وقد حدد الاستاذ عياض بن عاشور في مداخلته التحديات التي تواجهها تونس في هذه المرحلة الانتقالية وقال ان الثورة نجحت ليس لانها اسقطت نظاما كان له كل اسباب البقاء من القوة والمال والامن ولكن لانها اعادت التونسيين الى ما وصفه بالوعي السياسي وما كان توفيق الحكيم وصفه بعودة الوعي واشار الى انه في ديسمبر 2010 لا احد كان يتوقع هذا الزلزال واوضح ان هذه الصحوة و هذا الضمير اذا وجد مكانه نهائيا لدى الشعب فانه سيكون الضامن بعدم التراجع واشار الى ان كل التونسيين كانوا يتحدثون قبل الثورة عن مخططات لتوريث السلطة بما في ذلك بين الاب والابن وحدد ثلاثة تحديات لمنع العودة الى الماضي واولها ما اطلق عليه الشياطين القدامى الذين مازالوا يتواجدون برغم الحرب المعلنة عليهم وكل المحاولات لاقتلاعهم قانونيا واعتبر ان هذا هو التحدي الاكبر. واعتبرالاستاذ عياض بن عاشور ان التحدي الثاني في المرحلة الانتقالية يتمثل فيما وصفه بالتحدي الكوني defi cosmologique موضحا ان تونس والعالم العربي عاشا انفجارا اشبه بما عاشه العالم قبل ملايين السنين وقال لم يكن هناك شيء فقد كنا نعيش غيابا في الفكر وفي الحرية وغياب للجامعة التي شهدت تراجعا خطيرا وسقوطا رهيبا بعد ان بات الامن ينقل محاضرات الاساتذة الجامعيين ويدعونهم للاستجواب وتساءل بن عاشور عن كيفية الخروج من وضع الفراغ الى وضع الوجود .واوضح بن عاشور ان الانفجار ولد موجة اشبه بالصدمات المتواترة التي يمكن ان تعود وتهز المجتمع وتهدد الاستقرار وخلص الى ان الانضباط السياسي والاخلاقي يمكن ان يساعد على بناء الديموقراطية الحقيقية وقال انه لا بد من التشدد حول المبادئ الاساسية التي لا مجال للتراجع عنها مقابل الليونة في اعتماد الاساليب. وشدد بن عاشور على عنصر الزمن في تحقيق الانتقال الديموقراطي و اعتمد على المثال الايطالي الذي استوجب قرونا طويلة للوصول الى الديموقراطية انطلاقا من الابداع الفني ثم الابداع العلمي واعتبر ان الخلق والابداع يستوجب القطع مع الموجود وفرض الجديد قبل ان يتحقق التطور السياسي بداية من القرن الثامن عشر. الا انه اعتبر ان عملية الانتقال البطيء زمنيا في اوروبا قد لا تبدو قابلة للتكرار في تونس في زمن ثورة التكنولوجيا وتسارع الاحداث وشدد بن عاشور على التحديات التي يفرضها موعد 24 جويلية والحال ان البلاد لم تعرف يوما انتخابات حقيقية حرة وشفافة وقال ان الخبراء الاكثر تفاؤلا يعتبرون انه من الصعب اجراء انتخابات في غضون اسابيع .واشار الى ضرورة العمل على تكوين المراقبين والاستعداد للاستحقاق القادم .الاستاذ احمد ونيس السفير السابق ووزير الخارجية المستقيل اعترض على موقف بن عاشور معتبرا ان تونس لها تاريخها ومكانتها ومكاسبها ولا يمكن بالتالي الحديث عن فراغ مطلق . وهو ايضا ما ذهب اليه السيد احمد ابراهيم وزير التعليم المستقيل في الحكومة الانتقالية الثانية والذي شدد على الحاجة الى عقد سياسي رافضا فكرة اننا ولدنا من فراغ مضيفا ان تونس كان لها ثورة اولى حررت البلاد وثورة ثانية حررت العباد ..اما السيد مصطفى بن جعفر فقد اعتبر اننا امام ثورة بلا راس وان الثورة لم تكتمل واستغرب رد فعل التونسيين الذين يقولون الملك مات ولنمنح ثقتنا للملك وشدد بن جعفر على ان بن علي رحل ولكن نظامه لا يزال قائما وخلص بن حعفر الى ان اوروبا لم تستخلص الدرس وانه لا بد في هذا الاطار من التمييز بين اوروبا الرسمية وبين البرلمانيين والحقوقيين والمجتمع المدني الذي ساند الثورة وحذر بن جعفر من قوى الردة التي لا تزال قائمة.
السيد مصطفى الفيلالي كان المفاجاة خلال هذه الندوة اذ ان مداخلته لم تكن مبرمجة وقد تحدث عن ظروف وملابسات نشاة أول مجلس تاسيسي في تونس والذي قال المتحدث انه وضع خلال 34 شهرا بلغة ابن خلدون وكان وريثه لسنة 1861التي وضعها خير الدين وتحدث عنها ابن ابي الضياف في اقوم المسالك .و قال السيد مصطفى الفيلالي على ان الظروف التي حفت باقامة المجلس التاسيسي و مداولاته طيلة 34 شهرا من افريل 1956 الى جوان 1959 كانت ظروفا عصيبة ليس فيها استقرار لاسباب متعددة بينها الحرب على الحدود مع الجزائر والفتنة داخل الحزب الحاكم بين بن صالح وبن يوسف والتي وصفها بانها كانت فتنة سياسية اجتماعية وكان الاضطلاع لمسؤولية جديدة في ظروف عصيبة .وكشف الفيلالي ان الاشهر الاولى من الاستقلال شهدت استخراج عدد من المسؤولين الاجانب كميات كبيرة من الاموال من البنوك التونسية قدرت حسب الشاذلي العياري انذاك بعشرات المليارات من الخزينة التونسية، وقال الفيلالي ان المجلس التاسيسي قام على اساس جبهة وطنية بين القوى الوطنية الموجودة حول الحزب الحر الدستوري والاتحاد التونسي للشغل واتحاد الصناعة واتحاد الزراعة والصيد البحري وخلص الى غياب المشاركة النسائية في المجلس التاسيسي وقال لم يكن للمراة في ذلك الحين اتحاد يشارك في المجلس فكان غياب المراة فيه .واوضح الفيلالي ان الخريطة السياسية كانت متعددة الجوانب والمقاصد وان المداولات كانت تجري بين قوة تنتمي للاتحاد العام التونسي للشغل وبعض المشاركين في الحزب الحر الدستوري الذي كان له جناحان حسب المتحدث محافظين متشددين وجناح التقدميين .واعتبر ان المداولات قامت على ثنائية من يريد ان يخفظ للسلطة التنفيذية سلطة مطلقة على السلطتين التشريعية والقضائية واضاف ان البلد كان في حالة توتر الامر الذي دفع الى كثير من الاختيارات الكبرى بشان السلطة التنفيذية وبذلك جاءت الحريات الاساسية المعترف بها كحرية الراي والعمل والاجتماع وحرية المعتقد كانت دوما مرتبطة بلفظ في نطاق القانون بما يجعله مرتبطا بالسلطة التنفيذية ووزارة الداخلية وانعكست هذه الخيارات بذلك على الاختيارات الكبرى وبالتالي اختيار النظام الرئاسي واردف الفيلالي بان تلك المرحلة كانت تحت تاثير رجل له طاقة عملاقة وهو بورقيبة الذي جمع الشرعية التاريخية والكفاحية وبين الشرعية السياسية ,وخلص الفيلالي الى انه تم الحسم بين نظام رئاسي ونظام برلماني ودفع الى ذلك الحذر من النظام البرلماني والاضطراب الحاصل في الحياة السياسية في فرنسا في عهد الجمهورية الرابعة .واختتم الفيلالي بقوله ان جيله لم يحظ بما يحظى به جيل اليوم من مقارنة بتجارب الاخرين.
الاستاذ الصادق بلعيد شدد في مداخلته على التأزم الحاصل مع اوروبا ودعا الاتحاد الاوروبي الى اعادة مراجعة حساباته وقال نقول للاوروبيين اتركونا نصنع ثورتنا بانفسنا معتبرا في ذات الوقت انه من المهم ان نتعلم من تجارب الاخرين ولكنه اعتبر ان الوضع في تونس لا علاقة له بالتجارب الاوروبية واوضح انه ليس في هذا معاداة لاوروبا ولكن اهدافنا كما احتياجاتنا مختلفة عن اوروبا ودعا الى الاستفادة من الاخطاء التي وقعت فيها وقال الاستاذ بلعيد لا نريد ان يزداد الفقراء فقرا في هذا المجتمع .
وقد شدد الاستاذ عزام محجوب في افتتاحه اشغال الندوة على ان الهدف يبقى الاستفادة من تجارب اسبانيا والبرتغال وبولونيا في مرحلة الانتقال الديموقراطي وربما تفادي بعض الاخطاء التي قد تعرقل او تشوه المسار الانتقالي .وفي المقابل فقد اعتبر الفارودي فاسكونسيلوس ان الكل يتذكر ان نفس التساؤلات التي تطرح اليوم في تونس في هذه المرحلة الانتقالية كانت تطرح ايضا في اسبانيا وبلغاريا رغم ان الاجوبة تختلف من بلد الى اخر ومن تجربة الى اخرى واوضح ان تجربته في عديد الدول بينها جنوب افريقيا تؤكد ان الحل لا يمكن الا ان يكون تونسيا وان ما عاشت تونس على وقعه حتى الان كان له اثره في مصر وربما في ليبيا التي تواصل ثورتها في مواجهة دكتاتور لا يستهان به.
عن التجربة البرتغالية على طريق الديموقراطية تحدث انطونيو فيتورينو من المعهد البرتغالي لدعم التنمية وقد لاحظ المتحدث انه لا وجود لمثال يمكن استيراده لبناء الديموقراطية وان لكل شعب طريقه الوطني وعقليته لتحقيق الديموقراطية وهو ما اكتسبه من خلال تجارب متعددة لمعايشة الديموقراطيات الناشئة في عدد من دول اوروبا الشرقية الى جانب دول افريقية مثل جنوب افريقيا وناميبيا وزامبيا واثيوبيا وكذلك الجزائر في مرحلة سابقة واعتبر ان ضمان الاستقرار خلال المرحلة الانتقالية ضروري معتبرا ان هناك دوما خطر التراجع وخطر الثورة المضادة .واوضح ان الاستقرار اساسي لضمان الطريق الى الديموقراطية وكذلك تخفيف مخاوف المواطن العادي من المستقبل على اعتبار ان عنصر الراحة النفسية مهم وتساءل عن كيفية التصرف مع المسؤولين السابقين واعتبر ان بعض الدول اختارت القطيعة الدموية كما كان الحال في اسبانيا فيما فرض البرتغال على المسؤولين السابقين مقاطعة انتخابية وشدد على ضرورة ضمان استقلالية المحاكم المعنية بمحاكمة المسؤولين السابقين واستعرض فيتورينو ان تجارب بعض الدول التي اختارت القطع مع كوادر الاحزاب الرسمية قبل ان تتراجع عن ذلك بعد ان وجدت انها باتجاه الافلاس من كل الاطارات في البلاد على اعتبار ان المرور عبر الحزب الحاكم كان ضروريا من اجل الحصول على عمل اداري اوغيره.
ولاحظ ان مدة اربعة اشهر ستشكل تحد كبير بالنسبة للتونسيين الا ان المهمة ستكون خطوة اولى مصيرية حتى تكتسب السلطة وشدد على ضرورة الانتباه للاختيار القانون الانتخابي الذي يمكن ان يكون له تداعياته على الخيار السياسي مستقبلا كما اعتبر ان عمليات التزوير في الانتخابات غالبا ما تقع في مراكز الاقتراع التي تستوجب الكثير من الفطنة…بالامس فسحت الجمعية التونسية للبحوث حول الديموقراطية والتنمية التي تاسست بعد الثورة المجال لحوار مثمر يفسح المجال امام المفكرين التونسيين والاجانب المجال للحوار والمساهمة في البناء الديموقراطي فعسى ان تكون هذه الحلقة بداية لتجربة جديدة من اجل الافضل
تغطية اسيا العتروس (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 10 فيفري 2011)
عاصفة الثورة تهب على حركة الديمقراطيين الاشتراكيين انشطار الحزب إلى نصفين..وتجاذبات بين رأسين وقيادتين
يمكن القول، أن حركة الديمقراطيين الاشتراكيين، تعدّ أحد الأحزاب التي لم تستفيد من الثورة، بعد أن خرجت بأزمة جديدة تنضاف إلى سلسلة الأزمات التي عرفتها خلال تاريخها الذي يمتدّ على أكثر من ثلاثين عاما.. ففي الوقت الذي كان المراقبون، يتوقعون عودة قوية للحركة في السياق الديمقراطي الجديد الذي تشهده البلاد في أعقاب الثورة التونسية، سيما وأن أدبيات الحركة وخبرة قيادتها، تؤهلها لكي تكون الحزب الأكثر قابلية لاستيعاب المناخ السياسي الجديد، فوجئ الجميع بدخول الحركة في تجاذبات بلغت حدّ الصراع بين كتلتين: واحدة يقودها أحمد الخصخوصي وتصف نفسها بـ « الشرعية »، وكتلة الحزب الذي كان يرأسه السيد إسماعيل بولحية قبل الثورة ومنذ العام 2004، تاريخ المصالحة بين مجموعتي مواعدة وبولحية.. الصراع بين الطرفين انطلق حول مقر الحزب في جون جوراس، بعد أن احتلته جماعة الخصخوصي، ما جعل قيادات الحزب وكوادره تتشتت بين مقرات عديدة حول العاصمة، بعد أن قدمت دعوى قضائية ضد الخصخوصي، ثم تطورت الأمور بشكل متسارع لاحقا، في اتجاه التسوية السياسية، عبر عقد مؤتمر مشترك يفضي إلى قيادة موحدة، وتم التوسط بهذا الشأن بين المجموعتين، لكن الأمور سارت عكس هذا الاتجاه.. وساطات لم تنجح فقد شكل السيد أحمد الخصخوصي في مرحلة أولى، لجنة تنفيذية تتألف من ثلاثة شخصيات: الخصخوصي رئيسا، ومحمد علي خلف الله ناطقا رسميا، وعبد اللطيف البعيلي مكلفا بالإدارة، مقصيا بذلك جميع القيادات التي كانت تمسك بدواليب الحركة.. وكانت عدة وجوه من الحركة قامت بوساطات بينها، علية العلاني ومحمد علي خلف الله ومنصور العامري وأحمد زغدان، لرأب الصدع صلب الحركة، والحفاظ على وحدتها وعدم تشتيتها، وتم الاتفاق في هذا السياق، على عقد مجلس وطني يضم أعضاء الحركة منذ مؤتمر 1993، تتمخض عنه لجنة متناصفة تعدّ لمؤتمر استثنائي، لكن الجميع فوجئ ببيان وقعه الخصخوصي، ثبت من خلاله اللجنة التنفيذية، في رسالة واضحة مضمونها، رفض المضي باتجاه خيارات غير المجلس الوطني الذي تم الاتفاق عليه، وهو ما أثار انتقادات من داخل كتلة الخصخوصي، ونعني بذلك السيدين محمد علي خلف الله ومنصور العامري، اللذين كذبا بيان الخصخوصي، والنتيجة لكل ذلك، اتجاه الحركة إلى مؤتمرين اثنين، تمخض عنهما قيادتان، ما جعل الحركة بنصفين ورأسين، وهو ما يذكر المراقبين بفترة النصف الثاني من تسعينيات القرن المنقضي، عندما غادرها محمد مواعدة في إطار خلاف مع الرئيس المخلوع، وظل يعتبر مجموعته الممثلة « الشرعية » للحركة، قبل أن ينعقد المؤتمر التوحيدي في 2004 الذي لملم شتات الحركة.. تساؤلات بارزة صحيح أن المجموعتين عقدتا مؤتمرين انتهيا إلى إفراز قيادتين برأسين: أحمد الخصخوصي على رأس « الشرعيين » كما يوصفون، والطيب المحسني الذي بات يقود الشق الثاني من الحركة، بعد مؤتمر انتظم تحت رقابة عدول الإشهاد في جميع أطواره الانتخابية، لكن هل أن هذا الوضع الجديد، مفيد بالنسبة لحزب في حجم حركة الديمقراطيين الاشتراكيين، وطابعها الوسطي، وخلفيتها الديمقراطية، وخبرة قيادتها بالسياسة، والذي كان يمكن لها أن تستفيد من الزخم الجديد السياسي الذي أفرزته الثورة ؟ ثم هل من المعقولية السياسية القفز على الأمانة العامة المنتخبة بذريعة « اللحظة الثورية » واستحقاقاتها ؟ ألم يكن من الأجدى للحركة الذهاب إلى مؤتمر استثنائي تحضره جميع الأطراف، ويناقش فيه مستقبل الحزب بكامل الشفافية والصراحة، ثم يكون الصندوق الانتخابي هو الفيصل في حسم الصراع صلب هذه المؤسسة السياسية العريقة في المشهد السياسي ببلادنا ملاحظات، لا نعتقد أن وقتها قد انقضى، وبالإمكان خروج حركة الديمقراطيين الاشتراكيين من هذه الأزمة الجديدة بصيغة أفضل، من شأنها الحفاظ على وحدتها من ناحية، وضمان انخراطها في الاستحقاقات القادمة بأكثر فاعلية.. فهل في الحركة « رجل رشيد » ؟ صالح عطية (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 10 فيفري 2011)
في أساسيات انتخاب المجلس التأسيسي
( الجزء االثاني)
بقلم الأستاذ , عبد الوهاب معطر
محامي وأستاذ جامعي في القانون الدستوري و العلوم السياسية تطرقنا في الجزء الأول من هذه المساهمة إلى القواعد المتعين مراعاتها من طرف المشاركين في الهيئة المكلفة بوضع قانون انتخاب المجلس التأسيسي كتعرضنا إلى ضرورة التوافق على نظام اقتراع عادل يتلاءم مع الثورة مشددين على خطورة و أهمية نظام الإقتراع لانعكاسه الأكيد على تركيبة المجلس و على الخيارات الكبرى للدستور المراد وضعه وكذلك على الحياة السياسية للبلاد في الأمد المنظور نتولى فيما يلي التبسط في مختلف أنظمة الاقتراع لغاية تمكين المواطنين من القدر اللازم من الثقافة الانتخابية الكفيلة بتشريكه في هذا المضمار للدفع في اتجاه اعتماد مؤسسات قادرة على التقدم نحو إرساء نظام ديمقراطي يتمتع بالاستقرار المانع من الانتكاس وعلى الرغم من عدم تركيزنا على الجوانب الإدارية للعملية الانتخابية (كتوزيع مقرات الاقتراع، أو تسمية المرشحين، أو تسجيل الناخبين، أو الجهاز الإداري للعملية الانتخابية، إلخ) فإن هذه المسائل على درجة بالغة من الأهمية حيث يؤدي تجاهلها إلى تقويض الفوائد المرجوة من أي نظام انتخابي يتم اختياره. كما أن تصميم النظام الانتخابي يؤثر في مجالات أخرى من قوانين الانتخابات: فاختيار النظام الانتخابي له تأثيره على طريقة تحديد الدوائر الانتخابية، وكيفية تسجيل الناخبين، وكيفية تصميم أوراق الاقتراع، وكيفية فرز الأصوات، بالإضافة إلى العديد من الجوانب الأخرى للعملية الانتخابية.التي قد نتعرض إليها لاحقا , ما هي النظم الانتخابية؟ في مفهومها الأساسي هي مجموعة من الإجراءات والأنظمة التي تعمل على ترجمة الأصوات التي يتم الإدلاء بها في الانتخابات إلى عدد المقاعد التي تفوز بها الأحزاب أوالمرشحين الأفراد ، وهي تتكون من عدد من المتغيرات الأساسية تتمثل في الآلية الانتخابية المستخدمة (الفردية، النسبية، المختلطة) وتركيبة ورقة الاقتراع (هل يصوت الناخب لمرشح واحد أو لقائمة حزبية، وهل بإمكانه التعبير عن خيار واحد أو مجموعة من الخيارات)، بالإضافة إلى حجم الدائرة الانتخابية و كما أشرنا تعتبر مسألة انتقاء النظام الانتخابي من أهم القرارات بالنسبة لأي نظام ديمقراطي. ففي غالبية الأحيان يترتب على انتقاء نظام انتخابي معين تبعات هائلة على مستقبل الحياة السياسية في البلد المعني ومن ثمة فإن الخلفية وراء انتقاء النظام الانتخابي قد تكون بنفس أهمية الخيار المعتمد ذاته. فعملية انتقاء النظام الانتخابي هي مسألة سياسية بالدرجة الأولى، وليست مسألة فنية يمكن لمجموعة من الخبراء المستقلين معالجتها فغالباً ما تكون المصالح السياسية في صلب الاعتبارات التي يتم الأخذ بها في عملية انتقاء النظام الانتخابي من بين الخيارات المتوفرة. و التي تتلخص عموما في ثلاثة اتجاهات رئيسية تتفرع منها العديد من الآليات المختلفة لتنفيذ العملية الإنتخابية وهي كالتالي الإنتخاب الفردي و الإنتخاب بالقائمات ( 1 ) و الإنتخاب بالأغلبية ( 2 ) و الإنتخاب بالتمثيل النسبي ( 3 )
أولا , الانتخاب الفردي والانتخاب بالقائمة يكون الانتخاب فرديا إذا ما جري تقسيم الدولة إلى دوائر انتخابية متساوية في عدد الناخبين ومتعددة بقدر الأعضاء المراد انتخابهم, بحيث يكون للناخبين في كل دائرة أن ينتخبوا عضوا واحدا من بين المرشحين ممن يختارونه عادة لشخصه وبقطع النظر عن انتمائه الحزبي وليس للناخبين في الدائرة الواحدة التصويت لأكثر من مرشح واحد، ونظام الانتخاب الفردي هو الذي تأخذ به العديد من البلدان ، حيث تقسم البلاد الى دوائر انتخابية متساوية من حيث التعدد السكاني ويمثل كل دوائره نائب واحد في المجلس ويختار الناخبون المرشح عن طريق الاقتراع السري العام والمباشر فلو افترضنا أن المجلس التأسيسي سيتكون من 250 نائب مثلا فإنه من المتعين تقسيم البلاد إلى 250 دائرة انتخابية متساوية في عدد سكانها ويختار الناخبون في كل دائرة نائبا واحدا أي الذي يفوز بأكثرية الأصوات من بين المترشحين العديدين . و لقد أثار موضوع الانتخاب الفردي الكثير من النقاش ، بالرغم من مضي مدة طويلة على ظهوره ، نظراً لما ينطوي عليه من إيجابيات وسلبيات. فقد أشار أنصاره إلى أن هذا النظام يحقق توازناً كبيراً بين المصالح المختلفة، على خلاف نظام الانتخاب بالقائمة الذي غالباً ما يفسح المجال أمام أحد الأحزاب للاستحواذ على كافة المقاعد النيابية.
كما يتسم هذا النظام بالبساطة، إذ يختار الناخب نائباً واحداً في دائرته الانتخابية الصغيرة مما يمكنه من اختيار أكفأ المرشحين، بخلاف نظام الانتخاب بالقائمة الذي يشتت الناخب بين عدة مرشحين لا يكون في الغالب على معرفة كافية بهم. كما يمنح هذا النظام الناخب المزيد من الحرية والاستقلالية في اختيار النائب، إذ يقلل من هيمنة الأحزاب السياسية على إرادة الناخبين، في حين يخضع غالباً نظام الانتخاب بالقائمة الناخب لسيطرة الأحزاب السياسية ويحد من حريته في الاختيار بين المرشحين.
ويسمح نظام الانتخاب الفردي للنائب بالإطلاع على احتياجات دائرته الانتخابية ويمكنه من معرفة المشاكل التي تعاني منها بحكم كونه من سكانها غالباً. ويحقق هذا النظام المساواة بين الدوائر الانتخابية كونه يقسم الدولة إلى دوائر صغيرة لكل دائرة ناخب واحد.
لكن هذا النظام لا يخلو من العيوب منها أنه يجعل الاختيار قائما على أساس المفاضلة بين الأشخاص لا بين المبادئ والأفكار. كما يجعل المرشح أسير الدائرة الانتخابية ويركز عنايته لخدمة مصالحها ويغفل مصالح البلاد.
أما الانتخاب بالقائمة فهو يفترض تقسيم الدولة إلى عدد قليل من الدوائر الانتخابية الكبيرة الحجم، ويمثل الدائرة الواحدة عدد من النواب يجري انتخابهم في قائمة تثبت فيها أسماءهم وبالعدد الذي يحدده القانون فإذا افترضنا مثلا الأخذ بجعل المعتمديات دوائر انتخابية و أسندنا لكل معتمدية عددا من النواب يتناسب مع عدد متساكنيها فإنه يتعين أن تتقدم قائمات متعددة تحتوي كل واحدة منها على عدد من المترشحين لا يتجاوز عدد النواب المخصصين للمعتمدية المعنية و تفوز القائمة التي تحرز على أكبر عدد من الأصوات التي يقع احتسابها حسب الطرق المبينة أدناه
و المهم هنا هو أن أسلوب تقسيم الدوائر الانتخابية يختلف في ظل الانتخاب الفردي عنه في الانتخاب بالقائمة، ففي الانتخاب الفردي تقسم الدولة إلى دوائر انتخابية صغيرة الحجم ( مثل المعتمديات أو العمادات) وتنتخب كل دائرة من هذه الدوائر نائبا واحدا. أي يصوت الناخب لمرشح واحد. أما الانتخاب بالقائمة فيقلل عدد الدوائر، ويكبر حجم كل منها، ( مثل الولايات ) ليقع فيها انتخاب عدة نواب، ومن هنا تصبح مسألة ضبط الدوائر الإنتخابية على قدر كبير من الأهمية ,
و لقد ، أشار أنصار نظام الانتخاب بالقائمة إلى أن هذا النظام يتسم بعدة مزايا منها أنه يحرر النائب من سيطرة الناخب ولا يدع مجالاً لتحكم العلاقات الشخصية. ويزيل هذا النظام عن الانتخابات كل ما من شأنه المساس بنزاهتها واستقلاليتها كالضغط على الناخبين أو إغوائهم أو التغرير بهم، على خلاف الحال في نظام الانتخاب الفردي الذي قد يفسح المجال واسعاً أمام الرشوة الانتخابية ا. وإن نظام الانتخاب بالقائمة يوسع من الخيارات المتاحة أمام الناخب في اختيار النواب بحكم تعددهم، خلافاً لنظام الانتخاب الفردي الذي يضيق من هذه الخيارات إذ لا يجد الناخب في الكثير من الأحيان بداً من التصويت لنائب معين بحكم العلاقات الشخصية أو الانتماء الأسري. كما أن نظام الانتخاب بالقائمة يجعل المفاضلة بين نائب وآخر تقوم على أسس موضوعية مردها الموازنة بين المبادئ والأفكار المختلفة لا بين الأفراد كما في الانتخاب الفردي
و من الواضح أن كل نظام (الفردي و بالقائمة ) تسجل له إيجابيات وعليه سلبيات ولا يمكن من حيث الواقع تفضيل أحد الأنظمة على الآخر ، فقد ينجح النظام في دولة معينة ويفشل في أخرى، إذ يتوقف الأمر على وعي الناخبين ونضجهم السياسي وعراقة تجربة الدولة الانتخابية وظروفها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
و بالإضافة لذلك فإنه ولئن كان الإنتخاب الفردي لا يطرح إشكالا من جهة وضوح و سهولة الإختيار فإن الانتخاب بالقائمة يتضمن قدرا متفاوتا من الحرية للناخبين. إذ يثير الانتخاب بالقائمة التساؤل بشأن حرية الناخب في تكوين قائمته الانتخابية، فهل هو ملزم بالتصويت على القائمـة كما طرحها الحزب السياسي، أم للناخب المزج بين الأسماء الواردة في القوائم المختلفة وإنشاء قائمته الانتخابية الخاصة؟ للإجابة على هذا التساؤل نشير إلى أن الدول انقسمت في ذلك بين ثلاثة أنظمة مختلفة كالتالي ,,
– النظام الأول: نظام القائمة المغلقة وفي هذا النظام يلزم الناخب بالتصويت على إحدى القوائم الحزبية، دون أن يكون له الحق في إجراء أي تعديل عليها، سواءً بالإضافة أو الحذف أو بإعادة ترتيب الأسماء.
النظام الثاني: نظام المزج بين القوائم وفي هذا النظام يكون للناخب الحرية في تكوين قائمته الانتخابية، عن طريق المزج بين الأسماء الواردة في قوائم الانتخابات المختلفة. شريطة أن لا يتجاوز عدد هذه الأسماء عدد النواب المخصصين للدائرة
النظام الثالث: نظام إعادة ترتيب القوائم ووفقاً لهذا النظام للناخب إعادة ترتيب أسماء المرشحين الذين تضمهم القائمة التي اختارها، دون أن يكون له المزج بين الأسماء الواردة في القوائم المختلفة
لكن ومع مراعاة الفوارق بين الإنتخاب الفردي أو الإنتخاب بالقوائم فإن هذين النظامين يشتركان فيما بينهما من جهة وجوب توفر أغلبية للفوز . ثانيا .نظام الأغلبية
بموجب هذا النظام يعد فائزاً في الانتخابات المرشح أو المرشحون الذين حصلوا على أكبر عدد من الأصوات في الدائرة الانتخابية، ويمكن تطبيق هذا النظام في حالة التصويت الفردي أوالتصويت على القائمة. فإذا كان الانتخاب فردياً فاز المرشح الذي حصل على أكثر الأصوات، أما إذا كان التصويت على قائمة، كانت القائمة فائزة بجميع مقاعد الدائرة الانتخابية متى حصلت على أكثرية الأصوات.
و يذهب غالبية الفقه الدستوري إلى أن هناك تلازماً حتمياً بين نظام الأغلبية بالقائمات ونظام الثنائية الحزبية، لأن هذا النظام يؤدي في المدى الطويل على الأقل إلى التقليل من عدد الأحزاب، فيندمج بعضها في بعض حتى ينتهي الأمر إلى وجود حزبين كبيرين يتبادلان الأغلبية البرلمانية على امتداد السنين، وخير مثال على ذلك النموذج الأمريكي والبريطاني، حيث يأخذ كل منهما بنظام الحزبين الكبيرين، ونظام الأغلبية في الانتخابات و في الواقع فإن أهم ما يتميز به هذا النظام هو البساطة والوضوح والقدرة على تكوين أغلبية برلمانية متماسكة، مما يؤدي في النهاية إلى استقرار الحكومات.إلا أن ما يسجل عليه أنه قد يتنافى مع الديمقراطية الحقة، كما أن نتائجه قد لا تتسم بالعدالة كونه يضع القوة السياسية في يد الحزب الذي يظفر بها، ويترتب على ذلك إهمال ما عداه من الأحزاب التي قد يكون بعضها ذات أهمية كبيرة مما يجعل المجلس النيابي المنتخب بعيداً عن أن يكون ممثلاً لجميع شرائح المجتمع، وما لم تمثل الأقلية في المجلس فإن الحكومة لا تكون حكومة ديمقراطية قائمة على مبدأ المساواة، بل تكون حكومة فئة ممتازة تفرض سلطاتها على كل من يخالفها في الرأي.
و مهما كان الأمر فإن ما تتجه الإشارة إليه هو أن نظام الأغلبية سواءا كان فرديا أو بالقائمات فهو يأخذ إحدى صورتين رئيسيتين: -نظام الأغلبية البسيطة: و فيها يقع إنتخاب المرشح أو المرشحين الذين حصلوا على اكبر عدد من الأصوات, بصرف النظر عن مجموع الأصوات التي حصل عليها باقي المرشحين. أي حتى لو كانت الأصوات التي حصل عليها الآخرون تزيد على نصف مجموع الأصوات المعطاة في الدائرة. فلو فرضنا أن دائرة معينة اجري فيها الانتخاب على أساس الأغلبية البسيطة مع الأخذ بنظام الانتخاب الفردي, وان المرشحين فيها ثلاثة, حصل أولهم على (800 )صوتا, والثاني على( 700 ) صوتا، والثالث على (500 ) صوتا, فان المرشح الأول هو الذي ينتخب, على الرغم من أن المرشحين الآخرين قد حصلا على أكثر من نصف الأصوات المعطاة. وإذا فرضنا أن الانتخاب على أساس القائمة, وان الدائرة مخصص لها( 3 ) مقاعد, وان القائمة المقدمة من الحزب (أ) قد حصلت على (800 )صوتا، والقائمة المقدمة من الحزب (ب) قد حصلت على (700) صوتا، والقائمة (ج) قد حصلت على (500) صوتا، فإن الحزب (أ) هو الذي يفوز بالمقاعد الثلاثة.
2- نظام الأغلبية المطلقة: في نظام الأغلبية المطلقة يتوجب إعادة الانتخاب في المثالين السابقين, لان نظام الأغلبية المطلقة يعني أن المرشح الذي ينتخب هو الذي يفوز بأكثر من نصف الأصوات الصحيحة المعطاة (أي 50٪+ 1) مهما كان عدد المرشحين. فنظام الأغلبية المطلقة لا يكتفي بمجرد حصول أحد المرشحين على أكثرية الأصوات بالنسبة لبقية المرشحين منفردين. بل يلزم لانتخاب أحد المرشحين أن يحصل على أصوات تفوق مجموع الأصوات التي حصل عليها باقي المرشحين مجتمعين. ففي المثالين السابقين يلزم إعادة الانتخاب بين المرشح الأول والمرشح الثاني, أو بين القائمة (أ) والقائمة (ب) ويكون الفوز لمن يحصل منهما على أكثرية الأصوات. وقد تؤدي إعادة الانتخاب في دورة ثانية إلى فوز المرشح الثاني أو القائمة الثانية. وقد يتضامن أنصار المرشح الثالث مع أنصار المرشح الثاني, فيفوز هذا الأخير على الرغم من أن ترتيبه كان الثاني في الدورة الأولى
ثالثا : التمثيل النسبي
أن نظام الأغلبية هو دون شك الأقدم في العالم، غير أن التمثيل النسبي قد تم تطبيقه للمرة الأولى، في بلجيكيا 1889 وفي هذه الأيام يطبق في اكثر من 60 بلدا في العالم سيما أنه. يجري في دورة واحدة و يتيح تلافي التكاليف المعروفة في الأنظمة التي تطبق الدورة الثانية.
ويقصد بنظام التمثيل النسبي منح كل حزب أو اتجاه عدد من المقاعد النيابية يتناسب مع عدد الأصوات التي حصل عليها. باعتبار أن العدالة هي الميزة الأولى لهذا النظام، فهو الذي يجعل عدد المقاعد التي تحصل عليها القوى السياسية يتناسب مع نسبة حضورها الانتخابي و من ثمة فإنه أيا من القوى السياسية أو أي جزء من الرأي العام لا يستأثر من ناحية المبدأ بالتمثيل الكامل كما أنه لا يظل أيضا دون تمثيل . ولم يتم تبني هذا النظام إلا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر على إثر تعالي الأصوات المنادية بالعدول عن نظام الأغلبية، كونه لا يمثل اتجاهات الرأي العام تمثيلاً حقيقياً في البرلمان، كما أنه يحابي الأحزاب الكبيرة على حساب الأحزاب الصغيرة، وقيل بحق إن نظام التمثيل النسبي وحده هو الذي يسمح بتوزيع المقاعد البرلمانية بين الأغلبية والأقلية. وانقسم رأي الفقه بشأن إمكانية تطبيق هذا النظام في ظل نظام الانتخاب الفردي إلى اتجاهين :
الاتجاه الأول : يرى أن هذا النظام لا يمكن تطبيقه إلا في صورة الانتخاب بالقائمة لأنه بحكم طبيعته يتطلب عدة مقاعد توزع بنسبة معينة، كما أن نظام القائمة يفترض تقسيم الدولة إلى دوائر انتخابية كبيرة .
الاتجاه الثاني : يذهب إلى أن نظام التمثيل النسبي يمكن تطبيقه في ظل نظام الانتخاب الفردي ونظام الانتخاب بالقائمة، وهو ما يجري عليه العمل في جمهورية أيرلندا منذ نشأتها وفي أستراليا في انتخاب أعضاء مجلس الشيوخ منذ سنة 1949 .
و بقطع النظر عما ذكر فإن أهم ما يتميز به هذا النظام أنه يسمح بتمثيل كافة اتجاهات الرأي العام والأحزاب السياسية في البرلمان، كما أنه أكثر عدالة من نظام الأغلبية،لكونه يضمن لكل حزب عدداً من المقاعد في المجلس النيابي يتناسب وعدد الأصوات التي حصل عليها في الانتخابات. ويؤمن هذا النظام المحافظة على الأحزاب السياسية وينميها، وفي ذلك ترسيخ لمفهوم التنافس السياسي المشروع ويجنب البلاد الأزمات الناشئة عن التنظيمات السياسية غير المشروعة كالمنظمات والأحزاب السرية. بل يشجع الناخـب علـى الإدلاء بصوته لمن يشاء من الأحزاب السياسية، فالناخب قد يعرض عن المشاركة في الانتخابات حينما يرى أن الأحزاب المشاركة في الانتخابات لا تمثل رأيه، أو حينما يخشى إهدار صوته لكونه يدلي به لحزب ليست له إلا شعبية محدودة و من جهة أخرى فثمة من يعيب على نظام التمثيل النسبي أنه قد يجعل الناخب غير قادر على الاختيار بين عدد كبير من المرشحين. ويشجع الأحزاب السياسية على التعدد إلى أقصى حد، فكل جماعة مهما قل عددها تستطيع أن تكون حزباً، فهي لن تهدر صوتاً هنا أو هناك ليكون لها في النهاية مقعداً تحصل عليه في المرحلة الثانية إن لم تستطع الحصول عليه في المرحلة الأولى . وهذا النظام يشتت مقاعد البرلمان بين عدة أحزاب وهو أمر غير مرغوب فيه كونه لا يهيىء السبيل لأي حزب للحصول على الأغلبية المطلقة في المجلس النيابي الأمر الذي يعقد مهمة تشكيل الوزارة، والمعلوم أن تشكيل الوزارة من أكثر من حزب واحد يعني عدم الانسجام السياسي، بل إن ريح الخلافات قد تعصف بها بعد فترة قصيرة من تشكيلها ويقوم التمثيل النسبي على أن تكون الانتخابات حسب قائمة الأسماء ومبدأ الأكثرية النسبية معاً، ويجب تبعا لذلك أن يقسم مسبقا عدد المصوتين على عدد النواب المقرر انتخابهم في الدائرة الانتخابية وعندما ينال المرشح ناتج القسمة يعتبر نائباً. والمقصود بالقاسم الانتخابي أنه الرقم الذي يتم الحصول عليه من قسمة عدد الأصوات الصحيحة المعطاة في الدائرة على عدد المقاعد المخصصة لها كما أن الدائرة الانتخابية يمكن أن تكون كامل تراب البلاد كما يمكن أن تقسم البلاد إلى دوائر عديدة هذا وتجدر الإشارة إلى أن الفرق بين التمثيل النسبي على مستوى الدولة والتمثيل النسبي على مستوى الدوائر يكمن في أن القاسم الانتخابي في التمثيل النسبي على مستوى الدولة كلها هو قاسم انتخابي قومي واحد في كل أراضي الدولة بينما يكون القاسم الانتخابي في التمثيل النسبي على مستوى الدوائر قاسماً انتخابياً خاصاً بكل دائرة على حدة، زد على ذلك هناك فرق جوهري في كيفية توزيع المقاعد الباقية في نظام التمثيل النسبي بين صورة الدائرة الوحيدة و صورة تعدد الدوائر داخل الدولة .
من ذلك أنه عندما يكون التمثيل النسبي على مستوى الدولة و في دائرة واحدة فإن القوائم الانتخابية المتنافسة تكون قوائم قومية إذ يقدم كل حزب قائمة قومية وحيدة بمرشحيه على مستوى الدولة، ويتم استخراج القاسم الانتخابي من قسمة عدد الأصوات الصحيحة في الدولة كلها على عدد المقاعد البرلمانية وتوزيع المقاعد الباقية على أساس أكبر البواقي.
و من اجل الاستفادة من مميزات نظام الأغلبية ونظام التمثيل النسبي وتقليل عيوب كلا النظامين، لجأت العديد من الدول إلى اعتماد » النظام المختلط » وهو معمول به حاليا في العديد من البلدان والذي يعني انتخاب عدد من المقاعد ( نصفها مثلا ) على أساس الدوائر الفردية ( الأغلبية ) والنصف الآخر على أساس التمثيل النسبي كما هو الحال في ألمانيا.
هذا و قد اعتمدت بلغاريا » النظام المختلط » في 1990، وذلك لانتخابات البرلمان التأسيسي الذي اقر دستور بلغاريا في 1991، والبالغ 400 عضو نصفهم 200 على أساس الدوائر الاقليمية للتمثيل النسبي و، 200 مقعد على أساس الدوائر الفردية بنظام الأغلبية المطلقة أي ( 50% + 1 ) حيث جرى تقسيم البلاد الى 200 دائرة لكل منها مقعد واحد ، وجرت انتخابات لجولة ثانية في العديد من الدوائر و السؤال المطروح هو أي نظام اقتراع يستجيب لمتطلبات انتخاب المجلس التأسيسي لبلادنا و ماهي الخيارات الكبرى المتعين مراعاتها في العملية الإنتخابية برمتها حتى يكون لدينا مجلسا يستجيب لطموحات الثورة و قادرا على النهوض بالمهام التاريخية المنتظرة منه ? هذا ما سيكون موضوع الجزء الثالث من هذه المساهمة المتواضعة.
الأستاذ عبد الوهاب معطر صفاقس في 7 مارس 2011
رسالة مفتوحة للهيأة العليا لتحقيق أهداف الثورة
أحمد أوقار
لقد أوكلت إليكم مهمة تحقيق أهداف الثورة و الإنتقال الديمقراطي وهي الغاية التي دفع من أجلها التونسيون ثمنا من أرواحهم و دمائهم، و التي ذاق من أجلها أجيال من التونسيين الشرفاء ويلات السجون و التعذيب و التشريد و المنافي و قطع لقمة العيش و غيرها من وسائل القمع و الإستبداد التي تفنن فيها النظام السابق منذ الإستقلال، و كان الحزب الدستوري تحت مختلف أسماءه الأداة الرئيسية لنظام الحكم الفردي الإستبدادي.
و إذ نعتبر أن القرار الصادر عن المحكمة الإبتدائية بتونس بحل هذا الحزب اللقيط و مصادرة أملاكه خطوة إيجابية نحو طي صفحة الماضي، إلا أن هذا القرار يعتبر منقوصا ما دام رموز هذا الحزب يصولون و يجولون على الساحة السياسية و يؤسسون الأحزاب كما يشاؤون،
و حيث أن مطلب الثورة الأساسي هو القطع التام و النهائي مع النظام السابق بكل مؤسساته و رموزه، والتأسيس لمرحلة جديدة ترجع السيادة للشعب كاملة غير منقوصة،
و حيث أن من شارك في حكم الشعب التونسي بالحديد و النار و تبوأ مسؤوليات في ضل النظام السابق لا يمكنهم بأي حال من الأحوال لعب أي دور في المرحلة التأسيسية، فإن لم يتحملوا مسؤولية فساد مالي أو جنائي، فهم يتحملون مسؤولية فساد سياسي تجاه الشعب. و حيث أن من المهام الرئيسية للهيأة صياغة قانون إنتخابي خاص بانتخابات المجلس الوطني التأسيسي، فإننا نطلب منكم مراعاة ما يلي أثناء صياغة هذا القانون:
عدم تمكين الأشخاص الآتي ذكرهم من الترشح لعضوية المجلس الوطني التأسيسي، و ذلك سواء ضمن قوائم أو بصفة فردية، بصفة مستقلة أو تحت راية أي حزب أو منظمة مهما كانت صفتها: الأمانة العامة للتجمع- – أعضاء الديوان السياسي و اللجنة المركزية لهذا الحزب – الكتاب العامين للجان التنسيق، – النواب و المستشارون التابعون لهذا الحزب. لن نقبل أن يعود إلينا عبر النافذة من طردناهم من الباب، الشعب التونسي تقيأ هؤلاء و نظامهم و لا يمكنه إعادة هضم ما تقيأ. نرجو أن تكونوا في مستوى المسؤولية التاريخية الموكلة إليكم، و إن عادوا عدنا… اللجنة المركزية : Voici la liste de la nouvelle composition du Comité central du Rassemblement Constitutionnel Démocratique (RCD), issue du 5e Congrès du Défi du RCD : 01- Hamed Karoui / 02- Hédi Baccouche / 03- Rachid Sfar / 04- Chedli Klibi / 05- Taïeb Sahbani / 06- Mohamed Ghannouchi / 07- Ali Chaouch / 08- Abdallah Kallel / 09- Foued Mebazaâ / 10- Abdelaziz Ben Dhia / 11- Abderrahim Zouari / 12- Hédi M’henni / 13- Sadok Chaâbane / 14- Sadok Rabeh / 15- Mondher Zenaïdi / 16- Ahmed Iyadh Ouederni / 17- Béchir Tekkari / 18- Moncer Rouissi / 19- Ridha Grira / 20- Taoufik Baccar / 21- Chadli Laroussi / 22- Habib Haddad / 23- Abdelwaheb Abdallah / 24- Rafik Bel Haj Kacem / 25- Mohamed Gueddiche / 26- Sadok Fayala / 27- Kamel Haj Sassi / 28- Néziha Escheikh / 29- Abdelhamid Slama / 30- Abdallah Kaabi / 31- Zouheir M’dhaffar / 32- Faouzi Aouam / 33- Abderrahman Bouhrizi / 34- Abdelwaheb Jemel / 35- Mohamed Ghariani / 36- Alifa Farouk / 37- Abdelkarim Azaiez / 38- Salem El Mekki / 39- Hédi Djilani / 40- Mabrouk El Bahri / 41- Aziza Htira / 42- Mohamed El Jéri / 43- Mohamed Mehdi Mlika / 44- Abderrazek Kéfi / 45- Sadok Ben Jemaa / 46- Mustapha Bouaziz / 47- Abbès Mohsen / 48- Mekki Aloui / 49- Tijani Haddad / 50- Ahmed Friâa / 51- Slaheddine Mestaoui / 52- Amor Bejaoui / 53- Abdelmajid Bédoui / 54- Mohamed Troudi / 55- Habiba Mosaabi / 56- Ryadh Chaâbouni Zghal / 57- Abdallah Abâab / 58- Béchir Akremi / 59- Saïda Agrebi / 60- Samira Zarrouk / 61- Hatem Ben Othman / 62- Rafaâ Dkhil / 63- Nassima Ghannouchi Soussi / 64- Saïda Rahmouni / 65- Mohamed Aouini / 66- Saïd Gombra / 67- Lotfi Hamdi / 68- Najet Nouri / 69- Najeh Drissi / 70- Salah Tbarki / 71- Afifa Salah / 72- Faouzia Khaldi / 73- Habib Ammar / 74- Naziha Zarrouk / 75- Mongi Safra / 76- Hamed Mlika / 77- Taoufik Cheikhrouhou / 78- Sahbi Karoui / 79- Tahar Rejeb / 80- Ghoulam Debbech / 81- Hayet Hamdouni / 82- Hajer Sari / 83- Raja Klaii / 84- Hayet Aloui / 85- Olfa Touil / 86- Rachid Ben Yedder / 87- Abdelwaheb Ben Ayed / 88- Hamadi Bousbiaâ / 89- Belhassen Trabelsi / 90- Aziz Miled / 91- Abdelkader Hamrouni / 92- Moncef Mzabi / 93- Lazhar Bououni / 94- Mohamed Raouf Khammassi / 95- Ali Hafsi El Jedai / 96- Mohamed Salah Gharbi / 97- Hamadi Ben Hammed / 98- Mongi Zidi / 99- Foued Gargouri / 100-Moncef Ben Fraj / 101- Mahmoud Saied / 102- Mahmoud Mhiri / 103- Foued Daghfous / 104- Ryadh Saâda / 105- Kamel Morjène / 106- Boubaker El Akhzouri / 107- Hatem Ben Salem / 108- Tarak Zribi / 109- Souheila Laouini / 110- Mohamed Amine Chouchane / 111- Olfa Hannafi / 112- Hichem Khalsi / 113- Nouha Dammak / 114- Mohamed Zied Mokrani / 115- Imen Essid / 116- Karim Zarrouk / 117- Rym Chérif / 118- Maysa Bent Slimane Zerzeri / 119- Mohamed Anouar Ben Kbila / 120- Tarek Farjaoui / 121- Moufida Bouzidi / 122- Kheireddine Jouini / 123- Mehrezia Ouni / 124- Hédi Ben Khelifa / 125- Olfa Ben Mesallem / 126- Mohamed Abdelwahed / 127- Yosra Kanzari / 128- Linda Bent Abderrazek Mouli / 129- Béchir Ben Mohamed Ben Hrid / 130- Samir Rezgui / 131- Nadia Jabri / 132- Akram Karoui / 133- Saloua Triki / 134- Heythem Ouertani / 135- Kaouther Missaoui / 136- Mohamed Ali Arfaoui / 137- Hanen Mastouri / 138- Walid Mhiri / 139- Rania Gahbiche Hamdane / 140- Mohamed Chatti / 141- Faten Bellamine / 142- Anis Sfar / 143- Monia Ben Nasr / 144- Hanen Hemadi / 145- Aymen Nagra / 146- Anouar Saïdaoui 147- Latifa Mbarki / 148- Wassim Jamoussi / 149- Faten Hafiyen / 150- Hichem Ben Mohamed Salah Amri / 151- Rym Bent Mohamed Ben Hassan Ghanem / 152- Karim Amid / 153- Asma Kadhi / 154- Ahmed Habib Hajjej / 155- Radhia Bent Magtouf Larbi / 156- Chawki Touati / 157- Haïfa Sandid / 158- Dalila Bent Mohamed Ben Ahmed / 159- Aymen Sghaier / 160- Mohamed Ben Hédi El Hendaz / 161- Najet Mars Kerchid / 162- El Fateh Mlihi / 163- Massouda Najeh / 164- Samah El Ouni / 165- Fares Haydar / 166- Chayma Ben Soltane / 167- Abdelmottalab Ben Salem Hamad / 168- Sonia Kadri / 169- Lamia Mlaieh / 170- Mahmoud Meftah / 171- Mohamed Habib Thameur / 172- Mohamed Mounir Ben Miled / 173- Leïla Degnou / 174- Massouda Hellali épouse Battikh / 175- Jalel Yaakoubi / 176- Naceur Chouikh / 177- Néji Jarrahi / 178- Hayet Ayed / 179- M’henni Mezdari / 180- Salah Haydri / 181- Mansour Belhaj / 182- Latifa Touati Ben Saïda / 183- Fatma Barrani / 184- Mohamed Jamel El Ouafi / 185- Mounir Ferchichi / 186- Ali Chefii / 187- Néziha Zouabi / 188- Fahd Mohamed Sakhr El Materi / 189- Ali Khalifa / 190- Mounir Hamdi El Balti / 191- Raja El Bouladi / 192- Hala Hafsa / 193- Chedlia Mahfoudh / 194- Hassen Kharrazi / 195- Mohamed Oueslati / 196- Abdelmajid Souii / 197- Manoubia Zouaoui / 198- Hédi Jelassi / 199- Dalil Ouahbi / 200- Rafik Touiti / 201- Hamadi Trabelsi / 202- Ryadh Hamzaoui / 203- Ilhem Nograq Labidi / 204- Sadok Negati / 205- Najoua Moumen / 206- Abdallah Maâcha / 207- Béchir Jenan / 208- Besma Ben Toumine / 209- Anjim Ali / 210- Ezzeddine Alaya / 211- Azzouz Laroussi / 212- Mahmoud Mbarek / 213- Amel Echouk / 214- Hamadi Souissi / 215- Nabila Saâd Bannani Hrichi / 216- Raja Gritli Ennemer / 217- Ahmed Jalel Ben Fadhl / 218- Jedidi Younès / 219- Kamel Daddech / 220- Intidhar Snoussi / 221- Mahjoub Ben Abderrahman Idriss / 222- Lilia Bent Salah Chouchène / 223- Chakib Ben Mohamed Larbi Dhaouadi / 224- Saïd Tahar Ben Gueddour Lassoued / 225- Fayza Bent Khemaïs Zaïem / 226- Ali Ben Mohamed Tayachi / 227- Rafika Massoudi / 228- Néji Ben Abdelkrim El May / 229- Saloua Guizani / 230- Abderrahman Kouki / 231- Latifa Béji / 232- Amor Bahri / 233- Mokhtar Bouabsa / 234- Moncef Saâbi / 235- Khemaïes El Bouali / 236- Monia Bouslimi / 237- Naïma Zaghdoudi / 238- Ali El Ouji / 239- Hamadi Tissaoui / 240- Mohamed Naceur Hemissi / 241- Hassen Mersni / 242- Mejid Khammassi / 243- Imededdine Sdiri / 244- Ridha Ben Gaddour Bouajina / 245- Habiba Bent Mohamed Khalfaoui / 246- Mokhtar Ben Younès / 247- Jamila Bent El Aid Haouami / 248- Rafika Lakhdar / 249- Mohamed Dridi / 250- Habib Ben Mabrouk Dridi / 251- Kheïreddine Zahi / 252- Salah Toumi / 253- Rachida Jelassi / 254- Sihem Hmissa Belhaj Salah / 255- Samira Baazig Slama / 256- Hechmi Ouahchi / 257- Khadija Khalfi Fayala / 258- Mohamed Moncef Ben Cherifa / 259- Bouraoui Ben Hassine / 260- Abdellatif Lazreg / 261- Ali Belhaj Mbarek / 262- Fethia Jallad / 263- Nabila Kraiem / 264- Nabil Jelassi / 265- Fethi Betbout / 266- Slimane Hassioun / 267- Moncef Haj Salem / 268- Jamila Brahim / 269- Najoua Salah / 270- Mabrouk Laayouni / 271- Abderrazak Fekih Hassen / 272- Mohamed Ghallab / 273- Mehri Ben Fraj / 274- Mohamed Moncef Ben Mosbah / 275- Rached Ben Hammouda Saoudi / 276- Houda Azizi / 277- Raoudha Hmizi / 278- Souad Najjar Melki / 279- Mohamed Mehdwani / 280- Hamda Kenani / 281- Abdelhamid Jebili / 282- Salem Khemili / 283- Noura Bouhlali / 284- Aïcha Mahfoudhi / 285- Amara Hajji / 286- Mohamed Lamine Dhahri / 287- Rachid Daoudi / 288- Taoufik Yahyaoui / 289- Mohamed Hatem Hassine / 290- Fayçal Felhi / 291- Leïla Chelli Bouazzi / 292- Heythem Jebeniani / 293- Ikram Makni / 294- Hajer Enneïfer Chakroun / 295- Mahmoud Abid / 296- Raouf El Menif / 297- Thouraya Chakroun Akrout / 298- Tahar Guizani / 299- Mohamed Karim Mastouri / 300- Amel Klabi / 301- Mounira Akrimi / 302- Zina Hajlaoui / 303- Amel Saïbi / 304- Faouzi Khachnaoui / 305- Hassine Souissi / 306- Hamda El Ifi / 307- Mohamed Mehdi Kouba / 308- Lazhar Dhifi / 309- Fethi Amara / 310- El Aïcha Rkioua / 311- Amel Menasri Issa / 312- Boujemaâ Fourati / 313- Wahida Afdhal / 314- Lotfi Ali / 315- Mohamed Béchir Essaï / 316- Ismaïl Bouguerra / 317- Samir Dinari / 318- Oumeïma Bent Abdelhamid Talmoudi / 319- Aïcha Bent Béchir Souilah / 320- Sassia Bent Mabrouk Sanhajia / 321- Kamel Ben Ahmed Dadi / 322- Chokri Meddeb Hamrouni / 323- Mohamed Ben Khalifa Saâda / 324- Ahmed Ben Abdallah Khalfalli / 325- Sassi Ben Amor Yahia / 326- Khamsa Bent Hamed Ouerghemmi / 327- Abderraouf Jaziri / 328- Néjib Bachraoui / 329- Amel Karouia Kassir / 330- Béchir Ben Amor / 331- Jamel Chiouchiou / 332- Manoubia Ettaïbia / 333- Mohamed Hédi El Amaïri / 334- El Kouni Haffef / 335- Mohamed Siouti Meddeb / 336- Abderrahman Ben Badr Rouissi / 337- Belgacem Ben Mohamed Ameur Jeridi / 338- Mohamed Ben Salah Bessaïdi / 339- Shahrazède Jibs, épouse Walha / 340- Abdelkader Ben Saïd / 341- Najeb Belhaj / 342- Hassine Ghiloufi / 343- Ali Bessghaïer (alias Lahwal) / 344- Ali Dhaouadi / 345- Hebara Jaffel / 346- Salem Lounissi / 347- Ezzeddine Zeribi / 348- Sami Ben Abdelali / 349- Salwa Zahhar, épouse Dalhoum / 350- Naceur Mehdouani Conformément à la décision du congrès du RCD, les membres du Conseil des résistants et des grands militants seront ipso facto membres du Comité central. Source: La Presse الديوان السياسي منذ 2008: نائب رئيس التجمع: محمد الغنوشي. الأمين العام : محمد الغرياني. أمين المال : عبد الله القلال. أعضاءه: فؤاد المبزع. عبد العزيز بن ضياء. أحمد عياض الودرني. رفيق بلحاج قاسم. كمال مرجان. عبد الوهاب عبد الله. نزيهة زروق. نواب رئيس الحزب الهادي البكوش (13 أفريل – 9 أكتوبر 1989). حامد القروي (منذ 9 أكتوبر 1989 كنائب للرئيس وبين 26 جانفي 2001 و5 سبتمبر 2008 كنائب أول للرئيس). محمد الغنوشي (بين 26 جانفي 2001 و5 سبتمبر 2008 كنائب ثاني للرئيس ومنذ 5 سبتمبر 2008 كنائب للرئيس) . الأمناء العامون المتعاقبون الهادي البكوش (27 فيفري – 2 أوت 1988). عبد الرحيم الزواري (2 أوت 1988 – 20 فيفري 1991). الشاذلي النفاتي (20 فيفري 1991 – 13 جوان 1996). عبد العزيز بن ضياء (13 جوان 1996- 18 نوفمبر 1999). عبد الرحيم الزواري (18 نوفمبر 1999- 5 ديسمبر 2000) علي الشاوش (5 ديسمبر 2000- 18 أوت 2005) الهادي مهني (18 أوت 2005 – 5 سبتمبر 2008) محمد الغرياني (5 سبتمبر 2008- ) المدراء حامد القروي (27 فيفري – 2 أوت 1988). الإدارة المركزية مدير الديوان : المنصف بن حميدة الأمين العام المساعد الأول المكلف بالهياكل : فوزي العوام الأمين العام المساعد المكلف بالشباب والتربية والثقافة : عادل الجربوعي الأمين العام المساعد المكلف بالمنظمات والجمعيات : محمد بن عبد الله الأمين العام المساعد المكلف بالبرنامج المستقبلي : رياض سعادة الأمينة العامة المساعدة المكلفة بالمرأة : عبير موسى الأمين العام المساعد المكلف بالعلاقات الخارجية : هاجر الشريف شبيل مدير مركز الدراسات والتكوين : فؤاد القرقوري رئيس دائرة الإعلام والتوثيق : حمادي بن حماد رئيس دائرة المناضلين : محمد صالح الغربي رئيس دائرة العمل التضامني : عبد الرزاق شقرون رئيس دائرة الهياكل : محمد علي الجلاصي رئيس دائرة التونسيين بالخارج : عبد العزيز براهم رئيس دائرة التربية : رضا المازني المكلف بالشؤون الإدارية : يوسف بن سالم
الثقافة والحكم والحكمة في رحاب الثورة التونسية الخميس,10 مارس 2011
كتب د. عبد الآله المالكي إن تسمية المتعلمين أصحاب الشهادات العلمية بالمثقفين أو النخبة المثقفة هي تسمية غير صحيحة عند إطلاقها فالثقافة مقيدة بالمعرفة العامة مع رجاحة العقل وحسن التدبير الناتج عن الحكمة والتي هي وضع الأشياء في موضعها ومجمل كل هذا يولد سلوكا حضاريا وأخلاقا سامية يسمو بها المثقف عن كل ما هو دنيء والثقافة تدعو إلى شعور المثقف بالمسؤولية تجاه الآخرين الأمر الذي يجعله يبذل كل ما في وسعه لتهيئة المناخ والآليات والفضاءات التي تستقطب الإصلاحيين وتوحد جهودهم للنهوض بالمجتمع طبقا للمعايير الحضارية التي تلبي كل الاحتياجات الأساسية لبني البشر . في تعريف المثقف والمثقف هو مصلح للفساد مقاوم للمفسدين وليس مشاركا ومعينا لهم فهو يتميز بالوعي والإلمام المعرفي بكل ما يدور حوله من ملابسات في كل قطاعات الحياة المعاشة مما يجعله محصنا من الاختراق الذاتي والتكيف مع الأوضاع الموبوءة التي تشهدها الساحة العالمية في جميع المجالات والتي تتناقض مع مشروعه الإصلاحي وبرنامجه الذي سطره فلا يمكن للمثقف أن يعيش على هامش الأحداث خارج برنامج مخطط في ظل قضية مركزية يحدد فيها موقعه وأهدافه ومراميه الإصلاحية فلا حياة عشوائية للمثقف فالعشوائية موطن دنيء يتناقض مع ماهية وجود الإنسان على الأرض يسمو المثقف بنفسه عن الوقوع فيه كما ينآى بها عن الانطواء والشخصانية لأنهما يتناقضان مع موقع مسؤوليته .أما مواصفاته فهي الأخلاق السامية والوعي والفطنة والحزم والعزم والجدية والصدق والإخلاص والإنصاف والخبرة وكل هذه الصفات من محصلات الالمام المعرفي الذي اوصله الى هذه المرتبة الرفيعة كمثقف . ولذلك كان المثقفون قديماً يسمون بالحكماء وكانت، ولهم مجالس في سدة الحكم يستعين بها الحاكم في تدبير شئون الدولة أو العشيرة أو ما شابههما، وهذا هو الوضع الطبيعي في الحكم الذي انبثقت معانيه من الحكمة، قال علماء البلاغة(ربطت التاء بالحكم فصارت حكمة) فلا يتولى الحكم إلا من كان حكيماً ومن تولى الحكم فهو حاكم والحاكم هو الذي يفصل بين الحق والباطل مطلقاً وقد أدرك بعض الحكام القدامى عبر التاريخ هذه المسألة فكونوا مجالس الحكماء لإعانتهم على الحكم وأدرك أعداء الأمة والإنسانية هذه الحقيقة فابعدوا الحكماء وزرعوا حول الحكام بطائن السوء والجواسيس المجنَدين والمختَرَقين بسلاح المعلومة للوصول إلى الأهداف المرسومة بدقة ضمن المخططات المكرسة على الشعوب المقهورة لإضعافها وتدمير قيمها وكل مقومات حياتها وسجنها فى سجون موسعة ضمن منظومة الواقع المفروض الذي أسسوا ركائزه والياته ليسيطروا فيه على كل المؤسسات المجتمعية لإخضاعها إلى استيعاب كل مخططاتهم وبرامجهم التدميرية للأخلاق والقيم والأذهان و العقول والأبدان وكل مقومات الحياة مستعينين بجيش جرار من المتعاونين الذين اخترقت ذواتهم وصنعت عقولهم في مصانع المؤسسات والبرامج التى سيطر بها الغرب على فضاءات الثقافة والتعليم والإعلام والحياة المجتمعية وقد أصبح سائداً الآن ندرة الحكماء واختفاؤهم بسبب انعدام الحرية فى ظل أنظمة الحكم الاستبدادي المتميز بالقهر والطغيان, وفى عصرنا الحاضر اصبح سائدا ان المثقف هو صاحب الشهادة العلمية التى يحصل عليها عبر برامج التعليم المستندة على المعلومة التي خطط الغرب للاستيلاء عليها ووجهوا بها طلاب العلم إلى الطريق الذى رسموه وهو من أكبر الأعمال التي قاموا بها على مر التاريخ والتى اعانتهم على السيطرة على شعوب العالم – وفى هذا الموضوع تفاصيل كثيرة ودقيقة لا يسعها المجال – وانبثقت اغلب الاديولجيات الفكرية عن الخط المعلوماتى اليهودى الذى رسم مسبقاً لصناعة العقول والأذهان ضمن أهداف محددة عبر برامج هادفة واصبح كل من له شهادات ، وهو منطلق من هذه الاديوليجيات يسمى مثقفاً. وزج بهؤلاء المثقفين الذين اخترقت أدمغتهم وكياناتهم حسب تخطيط دقيق المعالم من حيث يعلمون ومن حيث لا يعلمون فى مراكز النخب فى المؤسسات التعليمية والعلمية والثقافية والإعلامية والسياسية بشقيها الموالي والمعارض والاقتصادية وغيرها من مجالات الحياة العامة التي صبغت بتوجهات الخطط الاستعمارية للغرب المركوب الطبع من طرف الماسونية و مخططاتها وكان المؤشر لهذا التوظيف في مناصب إدارة هذه المنظومة الماكرة في الحياة العامة هوا لانتماء السري العلني إلى الجمعيات المشبوهة و نوادي ومحافل و مؤسسات التدريب والاعداد التي تكونت للسيطرة بها على مراكز النفوذ والمراكز المفاتيح للتسيير بآليات الاستبداد والقهر والطغيان لضمان السيطرة على البلاد والعباد وتمرير المخططات التدميرية في قوالب تبدو حضارية وهى السم الزعاف الذي تجرعته الشعوب والذي أوصلها إلى الحالة الراهنة التي نراها عليها اليوم وهى غنية عن التعريف والتفصيل. ولسائل أن يسأل كيف استطاع النظام الاستبدادي الوصول إلى تحقيق كل المخططات الواردة في برنامج الهيمنة الغربية على الشعوب لسجنها وإدارة كل مقومات حياتها وتدمير ركائز نهضتها ونموها وتطورها الحضاري بمفهومه الصحيح وبأية وسائل حقق هذا النجاح المؤقت رغم طول أمده إلى عشرات السنين؟ والجواب على هذا السؤال هو انه استعان بفرسان الحركة الثقافية والتعليمية الذين صنعت عقولهم وأذهانهم في ثكنات الثقافة والتعليم الذي كان يشرف على توجهاتهما بالكامل البنك الدولي والمؤسسات التابعة له والذي لا يعرف حقيقتها إلا الذين استعصت عقولهم واذهناهم عن الاختراق ألمعلوماتي فمعالجة هذه المسالة تتطلب حكمة بالغة من أهل الإصلاح والرشاد فجزء من هؤلاء النخب كما يسمونهم لهم من الطاقات والخبرات العالية التي يحتاج إليها المجتمع في كل المجالات غير أنهم محتاجون إلى التخلي عن انتماءاتهم و اديوليجياتهم وقناعتهم الذاتية الخاطئة والتي أثبتت إفلاسها ومحاولة فهم اللعبة الخبيثة التي تدور في العالم ضد الإنسانية جمعاء وأنهم أداة من أدواتها التي تحركها بالاختراق قوى الهيمنة والاستبداد المعروفة والخفية الظاهرة التي تحكم العالم و هي تسير به نحو الهاوية . فما قيمة المكاسب التي تحصلوا عليها بانخراطهم في هذه اللعبة القذرة التي جلبت الدمار والحرمان والشقاء للبشرية وهم راحلون عما قريب عن هذه المكاسب وتاركونها وراء ظهورهم ليواجهوا جزاءا محتوما على ما فعلوه طوعا أو كرها بفهم وبدون فهم لان موقعهم لا يحتمل الغفلة فان كانوا يعلمون فهي مصيبة وان كانوا لا يعلمون فالمصيبة أعظم فالعقل السليم للمثقف يجب أن يوجهه إلى نفع البشر لان أحسن الناس هو انفعهم للناس وما ثمة أبشع واقذر وأحقر وأحط وأسفل وافسد وأدنس وافضع وأرذل واخسأ وأذم من الإضرار بالناس واشد بشاعة من ذلك وحقارة وسفالة ونذالة ورذالة وخساسة أن يكون هذا الإضرار من موقع العمالة والخيانة مقابل منافع زائلة وفانية عما قريب وبدلك ينزعون عن أعناقهم الأغلال المكبلين بها في سجن الأيديولوجيات والقماقم السياسية والتنظيمات المشبوهة ويخرجون إلى العالم الواسع أحرارا أسيادا ماسكين بشعار خدمة البشر عارضين خدماتهم من واقع خبراتهم للمشروع الإصلاحي لا من مواقع اديوليجياتهم فيسمون بأنفسهم إلى اعلي درجات الرقي الحضاري بعد أن كانوا في أسفل قعر الهاوية وهم لا يشعرون , وبهذا الرقي يساهمون مع أهل الإصلاح سواء كانوا حكاما او مجموعات او افراد فى التغير الحضاري الاخلاقى لحالة المجتمعات الانسانية العاجله والآجله سواء إن كانوا حكاما أو أفرادا أو مجموعات في التغيير الحضاري الأخلاقي لحالة المجتمعات الإنسانية ومن هؤلاء فئة سوف يضنون أن تزحزحهم عن مواقعهم وقماقمهم سيفقدهم القيمة الاجتماعية الوهمية التي ينظر الناس إليهم بها لأنهم في حقيقة الأمر لا وزن لهم في المجتمع وليست لهم اي قيمة وإنما اعتمدوا في وقوفهم على آلات الحركة في المجتمعات فهم لا يقدرون على الوقوف بدون هذه الآلات والأحزاب والفضاءات الإدارية والسياسية واذا تخلوا عنها سقطوا في مستنقع الذل والهوان والحقارة ويتخلى عنهم الأسياد لان المهمة المناطة بعهدتهم اكتملت ولم يعد لهم بهم حاجة فيتركونهم يواجهون مصيرهم المرعب حسبما شاهدنا من نهايات مؤلمة ومذلة لهؤلاء الجنود الذين كانوا يصولون ويجولون بكل قوة وجبروت في ارض المقهورين منفذين لمخططات الأعداء التدميرية للمجتمع بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بفهم أو بغير فهم فالنتيجة واحدة ويفقدون كل شيء وقد لا يفوتهم أن لديهم فرصة من اعظم الفرص بان يرقوا بأنفسهم إلى مجتمع النفع والخير و العزة والكرامة والحرية والرجولة والشهامة والنبل وسمو الهمم والرقي الحضاري ولقد أتاحت لهم قومة الشعوب المقهورة التي بدأت تكسر أغلالها لتفتح لهم أبواب الإصلاح التي كانت مغلقة لبناء المجتمع الحضاري الإنساني وإعادة ترتيب البيت الداخلي لهذه الشعوب على أسس العدل والحرية والنماء والرخاء والتخلص من آليات التدمير المجتمعي لمقومات العباد والتي سببتها سطوة المشروع الافسادي الغربي عليها . الحاكم الحكيم ومن هذه المنظومة الثقافية يتخرج الحاكم الحكيم والذي ستكون مهمته صعبة جدا لأنه ورث مجتمعا دمر الاستبداد كل مقوماته ومسخ هويته وعصف بأخلاقه وأربك ساحة بناءه الحضاري وفتح فيه الأبواب على مصراعيها لمخططات الأعداء تدمر كل شيء أتت عليه وقد تمركزت آلياتهم في المفاصل والمقاطع الحساسة للمجتمع وهو الأمر الذي يفرض على الحاكم أن يكون في مستوى المهمة العظيمة التي أسندت إليه فهو ذو شخصية متميزة عالما بعلوم عصره محصنا ضد الاختراق الذاتي بخبرته ووعيه وأخلاقه وصاحب دراية كاملة بما يجري من أحداث في العالم , كذلك هو فطن وذكي وذو طاقة استيعاب كبيرة عارف بأعدائه وبأسلحتهم المادية والمعنوية السلمية منها والحربية عارف بخطط المشروع الافسادي الذي تركزه في الأرض منظومة الاستبداد والاستعباد والهيمنة الغربية عارف بأساليب السياسة وملابساتها وفنون الحكم ومطلع على الجوانب الاقتصادية واليات اللعبة الكبرى التي تدار بها ملم بحلول التنمية الإنسانية الحضارية العامة و حلول المعضلات التي تركها النظام الاستبدادي الفاسد .يعينه على هذه المهمة الصعبة الرشداء الحكماء الملمين بخطط الإصلاح المجتمعي والذين تمكنوا من فهم خفايا المشروع الاستبدادي الافسادي وتعمقوا في فهم خططه الظاهرة والخفية وفهم مصادرها والياتها وتكتيكاتها وملابساتها ومواطنها ومعسكراتها وأسلحتها السلمية الصامتة والناعمة وذات الدمار الشامل في المحيط المجتمعي وفنيات مستعمليها ووسائل الاختراق والتجنيد المباشر والغير مباشر وتقنيات الواقع المفروض وكلها أسلحة سلمية فتاكة استعملت في تدمير المجتمع ركبت بطريقة معقدة لا يمكن للمصلحين أن يحققوا أي نجاح إذا كانوا يجهلون ماهيتها في ارض التدافع التي ملاها الاستبداد بالألغام والأشواك لأنه كان يحارب وحده في ارض المعركة ولمدة طويلة وقد دمر بشراسة كل مقاومة لسطوته حتى جاءت القومة التونسية المباركة لتطيح بمدير السجن العام الذي سجن الغرب فيه الشعب التونسي وتفتح جزءا من أبوابه لحركة الإصلاح التي تتطلب فطنة ودراية وخطة إصلاحية دقيقة المعالم لتبطل آلية نفث السم في راس الأفعى الغربية وتحولها إلى بقرة حلوب الأمر الذي سيجعل هذه الثورة ذات حظ عظيم ولا يتأتى هذا إلا بمجهودات هؤلاء الحكماء الرشداء الذين ستفرزهم آلية الفرز والتدقيق الوطنية بمواصفاتها التنموية والحضارية وتقنياتها الحديثة التي تمكنها من الإلمام المعرفي بأحوال الناس وقدراتهم وأخلاقهم وتوجهاتهم فلا يمكن أن يمر إلى أي مركز من مراكز النفوذ والتسيير في مجال العدالة و السياسة والاقتصاد والتعليم والثقافة والإعلام والصحة والشؤون الاجتماعية وغيرها من مجالات الحياة المعاشة إلا من وقعت تزكيتهم من طرف هذه الآلية قطعا للطريق على السفهاء والانتهازيين والجهلة والمجندين المخترقين والمغرر بهم . نحن شرحنا بعضا من الخاصيات التي يجب أن يكون عليها الحاكم ومعاونيه لأننا نريد لثورة تونس أن تكون نموذجا للإصلاح العام في سجل انعتاق الشعوب وتطورها الحضاري ونحن لا نستعجل النتائج لان الأمر يتطلب بناء أسس بمنهجية حديثه واعادة هيكلة قطاعات المجتمع الذي كرست عليه مخططات التدمير لأكثر من قرن وربع القرن من الزمن وهو ما سيستغرق بعض الوقت والمهم ان تعي الشعوب التي أسقطت أصنام الاستبداد إنها لم تسقط إلا راس الهرم , وإزالة رمة الهرم تتطلب وقتا وجهودا وتضحيات كبيرة ومخططات محكمة ودقيقة ينفذها الرشداء ممن تتوفر فيهم الخبرات السالفة الذكر بإعانة الجماهير التي يجب عليها أن تبقى في يقظة تامة واستعداد كامل لحماية مكتسبات الإصلاح الشامل كما يجب عليها أن تنتظم كلها في منظمات المجتمع المدني لتخرج من دائرة التلقائية . توحدها منظومة المشروع الإصلاحي رغم اختلاف مآربها و مشاربها وفئاتها . ونحن ليس لدينا خوف من هذه الحركات الالتفافية والمؤامرات التي تحاك الآن لثورة تونس فهي إلى زوال , تحركها قوى الهيمنة والاستبداد العالمي عن طريق مجنديها المخترقين للمحافظة على مواقعها التي استغرق بناءها عشرات السنين فهي تحاول الإبقاء على هذه المواقع الظاهرة والباطنة التي حافظت عليها من قبل ونجحت في تغيير لون الاستعمار إلى ماهو أبشع و أوهمت الشعوب بما يسمى بالاستقلال وسجنتها في سجون موسعة أذاقتها فيها الأمرين عشرات من السنين إلى أن جاء اليوم الذي كسر فيه الشعب التونسي أسوارها وبدأ يسترد حريته وكرامته وهويته ويتقدم نحو الانعتاق الكامل . إن العقلية الاستعمارية المريضة والمعتلة لا تستطيع أن تفهم أن انعتاق الشعوب من ربقتها وتحررها من سجونها لا يعني الانفصال الكامل عن الغرب وضرب مصالحه لان هنالك تشابك معقد للمصالح المشتركة فالاكتفاء الذاتي والتنمية الحقيقية التي تنشدها الدول المقهورة سابقا لا تتم إلا بآليات مشتركة بين الطرفين عبر شراكة حقيقية شراكة الند للند تتلاقى فيها مصالح الأطراف وسينتج عن ذلك متطلبات جديدة تعوض النقص الحاصل في الإنتاج والدخل المتأتي من الهيمنة على الدول الضعيفة عن طريق أنظمة الاستبداد التي وضعت على كاهل الشعوب لقهرها والسيطرة عليها هذا إذا قصر فهمنا وأوعزنا هذه الهيمنة إلى أسباب اقتصادية …… وبهذه المناسبة فاني من موقعي كمواطن تونسي حيل أكثر من مرة بيني وبين مساهمتي في الانعتاق الاقتصادي لبلدي بتطبيق البرامج العملية لهذا الانعتاق والتي كانت نتاج جهود علمية كبيرة توجت فيما بعد بنيل الميدالية الذهبية لأفضل مشروع تنموي في العالم من طرف الهيئات العلمية العالمية وجوائز اخرى كثيرة. نداء إلى النظام الاستعماري الغربي أوجه النداء إلى النظام الاستعماري الغربي بان يسحب آلياته وأسلحته السلمية ويوقف برامجه وجواسيسه و ومجنديه ويكف عن عرقلة الثورة فان أهل البصائر يعرفون جميع تفاصيل مخططاتها وسوف لا ينفعه الالتفاف لأنه سوف يخسر المعركة الثانية كما خسر الأولى التي كسر فيها الشعب باب سجنه فإذا تمادى فان المعركة الثالثة ستكون خسارته فيها أعظم لان خلط الأوراق لم يعد ينفع فالوضع غير الوضع والظرف غير الظرف والوعي غير الجهل فالشعوب عرفت طريقها للخلاص وأصبحت مستعصية على الاختراق في بداية قومتها وستزداد وعيا بمرور الأيام نتيجة لحركة الوعي التي بدأت تدب في شرايين أفكارها وأذهانها التي دنستها المخططات الفكرية الغربية الملوثة التي يجري العمل الآن على إعادة إنتشارها و تغيير ألوانها و مواقعها و فرسانها في محاولة يائسه وهذه الثورة هي فرصة كبيرة للغرب الاستعماري ليصطلح مع الشعوب التي ذاقت الويلات من قهره في استعمارها المباشر السابق والغير مباشر الحالي مصالحة تاريخية يحقق معها شراكة حقيقية تنموية حضارية يعود نفعها على الطرفين ويمكن الثورة في تونس من تحقيق ما تصبو إليه من نمو وازدهار وتقدم حضاري, و تكون نموذجا تقتبس الدول الغربية من مناهجها ما يساعدها على الخروج من مأزقها الاجتماعية والاقتصادية التي تعصف بكيان مجتمعاتها بعد أن كانت تونس حقل تجارب للغرب لما يمكن تمريره إلى الدول الإسلامية من مخططات تدميرية لمجتمعاتها حسب ما نراه مجسما على ارض الواقع وقد شهد به المستشرق جيب في كتابه الذي تحدث فيه عن تونس وموقعها في إستراتيجيات السياسة الغربية وهو من كبار المخططين لهذه السياسة. د. عبد الآله المالكي Malki1001@hotmail.com www.abdelilahmalki.com
الآفاق المرعبة والمذهلة للثورة العربية
منصف المرزوقي
بدايةً نقطة نظام: ثمة من يستعملون مصطلح الثورات العربية وهو أمر لا يجوز، حيث لا مجال للحديث إلا عن الثورة العربية بالمفرد، فمما لا جدال فيه: – أن أسبابها واحدة وهي تسلط الفرد وحق أهله في الفساد، وحكم الأجهزة البوليسية، وخصخصة مؤسسات الدولة لخدمة الأفراد والعصابات بدل خدمة الوطن والشعب. -أن أهدافها واحدة، حيث لم يرفع أحد مطلب بناء دولة العمال والفلاحين أو إقامة الخلافة، وإنما اتفقت كل الشعوب على الشعار الذي رُفع في تونس وصنعاء والمنامة والقاهرة وبنغازي « الشعب يريد إسقاط النظام »، وعلى مطلب مجلس تأسيسي ودستور يضمن بناء الدولة المدنية والمجتمع الحرّ ويقطع نهائيا مع الاستبداد. – أن وسائلها واحدة، فكل الانتفاضات كانت سلمية وإن ووجهت برصاص المجرمين. – أن طبيعتها واحدة: شعبية، مدنية، شبابية، بلا قيادة مركزية وبلا أيدولوجية. أمام هذه القواسم المشتركة، أيُّ أهمية لفوارق طفيفة؟ ليكفّ إذن البعض عن استعمال مصطلح الثورات العربية، فالأمر إما خطأ غير مقصود يصلّح، وإما موقف وإصرار واعٍ على تجزئة أمتنا ولو على صعيد التسميات كما تفعل الإدارة الأميركية، عندما ترفض للأمة وجودها متعاملة مع « الشرق الأوسط » و »شمال أفريقيا ». السؤال الآن -حتى لو كانت الثورة لا تشمل لحظة كتابة هذا النص إلا ثلث الأمة- هو: إلى أين تتجه؟ وما هو مآلها في الأمد القصير والمتوسط والبعيد؟ يمكننا التوقع بأن آثارها ستنتشر خارج حدود الوطن، وما عصبية الحكومة الصينية هذه الأيام إلا الدليل على توسّع دائرتها إلى حيث لا نتوقع. والثابت أنها ستمتد إلى كل أقطار الوطن، ولكل من يحاول مغالطة نفسه في المغرب والسعودية وسوريا أو الجزائر باستقرار نظامه، أن يتذكر أن أنظمة تونس ومصر وليبيا كان كل منها هو أيضا « مستقرا ». كم صدقت الفيلسوفة الألمانية هانا أرندت عندما قالت إن خاصية الدكتاتورية أن كل شيء فيها يبدو على ما يرام إلى حدّ الربع الأخير من الساعة الأخيرة. الثابت أيضا أننا مثل ركاب باخرة كانت تطفو ساكنة على سطح مستنقع نتن، ثم وجدت نفسها وسط أعتى العواصف، ولا أحد قادر على التكهن في هذه اللحظة بأننا سنغرق جميعا أم سنصل برّ النجاة، ولا بطبيعة ذلك البر. هل يمكن لتجارب الشعوب التي قامت قبلنا بثورات أن تعيننا على تصور ما الذي ينتظر الثورة العربية؟ المشكلة أن هذه التجارب لا تبعث على التفاؤل، وهي تصف لنا مستقبلا قاتما وربما أخطر وأقسى مما عرفنا. لنتأمل بعض الثوابت التي تتردّد عبر التاريخ حتى تكاد تكون قوانين. لا بد أحيانا من زمن طويل حتى تحقق الثورة أهدافها.. هذا إن حققتها. قامت الثورة الفرنسية عام 1789 بهدف بناء مجتمع الأخوة والحرية والمساواة، أي إنشاء نظام جمهوري وديمقراطي. إلا أنه مرت أربع سنوات قبل الإطاحة بالملك، ثم عادت الدكتاتورية عبر نابليون الذي نصّب نفسه عام 1804 ليس ملكا فقط وإنما إمبراطورا، وبعده عادت الملكية عام 1814 ممثلة في لويس الثامن عشر، ثم من بعده شارل العاشر عام 1824 والذي قامت عليه ثورة 1848، ومع هذا عادت الدكتاتورية مجددا في ثوب نابليون الثالث عام 1852، ولم تنشأ الجمهورية إلا بعد هزيمة نظامه في الحرب ضد بروسيا عام 1870. قرابة قرن إذن قبل أن تتحقق أهداف الثورة الفرنسية، والأمر ليس شاذا وإنما قاعدة، وإن تباينت مدة الجزر وتوقيت عودة المدّ. لاتقوم ثورة إلا و قامت لها ثورة مضادة. من يفقدون السلطة لا يتبخرون ولا يذوبون كالسكر في الماء، وإنما يتراجعون خلف الستار للتآمر على قلب النظام الذي انقلب عليهم، وإن عجزوا عن الأمر بذلوا كل ما في وسعهم لعرقلة المسار الثوري وتشويهه.. هذا بالضبط ما نشاهده في تونس حيث فلول المافيات التي تركها نظام بن علي تتعاون مع فلول البوليس السياسي والحزب المنحلّ لبث الفوضى والعنف في البلاد، على أمل أن يزرعوا اليأس والندم في قلوب الناس ليترحموا حسرة على زمن الأمن في عهد دولة البوليس. أخبث الأعداء طبعا من يلتحقون بالثورة في آخر لحظة لتقويضها وإفراغها من مضمونها من الداخل، وهؤلاء داء بلا دواء. لكل ثورة ثمن باهظ. بغضّ النظر عن القوى الهدامة التي تحركها الثورة المضادة، فإن هناك في الثورة نفسها قوى جبارة تدفع إلى الفوضى والعنف وعدم الاستقرار. فلا بدّ بالنسبة للثوريين من مجابهة الأعداء بالمقاصل والمشانق والسجون، وآنذاك تعود الآلة الجهنمية للقمع السياسي إلى العمل مع كل مضاعفاتها الكلاسيكية، ومن أولها الالتفاف على الثوريين أنفسهم. عرفت الثورة الفرنسية فترة الرعب التي شهدت فيها قطع آلاف الرؤوس، ثم انتهت بقطع رؤوس القاطعين ومن أشهرهم روبسبيار ودانتون.. إنها لعنة القطة التي تأكل أطفالها. ثمة أيضا تفجر المطالب الاجتماعية والسياسية المعلقة تحت الاستبداد، وهي مطالب يستحيل على أي نظام سياسي تلبيتها.. كل هذا في ظروف تفجّر المطامح الشخصية والجهوية والحزبية -المشروعة منها وغير المشروعة- والصراعات الشريفة وغير الشريفة على السلطة. الثوار ليسوا من يجنون ثمار الثورة. بعد الثوريين يأتي عهد الانتهازيين، وبعد الملحمة يأتي عهد خيبة الآمال، إذ يعود فقراء سيدي بوزيد إلى فقرهم، ويعود سكان المقابر في القاهرة لمقابرهم. فلا حلول جذرية لمشاكلهم وإنما كثير من الوعود التي قد تتحقق وقد لا تتحقق. أما من تغنم الغنيمة الكبرى ففي حالتنا هي البرجوازية التي كانت تتنعم تحت الاستبداد بمستوى مادي مقبول، لكن الاستبداد بقمعه للحريات وبفساده كان يسمم حياتها. وبتخلص الوطن من الاستبداد، ها هي تضيف -بفضل تضحيات المغلوبين والمساكين- إلى حقوقها الاقتصادية والاجتماعية حقوقَها السياسية التي كانت ممنوعة منها، بينما تجد الطبقات الفقيرة نفسها حائزة على حريات سياسية لا تسمن ولا تغني من جوع. لقائل أن يقول « فال الله ولا فالك »، هل يجب أن ننتظر نحن أيضا قرنا من الزمن لنحقق أهداف ثورة تعِدنا بأنها ستكون زمنا طويلا من الفوضى والعنف وخيبة الأمل، والمزيد من الفرص الذهبية للانتهازيين؟ لا تعجل عليّ باللوم فهذه قراءة النصف الفارغ من الكأس. والآن لرفع المعنويات هذه قراءة النصف الملآن وفيها المنجزات الثلاثة العظمى للثورة العربية، وهي لم تتجاوز بعدُ شهرَها الثاني. الإنجاز العظيم الأول هو إعادة بناء الإنسان العربي، إذ فجأة وبدون مقدمات -أو هكذا يبدو- قطع الإنسان العربي مع حقبة كان فيها رعية لراعٍ. ولسائل أن يسأل: أين ذهب ذلك العربي العاجز الجبان الرعديد المحبط السلبي؟ ومن أين خرج هذا الشباب الثائر بكل شجاعته ووقاحته وتحديه؟ قد تكون الإجابة أن شطط النظام الفاسد في القمع والفساد والتزييف والاحتقار وضع الإنسان العربي أمام تحدٍّ وجودي: أكون أو لا أكون، فقرّر أن يكون. ونظرا لموازين القوى اختار أن يسكت دهرا مستبطنا ومفكرا ومقيّما لحظة الانقضاض على جلاديه، وكان الأغبياء يأخذون طول ترقبه لهم على أنه استكانة نهائية واستسلام شامل. يا حكام العرب الذين ما زلتم تحكمون بعقلية الماضي، ويا حكام العرب في المستقبل انتبهوا، أمامكم إنسان جديد استرجع كرامته وثقته في نفسه وشعبه ولن يسمح لأحد أن يحتقره مجددا، ولا تنسوا أن السيد من هنا فصاعدا هو من يعطي المثل لا من يعطي الأوامر. الإنجاز العظيم الثاني هو إعادة بناء الشعوب العربية، فالدكتاتورية لا تعيش إلا إذا نجحت في خلق غبار من الأفراد يخافون منها ويخافون من بعضهم البعض، ويمرّ الأمر بمنع كل تواصل لا تتحكم فيه الدكتاتورية. ذلك ما حاوله استبدادنا البغيض، لكن الثورة صهرت في بوتقتها الأفراد المعزولين عن بعضهم البعض وخلقت منهم مجموعة بشرية متلاحمة تثق في بعضها البعض وتواجه الموت جنبا إلى جنب، لفرض حقها في العيش الكريم. الأخطر من هذا أن هذه المجموعة التي نحتها لهيب الثورة اكتشفت قوتها وأنها قادرة على سحق الطغاة وكنسهم كما لو كانوا كدسا من القاذورات. عن هذا الاكتشاف الهائل يتولد الشعور بالفخر والاعتزاز بالانتماء.. هكذا أصبحت الثورة لحظة تأسيس جديد ستبقى في ذاكرة الأجيال القادمة عنصرا أساسيا في تكوين هوية ذلك المارد النائم بعين واحدة طوال الحقبة المظلمة: الشعب. الإنجاز العظيم الثالث هو إعادة بناء الأمة العربية، ولنتذكر أن الدكتاتورية بغّضت العربي إلى العربي باصطناعها خصومات الجزائري ضد المغربي والكويتي ضد العراقي واللبناني ضد السوري.. إلخ, والحال أنها لم تكن إلا معارك بين أنظمة شرسة غبية تتخاصم حول تقاسم النفوذ الشخصي، دون أدنى انتباه إلى المصلحة العامة. هي بغّضت إلى العرب حلم الوحدة العربية عندما ربطته بهذا النظام الاستبدادي أو ذاك، وهي جعلت كل عملية تقارب مستحيلة لأن الدكتاتوريات لا تتحد وإنما تتحارب، وكل دكتاتور لا همّ له إلا منع الدكتاتور الآخر من التعدي على مزرعته وقطيعه. الأخطر من هذا كله أنها بغضت إلى العرب أنفسَهم وهم يشاهدون تفككهم وعجزهم وتخلفهم وتواصل مأساتهم في ظل الاحتلال الداخلي والاحتلال الخارجي. كل هذا انفجر مع الثورة المباركة.. هذه الأيام لا أحد ينتبه في تونس إلى ما يجري في تونس رغم دقة الأوضاع، وكل الأعين موجهة إلى ما يجري في ليبيا الحبيبة، وقبلها كانت أيادينا على قلوبنا خوفا من انتكاسة الثورة في مصر، وفي اليمن مشى المتظاهرون ينشدون النشيد الوطني التونسي لأن فيه الأبيات الخالدة لشاعر الأمة أبو القاسم الشابي. من ينكر اليوم أننا أمة يخفق قلبها بنبض واحد، وأن قناة الجزيرة هي اليوم من يعدّل النبض على نفس الإيقاع؟! أما أن يكون لهذا المعطى تداعيات بالغة الخطورة -ومنها عودة المشروع الوحدوي بقوة- فأمر لا شك فيه. نعم الأحداث حبلى بدول عربية ديمقراطية تحررت من الاحتلال الداخلي وأحرزت استقلالها الثاني. وبانهيار الدكتاتوريات ستُرفع أكبر عقبة ضد التوحيد السياسي لأمة متحدة ثقافيا ووجدانيا، وستُرفع أيضا أوهام التوحيد الاستبدادي الذي كان دوما جزءا من المشكل لا من الحل. كما استطاعت أوروبا أن تتحد بعد انهيار الدكتاتوريات النازية والفاشية والشيوعية، فإن الأمة العربية ستبني على غرارها -بل وأحسن منها- اتحاد الشعوب العربية الحرة، والذي سيجعل من العرب المجموعة البشرية الثالثة بعد الهند والصين، ويعيد إليهم مكانهم في هذا الزمان. إن فتح الفضاء العربي من المحيط إلى الخليج لتحرك الإنسان والرساميل في ظل أنظمة تحارب الفساد والظلم، سيعطي لأمتنا حيوية ستفاجئ كل الأمم، وسيمكننا من تفادي المستقبل المظلم الذي تنبأ لنا به تقرير 2009 لمنظمة الأمم المتحدة للإنماء، بل وقد يجعلنا لاعبا أساسيا بين القوى العظمى الخمس أو الست. هذا ما سيعيد ترتيب شؤون العالم بكيفية لم يحسب لها كبار المخططين حسابا. منذ ثلاثين عاما وتحديدا عام 1981، صدر لي في تونس أول كتبي وعنونته « لماذا ستطأ الأقدام العربية أرض المريخ؟ »، تحديا لكل من يحتقرون أمتنا سواء أكانوا من أبنائها أو من أعدائها، ودعوة للإيمان بما تزخر به من طاقات جبارة ستنفجر عاجلا أو آجلا. صحيح أننا معرّضون لأخطار الفوضى والثورة المضادة وعودة الاستبداد مرة أخرى وطول الآجال لتحقيق أهدافنا، لكن صحيح أيضا أننا اليوم قاب قوسين أو أدنى من هذا المريخ الذي بدا لنا يوما أملا حتى الحلم به جسارة مضحكة: مريخ الحرية والديمقراطية والتقدم، ولم لا في يوم من الأيام سنطأ المريخ الكوكب بأقدامنا وليس فقط بأحلامنا، وقد أصبحنا كما كنا أمة لا تضحك من جهلها الأمم. كان القرن الثامن عشر قرن الثورة الفرنسية والأميركية، وكان القرن العشرون قرن الثورة الروسية والصينية. أما القرن الواحد والعشرون فسيقول عنه المؤرخون إنه كان قرن الثورة العربية. هل سترفعنا هذه الثورة إلى القمم أم سترمينا في بؤر ربما تجعلنا نتحسر على ما فات كما يتحسر الشيوخ والعجائز في قرى روسيا على عهد ستالين؟ إنه التحدي الجبار المرفوع في وجوهنا ونحن أمام واحد من أخطر مفترقات الطريق الذي تمشي عليه هذه الأمة العظيمة منذ 15 قرنا. قال أحمد شوقي: وما استعصى على قومٍ منالٌ إذا الإقدامُ كان لهم ركابا فلندر الظهر لطريق الفوضى والإحباط والعنف، وليكن الإقدام لنا ركابا نحو قمم المجد, فكونوا يا عربُ جديرين بمستقبلكم، وعلى موعد مع الملحمة المتجددة، محركها الثقة في الله وفي النفس وفي قدرتنا نحن أيضا على أن نأتي بما لم تستطعه الأوائل. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 10 فيفري 2011)
فوزي مسعود
من السهل على المتابع للمشهد التونسي الخروج بملاحظات متقابلة، من نوع المفارقات، إذ من ناحية يمكن تسجيل قوة أهل الباطل التي يقابلها الضعف الغريب للعاملين للإسلام. والأمر يتعلق بمكونات كل فئة، فأهل الباطل يتوزعون على الحقول السياسية والنقابية والإعلامية والتعليمية بمراحلها المختلفة، في شكل أحزاب وتنظيمات مدنية نسوية وفكرية وثقافية وبيئية وغيرها، أما العاملون للإسلام فبعضهم ينتظمون في تشكيلات سياسية مسكون أغلبها بهاجس إرضاء الواقع، وقليل منهم يتواجد بتنظيمات مدنية ضعيفة لاتكاد تخرج عن الحقل الحقوقي، وأكثرهم لايعرف للتنظيم والعمل الجماعي طريقا، ولعله لم يجتمع مع الناس لأمر الإسلام إلا أن يكون في صلاة الجمعة. ثم إن الذي يلاحظ أنه مقابل تحركات أهل الباطل وجرأتهم في قذف منكراتهم حد التهجم على الإسلام والمطالبة بإبعاده من دائرة التأثير، فإن الذين يفترض فيهم الدفاع عن الإسلام والدعوة له، مصابون بدرجات من التخاذل والسلبية التي تجعل من طرح التساؤلات حول هذه الغثائية أمرا ملحا. المسألة لا تتعلق بحزب أو بتيار سياسي معين، إنها غثائية ونظرة دونية للذات وانكسار يصيب مجمل التونسيين كلما تعلق الأمر بدينهم ولغتهم، إذا اعتبرنا أن كل تونسي مسلم معني بالدفاع عن دينه ولغته أمام المتهجمين عليها، وكل تونسي يعنيه الذود عن مبادئه أمام من يريد اقتلاعه منها، وكل تونسي معني بالتصدي لعمليات الاستهداف الثقافي التي يتعرض لها من طرف أدوات الاقتلاع والإلحاق بالآخر التي زرعت بين ظهرانينا طيلة نصف قرن. عينات من ضعف المواقف ضد أهل الباطل لفهم هذه النقطة، يمكن استعمال محدد مايجب ان يكون، وذلك لفهم غياب الفعل المفترض إيقاعه، وسأقترح بعض الأحداث التي كان يجب أن تثير ردود فعل قوية لو كان التونسي فاعلا. -سيئ الذكر بورقيبة سخر من الإسلام ومن النبي صلى الله عليه وسلم وجاهر بذلك، وانشأ منظومة هي الأولى على مستوى العالم العربي عملت على اقتلاع التونسيين من ثقافتهم ولغتهم لإلحاقهم بفرنسا في عمل خياني بامتياز، ثم تجد رغم ذلك من يعده قدوة ورائدا. هذا الكلام لايستقيم إلا باحتمالين وهو أن هؤلاء إما أنهم لايفهمون أعماله تلك على حقيقتها وإما أنهم يعرفون ويوافقونه، وفي كلتا الحالتين فإن هؤلاء كان يجب التصدي لهم بكل قوة، إذ كيف يشاد بمثل ذلك المجرم، كيف يقع تسفيه رموز الكفر والخيانة عبر التاريخ ولايقع مثل ذلك مع بورقيبة ومن شايعه. -تقام التشريعات بتونس المحاربة للإسلام من مثل قوانين العقوبات التي ترأف بالزناة، بل التي تشجع على الدعارة، وحيث تسن الإجراءات الراعية للزانية المنجبة من السفاح، مقابل سكوت التونسيين. يقام كل ذلك ولاتكاد تجد خطبة جمعة أو مقال صحفي أو برنامج إذاعي أو عمل تلفزي يتصدى لذلك. -في الوقت الذي تظاهر التونسيون ضد كل شيء تقريبا فإنهم لم يتظاهروا ضد القوانين التي تخالف الإسلام، وفي الوقت الذي اعتصم التونسيون وأطالوا الاعتصامات للمطالبة بالزيادات في الأجور والمنح، فإنهم لم يعتصموا مطالبة بإلغاء قوانين وإجراءات تحارب دين الله وتحارب لغتهم وتمعن في إلحاقهم بالغرب. لم يعتصم التونسيون للمطالبة بالضرب على أيدي العابثين المنبثين بوسائل الإعلام والجامعات من أولئك الذي يروجون لمخططاتهم. -من منكم سمع أن التونسيين تظاهروا ضد عمل فني اعتدى على دينهم ولغتهم رغم كثرة تلك الأعمال ببلادنا؟ من منكم سمع أن التونسيين تظاهروا ضد محاربة اللغة العربية بوسائل الإعلام التونسية وتشجيعها على اللغة الفرنسية بدل ذلك؟ من منكم سمع أن التونسيين تظاهروا ضد عمليات الإلحاق بفرنسا التي وقع تمريرها من خلال برامج التعليم؟ من منكم قرأ مقالا يطالب بأسلمة القوانين التي تخالف ديننا؟ من منكم قرأ مقالا يطالب بتفعيل اللغة العربية بوسائل الإعلام التونسية؟ من منكم قرأ مقالا يطالب باستقلال المنظومة التعليمية ببلادنا عن فرنسا؟ -لماذا يطالب التونسيون بمحاسبة المتورطين في الفساد المالي والسياسي ولايطالبون بمحاسبة المسؤولين الفاسدين ثقافيا والذين كانوا السبب وراء أدوات التدجين والإلحاق بالغرب تحت مزاعم الفن والثقافة؟ لماذا لايطالب التونسيون بمحاسبة المسؤولين الذين أجازوا عرض الأفلام والمسرحيات الجنسية بتونس وكل عمل استهدف ديننا وثقافتنا؟ لماذا لايطالب التونسيون بمحاسبة الذين أنتجوا أفلاما مسيئة لتونس وتلقوا تمويلات أجنبية؟ -كيف تقام منظمات بتونس تحارب الإسلام وتتلقى التمويلات الأجنبية لذلك وتتردد على السفارات الأجنبية، ولا يتحرك التونسيون للمطالبة بمحاسبتها؟ كيف تقوم منظمات بالدعوة لاستبعاد الإسلام من دائرة التأثير ولايتحرك التونسيون ضدها؟ كيف يجرأ حملة رايات التبعية الفكرية للغرب على المناداة برفض الثابت من الإسلام كمسالة الميراث، ولايتحرك التونسيون ولو بمظاهرة أو بكتابة بيان أو بعريضة ضد هؤلاء؟ ألهذا الحد هان على التونسيين دينهم؟ كيف تكتب العرائض وتقام الاعتصامات وتسيّرالمظاهرات ضد التافه من الأمور ولاتقام دفاعا عن مبادئنا وتصديا لمن حاربها؟ البرهنة على ضعف المواقف المتصدية لأهل الباطل يمكن للبرهنة على هذه النقطة اعتماد طريقتين: أولا: محدد الفاعلية إزاء تكون جماعات أهل الباطل، يعني انه مقياس نسبة للزمن المتعلق بتواجد هؤلاء على محور زمن تاريخ تونس، وهو مقياس يبدأ من الصفر حيث لم يتواجد منهم أحد في بدايات الاستقلال، وصولا لمجموعاتهم الآن. ثانيا: محدد الفعل نسبة لأعمال أهل الباطل، وهذا المحدد يقيس ردود الفعل وفاعليتها ضد هؤلاء، فهو مقياس نسبة لزمن فعل احدهم بالتحديد، وهو بالحقيقة يحتوي على مستويين زمن رد الفعل وقوة رد الفعل، والزمن هنا يتعلق بتكون إحدى التنظيمات أو الأحزاب أو نشاط احد الصحفيين آو الممثلين من أهل الباطل، وذلك منذ بداية فعله هو بالذات وحتى الآن، وأما درجة قوة الفعل الذي هو حقيقة رد فعل على نشاط هؤلاء فهو يمكن أن يقاس بمقدار المنع من إكمال الفعل الكامن لدى ذلك الطرف المتصدي له، بمعنى يمكن قياس ردة الفعل ضد هؤلاء من خلال ماتحدثه تلك المواقف من إلغاء أو تأجيل لأفعالهم. لأن ردود الفعل لايمكنها أن تخلق فعلا مستقلا، فهي لا تخرج على أن تكون تابعة للفعل الذي تتصدى له، وعليه فأقصى ما يمكن أن ينجزه رد الفعل هو الحد من قوة الفعل المنطلق، ولايمكنه البتة أن تنشأ فعلا آخر. وحتى إذا افترضنا أن ردة الفعل ستكون من القوة بحيث تكون ذات اتجاه سلبي نسبة لصاحب الفعل الأصلي وهو شيء ايجابي لراد الفعل، فإن ذلك يبقى انجازا بفضل الذي قام بالفعل أولا. إذا اعتمدنا المقياس الأول، فإنه سيظهر جليا ضعف دفاعات التونسيين عن دينهم وثقافتهم منذ الاستقلال، وذلك يثبت بالتأكيد المادي لوجود تنظيمات متنوعة تحارب الإسلام واللغة العربية بإشكال متفاوتة، منها الذي يجاهر بذلك ومنها الذي يعتمد طرقا ملتوية. ومما يفاقم من نتائج هذا المقياس أن الواقع بتونس يثبت غياب شبه كلي لأي تصدي لمحاربي الإسلام ورافعي رايات الثقافة الغربية، بل إن الواقع يؤكد أن هؤلاء مافتئوا يكسبون التونسيين لصفهم، مما يؤشر على فاعلية تحركاتهم. أما المرور للمقياس الثاني، فذلك دليل في ذاته على سلبية الموقف بتونس إزاء عصابات الإلحاق الثقافي، لأنه مقياس يتعلق بمتابعة قوة الرد إزاء طرف متواجد ويحارب الإسلام، وهو دليل على عجز عن منع هؤلاء من التواجد ابتداء. ولما كان الأمر يتعلق بالحديث عن قوة أهل الباطل المحاربين للإسلام والمنادين بعمليات الإلحاق الفكري بالغرب، فذلك دليل على أن الحديث يدور حول أطراف متواجدة فعلا، أي أن الأمر يتعلق بمواقف سلبية أساسا للمدافعين لايمكن في كل الحالات أن تلغي فعل هؤلاء المتصدى لهم. وهذا دليل آخر على ضعف مواقف التونسيين في مواجهة تلك الجماعات في هذا المستوى الثاني. أقصى ما يمكن أن يكون من مواقف ايجابية ضد محاربي الإسلام ورافعي رايات الإلحاق بالغرب، هو جعل قوة أفعالهم معدومة، بمعنى أن الفعل لايجب ان يصدر من هؤلاء أي يصدر ويخمد في زمن معدوم. ولكن حتى في هذه الحالة فان تواجدهم ذاته يعد خطرا لان المنع الذي يكون قد أحرز يتعلق بفعل معين بلحظة زمنية، ولكن الطرف المعني له قدرة كامنة أي ممكنة تمتد على خط زمني يتواصل بتواصل وجوده، عليه فان الحل لإخراج هؤلاء من دائرة الفعل هو العمل على إلغاء القوة الكامنة لإنتاج المواقف لدى هؤلاء، ولايكون ذلك إلا بتدمير مصدر تلك القوة لديهم، وهذا الهدف يتم من خلال تدمير المصدر المادي لإنتاج الفعل مضافا إليه تدمير شروط إنتاجه، بمعنى تدمير الشروط التي تمكن هؤلاء من القدرة على تمرير منكراتهم بحرية وهي شروط نسبة لطبيعتها فهي شروط مادية و غير مادية كالنفسية وما شابه ونسبة للمجال المكاني فهي شروط محلية ودولية. إذا اعتمدنا مقياس مستوى زمن ردود الفعل ضد أهل الباطل هؤلاء، فان هذا المقياس يحيلنا على نتائج سلبية، فاغلب التنظيمات والشخصيات العاملة في حقل إنتاج الباطل وتزيينه بتونس، لم تغلق أو تتوقف منذ انطلاقتها وحتى إن وقع فلاعتبارات أخرى لاعلاقة لها بضغوط التونسيين، بمعنى أنها أطراف متواصلة زمنيا، مما يؤكد انعدام مواقف للتونسيين تعيق عملها. إذا اعتمدنا مقياس قوة ردة الفعل، فهذا مقياس وان كان يمكن تسجيل بعض النتائج من خلاله (الموقف ضد إحداهن هاجمت الحجاب من خلال عمل صنف على انه فني)، فانه يبقى اقل من أن يرتقي لمستوى يلغي حقيقة سلبية التونسيين إزاء من يحاربهم في عقائدهم، إذ لايكاد يذكر عدد المرات التي تراجع فيها هؤلاء عن بث سمومهم مقابل ماقذفوه في وجه التونسيين وأنتجوه من أعمال قمة في الدناءة تدعو للفجور وتعلي من شان أصحابه و تمجد الزناة والشواذ و تسخر من الحجاب و تدعو لتغيير الثابت من الإسلام كالميراث أو تشكك في القرآن والنبي والصحابة، أو تطبع مع الانحرافات كترويج مصطلح الأم العزباء والأسرة ذات القطب الواحد. وعليه فإنه يمكن بكل يسر تأكيد ضعف مواقف التونسيين إزاء من عمل على استهدافهم في عقيدتهم ولغتهم، ووصلت جرأته إلى حد النبش في أسس الإسلام من خلال محاولات إعادة قراءته حسب مصالحهم ومصالح من يساندهم، وطرح تلك الممارسات على أنها من العلم والثقافة.
حركة النهضة والمرأة
كتبه أبوجعفر العويني في10/03/2011
سألني أحد الشباب من تونس عن الأقاويل التي يروجها العلمانيون في حق الشيخ راشد وفي حق النهضة من عمل المرأة,ونأمل أن تتحدّث المرأة عن هذه المسألة,ولكن أجبت بما سمح به وقتي على المباشر,وقد أشرت برابط في الفايس بوك,على كتب الشيخ راشد في موقعه,ردّا على الذاهر بن حسين الذي يشنّ حملة عنيفة ,أجبناه ببعض ما لدينا.
شكرا أخي ضو على التواصل, أنت تعرف أنّ كلّ ناجح محسود, وتكثر الاشاعات,والنهضة شرحت مواقفها فيما يخص المرأة وعملها, ولك مثل ,العديد من النساء اللوائي يعملن ليس لهنّ عائل ,فهنّ مجبورات أن يعملن لكفالة أبناء أو مرضى أو مسنين ,فهؤلاء النسوة مجاهدات,ثمّ إنّ المجتمع قد تغيّر منذ عهد بورقيبة, فتغيرت المفاهيم,وصارت المرأة ترغب في العمل حتى ولو كانت مكتفية,وتلك مسائل شخصية,وأما في الغرب فقد كانوا محتاجين لليد العاملة في وقت الحروب,وأمّا عندنا فلا أدري لماذا عصابة العلمانيين والماسونيين,كيف ولماذا يطالبون بعمل المرأة؟ وأغلبية شبابنا عاطل عن العمل, و ترى الشاب يطلب مصروفه من أمه أو من أخته؟
فالمسألة لا تعدوا أن تكون حربا سياسية على النهضة لأنهم يخشون وصولها للحكم فينظفوا البلاد من كلّ الأوساخ العالقة بالساحة,من سكر ومواخير وسرقات وهلمّ جرّا,ويرجع الرجل لمسؤليته الالاهية(الرجال قوّامون على النساء بما فضّل بعضهم على بعض )أي بالقوامة والكفالة, ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين لست بالخب ولا للخبّ يخدعني,كلمة أمير المؤمنين وخليفة المسلمين,أبوحفص الفاروق رضي الله عنه.
ولا يزال خفافيش الظلام يمسكون بالخيوط,فاعملوا على تفكيك هذا اللغز الماسوني, لأنه متواجد في كل جوانب الحياة ,في البيت عبر القنوات الفضائية, والمدرسة والمعاهد والنوادي والادارة,إعرف عدوك بمعرفة الماسونية,إنه تنظيم خطير,والتجمع حلقة من حلقاته, ولا تزال العلمانية والاشتراكية والشيوعية وما يسمى بالديمقراطية واللبرالية والحداثة والتنويرية الظلامية ,وهلم جرا.
انظر أخي كيف خرجت عصابة النظام من الباب فرجعوا من الشباك. احذف واحد يطلع خمسة***يـا ربّي اتقدّر الخير محفل ماسوني ما ينسى***شطّار يحبـوا البندير فريعة و جغام و مرجان***و بوقصة مظفر زهير و ربي يستـر يا لخوان***عصابة وما فيها خير فريعة يـا وجه الكيْمان*** فاتتكم أيّـام التّبصير النّاس فاقت ما ثمّ أمان***تعرف ما تنقص تدبير راحت ايّام الدستـور***ولا يمكن ترجع و تدور الواحد يخدم زيّ الثور**وما يلحق والصرف كثير جاوخمسة يقصو في الجرّة*احزاب الغفلة وتأشير احذف واحد تطلع خمسة***يـا ربّي اتقدّر الخير
امرأتنــا وبنـاء الأنثـى الإنسـان
د. خــالد الطــراولي* ktraouli@yahoo.fr لم أتخل يوما عن ثابت من ثوابتي ونتيجة وصلت إليها بكل تواضع أثناء تحليقي في سماء هذا التاريخ الطويل العريض وفي أرضه، والذي نحمله بين أضلعنا ولا ينتهي حين فطامنا، أن هذه الحضارة التي بناها يوما أجدادنا بأيد من حديد، فارتفعت وطرقت أبواب الثريا، ثم تخلوا عنها فسقطوا إلى الثرى ولا نزال نسقط معهم إلى سافلين، هذه الحضارة كان وراءها دور فعال نسبيا لكائن جاد، فارتفعت بارتفاعه وفشلت بفشله وسقوطه… ذلك الكائن الحي حين حيت حضارتنا، وذلك الكائن الميت حين دخلت هذه الحضارة القبور وأماكن الرداءة… تلك هي المرأة!
ودون الإبحار كثيرا في هذه التوطئة حتى لا أبخس الجوهر حقه، غير أني أؤكد أن أي ظاهرة إنسانية نعيشها في السياسة والاقتصاد والاجتماع، وأن أي مشروع تنموي أو حضاريي وأن أي برنامج إصلاحي أو خطط نهضوية لن يستطيع النجاح وإثبات مسار تحول لفرد ومجموعة وشعب وأمة، إذا ظل يعتقد أنه بإمكانه الوقوف على رجل واحدة وأن مصير هذه الأطراف مرتبط بكائن واحد إسمه الرجل!
المرأة الإنسان هو الحبل المتين لأي نقلة نوعية وحضارية لمجتمعاتنا، واليوم الذي نصل إلى بناء هذا الكائن الإنسان وتهيئة الظروف المعنوية والمادية لإقلاعه، والاعتراف به كطرف له دوره الفاعل والحازم والضروري في نشأة الحضارات ونكبتها، عندئذ اسمحوا لي أن أقول : قد عرفتَ فالزم! المرأة بنت وأخت وزوجة وأم، مراحل ومحطات تتعايش وتتشابك، غير أنها ترتكز أساسا على بناء سليم ينطلق منذ اللحظات الأولى لهذا الكائن الصغير وهو يخطو خطواته الأولى في هذا العالم الصغير الذي كثيرا ما رفض قبوله أو عكر عليه صفو وجوده، من « من كانت له ثلاث بنات يؤدبهن ويكفيهن ويرحمهن فقد وجبت له الجنة » قيل: يا رسول الله وإن كان له بنتان؟ قال: « وإن كان له بنتان »، قال: وإن كانت له بنت واحدة؟ قال: « وإن كانت له بنت واحدة » رواه أحمد ، وما نرى أبواب الجنة الثمانية تفتح على مصراعيها رغم أن سلعة الله غالية و سلعة الله الجنة، إلا لأن المهمة كبيرة تقارب أو تماثل أو تتجاوز الشعيرة والطقس، حيث يصبح بناء الفرد الأنثى بناء مدرسة المستقبل وإقامة مجتمع. ويصبح التقرب من البنت الصغيرة والأخذ بيدها طيلة هذا المشوار الضاغط، تقربا من الله ودخول خيمة الرضا والرحمة.
ثم يتواصل هذا المشوار ترغيبا وحنانا وحبا في بناء هذا الكائن بلمسات طيبة ولطيفة ولكنها حازمة » يا فاطمة بنت محمد اعملي فلست أغني لك من الله شيئا » ليصبح هذا الفرد إنسانا مستقلا حرا مبادرا ومسئولا، لا يفيده نسب أو حسب أو قرابة، أو شكل دون محتوى أو حشو دون جوهر، ولكنه كائن فاعل يحمل أوزاره لوحده ويسعى للحراك الإيجابي بين جدران البيت الصغير والكبير…
ثم ترتفع الأسس بهدوء وصلابة ويغدوا المسار سليما واعيا معافى ، ويدخل البيت قبل أن يبرز البناء إلى المجتمع رصينا راشدا « هن لباس لكم وأنتم لباس لهن « … وهنا وبعيدا عن منطق الكهوف والدهاليز والغرف المظلمة، تختمر إحدى اللبنات الأساسية لبناء البيت السعيد ومن ورائه المجتمع الصالح…حيث تلتقي الرحمة والسكينة لتلقي بردائها على أركان هذا البناء في موطن شراكة للفعل والنظر. « وجعل بينكم مودة ورحمة » فلم يكن الإطار موضع هيمنة وغلبة وقهر ولكنه تعايش واستلطاف ومنفعة متبادلة. ومن أجمل ما قرأت في هذا الباب تعليق لطيف للشيخ الغزالي رحمه الله حيث يقول: »المجتمع الوضيع هو الذي يفهم الزواج على أنه عقد انتفاع بجسد، أو يعرفه بأنه امتلاك بضع بثمن، أو يراه شركة بين رجل تحول إلى ضابط برتبة مشير، لديه امرأة برتبة خفير! [1] » فالبيت حلقة في بناء اجتماعي متقن ومحدد، ينطلق أساسا من هذا اللقاء الثنائي والمتعايش على أساس الحب والوئام بعيدا عن منطق الاستبداد والاستفراد، فاستقرار المجتمعات وأمنها من استقرار البيوت ووئامها، وانفراط عقد البيوت مجلبة لانفراط عقد المجتمعات. ولعل هذه العقلية الفردية والاقصائية وثقافة الاستبداد التي تصول وتجول في المشهد العام وخاصة السياسي منه، تجد الكثير من أسبابها على باب هذا البيت الصغير، فكثير من ظلمات الخارج بنيت داخل أسوار البيوت ومن وراء جدرانها السميكة.
وحتى إذا ارتجت القواعد يوما داخل هذا البيت الصغير وحدث الانفصال لسبب من الأسباب الذاتية أو الموضوعية، فإن البناء الاجتماعي يتواصل بعيدا عن الترميم والتلفيق، وكأن ما حدث لا يزعزع أرجاء البناء الأم وهو بناء المجتمع « ولا تنسوا الفضل بينكم »!…فكانت هذه الكلمات تعبيرا على نهاية مسار زوجي لم يكتب له نجاحه، عاش أزمة تواجد ثنائي، وتواصل مسار آخر أكثر حساسية وأعمق تأثيرا وهو الشأن الاجتماعي، حتى لا يمكّن للقطيعة الثنائية وأزمة الفرد أو الزوج أن تجاوز معتقلها وتنطلق إلى الفضاء الاجتماعي وترجه في أعمق مكوناته. وهنا يتجلى دور الفرد والجماعة في تلاصقهما البنياني وتاثيرهما المتبادل في تمكن المآزق والأزمات أو حصول الفوز والنجاحات.
وتتلاحق المحطات في هذا الدور الإنساني الذي بني على وعي ورشد لتنبثق من أطرافه منظومة بناء حضاري أساسها « النساء شقائق الرجال » وأداته النافذة والجادة والفعالة التي لا تترك مجالا للمزايدة أو العبث بالمصطلحات والمفاهيم، ولتعلن على رؤوس الأشهاد أن المجتمع الناجح الذي يبني الحضارات ولا يسقطها هو المجتمع الذي بتعايش فيه هذان الجنسان في وئام، وفي ظل حراك مدني يبني على الصلاح وترك الخبيث، « والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.. » ولم ينحسر هذا النداء وهذه الحقيقة الربانية داخل البيوت فقط، ولم يربطها بجنس، بل جعل سعة فضاء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يتجاوز هذه الجدران الضيقة، على أهميتها، ليلامس بانضباط وتوجيهات كل الظاهرة الإنسانية في امتدادها، من سياسي واجتماعي واقتصادي وثقافي.
ليست هذه قصة ألف ليلة وليلة، وليس ما أوردناه، هو من غث أو سمين كتاب الأغاني، وليست هذه مثالية خطاب تنظيري لا يعدو أن يسقط في أول امتحان وطرق على الأبواب، ولكنها شذرات مواقف بعد أن كانت كلمات، وممارسات شهدها واقعنا، بعد أن كانت تتلى في المحراب، وانظروا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في بيته وانظروا إليه وهو يخاطب النساء نصحا وأمانة، ثم تقربوا إليه أكثر وأنصتوا وهو يقول عليه السلام في آخر خطبة وكأنه اطلع الغيب وهو منه براء : أوصيكم بالنساء خيرا…
ولذلك بنيت حضارتنا يوما على تعايش الجنسين في البناء، في ظل منظومة أخلاقية وقيمية حازمة، ثم انفلت العقد وسقطت حباته الذهبية وتمرغت بالتراب لتصبح دون شعاع ولا إشعاع، ودخلت المرأة السراديب، وأغلقت عليها الأبواب وتمترس أصحاب الغلو وراء انتقاتهم الفقهية المسقطة! وبعد أن كنا نتهكم على من تسائل من قبلنا هل للمرأة روح أم لا، ترانا نقول ودون وعي » المرأة عشر عورات، فإذا تزوجت ستر الزوج عورة واحدة، حتى إذا ماتت ستر القبر العورات الباقية » وكأن لسان الحال يدعو إلى الحياة بدونها لأنها عنوان الموت والعدم. واليوم الذي نعلن فيه أنسنة المرأة في ثقافتنا وتشكل عقلياتنا، تسقط عديد القضايا المشبوهة والمفتعلة ويسقط معها فقه مغشوش وآليات فكر وتفكير مهزوزة، ونكون قد وضعنا حجر الأساس لانطلاقة صادقة وناجعة وسليمة لعالمية إسلامية ثانية وواعدة ومستديمة.
هـــوامش
[1] محمد الغزالي « قضايا المرأة بين التقاليد الراكدة والوافدة ». دار الشروق. ط السادسة. 1996 القاهرة. ص: 37. *رئيس حركة اللقاء الاصلاحي الديمقراطي www.liqaa.net
حركة « اللقاء الإصلاحي الديمقراطي » في قافلة رحمة وتضامن في راس جدير
قام وفد من حركة اللقاء الإصلاحي الديمقراطي في مد يد العون والمساندة لأهلنا في الجنوب عبر مساهمة رمزية في قافلة رحمة وتضامن مع اللاجئين المتوافدين على الحدود مع ليبيا. وإذ تحي الحركة الطواقم الصحية التونسية والجيش الوطني والأفراد والجمعيات الأهلية على ما يقومون به من عمل فعال وجهد مشكور، فإنها تقف احتراما وتقديرا للعديد من الأفراد والأسر التونسية التي سعت بكل ما أوتيت من فضل وسعة إلى التضامن المباشر مع المحتاجين، وهو تأكيد على الروح العالية والقيم النبيلة التي يحملها الشعب التونسي والتي زادتها الثورة المباركة اشعاعا وتأكيدا. إن تونس الرحمة والوفاء، وتونس الأخلاق والقيم تبقى الصورة المثلى والنموذج المرجو الذي سنسعى جميعا إلى تثبيته وإثرائه، حتى تكون ثورة تونس ثورة قيمية وأخلاقية بامتياز. عن اللقاء الإصلاحي الديمقراطي www.liqaa.net د.خالد الطراولي/ تونس 9 مارس 2011
دعا بوتفليقة إلى الاعتراف بالمجلس الانتقالي ممثلا لليبيا سياسي جزائري لـ »قدس برس »: موقف الحكومة من ثورة الشعب الليبي هزيل
لندن – خدمة قدس برس انتقد مرشح حركة مجتمع السلم الجزائرية « حمس » للانتخابات البرلمانية السابقة الدكتور عبد اللطيف بالطيب الموقف الجزائري الرسمي القاضي بعدم التدخل في الشأن الداخلي لأي دولة ولو كانت شقيقة، ووصفه بأنه « موقف هزيل ولا يلبي تطلعات الشعب الجزائري الحر ».
وأكد بالطيب في تصريحات خاصة لـ « قدس برس » أن ما يربط الجزائر بليبيا أكبر من الذي يربط ليبيا ببريطانيا او فرنسا او دول امريكا اللاتنية التي قطع بعضها علاقاته مع نظام القذافي، وقال: « الجزائر قالت وتقول عن فلسطين نحن مع فلسطين ظالمة او مظلومة وهي بعيدة عنها فكيف بجارتها القريبة ليبيا. ان ليبيا هي جارة عربية وامازيغية مسلمة قدمت لنا العون اثناء حرب التحرير ومات منها شهداء في سبيل تحريرنا.. بل ازيد على ذلك ان السنوسي الاول الذي نشر السنوسية وهي طريقة صوفية مجاهدة ونقية تختلف عن غيرها ثم أسس ابناؤه الدولة السنوسية التي اسقطها القذافي بالخيانة والغدر. وحارب السنوسيون الاستعمار الايطالي بالتنسيق مع الشهيد عمر المختار هو من أصال جزائري ».
وانتقد بالطيب تصريحات وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي التي قال فيها بأن « سياسة الجزائر عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول »، وقال: « من وضع هذه السياسة وهل تم استشارة الجزائريين في ذلك؟ ثم ما هي أسس هذا الموقف؟ هل هو مبدأ انساني أو اسلامي؟ لماذا يتحرك احرار العالم ويقف مدلسي مكتوف الايدي؟ الجزائري الحر لايؤمن بهذا الهراء. نحن نؤمن بأن المسلم اخو المسلم لا يخذله بل يدافع عنه ويقاتل دونه ويساعده بما يستطيع. بل العربي والامازيغي الحر يؤوي وينجد من استنجد به ولو كان على غير دينه.. ويجند عشيرته للدفاع بل الموت دونه.. وها نحن نسمع صرخات اخواننا في ليبيا يستنجدون بشعب المليون..ولا من مجيب؟ ».
وأعلن بالطيب براءة الشعب الجزائري من موقف الحكومة الجزائرية تجاه الشعب الليبي، وقال:
« اننا كجزائريين ينتمون الى هذا الشعب والى الامير عبد القادر واحمد باي وبلمهيدي وعميروش وبن بولعيد، نبرأ الى الله تعالى من موقف حكومتنا بالجزائر وندعوهم الى العودة الى الصواب، وتقديم العون لليبيين والاعتراف بشرعية المجلس الانتقالي وليس القذافي الذي فقد شرعيته عندما قصف شعبه واستعان عليه بالمرتزقة الاجانب ».
ودعا بالطيب نواب البرلمان الاحرار إلى استجواب مواقف الخارجية الجزائرية بشأن الوضع في ليبيا، كما دعا الرئيس عبد العزيز بوتفليقة اتخاذ موقف واضح من موضوع المرتزقة الذين يقاتلون بجانب النظام الليبي واتخاذ موقف صارم ضد من يثبت تورطه سواء كان جزائريا او عربيا او افريقيا. وتكوين قوة عسكرية من دول المغرب العربي ومصر وربما السودان واقامة حصار بري وجوي ان استطاعوا، وأن يأخذوا شرعية هذا التحرك من المجلس الليبي المؤقت المعبر عن الشعب ومن افواه الملايين من الليبيين والليبيات الذين يستنجدون يوميا بشعب المليون ونصف شهيد.
وأضاف: « المطلوب من الرئيس بوتفليقة أن يطرد السفير الليبي من الجزائر ويعترف بالمجلس الليبي الانتقالي وتقديم كل انواع الدعم له. وأن يأمر بارسال المساعدات الاغاثية والطبية والغذائية وفرق الاطباء الى داخل ليبيا وليس الى بن جدير بتونس فقط »، كما قال.
(المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال (بريطانيا) بتاريخ 10 مارس2011)
فرنسا تعترف بانتقالي ليبيا
اعترفت فرنسا اليوم بـالمجلس الوطني الليبي « ممثلا وحيدا للشعب الليبي »، وبذلك تكون باريس أول عاصمة تعترف بهذا المجلس الذي كثف من تحركاته لتحقيق اعتراف دولي به. وعقب لقاء جمع مبعوثين للمجلس مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في باريس، قال مسؤول فرنسي إن بلاده ستتبادل السفراء مع المجلس الجديد، داعية الاتحاد الأوروبي إلى بدء حوار مع المجلس الانتقالي. وضم الوفد الليبي رئيس لجنة الأزمة في المجلس الوطني الليبي محمود جبريل ووزير خارجية المجلس علي العيساوي، اللذين صرحا بعد الاجتماع بأن باريس قررت فتح سفارة لها بمدينة بنغازي، في حين يعاد افتتاح السفارة الليبية في العاصمة الفرنسية. وبحسب مدير مكتب الجزيرة في فرنسا زياد طروش فإن هذا الموقف الذي وصفه بأنه « سياسي ودبلوماسي ومتقدم جدا » يأتي في ظل المواقف الفرنسية التي وصفت بأنها « ضعيفة » حيال ثورتي تونس ومصر. وأشار المراسل إلى غضب ليبي كبير حيال الخطوة الفرنسية، حيث أعلنت وكالة الأنباء الليبية أنها ستكشف « سرا خطيرا » قد يطيح بساركوزي، متسائلة عن مصدر تمويل حملته الرئاسية. أما في إيطاليا فقد قال رئيس وزرائها سيلفيو بيرلسكوني إن بلاده ستتبنى الموقف الذي يقرره الاتحاد الأوروبي بشأن الاعتراف بالمجلس الانتقالي. نظام منته وفي الوقت الذي أرسل فيه العقيد الليبي معمر القذافي عددا من مبعوثيه إلى دول أوروبية، قال وزير برتغالي إن الرسالة التي تم إبلاغها للمبعوث الليبي هو أن نظام القذافي قد انتهى. وكانت روسيا قد استجابت للقرار الأممي القاضي بفرض عقوبات على ليبيا، وأعلنت فرض حظر على مبيعات الأسلحة للقذافي، لكنها حذرت على لسان وزير خارجيتها سيرغي لافروف القوى العالمية من التدخل في شؤون ليبيا قائلا إن مثل هذا التدخل سيكون غير مقبول. وفي السياق، يعقد اليوم في بروكسل اجتماعان، أحدهما لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي والآخر لوزراء الدفاع، في مسعى للتوصل إلى موقف أوروبي مشترك بشأن مسألتي الاعتراف بالمجلس الانتقالي الجديد وإمكانية فرض منطقة حظر طيران فوق ليبيا. وبحسب وزير الخارجية الألماني جيدو فيسترفيله لدى وصوله للاجتماع، فإن خيار فرض منطقة حظر طيران لدعم الثوار يعتمد على شرط إصدار تفويض من الأمم المتحدة. دعوات عربية وعلى الصعيد العربي دعا مجلس الأمة الكويتي في جلسة عقدها الأربعاء العرب إلى سحب اعترافهم بالنظام الليبي الحاكم والاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي، وتقديم كافة المساعدات الإنسانية والدعم المعنوي والمادي للشعب الليبي حتى تحقق الثورة الليبية أهدافها. وفي الأردن دعا حزب جبهة العمل الإسلامي –الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين- الدول العربية إلى الاعتراف بالمجلس الوطني الليبي ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الليبي، وسحب الاعتراف بنظام القذافي « الفاقد للشرعية ». رسل القذافي من جهة ثانية، أجرى الأربعاء موفدون للعقيد معمر القذافي لقاء مع مسؤولين مالطيين، ثم توجه الوفد الليبي بعد هذه المحادثات إلى البرتغال لإجراء مشاورات في لشبونة. كما أعلنت وزارة الخارجية اليونانية في بيان أن ديميتريس دوليس نائب وزير الخارجية اليوناني سيجري محادثات في أثينا اليوم الخميس مع مبعوث ليبي رسمي، مشيراً إلى أن الزيارة تم ترتيبها باتفاق مع آشتون. كما وصل وفد ليبي رفيع المستوى بقيادة مسؤول الإمداد في الجيش الليبي اللواء عبد الرحمن الزوي، إلى العاصمة المصرية القاهرة حيث اجتمع مع مسؤولين مصريين كبار. ونقلت وكالة يونايتد برس إنترناشيونال عن دبلوماسيين ليبيين منشقين قولهم إن الزوي جاء إلى مصر يحمل رسالة من القذافي إلى المجلس العسكري الحاكم تتضمن طلبات بمساعدته في مواجهة الثوار الذين يحاولون الإطاحة به. كما ذكر الدبلوماسيون –حسب الوكالة- أن الرسالة التي يحملها الزوي تنطوي أيضا على تهديدات بطرد مئات الآلاف من العمال المصريين في ليبيا في حال وقوف مصر مع الثوار الليبيين وعدم دعم نظامه. مسار صيني معاكس وعلى صعيد ذي صلة، نفت الصين –التي كانت حاولت عرقلة قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1970 بشأن ليبيا- وجود أية خطة أو نوايا لديها للاتصال بأعضاء من المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا أو الاعتراف به. وذكرت مصادر إعلامية أن السفير الصيني لدى طرابلس جاي جون التقى قبل أيام برئيس الوزراء الليبي البغدادي المحمودي بهدف تطوير علاقات التعاون في المجالات النفطية والمالية والاستثمار وتنسيق المواقف السياسية. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 10 فيفري 2011)
الجزائر ترفض طلبا ليبيا للتوسط
أعلن وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي رفض بلاده طلبا من ليبيا للتوسط لدى مجلس الأمن الدولي لرفع عقوبات فرضها على نظام العقيد معمر القذافي. وقال مدلسي، في حديث مع صحيفة الخبر الجزائرية نشر اليوم، إن نظيره الليبي موسى كوسا طلب منه أن تقود الجزائر مبادرة لمجلس الأمن الدولي في أقرب وقت ممكن، ليتراجع عن تلك العقوبات. وذكر أيضا أنه رد على هذا الطلب بالقول إنه « من الأفضل معالجة موضوع مجلس الأمن عربيا وليس على مستوى دولة بمفردها » وأشار إلى أن الاجتماع الطارئ لمجلس وزراء الخارجية العرب السبت بالقاهرة « سيسمح لنا ببلورة تدابير وخطوات جديدة ». وألمح مدلسي إلى أن الجزائر تقف رسميا على مسافة واحدة من نظام القذافي والمعارضة الليبية، مؤكدا أن الأولوية الآن هي » استرجاع الأمن والاستقرار وبعد ذلك سيكون لنا كلام آخر عن التعاون الثنائي » وشدد على أن للجزائر علاقات مع الدول و »ليس مع الأنظمة ». وأضاف « نحن نحترم خيارات الشعوب وما اختاروه لقيادتهم وهذا شأنهم ولا نتدخل فيه، وسنكون على أتم الاستعداد للتعاون مع من يختاره التونسيون والمصريون والليبيون متى استقرت أوضاعهم ». وأعرب الوزير الجزائري عن خشيته من أن يتطور الانقسام الذي تعيشه ليبيا إلى حرب أهلية طويلة الأمد، كما أبدى تخوفه من أن ينعكس الوضع هناك على قدرات بلاده في التحكم في جهود مكافحة ما سماه الإرهاب. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 10 فيفري 2011)
بدأت مجزرة حماة في الثاني من فبراير/ شباط 1982، حين باشرت وحدات عسكرية حملة على المدينة الواقعة وسط سوريا، وتم تطويق المدينة وقصفها بالمدفعية قبل اجتياحها عسكريا وقتل واعتقال عدد كبير من سكانها، وراح ضحية المجزرة آلاف أو عشرات الآلاف من أبناء حماة وفق روايات متعددة. وتشير بعض التقديرات إلى سقوط ما بين عشرين وأربعين ألف قتيل، وفقدان نحو 15 ألفا آخرين لا يزال مصير عدد كبير منهم مجهولا حتى الآن. وفضلا عن القتلى والمفقودين، فقد تعرضت المدينة -الواقعة على بعد نحو 200 كلم شمال العاصمة دمشق- لخراب كبير شمل مساجدها وكنائسها ومنشآتها ودورها السكنية، مما أدى إلى نزوح أعداد كبيرة من سكانها بعد انتهاء الأحداث العسكرية. وتشير التقارير التي نشرتها الصحافة الأجنبية عن تلك المجزرة إلى أن النظام منح القوات العسكرية كامل الصلاحيات لضرب المعارضة وتأديب المتعاطفين معها. وفرضت السلطات تعتيماً على الأخبار لتفادي الاحتجاجات الشعبية والإدانة الخارجية. وبررت السلطات وقتها ما حدث بوجود عشرات المسلحين التابعين لجماعة الإخوان المسلمين داخل مدينة حماة. اتهام الإخوان وجاءت تلك الأحداث في سياق صراع عنيف بين نظام الرئيس حينها حافظ الأسد وجماعة الإخوان التي كانت في تلك الفترة من أقوى وأنشط قوى المعارضة في البلاد. واتهم النظام حينها جماعة الإخوان بتسليح عدد من كوادرها وتنفيذ اغتيالات وأعمال عنف في سوريا من بينها قتل مجموعة من طلاب مدرسة المدفعية في يونيو/ حزيران 1979 في مدينة حلب شمال. ورغم نفي الإخوان لتلك التهم وتبرئهم من أحداث مدرسة المدفعية فإن نظام الأسد حظر الجماعة بعد ذلك وشن حملة تصفية واسعة في صفوفها، وأصدر قانون 49 عام 1980 يعاقب بالإعدام كل من ينتمي لها. وتطالب المنظمات الحقوقية بتحقيق دولي مستقل في أحداث حماة، ومعاقبة المسؤولين عن المجزرة التي تعتبر الأعنف والأكثر دموية وقسوة في تاريخ سوريا الحديث. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 10 فيفري 2011)
عصابات مبارك والشريف وسرور تقود ‘الثورة المضادة’: بلطجة وفوضى وفتنة طائفية
ابرز هتافاتها ‘الشعب يريد اسقاط النسوان وتكريم الرئيس’.. وضحاياها 13 قتيلا بعد حرق كنيسة قرب القاهرة
خالد الشامي 2011-03-09 لندن ـ ‘القدس العربي’ ـ من خالد الشامي: للمرة الاولى اعترفت الحكومة المصرية امس بوجود ‘مخططات ثورة مضادة’، واتهمت عناصر موالية لاعوان الرئيس السابق حسني مبارك بتدبير اعمال العنف الطائفي، التي اوقعت 13 قتيلا ونحو 150 جريحا، اثر حرق كنيسة في قرية اطفيح جنوب القاهرة. وبدت امس القوى التي تعمل في الظلام لتخريب الثورة واجهاضها مصرة على تحقيق اهدافها، مع انعقاد اول اجتماع لحكومة الثورة، وغداة قرار المحكمة تأييد التحفظ على اموال مبارك واسرته. وجاءت الاشتباكات الطائفية بعد ان نزل عدد من البلطجية واعتدوا على المواطنين في منطقة عشوائية يعيش فيها عدد من الاقباط ما اشعل نار الفتنة، بينما قام عدد اخر من البلطجية بالهجوم على المعتصمين في ميدان التحرير محاولين طردهم. وحسب تقرير للجنة تقصي الحقائق حول استخدام البلطجية لاجهاض الثورة، فان مسؤولين كبارا من اعوان مبارك تورطوا في تجنيد البلطجية، بينهم صفوت الشريف وفتحي سرور وابراهيم كامل القيادي في الحزب الحاكم والمقرب من جمال مبارك. ونسبت تقارير الى الفريق سامي عنان رئيس اركان القوات المسلحة وعضو المجلس الاعلى الحاكم انه تعهد في محاضرة في نادي الدفاع الجوي، بالحزم الشديد في مواجهة استخدام فلول النظام السابق للبلطجية لترويع المواطنين والاعتداء عليهم. وكان عدد من البلطجية والمحسوبين على التيار السلفي قاموا بالتحرش والاعتداء على مظاهرة نسائية في ميدان التحرير بمناسبة يوم المرأة العالمي، وهتف بعضهم ‘الشعب يريد اسقاط النسوان’، كما هتف اخرون ‘الشعب يريد تكريم الرئيس’. وجاء في بيان حكومي امس ان مجلس الوزراء الذي ‘يتابع ببالغ الاهتمام والقلق ما يدور في البلاد’ درس في اجتماعه الاربعاء ‘الموقف الحالي في البلاد وبصفة خاصة الظواهر والممارسات التي كان من شأنها عرقلة انتظام الحياة الطبيعية والتسبب في حدوث حالة من الانفلات الامني وانتشار اعمال البلطجة وترويع المواطنين الامنين فضلا عن مظاهر التوتر التي تمس الوحدة الوطنية’. واعد المجلس مشروعا لتعديل قانون العقوبات يتضمن ‘تغليظا للعقوبات في جرائم البلطجة والترويع والتخويف لتصل الى الاعدام اذا ما افضت هذه الجرائم الى الموت’. ورغم الاعلان عن عودة قوات الشرطة الى عملها اليوم الخميس للمرة الاولى منذ اختفائها في الثامن والعشرين من كانون الثاني/يناير الماضي او (جمعة الغضب) فان مخاوف واسعة مازالت تسود الشارع من عواقب حالة الانفلات الامني، وانتشار البلطجة ونذر الفتنة الطائفية. وربط مراقبون بين حادث احراق كنيسة اطفيح ووثائق تابعة لامن الدولة تم العثور عليها في القاهرة قبل عدة ايام وتكشف تورط وزير الداخلية الاسبق حبيب العادلي في تدبير تفجير كنيسة القديسين. واشاروا الى ان علاقة وثيقة ربطت جهاز امن الدولة وبعض السلفيين الذين تلقوا تكليفات بتحريم التظاهر واصدار فتاوى مؤيدة للنظام، حتى ان احداها اهدرت دم المعارض الدكتور محمد البرادعي. وكان عشرات السلفيين خرجوا في مظاهرة امس الاول مطالبين بالكشف عن مصير كاميليا شحاتة، واشتبكوا مع عدد من الاقباط الذين قطعوا الطريق الدائري حول القاهرة، واستمروا في التظاهر واحداث الشغب، رغم تعهد الجيش باعادة بناء الكنيسة في المكان نفسه، وباسرع وقت ممكن لتكون جاهزة في عيد القيامة بعد عدة اسابيع. وقللت تقارير من الانباء حول حرق الكنيسة واكدت ان الكنيسة مازالت قائمة وان الاضرار اقتصرت على دار مناسبات ملحقة بها. ويبدو ان فلول النظام السابق يقومون مستخدمين ما لديهم من اموال طائلة ونفوذ في اجهزة الامن بحملة منسقة لتشويه الثورة وحرف الانظار عن امبراطورية الفساد التي بدأت في الظهور بعد التحفظ على اموال مبارك وعائلته وبعض اعوانه. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 09 فيفري 2011)
عقدت الهيئة العربية الدولية لإعمار غزة أول صفقة لإدخال مواد بناء بشكل رسمي, مع شركة بريطانية وائتلاف مصري لكسر الحصار, عن طريق معبر رفح البري إلى القطاع. وكان وفد من « التحالف الدولي لإنهاء حصار غزة » وصل بداية الأسبوع الجاري عبر معبر رفح إلى القطاع كأول وفد تضامني يصل غزة منذ الثورة المصرية في 25 يناير، حاملا معه كيس أسمنت، كتعبير رمزي للتأكيد على ضرورة السماح بإدخال المواد الغذائية ومواد البناء لغزة من أجل إعادة إعمار المنازل والمباني التي هدمت خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة. وأوضح رئيس الهيئة في غزة ونقيب المهندسين الفلسطينيين كنعان عبيد أن هذه الصفقة الأولى من نوعها تمت بين شركة « Aloha Palestine » البريطانية والائتلاف المصري الدولي لكسر الحصار وإعمار غزة، بعد نجاح المتضامنين الأوروبيين في إدخال أول كيس إسمنت من معبر رفح. واتفق كل من عبيد ومدير الائتلاف المصري أحمد العاصي والمدير العام للشركة البريطانية كين أوكيفي برعاية نقابة المهندسين بمحافظات غزة على أن تقوم الهيئة بشراء عشرة أطنان من الإسمنت المصري. وعلى أن تتكفل الشركة البريطانية عبر القانون التجاري الدولي بإدخال هذه المواد من معبر رفح، حيث سيكون دور الائتلاف المصري إيجاد ضغط شعبي للسماح لهذه الشحنة بالدخول إلى القطاع. وأشار عبيد إلى أن الصفقة تعد رمزية، كاشفاً النقاب عن أنه إذا نجحت بالوصول إلى غزة فسيتم إبرام صفقات على مستوى أكبر يتم فيها الاستغناء كاملا عن إدخال مواد البناء عن طريق المعابر الإسرائيلية. وأشاد نقيب المهندسين الفلسطينيين بدور الجيش والحكومة المصرية الجديدة للسماح للمتضامنين الأوروبيين بإدخال أول كيس إسمنت بشكل رسمي من خلال معبر رفح البري. وأوضح أوكيفي أن شركته ذات العلاقات الدولية ستضمن من خلال القانون التجاري الدولي دخول هذه الشحنة لغزة عن طريق معبر رفح البري، حيث لا يوجد قانون يمنع من إدخال مواد البناء عن طريق معبر رفح. وأفاد العاصي أن الائتلاف المصري سيسعى خلال الأيام القادمة لعقد اجتماع مع وزير الخارجية بالحكومة المصرية الجديدة نبيل العربي، والمجلس الأعلى للقوات المسلحة لوضعهم في صورة هذه الصفقة والطلب منهم تسهيل إنجازها والمحاولة لترتيب صفقات أخرى أكبر، بحيث يمكن لهذه الصفقات فتح آفاق جديدة للاقتصاد المصري والفلسطيني على حد سواء. المصدر:قدس برس (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 10 فيفري 2011)
طبيعة الثورة العربية: تونس ومصر وليبيا
د. بشير نافع
ثمة جدل متصل حول الثورات التي اجتاحت العالم العربي خلال الشهرين الماضيين، جدل يتعلق بطبيعة هذه الثورات، بما إن كان يمكن أصلاً وصفها بالثورات، وبما إن كانت في الحالتين التونسية والمصرية على الأقل قد أنجزت أهدافها. ولأن للثورات سجلاً في التاريخ الحديث، متفقا عليه بهذا القدر أو ذاك، فلا مفر من مقارنة الثورات العربية بسابقاتها في العالم، بدءاً بالثورة الفرنسية ووصولاً إلى الثورة الإيرانية.
شهدت الثورة الفرنسية، مثلاً، حراكاً شعبياً هائلاً، يرى الآن من زاوية الصراع الطبقي في مجتمع نهايات القرن الثامن عشر الفرنسي وصعود الطبقة الوسطى. وبالرغم من أن الثورة الفرنسية أطاحت بالملكية وسلطة الكنيسة، وشهدت فصولاً دموية وإرهاباً واسع النطاق، لم تستطع في النهاية أن تؤسس لاستقرار سياسي في فرنسا، التي وقعت فريسة لأحلام إمبراطورية، وحروب أوروبية عاصفة، وانتقالات متتالية من النظام الإمبراطوري إلى النظام الجمهوري. في منتصف القرن التاسع عشر، شهدت أوروبا موجة واسعة من الثورات، ولكن هذه الثورات لم تحقق إنجازات ملموسة مباشرة، وإن تركت أثراً بطيئاً وبعيداً على عملية التحول الديمقراطي في أنحاء القارة. وليس هناك ثمة شك في أن الثورة الروسية في 1917 أصبحت علامة بارزة في تاريخ الثورات، وأنها طبعت القرن العشرين بطابعها، ليس فقط لعمق أثرها على مجتمعات الإمبراطورية الروسية، ولكن أيضاً للدور الذي لعبه النظام الشيوعي في توازنات القوى العالمية. انطلقت الثورة الروسية من عبء الهزائم الروسية الثقيلة في الحرب العالمية الأولى، ومن تفاقم سيطرة نظام طبقي استبدادي وكنيسة وثيقة الصلة به. وبالرغم من أن التوجهات المبكرة للثورة كانت ديمقراطية بامتياز إلا أن التنظيم المحكم للبلاشفة، الذين كانوا مجرد مجموعة صغيرة في صفوف الثائرين، ساعدهم في النهاية على السيطرة على مقدرات الثورة والبلاد. وربما شهدت الثورة الإيرانية في 1979 تحولاً شبيهاً في مقدرات الثورة عندما حققت القوى الإسلامية الأكثر تنظيماً صعوداً حثيثاً خلال شهور الثورة الطويلة والدموية، لتنجح في النهاية في إقامة الجمهورية الإسلامية وتهميش كافة التيارات السياسية الأخرى التي شاركت في الثورة.
طرحت الثورة الفرنسية شعارات وأسست لقيم جديدة في مجالات السياسة والحكم والاجتماع؛ ولكن من الصعب القول أن الثورة كانت نتاجاً أو انعكاساً لمنظومة أيديولوجية محكمة. مهما كان الأمر، فإن عصر الأيديولوجيات الحديثة لم يكن قد تبلور بعد. أما الثورة الروسية في طورها البلشفي والثورة الإيرانية في طورها الإسلامي فكانتا ثورتين أيديولوجيتين بامتياز. في كلتا الحالتين، عمل المحتوى الأيديولوجي للثورة، والعنف واسع النطاق الذي فجرته، على إطاحة نظام الحكم السابق وتقويض بنية الدولة التي استند إليها نظام الحكم. وسرعان ما عمل الثوريون المنتصرون على إقامة دولة جديدة، دولة شيوعية في الحالة الروسية ودولة إسلامية في الحالة الإيرانية، أظهرت كلتاهما قدرة أعلى على التحكم والسيطرة، بل وعلى توظيف أدوات عنف الدولة لتدمير القوى المعارضة وتأسيس حكم أيديولوجي، شمولي. ولكن الموجة الثورية الأوروبية الديمقراطية في السبعينات (أسبانيا والبرتغال) ونهاية الثمانينات (دول الكتلة الشيوعية السابقة)، فكانت مختلفة إلى كبير. هنا، اتسمت الثورات الأوروبية بطابع سلمي نسبي؛ وبالرغم من أنها جميعاً استلهمت النظام الليبرالي الرأسمالي، إلى أنها لم تستند إلى مفاهيم أيديولوجية محكمة، بل إلى مجموعة قيم سياسية. وقد انتهت جميعها تقريباً إلى أنظمة ديمقراطية ذات محتويات اجتماعية متفاوتة، أفسحت مجالاً حتى للأحزاب الشيوعية السابقة، التي استطاع بعضها، منفرداً أم متآلفاً، في بعض الحالات العودة إلى الحكم. ليست هناك ثورة جماهيرية هي صورة عن الأخرى، وإن اشتركت أحياناً في سمة ما أو عدد من السمات. وربما كان المشترك في أعلى مستوياته بين ثورات نهاية الثمانينات الأوروبية، نظراً لأنها جميعها كانت ثورات على أنظمة الحزب الشيوعي، أنها استهدفت إنجاز التحول الديمقراطي والانضواء في المنظومة الأوروبية الليبرالية. وسيكون من الخطأ الفادح النظر إلى سلسلة الثورات العربية، سواء تلك التي حققت بعضاً من أهدافها، أو تلك التي لم تزل في طريق التحقق، باعتبارها نسخة من الثورات السابقة، أو تقييمها على أساس من المعايير المستمدة من موجات الثورة السابقة في العالم.
ربما من الضروري في البداية ملاحظة التشابه الكبير بين المناخات السياسية والاجتماعية التي ولدت موجة الثورات العربية، من جهة سيطرة أنظمة مستبدة، وتحكم قلة صغيرة في مقادير الحكم والثروة، والانتشار الفادح للفساد، والإهانة العميقة التي أوقعتها هذه الأنظمة بروح الشعب والكرامة العربية. كما أن من الضروري ملاحظة الشعور العربي المشترك بالوحدة، بالرغم من الانقسام السياسي العربي العميق ورسوخ أقدام الدولة القطرية. كلا العاملين لعبا دوراً فاعلاً في إطلاق سلسلة الثورات العربية، من تونس إلى مصر، ومن ليبيا إلى اليمن. والواضح أن الثورات العربية ليست ثورات طبقية بأي حال من الأحوال؛ بمعنى أنها ثورات ما بعد النموذج الماركسي التحليلي. الاعتقاد بأن هذه ثورات الفقراء والمحرومين ليس أقل خطاً من الاعتقاد الشائع بأنها ثورات الطبقة الوسطى. خرج التونسيون والمصريون، ويقاتل الليبيون ويتظاهر اليمنيون، في عمومهم، بغض النظر عن الفئة الصغيرة التي أطلقت شرارة الثورة في كل حالة من الحالات. وهذه أيضاً ثورات ما بعد الأيديولوجيا، بمعنى أنها لا تستند إلى مرجعية أيديولوجية قاطعة. ما تستهدفه الثورات العربية هو إعلاء منظومة من القيم السياسية والاجتماعية، منظومة لا يختلف عليها حزب أو تيار، وتجمع بين طموحات المجتمع الإنساني كله، ابتداء من المطالبة بمزيد من الحرية، إقامة نظام سياسي ديمقراطي وتعددي، مواجهة الفساد، وسيادة حكم القانون.
بيد أن مسارات الثورات العربية ستختلف بالتأكيد، على الأقل في المدى القصير، نظراً للتباينات الاجتماعية والثقافية بين هذه المنطقة العربية وتلك، ونظراً للاختلافات بين أنظمة الحكم وبنى الدول القطرية. انطلقت الثورة التونسية من مدن الوسط، واتسعت سريعاً نحو الجنوب والشمال. وكما كان متوقعاً، لم تستطع إطاحة بن علي إلا بعد أن وصلت إلى العاصمة التونسية. ولكن الثورة المصرية انطلقت بداية في العاصمة، واتسعت خلال أيام قليلة إلى كافة مدن البلاد. وفي كل من تونس ومصر، لعب الجيش دوراً رئيسياً في إطاحة الرئيس السابق، عندما أصبح واضحاً أن مؤسسات التحكم الأخرى للنظام قد انهارت وأن على الجيش أن يختار بين الحفاظ على الدولة والحفاظ على نظام الحكم. في تونس، ابتعد الجيش عن ممارسة السلطة والحكم، ووفر للسياسيين المدنيين فرصة قيادة البلاد في المرحلة الانتقالية. أما في مصر، فلم يكن المخرج التونسي ممكناً، نظراً لحجم الحراك الشعبي، وصعوبة تقديم خيار دستوري مقنع للملايين الشعب الثائرة، ولأن الجيوش أصلاً مؤسسات محافظة، فليس ثمة شك في أن جنرالات الجيش في تونس ومصر لا يريدون تغييراً شاملاً وجذرياً، وأن مثل هذا التغيير سيقع فقط بفعل الضغوط الجماهيرية وصلابة الإرادة الشعبية.
والواضح الآن أن المسار الليبي سيكون أكثر اختلافاً عن المسارين التونسي والمصري، بالرغم من أن المعارضة الليبية الشعبية لا تقل اتساعاً وعمقاً عن المعارضتين التونسية والمصرية. ليست ليبيا بلداً متسع الأرجاء وحسب، ولكنه أيضاً قليل السكان نسبياً، بينما لا تقل أدوات العنف والقمع التي يمتلكها النظام الليبي حجماً وفعالية عن مثيلتها في تونس ومصر. وبينما نجحت الثورة الليبية في إطاحة أدوات النظام وسلطته في مدن بعيدة وقريبة عن العاصمة طرابلس، فإن محاولات إشعال الثورة في العاصمة لم تنجح في صورة ملموسة حتى الآن. وهذا ما أدى في النهاية إلى تحول الثورة الليبية إلى ثورة مسلحة، وإلى أن يعاني النظام من الدرس الإيراني عندما أدى وضع الجيش في مواجهة الشعب إلى تفكيك المؤسسة العسكرية وانهيارها. لم تبق في حوزة النظام الليبي سوى عاصمة مقهورة ومتذمرة ووحدات أمن متورطة في سلسلة جرائم طويلة؛ ولكن الدولة الليبية لن تخرج من النهاية بمثل التماسك الذي خرجت به الدولتان التونسية والمصرية، ليس فقط لأن دولة القذافي هي في حقيقتها شبه دولة، ولكن أيضاً لمقدار العنف الذي ولدته مواجهة النظام مع الحركة الشعبية، وللزمن الطويل نسبياً الذي تتطلبه ثورة الشعب الليبي قبل أن تحقق انتصارها.
كيف يقع حدث الثورة، وإلى أي حد ينخرط الشعب في وقائعه، هو الذي يجعل من الثورة ثورة. ولكن النتائج التي تنتهي إليها الثورات تختلف من موقع إلى آخر. ما يوحد الثورات العربية اليوم هو هدف اسقاط أنظمة الحكم، وإجراء إصلاحات عميقة في جسم الدولة، بدون إطاحتها كلية، إجراءات تكفل تحقيق الحريات والديمقراطية وحكم القانون ومحاصرة الفساد. وإن نجحت الثورتان التونسية والمصرية في اقتلاع الطبقة الحاكمة، فإن يقظة الشعبين كفيلة بإصلاح بنية الدولة وأجهزتها في البلدين. مسار الثورة الليبية بات مفتوحاً على الاحتمالات. أما في ليبيا فكل الخيارات مطروحة أمام نظام الحكم وكبار رجالات الدولة. ما لا يمكن إغفاله في النهاية أن موجة الثورات العربية ماضية في طريقها، وأنها تقدم للعالم نماذج جديدة لصلابة الإنسان العربي وحكمته، ولتصميم الشعوب العربية وسعيها لإقامة حكم عادل وبناء حياة كريمة.
(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 10 مارس 2011)
الخيار المر بين الاستبداد والاستعمار
عبد الباري عطوان
بعد أربعين عاماً من الحكم المطلق، واهدار المليارات من الدولارات لدعم صورته في العالم، وعشرات المقابلات التلفزيونية المطولة، وتوزيع ملايين النسخ من الكتاب الأخضر بكل لغات الارض، يجد الزعيم الليبي معمر القذافي نفسه بدون اصدقاء، حيث تخلى عنه الكثيرون بمن في ذلك أقرب مساعديه الذين قرروا الفرار من سفينته الغارقة.
لم أقرأ مقالاً واحداً في اي صحيفة عربية او اجنبية يذكر صاحبها الزعيم الليبي بكلمة طيبة، او يعدد انجازاته، فمن غير المعقول ان لا يكون له انجاز يتيم واحد، فالغالبية الساحقة تتحدث الآن عن ديكتاتوريته، وقمعه لشعبه، وفساد اسرته وبطانته.
نتمنى ان يقدم لنا الزعيم الليبي، او احد مساعديه اجابة قاطعة توضح اسباب هذا الجحود، ونكران الجميل، من قبل اناس كانوا حتى الامس القريب، يتلقون جوائزه، ويلقون المحاضرات في قاعات دارة الكتاب الاخضر، او اروقة معرض طرابلس للكتاب وغيرها من الفعاليات الثقافية والسياسية الاخرى. الرئيس الراحل صدام حسين، لم يكن ديمقراطياً على الاطلاق، وسجل نظامه على صعيد حقوق الانسان لم يكن وردياً، وغزت قواته دولة اخرى واحتلتها، وحارب دولة جارة لاكثر من ثماني سنوات، ولكن ظل هناك من يقول كلمة حق في صالحه، وشاهدنا عشرات الملايين من المواطنين العرب يتظاهرون في شوارع مدنهم وعواصمهم تعاطفاً معه في مواجهة المؤامرات الامريكية والاسرائيلية ضده.
العقيد معمر القذافي يواجه ثورة شعبية تريد الاطاحة بنظامه، تتحول تدريجياً الى تمرد عسكري يستعد الغرب لدعمه، بطريقة او بأخرى، فهل يا ترى سيؤدي هذا التدخل الغربي، اذا ما وقع، الى تغيير الصورة في اذهان ابناء شعبه، او قطاعات منه، وفي اذهان المواطنين العرب؟ الامر المؤكد ان الزعيم الليبي يتمنى ذلك، بل يراهن عليه، فتارة يحاول استخدام ورقة التخويف بتنظيم ‘القاعدة’، وتارة ثانية بالتلويح بورقة الاستعمار الغربي، وثالثه بورقة الفوضى، وهز استقرار المنطقة اذا سقط نظامه، وهو عدم استقرار ربما يصيب اسرائيل. ‘ ‘ ‘ لا نعتقد ان الزعيم الليبي سيجد تعاطفاً شعبياً عربياً، ولكن ما يمكن ان لا نستبعده هو انخفاض مستوى التعاطف الشعبي العربي مع معارضيه في حال حدوث التدخل العسكري الغربي لصالحهم في الازمة الحالية، لانه عندما يكون خيار المواطن العربي بين الاستبداد او الاستعمار الغربي، فان نسبة كبيرة من العرب لن يفضلوا الثاني لاسباب معقدة لها علاقة بتجارب مؤلمة مع هذا الاستعمار مخضبة بدماء ملايين الضحايا، مليون منهم سقطوا مؤخراً في العراق. الدول الغربية تستعد للتدخل عسكرياً في الازمة الليبية، وهو تدخل بدأ يتسارع مع خسارة قوات الثورة الليبية بعض المدن والمواقع التي سيطرت عليها، واكتساب القوات الموالية للنظام الليبي بعض الثقة بالنفس، وامتصاص حالة الصدمة التي سيطرت عليها، وادت الى ارتباكها في الايام الاولى من الثورة. الجنرال راسمونسن قائد حلف الناتو كشف بالامس في مؤتمره الصحافي الذي عقده بعد اجتماع مسؤولي حلفه في بروكسل، ان سفنا حربية عديدة تتوجه حاليا الى مياه البحر المتوسط لمراقبة السواحل الليبية وفرض حصار بحري تحت عنوان فرض حظر على وصول اي اسلحة للنظام. بينما تتواجد في المنطقة حاملة طائرات امريكية وثانية في الطريق.
الجنرال حدد ثلاثة امور قبل البدء في اي عمل عسكري ضد النظام الليبي:
الاول: وجود حاجة كبيرة تحتم مثل هذا العمل، اي هزيمة المعارضة، او ارتكاب قوات النظام مجازر بشرية ضد المدنيين.
الثاني: توفر اساس قانوني واضح اي صدور قرار عن مجلس الامن الدولي يؤيد التدخل العسكري.
الثالث: دعم اقليمي قوي، اي من الدول العربية على وجه الخصوص.
المعارضة الليبية لم تهزم، وما زالت تسيطر على مناطق عدة في ليبيا خاصة في المنطقة الشرقية، اما طائرات الزعيم الليبي فلم تقصف تجمعات مدنية بعد، وما يحدث في ليبيا الآن ليس ثورة سلمية مثلما كان عليه الحال في مصر وتونس، او في البحرين واليمن حاليا، وانما حرب بين قوات نظام قمعي وحركة تمرد تقاتل بأسلحة خفيفة وثقيلة بسبب انضمام وحدات من الجيش اليها.
اما اذا اتينا الى العاملين الثاني والثالث، فانه من الصعب صدور قرار عن مجلس الامن الدولي بفرض مناطق حظر جوي، او الاقدام على ضربات عسكرية منتقاة (Sergecal) ضد اهداف ليبـــية، لان روســــيا والصــــين ستصوتان ضـــده باستخدام الفيــــتو، بينما ستعارضه اربع دول اعضاء غير دائمة في مجلس الامن الدولي هي الهند والبرازيل وجنوب افريقيا ولبنان.
العامل الثالث، اي توفر دعم اقليمي للعمل العسكري هو المرجح، فدول مجلس التعاون الخليجي التي تجتمع في الرياض حاليا ستساند العمل العسكري، وستعمل على استصدار قرار من اجتماع وزراء خارجية الدول العربية الطارئ غدا في القاهرة بدعم مناطق الحظر الجوي هذه. ‘ ‘ ‘ الجامعة العربية مقدمة على انقسام خطير ربما يكون اخطر من نظيره الذي حدث اثناء اجتماع القمة الطارئ لبحث احتلال العراق للكويت. فمن المؤكد ان وزراء خارجية الجزائر وسورية والســودان وربما مصر سيعارضون اي تدخل دولي في الازمة الليبية، وقد نرى يوم الاحد المقبل معسكرين، معسكر دول ‘المع’ وهي دول الخليج مجتمعة ومعها الاردن، ومعسكر دول ‘الضد’ وهي الجزائر والسودان وسورية ولبنان وربما العراق ايضا (يا للمصادفة). نحن وباختصار شديد امام حرب قد تطول، وثورة شعبية تتعرض للخطف والتشويه معا، والاعترافات الغربية المتسارعة بالمجلس الوطني الانتقالي الليبي، والزيارة المقبلة للسيدة هيلاري كلينتون لمدينة بنغازي للقاء المعارضة الليبية واللقاءات في واشنطن واوروبا ثم لقاء قائد المجلس القاضي الفاضل مصطفى عبد الجليل قد تضر بهذه الثورة اكثر مما تنفعها.
لا نختلف مع تقديرات الكثيرين في ان نظام العقيد معمر القذافي قد يسقط في نهاية المطاف مع تآكل ما تبقى من شرعيته وازدياد الخناق عليه، ولكن ما نختلف عليه معهم، هو انه ليس ساذجا، وهو قطعا مختلف عن رأسي النظامين المصري والتونسي في عزمه على القتال وعدم الاستسلام بسهولة. التدخل الغربي المدعوم من قبـــل بعـــض الدول العــــربــــية، يريد اجــــهاض الربيع الديمقراطي العربي، من حيث استخدام النموذج الحالي كفزاعة لتشويه الثورات المقبلة، ووضع العصي في دواليبها، وتكريس المقولة الزائفة التي تربط هذه الثورات بالغرب والولايات المتحدة على وجه الخصوص. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 10 مارس 2011)