10ème année, N°3768 du16. 09 .2010
archives : www.tunisnews.net
الحرية لسجين
العشريتين الدكتور الصادق شورو
وللصحفي الفاهم بوكدوس
ولضحايا قانون الإرهاب
حــرية و إنـصاف:منزل السجين السياسي السابق السيد العجمي الوريمي تحت الحصار
كلمة:تواصل المسلسل القضائي ضد الزميل المولدي الزوابي
خميس بن بريك:تأجيل محاكمة صحفي تونسي
حــرية و إنـصاف:مرة أخرى البوليس السياسي يقتحم ضيعة الأستاذ محمد النوري ويستولي على كمية من السمان
فيديو:السبيل أونلاين ينشر مشاهد حيّة من أحداث بنقردان
كلمة:سيارة بنزين مهرب تقتل شابا بالقصرين ولا تتوقف
كلمة:حرمان أكثر من مائة طالب من الترسيم لمرحة الماجستير
كلمة:حملة على المحجبات في مفتتح السنة الدراسية بالمنستير
حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ نشرة الكترونيّة عدد 152 – 16 سبتمبر 2010
بحري العرفاوي:تونس:المشهد السياسي القادم التوغل في الهوية و… »كثبان الرمل »
سجين رأي سابق:مطمور روما
بلقاسم العلوي:إلي القابض علي الجمر, ردّا على الحبيب الغيلوفي
منصف سليمى هولندا : حقّ د. القديدي فى المشاركة والإصلاح
د. أحمد بوعزّي:اللغة العربية خط أحمر
د. رفيق عبد السلام:الانتخابات العربية.. أولويات خاطئة
عبد الفتاح ماضي:هل هذه الحكومات قادرة على صنع السلام؟
السبيل أولاين:فيديو:فرملة ظاهرة ‘الإسلاموفوبيا’ في أوروبا تشغل الحقوقيين
ياسر الزعاترة:ردود الفعل على حفلة سب السيدة عائشة في لندن
القبس:أميركا تكثف الجهود لاستفتاء السودان
د. يوسف نور عوض:هل تراجع الولايات المتحدة سياستها تجاه السودان؟
القدس العربي:اساتذة جامعيون مصريون يدينون منح جامعة القاهرة الدكتوراه الفخرية لسوزان مبارك
العرب: ترحيب «أزهري» و«نسائي» بحظر النقاب في فرنسا
فيوليت داغر:جنوحات العنصرية في أوروبا
عبد الله بن عالي:تقرير فرنسي يرصد انتهاء هيمنة الغرب
الجزيرة نت:دراسة: تركيا تفضّل الشرق على الغرب
القدس العربي:أردوغان يؤكد قدرة طهران وأنقرة على إطلاق مبادرات سلام مشتركة
Pourafficherlescaractèresarabes suivreladémarchesuivan : Affichage / Codage / ArabeWindows)Toread arabictext click on the View then Encoding then Arabic Windows)
منظمة حرية و إنصاف التقرير الشهري حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس
جويلية 2010
https://www.tunisnews.net/22Out10a.htm
الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 07 شوال 1431 الموافق ل 16 سبتمبر 2010 أخبار الحريات في تونس
1) منزل السجين السياسي السابق السيد العجمي الوريمي تحت الحصار:
تفاجأ السجين السياسي السابق السيد العجمي الوريمي بمحاصرة منزله الكائن بحي الياسمينات ببنعروس بعد عصر اليوم الخميس 16 سبتمبر 2010 من قبل عدد من أعوان البوليس السياسي على متن سيارة مدنية رابضة بالقرب من المنزل المذكور في اعتداء صارخ على حريته الشخصية التي يكفلها له القانون والدستور.
وليست هذه هي المرة الأولى التي تتم فيها مضايقة السيد العجمي الوريمي فقد تعرض أصهاره في عديد المناسبات للإزعاج المجاني بسببه من قبل أعوان البوليس السياسي الذين يحضرون لديهم تحت تعلات واهية وانتحال صفة الغير وادعاء أنهم يعملون لفائدة شركات معروفة.
وحرية وإنصاف التي طالما نددت بهذه الممارسات تدعو إلى احترام الحقوق الدنيا التي يكفلها الدستور والقانون للمواطن التونسي وتطالب برفع هذا الاضطهاد فورا.
2) حتى لا يبقى سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو عيدا آخر وراء القضبان:
لا يزال سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو وراء قضبان سجن الناظور يتعرض لأطول مظلمة في تاريخ تونس، في ظل صمت رهيب من كل الجمعيات والمنظمات الحقوقية، ولا تزال كل الأصوات الحرة التي أطلقت صيحة فزع مطالبة بالإفراج عنه تنتظر صدى صوتها، لكن واقع السجن ينبئ بغير ما يتمنى كل الأحرار، إذ تتواصل معاناة سجين العشريتين في ظل التردي الكبير لوضعه الصحي والمعاملة السيئة التي يلقاها من قبل إدارة السجن المذكور. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري
تواصل المسلسل القضائي ضد الزميل المولدي الزوابي
حرر من قبل التحرير في الإربعاء, 15. سبتمبر 2010 النظر في القضية المرفوعة ضد الزميل المولدي الزوابي إلى يوم 6 أكتوبر القادم وذلك لعرض المشتكي على الفحص الطبي بطلب من محاميه، وكذلك للنظر في طلب الدفاع الاستماع لشهود الزميل المولدي. وقد أعلن حوالي أربعون محاميا استعدادهم للدفاع عن الزميل المولدي، كما حضر مراقبون عن الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والمجلس الوطني للحريات وجمعية مقاومة التعذيب ومجموعة مراقبة حرية التعبير في شمال إفريقيا. وتعود أطوار القضيّة المذكورة، كما أشرنا في نشراتنا السابقة إلى يوم 1 أفريل الماضي عندما تعرّض الزميل المولدي إلى اعتداء بالعنف الشديد من قبل « خليل المعروفي » المدّعي في القضيّة دون سابق إنذار، وإثر الاعتداء تقدّم الزوابي بشكاية في الغرض تم رفضها وفي المقابل تم قبول القضية المرفوعة ضده من قبل المعتدي. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 15 سبتمبر 2010)
تأجيل محاكمة صحفي تونسي
خميس بن بريك-تونس تأجّلت محاكمة الصحفي التونسي المولدي الزوابي الذي يواجه تهمة الاعتداء بالعنف على شخص، في قضية يقول إنها « ملفقة » ضدّه على خلفية نشاطه الصحفي وانتقاده السلطة. وحددت محكمة الناحية بمحافظة جندوبة (شمال غرب البلاد) أمس الأربعاء، موعد الجلسة المقبلة في السادس من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، ووافقت على طلب محامي المشتكي بعرضه على الطبيب الشرعي لمعاينة الأضرار. الضحية والمعتدي ويحاكم الزوابي في القضية بصفة معتد، بينما يؤكد للجزيرة نت أنه في واقع الأمر هو « الضحية » وأنه تعرض للاعتداء بالعنف في الطريق العام من قبل الشخص الذي رفع ضده الدعوى، والذي قال عنه إنه معروف بانتمائه للسلطة. وطلب محامو الزوابي من القاضي أن يعيد الملف إلى النيابة العمومية بدعوى أن موكلهم هو « المتضرر »، وأكدوا أنهم سيقدمون شهادة طبية وشهادات أشخاص تثبت تعرض الزوابي للعنف. لكن إذا ما رفضت النيابة في الأيام المقبلة النظر في الملف وأثبت الطبيب الشرعي من جانبه أن المشتكي، واسمه خليل المعروفي، لديه أضرار جسدية، فإن القضية ستحال إلى المحكمة الابتدائية لأن محكمة الناحية ليست مختصة في النظر في قضايا مثل الاعتداء بالعنف الشديد والتي تصل عقوبتها إلى السجن أكثر من عام، حسب المحامي رابح الخرايفي. وإذا ما رفضت النيابة إعادة النظر في ملف القضية، يقول الخرايفي « وقتها سنتقدم للمحكمة بطلب لإعادة النظر في الملف من قبل النيابة ولكن على نفقاتنا الخاصة » وفق ما يخوله القانون. من جانب آخر، تغيّب عن جلسة يوم أمس شهود المشتكي الذي ادعى أنه تعرّض للضرب أمامهم. لكن محامي الزوابي يرون أن تغيبهم متعمّد لتخوفهم من فضح المحامين زور شهاداتهم أمام المحكمة. وتعود هذه القضية إلى الأول من أبريل/نيسان الماضي حينما تعرّض الزوابي -وهو صحفي بقناة الحوار التونسي وراديو كلمة- إلى اعتداء بالعنف في شارع بمحافظة جندوبة من قبل شخص قال إنه من أتباع السلطة. ويقول الزوابي للجزيرة نت إنه بعد تعرّضه للاعتداء توجه صحبة بعض رفاقه من المحامين إلى النيابة العامة بالمنطقة لمعاينة الأضرار البادية على جسده، وبدل فتح تحقيق طلب منه النائب العام التقدّم بشكاية إلى مركز الأمن حيث لم تحقق معه الشرطة ولم تدون إفاداته، على حدّ قوله. شكوى مضادة وفي يونيو/حزيران الماضي استدعت الشرطة الزوابي للتحقيق معه بعد أن رفع خصمه شكوى ضده بتهمة الاعتداء عليه بالعنف، وأحال النائب العام الزوابي على القضاء بتهمة الاعتداء في حين حفظ التهمة بحق الطرف الآخر. وفي السياق، يقول الخرايفي إن النائب العام « لم يكن نزيها لأنه لم يفتح تحقيقا في الإبان »، واعتبر ذلك « انحيازا صارخا إلى جانب خليل المعروفي »، وأضاف « لو كان النائب العام منصفا لأحال الطرفين على التحقيق ». ويرى الخرايفي أن « تلفيق التهمة للزوابي تعتبر حلقة إضافية من حلقات محاكمة الصحفيين »، في حين يقول الزوابي للجزيرة نت إن الشرطة هي من دبرت له هذه « المكيدة » بسبب نشاطه الصحفي والحقوقي والسياسي. ومعروف عن الزوابي انتقاده سياسة الحكومة وتفشي الفساد والفقر، خاصة في المحافظات الداخلية، وقد حوكم قبله الصحفيان توفيق بن بريك وزهير مخلوف بالسجن ستة أشهر للأول وأربعة للثاني، كما حُكم على الصحفي الفاهم بوكدوس بالسجن أربع سنوات، وهو لا يزال في حالة صحية خطيرة بسبب مرض الربو المزمن. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 16 سبتمبر 2010)
الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 07 شوال 1431 الموافق ل 16 سبتمبر 2010 مرة أخرى البوليس السياسي يقتحم ضيعة الأستاذ محمد النوري ويستولي على كمية من السمان
هاجمت مجموعة من الشرطة بعضهم بالزي الرسمي وآخرون باللباس المدني حوالي الساعة الثالثة والنصف من مساء يوم الأربعاء 15 سبتمبر 2010 ضيعة الأستاذ محمد النوري الكائنة بمنطقة المرجى معتمدية سليمان يبلغ عددها حوالي 25 عونا قدموا إلى الضيعة على متن 6 سيارات وشاحنة »ايسوزو » واقتحموا الباب الخارجي للضيعة بعد خلعه دون أن يستظهروا بإذن من وكالة الجمهورية.
ودخلوا مترجلين إلى الضيعة حيث وجدوا أحد العملة الفلاحيين وافتكوا بطاقة تعريفه الوطنية دون أن يحرك ساكنا خاصة وقد سبق للبعض منهم أن اعتدى عليه بالعنف الشديد بمركز شرطة سليمان. وعاثوا فسادا في الضيعة من خلال خلع جميع الأبواب المغلقة التي تعترضهم على غرار باب بناية تربية السمان وأبواب غرف السمان المخصص للبيض وأبواب المفارخ وأبواب إيواء السمان مكتمل النمو، وأحصوا داخل المدجنة حسبما دار بينهم من حديث ما يقرب من ثلاثين ألف (30000) طير، ثم حاصروا المنزل المعد للسكنى داخل الضيعة واقتحموه بعد خلع أحد ابوابه وفتحوا الثلاجات الموجودة بالمنزل واستولوا منها على 1400 طير مجمّد.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها على ضيعة الأستاذ محمد النوري وعلى المدجنة التابعة للشركة الفلاحية »كاي بليس » (Caille Plus)، إذ سبق لهم أن اقتحموا الضيعة بالمرة الأولى بتاريخ 14 جويلية 2010 واستولوا أيضا على كمية من السمان، واقتحموها ثانية بتاريخ واختطفوا العامل الفلاحي الموجود بالضيعة السيد محمد الهادي فتحي بتاريخ 14 أوت 2010 واقتادوه إلى مركز شرطة سليمان حيث تداولوا عليه ضربا ولكما مما تسبب له في انتفاخ وجنتيه وهو ما اضطره إلى الذهاب إلى مستشفى الجهة حيث منحه الطبيب المباشر 6 أيام راحة تعكرت حالته بعدها مما استوجب رفع قضية ضدهم رسمت بوكالة الجمهوزرية بالمحكمة الابتدائية بقرمبالية.
وحرية وإنصاف:
1) تدين بشدة الاعتداء الخطير الذي استهدف ضيعة الأستاذ محمد النوري بصفته رئيس منظمة حرية وإنصاف وأفراد عائلته لإرغامه على التخلي عن نشاطه الحقوقي وتعتبر هذا الاعتداء يندرج ضمن جرائم الدخول عنوة بدون إذن قانوني وبدون صفة لملك الغير باستعمال الخلع والإضرار بملك الغير والاستيلاء.
2) تحمّل السلطة مسؤولية هذا الاعتداء السافر وتطالب بفتح تحقيق فوري ومعاقبة كل من يثبت تورطه في هذه الجرائم مهما كانت صفته ووضع حد للاعتداءات المتكررة والمتواصلة ضد الأستاذ محمد النوري وأفراد عائلته التي استهدفت سلامتهم الجسدية وممتلكاتهم وأمنهم ونشاطهم المهني.
3) تدعو مكونات الحركة الحقوقية في تونس وفي العالم للتحرك الفعلي لرفع هذه المظلمة المسلطة على الأستاذ محمد النوري وأفراد عائلته ووضع حد لهذه الجرائم ومحاسبة مرتكبيها. منظمة حرية وإنصاف
فيديو:السبيل أونلاين ينشر مشاهد حيّة من أحداث بنقردان
السبيل أونلاين – بنقردان (تونس) – خاص + فيديو
لمشاهدة الفيديو – الرابط على اليوتيوب : http://www.youtube.com/watch?v=4DvCTk_XK40
حصل السبيل أونلاين على تسجيلات خاصة تكشف لأوّل مرّة بعض المشاهد الحيّة عن أحداث بنقردان التي اندلعت على اثر اغلاق منفذ « رأس جدير » الحدودي بين تونس وليبيا ، وقد سجلت العدسة التواجد المكثّف لقوات البوليس أثناء تلك الأحداث ومشاهد لسيارة للبوليس وهي تجرّ بعد أن أصيبت بأضرار ، وجانب من الاحتجاجات ، اضافة الى مشاهد من احتفالات المواطنين بإعادة فتح المعبر وبعض الشهادات الحيّة .
وتظهر في الشريط مشاهد لتجمعات احتجاجية اثناء الليل لشبان وهم يضرمون النيران ويستعدون لمواجهة عناصر البوليس ، وذلك في منطقة « الزكرة » امام مركز البريد .
وأكدت مصادر السبيل أونلاين أن سيارة قوات التدخل « الباقة » التي تظهر في الشريط وهي تُجرّ ، كانت احرقت في منطقة « الزكرة ، وأن مكان التصوير بالقرب من معهد ابن شرف ببنقردان وذلك حوالي الساعة الثانية والنصف (2.30) ليلا . ولوحظ استخدام قوات البوليس باللباس المدني والرسمي لحافلات النقل العام التابعة لولاية مدنين وأخرى تابعة لولايات قابس والقيروان والقصرين والكاف .
وقالت مصادرنا أن مشاهد الاحتفال بإعادة فتح معبر « رأس جدير » وقعت في منطقة « الزكرة » ولم تصورها جهات الاعلام الرسمي لان بعض الشباب ردد خلالها صيحات معادية للحكومة وللمخبرين وقد سجل فيها عناصر الحزب الحاكم « التجمع » حضورهم .
وأفادت احدى الأمهات في شهادتها ان ابنها البالغ 15 سنة اختطف بعد أن أرسلته لشراء بعض الحاجيات من المتجر المجاور ولكنه لم يعد اليها وهي – آن ذاك- لا تزال تجهل مصيره ، وقد رفض رئيس مركز الشرطة الكشف عن مكان اعتقاله رغم الحاحها .
ويرد في الشريط شكوي احدى الفتيات التي تبكي بسبب فقدان شقيقيها وهي تجلس بالقرب من مركز الحرس الوطني ببنقردان ، وأيضا مشاهد لشابة في نفس المكان تبكي اثر اختطاف شقيقيها من داخل المنزل ولم يمض على تواجدهم في بنقردان سوى أربعة أيّام بعد ان تنقلت من مركز الى آخر دون أن تعرف مصيرهما ، حيث قدما مع ذويهم في سفرة صيفية من مكان سكناهم في تونس العاصمة.
كما سجّلت العدسة شهادة أمّ من عائلة « السيّاري » أخطف ابنها من قبل حوالي 20 عنصرا للبوليس بعد اقتحامهم المنزل ، وقد قابلت رئيس المركز المدعو رمزي ، الذي نفى اي علم له بمكان اعتقاله أو بمصيره . »
(المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس) ، بتاريخ 16 سبتمبر 2010)
سيارة بنزين مهرب تقتل شابا بالقصرين ولا تتوقف
حرر من قبل التحرير في الإربعاء, 15. سبتمبر 2010 شهدت الطريق السريعة الرابطة بين مدينة القصرين وتالة و بالتحديد أمام معمل الآجر يوم الاثنين 13 سبتمبر 2010 على الساعة العاشرة صباحا حادث سير أدى إلى وفاة شاب عمره 22 سنة على عين المكان بعد أن دهسته شاحنة خفيفة محملة بالبنزين المهرب من الحدود الجزائرية التونسية كانت تسير بسرعة كبيرة دون أن تتوقف أو تنقص من سرعتها . وقد تجمع عدد كبير من المواطنين في مكان الحادث و عزموا على التوجه إلى مقر ولاية القصرين حاملين لجثة القتيل إلا أن قوات الأمن منعتهم من مواصلة الطريق وافتكت الجثة وحولتها بسيارة إسعاف إلى المستشفى الجهوي بالقصرين، وذكرت مصادرنا أن بعض المواطنين رموا سيارة الشرطة بالحجارة متهمين إياها بالتواطئ مع المهربين. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 28 سبتمبر 2010)
حرمان أكثر من مائة طالب من الترسيم لمرحة الماجستير
حرر من قبل التحرير في الإربعاء, 15. سبتمبر 2010 حرم أكثر من 100 طالب متحصلين على الإجازة الأساسية في علوم الإعلامية من كلية العلوم بصفاقس من الترسيم في ماجستير بحث أو ماجستير مهني حسب ما يخوله لهم النظام الجديد المعروف بنظام أمد. ولم تعلل كلية العلوم رفضها، وقبلت بترسيم أربعة طلبة فقط لم تعرف مقاييس قبولهم. كما تم رفض مطالب تقدم بها الطلبة المذكورون للترسيم في جامعات القيروان وسوسة وتونس ، وهو ما أحالهم مؤقتا على البطالة في انتظار تبني أحد الأطراف النقابية لمطلبهم حسب ما صرح لنا أحد الطلبة. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 28 سبتمبر 2010)
حملة على المحجبات في مفتتح السنة الدراسية بالمنستير
حرر من قبل التحرير في الإربعاء, 15. سبتمبر 2010 تميز اليوم الأول للعودة المدرسية بالمنستير بطرد عدد كبير من المحجبات من دخول معاهدهن، حيث بلغ عدد المطرودات على خلفية ارتداء غطاء الرأس أكثر من ستين محجبة حسب ما ذكرت مصادرنا من معاهد المكنين وجمال وزرمدين وخنيس و قصرهلال و المنستير و قصيبة المديوني. وقد احتج تلاميذ من معهد فطومة بورقيبة على المعاملة المهينة التي تعرضت لها إحدى التلميذات بعد أن أمر مدير المعهد أحد العمال بنزع حجابها بالقوة. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 28 سبتمبر 2010)
حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ نشرة الكترونيّة عدد 152 – 16 سبتمبر 2010
16 سبتمبر 1982: ارتكبت قوات « الكتائب » اللبنانية مجزرتين في مخيمي صبرا وشاتيلا تحت حراسة وتشجيع وتسليح الجيش الصهيوني (بقيادة أرييل شارون) الذي كان يحتل لبنان…اغتيل ما لا يقل عن 3آلاف فلسطيني أعزل. ولم يحاكم أو يحاسب أحد على ارتكاب هذه الجريمة… 16 سبتمبر 1931: أعدم المقاوم الليبي عمر المختار (ولد عام 1862). قاوم الإحتلال الإيطالي منذ دخوله عام 1911.
نداء: يتعرّض الرفيق محمد جمور إلى مضايقات جديدة اذ عمدت وزارة المالية إلى الاتصال بحرفائه ومطالبتهم بتسديد مستحقاته مباشرة لها وذلك على اساس حكم كيدي قضى بتغريم الرفيق بعشرات الملايين من المليمات. ويدعو حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ السلطة لرفع هذه التدابير كخطوة في اتجاه انفراج حقيقي للاوضاع السياسية في البلاد.
تونس، شرطة عدلية: تلقى الرفيق محسن الخلفاوي عضو الهيئة التأسيسية لحزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ استدعاء من الشرطة العدليّة ببن عروس اتضح انّه يتعلّق باشكال برز خلال اداء الرفيق لمهامه النقابية ضمن الاتحاد العام التونسي للشغل. وللتذكير فإن الرفيق محسن الخلفاوي كان قد قاد قائمة « المبادرة الوطنيّة » ببن عروس خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة.
تونس، قمح: قال تجار أوروبيون أمس الاربعاء ان ديوان الحبوب التونسي أصدر مناقصة عالمية لشراء 67 ألف طن من قمح الطحين اللين و50 ألف طن من علف الشعير. وينتهي موعد تقديم العروض اليوم الخميس 16 سبتمبر. وطلبت تونس شراء القمح على ثلاث شحنات في الفترة من 25 نوفمبر وحتى 25 ديسمبر والشعير في الفترة من 15 نوفمبر حتى 15 جانفي 2011. ويسعى الديوان لشراء حبوب من غرب أوروبا والولايات المتحدة وكندا وأمريكا الجنوبية
تونس، تجارة بحرية: أظهرت بيانات إحصائية رسمية أن حركة المبادلات التجارية البحرية التونسية تراجعت خلال العام 2009 بنسبة 8 في المئة، مقارنة بالنتائج المسجلة خلال العام 2008. وبحسب التقرير السنوي 2009 لديوان البحرية التجارية والموانئ التونسية الذي نُشر أمس، فإن إجمالي حجم المبادلات التجارية البحرية التونسية خلال العام 2009، بلغ 21774 طناً، في مقابل 23685 طناً في العام 2008. وشمل هذا الانخفاض الواردات، إذ تراجعت من 15853 طناً سنة 2008 إلى 13999 طناً سنة 2009 في حين حافظت الصادرات على مستوى العام 2008. وأشار التقرير إلى أن الاتحاد الأوروبي حافظ على موقعه كأول شريك تجاري لتونس وذلك بنسبة 47 في المائة من الواردات و61 في المائة من الصادرات. وسجلت المبادلات التجارية البحرية مع دول الاتحاد الأوروبي انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، إذ وصل حجمها إلى 11505 أطنان في العام 2009، في مقابل 12201 طن في العام 2008. وتأتى معظم الواردات من إسبانيا وفرنسا وإيطاليا ومالطا، وهي متكونة أساساً من البضائع العامة والنفط والمواد الحديدية.
محمد أركون: توفي الثلاثاء 14 سبتمبر في العاصمة الفرنسية باريس المفكر الجزائري محمد أركون بعد معاناة شديدة مع المرض عن عمر ناهز 82 عاما. ولد أركون في بلدة تاوريرت في ولاية تيزي وزو شرق العاصمة الجزائرية عام 1928 وانتقل مع عائلته إلى بلدة عين الأربعاء بولاية عين تموشنت حيث واصل دراسته الابتدائية هناك. أكمل دراسته الثانوية في ولاية وهران ثم التحق بكلية الفلسفة في الجزائر ثم أتم دراسته في جامعة السوربون بباريس. حصل على شهادة الدكتوراه في الآداب، ودرس بجامعات عديدة في أوروبا وأميركا والمغرب، واهتم بدراسة وتحليل الفكر الإسلامي. تم اختياره عضوا باللجنة الوطنية لعلوم الحياة والصحة بفرنسا، وعدة لجان أخرى. ترك أركون مكتبة ثرية بالمؤلفات والكتب، ومن أهم عناوينها: ملامح الفكر الإسلامي الكلاسيكي، دراسات الفكر الإسلامي، الإسلام أمس وغدا، من أجل نقد للعقل الإسلامي، الإسلام أصالة وممارسة، الفكر الإسلامي: قراءة علمية، الإسلام: الأخلاق والسياسة.
السعودية، سلاح: ربطت صحيفة الديلي تلغراف بين صفقة السلاح السعودية بقيمة 60 مليار دولار وانتخابات التجديد النصفي للكونغرس الامريكي التي اعلنت الصفقة قبلها. وتقول الصحيفة ان الصفقة تعد انقلابا لصالح ادارة الرئيس اوباما، اذ يواجه الديموقراطيون ضغوطا في الانتخابات احد اسبابها زيادة معدلات البطالة في الولايات المتحدة. وستفيد الصفقة السعودية الصناعات الدفاعية الامريكية في 44 ولاية من الولايات المتحدة وتسهم في حماية 77 الف وظيفة. وستبلغ وزارة الدفاع الامريكية (البنتاغون) الكونغرس الامريكي بالصفقة، حيث يمكن للنواب اجراء تعديلات عليها بل ويمكن رفضها تماما لو بدا ان الكيان الصهيوني يمكن ان يشعر بعدم الامان بسببها. الا ان التلغراف لا تستبعد تمرير الصفقة، خاصة وان امريكا لم تضمنها نظام الصواريخ طويلة المدى الذي يحمل على طائرات اف-15 للسعودية. هذا في الوقت الذي ستقدم واشنطن للكيان الصهيوني مقاتلات اف-35 الاكثر تطورا بكثير من اف-15. واشارت الصحيفة الى ان الصفقة، التي تاتي بعد صفقة اسلحة امريكية ايضا للامارات، ربما تسهم في تسريع سباق التسلح في منطقة الخليج.
العراق، تعويض: عقدت الحكومة العراقية المعينة اتفاقا مع الولايات المتحدة لتسوية المطالبات التي تقدم بها عدد من المواطنين الامريكيين يقولون إنهم تعرضوا لمعاملة سيئة من جانب النظام العراقي السابق ابان ازمة الكويت عامي 1990-1991. وقالت وزارة الخارجية العراقية إن الاتفاق- الذي يقول تقرير لصحيفة كرستيان ساينس مونيتور إنه يتضمن دفع تعويضات تقدر باربعمائة مليون دولار- الذي وقعه عن الجانب العراقي وزير الخارجية هوشيار زيباري وعن الجانب الامريكي السفير جيمس جفري سيساعد في رفع العقوبات التي فرضتها الامم المتحدة على العراق منذ عقدين من الزمن. وكان مجلس الامن التابع للامم المتحدة قد امر بعد حرب الخليج عام 1991 العراق بتعويض الدول التي تضررت نتيجة احتلاله للامارة الخليجية. وتخصص بغداد الآن خمسة في المائة من ميزانيتها لهذه التعويضات التي يدفع معظمها للكويت.
بريطانيا، اضرابات: تبحث نقابات العمال البريطانية امكانية شن هجوم موحد على خطط الحكومة لخفض الانفاق بغية تقليل الدين العام البالغ 155 مليار جنيه استرليني. وترى النقابات ان الحكومة تضر اكثر بالفقراء وبالخدمات العامة بسياساتها الاقتصادية ، فيما يصر الوزراء على انهم سيحمون الخدمات العامة من اي تاثر بالتخفيضات. وعقد المؤتمر رقم 142 في مانشستر، وهو اول اجتماع سنوي لاتحاد العمال في ظل حكومة غير عمالية منذ عام 1996. وطلبت الحكومة من اغلب الوزارات والهيئات التخطيط خفض ما بين 25 و40 في المائة من نفقاتها قبل المراجعة الشاملة للانفاق العام في 20 اكتوبر. وسيناقش الاتحاد الاثنين اقتراحا بتنظيم « اضراب مشترك » اذا لم تتراجع الحكومة عن خطط خفض الانفاق، وكان رئيس نقابة عمال النقل طالب بشن « عصيان مدني » احتجاجا على سياسة الحكومة.
قائمة مراسلات حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ info@hezbelamal.org للاتصال بنا : aliradainfo-request@listas.nodo50.org الى SUBSCRIBE للإشتراك ارسل رسالة فارغة موضوعها aliradainfo-request@listas.nodo50.org الى UNSUBSCRIBEلفسخ الإشتراك ارسل رسالة فارغة موضوعها http://www.hezbelamal.org/ موقع حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ
بسم الله (( الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ )) (( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ )) والدة الأخ المجاهد عبد الله عاشور في ذمّة الله
فُجع الوجه الإسلامي المعروف بمدينة القيروان الأخ المجاهد والسجين السياسي السابق عبد الله عاشور بفقد والدته العزيزة التى توفاها الله تعالى مساء هذا اليوم الخميس 07 شوال 1431 هـ الموافق 16 سبتمبر 2010 بعد معاناة طويلة مع المرض عن سن ناهز 98 عاما .. وستشيع الفقيدة ضحى يوم غد الجمعة إن شاء الله تعالى بمقبرة قريش بمدينة القيروان . ولا يسعني في المناسبة الجليلة إلا أن أعزّي الأخ العزيز عبد الله عاشور في مصابه الجلل سائلا المولى الكريم أن يتقبل الفقيدة الغالية بواسع الرحمة والغفران وأن يهب أهلها وأحبابها صبرا جميلا وقلوبا راضية بقضائه تعالى وقدره .. وإنا لله وإنا إليه راجعون . وأضع على ذمة كل محبي الشيخ عبد الله عاشور وإخوانه رقم هاتفه للقيام بواجب التعزية : 77300963 محمود قويعة
تونس:المشهد السياسي القادم التوغل في الهوية و… »كثبان الرمل »
ليس من باب النبش في الماضي القريب ولا من باب تحريك خثار التاريخ وأوجاعه حين نُذكّر بما عرفته بلادنا بداية التسعينات ولمدة عقد ونصف من حوادث مؤلمة ومن إجراءات متسرعة كان لها نتائج مؤذية على جميع المستويات.
1 :رُفع شعارُ » تجفيف المنابع » في بداية التسعينات كإجراء جوهري في مواجهة ما قُدر أنه « تطرف ديني »واشتغل تحت هذا العنوان « مقاولون » يضربون على الاشتباه ويصوبون في كل الاتجاهات واشتغلت آلات « العقلانية » و »التقدمية » و »العلمانية »و »الحداثة »في التصدي لأشباح » الرجعية » و »الظلامية » و »القروسطية »… كانت المعركة مزيجا بين السياسي والإيديولوجي وكان الدين موقدا لتآكل الجميع.
السلطة لم يكن لها موقف عقدي من الدين وإنما هو موقف سياسي من طرف يستمد زخمه من دين الشعب ويستفيد من كنز مشترك غفل عنه الآخرون. انضم إلى المعركة خصوم إيديولوجيون مستفيدين من شعار « تجفيف المنابع » أكثر من السلطة نفسها، السلطة لم تكن علمانية وأعضاؤها لا يستنكفون عن الطقوس ولا يجدون حرجا في تمجيد دين الشعب وفي الإتكاء عليه أمام الجماهير.
معركة « تجفيف المنابع » كانت معركة عشوائية انخرط فيها بعض ممن يقال « مثقفون » وكثير من الرعوانيين في الصحف وفي الوسائل السمعية والبصرية ،مع إن الكثير من المثقفين والمتحزبين لم يقتربوا من هذا الحقل وعيا بتعقيداته وعمقه وآثاره المستقبلية.
وإذا كان لأي سلطة مبررات للدفاع عن نفسها ومغالبة خصومها أو منافستهم فإن من واجبها أيضا الإنتباه إلى ما قد يترتب عن أساليبها من مخاطر قد تكون أشد تهديدا.
الكثيرون استغلوا تخوف السلطة من شبح « التطرف » ليخوضوا معركة عقدية ضد الشعب حتى أصبحت مجرد « البسملة » شبهة ناهيك عن آداء الطقوس ، وأصبح التجاهر بالكفر والسكر والتهتك دليل براءة من لوثة التطرف… وأدركت السلطة نفسُها أنها في مواجهة تطرف جديد: استشراء العنف والجريمة وبوادر تفكك الأسرة والتمرد على المشترك من القيم ولم تنفع شعارات « السلوك الحضاري » و »التمدن » و »الحداثة » في مواجهة انحدار سريع نحو « البدائية » فكانت دعوتها إلى حملة أخلاقية اصطدمت بمبدإ الحرية الشخصية … ثم رأينا التجمعيين يملأون المساجد وهي إشارة ذكية لطمأنة الناس بأن التدين ليس بالضرورة تطرفا وأنه لا شبهة في الطقوس، فهل أدركت السلطة بأن شيوع العنف والجريمة هو نتاج ضمور الوازع الديني وأن الدين هو مصدر الأخلاق والطمأنينة؟
لا حاجة للتأكيد على فطرية التدين وكثافة المخزون الديني في مجتمعاتنا.ها هي المساجد أكثر امتلاء ونسبة الشباب هي الطاغية، ولكن السؤال من أين يتلقى هؤلاء معارفهم الدينية ؟ من الفضائيات أم من الكتب المدرسية أم خطب المساجد؟
هذا السؤال مطروح على السلطة قبل غيرها لكونها ممسكة بالملف الديني ولكون الدين دين الشعب وهي مسؤولة عن مصالحه الاقتصادية والأمنية والمعرفية،ولن يُنقص من مدنية الدولة شيئا اهتمامُها بالخطاب الديني بما ينسجم مع متطلبات العصر ويسهم في بناء المواطن « الحي » في وعيه وإرادته ووطنيته واستقامته وتوازن شخصيته وانفتاحه على إبداعات العقل البشري.
الدين حقيقة، وآثاره الإيجابية أو السلبية مرتبطة بمنهج التعامل معه. والذين ينصحون السلطة بالابتعاد عن القاموس الديني حتى لا تشوب حداثتها شائبة ٌ لا يُحسنون تقدير خطورة المسألة فالدين مبثوث في كل تفاصيل حياتنا ومفاصل علاقاتنا بشكل من الأشكال ، وحتى لا يكون بشكل سلبي نؤكد على ضرورة أخذه بجدية حتى لا نفاجأ بمفاهيم غريبة لن نكون بمنأى عن نتائجها… نحن نتفق مع دعاة تجفيف منابع كل المخاطر لكن علينا أولا حسن رصد هذه « المنابع » حتى لا نكون كمن يغمض عينيه لئلا يرى المستنقع فإذا به يقع فيه… بعض المثقفين لا يمكن الاطمئنان إليهم معرفيا،هم تارة يرفعون شعار اللائكية وحينا يتحدثون عن ضرورة حماية قداسة الدين فلا يدنس بحشره في المناشط العامة،ومثل هذا الموقف لا يمكن اعتباره لا سياسيا ولا حتى إيديولوجيا بقدر ما هو صادر عن جهل بطبعة « الإنسان » ودلالات الدين أصلا.
أما تعاطي السلطة مع الملف الديني فيبدو سطحيا ومرتبكا لأسباب لا تكون إلا سياسية فهي تحاول عدم حشر الدين في السياسة حفاظا على مبدإ « فصل الدين عن السياسة » وتجد نفسها حينا تلجأ إليه عبر المنابر الدينية الرسمية في المناسبات خاصة.
وإذا كنا لا نرى حرجا شرعيا ولا أخلاقيا في الدعوة للملوك والرؤساء بالهداية والرشاد والتوفق في خدمة العباد ،فإن علينا النظر بصدق في مدى قدرة هؤلاء المتكلمين في الدين على التواصل الوجداني والمعرفي مع عامة الناس ومع الشباب المثقف خاصة،ولا يتعلق الأمر بذوات هؤلاء الخطباء بقدر ما يتعلق بمدى انسجام هذه الخطب المناسباتية في خطاب ديني هادئ وعميق نافذ إلى عمق الذات فكرا ووجدانا ومشاغل عيش ومعاني وجود. يكتفي الخطاب الديني الرسمي بشعارات كثيرة من نوع الدين تسامح وتضامن وعدل ورحمة وعلم وعمل… وكل المصطلحات الإطلاقية دون القدرة على نسج ملامح خطاب عميق ورصين يشد إليه الشباب خاصة حتى لا يُملأ فراغه المعرفي ـ دينيا ـ من مصادر قد تكون غير مناسبة وهو ما أصبح ملحوظا فعلا… لسنا أمام حتمية اختيارية: « التجييش » أو « التهميش » فإذا كان مطلوبا الحذر من خطاب ديني مجيش سياسيا فإنه مطلوب أيضا التنبه إلى مخاطر إفراغ الخطاب الديني من كل معنى ، ولا يغني اللجوء إلى كثافة ما يُعتقد أنه أنشطة ترفيهية شبابية أو فتح أكثر ما يمكن من عيادات الروحانيين والفلكيين للتخفيف من الفراغ الروحي الذي ينتج عن خواء الخطاب الديني،علاوة على ما تفرزه تلك البدائل من سخف وأوهام في عصر المعرفة المعقدة والمخاطر المحدقة.
وإذا كانت السلطة متحرجة من إشكال نظري ـ غير محسوم ـ » علاقة الدين بالسياسة » فإنه أكثر إحراجا أن يهمس الناس بمسؤوليتها عن الضمور الديني وتوابعه… وأما أن تكون متوجسة من مخاطر « التطرف » فإنه لا ينشأ إلا في فراغ ولا يروجه إلا من يعتقد أنه يثأر للدين من مهمليه،ولا تنقبض إلا الكف الفارغة .
إن خطابا دينيا هادئا محوره « الإنسان » لا يمكن أن يكون عنيفا ولا حاقدا ولا منتقما ولا يمكن أن يمارس به أحد وصاية على غيره ممن يشتركون معه في المواطنة أو الإنسانية.
2:ليس أحصن للأوطان من الأمان ،أمان الناس على أفكارهم ومعتقداتهم وانتظاراتهم تتبدى ساطعة دون توجس .. حتى إذا ما بدا بها بعض انحراف أو زيف عُولجت بأساليب من طبيعتها لا تخرج عن فعل العقل في الظواهر… ليس ثمة ما يعجز العقل عن تهذيبه وإصلاحه… وليس أخطر على الأوطان من الصمت حين يضطر الناس إلى إخفاء انتظاراتهم وطموحاتهم أو تذمرهم من ظروف عيشهم ، لا يُعرف ما الذي يخفيه الصامتون من معتقدات ونوايا وأفكار وتمنيات. إن الإنسان مقدر عليه أن يتبدى في التعبير بمختلف طرائقه، وإذا منع فللإنفعالات مواقيتها، وإن الدوافع اللامعقولة لا تنتهي إلا إلى نتائج من جنسها ولا يجدي قولنا بعد ذلك بأنها غير مقبولة.
لا خوف من الكلمات مكتوبة أو منطوقة.. في شارع أو في مقهى أو في منتدى أو على ورق طالما لم تشحن بدلالات العنف والأحقاد والتكفير والزيف وطالما لم تضرب في حصون الوطن وفي جذور الهوية وكرامة الإنسان… نحتاج إلى أن نتكلم كي نتبدى ونحتاج إلى الإصغاء كي نفهم غيرنا جيدا ونفهم أنفسنا أيضا.
« الإصغاء إلى المواطنين واستجلاء انتظاراتهم وطموحاتهم » ليس مجرد عملية سبر للآراء ولا عملية توصيف ظرفي للمزاج العام ذاك هو الخطأ الكبير حين نتعاطى مع المجتمعات كما نتعاطى مع الظواهر الطبيعية فنظن بأننا تمكنا من تحديد ملامح الظواهر لنتعامل معها بما يناسبها. إن « الإنسان » هو الكائن الوحيد العصي عن التحديد من حيث هو فكر أو طموح أو مزاج ولذلك تظل المجتمعات في حالة من التفاعل المستمر مع المؤثرات الداخلية والخارجية:مؤثرات فكرية أو عقدية أو سياسية أو اقتصادية، وهذا يتطلب أن تكون عملية الإصغاء والاستجلاء عملية دائمة وشاملة … وهي عملية لا يقدر عليها جهاز سياسي بمفرده بل لا يمكن أصلا أن تكون عملية عمودية لما قد تنتهي إليه من « وصاية » جهة ما على كل المواطنين… إن مكونات المجتمع كله معنية بالتصاغي وهي حالة تكاشف تسهم في تحديد مواطن النقص أو العطب ليتولى كل ذي شأن إصلاح شأنه وذاك هو مدلول « الديمقراطية » إذ تظل قوى المجتمع في حالة من التدافع والتنافس لتعزيز مشاركتها في الحياة العامة وفي مجهود التنمية الوطنية الشاملة، تنمية لا تعنى فقط بما هو اقتصادي إنما وبالتوازي بما هو ثقافي وفكري وإبداعي وسياسي وهذا يتطلب اتساع المناشط العمومية والوسائل السمعية والبصرية إلى الأفكار الحرة لمناقشة وتشريح كل الموضوعات بهدوء وموضوعية وأدب حوار واختلاف تحسسا لملامح أقرب للصواب والمصلحة « من أجل تجذير انتماء ناشئتنا للوطن والولاء له دون سواه وإثراء تكوينهم بمقومات هويتنا وبمبادئ الإعتدال والتسامح والفكر المستنير والتفتح على العصر ».
ما الذي يدفع بشباب تلمذي وطلابي إلى خيارات تدميرية؟ هؤلاء العشرات أو المئات أو ربما الألوف أما كان يمكن أن يكون منهم أطباء ومهندسون وعلماء يعززون قدرات الوطن؟ أما كان يمكن أن يكون منهم مثقفون مبدعون وسياسيون راسخون في الوطن؟ لماذا ينتهي شباب تونسي إلى حمل السلاح في وجه رجال أمن وجيش تونسيين؟ نبكي على هؤلاء وهؤلاء … كلهم ضحايا الفكرة القاتلة، فكرة ليست من نبت الوطن .. أي فراغ ثقافي وديني أو سياسي تسللت منه « المعتقدات القاتلة؟ وهل بمثل قانون الإرهاب » والعقوبات القاسية يمكن معالجة ممارسات هي نتاج تصورات واعتقادات؟ هنا الرهان الحقيقي للحوار مع الشباب.
لا خوف من الإقرار بالثغرات إنما الخوف من عدم الإسراع إلى معالجتها بما يناسب من تعبيرات ثقافية حية وخطاب ديني واقعي وعقلاني وهو ما يتطلب إعادة الحياة إلى دور الثقافة ودور الشباب ومزيد العناية بالمؤسسة الدينية والبرامج التعليمية في موادها الإنسانية والإجتماعية « حتى تسهم جميعا في تحصين شبابنا خاصة ومجتمعنا عامة من مخاطر التعصب والتطرف والعنف ».
المشاكل سمة المجتمعات الحية إذ تدفع إلى التفكير والتجديد ،ولا خطر من وجود مشاكل أو نقائص وإنما الخطر في إنكارها وفي سوء التعاطي معها فتتحول إلى أزمات يتعب الجميع بتبعاتها. إنه ليس من الحكمة بمكان تحميل أي سلطة مسؤولية كل الأعطاب التي قد تصيب المجتمعات ،وليس من السياسة بمكان التوجس من النقد أو اتهام أصحابه بالتآمر… توتر العلاقة بين أي سلطة ومخالفيها يدفع السلطة إلى الإستنفار والتحفز والارتياب من كل رأي مختلف … ويدفع المختلفين إلى اليأس من عملية الإصلاح أو المشاركة في تحمل المسؤولية .. وإذا استقالت قوى المجتمع عن أداء دورها فإن السلطة ستظل تغوص لوحدها في الأزمات… ثم لماذا تحمل سلطة نفسها ما لا تقدر على تحمله حين تستفرد بكل « الملفات » وتبدد من إمكاناتها الكثير في محاصرة إمكانات مبثوثة في مواطن كثيرة من مفاصل المجتمع؟
الأوطان تحتاج كل أولادها ومن لم يكن فاعلا سيكون عالة بالتأكيد حين لا يفكر ولا يعبر ولا يبدي حماسة في أداء دور ما نحو الوطن…. هل يمكن اعتبار « السلبيين » مواطنين أسوياء؟ لا فرق بين من يدفعه التوجس إلى الصمت و من يدفعه إليه النفاقُ والمآرب الشخصية،كل هؤلاء وأولائك خطر على مستقبل الوطن نحتاج من يعبر ويكتب ويبدع ليكون ثمة شموع كثيرة تضيء الخفايا وتكشف المزالق المحتملة وتقي من بغتة الأحداث حين تأخذ المجتمعات على غفلة من أمرها. إن أزمة المجتمعات تكمن في الثقافة المأزومة،ثقافة الوعي الزائف الذي يستوي في نشره كل أنماط الخطاب: تقليديّه وحداثيّه.
3: كانت سنوات دخان حين اختلطت الأوراق السياسية وأصبح الخطاب عضوضا
وطوقت السلطة بذراع مفتولة رقبة الدولة وأخضعت كل مسالك الحركة لرقابة صارمة توجسا من سرعة تنامي الحركة الإسلامية وسرعة استفادتها من أجواء الحرية التي وعد بها بيان التغيير… كانت سنوات دخان وبلغت القلوبُ الحناجرَ وأصيبت البلاد ب « غصة ثقافية » … سينخرط كثيرون في خساسة دق الطبل للسلطة وسوف يقدمون من التبريرات ما لا ينسجم مع وظيفة المثقف وسينحدر آخرون إلى درك أسفل من السخف والطيش … لقد اختارت السلطة منذ بداية التسعينات إعادة « عجن المجتمع » ثم تشكيله من جديد بما ينسجم مع إستراتيجية اقتلاع خصوم يستمدون زخمهم من هوية وتراث الشعب… ألم يكن ممكنا اشتغال السلطة على نفس الإرث الحضاري؟ ما الذي يمنعها من الإستفادة من ثروة قيمية وروحية مشتركة؟ هل تعرضت السلطة إلى اختراق إيديولوجي استغل أجهزتها للثأر من خصوم عقائديين؟
إن الأخلاط الكيميائية عشوائيا قد تنتهي إلى نتائج مدمرة ولعل هذا ما أنتجته حالة خلط الأوراق السياسية في لحظة متسرعة ومتوجسة… لقد تجند « حلفاء » السلطة في صنع « ثقافة بديلة » تعفي السلطة من خصوم سياسيين وتعفي هؤلاء الحلفاء من خصوم عقائديين… ولا ندري إن كان هؤلاء وهؤلاء يدركون المخاطر المستقبلية لما يروج باسم الثقافة من هرج وسخف وفراغ … وقد سخرت الآلة الإعلامية ـ مقروءة ومسموعة ـ لصنع نجوم زائفة وحمقاء وفاسدة في كل الأشكال الفنية… سيكتشف الجميع بعدها أنهم إنما كانوا يُهلكون أولادهم قبل أن يكونوا يحاصرون خصوما سياسيين وعقائديين، لم يكد المتحالفون يطمئنون إلى كونهم حققوا انتصارا وهيئوا تربة لمشاريع ثقافية بديلة حتى صُدموا بكون حصادهم ليس إلا نكدا… ها هي أجيال جديدة تتنازعها أهواء ونوازع إجرامية ومخدرات واستخفاف بالقيم والقوانين .. ثم أخيرا الإنجذاب أفواجا إلى مفاهيم دينية جامحة وانتقامية.
سيكتشف مثقفون وسياسيون واقعيون أنهم إنما كانوا يُمارسون إكراهات على طبيعة الأشياء ، وسيعُون بأنه لا سبيل إلى الحداثة والإصلاح والنهضة دون مراعاة لهوية الشعب الحضارية والثقافية والدينية.
لقد كانت أحداث سليمان العنيفة ديسمبر 2006/ جانفي 2007 إنذارا جديا بأن سياسة « تجفيف المنابع » قد نفذت إلى طبقات من الروح سحيقة لتكون ردة الفعل مأساوية لا تنسجم مع طبيعة الدين ولا مع نوايا الإصلاح ، تلك الأحداث الأليمة لم تكن إلا شظايا خثار الروح حين اعتصرتها القبضة الحديدية لحوالي عقد ونصف.
ستنتصب أسئلة مفصلية عن الأسباب السياسية والثقافية والدينية والأمنية لجنوح ماء الشباب نحو مسالك مظلمة، وسيخطب رئيس الدولة يوم 15/02/2007 داعيا إلى » الإصغاء إلى المواطنين واستجلاء انتظاراتهم وطموحاتهم .. من أجل تجذير انتماء ناشئتنا للوطن والولاء له دون سواه وإثراء تكوينهم بمقومات هويتنا ومبادئ الإعتدال والتسامح والفكر المستنير والتفتح على العصر ».
هذا المنطوق الرئاسي كان يمكن أن يفتح باب المعالجة الثقافية الهادئة والعميقة لأزمة الوعي والقيم لو أردف بإجراءات عملية كإعادة فتح دور الثقافة والشباب وفسح المجال رحبا أمام المبدعين والمثقفين،ولكن الذي يخيب الآمال ويحبط العزائم أن أجهزة صنع العفن الثقافي لم تكُفّ عن « القيء » بما تمجه الذائقة السليمة وبما يؤثر على الأعصاب.
إن المثقفين الذين استهوتهم لعبة « دق الطبل » للسلطة في السنوات الأخيرة وأصبحوا يجدون في أنفسهم ذلة ومهانة بإمكانهم مراجعة ومساءلة أنفسهم بصدق إن كانوا يتحملون بعض المسؤولية فيما أصاب البلاد من جدب وفحيح ودخان؟ وفيما قد يلحق بأولادهم وبناتهم من سخف وتيه؟… والسؤال موجه إلى السلطة أولا إن كانت تخشى ثقافة الحياة والجمال والمحبة وإن كانت تفضل التعامل مع شعب مستنير ومع مثقفين صادقين وجريئين أم مع شعب فوضوي ومع مثقفين مخاتلين وجشعين؟… والسؤال موجه إلى المعارضة أيضا إن كانت مستعجلة على حكم شعب تداعيه أعجلُ من حركتها نحوه؟ وإن كانت تتحمل بعض مسؤولية في توتير المزاج العام بما ضيق على الثقافة منابتها وفرص فعلها الإحيائي؟
4: أن نصحو ضحى أفضل من أن نظل نائمين… من فنون السياسة التنبهُ إلى المخاطر في بداية ظهور أسبابها أو في بداية ظهورها فعلا… ومن فنون السياسة أيضا القدرة على التخلص من الأعباء حتى وإن كانت متعلقة بشركاء مرحلة سابقة إذ ليس في السياسة مراعاة أو مجاملة « لصداقات » إنما وفاء للمصالح العامة .
يلحظ من يُجيد قراءة المشهد العام في تونس اليوم توغلا هادئا وشاملا في الهوية بما هي حقل ديني وثقافي وقيمي وشعائري وبما هي وعاءٌ منفتح على إبداعات العقل العلمية والفنية والتنظيمية وبما هي قدرة على التجدد وعلى الإغراء بالحياة المعاصرة المفعمة بروحانية إيمانية تجتذب إليها الشباب في حيويته واندفاعيته الطموحة . لقد تحررت الظاهرة الدينية اليوم في تونس وإلى حد كبير من حالة الخوف التي ضغطت طويلا على البلاد… ثمة علامات كثيرة تدل على أن البلد مسلمٌ وعلى أن الشعب بدأ يتحسس ذاته في أعماق دينه وعلى أن السلطة ليست معادية للدين ـ كما ساد الإعتقادُ طويلا حين تصدت سابقا وبكل شدة لمختلف مظاهر التدين ـ .
زيارة العلامة الشيخ يوسف القرضاوي إلى القيروان السنة الفارطة وكذا الداعية سلمان العودة وما صرحا به من كون البلاد لم يبلغ منها التجفبفُ مبلغ اليَبْس وكونها مازالت تنبض بالإسلام وكذا ما أعلنه سيادة رئيس الجمهورية عند اختتامه فعاليات « القيروان عاصمة للثقافة الإسلامية » من كون تونس دولة مسلمة بنص الدستور ـ فيما يشبه قطع جدل الدافعين نحو الأخلاط الحضارية ـ كلها علامات اتجاه السلطة نحو « الإستثمار » في الحقل الديني ،وليس مهما إن كان هذا التوجه بدافع عقدي أم بدافع وعي سياسي بطبيعة التحولات المحلية والإقليمية والدولية حيث أصبح القاموس الديني هو المحدد غالبا للأحداث والخطابات.
بعث « بنك الزيتونة » هو القامة المادية للفكرة الدينية التي يُراد أن تكون « معتدلة » تبثها « إذاعة الزيتونة للقرآن الكريم » وتُفتح لها نوافذ جدل هادئ في جريدة « الصباح »…وربما يُعاد النظر في طرائق التعامل مع الشباب المتدين الذي عولج بما اقتضته الطاحونة الكونية … العزم على بعث حوالي أربعة مائة فرع بنكي للزيتونة هو ليس مجرد قرار اقتصادي بمعزل عن رهان أو شرط ثقافي… تنشيط « البنك اللاربوي » ذاك يحتاج في الغالب تنشيط الروحانية الإيمانية والوازع الديني كأرضية عملياتية لصَيْرفة تحاول أن تكون إسلامية، لم يعد ممكنا ـ طوعا أو كرها ـ العودة إلى تجربة « التجفيف » ولم يعد لخطاب الإلحاق الثقافي من حظوظ في تونس المستقبل وسيترتب عن ذلك بالخصوص انحسارُ مساحة تحرك السياسيين ذوي الإيديولوجيات المتعالية على هوية الشعب، الذين سخروا من معتقداته ووصموها بما يشينها، والذين اشتغلوا كاسحات في مشاريع التجريف الثقافي… السياسيون أولائك لن يقدروا على تحقيق التصالح مع الشعب ولن يستطيعوا تغيير صورتهم العالقة في ذاكرة العامة حولهم ….وسيكونون عبئا على السلطة وستعمل على « التخفف » منهم… ستتركهم يُواجهون قدرهم، وقد دُعُوا في خطاب رسمي أخيرا إلى تحمل مسؤولياتهم… انتهت مرحلة الحضانة السياسية وآن لمن حبَا طويلا أن ينتصب على قدميه ـ إذا استطاع ـ حتى لا يُقال بأنه « معوق » لا يقوم إلا بعكاكيز.
بعض تلك الأحزاب ستنتهي إلى أشبه ما تكون ب »كثبان الرمل » إما تكابر فتذروها الرياح القادمة، وإما تغامر فتنزلق إلى « خطاب الهوية » تمارس التجريب السياسي على موج من فوقه موج من فوقه سحاب… وقد… لا تغرق… ستظل في أحسن الحالات تطّوّف حول مدًى لا تمتلك الأدوات ولا الجرأة العقدية على وُلوجه… ستظل عاجزة على أن تكون مساهمة بحدّ أدنى في تحولات المشهد الإقليمي والدولي وهي عاجزة أيضا على أن تكون جوابا مقنعا على أسئلة الشركاء الدوليين في ملفات الحرية والديموقراطية والمدنية… هي عاجزة على لعب أي دور في احتضان « الهامش المدني » لا تعبئة ولا تهدئة رغم ما تلقاه من دعم سخي سواء في مستواه المادي ـ التمويل المنتظم ـ أو في مستوى كرم الضيافة في البرلمان و في المجالس البلدية بنسبة 25 بالمائة وهو ما ظل يمثل عبئا حقيقيا على المجموعة الوطنية وإهانة مؤلمة للديموقراطية… ولعل ذلك ما جرأ بعض الأقلام على بعض « الأسماء » المتداولة… وقد يُحتفظ ب »الأواني » وتستبدلُ الأيادي.
إن الناس من مختلف المستويات وفي كل مكان من البلاد يُعلقون بسخرية وتندّر ـ خفية وجهراـ عما يُقال من « فوز » بعض الذوات النكرة والخاوية والجشعة وال… في مناسبات انتخابية تمول من الخزينة العامة ويُسوّق لها في وسائل الإعلام الوطنية.
« كثبان » قامت السلطة بتركيمها مذ بداية التسعينات تتوقى بها من عنفوان أمواج « التيارالإسلامي » وتستقوى بها على كسر ظهره وقطع وريده. لم تعد اليوم من حاجة أكيدة إليها بل ولا يُنتظر منها دورٌ حقيقي وقد جرفت تياراتٌ مؤذية الكثير من الشباب من أمام أعينها دون قدرة منها على وقاية أو علاج .ولا يُعول عليها في « معركة التمديد » التي ستكسبها السلطة بكل يسر حتى قبل أن تخوضها لا لصلابة الأرضية التي تقف عليها أو لجاذبية برامجها وإنما لهشاشة كامل المجتمع بأحزابه ومنظماته وجمعياته ونخبه ورساميله المرتهنة …وها إن أصوات المناشدين المتعالية من شبابيك البنوك وشركات التأمين والمؤسسات التجارية الكبرى ـ ناهيك عن أسماء اعتبارية ـ تغرق بعضَ الإعتراضات الخافتة المترددة.
وفي الغالب سيُتفق على تسريع إنجاز الإصلاح السياسي ويُصَارُ إلى التوافق ـ دون عناءـ على التمديد الرئاسي وفق « فقه المآلات » ـ يحتاجُ تفصيلا لاحقا ـ . واستتباعا لكل تلك المقدمات وغيرها ـ مما نجهل ومما لم نذكرـ تتغير اليوم استراتيجية « الخصومة » من « التجفيف » إلى « الإستثمار » وهو ما يحتاج آلية جديدة في فرز الشركاء من الخصوم وفي ابتداع مقاييس هادئة لترتيب « الطبقات » العقدية ضمن حقل يقتضي عمقُهُ التوغلَ فيه برفق.
يبدو أن طبيعة « الأشياء » تدفع ـ تلقائيا ـ باتجاه انطفاء مواقد « الأذى السياسي » بين طرفين يُتفق على أنهما رئيسيان وعلى أن « حقل الهوية » أضحى هو المُجمّع ضمن مبدإ التنافس الهادئ المثمر…. وهو حقل الرهانات القادمة. ـ يُرجى ألا تتداخل على البعض مقتضياتُ الصداقات من تلطّف وتعطّف، ومقتضياتُ التحليل من موضوعية وشجاعة ووضوح قدر الإمكان ـ بحري العرفاوي ملاحظة: الفقرات 1،2، 3 . هي نصوص منشورة خلال العامين 06/07 رأيتُ أنها لم تفقد دلالاتها وعلاماتها وأنها مساعدة على تحليل الواقع واستكشاف المستقبل وقد تحقق بعضٌ مما تنبأتْ أو نصحتْ به.
مطمور روما
نظرا لحساسية الظرف الذي تمر به بلادنا من حيث هبوط محاصيل الحبوب لسائل أن يسأل :أين تقف المناطق الزراعية التونسية لا سيما جهات الزراعات الكبرى التي عرفت تاريخيا بكونها « مطمور روما» ؟ من موقعي كمواطن بسيط أردت أن ألفت إنتباه أعلى هرم السلطة و المسؤولين على القطاع الفلاحي إلى موضوع قد يبدوا ثانويا من حيث الأهمية لكن وجب التنويه إليه إن المتجول في ربوع بلادنا الحبيبة يلاحظ وجود الكثير من الأراضي الغير مزروعة و المتروكة منذ سنين و يبدو أن مالكيها من المترفين الذين لا تستهويهم زراعة الأرض فهم إما كوادر داخل الإدارة التونسية توفر لهم الدولة المنزل و السيارة أو هم صناعيون يتمعشون من صناديق التأهيل سجين رأي سابق
إلي القابض علي الجمر, ردّا على الحبيب الغيلوفي
أودّ في هذا الرد المتواضع أن أطمئنك أنت و قيادة الصامدة في برجها العاجي أو بالأحرى الزجاجي بأن حالنا بألف خير أو على الأقل أفضل منكم بكثير و نحمد الله على نعمه, فنحن تمكنا من التجرؤ على طوباويّتك أنت و أمثالك و نزلنا إلى أرض الواقع و عانقنا أهلينا و أحبابنا ووطننا بما فيه من خير كثير و مساوئ لا ننكرها و لا نحسبها ترقى إلي مستوى القتامة و الظلمة التي تريد أنت و ولاة أمرك أن توهم بها الغافلين لكي يتسنّى لكم الإسترزاق بتسويقها والتمعّش من ديمومة الأزمة.
نعم سيد الغيلوفي حالنا بخير كثير لأننا تحررنا و منذ بداية الأزمة من حزبيتك الضيقة و من توجيه تنظيمك وأصبحنا نرى الكأس كاملا و ليس سوى النصف الفارغ منه. فنحمد الله على النصف الممتلئ ونعمل و نساهم و نحن في بداية الطريق بمقدار الممكن على ملئ النصف الفارغ بما يتاح من ممكنات الواقع و ليس بممكنات الخيال و بعيدا عن المغامرات الصبيانية الفاشلة.
حالنا أفضل منك لأنَ حقدك و بغضك على من خالفك الرأي دفعك أن تنكر عنه حتّى رساليّته و أمانته أمام الله فبالنسبة لك من عادوا لم يعودوا قادرين حتّى علي الدعوة و النصح و التوجيه (وهذا لعمري أعظم افتراء) و الكل يعلم أن أغلب من قرّر العودة هم من أرقى و أشدّ اخواننا التزاما خلقا و دينا و لا نزكّي على الله أحدا (ولك أن تنظر من حولك) و لعل هذا ما دفعهم للتميّز و أخذ زمام مبادرة لا يقدر علي تحمّلها أصحاب الحسابات الضيقة, فتحمّل السبّ و النّهش لا يقدر عليه إلا أصحاب النفوس القويّة المؤمنة (وما مقالك هذا و ما سبقه إلا دليل على ذلك) .
حالنا بخير كثير لأننا و إن عدنا سائحين أو مستثمرين خانعين لمن يتحكّمون في سوق العمل كما تقول فحسبنا أننا نسير على خطى رسولنا صلى الله عليه و سلم فالمؤمن الذي يخالط الناس و يصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالطهم فما بالك إذا كانوا أهلي وبني قومي, فكيف لك أن تصلح حال الناس و أنت في برجك تلعنهم ليلا نهارا لا تريد أن تسمع من أخبار بلادك (هذا إن مازلت تعتبرها كذلك) إلاَ ما يشفي غليلك.
حالنا أفضل منك لأننا نعتبر أن عودتنا و لو بالحدّ الأدنى الذي ذكرته و هو الحفاظ على الصفة و حفاظ على ارتياد مسجد حيّ في بلدي العزيز خير ألف مرّة من تجمّعات و تظاهرات تقودها ذيول اليسار الإنتهازي المتمعّش والمستفيد الوحيد من ديمومة حالة الصراع و الصدام بين التيّار الإسلامي و السلطة و أنت أوّل من يعلم أنّ هذا اليسار كان ولا يزال على رأس دعات إستئصال الإسلاميين و مشروعهم.
حالنا بخير كثير لأننا تجرّأنا و وقفنا على تجربتنا و قيمناها تقييما جريئا وجهرنا بذلك للعموم, وهو ما لا يقدر عليه أصحاب الحسابات الضيّقة و الطموحات الآنيّة مستمرَين بذلك في التستر على أخطائهم و تضليل إخوانهم من أبناء الحركات الإسلامية الأخرى و حتى أبناء تنظيمهم, و هم يعلمون أن تقديم النصح و الإستفادة من تجربتنا لتحاشي الوقوع في نفس الأخطاء والمزالق أمر واجب شرعا و المقصّر فيه آثم أمام الله.
حالنا بخير كثير لأننا خبرنا واقعنا و تفاعلنا معه باجتهادنا و ما نراه صالحا, و ليس لنا مشروع سياسي يراهن على ملك الموت أو عامل الوقت لعل أحدهما يسبق الآخر و يقلب أوراق اللعبة فنظهر بذلك ظهور الثوريين الثابتين ولو على حساب الداخل و أعمار و تضحيات المغلوبين على أمرهم.
حالنا بخير كثير لأنني وأنا أكتب هذه الكلمات لا ارقب جراية و لا ترقية همي الوحيد هم إدلاء النصيحة و رد الإفتراءات فمقالك كما يقول المثل العامّي « ينطَّق الحجر » ,وأنا أكتب بإسم مستعار (و أعتذر عل ذلك) ليس خوفا, فبمقياسك أنت هذه السطور ستمنحني الأوسمة و الميداليات, غير أني ليس لي أي طموح في لقب سياسي أو منصب يقربني شيخا أو أستاذا.
و في الختام نحمد الله كثيرا و نشكره على نعمه الكثيرة و منها نعمة التواصل مع الوطن و الأهل و نسأله أن ييسر لمن تبقى من الراغبين في العودة و يسهل أمورهم.
والله من ورا ء القصد
بلقاسم العلوي
حقّ د. القديدي فى المشاركة والإصلاح
منصف سليمى هولندا
لم أفهم سر الحملة المغرضة التي يشنّها السيد مرسل الكسيبي علي الدكتور أحمد القديدي منذ أسابيع بعد ان إختارالأخير عن حسن نيّة طريق المشاركة العملية والنزول الي ساحة الإصلاح الفعلية وسعي لتسخير باكورة إنتاجه الفكري والسياسي والعلمي والإعلامي وشبكة علاقاته الدولية من أجل الدفع بمشروع الإصلاح خطوات الي الأمام وزرع ما أمكن من بذور الخير والبناء بعد هذه السنين الطويلة من الغربة والبعد عن الوطن فالدكتور أحمد القديدي مناضل وطني شريف كان جزأ من السلطة والحزب الحاكم في تونس ثمّ إبتعد لفترة معيّنة عن لعب أي ادوار سياسية أو إعلامية رسمية وتفرّغ للبحث العلمي وتوسيع شبكة علاقاته الدولية والقيام بدور إعلامي بارز في أوروبا والمشرق العربي ودول الخليج وقد عرف طوال فترة الغربة بتواضعه وأعتدال ووسطيّة افكاره ورأيته الثاقبة للإصلاح والمصالحة ونهجه السياسي المعتدل والمتوازن .
ومن منطلق الإنصاف أودّ الإشارة الي النقاط التالية :
1-حافظ د.القديدي طوال تواجده بالمهجر علي إستقلاليته ونأي بنفسه عن كل المهاترات والمشاكسات السياسية السمجة ولم يعرف عنه أي تطرّف أو تعصّب الي هذه الجهة أو تلك وعرف بمناشدته المتكرّرة جميع التونسيين الي التعايش المشترك والمصالحة والوئام.
2- أعتقد أنّ تجربة السيّد الكسيبي المتواضعة لا تسمح له بمحاسبة رجل بوزن الدكتورالقديدي وما عليه إلاّ أن يحاسب نفسه قبل أن ينصّب نفسه قاضيا علي الدكتور القديدي أو غيره كأن يجد لنا تفسيرا مثلا لإنقلاب الموازين لديه 180 درجة قبل عودته غير المظفّرة للوطن ويطلعنا علي سرمقالات المدح والإطراء للسلطة المبالغ فيها عشيّة وأثناء عودته للوطن علي صفحات موقعه الخاصّ « الوسط التونسيّة » ونكوصه علي عقبيه 180 درجة مرّة أخري بعد إنتكاسة علاقته بالسلطة وعودته الي مقالات السب والشتم والتشهير ؟؟؟ وهل أنّ هذه الرجّة الإرتدادية « صحوة ضمير » أم « أنانيّة وثأر للنفس « بعد » إهانته » بوضع الكلبشات في يده ومثوله أمام القضاء لتسوية وضعيته القانونية ؟؟؟ وهل كان سيقول ما يقوله الآن ويرفض عشر الدور الذي أنيط به الدكتور القديدي لو تمت تسوية وضعيته بطريقة مختلفة ؟؟ 3- أعتقد أنّ الدكتور القديدي لم يرتكب محظورا دينيا أو دنيويا بقبوله المشاركة الفعلية من أجل الدفع بمشروع الإصلاح ولعب أدوار أكثر فعالية من أجل البناء و المصالحة والوئام من داخل منظومة السلطة وهو دور أفضل بكثير من الوقوف علي الربوة والعيش في الأبراج العاجية وبيع الأوهام والحديث منذ عقود عن ربع الساعة الأخيرة وممارسة الإزدواجية في أتعس أوجهها عبر رفع شعارات الإصلاح والمصالحة بيد ورفع معاول الهدم والمكابرة وبيع الأوهام بيد أخري كما أنّه لا السيّد الكسيبي ولا الشيخ عبد الوهاب الكافي مع إحترامنا له ولا غيرهما يملك أن يحدّد مصير الدكتور القديدي ولا غيره عند ربّ العالمين ولا أحد يملك أن يمنح صكوك الغفران ولا أن يمنعها والأفضل أن ننأي بالدّين عن المناكفات السياسية ونترك تحديد مصائر الخلق الي ربّ العباد.
4- من الصفات الأخلاقية الأساسية التي يجب أن يتحلّي بها المسلم حفظ أمانة المجالس، وعدم البوح بأسرارها ،وماذكره السيّد الكسيبي إن صحّ طبعا بخصوص ما رواه له الدكتور القديدي بخصوص علم أمّه بالاعتداء على حمام الشط قبل الرئيس بن علي حين كان مديرا عاما للأمن الوطني لا يعدّ أكثرمن وشاية رخيصة بدون مقابل وهتك لأمانات المجالس القصد منها محاولة الضغط علي الدكتورالقديدي و أبتزازه وإرهابه والوقيعة بينه و بين السلطة لإفساد أي دور محتمل له في محاولة الدفع بقاطرة الإصلاح الي الأمام وهذه القصّة ليس فيها ما يثير الإستغراب والعجب إذا كانت أم د. القديدي تعيش بالقرب من مكان حدوث الهجوم ورأت أو سمعت القصف علي الهواء وكان مدير الأمن الوطني أنذاك بن علي في إجتماع ولم يسمع بالهجوم إلاّ بعد دقائق من ذلك فما وجه الغرابة في الموضوع ؟؟ وهل أنّ إكتشاف عمّال النزل الذي كان يقيم فيه الشهيد المبحوح القيادي في حماس في دبي لواقعة الإغتيال ومعاينتهم لجثمانه علي وجه الصدفة قبل أن يتم إعلام مدير أمن دبي أو وزير الداخلية الإمراتي بالأمر ما يثير الغرابة ؟؟ أو ما يبعث علي الشك في تورط مدير أمن دبي مثلا في الجريمة ؟؟
منصف سليمى هولندا slimi-moncef@hotmail.com
اللغة العربية خط أحمر
باغتتنا وزارة التربية خلال شهري أوت وسبتمبر الحالي بإصلاحات جديدة للتعليم الأساسي والثانوي منها ما هو شكلي ومنها ما هو أساسي. ويظهر من خلال ما تسرّب على صفحات الجرائد أن الحكومة تراجعت عن اعتبار اللغة العربية لغة تدريس للعلم ولغة تلقين المعلومات للصغار في التعليم الابتدائي والأساسي. إن هذا القرار، إن صحّ، يخالف علوم البيداغوجيا التي تقول بأن التلميذ يستوعب المعلومات بصورة أسهل وأسرع إذا تعلّمها بلغته الوطنية، وهي قاعدة تتّبعها كل الدول الصناعية دون استثناء وتتّبعها أيضا الدول النامية مثل الدول الآسيوية. ونحن متأكدون بأن تطبيق قرار الوزارة سيزيد من نسبة المطرودين من المدارس قبل نهاية التعليم الأساسي وسترتفع من جرائه نسبة الأمية من جديد. وقد كنا نظن أن تعريب لغة تدريس العلوم سيعمّم في المرحلة الثانوية بهدف تمكين التلاميذ من استيعاب المعرفة بسهولة والرفع من مستوى التعليم الذي ما فتئ ينحدر في السنوات الأخيرة فإذا بالحكومة تتخذ القرار المعاكس الذي لن ينتج عنه إلا تدنّي المستوى ورفت أغلبية أبناء الشعب من المدارس. صحيح أن هذا الإجراء سيجعل عدد تلاميذ الثانوي وطلبة الجامعات ينخفض وسينتج عنه انخفاض نسبة أصحاب الشهائد المعطلين لكننا لا نعتقد أن الحكومة تريد حل مشكلة بطالة أصحاب الشهائد بالتخفيض من عدد المتخرجين من الجامعات. وصحيح أيضا أن هذا الإجراء يناسب من كان أولياؤهم يتخاطبون بالفرنسية في ديارهم لكننا لا نعتقد أن الحكومة تقوم بهذا الإجراء لفائدة هذه الشريحة من المجتمع لتمكين أبنائهم من التفوق بصورة غير عادلة وغير وطنية.
أما على المستوى الاجتماعي والسيكولوجي فإن استعمال لغة أجنبية لتدريس الصغار سوف يجعلهم غير قادرين على التعبير بلغتهم، وستصبح الحالة أسوأ مما هي عليه اليوم، وسوف تجعلهم غير قادرين على تعلّم اللغات الأجنبية لأن علوم الببيداغوجيا، دائما، تقول بأن من لا يقدر على التعبير بلغته لن يستطيع السيطرة على اللغات الأخرى لأنه يتعلمها عادة بالمقارنة مع لغته، ونحن نرى اليوم أن أغلب أساتذة الفيزياء والرياضيات وحتى الإعلامية يدرّسون مواد اختصاصهم في معاهدنا الثانوية باللغة الدارجة ولم يساهم قرار الحكومة بتدريس هذه المواد باللغة الفرنسية في تمكّنهم أو تمكّن تلامذتهم من اللغة الفرنسية.
ومن المعلوم أن اللغة هي من أهم المقومات الوطنية ومن أهم مكونات الهوية وقد جعلت كل الدول المتقدّمة من المحافظة على اللغة الوطنية واجبا لأنها تمثل الإسمنت الذي يربط المواطنين بماضيهم وبحضارتهم ولأنها تحافظ على الشخصية الوطنية وعلى مميزاتها ولأن استيعاب الثقافة لا يكون إلا باللغة الوطنية لكل الذين لم يتجاوزوا الباكالوريا والذين يمثلون ثلثي السكان. وعدم استعمال لغتنا لتدريس المواد العلمية سوف يجعل من أبنائنا أشخاصا عديمي الثقافة ويقتلعهم من تاريخهم وخاصة من صفحاته المجيدة ويشككهم في قدرة لغتهم على التعبير وعلى كونها أداة تواصل مثل اللغات الأخرى.
نحن نعتقد أن التآمر على اللغة العربية واحتقارها ونبذها واعتبارها غير قادرة على التعبير عن العلم والتكنولوجيا خلافا للغات الدنيا المكتوبة الأخرى سوف لن يجعل أبناءنا يحترمون أنفسهم أو أهلهم أو وطنهم. إن في التاريخ لعبرة كما يقول ابن خلدون. لما عرّب العباسيون الفلسفة والعلوم في القرن الثامن واستنبطوا لها مفردات لم تكن مستعملة في لغتهم من قبل وترجموا من الهندية والفارسية واليونانية استطاعوا أن يبدعوا في كل ميادين المعرفة الإنسانية واستفاد أجدادنا وأفادوا الإنسانية واخترعوا علوما جديدة درّسوها لكل طالب للعلم باللغة العربية التي كانت تحتل المكانة التي تحتلها الإنكليزية اليوم. فهل وصل بنا الانحطاط واحتقار الذات إلى استعمال اللغة الفرنسية لتدريس أبنائنا مادة الجبر التي اخترعها العرب بالعربية ودرّسوها بالعربية وترجمت إلى اللاتينية بكلمة algebra، فهل وصل بنا الحقد على العربية إلى تغييبها من امتحانات الباكالوريا بعكس كل سكّان الكرة الأرضية الذين يختبرون أبناءهم في لغتهم الوطنية في امتحان نهاية التعليم الثانوي.
يظهر أن الحكومة تعتبر أن كل خبراء العالم مخطئون لمّا يعتبرون أن أسهل طريقة لتدريس العلوم للصغار هي باستعمال لغتهم الوطنية، فهل سينشر وزير التربية التونسي مقالا علميا في إحدى مجلات العلوم التربوية المحكّمة ليثبت فيه بواسطة الدراسات السرّية التي قام بها خبراؤه أن كل وزراء العالم أغبياء لأنهم لم يكتشفوا مثله أن اللغة الوطنية لا تصلح ويجب تعويضها بالفرنسية، وهل سيرسل الخبراء التونسيين إلى سلوفاكيا وبلغاريا واليونان وإيطاليا والمجر وإيران وتركيا وكوريا الجنوبية والشمالية في إطار التعاون الفني، ليساعدهم على تقليدنا في اكتشافه العظيم ويحثهم على ترك لغتهم الوطنية وتعويضها بالفرنسية ويقنعهم بغباء خبرائهم الذين يريدون من أبنائهم أن يحافظوا على لغتهم وأن يتقنوها ويحترموا ثقافتهم وتاريخهم وذواتهم.
لو كان ما تقوم به الحكومة جاء نتيجة دراسات بيداغوجية وعلمية وإحصائية لكان لنا في المصيبة عزاء، ولو كان جاء نتيجة استشارة لكل القوى الحية في البلاد من خبراء وجمعيات المجتمع المدني ونقابات وأحزاب لقلنا أن الديمقراطية تحتّم الاستماع إلى الأغلبية وأنه وقع احترامها، لو جاء ذلك بعد أن وقع تبادل الرأي والنقاش والمناظرات على شاشة التلفزيون واستمع الناس إلى الحجج المختلفة لقلنا أننا اقتنعنا، لكن هذه القرارات جاءت مسقطة ونتيجة عدم تفكير أو دراسة، ونتيجة عدم نقاش، ونتيجة عدم استشارة، بل جاءت فقط نتيجة آراء خاطئة لأثرياء جدد ممّن هربوا بأبنائهم من المنظومة التونسية ولم يقبلوا لهم أن يحيوا العلم ككل أبنائنا وهم يجهلون ما يقع في قاعات مدارسنا ولا يحكي لهم أبناؤهم عن ذلك لأنهم يدرسون في منظومة ضبطتها حكومة أجنبية تحترم مواطنيها وتحترم لغتهم.
من واجب حكومتنا احترامنا واحترام أبنائنا واحترام ثقافتنا وحضارتنا وشخصيتنا الوطنية والدفاع عنها، ولكون هذا القرار لا يخص الديمقراطية ولا علاقة له بالانتخابات التي هي مواضيع حساسة لا تريد الحكومة أن يتدخّل فيها المواطنون، كما أنه لا يتعلق بأبناء المتنفذين وإنما يخص أبناءنا نحن فقط، لأنهم يدرسون في المنظومة التونسية، فإن من حقنا نحن أن نعطي رأينا فيه وأن نختار لأبنائنا الإصلاح الذي يفيد البلاد والعباد والذي يحضّر أبناءنا ليكونوا مواطنين صالحين فخورين بماضيهم وماضي أجدادهم وبانتمائهم الحضاري مسيطرين على العلم والمعرفة قادرين على التعبير السليم وعلى الترجمة من اللغات الأجنبية لينهضوا بهذا البلد الذي نحبّه ونريد له الرخاء والسؤدد.
جريدة « الموقف » 560 د. أحمد بوعزّي
الانتخابات العربية.. أولويات خاطئة
د. رفيق عبد السلام باحث في الفكر السياسي والعلاقات الدولية ليس من قبيل المبالغة أو التجني القول بأن النظام السياسي العربي قد شهد اهتراء كاملا منذ ثمانينيات القرن المنصرم, بما لا يختلف كثيرا عما جري في دول أوروبا الشرقية أو تلك التي كانت خاضعة للمنظومة الشيوعية وقتها, بيد أن وجود إرادة دولية غير متحمسة لتغيير الأوضاع القائمة والحيلولة دون تحريك المياه العربية الراكدة خشية ما عساه أن ينتج عن ذلك من تغيير غير مضمون العواقب, قد ساعد, ومازال يساعد النظام الرسمي العربي علي التقاط أنفاسه وتغيير جلدته عبر الاستعاضة عن الشعارات القديمة التي أتت عليها حقبة الحرب الباردة بشعارات جديدة تستجيب لمقتضيات المرحلة الجديدة وسيطرة المنظومة الليبرالية, في إطار ما أسميناه في موضع آخر بالاستبداد الحداثي العربي. في هذا السياق عملت أغلب الحكومات العربية منذ أواخر الثمانينيات( وبعضها منذ أوائل الثمانينيات), بصنفيها الجمهوري والملكي, علي إدخال بعض الآليات الديمقراطية, من انتخابات وبرلمانات, واعتراف شكلي بالأحزاب المعارضة( أو بعض الأحزاب) ووجود برلمانات’ منتخبة’ وحتي رؤساء’ منتخبين’ في ظاهر الأمر علي الأقل, ولكن هذا المسار الانفتاحي الذي أعقب الحرب الباردة, وعلي محدوديته, تم نقضه تدريجيا مع بداية التسعينيات حلقة بعد أخري, بمجرد أن استشعر الحاكم العربي أن عملية الانفتاح الجزئي يمكن أن تنفلت من يديه, خاصة أن القوي الدولية غير راغبة أصلا في الدفع باتجاه التغيير السياسي الجاد, وهكذا تم التراجع حتي عن بعض مساحات الحرية التي تم التفويت فيها لاحقا. ومع صعود المحافظين الجدد واندفاعهم الجامح نحو تغيير المعادلات السياسية التي استقرت في المنطقة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية تحت عنوان جلب الحرية والديمقراطية, حاولت الحكومات العربية أن تمتص هذه الموجة عبر مسار متعرج ومخاتل من الإجراءات والتشريعات والمبادرات الشكلية, أطلق عليها تجاوزا اسم الإصلاح السياسي والدمقرطة. وفي هذا الإطار شهدت بعض الأقطار العربية قدرا من الانفتاح السياسي الجزئي, وهامشا من’ اللبرلة’ السياسية غير مسبوقة, علي نحو ما رأينا ذلك في الانتخابات التشريعية في مصر سنة2005 والمغرب سنة2007. بل إن بعض البلدان العربية التي عرفت بشدة انغلاقها السياسي, وبوجود تقاليد شمولية ثقيلة الوطأة, لم تتردد هي الأخري في ركوب الموجة وعقد الندوات والمؤتمرات المبشرة بالإصلاح والديمقراطية, وحتي الانخراط في لعبة الانتخابات والاستفتاءات والأخذ بكل الإجراءات الديمقراطية, ولكن من دون ديمقراطية أصلا. لقد غدا مألوفا في الكثير من البلاد العربية أن تتحول المحطات الانتخابية إلي مشهد صاخب من الحملات الإعلامية والدعائية, بما يوحي للمراقب الخارجي أن الرقعة العربية تعيش فعلا’ أعراسا’ ديمقراطية لا نظير لها في العالم, ولكن هل معني ذلك أن هذه الانتخابات قد غدت مؤشرا حقيقا يمكن الاطمئنان إليه بأن العالم العربي في طريقه فعلا نحو انتقال ديمقراطي جاد؟و هل إدخال الانتخابات يشكل دليلا كافيا علي أن أوضاعنا السياسية العربية تسير نحو الانفتاح والتخلص من التقاليد الاستبدادية الثقيلة؟ وهل نستطيع قياس’ التطور’ الديمقراطي علي ضوء المؤشر الانتخابي؟ شروط سياسية لازمة: كلنا يعرف أن الانتخابات ليست إلا مفردا من مفردات النظام الديمقراطي وليس أكثر, وهي بهذا المعني تمثل تتويجا لمسار متعرج ومركب يطال بنية النظام السياسي وأسس الشرعية التي يقوم عليها, وليست نقطة البداية التي ينطلق منها مسار الإصلاح. التقنيات الديمقراطية, التي تعتبر الانتخاب والاحتكام إلي صنادق الاقتراع إحدي آلياتها, هي إحدي تعبيرات المنتظم السياسي وبنية الحكم العامة التي تشتغل ضمنها. ولا نعرف علي سبيل الجدة أن هناك نظاما سياسيا قد انتقل من طور الاستبداد والتسلط إلي طور الانفتاح والديمقراطية استنادا إلي الآلية الانتخابية وحدها ومن دون أن يكون ذلك مسنودا بحركة تدافع سياسي, أو تسويات سياسية تتوج في آخر المطاف بالإذعان إلي الإرادة الشعبية العامة والاحتكام إلي صناديق الاقتراع من دون تلبيس أو تضليل. لا شك أن الانتخابات تعد محطة أساسية ولازمة في مسار الانتقال الديمقراطي, ولكنها بكل تأكيد ليست نقطة البداية أو المنطلق أو حتي جوهر الديمقراطية, وعلي هذا الأساس فإن مقياس الحكم علي مدي سلامة هذه العملية من عدمها يقوم الشروط السياسية والمؤسسية والقانونية التي تشتغل ضمنها آلية الانتخاب, ومن ذلك: 1- حرية الاختيار المتاحة أمام المواطنين بعيدا عن كل أشكال الإكراه المعلن أو الخفي, من قبيل استعمال أدوات الترغيب والترهيب وشراء الأصوات وما شابه ذلك, فالانتخابات هي تجسيد لحق المواطن في اختيار حكامه, وصرف من لا يريد أو يرغب فيهم بصورة حرة ومستقلة. 2- الالتزام الكامل بمبدأ التداول السلمي علي السلطة وعدم احتكارها لأي سبب من الأسباب, بحيث تغدو الانتخابات محطة أساسية للتعبير عن إرادة المواطنين واختيار من يرغبون فيه لتولي الشؤون العامة, وليست محطة لتأبيد الحكم واستمرار احتكاره. 3- حرية تشكيل الأحزاب السياسية والهيئات العامة المعنية بالمنافسة السياسية علي إدارة الشأن العام, ويبقي المعيار العام الذي تقاس علي ضوئه شرعية الأحزاب حجم القبول الشعبي الذي تحظي به, ثم درجة التزامها بشروط العمل السياسي السلمي, وعدم اللجوء إلي العنف والقوة, ولا شيء غير ذلك. 4- نزاهة العملية الانتخابية سواء من ناحية وجود قوانين انتخابية عادلة تتيح مشاركة جميع الهيئات السياسية, أو من ناحية وجود آليات رقابة تفرض حياد الإدارة و سلامة العملية الانتخابية وخلوها من الغش والتزوير. 5- وجود سلطة قضائية مستقلة تسمح بتقييد الحكام وكبح أيديهم عن استغلال السلطة والنفوذ, فضلا عن وجود صحافة وإعلام مستقلين يمثلان عينا رقيبة علي ما يحدث من تجاوزات وانتهاكات. 6- وجود ضمانات سياسية تسمح بأن تعبر فعلا صناديق الاقتراع عن إرادة المواطنين وأن ينعكس ذلك في مؤسسات الحكم, بحيث لا يتم نقض نتائج الانتخاب أو الالتفاف عليها لأي سبب من الأسباب. لا يتعلق الأمر هنا بشروط شكلية أو بمجرد رغبة في استنساخ النموذج الليبرالي الغربي بقدر ما يتعلق بشروط سياسية دنيا تسمح بالتمييز بين نظام مستبد وتسلطي وآخر جدير بأن يسمي ديمقراطيا وحرا. ولا أحد يستطيع القول بأن الحد الأدني من هذه الشروط تتوافر اليوم في العالم العربي الذي تتراوح أوضاعه بين استبداديات كاملة ومغلقة من جهته, وحكومات نصف استبدادية تزاوج بين بعض الأدوات والإجراءات الديمقراطية ومن جهة أخري, وبنية حكم تسلطية من جهة ثالثة, وربما يمثل المغرب والكويت الاستثناء من هذه القاعدة العامة, حيث شهد هذان القطران العربيان قدرا من الانفتاح والتطور السياسي الملموسين مقارنة بالجوار العربي. ولا نتحدث هنا عن الديمقراطية العراقية المأزومة والتي تجري تحت حراب الاحتلال, ولعبة المحاصصة الطائفية, أو عن الديمقراطية اللبنانية التي هي في حقيقة الأمر أقرب إلي توزيع الحصص بين الطوائف منها إلي الاختيار السياسي الحر. من المعلوم أن الآليات الديمقراطية, ومنها الانتخابات, استخدمت حتي من طرف الأنظمة الشمولية بما في ذلك النازية والفاشية, ولعل هذا ما حدا بفيلسوف قانوني مثل كارل شميت الألماني التأكيد علي عدم وجود صلة ضرورية ولازمة بين الديمقراطية والليبرالية, مستدلا علي ذلك بأن الكثير من الآليات الليبرالية يمكنها أن تشتغل ضمن منظومات سياسية غير ليبرالية كما هو حال النازية التي كان يرتبط معها بعلاقة خاصة. ما نريد قوله هنا أن وجود انتخابات وبرلمانات واستفتاءات لا يقوم دليلا كافيا علي أن هناك حريات وديمقراطية. لا أحد في العالم العربي يمكنه أن يأخذ لعبة الانتخابات مأخذ جد, لسبب بسيط هو أن الجميع يعرف سلفا طبيعة النتائج التي ستتمخض عنها صناديق الاقتراع, ولا أحد يساوره شك بأن نتائج الانتخابات ستكون لغير صالح الجالسين علي كراسي الحكم, بما يجعل من هذه الانتخابات أقرب في حقيقة الأمر إلي آلية التزكية والمبايعة من أي شيء آخر. الفرق الوحيد هو أن مزاج العصر وحاسة الجماهير ما عادا يستسيغان دعوي الإجماع العام ونسبة99 و99% وليس أكثر. كيف تجري الانتخابات في العالم العربي؟ تجري لعبة الانتخابات في أغلب البلاد العربية, مع بعض الاستثناءات المحدودة, في أجواء سياسية عامة بالغة التأزم والانغلاق, تتسم في عمومها بخنق الحريات, وتعقب المعارضين وإطلاق أيدي الأجهزة الأمنية للتسلط علي رقاب الناس من دون حسيب أو رقيب. ولا يغرنك وجود بعض المساحات من الحرية التي فرط فيها الحاكم العربي, فهي تمت تحت الضغط ومن موقع الضرورة, ولم تتوافر بعد علي الحماية القانونية والمؤسسية اللازمة, التي تجعل المرء يطمئن بأنه لا يمكن التراجع عنها والعودة إلي المربع الأول في أي وقت من الأوقات. لقد اكتشف الحاكم العربي حلا’ سحريا’ يمكنه من امتصاص ضغوطات التغيير السياسي خلال السنوات الماضية وذلك عبر آليتين اثنتين: أولا, مقايضة ضغوط الإصلاح السياسي بالتنازل للخارج في مسائل ذات صلة بالسيادة الوطنية أو ذات صلة بقضية الصراع العربي الإسرائيلي. وهكذا كلما اشتدت الضغوط الدولية المطالبة في الظاهر بالدمقرطة والإصلاح, كلما اتجه الحاكم العربي إلي الخصم من رصيد السيادة الوطنية, أولك أن تقول ما بقي منها-إذا جاز هذا التعبير- فقد أصبح هناك ما يشبه التوافق الضمني وغير المكتوب, ولكنه مفهوم جدا سواء من الحكومات العربية أو القوي الدولية, يقوم علي معادلة ضغوطات باسم الديمقراطية لنيل تنازلات في مجال السياسة الخارجية. ثانيا, إطلاق الحبل السياسي جزئيا, ولكن دون افتقاد إمكانية سحبه في أي وقت من الأوقات, أي الانحناء جزئيا للعاصفة عبر فسح المجال أمام قدر محدود ومحسوب من الانفتاح السياسي الجزئي وإشراك المعارضين, دون أن يصل ذلك إلي حد التفريط في العصب الحيوي للسلطة والثروة وأدوات القوة, ودون أن يعدم كذلك إمكانية العودة إلي المربع الأول واستعادة المساحات المحدودة التي تم التنازل عليها في أي وقت من الأوقات. الانتخابات العربية في صورتها العامة, هي مجرد محطة شكلية واحتفالية لتأكيد شرعية الأمر الواقع, وإعادة إنتاج ما هو قائم فعلا, ولا توجد انتخابات عربية واحدة قد غيرت شيئا من حقيقة المشهد السياسي في العالم العربي, هذا إذا استثنينا بعض الانتخابات التي تجري تحت سقف أنظمة ملكية تتيح قدرا أوسع من المشاركة دون أن تمس توازنات الحكم القائمة, وهذا ربما يعود إلي أن المنافسة السياسية في ظل الأنظمة الملكية تجري تحت سقف معلوم ومضبوط لا يطال رأس الحكم, بما يوفر هامشا من الحركة السياسية غير متاح في الأنظمة الجمهورية. مجمل القول هنا, أن الانتخابات العربية تجري في الغالب الأعم تحت سقف من الحدود والقيود التي لا حصر لها ومن ذلك: هندسة المنتظم السياسي الرسمي علي مقاس الحاكم العربي اعتمادا علي مقولة معارضة مشروعة وأخري محظورة أو ممنوعة, ولا يستند هذا المقياس في الغالب إلي أسس دستورية أو قانونية صلبة بقدر ما يستند إلي حسابات ورغبات الحاكم العربي, إذ يكفي أن تكون هذه المعارضة قادرة علي حشد الأنصار ومنافسة الحكم حتي يتم شطبها من المعادلة ووضعها في خانة المنع والحظر. ولا غرو أن يكون المنتظم السياسي في أغلب البلاد العربية فارغا ولا يعبر عن حقيقة القوي السياسية والاجتماعية, وأن يجري الحراك السياسي خارج هذا المنتظم المختنق, بما يهدد في أي وقت من الأوقات بانقلات الأمور أو انقلاب الأوضاع بشكل غير متوقع. بل الأكثر من ذلك, قد غدا مألوفا جدا في العالم العربي ليس فقط تسييج الأحزاب السياسية ومحاصرتها بكم هائل من القيود والقوانين, بل الأكثر من ذلك اختيار الهيئات وحتي الأشخاص المؤهلين والمطلوب منهم أداء دور المنافسة في لعبة الانتخابات, مثلما غدا أمرا معلوما تحديد النسبة( كوتا) التي ستحصل عليها المعارضة داخل البرلمان أو مجلس الشعب للتدليل علي أن الحكومات العربية تتمتع بقلب رؤوف وتريد أن تأخذ بيد معارضيها وتساعدهم علي دخول المجلس والهيئات المنتخبة, مثلما يؤخذ بيد القصر والعجزة. إعادة ترتيب الأولويات: ليس من قبيل المبالغة أو التجني القول بأن وضع ملف الانتخابات علي رأس الأولويات يعتبر صرفا عن الجهود والطاقات في غير محلها, أو وضع العربة أمام الحصان, أو تهوينا من شأن الانتخابات وموقع صناديق الاقتراع في الحياة الديمقراطية, ولكن تأكيدا علي ضرورة عقلنة المهام والأولويات, إذا لا يعقل أن ينتظر الناس انتخابات حرة ونزيهة في الوقت الذي لا يأمنون حتي علي أنفسهم من الاختطاف والاعتقال التعسفي والمحاكمات الصورية ووجود قوانين الطوارئ وما شابه ذلك. بشيء من الاختصار يجب أن تتجه الأولوية السياسية في العالم العربي, وفي المرحلة الراهنة إلي مسألتين إثنتين: أولا: تغيير بنية النظام السياسي بفرض انفتاح حقيقي وجاد يطال معادلة الحكم والعلاقة بالمجتمع والمعارضين, ويمس نظام التشريعات القانونية في جميع مستوياتها باتجاه منظومة سياسية أكثر انفتاحا وتحررا من قبضة الأجهزة والأداة التحكمية للدولة. لا أمل في وجود حياة سياسية سليمة وهادئة, قبل أن نتحدث هنا حتي عن انتقال ديمقراطي جاد من دون تفكيك بنية التسلط السياسي ورفع القيود المكبلة لسائر القوي السياسية والاجتماعية بحيث يتحرر المجتمع من وساطة النخبة واستحواذها علي السلطة والثروة وكل أدوات القوة, ومن دون وجود قوانين عادلة تؤمن حريات الجميع وتحفظ حقوقهم. ثانيا: ضمان تحالفات جبهوية بين مختلف القوي السياسية والاجتماعية تأتي علي خلفية تحقيق الحد الأدني من الإجماع علي مطالب سياسية مشتركة يقع علي رأس أولوياتها إنجاز مهمة تغيير ديمقراطي جاد. فلا أمل فعلا في تحقيق هذه المهمة التاريخية المطلوبة إذا ما استمر الاستقطاب بين القوي السياسية المعارضة المفترض أن تكون الرافعة الأساسية لأي تغيير مستقبلي علي النحو الذي نراه اليوم, وإذا لم تعمل هذه القوي علي توحيد جهودها حول الحد الأدني المشترك الذي يجمع سائر القوي الفكرية والسياسية العربية. إن إحدي أهم وأخطر المشكلات التي يواجهها العالم العربي تتمثل في انسداد قنوات الحوار والتواصل بين مختلف التيارات الفكرية والسياسية بما عطل السير الطبيعي لحركة المجتمع وشؤون السياسة, وساهم ويساهم في شيوع ثقافة النفي المتبادل وارتفاع الحواجز النفسية والفكرية بين سائر النخب, وشيوع الجهل المتبادل أحيانا كثيرة. تتجه حركة التدافع العام في المجتمعات العربية إلي نوع من التقارب وتقليص هوة الخلاف, إذ يبدو الاتجاه الغالب علي الإسلاميين( عدا التيارات العنفية علي الجهتين) ينحو منحي القبول بالآليات الديمقراطية مع تفاوت في القبول بذلك بين من يراها ضربا من الشوري الإسلامية وليس أكثر, ومن يراها مجموعة آليات وإجراءات سياسية يمكن الأخذ بها وتطويرها, ومن يأخذ بعضها ويرفض بعضها الآخر, كما تتجه أغلب التيارات اليسارية والعلمانية إلي الإقرار العام بالهوية العربية الإسلامية لمجتمعاتنا مع اختلاف في تأويل وقراءة هذه الهوية, وربما يعود ذلك إلي كون السردية الكبري للديمقراطية- إذا استخدمنا هنا مصطلح الفيلسوف الفرنسي جون فرنسوا ليوتار- قد أضحت ضاغطة علي خطاب جميع التيارات بما في ذلك اليساريين وحتي التيارات السلفية الإسلامية علي نحو ما نشهد ذلك في الكويت وبعض بلاد الخليج العربي الأخري, كما أضحي أن مطلب الهوية الثقافية والدينية خاصة مع شدة التدخلات والاستفزازات الخارجية ضاغطا علي الجميع بما في ذلك التيارات’ العلمانية’ الراديكالية. ثمة فكرة رائجة في أوساط الكثير من النخب الفكرية والسياسية العربية منحدرة بدورها من الأدبيات السياسية الليبرالية تكاد تختصر الديمقراطية في مبدأ التمثيل السياسي علي طريقة عد الأصوات, بحيث ينال كل نصيبه السياسي علي ضوء حجمه السياسي علي الأرض ومقدار الأصوات التي يحصل عليها, ولكن ما لم يتم الانتباه إليه غالبا هو كون هذه الآلية, أو التقنية السياسية علي أهميتها, لا يمكن أن تكون ناجعة وفاعلة إلا ضمن أرضية وفاقية بين مختلف القوي المتنافسة أو المتنازعة فيما بينها. فروح المساومات والوفاقات السياسية العامة بين مختلف القوي السياسية مسألة لازمة لأي عملية انتقال ديمقراطي جاد, وهي لا تقل أهمية في الحد الأدني عن إعمال الآليا والإجراءات الديمقراطية. لقد بينت تجربة العراق القاسية والمفزعة كيف يمكن للديمقراطية أو الواجهات الديمقراطية أن تتحول إلي معول للهدم وتفكيك النسيج الاجتماعي والوطني العام في ظل غياب أرضية الوفاق وروح التسويات السياسية بين القوي المتنازعة, بحيث تتحول هذه المنافسة إلي لعبة نفي متبادل تصل حد سحق’ الخصم’ وإزهاق روحه بقوة السلاح. ما أردت قوله هنا هو أن بناء الوفاقات السياسية والمساومات الاجتماعية يعد عنصرا لازما لضمان نجاعة المنظومة الديمقراطية نفسها. فأهمية الديمقراطية رغم ما يطبعها من منافسات قاسية, تكمن في كونها تستطيع أن تتعالي علي الانقسامات باتجاه بناء الوفاقات السياسية, أو بتعبير آخر, بناء الوحدة والوفاق من رحم الصراع والمنافسة السياسية الحادة, ولعل هذا ما يفسر ما بات يطبع الأحزاب السياسية الحاكمة والمعارضة في أغلب الديمقراطيات الغربية اليوم من تشابه يكاد يبلغ درجة التطابق في بعض الأحيان مما حدا ببعض الباحثين الاجتماعيين والسياسيين الغربيين إلي الحديث عن موت الايديولوجيا وموت الأحزاب الكبري, مع العلم أن هذه الوحدة التي ينشدها النظام الديمقراطي ليست وحدة تجانسية ونمطية بقدر ما هي وحدة مركبة تقوم علي ما سماه الفيلسوف والحقوقي الأمريكي جون رولز بالوفاقات المعقدة (المصدر:موقع مجلة الديمقراطية (مركز الأهرام-مصر)بتاريخ 16 سبتمبر 2010)
هل هذه الحكومات قادرة على صنع السلام؟
عبد الفتاح ماضي – أميركا.. خلل النظام الديمقراطي – إسرائيل.. عنصرية وإجماع صهيوني – العرب.. حكومات بلا مصالح وطنية هل من الممكن أن يصنع السلام على يد حكومات تعاني من أوجه خلل هيكلية في نظامها السياسي في الداخل؟ يعالج هذا المقال أثر طبيعة الحكومات الأميركية والإسرائيلية والعربية على احتمالات الوصول إلى حل وسط تاريخي للصراع في المنطقة.
أميركا.. خلل النظام الديمقراطي يصطدم حديث الرئيس الأميركي باراك أوباما عن أن هدف المفاوضات المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين هو التوصل إلى « تسوية يتفاوض عليها الطرفان وتنهي الاحتلال الذي بدأ في عام 1967 وتسفر عن قيام دولة فلسطينية مستقلة وديمقراطية قابلة للحياة والعيش جنبا إلى جنب في سلام وأمن مع دولة إسرائيل اليهودية وجيرانها الآخرين »، يصطدم مع حقيقة النظام السياسي الأميركي الذي يسمح لجماعات المصلحة بممارسة نفوذ قوي في رسم السياسات وصنع القرارات ومن ثم في تحديد المصلحة القومية الأميركية. فصنع السياسات والقرارات هناك لا يعتمد على ما جاء في الدستور الأميركي فقط، وإنما على الممارسات المكتسبة لجماعات اللوبي التي تضع خيارات محددة أمام صناع القرار الرسميين، خيارات تستجيب لمصالح الفئات التي تدافع عنها وتمثلها في المقام الأول. وهي بهذا تحدد نوعية القضايا التي تطرح وبالتالي مضامين ما يطلق عليه المصلحة القومية الأميركية. وقد لا يكون لتلك المضامين أدنى علاقة بمصالح قطاعات عريضة من الشعب الأميركي ولا برؤى وخطب من يجلس في البيت الأبيض ولا ببرامجه التي أعلنت في جولاته الانتخابية. هذا خلل مؤسسي في النظام السياسي أدى، مع عوامل أخرى، إلى أزمات في قطاعات مختلفة، ظهرت تجلياتها في العقد الأخير مع الأزمة المالية وقطاع القروض الائتمانية، ومع مواقف أميركا من بعض الاتفاقيات الدولية ومن صفقات تصدير السلاح وطرق تسعير النفط ومن قضايا تهمنا مثل دعم الإصلاح والديمقراطية في الدول العربية. وفي شأن الشرق الأوسط تحديدا، فإن المصلحة القومية الأميركية ليس من بينها ما نؤمن به من أن قضية فلسطين قضية احتلال ولاجئين وإقامة مستعمرات على أراضي الغير. وخيارات اللوبيات الداعمة لإسرائيل لا تضع أمام أوباما ولا أمام صناع القرار والإعلام حقيقة أن أميركا تمارس سياسة المعايير المزدوجة وتدمن استخدام الفيتو في مجلس الأمن لحماية إسرائيل (أكثر من 40 مرة منذ العام 1974). كما تتجاهل خيارات اللوبي حقيقة أن إسرائيل لا تخترق فقط القرارات الدولية منذ 1948، وإنما أيضا القوانين الأميركية نفسها ومنها قانون المساعدة الخارجية للعام 1961 وقانون تصدير السلاح للعام 1976 اللذان يحظران استخدام السلاح الأميركي ضد المدنيين ويمنعان إعادة تصديره لطرف ثالث. خيارات اللوبي تخلق مصالح أخرى أولها ضمان تفوق إسرائيل النوعي على أي دولة منفردة أو تحالف من الدول أو من لاعبين من غير الدول، وأضيفت مصالح أخرى أبرزها إنهاء المقاومة وكل الأطراف الداعمة لها وخاصة بعد هزيمتها من المقاومة اللبنانية صيف 2006. وتترجم هذه المصالح إلى سياسات فعلية للإدارات المختلفة، وذلك على عكس الوعود التي تطلق للفلسطينيين عند بدء الجولات التفاوضية ثم تختفي تحت التصلب الإسرائيلي وأذرعه الداعمة له في واشنطن. وتكفي هنا الإشارة إلى خطاب أندرو جي شابيرو مساعد وزيرة الخارجية للشؤون السياسية والعسكرية في مركز سابان (16 يوليو/تموز 2010) الذي قال فيه إن التزام أميركا لعقود طويلة بمساعدة إسرائيل في الاحتفاظ بتفوقها العسكري النوعي التزام تحول إلى قانون مكتوب عام 2008، مضيفا أن إدارة أوباما لا تستكمل ما بدأته إدارات سابقة فحسب وإنما تتخذ « مبادرات جديدة لجعل علاقتنا الأمنية أكثر حميمية ». وأسهب شابيرو في شرح هذه المبادرات التي تحولت إلى سياسات حقيقية منذ مجيء أوباما، ومنها تخصيص 2.775 بليون دولار لتمويل المساعدة الأمنية الخاصة لإسرائيل في السنة المالية 2010، وهو أكبر طلب لمثل هذا التخصيص في التاريخ الأميركي صادق عليه الكونغرس، ثم تحديد مبلغ أكبر يبلغ ثلاثة بلايين دولار للسنة المالية 2011 لتلبية التزام الحكومة بتطبيق مذكرة تفاهم موقعة مع إسرائيل 2007 بتزويد إسرائيل بما قيمته 30 بليون دولار مساعدة أمنية خلال عشر سنوات. ولمواجهة صواريخ حزب الله وحماس تحدث عن طلب أوباما من الكونغرس تخصيص مبلغ 205 ملايين دولار لدعم إنشاء نظام دفاعي ضد الصواريخ القصيرة المدى سمي « القبة الحديدية »، وقد أجازه مجلس النواب. حكومة بهذا الخلل لا يمكنها أن تكون وسيطا حقيقيا في الصراع العربي الصهيوني.
إسرائيل.. عنصرية وإجماع صهيوني أما على الطرف الإسرائيلي فليس من المتصور أن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قادرة على صنع تسوية سلمية حقيقية، خاصة أن مرجعية إسرائيل هي الاعتراف بيهودية الدولة وضمان الأمن واستمرار المستوطنات. وهذه أمور لا ترتبط بالائتلافات الحكومية -كما يتصور البعض- بقدر ارتباطها بطبيعة الدولة الإسرائيلية نفسها، فهي منذ نشأتها دولة اليهود فقط، وهي تحقق أهدافها اعتمادا على فكرة المراحل. ولهذا فالحديث عن يهودية الدولة له بعد مؤسسي يتناقض كلية مع مبادئ الديمقراطية، فاليهود فقط هم مصدر السلطة، وحقوق المواطنة لا تمتد إلى غير اليهود، ولم تمتد إلى اليهود الشرقيين حتى وقت قريب ولا إلى ما يعرف اليوم بيهود الفلاشا. وحكم القانون لا يخضع له كل الشعب، بل وتجور الأغلبية على الأقلية بإصدار قوانين ذات طابع تمييزي. هذا ناهيك عن الممارسات التمييزية ضد نحو خمس سكانها من المسلمين والمسيحيين، وتقنين الكثير من الأمور التي تنتهك اتفاقية جنيف وكل المواثيق الدولية، مثل التعذيب واستهداف المدنيين وهدم المنازل واستخدام المدنيين سواتر وقصف المستشفيات وعربات الإسعاف، وبناء طرق التفافية لليهود فقط، وإنشاء جدار عازل. ولا شك أن المناداة بيهودية الدولة تتناقض مع كل جهود التسوية وتعبر عن مرحلة جديدة يستكمل فيها المشروع الصهيوني مسار دولة التطهير العرقي لأجل التخلص ممن تبقى من فلسطينيي 1948 في ضوء الخطر الديمغرافي المتصاعد. والأخطر هو أن كل الحكومات الإسرائيلية تظل وفية لهذه الأمور، وما اختلافها إلا في درجة التعبير عن تشددها أو تمسكها بها. ولهذا فلا فرق حقيقيا بين باراك وليبرمان وليفني، كما لا تختلف سياسات نتنياهو ومن قبله شارون كثيرا عن سياسات رابين وبيريز. هذا فضلا عن أن الإسرائيليين لم يقدموا تنازلات بحجم تنازلات الفلسطينيين في السنوات الماضية، ليس لأجل الحفاظ على الائتلافات الحكومية فقط، وإنما لأن القوى الإسرائيلية الرئيسية لا تؤمن بتقديم أي تنازلات حقيقية من أجل الوصول إلى حلول وسط تاريخية. فهناك ما يطلق عليه الإجماع الصهيوني على طبيعة الدولة وأهدافها وعلاقاتها بالآخر، وما الاختلافات إلا في طرق الوصول إلى الأهداف المشتركة. ومن هنا فإن أراد العرب التفاوض مع الإسرائيليين، فإن الموضوعية والواقعية التي يتحدث عنهما المسؤولون الأميركيون والإسرائيليون تقتضيان أن يتنازل الطرفان بحق، وأن يقبلا « حلا وسطا تاريخيا » يقوم على العيش في سلام. « الحل الوسط » الذي على المفاوض العربي أن يتمسك به هو الذي يوقف اختراق إسرائيل للقانون الدولي والمواثيق الدولية، ويعيد الحقوق الشرعية لأصحابها، أي الحل الذي ينزع عن إسرائيل صفتي العنصرية والصهيونية، ويضمن إلغاء كل القوانين والإجراءات التي تميز ضد غير اليهود، ويضمن الاعتراف بالحقوق الوطنية الفلسطينية، والانسحاب من جميع الأراضي العربية المحتلة، ودفع تعويضات عن كل الانتهاكات التي ارتكبت.. وعندها يتساوى حل الدولة الواحدة مع حل الدولتين. وبغير هذا ستظل إسرائيل كيانا عنصريا إمبرياليا غير قابل لأن يكون طرفا في أي عملية تسوية سلمية.
العرب.. حكومات بلا مصالح وطنية من أبجديات السياسة المعاصرة أن الدولة التي تعاني من مشكلات داخلية يصعب عليها الدفاع عن مصالحها الحيوية في الخارج، وتكون غير قادرة على صنع سياسة خارجية تعبر عن مصالح وطنية. ومن هنا فليس من المتصور أن تستطيع السلطة الفلسطينية الوصول إلى تسوية تاريخية أو إقناع الشعب الفلسطيني بأي اتفاق قد يصل إليه فريق الرئيس الفلسطيني محمود عباس. فالطرف الفلسطيني -الذي دُفع إلى طاولة المفاوضات المباشرة بعد رفضها لمدة 18 شهرا في ظل غياب أي ضمانات دولية حقيقية أو دعم عربي حقيقي- ذهب إلى واشنطن بدون أي تفويض شعبي فلسطيني، وفي ظل انقسام واضح بين مشروعين أولهما يتمسك بالمقاومة المسلحة والآخر يؤمن بالمفاوضات وينبذ ما صار يعرف بالتحريض والعنف. وما جاء في حديث الرئيس محمود عباس عن الشرعية الدولية ووقف الاستيطان وإقامة دولة فلسطينية مستقلة لن يغير كثيرا ما تود إسرائيل فرضه في الواقع ما دام الطرف الفلسطيني منقسما وما دام العرب على حالهم منذ عقود. أما الحكومة المصرية فهي أيضا محاصرة باستحقاقات داخلية تعوق قيامها بأي دور مؤثر في الخارج منذ سنوات، وذلك من جهتين، أولاهما قناعة زائفة لدى الحكومة المصرية بأن دور مصر هو مجرد الوساطة وأن أي تجاوز لهذا الدور يعرض الأمن المصري للخطر ويجر البلاد إلى عدم الاستقرار، بل وإلى حرب مدمرة. هذه أسطورة ليس لها أي أساس، فبإمكان الدولة التي توقع تسوية مع عدوها مناورة عدوها السابق باستخدام العقول وليس تحريك الجيوش. ومن جهة أخرى يبدو الوضع السياسي الداخلي غير مستقر مع تصاعد مسألة التوريث والحراك السياسي الذي يستهدف إجراء انتخابات نزيهة، بجانب الرفض الشعبي المصري للتطبيع ولدور مصر كمجرد وسيط بين الإسرائيليين والفلسطينيين. يضعف هذا كله الدور المصري ويحوله إلى مجرد أداة لإضفاء رعاية عربية زائفة ومكان لاستضافة المفاوضات. وما التضارب الذي جاء على لسان الرئيس مبارك إلا أحد تجليات هذا الضعف، ففي مقاله في نيويورك تايمز في الأول من سبتمبر/أيلول الجاري قال « فالإطار العام لتحقيق التسوية الدائمة بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي واضح ويتمثل في إقامة الدولة الفلسطينية على الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967 على أن تكون القدس عاصمة لكلتا الدولتين فلسطين وإسرائيل ». حسب ترجمة هيئة الاستعلامات المصرية. أما في كلمته بمناسبة إعادة إطلاق المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين في الثاني من سبتمبر/أيلول فقال موجها كلامه لأبي مازن « سنظل إلى جانبكم إلى أن تقوم الدولة الفلسطينية المستقلة على الأراضي المحتلة منذ العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية ». وحال الحكومة الأردنية وحكومات عربية أخرى لا يختلف عن حال الحكومة المصرية، فهذه الحكومات غير قادرة على بلورة مصالح عربية حقيقية في مواجهة إسرائيل، ومن ثم لا يمكن تصور أنها ستتبنى الحل الذي يبدأ برعاية مصالحة فلسطينية حقيقية ويفك حصار غزة ويعالج أوضاع اللاجئين في المخيمات، وخاصة في لبنان ويستكمل طريق المقاومة والتحرير بكل السبل الممكنة وفي جميع المحافل الدولية. وحدها الحكومات الوطنية المنتخبة من الشعب والممكن محاسبتها من الشعب هي القادرة على تحديد المصالح الوطنية لشعوبها وعلى وضع سياسات قابلة للتطبيق وتحظى بشرعية شعبية حقيقية.. فهل يبدأ حل مشكلة فلسطين من حل مشكلة الحكم في العواصم العربية؟ (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 16 سبتمبر 2010)
فيديو:فرملة ظاهرة ‘الإسلاموفوبيا’ في أوروبا تشغل الحقوقيين
السبيل أونلاين – أوروبا – خاص + فيديو
لمشاهدة الفيديو – الرابط على اليوتيوب :
http://www.youtube.com/watch?v=Q6-KFz8IkYw
أكدت المفوضة السامية لحقوق الانسان أن ظاهرة التخوف من الإسلام « الإسلاموفوبيا » أهم التعبيرات العنصرية والتمييز في القارة الأوروبية اليوم ، وتعمل بعض منظمات حقوق الإنسان على فرملة هذه الظاهرة ، وهو ما وصفه تسجيل فيديو نُشر على شبكة الانترنت بأنه « أصبح ضروريا ان لم نقل وجوديا للمسلمين في أوروبا ولكل الديمقراطيين » .
وقد أصدر المركز الأوروبي لمراقبة العنصرية وكراهية الأجانب تقريرا تحت عنوان « المسلمون في الاتحاد الأوروبي .. التمييز العنصري والتخوّف من الإسلام » الذي أكد على تفاقم « رهاب الإسلام المبالغ فيه » ، وقالت السيدة بيات فنكلر التي ساهمت في اعداد التقرير أن « الإسلاموفوبيا » تظهر في حوادث تقع على المسلمين تتباين بين التهديد الشفهي والاعتداء الجسدي ، واضافت فنكلر: »عملنا الميداني يؤكد على أن العنصرية والتمييز والتهميش الاجتماعي تشكل خطرا مباشرا على عملية الاندماج والترابط الاجتماعي خاصة وان التمييز ضد المسلمين يظهر جليا في السكن والعمل والتعليم وفق اختبارات التمييز المعتمدة في البحث الميداني » .
وأكدت السيدة فنكلر أن هناك مسؤولية كبيرة على الطبقة السياسية والحاجة ماسة لحماية قانونية أكبر للمسلمين ، ومن جهة ثانية من الضروري أن يخوص المسلمون النضالات المدينة للحصول على حقوقهم .
وقال الحقوقي العربي هيثم مناع المتحدث باسم اللجنة العربية لحقوق الانسان : »في تاريخ العنصرية في أوروبا يمكن القول بكل بساطة ان « الإسلاموفوبيا » في القرن الواحد والعشرين هي العداء للسامية في القرن العشرين » ، مضيفا » نحن لا نعتقد بجدوى اضاعة الوقت حول صحّة الكلمة والتعريف » و « المهم اليوم ان لا ننتظر « الهولوكست » الإسلامي ومن الضروري دقّ ناقوس الخطر والتعبئة من أجل وقف هذا السرطان الثقافي والاجتماعي ».
وقال مناع أن المفوضة السامية لحقوق الانسان لخّصت ظاهرة « الإسلاموفوبيا » بتعبيرات ثلاث ، وهي : التوظيف السياسي للظاهرة ، الشرعنة السياسية « للإسلاموفوبيا » وبناء صورة نمطية عن الإسلام باعتباره عدوا للحرية ، وثالثا تصاعد أعمال العنف الفردية التي تنال من أماكن العبادة والأشخاص .
وأشار الناطق باسم اللجنة العربية لحقوق الإنسان الى حديث السيد تونسايكا كماك من منظمة كوجيب التي تظم كوادر ممتازة من مسلمي أوروبا العاملين في مجال حقوق الإنسان ومناهضة العنصرية الذي يضع الاصبع على الجرح ، بقوله أن ظاهرة الإسلاموفوبيا لا تجد محاربة كافية وتعبئة مناسبة لها لا في أوساط الديمقراطيين بل ولا حتى في أوساط الحقوقيين » .
وتشكل ظاهرة « الإسلاموفوبيا » موضوع تعبئة سياسية « دنيئة » في العديد من الدول الأوروبية خاصة في الأوساط اليمينة المتطرفة والأوساط الصهيونية .
(المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس) ، بتاريخ 16 سبتمبر 2010)
ردود الفعل على حفلة سب السيدة عائشة في لندن
* ياسر الزعاترة في لندن ، بادر رجل دين كويتي ينتسب للمذهب الجعفري (اسمه ياسر الحبيب) إلى إقامة احتفال في لندن خصصه لسب أم المؤمنين عائشة والطعن في عرضها ، الأمر الذي أثار ردود فعل واسعة النطاق من قبل عدد من الدوائر الإسلامية. وكان لافتا أن دوائر شيعية عديدة قد دخلت على الخط مستنكرة الفعلة النكراء كان من بينها المجمع العالمي لأهل البيت وعدد من رموز الشيعة في العالم العربي. بيان المجمع بدأ بالآية الكريمة (رقم 6 من سورة الأحزاب) التي تقول « النَّبًيُّ أَوْلَى بًالْمُؤْمًنًينَ مًنْ أَنفُسًهًمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُو الأرْحَامً بَعْضُهُمْ أَوْلَى بًبَعْض.. ». ثم وصف ياسر الحبيب بأنه « شخص نكرة » ، واستنكر فعلته الشنيعة ، واعتبر أنها تنتهك « حرمة المقام الشامخ المعصوم للرسول الأكرم عليه الصلاة والسلام ، وتتعرض لحرمه الشريف ، وتسيء إساءة بشعة لعرضه الطاهر ، وتتنافى بوضوح مع تعاليم القرآن الكريم وسيرة أهل البيت عليهم السلام ». ردود الفعل السنية على الواقعة كانت مهمة ولافتة للنظر ، لكن بعضها كان بالغ القسوة ، حيث طالب الشيعة لإثبات براءتهم من (ياسر الحبيب) وأمثاله بالتنازل عن أكثر المعتقدات المعروفة في مذهبهم ، الأمر الذي لا يمكن أن يكون مقبولا بالنسبة إليهم ، كما لا يساهم في تخفيف حدة التوتر الذي لا يستفيد منه سوى أعداء الأمة الذين لا يفرقون بين شيعي وسني ، بل يتقبلون من يتعاون معهم ويعادون من يواجههم أيا يكن مذهبه (لا الشيعة سواء ولا السنة كذلك في سياق الأفكار والمواقف السياسية). المعتقدات لا تتغير بالإكراه وفرض الشروط ، وإنما تتغير بالحوار الذي قد يمتد لزمن طويل ، والمذهب الشيعي سيخضع لهذه النظرية الإنسانية ، وستكون الطقوس والأساطير التي تلبست به خلال القرون برسم المراجعة ، الأمر الذي ينطبق على سائر المذاهب والتيارات التي ستميل بالتدريج إلى رؤية وسطية في زمن ثورة المعلومات وعدم إمكانية اجترار الرؤى الفكرية والعقائدية في الظلام أو السر دون نقد وتمحيص من قبل الآخرين. ما فعله كثير من رموز الشيعة في سياق الرد على هرطقات (ياسر الحبيب) هو أمر محمود ويستحق الشكر ، ولا ينبغي استمرار الحديث عما في الكتب ، لأن فيها الشيء ونقيضه ، ولأن المسائل في مجملها خاضعة للمراجعة ، ولأن ما يعنينا هو الموقف المعلن الذي سيرسخ في وعي الأجيال بمرور الوقت. وإذا قيل إن ذلك محض « تقية » ، فإن هذه النظرية لم تعد فاعلة في الزمن الحالي ، ثم إن ما يعنينا هو الموقف المعلن الواضح وليس الاعتقادات القلبية التي يحاكم عليها رب العزة وحده. ثمة جانب مهم هنا ، وهو أن ياسر الحبيب ينتمي إلى من يعرفون بـ »الشيرازيين » ، وهم تيار له حضوره في الوسط الشيعي ، لاسيما في إيران وبعض دول الخليج والعراق ، وهو ذاته الذي يمارس التبشير بالمذهب الشيعي في الأوساط السنية (يحقق نجاحات هامشية هي أقرب للشراء منها إلى أي شيء آخر) ، وللأسف فهو تيار واضح التصميم على تكرار المقولات الممجوجة حول السيدة عائشة وضرب أبي بكر وعمر للسيدة فاطمة ، إلى غير ذلك من القضايا التي تؤجج الأحقاد (سبق أن كفروا الراحل الكبير السيد فضل الله بسبب مراجعاته على هذا الصعيد) ، ومن يتابع بعض فضائياتهم ، ومنها كويتية التمويل يدرك ذلك بوضوح. هنا ينبغي أن يكون لإيران الرسمية موقف من هؤلاء إذا أرادت تغيير صورتها في الوعي الجمعي للمسلمين السنة ، فيما ندرك أن بعض دوائرها ترى فيهم (أعني الشيرازيين) شكلا من أشكال الرد على التطرف السلفي الذي يذهب في اتجاه تكفير الشيعة (الروافض) بالجملة. على أن ذلك لا يحول بيننا وبين الاعتراف بوجود تيارات إسلامية (سلفية وأحيانا غير سلفية) تمارس التكفير الجماعي بحق الشيعة بالفعل ، ولا تتورع عن سب رموز الشيعة ، ووصفهم بأبشع الأوصاف ، فضلا عن استفزاز القوم بالمبالغة في تبرير ما فعله الصحابي معاوية في نزاعه مع الإمام علي ، أو مديح يزيد (قاتل الحسين) ، مع أن ذلك لا يبدو مجديا ، ولن يضير الأمة التوقف عن ذلك ما دمنا نعترف بأن سيدنا علي قد بُغي عليه بنص الحديث الشريف ، بصرف النظر عما إذا كان معاوية مجتهدا كما يرى البعض أم غير ذلك. بقي القول إن من العبث التعامل مع أهل السنة بوصفهم طائفة تواجه طائفة أخرى ، لأنهم بيضة الإسلام وحملته والمبشرون به والمدافعون عنه طوال القرون ، ومذهبهم لم ولن يكون مهددا من أحد ، كما أنهم يستوعبون المسلم وغير المسلم ، وسيكون بوسعهم إذا انتصر صوت العقل أن ينفسوا الكثير من التوترات ويصهروا الجميع في روح الإسلام الوسطية المعتدلة بعيدا عن أحقاد التاريخ وخلافاته. (المصدر: صحيفة « الدستور(يومية -الأردن) الصادرة يوم 5 جولية 2009)
أميركا تكثف الجهود لاستفتاء السودان
بدأت إدراة الرئيس باراك أوباما هجوما دبلوماسيا متعدد الجبهات، تمحور حول حوافز لمنع السودان من عرقلة التصويت مع اقترابه من استفتاء من المحتمل أن يقسم البلد، ويمكن أن يعيد إشعال الحرب. وقالت صحيفة نيويورك تايمز إن مبعوث الإدارة الخاص للسودان سكوت غريشن التقى مسؤولين سودانيين في الشمال والجنوب لوضع جدول زمني للخطوات التي تستعد الولايات المتحدة لاتخاذها، بدءا من الموافقة على بيع معدات ري ومعدات زراعية أخرى. ومن المقرر أن يجرى الاستفتاء على استقلال الجنوب في 9 يناير 2011.
وقال غريشن في مقابلة هاتفية من جوبا، العاصمة الإقليمية لجنوب السودان، إن «الأمر وصل الآن إلى مرحلة تحقيق النجاح أو الفشل وبلغنا نقطة يكون فيها التقدم حساسا، ومن دون تقدم ملحوظ في الأيام والأسابيع القادمة يمكن أن يصير الوضع خطرا».
وتتخطى حزمة الحوافز الأميركية كل المسافات لتطبيع العلاقات وإلغاء الديون ورفع العقوبات وإزالة السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، رغم أن هذه الخطوات ستتطلب إنهاء العنف في دارفور وقبول كامل لجنوب سودان مستقل، الأمر الذي يتمناه الكثير من الخبراء.
لكن كثيرين يخشون أن يعود الاستفتاء، إذا حدث كما هو مخطط، بالسودان إلى الفتنة التي عصفت به لأكثر من عقدين وخلفت وراءها مليوني قتيل. كما أن التحديات اللوجستية لإجراء التصويت تشكل صعوبة جمة، نظرا للفقر المدقع وقلة الطرق في الجنوب.
ويخطط الرئيس أوباما لحضور اجتماع رفيع المستوى بشأن السودان في الأمم المتحدة يوم 24 الجاري، ويقول مسؤول بالإدارة ان البيت الأبيض اتخذ هذه الخطوة غير العادية قبل أسبوعين لجذب مشاركين متنفذين آخرين ولإلقاء الضوء على الوضع المتزعزع.
وقالت سوزان رايس ــ السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ــ مؤيدة لنهج متشدد تجاه الحكومة السودانية، إن أوباما سيحاول حشد تأييد دولي وبعث رسالة مفادها أننا نساند شعب جنوب السودان إذا كان اختيارهم هو الانفصال.
وقد جسدت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون قلق الإدارة الأميركية الأسبوع الماضي عندما وصفت الاستفتاء بأنه «قنبلة موقوتة وخيمة العاقبة».
وقالت كلينتون إنه لا مفر من أن يصوت السودانيون الجنوبيون للانفصال، وإن هذا الأمر سيثير مشاكل معقدة لأن الجزء الأكبر من احتياطي النفط السوداني موجود في الجنوب.
ويقول خبراء إنه ليس هناك حل بسيط لهذه المسألة. وحتى إذا كان هناك حل فإن نفوذ الولايات المتحدة محدود للضغط على أي جانب، نظرا لأن إدارة أوباما ــ المشغولة بأفغانستان والقضايا المحلية ــ ترفض التدخل مباشرة في السودان. وقال أندرو ناتسيوس ــ مبعوث خاص للسودان أثناء إدارة الرئيس السابق بوش ــ إن قدرتنا على توجيه الأطراف مجرد وهم. لكننا نستطيع تسهيل العملية باقتراح وسائل مختلفة أو بديلة للتطرق للمسائل. نيويورك تايمز (المصدر: صحيفة « القبس » (يومية – الكويت) الصادرة يوم 16 سبتمبر 2010)
هل تراجع الولايات المتحدة سياستها تجاه السودان؟
د. يوسف نور عوض بدأت مصادر سياسية في الولايات المتحدة تشكك في إمكان إجراء الاستفتاء في جنوب السودان في موعده المحدد والمقرر له شهر كانون الثاني/ يناير المقبل، وتقول هذه المصادر إن الاختلافات بين الشمال والجنوب تتركز حول ترسيم الحدود واقتسام عائدات النفط، كما أن الاستعدادات اللازمة لإجراء الاستفتاء تسير ببطء شديد، ونسبت صحيفة ‘الواشنطن بوست’ إلى رئيس مفوضية الاستفتاء محمد ابراهيم خليل أنه قال إن المفوضية لم تباشر عملها بطريقة إيجابية، وهي تواجه صعوبة إمكان تسجيل المواطنين الجنوبيين المؤهلين للمشاركة في عملية الاستفتاء، وشككت صحيفة ‘الواشنطن بوست’ في إمكان أن تتخلى الحكومة السودانية عن حقول النفط التي مكنتها من مواجهة الضغوط الأمريكية عليها، وقالت الصحيفة إن تنفيذ اتفاقية السلام التي وقعت بين الحركة الشعبية والحكومة السودانية عام ألفين وخمسة يسير ببطء وإن الولايات الأمريكية التي ساعدت في التوصل إلى هذه الاتفاقية أصبحت غير قادرة على دفعها إلى الأمام بسبب مواقف الحكومة السودانية، وتنسب صحيفة ‘الواشنطن بوست’ إلى مسؤولين في حزب المؤتمر الحاكم قولهم إن الاستفتاء لن يجرى قبل ترسيم الحدود، وعلى الرغم من قول ‘لوقا بيونغ’ وزير شؤون مجلس الوزراء في جنوب السودان إن الاتفاق تم بشأن ثمانين في المئة من الحدود فإن الاختلاف ما زال كبيرا حول المناطق التي تقع فيها آبار النفط والتي لا ترغب الحكومة السودانية في التخلي عنها. وخاصة منطقة ‘هيجليج’التي تصر الحركة الشعبية أنها تابعة لجنوب السودان، ويدرك الجنوبيون أن انقطاع النفط عن شمال السودان سوف يؤثر على الشمال تأثيرا اقتصاديا كبيرا ما قد يشعل حربا أهلية جديدة. وذلك بحسب ما يؤكده ‘لوال دينغ’ وزير النفط في الحكومة الاتحادية. ولا شك أن هذا الوضع برمته يثير اهتمام الإدارة الأمريكية حيث أدلت وزيرة الخارجية ‘هيلاري كلنتون’ بتصريحات قالت فيها إن الوضع بين الشمال والجنوب في السودان هو قنبلة موقوتة. وناشدت كلنتون الاتحاد الأفريقي بأن يكثف الجهود من أجل أن يتم الاستفتاء في موعده المحدد. وقالت إن الشمال لا يبدو متحمسا لمسألة الاستفتاء على عكس الإدارة الأمريكية التي دعمت وجودها في الجنوب بفتح مكتب لها هناك، كما أرسلت السفير السابق ‘برنستون ليمان’ ليعمل قنصلا لها في الجنوب ومساعدة سكوت غرايشن ومجموعته العاملة في السودان. ويبدو أن موقف الحكومة السودانية أغضب كثيرا من المنظمات الأمريكية التي تعمل من أجل تدعيم انفصال جنوب السودان ومنها منظمة إنقاذ دارفور ومنظمة الخدمات اليهودية ومنظمة محاربة الإبادة التي قالت جميعها إن تقديم تنازلات لحكومة البشير في مسألة الجنوب ستكون له عواقب وخيمة. وأكدت صحيفة ‘الواشنطن بوست’ من جانبها اتجاه الحكومة الأمريكية الداعم لحق تقرير المصير في جنوب السودان. ويبدو واضحا مما نشرته ‘الواشنطن بوست’ أن الحكومة الأمريكية لا تفكر مطلقا في مساعدة السودان لحل مشاكله، بل تفكر فقط في إجراء استفتاء يؤدي إلى انفصال جنوب البلاد، وهو ما سيلحق أذى كبيرا بوحدة هذا البلد، ولا تحتاج الولايات المتحدة لأن تذكر أسبابا موضوعية لدعم انفصال جنوب السودان ذلك أن السياسة الأمريكية عودتنا دائما على اتخاذ قرارات لا يتم التفكير فيها بصورة منطقية وتخلو من أي أهداف استراتيجية واقعية. ويبدو ذلك واضحا في توعد الحكومة الأمريكية بفرض عقوبات جديدة على الحكومة السودانية إذا تدهور الوضع في هذا البلد، والمقصود بذلك بالطبع هو عدم إجراء الاستفتاء في موعده أو إعلان الحرب في حال وافق جنوب السودان على الانفصال، والغريب هو أن الولايات المتحدة تكلف مندوبا خاصا للعمل في السودان هو سكوت غرايشن، ولكن مهمته لا تنحصر في محاولة مساعدة السودانيين على حل مشاكلهم بل تتجاوز ذلك إلى العمل من أجل التأكد من أن الجنوب يسير في طريق الانفصال. ويحذر غرايشن الحكومة السودانية بأن عليها أن تختار بين الحرب والسلام، فهل هو يخشى على شمال السودان من الحرب أم أن كلامه المبطن يدل على أن الحكومة الأمريكية سوف تدعم الانفصال بتقديم كافة المساعدات اللوجستية والعسكرية للانفصاليين؟ وعندما نسأل عن الأسباب التي تجعل الولايات المتحدة تتخذ مثل هذا الموقف الصارم تجاه السودان نجد أنه لا شيء يدفعها سوى نزعة الشر المتأصلة عند كثير من الذين يديرون شؤون السياسة الأمريكية، والغريب أن الولايات المتحدة تلمح إلى أن التطبيع الكامل للعلاقات مع السودان سيعتمد على التطبيق الكامل لاتفاق جنوب السودان، وهذا منتهى السذاجة السياسية فهل تتوقع واشنطن أن تعمل حكومة السودان من أجل فصل جزء مهم من بلادها فقط لأجل تطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة وتبادل السفراء معها؟ وما الذي يضمن يعد ذلك ألا تفكر الولايات المتحدة في مؤامرة جديدة ضد وحدة السودان وأمنه السياسي؟ والغريب أن نائب رئيس الجمهورية السوداني سلفا كير يتوجه إلى الولايات المتحدة الأمريكية ليلتقي مع كتلة النواب السود في الكونغرس، فهل هو يعتقد أن المشكلة في جنوب السودان هي مشكلة عنصرية مع أنه يتربع على منصب نائب رئيس الجمهورية، ورئيس حكومة الجنوب؟ لا شك أن هذه المواقف السياسية غير المدروسة هي التي جعلت السودانيين الأمريكيين يعملون على تكوين منظمة ضغط من أجل وضع العلاقات السودانية الأمريكية في مسارها الصحيح، ومن جانبه يرى السودان كما جاء على لسان وزير الخارجية علي كرتي أن الولايات المتحدة تحاول تضخيم الوضع في السودان، ويرى كرتي أن تدخل الحكومة الأمريكية يأتي بعد فوات الأوان خاصة بعد أن توصل الشريكان إلى رأي في مجمل القضايا العالقة بينهما. وفي الحقيقة لا أريد أن استبق القضايا وتطوراتها المحتملة في السودان، لأن احتمال الانفصال قائم كما أن احتمال الوحدة قائم أيضا خاصة عندما ظهرت الآن تيارات في جنوب السودان تدعو إلى إمكان استمرار الوحدة مع إجراء تعديلات على نظام الحكم، غير أن القضية التي تستأهل الوقوف عندها هي ضرورة عدم الثقة في ما يريده الأمريكيون لأننا تعودنا على أن نرى كثيرا من الناشطين في العمل السياسي ينحازون إلى الولايات المتحدة الأمريكية عندما يجدون الدعم منها ظنا منهم أن واشنطن تعبر دائما عن رأي عام دولي، وليس ذلك صحيحا لأن الموقف الذي بدأ يتشكل عالميا هو أن الولايات المتحدة تتخذ في معظم الأحيان مواقف غير محسوبة ويأتي في مقدمها الحرب على العراق التي راح ضحيتها مئات الآلاف وشرد الملايين وتحول البلد إلى فوضى يصعب التحكم فيها. وإذا توقفنا لنسأل عن حالة العداء التي تمارسها الولايات المتحدة ضد السودان لم نجد لها مبررا معقولا، لأن الشعب السوداني لا يناصب الولايات المتحدة العداء كما أن حكومة السودان ليس لها موقف ضد الولايات المتحدة، وعلى الرغم من ذلك فقد قامت الولايات المتحدة بهجوم صاروخي ضد مصنع الشفاء في الخرطوم بحري بدعوى أنه يعمل في صنع أسلحة دمار شامل، فهل هناك سذاجة سياسية أكبر من ذلك، ربما لا يكون الأمر سذاجة سياسية ولكنه ذريعة تخلو من أي هدف سياسي أو استراتيجي سوى التخويف، ولكن التخويف مماذا؟ هذا هو السؤال الذي يصعب على الولايات المتحدة أن تصرح به. وبصفة عامة فإن ما نراه هو ضرورة أن تبدأ الحكومة الأمريكية في مراجعة سياستها تجاه السودان، لأن تفكيك السودان لا يخدم لها هدفا واضحا بل قد يؤدي إلى سلسلة من المشاكل تؤثر على مستقبل هذا القطر وتزيد من الصعوبات التي يواجهها سكان هذه المنطقة دون عائد إيجابي على الولايات المتحدة. ‘ كاتب من السودان (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 15 سبتمبر 2010)
اعتبروه نوعا من النفاق والاستغلال السياسي للجامعة اساتذة جامعيون مصريون يدينون منح جامعة القاهرة الدكتوراه الفخرية لسوزان مبارك 2010-09-15
لندن ـ ‘القدس العربي’: ادان عدد من اساتذة الجامعات المصرية عزم جامعة القاهرة منح الدكتوراه الفخرية للسيدة سوزان مبارك اليوم، وقالوا انه نوع من النفاق والاستغلال السياسي للجامعة. وقال الاساتذة في بيان ارسل لـ’القدس العربي’:
تلقى الموقعون على هذا البيان من أعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية خبر منح جامعة القاهرة درجة الدكتوراه الفخرية للسيدة سوزان مبارك بمزيج من الشعور بالإهانة والألم والغضب.
فمن المهين لكل أستاذ جامعي أن يستخدم اسم الجامعة المصرية العريقة، التي تمثل رمزاً للكفاح الوطني، في غايات شخصية. إذ لا نتصور أن يكون منح الدكتوراه الفخرية للسيدة سوزان مبارك قد تم إلا لأغراض تخص المسؤولين في الجامعة، وفي قسم الاجتماع بكلية الآداب- الذين دفعوا بهذا الاقتراح – من الباحثين عن المناصب والراغبين في التقرب من السلطة.
ومن المؤلم ألا نجد في مجلس كلية الآداب، أو في مجلس جامعة القاهرة، من يرفض هذا النفاق الرخيص ويفضحه.
ولا نملك إلا أن نغضب لتكرار استغلال اسم الجامعة في مظاهر النفاق السياسي والتزلف للسلطة، فقد سبق أن منحت جامعة القاهرة درعها لعدد من أقطاب الحزب الحاكم، منهم السيد/ كمال الشاذلي وقت أن كان من اصحاب النفوذ في السلطة، بينما رفضت مجالس متعاقبة للجامعة منح درجة الدكتوراه الفخرية لعلماء أفذاذ يشرف الجامعة انتسابهم لها مثل ‘أمارتيا سن’، عالم الاقتصاد السياسي المعروف، و’محمد عبد السلام’، عالم الفيزياء الحائز جائزة نوبل.
إن من أبسط مبادئ الخلق العلمي والأكاديمي ألا يمنح التكريم الجامعي لأصحاب السلطة، وأن ينتظر الراغبون في تكريم هؤلاء – إن كان هناك مبرر حقيقي للتكريم – لحين ابتعادهم عن السلطة.
لذلك فإننا نعلن إدانتنا لهذا القرار الشائن، وندعو كل زملائنا من الجامعيين لإدانته بكل الصور، وفضح من اتخذوه من محترفي النفاق وعبدة المناصب. ‘الموقعون: د.أحمد الأهواني (هندسة القاهرة) أد.أحمد دراج (آداب بني سويف) أد.أحمد محمد عيد الغباري (تربية السويس) أد. أميمة الحناوي (طب القاهرة) أد.أمينة رشيد (آداب القاهرة) أد.إيمان المحلاوي (هندسة القاهرة) د.احمد عبد المقصود (اداب القاهرة) أد.الهام الزناتي (المركز القومي للبحوث) أد.ايمان يحيى (طب قناة السويس) أد.جمال حشمت (البحوث الطبية بجامعة الاسكندرية) د. حنان سبع (الجامعة الامريكية) أد.رفعت غنيم (طب قناة السويس) د.ريم سعد (الجامعة الامريكية) أد.سالم سلام (طب المنيا) د. سحر الموجي (اداب القاهرة) أد.سعيد النشائي (هندسة القاهرة بالمعاش) أد.سلمى مبارك (آداب القاهرة) أد.سيد البحراوي (آداب القاهرة) أد.شادية الشيشيني (هندسة القاهرة) د.صادق نعيمي (آداب المنوفية) أد.صلاح السروي (آداب حلوان) د.طارق سيد احمد (علوم القاهرة) أد. عايدة سيف الدولة (طب عين شمس) أد.عبادة كحيلة (اداب القاهرة) أد.عبد الجليل مصطفى (طب القاهرة) د. عبد الله سرور (تربية لاسكندرية) أد.عصمت زين الدين (هندسة الاسكندرية) أد.عمر السباخي (هندسة الاسكندرية) أد.فاتن مرسي (آداب عين شمس) أد.كمال نجيب (تربية الاسكندرية) د.ليلى سويف (علوم القاهرة) أد.ليلى موسى (طب الاسكندرية) د.ماجدة أنور (آداب المنوفية) د.محمد هشام (آداب حلوان) أد.مجدى قرقر (التخطيط العمراني بالقاهرة) أد.محمد أبو الغار (طب القاهرة) د.محمد طلعت (هندسة القاهرة) أد.محمد لمعي الملاح (علوم القاهرة) د.محمد نافع (هندسة القاهرة) أد.محمود النابي (علوم القاهرة) أد.مديحة دوس (آداب القاهرة) أد.مصطفى كامل السيد (الاقتصاد والعلوم السياسية بالقاهرة) د.ملك رشدي (الجامعة الأمريكية) أد. ممدوح حمزة (هندسة قناة السويس) أد.منال المنياوي (طب القاهرة) أد. نبيل يوسف (علوم القاهرة) د.نفرتيتى مجاهد (علوم القاهرة) أد. نيلى حنا (الجامعة الأمريكية) د.هالة كمال (آداب القاهرة) د.هاني الحسيني (علوم لقاهرة) د.هبة رؤوف (الاقتصاد والعلوم السياسية بالقاهرة) أد. هبة مشهور (آداب القاهرة) أد. هداية مشهور أد. هدى أباظة (اداب عين شمس) أد.وحيد خليل (علوم القاهرة) أد.يحيى القزاز (علوم حلوان)
(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 16 سبتمبر 2010)
مسلمون في الأردن وإندونيسيا يرفضون القرار ويعتبرونه «اغتيالاً للحريات» ترحيب «أزهري» و«نسائي» بحظر النقاب في فرنسا
2010-09-16 القاهرة – فاطمة حسن – وكالات رحب عدد من شيوخ الأزهر، والقيادات النسائية بموافقة البرلمان الفرنسي على مشروع قانون «حظر ارتداء النقاب والبرقع في الأماكن العامة» بصورة نهائية، مستندين إلى أن النقاب «لا علاقة له بالإسلام»، وأنه «مجرد عادة وليس عبادة»، ومؤكدين أنه «زي يعبر عن محاولة قوى سياسية معينة فرض سيطرتها على مصر»، بينما اعتبرت عزة سليمان مدير مؤسسة قضايا المرأة المصرية، أن القانون الجديد يعد انتكاسة لحقوق الإنسان، مشيرة إلى أن مثل هذا الإجراء يساعد على التطرف، «خصوصا في ظل الهجوم الغربي على الإسلام والمسلمين، ومحاولة حرق المصحف» مضيفة «أنا ضد ارتداء النقاب، لكن القرار خاطئ». وأشاد الدكتور سالم عبدالجليل، وكيل وزارة الأوقاف لشؤون الدعوى الإسلامية، بالقرار، موضحا أن الزي الشرعي للمرأة «هو الذي لا يشف ولا يكشف ولا يوصف، ويستر جميع الجسد عدا الوجه والكفين»، ولافتاً إلى أن وزارة الأوقاف أصدرت كتابا، مؤخراً، بعنوان «النقاب عادة وليس عبادة» لتوضيح الموقف الشرعي من النقاب. ورحبت الدكتورة، سعاد صالح أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، بقرار البرلمان الفرنسي، مؤكدة أن النقاب عادة لا علاقة لها بالإسلام من قريب أو بعيد. وقالت سعاد في تصريحات لها أمس: «الشريعة الإسلامية تأمر المرأة بكشف وجهها أمام ملايين البشر أثناء تأدية فريضة الحج، مما يعني أن النقاب لا علاقة له بالدين، وأن الزي الشرعي للمرأة هو ما يستر سائر الجسد عدا الوجه الكفين». وقالت الكاتبة إقبال بركة: «إن الحكومة الفرنسية تطبق الديمقراطية، ولذلك استطاعت أن تتخذ مثل هذا القرار». مضيفة: «منع النقاب في مصر مستحيل طالما هناك رجال دين ينافقون الحركة الوهابية ويطبقون أحكامها». وأكدت الدكتورة أمال عبدالهادي عضو مؤسسة المرأة الجديدة، أن النقاب «زي يعبر عن قوى سياسية معينة تحاول فرض سيطرتها على مصر». على صعيد آخر، انتقد حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية للإخوان المسلمين في الأردن القرار الفرنسي، معتبرا أنه «اغتيال للحريات وامتهان لكرامة الإنسان». وقال حمزة منصور، أمين عام الحزب لوكالة فرانس برس «رغم دعاوى الغرب بالحرية والكرامة الإنسانية يبدو أن الحرية والكرامة الإنسانية في الغرب هي مجرد شعارات ترفع ولا تثبت أمام الواقع». واعتبر أن «هذه السياسات غبية لا تخدم العلاقات بين الشعوب ولا تخدم السلام العالمي» مؤكداً أن «السلام العالمي والتفاهم بين الشعوب لا يتحقق إلا بتمكين كل إنسان من ممارسة حرياته الطبيعية». من جهته أعرب مجلس العلماء في إندونيسيا، أبرز هيئة دينية في أكبر بلد إسلامي في العالم، عن أسفه للقرار. وقال أميدان رئيس مجلس العلماء «لسنا موافقين على القانون». وأضاف «لكن هذه المسألة ليست بالغة الأهمية في نظرنا» لأن «المسلمات الإندونيسيات لا يرتدين البرقع». وحوالي %90 من الإندونيسيين الذين يبلغ عددهم 230 مليون نسمة هم مسلمون، وقلة من الإندونيسيات يرتدين الحجاب. واعتبر أميدان أن «المسلمات في الشرق الأوسط يرتدين النقاب التزاما بثقافتهن ومعتقداتهن. وإذا كان البرلمان الفرنسي يريد الدفاع عن حقوق الإنسان، يتعين عليه السماح للنساء بارتدائه». وأضاف «إذا كانت المشكلة أمنية، فالسؤال يكمن في ماهية الخطر الذي يمكن أن تشكله النساء اللواتي يرتدين البرقع؟». (المصدر: « العرب » (يومية – قطر) بتاريخ 16 سبتمبر 2010)
جنوحات العنصرية في أوروبا
فيوليت داغر يشهد العالم الغربي في بدايات الألفية الثالثة ظهور سلوكيات التعصب والتطرف ومظاهر العنصرية بشكل أكثر وضوحا، لا بل عودة إلى مبادئ الفاشية التي صعدت في أوروبا مطلع ثلاثينيات القرن الماضي.
فمع إمساك المحافظين الجدد واليمين الأميركي بمفاتيح السيطرة على توجهات العالم بعد 11 سبتمبر/أيلول 2001، كان لنا أن نشهد اتساعا لرقعة المتبنين لخطاب اليمين المتطرف الأوروبي وتلوث الوعي كمن أصيب بوباء معدٍ.
هذا الخطاب الذي استطاع الولوج إلى أوساط يمينية كانت معروفة تاريخيا باحترام القيم الأساسية الدستورية السائدة، جسّد نفسه في عمل ممنهج لأحزابها لفرض قراءتها على الواقع السياسي وإدارة الشأن العام، لكن بطريقة مخالفة للنسق الذي تقوم عليه قيم العلمانية والديمقراطية، ولو أنها استفادت من الآليات الانتخابية الديمقراطية لركوب موجة التطرف وتجميع الأصوات والوصول إلى السلطة أو إدامتها ما أمكن.
مبادئ وقيم عصر التنوير التي قام عليها المجتمع الغربي، والتي تجسد بعضها بالثورة الفرنسية وبعضها الآخر بتأصيل مجموعة من الحريات والحقوق في المجتمع الأوروبي، هي ما يرفضه هؤلاء الفاشيون الجدد.
ومناداة قوى التقدم والحركة المدنية والحقوقية بالتعددية والإخاء والمساواة بين البشر والعدالة الاجتماعية والحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، ليست في نظرهم سوى تعبير عن الضعف ومضيعة للوقت.
كما أن هناك رفضا للعقلانية عند هذه الشريحة الاجتماعية وتغليبا للتعبيرات الغريزية ولاندفاعة الطاقة الحيوية، فما امتزاج الثقافات والأجناس إلا بمثابة إبادة جماعية لخصائل الذات المتفوقة.
وحيث إن الغريب عنصر ضعف في جسد الأمم يؤثر على تماسك الجماعة، فالمناداة بتطهير الأمة من العناصر الغريبة عنها أمر مشروع. أما الفرد فليس هو الأساس، وإنما الأمة القوية القادرة على حماية الشعب، بحيث يمكن التضحية بالفرد للحفاظ على الأمة.
لذا يجب البحث عن قائدها التاريخي الذي هو بمثابة الأب الروحي والمثل الأعلى وممثل السلطة الأمثل والصنم الذي يقدس ويهاب بأسه ولا يرد أمره. وهو يمكن أن يكون ذلك « القبضاي » بالعامية أو « الأزعر » الذي لا يهاب الوغى، كما يمكن أن يكون عميلا مأجورا وأن يتحول إلى قاتل إن اقتضى الأمر.. عليه أن يبرهن أنه يحتل مكانته بجدارة كي يضمن رص الصفوف وراءه وتحوّل الجموع إلى مدافعين عن الأمة.
تكثف المقاربات النفسية الاجتماعية والأنثروبولوجية مجالات العنصرية في ستة تعبيرات، بدءا من المعرفة التبسيطية القائلة بأن البشر ينقسمون إلى أعراق عدة يحمل كل منها مواصفات متوارثة، انتقالا إلى العلوم الإنسانية وجعلها علوما طبيعية للأعراق، أو إلى نطاق الأيدولوجيا التي يتم بموجبها إخضاع العمل السياسي لأمثولة عنصرية، أو إلى إدخال الأساطير الحديثة، مرورا بتقنيات جديدة وعلموية تحمل وعودا بالخلاص، كالعودة إلى طوباويات ضائعة والحنين إلى عرق مفقود أو رسم تصورات مستقبلية كمولد عرق وإنسان جديد.
في الحياة اليومية، تتجسد العنصرية في الاستهداف الكلامي والتمييز في التفاصيل (توقيف البوليس لشخص على أساس لونه أو شكله أو ملبسه، رفض التوظيف بسبب الاسم الأجنبي..)، وتجنب أو رفض التعامل مع المختلف، والاعتداء الفيزيائي المباشر أو الاعتداء الرمزي (على مقبرة أو مكان عبادة أو مركز ثقافي)، وصولا إلى التعديات والإجراءات الجماعية ضد جماعة قد تصل إلى المناداة بالتخلص منها أو القضاء عليها.
لقد تعزز امتداد هذه الظاهرة في أوروبا مع ارتفاع منسوب الأزمات المتلاحقة والتورط بشكل أكبر في مناطق النزاع المسلح في العالم الإسلامي، فبان تأثيرها في صفوف شرائح اجتماعية دنيا، تتشبع بالخوف من الغد والبطالة والتهميش، وتحوّل قلقها نحو الآخر المختلف الأجنبي و »كل من ليس معنا ومنّا ». لكن خطرها ازداد مع توجهها نحو بث أفكارها عبر التعليم والإعلام والتربية الأيدولوجية الصارمة.
والأزمة الاقتصادية وتبعاتها ليست وحدها ما يلقي بثقله على التكوين الأيدولوجي للشخصية العنصرية، فهناك عناصر اجتماعية نفسية من تفكك أسري وغربة عن المجتمع وخواء فكري وفراغ عاطفي وغيرها.
فالتخلص من العار والمعاناة التي تعْلق بطفولة هذه الجماعات أو مما هو غير مقبول في الذات ومستقر في اللاوعي، يرمى على من هم في موقع أضعف منهم، حتى لو كانوا لا يختلفون كثيرا عنهم وينتمون لنفس العرق أو الدين أو اللون، مما يفسح المجال لظهور سلوكيات من نوع الدفاع الأعمى عن الهوية وإثبات الذات، والتمركز حول الجماعة، ومناصبة العداء للأيدولوجيات المخالفة، وتفصيل العدو على المقاس مع تحميله وزر ما آل إليه وضعه.
هذا الأمر يجعل من هذه الشرائح قوى كامنة لعنف يتحين الفرصة للتعبير عن نفسه عبر لعبة « شد الكباش » مع الأطراف والاتجاهات المغايرة، وإن كانت هذه الآليات النفسية لا تقتصر على فئة بشرية أو شعب بعينه وتختلف درجتها وحدّة تعبيراتها من شخص أو زمن لآخر، فالقوى الظلامية والأيدولوجيات المتطرفة تلجأ إلى كل الأساليب المتاحة أو غير المعهودة والالتفافية لتسجل انتصاراتها.
وأحيانا يتم ذلك من حيث لا نتوقع، وقد يكون على يد مصابين بالخبل أو وصوليين مهووسين يشغلون المشهد السياسي الأمامي، وإن كان من يحركهم ويرسم توجهاتهم هم أصحاب النفوذ الفعلي ضمن جوقة تحالف المصالح السياسية والاقتصادية والعسكرية والجيوستراتيجية.
أوروبا التي كانت المسرح الرئيسي للحرب العالمية الثانية وخسرت ما يزيد عن ستين مليون نفس وسويت بعض مدنها بالأرض، كان ذلك لحد كبير من فعل هذا النوع من النماذج الذين جعلوا من هتلر وموسوليني وستالين وغيرهم أصناما.
لكن الذاكرة قصيرة وشريحة من الأوروبيين على الأقل تبدو كأنها نسيت هذا الزمن أو لم تكتو بناره أو لم تدرس تاريخها وتستنبط حكم التاريخ، فتأتي اليوم لترفع لافتة التطرف والعنصرية، بحيث باتت تعابير الفاشية الجديدة تنتشر بأسرع مما يمكن أن يتصوره مجتمع متقدم تقنيا ومفهوميا واقتصاديا. وللأسف، عدد ممن كان بالأمس ضحية هذا الطاعون يبدو اليوم كأنه الشريك في الجريمة أو الموجه لها ضد أقليات محددة يُخشى تشكلها كجاليات سياسية ومدنية قادرة على الدفاع عن حقوقها، لتكون كبش المحرقة والضحية الفضلى.
بتنا نرى تحالفا قويا بين الفاشيين الأوروبيين وبين لوبيات الضغط الصهيونية ضد الإسلام والمسلمين الذين يصوَّرون باعتبارهم مصدر الشر وسبب البلاء. فتتسلط الأضواء عليهم في كل مرة عبر مدخل جديد لا يرقى إلى أكثر من تفصيل، لكن الجزء يعمم على الكل وتجرد الصورة من تفاصيلها ليُجتزأ المشهد إلى ما يراد له فقط أن يكون، ثم يأتي الإعلام ليقدمه كقراءة ملزمة يفترض أن تعمم وتفرض بالقوة عبر تدنيس الوعي وتلويث الرؤية.
العنصرية لا تعرف حدودا في شيطنة الآخر. وكما كان اليهود والغجر وغيرهم ضحايا للنازية، يعاني الغجر وذوو الأصول الأفريقية مما تعانيه الجاليات المسلمة في أكثر من بلد أوروبي.
فثلاثية الغجر والسود والسمر باتت الموضوع المفضل لغياب الأمن وزيادة الجريمة والانحراف والهجرة السرية.. إلخ.
أما التزام الصمت على من يشيعون البغضاء والتفرقة بين الشعوب فليس مجلبة للضرر على المستهدفين فقط، وإنما يطال بنصاله الجميع. ففي الزمن الرديء تضرب البلية المجتمعات دون انتقاء عندما تتدحرج القيم من أعاليها وتفقد وظيفتها ككوابح لجنوحات الغرائز.
لذا دقت نواقيس الخطر منذ وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، لتؤكد كل مواثيق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن أي مذهب يقوم على التمييز أو الاستثناء أو التقييد أو التفضيل أو التفوق على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الإثني، يعتبر « مذهبا خاطئا علميا ومشجوبا أدبيا وظالما وخطرا اجتماعيا ». وإذا كان لا يغيب عن المواثيق والإعلانات الدولية والإقليمية شجب وتجريم العنصرية، فهناك نقاط رمادية حتى اليوم في ما يمكن تسميته بالعنصرية الثقافية وأخرى في مستوى التجريم والملاحقة القانونية.
وحيث لا توجد التزامات قانونية دولية للمحاسبة في هذه القضية بنفس المستوى المتعلق بجريمة التعذيب مثلا، فالمعركة الحقوقية والقانونية على أشدها لانتزاع مواقف ملزمة لأصحاب القرار وكرسي القضاء من أجل المحاسبة الصارمة.
على سبيل المثال، أدينت فرنسا قبل خمس سنوات من قبل لجنة مناهضة العنصرية في الأمم المتحدة، لكن بدا ذلك دون جدوى، حيث تكرر الأمر هذا العام وعادت اللجنة لتحذير سلطات هذا البلد من التمادي في الانحراف عن التزاماته الدولية بحقوق الإنسان.
وهذا الأمر نبه إليه مفوض مجلس أوروبا لحقوق الإنسان أيضا وأطراف دولية عدة، كما لفتت منظمات غير حكومية وأحزاب يسارية النظر إلى تصاعد الحوادث العنصرية المرتبطة بظاهرة الخوف من الإسلام والترتيبات المتخذة ضد أقليات عرقية، وأنزلت الآلاف إلى الشوارع في مظاهرات حاشدة، وشلّت حركة البلد بالإضرابات.
فتحت مبرر القيام « بإصلاحات » ومواجهة أوضاع خاصة، تُستهدَف هذه الأقليات الدينية والعرقية بقرارات أو توصيات تحرم البعض من الجنسية بذرائع أمنية أو جرمية، وتمنع البعض الآخر من التصويت، وتفرض القيود على التنقل، وتستبعد آلاف الأطفال من التعليم، وتعمد إلى الترحيل القسري للمئات، كما تلجأ إلى ما يعتبر أسلحة تدمير للمواطنة والكرامة الإنسانية.
للأسف، هذه الإجراءات التي تقتات من تهييج العواطف على حساب إعمال العقل، تتنامى على حساب قيم الجمهورية وكل ما تبقى من إعلان حقوق الإنسان والمواطن والثورة الفرنسية.
فالمادة 16 من دستور 1958 في فرنسا الذي يعلن تمسكه بحقوق الإنسان، أتاحت لرئيس الجمهورية الحق في اتخاذ الإجراءات الاستثنائية عند الضرورة. وهذا ما يتم الآن باسم أمن الوطن، لكن بانتهاك فاضح لأولى مواد الدستور الفرنسي نفسه التي ترفض أي تمييز بين المواطنين على أساس الأصل أو اللون أو المعتقد. وإذا استمر الأمر بالتراجع على هذا المنوال لكون الحبل على الجرار عبر التحضير لما يسمى « إصلاحات » قبيل الانتخابات الرئاسية، فقد تصبح أطروحات مبادئ حقوق الإنسان مجرد وجهة نظر في أعرق الديمقراطيات.
هذه القوانين الاستثنائية التي تتتابع متجاوزة برعونتها التوجهات الأوروبية في هذا الشأن، لا تقتل الحريات وتجهز على مبادئ وقيم الجمهورية فقط، وإنما تحوّل الأنظار بالأخص عن مشاريع القوانين التي تضرب حقوق العمال والكادحين، وعن السياسات التي تؤثر سلبا على ملايين البشر بسبب وضعهم الاجتماعي أو أصلهم، في وقت تزكم الأنوف فيه رائحة فضائح سرقة المليارات من أقلية تنعم بمكاسب حرام.
هذا غيض من فيض مما يشهده الواقع اليوم حول جمع اليمين الأوروبي أصواته بالضرب على وتر الهجرة واتباع سياسات إبعاد ومضايقات طالبي اللجوء سنويا. ومع أن كلفة إبعاد المهاجر غير الشرعي تصل إلى 27 ألف يورو، جرى في السنة الماضية طرد ما لا يقل عن 29 ألف أجنبي على سبيل المثال من فرنسا، وذلك رغم أن المفوضية الأوروبية تدعو إلى اتباع سياسة استيعاب لمليوني مهاجر كل سنة في أوروبا، لكون التقديرات تشير إلى نقص خمسين مليون عامل بعد نصف قرن من الآن، بما سيسبب حدوث أزمة عمل ونقصا ديمغرافيا كبيرا.
أولى خطوات مقاومة العنصرية تكمن في رفض منطقها التمييزي ومواجهته بالتعاون بين كل الأطراف من مختلف الأصول والعقائد والثقافات ضمن جبهة عريضة موحدة تعمل على تفكيك منهجها في العقول وانتزاع انتصارات فعلية على الأرض.
كذلك، من أجل تنظيم حركة البشر وحماية الجماعات المستضعفة، يجب الشروع جديا -بعد المحاولات الفاشلة حتى اليوم- في تشكيل مؤسسة دولية فاعلة من كل الأطراف المعنية (مسؤولين من البلدان المصدرة والمستقبلة وممثلين عن المهاجرين أنفسهم)، يُعهَد إليها أمر إدارة هذه الثروات البشرية المتنقلة، وذلك انطلاقا من احترام حقوقها والاستفادة من طاقاتها وخبراتها، وتعريفها بما لها وما عليها وبظروف البلد المقصود، وتقريب الصورة المنسوجة في مخيلتها عن الحقيقة على الأرض، وكذلك تجنبا للمفاجآت وإهدار الوقت والمال بعد خسارة الأهل والوطن، وكي لا يبقى مصير المهاجرين رهن هذا النوع من السياسيين في بلدان الاغتراب. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 16 سبتمبر 2010)
تقرير فرنسي يرصد انتهاء هيمنة الغرب
عبد الله بن عالي-باريس اعتبر التقرير السنوي لعام 2011 الذي يصدره المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، أن ما أسماها الهيمنة الغربية على العالم « تصل الآن إلى نهايتها » بفعل صعود قوى دولية جديدة كالصين والهند والبرازيل، متوقعا أن تكون منطقة الشرق الأوسط مسرحا لمواجهة مستقبلية بين الفاعلين الدوليين الأساسيين. ورجح محررو التقرير فشل الجهود الغربية الرامية إلى منع إيران من امتلاك القدرة على صنع سلاح نووي.
وقال مدير المعهد تييري دو مونبريال أثناء مؤتمر صحفي عقده أمس في باريس لتقديم التقرير، إن كل المؤشرات التي رصدتها مؤسسته خلال عامي 2009 و2010 تؤكد ميلاد عالم متعدد الأقطاب بفعل انحسار نفوذ الولايات المتحدة والدول الغربية عموما، وظهور قوى عالمية جديدة كالصين والهند والبرازيل وتركيا وعودة روسيا كفاعل دولي أساسي.
وأضاف دو مونبريال في مقال مطول استهل به التقرير الذي حمل عنوان « عالم ما بعد الهيمنة الأميركية »، أن بداية القرن الحادي والعشرين تميزت بظهور تعدد وتباين غير مسبوق في مراكز القوة الدولية، مشيرا إلى أنه « منذ فجر الأزمنة الحديثة ظل الأوروبيون ثم من اعتدنا على تسميتهم بالغربيين، يديرون العالم.. هذه السيطرة كانت عبارة عن دورة تاريخية من خمسة قرون تصل الآن إلى نهايتها ».
ورجح أن تتصدر الصين القوى العالمية بعد عقدين من الآن، مشيرا إلى أن المقارنة بين أداء الاقتصادين الأميركي والصيني تسمح بهذا « الاستنتاج »، إذ إن الصين -على حد قول الباحث- « تسجل منذ ثلاثين عاما نموا اقتصاديا مرتفعا يقدر سنويا بـ10%، بينما تعرف الولايات المتحدة تفاقما مطردا في الدين العام ولا يتوقع أن تتجاوز نسبة النمو فيها 4% ».
ويعتقد الخبير الإستراتيجي أن انتقال الريادة العالمية إلى الصين من الولايات المتحدة قد لا يلحظ إلا بعد سنوات طويلة من حدوثه فعليا، مدللا على صحة رأيه بكون الولايات المتحدة نفسها بدأت في انتزاع الهيمنة العالمية من بريطانيا إبان حرب الانفصال الأميركية (1865-1861)، « إلا أن هذا التداول بين القوتين لم يصبح جليا إلا بعد خمسين عاما من ذلك التاريخ ».
وقال دو مونبريال إن الحدث الذي كشف تفوق دور واشنطن على مكانة لندن هو تخفيض قيمة الجنيه الإسترليني بنسبة 40% يوم 21 سبتمبر/أيلول 1931. مواجهات محتملة ولم يستبعد التقرير أن يتطور التنافس بين القوى الدولية القديمة والجديدة، إلى مواجهة في بعض بؤر التوتر العالمية وخاصة في شرق آسيا (كوريا وتايوان) وإقليم كشمير والشرق الأوسط.
وفي هذا الصدد قال دو مونبريال « حدسي يوحي بأن اختبارا كبيرا سيحدث في الشرق الأوسط عاجلا أم آجلا، لأن هذه المنطقة ملتقى الانفعالات والمصالح الملموسة التي تعطيها طابعا حيويا في أعين كل الممثلين الكبار في الملهاة أو المأساة الإنسانية ».
ويرى التقرير أن الولايات المتحدة فشلت في إحلال السلام بهذه المنطقة، كما أخفقت في إعادة تشكيل خريطتها السياسية، مؤكدا أن اجتياح العراق عام 2003 مثل في نفس الوقت « لحظة التوسع القصوى للقوة الأميركية وإيذانا بانحطاطها.
وأبرز محررو التقرير غياب أي دور عربي في المنطقة التي اعتبروا أنها غدت ساحة للتنافس بين ثلاث قوى إقليمية غير عربية هي إسرائيل وتركيا وإيران، ورجحوا أن تتمكن طهران -رغم الاعتراضات الغربية- من الوصول إلى « العتبة النووية » التي عرّفها التقرير « بالقدرة على إنتاج أسلحة نووية فور اتخاذ قرار بذلك ». (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 16 سبتمبر 2010)
دراسة: تركيا تفضّل الشرق على الغرب
قالت صحيفة غارديان البريطانية إن تركيا ترى على نحو متزايد أن خدمة مصالحها تكمن في تعزيز تعاونها مع بلدان الشرق الأوسط وأنها لا تأبه كثيرا باحتمال امتلاك إيران الأسلحة النووية, وذلك وفقا لاستطلاع للرأي نُشرت نتائجه أمس وعكس كذلك اتساع الهوة بين أنقرة والعالم الغربي.
فقد أظهر مسح أجرته المؤسسة الأميركية « صندوق مارشال الألماني » تنامي مشاعر الاستياء بين الأتراك من عدم إحراز تقدم نحو انضمام بلدهم للاتحاد الأوروبي, كما عكس نفورا شعبيا قويا في أوساط الألمان والفرنسيين إزاء انضمام تركيا لهذا الاتحاد.
وتحاول هذه الدراسة السنوية سبر التوجهات عبر جانبي الأطلسي، وقد أجريت في 11 دولة من الاتحاد الأوروبي إضافة إلى تركيا والولايات المتحدة الأميركية. ويرى 20% من الأتراك -حسب هذا المسح- أن دول الشرق الأوسط هي التي يجب أن تكون شريكهم الأساسي, في حين لم تزد نسبة من يفضلون دول الاتحاد الأوروبي على 13%, مما يعني أن نسبة الأتراك الذين يؤيدون الانضمام لهذا الاتحاد تقلصت إلى النصف مقارنة بالعام الماضي، وزادت نسبة من يرغبون منهم في مزيد من التعاون مع دول الشرق الأوسط بالضعف.
وعبرت صحيفة غارديان عن اعتقادها بأن التحول الذي عكسته هذه الدراسة ربما يعود لبعض التطورات التي حدثت في الفترة الأخيرة.
وأشارت الصحيفة إلى الاتفاق النووي الذي أبرمته أنقرة مع طهران في مايو/أيار الماضي وتصويت تركيا ضد فرض عقوبات على إيران, الأمر الذي عكس سياسة تركية إقليمية أكثر قوة واستقلالية وبعث على القلق في العواصم الغربية. وأضافت غارديان أن إغارة قوات خاصة إسرائيلية في نفس الشهر على قافلة مساعدة تركية متوجهة إلى غزة (أسطول الحرية) زادت الطين بلة ورسخت بشكل أعمق الاختلاف التركي الغربي بشأن نزاعات الشرق الأوسط.
وتلاحظ الدراسة أن تركيا « تتحرك بشكل مؤكد تقريبا فيما يخص سياستها الخارجية باتجاه يصعب أكثر فأكثر التنبؤ به », مشيرة إلى أن الرأي العام التركي يعكس « تركيز أنقرة الجديد على الشرق الأوسط ».
وعلى النقيض من ذلك يبدو أن تأييد الأتراك للانضمام للغرب ينزف بشكل متزايد, إذ تراجع هذا التأييد خلال السنوات الخمس الأخيرة –حسب الاستطلاع- من النصف إلى 38%, في حين لم تعد نسبة الأتراك الذين يعتقدون أن بلدهم سينضم يوما ما للاتحاد الأوروبي تزيد عن الربع.
ويرى ربع الأوروبيين الذين استطلعت آراؤهم أن تركيا ينبغي أن تنضم للاتحاد الأوروبي, لكن تلك النسبة لا تتجاوز 16% بين الفرنسيين والألمان.
وعلى الرغم من ذلك, فإن نصف الأوروبيين المستطلعة آراؤهم يعتقدون أن تركيا ستنضم للاتحاد سواء رضوا بذلك أم لم يرضوا, لكن لا يعتقد أن ذلك أمر جيد سوى ربع من استطلعت آراؤهم.
وتعليقا على هذه النتائج أعربت مفوضة الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية كاثي آشتون عن صدمتها, خصوصا أنها أمضت جل عطلة نهاية الأسبوع الماضي تحاول إقناع أنقرة بالانخراط مع الاتحاد كـ »شريك إستراتيجي » في قضايا السياسة الخارجية الإقليمية.
أميركا وإيران
من ناحية أخرى, أظهرت الدراسة الحالية أن لدى الأتراك عقلية عداء ثابتة تجاه الأميركيين على الرغم من تقلد الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما زمام الأمور, إذ رغم ما يحظى به أوباما من تأييد في أوساط الأوروبيين لا تتجاوز نسبة تأييده بين الأتراك 28% بعد أن كانت 50% العام الماضي.
وبشأن البرنامج النووي الإيراني, أظهرت الدراسة اختلافا جذريا بين النظرة التركية والنظرة الأميركية الأوروبية, فقد أعرب أربعة من كل خمسة أوروبيين وعدد أكبر من الأميركيين عن قلقهم من امتلاك إيران سلاحا نوويا, مقارنة بـ39% من الأتراك.
كما أيد اثنان من كل ثلاثة أميركيين و43% من الأوروبيين توجيه ضربة عسكرية لإيران كخيار أخير, في حين لم تزد نسبة تأييد ذلك بين الأتراك عن 13%, بل إن أكثر من نصف الأتراك قالوا إنهم لا يعارضون امتلاك إيران السلاح النووي. المصدر:غارديان (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 16 سبتمبر 2010)
أردوغان يؤكد قدرة طهران وأنقرة على إطلاق مبادرات سلام مشتركة
2010-09-16 أنقرة- قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الخميس إن تركيا وإيران قادرتان على إطلاق مبادرات مشتركة للسلام والاستقرار الإقليميين، فيما وصف النائب الأول للرئيس الإيراني محمد رضا رحيمي تركيا بأنها أفضل صديق لإيران في العالم. ونقلت وكالة أنباء الأناضول عن أردوغان قوله في منتدى الأعمال التركي الإيراني في إسطنبول ان تركيا وإيران دولتان تقعان في منطقتين إشكاليتين مثل الشرق الأوسط والقوقاز، وتحافظان على وجودهما كعنصري سلام واستقرار رغم مشاكل المنطقة والنزاعات. وأضاف: هناك مبادرات يمكننا إطلاقها معاً لضمان الرفاهية والسلام والاستقرار والثقة في المنطقة بأسرها، مشيراً إلى أن نجاحات تركيا وإيران خصوصاً على المستوى الاقتصادي من شأنها المساهمة في رفاهية المنطقة وسلامها. وتابع رئيس الوزراء التركي: مثلما نمثّل بوابة إيران المفتوحة على أوروبا، تمثل إيران لنا البوابة إلى آسيا، وشدد على ضرورة التعاون والتضامن بين البلدين. ومن جهته تعهّد رحيمي بأن بلاده ستزيل جميع العقبات في وجه قيام مشاريع أعمال مع تركيا. وقال: قد تواجهون مشاكل من وقت إلى آخر في إجراء مشاريع معنا ولكن هذا الأمر غير مقصود.. أرجو ألاّ تشعروا بالأذى إذا واجهتم أية مشاكل في إيران. وبأمر من الرئيس محمود أحمدي نجاد سنزيل كل العقبات. وأضاف: ليس لدينا صديق كتركيا في العالم اليوم. وأشار إلى أن تركيا وإيران وافقتا خلال زيارة أردوغان إلى طهران على رفع حجم التجارة بينهما إلى 30 مليار دولار. وبدوره أوضح وزير التجارة التركي ظافر شغاليان في المنتدى أن حجم التجارة بين البلدين ارتفع في الأشهر السبعة الأولى من العام 2010 بنسبة 86% عما كان عليه في الفترة ذاتها من العام السابق. وتوقع أن يعود حجم التجارة المشتركة في العام 2011 إلى مستوى ما قبل الأزمة الاقتصادية في العام 2009، مشيراً إلى انه بلغ 2.3 مليار دولار عام 2002 ،و11 مليار دولار عام 2008 قبل أن يهبط إلى 5.5 مليار في العام الماضي بسبب الأزمة الاقتصادية. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 16 سبتمبر 2010)
Home – Accueil – الرئيسية