الخميس، 14 أغسطس 2008

TUNISNEWS
8 ème année,N°3005 du 14.08.2008
 archives : www.tunisnews.net 


حــرية و إنـصاف:أحكام قاسية  ضد زكية الضيفاوي وزملائها
حــرية و إنـصاف:أخبار الحريات

الرابـــــطة التـــــونسية للــــــدفاع عن حــــقوق الإنــــسان :  بيـــــــــــــــــــــان

 

السبيل أونلاين: منظمات حقوقية تطالب فرنسا بالتدخل لوقف الإنتهاكات بتونس

الصباح: المؤتمر الثامن ل ح د ش :مواعدة يحبس أنفاس المؤتمرين بعدم إعلانه الترشح..المحسني في انتظار «هدية»

الحزب الديمقراطي التقدمي ورئاسية 2009

عمال ‘سوتالكو’ في إضراب متواصل منذ شهر.. ولا حلّ في الأفق

يو بي أي: تونس تُعين سفيرا في الدوحة بعد قطيعة دامت نحو عامين

رويترز: نمو الاستثمارات الأجنبية المباشرة في تونس 43% في 6 أشهر

رويترز: تونس تشتري قمحا أقل من يناير الى مايو 2008

الصباح:: الموارد المالية للأسرة غير كافية حسب 52% من المتزوجين

الصباح: تراجع في معروضات الخضر والغلال… فهل هو احتكار أم تحسّب لرمضان؟

الرأي: ‘أمانة الأوقاف’ تستعرض إنجازات الكويت الوقفية في تونس

رويترز: مهرجان الحمامات الدولي بتونس يكرم يوسف شاهين

د ب أ: تونسي « مخمور » يقتل زوجته الحامل في شهرها السابع خلال حفل زفاف

قناة المستقلة: حوار مع السيد محمد الغرياني مستشار الرئيس التونسي وعضو اللجنة المركزية للحزب الحاكم

خولة الفرشيشي : بأي حال عدت يا عيد؟

خولة الفرشيشي : كيف حال المرأة التونسية في يوم عيدها ؟

النفطي حولة :13: تضامنا مع الإخوة الأساتذة النقابيين المحالين على مجالس التأديب

إسلام أونلاين: حوار مع الباحث والمحاضر في جامعة وستمنستر  رفيق عبد السلام: الفقهاء عرفوا التمييز بين الديني والسياسي (1)

السبيل أونلاين :محمد شمام يدعو الى محاكمة للاحداث وفق المنهج القرآني ( 5 )

برهان بسيس: البعد الآخر : خمسون …

عبد السّلام بو شدّاخ :حوار الطرشان وصمت الأموات بين السلطة والمعارضة (الجزء الثاني)

احميدة النيفر: حدود… نحن «بيضاويون» مَن منكم «مدريديون»؟

محمد العروسي الهاني: اقتراحات حول تركيبة المجلس الأعلى للمقاومين وكبار المناضلين

مراد رقية : مغازة شامبيون والمفاوضات الاجتماعية،من المستفيد من افتتاح المغازة البطلة؟؟؟

سالم الحداد:  الاتحاد من أجل المتوسط: :   حرب المشاريع أم توزيع للأدوار؟

طارق الكحلاوي : استعادة روسيا ثقتها السوفييتية


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To readarabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين تتواصل معاناتهم ومآسي عائلاتهم وأقربهم منذ ما يقارب العشرين عاما بدون انقطاع. نسأل الله لهم  وللمئات من الشبان الذين تتواصل حملات إيقافهم منذ أكثر العامين الماضيين فرجا قريبا عاجلا- آمين 

 

21- هشام بنور

22- منير غيث

23- بشير رمضان

24- فتحي العلج 

 

16- وحيد السرايري

17- بوراوي مخلوف

18- وصفي الزغلامي

19- عبدالباسط الصليعي

20- الصادق العكاري

11- كمال الغضبان

12- منير الحناشي

13- بشير اللواتي

14- محمد نجيب اللواتي

15- الشاذلي النقاش

6-منذر البجاوي

7- الياس بن رمضان

8-عبد النبي بن رابح

9- الهادي الغالي

10- حسين الغضبان

1-الصادق شورو

2- ابراهيم الدريدي

3- رضا البوكادي

4-نورالدين العرباوي

5- الكريم بعلوش


نقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 14/08/2008 الموافق لـ 12 شعبان 1429

أحكام قاسية  ضد زكية الضيفاوي وزملائها

 

قضت المحكمة الابتدائية بقفصه اليوم الخميس 14/08/2008  بــ 8 أشهر سجنا نافذة على المناضلة السياسية السيدة زكية الضبفاوي عضو  حزب   »  التكتل من أجل العمل و الحريات  » و عضو الفرع الجهوي بالقيروان للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان و عضو جمعية مناهضة التعذيب و عضو اللجنة الجهوية لهيئة 18 أكتوبر بالقيروان . و على كل من المناضلين -عبد العزيز أحمدي (أستاذ) ، معمّر عميدي (معلم) ، فوزي الماس (تقني بشركة فسفاط قفصة) ، عبد السلام الذوادي (أستاذ) ، -نزار شبيل (عامل يومي) ، -كمال بن عثمان (أستاذ) بــ 6 أشهر نافذة. و حرية و إنصاف تعتبر أن هذه المحاكمة ظالمة و جاءت لإسكات الأصوات الحرة و المنادية بحق هذا الشعب في حياة حرة و كريمة. ترى أن أحداث الحوض ألمنجمي كان يمكن أن تعالج يشكل حضاري و بتوزيع عادل للثروة لا ان تنصب لها  محاكم يزج فيها بعشرات من المواطنين الأبرياء في السجون . عن المكتب التنفيذي للمنظمة الكاتب العام زهير مخلوف  

أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 14/08/2008 الموافق لـ 12 شعبان 1429 أخبار الحريات    
قامت قوات الأمن بايقافات مكثفة و ذلك منذ يوم السبت 09/08/2008 ببرج العكارمة بمدينة المظيلة على خلفية الاضراربحافلة شركة فسفاط قفصة . عن المكتب التنفيذي للمنظمة الكاتب العام زهير مخلوف

الرابـــــطة التـــــونسية للــــــدفاع عن حــــقوق الإنــــسان

La Ligue Tunisienne pour la défense des Droits de l’Homme  تونس في 14 أوت  2008

                                              بيـــــــــــــــــــــان                                                       
 
أصدرت المحكمة الابتدائية بقفصة اليوم الخميس 14 أوت 2008 حكما يقضي بسجن السيدة زكية الضيفاوي عضوة الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان وعضوة المكتب السياسي للتكتل الديمقراطي للعمل والحريات بالسجن مدة ثمانية أشهر فيما قضت بالسجن مدة ستة أشهر على كل من السادة فوزي للماس ومعمر عمايدي و عبد العزيز احمدي وعبد السلام ذوادي وكمال بن عثمان ونزار شبيل ، بعد أن أحيلوا أمامها بحالة إيقاف بتهم  » تعطيل حرية الجولان بالسبل العمومية والإضرار بملك الغير والعصيان الواضح من أكثر من عشرة أشخاص وهضم جانب موظف حال مباشرته لوظيفه والتعدي على الأخلاق الحميدة والآداب العامة ورمي مواد صلبة على عربات الغير وإحداث الهرج والتشويش بالطريق العام  » . وكان المحكوم عليهم السبعة ،وهم خمسة أساتذة بالتعليم الثانوي  ومعلم تطبيق ومكون في الكهرباء متعاقد مع معتمدية الرديف، أوقفوا يوم 27 جويلية الماضي بمدينة الرديف بعد مشاركتهم في مسيرة  نظمها سكان المدينة للمطالبة بإطلاق سراح الموقوفين اثر الأحداث التي شهدتها منطقة الحوض المنجمي خلال الأشهر الاخيرة. وقد أكدت زكية الضيفاوي تعرضها للتهديد بالاغتصاب طيلة بقائها بمخافر الشرطة وخاصة من قبل المدعو محمد اليوسفي رئيس فرقة الإرشاد بقفصة ، كما أكد بقية المتهمين تعرضهم للتعذيب الفظيع على يد نفس الشخص وغيره من الأعوان الذين باشروا الإيقاف والاستنطاق لإجبارهم على التوقيع على محاضر ملفقة لم يطلعوا حتى على مضامينها. وقد شهدت المحكمة حضور عدد هام من النشطاء السياسيين والحقوقيين والنقابيين .ومن جملة أربعة وثلاثين محاميا أعلنوا نيابتهم عن المتهمين ترافع  سبعة عشرمحاميا، منهم خاصة  العميد عبد الستار بن موسى والأساتذة  رضا الرداوي و علي كلثوم محمد جمور و عبد الرؤوف العيادي ومحمد عبو ومنذر الشارني وسعيدة قراش وفوزي المقدم وشكري بلعيد وخالد الكريشي والناصر العويني. والهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان إذ تعبر عن تعاطفها ومساندتها للمحكوم عليهم فإنها تطالب بإطلاق سراحهم فورا والتحقيق في ما نسبوه من تعذيب بدني و معنوي لعدد من  أعوان الأمن وخاصة المدعو محمد اليوسفي وإحالة من تثبت مشاركته في تلك الأفعال الإجرامية أمرا أو تنفيذا .كما تطالب باطلاق سراح كل الموقوفين والمحاكمين على خلفية أحداث الحوض المنجمي ومعالجة القضايا الاجتماعية العالقة بالتشاور مع مختلف الأطراف وخاصة أولائك الذين كان لهم دور بارز في تأطير الاحتجاجات الاجتماعية وبقائها على طابعها السلمي، و تنبه مرة أخرى إلى خطورة المعالجة الأمنية وعدم جدواها.   عن الهيئــة المديــرة الرئيـــس                                                                                             
المختـار الطريفـي
  21، نهج بودلير – العمران – 1005 تونس – الهاتف : 71.280596 – الفاكس : 71.892866                          ltdhcongres6@yahoo.fr البريـــــد الإلكترونــي                                   


منظمات حقوقية تطالب فرنسا بالتدخل لوقف الإنتهاكات بتونس

 

السبيل أونلاين – تونس وقعت اربع منظمات حقوقية رسالة وجهتها الى كاتبة الدولة الفرنسية الملفة بحقوق الانسان راما عياد , تطالبها فيها بالتحرك تجاه الأوضاع المتردية لحقوق الإنسان في تونس . ووقع الرسالة كل من رئيس الرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان « جون بيير ديبوا » , و رئيسة جمعية العمال المغاربة في فرنسا فوزية مقصود , و رئيس فدرالية التونسيين من اجل مواطني الضفتين نور الدين شربيب, وكمال الجندوبي رئيس لجنة احترام الحريات وحقوق الإنسان في تونس . وخاطب المقعون على الرسالة كاتبة الدولة الفرنسية , حول الأوضاع المتردية في الحوض المنجمي بجهة قفصة بالجنوب التونسي والتى شهدت تحركات اجتماعية واسعة , نتج عنها انتهاكات لحقوق الإنسان , كإعتقال المواطنين والنشطاء النقابيين , وممارسة التعذيب والمحاكمات الغير عادلة . واكدت المنظمات الحقوقية المذكورة أن السلطة التونسية تحاول وقف التعاطف مع أهالى الحوض المنجمي , الذين وجدوا مساندة من الجالية التونسية بمدينة نانت الفرنسية , وقد أوقف يوم 01 اوت 2008 المواطن بلحسن بالخيري البالغ من العمر 29 عاما , أصيل منطقة الرديف ومقيم بمدينة نانت الفرنسية والذى شارك في تظاهرة ساندت مواطني الحوض المنجمي , في ميناء حلق الواد لدى عودته الى تونس , ووقع نقله الى مدينة قفصة , وعرض على المحكمة يوم 04 اوت , فأمر القاضي بإيداعه السجن بتهمة « تمويل العصيان المدني » وهي تهم جنائية يصل حكمها الى 20 سنة سجنا نافذة . وفي حين أن التظاهرة حدثت على التراب الفرنسي يلاحق بسسبها المواطن المذكور في تونس , وهناك حالات أخرى تعرض فيها اشخاص الى المضايقات الأمنية لدى زيارتهم تونس على خلفية مساندتهم لأهالى الحوض المنجمي . وطالبت الرسالة فرنسا بالتدخل لدى السلطات التونسية لوقف الإنتهاكات , وذكرت فرنسا بالموقف الغير متوازن الذى اتخذه رئيسها نيكولا ساركوزي لدى زيارته الأخيرة الى تونس والذى قال فيه بأن « مساحة الحرية في تونس تشهد تقدما » وهو بخلاف الواقع .   (المصدر : السبيل أونلاين , بتاريخ 14 اوت 2008)  


الصباح: المؤتمر الثامن لحركة الديموقراطيين الاشتراكيين: سيناريوهات… وتسريبات بشأن الأمانة العامة.. والغموض يهيمن على المؤتمرين مواعدة يحبس أنفاس المؤتمرين بعدم إعلانه الترشح.. المحسني في انتظار «هدية» وبولحية يراهن على انسحاب مواعدة

   

قمرت – الصباح: من صالح عطية:   لا يبدو أن حركة الديموقراطيين الاشتراكيين، خاضت مؤتمرا ساخنا في تاريخها مثل المؤتمر الثامن الذي تختتم أشغاله نهار اليوم باحد الفنادق بالضاحية الشمالية للعاصمة تحت شعار «بعد 30 سنة… حماية للمكاسب واستشرافا للمستقبل».. فإلى حد كتابة هذه الأسطر، ماتزال الصورة غير واضحة بقدر كبير لدى المؤتمرين الذين يناهز عددهم الـ241 نائبا… ويتعلق هذا الأمر بعديد المسائل ذات الصلة بالمستقبل التنظيمي والهيكلي والسياسي للحركة بدءا بهوية الأمين العام القادم، ومرورا بتركيبة المجلس الوطني المرتقب ووصولا الى عضوية المكتب السياسي المنتظر..   الحقيقة، ان موضوع الأمين العام القادم للحركة، هيمن على عقول المؤتمرين بشكل لافت منذ مساء اول امس والى حدود وقت متأخر من ليلة امس، حيث شهدت اروقة الفندق الذي تدور فيه اشغال المؤتمر، الكثير من الاجتماعات، سواء على جنبات المسبح او في غرف المؤتمرين او في قاعة الاستقبال، بل ان البعض اختار الخروج الى مدينة المرسى ليركنوا الى احد المقاهي وذلك في سياق القيام «بما يلزم» من الترتيبات واعداد السيناريوهات اللازمة لربح ما يسميه الكثيرون في المؤتمر بــ«معركة الأمين العام»..   ومما زاد في حرارة هذه الاجتماعات و«الترتيبات السرية»، عدم وضوح الرؤية بالنسبة للمرشحين للامانة العامة للحركة… فباستثناء السيد الطيب المحسني، عضو المكتب السياسي، الذي اعلن ترشحه قبيل انطلاق اشغال المؤتمر، لم يعلن السيد اسماعيل بولحية، الأمين العام الحالي للحركة عن ترشحه، كما لم يفصح السيد محمد مواعدة رئيس المؤتمر والأمين العام السابق للحركة، عن نواياه الحقيقية بشأن موضوع ترشحه من عدمه، الأمر الذي فتح باب السيناريوهات والتأويلات على مصراعيه، فيما اطلق البعض العنان لعديد الفرضيات..   فرضيات.. وسيناريوهات..   فقد روّج البعض بقوة لما يعرف بــ«الوفاق» للخروج من «مأزق» الأمانة العامة، ولعبت بعض الأسماء دورا بارزا في ذلك على غرار السيدين العروسي النالوتي والصحبي بودربالة بل ان السيد جلال الأخضر، عضو المكتب السياسي للحركة، والسفير التونسي في السينغال، عمل فيما وسعه لاقناع جميع الأطراف بالوفاق في اختيار اعضاء المكتب السياسي، و«نصح» الفاعلين في الحزب بانتخاب بولحية، امينا عاما للحركة، على اعتبار انه «رجل المرحلة المقبلة» حسب تعبيره، في إشارة الى الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2009.   غير ان «نصيحة» جلال الأخضر، لايبدو انها لقيت صدى ايجابيا لدى غالبية المؤتمرين، الذين رفضوا اعادة التجديد لبولحية تحت عنوان «رجل المرحلة»، على اساس ان لكل مرحلة رجالها، وان الاستحقاقات الانتخابية قد تعوّد عليها الحزب، وبامكان اي اسم قادم ان يلعب هذا الدور، حسب ما ردده الكثيرون لــ«الصباح»..   في نفس السياق، حاول البعض الاخر، تسويق فكرة اضطلاع بولحية بمهمة الأمانة العامة الى غاية خريف 2009، موعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية، ثم تقع الدعوة لمؤتمر استثنائي، يكون خلاله التداول على الامانة العامة… وهو السيناريو الذي رفضه عديد المؤتمرين، بل كان محل انتقاد شديد إلى درجة التهكم، من قبل رموز الحركة، على اعتبار أنها كانت اول من رفع شعارات التداول والديموقراطية و«الترشحات الجدية»، فيما هي اليوم تلتف على شعاراتها، وتقدم صورة سيئة عن فكرها السياسي وطبيعة مسؤوليها وهوية مناضليها..   بولحية.. و«التغيير»   من جهة اخرى، هيمن على عقلية اغلب المؤتمرين، شعار «التغيير» صلب الحركة، سواء تعلق الامر بالامانة العامة او بتركيبة المكتب السياسي.. بل ان هذا الشعار، لم يكن حديث الكواليس فحسب، بقدر ما ترجم في عديد التدخلات خلال النقاش العام.. وقال احد المؤتمرين الذي فضل عدم ذكر هويته في تصريح لـ«الصباح»، ان «التغييرات ضرورة ملحة في مستوى رأس القيادة، من اجل تغيير اسلوب ادارة الحزب، وطريقة تعاطيه مع الشأن الداخلي للحركة، ومع الوضع السياسي في البلاد».. وتحدث البعض الاخر في هذا السياق عن «ضرورة خروج الامين العام الحالي من الباب الكبير بوصفه مؤسسا ومنقذا للحركة»، وهي اشارة اخرى تستبطن الرغبة في التغيير على رأس هرم الحركة…   غير ان قسما اخر من المؤتمرين، يرى ان الامين العام الحالي، مايزال يحتفظ بدوره خلال المرحلة المقبلة.. وتفيد تسريبات المؤتمر واحاديث كواليسه، ان بولحية سيربح «معركة الامانة العامة»، حتى وان تم اللجوء الى صندوق الاقتراع.. وتدلل هذه التسريبات القريبة من الامين العام على ذلك، بتوفره على اغلبية قد تكون ساحقة لحسم التصويت وعملية الاقتراع، انطلاقا من توزع النيابات، حيث تتوفر «مجموعة بولحية» على اكثر من مائة صوت، فيما ان مجموعة مواعدة والمحسني، لا يتوفران ـ وفق هذه التسريبات ـ الا على مائة ونيف بل يتحدث بعضهم عن امكانية اختراق هاتين المجموعتين، وبالتالي حصاد النصيب الاوفر من الاصوات، والفوز ـ من ثمة ـ بالامانة العامة للحركة..   لكن عديد المؤتمرين، يطعنون في هذه التسريبات، ويصفونها بـ«المضخمة».. ليس هذا فقط، بل ان «تسريبات مضادة» تحدثت عن وجود كتلة بنحو 35 شخصا جيء بهم الى المؤتمر، وتم اسكانهم في غرف النواب (الذين ظل العديد منهم من دون غرفة)، وهي الورقة التي سيتم استخدامها خلال عملية التصويت لترجيح كفة الامين العام الحالي، الذي لا يبدو انه على علم بهذا السيناريو.. لكن مكتب المؤتمر ورئاسته تحديدا، نبهت المؤتمرين الى ان اية عملية تصويت سواء تعلق الامر بموافق خلال الجلسة العامة او انتخاب المجلس الوطني او المكتب السياسي، لن يتم الا بعد الاستظهار ببطاقة التعريف الوطنية وبطاقة النائب(Badge)، وذلك تجنبا لاي محاولة اختراق غير قانوني من شأنها ان تؤدي الى تزييف العملية الانتخابية..   «لغز» مواعدة   على ان «اللغز المحير» بالنسبة للمؤتمر، الى حدود مساء امس، هو موقف مواعدة من العملية الترشيحية للامانة العامة.. فالرجل لم يفصح عن نواياه الحقيقية، بل ان اجاباته كانت تفيد «نعم» وعكسها في نفس الوقت، فيما بدت مجموعته وانصار الطيب المحسني، اشد تعويلا على ترشحه، في ضوء سيناريو تم الاعداد له بشكل جيد قبيل المؤتمر وخلاله ايضا، يقضي بالتصويت لمواعدة، الذي يرى فيه عدد واسع من المؤتمرين، الرجل المناسب للمرحلة المقبلة.. ويبدو – حسب بعض المعلوات التي توفرت لـ«الصباح» – أن مواعدة، لا يريد الإعلان عن ترشحه بشكل فردي وإنما في سياق مطالبة الأغلبية من المؤتمرين بذلك، وهو الأمر الذي عكسته الجلستان العامتان ليوم أمس، حيث ناشده عديد النواب الترشح للأمانة العامة ومنافسة بولحية والمحسني، لكن مواعدة اكتفى بالصمت ومواصلة إدارة الجلسة بوصفه رئيسا للمؤتمر.   تسريب إضافي   ولم تقتصر بورصة المؤتمر عند هذا الحد من التسريبات… فقد شرع البعض مساء أمس في الترويج لسيناريو مفاده أن عملية التصويت – وبالتالي المنافسة على الأمانة العامة – ستنحصر بين مواعدة وبولحية، وأن فارق الأصوات لن يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة… ويحيل هذا التسريب على أرين أو هدفين اثنين:   * الأول، محاولة إحداث انقسام بين مجموعتي مواعدة والمسحني، لأن تحالفهما سيؤدي بالضرورة إلى تراجع بورصة بولحية..   وكانت المجموعتان عقدتا اجتماعات مكثفة خلال اليومين الماضيين خاصة، تم خلالها الاتفاق على سيناريو يكون فيه مواعدة مدعوما من الطرفين إذا ما ترشح، ويحصل الطيب المحسني على أصوات المجموعتين إذا ما  اختار مواعدة عدم الترشح.   * الثاني، استبعاد الطيب المحسني من دائرة المنافسة عبر اضعاف حظوظه ومحاولة صرف الأنظار عنه.   ولا شك في أن مهندسي هذه التسريبات، يبحثون بكل السبل والصيغ، الابقاء على حظوظ بولحية كاملة، خصوصا في ضوء اتساع رقعة الانتقادات الموجهة له خلال المناقشات  العامة التي تخللت المؤتمر وفي كواليس وأروقة الفندق.   موقف إيجابي   على أن الأمر الإيجابي في هذا المخاض الانتخابي الذي يعيشه المؤتمر الثامن لحركة الديموقراطيين الاشتراكيين، هو عدم «تدخل» أي طرف خارجي عن المؤتمر في الترشحات واتجاهات الأمور الانتخابية ، الامر الذي جعل المؤتمرين أمام هامش انتخابي واسع، بل جعل المؤتمر ذاته «سيد نفسه».   والسؤال المطروح بعد كل ذلك هو: هل يستجيب مواعدة لنداء المؤتمرين فيترشح للأمانة العامة، ويدخل في تنافس مباشر مع رفيق دربه، بولحية؟ أم يختار التفرج من المنصة الشرفية، بما يسمح للطيب المحسني الدخول في منافسة، لن تكون يسيرة مع بولحية؟ أم يختار مواعدة مساندة معسكر بولحية بما يضعف حظوظ المحسني؟ أم أن هذا الغموض في المواقف، سيؤدي في المحصلة إلى مأزق جديد للحركة، عبر انقسامها مجددا، مثلما يروّج البعض لذلك على سبيل التخويف من سيناريو إقصائي لمجموعة بولحية، وهو ما تكذّبه وقائع المؤتمر وكواليسه، من دون التقليل من الطابع الساخن لأشغاله أوصعوبة الاختيار الماثلة أمام المؤتمرين.؟؟   بوابة المجلس الوطني   تبقى إشارة مهمة في سياق الحديث عن أجندة المؤتمر، وتتعلق بانتخابات المجلس الوطني الذي سيكون البوابة لعضوية المكتب السياسي ومحددا لتركيبته، إلى جانب دوره الأساسي في اختيار الأمين العام القادم.. وهو ما يفسر درجة الحرارة المرتفعة التي شهدها المؤتمر مساء أمس، حيث ازدادت وتيرة التحالفات و«الميك ماك» الانتخابي بين توافق يضمن بالنسبة للبعض «نظام المحاصصة» في المجلس الوطني والمكتب السياسي، والتصويت الانتخابي (أو صندوق الاقتراع) بالنسبة لمن يأنس في ثقله الانتخابي.   ومن غير المستبعد أن تكون الساعات القليلة الماضية قد حسمت الأمر بين «أقطاب» المجموعات الممثلة للحركة..     ماذا في المناقشات العامة؟   قمرت/الصباح   كانت الجلستان العامتان ليوم أمس، مناسبة كشفت حقيقة التقييمات لقيادة الحركة بأمينها العام ومكتبها السياسي.. وعكست التدخلات المسجلة، صورة التحالفات والثقل  الانتخابي لكل مجموعة صلب الحركة..   فقد شهدت الجلسة الصباحية جدلا ساخنا امتد لنحو الساعة من الزمن، حول تقرير لجنة فحص النيابات التي اكدت الطعن المقدم لها بشأن فرع الحركة بحومة السوق (جربة) ونيابة المنصف سيالة في صفاقس، الى جانب قرارها تمكين محمد بركية من نيابة عن جهة صفاقس ايضا..   وبعد جدل قانوني وسياسي وأخلاقي، عرض الموضوع على التصويت، فاختار المؤتمرون تمكين محمد بركية والمنصف سيّالة بالنيابة في المؤتمر اعتبارا لأقدميتهما ونضالهما والمسؤوليات التي تقلداها في الحركة، فيما تم التصويت بالأغلبية برفض نيابتي فرع حومة السوق، وهو ما جعل  عدد نواب المؤتمر ينحصر في حدود 241 نائبا.   وعكست عملية التصويت تقدما واضحا لتحالف (مواعدة ـ المحسني)، فيما اظهر تراجع مجموعة بولحية التي لم تتمكن من مواجهة الموقف في أول امتحان لها في المؤتمر..   وعندما فسح المجال للنقاش العام، انبرى عديد المؤتمرين في محاسبة القيادة المتخلية..   انتقادات..   الهادي الغربي انتقد شعار المؤتمر الذي قال انه يتحدث عن مكاسب فيما نحن لا نلاحظ أية مكسب خلال السنوات الأربع الماضية.. واقترح شعار «الاصلاح والتغيير»، قائلا: «نريده تغييرا بنسبة ما.. وبأشخاص معينين».. ودعا الى انتخاب مجلس وطني ومكتب سياسي، «يشرفان» على حد وصفه..   وطالب المولدي البالغ بـ«صحوة ضمير» كي تستيعد الحركة دورها بصورة عملية بعيدا عن التنظير، معربا عن رفضه لمنطق المجموعات وعقلية الشخصنة صلب الحركة. وأشار يوسف بن علي الى ان المكاسب التي حققتها الحركة، تنحصر في الانقسام والتشرذم والتهميش والتناحر والانشقاق باسم الوفاق، واصفا المصالحة التي حصلت في عام 2004 بين اطراف الخلاف في الحزب بكونها «مغشوشة»..   وحمّل المكتب السياسي مسؤولية المشكلات التي تعيشها الحركة في الجهات، داعيا الى اعتماد صندوق الاقتراع لحسم الترشحات، وناشد مواعدة وبولحية، الترشح والتنافس على الأمانة العامة.   وانتقد علي البريكي المناخ في المشهد السياسي وعدم قبول المعارضة ومواقفها في البلاد، داعيا الى تشريكها الفعلي في صنع القرار السياسي..   ووجه الطيب بوملالة انتقادات لاذعة لقيادة الحركة سيما فيما يتعلق بادارة الحزب، داعيا الى توخي النهج الديموقراطي في حسم الترشحات..   من جهته انتقد محمد الصفاقسي بشدة غياب التقرير الادبي للمؤتمر، بعد ان اكتفى الامين العام الحالي بالقاء كلمة شفاهية، قائلا: «ان ذلك يعبر عن قلة احترام لقواعد الحركة ومناضليها ونواب المؤتمر»..   ودعا الى تغيير اسلوب الحركة وطريقة معاملاتها مع هياكلها الجهوية بصرف النظر عن الاسماء التي ستحظى بالفوز في المؤتمر..   واعتبر البشير السعيدي ان طمع المناضلين في مواقع بمجلس النواب وبالمجالس البلدية هو الذي ضيّع الحركة وأضعفها.   وانحصرت بقية المداخلات في جملة من الافكار والملاحظات من أهمها:   * أن توجهات الحركة وموقفها من الانتخابات الرئاسية تستدعي مراجعة عميقة قبل اصدار أي موقف رسمي..   * أن الحركة مدعوة الى اعادة النظر في مضمون مبادئها مثل الاشتراكية في ظل العولمة واقتصاد السوق..   * النقد الشديد الذي وجّه لصحيفة «المستقبل» الناطقة بلسان الحزب، بالنظر الى محتواها الذي وصف بكونه دون حجم الحركة وحقيقة مواقفها.   * رفض الاقصاء لأي طرف واعتماد توافق حقيقي بعيدا عن أي «تلفيق»..   * دعوة مواعدة والمحسني وبولحية الى تحمل مسؤولياتهم عبر الترشح للأمانة العامة والتنافس على ذلك.    صالح (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) بتاريخ 14 أوت 2008 )  


     

الحزب الديمقراطي التقدمي ورئاسية 2009

 
صادق مجلس النواب يوم الخميس 24 جويلية الماضي على مشروع القانون الاستثنائي الذي تقدم به رئيس الجمهورية والمتعلق بتنقيح الفقرة الثانية من الفصل 40 للدستور التونسي ، ويُمكّن هذا القانون الاستثنائي الترشح لرئاسة الجمهورية المسؤول الأول عن كل حزب سياسي رئيسا كان أو أمينا عاما أو أمينا أول لحزبه بشرط أن يكون المرشح قد وقع انتخابه لتلك المسؤولية منذ عامين على الأقل يوم تقديم ترشحه . وبموجب هذا القانون وعلى غرار رئاسية 2004  يكون قد قُطع الطريق نهائيا أمام المحامي أحمد نجيب الشابي للترشح لرئاسية 2009  ، و كما هو معلوم كان قد رُشح السيد نجيب الشابي لرئاسية 2009 في الليلة الفاصلة بين 9 و10 فيفري الماضي من قبل اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي التقدمي بعد أن تخلى طواعية عن الأمانة العامة للحزب في مؤتمر ديسمبر 2006 وذلك إرساء لسنة التداول على رأس المؤسسات الحزبية ، إذ  » لا يعقل أن تضل المسؤولية القيادية الأولى بيد واحدة في حزب جعل من التداول على الحكم ومن تحديد الولايات الرئاسية مطلبه الأول  » كما ورد على لسانه في الجلسة الافتتاحية للمجلس الوطني للحزب مساء 8 أفريل 2006 . جدير بالتذكير أيضا أن إعلان قرار ترشيح  الشابي للرئاسية المقبلة لقي مساندة واسعة ودعم داخلي منقطع النظير أسفر عن تشكيل هيئة مساندة  عرفت بهيئة  » النداء من أجل بديل ديمقراطي  » وتتألف من عدة شخصيات وطنية سياسية وحقوقية ونقابية ومستقلة ، إلا أن البرلمان التونسي لم يكترث بهذه الأصوات الداخلية ولا بالأصوات الخارجية المنادية بإتاحة الفرصة لكل الكفاءات التونسية للتنافس بشكل ديمقراطي بين برامج سياسية واجتماعية واقتصادية مختلفة مثلما ورد في الرسالة الموجهة لرئاسة البرلمان التونسي من قبل رئيس البرلمان الأوروبي السيد هانس جارت بترينغ بتاريخ 23 جويلية الماضي ، أي قبل موعد الجلسة الثانية للمصادقة النهائية بيوم واحد . رد فريق الحكم في تونس لم يقتصر على اللامبالاة فحسب وإنما أقام احتفال عيد الجمهورية هذه المرة ـ وعلى غير العادة ـ في مبنى البرلمان وهي رسالة واضحة للإتحاد الأوروبي مؤداها أنه لا رجعة عن قرارات مجلس النواب الذي يمثل سيادة الدولة و  » الشعب  » . بعد حوالي الأسبوع  انطلقت فعاليات مؤتمر  » التحدي  » للحزب الحاكم ليعلن فيه منذ الجلسة الافتتاحية عن ترشيح رئيسه لخماسية خامسة وهو ما ثمنه بعض قادة أحزاب المعارضة المقربة من السلطة . بهذا يكون قد اكتمل المشهد / السيناريو المنتظر للحزب الحاكم والأحزاب الدائرة في فلكه ، وفي المقابل تبقى الصورة يكتنفها الغموض بالنسبة للأحزاب المستقلة وعلى وجه الخصوص الحزب الديمقراطي التقدمي بعد أن تم إقصاء مرشحه نجيب الشابي . وفي علاقة بالسيناريوهات المحتملة التي سيتعاطاها هذا الحزب مع رئاسية 2009 يُفتح باب الاحتمالات في تقديرنا على ثلاث حالات ممكنة :   1) تمسك الحزب بمرشحه السيد نجيب الشابي  وهو ما يراه البعض حتى من داخل الحزب  » حرث في البحر » و  » مطاردة للسراب  » باعتبار القانون الاستثنائي أصبح واقعا وبالتالي يجب التعاطي معه بكل واقعية . غير أن المسألة في تقديرنا ليست بهذه السطحية والتجرد ، فقرار التمسك بنفس المرشح ما هو في نهاية المطاف إلا وجه من أوجه المقاطعة بعد أن وضع الحزب فريق الحكم أمام أمر الواقع وأمام امتحان حقيقي أقام به الحجة والدليل وأثبت بما لا يدع مجالا للشك  أن لا نية لهذا الأخير في القيام  بأي خطوات إصلاحية سياسية ، و رئاسية 2009 ستكون نسخة لسابقاتها يُنتقى فيها المنافس المناسب للرئيس الحالي و تنتفي فيها أبسط الشروط الدنيا للتنافس الحر والشفاف والنزيه على قاعدة البرامج السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، بل أن نتائجها معلومة قبل انطلاقها ولا يجادل في هذا حتى المعتوه . كما أن إقصاء / مقاطعة انتخابات رئاسية من طرف حزب كالديمقراطي التقدمي اقترن اسمه برئاسية 2009 في كل وسائل الإعلام الوطنية والدولية له بالتأكيد عميق الأثر السلبي على شرعيتها ونزاهتها ومصداقيتها ، وهو ما يضع فريق الحكم مجددا أمام امتحان آخر شديد الإحراج وهو امتحان الانتخابات التشريعية ، فإما أن  يتحلى هذا الأخير بشيء من الإرادة السياسية اللازمة  لإجراء  هذه الانتخابات في كنف الشفافية ووفق المعايير الدولية وهو ما يمكّن ـ ومن دون أدنى شك ـ الحزب الديمقراطي التقدمي من وضع موطأ قدم داخل قبة البرلمان ، وهذا الأمر من شأنه طبعا إعادة ثقة المواطن في العملية الانتخابية من جهة وإثبات  » حسن نية  » فريق الحكم أمام الرأي العام الدولي من جهة ثانية أن القانون الاستثنائي لم يوضع على المقاس ولا ينم عن أي نية مبيتة لإقصاء مرشح الحزب السيد نجيب الشابي … كما       يبرر لنا صناع القرار السياسي في بلادنا . و إما أن يتقوقع فريق الحكم على نفسه من جديد ويستمر في تطبيق نظام  » المقايضة حسب درجات الولاء  » وهو ما يعني إقصاء الحزب مرتين في نفس الدورة ليقع اقتسام الحصص البرلمانية  » بالتراضي  » بين الحزب الحاكم وباقي الأحزاب المعروفة  ــ والغريب أن بعض هذه الأحزاب غير معروفة بل هي أشباح أحزاب إن لم نقل أحزاب ميتة وبالرغم من ذلك نراها تحصد عشرات المقاعد فيما يخرج حزب كالديمقراطي التقدمي فارغ اليدين  !!!ــ   في هذه الحالة طبعا يصبح تشكي الأحزاب المستقلة من سياسة الملاحقة والإقصاء له مسوغاته الواقعية والعقلانية ويفتضح أكثر فأكثر زيف التعددية وواحة الديمقراطية وضعف المعارضة وقوة الحزب الحاكم ….. 2) ترشيح الأمينة العامة للحزب السيدة مية الجريبي لرئاسية 2009 وهي كما نعلم تتوفر فيها شروط القانون الاستثنائي  » الفقرة الثانية من الفصل 40 للدستور  » كما أن لها داخل صفوف الحزب من الاحترام والتقدير والقبول والحضور والفطنة والجدية ما يجعلها جديرة بتحمل هذه المسؤولية وأكثر، والحزب الديمقراطي التقدمي يزخر بمثل هذه الطاقات والكفاءات العالية . لا نعتقد أن هذا الممر الذي فتحه الحُكم للحزب بإمكانية ترشيح أمينته العامة هو مكافئة   » لسواد عينيه  » كما يقال وإنما هو رد على الإحراج بالإحراج ، بالأمس  أحرَج الحزب فريق الحُكم فهاهو اليوم يحاول عكس الهجوم بضرب قرار لجنته المركزية وإملاء شروط جديدة لم تكن في الحسبان وما على الحزب إلا الامتثال والاستجابة لهذه الشروط بل وعليه أن يسارع جاهدا ــ وقبل فوات الأوان ــ للبحث عنها في صفوف مناضليه حتى ولو كان من بينها الوزن وطول القامة ولون العينين …. المهم فريق الحكم يقترح والحزب يُبارك ثم ينفذ كما يحدث تماما في البرلمان وأحزاب الموافقة ، وهو يعتقد أن الديمقراطي التقدمي يلهث جريا دون مقاييس أو شروط وراء انتخابات معلومة النتائج سلفا ، بل قل وكأن هذا الحزب يسعى بكل السبل لإضفاء الشرعية على انتخابات كان مرشحه وزعيمه الأول أول المبعدين منها ….. 3) اِلتفاف الحزب بمعية الأحزاب الوطنية المستقلة حول مرشح ديمقراطي آخر تتوفر فيه شروط القانون الاستثنائي وهي حالة محصورة في شخص السيد أحمد بن إبراهيم الأمين الأول لحركة التجديد . الكل يتمنى ويحلم وينتظر اليوم الذي تتوحد فيه المعارضة المستقلة وتتجاوز فيه حالات التشتت والوهن المصابة به منذ عقود ، غير أن هذا الحلم سرعان ما يصطدم بواقع معقد ومتشابك المصالح ومتداخل المطامح ….. فالحزب الديمقراطي التقدمي مرتبط بشركاء في هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات والشيء نفسه بالنسبة لحركة التجديد مع المبادرة الوطنية من أجل الديمقراطية والتقدم ( التجديد ـ الاشتراكي اليساري ـ العمل الوطني الديمقراطي ) وهي تيارات تشترك في حساسيتها المفرطة تجاه الحركة الإسلامية الممثلة في 18 أكتوبر من طرف النهضة  . فهل تلتقي المبادرة الوطنية وهيئة 18 أكتوبر هذه المرة لتأسيس جبهة / تحالف أوسع يمكّن المعارضة من تجاوز خلافات الماضي وتسيير شؤونها بشيء من الإرادة في الحاضر والاستحقاق في المستقبل …؟ من الصعوبة بمكان الإجابة هذا السؤال بالإيجاب إذا ما أخذنا في الاعتبار التعاطي  » السلبي  » لبعض فرقاء  18 أكتوبر مع استحقاق 2009 لاسيما مع ترشيح أبرز رموزها الأستاذ نجيب الشابي ، وكذلك عدم استساغة القفز فوق الإمكانية المتوفرة للأمينة العامة للحزب السيدة مية الجريبي ….. في الختام نشير إلى أن الزعم بمسؤولية الحزب الديمقراطي التقدمي عن القطيعة مع السلطة لم يعد يصمد على المحك وبدأ يتهاوى أمام الأنظار، فالحزب لم يرفض يوما الجلوس إلى طاولة الحوار بل كان دائم الدعاية له ولم يتردد في الحضور لما وجهت له الدعوة للمشاركة في الجلسة الختامية للاستشارة الوطنية حول التربية والتكوين مطلع فيفري 2007 ، ولم يكن من فئة  » أحزاب الإنتظارية  » في تعاطيه مع الشأن السياسي بل كان دائم المبادرات الرامية لتعميق الحوار مع السلطة ولعل آخرها المبادرة المعلن عنها في ندوة 5 جويلية الماضي والمتعلقة باستحقاق 2009 إلا أن السلطة وكعادتها تعاملت معه بسياسة  » النعامة  » والصمت واللامبالاة لتُبقي على نفس مشاهد 1989 و1994 و1999 و2004 .                         ظاهـر المسعـدي

عمال ‘سوتالكو’ في إضراب متواصل منذ شهر.. ولا حلّ في الأفق

يتواصل إضراب عمال شركة ‘سوتالكو’ للخياطة عن العمل منذ شهر بسبب إحالتهم بطريقة غير قانونية على شركة أخرى تدعا شركة يحيا في اطار ما بات يعرف في تونس بنظام المناولة أوالسمسرة باليد العالمة. وفي اتصال مع الموقف قالت العاملات أن الاتحاد العام التونسي للشغل تعاطف معهن وتبنى مطالبهن قبل أن يتراجع ويعلن وقوفه إلى جانب صاحبة العمل. كما أكدن على أن التفقدية العامة للشغل تهاونت في الدفاع عن مطالبهن. ولم تنجح محاولتهن في عقد لقاء مع ربة العمل بحضور الاطارت الجهوية التابعة لولاية بنعروس. وأعربت الكاتبة العامة للنقابة الأساسية التابعة للمعمل عن استياء العاملات من طريقة تعاطي سلطة الإشراف مع مطالبهن إضافة إلى استيائها من طريقة طردهن التي تتنافى مع قوانين مجلة الشغل. وعلمت الموقف ان 40 عاملا وعاملة لم يتقاضوا أجورهم منذ أكثر من ثلاثة أشهر فيما لم يتقاضى آخرون منهم أجورهم منذ 6 أشهر. (المصدر: مراسلة خاصة بتاريخ 14 أوت 2008)


تونس تُعين سفيرا في الدوحة بعد قطيعة دامت نحو عامين

 
تونس / 14 اغسطس-اب / يو بي أي: عينت تونس اليوم الخميس سفيرا لدى دولة قطر،وذلك بعد قطيعة دامت نحو عامين بسبب أزمة مع قناة « الجزيرة » التي تبث برامجها من الدوحة. وقال مصدر رسمي إن الرئيس التونسي زين العابدين بن علي عين اليوم محمود القروي سفيرا فوق العادة ومفوضا للجمهورية التونسية بدولة قطر . ونقل عن الرئيس التونسي تأكيده خلال تسليمه السفير المعين اوراق اعتماده تشديده على » الأهمية التي يوليها لمسيرة علاقات تونس مع دولة قطر الشقيقة ،كما أوصى بالعمل على مزيد دعمها وتنويع مجالاتها خدمة للمصالح المتبادلة ». وكانت وزارة الخارجية التونسية قد أعلنت في السادس والعشرين من أكتوبر/تشرين الأول من العام 2006 أنها قررت إغلاق سفارتها في العاصمة القطرية الدوحة، وإنهاء تمثيلها الدبلوماسي في قطر، إحتجاجاً على ما وصفته بـ « حملة مغرضة مركزة تستهدف الإساءة لتونس »، تشنها فضائية الجزيرة القطرية. وإعتبرت الوزارة في بيان ، أن قناة الجزيرة « دأبت على مجافاة الحقيقة والموضوعية، في تعاطيها مع الشأن التونسي، مستهترة بأخلاق المهنة وبأبسط قواعدها. » وقالت أن تونس « قررت إنهاء تمثيلها الدبلوماسي في قطر وغلق سفارتها في الدوحة، رغم ما تكنه من مودة وتقدير لشعب قطر الشقيق « . وترافق صدور هذا البيان مع مغادرة السفير التونسي في الدوحة محمد سعد وكافة أفراد طاقم سفارته ،لتبقى السفارة التونسية بالدوحة مغلقة منذ ذلك التاريخ. غير أن قطر لم تسحب سفيرها من تونس،كما لم تغلق سفارتها،وزار أمير قطر تونس مرارا خلال تلك الفترة. يشار الى ان العلاقات بين تونس وقطر متطورة نسبياعلى الصعيد الاقتصادي ،حيث تساهم رؤوس أموال قطرية في عدة مشاريع سياحية ومالية في تونس.  

(المصدر: وكالية يو بي أي (يونايتد برس إنترناشيونال) بتاريخ 14 أوت 2008


نمو الاستثمارات الأجنبية المباشرة في تونس 43% في 6 أشهر

 

تونس (رويترز) – أظهرت إحصاءات رسمية يوم الخميس في تونس – التي تسعى لاجتذاب مزيد من الاستثمارات لدفع النمو الاقتصادي – أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة نمت بنسبة 43 بالمائة خلال النصف الأول من هذا العام. وقالت وكالة النهوض بالاستثمار الخارجي الحكومية ان الاستثمارات الأجنبية المباشرة قفزت الى 1.1 مليار دينار تونسي (912 مليون دولار) منذ بداية هذا العام وحتى شهر يونيو حزيران مقارنة بنحو 770.8 مليون دينار خلال نفس الفترة من العام الماضي. وارتفعت الاستثمارات في مجال السياحة والعقارات من 7.7 مليون دينار الى 166.4 مليون دينار. وتستهدف تونس التي اشاد البنك الدولي باصلاحاتها اجتذاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية خصوصا الخليجية لدعم المشاريع العقارية التي تجاوزت قيمتها 50 مليار دولار. ويقول خبراء ان استقرار النمو الاقتصادي والاستقرار السياسي والإصلاحات في تونس يساعد على اجتذاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية. وبلغت الاستثمارات في قطاع الصناعات التحويلية 211.8 مليون دينار اي بارتفاع تجاوز 56 بالمئة مقارنة بالعام الماضي. وتأمل الحكومة أن يمثل الاستثمار الأجنبي 26.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2016 ارتفاعا من 22.7 في المائة حاليا. (الدولار يساوي 1.206 دينار تونسي) (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 14 أوت 2008) 

تونس تشتري قمحا أقل من يناير الى مايو 2008

   

تونس (رويترز) – أظهرت بيانات رسمية يوم الخميس أن تونس وهي من أكبر مستوردي الحبوب في شمال افريقيا اشترت 546 ألف طن من القمح في الاشهر الخمسة الاولى من العام وذلك بانخفاض 18 في المئة عن الفترة ذاتها من السنة الماضية. وبحسب المعهد الوطني للاحصاء الذي تديره الحكومة تراجعت واردات القمح الصلد الى 175 ألفا و300 طن من 273 ألفا و100 طن في حين انخفضت مشتريات القمح اللين خمسة بالمئة الى 371 ألفا و200 طن. وقال مسؤولون ان تونس اشترت ما يكفي من القمح للوفاء بالطلب المحلي حتى يوليو تموز. غير أن قيمة مشتريات القمح الاجمالية قفزت الى 352.7 مليون دينار (292.4 مليون دولار) من 208.9 مليون دينار نظرا لارتفاع الاسعار في الاسواق العالمية. وتتوقع تونس حصد 1.7 مليون طن من الحبوب هذا الموسم. وكانت حققت مليوني طن في الموسم الماضي ارتفاعا من 1.6 مليون في 2006. وتحتاج تونس الى استيراد 600 ألف طن من القمح اللين على الاقل حتى مع وفرة المحصول المحلي.   (الدولار يساوي 1.206 دينار تونسي)   (المصدر: وكالة رويتزللأنباء بتاريخ 14 اوت 2008)


في دراسة حول التصرف في الدخل الأسري:  الموارد المالية للأسرة غير كافية حسب 52% من المتزوجين

   

تونس – الصباح: كشفت النتائج الأولية لدراسة جديدة أجراها مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة (الكريديف)  على عينة تتكون من 500 زوج و500 زوجة بإقليم تونس الكبرى وعنوانها « المال بين الزوجين والتصرف في الدخل الأسري » أن نحو.. 52 بالمائة من المتزوجين في تونس يعتبرون أن الموارد المالية للأسرة غير كافية وأن 61 بالمائة منهم ليست لهم خطة واضحة للتصرف في المال و1 بالمائة فقط من الزوجات لديهن مبالغ مالية تتصرفن فيها بكل حرية مقابل 32 بالمائة من الأزواج يفعلون ذلك وأن 47 بالمائة من الأسر تدخر بهدف مجابهة المصاريف الطارئة ودراسة الأبناء وتمويل شراء المسكن.. و49 بالمائة منها تقترض لتمويل شراء المسكن. وأبرزت نتائج الدراسة التي قدمها الدكتور عادل الغناي الباحث بالكريدف أمس خلال لقاء إعلامي أشرفت عليه السيدة أليفة فاروق الموفق الإداري والدكتورة سعيدة الرحموني المديرة العامة لهذا المركز مدى لجوء الأسر التونسية للحوار بشأن المسائل المالية كما بحثت في الموارد  المالية واستراتيجيات التصرف فيها من قبل هذه الأسر وحددت مسؤوليات هذا التصرف وبينت هل لهذه الأسر حسابات بنكية وهل تقوم بالادخار وهل لديها القروض وألقت أضواء على مدى الاشتراك في الملكية بين الأزواج  وعلى الخلافات الزوجية بسبب المال.. ويذكر أن هذه الدراسة وحسب ما ذكرته الباحثة ايمان الزواوي شملت أسر تونسية نجد 48 بالمائة من الزوجات فيها أجيرات في القطاع العمومي مقابل 32 بالمائة من الأزواج.. وأن 51 بالمائة من الزوجات و55 بالمائة من الأزواج تتراوح أجورهم بين 200 و500 دينار..  وحينما تحدث عن الحوار داخل الأسرة حول المسائل المالية بين الباحث عادل الغناي أن موضوع المال يستأثر بجانب هام من النقاشات داخل الأسر التونسية وبينت الدراسة أن 83 فاصل 5 بالمائة من الأسر المستجوبة تدرج المال كموضوع للنقاش وهي تتحدث بدرجة أولى عن ميزانية العائلة ثم عن الانفاق فعن حجم النفقات ثم عن توزيع الأدوار بين أفراد الأسرة للانفاق.. ونجد 89 بالمائة من المتزوجين يناقشون مرة واحدة على الأقل كل يوم المواضيع التي تتعلق بالمال و3 بالمائة يناقشونها ثلاث مرات و8 بالمائة لا يناقشونها كل يوم.     وإثر هذا النقاش ينتهي نصف الأسر التونسية إلى وفاق في حين نجد 2 بالمائة من الأزواج لا يوافقون على ما دار من نقاش لكنهم يقبلون رغما عنهم بالنتيجة وذلك مقابل 7 بالمائة من النساء. وتطرق الجامعي إلى الموارد المالية الأكثر أهمية لدى الأسر التونسية وقال إن 75 بالمائة من المستجوبين قالوا إن الأجور هي مصدر دخل الأسرة و6 فاصل 6 بالمائة أرجعوها للدخل المستقل وصفر فاصل 4 بالمائة تحدثوا عن أملاك وعقارات ومنقولات مختلفة و3 بالمائة عن التقاعد والجرايات.. وفي ما يتعلق بنسبة مشاركة كل فرد من أفراد الأسرة في ميزانية العائلة تجدر الإشارة إلى أن هذه النسبة تختلف بين الأزواج والزوجات والأبناء  فإذا اعتبرنا أن نسبة المشاركة صفر بالمائة فقد صرح 93 فاصل 2 بالمائة من الأبناء و70 فاصل 8 من الزوجات و1 فاصل 3 بالمائة من الأزواج أنهم لا يساهمون في الميزانية.. وإذا اعتبرنا نسبة المشاركة في حدود خمسين بالمائة فقد صرح 12 بالمائة من النساء و16 فاصل 4 بالمائة من الرجال و2 فاصل 2 بالمائة من الأبناء بأنهم يساهمون في نصف النفقات أما إذا اعتبرنا النسبة في حدود مائة بالمائة فقد صرح صفر فاصل 5 بالمائة من النساء و60 بالمائة من الرجال وصفر فاصل 4 من الأبناء بأنهم هم فقط الذين يساهمون في ميزانية العائلة.. ولاحظ الباحث لدى حديثه عن الموارد المالية للأسرة أن 52 فاصل 5 بالمائة من المستجوبين يرون أنها موارد غير كافية و28 بالمائة منهم يعتبرونها كافية و19 فاصل 5 بالمائة يعتبرون أنها كافية شريطة التصرف فيها بحكمة..   من الذي يتصرف في الميزانية؟ كشفت الدراسة سالفة الذكر عمن يتصرف في ميزانية الأسرة وتبين على سبيل المثال أن 60 بالمائة من المستجوبين صرحوا بأن الزوج والزوجة يتصرفان معا فيها مقابل 27 بالمائة تحدثوا عن الزوج وحده و11 بالمائة عن الزوجة وحدها و2 بالمائة تحدثوا عن أشخاص آخرين.. وفي ما يتعلق بطريقة تحمل المصاريف تبين أن 42 فاصل 8 بالمائة قالوا إن الزوج فقط يتحملها و16 فاصل 9 بالمائة قالوا إن الزوج يعطي مبلغا للزوجة وهي التي تسدد النفقات ونجد 5 فاصل 8 من الرجال يعطون كامل مرتباتهم للزوجات.. وتساءل الباحث « هل للأسرة التونسية خطة للتصرف في المال؟ ».. وأجاب قائلا « من خلال الدراسة يتضح لنا أن 61 بالمائة من الأسر التونسية ليست لديها خطة واضحة للتصرف في المال مقابل 39 بالمائة لديهم خطة وهم يعتبرون أن هذه الخطة مهمة للتحكم في الإنفاق وتوزيع الأدوار والادخار وتنمية موارد الأسرة.. وفي ما يتعلق بإنفاق النساء فقد تبين أن أكثر مجالات إنفاقهن يتصل بالتغذية والسكن واللباس والنظافة والعلاج كما أنهن تنفقن بنسب أقل على النقل والاتصالات والتعليم والثقافة والترفيه وغيرها. وعند تطرقه لباب الحسابات البنكية والادخار والقروض قال إن 3 بالمائة من العائلات لها حساب موحد و21 بالمائة من الأزواج ومثلها من الزوجات كل له حساب خاص به ونجد نسبة الحساب للزوج فقط 24 بالمائة وللزوجة فقط 1 بالمائة.. وكشفت الدراسة أن 47 بالمائة من المتزوجين قالوا « نعم نحن ندخر » مقابل 53 بالمائة قالوا « لا ندخر » ولكن من يقوم بالادخار؟ نجد في 26 بالمائة من عمليات الادخار تقوم بها الزوجة و38 بالمائة يقوم بها الزوج و36 بالمائة يقومان بها معا. ويتمثل الغرض من الادخار خاصة في مجابهة المصاريف الطارئة ودراسة الأبناء وتمويل شراء مسكن.. وفي ما يتعلق بالقروض فتبين من خلال الدراسة أن الكثير من العائلات اقترضوا في مناسبة أولى وفي مناسبة ثانية وفي مناسبة ثالثة واختلفت الغاية من الاقتراض من مناسبة إلى أخرى ولكن أكثر الأسباب التي تقترض الأسر التونسية من أجلها هي لتمويل المسكن ثم لاقتناء السيارة ثم لمجابهة مصاريف أخرى وتكون القروض من البنوك والصناديق الاجتماعية والمؤجر وغيرها.. ويضطلع الزوج بالقسط الأكبر ن مسؤولية تسديد مبلغ القرض.   الاشتراك في الملكية عن قانون الاشتراك في الملكية بين الزوجين بيّن الجامعي عادل الغناي أن 58 بالمائة من المتزوجين بعد صدور قانون الاشتراك في الملكية يعرفون نظام الاشتراك و46 بالمائة من الذين تزوجوا بعد صدور القانون اختاروا نظام الاشتراك في الملكية وكشفت الدراسة أن 59 من المتزوجين حديثا ناقشوا موضوع الاشتراك في الملكية بين الزوجين منذ فترة الخطوبة.. وعند النظر لحجم الأملاك بعد الزواج نجد 85 بالمائة منها للزوج و2 بالمائة للزوجة و5 بالمائة يتقاسمونها و8 بالمائة يشتركون فيها. ومن خلال الدراسة تبين أن نسبة المتزوجين الذين اختاروا نظام الاشتراك في الملكية بين الزوجين ارتفعت رويدا رويدا منذ سن القانون قبل عشر سنوات لكنها انخفضت بصفة لافتة خلال السنتين الماضيتين. وتبين أيضا أن أكثر الذين اختاروا نظام الاشتراك هم الأزواج الذين تعرفوا على بعضهم في العمل أو الجامعة كما اتضح أنه بقدر ما يكون عمل الزوجات منتظما تكون نسبة قبول الأزواج بنظام الاشتراك أكبر.. وفي ما يتعلق بالخلافات حول المسائل المالية بين الأزواج صرح 46 فاصل 5 بالمائة من المستجوبين بحدوث تلك الخلافات.. لكن أبرزت الدراسة أن 57 بالمائة من الأزواج الذين اختاروا نظام الاشتراك في الملكية لم تحدث بينهم خلافات بسبب المال. وتتمثل أهم أسباب الخلافات في ضعف الموارد وذلك حسب رأي (50 بالمائة) من الأزواج وفي غياب الحوار (25 بالمائة) وأحادية القرار (12 بالمائة) وسوء التصرف (10 بالمائة) والتبذير (6 بالمائة) والشح (6 بالمائة) إضافة إلى غياب التنسيق والاستبداد بالرأي.. وتعتبر النساء أن الرجال مصابون بالشح ومستبدون بالرأي وبينت الدراسة أنه بقدر ما يرتفع أجر الرجل وكذلك أجر المرأة بقدر ما تقل الخلافات الزوجية حول المال كما بينت أنه بقدر ما يزيد عدد أفراد الأسرة بقدر ما تكثر الخلافات الزوجية حول المال.. وصرحت 37 بالمائة من الأسر المستجوبة أن الخلافات بسب بالمسائل المالية مازالت عالقة.   سعيدة بوهلال   (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) بتاريخ 14 أوت  2008)


حركة السوق  تراجع في معروضات الخضر والغلال… فهل هو احتكار أم تحسّب لرمضان؟ ارتفاع في أسعار البطاطا وتراجع في عرض عديد أنواع الغلال الصيفية

   

تونس ـ الصباح: أسبوعان أو أكثر بقليل تفصلنا عن بداية شهر رمضان.. لكن ومن الآن بدأت مظاهر الاستعداد لهذا الشهر الذي يتميز بطفرة الاستهلاك تجري.. وتستعد كافة الأطراف من فلاحين وتجار ومزودين له.. فكيف يجري هذا الاستعداد؟ بماذا تتميز حركة السوق ؟ وكيف ينظر كل طرف من هذه الأطراف للمرحلة القادمة؟ ولماذا يعمد البعض الى العمل على التقليل من ضخ انواع المنتوجات الفلاحية على وجه الخصوص؟ هل أن ذلك يمثل قراءة خاصة لتفاقم الطلب أثناء شهر رمضان والاستعداد لهذا الواقع الجديد أم أنها خطة يعتمدها الفلاح وتاجر التفصيل ليبرر زياداته المنتظرة في الأسعار؟ تلك هي جملة الاسئلة التي تزاحمت في أذهاننا بعد جولة في أسواق الخضر والغلال وتسجيل عديد الملاحظات بخصوص التحولات الحاصلة في حركته. بماذا تميزت السوق خلال هذه الايام التي تسبق رمضان؟ جولتنا في الاسواق اليومية بالعاصمة، انطلقت من أريانة فالسوق المركزية بالعاصمة، وسوق سيدي البحري، ثم طالت بعض الاسواق الاخرى الصغيرة أو التي يغلب عليها الانتصاب الهامشي مثل سكرة وبرج الوزير. وقد تبين لنا من خلال ما شاهدنا أن هناك نقص في العرض خاصة لبعض الخضر مثل البطاطا والفلفل والخضر الورقية.. أما البارز في ما لاحظناه هو تراجع عرض الغلال رغم قيمة الصابة، والفترة الحالية التي يكون فيها الانتاج هاما والعرض متوفرا. ولعل ما لفت انتباهنا أكثر هو تراجع كميات الدلاع والبطيخ على وجه الخصوص، بعدما كانت هذه الغلال معروضة في الاسواق بشكل بارز، وتجوب الشاحنات الكثيرة العارضة لها كل الاحياء، علاوة على الانتصاب في كل مكان لعرضها. وما يلفت الانتباه أيضا ليس تراجع العرض فقط، انما أيضا ارتفاع أسعار الدلاع والبطيخ . فبعد أن استقرت اسعار الدلاع طوال الفترة السابقة في حدود 200 مليم للكلغ الواحد، هاهي تقفز هذه الايام لتبلغ 300 مليم فأكثر. ونفس الشيء بالنسبة لثمار البطيخ التي كانت تعرض بـ 400 مليم و600 مليم، لكنها تبلغ الآن 800 مليم فما فوق. ونفس الوضعية تنعكس على بعض أنواع الخضر وفي مقدمة ذلك البطاطا التي كانت ولحد قريب تروج ما بين 350 و400 مليم للكلغ الواحد، لكنها أيضا قفزت خلال هذه الايام الى 500 مليم فما فوق بقليل. أما الخضر الورقية مثل السلق والمعدنوس والكلافص فإن عرضها تراجع أيضا وضمرت وحداتها التي تعرض بها، ولعلنا مع هذه الخضر الورقية نتفهم أسباب نقصها باعتبار صعوبة انتاجها صيفا إلا من خلال البيوت المكيفة التي تكلف الفلاح الكثير. ظاهرة تراجع المعروضات من الخضر والغلال في السوق عامة، وقد لمسنا ذلك داخل كافة الاسواق المذكورة آنفا. لكن ما هي الاسباب الحقيقية وراء هذا التراجع؟ هل هو النقص في الانتاج بحكم عوامل طبيعية وموسمية؟ هل أن ذلك يعود لتصرف محكم في الانتاج؟ هل أنه الاستعداد لشهر رمضان وما يتطلبه من عرض وفير نتيجة الاستهلاك الذي تقدر الاوساط الرسمية حجمه بما يناهز 30 في المائة؟ هل أنها قراءات مختلفة من طرف الفلاحين والمزودين في التعامل مع السوق واغتنام للفرص قصد الترفيع في الاسعار تحت غطاء التقتير في تزويد السوق حاليا ريثما يرتفع الطلب وتكون الامكانيات مواتية للترفيع في الاسعار؟ أسئلة كثيرة جالت بخاطرنا حول ما تميزت به حركة السوق من تراجع في العرض والحركة داخله، فاتجهنا بها لتجار التفصيل داخل هذه الاسواق، لعلهم ـ وهم العارفون أكثر من غيرهم بالأمر ـ  يجيبون عن أسئلتنا.   عوامل عديدة ومتنوعة ساهمت في تراجع حركة السوق يجمع العديد من التجار الذين توجهنا لهم بهذه الأسئلة على أن تراجع الحركة له اسباب كثيرة. فيشير البعض منهم الى أن تراجع السوق طبيعي باعتبار الصيف والاصطياف والاكتفاء بما قل من الخضر والتركيز على الغلال. ويؤكد البعض الاخر على أنهم اعتادوا على تراجع الحركة خلال هذه الفترة مما يجعل بعضهم يغلق محله لأخذ نصيب من الراحة، وبناءا على هذا فإنه من الطبيعي أن تتراجع الحركة داخل السوق. أما بعض التجار الآخرين فإنهم يذهبون بالقول الى أن تاجر التفصيل المختص في الخضر والغلال، محكوم بحلقة توزيع، وهو آخر من يتحكم في العملية، إذ أن توجهه لسوق الجملة لا يعني في العموم تزوده بكل المواد باعتبار أنه يقتني أولا الحاجة التي يقدر على تصريفها صيفا، ثم التي تتوفر بشكل عادي. أما الرأي الاخير الذي أجمع عليه عدد هام من التجار فإنه يربط ظاهرة تراجع حركة السوق والعرض بتصرفات تجار الجملة والفلاحين. ويؤكد هؤلاء أن هذا الواقع بات معتادا لديهم أياما قبل رمضان، حيث يعمد الفلاح الى التحكم في العرض حد التقتير أحيانا، ويتبعه في ذلك تاجر الجملة الذي يعمد أيضا الى التخزين قصد ضخ هذه السلع في رمضان باعتبار امكانية ارتفاع الاسعار وتطور الطلب أيضا. ويعلق بعض تجار التفصيل على هذه الظاهرة بأنها قد اصبحت بمثابة القاعدة في التعامل قبل بداية رمضان ويؤكدون على أنها غير سليمة بالمرة، وتربك حركة السوق، وهي أيضا لا تخلو من التظليل حول الامكانيات المتوفرة من المعروضات. ويبرز البعض الاخر أنها مظاهر احتكارية مقنعة يتستر بها البعض تحت تراجع الطلب في مثل هذه الايام أو النقص في الانتاج. ويعلق بعضهم على هذا التصرف بشكل ساخر مشيرا الى أنه كيف تنقلب الامور وتغص السوق بمعروضات هذه المواد مع بداية رمضان أو قبله بيومين او ثلاثة متسائلا من أين تأتي تلك الكميات الكبيرة التي تغمر السوق؟ وهل انتجتها الارض بين عشية وضحاها أم لفظتها المخازن عند الحاجة؟   علي الزايدي   (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) بتاريخ 14 أوت  2008)


‘أمانة الأوقاف’ تستعرض إنجازات الكويت الوقفية في تونس

 

كتب عبدالله راشد أكد مدير إدارة الإعلام والتنمية الوقفية في الأمانة العامة للأوقاف حمد المير الدور الحيوي للأمانة في خدمة الوقف والتعريف بدور الكويت بصفتها الدولة المنسقة لملف الأوقاف في العالم الإسلامي. وقال المير في جلسة حوارية مع الصحافيين التونسيين خلال ملتقى الصداقة الكويتية – التونسية،والذي يقام في تونس في الفترة من الحادي عشر وحتى السادس عشر من الشهر الجاري أن من الضروري التركيز على مهمة التنسيق الدولي لملف الأوقاف المسند للكويت من قبل المؤتمر الإسلامي والانجازات التي حققتها مؤكداً ان الكويت سعت دائماً إلى الحفاظ على أموال الواقفين واستثمارها وتنميتها. وأشار المير إلى ان الأمانة حرصت على اطلاع الإعلاميين في تونس على العديد من اصداراتها التي سيتضمنها جناحها في المعرض المصاحب للملتقى. وعلى صعيد متصل قام الوفد الكويتي المشارك في الملتقى بزيارة إلى سفارة الكويت في تونس التقى الوفد خلالها السفير عبدالحميد الفيلكاوي، والقنصل طلال المطيري وعدداً من اعضاء السفارة، وتم تبادل الدروع التذكارية. (المصدر: صحيفة ‘الرأي’ (يومية – الكويت) الصادرة يوم 14 أوت 2008)


مهرجان الحمامات الدولي بتونس يكرم يوسف شاهين

   

تونس 14 أغسطس آب /رويترز/  قال مهرجان الحمامات الدولي في تونس اليوم الخميس انه سيكرم المخرج السينمائي المصري يوسف شاهين أحد عمالقة السينما العربية والذي توفي نهاية الشهر الماضي. وقالت ادارة المهرجان انها ادخلت تعديلا على برنامج اسبوع //سينما المتوسط// الذي يقام على هامش انشطة الدورة الرابعة والاربعين من المهرجان الذي افتتح في العاشر من يوليو تموز. وأضافت انه وفقا للتعديل سيتم عرض فيلم /باب الحديد/ لشاهين ضمن افتتاح اسبوع سينما المتوسط يوم 18 اغسطس اب تكريما لفقيد السينما العربية. ويعد فيلم /باب الحديد/ الذي اخرجه شاهين ومثل فيه عام 1958 أحد ابرز الافلام المصرية والعربية المنتجة خلال القرن العشرين وتم اختياره ضمن افضل مئة فيلم مصري انتجت في تلك الفترة. ومن المفارقات ان فيلم /باب الحديد/ لم يحقق نجاحا على نطاق واسع الا بعد عرضه على شاشات التلفزيون. وتوفي شاهين ومن بين أشهر افلامه سلسلة مرتبطة بمدينة الاسكندرية يوم 27 من الشهر الماضي بعد اسابيع من الغيبوبة اثر اصابته بنزيف في المخ. وأخرج شاهين أكثر من 25 فيلما أولها عام 1950 وفي عام 1997 حصل على جائزة عن مجمل أعماله في مهرجان كان السينمائي. وسيعرض مهرجان الحمامات باقة من الافلام الاخرى ضمن اسبوع سينما المتوسط من بينها /لكل سينماه/ من فرنسا و/ازمان الرياح/ من تركيا و/روما بدلا عنك/ من سوريا.   (المصدر: وكالة (رويترز) للأنباء بتاريخ 14 أوت  2008)  


تونسي « مخمور » يقتل زوجته الحامل في شهرها السابع خلال حفل زفاف

   

تونس 14 آب/أغسطس (د ب أ)- قتل تونسي مخمور زوجته الحامل في شهرها السابع طعنا بسكين خلال حفل زفاف بمحافظة سوسة على مسافة 120 كيلومترا جنوب العاصمة تونس. وذكرت  جريدة « الإعلان » الأسبوعية اليوم الخميس أن الزوجة وهي أيضا أم لطفل عمره عام واحد غادرت بيت الزوجية ورفضت العودة إليه وأقامت عند والديها احتجاجا على إدمان زوجها الكحول وبيعه أثاث المنزل للإنفاق على الخمر. وأضافت أن الجاني المخمور اغتنم فرصة حضور زوجته حفل زفاف  بمنزل أحد الجيران وسدد إليها ثلاث  طعنات بسكين فأرداها قتيلة ثم سلم نفسه للشرطة. وأوضحت أن القاتل نفذ جريمته بعد أن بلغته أخبار بنية زوجته بيع المنزل الذي اشتراه وسجله باسمها.   (المصدر: وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) بتاريخ 14 أوت  2008)

 
 

قناة المستقلة: حوار مع السيد محمد الغرياني مستشار الرئيس التونسي وعضو اللجنة المركزية للحزب الحاكم

تعيد قناة المستقلة في الساعة الرابعة النصف بتوقيت غرينيتش، السادسة والنصف بتوقيت تونس، مساء الجمعة 15 أوت، تعيد بث لقاء خاص أجراه الدكتور محمد الهاشمي الحامدي مع السيد محمد الغرياني، مستشار الرئيس التونسي، وعضو اللجنة المركزية للتجمع الدستوري الديمقراطي، وعضو هيئة رئاسة أعمال مؤتمر التحدي، الذي انعقد في الفترة من 30 جويلية إلى 2 أوت. يتطرق الحوار إلى نتائج مؤتمر التحدي، وبرنامج الرئيس بن علي للمرحلة المقبلة، ونظرته لمبدأ الوفاق الوطني، والوضع في منطقة الحوض المنجمي، والسجال بشأن الحجاب، وسياسة الرئيس زين العابدين بن علي الدينية، وموضوعات مهمة أخرى.
 

بأي حال عدت يا عيد؟

 
خولة الفرشيشي لاشكّ في أنّ النظام التونسي سيطالعنا يوم الاحتفال بعيد المرأة بخطبه المتكررة في الإعلام الرسمية ليعدد انجازاته في الإحاطة بحقوق المرأة وحماية مكتسباتها ولكننا سنذكر بانجازاته في منطقة الحوض المنجمي طيلة سنة 2008 إن نسي أو تناسى …. -اعتداء قوات الأمن بالعنف على نساء وعجائز خاصة أهالي الموقوفين ونهب مصوغهنّ واقتحام البيوت وانتهاك حرماتها. -الهر سلة الأمنية التي تعرضت إليها المحاميات المدافعات عن مساجين الحوض المنجمي سعيدة قراش نموذجا .   -سجن المناضلة زكية الضيفاوي التي أطلقت صوتها عاليا للتضامن مع أهالي الجنوب والتحرّش بها جنسيا والتهديد باغتصابها .   إن كل مظاهر التمييز الجنسي ضدّ المرأة الناشطة كان بادرة لتوحيد الجهود بين عدّة جمعيات » الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان  والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات والمجلس الوطني للحرّيات بتونس، المرصد الوطني لحرية الصحافة والنشر والإبداع،الودادية التونسية لقدماء المقاومين والجمعية التونسية لمناهضة التعذيب. »لتطلق صيحة الفزع في بيان مشترك يوم الاحتفال بعيد المرأة لتطالب السلط بالإفراج عن المناضلة زكية الضيفاوي ووضع حدّ للميز الجنسي الذي ينال الناشطات الحقوقيات . (المصدر:  موقع مجلة ‘كلمة’ (اليكترونية – تونس) بتاريخ 13 أوت 2008)

كيف حال المرأة التونسية في يوم عيدها ؟
خولة الفرشيشي    إن المتأمل في المشهد التونسي يلاحظ تمتع المرأة التونسية بحقوق متطورة تكفلها القوانين بالمقارنة مع بقية شقيقاتها في المنطقة العربية ، إلا أنّها ما تزال تعاني على مستوى الممارسة سواء من السلطة أو الأشخاص من النظرة الدونية بفعل السلطة الذكورية والأبوية ممّا يجعل مكتسبات المرأة في خطر يحدّق بها في غياب التوعية الثقافية . فما نلاحظه من تمييز عنصري يسلّط على المرأة تتجلّى مظاهره في الأجر الأدنى بالمقارنة مع الرجل ، ظاهرة العنف اللفظي والمادي في المحيط العائلي أو المحيط الخارجي وهنا أستحضر حادثة اعتداء شرطي بالعنف على مواطنة عادية بمجرد تفوهها ببعض العبارات غير اللائقة وتركها في حالة اغماء أو الاعتداء على مناضلات الحركة الديمقراطية وحظر تنقلهن ومحاصرتهنّ ، أو حتّى بعض المظاهر الثقافية التّي تسعى بعض الإدارات تكريسها في عقلية المواطن’تخصيص صفين واحد للنساء وآخر للرجال ،وأيضا الاعتداء على الحرّية الشخصية فيما يخصّ اللباس بالنسبة للمتحجبات وعدم تصدّي السلطة لظاهرة العنف اللفظي الذي ينال المرأة في الشارع ، إلى جانب ارتفاع نسبة العزوبة عدد العازبات في تونس أكثر من مليون و300 ألف امرأة من أصل 4 ملايين و900 ألف أنثى حسب التعداد السكاني سنة 2004 بسبب البطالة وارتفاع نسبة الأمية في صفوف النساء …. إن كل هذا يستدعي النظر والوقوف عند مضمون ثقافة الحداثة والمساواة التّي تسعى الدولة إلى تكريسها في عقلية المواطن والمؤسسات. فالنقد ومراجعة الأخطاء الكامنة في مجتمعنا كفيلة بإنتاج حلول حقيقية تؤسس لامرأة فاعلة وشريك حقيقي في الحياة العامة .ولا نرى أنّ الاحتفال بعيد المرأة كل سنة قادر فعلا على محو الأخطاء والتسلّط الذكوري والميز الجنسي ضدّ المرأة  بقدر ما يساهم هذا العيد في النظر إليها على أساس أنها كائن دونّي أقلّ مرتبة من الرجل . (المصدر:  موقع مجلة ‘كلمة’ (اليكترونية – تونس) بتاريخ 13 أوت 2008)


تضامنا مع الإخوة الأساتذة النقابيين المحالين على مجالس التأديب

 

بقلم النفطي حولة : التزاما مني كأستاذ أولا وكنقابي ثانيا وكرابطي ثالثا فاني أعلن مساندتي  المبدئية  للإخوة الأساتذة  نورالدين الورتتاني  الكاتب العام لنقابة العلمي بالجامعة التونسية  ورفيق التليلي  عضو النقابة الأساسية والجهوية  للتعليم الثانوي بالشابة ورشيد الشملي الباحث الجامعي في علوم الصيدلة والناشط النقابي  ومحسن الحجلاوي الأستاذ الجامعي والنائب الاول للنيابة النقابية  بالمعهد الأعلى للتكنولوجيا الطبية بتونس وغيرهم من الإخوة الأساتذة النقابيين المحالين على مجالس التأديب ظلما وعدوانا . ولسائل أن يتساءل لماذا هذه المجالس بالجملة ضد النشطاء النقابيين ؟ولماذا في الصائفة بالذات ؟ وللجواب على ذلك نقول : ان وزارة التعليم وزارة التربية والتكوين كسلطتي إشراف ينتهجون سياسة تجفيف منابع العمل النقابي المناضل والتي تتماشى مع  طبيعة و توجهات السلطة واختياراتها  الرامية الى ضرب العمل النقابي الكفاحي  الملتزم بقضايا المنخرطين في الاتحاد العام التونسي للشغل من الموظفين والعمال بالفكر والساعد. فكل نقابي يدافع عن حرية العمل النقابي تطبيقا لما جاء في الدستور وحرية الرأي  ويطالب  بوقف التتبعات ضده وضد منظوريه وفقا لمقتضيات  الالتزام بمبادئ الحركة النقابية يعتبر في نظر وزارتي التعليم  يحرض على الشغب علما وان  الإدارة لا تسعى إلا إلى إيجاد الملفات  المختلقة كما هو الشأن في قضية الحال. إن مجالس التأديب المصطنعة وكل محاولات الإدارة الهادفة إلى ثناء النقابيين عن النضال في سبيل  تحقيق مطالبهم  في حرية العمل النقابي  والعمل في ظروف سليمة   لن يفت في عزمهم وصمودهم  في التمسك بالخط  النقابي المناضل الذي به وحده تستطيع الطبقة العاملة  وقوى الشعب العاملة عموما  من افتكاك مطالبهم المادية المشروعة في زيادة محترمة ومعتبرة  يواجهون بها الغلاء الفاحش  في الأسعار وكذلك مطالبهم المعنوية المشروعة في العمل في مناخ   يتسم بالاحترام والتقدير  للعمال والموظفين من أساتذة  جامعيين و أساتذة تعليم  ثانوي ومعلمين وغيرهم .ولماذا  في الصيف؟ الأمر بسيط جدا  لان  الزملاء في الصيف في حالة عطلة  ولا يتمكنون من التجمع اوالاجتماع  بكل الطرق في  هذه الظروف الصعبة المشروعة والشرعية. لكن الوزارتين تناسيتا أن السنة الدراسية والجامعية على الأبواب والأساتذة مستعدون للدفاع عن كرامتهم بكل الطرق المشروعة والشرعية .                                       ملاحظة: المعذرة على بعض الأخطاء التي وردت في النص.    
      13 أوت 2008


الباحث والمحاضر في جامعة وستمنستر البريطانية رفيق عبد السلام:  الفقهاء عرفوا التمييز بين الديني والسياسي (1)

مصطفى عاشور (*) الدكتور رفيق عبد السلام من الباحثين الجادين في الفكر السياسي، فهو تونسي الأصل ومقيم في بريطانيا، ويحمل درجة الدكتوراه من جامعة وستمنستر ببريطانيا تحت عنوان: ‘الإسلام والعلمانية والحداثة’، ويعمل محاضرا بها، وله كتاب  مهم بعنوان: ‘في العلمانية والدين والديمقراطية: المفاهيم والسياقات’.  وفي الجزء الأول من حوارنا معه ينتقد ما طرحه المفكر السوري ‘جورج طرابيشي’ حول محاولاته إثبات أن العلمانية عرفتها الخبرة الإسلامية قديما، وأشار رفيق إلى أن ظهور كلمة العلمانية مرة في القرن الرابع الهجري لا يعني أن المصطلح كان متجسدا أو معروفا، كما أن ظهورها جاء في سياق أدبيات الكنيسة العربية، وهو ما لا يقوم دليلا بأي حال على وجود العلمانية، وهو ما يشكل ثغرة فيما يطرحه طرابيشي. كما تناول الحوار مسألة التمييز بين المجال الديني والمجال العام في الخبرة الإسلامية، معتبرا أن الإسلام جعل الجماعة المسلمة هي مستودع الحقيقة الدينية، ولذا لم يأت الإسلام بنظام ثابت في الحكم، فلم يربط الإسلام مصيره بمصير نظام سياسي معين أو حتى مؤسسة ما، وهو ما كفل له الاستمرار رغم التراجع السياسي الذي أصاب المسلمين ودولهم.

هل العلمانية أصيلة؟

* يذهب البعض في قراءته للتاريخ الإسلامي إلى أن العلمانية أصيلة ومتوطنة في العالم الإسلامي كخبرة تاريخية، بل حتى كمفهوم عرف في قرنه الرابع الهجري استخدام ابن المقفع القبطي لمصطلح ‘علماني’ في أحد أدبياته.. فهل ترون أن المفهوم أصيل في ثقافتنا؟ – ربما يكون المتكلم القبطي ابن المقفع قد استخدم فعلا مصطلح علماني أو بعض مرادفاته على نحو أو آخر، التي استقاها من الميراث اللاهوتي المسيحي الذي تشبع به، وربما تكون هذه الكلمة قد استخدمت على نطاق محدود بين بعض رجالات الكنيسة الشرقية، وهي مسألة تحتاج على كل حال إلى مزيد من البحث والتحري لنحكم على الأمر إثباتا أو نفيا. لقد اطلعت على نصوص بعض المسيحيين الشرقيين من المالكيين والنستوريين أمثال أبي قرة، وعمار البصري، وعبد المسيح الكندي، وغيرهم، ولكنني لم أعثر في نصوصهم على كلمة علمانية أو ما يشبهها. وبغض النظر عن وجود هذا المصطلح من عدمه يمكن الجزم بأنه لم يكن لها حضور ملموس في سياق التداول العربي الإسلامي يضاهي حضوره في الميراث المسيحي اللاتيني مثلا.. الكلمات شأنها في ذلك شأن الكائنات الحية لها تاريخ وحياة، وممات أيضا، وبعض الكلمات والمصطلحات يمكن أن تولد وتموت من دون أن يعار لها انتباه يذكر. اللغة في جوهرها مواضعة اجتماعية، وليست ابتداعا خاصا ببعض الأشخاص أو المجموعات.. لقد استخدم متصوفة الإسلام مثلا قاموسا إشاريا تم تداوله بين أهل المكاشفة ولا يتعداهم إلى سواهم، وقد شاعت بعض مصطلحاتهم، وانتشرت تدريجيا بانتشار أهل التصوف، فاستقرت وأصبح لها معنى ودلالة عامة، وبعضها الآخر اندرس جملة وبقيت مبثوثة في بطون كتبهم ونصوصهم من دون أن تمتلك مشروعية الاستخدام العام. وبهذا المعنى يمكنني القول إن العثور على كلمة علماني في أحد نصوص المتكلمين المسيحيين الشرقيين لا يقوم دليلا على كون هذا المفهوم ‘أصيلا’ على نحو ما يريد أن يثبت جورج طرابيشي، أو كان له أثر محسوس في سياق التاريخ والاجتماع الإسلاميين يضاهي أثره في السياق المسيحي مثلا. ابن خلدون مثلا استخدم في مقدمته كلمتي الحديث والمحدث بدرجة عالية من العمق والطرافة في نفس الوقت، ولكن هل هذا يسمح لي بالقول إن ابن خلدون هو الأب المؤسس للحداثة؟ أو ما يعبر عنه بالأزمنة الحديثة على نحو ما شاع في الاستخدام الأنواري الغربي بدءا من القرن الثامن عشر لمجرد كونه قد استخدم كلمة شبيهة أو قريبة من القاموس الاصطلاحي الهيجلي (نسبة إلى هيجل)، لا شك أن مثل هذا القول فيه شطط وتعسف. جورج طرابيشي ما كان له أن ينقب في نصوص ابن المقفع أو غيره من المتكلمين الشرقيين عن مصطلح علمانية أو مرادفاته الأخرى لو لم يكن مدفوعا بهواجس عملية تتعلق بتأسيس مشروعية ما للطرح العلماني وإثبات أصالته الداخلية في المنطقة. لقد كان يسع جورج طرابيشي أن يؤسس مشروعية المطلب العلماني على مسوّغات اجتماعية وسياسية راهنة، ويمكن مناقشته وقتها على هذا الصعيد، إثباتا أو دحضا، قبولا أو رفضا، بدل هذا الاستدعاء المتعسف للنصوص والتاريخ. كثيرا ما نلوم رجالات الإصلاح المحدثين أمثال جمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده، ورشيد رضا، وبقية تلاميذهم بأنهم بالغوا تحت ضغوط الحداثة الغربية في العودة التعسفية للتاريخ والمفاهيم الإسلامية بهدف مواءمتها مع مقتضيات الاستخدام الراهن، ومن دون وعي كاف بالمسافة التي تفصلها عن القاموس الدلالي الحداثي، لكن يبدو أن جورج طرابيشي يسير على نفس المنوال، وإن كانت منهجية أسلافنا الإصلاحيين تبدو أكثر صلابة وتماسكا من منهجيته. التمايز بين الديني والسياسي * هل عرفت الخبرة التاريخية الإسلامية قدرا من التمايز والفصل بين الديني والسياسي، أو بين مؤسسة السلطة ومؤسسة الفقهاء؟ – نعم حدث في تاريخنا الإسلامي شيء من التمايز الوظيفي بين الحقل السياسي والحقل الفقهي والديني، وهو ما يعبر عنه عادة بالتمييز بين أهل السيف وأهل القلم، أي بين طبقة الحكام التي تستند إلى قوة الشوكة والعصبية وبين فئة العلماء والفقهاء التي نأت بنفسها تدريجيا عن شئون الحكم، وتفرغت إلى المعارف الإسلامية من موقع شعورها بانحراف السياسي، وتعلقها بمثال النبوة والخلافة الراشدة. وفعلا عند التدقيق التاريخي يتبين أن الرعيل الأول من المحدّثين والفقهاء هم الذين دفعوا قبل غيرهم باتجاه هذا التمايز الوظيفي بسبب توجسهم الشديد من تدخل أهواء الساسة ومصالحهم الخاصة في مجال الدين ومؤسساته، وكان من نتائج ذلك ظهور المذاهب الفقهية والمدارس الكلامية بالغة الثراء، والتعدد في التاريخ الإسلامي بصورة مستقلة عن الدولة، فضلا عن نشأة مجتمع أهلي نشيط من مساجد، ومدارس، وأسواق، وأوقاف، وأصناف، وجماعات، بعدما تحول القدر الأكبر من طاقة الإسلام من حيز الدولة إلى المجتمع الأوسع. مشكلة ابن حنبل مع المأمون مثلا في بداية القرن الثالث الهجري لم تكن قضية كلامية مجردة تخص الذات الإلهية وصفاتها على ما يتصور الكثير، بقدر ما كانت تتعلق بمدى مشروعية تدخل السلطة السياسية في مجال تأويل الدين وشئون الاعتقاد. وعلى الجملة، يمكن القول هنا بأنه حصل شيء من التمايز الوظيفي في التاريخ السياسي الإسلامي بين مجالات إدارة الحكم وفضاءات التعبير الديني، من دون أن يحدث انفصال قاطع بين الديني والسياسي، أو حركة علمنة بالمعنى المتعارف عليه اليوم. فرغم تراجع سلطان الدين لصالح التقاليد الإمبراطورية القديمة وميراث القبيلة، فإنه بقي حاضرا بقوة في مختلف مناحي الاجتماع السياسي الإسلامي، وفعلا كانت الأجيال الأولى من علماء الإسلام ذات إحساس عميق باتساع دائرة السياسي إلى ما هو أبعد من نطاق الحكم أو الدولة، وكان من تبعات هذا الوضع الناشئ تحول فاعلية الدين من نطاق الدولة إلى الحاضنة الاجتماعية الأوسع. * برأيكم لماذا يصر البعض على قراءة الخبرة الإسلامية في التعامل مع المجال العام والسلطة وفق الخبرة التاريخية الغربية، وكأن تحقيق الفصل والقطيعة بين الدين والمجال العام بما فيه السلطة هو المدخل للحداثة والديمقراطية، رغم أن النهضة الغربية ارتبطت بسياق تاريخي وبظروف موضوعية مغايرة؟ – ربما يعود ذلك إلى كون الغرب الحديث قد امتلك سطوة عالمية هائلة مصحوبة بادعاءات كونية واسعة النطاق، ابتلعتها الكثير من نخب العالم من دون تمحيص أو مساءلة، وهذه حالة ليست خاصة بنا نحن العرب والمسلمين، بل إن جل الفضاءات الحضارية الكبرى مثل الصين والهند واقعة بشكل أو بآخر تحت هذا الضغط. بيد أنني ألفت الانتباه هنا إلى أن القول بكون الحداثة الغربية قد تأسست على القطع والفصل بين الدين والمجال العام فيه قدر من المبالغة التي لا تصمد أمام القراءة التاريخية الجادة والممحصة.. التجارب الغربية الحديثة بالغة التنوع والثراء بما لا يسمح بإرجاعها إلى نموذج موحد ومطلق. ففي الولايات المتحدة الأمريكية مثلا حيث لا توجد تقاليد مؤسسية دينية ثقيلة أو ميراث ديني عريق اتجه الآباء المؤسسون إلى استدعاء المختزنات المسيحية البروتستانتية على نحو واسع، كما تم استلهام مثال روما القديمة وأثينا وشعب الله المختار على نحو نشيط لبناء الأمة الجديدة على أنقاض السكان الأصليين من الهنود الحمر، بل إن الكنيسة في هذا البلد وإلى يومنا هذا ما زالت تتمتع بحضور نشط حتى في الفضاء العام بما في ذلك في الحياة السياسية الأمريكية، ولا يمكن تصور ظاهرة المحافظين الجدد مثلا من دون استحضار دور حزام الكنائس الإنجيلية في الجنوب الأمريكي على وجه الخصوص. صحيح أن شيئا من هذا حصل في التجربة الفرنسية التي كانت مدفوعة بفكرة ‘تطهير’ المجال العام من كل المؤثرات الدينية لصالح علمانية مقاتلة ومعادية للدين والعقائد، بيد أنه لا يمكن قراءة مسار الحداثة أو حركة العلمنة في الغرب من خلال النافذة الفرنسية بالغة الخصوصية، والتي هي نفسها لم تسلم من المؤثرات الدينية رغم ما صاحبه من نزوع جذري.. ‘ألكسيس دي توكفيل’ والذي يعد أحد أهم وألمع المؤرخين الفرنسيين في أواسط القرن التاسع عشر يحدثنا بأن فرنسا نفسها التي عاشت ثورة سياسية صاخبة وحركة تمرد جامحة على الكنيسة والميراث المسيحي الكاثوليكي تحمل أقدارا كبيرة من خيوط الاستمرار والتواصل المؤسسي والفكري مع الميراث المسيحي الكاثوليكي ومع التقاليد الملكية القديمة. بل إن الشطط اللائكي الفرنسي الذي صاحب الثورة وما زال مستمرا إلى يومنا هذا ليس إلا استمرارا وانعكاسا لميراث التطرف الكاثوليكي الكنسي، أو إعادة إنتاج الخصائص البنيوية للكنيسة الكاثوليكية في قالب معلمن، وعليه لا يمكن قراءة التجربة الفرنسية من خلال بعض المطالب السياسية لرجالات الثورة أو مقولات فلاسفة الموسوعة وتطلعاتهم؛ لأن حركة المجتمعات وأحوال التاريخ أصلب من أي فكر، وأعمق من رهانات الأفراد والنخب، ربما تصور منظرو الثورة وقادتها أنهم بصدد صنع مجتمع غير مسبوق، وأنهم خلف بلا سلف، بيد أن هذا الأمر هو أقرب إلى الوهم منه إلى الحقيقة. إحدى مشكلاتنا في العالم العربي تعود إلى كوننا كثيرا ما نقرأ الحداثة وكأنها قوة سحرية مجردة تقع خارج التاريخ وحركة الاجتماع السياسي، وربما يعود ذلك إلى أن حداثيينا الذين يقدمون لنا أنفسهم باعتبارهم نقلة الفكر والمؤتمنين على الحداثة كثيرا ما يقعون أسرى قوالب نظرية نمطية وجاهزة نتيجة ضعف الحس التاريخي عندهم، بل كثيرا ما يتحول خطابهم الحداثي، على كثرة ما يثيرونه من ضجيج وصخب الشعارات، إلى عقبة كأداء أمام الحداثة، التي من شروطها الاجتهاد والابتعاد عن آفتي التقليد والتكرار، وهما الملمحان الغالبان اليوم على هذا الخطاب لسوء الحظ، وربما يتيسر لنا معالجة هذا الأمر في عملنا القادم حول الحداثة بإذن الله. وهنا أقول لا توجد في مجال التاريخ قطائع مطلقة، بل حركة مركبة من الانفصال والاستمرار، ومن التصدع والتواصل.. العدم لا وجود له إلا في عالم الخلق الإلهي، أما في عالم البشر والتاريخ فتتناسل المؤسسات والأفكار من بعضها البعض في مزيج مركب من الاستمرار والانتقال. بين حدين * ربما عرفت التجربة الغربية المسيحية تجسدا للمسيحية في الكنيسة.. لكن التجربة الإسلامية ترى أن الإسلام لابد أن يتجسد في المجال العام وفي حياة الناس، فإذا انتفى هذا التجسد انتهى الإسلام كدين.. لكن يبقى السؤال كيف يتحقق الشرط الإسلامي في المجال العام؟ أو كيف نحقق التمايز بين الدين والمجال العام دون الانزلاق في العلمانية الشاملة أو حتى التوحد الكامل بين المجالين؟ – نعم، الإسلام جعل من الجماعة أو جماعات المسلمين مستودع الحقيقة الدينية، مثلما جعلها مؤتمنة على حفظها واستمرارها، ولم يوكل هذا الأمر لجهاز ديني حصري، ولو كان مصير الإسلام مرتبطا بالجهاز الديني أو أحوال الممالك والدول لانتفى وجوده، وانقطع حبل استمراره في عصرنا الراهن بنهاية حكم العثمانيين الأتراك في عشرينيات القرن المنصرم. ولكن ما نلاحظه اليوم هو كون الإسلام قد أصبح أكثر الأديان ديناميكية وانتشارا في العالم، رغم هشاشة وضعه السياسي وضعف مؤسساته الدينية مقارنة بما تملكه الكنائس من قوة مال ونفوذ لا يضاهيان. فعلا، إن المرء ليعجب حينما يقرأ تاريخ صراعات السلاطين وتقلبات الممالك والسلالات الحاكمة كيف أمكن استمرار بل ازدهار العمران والفنون والآداب في مثل هذه الأوضاع بالغة الاضطراب والتفجر في التاريخ الإسلامي. يبدو أن عبقرية الحضارة الإسلامية تتمثل في قدرتها الفائقة على بناء اجتماع مستقر ومنظم بصورة مستقلة عن مصائر الحكام والسلاطين وحساباتهم الخاصة. وحتى الشريعة التي تصور غالبا في الأدبيات الاستشراقية أو عند الجماعات الدينية الطهورية عندنا وكأنها قوة علوية قهرية، كانت في الحقيقة متموضعة في المجتمع وحالة فيه خطابا ومؤسسات، كما كانت أيضا مجال ترجيح تداولي بين العلماء وأهل الرأي، ولم تنبن على القطع الإلزامي في كل شيء. صحيح أن المسلمين يتفقون على أن القرآن الكريم موحى من عند الله، وهم يتعبدون بتلاوته، ولكن هذا لا ينفي كونهم يرون فيه أفقا واسعا للنظر والاجتهاد والتأويل الذي لا ينضب {قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً} [الكهف: 109]. يعتبر الفقيه الأندلسي البارع ابن حزم الاجتهاد شأنا عاما ومتاحا لجميع المسلمين، ولم يجعله أمرا فئويا، بل إنه يرى أن من واجب كل مسلم الاجتهاد بحسب الطاقة، ومن ذلك أن المسلم عند أداء فريضة الصلاة وهو على سفر مثلا عليه أن يعمل نظره، ويجيل بصره في الآفاق لتحديد موضع القبلة، وهي درجة من درجات الاجتهاد على نحو ما يقول ابن حزم. ما أردت قوله هنا هو أن الإسلام لم يربط مصيره بدولة ولا جهاز ديني حصري، بل اعتبر ما يتواضع عليه المسلمون أو يجمعون عليه هو أس الدين، ولعلنا اليوم في أمس الحاجة إلى إبراز هذه الأبعاد المغيبة في مساحات الوعي والخطاب الإسلاميين. (*) مدير تحرير نطاق ‘ثقافة وفن’ في شبكة إسلام أون لاين (المصدر: موقع إسلام أونلاين.نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 11 أوت 2008)  


السبيل أونلاين :محمد شمام يدعو الى محاكمة للاحداث وفق المنهج القرآني ( 5 ) بسم الله الرحمان الرحيم حتى لا يشوش على الواجب الشرعي – الحلقة الحادية عشرة أدعو إلى محاكمة للأحداث وفق المنهج القرآني (5) أيننا نحن وحركة النهضة من تبليغ الدعوة والصدع بها في أهل تونس

     

تفاعلا مع موقف الأخ الفطناسي بالدعوة إلى محاكمة قرآنية للأحداث وفق المنهج القرآني، كانت هذه الحلقة الحادية عشرة في هذه السلسلة. وستكون هذه الحلقة في عدة أجزاء ، كان الأول منها في وقفات مباشرة مع موقف الأخ الفطناسي، وتناول الثاني مقدمات في الواقع وفي المنهجية، والثالث طبيعة محكمة الإسلام وحقيقتها ومناخها وروحها التي بقدر إدراكنا لها بقدر ما يحصل لنا فقه محكمة الإسلام وفقه تناولها للقضايا والأحداث، وتناول الرابع محاكمة حركة النهضة إلى مهمتها الأصلية من زاوية أسسها، وسنواصل في هذا الجزء الخامس هذه المحاكمة إلى المهمة الأصلية ولكن هذه المرة من زاوية الإعلان والصدع بدعوة الإسلام وتبليغها .   تمهيد    حركة النهضة التونسية هي حركة من الحركات الإسلامية، همها إقامة الإسلام دعوة والتزاما ، فيما يليها من بلاد المسلمين (وهي تونس) ، متظافرة في ذلك مع كل الامكانيات التونسية الخيرة. هذه هي مهمتها الأصلية وهي مهمة كل الأنبياء والرسل ، ومهمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، فأين هي منها الآن؟ أين هي من مهمة إحياء الإسلام وإحياء على منهاج النبوة؟   وحتى نجيب على هذا السؤال سوف نحاكمها إلى مسيرة نبينا صلى الله عليه وسلم في نسقها وسياق تطورها العام ، متوقفين عند العديد من العينات والمحطات بما تتجلى به الروح العامة والقيم والضوابط التي كانت تحكم تلك المسيرة.   لقد مرت دعوة الإسلام في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم – بعد أن شرفه الله بالنبوة والرسالة – من زاوية أدائها وتطورها بمراحل خمسة. ولقد مرت محاكمة حركة النهضة إلى المرحلة التأسيسة لدعوة الإسلام، وسنحاكمها الآن إلى مرحلة إعلان الدعوة والصدع بها وتبليغها في أهل مكة‏، وذلك في العناصر الثلاث التالية: الإعلان والصدع بالإسلام / الضغوط والقمع والمحن / خلاصة ومحاكمة /   الإعلان والصدع بالإسلام:   لما تكونت جماعة من المؤمنين تقوم على الأخوة والتعاون، وتتحمل عبء تبليغ الرسالة وتمكينها من مقامها نزل الوحي يكلف رسول الله صلى الله عليه وسلم بمعالنة الدعوة، ومجابهة الباطل بالحسنى‏.‏ فأدى الرسول ذلك متدرجا من دائرة الأقربين إلى الدائرة المكية.   1 – أول أمـر بإظهار الدعـوة:   وأول ما نزل بهذا الصدد قوله تعالى‏:‏‏{‏وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ‏}‏ ‏[‏الشعراء‏:‏214‏]‏. وقد ورد في سياق ذكرت فيه أولًا قصة موسى عليه السلام، من بداية نبوته إلى هجرته مع بني إسرائيل، وقصة نجاتهم من فرعون وقومه، وإغراق آل فرعون معه. وقد اشتملت هذه القصة على جميع المراحل التي مر بها موسى عليه السلام، خلال دعوة فرعون وقومه إلى الله ‏.‏   وكأن هذا التفصيل جىء به مع أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بجهر الدعوة إلى الله ؛ ليكون أمامه وأمام أصحابه مثال لما سيلقونه من التكذيب والاضطهاد حينما يجهرون بالدعوة، وليكونوا على بصيرة من أمرهم منذ البداية‏.‏   ومن ناحية أخرى تشتمل هذه السورة على ذكر مآل المكذبين للرسل، من قوم نوح، وعاد، وثمود، وقوم إبراهيم، وقوم لوط، وأصحاب الأيكة ـ عدا ما ذكر من أمر فرعون وقومه ـ ليعلم الذين سيقومون بالتكذيب عاقبة أمرهم وما سيلقونه من مؤاخذة الله إن استمروا عليه، وليعرف المؤمنون أن حسن العاقبة لهم وليس للمكذبين‏.‏   2 – الدعـوة في الأقربين:   ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عشيرته بني هاشم بعد نزول هذه الآية، فجاءوا ومعهم نفر من بني المطلب بن عبد مناف، فكانوا نحو خمسة وأربعين رجلًا‏.‏ فلما أراد أن يتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بادره أبو لهب وقال‏:‏ هؤلاء عمومتك وبنو عمك فتكلم، ودع الصباة، واعلم أنه ليس لقومك بالعرب قاطبة طاقة، وأنا أحق من أخذك، فحسبك بنو أبيك، وإن أقمت على ما أنت عليه فهو أيسر عليهم من أن يثب بك بطون قريش، وتمدهم العرب، فما رأيت أحدًا جاء على بني أبيه بشر مما جئت به، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يتكلم في ذلك المجلس‏.‏   ثم دعاهم ثانية وقال‏:‏ ‏(‏الحمد لله، أحمده وأستعينه، وأومن به، وأتوكل عليه‏.‏ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له‏)‏‏.‏ ثم قال‏:‏ ‏(‏إن الرائد لا يكذب أهله، والله الذي لا إله إلا هو، إنى رسول الله إليكم خاصة وإلى الناس عامة، والله لتموتن كما تنامون، ولتبعثن كما تستيقظون، ولتحاسبن بما تعملون، وإنها الجنة أبدًا أو النار أبدًا‏)‏‏.‏   فقال أبو طالب‏:‏ ما أحب إلينا معاونتك، وأقبلنا لنصيحتك، وأشد تصديقًا لحديثك‏.‏ وهؤلاء بنو أبيك مجتمعون، وإنما أنا أحدهم، غير أني أسرعهم إلى ما تحب، فامض لما أمرت به‏.‏ فوالله ، لا أزال أحوطك وأمنعك، غير أن نفسي لا تطاوعني على فراق دين عبد المطلب‏.‏   فقال أبو لهب‏:‏ هذه والله السوأة، خذوا على يديه قبل أن يأخذ غيركم، فقال أبو طالب‏:‏ والله لنمنعه ما بقينا‏.‏   3 – أول دعوة عامة للإسلام في القريشيين :   وبعد تأكد النبي صلى الله عليه وسلم من تعهد أبي طالب بحمايته وهو يبلغ عن ربه، صعد النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم على الصفا، فعلا أعلاها حجرًا، ثم هتف‏:‏ ‏(‏يا صباحاه‏)‏ ، وهي كلمة إنذار تخبر عن هجوم جيش أو وقوع أمر عظيم‏.‏   ثم جعل ينادى بطون قريش، ويدعوهم قبائل قبائل‏:‏ ‏(‏يا بني فهر، يا بني عدى، يا بني فلان، يا بني فلان، يا بني عبد مناف، يا بني عبد المطلب‏)‏‏.‏   فلما سمعوا، قالوا‏:‏ من هذا الذي يهتف‏؟‏ قالوا‏:‏ محمد‏.‏ فأسرع الناس إليه، حتى إن الرجل إذا لم يستطع أن يخرج إليه أرسل رسولًا لينظر ما هو، فجاء أبو لهب وقريش‏.‏   فلما اجتمعوا قال‏:‏ ‏(‏أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلًا بالوادى بسَفْح هذا الجبل تريد أن تغير عليكم أكنتم مُصَدِّقِىَّ‏؟‏‏)‏‏.‏ قالوا‏:‏ نعم، ما جربنا عليك كذبًا، ما جربنا عليك إلا صدقًا‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏إنى نذير لكم بين يدى عذاب شديد، إنما مثلي ومثلكم كمثل رجل رأى العَدُوّ فانطلق يَرْبَأ أهله‏)‏‏(‏ أي يتطلع وينظر لهم من مكان مرتفع لئلا يدهمهم العدو‏)‏ ‏(‏خشى أن يسبقوه فجعل ينادى‏:‏ يا صباحاه‏)‏   ثم دعاهم إلى الحق، وأنذرهم من عذاب الله ، فخص وعم فقال‏:‏   ‏(‏يا معشر قريش، اشتروا أنفسكم من الله ، أنقذوا أنفسكم من النار، فإنى لا أملك لكم من الله ضرًا ولا نفعًا، ولا أغنى عنكم من الله شيئًا‏.‏ يا بني كعب بن لؤى، أنقذوا أنفسكم من النار، فإني لا أملك لكم ضرًا ولا نفعًا‏.‏ يا بني مرة بن كعب، أنقذوا أنفسكم من النار‏.‏ يا معشر بني قصى، أنقذوا أنفسكم من النار، فإنى لا أملك لكم ضرًا ولا نفعًا‏.‏ يا معشر بني عبد مناف، أنقذوا أنفسكم من النار، فإنى لا أملك لكم من الله ضرًا ولا نفعًا، ولا أغني عنكم من الله شيئًا‏.‏ يا بني عبد شمس، أنقذوا أنفسكم من النار‏.‏ يا بني هاشم، أنقذوا أنفسكم من النار‏.‏ يا معشر بني عبد المطلب، أنقذوا أنفسكم من النار، فإني لا أملك لكم ضرًا ولا نفعًا، ولا أغني عنكم من الله شيئًا، سلوني من مالي ماشئتم، لا أملك لكم من الله شيئًا‏.‏ يا عباس بن عبد المطلب، لا أغني عنك من الله شيئًا‏.‏ يا صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله ، لا أغني عنك من الله شيئًا‏.‏ يا فاطمة بنت محمد رسول الله ، سليني ما شئت من مالي، أنقذي نفسك من النار، فإني لا أملك لك ضرًا ولا نفعًا، ولا أغني عنك من الله شيئًا‏.‏ غير أن لكم رحمًا سأبُلُّها بِبلاَلها‏)‏ أي أصلها حسب حقها‏.‏   ولما تم هذا الإنذار انفض الناس وتفرقوا، ولا يذكر عنهم أي ردة فعل، سوى أن أبا لهب واجه النبي صلى الله عليه وسلم بالسوء، وقال‏:‏ تبا لك سائر اليوم، ألهذا جمعتنا‏؟‏ فنزلت‏:‏ ‏{‏تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ‏}‏ ‏[‏سورة المسد‏:‏1‏]   كانت هذه الصيحـة العالية هي غاية البلاغ، فقد أوضح الرسول صلى الله عليه وسلم لأقرب الناس إليه أن التصديق بهذه الرسالة هو حياة الصلات بينه وبينهم، وأن عصبة القرابة التي يقوم عليها العرب ذابت في حرارة هذا الإنذار الآتي من عند الله ‏.‏   5 – ‏فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ:   ولم يزل هذا الصوت يرتج دويه في أرجاء مكة حتى نزل قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ‏}‏ ‏[‏الحجر‏:‏94‏]‏. فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر بالدعوة إلى الإسلام في مجامع المشركين ونواديهم، يتلو عليهم كتاب الله ، ويقول لهم ما قالته الرسل لأقوامهم‏:‏ ‏{‏يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ الله َ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏59‏]. وبدأ يعبد الله تعالى أمام أعينهم، فكان يصلي بفناء الكعبة نهارًا جهارًا وعلى رؤوس الأشهاد‏.‏   وقد نالت دعوته مزيدًا من القبول، ودخل الناس في دين الله واحدًا بعد واحد‏.‏ وحصل بينهم وبين من لم يسلم من أهل بيتهم تباغض وتباعد وعناد واشمأزت قريش من كل ذلك، وساءهم ما كانوا يبصرون‏.‏   وقد أكثروا من السخرية والاستهزاء وزادوا من الطعن والتضحيك شيئًا فشيئًا حتى أثر ذلك في نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ‏}‏ ‏[‏الحجر‏:‏97‏]، ثم ثبته الله وأمره بما يذهب بهذا الضيق فقال‏:‏ ‏{‏فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ‏}‏‏[‏الحجر‏:‏98، 99‏]‏. « ليست وظيفة الإسلام أن يصطلح مع التصورات السائدة في الأرض , ولا الأوضاع القائمة في كل مكان . . لم تكن هذه وظيفته يوم جاء ; ولن تكون هذه وظيفته اليوم ولا في المستقبل . . فالباطل هو الباطل , والإسلام هو الإسلام . . الباطل هو الانحراف عن العبودية لله وحده , وعن المنهج الإلهي في الحياة , واستنباط النظم والشرائع والقوانين , والعادات والتقاليد والقيم والموازين , من مصدر آخر غير المصدر الإلهي . . والإسلام هو الإسلام , ووظيفته هي نقل الناس من الباطل إلى الإسلام .   وهذه الحقيقة الأساسية الكبيرة هي التي يجب أن يصدع بها أصحاب الدعوة الإسلامية , ولا يخفوا منها شيئا ; وأن يصروا عليها مهما لاقوا من بطش الطواغيت وتململ الجماهير » (في ظلال القرآن بتصرف)   الضغوط والقمع والمحن:   وجدت دعوة الإسلام رفضا قويا من القريشيين عموما ، تطور إلى عداء وقمع، ثم إلى محاولة استئصال. وقد أخذ ذلك صورا مختلفة متدرجة انتهت إلى القمع الشامل، حتى استحالت مواصلة الدعوة في مكة وغدا البحث عن موقع جديد ضرورة.   لقد جربت عليهم قريش طوال عشرة أعوام كل أساليب الإرهاب والتهديد والمضايقة والتعذيب، والمقاطعة والتجويع، وأذاقتهم التنكيلات والويلات، وشنت عليهم حربًا نفسية مضنية مع دعاية واسعة منظمة، ومن هاجر منهم إلى المدينة صادرت أرضهم وديارهم وأموالهم، وحالت بينهم وبين أزواجهم وذرياتهم، بل حبست وعذبت من قدرت عليه، وآخر ما كادت به تآمرت على الفتك بصاحب الدعوة صلى الله عليه وسلم، والقضاء عليه وعلى دعوته، ولم تَأْلُ جهدًا في تنفيذ هذه المؤامرة‏.‏ وفيما يلي عينات من ذلك حسب تسلسلها الزمني.   1 – وفد قريش ينبه أبا طالب : قال ابن إسحاق‏:‏ مشى رجال من أشراف قريش إلى أبي طالب، فقالوا‏:‏ يا أبا طالب، إن ابن أخيك قد سب آلهتنا، وعاب ديننا، وسَفَّه أحلامنا، وضلل آباءنا، فإما أن تكفه عنا، وإما أن تخلى بيننا وبينه، فإنك على مثل ما نحن عليه من خلافه، فنكفيكه، فقال لهم أبو طالب قولًا رقيقًا وردهم ردًا جميلًا، فانصرفوا عنه، ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما هو عليه، يظهر دين الله ويدعو إليه‏.‏ ولكن لم تصبر قريش طويلًا حين رأته صلى الله عليه وسلم ماضيًا في عمله ودعوته إلى الله ، بل أكثرت ذكره وتذامرت فيه، حتى قررت مراجعة أبي طالب بأسلوب أغلظ وأقسى من السابق‏.‏    2 – قريش يهددون أبا طالب : وجاءت سادات قريش إلى أبي طالب فقالوا له‏:‏ يا أبا طالب، إن لك سنًا وشرفًا ومنزلة فينا، وإنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه عنا، وإنا والله لا نصبر على هذا من شتم آبائنا، وتسفيه أحلامنا، وعيب آلهتنا، حتى تكفه عنا، أو ننازله وإياك في ذلك، حتى يهلك أحد الفريقين‏.‏ عَظُم على أبي طالب هذا الوعيد والتهديد الشديد، فبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له‏:‏ يا ابن أخي، إن قومك قد جاءونى فقالوا لي كذا وكذا، فأبق عليَّ وعلى نفسك، ولا تحملني من الأمر ما لا أطيق، فظن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عمه خاذله، وأنه ضعُف عن نصرته، فقال‏:‏ ‏(‏يا عم، والله لو وضعوا الشمس في يمينى والقمر في يسارى على أن أترك هذا الأمر ـ حتى يظهره الله أو أهلك فيه ـ ما تركته‏)‏، ثم استعبر وبكى، وقام، فلما ولى ناداه أبو طالب، فلما أقبل قال له‏:‏ اذهب يا بن أخي، فقل ما أحببت، فو الله لا أُسْلِمُك لشىء أبدًا.   3 – قريش يساومون أبا طالب : ولما رأت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ماض في عمله عرفت أن أبا طالب قد أبى خذلان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه مجمع لفراقهم وعداوتهم في ذلك، فذهبوا إليه بعمارة ابن الوليد بن المغيرة وقالوا له‏:‏ يا أبا طالب، إن هذا الفتى أنْهَدَ فتى في قريش وأجمله، فخذه فلك عقله ونصره، واتخذه ولدًا فهو لك، وأسْلِمْ إلينا ابن أخيك هذا الذي خالف دينك ودين آبائك، وفرق جماعة قومك، وسفه أحلامهم، فنقتله، فإنما هو رجل برجل، فقال‏:‏ والله لبئس ما تسومونني، أتعطوني ابنكم أغذوه لكم، وأعطيكم ابني تقتلونه‏؟‏ هذا والله ما لا يكون أبدًا‏.‏ فقال المطعم بن عدى بن نوفل ابن عبد مناف‏:‏ والله يا أبا طالب لقد أنصفك قومك، وجهدوا على التخلص مما تكره، فما أراك تريد أن تقبل منهم شيئًا، فقال‏:‏ والله ما أنصفتموني، ولكنك قد أجمعت خذلاني ومظاهرة القوم عليّ، فاصنع ما بدا لك‏.‏ ولما فشلت قريش في هذه المفاوضات، ولم توفق في إقناع أبي طالب بمنع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفه عن الدعوة إلى الله ، قررت أن يختار سبيلا قد حاولت تجنبه والابتعاد منه مخافة مغبته وما يؤول إليه، وهو سبيل الاعتداء على ذات الرسول صلى الله عليه وسلم‏.‏   4 – الاعتداء على ذات الرسول الله صلى الله عليه وسلم : ولما أخفق المشركون في مكيدتهم، وفشلوا في استرداد المهاجرين استشاطوا غضبًا، وكادوا يتميزون غيظًا، فاشتدت ضراوتهم وانقضوا على بقية المسلمين، ومدوا أيديهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسوء، وظهرت منهم تصرفات تدل على أنهم أرادوا القضاء على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ليستأصلوا جذور الفتنة التي أقضت مضاجعهم، حسب زعمهم‏.‏ أما بالنسبة للمسلمين فإن الباقين منهم في مكة كانوا قليلين جدًا، وكانوا إما ذوي شرف ومنعة، أو محتمين بجوار أحد، ومع ذلك كانوا يخفون إسلامهم ويبتعدون عن أعين الطغاة بقدر الإمكان، ولكنهم مع هذه الحيطة والحذر لم يسلموا كل السلامة من الأذى والخسف والجور‏.‏   5 – ممثل قريش يفاوض الرسول صلى الله عليه وسلم: وبعد إسلام حمزة بن عبد المطلب وعمـر بن الخطاب رضي الله عنهما أخذت السحائب تتقشع، وأفاق المشركون عن سكرهم في تنكيلهم بالمسلمين، وغيروا تفكيرهم في معاملتهم مع النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، واختاروا أسلوب المساومات وتقديم الرغائب والمغريات، ولم يدر هؤلاء المساكين أن كل ما تطلع عليه الشمس لا يساوي جناح بعوضة أمام دين الله والدعوة إليه، فخابوا وفشلوا فيما أرادوا‏.‏ قال ابن إسحاق‏:‏ حدثني يزيد بن زياد عن محمد بن كعب القرظى قال‏:‏ حدثت أن عتبة بن ربيعة، وكان سيدًا، قال يومًا ـ وهو في نادى قريش، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد وحده‏:‏ يا معشر قريش، ألا أقوم إلى محمد فأكلمه وأعرض عليه أمورًا لعله يقبل بعضها، فنعطيه أيها شاء ويكف عنا‏؟‏ وذلك حين أسلم حمزة رضي الله عنه ورأوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثرون ويزيدون، فقالوا‏:‏ بلى، يا أبا الوليد، قم إليه، فكلمه، فقام إليه عتبة،حتى جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال‏:‏ يابن أخي، إنك منا حيث قد علمت من السِّطَةِ في العشيرة، والمكان في النسب، وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم، فرقت به جماعتهم، وسفهت به أحلامهم، وعبت به آلهتهم ودينهم، وكفرت به من مضى من آبائهم، فاسمع منى أعرض عليك أمورًا تنظر فيها لعلك تقبل منها بعضها‏.‏ قال‏:‏ فقال رسول صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏قل يا أبا الوليد أسمع‏)‏‏.‏ قال‏:‏ يابن أخي، إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالًا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالًا، وإن كنت تريد به شرفًا سودناك علينا حتى لا نقطع أمرًا دونك، وإن كنت تريد به ملكًا ملكناك علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك رئيًا تراه لا تستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الطب، وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه، فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يداوى منه ـ أو كما قال له ـ حتى إذا فرغ عتبة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يستمع منه قال‏:‏ ‏(‏أقد فرغت يا أبا الوليد‏؟‏‏)‏ قال‏:‏ نعم، قال‏:‏ ‏(‏فاسمع منى‏)‏، قال‏:‏أفعل، فقال‏:‏ ‏{‏ بسم الله الرحمن الرحيم حم تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ‏}‏ ‏[‏فصلت‏:‏1‏:‏ 5‏]‏‏.‏ ثم مضى رسول الله فيها، يقرؤها عليه‏.‏ فلما سمعها منه عتبة أنصت له، وألقى يديه خلف ظهره معتمدًا عليهما، يسمع منه، ثم انتهي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السجدة منها فسجد ثم قال‏:‏ ‏(‏قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت، فأنت وذاك‏)‏‏.‏ فقام عتبة إلى أصحابه، فقال بعضهم لبعض‏:‏ نحلف بالله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به‏.‏ فلما جلس إليهم قالوا‏:‏ ما وراءك يا أبا الوليد‏؟‏ قال‏:‏ ورائي أني سمعت قولًا والله ما سمعت مثله قط، والله ما هو بالشعر ولا بالسحر، ولا بالكهانة، يا معشر قريش، أطيعونى واجعلوها بي، وخلوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه فاعتزلوه، فوالله ليكونن لقوله الذي سمعت منه نبأ عظيم، فإن تصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم، وإن يظهر على العرب فملكه ملككم، وعزه عزكم، وكنتم أسعد الناس به، قالوا‏:‏ سحرك والله يا أبا الوليد بلسانه، قال‏:‏ هذا رأيي فيه، فاصنعوا ما بدا لكم‏.‏ وفي روايات أخرى‏:‏ أن عتبة استمع حتى إذا بلغ الرسول صلى الله عليه وسلم قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ‏}‏ ‏[‏فصلت‏:‏13‏]‏ قال‏:‏ حسبك، حسبك، ووضع يده على فم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وناشده بالرحم أن يكف، وذلك مخافة أن يقع النذير، ثم قام إلى القوم فقال ما قال‏.‏   6 – رؤساء قريش يفاوضون رسول الله صلى الله عليه وسلم: وكأن رجاء قريش لم ينقطع بما أجاب به النبي صلى الله عليه وسلم عتبة على اقتراحاته؛ لأنه لم يكن صريحًا في الرفض أو القبول، بل تلا عليه النبي صلى الله عليه وسلم آيات لم يفهمها عتبة، ورجع من حيث جاء، فتشاور رؤساء قريش فيما بينهم وفكروا في كل جوانب القضية، ودرسوا كل المواقف بروية وتريث، ثم اجتمعوا يومًا عند ظهر الكعبة بعد غروب الشمس، وأرسلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يدعونه، فجاء مسرعًا يرجو خيرًا، فلما جلس إليهم قالوا له مثل ما قال عتبة، وعرضوا عليه نفس المطالب التي عرضها عتبة‏.‏ وكأنهم ظنوا أنه لم يثق بجدية هذا العرض حين عرض عتبة وحده، فإذا عرضوا هم أجمعون يثق ويقبل، ولكن قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏ما بي ما تَقُولُون، ما جِئْتُكُم بما جِئْتُكُم بِه أَطْلُب أَمْوَالكُم ولا الشَّرف فيكم، ولا المُلْكَ عليكم، ولكنّ الله بَعَثَنِى إلَيْكُم رَسُولًا، وَ أَنْزَلَ علىَّ كِتابًا، وأَمَرَنِى أنْ أَكُونَ لَكُم بَشِيرًا وَنَذِيرًا، فَبَلَّغْتُكُم رِسَالاتِ ربي، وَنَصَحْتُ لَكُمْ، فإِنْ تَقْبَلُوا مِنّى ما جِئْتُكُم بِه فَهُوَ حَظُّكُم في الدُنيا والآخرة، وإنْ تَرُدُّوا علىّ أَصْبِر لأمْرِ الله ِ حتّى يَحْكُم الله ُ بَيْنِى وَ بَيْـنَكُم‏)‏‏.‏ أو كما قال‏.‏ 7 – مساومات وتنازلات ولما فشلت قريش في مفاوضتهم المبنية على الإغراء والترغيب، والتهديد والترهيب، وخاب أبو جهل فيما أبداه من الرعونة وقصد الفتك، تيقظت فيهم رغبة الوصول إلى حل حصيف ينقذهم عما هم فيه، ولم يكونوا يجزمون أن النبي صلى الله عليه وسلم على باطل، بل كانوا ـ كما قال الله تعالى ‏{‏لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ‏}‏ ‏[‏الشورى‏:‏14‏]‏‏.‏ فرأوا أن يساوموه صلى الله عليه وسلم في أمور الدين، ويلتقوا به في منتصف الطريق، فيتركوا بعض ما هم عليه، ويطالبوا النبي صلى الله عليه وسلم بترك بعض ما هو عليه، وظنوا أنهم بهذا الطريق سيصيبون الحق، إن كان ما يدعو إليه النبي صلى الله عليه وسلم حقًا‏.‏ روى ابن إسحاق بسنده، قال‏:‏ اعترض رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ وهو يطوف بالكعبة ـ الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى والوليد بن المغيرة وأمية بن خلف والعاص بن وائل السهمى ـ وكانوا ذوى أسنان في قومهم ـ فقالوا‏:‏ يا محمد، هلم فلنعبد ما تعبد، وتعبد ما نعبد، فنشترك نحن وأنت في الأمر، فإن كان الذي تعبد خيرًا مما نعبد كنا قد أخذنا بحظنا منه، وإن كان ما نعبد خيرًا مما تعبد كنت قد أخذت بحظك منه، فأنزل الله تعالى فيهم‏:‏ ‏{‏قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ‏}‏ السورة كلها‏.‏ وأخرج عَبْدُ بن حُمَـيْد وغيره عن ابن عباس أن قريشًا قالت‏:‏ لو استلمت آلهتنا لعبدنا إلهك‏.‏ فأنزل الله ‏:‏ ‏{‏قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ‏}‏ السورة كلها وأخرج ابن جرير وغيره عنه أن قريشًا قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ تعبد آلهتنا سنة، ونعبد إلهك سنة،فأنزل الله ‏:‏‏{‏قُلْ أَفَغَيْرَ الله ِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ‏}‏ ‏[‏الزمر‏:‏64‏]‏ ولما حسم الله تعالى هذه المفاوضة المضحكة بهذه المفاصلة الجازمة لم تيأس قريش كل اليأس، بل أبدوا مزيدًا من التنازل بشرط أن يجرى النبي صلى الله عليه وسلم بعض التعديل فيما جاء به من التعليمات، فقالوا‏:‏ ‏{‏ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـذَا أَوْ بَدِّلْهُ‏}‏، فقطع الله هذا السبيل أيضًا بإنزال ما يرد به النبي صلى الله عليه وسلم عليهم فقال‏:‏ ‏{‏قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ‏}‏ ‏[‏يونس‏:‏15‏]‏ ونبه على عظم خطورة هذا العمل بقوله‏:‏‏ {وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا‏}‏ ‏[‏الإسراء‏:‏73‏:‏ 75‏]‏‏.‏    خلاصة ومحاكمة :   وحتى يتيسر لنا محاكمة حركة النهضة إلى هذه المرحلة من السيرة النبوية ، يحسن بنا إجمالها. لقد  صدع الرسول صلى الله عليه وسلم بالحق والحقيقة امتثالا لأمر الله، وبقي ثابتا على ذلك تمسكا وتبليغا ودعوة.   الإعلان والصدع بالإسلام:   ما إن نزل قوله تعالى‏:‏‏{‏وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ‏}‏ ‏[‏الشعراء‏:‏214‏]‏ حتى دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عشيرته بني هاشم وقال‏:‏ ‏(‏الحمد لله، أحمده وأستعينه، وأومن به، وأتوكل عليه‏.‏ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له‏)‏‏.‏ ثم قال‏:‏ ‏(‏إن الرائد لا يكذب أهله، والله الذي لا إله إلا هو، إنى رسول الله إليكم خاصة وإلى الناس عامة، والله لتموتن كما تنامون، ولتبعثن كما تستيقظون، ولتحاسبن بما تعملون، وإنها الجنة أبدًا أو النار أبدًا‏)‏‏.‏   ثم بعد ذلك وسع هذا الإنذارإلى قريش حيث صاح فيهم بعد أن ناداهم فقال : ‏(‏يا معشر قريش، اشتروا أنفسكم من الله ، أنقذوا أنفسكم من النار، فإني لا أملك لكم من الله ضرًا ولا نفعًا، ولا أغني عنكم من الله شيئًا‏.‏)   ولم يزل هذا الصوت يرتج دويه في أرجاء مكة حتى نزل قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ‏}‏ ‏[‏الحجر‏:‏94‏]‏. فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر بالدعوة إلى الإسلام في مجامع المشركين ونواديهم، يتلو عليهم كتاب الله ، ويقول لهم ما قالته الرسل لأقوامهم‏:‏ ‏{‏يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ الله َ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏59‏]. وبدأ يعبد الله تعالى أمام أعينهم، فكان يصلي بفناء الكعبة نهارًا جهارًا وعلى رؤوس الأشهاد‏.‏    فأين حركة النهضة من هذا الإعلان للإسلام والصدع به وتبليغه؟ قد تكون معذورة لتعذر الدعوة في المساجد التونسية وبالأساليب التقليدية ، ولكن هل هي معذورة في تغييب الدعوة في العمل السياسي؟ وهل هي معذورة في ما تمارسه من التواري من الحقائق الإسلامية ؟ بل قد دفعها هذا التواري لإبراز صفتها السياسية، وتأخير صفتها الإسلامية حتى تكاد تطمسها، وغدت مهددة بصفات أخرى بديلة: سياسية / وطنية…   إن من مقتضيات الصفة الإسلامية لحركة النهضة أن تكون دوما رافعة لراية الإسلام، وأن صلتها بالناس هي أساسا بصفة الدعوة له. تكون كذلك في كل اهتماماتها وفي القضايا المثارة، مع الأفراد والجماعات ، ومع الأحزاب السياسية والمجتمع المدني، ومع السلطة والمعارضة . أين حركة النهضة من كل هذا؟ بل هي اليوم إذا جلست إلى أطراف أخرى ، فليس لتكون داعية للإسلام بل لتكون مدعوة لنقض الإسلام.      لقد طغى على هذه الحركة منطق التواري مما لا يحبه الغرب والعلمانيون ومحترفو السياسة وانتهازيوها ، طغيانا أفقدها التوازن في الخطاب والممارسة، كما هو جلي في العمل السياسي ومع 18 أكتوبر.   الضغوط والقمع والمحن:    منذ أن أعلن الرسول صلى الله عليه وسلم الدعوة وصدع بها ثبت عليها وعلى تبليغها في كل الظروف، ورفض كل المساومات والضغوطات، وقاوم مختلف الضغوط والمحن .   مقارنة بهذا كله، ماذا كان موقف حركة النهضة  المتوارية من الحقيقة الإسلامية ، أمام مختلف الضغوط والمحن التي عاشتها ولازالت تعيشها ؟   1 –  فأمام تهديد قريش قال صلى الله عليه وسلم إلى عمه معبرا له أن الأمر غير قابل للتنازل ‏:‏ ‏(‏يا عم، والله لو وضعوا الشمس في يمينى والقمر في يسارى على أن أترك هذا الأمر ـ حتى يظهره الله أو أهلك فيه ـ ما تركته‏)‏. فهل تقدر حركة النهضة أن تتخذ هذا الموقف ، وأن تصدع به ؟ 2 – ولما ساوموه صلى الله عليه وسلم مساومة مغرية وقالوا‏:‏ (إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالًا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالًا، وإن كنت تريد به شرفًا سودناك علينا حتى لا نقطع أمرًا دونك، وإن كنت تريد به ملكًا ملكناك علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك رئيًا تراه لا تستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الطب، وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه، فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يداوى منه). فأجابهم صلى الله عليه وسلم‏ :‏ ‏(‏ما بي ما تَقُولُون، ما جِئْتُكُم بما جِئْتُكُم بِه أَطْلُب أَمْوَالكُم ولا الشَّرف فيكم، ولا المُلْكَ عليكم، ولكنّ الله بَعَثَنِى إلَيْكُم رَسُولًا، وَ أَنْزَلَ علىَّ كِتابًا، وأَمَرَنِى أنْ أَكُونَ لَكُم بَشِيرًا وَنَذِيرًا، فَبَلَّغْتُكُم رِسَالاتِ ربي، وَنَصَحْتُ لَكُمْ، فإِنْ تَقْبَلُوا مِنّى ما جِئْتُكُم بِه فَهُوَ حَظُّكُم في الدُنيا والآخرة، وإنْ تَرُدُّوا عليّ أَصْبِر لأمْرِ الله ِ حتّى يَحْكُم الله ُ بَيْنِي وَ بَيْـنَكُم‏)‏‏.‏   وما تطلبه حركة النهضة هو دون هذا بكثير، فماذا سيكون تصرفها لوساوموها به ؟ أما لو ساوموها بالاعتراف القانوني والتشريك في السلطة بشرط التنازل عن الإسلام، أي بشرط التحول إلى حركة علمانية، فلا أتصور إلا أنه سيحضى بقبول أغلبية نخبة الحركة ، بخلفية أن ينهجوا نهج حزب العدالة التركي.   3 – ثم تطور القريشيون فساوموه صلى الله عليه وسلم في أمور الدين، ليلتقوا به في منتصف الطريق،  فقالوا‏:‏ (يا محمد، هلم فلنعبد ما تعبد، وتعبد ما نعبد، فنشترك نحن وأنت في الأمر، فإن كان الذي تعبد خيرًا مما نعبد كنا قد أخذنا بحظنا منه، وإن كان ما نعبد خيرًا مما تعبد كنت قد أخذت بحظك منه).   فأجابهم بأمر الله الذي أنزله تعالى عليه في ذلك ‏:‏ ‏{‏قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ (4) وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)‏}‏ ‏.‏   وعرض القريشيين هذا هو كعرض علمانيينا – افتراضا – على حركة النهضة أن يعلنوا قبولهم للإسلام وأن تعلن هي قبولها للعلمانية. مثل هذا العرض هو أفضل من سابقه، ولذلك فأغلب نخبة الحركة ستكون أكثر إسراعا إليه. والحركة في واقع حالها قد خطت أشواطا في اتجاه العلمنة العملية، وتتطلع إلى تجاوز بعض العقبات لتسويغها. 4 – ثم ساوم القريشيون الرسول صلى الله عليه وسلم بما هو دون ذلك ، وهو طلب بعض التعديل فيما جاء من شرائع الإسلام، فقالوا‏:‏ ‏{‏ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـذَا أَوْ بَدِّلْهُ‏}‏، فقال‏:‏ ‏{‏قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ‏}‏ ‏[‏يونس‏:‏15‏]‏ . ونبه على عظم خطورة هذا العمل بقوله‏ :‏‏{‏وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا‏}‏ ‏[‏الإسراء‏:‏73‏-‏ 75‏]‏‏.‏ إن تغيير بعض شرائع الإسلام هو مطلب العلمانيين من حركة النهضة ، وقد اجتهدت ولا زالت تجتهد في تلبيته بالتعسف في فهم النصوص وتغييب بعضها وتجاهلها، أوبتجاوزها بالأقاويل الشاذة. وهذا ما رأيناه وما مارسته هذه الحركة ولا زالت، في عملها مع هيئة 18 أكتوبر ، الأمر الذي دعا أحد الغيورين على دينهم إلى التعليق على ورقة 8 مارس بما يلي:   ( تضمنت الوثيقة التنصيص على « مواصلة الحوار بروح وطنية بناءة حول القضايا الخلافية العالقة مثل مسألة المساواة في الإرث ». فماذا يعني هذا الكلام؟ هل يخضع النص القطعي الثبوت القطعي الدلالة، {يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} (النساء11)، للحوار الذي يعني تقديم التنازلات خدمة لمصلحة الوطن؟ إنني أحذركم من هذا، فالله سبحانه وتعالى بيّن الفروض، ثم قال بعدها: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يُطِع اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14)} (النساء). فالحذر، الحذر من وضع حدود الله على مائدة الحوار، فمن قبل الحوار فيها، قبل التنازل عنها.)   إن العلمانيين يريدون من حركة النهضة أن تغير دينها بما يتوافق مع حقوق الإنسان بالمضمون العلماني، بل ومع قيم الحداثة والعلمانية . ذلك شرط قبولهم لها، وشرط صحبتها لهم ومشاركتهم العمل. وهم بذلك وبما انزلقت فيه يوشكون أن يفتنوها عن دينها.   بقلم محمد شمام للاتصال بي في موضوع هذه الحلقات أوغيرها :  العنوان البريدي : mohacham@gawab.com الهاتف النقال : 0046736309986   وإلى الجزء القادم إن شاء الله وهو الهادي إلى سواء السبيل


خمسون …  
بقلم: برهان بسيس مرّت مسرحية خمسون هذا الأسبوع مِن قرطاج… تعطيلها وعرضها سيّان… لقد كانت في كلتا الحالتين نادرة، متعالية، وسيمة، شهيّة، لعوب، غريبة، مبهرة، معذّبة في ذروة تشهيرها بالتعذيب. كَمْ كان الجعايبي عادلا في توزيع منغّصات اليقين وموتّرات الأعصاب على الجميع دون أن يرحم أحدا إسلاميين ويسار وسلطة. تونس التي رأيتها تلك الليلة مبثوثة حول ركح قرطاج كانت على درجة من الرفعة الأكبر جماليّة من أيّ رقم حول نموّ الاقتصاد أو مؤشّر جافّ للتنمية أو نصّ احتفاء خَشبيّ بمكاسب الوطن، مناخ تلك الليلة بالذّات هُوَ ما يغرس في النفس الشعور بتلك الجملة الكادحة، «الالتحاق بمصاف الدول المتقدّمة»… مناخ تلك الليلة حلّق بنا بعيدا وكأنّه مَرَّ في غفلة عَن الحرس الثقافي الحريص على حماية الانحطاط وصيانة مدينة القاع المتفرّغة لإنجاز البرنامج التنموي الطموح: «لا تفكير بعد اليوم». لا ديمقراطيّة في الجمال والمعرفة والثقافة، خمسون استثناء مرعب في الرسالة والخطاب وشخصيّة المتلقّي المكتوب عليه في حضرة الفاضل وجليلة أن يتوضّأ مِن أدران السهل والمنبسط وما يطلبه الجمهور ويسلّم لهذا الجعايبي حقّه الكامل في أن يتعالى ويغترّ وينظر لِمَنْ يرجعون مِثله بالنّظر إلى الوزارة المكلّفة بالثقافة مِن الطابق الكائن في السماء السابعة. هل تركت خمسون شيئا لم تقله حول قلب رهاناتنا السياسيّة والاجتماعيّة الرّاهنة، المشكلة أنّها تحدّثت بصوتٍ عالٍ دون أن تفسد الصرخة ملمح الفنّ والجمال، فقط كانت ملامح جليلة بكار أو فاطمة سعيدان أو جمال مداني أو بقيّة المبدعين الذين يتضاعف إبداعهم بركون أسمائهم إلى السريّة، فقط كان تغيير في حركة الفم أو اليدين أو التواء في الجسد أو حدقة العينين، فقط كان ذلك كفيلا بجعل خطاب سياسيّ مباشر حفلت به المسرحيّة مُضَمَّخا بحلاوة رسم فَنّي أو عزفٍ لذيذ. قوّة المسرحيّة أنّها وزّعت قساوتها بعدل على الجميع هُنَا في أرضها، في تونس، لم تهرب إلى اللاّمكان واللاّزمان حيث السلامة والأمن والإطمئنان، لقد ألقى الجماعة بكل الأسئلة على قارعة الطريق: – هل نشرّك الإسلاميين أم لا؟ – هل نقبل بالحجاب أم لا؟ – كيف يمكن لديموقراطي يقبل بالاختلاف أن يتعامل مع حجاب الإسلاميين حين يمتدّ اجتماعيّا باسم الحريّة الشخصيّة؟ – هل مازال لليسار دور؟ – تحالف 18 أكتوبر زيجة طبيعيّة من أجل الحريّة أم التقاء انتهازي؟ – قانون مكافحة الارهاب بين شرعيّة مقاومة الظّاهرة والسقوط في تبرير التعذيب وانتهاك الحريات؟! – هل يسير تاريخنا نحو قدر إسلامي محتوم؟ – كيف تحمي الحريّة نفسها من مشروع الإسلاميين؟ – هل تملك نخب أخرى خارج منظومات الاصطفاف التقليدي وراء اليسار أو السلطة أو الإسلاميين إمكانيّة الفعل في المستقبل؟ جلس الجميع على كرسي التداعي الإكلينيكي الذي هيّأه الجعايبي: – المناضل اليساري والمجاهد الإسلامي والموظّف الأمني، كانت أسئلة خمسون أقوى من أن يحتملها اطمئنان الفرح الدّائم وأكبر من بيانات وأنشطة بعض أحزاب منحت تأشيرة تونسيّة لتكتفي بإبداء انشغالها ممّا يحصل في السودان واستنكارها لما يحصل في لبنان وحيرتها أمام ما يحصل في فلسطين ودعوتها للإخوة في النيجر والسند وكينيا وأوسيتيا للتعقّل وتغليب صوت الحكمة!!! الفاضل الجعايبي وجليلة بكّار أهمّ حزب سياسي تستطيع تجربتنا الديمقراطيّة أن تفاخر به، أمّا بعض الذين قد يساورهم شيء من القلق والشكّ تجاه قيمة هذا الحزب فألفت انتباههم أنّه عوض إخفاء خمسون وعدم إشهارها ولو بذرّة مِن الإمكانيات الإشهاريّة التي توضع على ذمّة حفلات الرقص والحزام فإنّ مصلحة الوطن تقتضي أن يتمّ الحرص على دعوة كل مَن  يهتمّ بقضايا التعبير والحريات في تونس لمواكبة هذه المسرحيّة ليقف على درجة حريّة التعبير المتوفّرة في البلد… مَن قال أنّ حريّة التعبير تواجه تضييقا في تونس؟! صدّقوني خمسون هي أهمّ إجابة في هذه المرحلة فلا تضيعوها في زحمة الشكّ الدّائم!!! (المصدر: جريدة ‘الصباح’ (يومية – تونس) الصادرة يوم 14 أوت 2008)


 

بسم الله الرحمان الرّحيم  حوار الطرشان وصمت الأموات بين السلطة والمعارضة  كيف تحقيق الأمن الغذائي و السلم الاجتماعي العودة حق واسترداده واجب لا حياة كريمة بدون المحافظة على الهوية العربية الاسلامية   الحكمة تقتضي ترك عقلية تبسيط الأمور و استعجال النتائج و الاستخفاف بالآخر لا تنمية بدون ضمان حقوقّ المواطنة

(الجزء الثاني) « واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرّقوا واذكروا نعمة الله عليكم اذ كنتم أعداءا فألّف بين قلوبكم » (آل عمران 103) « قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني وسبحان الله » (سورة يوسف 108)  » ادع إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة »(النحل – 125)  » يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بث منهما رجالا كثيرا و نساء، و اتقوا الله الذي تساءلون به و الأرحام إن الله كان عليكم رقيبا،  » (النساء – 1)  
باريس في 15 أوت  2008 بقلم : عبد السّلام بو شدّاخ، احد مؤسسي الحركة الاسلامية في تونس الدعوة لأية عودة نريد وهل استوفت العودة شروطها؟: مريرة حقّا سنوات المنفى والأمرّ منها، أن أرى بعض رفاق الدرب الجميل يكتبون سطور المديح لعودة أصلها ومنتهاها، يحول المناضل  مسكينا يستجدي مكرمة جلاده . ققط أريد أذكر الجميع بدون استثناء بان العودة ممكنة  بحساب السياسة الآن وهنا، على أن تتوفر شروطها.  ونحن قادرون على إنجازها بما نملك من خبرة ، ومن شبكة العلاقات الداخلية والخارجية التي راكمناها بسهر ليال وعمل دءوب.  ان العودة التي نريد أن نعمل لها معا هي عودة تكون ثمرة لمسار نضالي، يبدأ أولا وأساسا بخوض معركة استعادة جوازات سفرنا، ليس عبر الاستجداء وإنما من خلال ديناميكية نضالية عنوانها حقوقيا ونهايتها سياسية. ندعو الجميع إلى حوار هادئ ومسئول،  ليس حول حق العودة الذي لا يناقش فيه ذو عقل سليم، ولكن حول كيفية إنجاز مسار العودة. فالعودة ليست لحظة في ذاتها بل مسار كامل لا بد له من تدبير وتخطيط واستجماع لشروط إنجازه . إن العودة التي ندعو لها تحت عنوان « الحق في العودة لمن يريد ان يعود » والدعوة الى بلورة خطة عملية وميدانية واضحةالمعالم والاهداف لانجاز ما عليه عزمنا العودة ببعدها السياسي والنضالي. وهذه الفكرة أصبحت اليوم أليفة كل دار، تنتقل انسيابا بين القارات، وتجمع حولها نساءها ورجالها العازمون على عودة من بوابة الشرف، وعلى إيقاع التخطيط الوازن والحكيم، دون تسرع يرميها في مجهول المغامرة. العودة أيها الصابرون إلى من يدفع الثمن، والصامدون أمام غواية عودة العطل، سنعمل لها حتى لا تستثني أحدا وكل من عمل من أجل وطن يسع الجميع،  كل هؤلاء يمكنهم أن يعودوا متى شائوا. يجب أعداد ظروف العودة في ظروف كريمة ، فأيها الأحبة إياكم أن تسترقوا عودتكم بل أجعلوها علنية واضحة ناصعة شريفة في مستوى شرف تضحياتكم وصمودكم الذي حيّر أصدقائكم قبل خصومكم. الا انّ الناظر إلى تونس بعيون المواقع الإلكترونية للمعارضة التونسية لا تترائى له سوى النقائص المضخّمة و أخبار الإعتقالات و المحاكمات التي تعطي صورة قاتمة عن بلد يرنوا في الحقيقة أكثر فأكثر للإشعاع و نحن نأمل في المساهمة في تغيير هده الصورة القاتمة. و لعلّ أخطرهذه الأطروحات بعض أطراف المعارضة التي تعتبر أنّه لاوجود  » للسياسة » في تونس وتدعوا إلى انتفاضة شعبية تأتي على الاخضر واليابس بعنوان  » مقاومة شعبية و مدنية »  وهذا التمشي يتناقض مع مفهوم السياسة ذاتها اذ انّ السياسة هي  » فنّ إدارة الصراع » و » فنّ الممكن » كما أنه تمشي خطير لأنه قد يدفع بالبلاد نحو فتنة داخلية و يشجّع على العنف و  يهدد السلم الإجتماعي للبلد. انقسام حول مسألتي ‘العودة’ و’المصالحة’ : كتب الاستاذ صلاح الدين الجورشي فقال: ‘العودة’ و’المصالحة’، مفردتان تتردّدان منذ أشهر داخل أوساط اللاجئين السياسيين والمغتربين من أعضاء وأنصار حركة النهضة بالخصوص، الذين يقيمون خارج تونس منذ ما يزيد عن 20 عاما للبعض منهم. هذا الموضوع أصبح يشكِّـل مصدر صُـداع شديد لقيادة هذه الحركة، بعد أن قرّر العشرات من الكوادر بصفة فردية تسوية أوضاعهم الشخصية والعائلية، وذلك بشدّ الرّحال إلى مطار قرطاج تونس الدولي، حيث وجدوا الأبواب مفتوحة في وجوهم، ولم يتعرضوا لا للاعتقال أو حتى للإهانة، فعلوا ذلك خلافا لتوجيهات قيادتهم التي لا تزال تشدّد على ضرورة أن تُـعطى الأولوية للتسوية السياسية الشاملة والجماعية. عندما حصلت المواجهة الشاملة بين السلطة وحركة النهضة في بداية التسعينات من القرن الماضي، تمكّـن الكثير من الملاحقين أن يتسلّـلوا سِـرّا إلى الجزائر أو ليبيا، ومنها توزّعوا على مختلف العواصم الأوروبية بالخصوص، وبعد أن تمكّـنوا من تسوية أوضاعهم بالحصول على اللجوء السياسي، وعلى جنسيات الدول التي يقيمون فيها بدأت رِحلتهم مع انتظار العودة إلى تونس. لم يتوقع أي واحد منهم بأن انتظارهم سيطُـول كل هذه الفترة دون أفُـق واضح، حتى الشيخ راشد الغنوشي، الذي سبق الأحداث وقرّر المغادرة مبكّـرا، وذلك بعد شهر ونصف من الانتخابات التشريعية التي أجريت يوم 2 أبريل 1989، وشاركت فيها حركة النهضة بكل ثِـقلها، كان يتصوّر يومها أن غيابه عن تونس قد لا يستغرِق بضعة أشهر. كانت تلك المرحلة بمثابة مرحلة الحِـسابات الخاطئة بالجملة، إذ لم تُـضيِّـع الحركة فقط فُـرصة الاستفادة من الانتخابات، وإنما ضاعت كل رِهاناتها الداخلية والخارجية وتحوّلت في فترة وجيزة إلى بقايا تنظيم مهاجر موزع على عشرات البلدان في العالم. وتحملت القيادة يومها مسؤوليتها ووعدت قواعدها بالعمل على تغيير موازين القوى من جديد، لكن استمرت السنوات تِـباعا دُون أن يتحقّـق الوعد أو يقترب موعد العودة. هنا بدأ التململ وأخذت تتوالى التساؤلات، ثم الانتقادات الداخلية غير العلنية ثم أخذت الخلافات تتجذر شيئا فشيئا ويتّـسع نِـطاقها وتخرج شيئا فشيئا للعلن. وفي الأثناء، بدأ البعض ينسحِـب بصمت أو يختار الابتعاد، دون القَـطع نهائيا مع قيادة المهجر. في هذه الأجواء الداخلية الصعبة ورغم محاولات الإنعاش الفاشلة، بدأ البعض يفكِّـر في فصل مساره الشخصي والأسَـري عن مسار الحركة والقيادة الحالية. وبما أن السلطة كانت ولا تزال تُـراقب بدقّـة حالة العجْـز التي آلت إليه أكبر حركة معارضة شهدتها تونس خلال السبعينات والثمانينات، فقد شجّـعت هذا التوجه لدى هؤلاء العناصر، وذلك بتسهيل عودتهم ضِـمن مبدإ الفصل التام بين الملف الإنساني والملف السياسي. ولم يصدّق الذين بادروا بهذه الخطوة من الكوادر النهضوية أعيُـنهم عندما وطئت أقدامهم أرض تونس، فتمّ الترحيب بهم من قِـبل رجال الأمن وسُـئِـلوا في مقر وزارة الداخلية بكل لُـطف عن مسائل قديمة، ثم سلّـمت لهم جوازاتهم وأشعروا بأن ملفهم قد أغلِـق نهائيا. هذا المُـنعرج الذي حدث في تاريخ العلاقة بين السلطة وحركة النهضة أزعج قيادتها وجعلها تشعر بأنها مهدّدة في رصيدها السياسي والنِّـضالي والأدبي، وبناءً عليه، حاولت أن تضع له حدّا بمختلف الوسائل، لكنها – فيما يبدو – قد فشِـلت مع الكثيرين. فعدد الذين أعدّوا حقائبهم هم في ازدياد، حسبما تؤكد بعض المصادر وطبقا لما تثبته قائمة الذين دخلوا تباعا إلى تونس. والكثير منهم ليسوا شخصيات نكِـرة في الحركة، وإنما لهم رصيدهم ومكانتهم ويصعب الطعن بسهولة في نزاهتهم. دعوة لمراجعة جوهرية : إن القيادة الحالية لحركة النهضة بالخارج مُـحقّـة عندما تعتبِـر بأن العملية تسحب منها ورقة هامة في مواصلة إدارة المعركة مع السلطة. فخطّـتها مرتكزة على الاستمرار في الضغط السياسي واستغلال ما يصلها من معلومات عن سوء الأوضاع في البلاد، لكي تُـجبر النظام على مفاوضتها، وبذلك تتمكّـن من تحقيق بعض المطالب السياسية، وفي مقدِّمتها إطلاق سَـراح من تبقّـى من المساجين وعودة المُـغتربين، فتؤكِّـد بذلك شرعيتها القيادية. لكن المشكلة، أن هذه الإستراتيجية التي تبنّـتها القيادة الحالية منذ بداية المواجهة لم تؤدِّ إلى أي نتيجة. فأوراق الضّـغط التي لديها ضعيفة وغير مؤثِّـرة، كما أن النظام لم يبلغ حالة الضّـعف التي تصوّرتها بعض المقالات والبيانات أو الأخبار غير الدّقيقة، وأن شروط التّـغيير السِّـلمي أو العنيف مفقودة، وبالتالي، لا يشعر النظام بأي حاجة لفتح قنوات حِـوار مع هذه القيادة أو مع غيرها، ولهذا تعالت أصوات نوعية من داخل الحركة وعلى هامشها، تتّـهم القيادة بالعجز وتدعوها إلى الاعتراف بفشل إستراتيجيتها التي اتّـبعتها منذ قُـرابة العشرين عاما. في هذا السياق، يجري الحديث حاليا داخل أوساط النهضويين عن نصّ جماعي، هو بصدد الإنجاز فيما يبدو، وستوقّـع عليه شخصيات وازِنة داخل مـُحيطها التنظيمي، يتحدّث أصحابه بلُـغة غير مسبوقة ويطالبون بوقفة تأمُّـل والقيام بمراجعة جوهرية لخارطة الطريق، التي اعتمدتها الحركة منذ اندلاع المواجهة مع النظام قبل 17 عاما ونيف. إن النص فيما يبدو مُـحاولة لرفع السِّـتار عن طريقٍ يبدو للكثيرين مسدودا ودعوة أساسية إلى تغيير طبيعة العلاقة مع السلطة في اتِّـجاه إنهاء حالة المواجهة معها. أي مصالحة ممكنة ؟ : إن بعض الذين غادروا الأروقة الداخلية للحركة منذ فترة طويلة، يُـريدون أن يساهموا من خلال مواقعهم الرّاهنة وتجاربهم السابقة، في تعميق هذا النقاش عسى أن يؤدّي ذلك إلى فتح باب أو حتى كوة صغيرة نحو ما يسميه هؤلاء بـ ‘المصالحة’، وهي بالمناسبة كلمة لا ترفضها القيادة الحالية للحركة، ولكن المخالفين لها يتّـهمونها بأنها لا تعمل جدِّيا على تحقيق ذلك. القيادة تتحدّث عن مصالحة مشروطة في مرحلة لم تقدر فيها على فرض أي مطلب من مطالبها أو حتى أن تقنع النظام بأن من مصلحته أن يتحاور معها. يعتبر فاضل البلدي (رئيس مجلس الشورى السابق لحركة النهضة) أن المعركة بين النظام والحركة ‘قد استنفدت أغراضها’، مشيرا إلى أن البلاد تتهيَّـأ إلى انتخابات رئاسية وتشريعية قادمة، ويعتقد بأن المطلوب حاليا هو ‘تهيئة الظروف الموضوعية المُـلائِـمة لهذه المناسبة’، وهو يفترض بأن الفترة المتبقِـية التي تُـقدَّر بسَـنة، تُـعتبر كافية لعقد ‘مصالحة ممكنة’. وعند تذكيره بأن الحركة عبّـرت عن رغبتها في المصالحة ولكن دون جدوى، أجاب ‘نعم، يقولون بأنهم سَـعوا إلى ذلك وعبَّـروا عن رغبتهم، لكن هذه الرّغبة لا تنسجِـم تماما مع ما يُـعلنه زعيم الحركة’، في إشارة إلى الشيخ راشد الغنوشي اللاجئ منذ عام 1991 في لندن، ويؤكد على أن هناك من الإسلاميين مَـن لا يريدون تحقيق المصالحة، عندما يفترضون الرّبط بين ذلك وبين الاعتراف بحركة النهضة. البلدي كتب مؤخَّـرا عددا من النُّصوص، دافع فيها عن وجهة نظره، لكن بقدر ما لقِـيت مقالاته ارتياحا وتجاوُبا من قِـبل بعض النهضويين، فإنها أثارت في المقابل غضب الغنوشي، الذي ردّ عليه في بداية شهر يونيو الماضي في سياق هُـجوم عنيف على السلطة، قاطعا بذلك أي احتمال للتقارب معها. لقد طلب منه ومِـن غيره بوضوح، عدَم التدخل في شؤون الحركة، قائلا ‘ليس لمَـن لم يصلاه في تلك المسالخ جحيم الهولوكوست ‘النوفمبري’، إذ احتمى منه بهِـجرة أو انسحاب… ليس له أن يقوم في ضحايا الهولوكوست واعِـظا، يعظهم في المصالحة والصفح ونسيان جراحاتهم العميقة’، وأضاف ‘ليس من العدل أن يُـفتي معافى في موطنه أو في مهجره لمُـبتلى’. كلمة في حقّ القلم المحررسليم بوخذير:  أرفع أحرّ عبارات الإمتنان والتقدير إلى كلّ الشرفاء في الدّنيا الذين هرعوا إلى مُساندة القلم الحر سليم بو خذير في محنته من يوم أن أراد النظام ختم مسلسل القمع و الإضطهاد بحلقة جديدة هي الإعتقال ذات ليلة في 26 نوفمبر 2007 ورماه في غياهب سجون غير خافية على أحد حجم معاناة نُزلائها فيها ، وإحوان لنا لا زالوا هماك قابعون منذ قرابة العقدين من الزمان ولا ننسى المهجّرين قصرا منذ قرابة الثلاثة عقود وذلك عقابا على تمسّكهم بإستقلاليّتهم كمواطنين شرفاء.  و هذا سليم توخذير دفع ضريبة النضال كصحفي شريف صادق وكشف للفساد المستشري بهدف حرمانه من حقّ التعبير حيث ضمِن النظام في السجن حرمانه منّ التعبير لأشهر ثمانية حيث منع عنّه التراسل و لم يمكّنه السجّانون من حقّ التحاور لأكثر من دقائق برقيّة مع زوجته ، فضلا عمّا لقيه في السجن من معاناة التشفّي . وفي الأخير عاد شاكرا لكلّ من ساندنه دون إستثناء قائلا لهم : مساندتكم فخر لي والله أسأل أن يوفّقني لأكون دائما في مستوى إنتظاراتكم صحفيّا يحترم ميثاق شرف المهنة و يبذل العرق النبيل من أجل إعلاء راية الحقّ والحقيقة ..  عاشت حرّية الصحافة.. عاش ميثاق شرف الصحفي .. عاش الصحفي .. عاشت حُرمة الصحفي .. عاشت حرّية التعبير .. عاشت الحرّية و ميثاق حقوق الإنسان .. عاش الإنسان   و صدق الله العظيم اذ قال في سورة آل عمران: « ولتكن منكم أمّة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون » (آل عمران 104) و قال تعالى « مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ » (النحل:97).  و الله هو الهادي إلى سواء السبيل لا رب غيره و لا معبود سواه. و للحديث بقية إن شاء الله. باريس في 15 أوت  2008 بقلم : عبد السّلام بو شدّاخ، احد مؤسسي الحركة الاسلامية في تونس

حدود… نحن «بيضاويون» مَن منكم «مدريديون»؟

   

احميدة النيفر    لا صلة لهذا السؤال بتنافس فريقين من فرق كرة القدم، تلك اللعبة التي ساهمت في عولمةٍ شبابية غير مسبوقة. يتعلق السؤال بسكوت العرب المسلمين عمّا يجري في الغرب الأوروبي من عنف دموي منسوب إلى حركيين «جهاديين» عرب ومسلمين. مقابل هذا الصمت، لا تتردد منظمات المجتمع المدني وحركات شبابية أوروبية ومفكرون وإستراتيجيون، بل حتى بعض المسؤولين السياسيين، في التضامن مع العالم العربي الإسلامي لما يصيبه من ويلات العنف المدمّر باختلاف مصادره. «نحن بيضاويون» يقولها أوروبيون يشجبون بها تفجيرات الدار البيضاء بالمغرب الأقصى في شهر مايو 2003، أما سؤال: «أين المدريديون؟» فهو استفهام عن غياب حركة تعاطف مماثلة من قِبَل العالم العربي الإسلامي مع ضحايا تفجيرات 11 مارس 2004 الدامية في عاصمة إسبانيا. المحرج في هذا السؤال هو إبرازه للتباين القائم في مجالي الوعي السياسي والحريات العامة بين فضاءين متجاورين لا يفصل بينهما جغرافياً سوى البحر المتوسط. لكن المفارقة الكامنة وراء هذا التباين هو أن الجهود المبذولة لتأكيد الحدود الفاصلة بين الفضاءين، أمنياً وسياسياً، تنتهي في كل مرحلة إلى ما يشبه نتائج الحرث في البحر. فلا جانب من شباب جنوب المتوسط أقلع عن السعي إلى تحقيق حلمه باقتحام أوروبا مهما كلّفه الثمن، ولا استطاعت سياسات قادة أوروبا أن تجعل من قارتهم قلعةً منيعة في وجه موجات المتسللين إليها من شواطئ إفريقيا وحصنا متعاليا عن بؤس العالَم المجاور. يضاف إلى هذا عجزٌ واضح للسياسات الأوروبية الحالية عن حسم مسألة المعايير الثقافية والسياسية المعتمدة لإرساء توسعها وتعاونها مع جوار شرق المتوسط وجنوبه. ما يزيد الطين بلة عدم توفّق قادة البلاد المغاربية المهتمّة بالتعاون الأوروبي إلى إرساء نواة اتحاد مغاربي، بما أبقى الهوّة شاسعة، سياسياً واقتصادياً، بين أقطارهم وبين بلدان الشمال. لذلك كلّه فلا غرابة إن وقع إفراغ آخر المشاريع الأوروبية «الاتحاد الأوروبي من أجل المتوسط» من مضامينه الإيجابية، مما لن يجعله مختلفاً نوعياً عن مصير مشاريع أخرى سابقة شهدها العقدان الماضيان. ما يفسر ارتباك علاقة أوروبا بالبلاد العربية المتوسطية هي معضلة الحدود، بكل ما لهذه الكلمة من معانٍ. إشكال الحدود الأوّل متصّل بمعناها القريب الذي يدلّ على تلك التحديدات الجغرافية السياسية المُثبَتَة على الخرائط، وضمن الاتفاقيات الدولية والفاصلة بين الدول والأقطار في قوانينها وأعرافها وسياستها ونظمها. تلك هي المعالم الأظهر للحدود، لكن إلى جانبها توجد حدود أخرى غير مُعلنة هي في حركة دائمة وفي حالة تجاذب مع الأولى. هي حدود تختلف في طبيعتها عن الأولى، تكون أحيانا لصيقة بها أو متعالية عنها، متحررة منها أو متجاوزة لها منتظمةً في كل ذلك أذهان الأفراد ومشاعر الجماعات. هي حدودٌ تصوّريّة، يختارها الناس أو ينساقون إليها فيَحْيَون بها ويستمدون منها جانبا هامّا من عواطفهم ومواقفهم؛ لِما تحمله من قيمة رمزية ثقافية أو اجتماعية مصلحية أو فكرية سياسية. من ازدواج هذين البعدين للحدود، التوطُّني الجغرافي والتصوّري الاختياري، تقوم الهويّة وتتحدد الانتماءات في فاعليتهما البنائية أو في رؤيتهما التنميطية المسارعة إلى تمجيد الذات واستهجان الآخر أو العكس. إشكال الحدود في أن قسمها البارز الجغرافي ينحو إلى الثبات، بينما قسمها الخفي أبلغ تأثيرا في صياغة الهوية؛ لكونها عنصرا مركَّبا من ناحية، وفي حالة تشكُّلٍ دائم من ناحية ثانية. كيف يتمّ التراشح بين الثابت والمتحوّل وبين البسيط والمركَّب؟ وما العمل لتنظيم علاقتهما وتطويرها، خاصة في ظروف تتميّز بتسارع التحولات الدولية وعنفها؟ أيّ رهانات لمرحلة يكتنفها غموض في الرؤية وعدم توافق على تحديد معالم مشروع عربي مستقبليّ؟ إن الإجابة عن أسباب تباين موقف متساكني فضاءين متجاورين، كما هو شأن «البيضاويين» و»المدريديين»، لا بد أن تراعي معضلة الحدود بأبعادها المعقدة وطبيعتها الإشكالية. الأكيد أن أهالي الدار البيضاء وما اتصل بها من بلاد جنوب المتوسط ليسوا في وهدة اللامبالاة. ندرك ذلك حين نتذكر مثلا ما أعلنت عنه إحصاءات أميركية منذ سنتين أنّه من كل أربعة استشهاديين في العراق هناك واحد على الأقل أتى متطوعاً من المغرب العربي لمقاومة جيش الاحتلال الأميركي. هذا أنموذج من تركيب الهوية وحراكها، وتعبير عن تداعيات المشاغل المغاربية اجتماعيا وسياسيا في وعي عدد من الشباب المغاربي حسب ما انتهى إليه تقديرهم للأوضاع الدولية. حين يطالعنا الباحث الاجتماعي التونسي، عزيز كريشان، وهو اليساري الجادّ في موقفه وتحليله، بدراسة عن ضرورة اتحاد العلمانيين والإسلاميين، يَبرز أمامنا ملمحٌ آخر من ملامح صياغة الهويّة ما كان متوقعا لولا خصوصية الهويّة الثقافية والسياسية التي تكون في تشكّل لا يتوقف. لقد كان بحثه المطوّل والمدعَّم وما انتهى إليه من نتائج وثيقَ الصلة بمشاغل حضارية وفكرية تتجاوز الخصوصية السياسية المحلية، لتعبّر عن توجه كوني لقسم هام من النخب العربية المعاصرة في تفاعلها الواضح مع وتيرة الأحداث في العالَم. وحين نعود إلى عام 1995 وما توصلت إليه لقاءات روما من إصدار وثيقة وفاق جمعت الفرقاء الجزائريين المعارضين على اختلاف توجهاتهم السياسية والأيديولوجية، ندرك أن التجاذب بين ضفتي المتوسط وثقافتهما ونخبهما قادر على تجاوز دائرة الخوف والعنف. ما ساعدت عليه جماعة «سانت إيجيديو» (Sant’Egidio) المقرَّبة من البابا السابق في ذلك اللقاء كان تاريخيا، لأنه تعدّى حدود المعضلة الجزائرية المحلّية ليرسم مسلكاً حضارياً غير مطروق بمعالجة أعمق وأنجع لقضية العنف والدمار المهددة للفضاءين المتجاورين. بذلك يمكن القول إن سؤال «البيضاويين» عن صمت جيرانهم «المدريديين» قد يكون فيه قدر من تساؤل العارف. ذلك أن ما يعرفه خبراء شمال المتوسط عن أحوال جنوبه كان يمكن أن يُغني عن السؤال المحرج. مع ذلك، تبقى للسؤال وجاهته إذا تناولناه من زاوية العولمة الزاحفة، خاصة في بعدها الثقافي. ما يحيل عليه سؤال الأوروبي عن الموقف العربي من العنف مرتبطٌ من جهة أولى بأزمة أوروبا ذاتها في بناء مستقبلها الجديد الموحَّد ضمن سياق مُـعَولَم. في هذا المستوى من النظر لا شك أن المستقبل الأوروبي غامض، وأفضل الأدلة على ذلك هو حالة الاضطراب الشديد من ترشح تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. من هذه الجهة، يبدو القلق الأوروبي مشروعاً لاعتبارات ذاتية وموضوعية لا يزيدها العنف الذي تخطّى الحدود المحلية إلاّ حدّةً. لكن وجاهة السؤال الأوروبي له اعتبار ثان موصول بالحالة العربية الإسلامية، ومتعلّق هو الآخر بشرط العولمة، خاصة في بعدها الثقافي. ما يتضح من الأحوال العربية المجاورة لأوروبا هو أن تلك العولمة توفر وسائط فكرية جديدة وحركية للأفكار والنصوص بما يتجاوز الحدود اللغوية والحضارية بين عوالم ثقافية مختلفة. إذا أضفنا إلى هذا ما يعتمل داخل الفضاء العربي الإسلامي من حراك عنيف لم تتضح بعد آفاقه أسماه البعض «الحرب داخل الإسلام» ، إن اعتبرنا هذا كله أدركنا أن هناك أكثر من مُسوِّغ للقلق والتساؤل عن مستقبل الحدود على ضفاف المتوسط. • كاتب تونسي   (المصدر: جريدة العرب (يومية – قطر) بتاريخ 14 أوت 2008 )


                                             بسم الله الرحمان                                                                    الرحيم                                                                                                                                                                                                        
       تونس في 11/08/2008                                          والصلاة والسلام على أفضل المرسلين                               الرسالة رقم 458                          
                                           على موقع الانترنات                                                                
                                            بقلم محمد العروسي الهاني                                                                   
مناضل كاتب في الشأ ن                           الوطني والعربي والإسلامي                      

الحلقة الثانية                       محمد العروسي الهاني   : اقتراحات حول تركيبة المجلس الأعلى         للمقاومين وكبار المناضلين

 
أواصل على بركة الله تعالى الكتابة حول دور المجلس الأعلى للمقاومين وكبار المناضلين الذي أعلن عن تسميته الجديدة سيادة الرئيس زين العابدين بن علي في افتتاح مؤتمر التحدي للتجمع الدستوري الديمقراطي يوم 30/07/2008 والذي لقي صدى في أوساط المناضلين الدستوريين خاصة القرار التاريخي القاضي بإلحاق أعضاء المجلس الأعلى صلب أعضاء اللجنة المركزية بحكم مسؤولياتهم في صلب المجلس وهذا الاقتراح ومجموعة من المقترحات الأخرى حول دور المناضلين وحقوقهم وخبرتهم وإشعاعهم. كان محل عناية واهتمام في كتاباتي على موقع الانترنات وخاصة المقال الذي نشرته يوم 06/12/2008 في موقع تونس نيوز ومقالات أخرى عديدة نشرت على موقع الأنترنات وفي جريدتي الصباح وأخبار الجمهورية في السنوات الأخيرة. وفي كتابي الجديد بعنوان الوفاء الدائم للرموز والزعماء والشهداء الأبرار من شيم المناضلين. تعرضت إلى موضوع العناية بشريحة المناضلين والمقاومين ومن حسن الطالع والحظ، تزامن إصدار كتابي الجديد مع عيد الجمهورية وانعقاد مؤتمر التجمع السابع عشر منذ بعث الحزب الحر الدستوري الجديد في 2 مارس 1934 بقصر هلال إذا اعتبرنا أن التجمع هو وريث الحركة الإصلاحية وحزب التحرير الوطني. وقد أهديت نسخة من كتابي إلى سيادة الرئيس شخصيا ونسخ من الكتاب إلى أعضاء الديوان السياسي للتجمع وأخواني المناضلين وكبار المسؤولين لعل تعم الفائدة ويحصل التجاوب والتناغم حول مبدأ الوفاء الدائم للرموز والزعماء والشهداء الأبرار وفي هذه الحلقة الجديدة أواصل تقديم المقترحات حول دعم المجلس الأعلى للمقاومين وكبار المسؤولين وإضافة عناصر ووجوه جديدة لمواكبة وتطوير أعمال ونشاط المجلس الوطني ولعل الدماء الجديدة تزيد في دعم اللحمة وتطوير النشاط ودعم الحركية والحوار والإشعاع الحزبي والتعبئة من أجل مصلحة الوطن والمساهمة في توطيد اللحمة بين الدستورين وترابط الأجيال في وحدة صماء من أجل تونس وتقوية الشعور بالروح الوطنية والنضالية وحب التطوع والتفاني وغرس قيم التضامن والتسامح بين أبناء الوطن الواحد دعما لأهداف الحزب السامية وتجسيما لقراراته والرائدة التاريخية الصادرة في أعقاب مؤتمراته المتوالية عبر ثلاثة أرباع القرن من 2 مارس 1934 إلى 2 أوت 2008. ومن الصدف أن المجلس الحالي يتركب من حوالي 44 عضوا منهم 3 أعضاء انتقلوا إلى الرفيق الأعلى رحمهم الله وقد اقترحت في الحلقة الأولى إضافة 17 عضوا ذكرت أسمائهم وتاريخ نضالهم…والجهات التي ينتمون إليها… واليوم أواصل ذكر بقية الأخوان الذين يمكن إضافتهم في المجلس لدعم الحضور والتمثيل وهم على التوالي: 18 الأخ أحمد العربي من سليانة تحمل أمانة المسؤولية بدائرة المناضلين بالإدارة المركزية للحزب وتحمل مسؤولية رئاسة بلدية سليانة وهو أستاذ جامعي وله مقالات وأحاديث في الإذاعة الوطنية. 19 الأخ عبد الواحد الجليطي مناضل وعضو لجنة التنسيق بالقصرين ومعتمد متقاعد وعضو بمجلس النواب سابقا 20 الأخ محمد الطويل مناضل من سيدي بوزيد تحمل مسؤوليات حزبية وخطة معتمد وكاتب عام للجنة التنسيق بسيدي بوزيد وهو من المناضلين الأوفياء. 21 الأخ المناضل عبد الحميد العلاني ابن المناضل الطاهر العلاني الوجه المعروف تحمل الأستاذ عبد الحميد العلاني مسؤولية كاتب عام مساعد للجنة التنسيق بتونس المدينة ومسؤوليات في مجال الشباب الدستوري وله مواقف ومساهمات فاعله في الحزب وصاحب كتاب حول المناضلين…… 22 الأخ  المناضل محمد بن رمضان من مناضلي ولاية سوسة تحمل مسؤولية كاتبا عاما للجنة التنسيق بسوسة وهو مناضل عريق. 23 الدكتور الحبيب المزي مناضل بماطر ورئيس بلديتها وعضو مجلس النواب لمدة طويلة. 24 الأخ المناضل حسن الدرويش كاتبا عاما بلجنة التنسيق بزغوان ومعتمد أول لفترة طويلة. 25 الأخ المناضل حمادي بوروبه من المناضلين الأوفياء تحمل مسؤولية رئيس شعبة دستورية بتونس المدينة وعضو لجنة التنسيق سنوات عديدة وهو من خيرة المناضلين الأوفياء. 26 المنصف الشريف من قفصة من قدماء الكشافة ورئيس شعبة دستورية طيلة عقود وعضو لجنة التنسيق بقفصة وكاتب عام ممتاز وكاتب. 27 محمد الكوكي أصيل باجة من قدماء المناضلين عمل 38 سنة بالإدارة المركزية للحزب وناضل طويلا في صفوف الحزب وتعرضت أسرته إلى مضيقات من طرف الاستعمار الفرنسي عام 1952. 28 الدكتور عيسى البكوش تحمل رئاسة بلدية أريانة وعضو بمجلس النواب وعضوا فاعلا بارزا في اتحاد الطلبة ومن المؤسسين له .   29 الأخ عبد العزيز الخميري بجندوبة كاتبا عاما للجنة التنسيق بدار المناضلين. 30 الأخ عبد الجليل عبد ربه من الوجوه المناضلة تحمل مسؤولية حزبية بشعبة الصحافة الحزبية وناضل في دائرة التوجيه وتكوين الإطارات وهو من أسرة مناضلة وعمه المقاوم محمد عبد ربه رحمه الله. 31 الأخ المناضل مصطفى بن غربال عرفته مناضلا وكاتبا عاما للدائرة الحزبية بتونس المدينة وهو فاضل ودستوري ملتزم من المناضلين المتحمسين للحزب. يصادف العدد 75 عضوا بين الحالتين والمقترحين. ذكرى ميلاد الحزب الحر الدستوري التونسي في 2 مارس 1934 بقصر هلال 75 عاما على تأسيس وميلاد الحزب الجديد. ويصادف أيضا مدة احتلال فرنسا لتونس 75 سنة من 1881 إلى 1956.  والله ولي التوفيق   قال الله تعالى : وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسلوله والمؤمنون                  
 صدق الله العظيم      محمد العروسي الهاني  مناضــل وكاتـــب  

مغازة شامبيون والمفاوضات الاجتماعية،من المستفيد من افتتاح المغازة البطلة؟؟؟

 

مراد رقية:
تستعد مدينة قصرهلال،المدينة المحاصرة،المتنكر لها،المضحى بها لمواكبة تدشين مشروع القرن بالمدينة الذي يعتبر بالنسبة للهيئة البلدية الشريك الأساسي فيها بمثابةمشروع قناة السويس الافتتاح الرسمي يوم الخميس14 أوت2008 ولعله يسبق حلول شهر رمضان المعظم وانطلاق العودة المدرسية وهما مناسبتين متميزتين للانفاق وافراغ الجيوب للأسرة التونسية المكبّلة أصلا  والمستهدفة بامتياز بهذه المحطات المتعاقبة المتنافسة بامتياز في افراغ جيب المواطن؟؟؟ المستفيد الرئيسي من افتتاح هذه المغازة هي المؤسسة البلدية صاحبة العقار،وكذلك سلسلة مغازات كارفور-شامبيون الفرنسية التي حلّت بيننا منذ سنوات في تونس وتعددت فروعها بعد ذلك عبر المدن الكبرى والتي تراهن بالأساس على نيل نصيبها من الطاقة الشرائية والانفاقية للعائلة التونسية خاصة منها المتوسطة الامكانيات ومادون المتوسطة،وقد ربطت في عنوان التدوينة بين مغازة شامبيون أو المغازة البطلة والمفاوضات الاجتماعية والأمر مقصود بامتياز على اعتبار أن حلول هذه المغازة بيننا وافتتاحها يوم الخميس14 أوت2008 كان قبل الافراج عن نتائج المفاوضات الاجتماعية في القطاعين العام والخاص التي يبدو برغم تأخر نتائجها أنها هزيلة بامتياز وغير ذات قيمة مما يبشّر بتراجع كمي ونوعي ومتميز في الطاقة الشرائية للعائلة التونسية  خصوص وأن من المفترض أن يكون جل حرفائها من الشرائح الوسطى وما دون الوسطى لمحدودية الفئات الميسورة الشبيهة في مستوى عيشها وانفاقها مع العائلة الفرنسية المعتمدة استعمال بطاقات الدفع الالكترونية على نطاق واسع؟؟؟ لقد تعرضت في مناسبة سابقة الى تموقع هذه المغازة ولمخالفتها لمثال التهيئة العمرانية لكن لا بأس طالما أن المغازة ملك خاص للهيئة البلدية ذات اللون الواحد المرتبطة بكبرى الشركات البنكية بالبلاد،لكن أهالي قصرهلال الذين يراد لهم من خلال هذه المغازة مزيد الاقبال على الانفاق وفي غياب  زيادات حقيقية في الأجور والمرتبات تتماشى مع نسبة التضخم المالي والتدهور الماسخ لقيمة الدينار هم في حاجة لاكتساب بطولة من نوع آخر هي بطولة الكرامة وتحصيل الحقوق المغيّبة عبر حرمانها من المرافق والامكانيات خاصة منها المنتجة للثروة وللمداخيل للقاعدة العريضة من المواطنين وليست المبددة والشافطة لها بقرب حلول شهر رمضان المعظم وموسم العودة المدرسية ومن بعدهما عيد الفطر المبارك كان الله في عون الجميع مع ضحالة نتائج المفاوضات أو الاستسلامات الاجتماعية بتأطير متحيّز ومريب لمركزية كرزاي التونسي؟؟؟ ومن الأكيد أن متساكني شارع الحبيب بورقيبة ومتساكني نهج عبد الحميد الوسطاني الملاصق لهذا المشروع البطولي الأسطوري سوف يستفيدون رغما عن أنفهم من الضجيج ومن الاكتضاظ المروري برغم وجود مركز المرور،هذا الاكتضاظ الناتج عن افتتاح مشروع القرن الواحد والعشرين المخالف لمثال التهيئة بدعم الادارة الجهوية للتجهيز والتهيئة الترابية بالمنستير،نقول لهؤلاء المتساكنين المحشورين في هذا الأتون البطولي نقول لهم صبرا فان بلدية اللون الواحد،بلدية التجمع الدستوري الديمقراطي قد فوّضت نفسها بسلطة الأمر الواقع أمر الارتقاء بهم الى بطولة متميزة ومن نوع خاص،بطولة افراغ الجيب واغتصاب الارادة والقرار وتشويش الراحة برغم رفع البلديات التجمعية لشعار معروف هوالهدوء نعمة والضجيج نقمة مبروك علينا اذا هذه السوق الأسبوعية الدائمة المستوردة من فرنسا،سوق المغازة البطلةمغازة شامبيون؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟  


            

الاتحاد من أجل المتوسط: :   حرب المشاريع أم توزيع للأدوار؟

 

سالم الحداد
تمهيد ما أن هدأت حرب مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي سوّق له الرئيس بوش الابن حتى أطل علينا الرئيس نيكولا ساركوزي بمشروع « الاتحاد من أجل المتوسط ». وقد أخذ المشروع الأول حظه من التحليل والنقاش مما سمح بالكشف عن خلفيته الإمبريالية فآل إلى السقوط أو يكاد، وقبل أن يسقط بقلم المفكرين فقد سقط ببندقية المقاومين. وكما أسعفني الحظ أن أكون ضمن المساهمين في  التعريف به ومقارنته بجملة المشاريع السياسية والاجتماعية والحضارية التي ظهرت في منطقتنا طوال القرن العشرين بداية من المشروع الليبرالي والاشتراكي إلى المشروع القومي والإسلامي،  فسأحاول مرة أخرى أن ألقي بعض الأضواء الكاشفة على المشروع الفرنسي من حيث منطلقاته وأبعاده وآلياته وملابساته وبالتحديد خلفيته. وحتى نتبين ذلك لابد أن نتساءل: ما هي الظرفية التي ظهر فيها ؟  ما علاقته بمسار برشلونة الذي ظهر في منتصف التسعينات؟ هل هو وأد أم إحياء له؟ ما هي الأهداف التي يروم تحقيقها؟ هل يتنزّل ضمن  إستراتجية فرنسية أم ضمن تصور أوروبي أشمل؟  ما علاقته بمشروع بوش؟ هل هناك اتفاق  غير معلن لتقاسم المنطقة العربية وثرواتها كما حصل في اتفاقية سايس/ بيكو، فيكون جنوب المتوسط  الغني بالغاز والفوسفاط من نصيب أوروبا وتكون منطقة الخليج  الغنية بالبترول من نصيب أمريكا؟ أم إنه صراع مفتوح بين قطبين يحرص كل منهما على  أن يحتفظ بمصالحه في مناطق نفوذه التاريخي وأن يتوسع على حساب الآخر؟   أولا: حفر في الذاكرة لم يكن مشروع الاتحاد من اجل المتوسط هو أول مشروع تخطط له فرنسا في الحوض الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط فقد سبقته العديد من المشاريع على امتداد أكثر من قرن، وهي وإن تنوعت من حيث الأشكال فإنها جميعا تشترك في ثابت واحد  وهو دور فرنسا التاريخي في المنطقة باعتبارها وريثة الإمبراطورية الرومانية والكنيسة الكاثوليكية ، وانطلاقا من هذه القناعة فإن احتلال الجزائر (1830) الذي تمّ بعد أربعين سنة فقط من الثورة الفرنسية (1789) لم يغير إستراتيجية الشمال نحو الجنوب، فغلاة الاستعمار الفرنسي يعتبرون السيطرة على منطقة المغرب العربي هو استرجاع لدور روما وفي هذا الإطار قامت  سلطات الاحتلال بثلاثة مبادرات سنة 1930: ـ  الاحتفال بمرور قرن على نجاح فرنسا في » تمدين الشعب الجزائري » ونصف قرن على احتلال تونس ـ عقد المؤتمر الافخارستي الكاثوليكي بمدينة قرطاج باعتبارها عاصمة إفريقيا المسيحية ـ الترويج لمشروع التجنيس في تونس بعد ركزت دعائمه في الجزائر بحجة خلق نوع من التوازن مع الجالية الإيطالية التي فاقت عدديا الجالية الفرنسية.  أما المغرب الأقصى فقد أعدت له مشروعا أخطر يستهدف تمزيقه ألا وهو الظهير البربري. ولتحقيق هذا الغرض وظفت علماء التاريخ واللغات والأجناس والآثار والأديان للبحث عن بقايا للجنس البربري ولغته وتاريخه فقسموا المغرب ومن ورائه كل المنطقة إلى: سيبة(سكان الأرياف) ومخزن(سكان المدن) وقالوا: إن هؤلاء هم العرب وأولئك هم البربر. وإلى يوم الناس هذا فإن فرنسا لم تتخل عن دعم الجماعات الانفصالية في الجزائر والمغرب سواء من خلال الجامعات ومراكز البحوث أو الجمعيات المتدثرة بالنشاط الاجتماعي والثقافي.  وقبل أن تضع الحرب العالمية الأولى أوزارها اتفقت بريطانيا وفرنسا على تقاسم تركة الخلافة العثمانية  » الرجل المريض » فعقدتا مـا عُرف « بمعـاهـدة سايس/ بيكو  » فكانت سوريا ولبنان من نصيب فرنسا والعراق وشرق الأردن من نصيب بريطانيا، أما فلسطين فقد وضعت تحت الوصاية الدولية تمهيدا لتسليمها للحركة الصهيونية.  ومع  ظهور حركات التحرير في الأربعينات والخمسينات واقتناعها بحتمية تصفية التركة الاستعمارية أطلت بمشروع جديد يحافظ على استمرارية مظلتها فلوحت بإقامة » الاتحاد الفرنسي  » الذي سيضم المستعمرات الفرنسية بما في ذلك أقطار المغرب العربي الذي ستجد فيه بديلا عن الجامعة العربية التي  كانت تتوق إلى الانخراط فيها عند الاستقلال. وكانت فرنسا تعتبرها مشروعا بريطانيا هدفه اختطاف أقطار شمال إفريقيا  منها. وبعد أن استقلت مستعمراتها بالبندقية والدم كما وقع في الفيتنام وفي أقطار المغرب العربي وبالتحديد في الجزائر أو بالسياسة الوقائية كما وقع في العديد من الدول الإفريقية، فإنها نسجت على منوال أختها العدوّة بريطانيا وأسست منظمة الدول الفرنكوفونية للناطقين بالفرنسية على غرار الكومنولث البريطاني، فالاستعمار لا يفوت أية فرصة ولا يفرط في أي خيط ولو كان عكنبوتيا يدعم حضوره حسا ومعنى.    فالمشكل بالنسبة لدول الشمال وبالتحديد لفرنسا هو : ألا تتحول وجهة أقطار المغرب إلى أقطار المشرق فتمتد جسور التواصل وتنهض وحدة يمكن أن تشكل خطرا على مصالح الشمال في الجنوب، لذا كانت تحرص دوما على أن تكون دول المنطقة الجنوبية ضعيفة وتابعة. ذاك هو الهدف  الإستراتيجي الثابت الذي مازال يسكن القوى الاستعمارية والذي يتحكم في كل المشاريع الغربية القديمة والحديثة. وحتى ندرك ذلك علينا أن نعود إلى مشروع ساركوزي  لعله يسعفنا ببعض المعطيات التي تؤكد هذه الحقيقة. فما هو محتواه وما هي خلفيته وفيم تتمثل أبعاده الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ؟ قبل أن نُقيّم  مشروع ساركوزي لابد أن نتعرف على سياسة التعاون بين الشمال والجنوب والتي عرفت بالشراكة الأوروبية المتوسطيةEURO MED  والتي تجسدت في اتفاقية برشلونة التي لم تحقق الأهداف المرجوة، والتي جاء مشروع ساكوزي بديلا عنها. فما محتوى هذا المشروع؟ ما العوامل التي حالت دون نجاحه؟ ما علاقته بالمشروع الأوروبي المتوسطي؟ هل وأد أم تواصل له ؟ ثانيا ـ مسار برشلونة : لماذا وكيف ؟  بسقوط جدار برلين سنة 1989 انتهت الحرب الباردة  وتفكك الاتحاد السوفييتي ورفع المعسكر الغربي راية انتصار الليبرالية كخيار وحيد في المستقبل، وبرزت الولايات المتحدة كقطب أوحد يرسم خارطة الطريق للعالم أجمع. ومع بداية التسعينات بدأت تعمل على إعادة صياغة علاقة المنتظم الدولي بما يضمن استمرارية سيطرتها، فكان لابد من إطفاء بؤر التوتر التي مازالت ملتهبة. وكان الوطن العربي من أهم جيوب المقاومة فتوخت معه سياسة العصا والجزرة، فكانت حرب الخليج الثانية وتدمير الجيش العراقي ثم كانت اتفاقية أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية والكيان الصهيوني. غير أن حلفاء أمريكيا الغربيين  ـ مع تسليمهم  بدورها القيادي ـ يرفضون أن يتخلوا عن مواقعهم التقليدية الإستراتيجية. وفي هذا الإطار يتنزل اتفاق برشلونة الأسبانية الذي عقدته دول الاتحاد الأوروبي مع الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط من جهته الجنوبية والشرقية سنة 1995. وكان منطلقها أن منطقة المتوسط مصدر للتحديات الخطيرة وللثروات الوفيرة فهو مصدر لثقافة إسلامية تفرخ الإرهاب ولشعوب فقيرة يتدفق منها المهاجرون الجائعون . وهو من ناحية أخرى مصدر للنفط والغاز والطاقة الشمسية والإنتاج الفلاحي . إن هذه الرؤية المزدوجة تجعل الشمال يسارع لاحتواء المنطقة خوفا من أن تتنامى أخطارها وخوفا عليها من أن تسقط في أيد معادية. فبمقتضى هذه الاتفاقية تتولى دول الشمال ومؤسساتها البنكية ضخ مبالغ مالية لفائدة دول الجنوب لإعادة بناء اقتصادها بما يتلاءم مع سياسة العولمة، وفي المقابل تلتزم دول الجنوب بضمان الأمن والاستقرار في بلدانها بإدخال إصلاحات اقتصادية وسياسية وثقافية توفر مواطن الشغل وتوقف زحف المهاجرين وتحسن ظروف عيش المواطنين وتخفف من أسباب الاحتقان. فهي مطالبة ب: ـ  إعادة هيكلة اقتصادها وتأهيل مؤسساتها حتى تكون قادرة على المنافسة عندما تفتح البلاد حدودها لحرية تنقل المال والأعمال والبضائع والخدمات وتنتصب المناطق الحرة التي ترفع عنها كل القيود في نطاق فضاء اقتصادي للتبادل الحر، بحلول سنة 2010. ـ إدخال إصلاحات سياسية في اتجاه دمقرطة الحياة السياسية والإقرار بحقوق الإنسان والتعامل الإيجابي مع منظمات المجتمع المدني. وقد حاولت المؤسسات الأوروبية ألا يقتصر تعاملها على القنوات الرسمية فمدت الجسور مع بعض منظمات المجتمع المدني لكن الأنظمة  أفشلت في هذا المسعى. ـ القيام بدور الحاجز الأمني الذي يمنع تدفق المهاجرين من الجنوب نحو الضفة الشمالية فيقيها مخاطر الاجتماعية والسياسية والثقافية.  ـ  مراجعة البرامج والمناهج التربوية في اتجاه انفتاح المؤسسة التعليمية على المجتمع الاستهلاكي والحد من فاعلية عناصر الهوية التي تحول دون الاندماج في العولمة. وبعد عقد من الزمن أي في نوفمبر2005عُقد في برشلونة مؤتمر قمة تقييمية حضره رؤساء الدول الأوروبية وقاطعه الرؤساء العرب. وقد تأكد في هذا المؤتمر أن هناك  أزمة داخل الاتحاد من أهم أسبابها : ـ إن وجود الكيان الصهيوني ضمن اتفاقية برشلونة كان من أهم المعوقات أمام التواصل الاقتصادي، فالطرف العربي مازال رافضا للتطبيع مع هذا الكيان ومؤسساته الاقتصادية ما لم يقع التوصل إلى حل عادل للقضية الفلسطينية ـ  أن دول الاتحاد الأوروبي وجهت اهتماماتها الاقتصادية نحو دول الاتحاد السوفيتي التي تهاوت كأوراق الخريف في التسعينات فأعطتها الأولوية في التمويلات ولم تضخ لدول الجنوب إلا ربع المبالغ التي تعهدت بها. ويمكن أن نتبين درجة التأخر في برامج التمويل عن طريق ميدا I  حسب ما قدمته اللجنة الأوروبية في الاجتماع الرابع لمسار برشلونة بمرسيليا سنة 2000، كما يلي: >>  من إجمالي3.435 مليار أورو المخصصة لبرامج ميدا I في الفترة من (1995-1999) لم يدفع منها إلا 890 مليون أورو فقط، أي ما يقارب 26 بالمائة من المبلغ المخصص، وتصل النسبة في التعاون الثنائي إلى 20 بالمائة فقط باستثناء الأردن وتونس اللتين تحصلتا على 40 بالمائة.|<<   ـ  أن دول المتوسط لم تدخل الإصلاحات التي التزمت بها في اتجاه الممارسة الديمقراطية والإقرار بحقوق الإنسان ـ إن قوارب الموت مازالت تمخر عباب البحر ناقلة آلاف المهاجرين الذين ضاقت بهم  سبل العيش في بلدانهم. تلك هي أهم العراقيل التي حالت دون نجاح اتفاقية برشلونة، فكيف حاول ساركوزي أن يتحاشها في مشروعه الجديد؟ وهل كان ذلك كافيا لنجاحه؟ ثالثا ـ مشروع ساكوزي:الاتحاد المتوسطي أعلن ساركوزي عن مشروعه في 7 فيفري2008  في مدينة طولون  خلال لدورة الثانية من حملته الانتخابية  وقدمه بمحتوى جديد وصياغة جديدة  لا توحي بأية علاقة بين المشروعين ويتجلى ذلك من خلال العناصر التالية: 1 ـ  التسمية:حملت الشراكة الأوروبية المتوسطية عنوانا جديدا هو « الاتحاد المتوسطي » 2 ـ الأهداف : تتمثل الأهداف المعلنة في:  ـ تقليص الفوارق المجحفة التي تباعد بين دول الشمال ودول الجنوب اقتصاديا وعلميا وثقافيا. 3 ـ آليات العمل  يكون الاتحاد تحت رئاستين : شمالية تسند لفرنسا وأخرى جنوبية تتولاها مصر بصفة دورية كل سنتين. وتديره أمانة دائمة تسند مرحليا للمغرب يكون مقرها في تونس. 4 ـ مجالات التعاون وكيفيته أ ـ نسق عام بناء نظام متوسطي جديد من شأنه أن يحسم مع مسار برشلونة وذلك بتضمنه  لإقامة نظام أمن جماعي  وشراكة في عملية التنمية ونقل التكنولوجيا وبنك للاستثمار وجامعة مشتركة وفضاء قضائي مشترك فضلا عن مشاريع جهوية كبرى خاصة بالمحيط  واستغلال الطاقة الشمسية، التربية  والتراث . << ب ـ مجالات عملية وقد اقترح ساركوزي التعاون في ميادين عملية محددة مثل : تطهير البحر المتوسط ،الأمن ، الهجرة ، الطاقة النووية، المياه ، ربط الضفتين بطريق سيارة بحرية ،التعليم والثقافة. 5 ـ كيفية التعامل أ ـ التعاون والمساواة حاول ساركوزي أن يشعر دول الجنوب بأن الشراكة بين الدول الأعضاء لا تقوم على التبعية بل على التعاون والمساواة وتوزيع المهام وبالتالي التكامل. فمهمة  دول الشمال هي ضخ رؤوس الأموال ونقل التكنولوجيا، أما مهمة دول الجنوب فهي توفير الطاقة خاصة من البترول والغاز والفوسفاط. ب ـ  التخلي عن القضايا الشائكة المحرجة إن أهم إضافة قدمها ساركوزي كانت على مستوى التعامل السياسي:فعلاقات التعاون لم تعد تتوقف على مدى التزام حكومات الجنوب بالممارسة الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان أو حتى الاعتراف المباشر بالكيان الصهيوني، فقد ظهر على الساحة الجنوبية خطران يهددان الشمال يجب أن يناط بدول الجنوب مهمة التصدي لهما، ألا وهما الإرهاب الدولي وزحف العمال المهاجرين. فعلى هذه الدول أن تجتث جذور الإرهاب  في المهد وأن تجفف منابعها، وعليها أيضا أن تشكل حواجز أمنية توقف زحف موجات المهاجرين.لكن مـاذا مقابل ذلك ؟ إذا كانت مهمة الجنوب هي حفظ الاستقرار السياسي والاجتماعي لأوروبا فإن مهمة الشمال أن يدعم استقرار الأنظمة  الحاكمة واستمرارية تواجدها، وهذا يقتضي مساعدتها على حل مشاكلها. فبالإضافة إلى ما سيقدمه الاتحاد الأوروبي من مساعدات مالية وتقتية فإن عليه أن يحمي هذه الأنظمة من أعدائها في الداخل والخارج وأن يغض النظر عما ينخرها من فساد وعن سوء أدائها السياسي وانتهاكها لحقوق الإنسان ومصادرة إرادة شعوبها. ومن هذا المنطلق يصبح المشروع الساركوزي أقرب إلى مقايضة تكون شعوب المتوسط ضحيتها.  لذا لم تعد دول الجنوب مطالبة بالسيرورة الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان أو حتى التطبيع المباشر. فهذه القضايا المحرجة والشائكة قد وقع إلغاؤها أو على الأقل تأجيلها . ومع ذلك  فإن المشروع كان إلى حد ما طموحا بالنسبة لفرنسا وللأنظمة دول حوض المتوسط حيث طرح شراكة  إقليمية فعلية تتعلق بالتنمية وما تتطلبه من نقل التكنولوجيا  وتكثيف الاستثمارات والتعليم.  6 ـ العضوية: يضم دول ضفتيْ المتوسط وعددها 22 دولة وكما هو واضح من هذا الحيز الجغرافي فإن فرنسا استبعدت الدول العربية الواقعة في عمق الوطن العربي مثل السودان والعراق واليمن أوالواقعة على أطرافه الجنوبية مثل دول الخليج والصومال ودجيبوتي. كما استبعدت أيضا الدول الأوروبية الواقعة في عمق أوروبا وفي شمالها مثل ألمانيا والنمسا وبلجيكيا ودول أوروبا الشرقية. ما هي ردود فعل دول الجنوب ودول الشمال ؟ وما خلفية هذا الاستبعاد؟ رابعا : ردود فعل وخلفيتها 1 ـ دول الجنوب تراوحت ردود فعل دول الجنوب بين القبول والتحفظ  والتخوف والرفض. أ ـ  القبول : من الدول التي أبدت ترحيبها مصر والمغرب وتونس ورأت فيها انفتاحا على أوروبا وآفاقا جديدة للتعاون خاصة بعد أن وقع غض النظر على الحريات وحقوق الإنسان. ب ـ التحفظ : إن الجزائر فقط هي التي عبرت عن تحفظها، ويبدو أن هذا التحفظ يعود إلى سببين:فقد شعرت بأن فرنسا لم تنزلها المكانة التي تستحقها كدولة مركزية تاريخا وإمكانيات، فقد أسندت الرئاسة لمصر والأمانة  العامة للمغرب وجعلت تونس مقرا لها.ثم إن الجزائر ما زالت تحتفظ بشيء من رصيد الثورة الذي يمنعها من الهرولة نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني السياسي أو الاقتصادي. ج ـ التخوف : عندما أعلن ساركوزي مشروعه شعرت تركيا بأنه يستهدفها فهو خطة رسمها لتوقيف مسار انخراطها في الاتحاد الأوروبي. غير أن الدول الأوروبية أزالت مخاوفها وأكدت  أن الاتحاد من أجل المتوسط لا يلغي النظر في قبولها. د ـ  الرفض: بدا العقيد القذافي وكأنه يغرد وحيدا خارج السرب، فقد دعا عدة قيادات عربية إلى طرابلس للتباحث حول الموقف المناسب من المشروع الفرنسي  فتغيبت مصر وحضر المغرب على مستوى رئيس الحكومة، ولم يعلن رؤساء تونس والجزائر وسوريا أي موقف. وقد عبر القذافي بكل وضوح عن رفضه للمشروع واعتبره طعما للمغفلين وإهانة للعرب والأفارقة، لأنه يتجاهل الجامعة العربية التي تجمع شمل العرب رغم اختلافاتهم ومنظمة الوحدة الإفريقية التي انخرطت فيها كل الدول الإفريقية، وأن أي اتحاد يجب أن يأخذ بعين الاعتبار الانتماء العربي والإفريقي. وهذا ما فعلته ألمانيا عندما أصرت على ضم كل دول الاتحاد الأوروبي إلى المشروع. إن هذه المواقف المتضاربة لدول الجنوب جعلت فرنسا لا تولي أهمية لمواقفهم، بل إنها لم تتهجم على القذافي الذي شكك في مصداقية المشروع، فهي على يقين من أنهم سينخرطون في مشروعها عاجلا أو آجلا، فليس لهم خيارات أخرى جادة. وبهذا تكون فرنسا قد نجحت  في اختراق الصف العربي  وأجبرت القيادات على الهرولة نحو مشروع قد يحل لهم بعض  المشاكل الآنية العاجلة  لكنه لا يعالج أية قضية مصيرية تتعلق  بحاضرهم  ومستقبلهم. لكن إذا كانت فرنسا لم تأخذ على محمل الجد مواقف دول الجنوب فهل سيكون لها نفس الموقف من دول الشمال؟ 2 ـ دول الشمال : ألمانيا نموذجا   لم ينزل هذا المشروع  بردا وسلاما على دول الشمال التي وقع استبعادها وجاء الاعتراض أساسا من ألمانيا وقام على ما يلي : أ ـ إن فرنسا تصرفت بمفردها دون أن تتشاور مع شركائها في الاتحاد الأوروبي وهذا يتنافى مع تقاليد الاتحاد الديمقراطية. ب ـ إن فرنسا أرادت أن تلغي مشروعا أوروبيا كان قد وقع إقراره منذ 1995 واستغرق بناؤه أكثر من عشر سنوات. ج ـ  إن المشاريع التي سيتم تأسيسها سيقع تمويلها من مؤسسات كل دول الاتحاد الأوروبي بما فيها الدول التي أُبعدت من الاتحاد المتوسطي، فهي تساهم في التمويل ولكنها لا تجني الثمار. وبالإضافة إلى ألمانيا فقد دعت كل من السويد وبولونيا إلى مزيد من الاهتمام بدول أوروبا الشرقية المنفصلة عن الاتحاد السوفيتي وبالتحديد أوكرانيا وأرمينيا وأذربيجان والمجر وملدوفيا  حتى لا تتجه من جديد إلى الدب الروسي. هذه الاعتراضات وغيرها دفعت الحكومة الفرنسية لمراجعة مواقفها وتعديل المشروع ففيم يتمثل هذا التعديل؟ خامسا ـ الاتحاد من أجل المتوسط  بعد أن تكاثرت الانتقادات الأوروبية للمشروع الفرنسي اضطر ساركوزي للقيام بجولة في العديد من الدول الأوروبية للتشاور، فصدر نداء روما الذي وجهته كل من فرنسا وإيطاليا واليونان وإسبانيا في ديسمبر2007 لقبول المشروع. وأخيرا انتهت الاتصالات والمفاوضات بتعديله فأتى مستجيبا لرغبة دول شمال أوروبا وخاصة ألمانيا التي رفضت القفز على الخطوات التي تم تحقيقها في الشراكة الأورومتوسطية . وبعد مشاورات وافق المجلس الأوروبي الذي انعقد ببروكسيل يومي 13و14مارس 2008 ـ على المشروع ثم حورته اللجنة الأوروبية في 20ماي 2008 وتم إقراره بصفة نهائية في ذكرى الثورة الفرنسية 14 جويلية 2008.  وقد تناولت التعديلات ما يلي:  1 ـ الاسم : مسار برشلونة ـ الاتحاد من أجل المتوسط  فالتغيير في العنوان يؤكد تواصل الشراكة الأورومتوسطسية التي وقع إقرارها في اتفاقية برشلونة سنة 1995 2 ـ العضوية بلغ عدد الأعضاء إلى 44 دولة وهي كالتالي: ـ دول الاتحاد الأوروبي وعددها27 ـ دول مسار برشلونة المتوسطية وعددها13 :المغرب، الجزائر ، تونس ، ليبيا، مصر، فلسطين،سوريا، لبنان، تركيا، ألبانيا، الكيان الصهيوني، بالإضافة إلى موريطانيا والأردن. ـ الدول المقترحة وعددها 4 :كرواتيا، البوسنة والهرسك،الجبل الأسود وإمارة موناكو أما عدد المتساكنين فهو750 مليون نسمة 3 ـ الأهداف :ألغيت أهم التوجهات الجديدة واحتفظ فقط بالتعديلات المؤسساتية  والمشاريع الإقليمية الكبرى  وبهذا التعديل تتقلص أهمية المشروع حيث ينحصر في المشاريع التي يتبناها ويمولها الاتحاد الأوروبي ولعل أهمها : الطريق السيارة البحرية التي تصل الضفتين، الطريق السيارة المغاربية، مقاومة التلوث في المتوسط، المياه ، الحماية المدنية لمواجهة الكوارث الطبيعية والصناعية، السلامة البحرية، استغلال الطاقة الشمسية، التعاون العلمي والتقني. والسؤال المطروح حول هذه المقترحات  إلى أي مدى ستستفيد دول الجنوب منها إذا علمنا أن البرلمان الأوروبي وافق على مجموعة من الإجراءات تتعلق بالتضييق على المهاجرين بل وترحيل من ليس لهم إقامة.  فالمشروع الأول يستجيب لتطلعات فرنسا لكنه لا يهمل مصالح دول المتوسط، أما الثاني فإنه يراعي مصالح أوروبا ولا يعطي إلا أهمية محدودة للمصالح الإقليمية. ذاك هو مشروع الاتحاد من أجل المتوسط في أصله وفي تعديلاته. فما هي خلفية هذا المشروع؟ ولماذا حاول ساركوزي استبعاد دول الشمال الأوروبي ودول العمق العربي؟ وما هي الأهداف التي كان يروم تحقيقها؟ حتى نتبين ذلك علينا أن نضع المشروع ضمن الظرفية السياسية التي ظهر فيها ترى فيم تتمثل هذه الظرفية؟ (المصدر : جريدة الشعب التونسية بتاريخ 9 أوت 2008 


استعادة روسيا ثقتها السوفييتية

   

طارق الكحلاوي   
الهجوم العسكري الروسي تجاوز بسرعة وفي صمت مبرر الدفاع «الإنساني» عن «أوسيتيا الجنوبية» إلى الزحف على الأراضي الجورجية. تم ذلك في ظل دهشة دولية لافتة، بما في ذلك من قبل الإدارة الأميركية التي كان ردها العاجل مقتصرا على محادثات ودية بين الرئيس بوش ورئيس الوزراء الروسي بوتن على هامش احتفالات البدء بالألعاب الأولمبية في بكين. هناك أخبار، حسبما نقلت «معاريف» الإسرائيلية يوم الإثنين 12 أغسطس، عن رحلات نقل جوية لأسلحة ومعدات عسكرية من قبل القوات الأميركية المتمركزة في العراق إلى جورجيا، لكن من غير المعروف ما قيمة هذه الخطوة، خاصة أن جزءا من الجيش الجورجي لا يزال يتمركز في العراق ضمن «قوات التحالف الدولي». كان عدم جدية رد الفعل الأميركي مثيرة للانتباه بحكم طبيعة الطرف المتعرض للهجوم. الرئيس الجورجي ساكشفيلي، المتخرج من جامعة هارفارد، أتى إلى السلطة في سياق «الثورات البرتقالية» في أوروبا الشرقية، والتي كانت في سياق سياسة رسمية أميركية لـ «نشر الدمقرطة» إثر الحرب على العراق. وكان ذلك عمليا بمثابة الضربة الثانية للنفوذ الروسي في المجال «السوفييتي» السابق، إثر الضربة الأولى في بداية التسعينيات. وهكذا، لم يدخر ساكشفيلي وسعا لإبراز تحالفه المعلن مع الولايات المتحدة مما أدى به على ما يبدو للمبالغة في مدى الدعم الأميركي لسياساته بما في ذلك ردة فعله القوية إزاء النزعات الانفصالية في «أوسيتيا الجنوبية». في هذا السياق من المفهوم تعرض أداء الإدارة الأميركية للانتقاد في معرض التعليقات الصحافية الأميركية. صحيفة «وول ستريت جورنال» (12 أغسطس) أشارت إلى انتقادات مسؤولين من داخل الإدارة لسياستها إزاء جورجيا وروسيا. الانتقادات طالت بشكل خاص تضخيم الرئيس بوش لحكم ساكشفيلي كنموذج للديمقراطية في المنطقة، وهو ما يبدو أنه كان مصدر «توقعاته اللاواقعية» بالنسبة لحجم الدعم الذي سيلقاه من قبل الإدارة. نفس الصحيفة، وكذلك صحف أخرى أشارت إلى فشل وزيرة الخارجية رايس في قراءة ردود الفعل الروسية، خاصة أنها أتت في الأصل لحقل السياسة الخارجية بسبب تخصصها في الشؤون السوفييتية والروسية. لم يعد من المبالغة الآن وصف التصعيد الروسي على الجبهة الجورجية بوصفه الحلقة الأكثر بروزا خلال الأشهر الأخيرة على إشارات روسية، حقيقة أو ظاهرية، لإعادة توزيع قواتها ضمن الخريطة السوفييتية السابقة. عندما أعلنت صحيفة «إزفتسيا» الروسية يوم 21 يوليو الماضي عن خطط عسكرية روسية ترد على «الدرع الصاروخية» الأميركية من خلال نصب صواريخ نووية في كوبا، كان ذلك بمثابة «ناقوس خطر» حقيقي للذاكرة الأميركية التي ما زالت تحتفظ بالساعات المصيرية التي حفت بأزمة «الصواريخ الكوبية» عام 1962. قائد القوات الجوية الأميركية، الجنرال نورتن شوارتز، أجاب آنذاك على الفور بأن موضوع نصب صواريخ روسية في كوبا «خط أحمر». وكان من المثير للانتباه أن السلطات الروسية انتظرت ثلاثة أيام حتى تنفي على لسان وزير دفاعها خبر صحيفة «إزفتسيا». لكن لا يبدو أن القيادة الروسية ترغب في لفت الأنظار عن الموضوع، خاصة عندما أعلن رئيس الوزراء بوتن يوم 4 أغسطس الجاري أنه من الضروري «استعادة موقع روسيا النافذ في كوبا». للسيطرة الروسية على جورجيا ومنطقة القوقاز بالتحديد رمزية قيصرية وسوفييتية بالغة. كان الالتهام الروسي للمملكة الجورجية بداية القرن التاسع عشر في سياق التضخم الإمبراطوري المتسارع، وبذلك تحتل جورجيا موقعا خاصا في ذاكرة المجد القيصرية. الاستقلال الظرفي الذي تمتعت به جورجيا إثر تفكك الإمبراطورية الروسية عام 1918 على إثر الثورة البلشفية كان استقلالا قصيرا، والجورجي جوزيف ستالين كان هو المعني بشكل خاص بإعادة ضم جورجيا وبقية جمهوريات القوقاز لدولة «الجمهوريات السوفييتية». وقد حرص ستالين، الذي كان يشكك القوميون الجورجيون في «جورجيته» مشيرين لأبيه ذي الأصول الفلاحية الأوسيتية المجاورة، على ضم الأقليات الإثنية الممثلة في «أوسيتيا الجنوبية» وكذلك «أبخازيا» إلى حدود «جورجيا السوفييتية» حتى يتم احتواء الأحلام القومية الجورجية. وكان ذلك بالتحديد اللغم الذي فجر مختلف الصراعات المحيطة بجورجيا إثر استقلالها عام 1991. تزايدت التقارير في السنوات الأخيرة عن منطقة القوقاز بوصفها «خزان النفط» مستقبلا. في الرؤية الإستراتيجية الروسية، وبالتحديد مع صعود بوتن للسلطة، أصبحت القوقاز ضمن منطقة «المصالح الحيوية» الروسية. إزاء أزمة النفط المتصاعدة، وتعلق روسيا بالحلم الإمبراطوري القديم، يصبح النفط بشكل غير مسبوق «سلاحا» روسيا جديدا، خاصة أن روسيا أثبتت قدرتها على توظيف ثرواتها الطبيعية في تعزيز نفوذها السياسي مثلما يحصل مع «الغاز الطبيعي» المصدر من قبل روسيا إلى الاتحاد الأوروبي. التهديدات العسكرية الروسية في خضم التصعيد الأخير مع جورجيا لضرب «أي سفن» تمر بـ «المنطقة الأمنية» في البحر الأسود الذي تربط جورجيا بينه وبين المناطق المحاذية لـ «بحر القوقاز»، تذكير رسمي روسي بأن ترتيب الوضع في المنطقة بما في ذلك حركة الناقلات البحرية ممكن أن يتعرض للبلبلة إذا ما قررت موسكو ذلك. طبعا النوايا الروسية ذات الطبيعة السوفييتية لا تعني أن تحققها الواقعي حاصل بالضرورة. ومن المؤكد أن روسيا تعرف جيدا الفارق بين أحلامها الإمبراطورية والقواعد الجيو-سياسية الحاكمة للمنطقة، بما في ذلك صعوبة تحقيق الأهداف السياسية بطرق عسكرية في الميزان الإستراتيجي الراهن. غير أن هلالا للمصالح الروسية يضم جمهوريات القوقاز مرورا إلى إيران لا يبدو أمرا خارج حسابات قيادة الكرملين أو أمرا غير ممكن التحقق بأي حال، خاصة أن فرص الرد الأميركي على ما يجري لا تبدو كثيرة، فمثلما أشارت صحيفة «لوس أنجليس تايمز» (12 أغسطس) نقلا عن مسؤولين أميركيين «فإن أي رد أميركي سيستهدف الاقتصاد الروسي وهيبته»، مشيرين بالتحديد إلى «الضغط على روسيا من خلال مؤسسات دولية»، من خلال «منظمة التجارة العالمية» أو حتى «طردها» من اجتماعات «قمة الثماني». • أستاذ «تاريخ الشرق الأوسط» بجامعة روتجرز tkahlaoui@gmail.com   (المصدر: جريدة العرب (يومية – قطر) بتاريخ 14 أوت  2008)

 

Home – Accueil الرئيسي

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.