TUNISNEWS
7 ème année, N° 2174 du 05.05.2006
الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: بــــــلاغنقابة الصحفيين التونسيين: بيان اليوم العالمي لحرية الصحافة الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان: الرابطة تحتفل بعيد ميلادها التاسع والعشرين تحت الحصار الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان :نـــــداء عاجــــل الوسط التونسية: بوخذير يواصل العلاج بمنزله و يتهم السلطات التونسية بمحاولة إغتياله الرابطة التونسية لأصحاب الشهادات العاطلين عن العمل : نداءالرباط رويترز: صحافيون تونسيون يشتكون من الرقابة المسلطة عليهم قنا: لبحث تعزيز التعاون .. مؤتمر وزراء السياحة لدول مجموعة «5 زائد 5» يعقد في تونس
الشرق الأوسط : أكثر من 5 ملايين سائح في تونس الصيف الماضيالشرق : غلق وكالات سفر وفنادق بسبب تجاوزات مخلة بالسياحة في تونس المنصف بن سالم: محنة المساجين السياسيين في تونسصابر مرابط: النظام التونسي وسياسة التنكيل والتضييق عبدالله النوري: إلى المغتربين قسراصابر التونسي: كفى يا لوز « فك يزّى » بوعبدالله بوعبدالله: ردا على الأخ محسن الجندوبي, لا تتخذ من معاناة الشيخ اللوز مطية لإذاء الخرين د. خالد الطراولي: المشروع الإسلامي التونسي وحسم الصراع العروسي الهاني: خواطر حول مزيد العناية بالجوانب الأخلاقية وحسن المعاملة لرموز الوطن وعلى رأسهم الحبيب بورقيبة آمال موسى: أوركسترا قوى الشدّ إلى الوراء! مؤسسة التميمي: منبر نقاش حول التحول النقابي بالبلاد التونسية 1976-1986 ودور فاعلين نقابيين عـبد الله الحوراني: أين موقع حماس الصحيح.. في السلطة أم المعارضة؟ د. بشير موسي نافع: إيران والشرق في عين العاصفة من جديدغسان شربل: جثث مجهولة الهوية الحياة: «الآنسات القبيسيات» يباشرن في سورية انخراط النساء في «الدعوة الإسلامية» … بموافقة السلطات
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).
|
قناة الحوار تستعيد البثّ ابتداء من الأحد المقبل 7 ماي 2006
كل يوم أحد من الساعة الواحدة الى الثالثة بعد الزوال كل يوم أربعاء من الساعة السابعة الى التاسعة مساء. احداثيات القناة Hotbird 1 – 13° Est — FEC ¾ —–Fréquence : 11534 —–Polarisation : Verticale—–Symbol rate : 27.500 –Canal : ArcoirisTV
بيان اليوم العالمي لحرية الصحافة
الرابطة تحتفل بعيد ميلادها التاسع والعشرين تحت الحصار
الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان
21، نهج بودلير – العمران – 1005 تونس
الهاتف : 71.280596 – الفاكس : 71.892866
البريد الإلكتروني : ltdhcongres6@yahoo.fr
أخبار سريعة
قامت الهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان باستدعاء أعضاء هيئات فروعها والمنخرطين وفعاليات المجتمع المدني والأحزاب السياسية وأعضاء السلك الدبلوماسي للحضور اليوم 05 ماي 2006 بالمقر المركزي للرابطة بتونس في ذكرى الإحتفال بتاريخ تأسيس الرابطة.
وبعد أن كانت الطرق المؤدية للمقر مفتوحة فتمكن بعض هيئات فروع الذين قدموا باكرا من الدخول (المهدية، المنستير وباجة) قطعت الطرق فجأة حوالي الساعة الخامسة والنصف مساء ومنع كل المتوجهين إليه من الدخول ووقع الإعتداء بالعنف على بعضهم وهو ما تعرض له رئيس فرع ماطر السيد محمد الصالح النهدي.
وخصصت معاملة خاصة بأعضاء السلك الدبلوماسي الذين تركوهم يدخلون المقر وقد استغل بعض المدعوين الذين قدموا صدفة في سياراتهم في نفس اللحظة مع بعض أعضاء السلك الدبلوماسي هذه الفرصة فتمكنوا من الدخول. وكان أعوان الأمن لا يريدون منع المدعوين من الدخول على مرأى ومسمع من هؤلاء.
*****************
سمح أعوان الأمن لبعض المدعوين بالدخول بعد أن احتجوا بقوة. وسمحوا أحيانا بدخول البعض ورفض البعض الآخر بدون تقديم أي سبب. فقد منع السيد خميس الشماري النائب السابق لرئيس الرابطة والسيدة أحلام بلحاج رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات وغيرهم كثير.
*****************
طارد أعوان الأمن أعضاء هيئات الفروع ومنخرطين ومدعوين لإجبارهم على مغادرة المكان ولما التجؤوا للجلوس في المقاهي المجاورة منعوا عنهم ذلك وأجبروهم على المغادرة باستعمال العنف وقد عنفوا نائب رئيس فرع ماطر السيد الشاذلي المغراوي وأخذوه عنوة إلى السيارة التي قدم فيها مع السيدين محمد الصالح النهدي وفتحي المغراوي عضو هيئة الفرع وأركبوهم بالقوة وطلبوا منهم مغادرة المكان، وكان صحبتهم أنذاك السادة علي بن تغرويت كاتب عام فرع بنزرت وحمادي الزغبي رئيس فرع باردو- العمران – المنزه وسليم البلغوثي عضو هيئة فرع بنزرت الذين لقوا نفس المعاملة.
*****************
حضر من السلك الدبلوماسي كل من السادة :
Per Kr. PEDERSEN, Ambassadeur de Norvège
Julita BAS, Premier Secrétaire – Ambassade de Pologne
Krista NAPOLA, Premier Secrétaire – Ambassade de Finlande
Javier PERIG, Conseiller – Ambassade d’Espagne
Peter SCHMIDT, Ambassadeur d’Allemagne
William J. HUDSOW, Ambassade USA
Laf RINQQUIST, chargé d’Affaires – Ambassade de Suède
Dominique WAAG, Premier Secrétaire – Ambassade de France
Hidekazn NAGAZAWA, Conseiller – Ambassade du Japon
Pierre De GRAFFENRIED, Ambassadeur de Suisse
*****************
رغم المنع والقمع والعمل على إفشال الإحتفال تدخل رئيس الرابطة في الحاضرين الذين تمكنوا من الدخول قد كان بجانبه كل من الرئيسين الشرفيين للرابطة الأستاذ توفيق بودربالة والدكتور محمد الشرفي وألقى كلمة تعرض فيها لمجمل الإعتداءات على الرابطة التي حصلت منذ خمس سنوات من طرف السلطة أو بسعي منها والطرق التي استعملتها لشلّ عمل الرابطة ومنعها من إنجاز مؤتمرها السادس، وأكد على عزيمة الرابطيين الكبيرة للقيام بمهامهم.
صحافيون تونسيون يشتكون من الرقابة المسلطة عليهم
تونس (رويترز) – قالت جمعية الصحافيين التونسيين يوم الخميس ان واقع الصحافة في تونس لا يزال يعاني من عدة عراقيل من بينها الرقابة المفروضة على الصحفيين واستعمال بعض الصحف في شن حملات تشويه لبعض الاشخاص.
وقال تقرير لجمعية الصحافيين التي ينظر إليها على نطاق واسع على انها مقربة من الحكومة انها سجلت العديد من الانتهاكات.
وأضاف التقرير الذي نشر بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة « الصحافيون يشتكون باستمرار من الرقابة المفرطة وبدون مبررات موضوعية من قبل مسؤولي التحرير ».
ونددت الجمعية التي تضم أكثر من 600 عضو بلجوء بعض الصحف إلى « الحملات الإعلامية الموجهة والاتهامات الأخلاقية وهتك الأعراض والتخوين » واعتبرته « مخلا بشرف المهنة ».
ويشير التقرير على ما يبدو إلى شكوى معارضين تونسيين من حملات تشويهية شنتها صحف مقربة للحكومة بسب مواقفهم السياسية.
وعبرت الجمعية عن « أملها عدم حظر الدخول لبعض مواقع الانترنت منها موقع الاتحاد الدولي للصحافيين ».
وناشدت عواصم غربية تونس التي استضافت العام الماضي قمة عالمية للمعلوماتية ضرورة اتاحة الوصول للانترنت بحرية.
وتعهد الرئيس التونسي زين العابدين بن علي يوم الاربعاء « بمزيد دعم حرية الصحافة في بلاده ».
وتؤكد تونس باستمرار ان الصحافة حرة وان جميع الصحافيين يمارسون عملهم بكامل الحرية ودون قيود. وتقول إن اكثر من 240 صحيفة ومجلة تونسية تصدر بانتظام وبحرية تامة.
كما عبر تقرير جمعية الصحافيين عن « الانشغال من عدم توزيع بعض الصحف الأجنبية ».
واشادت الجمعية بالدعم الذي تقدمه الدولة لصحافة الأحزاب غير انها اعتبرت ان الصحافة الحزبية في تونس لا تزال رغم ذلك في غالب الاحيان متسمة بالجمود والرتابة ولم تفرق بين العمل الصحفي والسياسي.
(المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 4 ماي 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)
بوخذير يواصل العلاج بمنزله و يتهم السلطات التونسية بمحاولة إغتياله
النضال ضد الإقصاء الاجتماعي والبطالة وحول الهجرة السرية
» بمدينة الرباط المغربية أيام 13-14 ماي 2006
برنامج الملتقى الدولي حول « البطالة و الإقصاء الإجتماعي »
الاسلاميون واشكالية الاصلاح والتغيير
مداخلة الدكتور عمرو الشوبكي ( مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية) بحضور العديد من الوجوه الفكرية والسياسية العربية. الأحد الموافق السابع ماي 2006 وذلك على الساعة 15H30 الأحد 7ماي 2006 – بقاعة الـ :AGK العنوان: 177 rue Charonne 75011 Métro Alexandre Dumas الملتقى الثقافي العربي الأوروبي Renseignements : 06.60.33.84.04
لبحث تعزيز التعاون .. مؤتمر وزراء السياحة لدول مجموعة «5 زائد 5» يعقد في تونس
أكثر من 5 ملايين سائح في تونس الصيف الماضي
غلق وكالات سفر وفنادق بسبب تجاوزات مخلة بالسياحة في تونس
محنة المساجين السياسيين في تونس
النظام التونسي وسياسة التنكيل والتضييق
إهداء الى كل المساجين في تونس
لست أبكي لعسف ليل طويل ، أو لـربـيعٍ غــدا الـعـفـآء مـراحــه إنـمـا عبـرتـي لخـطـبٍ ثقـيـلٍ، قد عرانا، ولـم نجـد مـن أزاحـه كلّمـا قـام فـي الـبـلاد خطـيـب مـوقـظ شعـبـه يـريـد صـلاحــه ألبسوا روحـه قميـص اضطهـادٍ فـاتــكٍ شـائــك يـــرد جـمـاحـه أخمدوا صوته الإلهـي بالعسـف أمــاتـــوا صــداحـــه ونــواحـــه توخّوا طرائق العسف والإرهاق تـــواً ومـــا تــوخّــوا سـمـاحــه هكذا المخلصون في كل صـوبٍ رشقـات الـردّى إليـهـم متـاحـه غــيــر أنــــاّ تنـاوبـتـنـا الــرزّايــا واستباحت حمانـا ايّ استباحـه أنـا يـا تونـس الجميلـة فـي لـج الـهـوى قــد سبـحـت سـبـاحـه شرعتـي حبّـكِ العميـق وإنّـي قـــد تـذوقــت مـــره وقـراحــه لسـت أنصـاع للّواحـي لـو مـت وقامـت علـى شبابـي المناحـه لا ابـالـي ..وإن أريـقـت دمـائـي فدمـاء العـشـاق دومــاً مبـاحـه وبطـول المـدى تـريـك الليـالـي صادق الحـب والـولاء وسجاحـه إن ذا عصـر ظلـمـةٍ غـيـر أنــي من وراء الظلام شمـت صباحـه ضيع الدهر مجد شعبـي ولكـن سـتـرد الحـيـاة يـومـا وشـاحـه الشاعر: أبو القاسم الشابي
إلى المغتربين قسرا
إليكم أيها المهجرون أوجه خطابي …
إليكم يا من أُخرجتم من دياركم وفارقتم الوطن الحبيب تونس أطلق ندائي…
يا من فكرتم مليا فقدرتم ثم اخترتم الانحياز إلى جانب المظلومين …
يا من قررتم عن طواعية أن تقفوا في الخط الأمامي فصدعتم بالكلمة الحرة وأنتم تعرفون ولاريب أن أمامكم عقبات كؤودة …
يا من تسعون بالليل والنهار لتكدحوا من أجل الأبناء والولدان ليعيشوا في رِفَلٍّ من الحياة ويعود أحدكم من كدحه فيجد أبناءه في استقباله ضاحكين مستبشرين فتعود البسمة ويزول الكدر ..
يا من تتنسمون عبقة ولو فاترة من عبقات الحرية ..
يا كل هؤلاء أحيلكم إلى مشهد آخر أذكر به نفسي وإياكم ..
مشهد فضيع مريع صنعه زبانية لا يعرفون رحمة و لا يرعون حقا ، فضاءاته ضيقة ضيق أفق من شيده ، إنه مشهد أؤلئك الأسود الرابضة في السجن الصغير والكبير .
أيها المهجرون :أؤلئك الأشاوس محرومون من لذة النوم ، ممنوعون من الكلام حتى مع أنفسهم ، منقطعون عن العالم الخارجي ،لا يتنعمون برؤية فلذات أكبادهم مثلما نتنعم صباحا ومساء وفوق هذا كله تفزعنا الأنباء عنهم أنهم مستدرجون إلى موت بطيء لاقدر الله فأصبح بنيان أبدانهم ينهدم من كثرة الأمراض ،
أيها المغترب قسرا :المساجين السياسيون في حا جة مني ومنك إلى لفتة ولو بسيطة فهل تنويّت مكانا عليّا وأعطيت من وقتك ولو اليسير منه وتنصفت كل المحافل لنصرة أولئك الرجال الذين يألمون ولايرجون إلا نصرة قضية شعبهم ولذلك ضحوا بأنفسهم وقدموا الغالي والنفيس ولم يبالوا ولم يكلوا ولم يملوا وما دب إلى قلبهم اليأس ..
أيها المهجر مثلي: تصور نفسك مكان أي منهم ماذا كنت فاعلا ، تخيل أنك تشاهدهم وهم يعذبون ، تخيل أنهم يبحثون عن العلاج والدواء فلا يجدون ، تخيل أن الشيخ الحبيب اللوز يحييك مناديا أني فقدت نصف البصر ولا البصيرة ويوشك أن لا أرى أبنائي بالمرة كما ترى أبناءك كل يوم ، فماذا عساك تجيب أم أنك ستصم آذانك وتتلهى بما توهم به نفسك أنك تفعل شيئا وما أنت بصانع شيء إن لم تعزم وتتوكل وتنضم إلى صف المناضلين الذين يقفون في الخط الأمامي كما كنت لما خرجت مُكرها ،
أيها المغتربون : إننا إننا أصحاب إجانة واحدة فلنتعاون على إزالة الأدران مجتمعين ونحثو الغُسالة على وجوه الطغاة المتجبرين ..
وإلى مصافحة أخرى أيها المغتربون قسرا
عبدالله النوري ألمانيا
كفى يا لوز « فك يزّى »
1ـ تعلم
كيف لا تتكلم
حين تعلم
أنه قد كان أحتم
أن تكون مثل كل البكم أبكم !
2ـ وتعلم
حين تظلم
أو ترى حقك يهضم
أن تُحمحم
وتقول الله أرحم!
3ـ وتعلم
حين تؤمر
أن تُنعِّم
وتقول الله أعلم!
4 ـ وتعلم
أن تُبلِّغ
دون ستر أو تمنّع
كلّ أمر
عند أولي الأمر ينفع!
وأما أنتم يا من ترفعون لواء المناصرة وترددون مع العطار في كل محفل:
والدين في قبضة الطاغوت مرْتَهَنٌ*** والفِكرُ في القيد والأحرارُ في الرَّجَمِ
والسجنُ بحرٌ من الأهوال قد هلَكتْ*** فيه النفوسُ وأمواجٌ من الألـــــــــــمِ
جهنّمٌ، وعذابٌ غيرُ محتشـــــــــــمٍ،*** لكلُّ حرّ كريمِ النّفسِ مُحْتَشِـــــــــــمِ
أنّى اتّجهتُ ففي سمعي مواجعُهُـــمْ ***في باسِمِ الفجرِ أو في عابِسِ الغَسَــمِ
نداؤهم في فؤادي غير منقطـــــــعٍ ***وجرحهُمْ في ضلوعي غير مُلتَئِـــــمِ
ألا تسمحون لغيركم أن يقول :
صبرت حتى ملّ من صبري الصبر *** وقلت غدا أو بعده ينجلي الأمر!
فإذا الغد عمرا بأكمله !!! متى تفتح تونس ذراعيها لكل بنيها حتى يقبلوا رأسها ويمسحوا دمعهم في احمرار علمها كما قال بحري العرفاوي؟؟ متى نزور المتحف الرائع الذي رسمه لنا السيد عبد الله الزواري؟؟ (متحف القمع) متى يغني السيد عبدالله الهمامي « يا تونس ما أحلاك فرحانة » فيطرب سامعيه بدل أن يغني: » يا تونس وااشبيك حزينة » ؟؟؟ وعسى أن يكون قريبا!! صــابر التونسي
لا تتخذ من معاناة الشيخ اللوز مطية لإذاء الخرين
بوعبدالله بوعبدالله
كتب الأخ محسن الجندوبي رسالة يتحدث فيها عن معاناة الشيخ الحبيب اللوز , امر جميل ورائع وكان عليه ان يحذو حذو كلام الأخ وليد البناني والأخ هادي بريك والشيخ الزمزمي,أما ان ينزلق الأخ للتهكم والشتم فهذا لا يليق بقيادي وعضو مجلس شورى لحركة اسلامية منذ عدة سنوات , يشتم من ؟ ويتهكم عن من ؟ يشتم من كانوا معه في يوم من الأيام في حركة واحدة ويتهكم عليهم وهو يكتب رسالة يدعوا فيها للوقوف مع الشيخ الحبيب اللوز ,اذا لمن توجه نداءك يا اخي محسن ؟
ابتعاد بعض ابناء الحركة عن التنظيم وتوجه البعض منهم للدعوة للعودة للبلاد ,وحصول البعض منهم على جواز سفره والعودة للبلاد لا يعني ابدا تخليهم عن مبادئهم الإسلامية ولا تخاذلهم ولا تراجعهم, وهذا الإبتعاد عن التنظيم لا يعني ايضا ان من بقي فيه هو اكثر جهادا ونضالا ودفاعا وووو عن القضية الإسلامية في تونس.
واني اسالك ماذا قدمت انت للقضية ؟ خرجت من البلاد وتركت اخوانك في السجن بعد ان وعدتهم تلك الوعود , وهم ينتظرون عودتك لتخرجهم من ظلمات السجن لقد انتظرناك اياما بل اسابيع بل شهور بل سنوات بل قرابة عقدين من الزمن اين اختفيت ؟ لماذا لم تات لآخراجنا ؟ اين انت طيلة هذه المدة بل هذا العمر؟ اين انت في سنة 91 واين انت في 92 واين انت في 93 حتى لا اطيل عليك تعداد السنين نختصر الأمر اين انت الآن 2006 . قرابة 17 سنة قضاها اخوانك في السجون تحت الظلم والإستبداد والجبروت , وانت اين قضيتها في نعيم الدنيا تنتقل من لذة الى لذة . وتجتهد لرفع المعاناة عنا ونحن وراء القضبان ببيان ثم بيان ثم بيان , العالم باسره يعلم حجم ماساة المساجين الإسلاميين في تونس انت تدعوهم لنصرتك وهم يردون عليك : انقذ نفسك بنفسك ويذكرونك بقوله تعالى{ قل هو من عند انفسكم } البيانات لا تجدي والشعارات والتجمعات لا تجدي ولا تخرج من السجن فماذا انت فاعل؟ تتهكم على غيرك من الذي اختاروا ورفعوا شعار العودة . تقول فيهم : إنّ قائمة المظالم تطول و لكن المهرولين و أصحاب الخلاص الفردي لا يبصرون لا يبصرون ماذا ؟ الحقيقة لعلهم ادركوه وانت لا زلت عنها غافلا ؟ او المظالم في تونس فهذه لا ينكرها احد بل سلطة تقر بها وتتحدى خصومها.
اما قولك : لا تسمعوا لمن ضعفت نفسه فتنكّب الصراط و قال إنّ حصولي على جواز و دخول تونس يخدم الدعوة!!!!!!!! هذا كلام يمسني شخصيا نعم حصلت على جواز سفري التونسي واعتز به كوثيقة تونسية وطنية اشرف عندي من التجنيس والإستطان في الغرب فالجواز وثيقة وطنية وحق من حقوقي كمواطن وهو مطلب الاف من اخوانك الذين غادروا السجون أما سالت نفسك لماذا يحرصون على الحصول عليه ؟
وماذا تقول في حرص و حصول البعض منكم على جنسيات دول غربية ؟ في نظرك جواز سفر الماني قد يمنحك حرية تنقل اكثر وتزداد شرفا بان تمنحك المانيا صفة المواطنة اما انا فيشرفني ان احصل على جواز تونسي ويتحصل ابنائي على هويتهم التونسية فلا تتهمنا في وطنيتنا ولا في نضالنا .
اما الدعوة في تونس فابشرك بان هذه الدعوة ستصلك الى المانيا ونحن -اي انا وانت وامثالنا- من كنا دعاة بالماضي ستتم دعوتنا [الفارين والمقيمين خارج الحدود ] هذه المرة من جيل لا نعرفه خلق بعد ان رمتنا البلاد خارج حدودها فنحن لم نعد دعاة بل في حاجة لمن يدعونا ويذكرنا بالله .
اخي العودة حق والخلاص الفردي اصبح واقعا و حقيقة في غياب الخلاص الجماعي الذي تنادي به فمن سلك طريقا للعودة فالتمس له عذرا ولا تتهكم عليه , كما التمسنا لكم عذرا يوم تجمهرتم وطالبتم بحق التحاق زوجاتكم وعائلاتكم بكم فلا احد احتج عليكم من المساجين انت تطالب ان تضطجع مع زوجتك واخوانك في السجون في سنة 93 و 94 يطالبون بمجرد رؤية ابنائهم وامهاتهم . مالذي حصل؟ استجاب لكم النظام ومكنكم من مطلبكم فخرجت الزوجات مسرعات بجوزات سفر تونسية من دون حتى ان تودع جارتها التي زوجها يقبع في السجن وسرعان ما احتضتموهن وانجبتم الذرية , بينما نحن لم يستجب النظام لمطلبنا في حق رؤية الوالدين وحرمنا من رؤيتهم فلم نرهم الا عند خروجنا من السجن. ايه يا محسن من ذاق الألم ليس كمن سمع به او تحدث به .
الشيخ الحبيب اللوز حفظه الله قال لي مرة : { لو اني لم اضطر لأخراج الأخ وليد البناني لما سمحت لأحد من القيادات بالخروج فانا ارفض الخروج من اصله, السجن ولا الخروج} هذا كلام حدثنيه اخي الفاضل الحبيب اللوز منذ سنين . والآن اقولها ايضا نعم السجن ولا الخروج . واي باب مفتوح لا تغلقوه لا تغلقوه لا تغلقوه.
اما حديثك عن الشيخ الحبيب اللوز ودعوتك لمناصرته فهذا اضعف الإيمان وهو رجل بدات معاناة البصر عنده تزداد منذ سنة 94 فقد عشت معه مدة طويلة في زنزانة واحدة وكان يضع العدسات ومع العدسات يستعمل صنفين من النظارات واحدة للقراءة والأخرى للمساعدة على النظر واذا نزع العدسات بالليل فانه يصبح كالأعمى ولقد اسر لي مرة انه يحس فعلا بنقص حاد في البصر , كان انيسه المصحف دائما يعود اليه ولا يتركه الا لممارسة الرياضة او اذا شعر بالألم في عينيه . دائما بلباسه التقليدي الجبة والسروال العربي , قال لي مرة انه يحس ان سجنه سيطول وانه اخر من سيخرج من السجن, نسال الله له ولإخوانه ولنا السلامة. ان الرابطة التي جمعت بين الإخوة في السجون قوية جدا ولها طعم خاص بها ولا يدركه الا من عاش هذه المرحلة انها خالصة لله تعالى. ليتني استشهدت مع من استشهد وليتني بقيت في بلدي بين اخواني اشاركهم احزانهم على ان اخرج لأخوان فاشاركهم ملذات الدنيا ثم ننسب لأنفسنا الجهاد والنضال . ارحمونا واعينونا بصمتكم يرحمكم الله ويكفي مزايدات فالنضال فعل وفعل مستمر وليس مجرد كلام.
بوعبدالله بوعبدالله
سويسرا
المشروع الإسلامي التونسي وحسم الصراع
الجزء الأول : الإطار التونسي في الميزان
د. خالد الطراولي ktraouli@yahoo.fr يتواصل مسلسل التجاذب والتنافر بين أطراف الشأن السياسي من معارضات وسلطات ، بين شعوب وحكام، من أجل غاية نبيلة وشريفة هي العمل من أجل الصالح العام عبر مراكز القرار والقوة في البلاد. ليس عيبا أن يطمح الفرد والمجموعة إلى الحصول على التمكين الأعظم حتى يطرح برنامجه وينزّل رؤيته ويقود البلاد والعباد إلى شاطئ السلامة والرقي!. يبدو الحديث نموذجيا ولعله مثاليا ولعله يطرق أبواب الأحلام والأماني لما نريده لبلداننا، ولكنه الحقيقة والواقع في أرض سليمة واعية وراشدة، وهو من المسلمات والبديهيات التي تعيشها الشعوب التي تنزّل إراداتها ومن الحكام التي تحترمها. هذا الصراع المدني والسلمي الذي يمثل إحدى خصائص المجتمعات المتحضرة والواعية بدورها الإنساني والحضاري يكاد ينعدم في بلداننا، وهو أحد أهم أسباب تقهقرنا وزيادة تخلفنا، ولن نكرر الحديث في شأنه فقد أصبح علما شائعا داخل بيوت العامة، وحتى في قصور الحكام والقادة. فلا سلطة مدنية بدون صراع سلمي ومدني، ولا مسارا سليما للحكم بدون منهجية للتداول والقبول بالآخر، ولا سلوكا غير منحرف في القيادة والحكم بدون ثقافة وعقلية سليمة لدى العامة والخاصة، تبحر في تاريخهم السوي، وترسي في حاضرهم بكل هدوء ورشد ووعي وسلام. في هذا الإطار المشوش الذي تعيشه أوطاننا، وفي ظل تجاذب غير سليم وعبر تنافر صاعق وجائر في الغالب من الأمر، حيث يسود الرأي الواحد واللون الواحد والحزب الواحد والطابور الواحد والزعيم الأوحد، يظهر للعيان هشاشة مساراتنا التغييرية والتنموية، وانغلاق الأفاق وانعدام الآمال، وهيمنة العبث وغياب الرؤية الموفقة والفعل الحازم والسديد، وتعيش الشعوب سياسات رد الفعل والتبعية والمماثلة، ويغيب الفعل والمبادرة الصائبة عند الحاكم والمحكوم، وينهزم الاستقراء الصالح والاستشراف العاقل والناجح، وتدخل العقول، قبل السلوك والعواطف والمشاعر، في متاهات العبثية والترهل والحكم غير المسؤول وغير الراشد! ولقد تتعدد مشاريع التغيير في بلداننا بتعدد مرجعياتها وأيديولوجياتها وأهدافها، ويتواصل الصراع بين سلطات حاكمة رفضت في أغلبها التقاسم والتعدد والتداول، وبين معارضات كُمّم بعضها واستؤصِل بعضها ووُظّف بعضها،. ويمثل المشروع السياسي ذو المرجعية الإسلامية أحد هذه المشاريع المغيبة أو المهمّشة، تحت عصا « القانون » حينا، أو تحت عصا الجلاد حينا آخر! في ظل هذا الإطار غير السليم والعبثي الذي تشهده ديارنا، وهذا الاستفراد والاستخفاف، تطرح أسئلة التغيير ومناهجه وأهدافه وسلامته ونجاعته مجددا ودائما وكأنها توحي بعدم غياب الإرادة، وتمكن العزيمة، وإشراقات الآمال والأماني، وإذا رأيت الصحراء تمتد وتمتد فإن وراءها جنان خضراء! : هل من صالح المشروع السياسي ذو المرجعية الإسلامية،حسم الصراع الآن؟ هل من صالح البلاد اليوم وفي ظل هذا الشغب العالمي والتطاول والعربدة، وسياسات الخوف والتخويف أن نمر مر الكرام إلى تنزيل وتبني الورقة الإسلامية، تبني مشاعر وعاطفة ورد فعل، دون مراحل وتدرج واستشراف واستقراء وعقل؟ لعل الإجابة حول هذه الأسئلة يبقى نسبيا وغير عام، وإلا سقطنا في التعميم الجارح والمسقط لموضوعية البحث وجديته. فلكل موطن خصوصيته وظروفه، ولكل حركة تغييرية برنامجها ومراحلها، غير أن بعض نقاط اللقاء والوحدة تنبثق من هنا وهناك لتمثل في بعض الثنايا خطابا منسجما يمثل إجابة تقارب الموضوعية لتساؤلاتنا. ولا يمثل النموذج التونسي الذي يعنينا في هذه الورقة إلا حالة معبرة عن هذه المحاولة، نريد من خلالها التعبير جملة على أن الصراع الذي يلف علاقة الأنظمة بالمشروع الإسلامي، ليس صراع لحظة وموقع، ولكنه صراع حضاري سلمي مدني يتطلب الكثير من الهدوء والتواصل والصبر والصمود والبناء، وليست الحركات الإسلامية في عجلة في حسمه بأي ثمن، فالتاريخ والحاضر والمستقبل يعملون في صالحها إذا وعت دورها وتدرجت في أهدافها، وصبرت وصابرت على الاستفزازات، وتجنبت ردّات الأفعال. فسيفساء الإطار التونسي يحمل المشروع الإسلامي التونسي ولا شك خصوصيات التاريخ والحاضر الذي يعيشه أو يستقرئه، ولكنه لا يخرج عن بوتقة عدم الاستعجال والتريث اليوم في حسم الصراع المدني، وليترك الزمن للزمن، كما يقول الرئيس الفرنسي الراحل، فأكثر من سبب يمهد ويؤكد على صلابة هذا الموقف وإصابته إذا وثق بنفسه ووعى مكاسبه وفقه معطيات واقعه ومتطلبات المرحلة ومستجداتها:
-
الوضع العالمي المتردي، والمتوجس لكل مشروع وطني وخاصة إسلامي، مما يجعل كل محاولة للوصول، تقارب العبث والسباحة ضد التيار، والغفلة عن سنن القوة والضعف والغلبة والهزيمة. وهذا التوجس في الحقيقة ليس مبنيا على عداء مطلق ودائم فهو وليد تراكمات ساهم فيها الآخر بنصيب، وساهمت الحركة الإسلامية بنصيبها الذي كثيرا ما توارى وراء الأكمة وقصور الرمال، وغياب المراجعة والنقد البناء والصريح. إن الحالة الجديدة التي بدأت تبرز خيوطها باحتشام هذه الأيام من قبول افتراضي من قبل أصحاب البيت الأبيض للإسلام المعتدل داخل المشهد السياسي يمثل منعرجا جديدا وهاما ولا شك، وأثبت إفلاس سياسات اللامبالاة والتهميش والمواجهة والاستئصال، غير أن عديد المناطق الرمادية توجب الكثير من الوضوح في الخطاب، وتدعو للجلوس على أرضية صلبة ومتكافئة تبعد التوجس أو المكر وتبني على صفاء. وإذا فهم المشروع الإسلامي يوما أن المصلحة والمبادئ يمكن أن يلتقيا تحت خيمة الوطنية والصالح العام والرشد والرشاد، وأن العمل من أجل مصلحة البلاد والعباد لا تلغي المبادئ والثوابت، عندئذ يمكن لهذا المشروع أن يثبت أقدامه ويركز خطواته ولا يتعجل أمره، ويكون في مساره غير المتسرع ولا الكاسح، مصيرا هادئا ونافعا للبلاد والعباد وللإنسانية جمعاء.
-
إن العودة المباركة التي تشهدها البلاد إلى رحاب الدين والتدين ولو في جانبه الشعائري، تملي الكثير من التريث والهدوء والصبر والمرونة. ولن يضيرنا ما تحدث به بعضهم عن خوفهم من عنصر التواكل والانسحاب والتقوقع على الذات الذي يصطحب هذه الصحوة. ورغم أهمية هذه الأقوال وسياسية أبعادها، فإننا نزعم أن هذه الصحوة تبقى ظاهرة طيبة للبلاد، وأن الحالة الطقوسية التي تعيشها ليست إلا مرحلة طبيعية تعيشها المجتمعات في تطلعها الإيماني نحو الله، فالنقلة الروحية الشعائرية جزء من مسار صاعد نحو الأفضل والأحسن والأجدى، يبتدئ بالذات والنفس ليلامس الاجتماع والاقتصاد والسياسة. ولن يكون المشروع السياسي ذو المرجعية الإسلامية إلا استجابة طبيعية ولقاء حتميا مع الظاهرة، إذا وعى دوره ومنهجية عمله وأطوار فعله، وفهم انفصاله الحيني معها وابتعد عن توظيفها أو استغلالها أو تبنيها، وغلّب الانتظار الواعي والمسؤول، على استفزازات الواقع وإثارات الصديق والمنافس، واستدراجات التمكين والحكم المتسرع قبل نضج الثمرة وسقوطها.
إن وضع المعارضة لا تحسد عليه، فرغم غياب المشروع الإسلامي عن التداول والتواجد، والرمي بأهله في غيابات السجون والمنافي، ودخول البلاد في بحر لجي من الظلمات تواصل أكثر من عقد من الزمن طال الأفراد والأهل والعشيرة، وضُرب الإسلام في شعائره وسلوكياته قبل اقتصاده واجتماعه وسياسته، رغم كل هذا التجفيف والاستئصال لكل ما يمس عن قرب أو بعد للدين والتدين، لم تستطع المعارضة بكل أصنافها، من كانت داخل الإطار وشكلت عنصر ديكور باهت، أو من عملت جاهدة داخله، أو من استبعدت مكرهة عن التواجد القانوني، أن تعوض الغائب، وتكمل الناقص، وتشكل قطبا جماهيريا فاعلا وفعّالا. لقد صبغت القطبية بين المشروع السياسي ذو المرجعية الإسلامية والسلطة القائمة، البلاد التونسية لفترة طويلة ولا شك، وهمّشت ما سواها، وظلت هذه الحالة منبع نقد وتوجس وخوف، وظل صراع الأقطاب مخفيا في البداية، ثم ضُرب القطب الإسلامي وخرج من الإطار، وخلا المناخ للسلطة والمعارضة بكل أصنافها، حتى أن أصحاب المشروع الإسلامي أصبحوا ينادون ويدافعون عن أصناف من المعارضة، والدفع ببعض رموزها إلى الصدارة، حتى تكسب المصداقية المرجوة و الجماهيرية المطلوبة. ورغم كل هذا العنت، ورغم خلو الساحة، وحتى نكون صادقين، فالسلطة سعت بكل ما أوتيت من قوة، إلى إبعاد كل من ينغص أو يشكل تهديدا ولو صوريا عليها، بالرغم من هذا الفراغ النسبي، فإن المعارضة غير الإسلامية أخفقت في لمّ شملها، وكثر دعاتها ورموزها، وقلّ تابعوها، وعجزت أن تشكل حلفا ومحورا ذا مصداقية سياسية وتغييرية، وبرنامجا موحدا للحكم، ومشروعا متكاملا للإنقاذ. والمشروع الإسلامي في ظل هذا العجز للمعارضة ليس من مصلحته و لا من مصلحة البلاد التسرع والعودة إلى القطبية القديمة التي جعلت السلطات القائمة تستفرد به وتطرحه أرضا مغشيا عليه، أمام عيون شامتة أو عاجزة أو باكية، وقلّ المدد وجدب الفعل إلا اللمم! ليس من المصلحة مواجهة السلطة ولا القفز على المعارضة وتجاوزها، ولكن أيضا ليس من المصلحة اليوم الاتباع الأعمى لمنهجيات المعارضة وصولاتها وجولاتها، إن صعدت سلما صعدناه وإن دخلت جحرا دخلناه، ولكن إن رأينا حسنا قلنا حسنا واتبعناه وشجعناه، وإن تراء لنا خطأ، اجتهدنا وقلنا خطأ واستبعدناه، فللمشروع الإسلامي مبادؤه ومصالحه التي يمكن أن يلتقي فيها مع الآخر أو يفترق، ولكل محطة ومرحلة اجتهاداتها ورؤاها وفقهها، وهذا من سنن التجاذب السياسي وتنافسه السليم ولا ضير. إن هذه الأرض تحمل تاريخا ودينا وتراثا وهوية، والمشروع الإسلامي لم يتصادم معها بل كانت تمثل مورده ومرجعيته، وهو سبب جماهيريته ومصداقية فعله. والشعب التونسي مهما قيل من هنا وهناك عن استسلامه وانسحابه وعدم تحمل مسؤوليته، يبقى رغم العواصف التي تريد اقتلاع جذوره، أو الاستدراجات التي تسعى إلى استغفاله، يبقى وفيا لهويته، وفيا لتراثه، وفيا لوطنه، وفيا لدينه، وفيا لكل ما يلامس دين الأجداد ومشروع الأحفاد، ولو بكثير من الحياء أو عدم العلم في بعض الأحيان، وكثير من الخوف والتوجس في الأحيان الأخرى. وإنا نرى أن المشروع الإسلامي قد وقف حيث يجب الوقوف، واستسقى حيث وُجد السقاء، وليس عليه إلا العمل الرصين والهادئ والسلمي و النفس الطويل، ولن يضيره وعورة الطريق ولا طول السفر ولا غياب الرفقة الطيبة، ولا قيصرية الولادة، فليس همه التدشين ولكن البناء والتعمير، فالأرض أرضه، والأهل أهله، والمستقبل لن يكون إلا لأهل الديار. ملاحظة : هذا فصل من كتاب « إشراقات تونسية : الديمقراطية ورحلة الشتاء والصيف » د.خالد الطراولي » يمكن حجز نسخة من الكتاب بالعودة إلى موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي www.liqaa.net أو بمراسلة البريد الالكتروني مباشرة على العنوان التالي : liqa2005@yahoo.fr
(المصدر: موقع نواة بتاريخ 3 ماي 2006)
خواطر حول مزيد العناية بالجوانب الأخلاقية وحسن المعاملة لرموز الوطن وعلى رأسهم الحبيب بورقيبة
التحول النقابي بالبلاد التونسية 1976-1986 ودور فاعلين نقابيين هما: صالح الزغيدي وجنيدي عبد الجواد
يوم السبت 13 ماي 2006 على الساعة التاسعة صباحا
أوركسترا قوى الشدّ إلى الوراء!
إيران والشرق في عين العاصفة من جديد
د. بشير موسي نافع (*)
ثمة دلالتان هامتان حملهما الإعلان الإيراني عن النجاح في عملية تخصيب اليورانيوم. الأولي، ان إيران قد اكتسبت بالفعل الخبرة العلمية الضرورية للتخصيب، والثانية، ان هذه العملية أنجزت بتشغيل 164 جهاز طرد مركزي. الخبرة العلمية المكتسبة لا يمكن اقتلاعها، حتي إن تعرضت إيران لقصف شامل ومدمر، أو استخدم السلاح النووي في هذا القصف. الخبرة العلمية لا تلغي من عقول البشر بتدمير المنشآت والمعامل. أما الإعلان عن تشغيل عدد محدود من أجهزة الطرد المركزي فيحمل دلالات من نوع آخر. ولفهم هذه الدلالات لا بد من الإشارة إلي الجانب العلمي لعملية التخصيب. إذ ان عدد الأجهزة التي ستنجح إيران في الحصول عليها وتشغيلها، سيـــكون عـاملاً هاماً، بين عوامل قليلة أخري، ستحدد ما إن كانت إيران والولايات المتحدة تسيران نحو المواجهة.
يتواجد اليورانيوم القابل للانشطار، والذي يمكن استخدامه في المفاعلات النووية لتوليد الكهرباء (مثلاً)، أو لصناعة القنبلة النووية، بنسبة ضئيلة جداً في خام اليورانيوم المستخلص من الطبيعة. وللحصول علي هذا الصنف من اليورانيوم لابد من فصله عن الصنف الآخر الذي يشكل النسبة الأكبر من اليورانيوم الخام. هناك بالطبع أكثر من طريقة للفصل، وهي العملية التي تسمي بالتخصيب، ويبدو ان الإيرانيين قد اعتمدوا التخصيب باستخدام أجهزة الطرد المركزي المتصلة. عدد الأجهزة الذي أعلن الإيرانيون عن تشغيله حتي الآن يكفي للحصول علي نسبة تخصيب لا تزيد عن ثلاثة ونصف بالمئة، وهي النسبة الكافية لاستخدام اليورانيوم في مفاعلات توليد الكهرباء ولأهداف سلمية أخري. أما إن كان الهدف صناعة قنبلة نووية فلا بد ان تصل نسبة التخصيب إلي حوالي التسعين بالمائة، وهو ما يتطلب عدداً أكبر من أجهزة الطرد المركزي، قد يصل إلي الألف جهاز. بـ 164 جهاز لن يحصل الإيرانيون علي كمية كافية لصناعة القنبلة النووية قبل عشرين عاماً، وهو مسار غير عملي بالتأكيد مما يرجح صدقية الإعلان الإيراني الأولي حول الأهداف السلمية للمشروع. ولعل هذا ما دفع الناطق باسم البيت الأبيض إلي التعليق علي الإعلان الإيراني بنجاح عملية التخصيب بأنه لا يشكل مصدراً لزيادة القلق في واشنطن. ما يمكن ان يرفع من مستوي القلق الأمريكي والإسرائيلي هو توفر دليل قاطع علي وجود مئات أخري من أجهزة الطرد المركزي في حوزة الإيرانيين، تشغل بالفعل أو يمكن تشغيلها بكفاءة للدفع بعملية التخصيب إلي نسب أعلي.
مثل هذا الدليل قدمه تقرير رئيس الوكالة الدولية للطاقة النووية السيد البرادعي لمجلس الأمن في الأسبوع الماضي. فقد أشار البرادعي في تقريره إلي ان هناك تحضيرات إيرانية لتشغيل 328 جهاز طرد مركزي إضافية، وهو ما يوحي بأن إيران تمتلك عدداً من الأجهزة أكبر بكثير مما كان يظن. كم هو عدد اجهزة الطرد المركزي التي تمتلكها إيران، وما هو مستوي كفاءة هذه الأجهزة؟ لا أحد يعلم علي وجه اليقين. ولكن البرادعي أشار أيضاً في تقريره إلي غموض العلاقة بين ما هو مدني وما هو عسكري في البرنامج الإيراني، حتي فيما يتعلق بالوضع الحالي للبرنامج. حق إيران في تطوير برنامج نووي للاستخدام السلمي هو حق تكفله الاتفاقيات والمعاهدات الدولية. وليس للمجتمع الدولي في هذه الحالة إلا طلب تنظيم وتسهيل إجراءات رقابة طويلة الأجل للمشروع الإيراني. أما إن انتقل القرار الإيراني إلي إنتاج سلاح نووي، فليس علي طهران سوي الانسحاب من الالتزامات المترتبة علي الاتفاقات والمعاهدات التي وقعتها في هذا الشأن. هذا هو الأمر ببساطة في الأحوال العادية، فالسلاح النووي الإيراني لا يمكن ان يشكل خطراً علي الولايات المتحدة أو علي مصالحها في المنطقة، طالما ان الولايات المتحدة تستطيع في حال استخدمت إيران السلاح النووي محو المدن الإيرانية جميعها عن وجه الأرض. امتلاك السلاح النووي سيكون مجرد أداة ردع نهائية في حال تعرضت إيران نفسها لعدوان صارخ وكبير وغير متكافئ. ولكن الظروف المحيطة بإيران ليست ظروفاً عادية علي أي وجه من الوجوه، ليس فقط لأن إيران تقع وسط بحيرة النفط الأهم في الكرة الأرضية، أو أنها أحد أكبر بلدان المشرق العربي ـ الإسلامي، المنطقة الأكثر اضطراباً في العالم كله، إنما أيضاً لوجود الدولة العبرية في الجوار. وهذه هي عقدة العقد في نظام (أو عدم وجود نظام) العلاقات السائدة في المشرق.
يشكل المشروع النووي الإيراني تهديداً للدولة العبرية، بمعني ان امتلاك إيران للسلاح النووي يمنحها إمكانية الردع، يكسر الاحتكار الإسرائيلي لهذا السلاح، ويشجع دولاً أخري في المنطقة علي اتباع النهج الإيراني. وإن وضعنا في الاعتبار التماهي المتزايد منذ بداية التسعينات بين السياسة الأمريكية والسياسة الإسرائيلية، فلنا ان نتصور مستوي التصعيد الذي تعيشه المنطقة. المنطقة وليس إيران فقط. فسواء أرادت القوي الكبري أم لم ترد، وسواء رغبت الأنظمة الحاكمة في هذا المجال الممتد من كابل إلي القاهرة ومن أنقرة إلي صنعاء أم لم ترغب، فإن انفجاراً في طهران لابد ان يسمع صداه في أغلب العواصم المجاورة. هذا بدون أخذ الوضع العــراقي في الاعتبـــار، أما والعراق علي ما هو عليه فســرعان ما سيـــتحول الانفجار إلي عاصفة من الدمار.
تقوم الحسابات الأمريكية علي ان الوضع الحالي لا يستدعي ضربة عاجلة لإيران، فلا الرأي العام الأمريكي ولا الرأي العام العالمي علي استعداد لتقبل إشعال نار جديدة في الشرق الأوسط بعد مغامرة العراق الفاشلة. كما ان الوجود الأمريكي العسكري في العراق علي درجة من الانتشار بحيث يسهل استهدافه، إن قررت طهران الرد في الساحة العراقية. وبالنظر إلي ان الأمريكيين يواجهون بالفعل مقاومة عراقية صلبة في بغداد والمناطق العربية السنية، فإن إضافة قوة جديدة إلي قوي المقاومة الحالية، مدعومة من دولة إقليمية رئيسية، سيضع القوات الأمريكية في موضع بالغ الصعوبة ويثير الرأي العام الامريكي علي قيادته. من ناحية أخري، تواجه الدولة العبرية مخاطر مضاعفة بفعل نتائج الانتخابات الفلسطينية، وفشل المتغيرات اللبنانية في تجريد حزب الله من سلاحه. إضافة إلي ذلك كله، فإن الارتفاع الهائل في أسعار النفط خلال الشهور القليلة الماضية دفع الاقتصاد العالمي إلي حافة الهاوية، وقد تؤدي أزمة جديدة في الشرق الأوسط إلي المزيد من ارتفاع الأسعار وإلي تخبط اقتصادي عالمي واسع النطاق، تحمل السياسة الأمريكية مسؤوليته.
الخيار الأمريكي الحالي يميل علي الأرجح إلي الانتظار ومحاولة استغلال عامل الزمن لتحقيق مجموعة أهداف: التوكيد علي التهديد البالغ الذي تمثله إيران للمصالح الأمريكية، وتقديم إيران للرأي العام الأمريكي والعالمي باعتبارها الطرف المتعنت، الرافض كل جهود التوصل إلي حل دبلوماسي لمسألة النشاط النووي، إقناع الحلفاء الأوروبيين بالتبني الكامل للسياسة الأمريكية، وإقناع روسيا والصين بعدم معارضة هذه السياسة، كسب تأييد عربي واسع لخطة توجيه ضربة عسكرية لإيران، التعامل مع تعقيدات الوضع الفلسطيني الناجمة عن تشكيل حماس للحكومة الفلسطينية، وإضعاف حزب الله بإحكام حالة من الحصار اللبناني حوله. والأهم من ذلك، بالطبع، ترتيب الوضع العراقي الداخلي بحيث يسمح بانسحاب أمريكي جزئي، يساعد علي تخفيف حالة انتشار القوات الأمريكية بدون أن يضعف من الثقل الاستراتيجي الأمريكي في العراق. توفر هذه الشروط، أو أغلبها، سيضع الإدارة الأمريكية في موضع قوي، ويدفع باتجاه ضربة لإيران.
بيد ان الأمور قد لا تسير كما يأمل صانع القرار الأمريكي. الوضع العراقي قد يزداد تدهوراً، كما ان الآمال في بناء جيش وقوي أمن عراقية موالية للنظام الجديد قد تثبت أنها آمال مبالغ فيها إلي حد كبير. وفي هذه الحالة ستتفاقم أزمة التورط الأميركي في العراق (خاصة بعد انسحاب المزيد من القوات الحليفة هذا العام)، أو ان تعترف واشنطن بالهزيمة وتبادر إلي انسحاب مبكر بغض النظر عن المصير الذي سيواجهه العراق الجديد. وفي حال تضاءلت احتمالات توفر الأدلة علي تورط سوري في اغتيال الرئيس الحريري، واستمر الاضطراب في مواقف خصوم سورية في لبنان، فقد يثبت حزب الله أنه قوة تستعصي علي الحصار. أما الوضع الفلسطيني الناجم عن تشكيل حماس للحكومة الفلسطينية، فربما كان أكثر تعقيداً مما يظن كثيرون في واشنطن والمنطقة، إذ ان إسقاط الحكومة الحالية بفعل سياسة متضافرة من الحصار والتجويع والتآمر قد يدخل الوضع الفلسطيني باتجاه أزمة لا مخرج منها، بما في ذلك العجز عن تشكيل حكومة بديلة، فشل عقد انتخابات تشريعية مبكرة، وربما حتي انهيار السلطة الفلسطينية بكاملها.
علي نحو لم يكن من الممكن تصوره قبل عام أو عامين، يتداخل الملف النووي الإيراني تداخلاً لا ينفصم مع شؤون وتعقيدات المنطقة الأخري. وهو تداخل يشكل نوعاً من العبء علي طهران، كما يشكل رصيد قوة لها. ما سيفصل بين العبء والرصيد هو الطريقة التي ستتعامل بها طهران مع تعقيدات وشؤون المنطقة الأخري، والطريقة التي ستنظر بها القوي الاقليمية المجاورة للملف النووي الإيراني. بعض من الأسئلة الهامة يتعلق بالسياسة الإيرانية في العراق، والرؤية العربية والتركية للسياسة الإيرانية في العراق. ففي فلسطين ولبنان، تنهج طهران سياسة عثمانية، تتجلي في تضامن إسلامي وثيق وانحياز للقوي الشعبية ودفاع عن حقوق شعوب المنطقة وثوابتها الوطنية. ولكن السياسة الإيرانية في العراق تبدو أقرب إلي السياسة الصفوية، حيث تقدم المصلحة الإيرانية القومية الضيقة علي مصالح العراق وثوابته ووحدة شعبه وأرضه. هذا التباين بين السياسية الإيرانية تجاه لبنان وفلسطين من ناحية، والعراق من ناحية أخري، لم يشكل قلقاً كبيراً لطهران حتي الآن، ولكنه يثير أسئلة متزايدة بمرور الوقت وتفاقم الأوضاع داخل العراق. وسرعان ما ستنعكس هذه الأسئلة علي منظار الشارع العربي والإسلامي لإيران، وعلي موقف أنقرة والعواصم العربية الأخري المعنية من التدافع المتصاعد بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية.
بيد ان الأسئلة لا تقتصر علي الوضع الإيراني، بل تتعلق في جلها بالتقدير الأمريكي للموقف. في مقابلة أجريت مؤخراً مع يورغن هبرماس، أشار الفيلسوف الألماني، أحد الحراس الكبار لميراث التنوير والعقلانية الأوروبية، إلي ان العالم يموج بالرفض لنظام القطب الواحد. ما يريد هبرماس قوله ان سيطرة دولة واحدة علي الشأن العالمي، مهما بلغت قوة وموارد هذه الدولة، يخالف طبيعة العالم ومنطق الأشياء، وان التصميم علي فرض هذه السيطرة لن يدفع العالم إلا إلي الكوارث. ومنذ ان قامت الولايات المتحدة بغزو العراق، في مواجهة معارضة عالمية واسعة النطاق، تجر السياسة الأمريكية في المشرق العربي ـ الإسلامي في ذيلها كارثة تلو الأخري. في النهاية، وبالرغم من تزايد الأدلة علي خطأ التقدير الأمريكي للموقف في العراق وفلسطين ولبنان، فقد تقوم واشنطن بالفعل بقصف إيران. ولكن المنطقة ستكون في وضع أسوأ بكثير في الصباح التالي لهذا القصف مما كانت عليه في اليوم السابق. هذا مع كون الأمور هي في راهنها بالغة السوء، سواء بالنسبة للمنطقة وشعوبها أو بالنسبة للمصالح الأمريكية.
(*) كاتب وباحث عربي في التاريخ الحديث
(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 4 ماي 2006)
جثث مجهولة الهوية
غسان شربل
المسألة عادية جداً وبسيطة. عثرت الشرطة العراقية على وظيفة جديدة. كل صباح تتولى دورياتها جمع الجثث التي أنجبها الليل. والمشهد بات تقليدياً. الجثث مربوطة الأيدي ومعصوبة العينين مع رصاصة في الرأس. احياناً يخطر ببال القاتل ان يزيّن الجثة ببعض التشويهات وآثار التعذيب.
لا يستأثر حي معين بانتاج الجثث. يمكن العثور عليها في منطقة الشعلة والصدر والزعفرانية وجسر ديالى والدورة. يمكن العثور عليها ايضاً في الاعظمية او الكاظمية. بقية المناطق لا تنقصها القدرة على الانجاب. الأمر يتعلق بالادوار والمواسم.
تجمع الشرطة الجثث وتنقلها الى مشرحة بغداد. وحرصاً على الدقة نوضح ان اعلان المشرحة عن حصيلة ليلة من القتل لا يتضمن بالضرورة كل من قتلوا. فبعض القتلة يتلذذون بحرمان ذوي القتلى حتى من جثثهم. ثم ان الأعداد لا تشمل بالتأكيد تلك الجثث التي تتطاير في وضح النهار حين يتقدم شاب مع حزامه الناسف لينفجر في سوق او مطعم او مركز تطوع. ولا تشمل ايضاً الجثث التي تُوارى سريعاً حين تنفجر سيارة مفخخة بعرس او جنازة.
لن نتوقف طويلاً عند المسؤولية عن اطلاق موسم الجثث في العراق. مسؤولية الاحتلال اكيدة خصوصا بعد قراره حل الجيش العراقي. لكن ذلك لا يلغي الدور الريادي الذي يلعبه الزرقاوي بإصراره على استهداف اجهزة الأمن ومنعها من التقاط الانفاس. تجدر الاشارة هنا الى المساهمة البارزة للقوى التي اخذت على عاتقها مهمة اجتثاث البعث بممارسات من قماشة ممارسات صدام نفسه. لا بد ايضاً من التنويه بالأيادي البيضاء لـ «فرق الموت» خصوصا حين ترتكب جرائمها بالزي الرسمي حرصا على احترام الشرعية. ولا يمكن اغفال المجموعات المتعصبة من كل اتجاه خصوصا في مواسم الغليان الطائفي والمذهبي.
تصل الجثث الى المشرحة وبعضها بلا أوراق ثبوتية. تصنف في خانة الجثث المجهولة الهوية. وبسبب ضيق المكان تحشر وتختلط بانتظار مجيء من يسأل عنها ويتعرف إليها ويأخذها. لا يمكن السماح للجثث المجهولة الهوية بالإقامة طويلاً في المشرحة لأن الليلة التالية ستحمل المزيد. وهكذا يتم اعطاء كل جثة رقماً قبل ارسالها الى مدافن الدولة.
اكتب عن هذا الموضوع لاعتقادي بعلاقته بمستقبل العراق ومستقبل الأمة معاً. خير دليل على الوضع العربي هو ان الزملاء المعنيين بالشأن العراقي ينهمكون كل مساء بالتدقيق في عدد القتلى والجثث ثم يلجأون الى تصحيح العدد كلما وصلت انباء وجبة جديدة. اما اذا اتصلت بالزملاء في مكتب بغداد تسألهم عن التطورات فيردون بسرد انباء الاجتماعات والمناورات ويختمون الحديث بعبارة عادية: «ولدينا اليوم 35 جثة». وغالباً ما انهي المخابرة قلقاً على الزملاء وبغداد وعلى أمة تقبل ان تتحول بغداد مصنعا للجثث.
كلما تحدثت الأخبار عن العثور على جثث مجهولة الهوية يمر ببالي ان لصاحب الجثة أماً تنتظر عودته او زوجة ستقيم مع حسرتها او طفلاً سيعثر على من يدعوه لاحقاً الى الثأر لأبيه وهكذا يتجدد موسم الجثث.
غلبتني الحشرية الصحافية امس. اتصلت بالمشرحة في بغداد وتحدثت الى المسؤول عنها الدكتور قيس حسن الذي اكد ان المشرحة تستقبل يوميا ما بين 35 و50 جثة نصفها مجهول الهوية. قال ان المشرحة ليست معدّة لأحداث من هذا النوع وليست مجهزة لاستقبال اكثر من عشر جثث. وروى لي قصة الجثث والأرقام ومدافن الدولة. تحدث عن مأساة انسانية غير مسبوقة وتمنى ان يكون هناك «بصيص أمل». ألمني الكلام وألمتني الأرقام فكتبت هذا المقال لخوفي من أن تكون الجثث المجهولة الهوية في مشرحة بغداد هي جثة المستقبل العربي.
(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 4 ماي 2006)
أين موقع حماس الصحيح.. في السلطة أم المعارضة؟
عـبد الله الحوراني (*)
حين فازت حركة حماس في الانتخابات التشريعية، رأت في هذا الفوز نجاحاً لها ولبرنامجها السياسي، سيمكنها من تشكيل حكومة للسلطة الوطنية، تحظي بدعم الجمهور الذي أعطاها الأغلبية في الانتخابات، كما تحظي بدعم عربي ودولي باعتبارها جاءَت نتيجة عملية ديمقراطية اعترف بها العالم، وامتدحها. كذلك رأت حركة حماس أن هذا النجاح سيمكنها من كسر الحصار الدولي عليها، وسيفتح الباب أمامها لإقناع العالم ببرنامجها السياسي الذي فازت علي أساسه، وسيحررها من تهمة الإرهاب الموجهة لها من قبل الإدارة الأمريكية وإسرائيل والعديد من الدول الغربية.
لكن الإدارة الأمريكية، ومعها، بالطبع، الحكومة الإسرائيلية، خططتا ومنذ اللحظة الأولي لفوز حماس، بل ربما وضعتا هذا المخطط قبل إجراء الانتخابات، وذلك من باب التحوط لفوز حماس، لأن التوقعات كانت تشير إلي احتمالات فوز حماس، بغض النظر عن نسبة الفوز، سواء كانت تشكل أغلبية، أو تشكل ثقلاً ذا وزن في المجلس التشريعي، وبالتالي داخل السلطة الوطنية الفلسطينية.
خططت الإدارة الأمريكية لأن تجعل من هذا الفوز فرصة لإيقاع حماس في مصيدة حبكتها الإدارة الأمريكية بإتقان، لترويض حركة حماس، وإخضاعها وإخضاع برنامجها للشروط التي تضعها الإدارة الأمريكية. تمثلت هذه الخطة في حرب الحصار التي أعلنتها الإدارة الأمريكية علي السلطة الفلسطينية عموماً، وعلي الحكومة الفلسطينية التي تمثلها حماس بشكل خاص، وجندت للوقوف معها في هذه الخطة معظم دول العالم العربي، والدول الإقليمية. وقد رأينا كيف تعاملت العديد من الدول العربية والأجنبية مع حكومة حماس حين رفضت استقبال ممثليها. وحتي الدول التي استقبلت هؤلاء الممثلين، كان هدفها ليس الاستماع إليهم بقدر ما كان للضغط عليهم، وإسماعهم شروط الإدارة الأمريكية بضرورة الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود، والتخلي عن خيار المقاومة المسلحة، والتنازل عن حق العودة، كشروط مسبقة لرفع الحصار الاقتصادي فقط، وقبول التعامل مع حكومة حماس، وليس مقابل أي تنازلات أو اعترافات من جانب إسرائيل بالحقوق الفلسطينية. بل لم تكن هناك أي تعهدات بوقف سياسة الاعتداءات والاغتيالات والاعتقالات، التي تمارسها إسرائيل يومياً ضد الشعب الفلسطيني.
وبالطبع لعبت إسرائيل دورها في هذا المخطط من تصعيد الاعتداءات اليومية، وإقفال المعابر، وزيادة الحواجز، ومنع التنقل بين الضفة والقطاع، وتقطيــــع أوصال الضفة وتقسيمها إلي كانتونات، هذا بالإضافة إلي تجميد الأموال الفلسطينية لديها، وتهديد ممثلي الجهات الدولية بوقف التعامل مع أي منهم إذا ما أجروا أي اتصالات مع الحكومة الفلسطينية.
وتراهن الإدارة الأمريكية علي أن هذه الضغوط الخارجية الدولية والإسرائيلية، بما يترتب عليها من ضغوط داخلية اقتصادية وصحية وأمنية واجتماعية، ستضع حركة حماس وحكومتها في موقف صعب، قد يجرها إلي القبول بالشروط المطلوبة منها، إذا ما تمسكت بالبقاء في السلطة.
وقد سبق للإدارة الأمريكية، ومعها أيضاً الحكومة الإسرائيلية، أن اتبعت نفس السياسة مع منظمة التحرير الفلسطينية، بدءا من الهجوم عليها وحصارها في بيروت، ودفعها للرحيل، وتشتيت قواتها، وتجفيف منابعها المالية، من خلال وقف الالتزامات المالية العربية التي أقرتها القمم العربية لمساعدتها ـ باستثناء العراق الذي ظل ملتزماً بدفع التزاماته حتي فرض الحصار عليه عام 1991 ـ إلي أن وصل الأمر بالمنظمة إلي عدم القدرة علي دفع رواتب منتسبيها وقواتها المنتشرة في عدة بلدان عربية ـ كما يحدث الآن لموظفي السلطة ـ. واقترنت هذه الضغوط المالية بضغوط وشروط سياسية جرتها إلي القبول عام 1988 بقرار مجلس الأمن رقم 242، وإعلان إدانتها للإرهاب. ثم دفعها للقبول بخيار المفاوضات من خلال مؤتمر مدريد في تشرين الاول (أكتوبر) 1991، وبعد ذلك مفاوضات واشنطن بين الحكومة الإسرائيلية، ووفد فلسطيني من الأراضي المحتلة، برعاية أمريكية، وصولاً إلي مفاوضات واتفاقات أوسلو التي حملت نفس الشروط والمطالب المعروضة علي حركة حماس الآن. وهي الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود، ووقف الانتفاضة، والتخلي عن خيار المقاومة المسلحة، ومكافحة الإرهاب، وتغيير مواد الميثاق الوطني الفلسطيني التي تتعارض مع هذه المطالب. كل ذلك مقابل أن تعترف إسرائيل بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل للشعب الفلسطيني وأن توافق علي تولي قيادة المنظمة مسؤولية سلطة الحكم الذاتي في المناطق الفلسطينية التي تجلو عنها إسرائيل من الضفة وقطاع غزة، وفق ما نصت عليه اتفاقات أوسلو.
ورغم أن المنظمة، حاولت بالتأكيد، خلال هذه المفاوضات ـ كما تحاول حركة حماس الآن ـ الحصول من إسرائيل علي اعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة، وعلي عدم شرعية الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي المحتلة، وعلي حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة، أو حتي أن تعترف إسرائيل بأن أراضي الضفة بما فيها القدس، وقطاع غزة، هي أراض محتلة…… إلا أنها لم تحصل علي مطلب واحد من هذه المطالب، رغم أن الأوضاع الدولية والعربية في ذلك الوقت كانت أقل خضوعاً للهيمنة الأمريكية، مما هي عليه الآن، ورغم أن المجتمع الدولي وقتها، كان أكثر تعاطفاً مع الانتفاضة الفلسطينية وتفهماً لها ولمطالبها في التحرر من الاحتلال.
وهناك عامل آخر استخدمته إسرائيل بدعم أمريكي، للضغط علي قيادة المنظمة وهو إغراؤها بالاعتراف بها والتعامل معها، وتسليمها السلطة في مناطق الضفة والقطاع، إذا ما قبلت بالشروط الإسرائيلية، أو أنها ستتعامل مع أهل الداخل، وتسلمهم مسؤولية الحكم الذاتي. وقد قبلت المنظمة في النهاية بالشروط الإسرائيلية، وتخلت عن هويتها ودورها كحركة تحرر وطني، قبل أن تنجز برنامجها الوطني، وانحصر دورها تقريباً في مهمات السلطة. وهكذا نجحت إسرائيل، ومعها الضغوط الدولية في إيقاع منظمة التحرير في الفخ الذي نصبته لها.
وهذا هو بالضبط ما تسعي الإدارة الأمريكية، وإسرائيل، وأطراف دولية وعربية عديدة لجر حركة حماس إليه من خلال توليها مسؤولية الحكومة الفلسطينية، أي السلطة الفلسطينية عملياً، بما يفرض عليها هذا الوضع من التزامات داخلية وخارجية.
وتعتقد الإدارة الأمريكية أنها إذا ما نجحت في تنفيذ خطتها هذه، فإنها تكون قد روضت حركة حماس، ودفعتها للقبول بكل الشروط، وحولتها من حركة تحرير إلي سلطة حكم سياسية، وألغت أكبر قوة مقاومة في الساحة الفلسطينية، بل وربما تطالبها كسلطة بفرض القيود علي قوي المقاومة الأخري، وبذلك تضعها في حالة تصادم مع شركائها في الكفاح. بل ربما تكون النظرة الأمريكية ـ من وراء السعي لإخضاع حماس لهذا المخطط ـ أبعد من حدود الساحة الفلسطينية. فحماس، فضلاً عن أنها حركة مقاومة فلسطينية، فهي حركة مقاومة إسلامية. والإدارة الأمريكية معنية بضرب الحركات الإسلامية المقاومة، وتعمل علي مد خيوط مع حركات إسلامية سياسية، وجرها للتعامل معها، كما فعلت مع الحزب الإسلامي في العراق حين استقطبته ليكون جزءا من الحكم العميل في العراق، ودفعته للخروج عن الخط المعادي للاستعمار الذي تنهجه حركة الإخوان المسلمين في الوطن العربي. وكما تحاول الآن توريط حركة الإخوان المسلمين في سورية للتحالف معها تحت شعار إقامة حكم ديمقراطي في سورية، كما فعلت في العراق.
وإذا رفضت حركة حماس وحكومتها، أن تنصاع للشروط الأمريكية والإسرائيلية، فإن الإدارة الأمريكية لن تعتبر ذلك فشلا لها، بل ستعتبره نجاحاً، ولكن من منظور آخر. فهي ستجد في ذلك فرصة لها للتخلي عن التزاماتها التي وعدت بها تجاه عملية السلام في المنطقة. وستتذرع برفض الشريك الفلسطيني لعملية السلام، وستزيد من تحريض المجتمع الدولي ضد الفلسطينيين، وتدفعه للتخلي عنهم مادياً وسياسياً، وستشجع إسرائـــــيل علي مزيد من العمليات، وعلي استكمال مخططها لتنفيذ عملية الفصل الأحادي في الضفة الغربية، وتشديد الحصار علي قطاع غزة، وهذا هو ما تريده إسرائيل ليحررها من أي مسؤولية تجاه الرأي العام الدولي.
إذن فوجود حركة حماس في موقع السلطة التنفيذية وضعها بين خيارين صعبين أحلاهما مر. فالخضوع للضغوط الدولية والقبول بالشروط الإسرائيلية بما فيها من تنازلات تمس الثوابت الوطنية، وتسقط خيار المقاومة وتضرب مصداقية حماس في الصميم، وتفقدها أي ميزة لها عن الآخرين، ويصرف عنها ذلك الجمهور الواسع الذي حشدته خلف برنامجها وموقفها…… وهذا خيار شديد المرارة…. فهل تقبله حماس؟
أما خيار الرفض، وهو ليس أقل مرارة، فسيضعها ويضع الشعب الفلسطيني معها، تحت حالة دائمة من الضغط والحصار والمقاطعة الدولية، وسيعطي الذرائع لإسرائيل لأن تتمادي في كل ما تقوم به ضد الشعب الفلسطيني، وسيعفي الإدارة الأمريكية من أية مسؤولية ـ كما تعلن ذلك صراحة ـ وسيجعل من الصعب كسب المجتمع الدولي إلي جانب الشعب الفلسطيني ضد أية إجراءات تقوم بها إسرائيل، خاصة في ظل الهيمنة الأمريكية التي تبسطها علي العالم. فهل تتحمل حماس مسؤولية ونتائج هذا الخيار؟
أمام هذين الخيارين الصعبين اللذين تتعرض لهما حركة حماس وحكومتها، وللخروج من هذه المصيدة التي تريد الإدارة الأمريكية إيقاعها فيها، كان لي رأي، أبلغته لرئاسة الحكومة قبل تشكيلها، ولعدد من قيادات الحركة، في حضور عدد غير قليل من المثقفين والإعلاميين الفلسطينيين، فبعد أن أوضحت كل المخاطر التي تنجم عن هذا الخيار أو ذاك، قلت، وأقول: إنه قد يكون الأنسب ألا تشكل حركة حماس الحكومة، وألا تكون طرفاً فيها. وإنما تستفيد من حصولها علي الأغلبية البرلمانية التي تتيح لها أن تكون في موقع من يتحكم في تشكيل أي حكومة، أو إسقاطها، أو الاعتراض علي أي عضو فيها، ومحاسبة أي مسؤول، وإصدار أي قرارات أو تشريعات تخدم المصلحة الوطنية، أو الاعتراض علي أية قرارات تمس هذه المصلحة. أي أن تكون في موقع الضاغط المتحكم في القرار، وليس في موقع المضغوط عليه لتنفيذ قرارات وسياسات لا يقبلها. وبذلك تؤكد مصداقيتها، وتتمسك ببرنامجها، وتحتفظ بخــــيار المقاومة، وتدخره للوقت المناسب، إذ من الصعب أن تحتفظ بهذا الخيار أو تمارسه، وهي تقود حكومة جاءَت وفق نظام أساسي مبني علي اتفاقات أوسلو.
وفي الوقت نفسه، فإن وجودها خارج إطار السلطة التنفيذية لا يحررها فقط من الخضوع لأية ضغوط، وإنما يقطع الطريق علي أصحاب هذه الضغوط، ويفقدهم المبررات والذرائع التي يسوقونها لفرض شروطهم، ولتضييق الخناق علي الشعب الفلسطيني.
قد يري البعض في هذا الحل مخالفة للتقاليد الديمقراطية التي تعطي الأغلبية حق تشكيل الحكومة، وقد يري آخرون انه لمصلحة أطراف منافسة أو انحياز لها. لكنني أستند في رؤيتي إلي أننا لسنا حالة ديمقراطية غربية، ولسنا دولة ذات سيادة، بل ما زلنا أقرب لحركات التحرر. كما أن في الاقتراح دعوة لتغليب المصلحة الوطنية علي المصلحة التنظيمية، وانحيازاً للوطن وقضيته، وليس لأي طرف كان، وفيه ترفع عن السلطة ومسمياتها، لحساب الشعب وهمومه.
(*) كاتب من فلسطين
(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 4 ماي 2006)
يرتدين الحجاب الكحلي ويملكن شبكة تدريس ونفوذ واسعة …
«الآنسات القبيسيات» يباشرن في سورية انخراط النساء في «الدعوة الإسلامية» … بموافقة السلطات
دمشق- ابراهيم حميدي
لم يعد انتشار اتباع «الآنسة» منيرة القبيسي مقتصراً على سورية والدول العربية فحسب، بل ان حلقات «الأخوات» باتت تدق ابواب بيوت في باريس وفيينا لتصل إلى الولايات المتحدة الأميركية. والقبيسيات داعيات إسلاميات أثرن نقاشاً وانقساماً في الأوساط الاسلامية في سورية.
وكلما اتسعت الرقعة التي ينمو فيها فطر «القبيسيات» في الشوارع والمدارس والبيوت السورية والعربية والأجنبية، زادت إثارة وتشويقاً الحكايا والأساطير حول هذه الحركة، اذ بلغ الجدل في شأن «الاخوات» أخيراً شبكة الإنترنت بين من يتهمهن بتشكيل «تنظيم سري خطير» وبين من ينوه بدور الداعيات في «فعل ما عجز عنه الرجال».
وعلى رغم الحذر الشديد الذي يبديه رجال الدين والخبراء في الحديث عن «الأخوات القبيسيات»، هنا محاولة في الاقتراب من الافكار التي يحملونها والمؤسسات التابعة لهن والشكل التنظيمي، ان وجد، الذي يربط الداعيات في جميع المراحل العمرية.
شكلت حركة «القبيسيات» اشكالية كبيرة في الأوساط الدينية السورية. فمنهم من يكفرها، ومنهم من يهتم في البحث بتفاصيل كثيرة في حياة ناشطاتها. وفيما يقول كمال شاهين على موقع «زركار» ان القبيسيات يعتبرن ان «المرأة الصالحة خلقت للمنزل فقط»، تضمنت الإنترنت العديد من المقالات النقدية للحركة تستند اساساً إلى دراسة أجراها أسامة السيد القريب من «الأحباش» تحت عنوان» التنظيم النسائي السري الخطير» وتناول بعض أفكار منيرة القبيسي وأميرة جبريل وسحر حلبي في لبنان وفاديا الطباع في الاردن.
وفي موقع «منتدى السقيفة» حرصت «إحدى الأخوات» على نشر مقال مطول مستند إلى هذه الدراسة، مركزة على اعتبار هذه الجماعة «صوفية تنسب إلى امرأة شامية». وتشير الدراسة إلى ان القبيسيات يعتمدن على السرية في دعوتهن وعدم الإفصاح عن حقيقة عقائدهن وأفكارهن الا بعد ان تمضي العضو الجديدة فترة طويلة في رحاب «الدعوة». وتكشف أنهن يحرصن على استمالة ذوات المناصب أو الثريات أو بنات العائلات الكبيرة لضمهن إلى جماعتهن. وعندما تصل العضو إلى مرحلة الثقة «يكشفن أمامها المزيد من الأسرار».
ومن أفكارهن بحسب الدراسة تعظيم ابن عربي والحلاج، وعدم مناقشة الشيخة واعتبار ان «حبها من حب رسول الله وان المريدة عبارة عن هيكل خلقه الله للتفاني في حب وخدمة الآنسة». ومن شعاراتهن ان «لا علم ولا وصول إلى الله من دون مربية»، واعتبار زيارة الشام واجباً أو لنقل حلماً لكل من يتم لها الإذن بذلك.
وزادت أن الجماعة تقوم على «علم باطني وعلم ظاهري، ويسمى العلم الباطني باللدني». وفي الكويت، حيث صدرت فتاوى ضدهن، تعتقد «القبيسيات» انهن ساهمن في تحرير الكويت من خلال الدعاء.
ويذهب معارضو «القبيسيات» ايضاً إلى ان الحركة تقوم على «وحدة الوجود وتقديس الشيخة والتسابق على تقبيل يدها وقدمها أحياناً» واعتقادهن ان «كل ما تهواه موجود في ذات الله»، الأمر الذي تؤكد عليه الشيخة نوال في كتابها «المتاح من الموالد والأناشيد الملاح» لدى قولها «الوجود، طاب فيك الشهود»، في حين يؤكد الكتاب الأول القول ان «شيختنا معنا أينما كنا» وان أمرها «مطاع»، وانه «مقدم على طاعة الأب أو الزوج وولي الأمر» على أساس القول المتبع لديهن ان «لا علم ولا وصول إلى الله من دون مربية» و»من قال لشيخه لمَ، لم يفلح ابداً».
غير أن النائب الإسلامي حبش، يقدم وصفاً مختلفاً إذ يقول ان «المنطلق يتمحور حول الشيخة. والفائدة تكون بالاقتراب منها وليس التعلم منها وحسب». بالتالي، فان الشكل الهرمي يقوم على تراتبية الحلقات. وكلما زادت أهمية «الداعية» ارتفعت حلقتها واقتربت من «الآنسة».
لكنه يضيف ان الظاهرة «طيبة وتجنب النساء الانحلال الأخلاقي والتطرف»، وان «الآنسة» منيرة «بثت الروح فتكاثرت الحركة بطريقة فطرية. ليس بطريقة احتفالية، بل بطريقة هرمية. وهي نموذج للحالة المحافظة التي تسعى إلى خدمة القيم الإسلامية بالوسائل التقليدية» التي تشمل المدارس والمعاهد و»الحلقات» المنزلية.
من جهته، رفض وزير الأوقاف السوري الدكتور زياد الدين الأيوبي في حديث صحافي اجري أخيراً إطلاق تسمية «القبيسيات» على اتباع منيرة، نافياً ان تكون «تدرس نساء المسؤولين والأغنياء» في سورية بهدف تحقيق النفوذ والامتداد المضمون و»مظلة حماية» توفر لها الحصول على رخص التدريس في المدارس والمساجد وحل الإشكالات لدى ظهورها. لكن البوطي يختلف في نظرته إلى «القبيسيات» عن الأيوبي، اذ يقول ان «المرأة السورية تقوم بدور مميز في الدعوة الإسلامية، أتمنى على الرجال ان يبلغوا هذا الشأن»، لافتاً إلى ان نجاح نشاط «القبيسيات» تحقق لأسباب متعددة منها «الابتعاد عن التيارات السياسية، والابتعاد عن المناطق والمحاور الخلافية، والتركيز على الوحدة الإسلامية، وعلى الجانب الروحي في الإسلام مع عدم إهمال الجانب العلمي».
كان ضرباً من المستحيل إجراء مقابلة مع «الآنسة»، بل ان العديد من «الداعيات» الكبيرات لم يرين منيرة القبيسي في حياتهن. وأقصى ما استطاعت «الحياة» الحصول عليه، هو وصف هيئة «الآنسة» من شيوخ شاهدوها قبل سنوات و «داعيات» شاهدنها قريباً.
شبّه إثنان من رجال الدين التقتهما «الحياة» إبتسامة منيرة القبيسي بوجه موناليزا. وقال كفتارو إنها سمراء وطويلة القامة. ونادراً ما يرى أحد وجهها من دون منديل أسود يغطيه. وهي تسكن في منطقة تقع بين شارعي «الشعلان» و «الروضة»، مع عدد من «الآنسات» والداعيات المقربات منها. وقيل انها تعاني من أمراض. وتختلف تسميتها بين «الشيخة الكبرى» أو «الآنسة الكبرى» أو «الآنسة الأم»، غير ان اكثر التسميات شيوعاً هو «الآنسة».
وفي الصف الأول في «القبيسيات» هناك بضع «آنسات» غير متزوجات كما هي حال منيرة. واذا كانت بين داعيات الصف الأول، أميرة جبريل شقيقة الأمين العام لـ «الجبهة الشعبية – القيادة العامة» أحمد جبريل الذي عرف بأفكاره اليسارية قبل عقود، فان باقي الداعيات هن من أبناء الشريحة الغنية في دمشق وبينهن: الآنسات خير جحا ومنى قويدر ودلال الشيشكلي (توفيت قبل فترة) ونهيدة طرقجي وفائزة طباع وفاطمة غباز ونبيلة الكزبري ورجاء تسابحجي والدكتورة سميرة الزايد التي اشتهرت كثيرا بعلمها خصوصاً انها الفت «الجامع في السيرة النبوية» في عشرة اجزاء و «مختصر الجامع» في جزئين في منتصف التسعينات. وهناك أيضاً سعاد ميبر التي تدرس في «معهد الفتح» وصاحبة كتاب «عقيدة التوحيد من الكتاب والسنة».
ما يلفت في «الجامع» لسميرة الزايد ان الدكتور البوطي قدم الطبعة الأولى في العام 1994 بالقول: «اهنئ الآنسة التي عكفت على إخراج هذا الكتاب طبق النهج العلمي الأمثل في خدمة السيرة النبوية والسنة المطهرة والفقة وأحكامه والثقافة الإسلامية. وهو جهد سبقت فيه بحمد الله الرجال في هذا العصر».
ورغم تأكد وجود الكثير من العازبات بين «الداعيات»، فإن احداً لم يقدم تفسيراً لهذا. وفيما يعزو بعض منتقدي «الجماعة» السبب إلى «انهن لا يردن الانشغال بالزوج عن الآنسة» والى انهن يفضلن الحياة الأخرى على الحياة الدنيا، استغرب كفتارو ذلك لأن «لا رهبنة في الإسلام»، غير ان آخرين قللوا من أهمية ذلك، اذ اشاروا إلى العكس، لان «القبيسيات» ناشطات في ترتيب الزيجات، وربما كان هذا من أسباب سرعة انتشار الحركة وزيادة نفوذها، اي عبر زواج الداعيات من رجال الأعمال والمتنفذين والمغتربين. وساهمت الزيجات من مغتربين شباب ورجال أعمال مغتربين في إقامة حلقات قبيسية في فرنسا والنمسا وأميركا.
في «صف القبيسيات الثاني» الداعيات تخرجن من حلقات القبيسيات، ثم أسسن مدارس ابتدائية. وبشيء من الذكاء جمعت منيرة بين الرغبة في الاستثمار ونشر الدعوة الإسلامية، اذ أنها شجعت النساء وأخواتهن على الاستثمار في المدارس الابتدائية. وبحسب المعلومات، هناك عدد كبير من المدارس الابتدائية التابعة لـ «القبيسيات» وغالباً ما تسمى المدرسة بـ «الدار» وبينها «دار الفرح» التي تديرها منى قويدر في المهاجرين و «دار النعيم» و «مدرسة عمر بن الخطاب» في المزة و «عمر عبد العزيز» في الهامة و «دوحة المجد» في المالكي و»البشائر» في المزة و «البوادر» في كفرسوسة.
وتقول مديرة «البوادر» ان مدرستها مثل باقي المدارس الخاصة تتبع منهج وزارة التربية السورية في تعليم المواد المدرجة، لكن الإضافي يكمن في «تخصيص دروس إضافية لتعليم الدين وإقامة نشاطات اجتماعية خارج الدوام الرسمي، إضافة إلى تنظيم مسابقات دينية». لكن أهم عنصر يكمن في كون معظم المدرسات من المحجبات. وتقول المديرة التي رفضت ذكر اسمها: «نعلم الطفل الأخلاق الحسنة والصدق، والأمانة، والأدب، واحترام الوالدين».
وتبدو قصة هذه المدرسة نموذجية لجهة فهم كيفية انتشار مدارس «القبيسيات». اذ ان «البوادر» تأسست العام 1977، وكانت مدرسة عادية. لكن آل الملاح، كانت لديهم مدرسة صغيرة في حي المزة وتحقق نجاحاً بعد آخر بسبب اهتمامها بأصول الدين وجهدها لحماية التقاليد. وتقول المديرة: «في العام 1999، اشترى اخوتي هذه المدرسة ووسعنا الصفوف لأن الإقبال بات عليها كثيراً».
وبين إقبال الشرائح الوسطى لأسباب مالية على مدراس ناجحة لأن إقساط المدارس الخاصة الأخرى تصل إلى بضعة آلاف من الدولارات مقابل بضعة عشرات من الدولارات في «البوادر» وزميلاتها، يلعب العامل الاقتصادي بعداً إضافياً يعمل مع البعد الأخلاقي في إنجاح هذه المدارس واتساعها في دمشق وباقي المدن. ويروي أحد الآباء العلمانيين: «كنت أرسل أبنائي إلى مدرسة خاصة مسيحية. لكن فجأة سألني ابني ما اذا كان مسيحياً أم مسلماً، فقررت ان انقله إلى مدرسة عمر بن الخطاب في المزة».
تشرف «القبيسيات» على تدريس مئات الآلاف من التلاميذ منذ نعومة أظافرهم وبطريقة محافظة تلازمهم في المراحل اللاحقة عبر الدروس أو المساجد، وصولاً إلى رعايتهم عبر المساعدات الخيرية والأهلية وتقديم بعض الخدمات الطبية في مستشفى «سلامة» الواقع خلف السفارة الأميركية والتابع لهن، وعبر توفير بعض الكتب الحاملة لأفكارهن من خلال مكتبات امتلكنها مثل مكتبة «السلام» في منطقة البرامكة وسط دمشق.
وتروي إحدى فتيات منطقة «القنوات» في دمشق القديمة ان معظم آنساتها كن جميلات وكن من «القبيسيات»، وان مدرسة منهاج الرياضيات حاولت إقناعها بضرورة وضع الحجاب. وتقول: «كانت الآنسة ترتدي البانطو الكحلي الغامق والحجاب الأزرق الغامق. وكانت ترتدي تحت البانطو تنورة زرقاء مع قميص ابيض وجوربين سميكين وحذاء اسود من دون أي كعب». وتضيف: «سألتني ذات مرة. هل تستطيعين تحمل حرارة الصيف؟ فقلت: لا. عندها قالت: ماذا عن نار جهنم. وعندما فشلت في إقناعي بوضع الحجاب، حاول عدد من الفتيات المحجبات دعوتي إلى عيد ميلاد إحداهن. لكن فوجئت ان معظم الحديث كان عن ضرورة وضع الحجاب».
حلقات «سرية»… ودروس علنية
يتأرجح نشاط «القبيسيات» المنزلي بحسب الظروف المحيطة أمنياً وسياسياً ودينياً في البلاد والمنطقة. وسجلت العقود الثلاثة الأخيرة انتقالهن بين النشاط العلني والدروس في المساجد والمدارس وبين اقتصار نشاطهن على البيوت.
ويرى حبش ان ابرز ما يميزهن هو «تجنب الدخول في السياسة سواء تأييد النظام أو رفضه. والجماعة لم تتورط في أي عمل ضد البلد». هذا في المرحلة التي شهدت صراعاً مسلحاً وعنيفاً بين تنظيم «الإخوان المسلمين» والسلطات في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات.
وفيما يعتقد خبراء مستقلون ان «القبيسيات» يشكلن الظل النسائي للإسلام السياسي، يقول حبش ان «لا مشروع سياسياً لديهن. لجأوا إلى العمل السري بسبب ظروف سورية في الثمانينات». أي أنهن لسن تنظيماً بل خلايا تنمو في شكل حلزوني وتصاعدي.
والمقصود بـ «السرية»، ان «القبيسيات» كن يلجأن في السنوات السابقة إلى الحذر لدى تنقلهن أو تجمعهن في البيوت الخاصة لإعطاء دروس دينية دورية. ومن أنواع الحذر ان لا يخرجن سوية في شكل جماعي لدى انتهاء الدرس وان لا يضم الدرس اكثر من ست طالبات، باستثناء المناسبات العامة مثل احياء ميلاد الرسول (صلى الله عليه وسلم) أو ليلة القدر. وهناك اعتقاد ان المناسبات الاجتماعية والدينية تشكل مناسبة لكسب عضوات جديدات.
وقيل ان مرتبة «القبيسية» تعرف من لون منديلها، فكلما اقترب اللون إلى الاسود اقتربت الداعية من الآنسة منيرة. لكن الأمر الأكيد، ان اللباس الموحد المعتمد، هو المعطف الكحلي مع غطاء رأس بلون كحلي ترتدي تحته القبيسية «قمطة» لشد الشعر تحت الغطاء. وبعض القبيسيات يرتدين منديلاً اسود لغطاء الوجه، مع جوربين نسائيين سميكين وحذاء اسود من دون كعب. وتؤكد الداعيات على عدم تشذيب الحاجب و «عدم التبرج» عبر وضع المساحيق على الوجه. ويوضح البوطي: «انهن يرتدين الحجاب الكحلي لتمييزهن عن غيرهن. وغطاء الوجه ليس اجبارياً. ليس هناك إجبار على ذلك إلى ان يصير ثبات ديني عند الفتاة، بعدها ممكن ان تلبس المنديل اذا شاءت».
ولم يكن صدفة اختيار «الآنسة» منيرة اللون الكحلي، ذلك ان هناك اعتقادا شائعاً ان سبب اختيار اللون هو للدلالة على «الوسطية بين الأبيض والأسود، بين التطرف والإعتدال». وقال البوطي: «لديهن مقاربات علمية وفكرية ومعظمهن من خريجات الجامعات وعلوم الطب والهندسة، وهن منفتحات وابعد ما يكن عن التطرف».
الواضح ان الفترة الأخيرة شهدت تشجيعاً من قبل السلطات لـ «القبيسيات» على عدم إعطاء دروس في المنازل مقابل إعطاء تراخيص لدروس علنية بدلاً من «الحلقات السرية». ويقول صلاح الدين كفتارو: «حركة الدروس في البيوت مخيفة، والنظام الوطني يجب ان يصل إلى الدروس وان تصل الأجهزة والمناظير اليها. بالتالي من حق الدولة ان تمنع الدروس في البيوت، لكن ليس في المساجد».
وكانت السلطات سمحت في الفترة الأخيرة لـ «القبيسيات» باعطاء دروس في مساجد «المحمدي» و «بدر» و «سعد» في المالكي، اذ أوضح البوطي ان عدداً من الشيوخ ابلغ السلطات انه «من مصلحتكم ان تعطوا الموافقات للعمل بالعلن. أعطوهن المواثيق للعمل العلني لأن عملهن مستقيم ووطني ليس فيه أي شائبة ولا علاقة له بالسياسة». واتفق نجلا كفتارو والبوطي على ان «الأخوات القبيسيات يقمن بالدعاء المستمر للرئيس بشار الأسد من دون التطرق إلى السياسة». وزاد البوطي: «ولاؤهن للوطن كبير».
«الآنسة الأم»
< ولدت منيرة عام 1933 في دمشق في أسرة تضم عشرة أطفال: ستة شباب (بهجت، وليد، موفق، ماهر، ممتاز، رضوان) يعملون في التجارة أو المهن ذات الكفاءات العلمية العالية، وأربع فتيات يعملن ربات بيوت. ودرست منيرة في مدارس العاصمة السورية إلى ان نالت إجازة في العلوم الطبيعية، استندت اليها في التدريس في مدراس حي «المهاجرين» وبقية إحياء دمشق.
وفي بداية الستينات، زاوجت بين النشاطين الدعوي والتعليمي، وذلك في ضوء اقترابها من «جامع ابي النور» التابع لمفتي سورية الراحل احمد كفتارو. وقال نجله حسن كفتارو: «نتيجة النشاط الدعوي منعت من التدريس في المدارس».
وساهم هذا المنع من جانب الحكومة اليسارية حينها، في أمرين: الأول، إقامة منيرة في جامع أبي النور والإقبال على التعلم على يد كفتارو، والثاني اتجاهها إلى دراسة علوم الدين في كلية الشريعة في جامعة دمشق.
ويختلف المتابعون في شأن المرحلة اللاحقة. وفيما قال أحد الباحثين ان بروز دور وفاء، كريمة المفتي الراحل، في جامع «أبي النور» كداعية إسلامية، وظهور «منافسة حادة» بينهما دفعا منيرة الى الابتعاد وتأسيس «منهجها واتباعها في شكل مستقل مادياً وفكرياً»، قال النجل الثاني للمفتي الراحل الدكتور محمود: «بالعكس فوفاء تلميذة من تلميذات الآنسة منيرة. وهناك فارق كبير في العمر يزيد على العشرين سنة بينهما يحول دون أي منافسة».
وخلال العقدين الماضيين ترواح نشاط منيرة القبيسي بين العلني والسري، لكنها استطاعت من خلال المزج بين الأمرين من توسيع نشاطاتها في المحافظات السورية قبل ان تعبر حدود البلاد في مرحلة أولى والعالم العربي في مرحلة ثانية، الى ان بلغ عدد «اتباعها» اكثر من 75 ألف فتاة، كحد أدنى، وفق ما أجمعت عليه تقديرات متابعين وشيوخ.
ويقول النائب محمد حبش ان «أحد أسباب نجاح الآنسة منيرة هو رفض الاشتباك مع أي جهة». فهي كانت على علاقة جيدة مع كفتارو ومجمعه الفكري وطريقته الصوفية، بل أن نجله صلاح الدين مدير «مجمع أبي النور»، يتذكر كيف أنها طلبت منه أن تختلي بجثمان كفتارو في مستشفى «دار الشفاء» لدى رحيله في نهاية العام 2004. وقال: «بقيت تبكي هناك اكثر من ساعة ونصف الساعة».
ويضيف ان «علاقتها مع أسرتنا قديمة، ذلك أن عمها الشيخ أبا الخير القبيسي كان من جماعة جدي الشيخ أمين». لكن أيضاً هي على علاقة فكرية ودينية وشخصية مع العلامة محمد سعيد رمضان البوطي، بل انه من اكثر المتحمسين الى «الاخوات اللواتي ضربن المثل بالحضارة والدين والوطنية والمثل العليا». وهي أيضاً على علاقة جيدة مع «جماعة» الشيخ عبد الكريم الرفاعي التي يدير شؤون مؤسسته نجلاه سارية وأسامة في منطقة كفرسوسة.
ولم تبتعد منيرة القبيسي كثيراً عن «معهد الفتح الاسلامي» التابع لجامع الازهر ومديره مفتي دمشق الشيخ عبدالفتاح البزم وأحد اقطابه الشيخ حسن فرفور، إضافة الى علاقتها مع جماعة الشيخ بدر الدين الحسني والمسؤول عنه الشيخ أبو الخير شكري. ويقول حبش: «كل طرف من الجماعات الدينية في البلاد يقول انها تابعة له أو قريبة منه». وربما أحد أسباب نجاح أسلوبها، هو كون معظم، ان لم يكن جميع، زوجات الشيوخ الكبار أو بناتهم هن من الداعيات «القبيسيات».
(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 3 ماي 2006)