرير و النضال و تعلمنا مبادئ الحرية و معاني الكرامة و الشجاعة و عدم الخوف من بطش الاستعمار الفرنسي و جبروته و عشنا على ذلك …، و لم نخشى الجندرمة و لم نخف و نحن صغار بطش القائد و ظلم المراقب و حاشية الشيخ . و استبداد الحماية الفرنسية تلك هي أهم العناصر التي تربينا عليها و نحن في الشبيبة الدستورية قبل التدرج في المسؤوليات الحزبية الأخرى و هذا هو التلقيح الواقي من أمراض الخوف و الوهم السائد في مجتمعنا . و قد أكدت في 7 حلقات سابقة حسبما أشرت في مقال أمس. بأن الخوف و الوهم لا مبرر لهما ما عدى الإرث الاستعماري و مخلفاته و العقليات القديمة مثل تخويف الأطفال من الغول . و أصبح الخوف و الوهم يلاحق الكبار و الصغار و شبح و وهم و وسوسة بنسبة90 % و قد أشرت في الحلقات السابقة عام 2006 أن نسبة80 % من الخوف لا صلة له بالواقع و لا وجود له . و ان نسبة20 % موجودة في الأوسط و العقول . أما الحقيقة فان الخوف و الوهم و شبح الخوف و الريبة و الخشية مازال معشش في العقول بنسبة80 % حتى أن أغلبية الناس عندما يسمعون مواطن في التلفزة أو الإذاعة يتحدث بصراحة يعجبون و بعضهم يبادر بالسؤال لصاحب الصراحة و الحوار حقا أنك أبدعت اليوم حدثنا هل حصل لك حرج أو مضايقة و يعجب الرجل و يقول لا لم أتعرض لمكروه. و أحدهم عندما ينشر مقالات متوالية في الصحافة أو بصفة أدق في موقع الأنترنات الأكثر صراحة يسارعون إليه سائلين بربك. قل لنا الحقيقة هل لحقك مكروه أو قلق أو أي شيء من هذا القبيل . عندما تقول لهم لا: يعجبون . صحيح أن هناك بعض مظاهر القلق أحيانا و لكن معزولة من طرف أشخاص : أما لحماية مصالح أو تقربا لمسؤل…، أو خوف على المنصب و الكرسي و حصل هذا أحيانا . لكن كما أكدت  مرارا و تكرارا فأن أعلى هرم السلطة لا تشعر منها يوما أو لحظة بخوف أو مضايقة أو احراج من أعلى السلطة أو بحث أو سؤال أو مس في مصالحك …، هذا لا يوجد اطلاقا و هذه حقيقة  واضحة  لا غبار عليها ، صحيح ان هناك بعض الحالات المعزولة كما قلت سابقا من طرف أشخاص لا دخل للقيادة في تصرفاتهم و عندما يبلغ الأمر إلى أعلى هرم السلطة لا تتوانى في أخذ القرار المناسب و تعالج المشكل و تنصف صاحبه و كم من مظلمة عالجها رئيس الدولة بكل شفافية.و أشهد أمام الله و أمام التاريخ انما نشرته من مقالات صريحة و هامة و بليغة وفيها جرأة و شجاعة تفوق 195 مقال لم أشعر ساعة أو يوما بحرج أو سؤالا لماذا كتبت هذا .؟

هذا مع العلم إن مقالاتي كلها تكتب بأسلوب حضاري يحترم مشاعر الناس و يبرز نوايا الصادقين و يحلل قضايا المجتمع و يسلط الأضواء على أشياء بصراحة فائقة . ولكن نذكر محاسن كل المجتهدين المخلصين كما أسلفت في مقال يوم 2 ماي 2007 بمناسبة عيد الشغل و ذكرت بوضوح اهتمامات رئيس الدولة بقضية التشغيل لحاملي الشهائد العليا و خاصة المنتمين إلى مناطق الضل و العائلات المعوزة و أصحاب الحاجة قلت هذا بوضوح في إطار توضيح مفهوم كلمة قل للمحسن أحسنت

إذا ثقافة الخوف هي ثقافة وهمية بنسبة 80 % أما 20 % فهي ممارسات و اجتهادات شخصية و موروثة بعيدة عن ما يتصوره البعض أو يعتقده أخرون …، صحيح أن مسؤولا  ساميا لا يريد الصراحة و الحوار الصريح و اجتهد بحكم منصبه الهام و استعمل سياسة الترهيب و الترغيب ، و لكنه لم يفلح أمام عزيمة المناضل الملقح من كل الأمراض . وهذا الاجتهاد الشخصي لا يحسب على سياسة البلاد بل هو تصرف شخصي معزول ، و قد حصل هذا حتى في عهد الزعيم الحبيب بورقيبة رحمه الله.

بدون علمه و عندما بلغ إلى علمه أنصف المناضلين خاصة عام 1984 و أعاد الاعتبار للمناضلين و هذه حقيقة للتاريخ . و كما قلت في مقال يوم 14/5/2007 حول التشغيل قلت إن الرئيس ليس شمس تضئ على الدنيا و لكن له رجال في كل مكان و في مختلف درجات المسؤولية هم العيون الساهرة لتطبيق سياسة التشغيل و من المفروض و المنطق هم المسؤولون عن تنفيذ سياسة التشغيل. بأمانة و اقتدار و أخلاق عالية و التزام وطني و بمثاق شرف و عمق المسؤولية

و مسك الختام علمت بشئ من الدهشة و الاحباط أن مسؤولا أشاع أو أوحى في محادثته لشخص من بلدته إنه اطلع على مقال لصاحبه العروسي الهاني صدر يوم 27/4/2007 في منبر تونس نيوز و أشاد بمواقف و تدخلات الأستاذ خالد شويكات التونسي بمناسبة تألقه في الحوار الذي أجرته قناة العربية يوم 19/4/2007 حول حلقات الحوار بعنوان زمن بورقيبة

قلت إن هذا المسؤول أشار بأنه لا يحبذ مثل هذه المقالات و ربما الذي أدهشني أكثر هو تعطيل بعض أصحاب الشهائد العليا من منطقة الظل التي راهن عليها و أولاها و دعمها سيادة الرئيس شخصيا. قلت ربما كان وراء تعطيل تشغيل الشبان أو السبب الأصلي يرجع إلى حرية التعبير التي أدلاء بها صاحب المقال يوم 27/4/2007 . و قلت ربي زدني علما ؟  لكن رئيسنا لا يرضى و لا يريد هذه الأشياء انطلاقا من حرصه على دعم حرية الرأى و أتمنى أن تكون هذه المعلومة غير دقيقة لأنها إذا كانت بحق فهي تعتبر كارثة على حرية التعبير من جهة و اللعب بخبزة أصحاب الشهائد من جهة أخرى و بدون تعليق قال الله تعالى ما أريد منهم من رزق و ما أريد يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين صدق الله  العظيم.  

 

الهاشمي الحامدي : من دخل دار التجمّع فهو آمن من  ركع  لزعبع فهو آمن

 
علي بن غذاهم
بربّي علاش تمقت فينا ياسي  الحامدي ؟ تو هذه طلعة  تحبنا نصوموا  نصوموا ونفطروا علي بصلة ؟ هذا اللّي بقا  سي منصف المرزوقي  علي حدّ قولك لازموا يحل حزب  الجمهورية  ويمشي يشد رئيس شعبة علي المرازيق في دوز ويصبح صبّاب  آخر عمرو  باش ثمّش ما يرض عليه عرفك الحاج زعبع ويرجّعوا يخدم دكتور في الجامعة  وراشد الغنّوشي يلزم حسب رايك يحوّل مقرّ النهضة في لندن الي لجنة تنسيق للتجمّع  ويبايع  الحاج زعبع  لعلّي وعسي يطيح عليه حكم السجن المؤبد  ويسمحلو باش يرجع لتونس يقرّي استاذ فلسفة  ويدبّر سويعات زايدين يحسّن بيهم وضعه المادّي  وامّ زياد وراضية النصراوي  وسهام بن سدرين  يبطلوا المطالبة بالحرّية والكرامة  ويدخلوا في الاتحاد الوطني « التجمّعي » للمراة  ويسبّحوا صباحا ومساء بحمد الحاجّ زعبع  والحاجّة ليلي حتّي ترفع عنهم الرقابة اللّصيقة  للأوباش النظّام  ولكن السؤال المحيّر من يضمن نجاة هؤلاء المعارضين وغيرهم  بعد توبتهم  ودخولهم دار التجّمع ؟ من يضمن ان لا تفعل بهم مليشيات زعبع  مافعلت بالمخلص  عبد الرحمان التليلي  او بمحمّد مواعدة او بمحمّد الشرفي او بالسحباني  والقائمة تطول  ؟؟؟؟

ذكّرتني دعوتك لصناديد تونس الي التوبة  والدخول الي التجّمع  كافضل حل للخروج من الازمة  بحادثة حصلت لي مع واحد من اوباش امن الدولة في تونس جاءني مرّة وانا تحت التعذيب في الغرف المظلمة (ولا اعرف ياسي الحامدي اين يمكن ان تصنّف مثل هذه الممارسات  المقرفة هل هي ضمن انجازات  الحاج زعبع ؟  ام تصنّف ضمن نصف الكوب الفارغ ؟ ام الكوب المثقوب ؟ )  هذا الوبش أتاني  بصفة النّاصح الامين  وقال لي لماذا لم تدخل الي واحد من الاحزاب المعترف بها  في تونس وتريح نفسك  عناء كل هذه المشاكل ؟؟؟ !!! فقلت له لم اسمع في حياتي باي حزب معترف به غير التجمّع !! فقال لي وهل هناك احسن للمواطن من التجمّع  باش يضمن مستقبلوا ومستقبل اولادو ؟؟!!!

والله العظيم ان يموت الانسان جوعا  او ان يجن ويهيم علي وجهه  خير له من ان يدخل  في عصابة السّمة العامّة لأفرادها  : الرشوة ,النّصب , الاحتيال ,الفساد, الافساد, الانتهازية , الوصولية , التسلّط , السّرقة,اهانة وإذلال البشر , خيانة الوطن والشعب , العمالة للاجنبي , اهدار المال العام , اهانة العلم والعلماء , اجلال الجهلة والمتزلّفين والمنافقين والطواغيط ,اهانة المتّقين والعفيفات ,نشر الرذيلة

 

لن نصـــالـــح
أي صلح أي سلم بعدهذاالإعتداء أوترجون لقاء بئسه كان  اللقاء لاوربي لن نساوم لن نبيع الأرض ندفن فيها بعشق نصبح فيها سمادا ولهيبا يحيي ما كان رمادا  وعلى الرفض  نداوم  سنقاوم سنقاوم سنقاوم جمال الدين أحمد الفرحاوي لاهاي في 15/5/2007  

 

باب الوادي الجزائري ينتخب « الخبزة »

 
هادي يحمد الجزائر- « والو » مصطلح جزائري يعني « لا شيء ».. هكذا أجابتني الحاجة مناعة بحي باب الوادي بالعاصمة الجزائرية عندما سألتها عمن ستنتخب يوم الخميس.. وأضافت: « سأنتخب الخبزة » (لفظ شائع بالجزائر- مؤنث خبز). ومثل الحاجة مناعة كثيرات وكثيرون في « ساحة الثلاث ساعات » التي تنتصب في قلب الحي وينتشر فيها آلاف من الرجال والنساء يعطون الأولوية للقمة العيش، فينهمكون كل يوم في بيع وشراء الأشياء البسيطة. ويأتي هذا التوجه في الوقت الذي انتشرت فيه ظاهرتان في صفوف شباب حي باب الوادي الفقير، حيث أصبحوا يعمدون إلى أسلوبين يقودان إلى إنهاء الحياة في جميع الأحوال والتخلص من واقع البطالة.. فإما إلى الغرب لسلوك طريق البحر عبر قوارب الموت السرية (الهجرة) إلى أوروبا، وإما الاتجاه إلى الشرق وتحديدًا إلى العراق وإلى بغداد لركوب السيارات المفخخة. ففي ساحة « الثلاث ساعات » التي تواجه مسجد « النصر » بحي باب الوادي أحد أبرز الأحياء الشعبية للعاصمة، تسير الأمور وكأنه لا انتخابات قادمة والكل منهمك في البيع والشراء.

مللنا الانتخابات

« لقد مللنا من الانتخابات لقد جربناها ولم تغير من حياتنا شيئًا ».. هكذا يقول أحد الشباب الملتحين لـ »إسلام أون لاين.نت »  واقفًا أمام بضاعته الصغيرة المكونة من « قوارير العسل » ودواء « الحبة السوداء ». ولما سألت أحد الشباب الذين يتجولون على رصيف الطريق يحمل بين يديه « علب سجائر جزائرية الصنع تحاذيها سجائر أمريكية مقلدة عن اسم المكان »، أجاب « إنها ساحة (التروا هورلوج) (ساحة الثلاث ساعات) »، وأضاف مبتسما « إنها ساحة البضاعة المهربة والمقلدة ». الهم الأكبر بالنسبة للعشرات الذين يجوبون الساحة طولاً بعرض هو كيف يعودون في آخر اليوم « ببضعة دينارات ».. أما الانتخابات واللافتات التي تزين قلب الساحة فلا ينظر إليها كثيرًا. ربما وقفت عقارب « الساعات الثلاث » التي تزين مفترق طرق الساحة بالنسبة للعديد من ساكني الحي في آخر الثمانينيات، خاصة أن أحد رموز حي باب الوادي وهو الشيخ علي بلحاج، الرجل الثاني في الجبهة الإسلامية للإنقاذ المنحلة، قد دعا لمقاطعة الانتخابات التشريعية المقبلة؛ لأنها « لن تغير شيئًا من الوضع الحالي ». غير أن غالبية سكان باب الوادي عدلوا ساعاتهم على اهتمامات أخرى معيشية فشارع « العقيد لطفي » الذي يشق حي باب الوادي أصبح سوقًا استهلاكية بامتياز تتجاور فيه آخر صيحات الموضة الغربية مع محلات المحجبات والمنتقبات. وانتشرت محلات أسطوانات الكمبيوتر لتتجاور فيها الأشرطة الدينية لعمرو خالد، مع أغاني الراي الجزائري ورموزه مثل الشاب خالد والشاب مامي، وأخيرًا الشاب عز الدين. وعلى طاولة نصب خليط من الكتب والكتيبات وأشرطة الـ »دي في دي » لأفلام أمريكية سينمائية منسوخة بطريقة غير شرعية من أمثال فيلم « خريف في نيويورك » وفيلم « الجوهرة الدامية » والمغلفة بطريقة جذابة. ويقول مراد بهواش (38 سنة): « ما يهمني هو كيف أعود بثلاثين ألف دينار كل يوم (25 دولارًا)، أما الانتخابات فلها أصحابها ».

الحياة تغيرت

وعلى امتداد شارع « العقيد لطفي » وشارع « باسطا علي » اللذين يتوسطان حي باب الوادي تظهر من حين لآخر لافتات تابعة لقائمة « حركة مجتمع السلم » في العاصمة التي يقودها « لخضر رابحي » وهي تحاول أن تملأ الفراغ الذي تركته الجبهة الإسلامية للإنقاذ في معقلها التاريخي بالعاصمة. غير أن الكثير من سكان باب الوادي يؤكدون أن حيهم تغير، وأن لا أحد يستطيع اجتذابهم من جديد حتى لو كانت جبهة الإنقاذ فالحياة تغيرت. أما في ساحة حديقة شارع « طالب عبد الرحمن » فعندما تنظر في وجوه الشباب « الحيطيتس » (كلمة جزائرية تعني العاطلون عن العمل) كما يصطلح على تسميتهم يخالونك تطلب منهم شيئًا، ولا يتردد البعض منهم في أن يقترب منك ويعرض عليك بضاعته هامسًا في أذنك قائلا: « زطلة؟ حرابش؟ (حبوب مهلوسة) »، في مشهد آخر من باب الوادي « الجديدة » أعقبت 10 سنوات دامية عاشتها الجزائر، ونال فيها شباب حي باب الوادي نصيب الأسد من الضحايا.

الاتجاه شرقًا أو شمالاً

ويقول قدور بائع الملابس الرياضية مبتسمًا: « ما زال شباب حي باب الوادي يدفع ثمن البؤس الاجتماعي والبطالة ». ويضيف « هنا يمكنك أن تجد صنفين من الشباب (الحراقة) وهم الذين يدفعون كل ما لديهم من مال للهجرة شمالاً عبر البحر المتوسط نحو أوروبا على قوارب الموت، أو أولئك الذين يقصدون الشرق باتجاه العراق والذين يرغبون في الالتحاق بالمقاومة العراقية وركوب السيارات المفخخة ضد قوات الاحتلال ». وأعلنت السلطات الجزائرية هذا الأسبوع عن تفكيك « خلية حراقة » تضم في معظمها الكثير من شباب باب الوادي الذين كانوا يعتزمون ركوب أمواج البحر خفية على قوارب مطاطية في اتجاه أوروبا، في الوقت الذي كشفت فيه السلطات الجزائرية أوائل مايو الحالي عن خلية من نوع آخر مهمتها ترحيل الشباب إلى العراق، حيث ألقت السلطات الجزائرية القبض على 13 شخصًا كلهم من سكان حي باب الوادي. وأصبح الحي بحسب العديد من المراقبين الجزائريين في الفترة الأخيرة « خزانًا حقيقيًّا » للمتطوعين العرب الذين يلتحقون بالمقاومة العراقية. وبعيدًا عن جلبة ساحة « الثلاث ساعات » وبعيدًا عن منطق « الانتحاريين » من الحراقة و »عشاق » سيارات بغداد المفخخة، يختار الكثير من شباب باب الوادي أن ينزلوا إلى كورنيش البحر الذي يواجه حيهم. ويقول « مجيد بوجمعة (25 سنة) وهو ينظر إلى أمواج البحر الزرقاء على شاطئ « رميلة »: « أمنيتي أن أرحل بعيدًا عن هذا المكان أبعد من هذا المركب الذي تراه أمامك.. لقد أتعبتني الميزيريا (البؤس) والبطالة، ولكني لا أريد في ذات الوقت أن ترك الجزائر ». وكشف تقرير نشرته جريدة « الوطن » الثلاثاء 15-5-2007 أن الأشهر الأربعة الأخيرة شهدت أعلى معدلات الانتحار في الجزائر بـ36 حالة انتحار فعلية، و30 محاولة انتحار أخرى أغلبها تقول الجريدة كانت في صفوف الشباب العاطل عن العمل.

 

(المصدر: موقع « إسلام أونلاين.نت » (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 16 ماي 2007)

نسبة المشاركة؟..السؤال الأهم بتشريعيات الجزائر

 
هادي يحمد  الجزائر – مع فتح صناديق الاقتراع اليوم الخميس أمام الناخبين الجزائريين لانتخاب برلمان جديد للبلاد، سيطرت قضية المشاركة المنتظرة في الانتخابات التشريعية على النقاشات الجارية في الساحة السياسة الجزائرية التي لا تتوقع في المقابل تغيرات تذكر في الخريطة البرلمانية الجزائرية عقب انتخابات اليوم. ويقول موفد إسلام أون لاين.نت: إن ما غذى هذه النقاشات حالة اللامبالاة التي سادت الشارع الجزائري إزاء الحملة الانتخابية، وكذا دعوة العديد من القوى إلى مقاطعة الانتخابات ومن بينها « تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي »، الذي هدد عشية يوم الاقتراع بإفساد اللعبة الانتخابية. ودعي حوالي 18.7 مليون جزائري مسجلين في القوائم الانتخابية للتوجه إلى 42 ألف مركز اقتراع لانتخاب 398 نائبا بالمجلس الشعبي الوطني (البرلمان الجزائري) من بين 12 ألف و229 مرشحا يمثلون 28 حزبا أو مستقلين، في ثامن انتخابات تشريعية تشهدها الجزائر منذ الاستقلال ورابع انتخابات تعددية منذ إقرار قانون تعددية الأحزاب سنة 1989. وفي ظل ظروف أمنية صعبة جسدتها في الأيام الأخيرة التهديدات التي أطلقها « تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي « وفي ظل دعوة بعض التشكيلات السياسية إلى مقاطعة الانتخابات خاصة حزبي « جبهة القوى الاشتراكية » (أكبر أحزاب الأمازيغ) بقيادة حسين آيت احمد، والجناح التاريخي للجبهة الإسلامية للإنقاذ بقيادة الشيخين عباسي مدني وعلي بلحاج، تراهن السلطات الجزائرية على مشاركة واسعة في الانتخابات تفوق على الأقل نسبة الـ 46 % التي سجلت في آخر انتخابات تشريعية شهدتها الجزائر سنة 2002.
الشباب غير مكترث
وفي جولات عديدة لإسلام أون لاين.نت في أحياء الجزائر العاصمة لوحظ أن الجزائريين منقسمون تقريبًا حول جدوى العملية الانتخابية. فلئن بدا لقطاع كبير من الجزائريين أن الانتخابات تمثل فرصة للانتقال بالبلاد إلى وضع أفضل يكرس حقوق الشعب في اختيار ممثليه بصرف النظر عن وفاء هؤلاء النواب بوعودهم أم لا، فإن قطاعا آخر ويمثله الشباب خصوصا يرى أن « لا جدوى من هذه الانتخابات » في ظل البطالة والفاقة التي تضرب قطاعات عديدة من الشباب، وأن الحل في نظر هؤلاء يتمثل في الهجرة أو تغيير المنظومة السياسية كليا. وبالرغم من اللامبالاة التي عمت قطاعًا كبيرًا من الشباب الجزائري حول الانتخابات فإن السلطات الجزائرية عملت في الأيام الأخيرة التي سبقت عملية الاقتراع على تشجيع الجزائريين على التوجه وبدون خوف يوم الخميس إلى صناديق الاقتراع، وذلك عبر التقليل من أهمية التهديدات التي أطلقها تنظيم القاعدة والإعلان عن اتخاذ إجراءات أمنية غير مسبوقة تتمثل في إعلانها تجنيد حوالي 600 ألف رجل أمن واتخاذ إجراءات استثنائية في ما يتعلق بتنقل العربات والأنشطة التجارية. كما عملت السلطات الجزائرية خاصة عبر وسائل الإعلام وعبر حزب جبهة التحرير الوطني، الطرف الرئيسي في السلطة – على التقليل من دعوات المقاطعة التي صدرت من بعض القوى السياسية، ولم تتردد بعض وسائل الإعلام القريبة من جبهة التحرير الوطني (أحد الضلوع الثلاثة للائتلاف الحاكم) على إبراز الانقسام داخل الداعين للمقاطعة بحد ذاتهم. كما حرصت جريدة « صوت الأحرار » الناطقة باسم « جبهة التحرير الوطني » على إبراز تصريحات القادة الميدانيين للجبهة الإسلامية للإنقاذ وخاصة تصريحات مدني مرزاق أمير « الجيش الإسلامي للإنقاذ  » الذي دعا في بيان له للمشاركة والتصويت لمن أسماهم « بالشرفاء » في الانتخابات التشريعية، مخالفا رأي القادة السياسيين التاريخيين للإنقاذ.
نسبة المشاركة
ويرى المراقبون للشأن الجزائري أن التخوفات من ضعف نسبة المشاركة لا تأتي فقط من التخوفات الأمنية نتيجة للتهديدات التي أطلقها ما يسمى بـ »بتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي » والذي يتلقى هذه الأيام ضربات موجعة من الجيش الجزائري في الجبال المحيطة بالمدن الجزائرية الكبرى وخاصة في أحراش مدينة « تيزو وز » في منطقة القبائل، بقدر ما تأتي التخوفات من ضعف نسبة المشاركة من حالة « اليأس من العمل السياسي » التي تعم قطاعات كبيرة من الشباب الجزائري. وسيؤثر أيضا في نسبة المشاركة، بحسب المصادر نفسها، ما يسمى « بالإعلان المبكر » عن النتائج حتى قبل بداية عملية الاقتراع، في ضوء توقعات المحللين وحتى تصريحات العديد من المسئولين في جبهة التحرير الوطني بقيادة أمينه العام عبد العزيز بلخادم أن حزبهم سوف يحتفظ بغالبية المقاعد (52 % من المقاعد في البرلمان المنتخب عام 2002). كما صرح أحمد أويحيى، زعيم التجمع الوطني الديمقراطي والشريك الثاني في الائتلاف الحاكم أن حزبه سوف يأتي في المرتبة الثانية، أما زعيم حركة مجتمع السلم « أبو جرة سلطاني » (الضلع الثالث بالائتلاف) فقد توقع أن يحصل حزبه على ثلاثين مقعدًا. وتوقعت بعض الصحف الجزائرية أن تتفرق بقية المقاعد بين أحزاب الإصلاح (إسلامي التوجه) وحزب العمال (شيوعي) والتجمع من أجل الثقافة الديمقراطية (علماني) الذي يرأسه سعيد سعدي. وتكاد تجمع الأوساط السياسية على أن النتائج التي سيعلن عنها وزير الداخلية نور الدين زرهوني لن تحتوي على تغيير حقيقي في المشهد البرلماني الجزائري باستثناء بعض « التطعيمات » من هذا الحزب أو ذاك مع محافظة الثلاثي المشكل للحكومة على أغلب مقاعده، غير أن السؤال الأهم الذي تترقبه هذه الأوساط هو كيف تفاعل الجزائريون مع هذه الانتخابات وما هي نسبة مشاركتهم فيها؟

 

(المصدر: موقع « إسلام أونلاين.نت » (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 17 ماي 2007)

      

المؤتمر 16 لرابطة مسلمي سويسرا: تجذير مفهوم المواطنة الفاعلة

 
انعقد المؤتمر السادس عشر لرابطة مسلمي سويسرا أيام 11 و12 و13 من شهر ماي الجاري على ضفاف البحيرة السوداء لمقاطعة فريبورغ، تحت شعار المواطنة الفاعلة. تم ذلك بمشاركة ثلة من العلماء و الأساتذة، جلهم من داخل أوروبا، خاصة من سويسرا. كما كان الحضورمتيزا لفرقة الاعتصام من فلسطين  والتي أحيت كامل ليالي الملتقى.   انطلقت المحاضرات صبيحة يوم السبت من خلال مداخلتين  قانونيتين .كانت الأولى للأستاذ رضا العجمي، وقد تمحورت حول السبل القانونية والسياسية لتحقيق المواطنة الفاعلة. أما المداخلة الثانية فكانت للأستاذ عماد العبدلي حول المواطنة بما هي مشاركة في  الشأن العام. وضح الأستاذ العجمي في بداية حديثه هيكلية النظام السويسري والمكانة القانونية للمواطن فيه فهو يمتلك جزء من السلطة باختيار ممثليه و مشاركته في تحديد السياسات العامة للمؤسسات الوطنية، ويتمتع بحماية الدولة. وهذه الحقوق مكفولة بنص الدستور لكل المواطنين. ولا يختلف المسلمون عن غيرهم من الجماعات الدينية في سويسرا في حق ممارسة شعائرهم الدينية وتسيير حياتهم الخاصة بما يتوافق مع دينهم بنص القانون،وهو ما يستوجب دراية وقدرة على تحصيل هذه الحقوق بالطرق المشروعة. لكن أمام تزايد عدد المسلمين والذي يفوق اليوم 350ألف، مما جعل الاسلام الديانة الثانية بالبلاد بعد المسيحية، فان بعض الأحزاب السياسية و خاصة منها اليمين المتطرف لجأ الى تخويف  باقي السويسريين  من  الاسلام والمسلمين بتعلات واهية. لكأن الاسلام يتعارض مع الحياة المدنية.  لذلك فان من أوكد الأوليات على مسلمي سويسرا اليوم هي اثبات، ميدانيا، قدرة هذا الدين على مواكبة عصره  وتقديمه الحلول لمعضلات عجز عنها غيره. وهذا لا يتأتى الا من خلال الانخراط العملي في واقع المجتمع عبر مؤسسات العمل العام من جمعيات ومنظمات ذات الصلة. وقد أصبح هذا الوعي ،والحمد لله، تتحقق بوادره عند البعض عبر بروز العمل الجمعياتي في مجالات عدة، مؤسسات الطفولة والشباب،الجمعيات والمراكز الاسلامية…وأوضح الأستاذ العجمي أن المسلمين في سويسرا هم الآن في مرحلة مكافحة من أجل تحقيق المواطنة مما يسوجب جهدا مضاعفا. ينطلق بتحسين وضعياتهم الأجتماعية، اذ أن أغلبهم ينتمي الى الطبقات الضعيفة،وذلك بتحفيز وتشجيع المبادرات الاقتصادية وحسن استثمار الطاقات وبعض الامتيازات الموجودة للمشاركة الفعالة في دورة اقتصاد البلد. ثم تذليل عوائق الأندماج في المجتمع،(العنصرية،  التمييز في الشغل،الرقابة الأمنية…) والأنجاز الميداني لمفهوم المواطنة عبر الحوار البناء لطرد كل الشكوك والهواجس والأقتراب أكثر من الجسم الأجتماعي السويسري عوض الأنكفاء على الذات وتجريم الآخر، ثم المشاركة السياسية من خلال الانتخاب والانضمام كذلك للأحزاب السياسية. اذ لابد للمسلمين أن يصنعوا القرار بدل تقبله، كما يجب أن يكونوا زيادة في الخير لمجتمعاتهم لا عبء عليها. في نفس هذا الاطار كانت مداخلة الأستاذ عماد العبدلي مع تركيزه على ضرورة تناول مسألة المواطنة من المدخل الثقافي والفكري لا من خلال مقولة الأندماج كمفهوم قسري (بالقوة) مشروط يسيئ لكل الأجانب وللمسلمين أكثر. هذا فضلا على أن الاطار القانوني لمسألة الأندماج ضعيف اذ هو عبارة على مذكرة وليست قانونا. أما عمليا فان الاشراف على مسألة الاندماج فهو يتبع لمجلس يتفرع عن السلطة الفيدرالية مما يمثل عائقا ثقافيا يعامل فيه المسلمون والأجانب كجسم دخيل على البلد حتى لمن يتمتع بالجنسية من المسلمين. وهذا نابع بالأساس من عقدة المركزية الأروبية وتنميط للحضارة الغربية التي تسوغ مقولات العولمة و تطوع القيم الحضارية (الحرية والديمقراطية…) للمسار الاقتصادي المهيمن مما يساهم في استنزاف قيم الديمقراطية والعدالة كونيا. لكن هذه التحديات لا تغني المسلمين عن ضرورة تحمل أقدارا من المسؤولية في وضعهم وفهمهم لمسألة الاندماج والمواطنة وذلك بسبب الانغلاق على الذات وازدواجية التعامل عند بعض المسلمين (وجه مع المسملين وآخر مع غيرهم). وفي اطار فهمه للتقريب بين المرجعية الشرعية للمسلمين والاطار القانوني الذي يحكمهم،دعا الأستاذ العبدلي الى ضرورة تكييف الخطاب الديني مع مقتضيات واقعه  والعمل على  ايجاد كفاءات علمية  قادرة  على صنع  المشروع الثقافي   للمسلمين. وكسب زمام المبادرة علميا و اقتصديا  وسياسيا. أما الحصة الثانية  في الفترة الصباحية  فكانت بمشاركة  الدكتور أحمد  جاب الله،  عضو اتحاد المنظمات الاسلامية بفرنسا والأستاذ عز الدين الزير  رئيس مركز  اسلامي بايطليا.  وقد تناولا تاريخ وواقع  الجالية المسلمة في كلا البلدين. أشار السيد جاب الله الى بعض العراقيل التي تواجه المسلمين في فرنسا لتحقيق المواطنة. وهي محاولات بعض السياسيين تثبيت مفهوم الهجرة من خلال التعامل مع الشباب المسلم باعتبار انحدارهم من المهاجرين والتشويه الاعلامي  الذي يتعرض له المسلمون والعمل على ربطهم بقضايا خارج أوروبا. كذلك يدلل الواقع على  تهميش سياسي للمسلمين واضطهاد في  مجالات عدة أهمها التعليم والشغل.  مما  يستوجب من المسلمين مضاعفة الجهد  لازالة العراقيل وتحقيق المواطنة المنشودة. أما الأستاذ عز الدين الزير فقد شدد على المصاعب الذاتية للمسلمين في عملية الاندماج  وتتمثل أساسا في ازدواجية الخطاب عند المسلمي وعدم احترامهم لقوانين بلدانهم، ومحاولة توريث الجيل الأول لقيمه وأفكاره ومشاكله للأجيال الجديدة مما يستوجب اعادة نظر في طرق تفكيرنا وتفعيل دورنا في الحوار مع غير المسلمين من شركاء الوطن. وباعتبارتجذرالحوار الديني في ايطاليا فان ذلك يعطي للمسلمين فرصة أفضل لابلاغ دينهم. في المساء نظمت ندوة حول مسألة مظاهر اضطهاد المسلمين في سويسرا(واقع أم دعاية؟). شارك فيها مجموعة من النشطاء الحقوقيين في سويسرا. أكد كلهم على الصعوبات ومظاهر التمييز التي يعيشها المسلمون خاصة في مجال الشغل. لكن أوضح البعض تاريخية هذه الظواهر حتى مع غير المسلمين والسبيل الوحيد لمحوها هو النضال السلمي والمستميت كما فعل غيرهم. في اليوم الأخير كانت المجالسة ايمانية دعوية مع الشيخ المطلق والشيخ محمد موسى الشريف وقد ابرزا المعالم السمحاء للدين الاسلامي الحنيف وأشارا الى أهمية دور المسلمين في ديار الغرب في اظهار هذه الفضائل لغير المسلمين ودعوتهم الى طريق الهدى عبر الخلق السليم والكلمة الطيبة. كما دعا الشيخ الشريف الى المبادرة والتضحية ببعض الكماليات للصالح العام والعمل بايجابية داخل المجتمع. وكانت المصافحة الدعوية الأخيرة مع الشيخ سالم الشيخي من بريطانيا حيث تحدث باسهاب عن أهمية دور الأسرة المسلمة في التربية خاصة في الحفاظ على هوية الأبن في بيئة غير اسلامية وتحقيق التوازن النفسي والفكري للأجيال الناشئة بين مقتضيات الدين واغراءات الواقع.     وشفع الملتقى ببيان ختامي بينت فيه رابطة مسلمي سويسرا على وعيها بأهمية دورها في دعم وتعزيز مسار المواطنة والاندماج الايجابي للمسلمين في سويسرا وأكدت على دور المجتمع من خلال مؤسساته الرسمية والمدنية على تيسير وتطوير هذه المسيرة عبر ترسيخ قيم التعايش والاحترام والاعتراف المتبادل بين جميع مكونات المجتمع. كما نص البيان على جملة من التوصيات. بالتأكيد على أهمية الحوار ورفض كل أشكال الانغلاق وكل دعاوي الكراهية والتوظيف الممجوج لملف المسلمين. ودعا السلطات وكل مكونات المجتمع المدني ووسائل الاعلام الى تعزيز الجهود الرامية الى تحقيق مواطنة فاعلة وايجابية لمسلمي سويسرا.   اسماعيل الكوت www.tuniswiss.ch

 


الصين تدخل عصر الملكية الخاصة

توفيق المديني
اذا كان من اسم يطلق على القرن العشرين وبداية هذا القرن الحادي والعشرين فهو عصر الملكية الخاصة بامتياز. ومن المعروف تاريخيا أن الرأسمالية التقليدية قامت على أساس الملكية الخاصة لوسائل الانتاج، أما الرأسمالية المعاصرة فسادتها الأشكال الجماعية للملكية الخاصة ابتداء من الملكية القائمة على شركات المساهمة التي تمثل درجة عالية من تركيز رأس المال والتي من دونها كانت الملكية عاجزة عن الاستمرار. ويرى الخبراء الغربيون أن طبيعة الاصلاحات الاقتصادية الصينية هي رأسمالية صريحة، حتى وان كان المسؤولون الصينيون “يصرون على أنها نوع من الاشتراكية”. وها هي الجمعية الوطنية الشعبية الصينية تقر في اختتام الدورة البرلمانية السنوية بحضور الرئيس هو جينتاو ورئيس الوزراء وين جيباو: قانونين مهمين يعززان استمرار الصين في سياسة “الانفتاح” و”الاصلاح” الاقتصادي، وبالتالي التأكيد على اقتصاد السوق، لأنه صار من المستحيل “العودة الى الوراء”. الأول يضمن الملكية الخاصة، في بلد لا يزال يحكمه حزب شيوعي. والثاني يلغي بعض الامتيازات الضريبية الممنوحة للشركات الأجنبية منذ زمن كانت فيه الصين تبحث عن جلب رؤوس الأموال الأجنبية. وكان قانون الملكية الخاصة الجديد الذي أقر أخيراً مشروعاً خاضعا للنقاش البرلماني والحزبي على مدى ثلاثة عشر عاماً. وظل المثقفون المتشددون “من اليسار”، والمتقاعدون من الحزب الشيوعي يعارضون هذا المشروع باعتباره “خيانة”للمثل الاشتراكية.فهم يخشون في عريضة وزعوها على شبكة الأنترنت، من أن يسمح هذا القانون “للفاسدين الذين استولوا على الخيرات بطريقة الاحتيال من تبييض أموالهم”. ويرى هؤلاء أن “حركة الاصلاحات سريعة جدا، وجذرية جدا، ولا تسمح لجزء من الشعب، لا سيما الفلاحين للاستفادة من الانطلاقة الاقتصادية”. وعلى النقيض من ذلك، ترفض قيادة الحزب والدولة هذا المنطق، كما أن المدافعين عن قانون الملكية الخاصة، وبالتالي السلطة السياسية الحاكمة في بكين، يعتقدون أن القانون الجديد سيكون وسيلة للرأسماليين الجدد، الذين يرتكز عليهم القسم المتنامي من الاقتصاد الصيني، لضمان ممتلكاتهم، وللاحتياط من عمليات احتيال محتملة يقوم بها أشخاص عاملون عندهم. والحال هذه، فقد تم اقرار بنود مضافة لهذا القانون، تقضي بحماية ملكيات الدولة والمجموعات المحلية. قانون الملكية الخاصة في الصين، الذي هو بمنزلة الانعطاف الايديولوجي الذي كان الحزب الشيوعي الصيني اتخذه في مؤتمره نوفمبر/تشرين الثاني 2001، الذي أقر فيه التعديل التاريخي لميثاق الحزب بشكل يسمح رسميا بدخول الرأسماليين الى الحزب، لم يكن مفاجئا في شيء، اذا ما نظرنا الى تطور القطاع الخاص في الصين، وما أفرزه من تشكل طبقة جديدة من الرأسماليين. ولم يعد الرأسماليون يشكلون “العدو الطبقي” في الصين كما كان ينظر اليهم في السابق، بل انهم أصبحوا الآن جزءاً من الخارطة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد. وكان أول نص قانوني يشرّع وجود “المؤسسات الخاصة” يعود الى يوليو/تموز العام 1981. فهذه المؤسسات الخاصة مطالبة بتشغيل سبعة أشخاص على أقصى تقدير، وأن تكون مكملة للمؤسسات المملوكة من قبل الدولة والتعاونيات الجماعية. ومنذ أواخر السبعينات، ولاسيما منذ العام 1989، اتبعت الحكومة الصينية سياسة تحرر جذرية وانضمت الى أكثر الفاعليات حماسة لنظام العولمة.  واذا كانت الاصلاحات المهيأة لاقتصاد السوق حظيت بالكثير من التعليقات، فبالعكس لم يعر أحد التفاعل بين الدولة والاسواق اهتماماً. فالتحويل والخصخصة في الموارد التي كانت الدولة تمسك بها حتى ذلك الحين أتت لفائدة مجموعات جديدة ذات مصالح خاصة حولت المسار الاصلاحي لأهدافها الشخصية. وظهرت بعض المظالم الشديدة كما يشهد على ذلك تفكك عطاءات الضمان الاجتماعي والهوة المتزايدة بين الأغنياء والفقراء والبطالة الكثيفة وهجرة سكان الريف الى المدن. اذا كانت المؤسسات التي يملكها الأفراد هي التي نجدها سائدة في الريف الصيني، فان الأمر ليس كذلك للشركات الخاصة. ففي خلال السنوات الممتدة من العام 1989 الى العام 1999 انتقل عدد المؤسسات الخاصة الريفية من 60%الى40% من مجموع المؤسسات الخاصة في عموم البلاد. وفي عام 1999 نجد 16,5% من المؤسسات الخاصة متمركزة في المدن الكبرى، و55,2% في المدن الصغيرة، و28,2% في القرى الريفية، وهذه المؤسسات الرأسمالية موزعة بصورة لا متكافئة على الأراضي الصينية، اذ أصبحت المناطق الساحلية تجتذب رؤوس الأموال، وكذلك اليد العاملة الرخيصة، والشباب الجامعي الذي يحمل شهادات عليا، ويريد الاستفادة من الأجور المرتفعة والشروط الجيدة في أماكن العمل. وما كان لكل هذه الأمور ان تحدث لولا تدخل الدولة التي أبقت النظام السياسي قائماً، لكنها تخلت عن بقية المهمات التي كانت تمارسها في المجتمع. أضفت هذه الازدواجية بين الاستمرارية السياسية والانقطاع الاقتصادي والاجتماعي على الليبرالية الصينية الجديدة طابعاً خاصاً. وكان من الأهداف الرئيسية للسلطة حل أزمة شرعيتها التي باتت موضع بحث مع انتفاضة تيان آن مين في العام 1989، ومذّاك أصبح الخطاب النيوليبيرالي طاغياً، مانعاً اي بحث في الخطط والبدائل المختلفة. وبحسب ما يؤكد عالم الاجتماع زهانغ والي، فان اللامركزية “لم تعطل بأي شكل سلطة الكيانات العامة في توزيع مداخيل الشعب، بل كل ما فعلته هو أنها قلصت من سلطة الحكومة المركزية. وبالعكس فان التدخل الاداري في الحياة الاقتصادية تعزز بدلاً من ان يعدل، بل أخذ دوراً مباشراً أكثر مما كان يمارس على يد الحكومة المركزية. فالغاء المركزية لم يعنِ قط زوال الاقتصاد التقليدي الموجه، بل بكل بساطة عني تجزئة هذه البنية التقليدية”. وفي فترة قصيرة لاتزيد على ربع قرن من العام 1990 حتى العام 2004 ارتفع اجمالي الناتج المحلي الخام من 147 مليار دولار الى 65,1 تريليون دولار بمعدل نمو يصل الى الى 4,9 في المائة. وزادت تجارتها الخارجية من 220 مليار دولار الى 55,1 تريليون دولار، بمعدل زيادة سنوية تصل الى 16 في المائة. كما ازداد احتياطي النقد الاجنبي من 167 مليار دولار الى 610 مليارات. وطبقا للاحصاءات، فمن المتوقع أن تصل الاستثمارات الصينية في الخارج الى اربعة مليارات سنويا في السنوات الخمس المقبلة. وبحلول العام 2020 سيصل اجمالي الناتج المحلي الخام الى اربعة تريليونات دولار سنويا، بينما سيصل متوسط دخل الفرد الى ثلاثة آلاف دولار. كما تهدف الحكومة الصينية الى دخول 50 شركة صينية في لائحة “فورتشن” لأكبر 500 شركة في العالم بحلول العام 2010، وفي الوقت الراهن فان معظم دول العالم لديها شركات تستثمر في الصين وهناك 400 شركة من بين لائحة “فورتشن” لأكبر 500 شركة في العالم تستثمر في الصين. انفتحت الصين اليوم بشكل كامل على العالم الخارجي من خلال نيل عضويتها في منظمة التجارة العالمية، وفتح أبوابها على مصراعيها أمام الاستثمار الأجنبي، ومد السجاد الأحمر للشركات المتعددة الجنسية، لكن يظل القطاع الخاص الصيني ملجما بقوة، بصرف النظر عن تطوره في ظل الفجوات المفتوحة من قبل النظام. لهذا كله نقول ان مستقبل القطاع الخاص في الصين ليس مرتبطا بدخول الرأسماليين الجدد الى قلعة الحزب الشيوعي الصيني فقط، بل بعملية تحرير مصادر تمويل الشركات والمؤسسات الخاصة، واقرار الحرية السياسية. ان القطاع الخاص في الصين نما وترعرع في ظل “المنطقة الرمادية”، ان لم نقل في ظل انعدام الشرعية القانونية، بسبب غياب دولة القانون، والتشريعات القانونية في المجالين المالي والضريبي، الأمر الذي سمح بتفريخ عصابات مافاوية في مناطق عدة من البلاد، تزاوج بين مصالح كادرات الحزب المحلية، والرأسماليين الخواص. وهذه هي نقطة ضعف القطاع الخاص الصيني الذي يتصرف برأسمال “رمادي” أو “أسود”، وتربطه علاقات زبائنية وشخصية مع بيروقراطية النظام السياسي القائم، تعقد وتتفكك، حسب تعسف الدورات السياسية. لكي تتحدث الصين، على القيادة الصينية أن تقر الحقوق السياسية والديمقراطية للشعب، وتبني نظاما سياسيا يقوم على التعددية. * كاتب اقتصادي
 
 
(المصدر: صحيفة الخليج  – آراء و تحليلات  بتاريخ 16 ماي 2007)

Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.