الخميس، 16 فبراير 2006

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
6 ème année, N° 2096 du 16.02.2006

 archives : www.tunisnews.net


ال بي بي سي: تونسي متهم بالارهاب يواجه الترحيل الى اسبانيا

رويترز: تونس تحث على تنشيط العمل المغاربي المشترك

سويس انفو: البلدان المغاربية والمطلب الأمريكي

الصباح:مشروع قانون تعديل مجلة الإجراءات الجزائية – خطوة أخرى لتوسيع مجال تدخل المحامي ودعم حقوق الإنسان وحمايتها الشروق: الوحدة الشعبية: خديجة مبزعية تترشح لمنافسة بوشيحة

الحبيب المباركي: ضر وف الإقامة شهادة السجين لطفي السنوسي

د.خالد الطراولي: المنفيون والمشرّدون جنان معلقة أم مأساة منسية؟

د. المنصف بن سالم:   » كفانا سخرية من عقولنا »

د.منصف المرزوقي: رسوم التعريض بالرسول الكريم : الأبعاد والتبعات

أحمد الكحلاوي: ماذا وراء حملات الإساءة العنصرية الرخيصة ضد الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم؟

خالد إبراهيم العمراوي: ردا على رسالة التحدّي التي وجّهتها – فرانسْ سُوار-  للمسلين

علي محسن حميد: العفن الدنماركي له سوابق

حمد عبدالعزيز الكواري: دروس خطيئة كوبنهاغن

د. الضاوي خوالدية: ديمقراطية علي أسنة الرماح خميس الخياطي: من إيجابية الإستعمار إلي التمييز الإيجابي

 إسلام أون لاين: إسلاميو موريتانيا يطرحون برنامجهم الانتخابي


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows )

To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).

 

 

تونسي متهم بالارهاب يواجه الترحيل الى اسبانيا

أكدت محكمة استئناف في بريطانيا حكما سابقا يسمح بترحيل شخص إلى إسبانيا حيث توجه له تهم بتمويل الإرهاب. وكان محامو التونسي هادي بن بوذهيبة البالغ من العمر 45 عاما قد دفعوا بأن طلب الترحيل غير صحيح قانونيا. كما دفع المحامون أيضا بسبب صحي وهو تقرير بتأخر المتهم عقليا وأنه لايزيد من الناحية العقلية عن طفل في الثامنة. ولكن القاضية ليدي سميث قالت ان على اسبانيا أن تقرر مدى صلاحية بوذهيبة للمثول أمام القضاء. وقالت ليدي سميث إنه ليس هناك ما يجعل ترحيل هادي بن بوذهيبة، أمرا غير عادل أو فيه قمع، بالرغم من أن بوذهيبة ربما لا يكون مؤهلا صحيا للمثول أمام المحاكم. وكان محامو بوذهيبة قد طعنوا العام الماضي في الحكم الصادر عليه وقالوا إن قدراته العقلية لاتزيد عن قدرات طفل في الثامنة من العمر.
محاكمة غير منصفة
ويوجه الى بوذهيبة تهمة الانتماء الى جماعة في اسبانيا مولت تنظيم القاعدة. فقد أدانه القاضي الاسباني بولتازار غارزون بالانتماء الى خلية اسبانية للمسلمين المتشددين متهمة بتقديم وثائق مزورة وجوازات سفر الى مدبري هجمات الحادي عشر من سبتمبر في هامبورغ بألمانيا. ومن الدفوع التي تقدم بها محامو المتهم أن اسبانيا ستقوم بمحاكمته على تصرفات وقعت في عدة دول هي البرتغال وبريطانيا والولايات المتحدة وألمانيا، وأن كل هذه الدول حققت في الأمر وقررت عدم ملاحقة المتهم.
ولكن ليدي سميث قالت انها مقتنعة بوجود صلة قوية بين الحدث الذي وقع واسبانيا. وأضافت ليدي سميث في حكمها أن اسبانيا دولة متحضرة، وأن الأدلة تشير أن بوذهيبة لو جرى ترحيله فسوف تتأكد اسبانياعن طريق اجراء فحوصات طبية من صلاحيته للمحاكمة. وقالت ليدي سميث في حكمها ان مثل هذه االفحوصات سوف تقرر أيضا ما اذا كان بوذهيبة بحاجة الى علاج نفسي. ويتوقع أن يستأنف بوذهيبة قضيته أمام مجلس اللوردات. (المصدر: موقع ال بي بي سي بتاريخ15 فيفري2006 )
 

 

تونس تحث على تنشيط العمل المغاربي المشترك

تونس (رويترز) – دعا الرئيس التونسي زين العابدين بن علي يوم الخميس قادة بلدان اتحاد المغرب العربي للسعي لتنشيط العمل المغاربي المشترك وتفعيل اليات الاتحاد بنفس الارادة التي دفعت الى تأسيسه منذ 17 عاما. وتأتي دعوة بن علي بتفعيل عمل اتحاد المغرب العربي الذي لم يعقد اي قمة منذ 12 عاما في رسائل وجهها الى القادة المغاربة بمناسبة الذكرى السابعة عشر لاعلان انشاء الاتحاد في مدينة مراكش المغربية. وتجمدت انشطة اتحاد المغرب العربي الذي يضم تونس والمغرب وموريتانيا والجزائر وليبيا بسبب الخلافات الجزائرية المغربية حول الموقف من النزاع المتعلق بالصحراء الغربية بين المغرب وجبهة بوليسارو. وأشار بن علي في رسائله التي نشرتها وكالة الانباء الحكومية (وات) الى ان « ارساء الاتحاد المغاربي… بات يشكل اولوية لا محيد عنها. » واكد « يقينه من كسب هذا الرهان واقامة مغرب عربي متضامن ومتكافل تنعم فيه الشعوب المغاربة بالاستقرار والرقي والازدهار. » وكانت قمة زعماء اتحاد المغرب العربي التي عقدت المرة الوحيدة في تونس عام 1994 تأجلت العام الماضي عشية انعقادها في ليبيا بسبب تصريحات جزائرية مؤيدة لجبهة البوليساريو التي تتنازع مع المغرب على الصحراء الغربية.
Reuters (المصدر: موقع سويس انفو نقلا عن وكالة رويترز للأنباء بتاريخ16 فيفري2006 )  

البلدان المغاربية والمطلب الأمريكي

swissinfo  16 شباط/فبراير 2006 – آخر تحديث 13:18    تحولت عواصم المغرب العربي الاسبوع الماضي الى محطات اساسية في استراتيجية الولايات المتحدة الامريكية في ما يسمى بالحرب على الارهاب. وبعد روبرت ميلور مدير مكتب التحقيقات الامريكية (أف بي آي)، وصل رونالد رامسفيلد وزير الدفاع الى كل من تونس والجزائر والمغرب حيث اتضح أن محور الزيارة كان .. العراق! « مكافحة الارهاب » كان الهمّ المعلن للعلاقات الامريكية المغاربية، إلا أنه يخفي في ثناياه هموما أخرى تقلق الادارة الامريكية أو هموما تقلق هذه العاصمة المغاربية أو تلك وتريد من علاقتها مع واشنطن « تعزيز موقفها » أو إضافة ورقة تأييد » لملفها. وفي العادة، تكون التصريحات الرسمية في جولات المسؤولين العسكريين أو مسؤولي المخابرات ضبابية كما أنها تأتي – في أحيان كثيرة – بعيدة جدا عن حقيقة الملفات التي تكون قد فتحت على طاولة مباحثاتهم والنقاط التي تم الاتفاق على التعاون بشأنها. قبل وصول ميلور ورامسفيلد إلى منطقة المغرب العربي، نشطت الاجهزة الامنية (كل بطريقته) لاظهار مخاطر عنف اصولي قادمة من الصحراء الكبرى تهدد دول المنطقة، وأبرزت وسائل الاعلام الرسمية وشبه الرسمية في كل عاصمة مغاربية تجيير هذه التهديدات لحساباتها السياسية وملفاتها وسعت إلى حث الادارة الامريكية على أخذها بعين الاعتبار. في المقابل، اتضح أن لواشنطن حساباتها التي لا تخلخلها أو تبدلها حسابات الاخرين حتى لو كانوا من اقرب حلفائها أو من اكثر الحريصين على التعاون معها. واذا كانت الولايات المتحدة قد استفادت من إبراز مخاطر وتهديدات الصحراء الكبرى من أجل دمج امكانيات الدول الافريقية المحيطة في حربها على الارهاب من خلال مناورات مشتركة (من المقرر ان تتكرر الربيع القادم)، فإن واشنطن – التي تدرك ألغام العلاقات الثنائية الاقليمية – خاصة العلاقات الجزائرية المغربية، وحساسيتها، قد نجحت في النأي بنفسها وبمخططاتها عن هذه الالغام والحساسيات. لكنها لم تتمكن – على الرغم من ذلك – من تحفيز دول المنطقة المغاربية ودفعها إلى بلورة إطار مشترك لتنظيم التعاون الامني المغاربي الجماعي تحت المظلة الامريكية مثلما فشلت سابقا في ميدان الاقتصاد عبر مشروع إيزنستات للتبادل التجاري الحر، (وهو بالمناسبة فشل مماثل لما حصل مع فرنسا واسبانيا في ميدان السياسة)، حيث أخفقت في خلق إطار مغاربي – أمريكي مشترك واكتفت، حتى الآن، بعلاقات ثنائية مع كل منها. المأزق العراقي .. هم التعاون الامني الامريكي المغاربي كان محور جولة روبرت ميلور مدير مكتب التحقيقات الفدرالي (اف. بي. اي) والمتمثل في محاصرة التيارات الاصولية المتشددة والتي تعتبرها واشنطن وايضا دول المنطقة مهددة لامنها واستقرارها ومصدرا للعنف، سواء كان ذلك من خلال الهجرة غير المسيطر عليها نحو اوروبا أو عبر التنسيق مع التيارات الاصولية في اوروبا التي اتضح أنها تستقطب من بين المهاجرين مقاتلين ينضمون للمقاومة المناهضة للاحتلال الامريكي في العراق. ومع أن هذا الهم شغل ايضا جزءا من مباحثات وزير الدفاع الامريكي رونالد رامسفيلد في جولته (التي بدأها قبل ان يختتم ميلور جولته)، إلا أن الإهتمام الرئيسي في مباحثات رامسفيلد في تونس والجزائر والمغرب – على غرار مباحثاته الأخيرة في الرياض والقاهرة -، تمثل في المشاركة المغاربية في إخراج الولايات المتحدة من مأزقها العراقي. وكان من المفاجئ لمن وضع الجولات الامريكية المغاربية في زاوية التهديدات القادمة من الصحراء الكبرى او تهديدات التيارات الاصولية المتشددة، تقليل وزير الدفاع الامريكي في تصريحاته من مخاطر ما يجري بالصحراء الكبرى من تحركات دون ان يهملها وذلك من خلال التنويه إلى أن كل منطقة غير محكومة مثل افغانستان قد تصبح قاعدة « للارهابيين ». ومع ان وزير الدفاع الأمريكي عبر عن ارتياحه للتعاون القائم بين البلدان المغاربية في مجال مكافحة الارهاب وقال إن الجزائر وتونس والمغرب ملتزمة بعمل إيجابي يمليه « انشغالها » ببعض مشاكل العالم، إلا أنه أكد مقابل ذلك أن البلدان المغاربية « تتعاون أيضا مع الولايات المتحدة في مكافحة الارهاب » وشدد على أن كلا من هذه البلدان « تعامل مع شؤونه الداخلية بكيفية تجعل احتمال تهديد تنظيم القاعدة ضعيفا جدا ». « المظلة العربية » .. يمكن القول بثقة أن الهم العراقي كان حاضرا بل ومحور جولة رونالد رامسفيلد من زاوية المشاركة المغاربية في الوجود العسكري المتعدد الجنسيات على أرض العراق في اطار مخطط امريكي بتخفيض عدد القوات الامريكية هناك وإعادة انتشارها للحيلولة دون أي احتكاك أو تماس مباشر بين هذه القوات والمواطنين العراقيين وعلى أن تكون القوات المغاربية، تحديدا الجزائرية والمغربية، جزءا من قوات عربية تتولى الأمن وملاحقة مناهضي الإحتلال الامريكي وضمان سيطرة الحكومة العراقية على الأوضاع الأمنية. وحسب بعض المصادر الغربية، يقوم المخطط الامريكي يقوم على سحب القوات العسكرية الامريكية من وسط وجنوب العراق وحشد جزء منها في شماله على ان تنتشر قوات مغربية جزائرية في الوسط وقوات مصرية خليجية في الجنوب، وبذلك تضمن الولايات المتحدة نجاح مخططها باحتلال العراق وشرعنته عربيا وضمان مصالحها الامنية والاقتصادية بأقل التكاليف بعد أن حولته إلى دولة فاشلة وأخفقت في السيطرة عليه في ظل تصاعد حجم خسائرها البشرية والمالية دون أفق بالحد من المقاومة لاحتلالها مع احتمالية تصاعده أو امتداده إذا ما تصاعد توترها وأزمتها مع إيران حول الملف النووي للجمهورية الإسلامية. وفي هذا السياق، يؤشر حضور جاك سترو وزير خارجية بريطانيا، الشريك الرئيسي للولايات المتحدة في غزو العراق واحتلاله، في منتجع إيفران في الوقت الذي كان فيه رامسفيلد يجري مباحثاته مع العاهل المغربي الملك محمد السادس ثم متابعة سترو جولته المغاربية، إلى جدية الرغبة الامريكية (ومعها الرغبة البريطانية) في تأمين المشاركة المغاربية في احتلال العراق. وترى أوساط مغربية استجوبتها سويس إنفو، أن هذه المشاركة (التي سوف تكون محفوفة بالمخاطر السياسية والامنية الداخلية كما أنها ستؤدي إلى مواجهات دموية بين المقاومة العراقية والقوات العربية المشاركة في الاحتلال) لا زالت مستبعدة في الوقت الحاضر. وتوضح هذه الاوساط أنه « من المستبعد أن تتم هذه المشاركة بشكل انفرادي »، لذلك يبحث المغاربيون حاليا عن موقف مشترك تجاه مقترحات بهذا الشأن قد تطرح خلال القمة العربية المقرر عقدها في الخرطوم في شهر مارس المقبل، على أمل أن تكون الجامعة العربية « مظلة » للمشاركة المغاربية كمخرج من المأزق الذي وضعهم فيه رونالد رامسفيلد بعد أن كانت كل عاصمة مغاربية تأمل أن تجد في جولته مخرجا لها من مأزق أو أزمات تعيشها. محمود معروف – الرباط (المصدر: موقع سويس انفو بتاريخ16 فيفري2006 )

 

مشروع قانون تعديل مجلة الإجراءات الجزائية:

خطوة أخرى لتوسيع مجال تدخل المحامي ودعم حقوق الإنسان وحمايتها

تونس – الصباح: كان مشروع القانون المتعلق بإنابة المحامي الاختيارية لدى باحث البداية محل نظر مجلس الوزراء المنعقد يوم أول أمس الثلاثاء تحت اشراف رئيس الدولة.

 

ويضاف هذا المشروع، الذي سيتم بمقتضاه إتمام بعض أحكام مجلة الإجراءات الجزائية، الى النصوص القانونية التي ساهمت في مزيد توسيع مجال تدخل المحامي منها بالخصوص قانون 9 جوان 2003 المتعلق بنيابة المحامي الوجوبية في النزاعات المتعلقة بشركات استخلاص الديون وقانون 28 أفريل 2003 المتعلق بتخصيص المحامي بإبرام عقود الأصل التجاري إلى جانب مشروع القانون المعروض حاليا للنقاش على أنظار مجلسي النواب والمستشارين المتعلق بإقرار نيابة المحامي في النزاعات الجبائية بمبلغ يحدده القانون ومشاريع أخرى هي الان في مرحلة الاعداد وتتعلق بإقرار نيابة المحامي في قضايا التسجيل العقاري الاختياري لدى المحكمة العقارية وكذلك الطعون الموجهة ضد أحكام هذه المحكمة ونيابته عند الطعن بالتعقيب في الأحكام الجنائية تدعيما للضمانات القانونية الممنوحة للمتقاضين.

 

ويتضمن مشروع القانون تنقيح  أحكام الفصل 57 من مجلة الإجراءات الجزائية وذلك بإضافة فقرتين جديدتين تكرّسان حق المظنون فيه في اختيار محام للحضور معه لدى الباحث المناب، ويعني ذلك تمكين المحامي من الحضور إلى جانب موكله بمناسبة استنطاقه من قبل مأموري الضابطة العدلية (الشرطة والحرس) في إطار التحقيق بمقتضى إنابة عدلية صادرة عن قاضي التحقيق. ونظم المشروع الاجراءات الواجب اتّباعها لضمان هذا الحق وتتمثل في اعلام ذي الشبهة بحقّه في اختيار محام للحضور معه وإعلام محاميه بموعد البحث وبعدم امكانية إجراء البحث إلا بحضوره ما لم يعدل المظنون فيه عن اختيار المحامي صراحة أو يتخلف المحامي عن الحضور في الموعد المحدّد والتنصيص على كل تلك الإجراءات بالمحضر وذلك بهدف مزيد تأكيد حقوق المظنون فيه خلال مرحلة التحقيق.

 

ويتنزّل مشروع القانون في سياق العديد من الضمانات القانونية والقضائية التي تمّ إقرارها منذ التحوّل والتي منها بالخصوص تنظيم الاحتفاظ والإيقاف التحفّظي وبسط الولاية القضائية على تنفيذ العقوبات من خلال إقرارمؤسسة قاضي تنفيذ العقوبات والتقاضي على درجتين في المادة الجنائية وذلك تدعيما للمنظومة الجزائية التونسية وانصهارا في إطار خيارات وثوابت المسيرة الاصلاحية المرتبطة بتركيز دولة القانون والمؤسسات ودعم حقوق الإنسان وحمايتها.

 

 (المصدر: جريدة الصباح  التونسية الصادرة يوم16 فيفري2006 )


الوحدة الشعبية: خديجة مبزعية تترشح لمنافسة بوشيحة

 

* تونس (الشروق)

 

علمت «الشروق» أن السيدة خديجة مبزعية النائبة في البرلمان وعضو المجلس المركزي لحزب الوحدة الشعبية قرّرت منافسة السيد محمد بوشيحة على المنصب الأول في الحزب خلال المؤتمر السابع للحزب المقرّر أيام 10 و11 و12 مارس 2006.

 

وقالت مبزعية لـ»الشروق» أنها وانطلاقا من إيمانها العميق بالثوابت الديمقراطية لحزب الوحدة الشعبية باعتباره فضاء فسيحا يتفاعل فيه كل المناضلين بكل حرية ومسؤولية في كنف الالتزام والانضباط والتماسك والتوافق وادراكا منها ومن العديد من رفاقها لأهمية التداول على المسؤولية داخل مختلف هياكل الحزب لضمان تطوره وديمومته وتجسيدا للإرادة الوطنية لتمكين المرأة التونسية من اقتحام كل المواقع فقد قرّرت اعلان ترشحها للأمانة العامة للحزب تمسّكا منها بالانتخابات على اعتبارها القاعدة الأساسية والوحيدة للتواجد في مختلف هياكل الحزب.

 

وقالت مبزعية انها استوفت كل شروط الترشح وأن مسيرتها النضالية في صفوف الحزب واضحة وجلية بالراغم من إعفائها في فترة سابقة من مهامها بالمكتب السياسي.

 

واعتبرت مبزعية أنها ترى المؤتمر القادم للحزب محطة سياسية بارزة في الحياة الوطنية وفرصة مهمة لتكريس التمشي الديمقراطي التعددي الوطني ويفسح المجال لمناضلي الحزب للتفاعل معه بكل مسؤولية.

 

خالد الحدّاد

 

(المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 16 فيفري 2006)

 


ميلاد مدونة جديدة

 

إلى كلّ قراء وزوّار موقع تونس نيوز

 

أتشّرف بإعلامكم بفتح مدونتي باللغة الفرنسيّة: http://nasrbenhadid.blogspot.com/

 

وبها المقالات التالية:

  

La France et son colonialisme : Silence… On «Oublie» !!!

Qui embrasse trop !!!

Hijab : De l’infiniment intime au politiquement correct !!!

Hamas d’un jour ???? Démocratie de toujours ???

 

أرجو منكم الزيارة ومن ورائها النقد وتقديم الرأي وإن أراد البعض الانتقاد، فلهم ذلك فقلبي أوسع من الدهر وصبري أجمل من ربيع لم يأت…

 

نصر الدين بن حديد

 

(صحافي جزائري مقيم بتونس)


 

ضروف الإقامة شهادة السجين لطفي السنوسي :

 

في أوت 1991 وقع نقلي صحبة مجموعة من الإخوة إلى غرفة 17 بجناح المضيق بسجن تونس, بعد إن كنا في ظروف رديشة جدا بالغرفة 18 , فهي غرفة صغيرة جدا و كنا بها 11 نفرا بلا تهوئة و تقريبا من غير شافطة EXTRACTEUR بل إن رئيس الجناح المدعو عبد المجيد التيساوي يقوم بسداد الفتحة الضيقة أسفل باب الغرفة باستعمال خيش ملوثة بالنجاسة و يشهد على ذلك وكيل الحراسة الليلية المدعو ناجي الحبيبي الذي امتنع عن إزالتها متعللا بان ذلك من اختصاص حراسة النهار!!… وطيلة المدة التي قضيتها بسجن برج الرومي تحت إدارة محمد الزغلامي من أكتوبر 1991 إلى ماي 1992 كنت و من معي محرومين من الحشايا و الأغطية و كنا ننام على الحديد و نفترش بعض الثياب للتخفيف من اثر البرد …

 

في جوان 1992 وقع نقلنا إلى الغرفة D3 بسجن تونس و التي لا تتسع لأكثر من 30 سجينا و لكن تم حشر أكثر من 70 فردا مناصفة بين الإسلاميين و الحق العام… و في ليالي جويليا و أوت  كنا لا ننام بتاتا و كان الواحد منا عندما يخرج للفسحة الصباحية أو المسائية يغلبه النوم تحت ظل الحيطان من شدة الإرهاق… و في سبتمبر 1992 وقع نقلنا إلى B1 و هي غرفة تتسع إلى 60 سجينا و لكن يقيم بها اكثر من 300 كلهم عراة إلا مما يستر السوأتين من شدة الحر رغم ان الفصل خريف, و ينام الجميع على الأرض في انتظار شغور أماكن بالدكان المبنية( تعوض الأسرة) و كل دكة يحشر في مستواها الأعلى ثلاثة مساجين و في مستواها الأسفل أربعة إضافة إلى حشر آخرين تحت المستوى الأسفل المخصص للاقفاف و الأحذية عادة و هو ما يطلق عليه مساجين الحق العام تسمية « كميون »…

يوم 1 جافي 1995 تم نقلي صحبة مجموعة من الإخوة إلى غرفة D4 و هي لا تتيع لأكثر من ثمانية أشخاص عادة و وصل عددنا فيها إلى 22 فردا , و كان الجو خانقا حتى إننا كنا نرتدي التبان و الصدار و الحال إننا في عز الشتاء (جافي).

 

الحبيب المباركي

 


 

رســالة اللقــاء رقم (3) :

المنفيون والمشرّدون جنان معلقة أم مأساة منسية؟

د.خالد الطراولي

ktraouli@yahoo.fr

النفي والتشريد الرقم الغائب الحاضر في المعادلة السياسية

لا يسعنا ونحن نطالع المبادرات العديدة التي تطلقها بين الحين والأخر بعض الوجوه المناضلة دفاعا عن الأسرى والمحبوسين إلا الوقوف إجلالا وتقديرا لهذه العرائض وأهلها، لا يسعنا إلا مباركتها والتشجيع على الحراك وإطلاق المساعي وتحرير القلم لدعمها. غير أن المرء يناله بعض الاستغراب ويدفعه التسائل حول الغياب النسبي للمنفيين والمشرّدين في العرائض المطروحة والمطالب المعروضة، حتى أنك لا تكاد تجد عريضة أومطلبا مخصصا لهم في المشهد العام! فهل هذا منشأه حالة الاستقرار والرضا التي صاحبت الترحال وأنهت النفي وغلبت المصلحة والمنفعة، فكانت البداية بلا ألوان وانتهت بقوس قزح غليظ، فلم يعد تجد من يريد العودة وقد طال الزمان، وبدأت الذكريات تتباعد تاركة المكان لزحف أيام جديدة، ووطن جديد شهد ميلاد الأبناء، وبركة الرزق والعافية؟ أم أنه السعي الفردي للخلاص، وتفضيل الحلول الشخصية بعيدا عن الأضواء الكاشفة، وتخلص من الماضي وترك للمشروع وأهله؟ أم هي ورقة سياسية لم يحن وقتها، تتجاوز البعد الإنساني لتدخل بنا في متاهات التدافع السياسي؟

هذه التساؤلات وغيرها تجعل من مسألة المنفيين والمشردين حالة هامة ومعقدة تستوجب الوقوف عندها حتى ينجلي الدور المرتقب لهؤلاء الآلاف من المبعدين والذين يشكلون جزءا لا يتجزأ من الشعب التونسي رغم بعد المسافة وطول الغياب وجور الأوطان، وحتى لا يكون بعد الواقع مطية للإبعاد المعنوي والنضالي والمساهمة ولو من بعيد في حمل هموم الشأن العام الوطني. فالمنفي مهاجر ولو عن كره وهو سفير لوطنه ولما لا سفيرا لمشروع التغيير!

إن المنفى يبقى حالة استثنائية في حياة الفرد المضطر، لم يغادر أرض الأجداد اختيارا، ولم يبق في أرض الأحفاد اختيارا، همه التواصل مع الداخل حتى لا يموت  خارج الخيام وتحت أشعة الشمس، وحتى لا يفقد « رائحة البلاد » التي سامح الله بعض أهلها حين حرموا بعض جيرانهم وإخوانهم من تذوق نسيمها ومعايشة كرّها وفرّها والمساهمة في بناء أركان بيتها.

كيف أعود إليك يا وطنــي؟

لكم يكون غريبا حين يقص البعض منا على أطفاله وجوده على أرض غير أرضه وبين أناس غير بني ذويه، لكم كان شديدا وقاسيا أن يرافق بعضنا أهله إلى المطار وهم يعودون إلى أرض الوطن، ولا يستطيع مواصلة الرحلة، وينسحب من البوابة تاركا أهله « بين السماء والأرض »، لترافقه بسمات الكبير الصفراء، وبكاء الصغير وعويله، وتنهدات الأهل والعشيرة.. لكم كان صعبا الإجابة على أسئلة بريئة ومحيرة يطلقها أطفالك كل سنة وكل فراق : « ولماذا لا ترافقنا؟ » وكم يعجز اللسان عن الإجابة رغم سهولة الجواب، لنتوارى بعيدين عن فلذات الأكباد ونحن نخفي دمعات تتسلل من عيون تشكو إلى الله ظلم العباد!

إن سمك « السلمون » يعود إلى موطنه الأصلي ليموت في هجرة عودة يناله فيها كل النصب والعذاب، من تيارات معاكسة وأعداء متربصين، همه الوحيد الكامن في جيناته أن تكون هجرة حياة لغيره ومقبرة لذاته.فهمّه الأساسي ونهاية سعادته، وضع بيضه وتلقيحه وترك المشعل لغيره لمواصلة مشوار الحياة حتى وإن انتهى مشواره. فنحن لا نريد أن نكون أكفانا أو مومياء وأمواتا أحياء، ولا حتى سلمونا يموت حقيقة لا مجازا حتى وإن سلّم المقود لغيره وأنهى مهمته، ولكن نريد أن نكون  مشاريع حياة تنبض لذاتها ولشعوبها وأوطانها.

المنفى عودة، والعودة حياة، وهي تعني أن الرحيل المفروض علينا يوما واللجوء إلى قوم غير قومنا، لم يكن إلا منفى لأجسادنا رغم بعد المسافة..، كانت تونس في الذاكرة، تعيش معنا في صحونا وفي أحلامنا..، كانت تكبر في وجداننا مع نمو أطفالنا..، كانت تونس تزداد حلاوة وبياضا كلما زحف الشيب على رؤوسنا وأذقاننا..، كانت تونس تمشي معنا حيث نمشي، وتقف حيث نقف..، نزور الناس بصحبتها ولا نعود إلا برفقتها، لا نتركها تبيت بعيدا عنا، ولا نسلمها لغيرنا، فمن أجلها عشنا ومن أجلها هاجرنا ورضينا فراق الأهل والأحبة، ومن أجلها وقفنا عند باب الطائرة وهي تعود بالأهل دوننا، وحرمنا الصحبة والرفقة الطيبة، وتعذبنا من نظرات الأبناء، وفزع الزوجات، وحيرة الأهل والآباء…

 ليعذرني القارئ لهذه الشجون وقد وقفت به عند البوابة « الشرقية أو الغربية » ولم آخذ طائرة العودة، هذه العودة التي شغلتنا ونحن نطأ أرض هذه الديار الطيبة في يوم ونحن نمن أنفسنا ولا نزال بأن تذكرة العودة لا تزال صالحة ولو أن رقم الرحلة وأرقام التذكرة قد نالهم القدم وحل البياض محل السواد…

حتى تكون العودة مشاريع حياة ولا مومياء متحركة!

إننا نريد أن تكون العودة مشاريع حياة وليست توابيت وأكفان ومقابر جماعية يلمها السكون من كل جانب وفي كل حين. سهل أن تعود، سهل أن تقطع تذكرتك وتصحح وضعيتك بما تعنيه من اعتراف بالخطأ وعودة إلى الجادة والتزام على ترك الهم الوطني والعمل السياسي، لتصبح بلغة أهل البلد « خبزيزة »! لذلك فكل مبادرة للعودة وشطب مأساة التشريد إذا لم تتنزل في مشروع متكامل للتغيير وللتفاوض لا يمكن أن تؤدي في أحسن الأحوال إلاّ إلى الإحراج ولا إلى الإخراج، وتنتهي بانتهاء الحديث حول طرحها في أيام معدودة.

لن أخفيكم أني كثيرا ما أتساءل لماذا لا يسمح حاكم البلاد علانية بعودة المنفيين ويفتح لهم الأبواب المشروطة بترك العمل السياسي والهم الوطني؟ ويقيني أن الكثير وقد أعياه طول الرحلة، وفقد الأمل في مشروعه وأحبط في من حوله وأصبح يعيش « خبزيزة » في ممارسته رغم أنه لا يزال يشد على نظرياته بكل استحياء. هؤلاء جميعا يعيشون فعلا النجاة الفردية ولو أنهم لم يعودوا من منفاهم، أجسادهم في المنفى ولكن عقولهم وبعض ممارساتهم تعيش النجاة الفردية، يعيشون فعلا الخلاص والطلاق مع مشاريعهم التي نفوا من أجلها رغم حديثهم المتواتر عن شرعياتهم التاريخية وقصص نضالهم المتواري مع غزو الشيب للرؤوس واللحي!

لعل البعض منا استهوته المنفى واعتاد على الكماليات بعد أن تجاوز طور الضروريات والحاجيات وأصبح يصعب عليه الفراق، أو لعل البعض الآخر أراد الموت خارج البلاد وينعزل عن القوم، فيكفيه ما قدم وضحى، لعله ينال درجة الشهداء والصديقين؟ ( من مات غريبا مات شهيدا. حديث ضعيف)

 لن أبحث عن الأسباب وما أكثرها، ساهم فيها الفرد بأنانيته وساهم فيها الواقع المعيشي بصعوباته وساهم فيها الإطار السياسي بانسحابه وعدم قدرته على تفعيل فضائه وتوظيف أفراده، لن أقف مطولا عند هذا الباب فهو ليس من مشمولات حديثي، ولكن أردت التعبير عن حقيقة كثيرا ما أخفيت، وعن وقائع تجاوزت الحالة المعزولة لتصبح ظاهرة منتشرة واضحة للعيان!

ولقد كانت منهجية الخلاص الفردي سياسة أرادتها السلطة ونجحت إلى حد ما في كسبها، حيث نال بعض المبعدين تذكرة العودة وأصبحوا من المرضيين عنهم، ولست في هذا الورقة منددا أو مستهجنا لهذه الأفعال والرمي بأصحابها بأوصاف هابطة، فلكل منهم أسبابه ولعلها ظروفه الخاصة، وإذا كنا لائمين فلن نلوم غير أنفسنا فلعلنا لم نستطع الإجابة عن تساؤلاتهم ومشاغلهم وحتى مشاعرهم، ولعلنا تركناهم وحيدين في محنهم أو لعلنا كنا عاجزين عن الإلمام بالجميع لهول المأساة وحجم الانتشار…ولقد قرأت مرة أن انتشار المبعدين في أرض الله الواسعة وصل أكثر من خمسين دولة، حتى أنك تجد بلادا لم تطأها أقدام تونسية من قبل، مما يظهر عظم المأساة وشدة الجور، وإنك لتجد لكل فرد قصة بكاملها تحوي بين دفتها فصولا من المغامرة والأحزان والبلاوي الشيء الكثير والذي يقارب الخيال ويعجز عنه البيان!

إن تساؤلات عديدة تفرض نفسها وهي من بديهيات منهجية العودة وهدفها : هل إذا عدنا عادت معنا حرياتنا، عادت معنا شاشاتنا وكتاباتنا وأقوالنا وأفعالنا؟، أم نعود مغللين مكبلين لنلتحق بقافلة الأفواه المكمومة والأيادي المضمومة والأوجه الملطومة؟ لقد عشنا في منافي تنفّسنا فيها معاني الحرية ونسماتها وأشواقها، ويصعب علينا التنفس خارج إطارها والتخلي عنها بعدما كنهنا مذاقها. كيف بنا ونحن لم نعرف الحرية ولا لونها ورضينا بالمنافي والتشريد من أجلها، كيف اليوم ونحن لمسنا حقيقتها مع نسبيتها في هذه البلاد الطيبة وعشنا أيامها ولياليها، أن نرضى بانفلاتها عنا؟ لقد خرجنا من أجل الحرية، فهل نعود بدونها؟ لقد خرجنا من أجل وطن جريح، فهل نطأ أرضه من جديد دون أن نضمد جراحه؟

نحو تفعيل البعد المهجري في التغيير

إن العودة هي خلاص جماعي للأفراد والمجموعة والمشروع، وهي كذلك طي لصفحة الماضي بالنسبة للمنفي والذي نفى، وهي لا تعني رجوعا إلى نقطة الصفر ولكنها تغيير للتعامل ولقواعد العلاقة ولو بتدرج، وهو يندمج في مشروع متكامل للمصالحة يحوم حول ثلاثية واضحة المنهج والهدف، تشكل قضية المنفيين أحد أضلعها الرئيسية، من إخراج المساجين السياسيين ورد حقوقهم، وتحرير التنظم الحزبي والتعدد السياسي في البلاد، بما تعنيه من اعتراف متبادل بين الحاكم والمحكوم أيا كانت ميولات هذا المحكوم.

لذلك فإن أي مبادرة تسعى إلى تنشيط المعارضة وتفعيل المطلبية لا بد أن تدرج في جدول أعمالها و قائمة مطالبها هذا البعد الإنساني والسياسي حتى لا تؤدي عدم المبالاة والتهميش إلى الدفع بهذه الألوف إلى الإحباط ومغادرة السفينة ومعالجة أمورها بنفسها والنجاة الفردية على حساب المجموعة والمشروع، ونخسر بالتالي عددا لا يستهان به من مناصرين نحن في أشد الحاجة إليه في مسارنا نحو التغيير. إن كل فرد منفي هو مشروع منفي، وإن كل أسرة مشردة هو مجتمع مشرد، وإن كل جماعة مبعدة أو مهمشة هو وطن منقوص ومجزأ. ولا سبيل إلى طرح مشروع متكامل للتغيير والنجاح فيه إذا لم يستوعب كل أضلاعه ولا نخال الضلع المهجري إلا أساسيا ومحددا لصلاح المسار وصلوحيته.

ملاحظة : كتب هذا المقال منذ شهر وأرسل إلى مجلة الموقف التونسية غير أن الظروف غير الطبيعية التي مرت بها المجلة من حجز ومضايقات ومع وفرة المادة حالا دون نشر المقال في موعده. مع شكرنا المتجدد لمجلة الموقف وللساهرين عليها على ما يقفون عليه من ثغور صعبة لإيصال الكلمة الحرة والكلمة المسؤولة.

المصدر : موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي http://www.liqaa.net

 


 « 

كفانا سخرية من عقولنا »

أحداث هذه الأيام تتواتر و تتسارع وكلها تصب في خانة واحدة لا ينكرها عاقل و هي الهجمة الشرسة على العالم الإسلامي و لعل القنبلة النووية الباكستانية و مشروع إيران النووي وصعود الحركات الإسلامية في تركيا و الخليج وفلسطين ومصر والجزائر و المغرب يدفع عدة أطراف تحركها الصهيونية العالمية إلى التفكير في عودة الاستعمار للأراضي الإسلامية ولو بثوب جديد. والشواهد على ذلك لا تستحق لبرهان فهي ناطقة وبصوت عال ولا تخفى على ذي بصيرة المجال. هنا لا يتسع لذكرها لذلك سأتوقف عند حدثين: الرسوم المخزية وزيارة رامسفيلد لشمال إفريقيا قادما من مؤتمر بصقلية هو أيضا خصص لهذا الغرض فيما أتذكر سنة 1968 زار تونس وزير خارجية أمريكا  السيد روجرز فهبت الجامعة التونسية في مظاهرات عارمة منددة بالزيارة المخزية دون أن يبطش بها البوليس كما هو الحال اليوم والواقع أن حالنا وقتها يختلف عن حالنا اليوم فالجامعة وقتها تعد حوالي 8000 طالب بينما اليوم 366000 أي 45 ضعف والجامعة سابقا كانت لها حرمة مقدسة وسيادة أما اليوم فقد ديست تلك السيادة بحوافر البوليس وقلاوات طلبة الحزب الحاكم والجامعة سابقا كانت طليقة واليوم سيجت بسياج قوانتنامو كما أبت عباءة المحاماة لبورقيبة وعلى الرغم من ديكتاتورية الرجل أن تذهب أشواطا بعيدة في القمع والتنكيل بالحريات كما هو الحال اليوم بالمناسبة احيي بكل إكبار وتقدير إخواننا في المغرب الشقيق في تصديهم لهذه الزيارة وكما يقول المثل في تونس » اللي عقبه أخوه ما ذل »  

الرسوم المسيئة للنبي الكريم: جاءت هذه الرسوم بعد محاولات محتشمة هنا وهناك في سب الإسلام كتابة ورسوما في الكيان الصهيوني ثم في أمريكا وعلى لسان رجال دين في بعض الأحيان أو تصرف مباشر كما حدث مع بابا الفاتكان الأسبق الذي زار تونس في التسعينات وفي أوج الحملة والاعتقالات للتيار الإسلامي جاء البابا ليبارك الضرب والحبس والتنكيل بعلماء وأبرياء ثم زار الكيان الصهيوني ليسلم لهم صك البراءة من دم المسيح عليه السلام ويقدم الاعتذار الرسمي لما لحق اليهود من اضطهاد إذا هذه الرسوم لا يمكن إلا أن نقول فيها و الشيء من مأتاه لا يستغرب فهي إفراز من إفرازات القلوب السوداء الحاقدة وهي ارث لثقافة الاستعلاء والتكبر واحتقار الغير و الانغلاق الديني المقيت محركة إياه دون شك أيادي صهيونية في زمن لا يمكن وصفه إلا بزمن المنطق المقلوب ولكن رب ضارة نافعة فقد حركت الفعلة الدنيئة ضمير الأمة في هبة لا مثيل لها إلا تلك التي حدثت عند حرق المسجد الأقصى سنة 1967 ولساءل أن يسأل هل الاعتداء على النبي الكريم ومقدسات الأمة لا يحدث إلا خارج بلادنا الإسلامية؟

 أسوق للقارئ الكريم بعض من هذه الصور أو الرسوم للجواب على السؤال: 

الرسم الأول: جريدة تونسية مقربة من السلطة تنشر سنة 92 قصيدة جعلها صاحبها مناظرة بين اختيارات النظام واختيارات الإسلام وفي سياق مدحه للسياحة الصحراوية يقول:  » وحبة رمل من صحرائنا اطهر من مريم العذراء في قرانكم »

الرسم الثاني: خصصت القناة التونسية مسلسل رمضاني سنة 92 كاملا ليتناول بالنقد والتجريح بآيات القران الكريم فمثلا يصب الممثل( و هو المخرج نفسه) الماء على رأسه ثم يقهقه ضاحكا يسأله صديقه و ما يضحكك فيجيب لقد ادعوا أن الإنسان خلق من طين و ها أنا اصب الماء و لا أذوب

الرسم الثالث: ما ورد على لسان السيد وزير الشؤون الدينية في خصوص الحجاب وما ورد على لسان أستاذة قولها أن أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب هو أول عدو للمرأة وموقع الأستاذة السياسي والبيداغوجي هو موقع المسؤول في تونس

الرسم الرابع: على غرار ما وقع في العالم الإسلامي حاول بعض الطلبة التعبير عن رفضهم لاهانة دينهم داخل الحرم الجامعي ودون أحداث أي تشويش أو فوضى في الطريق العام و في الليل هاجم البوليس بيوت بعضهم وحجز ما فيها من كتب وسجادات وأوقف البعض منهم وعند استنطاق احدهم سأل الباحث ما دعاكم لهذه الأعمال فيجيب الطالب دفاعا عن رسول الله يرد عليه الضابط لانعرف هذا رسول الله

زيارة رامسفيلد :صرح السيد رامسفيلد وزير البطش والاستكبار العالمي عند هذه الزيارة أن السلطات التونسية تمثل محورا هاما في مقاومة التطرف ولم يقل هذه المرة مقاومة الإرهاب وهو يعي ما يقول والحقيقة أن سلطات تونس تلعب محورا هاما في مقاومة التسامح ومقاومة الحرية ومقاومة الفكر والعلم النير ومقاومة الأصالة و أخيرا مقاومة الأمن والأمان لشعبها وأبناءها رامسفيلد جاء ليقلد تونس وسام ما سماه مقاومة التطرف وأنا أقلده وسام الضحك من عقولنا والسخرية من سذاجتنا السيد رامسفيلد يعلم جيد العلم أن مقاومة التطرف الحقيقي هو مقاومة الكنيسة الصهيونية التي ينتمي إليها المحافظون الجدد و منهم رامسفيلد والبيت الأبيض و مقاومة الجدار العازل في فلسطين الحبيبة و مقاومة السلطات التونسية في بطشها وظلمها وقهرها لرجالات تونس القابعين وراء القضبان أو المسرحين داخل السجن الكبير فقد أبدعت هذه السلطات في تزيين وجهها عكس ما تفعله و قلب حقائق الأمور حتى كأني بها تفعل بشعبها في تطبيع العلاقة مع الشر أكثر مما يطلبه منها أسيادها و صدق الله العظيم حيث يقول:

 » قل هل ننبئكم بالاخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنع »
 الكهف 103-104
المنصف بن سالم   2006/02/18

 


رسوم التعريض بالرسول الكريم : الأبعاد والتبعات

 

د.منصف المرزوقي

 

ما الذي يمكن إضافته من جديد، أو طريف، أو هامّ  لهذا الموضوع الذي أسال أنهارا من الحبر في كل ربوع العالم، ونسأل الله أن لا يسيل يوما أنهارا من الدم؟ ربما لاشيء واني وصلت للموضوع متأخرا  وقد قيل فيه كل شيء والباقي.

ومع ذلك فليسمح لي بالمشاركة في الضوضاء علني اسمع فيها صوتا أتمنى- دون وهم كبير- أن يكون واحدا من بين أصوات  العقل والتعقلّ  في زفة المجانين التي تعصف بالعالم حاليا .

وفي البداية حتى نغلق الباب على كل سوء فهم لما سيتبع ،أقول أن نشر  الرسوم التي أقامت الدنيا ولم تقعدها   في صحيفة  دنماركية مغمورة ، ونرويجية أكثر منها  تفاهة،  وأعادت نشرها صحيفة » شارلي هبدو » الفرنسية المعروفة بتخصصها في الاستفزاز ، عملية سفيهة ، غير مسئولة ولا تواجه إلا بمطلق الاستنكار والإدانة .

لكن الإدانة  مبتدأ الخبر لا منتهاه. فلا أسهل من التنديد والمزايدة ولا أصعب من التعامل مع هذه الجمرة  الحامية والخبيثة في آن واحد بكل ما تستأهل من تفكير معمق، على قدر خطورة ما تفجرت عنه حمما كالبركان الذي يبدي علامات  يقظة لا تنذر بخير.

أحاول  التفكير بهدوء  وبموضوعية  في قضية لا تدفع لا على الهدوء والموضوعية، فيبادرها ذهني بالمعالجة على الطريقة الطبية . فالظاهرة ( الرسوم وردود الفعل عليها ) بداهة  مجرد عرض يفضح خللا عميقا في جسم بحجم حضارات بأكملها . أما القدرة على العلاج فرهن بالتشخيص الصحيح  ولو أن اختصاصي في الطب  لا يشمل للأسف طب الحضارات.

السؤال إذن : ما الذي تفضح هذه الأزمة على مستوى  تعامل الأمم والشعوب مع بعضها البعض؟

الجهل وسوء النية.

يتصادف أن ظروف الحياة جعلتني أعيش طوال  حياتي على تخوم وداخل حضارتين متكاملتين ومتنافستين أعتقد أنني بدأت أفهم بعض خصائص  كل واحدة وبعض أسباب الجفاء  بينها .

وهذه الوضعية هي التي تمكنني اليوم  من الانتباه إلى عمق الجهل وسوء الظن الذي تظهره كل  أطراف النزاع.

ثمة في البداية جهل الطرف الغربي الضالع في العملية  (لا حظ أنني لا أقول الغرب) وسوء نيته.

فهذا الطرف يجهل أن علاقته بالمقدس ليست علاقة شعوب أخرى  وأن علاقته هذه  الشاذة وليست القاعدة    

والشاذة تحصى ولا يقاس عليها. لكن الطرف الغربي ، في إطار عجرفة كل حضارة منتصرة، يعتبر أن على الشاذة أن تكون القاعدة وعلى الشاذة أن تكون  القاعدة.

ثمة أيضا سوء النية  بخصوص  قضية حرية الرأي والتعبير التي يشهرها هذا الطرف  في وجه المحتجين على نشر هذه الرسوم. يخيل لك وأنت تقرأ لمن يلعبوا ورقة هذه الحجة أنهم يسخرون من ذكائك …أو من إطلاعك على جملة المبادئ التي أسست  لحرية تؤطرها قوانين تمنع الثلب والتحقير والافتراء وتعاقب عليها. فلا وجود في أي من البلدان الديمقراطية لمبدأ حق في المطلق وحرية غير مشروطة. 

انظر الآن لهيكلية الإعلان العالمي لحقوق الإنسان . ستجد فيه جملة من الحقوق والحريات مثل الحق في الكرامة ( البند الأول) والحق في المعتقد (البند الثامن عشر) والحق في السلم(الديباجة) وبالطبع الحق في حرية الرأي (البند التاسع عشر). لكن الخاصية في هذه الحقوق أنها مترابطة ببعضها البعض ، أنها تكمل بعضها البعض ، أنها تحدّ بعضها البعض. لا يمكن لحق الرأي أن ينقض الحق في السلام ولا الحق في الكرامة ولا الحق في المعتقد  وإنما عليه الدفاع عنها. كذلك على المؤمنين بكرامة الإنسان الدفاع عن حق الرأي والمعتقد طالما لم يتصدى لحقوق الآخرين.

قد يبدو هذا الكلام من قبيل السفسطة . لنجرب مدخلا آخر لا أظن أنه وقع طرق بابه وهو من ميدان الأخلاق. كلنا نعرف بالسليقة أن الشجاعة فضيلة إذا مورست في حدود، لكنها إذا تجاوزت  نقطة أو حدّ    

تصبح تهورا أي رذيلة لا تخدم الأهداف التي تخدمها فضيلة الشجاعة وإنما تتهددها. كذلك الأمر عن الكرم الذي يصبح إن تجاوز هذا الحد إسرافا والاقتصاد بخلا والصراحة قلة أدب الخ .

المشكلة أن الانتباه للحد والتوقف عنده قضية ذكاء وخبرة وتجربة ، أن تجاوزه هو القاعدة عند الأغبياء والمبتدئين والجهلة والمرضى النفسيين، وأحيانا ، ولو عرضا،  حتى من قبل أناس طيبين وأذكياء ،  لأنه لا أصعب من ممارسة الفضائل ( والعيوب) في الحدود التي تجعلها في خدمة الحياة لا ضدها.

معنى هذا أن ما لم ننتبه إليه جميعا أن وراء هذه الزوبعة كمشة من الأغبياء لم يتعرفوا على الحد وتجاوزوه . أي مؤرّخ همام سيكتب يوما تاريخ الغباء ودوره في تسيير شؤون البشر؟

والآن ماذا عن الجهل وسوء النية عند الطرف العربي-الإسلامي.

ثمة طبعا  الجهل المعاكس أي جهل العرب والمسلمين أن علاقتهم بالمقدس ليست علاقة كل الشعوب.

أذكر المفاجأة التي صدمتني وأنا طالب في السبعينات عندما نشرت جريدة » شارلي هبدو » (التي أعادت هذا الأسبوع نشر الرسوم ) كتابا كاملا لأحد أبرز رساميها هو  » كافانا » يقلد التوراة والإنجيل ويسخر فيه بأقذع الصور والكلمات من كل ما ورد فيه .

ثمة أيضا الجهل بأن الرسوم المعادية للإسلام  أمر شائع ومنتشر في الغرب منذ المواجهة العسكرية الأولى بين الحضارتين. من يعرف منا مثلا أن اغلب النقوش على جدران الكاتدرائيات هي رسوم تسخر من الرسول الكريم  وتصوره على شكل شيطان يعرف تحت اسم Baphomet   والتلميح واضح بما فيه الكفاية.

ثمة أيضا جهل كل الذين طالبوا رئيس حكومة الدنمارك بالاعتذار لأنهم يتصورون أن الصحف في الدنمارك على شاكلة صحفنا وأنها تتلقى تعليماتها من وزارة الإعلام والدعاية، لا يتصورون أن هذه الصحف تسلخ جلد المسكين طول حكمه  وانه لا سلطة له عليها مطلقا.

ماذا الآن عن سوء النية التي نجدها دوما وراء موقف » افعلوا ما أقول ولا تفعلون  ما أفعل ».

نحن لا نسخر من موسى وعيسى لأن الإسلام يعتبرهما نبيان لا يجوز المساس بهما. لكن انظروا للرسوم التي تظهر منذ عقود في صحفنا عن اليهود وسترون أنها لا تقل عنصرية عن الرسوم التي رسمتها عنهم الصحف النازية والتي  ترسم عنا أحيانا في الصحف العنصرية الغربية.

أليس من المخجل أن يرد رئيس دولة إسلامية مثل إيران على تصرف أحمق بتصرف لا يقل حمقا بالإعلان عن مسابقة رسوم بخصوص المحرقة وكأنه يمكن الضحك والإضحاك بموضوع كهذا.

لقد بدأت ردود الفعل الرسمية على هذه الحماقة  حيث احتج   Wolfgang  Schüssel   الرئيس الحالي للإتحاد الأوروبي عليها والبقية ستأتي لمزيد من صب الزيت على النار.

يتحدث الكثير عن صدام الحضارات لكن رشيد بن زين محق في قوله في مقال نشرته صحيفة libération  أننا أمام صدام  »غباءات  »

اتساع الهوة بين الحضارتين

الخلل الثاني الذي تفضحه قضية الرسوم هو توسع الفجوة بين الحضارتين. هي في الواقع مؤشر على التدهور السريع بين العالم العربي والإسلامي  والغرب والمنعطف فيه كارثة الحادي عشر من سبتمبر المشئومة.

المصيبة  أن كل طرف يعتبر نفسه الضحية والآخر هو المعتدي.

من السهل نتصور لسان حال  الطرف العربي  والمسلم وهو يقول: لا يكفي أن عادوا للاحتلال العسكري المباشر على طريقة القرن التاسع عشر في العراق وأفغانستان …لا يكفي أنهم يمتصون خيراتنا….لا يكفي أنهم يدعمون الدكتاتوريات التي تقهرنا …. لا يكفي أنهم يتشدقون بالديمقراطية في العراق  ويرفضون نتائجها عندما لا تروق لهم في فلسطين ….. .والآن ها هم يتهجمون على أقدس مقدساتنا.

لكنه ليس من السهل علينا  تصور لسان حال  الغربي وهو يقول: لا يكفي أنهم هاجمونا في عقر دارنا في نيويورك  ومدريد ولندن ، لا يكفي أنهم طردونا من بلدانهم ولحقوا بنا في بلداننا، لا يكفي أنهم يضعون علينا كل أسباب إخفاقهم….والآن يريدون فرض قيمهم علينا ومنها الحد من الحريات التي اكتسبناها بالعرق والدم والدموع .

لا بد من تقدير عمق القطيعة التي تظهرها هذه المواقف ، لكن الأهم هو الانتباه لما تعبر عنه هذه الشكاوى والتهم المتبادلة من خلط وتعميم . ففي الغرب هناك خلط متواصل بين الإسلام والمسلمين والمتطرفين الدينيين . هو خلط لا يقل عشوائية وسذاجة وتعميما وجهلا عن الذي تمارسه شعوبنا ونخبنا التي يفترض منها إنارة السبيل لها وليس الانزلاق في أخطائها.

إذا كان من مسئولية المثقفين والإعلاميين والسياسيين  الغربيين النزيهين  فضح الخلط ووضع الحدود والفوارق ، فكم من مثقف وإعلامي وسياسي عربي له الشجاعة هذه الأيام للتذكير بأن الغرب ثلاث

 » غربات » لا يجوز مطلقا الخلط بينها : غرب الحضارة وغرب الدول سواء في أوروبا أو أمريكا  وغرب المجتمعات المدنية ، و أنه من واجبنا ومن مصلحتنا الأخذ بأحسن ما في الحضارة ، ومن واجبنا ومن مصلحتنا التعامل بأقصى الحذر مع الدول ، ومن واجبنا ومن مصلحتنا  تنمية  التعاون والثقة مع المجتمعات المدنية.

                                      الهشاشة والضعف  العربي- الإسلامي

إنه الخلل الأخطر الذي فضحته  قضية هذه الرسوم  وهو يبدأ من اللغة. فالفعل المستعمل لوصفها هو الإساءة ،أي أننا اعترفنا  بنجاح عملية  أكرم ما توصف به هو محاولة أو نية  التعريض بالرسول الكريم. بالله عليكم  كيف  يمكن الإساءة لشخص بمثل هذا الحجم؟ ومن قبل من وقعت الإساءة  لكي تستأهل كل هذا الغضب  ….البابا؟ الدالاي لاما؟ رئيس دولة الصين ؟….كلا, من جريدة مغمورة في بلد صغير.

هل يعقل أن تكون ردود الفعل بمثل هذا الحجم على عملية بمثل هذه التفاهة؟ إنه السؤال الوحيد الذي يجب أن نردّ عليه . فإما أننا نؤمن بأن الإسلام ورسوله الأعظم قلعة شامخة تتحدى الزمان، وآنذاك ماذا يضيرنا أن تحطّ عليه لحظة  ذبابة قذرة . وإما أننا نكذب على أنفسنا وثقتنا في هذا الذي ندعي الإيمان والتمسك به مهزوزة إلى درجة أن ذبذبة جناحي الحشرة القذرة كافية لإحداث زلزال فيه؟

للأسف يمكن القول أن ما تفضحه ردود الفعل الهستيرية من حرق سفارات وحمل نعش كتب عليه الدانمارك وهذه المسابقة التافهة بخصوص رسوم كاريكاتورية عن محرقة اليهود، ليس عمق الإيمان وإنما عمق حساسية مرضية تعبر عن انعدام الثقة في النفس والأمة.

لنتصور ردود فعل شعوب قوية واثقة من نفسها ومن قيمها ومن دينها: سطر في جريدة عربية يبتسم له القراء  ؟ قضية مرفوعة أمام محكمة  دانماركية من قبل الجالية المسلمة والبت فيها بهدوء ؟ لفت انتباه لطيف من قبل الأزهر أو أي سلطة روحية لمجلس الكنائس ومسارعة هذا الأخير للاعتذار؟

الثابت أن حساسية العرب والمسلمين المفرطة الناجمة عن مشاعر الإهانة والإذلال وعجرفة الطرف الغربي وجهله وسوء نيته قنابل موقوتة تتهددنا وتتهدد أجيال سترث عنا الكثير من المشاكل والقليل من الحلول.

                                      هل ينفع العقار في ما أفسده الدهر؟

يوم  21 جويلية 2005 دعا شخص اسمه , Kaj Wilhelmsen من منبر إذاعة دانماركية إلى طرد المسلمين من أوروبا الغربية واستئصال  » المتطرفين » . من حسن الحظ أن محكمة كوبنهاجن  أدانته في شهر فبراير 2006. إلا أنه لا يجب أن نغترّ فللعديد من الأطراف في الغرب والعالم العربي والإسلامي نية، وما تتصوره  مصلحة  ومشروعية، لصب الزيت على النار والدعوة لأجمل حرب ممكنة. إن أمثال الرجل المذكور، وإن كانوا قلة، أكثر مما تتحمله وضعية  عالم تكدست فيه الشعوب على بعضها البعض وتشابكت مشاكلها بكيفية تستعصي على الفصل.

هناك أيضا متطرفينا.

إنها قاعدة عامة انه لا أبعد من المتطرفين عن بعضهم البعض عندما يتعلق الأمر بما يسوّقون، ولا أكثر شبها ببعضهم البعض عندما يتعلق الأمر بكيفية التسويق …. الفكر على طرفي النقيض وطرق التفكير واحدة . يجب أن ننتظر منهم استغلال هذه الأزمة إلى ابعد حدود كما يجب أن ننتظر منهم أفعالا تزيد النار اشتعالا ، كل هذا لتغذية تطرّف أشباههم في الطرف الآخر، الذي سيوفر لهم كل الذرائع للتوغل بعيدا في تطرفهم  هم ….مما …..الخ .

ثمة أيضا دور الدول في تفويض حريق  يتصورون أنه يمكن التحكم في لهبه. أنظر للطريقة التي تعاملت بها أنظمة الفساد والقمع والتزييف التي تحكمنا  مع الأزمة . إنها هي  التي أوصلت الأمة لحالة الهشاشة  والضعف التي تجعلها تهتزّ لأزيز ذبابة قذرة  وها هي تنبري للدفاع عن صانع القيم التي تخرقها ليلا نهارا.

إن أعظم فكرة  جاء بها الإسلام ،ويكاد يختص به وحده في مستوى الوضوح والجرأة والتبعات الهائلة، هي التي وردت في الآية القرآنية الكريمة »ومن قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض  فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا »( المائدة 32) .

 ليتساءل زعمائنا الأفاضل على ضوء هذه الآية التي تذكر الفساد وقتل النفس  كم فسدوا وكم  قتلوا من محمد تحت التعذيب  وكم عذبوا من محمد وكم أهانوا من محمد وكم سرقوا من محمد وبالتالي كم عذبوا وسرقوا وأذلوا من إنسانية  ….أو كم من مرة انتهكوا الإنسانية في كل محمد ساموه خسفا.

وهذا بالطبع كلام لا يعنيهم ولا يرقوا إليه لأن البقاء في السلطة ،بما هي الهاجس والمخدر الكبير، هو الهدف الأول والأخير، وإذا تطلب الأمر المزايدة على الإسلاميين في مثل هذه الفرصة الدسمة فلم لا…مهما كانت النتائج على الأمد البعيد المدى ؟

انظر أيضا  كيف استغلوا الفرصة للتنكيل بالصحافيين والصحافة الحرة  وهي أكره ما يكرهون وأخشى ما يخشون.

الصحافيون عبد الحليم أكبر صبرا ، يحيا العابد، محمد السعدي ، كمال علوفي في اليمن ، جهاد مومني وهشام الخالدي في الأردن، كمال بوسعد  وبركان بودربالة في الجزائر،  بعض من  الذين سيتشفى فيهم النظام العربي الفاسد يدفّعهم تحت ستار الأزمة  ما تخلد بذمة الصحافة الحرة  ويبعث لها برسالة مضمونة الوصول حول ضيق الهامش ومناعة  الحدود وغلظة الحارس .

أخيرا وليس آخرا، ثمة  مصالح الدول الغربية التي ننسى أنها مؤسسات تعمل في ظل البحث عن المصلحة العاجلة وأن الغباء في تسييرها ليس بالندرة التي يحاول أصحابها إخفاؤه عنا . وهذه الأطراف لا تكف هي أيضا  عن صب الزيت على النار التي أوقدتها  بسياستها تجاه عالمنا العربي الإسلامي ، تخلق كل أسباب ومبررات الإرهاب وتسارع للصراخ منه.

                                                            *

السؤال بعد هذا التشخيص  هل ما زال هناك مكان للأمل في وقف الانجراف .

صحيح انه لا حق لنا في تفاؤل ساذج أو تنقيص من خطورة أزمة تضرب كل أحد في الصميم . لكنه يجب ألا ننسى يوما أن هذا العالم محكوم على الدوام بفعل قوتين لهما نفس الإصرار : قوة الحياة و الخلق وقوة الموت والدمار، وهي الثنائية التي جسدها  البشر حسب الزمان والمكان  في كيان الشيطان وكيان الملاك أو في مفاهيم نظرية وأخلاقية مثل الخير والشرّ ، أو الظلام والنور.

الثابت اليوم أن قوى الدمار تجد في الجهل وسوء النية وسوء الظن والتطرف والسياسوية والغباء المنثور بسخاء على حافتي الهاوية، ما يغذي مشروعها الرهيب. لكن لقوى الخلق والحياة أدواتها هي الأخرى.

لا يجب أن ننسى أن من خرجوا لحرق السفارات – أحيانا بتساهل إن لم يكن بإيعاز – لا يتجاوزون الآلاف في أحسن الحالات وأن المليار مسلم حافظ على رصانته . لا يجب أن نستهين  بالحكم الذي صدر في الدنمارك ضد دعاة العنصرية . لا يجب أن نرفض اعتذار الرجل النرويجي الذي رفع عاليا أمام كاميرات تلفزيونات العالم و تحت رسم شارة  السلام كلمة Sorry  . اسمحوا لي باسمكم جميعا، وكواحد ممن شعروا بوجود محاولة ونية  إهانة ، قبولها وشكره.  باسمكم أيضا اسمحوا لي أن أعبر له عن أسفنا جميعا لسيل السب والشتم لشعوب بأكملها صدرت من أفواه عربية غير مسئولة وغير ممثلة .

كذلك لا يجب أن نتهاون في تقدير قيمة  العديد من المبادرات الغربية والعربية لتهدئة الوضع.

كل هذا يمنعنا من الإغراق في التشاؤم، لكن لا يجب أن يغيب عنا لحظة أن مهمة رمي الجسور فوق الهوة المتزايدة الاتساع والعمق  مرمية على كاهل  أقلية من  العقلاء وأصحاب النوايا الطبيبة على ضفتي المتوسط والأطلسي ….وأنها ستكون بالغة الصعوبة .

كل ما نأمل ألا يمحو هذا  » التسونامي » جهودا متواضعة ومستمرة لتغليب منطق السلم على منطق المواجهة ….. وألا نضطر يوما للبناء فوق ركام الخراب .

 

(المصدر: مجلة الحدث – العدد 50 – فبراير 2006 )


 
 

ماذا وراء حملات الإساءة العنصرية الرخيصة ضد الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم؟

أحمد الكحلاوي – تونس

 

1 ـ بعد سقوط الاتحاد السوفياتي: العروبة والإسلام في مرمى العدوان:

 

في الوقت الذي نشرت فيه كوندوليزا رايس مقالات تساءلت فيها عمن سيكون «عدو الولايات المتحدة» المقبل بضعة أشهر بعد تفكك الاتحاد السوفياتي وسقوط جدار برلين أصدر الموظفان الأمريكيان في مؤسسات الادارة الامريكية «فوكوياما» و»هنتنغتون» كتابيهما اللذين أعلنا فيهما «نهاية التاريخ» وحلول عصر «صراع الحضارات وصدام الثقافات»، وكانت قد نشرت خلال تلك الفترة العديد من «الدراسات» التي أصدرتها مراكز وهيئات بحثية عديدة من المؤكد أن جهات أمريكية عليا أوعزت بها، تحدثت عن الاتجاهات الجديدة للسياسة الأمريكية وكانت جمعيعها تشير الى «الشرق الأوسط» وأمن «اسرائيل» التي «لم ينته دورها بعد سقوط الاتحاد السوفياتي» كما يروج البعض بل ان دورها يزداد أهمية في ظل الوضع الجديد وهو ما كانت تؤكد عليه تلك المؤسسات والصحافة الأمريكية. وكان من الواضح أن الاسلام وهوية العرب القومية التي هي سر بقائهم ومصدر قوتهم كانت مستهدفة وأن خطة تصعيد العدوان ضدهم وتركيزه عليهم كانت جاهزة.

 

2 ـ الهدف: الشرق الأوسط الكبير تكون فيه القيادة للكيان الصهيوني:

 

لأن الأمل يأتي في أغلب الأحيان من فلسطين فقد نجحت الساحة الفلسطينية وحركتها الوطنية في تجاوز ما كان يعيق ويعرقل تصعيد مقاومتها وأعلنت منظمة «حماس» انطلاقتها وأصبحت انتفاضة الحجارة في فلسطين على أشدها وبدأت الساحة العربية الشعبية والرسمية تشهد بعض الانسجام والتضامن مع تلك الانتفاضة في هذا الوقت افتعل الأعداء دسيسة ضد العراق الخارج لتوه نحو أفق جديد وأصروا على إيذائه رغم ما كان متاحا آنذاك من حلول عربية واسلامية تفي بوضع حد لمسائل عربية واسلامية ولأن الهدف كان منع تجذّر الصمود ومقاومة الاحتلال في فلسطين ومنع التصدي لمشاريع الهيمنة الأمريكية في المنطقة فقد شنت أمريكا عدوانا ثلاثينيا على العراق استخدمت خلاله أخطر أنواع أسلحة الفتك والدمار لارهاب العرب و»لتحييد» العراق القوة العربية الصاعدة وصاحبة مشروع قومي عربي يقود الأمة في معارك التحرير والوحدة والنهوض القومي فكان ما كان من جرائم إبادة العراقيين وإنهاك العراق ودولته بحصار مدمر رغم صمود العراقيين ودفاعهم عن بلدهم وعن مشروعهم ودعمهم للانتفاضة والمقاومة في فلسطين وانتصار الشعب العربي لهم.

 

3 ـ فوضى «بناءة» للشرق الأوسط الكبير:

 

وفي مطلع القرن الجديد (القرن 21) قرر بوش وحكومته أن القرن الجديد هذا سيكون «قرنا أمريكيا» وأن إدارته ستدخل تغييرات في منطقة الشرق الأوسط. وانطلقت على إثر ذلك التسريبات والاشارات تتحدث عن «الأقليات المضطهدة» وعن شرق أوسط جديد بكيانات عرقية وطائفية وجغرافيا جديدة وأنه بات على العرب التطبيع مع اسرائيل دون إبطاء ودون انتظار ودون وضع أية شروط تجاهها مع ضرورة أن يضع العرب حدا لارهابهم العربي الاسلامي ضدها ثم أعلنت حكومة الولايات المتحدة الامريكية على إثر أحداث 9/11 الحرب العنصرية الدموية على أمتنا وتوعدتنا بسياسة الفوضى الخلاقة سياسة تفجير الاقطار العربية والاسلامية من الداخل وفرض الحصار عليها وبث الفتن فيها وبين بعضها البعض وافتعال الأزمات داخلها تفعيلا لهذا «الصاعق» أو ذاك (مثل الزعم بامتلاك أسلحة محظورة، أو دعم «الارهاب» وتمويله، أو ركوب حالات من عدم الاستقرار مفتعلة او عمليات أمنية مختلفة أو «قضايا» حقوق انسان أو غياب لديمقراطية مزعومة الخ…) وتدويل تلك الأزمات والاستباق بتلفيق تهم حولها ثم تشكيل لجان ظاهرها للتحقيق أو للتفتيش وباطنها للتوريط والادانة وتوظيف ذلك بما يتيح لها التدخل السافر في شؤون تلك الدول عبر مجلس الأمن أو بدونه لفرض برامجها السياسية وتحقيق مصالحها الاقتصادية الاستعمارية واختارت للحرب التي أشهرتها علينا في أفغانستان كمقدمة للعدوان على العراق عنوانا ينضح حقدا وكراهية تمثل في «الصدمة والترويع» مجبرة «العالم الحر» على التواطئ معها في عدوانها ذلك ضمن ما أطلقت عليه «حلف الدول المناهضة للارهاب» وجيشت ذلك العالم، بواسطة التهديد والوعيد واعلام منحاز لها ومتواطئ معها، وجعلته يستسلم لمنطقها الامبريالي الصهيوني، منطق التفوق العنصري البغيض، المتمثل في ضرورة ان يكون هذا العالم، معها في كل ما ترتكبه من جرائم الاحتلال والهيمنة الصهيونية والا فانه مع الارهاب؟ هذا الارهاب الذي هو بحسب ما تقتضيه الضرورة الصهيونية ـ الامريكية وفي كل الحالات ارهاب عربي واسلامي؟ أما الصهيونية فان الحكومة الامريكية جعلت «مجلس الأمن الدولي» يصدر قرارا يلغي بموجبه قرارا آخر كان قد صدر سنة 1975 واعتبرها شكلا من أشكال العنصرية. ثم كثفت الحكومة الامريكية اعتمادا على كذبة الارهاب العربي الاسلامي هذه من دعمها للاحتلال ولجرائمه ضد العرب والمسلمين في فلسطين وفي أرجاء الوطن العربي وبررت بنفس الأكاذيب الاحتلال في لبنان وفي الجولان ثم قامت باحتلال العراق وتدميره بهدف «ارجاعه الى العصور الحجرية» والبدء في ظل هذه الفوضى في بناء الشرق الأوسط الكبير كما ادعت.

 

4 ـ اغتيال الأفكار والعقول يلازم جرائم الاحتلال والإبادة الجماعية:

 

وتستمر في تبرير ما ترتكبه ضد أمتنا من جرائم الإبادة الجماعية والتصفية العرقية والتدمير واطلاق حملات الاحتقار والتشويه ضد عقيدتنا وصولا الى ما تفتقت عليه ذهنيتها العنصرية من اعلان حرب «العقول والأفكار» المتزامنة مع جرائم الإبادة الجماعية بواسطة الدبابات والأساطيل والطائرات وكافة الأسلحة المحظورة واغتيال العلماء وهي حرب استئصال للعقيدة وللهوية والثقافة العربية الاسلامية وها قد ذهب بها الأمر الى حد مطالبة الحكومات العربية بإلغاء الآيات القرآنية التي تحض على الجهاد من مناهج التعليم والتوقف عن تدريس تاريخ الفتوحات الاسلامية وسير الأجداد الفاتحين ثم قامت جهات قريبة منها بترويج ما أطلقت عليه كتاب «الفرقان» في محاولة للاساءة للقرآن الحق، ثم يصف الرئيس بوش يوم إعلان حكومته الحرب العدوانية على أفغانستان ثم العراق حربه تلك بـ: «الحرب الصليبية» معتمدا تقنية «زلة اللسان»؟ وهو المعنى الذي سيؤكده في حديثه الموالي عن معركة «الطائر النبيل» في إشارة الى احدى معارك الحروب «الصليبية»؟ ثم ألم يقم بوش بتقسيم العالم الى محور للشر حشرنا نحن العرب والمسلمين فيه ومحور للخير جعل الكيان الصهيوني والحكومة الأمريكية ومن حالفها ضمنه؟ ألم يسارع برلسكوني رئيس وزراء إيطاليا على إثر ذلك بالالتحاق بهذا الخطاب العنصري وذلك عندما صرح أمام «البندستاغ» الألماني بأن ربه أفضل من رب المسلمين وبأن الحضارة الغربية أفضل من الحضارة الاسلامية.

ألم يتبن رئيس الوزراء الاسباني السابق «أثنار» نفس الخطاب العنصري لتسويق قرار حكومته المشاركة في الحرب الامريكية العدوانية على العراق، وراح يذكر الاسبان زورا بما سماه «اعداء الاسلامي التاريخي» لهم متناسيا الماضي المشرق لتلك الحقبة الاسلامية الرائعة في اسبانيا خاصة وفي أوروبا عامة وهي الحقبة التي فتحت أمام الأوروبيين طريق الأنوار وأخرجتها من عصر الظلمات والتخلف وأنقذتهم من همجية قبائل «الفيكنغ» و»الإنجل» و»الساكسون» وغيرها الزاحفة من شمال أوروبا نحو الجنوب.

 

5 ـ صليبية جديدة ومقدس جديد:

 

وهل توقف بوش الابن عن التعرض للهوية العربية والاسلام؟ ألم يرفع نبراته الى حد الحديث وبدون أدنى حرج عما سماه بـ»الفاشية الاسلامية» متناسيا «فاشية» الصهيونية والإمبريالية؟ وماذا يعني أن يصادق البرلمان الفرنسي في هذا الوقت بالذات على قانون يمجد الاستعمار ويقرر التنويه «بإيجابياته» في مناهج التدريس الفرنسية، فهل للاستعمار ايجابيات حتى نمجدها وهل ان قتل مليون ونصف مليون جزائري ومئات آلاف الناس الآخرين ونهب ثروات البلاد المحتلة وإذلال شعوبها عمل ايجابي وسلوك متحضر وتقدمي يجب تعليمه للأجيال؟ ألا يحيل هذا القانون الفرنسي الى ما تروج له الحكومة الأمريكية من أن احتلال العراق تحرير له؟ ولماذا يصف السيد «ساركوزي» شباب الضواحي الفرنسية المنتفضين ذوي الأصول العربية والاسلامية بالحثالة؟ وإذا كان الأمر كذلك فبماذا نصف مهاجرين من انتماءات أخرى؟

لقد بات واضحا ان الامر يتعلق بحملة صهيونية مبيتة ضد الاسلام والمسلمين ضمن «حرب العقول والأفكار» وذلك عندما التحقت ملكة الدانمارك بهذه الجوقة محذرة الغرب «المتحضر جدا» من الاسلام «المتطرف» متسائلة عن كنه تمسك هؤلاء المسلمين «طوال الوقت» بالاسلام؟ مطالبة بالتصدي لما زعمت أنه تطرف اسلامي في كتاب صدر باسمها في أفريل 2004 وما صحب ذلك فيما بعد في صحف الدانمارك ودول أوروبية أخرى من نشر صور تسيء للرسول الأعظم ص وتسخر من المسلمين؟

 

6 ـ ديمقراطية ملوثة باليورانيوم المنضب ومشروطة بالاعتراف بالاحتلال الصهيوني والاستسلام له:

 

هل يريدون منا أن نصدق مزاعم بعضهم من أن الرسوم المسيئة للرسول الأعظم ص تدخل في باب حرية التعبير وعلامة من علامات الديمقراطية، لماذا اذا يرفض أغلبهم إدانة جرائم الصهيونية وما يتعرض له العرب من احتلال وارهاب وإبادة جماعية على أيدي قوات الاحتلال في فلسطين والعراق والتهديدات ضد سورية وضد لبنان؟

ماذا يريدون منا بالضبط؟ هل يريدون منا أن نصدق اقتحام بلادنا بواسطة الدبابات أم ديمقراطية المرتشين أم ديمقراطية يرفضون نتائجها كما فعلوا في أماكن عديدة من بلادنا أم ديمقراطية مشروطة بالاعتراف بالاحتلال والاستسلام له كما يطالبون به منظمة «حماس» الآن؟

أو ديمقراطية المحاصصة الطائفية والعرقية المفروضة بالسلاح والملوثة باليورانيوم المنضب وبالفسفور الأبيض؟ أم ديمقراطية يصطادون بها المجاهدين ويقايضون بها سلاح المقاومة؟ ولماذا تغيب الديمقراطية عندما ترفض ملايين الناس في أمريكا وفي بريطانيا وفي اسبانيا وفي غيرها الحرب العدوانية على العراق؟ ألم تؤكد كل الاستفتاءات التي جرت وقتها على ذلك وبنسب عالية جدا؟ ألا يعني ذلك وبكل بساطة أن مصالح الطغم الحاكمة فوق الديمقراطية وفوق مصالح الشعوب وهل الامر يتعلق بديمقراطية وقرارات شعب أم بتكليف الاهي وتعليمات سماوية مزعومة؟ ومتى كانت «السماء» تحرض على القتل والدمار وارتكاب الجرائم ضد الانسانية واحتلال بلدانها؟

 

إن الهجوم الاستعلائي العنصري على العرب والمسلمين في عديد الاذاعات والتلفزات ومجلات وصحف الغرب المتحاملة يستمر يوميا وبدون توقف مما يؤكد أن الأمر مدبر وليس مجرد حادث عابر كما يزعم البعض.

 

إن حملات «صنع» رأي عام غربي منخرط في سياسة عداء عنصرية ضد المسلمين تتصاعد باستمرار ولا يخفى على أحد قدرة هذا الغرب بآلته الاعلامية الضخمة على صناعة الحقد وافراز ظروف مشحونة ضد هويتنا العربية والاسلامية كما يتبين لنا الآن في عدد من بلاد أوروبا وكما لا يخفى فان الامر لا يخرج من أيدي سادة المال والأعمال والسلطة.

 

وكما هو معروف فإن عتاة الصهاينة لا يتوقفون يوما عن التحريض ضدنا فتلك «وظيفتهم» التي رسمتها لهم الأطر المسيرة للصهيونية العالمية ويستمر حاخاماتهم ينفثون سموم حقدهم الأعمى ويدفعون طغاة الحرب والعدوان في الحكومة الأمريكية وفي الغرب الاستعماري لقتلنا بالصواريخ باعتبارنا «أفاعي» و»جرذان» كما أمر بذلك الحاخام عوفاديا يوسف في فلسطين المحتلة؟ فيما يتجند زعماؤهم الآخرون في العالم يجوبون المدن الامريكية والعواصم الأوروبية ويشنون الحملات العنصرية محرضين على التنكيل بالأمة وتشويه عقيدتها وانتهاك سيادتها واحتلال أراضيها وسلب ثرواتها ومصادرة مستقبلها وقد حدث ذلك خاصة بعد صدور نتائج استفتاء جرى في أوروبا جاهر فيه الأوروبيون برفضهم للسياسات العدوانية للحكومة الامريكية ولجرائم الكيان الصهيوني معتبرين ان الحكومة الامريكية والكيان الصهيوني يمثلان تهديدا للأمن والسلم في العالم فثارت على إثر ذلك ثائرة امبرياليي وصهاينة العالم.

لقد تجاوز المعتدون علينا والمحرضون على هويتنا وعلى انتمائنا كل مدى فهم يحتلون أرضنا ويبيدون انسانيتنا ويدمرون منجزاتنا ويستهدفون اليوم مقدساتنا.

 

ألم يطالب أحد وزراء حكومة برلسكوني صراحة بالحرب والعدوان على العرب؟ إنهم يضيقون الخناق علينا ولا يتركون أمام أمتنا من مجال الا أنها تعود وستفعل مادامت معتصمة بحبل الله، متمسكة بعقيدتها وبهويتها ومستمرة في الدفاع عن وجودها رافعة راية الصمود والمقاومة.

 

(المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 16 فيفري 2006)


 

بسم الله الرحمن الرحيم.

 

ردا على رسالة التحدّي التي وجّهتها – فرانسْ سُوار-  للمسلين

 

قال الله تعالى ( وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ) [الأنعام:10]. وقال جل من قائل ( وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ ) [الرعد: 32] .

 

في خضم الإعصار الشعبي الذي انفجر داخل العالم الإسلامي بسبب ما اقترفته الأيادي الدانمركية الحقيرة من رسوم كاريكاتورية تافهة تعبر عن تفاهة العقلية الغربية، التي أعماها الحقد على الإسلام والمسلمين، فأرادت أن تعبر عن هذا الحقد باستخفافها واستهتارها بمقدسات المسلمين، لتستفز مشاعرهم في الوقت الذي يعانون فيه أصنافا من المحن، داخل واقع أليم مشحون بالمصائب والكوارث السياسية، التي لا يحسدون عليها. وفي هذا الوقت بالذات تطل علينا بعض الصحف الغربية المنحازة إلى هذا التيار المعادي للمسلمين، لتزيد الموقف اشتعالا بإعادة نشر الرسوم الدانمركية نفسها على صفحات يومياتها المحلية والدولية، في رسالة منها للمسلمين تقول فيها بالبند العريض » ها نحن نتضامن ونتآزر مع بعضنا، ولا نتوانى في خدش كرامتكم، وجرح مشاعركم، والإساءة إليكم، فماذا أنتم صانعون؟ « . وأفصح رسالة من هذا النوع هي تلك التي نشرتها الصحيفة الفرنسية  » فرانسْ سُوار » يوم 1 فيفري 2006، والتي عنونتها بالخط الكبير على صفحتها الأولى بهذا العنوان المتحدي للمسلمين  » نعم لنا الحق في رسم كاريكاتور عن الله « . وأرفقته بتعليق تقول فيه :  » إن نشر 12 صورة كاريكاتورية في الصحافة الدانمركية، أثار صدمة في العالم الإسلامي، لأن رسم الله ورسوله محرّم، إلا أن العقد الديني لا يمكن أن يُفرض على مجتمعات ديمقراطية لائكية، ولذا فإن  » فرانسْ سُوار » تعيد نشر الصور المحرّمة ».

 

ثم عبرت الصحيفة بوضوح في افتتاحيتها، بأنها تتحمّل تبعات إعادة نشر الرسوم الكاريكاتورية المثيرة للجدل، وأوضحت بأنها مستعدة لدفع الثمن من أجل حماية حرية التعبير. معقبة على ذلك بقولها:  » إن كان الإسلام يحرّم نشر صور محمد (صلى الله عليه وسلم) وصور الله (سبحان الله عما يصفون) بدعوى تحريم التجسيد، فإن هذا القانون لا يُلزم إلا سكان الضفة الأخرى، أولئك  الأسرى داخل أفكارهم، ولا يلزم مجتمعات ديمقراطية لائكية. إلا أن هؤلاء غير قادرين على استيعاب هذه الحقيقة « . ثم تسترسل لتقول بلهجة حادة :  » نحن لا تعتذر أبدا من أجل أن نكون أحرارا في التفكير وفي الكتابة وفي القول، ولنا الحق في رسم محمد (صلى الله عليه وسلم)، ورسم الله (سبحانه وتعالى)، والمسيح (عليه السلام)، ويهوه، وبوذا. وهذا يسمى حرية التعبير في بلد لائكي. وإن غَضِبَ هؤلاء المؤمنون بديانتهم إلى جانب ثقافات أخرى في بلد ليست لدولته ديانة رسمية، فإننا نكون قطعيين أيضا في ممارسة حرية التعبير، وعليه، وفي ظل هذا اللاّ تسامح الديني الذي لا يحتمل أي نقد، يجب إحداث ثورة على المفاهيم المكبلة للعقل. » وتواصل فتقول :  » ليس لأن الإسلام يحرّم على أتباعه أشياء يجعل ممن هم غير مسلمين خاضعين لقوانينه. » ثم تتهكم وتتساءل بأسلوب يبطن الغمز، فتقول :  » ممن يرجى طلب الإعتذار، أمن الإخوان المسلمين، أم من الجهاد الإسلامي، أم من سورية، أم من وزارات الداخلية للبلدان العربية الذين يرفضون منح الحرية لشعوبهم؟. إنه لعالم بالمقلوب. » لتختم افتتاحيتها بهذه الإشارة :  » كفاية دروس، فهذه الصور قد وقع تجريمها بدون أي مبرر، فهي صور طريفة، ولم تتجاوز حق الحرية في التعبير ». وهكذا، وبحسب هذه العبارات نفهم أن الصحيفة توجه للمسلمين رسالة تحدّي واستفزاز. وأنها في الوقت نفسه تحاول تصعيد الموقف بإلقاء زيوتها عليه ليزداد التهابا. وأنها لا تسعى البتة في إطفاء الحريق الذي اندلع في قلوب وأوطان المؤمنين. بل إنها لم تراعي شعور مواطنيها المنحدرين من أصول إسلامية الغيّورين على مقدساتهم. خاصة وأن فرنسا لا زالت تلملم جراحها التي خلفتها أحداث الشغب الأخيرة، والتي كانت ضواحي باريس الآهلة بالشباب المتحمس، مسرحا لها.

وعليه فإن هذه المقالة التي يتبجح أصحابها فيها بما يسمونه  » حرية التعبير »، ويفتخرون من خلالها بكسر كل القيود المكبلة للعقول، نظنها كافية لتكون حجة عليهم، إلى جانب بقية الحجج، لإثبات انحطاطهم وتخلفهم عن مواصفات البشر العاديين. ودليل آخر على أنهم متحررون من الضوابط والقيود المتعارف عليها بين البشر. وأنهم إلى جانب ذلك لا يتمتعون بسلوك الإنسان الراقي الذي يحترم مشاعر الآخرين ومقدساتهم. وعليه ما كان لزاما على أصحاب هذه المقالة السخيفة أن يكرروا علينا من سطر إلى آخر عبارات الحرية والتحرر. لأننا نعلم عنهم ذاك التحرر والتفلت من القيود والظوابط.

 

فنحن نعلم أنهم يعيشون فراغا روحيا، وانهم لائكيون كما يعترفون بذلك على أنفسهم. وأن القيم الروحية والمقدسات العقائدية لا تعنيهم. لأن فلسفتهم عن الحياة فلسفة علمانية. ونظرتهم لها نظرة مادية. الأمر الذي حجب عنهم فهم جوهر الحياة و المعنى الحقيقي لها. وبالتالي هم لا يدركون ما كان قبل وجودهم حتى يقدسونه، ولا يعلمون ما سيكون بعد فنائهم حتى يرهبونه. وعليه فإنهم لهذا السبب لا يتورعون في العبث بمقدسات غيرهم أو الاستهتار بها. بل إن مصطلحات القداسة والورع، والهدى والضلال، والحلال والحرام، لا وجود لها في قواميسهم، وإنما الموجود هو عبارات التسيب والتحرر من الضوابط الأخلاقية والقِيمية. ولذلك لا نستغرب من تعييرهم لنا بسبب تمسكنا بأخلاق الإسلام. فهم على عكسنا يفتخرون بكل ما يخالف طبيعة البشر. وحتى إشباع جوعاتهم وتلبية رغباتهم لا تتم إلا وفق ما تمليه عليهم غرائزهم، مثلهم في ذلك كمثل الأنعام التي لا تعقل أو أشد. وهذا ظاهر على سلوكهم، قال تعالى ( وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ) [الأعراف : 179].

 

كما أننا نعلم تحررهم من القيود الأخلاقية. ونعلم مدى حالة التدهور الأخلاقي التي تعيشه مجتمعاتهم. فما هو معروف من خصال حميدة لدى الشعوب الإسلامية، كالعفة والفضيلة والحياء، يكاد يكون معدوما في الشعوب الغربية. لأنهم يرون في هذه الخصال ظاهرة سلبية تكبل حياة الفرد، وتولد فيه العقد النفسية، وتوجد له اضطرابا وانفصاما في الشخصية. ولذلك يعتبرون المتمسك بهذه الخصال، أسيرا داخل عادات بالية، وسجين أفكار واهية. ومن ثمة عمدوا إلى تحطيم هذه القيود في مجتمعاتهم، وألغوها من ثقافتهم، فلم يعد عندهم ما يسمى بالمحرمات والموانع، وأطلقوا العنان للملذات والشهوات. حتى عادوا يتمرغون في مستنقع الشهوات ويشبعون نهمهم الجنسي من أي كائن حي، سواء كان بشرا أم بهيمة. فاللواط والسحاق وزنى المحارم، والفاحشة بالأطفال الرضع والبهائم. كل ذلك يجوز باسم الحرية الشخصية.

 

كما نعلم أيضا تحررهم من أبسط القيم الإنسانية. إذ الإنسان عندهم لا يساوي شيئا في مقابل الغنيمة والجشع والنهم الرأسمالي. والملفات السوداء المليئة بما اقترفته أيادي الدول الإستعمارية، وما يجري اليوم على أرض الواقع ، من جرائم بشعة في حق الإنسانية، من أجل سرقة خيراتها، تشهد عليهم بهذه الوحشية، وبهذا التعدي الفاضح على حقوق الإنسان. وخلاصة القول إن حرية التملك عندهم لا تعرف قيودا ولا حدودا، وهي لا تخضع لا لضوابط ولا لشروط ما دامت توفر لهم المنفعة والربح الفاحش, وإن كان ذلك على حساب الأنفس والأعراض. وعليه فإننا نعلم عنهم كل هذا، ونعلم عن أي حرية يتحدثون. فما كان من الضروري أن تتبجح علينا الصحيفة بهذه الحرية.

أما قول الصحيفة بأننا أسرى داخل أفكارنا، وأننا سجناء داخل عقلية لا تقبل بهذا النوع من التحرر. فإننا نقول : نعم قد صدقت. ونِعمَ هذا الأسر الذي تعيروننا به. فنحن نفتخر ونتباهى بأنفسنا أمام الأمم. لأننا أمة ملتزمة بقيود وضوابط تحدد سلوكنا، مما يضفي علينا صفة الرشد والتعقل، وينفي عنا صفة التسيب والتهور. ومن بين الضوابط التي نتحلى بها، ضابط العدل والإنصاف في الحكم على الناس لقول الله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) [المائدة:8]. وانطلاقا من هذا العدل فإننا لا نخلط السفهاء بالعقلاء. فمن كان سفيها جاهلا، وصليبيا حاقدا، وعنصريا حقيرا، فإننا نعرض عنه، لقوله تعالى ( فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ * إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ)[الحجر: 94/95]. وأما من كان عاقلا وغير حاقد على من خالفه في العرق والدين، فإننا نتعامل معه بالحسنى. وعليه فإنني سأسوق للعقلاء منكم بعض الأمثلة من الثقافة الإسلامية، نظهر من خلالها البون الشاسع بين ثقافة التقيد والإلتزام والإنظباط، وثقافة التسيب والتهور والإنحلال.

 

فنحن يا من لا تحترمون المقدسات، ولا تراعون مشاعر الناس، نؤمن برسالة محمد – عليه الصلاة والسلام– الذي سولت لكم أنفسكم الخبيثة أن تتعرضوا له بالإساءة. فهذه الرسالة التي جاء بها محمد – عليه الصلاة والسلام – علمتنا أن لا نتخلق بخلقكم المنحط. وعلمتنا أن لا نتعرض مثلكم لمقدسات الآخرين. فنحن نؤمن بكل الرسل ولا ننتقص قدر أي واحد منهم. كما أننا لا نُكذّب بما أنزل عليهم من الكتب. لأن ذلك يعد من ثوابت الإيمان عندنا، قال تعالى ( آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ) [البقرة: 285]. ليس هذا فحسب، بل أُمرنا كذلك بعدم التعرض لعقائد الآخرين، وأن لا نشتم مقدساتهم، وإن كنا لا نعتقد بها، لقوله تعالى ( وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ) [الأنعام:108]. كما أمرنا بحماية من استأمنّا على نفسه وإن كان من المشركين، فله علينا حق الآمان. بل له أيضا حق الرعاية والتعليم. فنبلغه كلام الله، ونشرح له عقائدنا وديننا ما دام بيننا وفي أمننا حتى يعود إلى بلده وأهله ويبلغ مأمنه، لا يلحقه منا أي مكروه أو آذى بسبب شركه وكفره، ليس كما هو الحال عندكم في أذاكم لنا بسبب اختلافنا معكم في الدين والعرق، قال تعالى ( وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ ) [براءة: 6]. ومن مثل هذه الإلتزامات والقيود الكثير والكثير، منها ما يتعلق بحفظ الأنفس، ومنها ما يتعلق بحفظ الأعراض، ومنها ما يتعلق بحفظ الأموال، ومنها ما يتعلق بحفظ الحقوق، إلى غير ذلك من الضوابط والقيود، أي الأوامر والنواهي التي تحدد سلوكنا كأمة ملتزمة.

 

أما فيما يتعلق بغمزكم لنا وقولكم بأننا نعيش تحت ظل أنظمة لا تمنحنا الحرية. فهذا لعمري صحيح، ونحن نعلم ذلك حق العلم، وندرك أن هذه الأنظمة الديكتاتورية غير الشرعية الجاثمة على صدورنا قد حرمتنا حق العيش الكريم. وأنها استبدت بنا وقهرتنا، وأنها كممت أفواهنا وقيدت إرادتنا. وندرك في الوقت نفسه أن أذرعكم ممتدة لهم لتمسك بعروشهم كي لا تزول. ولذا نحن لسنا في غفلة عن هذا الأمر فلا داعي للغمز. وإنكم لتعلمون حق العلم سعينا الحثيث للتغيير. وتعلمون جديتنا في العمل للتخلص من هؤلاء العملاء وقطع أذرعكم الماسكة بنواصي الحكم عندنا. وعليه فإن مسألة التحرر والإفلات من قبضة هؤلاء الذيول تعني عندنا الخلاص من قبضتكم والتحرر من ثقافتكم التي زرعتموها فينا أيام إستعماركم لديارنا. وبمعنى أخر نحن لا نسعى لاقتباس ما عندكم من حريات، وإنما نسعى للتحرر والخروج من عبودية العباد إلى عبودية رب العباد.

 

إذا لا داعي أن تفتخروا علينا بشيء لا نطمع فيه، ولا تحاولوا إقناعنا بأنكم أبطال الحرية، وأنكم لا تهابون أحدا في سبيل الدفاع عن حرية التعبير، لأننا نعلم أنكم أجبن ما يكون لتتعرضوا لكل القضايا بالنقد والتعبير الحر كما تزعمون. وأقرب مثال على ذلك، مسألة اليهود. خاصة وأنكم في أوروبا لكم تاريخ طويل معهم. وقد ذاقوا على أيديكم أصنافا وألوانا من العذاب. ولا نظنكم نسيتم تلك الحقبة من التاريخ التي يسميها المؤرخون عندكم بالجلاء الأكبر لليهود من أوروبا. وللذكرى فإني أسوق لكم ولمن لا يعرف هذه التواريخ التي تكشف حقيقة أمركم. ففي عام 1306م قمتم في فرنسا بالإقتداء بملك إنكلترا  » إدوارد الأول  » فطردتم بدوركم جميع اليهود، وأجليتهموهم عن أراضيكم للمرة الثانية، بعدما كنتم قد طردتموهم للمرة الأولى في سنة 1253م، ثم تبعتكم في هذه  الحملة سكسونيا فأخرجت جميع اليهود من أراضيها عام 1348م، ثم تتابعت هذه الحملات في باقي أوروبا، فقامت هنغاريا بالإجراء نفسه عام 1360م، ثم بلجيكا عام 1370م، وسلوفاكيا عام 1380م، والنمسا عام 1420م، والأراضي المنخفضة عام 1444م، وإسبانيا عام 1492م، ولتوانيا عام 1495م، والبرتغال عام 1498م، وإيطاليا عام 1540م… إلى آخر القائمة. فهذه الحملات العنيفة التي قمتم بها في الغرب ضد اليهود، وهجرتموهم من أراضيكم ليفروا منكم إلى جهة الشرق حيث الخلافة الإسلامية، ليحتموا بظهر الدولة العثمانية، هي التي ألجمت اليوم كُتابكم ورجال إعلامكم، وصرتم ترتعدون من ذكر اليهود بأي نقد، خاصة فيما يتعلق بمسألة المحرقة، أي  » الهولوكوست « . فإذا ما تعرض أي شخص، وإن كان منكم، لهذه القضية، بالتشكيك أو بالنقد، أو دعا إلى إعادة النظر فيها، فإنكم حينئذ لا تتوانون في صده وتكميم فمه وملاحقته قضائيا. وبتعبير أفصح، فإن فكرة حرية التعبير تلغى، والدفاع عنها يسقط، وتظهر على السطح مصطلحات أخرى، كحماية الأقليات، ولا للكراهية العنصرية. مثل ما وقع لـ  » روبرت فوريسّن » بتاريخ 3 جويلية 1981م لما حوكم بتهمة التّحريض على العنف والكراهية للآخر. إذ قالت المحكمة الفرنسية حينذاك :  » يعلم  » روبرت فوريسّن  » أن اتّهامه لليهود علنا بمسؤوليتهم عمّا حدث لهم، سيحثّ جمهوره العريض على احتقارهم وكراهيتهم، وتوجيه الّعنف لهم في فرنسا. ». وكذلك ما حصل للمفكر والفيلسوف الفرنسي  » روجي غارودي  » من متابعة قضائية بعد نشر كتابه  » الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية « . أوَ بعد هذا كله تكذبون علينا وتدعون بأنكم أحرار، وأنكم ستستميتون في الدفاع عن حرية التعبير، وأنكم ستحدثون ثورة على المفاهيم المقيدة للإرادة. فعلى من تنطلي مثل هذه الأكاذيب، وهذه البطولة المزيفة. كفاكم إذا تطاولا علينا وعبثا بمقدساتنا باسم حرية التعبير، فإن الأمة الإسلامية لا تنسى لكم هذه الإهانات، واعلموا أن ذاكرتها حية لن تموت. واعلموا أيضا أن كل المعطيات الحالية وجميع المؤشرات تُنبئ بأن المستقبل سيكون لهذه الأمة، فمن الحكمة أن تتغير لهجة تعاملكم معها، وأن تتخلوا عن الأحقاد الصليبية القديمة الجديدة.

وأخيرا، وفيما يتعلق بتحديكم لنا وقولكم إنكم لا تعتذرون منا أبدا. ثم تهكمكم علينا بقولكم  » ممن تريدوننا أن نعتذر، أمن الجماعات الإسلامية، أم من وزارات الداخلية؟ « . فإننا تقول لكم نعم لو كانت لنا دولة ذات شوكة وهيبة، وعلى رأسها الخليفة الذي يحفظ للمسلمين كرامتهم وعزتهم، ويرد عنهم سطوة الأعداء، ما كنتم لتتجرءوا علينا بهذا الكلام، و تستهتروا بمقدساتنا. بل لا يمكن أبدا أن تصل بكم الإساءة إلى شخص الرسول– صلى الله عليه وسلم -. ولكن لما خلا لكم الجو، وعلمتم أن ما يزيد عن المليار مسلم يحكمهم زمرة من الخونة والعملاء، الذين لا يفكرون إلا في مصالحهم، سولت لكم أنفسكم الخبيثة العبث بمقدساتنا، وفعلتم بنا الأفاعيل، وغيرتم لهجة خطابكم لنا. بعد ما كنتم في وقت من الأوقات تستعطفوننا وتستنجدون بنا. وقد كان حكامكم يخاطبون حكامنا بعبارات التذلل والتودد من قبيل :  » من خادمكم المطيع، الراجي لرضاكم.. ». ولنا أن نتساءل في هذا السياق هل نسيت فرنسا استنجادها بخليفة المسلمين، عام 1525م لمّا وقع مليكها  » فرانسوا الأول  » في الأسر إثر معركة  » بافيا  » وعجزت عن تخليصه. فما كان من خليفة المسلمين إلا أن استجاب للطلب وفك أسر الملك. وهل نسيت فرنسا استنجادها بالدولة العثمانية لتقف ضد ملك النمسا » شرلكان أو شارل كونت  » للتخلص من هيمنته واسترداد ما ضاع منها بعدما طوقت أملاكه الشاسعة كل فرنسا ولم يترك لها إلا جهة البحر. فهل تذكر فرنسا الجميل الذي قدمه المسلمون لها، أم هو النكران وعدم الإعتراف بهذا الجميل ؟ وطمسا للحقائق وإخفاءها عن الأنظار؟ . إلا أنه من سوء حظكم أن التاريخ لا ينقش على الجليد فيذوب معه بطول الزمن، وإنما ينقش على الصَّفْوَان، كلما تراكمت عليه الأتربة عبر القرون أصابه وابل فعاد صلدا ناصعا.

 

خالد إبراهيم العمراوي

12 محرم 1427هـ

11نوفمبر ‏2006‏‏م

المصدر:

www.hizb-ut-tahrir.info

 


العفن الدنماركي له سوابق

علي محسن حميد (*)

 

ليس الغرض من هذا المقال فتح جبهة أخرى غير الجبهة الدنماركية، إذ يكفينا مواجهة من نقدر على مواجهته وحرق أعلامه. والهدف فقط إرشاد القارئ إلى حالات سابقة على القدر نفسه من الخطورة، والى اننا بأمس الحاجة الى الغوص إلى قلب أكثر من مشكلة قائمة بيننا وبين الغرب. لم يحدثنا أحد عن الهوية السياسية لصحيفة «يولاندز بوستن» الدنماركية كي نعرف الخلفية الايديولوجية للفنان وللصحيفة التي أساءت للرسول الكريم. وهل هي من اليمين ام من اليسار او يسار الوسط وهل هي عنصرية مسكونة بالخوف من الأجانب غير البيض أو واقعة تحت شكل من أشكال النفوذ الإسرائيلي ونعرف أيضاً نوعية تغطيتها لأخبار المنطقة وعلى وجه الخصوص الصراع العربي – الإسرائيلي والانتفاضة الفلسطينية والعدوان على العراق واحتلاله الذي تشارك فيه الدنمارك. كل هذه الأمور على أهميتها غائبة.

 

هناك مؤشر واحد يقودنا الى هويتها فهي أكبر الصحف الدنماركية واكثرها توزيعاً وما دامت كذلك فلا بد ان تكون من صحف اليمين المتطرف الأقوى تأييداً لإسرائيل وللسياسة التوسعية الأميركية في المنطقة والعالم كله والمعادي لقضايانا والذي يتعمد تشويه قيمنا وتحريف نياتنا إزاء السلام في المنطقة ورغبتنا في إقامة علاقات صحية مع الغرب.واليمين المتطرف هو علة عللنا في الغرب، فالعنصرية والشوفينية والاستعمار مرادفات له. وعدم الوضوح في الأزمة الأخيرة جعل كل الغرب خصماً وشريكاً ومتهماً، وهذا غير صحيح وغير موضوعي. من حقنا ان نفهم من الذي يوجه سهامه وسمومه نحونا ومن يريد الإساءة إلينا بقصد أن تسوء علاقتنا بالغرب وينفرد بالتأثير عليه. علينا ان نبحث عن صاحب المصلحة وعلاقته بهذه الصحيفة، وأن نعرف من المستفيد من إحداث شرخ في علاقتنا مع الغرب في الجانبين السياسي والديني وإحياء نزعة دفينة لدى هذا الفكر تجرّنا إلى صراع الحضارات منذ أن ظهرت نظريته كمقال في مجلة «شؤون خارجية» الأميركية في العام 1993 ثم عندما طورها صاحبها في كتاب وعندما حاول يائساً لفت النظر إلى صلاحيتها عندما أجرت الهند وباكستان تجاربهما النووية عام 1998 لأن الصراع الهندوسي – الإسلامي جزء من نظريته عن هذا الصراع المزعوم.

 

العرب أدركوا ولكن لبرهة وجيزة خطورة إستيقاظ هذه النزعة وتحولها من القول إلى الفعل بعد 11/9 ثم ناموا كالعادة اعتقاداً منهم بأنه ما دام السيد قد رضي عن مقدار تعاونهم معه في مكافحة الإرهاب فلا داعي للتعب في خوض أي حوار مع الغرب حول أي مسألة. إن الجهل السائد والفهم الخاطئ لدى أحد طرفي المشكلة بقيم الآخر وبحقوقه السياسية ومصالحه الوطنية وفي طليعتها حقوق الشعب الفلسطيني هما أساس المشكلة مما يجعل من السهل إشعال الحرائق بين الحين والآخر. الرسوم الدنماركية هي في حقيقة الأمر تعبير عن قناعة جزء من الرأي العام الغربي بأن الإسلام صنو للإرهاب، ولهذه القناعة خلفياتها التاريخية والسياسية والدينية. ويرصد ديريك هوبود ورنا قباني في مقالين مهمين نشرتهما مجلة «شؤون عربية» – التي كانت تصدر عن بعثة جامعة الدول العربية في لندن وتوقفت لأسباب مالية في بداية التسعينات ولم تنجح محاولات إعادة اصدارها في بداية الألفية الجديدة – الأسباب الدينية والثقافية والعنصرية لازدراء الإسلام واحتقار المسلمين. يقول السيد هوبود ان المسيحية رفضت الإسلام منذ نزول الرسالة السماوية لأن المسيحيين اعتقدوا أن الإسلام أتى ليحل محل ديانتهم. وهذا القول يجد صدقيته في ازدراء الغرب للصحراء وأهلها في الكتب والأفلام السينمائية ولرسالة مصدرها هذه البقعة الجرداء التي تحرك حتى الآن في مخيلتهم رواسب سلبية عديدة زرعها المستشرقون والرحالة كي يبرهنوا أن المسيحية هي الدين الأصوب وأن شعوبها هي الأرقى. وأن رسالتها الحضارية لا تتوقف وحتى عقود قليلة ماضية لم يكن يكتب اسم النبي (صلى الله عليه وسلم) بصورة صحيحة فهو ماحود أو ماحومات، أما المسلمون فمحمديون للتدليل على شخصانية الرسالة وعدم سماوية الإسلام ونزول الوحي. وكان من الأهداف المعلنة للحروب الصليبية كأول مواجهة مع الإسلام بين الطرفين في ارض إسلامية تطهير أو تحرير فلسطين والأماكن المقدسة المسيحية من الوثنيين. وبعد سقوط الأندلس عام 1492 تنفست اوروبا الصعداء لكن فرحتها لم تطل لأن العثمانيين وصلوا عام 1527 أي بعد ثلاثة عقود ونصف العقد فقط إلى مشارف فيينا متجاوزين أسلافهم الذين أوقفتهم فرنسا عند بواتييه وحالت دون دخول اوروبا في الإسلام. ويحلو للبعض أن يردد الآن انه لولا هزيمة العرب في الحدود الفرنسية لكانت اوروبا كلها تؤذن، وتتردد هذه الجملة عندما يريد بعض الدوائر تخويف الأوروبيين من الوجود الإسلامي بين ظهرانيهم أو عند الحديث عن عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي أي ان كليهما سيكون حصان طرواده الإسلامي. وتغذي الدوائر الإسرائيلية والقوى اليمينية السياسية منها والدينية قلقاً لا أساس له من الوجود الإسلامي في الغرب الذي سينجح في ما فشل فيه العمل العسكري من قبل أي غزو لأوروبا من الداخل. وتحدد هذه القوى فترة زمنية هي خمسون سنة لحدوث تغيير ديموغرافي استراتيجي في اوروبا لصالح مسلميها ستكون له تبعات سياسية ودينية وخيمة عليها. هذا الافتراض يصبح في مقام الحقيقة ومدعاة للقلق ولسياسات تضايق مسلمي اوروبا وتحد من هجرتهم إليها وتنفرد صحف اليمين في بريطانيا على سبيل المثال في إذكاء هذا التخوف والإساءة إلى العرب والمسلمين ومعلوم كم هي الكاريكاتورات المسيئة للعرب التي نشرتها صحيفة «الصن» التي يملكها روبرت ميردوخ اليهودي الاسترالي عن العرب «الخنازير» والتي توقفت عنها بعدما بدأت الجالية الإسلامية تمارس دورها الطبيعي في الحياة السياسية والإعلامية البريطانية، وما تكتبه السيدة مينالي فيليبس في صحيفتي «الديلي ميل» اليومية و «الوقائع اليهودية» الأسبوعية من افتراءات على الإسلام. ويسمح المقام هنا بالتذكير بالإساءات للإسلام التي انفردت بنشرها كأخبار صحيفة «الصنداي تلغراف» اليمينية التي كان يملكها اليهودي كونراد بلاك وأفسحت أيضاً مساحة اسبوعية لزوجته بربرا إيميل لقذف سمومها ضد العرب والمسلمين والانحياز الكامل لليكود، وتواطأت مع شخص كتب مقالات مسيئة للعرب والمسلمين تحت إسم مستعار هو «ويل كومينز» سرعان ما اتضح ان صاحب الإسم الحقيقي يعمل في المجلس البريطاني الذي فصله من العمل ليس بسبب التزوير وحده وإنما لأن ما قام به يناقض سياسة المجلس في تجسير الفجوة بين الشرق والغرب. وفي 25/11/2001 نشرت الديلي تلغراف وحدها رفض البعض في الكنيسة الإنغيليكانية وضع إسم النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) مع أسماء انبياء آخرين كإبراهيم وإسحق ويوسف ويوحنا «وساره» ويشوع وداوود وموسى ومريم أم عيسى الذين قادوا شعب الله إلى نور الله. ووصف الدكتور جورج كاريه كبير أساقفة كنتربيري حينذاك هذه الخطوة بأنها غير سارة بالمرة، والدكتور كاريه أثار جدلاً كبيراً وعاصفة من الانتقادات عندما ألقى محاضرة في روما في نهاية عام 2004، بعد تركه موقعه الديني السابق الذكر، قلل فيها من إسهام المسلمين الحضاري الذي توقف عند اختراع الصفر على حد قوله وقبل هذا خطب في نيجيريا حيث يوجد اكبر عدد من أتباع الكنيسة الإنغيليكانية بلغة الاستغراب والاستنكار لعدم بناء كنائس في مكة المكرمة. ومن قصر لامبيث مقر الكنيسة الإنغيليكانية قال الدكتور سايكس ايضاً بأن وضع إسم النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) مع الآخرين انتصار للنيات الحسنة على الدين الصائب.

 

وفي 21/4/2004 نشرت «الصاندي تلغراف» وحدها من بين صحف الأحد الرصينة اعتراض بعض رجال الكنيسة نفسها على نية الملكة إليزابيث الثانية زيارة المركز الإسلامي في اسكنثورب Scunthorpe كإيماءة طيبة منها ومن العائلة المالكة نحو مسلمي بريطانيا بمناسبة احتفالات بريطانيا باليوبيل الذهبي لجلوس الملكة على العرش وكنوع من الاعتراف بأن بريطانيا أصبحت بلداً متعدد الثقافات والديانات. وقد اعترض الكاهن ديفيد فيليبس، سكرتير عام جمعية الكنيسة، محذراً بأن الزيارة تعطي إشارة خاطئة بأن كل الأديان شرعية، وهو ما يتعارض مع قسم الملكة بحماية الدين المسيحي، ولأن المسلمين ليسوا سوى نسبة صغيرة فقد طلب من الملكة أن تفكر في الأمر بقوة لأن هذه الخطوة تضعف دورها كحاكم أعلى للكنيسة الأنغيليكانية والذائدة عن الدين. هذا التيار الديني ليس قاصراً على الكنيسة الإنكليزية بل يتعداه إلى الكنيسة الكاثوليكية، ففي أثناء تنصيب قداسة بابا روما الجديد بنديكت السادس في العام الماضي نقلت الإذاعة الرابعة في الـ «بي بي سي» قولاً قديماً للكاردينال جوزيف راتزينغر الذي اصبح البابا الجديد بأن الدين الإسلامي دين ناقص.

 

الرسام الدنماركي إذاً هو إبن مخلص لهذه البيئة الدينية والسياسية والثقافية وليس منفصلاً عنها وهو أيضاً جزء من بيئة يضعف الالتزام الديني فيها ويقل فيها الاحترام لكل الأنبياء، ولهذا السبب فليس بمستغرب أن تصبح كرة القدم هي الدين الجديد في بريطانيا والوطنية هي الدين الجديد في الولايات المتحدة عقب أحداث 11/9 /2001 وأن يتعرض المسيح عليه السلام لشتى أنواع النقد والسخرية وأحياناً الإنكار لصحة رسالته. وقد شاهد المواطن الأوروبي افلاماً سينمائية وتليفزيونية عدة أذكر منها هنا فيلمين حديثين الأول عن مريم البتول بثته «بي بي سي 1» في 22/12/ 2002، والثاني كان عنوانه «من كتب الإنجيل؟» وبثته القناة الرابعة في 25/12/2004 ولم تحرك الكنيسة أو أي مواطن بشأنهما ساكناً لأن بثهما يندرج تحت حرية التعبير، وهذا قد يكون مفتاحاً لفهم حدوث رد الفعل الغربي بعد رد فعلنا المتأخر وتباينه واختلاف الموقف الرسمي عن الموقف الشعبي المنقسم على نفسه وفوق ذلك يطالع قارئ الصحف البريطانية في الشهور الأخيرة آراء مواطنين يطالبون بكتابة إنجيل جديد يتلاءم مع ما طرأ على المجتمع البريطاني من تغيير في السلوك والمفاهيم مثل جعل العلاقة الجنسية المثلية مشروعة دينياً وقبول هذه العلاقة بين رجال الدين. لقد أصبحت الجماعة المؤمنة في بريطانيا أقلية والغالبية تتحدث عن عدم إيمانها بالخالق ولا تخشى القول انها ملحدة.

 

وفي اميركا اخترعت دوائر علمية اسماً جديداً للخلق هو The Intelligent Design كحل وسط بين النظرية الداروينية التي يدور جدل قوي هناك حول صحتها وهل تدرس أم لا، وبين التيار الديني وكمبدأ مسلم به فإنه لا توجد في الغرب محظورات سياسية ودينية باستثناء وحيد هو عدم قبول التشكيك في المحرقة أو إنكارها. وفي فرنسا صدر «قانون غيسو» الذي يجرم من يجرؤ على ذلك وكان من ضحايا هذا القانون الذي صدر خصيصاً لمصلحة أقلية دينية في فرنسا تساوي خمسة عشر في المئة من مسلمي فرنسا الكاتب والمفكر الراحل رجاء غارودي وفي بريطانيا طرد الأستاذ الجامعي إيرفنج من عمله وباع منزله ليدفع أتعاب المحكمة التي دانته بإنكار المحرقة. ولم يقف معه أحد في إشارة قوية بالتسليم العام بجرمه اقتناعاً أو خوفاً، وبأن المحرقة غير خلافية وأسمى من المقدسات الدينية التي يختلف الناس حولها.

 

إن العفن الدنماركي يجد خلفيته في الصورة النمطية السائدة في الغرب عن العرب والمسلمين التي لم تتحسن إلا قليلا في الآونة الأخيرة بجهد الغير. والحادثة الأخيرة تعطي الطرفين العربي والأوروبي فرصة ذهبية للقيام بحوار مؤسسي طويل المدى تشترك فيه القوى الدينية والسياسية والثقافية لتناقش بعمق وصراحة المشاكل المزمنة والمستجدة التي لا يمكن فصل بعضها عن الآخر والتي اصبحت تؤثر في أمن الطرفين وعلى مصالحهما ونحن الأولى بتعليق الجرس ولكن ليس على طريقة ما عملناه بعد 11/9 حين قدمت إلى لندن وفود انحصر جهدها في الحديث مع الجمهورالخطأ. وقبل ذلك علينا ان نقرّ بأننا لسنا أبرياء واننا نرتكب ما ارتكبه الرسام الدنماركي و «الصنداي تلغراف» إزاء الغرب والمسيحية. أزماتنا مع الغرب تتجدد والاضطراب في العلاقات معه سيبقى طالما ظن الغرب أنه يستطيع ترويضنا لقبول الظلم الإسرائيلي الحاضر بقوة في الغضب العربي والإسلامي الأخير وليس الآخر.

 

(*) كاتب يمني ورئيس سابق لبعثة الجامعة العربيه في بريطانيا.

 

(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 15 فيفري 2006)


ديمقراطية علي أسنة الرماح

الدكتور الضاوي خوالدية – قفصة ـ تونس

 

قد تتكيف الديمقراطية مع البيئة الحضارية مراعاة لقيم اساسية او اعراف اجتماعية موغلة في القدم مهمة في الاجتماع لكن المقومات الرئيسية لها تبقي ثابتة مهما اختلفت الحضارات والامم والاعراق لان الانسان في جوهره واحد لا تتحقق انسانيته او جـــــوهره الا بتحقق الحرية والكرامة واثبات الذات داخل المجموعة والاسهام معها في صياغة مجتمع فعال مبدع تظلله دولة رشيدة متولدة عن ارادة ذلك المجتـــــمع، او تصبح الديمقراطيــــــة بنسختين: اصلية ومزيفة فالاصلية يلوح بها عالم الشمال شعارا لعالم الجنوب تحقيقا لمصالحه وذريعة للتحكم في مصيره واستغلاله واحتلاله والمزيفة يفرضها هذا العالم الشمالي تطبيقا علي اي شعب ثار علي الاستبداد وتاق الي ديمقراطية حقيقية.. فهذا من اغرب ما عرفته البشرية في هذا العصر، لان الديمقراطية الاصل تقص اصابع الاستبداديين وتحلق رؤوس الطماعين وتحفظ الوطن لاهله ارضا وثروات وكرامة جاعلة بالتالي الشعوب تسوس نفسها بارادتها مختارة النهج الذي تراه الافضل.

 

ان للغرب مصالح ثابتة تحققها اساليب مختلفة متعددة فمما يحقق مصالحه القارة في اقطاره الديمقراطية الاصل وكل مفرداتها ومما يحقق مصالحه خارج بلدانه الاستبداد الضابط او الديمقراطيات الشكلية المزيفة التي لا تجرؤ ولا تقدر علي حفظ استقلال. سياسة واقتصادا وارضا.. او الاحتلال اذا رأي ان لا ذاك ولا هذه قد ضمنت مصالحه، وسيرته هذه ليست جديدة، علي بلوغها عنفوانها بعد سقوط المعسكر الشرقي، اذ استعماره البلدان العربية كان شعاره الظاهر التمدين والتنوير والدمقرطة وباطنه الاستغلال والعسف والقتل الجماعي والتهجير والتجويع والتجهيل.. وجلاؤه عن هذه البلدان ظاهره استقلالها وباطنه التحكم فيها بأساليب خبيثة جديدة حرقت اكباد الشعوب واتلفت الاوطان ومسخت الاجيال ومحت الآمال.. فثارت رافضة الواقع المرير ساعية الي تقرير مصيرها رافعة الشعار الاكثر تداولا ومنطقا وعقلا وسلما وهو الديمقراطية (التي يدعو اليها هذا الغرب باعتبارها السبيل الاوحد للالتحاق بالعالم المتحضر اي هو!) بادئة بالتضحية في تحقيقه ولو علي مراحل، فثارت ثائرته (الغرب الديمقراطي) قاطعة الطريق امام هذه الحركة العربية الديمقراطية لان تحقيقها بالكيفية التي يريدها العرب ستضرب في الصميم مصالحه ومصالح حلفائه ولعل دوره في مساعدة النظام المصري علي الحد الدنيء من المد الاخواني ومعاضدته اسرائيل في ابادة الشعب الفلسطيني وتجويعه ومحاصرته قبل فوز حماس في الانتخابات وبعده والايعاز لوسائل الاعلام بتشويه المقدسات العربية الاسلامية وتهديدات شيراك العالم الاسلامي بضربه بالقنابل النووية اذا عرض مصالح اوروبا للخطر ومنع ايران بشتي التهديدات من تطوير برامجها العلمية.. خير دليل علي ما اقول. لكن لا اعتقد ان الغرب واساطيله واسلحته الفتاكة واقتصاده واعـــلامه وغطرسته واسرائيل ربيبته والانظمة التابعة لهما بقادرين علي ايقاف حركة شعب اصيل قرر ان ينهض مهما كانت التكاليف والتضحيات.

 

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 16 فيفري 2006)


من إيجابية الإستعمار إلي التمييز الإيجابي

خميس الخياطي (*)

 

نجد في سياسة فرنسا الحالية تجاة قسم لا بأس به من شعبها ينحدر من أصول عربية وغالبيته تدين بالإسلام، أو تجاه جنوب المتوسط، نجد ما يشبه الغباء السياسي المتعاظم من رئاسة إلي أخري منذ رحيل الجينيرال ديغول عن السلطة وصولا إلي رئاسة شيراك مرورا ببمبيدو وجيسكار وميتران. وفي مقاومتها السلبية ضد انكلترا وأمريكا من جهة ورغبتها في عدم تقديم الولاء التام لهما، كانت فرنسا تبحث دائما عن التوازن بالنظر إلي شرقي أوروبا وآسيا، بتحييد المشرق العربي مع مساعدة غير مشروطة للكيان الصهيوني (في فترات محدودة) ومساندة تامة للمغرب العربي رغم فاتورة الإستعمار التي جعلت من الطرفين (فرنسا والمغرب العربي) إمتدادا الواحد للآخر. إلا أن ما تقوم به الحكومة الحالية وخاصة من زاوية وزير الداخلية السيد نيقولا ساركوزي يؤكد يوما بعد يوم أن فرنسا الثورة وفرنسا الجمهورية أصبحتا عكاكيز بلاغية لم يعد لها تأثير يذكر إلا في المناسبات لا غير. لقد تأمركت فرنسا وهذا ما يريده لها يعض قادة اليمين الحاليين الذين يزايدون علي اليمين المتطرف لـ لوبين و فيليي وغيرهما في إغلاق الحدود والتنكر للعلاقة الجدلية التي تربط فرنسا بالقسم المغاربي من العالم العربي. أمثلة؟ راجعوا كل مواقف اليمين (وحتي اليسار) الفرنسي ليس فقط من الهجرة المغاربية ـ وقد يكون له في ذلك بعض من الحق في الدفاع عن موطنه وليس كل الحق ـ ولكن من الفرنسيين ذوي الأصول العربيةــالإسلامية، ستكتشفون حينها أن فرنسا لم تعد فرنسا وأن البحث عن ماريان تلك الأم التي لا تفرق بين أبنائها مهما كان جنسهم ومهما إختلفوا في عقيدتهم، أصبح بحثا مضنيا لم يعد يكشف عورة.

 

هيروشيما الجزائرية؟

 

لكن قبل النظر في هذا، لنطل علي الفضائيتين الجزائريتين (Canal Algerie/A3). لقد تطرقتا منذ يومين وفي نشرة الإخبار الرئيسية إلي التجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية وما خلف ذلك من بقايا البشاعة علي بعض المواطنين. لم تكتف النشرة بإظهار تلك التجارب في صور وثائقية مريعة مثل تلك التي تبين بعض مناضلي جبهة التحرير وكيف صفوا مكتوفي الأيدي ورؤسهم مغشاة بأكياس وفي أماكن قريبة من موقع إنفجار القنبلة النووية التي تعدي وزنها 70 طناً، أي ثلاثة أضعاف قنبلة أمريكا علي هيروشيما، أو تلك التي تصور الخيام وبها الرحل وماشيتهم ولم يطلب منهم الإبتعاد عن موقع الإنفجار، إلي غير ذلك مما هو معروف لدي الخاصة من المؤرخين وقدماء المجاهدين. وتجهل العامة أن العديد من التجارب النووية الفرنسية تمت في الصحراء الجزائرية ما بين 1957 و1961 وتحت نظر الكتيبة الثانية للجيش الفرنسي. لم تكتف بهذا حتي وإن كان الـ هذا مريعا في حد ذاته، بل ذهبت إلي بقاياه في الزمن الحاضر. بيّن التحقيق أن ما حدث أخيراً في مدينة حمودية من ولاية النعامة يرفع حصيلة المصابين بالألغام الفرنسية إلي 162 قتيلا جزائريا، إضافة للذين فقدوا بعض اعضائهم. وتفيد النشرة أن الجيش الجزائري إنتزع الشهر الماضي فقط أكثر من 5 آلاف لغم من الحدود الشرقية والغربية للجزائر، ألغاما وضعها الجيش الفرنسي لمنع تسلل المجاهدين الجزائريين لبلادهم. ولسائل أن يتساءل: لماذا لم ترفع هذه الألغام إثر إنتهاء الإحتلال وحصول الجزائر علي إستقلالها؟ لم يطرح هذا السؤال في التحقيق. بل كانت نتيجته الإشارة إلي قانون إيجابية الإستعمار الفرنسي وكأن ما شاهدناه من فظاعة هو نتاج الإستعمار، وهو كذلك. لم يشر التحقيق إلي أن الجيش الفرنسي سلم الحكومة الجزائرية المستقلة خرائط عديدة لمواقع الألغام في حدودها. ولم تقم هذه الحكومات بإقتلاع الألغام إلا في حدود بسيطة لأنها كانت منشغلة بمصلحة المواطن المتمثلة في إقتلاع كل بذرة معارضة لحكم جبهة التحرير المطلق. وبما أن من مزايا الطبيعة أنها لا تسير بما يشتهيه الإنسان، فقد فعلت الإنجرافات الأرضية والأمطار وحركية الهضاب والجبال ما فعلت، فغيرت مواقع الألغام الفردية والجماعية التي لم تعد في مكانها المرسوم في الخرائط. ومن سيدفع الثمن؟ طفل جزائري مثل محمد فرغاد الذي أظهره التحقيق وقد فقد عينه اليسري. ويأتي المعلق ليربط بين هذا والإستعمار ورغبة اليمين الفرنسي في إظهار إيجابياته، متناسيا أن المسؤولية لم تعد ملقاة بأكملها علي الجانب الفرنسي علي الأقل، وهذا نوع من الطروحات الحقيقية التي يراد منها الباطل.

 

في البحث عن ماريان …

من تكون ماريان هذه؟

 

إنه إسم إمرأة أعطي ككنية للجمهورية وهو مستعار من جمعية سرية كانت تقول بأسس الحرية والمساواة والآخاء هدفها إسقاط الامبراطورية الفرنسية الثانية (1852/1870). كان إسما يستعار به وأصبح بعد ذلك رمزا من رموز الجمهورية: إمرأة شابة ذات ملامح أوروبية لباسها قريب من لباس الإغريقيات وشعرها الرطب المنسدل علي كتفيها تغطيه طاقية حمراء كانت سمة من سمات جماعة بدون سراويل (Sans culoe) وهو الإسم الذي أعطته الـ كومونة (1792) للثوريين الفرنسيين. معني هذا أن ماريان خاصة بفرنسا من دون أن تكون ملكا لها.

بثت قناة آرتي الثقافية الألمانية الفرنسية المشتركة مساء أمس الأول سهرة محورية (تيما) تحت عنوان بحثا عن ماريان قدم لها دانيال لوكونت وبها تحقيقان، الأول عنوانه ما بها خلقتي؟ والثاني زنجي بالبيت الأبيض . الأول من إخراج ميكائيل غانيي والثاني من إمضاء بربارا ناسيك وكلاهما من إنتاج شركة دوك أون ستوك الشهيرة في عالم الوثائقي. الإثنان يتعرضان لمسألة المساواة المفروضة، الأول من زاوية التجربة الفرنسية والثاني من الوجهة الأمريكية، مما يفرض المقارنة وهذه المقارنة تعطي الصلاحية للأنموذج الأمريكي في تعامله مع أقليتيه الزنجية والإسبانية منذ الستينيات مع سياسة الـ فعل الإيجابي (affirmative action) الذي إقترح السيد ساركوزي تبنيه تحت تعريف التمييز الإيجابي (la discrimination positive). والأمر مختلف جذريا بين المقترح الأمريكي والمقترح الفرنسي. وهو ما يؤكد عليه كل من تدخل في التحقيق الأول من الفرنسيين المسؤولين سياسيا أو النشطين في الجانب الحقوقي للأقليات. يبدأ ساركوزي بالإشارة إلي أن المحافظين الفرنسين يحملون كلهم إسما واحدا وهو كريستوف بمعني أن ليس من بينهم محمدا ولا مامادو واحدا، فيما شاهدنا من قبل أن كل النواب ليس من بينهم إلا نواب قليلون زنوج وهي ملاحظة يسخر منها أحد نواب الحزب الشيوعي ماكسيم غريميتز قائلا للنائب الأسود: إني أعرف إفريقيا جيدا وأراك تريد تطبيق ما يحدث هناك علي هنا . ومن ذلك يؤكد البرنامج أن البطالة موجودة بين أبناء المهاجرين خمس مرات أكثر من الآخرين وأن الدراسات المختصة العليا مثل العلوم السياسية، طلبتها 81 في المئة منهم ينحدرون من طبقات ميسورة وأن الذين يتقدمون لطلب عمل ما يحصلون علي أجوبة رافضة بمعدل ثلاثة أضعاف ما يحصل عليه الآخرون. ما يعني بأن المجتمع الفرنسي لم يهضم بعد مسيرة البرع (la marche des beurs) ولا الإنتفاضات المتعددة لأقلياته العربية والزنجية (Black. Blancs. Beurs). فيتساءل واحد من الـ189 طالبا الذين سمح لهم في نطاق التمييز الإيجابي بدخول العلوم السياسية وهو فيصل قدور: هل شاهدت مقدم نشرة الأخبار الرئيسية من أصل مغاربي أو زنجي؟ وانطلاقا من هذا يبين البرنامج الأمثلة التي طبقت فيها سياسة التمييز الإيجابي بمعني إعطاء الأفضلية المؤقتة للمنحدرين من أصل مغاربي أو إفريقي حتي يحتلوا بعض المواقع الحساسة. وهكذا يألف المجتمع الفرنسي رؤيتهم في المحيط العام. إلا أن النتيجة لم تكن بالمستوي المترقب، فمن بين كل الإطارات العالية لشركة بوجو لا يوجد إلا 45 إطارا من بين أكثر من ألفي موظف جدد في السنة. وهي نسبة ضئيلة جدا، ويعود ذلك إلي أن البعض من المقررين الفرنسيين لا يريدون ذلك كما قال طالب في العلوم السياسة إنهم يريدون تحويل المدرسة إلي كومونة .

يظهر من هذا المشهد السلبي حول التمييز الإيجابي أن الملعقة ما زالت بعيدة عن الفم، وأن أمام الأقليات العربية والزنجية الكثير من الزمن حتي تكون المعادلة منصفة بإتجاههم. إن التجربة الأمريكية التي سنت بعد أحداث الستينات هي التي سمحت لكولين باول أن يكون وزيرا للشؤون الخارجية وأن يكون ثاني مدير لشركة فورد زنجيا و…و…و… وكل شركة من الـ400 الف شركة التي تتعامل مع الحكومة الفيديرالية من واجبها إنتداب نسبة معينة من ذوي الأصول الزنجية والإسبانية.

وفي فرنسا التي نسيت علاقاتها الجدلية مع المغرب العربي وأفريقيا والإسلام، فإن التمييز الإيجابي يسمح لوزير الداخلية بوصف متظاهري الضواحي بأوسخ التعابير وينسي أن المجتمع الفرنسي مجتمع أبيض، أبيض حتي النخاع ولا يجدي نفعا أن يتغني عالم الإجتماع والروائي ووزير المساواة عزوز بغاغ كما تغني سابقا مارتن لوثر كينغ I have a dream . شتان بين زنوج أمريكا وعرب فرنسا.

 

ہ ہ ہ

 

جملة مفيدة: يجب أن نبتكر كلمة أخري محل الموت لأن الموت شكل من إشكال الحياة الشاعر أدونيس في حوار مع بروين حبيب علي قناة دبي. ولنا عودة معهما.

 

(*) ناقد وإعلامي من تونس

khemaiskhayati@yahoo.fr

 

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 16 فيفري 2006)


 

إسلاميو موريتانيا يطرحون برنامجهم الانتخابي

نواكشوط – سيد أحمد ولد باب

 

طرح « التيار الإسلامي الوسطي » في موريتانيا برنامجه السياسي الذي سيخوض به الانتخابات التشريعية المقررة في أكتوبر 2006، ومن أبرز ملامحه داخليًّا السعي لمكافحة الفساد، ووقف تسييس الجيش لتفادي الانقلابات، والتأكيد على القبول بمبدأ التداول السلمي للسلطة، وعلى الصعيد الخارجي: إقامة علاقات « مشروطة » مع الولايات المتحدة، وقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل.

 

وفي تصريحات لـ »إسلام أون لاين.نت » الأربعاء 15-2-2006 قال الدكتور عمر ولد محمد ناجم القيادي البارز في « لجنة المتابعة والاتصال للإصلاحيين الوسطيين » التي تشكلت مؤخرًا: « لقد حدّد الإسلاميون أولويات الإصلاح بالنسبة لهم في المرحلة القادمة من خلال العمل على حل المشاكل الاجتماعية والسياسية العالقة، ووضع أسس لضمان استمرار الأجواء الإيجابية في بلد عرف بالتغيرات والاضطرابات السياسية ».

 

وأردف: « من أهم أولوياتنا في المرحلة القادمة العمل على سن قوانين لمكافحة الفساد الإداري والمالي، وإصلاح القضاء، وتأسيس لجنة وطنية للمصالحة والمصارحة تتولى إلقاء الضوء على ماضي انتهاكات حقوق الإنسان منطلقة من قواعد العفو والتفاهم ».

 

ولفت ولد ناجم إلى أن التيار الإسلامي الوسطي انطلق في رؤيته السياسية من ثوابته الرئيسية، ومن أهمها « المرجعية الإسلامية » و »الانتساب الوطني » و »الخيار الديمقراطي ».

 

أبرز ملامح البرنامج

 

ومن أبرز ملامح البرنامج السياسي للتيار الإسلامي، كما تضمنتها وثيقة لجنة التنسيق والمتابعة للإصلاحيين الوسطيين، سن قوانين لمكافحة الفساد المالي والإداري وحماية حقوق الإنسان، ووضع ميثاق شرف وطني لحماية التحول الديمقراطي، وتأكيد آليات التداول السلمي للسلطة.

 

كما ركزت الوثيقة التي حصلت « إسلام أون لاين.نت » على نسخة منها، فيما يتعلق بالمجال العسكري والأمني على وقف تسييس الجيش، واعتباره مؤسسة وطنية جمهورية تتبع للقرار السياسي ولا تتحكم فيه، وتطوير قدرته للدفاع عن الوطن.

 

وشدّد التيار الوسطي في وثيقته على محاربة الرشوة والمحسوبية، والاختلاس وسوء تسيير المال العمومي، وتشجيع الاستثمارات الوطنية والأجنبية، ونهضة المرأة والطفل، والقضاء على الفقر والبطالة، إضافة إلى المحافظة على الهوية والثوابت الإسلامية.

 

علاقات مشروطة

 

وعلى صعيد العلاقات الدبلوماسية، شدّد الوسطيون في وثيقتهم على تفعيل دور موريتانيا في جامعة الدول العربية، والعودة للمنظمة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، وتنشيط دور موريتانيا في الاتحاد الإفريقي، وتطوير العلاقات مع أوروبا باعتبارها الشريك الرئيسي للبلاد.

 

وبخصوص علاقات موريتانيا مع الولايات المتحدة وإسرائيل، أكدوا على تطوير العلاقات مع واشنطن « دون المساس بالسيادة » وبما يضمن المصالح المشتركة، إضافة إلى قطع العلاقات مع إسرائيل والتي بدأ نظام الرئيس السابق معاوية ولد طايع في إقامتها في نوفمبر 1995.

 

يُذكر أنه إثر إعلان المجلس العسكري الحاكم في موريتانيا -الذي أطاح بنظام ولد طايع في أغسطس 2005- رفضه السماح بتأسيس أي حزب على أساس ديني، أعلن التيار الإسلامي الوسطي الموريتاني الذي يتبنى فكر « الإخوان المسلمون » يوم 23-11-2005 عن إطلاق مبادرة سياسية باسم « لجنة التنسيق والمتابعة للإصلاحيين الوسطيين » يناط بها التواصل وإدارة العلاقات السياسية مع الآخرين.

 

وكان الشيخ شيخاني ولد بيب، أحد أبرز قيادات اللجنة، قد شدد على أن التيار الإسلامي الوسطي « يسعى من خلال هذه الوثيقة إلى ترسيخ شرعيته، وطرح برنامجه الذي سيخوض به الانتخابات المقررة في أكتوبر 2006 ».

 

ولفت إلى أن « الإسلاميين داخل تلك اللجنة يحاولون التوصل لقرار نهائي بشأن تأسيس حزب مستقل أو الانضمام لحزب مرخص أو البقاء في الوضعية الراهنة وخوض الانتخابات تحت راية المستقلين » بعد سماح المجلس العسكري للمستقلين بالترشح في الانتخابات البرلمانية التي ستجرى في أكتوبر 2006 أو الرئاسية في مارس 2007.

 

ومنذ ظهور التعددية الحزبية في موريتانيا مع بداية تسعينيات القرن العشرين يواجه الإسلاميون رفضًا شديدًا من جانب الحكومات المتوالية لإنشاء حزب سياسي.

 

فمع ظهور أول دستور تعددي للبلاد عام 1991 حاول الإسلاميون تأسيس « حزب الأمة »، لكن السلطات رفضته، على اعتبار أنه « حزب ديني يسعى لاحتكار الإسلام » في بلد مسلم بنسبة 100%.

 

كما حاولوا عقب انتخابات عام 2003 تأسيس حزب الملتقى الديمقراطي (حمد) الذي جمع بين الإسلاميين وأهم القوى السياسية الداعمة للرئيس الأسبق محمد خونا ولد هيدالة، بيد أن حكومة معاوية ولد الطايع رفضت مجرد استلام ملف تأسيس الحزب في تصرف عكس آنذاك تدهور العلاقة بين الإسلاميين والنظام.

 

أما القيادة العسكرية الحالية للبلاد فقد تبلور موقفها تجاه هذا الحزب في أول مؤتمر صحفي عقده أعلى ولد محمد فال رئيس المجلس العسكري الحاكم يوم 9-10-2005؛ حيث أكد أن « المجلس لن يسمح لأي حزب يزعم أنه هو فقط من يمثل المصالح الإسلامية.. وأن الإسلام لا يمكن أن يكون حكرًا على أي حزب سياسي ».

 

واعتبر الإسلاميون تصريحات فال « مخالفة صريحة لقواعد الديمقراطية والحريات، وتناقضًا مع الدستور والقوانين، وتراجعًا عن الوعود التي قطعها المجلس على نفسه بمشاركة كل الموريتانيين دون استثناء ».

 

وتعهد رئيس المجلس العسكري الحاكم يوم 6-8-2005 « بإجراء انتخابات عامة حرة ونزيهة بعد استفتاء دستوري يجرى في غضون عام ». وشدد محمد فال -الذي أطاح بالرئيس ولد الطايع في انقلاب أبيض في 3-8-2005- على أنه لن يسمح لأعضاء المجلس بالترشح للرئاسة ولا لعضوية البرلمان.

 

(المصدر: موقع إسلام أون لاين بتاريخ 15 فيفري 2006)

 ——————————————————————

نص وثيقة البرنامج السياسي للتيار الإسلامي الوسطي

نواكشوط – سيد أحمد ولد باب – إسلام أون لاين.نت 15-2-2006

 

طرح التيار الإسلامي الوسطي برنامجه السياسي الذي سيخوض به الانتخابات التشريعية في أكتوبر 2006. وفيما يلي نص هذا البرنامج.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الرؤية السياسية للإصلاحيين الوسطيين

 

فتح تغيير الثالث من أغسطس 2005 آفاق التغيير أمام الموريتانيين فتجددت آمالهم في الشأن العام وتداعوا في أشكال مختلفة ينادون للإصلاح ويسعون للتغيير، وينشدون وضعا جديدا يرتق خلل الماضي ويبشر برقي الغد.

 

ولم يكن الإصلاحيون الوسطيون بدعا من ذلك، فلئن فُوت لهم حق الإطار القانوني المتاح للجميع فإن صيغ المشاركة في الحياة العامة لم تتوقف لديهم على شكل المؤسسة الحزبية واحتفظوا بحقهم فيها ونددوا باستثناء طالهم، لا تقبله قواعد العدل ولا أساسيات الديمقراطية، ورفضوا أن يجعلوه مبررا يحجب المشاركة ويوقف المسير.

 

والتأم الجميع في مبادرة تنسق المواقف وتوضح الفكرة وتُجلي الوسائل وتتيح للغير الاتصال والتفاعل في حوار الحسنى وبلاغ الحكمة.

 

واستقبلنا في هذه المبادرة أنواع الناس: صحفيين متطلعين وسياسيين محاورين، وبين هؤلاء وأولئك جموعا مؤيدين متعطشين للشعار ومستوضحين للمنهاج، فأوضحنا وحاورنا وشرحنا وبينا.

 

بيد أنا رأينا أن توثيق ما بيناه ورقمه للناس في منشور موزعٍ معتمدٍ وموثوقٍ أولى من تركه صدى في الآذان يزيد فيه الرواة وتسترق منه الأسماع وتلوكه الأفواه وتتشاذره البيانات وعناوين الصحف السيارة، فجمعنا هذه الأفكار مادة نقاش تُوضح أسس الرؤية السياسية وتُقرأ من خلالها مواقفنا وتُستجلى أفكارنا بعيدا عن الخلط والتشويش.

 

أولا: تشخيص عام

 

1- على المستوى الوطني

 

لا جدال أن الدولة الموريتانية المعاصرة التي ولدت من رحم المستعمر في جفاء من الأخوة ومناخ من التأزم لم تتمحض لمقتضيات التحدي سلطاتُها الأولى ولا إمكاناتُها المتاحة، فعاشت تحديات أكبر من المتوقع، واضطربت رؤيتها بين مقتضيات المواطنة وعزة السيادة من جهة، ونفوذ الأجنبي الذي عضده جفاء الأشقاء من جهة أخرى، فظل ذلك النفوذ البغيض حاضرا في فترات عديدة من تاريخ البلد ووجد نخبا كانت خير رسل لمشروع واجهتُه مقاومة الآباء في بعديها الإيجابي المتحرك والسلبي المتمنع.

 

وسادت أحادية الرأي البلادَ مجسدة في أنظمة الحزب الواحد التي حكمت البلد فترة الحكم المدني. ثم جاء العسكر فأجهزوا على بقية التعدد في الآراء التي تتيحها السلطة المدنية، لكن الأخطاء والتجاوزات تلاحقت منذ 1984، لتحيل ما تحقق على قلته، من هيبة الدولة ومكانتها، ركاما يتسابق المفسدون لنهبه فتغولت الليبرالية المتوحشة واستأسد الفساد فغدا سلوكا نمطيا يطغى على كل ما عداه، وكانت ديمقراطية الكرنفالات خير وسيلة لتكريس الاستبداد.

 

وبدت الصراعات العرقية القبلية والجهوية قدرا محتوما، وفاح نتن الجاهلية في أحداث 1989 تقطيعا للأرحام وإراقة لدماء الموريتانيين في وطنهم وجاء ذلك ليكمل المأساة البشعة التي تعرض لها الموريتانيون في السنغال.

 

وكانت الكارثة حملة النظام البائد على جزء من أبناء الوطن وإبعادهم عنه مما أوجد شرخا خطيرا في الوحدة الوطنية للبلد وأهله.

 

كما أن نسيج المجتمع اتسع خرقه بتلك الأحداث معززا ما كان من مظاهر وآثار عبودية واسترقاق وما تجسد من فئوية وطبقية تجسد التعالي والعنصرية وتمحو ما تدعو له الملة وتجسده الدولة من مواساة ومساواة. ولئن سجلنا رفضنا لكل ذلك، فإن اللوم فيه لا ينصب على المجتمع أو أي من مكوناته، بل على بعض السياسيين ممن سكتوا أو أيدوا.

 

ولم تخل الدولة الوطنية طوال تاريخها من عنت السجون ومصادرة الحريات، وكان أشده ما طال الجميع في السنوات العجاف خلال الفترات الماضية، وهو ما يستوجب من المجتمع النهوض لتحقيق ميثاق شرف وطني يجرم مصادرة الحقوق والحريات العامة وممارسة التعذيب ويستقبح الإقصاء ويأبى كل صنوف هدر الكرامة الإنسانية.

 

وقد نتج عن الوضعية السابقة غداة تغيير الثالث من أغسطس جملة مظاهر نوجزها فيما يلي:

 

1. انسداد الأفق السياسي وتحول العملية الديمقراطية إلى شكل باهت.

 

2. عجز اقتصادي مريع جعل النظام يحتفل بتصنيف البلد في دائرة الدول الأكثر فقرا.

 

3. انهيار ملموس في الحياة الاجتماعية، وتحول القيم إلى أشياء ومستهلكات، والانحراف الخطير في الأخلاق والسلوك العام.

 

4. تدهور واقع التعليم وتراجع مكتسبات الهوية الوطنية خصوصا ما يتعلق بمكانة التربية الإسلامية واللغة العربية واللغات الوطنية الأخرى في المناهج التعليمية وتغيير الإجازة الأسبوعية إلى الأحد واستهداف مؤسسات المجتمع من مساجد ومحاظر ورموز معتبرة.

 

أما القضاء فقد أصبح في أدنى ذيول السلطة التنفيذية تتحكم فيه إدارة أمن الدولة وتباع أحكامه بالمزاد.

 

أما العلاقات الخارجية فقد خضعت في العشرين سنة الماضية للمزاج واستحالت إلى حقل تجارب اختير لها على الدوام مطيعون يمتثلون للنظرية الفرعونية:  » ما أريكم إلا ما أرى  » فساءت علاقات الجوار وضحي بها في سبيل المطامع الرخيصة وشاعت الزبونية في المواقف وبدا أن البلد لا يملك رؤية ولا يهتدي سبيلا.

 

ولما وجد النظام نفسه معزولا مستهدفا لم يبادر بإصلاح الخلل في ملفات البلد ووشائج القوم والإقليم، وعلاقات المنتظم الدولي بل تجاوز كل ذلك ليقيم علاقات مع الكيان الصهيوني بحسبان ذلك أقصر طرق الحماية وأقوى مصدات الهجوم ، فضحى بمشاعر شعبه ومصالح بلده وواجبه تجاه أهله وأمته، ذلك هو الخسران المبين.

 

2: على المستوى الإقليمي والدولي

 

تتميز الوضعية الحالية في الساحتين الإقليمية والدولية بما يلي:

 

1. تتعزز الديمقراطية في أغلب دول المنطقة وخصوصا في الجوار، حيث تدوولت السلطة سلميا – كليا أو جزئيا- وظهرت آثار صناديق الاقتراع في البرامج والنتائج وتعززت حريات التعبير والإعلام والنشر خصوصا، وتقلص هامش الإقصاء وتم الاعتراف بجميع القوى الوطنية.

 

2. رجوع الثنائية القطبية بوضوح للساحة الدبلوماسية في المنطقة بين المغرب والجزائر وما يستتبع ذلك من عودة النزاع والتوتر في الصحراء.

 

3. تراجع بعض الصراعات الإقليمية كما هو الحال في النيجر ومالي والسنغال وبروز صراعات أشد خصوصا في ساحل العاج.

 

4. التوتر الأمني الحاصل في المثلث المشترك مع مالي والجزائر بفعل وجود جماعات العنف وعصابات التهريب ومطامع الدول الكبرى. وهو التوتر الذي تمدد إلى حدودنا على نحو واضح مع جريمة لمغيطي ضد كتيبة من الجيش الوطني.

 

5. بروز موضوع الإصلاح والديمقراطية في العالم العربي واتخاذ بعض الدول العربية خطوات محتشمة في هذا المسار لم تلب مطالب الشعوب ولم توقف ابتزاز الأمريكيين وضغوطهم.

 

6. تكريس واقع الاحتلال الصهيوني وانتشار آثاره وتمددها في المنطقة رغم استمرار المقاومة والتشجيع الواسع لمشروعها وثقافتها.

 

7. احتلال العراق الشقيق وما انجر عنه من اختلال موازين المنطقة وهيمنة استعمارية فيها تتخذ أبشع أنواع العدوان والإرهاب.

 

8. تراجع مظاهر المشاركة في النظام الدولي، وتهديد مبدأ سيادة الدولة أمام مطالب الولايات المتحدة وضغوطها المختلفة.

 

لماذا الإصلاحية الوسطية؟

 

لقد عرف هذا التيار باسم الاتجاه الإسلامي أو التيار الإسلامي، وما هو بمتنكر لتلك الصفة ولا متردد في هذا الاختيار…

 

ولكن ظروفا ودعاية أوجدت لبسا عند بعض الناس وتسببت في ادعاءات لا تقوم على أساس ولا تنهض لها حجة. ثم إن التمايز الذي حصل في المدارس الإسلامية عبر العالم والذي بدا بارزا في السنوات الأخيرة يفرض نفسه.

 

كل ذلك جعلنا نتسمى بهذا الاسم، فنحن إصلاحيون والإصلاح هدفنا:  » إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب. » ونحن وسطيون والوسطية صفتنا:  » وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا. »

 

فتنفي إصلاحيتنا التعجل في الخطوات وحرق المراحل والمحطات..وتؤكد تدرجنا ومنهج التراكم في الإصلاح عندنا، وتنفي وسطيتنا التشدد في المنهج أو الغلو في الأسلوب وتؤكد اعتدال رؤيتنا وتوازن نظرتنا وتوسط ممارستنا فلا إفراط ولا تفريط، ونبذنا من بعد مؤكد لكل أساليب العنف والتطرف والتشدد.

 

ثانيا: ثوابت و منطلقات عامة

 

تنطلق هذه الرؤية من الإيمان بالله الواحد الأحد وخاتمية الرسالة المعلنة بلوغ البشرية سن الرشد والمسؤولية والنهوض بدور التجديد المرتبط بثوابت الأصول وحاجات الزمن مسترشدا بهدي السلف ونتاج عقول الأمة في مدارسها الفقهية والعقلية والسلوكية في وسطية تنأى عن الغلو وتتجافى عن التساهل فكرا وسلوكا وممارسة وتعترف بحق الاختلاف والتباين.

 

كما تنطلق هذه الرؤية من الإيمان بمجتمع موريتاني واحد وموحد في الدين والمذهب وحقوق المواطنة وتعتبر تعدده العرقي رافدا حضاريا غنيا ومغنيا يؤهل البلد لدوره الإقليمي ويسمح له بالتمدد القاري فالدولي.

 

ومنطلقاتنا اختصارا هي:

 

المرجعية الإسلامية: حيث ننطلق من الأصول الإسلامية الملزمة كتابا منزلا و سنة هادية لا نحيد عنهما ونلتزم بأحكامهما ثم نؤسس علي تراث الأمة و علمائها و نسترشد به و نؤمن أن الاجتهاد المؤسس على الوحي المستوعب للواقع القاصد للمصلحة هو آلية التجديد في الدين و مسايرته لكل زمان و مكان

 

الانتساب الوطني: و نعني به أننا من موريتانيا فيها نشانا و بها نعتز و لمصلحتها نهدف نذود عنها و نرعى وحدتها وأمنها..فالوطنية عندنا منطلق وصفة وهدف ، ونبني على سالف كسب الآباء ورجال الوطن نجدده ونحييه بما يخدم مصالح الحاضر وآمال المستقبل، ومن مقتضيات هذا الانتساب حماية الوحدة الوطنية للبلاد بمختلف أعراقها وفئاتها وجهاتها ونبذ كل الدعوات العنصرية والمفرقة.

 

الخيار الديمقراطي: فقبولنا للديمقراطية والتعددية والتداول السلمي للسلطة خيار استراتجي لا تردد فيه ونرفض الاستبداد وتبريراته والأحادية ومسوغاتها ونعتبر أن الديمقراطية بما تتيحه من أجواء الحرية والمنافسة والرقابة والشفافية صمام للتنمية والتقدم والنهضة.

 

وموريتانيا عندنا إسلامية القبلة والمنهج. وجودها مرتبط بذلك، ودورها مؤسس على ذلك، ومستقبلها منوط بتحقيق ذلك، وهي بذلك جزء من الأمة الإسلامية وجودا وامتدادا جغرافيا وانتماء حضاريا وإيمانا يتجدد في كل الأحوال وعبر الأمصار والأعصار.

 

وهي كذلك جزء من العالم العربي ثقافة وانتماء وامتدادا جغرافيا وبشريا. والمكون العربي أساس في البلد ومحدد في هويته ووجهته.

 

وهي إفريقية الانتماء والمكانة والمصلحة والوجهة. فأهلها أفارقة وإقليمها وقارتها كذلك ومصالحها ودورها مرتبط بذلك.

 

والمكون الإفريقي للبلد: أعراقا ولغات، وعادات، وتقاليد جزء منه ينمو بنموه ويتخلف بتخلفه.

 

وهي إنسانية تؤمن بعالمية دورها وبجوهر قيمة الإنسان المكرم وجودا، المسخر له الكون والأشياء، إنسانية تحترم الإنسان لذاته وتدافع عنه لذاته وتسلم له بحقوقه لذاته وتستدعي منهجا لإصلاحه بالحكمة والموعظة الحسنة.

 

أولويات الإصلاح

 

تتركز أولويات الإصلاح عندنا على جملة من المعالم والاختيارات تؤسس للتفاصيل اللاحقة والبرامج الانتخابية المنتظرة:

 

ا- في المجال القانوني والسياسي

 

انطلاقا من وضوح المرجعية الإسلامية في دستور البلاد ومع تثمين المضامين الواردة في التعديل الدستوري المقترح خصوصا تلك المتعلقة بضمان التداول وكسر الاحتكار والاستمرار فإن خطوات أخرى تظل ضرورية ولعل أهمها:

 

1- حماية استقلال القضاء بالإجراءات المناسبة ومن أهما:

 

النص على انتخاب رئيس وأعضاء المجلس الأعلى للقضاء وقضاة المحكمة العليا.

 

2- مراجعة قانون الأحزاب بحيث يكون واضحا في النص على نظام التصريح فقط.

 

3- تسريع أعمال اللجنة الوطنية لإصلاح قطاع الصحافة وتعديل قانونها في اتجاه مزيد من الحرية.

 

4- حماية مؤسسات المجتمع المدني بتعديل قانون الجمعيات واعتماد نظام التصريح والنص على حمايتها من تغول السلطة.

 

5- تعديل قوانين الانتخابات والقوانين ذات الصلة في اتجاه ضمان تمثيل متوازن على المستوى النسبي والجغرافي، وبحيث تعطي المواطنين المقيمين في الخارج حق التصويت في النيابيات والرئاسيات.

 

6- سن قوانين لحماية حقوق الإنسان ومنع استغلاله وإهانته.

 

7- عودة المبعدين الموريتانيين عودة منظمة إلى بلادهم وتمكينهم من حقوقهم في إطار من الإنصاف والتفاهم.

 

8- تأسيس لجنة وطنية للمصارحة والمصالحة تتولى إلقاء الضوء على ماضي انتهاكات حقوق الإنسان وتنطلق من قواعد العفو والتفاهم وتؤسس لوضع جديد تسود فيه العدالة وتوضع آلية تجبر المظالم وتمنع من تكرار الظلم.

 

9-وضع ميثاق شرف وطني لحماية التحول الديمقراطي وتأكيد آليات التداول السلمي للسلطة وضمان الحريات لكل التوجهات يوقعه الجميع ويكون ملزما للجميع.

 

10- إنشاء مرصد وطني للشفافية يتولى الرقابة والرصد في مجال تسيير الممتلكات العامة وسن قوانين لمكافحة الفساد المالي والإداري.

 

11- الاعتراف -غير المنقوص ولا الممنون – بحق الإصلاحيين الوسطيين وكافة القوى الأخرى في تشكيل أطرهم القانونية والسياسية.

 

ب: في المجال الاقتصادي

 

تستند رؤيتنا على ضرورة تحقيق تنمية متوازنة راسخة ومستديمة خالية من التشوهات والاختلالات ، تنمية موجهة ومعقلنة تقوم على مبدأ الحرية الاقتصادية المقيدة بالضوابط الشرعية، والقيم الخلقية ، والمصلحة العامة بما يجنب المجتمع مخاطر الجشع ويضمن ترشيد موارده مع تحقيق العدالة في التوزيع لصالح الفقراء والمحرومين وذوي الدخول المحدودة.

 

ولبلوغ تلك المقاصد، تنطلق هذه الرؤية من السعي إلى الاستفادة من إيجابيات الاقتصاد الحر وتجنب سلبياته من خلال التدخل الفعال للدولة في الحالات الضرورية لضمان تنظيم الحياة الاقتصادية وتحقيق المنافسة العادلة وتكافؤ الفرص بين الجميع، وتمشيا مع ذلك فإن اهتماماتنا تنصب على ما يلي:

 

1. احترام مبدأ الملكية الفردية

 

2. تشجيع القطاع الخاص من خلال فتح المجال أمام المبادرات الخاصة وإعطاء الحوافز لجميع الفاعلين الخصوصيين.

 

3. ضمان منافسة حقيقية وشفافة بين مختلف الفاعلين في المجال الاقتصادي.

 

4. التدخل الفعال للدولة لسد النقص في المجالات التي لا تستقطب القطاع الخاص، ولضمان حرية السوق والعدل فيه وحسن تسيير الموارد.

 

5. محاربة الفساد والرشوة والمحسوبية والاختلاس وسوء تسيير المال العمومي من خلال تقديم الحوافز المشجعة غلى الاستقامة واعتماد العقوبة الرادعة للانحراف.

 

6. تشجيع الاستثمارات الوطنية والأجنبية لضمان التشغيل وتسهيل انتقال الخبرة والتقنية.

 

7. متابعة الأسعار على نحو يحمي المستهلك والمستورد والمنتج على نحو متوازن وربط الجور بالأسعار بشكل يحمي أصحاب الدخول الثابتة والمحدودة.

 

8. تشجيع صناعة وطنية تستفيد من الثروات الخام وتوفر فرص العمل وتؤسس لقاعدة صناعية منتجة.

 

9. – دعم الصناعات التقليدية واليدوية عموما وإدماجها أكثر في عجلة الاقتصاد الوطني.

 

10- مراجعة قوانين وإجراءات الخصخصة بحيث تكون:

 

– مبررة اقتصاديا من ناحية الوضعية المالية للمؤسسات قيد الخصخصة.

 

– خاضعة لبرنامج مدروس يراعي المصلحة العامة في الحاضر والمستقبل ويأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية لتلك العمليات.

 

– تستثنى المجالات الحيوية كالمياه والطاقة وغيرهما مع احتفاظ الدولة في معظم الحالات بحصص مناسبة وخاصة في المجالات الهامة.

 

11 وضع سياسات نقدية ترفع من قيمة العملة وتطوير وتوسيع نطاق المعاملات المصرفية الإسلامية.

 

12 تعزيز الرقابة على ثروات البلاد والحرص على اتفاقيات عادلة مع الشركاء والمستثمرين والأجانب.

 

13 الحد من الفوضى السائدة في البحث والتنقيب عن الثروات ووضع آليات تحول دون الغبن في الاتفاقيات المتعلقة بها.

 

14 التنسيق مع الدول الصديقة والشقيقة لتعزيز مواقفنا التفاوضية.

 

15 وضع سياسة عقارية فعالة تجمع بين حق سكان الأراضي وحاجات الدولة الاقتصادية وأولويات التنمية.

 

16 وضع سياسة زراعية فعالة لتحقيق الاكتفاء الذاتي في أجل قريب.

 

17 وضع إصلاح فوري لقطاع الصيد البحري يضمن التجدد الحيوي للثروة وإنشاء صناعات في مجال المنتجات البحرية ويعزز التعاون الإقليمي والدولي بما يضمن مصالح البلاد.

 

18 توسيع اللامركزية في مجالات التنمية والعناية بالأرياف وإقامة مشروعات تضمن النهضة بها والتوطين فيها.

 

19 العناية بالثروة الحيوانية ووضع سياسات لحمايتها والاستفادة منها.

 

20 وضع الضمانات الكافية لحسن تسيير النفط ، واعتماد آليات واضحة لشفافية ذلك التسيير وإنشاء صندوق من عائدات النفط للأجيال الصاعدة.

 

21 وضع سياسة عادلة ومتوازنة في مجال الضرائب وتحصيلها.

 

22 تشجيع التعاون الاقتصادي الإقليمي ودعم الجهود الرامية إلى إقامة تكتلات اقتصادية في الفضاءات العربية والإفريقية والإسلامية.

 

23 تشجيع الانفتاح المدروس على الاقتصاد العالمي لضمان الاستفادة من مزايا العولمة الاقتصادية مع الحرص على تفادي مظاهرها السلبية.

 

24 مراجعة واقع المناجم عموما والحديد خصوصا في اتجاه يضمن تسييرا شفافا لها واستفادة أكثر منها.

 

25 تطوير قطاع النقل البري والبحري والجوي وضمان الجودة فيه وتحريره من أي هيمنة أو احتكار.

 

ج: في المجال الاجتماعي

 

وأولوياتنا في هذا المجال هي:

 

1 – القضاء على كل مظاهر الرق وآثاره وتوظيف كافة الوسائل لتحقيق ذلك.

 

2- وضع سياسات للنهضة بالمرأة وتمكينها من المشاركة في مختلف مرافق المجتمع والدولة وإعانتها على أداء دورها الأسري والتأهيلي بنجاح على نحو يحقق التكامل في المجتمع.

 

3- انتهاج سياسة ديناميكية شفافة لتخفيف مظاهر الفقر وللقضاء على البطالة.

 

4- الشفافية والعدالة في اكتتاب الموظفين في القطاعين العام والخاص.

 

5- إنشاء صندوق لدعم العاطلين عن العمل على نحو يضمن إنتاجيتهم مع إعادة تكوينهم وتأهيلهم.

 

6- إنشاء صندوق وطني للزكاة جباية وتوزيعا.

 

7- فتح المجال أمام الهيئات الخيرية للإسهام في مكافحة الفقر وتعزيز التنمية.

 

8- وضع حد للفوضى والتلاعب في المجال الصحي وتطبيق ضوابط واضحة وشفافة لفتح العيادات واستيراد الأدوية.

 

9- توسيع الغطاء الصحي والصيدلي ووضع آليات لضمان الخدمات الصحية على نحو جيد مع تطوير سياسات التأمين الصحي.

 

10- دعم النقابات وتشجيع العمل النقابي فيما يخدم الشرائح العمالية.

 

11- وضع إجراءات وسياسات للنهضة بالطفل وحمايته اجتماعيا وثقافيا.. وتوفير الظروف المناسبة لضمان الرعاية الأسرية له مع العناية بالترفيه توجيها وتطويرا.

 

12- رعاية الأخلاق العامة وتوجيه المجتمع نحو قيم الأصالة والالتزام والجدية.

 

13- الحد من السكن العشوائي في اتجاه القضاء عليه ووضع سياسة إسكانية فعالة.

 

14- تطوير إجراءات حماية البيئة وتفعيل القانونية لذلك.

 

15- تشجيع الجمعيات غير الحكومية وخصوصا جمعيات الرقابة على الأسعار والمواد وجمعيات الدفاع عن المستهلك.

 

د: في المجال التعليمي والثقافي

 

وفي هذا المجال نكتفي بالنقاط والأولويات التالية:

 

1- مراجعة واقع وبرامج التعليم في اتجاه يجمع بين المسائل التالية:

 

– المحافظة على الهوية والثوابت الإسلامية

 

– تعزيز مكانة اللغة العربية واللغات الوطنية الأخرى : البولارية والسونكية والولفية.

 

– الانفتاح على اللغات العالمية وتعزيز مكانة العلوم والتقنيات الحديثة.

 

– التوسع في التعليم العالي والبحث العلمي.

 

– توسيع شبكة التعليم على كافة التراب ا لوطني مع التحسين من أوضاعه وأوضاع القائمين عليه.

 

2- دعم المساجد والمحاظر ماديا ومعنويا وتشجيع التعليم المحظري مع تطويره في اتجاه الاستفادة من آليات العصر ووسائله.

 

3- تحسين وضع الأئمة والدعاة مع ضمان حرية الدعوة.

 

4-دعم الثقافة وتشجيع الفنون والأعمال الإبداعية.

 

5- حماية التراث الموريتاني وتطوير المواقع الأثرية والسياحية.

 

6- العناية بالعمل الشبابي والطلابي وإشراك هذه الشريحة أكثر في الشأن العام.

 

7- الاهتمام بالرياضة وتشجيع مختلف أنواع الرياضات المفيدة.

 

ه: في المجال العسكري والأمني

 

لا يماري أحد في أهمية حماية الحوزة الترابية للبلاد وسيادة الأمن والاستقرار والحفاظ على النظام العام ومنع الفوضى وفي دور المؤسسة العسكرية والأمنية في ذلك وهو ما يتطلب الاهتمام بها مكانة وتطويرا من هنا تكون الأمور التالية لازمة ومطلوبة:

 

1- وقف تسييس الجيش واعتباره مؤسسة وطنية جمهورية تتبع للقرار السياسي ولا تتحكم فيه، وضرورة إبقائه رمزا للوحدة الوطنية وإتاحة الفرصة أمام كل مواطن لشرف الانتساب إليه دون تمييز فئوي أو عرقي أو قبلي.

 

2- تطوير قدرة الجيش القتالية وبث روح الإيمان فيه وتحديث بنيته العسكرية للدفاع عن الوطن.

 

3- اعتماد عقيدة عسكرية ممتدة من ثقافة الأمة وتاريخها وواقعها وتوظيف روح البذل والفداء المتأصلة فيها.

 

4- الحرص على الكفاءات العسكرية والعناية بالتأهيل العسكري وإقامة مؤسسات الأبحاث العسكرية والإستراتيجية.

 

5- التحسين من الأوضاع المادية رواتب وسكنا وتأمينا لمنتسبي القوات المسلحة وقوات الأمن على نحو يؤهلهم للدور المنوط بهم ويمكنهم من مواجهة التحديات.

 

6- إعادة التوازن بين المؤسسات العسكرية والأمنية حتى لا يطغى بعضها على بعض.

 

7- تطوير وتحديث الأجهزة الأمنية حتى تصبح في خدمة الجمهورية والحريات وحمايتها.

 

8- التأهيل الثقافي والديمقراطي والأخلاقي للعاملين في سلك الأمن والشرطة.

 

و: في المجال الدبلوماسي

 

تتميز موريتانيا بموقع استراتجي بين العالم العربي وإفريقيا وتهيؤها ثقافتها وساكنتها المتنوعة لدور تكاملي كبير، وقد تهيأ لها في السابق أن قامت بأدوار دبلوماسية ناجحة تجاوزت قدرات الدولة الناشئة أحيانا لكنها في الفترات الأخيرة عانت من تراجع بين في المكانة الخارجية والدور الدبلوماسي معا، مما يجعل تنشيط هذا المجال وتصحيحه من أولويات المرحلة ومما يساعد في ذلك:

 

1- تعزيز وجود موريتانيا ومكانتها في المحيط العربي والإفريقي والإسلامي.

 

2- العمل على إحياء وتنشيط اتحاد المغرب العربي

 

3- تفعيل دور موريتانيا فيه وفي جامعة الدول العربية.

 

4- العودة للمنظمة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا(OّّّّCEDEA)

 

5- تنشيط دور موريتانيا في الاتحاد الإفريقي.

 

6- تطوير العلاقات مع أوروبا باعتبارها الشريك الرئيسي للبلاد.

 

7- تطوير العلاقات مع الولايات المتحدة دون المساس بالسيادة وبما يضمن المصالح المشتركة.

 

8- تطوير العلاقة مع مختلف شركاء التنمية ودول العالم.

 

9- دعم الشعب الفلسطيني في كفاحه المشروع ومساعدته على نيل حقوقه الكاملة.

 

1- رفض الاحتلال الأمريكي والبريطاني للعراق ودعم مقاومته المشروعة لجيوش الغزاة.

 

2- دعم كل الشعوب المسلمة والمظلومة ومناصرة القضايا العادلة.

 

3- دعم السياسات الرامية لنشر السلم والتسامح ومقاومة سياسات القمع والعنف والعدوان والإلغاء.

 

4- تشجيع المبادرات الإصلاحية في حل الأزمات والمشاكل الإقليمية والقارية والدولية.

 

5- قطع العلاقات مع الكيان الصهيوني والتي أضرت بالمصلحة الوطنية وبسمعة البلد ودوره تجاه أمته وأهله.

 

* تلك بعض معالم رؤيتنا: أساسيات عليها نؤسس، وفي إطارها نفصل البرامج والمواقف:، نقدمها للرأي العام وكل الفاعلين الوطنيين عهدا به نلتزم، وعليه نقوم ونحاسب. لا ندعي عصمة أو اكتمال نظر، بل هو الاجتهاد والتقدير ، أصوله ومرجعيته ثابتة بلا تبديل وتفاصيله تقديرات نقومها ونجودها بالتجديد…ومشروعنا للناس ينضج ويكتمل بقدر ما يقدم عليه من نقد أو استدراك أو إضافة.

 

والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل

 

لجنة المتابعة والاتصال للإصلاحيين الوسطيين

 

نواكشوط بتاريخ 02/فبراير2006

 

(المصدر: موقع إسلام أون لاين بتاريخ 15 فيفري 2006)


Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.