السبيل أونلاين – تونس علمنا أن الباحث في قسم التاريخ والعضو السابق بالمكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للطلبة وسكرتير تحرير جريدة مواطنون لسان حال حزب التكتل عادل الثّابتي حصل اليوم 29 جانفي 2010 على شهادة الماجستير في قسم التاريخ بكلية 9 أفريل بملاحظة حسن جدّا . وتعلق البحث بـ »منظّمة الاتّحاد العامّ التونسي للطلبة من التّأسيس إلى الحجر » تحت إشراف الأستاذ رؤوف حمزة و قد ترأست الأستاذة لطيفة الأخضر المناقشة بمشاركة الأستاذ عبد اللطيف الهرماسي . تهانينا الحارة للسيد عادل الثابت على هذا الإنجاز العلمي الرائد .
نقابي من التعليم الثانوي تـم مساء أمس الخميس توزيع المسؤوليات الخاصة بمكتب النقابة العامة للتعليم الثانوي بعد طول انتظار نتيجة تمسك كل الأطراف بأحقيتهم في منصب الكتابة العامة. حيث لم تفلح الجلسات الماراطونية بين الأطراف السياسية في حسم مسألة الكتابة العامة بالتوافق الامر الذي دفع المترشحين الى الانتخاب الذي افرز الاخ سامي الطاهري كاتبا عاما. و ان القارئ المدقق لنتائج الانتخابات تكشف مجموعة من الحقائق يمكن الوقوف عندها للاستفادة منها: -الطرف القومي و هو الأقوى في المكتب و في القطاع تمسك برؤيته و أحقيته إلى أخر وقت و برر تلك الأحقية بما يفيد أنهم كطرف لم يحدث أن تحصلوا على الكتابة العامة في القطاع و كان أملهم أن يتم التوافق عليهم خاصة و أن الحديث عن الكتابة العامة لم يبدأ الا بعد الانتخابات و هم لم يقطعوا أي وعود لأي كان -حزب العمل الطرف الاقرب انتخابيا للقوميين و راهنوا على أن يتنازلوا للسيد عبد الرحمان الهذيلي الأمر الذي رفضه الطرف القومي و يبرر حزب العمل أحقيته في الكتابة العامة بما يروجه الشاذلي قاري أنه قطع وعدا للسيد عبد الرحمان مفاده انه سيكون كاتبا عاما مما يعني ان الشاذلي قاري هو الكاتب العام الفعلي من وراء الستار و لم تجد محاولات حزب العمل استمالة القوميين للتنازل عن الكتابة العامة صدى. – الاخ سامي الطاهري و من معه يتمسك بأحقيته على خلفية الاقدمية و الامساك بالملفات و هو ما يحسب للسيد الطاهري بالفعل غير أن حظوظه كانت ضعيفة مقارنة بالطرفين السابقين نتيجة الانتخابات تنازل حزب العمل للاخ سامي الطاهري على الرغم من أن المترشح عن القوميين اقرب اليهم انتخابيا مما يعني أنهم نسوا وعودهم للهذيلي في ان يكون كاتبا عاما. علينا التفطن هنا انه حين كانت الأطراف السياسية و النقابية تدير الحوارات كانت البيروقراطية النقابية تراقب المسرح عن قرب اذ لا يخفى على أحد أن السيد الطاهري هو أقرب مترشح للبيروقراطية و خاصة النظام الداخلي من جهة أخرى السيد محمد سعد لم يكن يرغب في حصول القوميين على الكتابة العامة و هو ما رفضه أنصاره و تمسكوا برأييهم. لقد كان سامي الطاهري المرشح الأول للمركزية النقابية بحيث أجبر الشاذلي قاري على التخلي على وعوده للهذلي و وقع التنازل لسامي الطاهري كي لا تتقوى شوكة القوميين. و هذا هو معني عنوان هذه المقالة « البيروقراطية ليست شرا مطلقا » فهاهي تساهم و للمرة الأولى في توحيد اليسار و تكتلهم كي يقطعوا الطريق على المارد القومي. على الرغم من نتيجة الانتخابات فان الكتابة العامة لن تفرق المكتب الذي انتخب لتمثيل القطاع و الدفاع عنه فلننتظر.
طلبة تونس WWW.TUNISIE-TALABA.NET أخبار الجامعة
الثلاثاء 26 جانفي 2010 العدد السادس عشر – السنة الرابعة –
بعد انقضاء السداسية الأولى من السنة الجامعية الحالية : وضع بائس ….
اختتمت السداسية الأولى للسنة الجامعية 2009 – 2010 بالإمتحانات النصف السنوية التي تمت في مختلف المؤسسات الجامعية و قد منح عدد كبير من الطلبة لأنفسهم عطلة اختيارية قد تطول و قد تقصر حسب المناهج الدراسية و احتساب الغيابات مع العلم بأن نسبة هامة من الأعداد المتحصل عليها في هذه الإمتحانات يتم نشرها في مارس أو أفريل القادم …. من ناحية أخرى تميزت السداسية الأولى باعتقالات كثيفة في صفوف الطلبة لأسباب سياسية و نقابية و دينية و بمحاكمات طالت العشرات منهم و تم تنظيم انتخابات ممثلي الطلبة في المجالس العلمية و كانت عبارة عن مسرحية سيئة الإخراج قاطعها الأغلبية الساحقة من الطلبة ….. و لم تشهد الساحة الجامعية بسبب القمع و الحصار و التشتت و الصراعات الهامشية – فيما عدا التحركات الإحتجاجية – تنظيم حلقات نقاش و اجتماعات و تجمعات عامة تتناول قضايا الوطن و الأمة – و ما أكثرها – و في مقدمتها جدار العار الذي بنته السلطات المصرية على الحدود مع غزة كما أن التاطير النقابي و السياسي للطلبة يكاد يكون معدوما وهو ما جعل الكثيرين منهم غير مسيّسين و غير معبّئين نقابيا للدفاع حتى عن حقوقهم البيداغوجية و المادية …. سوريـــــا : ترحيل ثلاثة طلبة إلى تونس ….
استلم البوليس السياسي ثلاثة طلبة تونسيين تم ترحيلهم من قبل السلطات السورية بعد أن تم اتهامهم بالإنضمام للمقاومة العراقية ضد المحتل الأمريكي و عملائه و بعد استنطاقهم في محلات وزارة الداخلية تم إيداع حمزة الصدقــاوي – أصيل بنزرت و متزوج و له أبناء – يوم الخميس 21 جانفي 2010 في سجن المرناقية في حين تم إطلاق سراح كل من وحيد عثمــان – أصيل بنزرت – و سامي النابلـــي – أصيل تونس – تونس : إيقاف طالبتين ….
نظمت جمعية النساء الديمقراطيات مساء يوم الجمعة 22 جانفي 2010 بمقر الجمعية تظاهرة تضامنية مع الطلبة المساجين و المطرودين و قد قام البوليس السياسي باعتقال الطالبتين أمانــي رزق اللّــه و حنــان الظاهــــري اللتان تمت محاكمتهما في إطار ما يسمى بقضية مبيت البساتين بمنوبة و نالتا سنة سجنا و لكنهما بقيتا في حالة سراح و لم يتم إطلاق سراحهما إلا مساء السبت 23 جانفي تونـــــس : الإعتداء على أستاذ جامعي ……
خلال الأسبوع المنقضي حصل خلاف بين طالبة و أستاذ جامعي فقامت الطالبة بإبلاغ قريب لها ما حصل فسارع هذا الأخير إلى الكلية و تخاصم مع الأستاذ …. و قد ألقي القبض على الشاب – الذي يقيم بالخارج وهو بصدد إعداد أطروحة دكتوراه – و أحيل يوم السبت 16 جانفي 2010 على أنظار الدائرة الجناحية بالمحكمة الإبتدائية بتونس و أكد أنه لم يعتد بالعنف على الأستاذ و لم يهدّده و قد اعتذر بصفة رسمية للشاكي أمام المحكمة التي أجلت النظر في القضية إلى يوم السبت 23 جانفي الإتحاد العام لطلبة تونس : البوليس يحول دون عقد هيئة إدارية وطنية ….
حاصرت أعداد كبيرة من البوليس السياسي و منذ الصباح الباكر ليوم الأحد 24 جانفي 2010 المقر المركزي للإتحاد العام لطلبة تونس بنهج نابلس بالعاصمة بهدف منع انعقاد الهيئة الإدارية الوطنية التي كانت مخصصة لتدارس الأوضاع الحالية للمنظمة و بالخصوص أحكام السجن الصادرة بحق الأمين العام عزالدين زعتور و بقية المناضلين و تقول مصادر طلابية بأن النصاب القانوني لم يتوفر مما ترتب عنه تأجيل الهيئة الإدارية إلى موعد لاحق …. و كان عدد كبير من مناضلي و أنصار الإتحاد قد تجمعوا بمقر المنظمة و ذلك تحت المراقبة الشديدة للبوليس السياسي كلية العلوم الإقتصادية بالمروج : إستياء و تذمر الأساتذة من موقعها ….
عبّر أساتذة كلية العلوم الإقتصادية عن تذمرهم من موقع إقامة المبنى الجديد للكلية وسط حي شعبي بمدينة المروج و لكن هذا الإحتجاج جاء متأخرا جدا حيث أن البناية قد ارتفعت و لم يبق سوى أشهر قليلة على إنجازها و من المنتظر أن تستقبل الطلبة في شهر سبتمبر القادم و كان أولى بالأساتذة أن يطرحوا الموضوع بصفة مبكرة خاصة و أنه تم الإعلان عن نقل الكلية منذ أكثر من سنتين و لكن يبدو أن الصراعات بين الأساتذة لم تترك وقتا لهم لينتبهوا للموضوع إلا مؤخرا …. سنة 2010 : البطالة ستتفاقم في صفوف خريجي التعليم العالي ….
يتوقع خبراء مستقلون أن لا تتجاوز نسبة النمو خلال السنة الحالية 2010 نسبة 2,4 في المائة وهو ما سيكون له إنعكاسات على التشغيل و خاصة في صفوف أصحاب الشهادات العليا الجامعـــة الحـــرّة بتونـــس : تهديــد بالغلـــق ….
أيام قليلة بعد تعيين الوزير الجديد بشير التكاري قررت وزارة التعليم العالي و البحث العلمي سحب الترخيص للجامعة الحرّة بتونس بالنسبة للسنوات الثلاث القادمة وهو ما يعني – عمليا – الحكم عليها بالموت و تعتبر الجامعة الحرة بتونس أول جامعة خاصة يتم إنشاؤها بالبلاد و قد أسسها محمــد البوصيـــري بوعبدلّــي سنة 1973 و تضم خلال السنة الجامعية الحالية أكثر من 1500 طالب قرابة الــ 50 في المائة منهم أجانب و ينحدرون من 50 بلد فرنكوفوني و تضم الجامعة ثلاث مؤسسات هي : – معهد البوليتكنيك و يوجد به عشر شعب لتكوين المهندسين – مدرسة للهندسة المعمارية – كلية الحقوق و علوم التصرف و كان بوعبدلي قد أصدرفي أكتوبر 2009 كتابا تحت عنوان : » يوم أدركت أن تونس لم تعد بلد حرية » ( 240 صفحة ) قدم له المحامي باتريك بودوان الرئيس الشرفي للفيدرالية الدولية لرابطات حقوق الإنسان و قد تحدث بوعبدلي في هذا الكتاب – من جملة ما تحدث – عن الصعوبات التي تعرضت لها جامعته و العراقيل التي وضعت أمامه لمنعه من تطويرها …. جومين – بنزرت – : الإعتداء على أساتذة …
قام مجموعة من المنحرفين يوم الثلاثاء 19 جانفي 2010 بالإعتداء بالعنف الشديد على بعض الأساتذة في مدينة جومين من ولاية بنزرت …. و احتجاجا على هذا الإعتداء نفّد الأساتذة بالمؤسسات التربوية بجومين إضرابا عن العمل من الساعة العاشرة إلى منتصف النهار و ذلك يوم الإربعاء
هجرة العقول : أكثر من خمسة آلاف كفاءة في الخارج ….. يتواجد بالخارج عدد كبير من الكفاءات التونسية التي آثرت الهجرة على البقاء في أرض الوطن بسبب الظروف الغير مناسبة للعمل أو بسبب المضايقات و يتوزع هؤلاء بين أطباء و مهندسين و باحثين و … و قد تجاوز عددهم – حسب إحصائيات رسمية لشهر جويلية 2007 – الخمسة آلاف و قد توزع هؤلاء – في عدد من القارات – حسب النسب التالية : – أوروبا : 60,5 في المائة – أمريكا : 23 بالمائة – الوطن العربي : 15 بالمائة و يتوزع هؤلاء حسب الإختصاص : – المهندسون : 2282 – المدرّسون الباحثون : 1284 – الأطباء : 831 و يوجد العدد الأكبر من هؤلاء في فرنسا ( 1580 ) ثم كندا ( 607 ) و الولايات المتحدة الأمريكية ( 532 ) و ألمانيا ( 502 ) و يتجاوز العدد الحقيقي للكفاءات المهاجرة الأرقام المنشورة …. القصريــــن : أستـــاذ يتسبب في جريمة قتــل …. تعرض أستاذ تعليم ثانوي في منتصف شهر جانفي إلى عملية » براكاج » من قبل شاب و لكنه استطاع أن يتخلص منه و لكن الرغبة في الإنتقام ممن اعترض سبيله كانت جامحة الإنتقام فاستنجد ببعض أقاربه و أخذ يبحث عن المعتدي و قد توجهت شكوكه إلى أحد الشبان فقاموا بمطاردته و أثناء الملاحقة قام الأستاذ بقذف الشاب بحجر فأصابه في رأسه فسقط مغشيا عليه و من ثم فارق الحياة و قد قام الأستاذ بتسليم نفسه كما تم إيقاف من شاركوه في الجريمة الجــــــم : وفاة تلميــــذ الباكالوريـــا …. بينما كان التلميذ أسامـــة الحــاج فــــرج يقوم بإشعال » الكانون » خارج منزل العائلة بمدينة الجم ( ولاية المهدية ) مستعملا البنزين لتسهيل عملية الإيقاد هبت ريح قوية فتسرب لهب النار إلى ثيابه التي اشتعلت فسارعت أمه و إخوته إلى إخمادها باستعمال » بطانية » في حين ارتمى أسامة على العشب في محاولة لإخماد النار و قد نجحوا في ذلك إلا أن الإصابة كانت عميقة و قد تم نقله إلى مستشفى الجم ثم إلى مستشفى المهدية و بسبب عدم إسعافه بالسرعة المطلوبة قام أهله بنقله إلى مصحة خاصة و من ثم إلى مركز الإصابات و الحروق البليغة ببن عروس حيث بقي تحت العناية المركزة لمدة تسعة أيام فارق على إثرها الحياة و كان موقفا مؤثرا عندما سأل التلميذ الطبيب المعالج له : » باش نعّدي الباكالوريا و لا باش نموت » …. و لكن الموت كانت أسبق …. رحمه اللّه رحمة واسعة و إنا للّه و إنّا إليه راجعون و فــي الختــــام : » إن الحدود لطاقة البشر ليست هي الحــدود الخارجية التي تحاصرهــــم ،
بل هي الحــــدود التي رسموها في عقولهــــم »
التحريض على السيادة الوطنية
حرر من قبل صـابر التونسي في الخميس, 28. جانفي 2010 نصبته هيأة الأمم مراقبا عاما على آداء الدول في حربها على « الإرهاب » ليقرر الفصل بين الخيط الأبيض للمواجهاتِ المشروعة، والخيط الأسود للإنتهاكات الإنسانية التي يمكن أن ترافق العملية! ولا نشك أن كل حرب يخالطها قدر من القذارة والمكر والدس، والكيد، وتصفية الحسابات! … ولكن ما نشك فيه هو قدرة شخص بعينه على التحقق من ذلك بمفرده، إن تحلى بالنزاهة وتجرد من الأهواء ونزعات الهيمنة والغطرسة! وهو ما لم يكن متوفرا في السيد « شينين » الذي استقبلته بلادنا بالترحاب وفتحت له أبوابها على مدى خمسة أيّام قضّاها زاعما أنه يتفقّد كيفيّة تطبيق « قانون الإرهاب » وتأثير ذلك التطبيق على المساس بحقوق الإنسان وبالحريّات الأساسيّة! … ولأن حكومتنا كريمة فقد عملت بالقول العربي القديم: « إن الكريم إذا دعي لطعنة أجاب »! فقد سمحت له بتقصي الأمر مع أفراد من الحكومة والقضاء والأمن وآخرين ممن يسمون أنفسهم بالحقوقيّين الذين يبيعون بياناتهم بالأورو والدولار! … ولا يرقبون في وطنهم إلا ولا ذمة! معتقدين أن البيانات وسيلة لتصفية الحسابات! اعتقد « شنين » أن فتح باب الوطن « ومراكز اصلاحه » في وجهه ناجم عن ضعف في المواقف أو خوف من شخصه ومن الجهة التي يمثلها! … فصدق فيه قول المتنبي » إن أنت أكرمت الكريم ملكته وإن أنت أكرمت اللئيم تمرد »! … وقد حمله تمرده الأحمق إلى طلب ما لا يطلب! وهو زيارة مقرات أمن الدولة! معتقدا أن ذلك من حقه ومندرج ضمن مهمته! كيف يفوته وهو المسؤول الأممي أن مقرات « أمن الدولة » من خصوصيات الدول وهي عورتها التي لا يحق لأي كان أن يكشفها! ممنوع دخولها على الهواة والفضوليين! … يدخلها الجزار راكبا والذبيحة محمولة! … إننا نفرق بين أن نتنازل عن أشياء لضيف في إطار تقاليدنا العريقة في الكرم الذي لا يفهمون معناه! … وبين أن نتنازل عن كرامتنا وحيائنا فنسمح لضيف مهووس أو مدسوس أن يكشف عوراتنا! ويعري مقرات « أمن دولتنا » و »رمز عزتنا »! « النار ولا العار »! … مقرات السيادة الوطنية لا يحق لغير « الوطنيين » أن يطأوها أو يعرفوا أماكنها! نحن مؤمنون بأن هناك أوقات ومواقف لابد فيها من قول « لا » لأن هؤلاء القوم لا يوقف تطاولهم شيء، وربما يحملهم الحلم المبالغ فيه على طلب زيارة القصر وغرف نوم الزعيم! … ما يمنعهم وقد فعلوها من قبل؟! غادر « شنين » البلد! مذموما مدحورا! فخبط في تقريره خبط الكائد والدساس! مستغربا أن المحاكمات تبنى على الإعترافات وليس على الأدلة! … وهو ما دل على ضحالة بضاعته، فيما يزعم أنه فيه رائد ومعلم! … أليس الإعتراف سيد الأدلة؟؟!! وهل قابل في السجن أم خارجه من صرح له بأن الإعترافات نزعت منه تحت التعذيب؟ … من هم؟ وكم عددهم؟ … أم أنه ينقل معلوماته عن زيد و »عمرة »!! كلام كثير قاله يدل على أنه كلام من يهرف بما لا يعرف! حيث زعم أن كثيرا من الشباب حوكموا لأنهم يصلون أو زاروا موقعا اسلاميا أو أنزلوا مادة من تلك المواقع! … ولا أدري أين وجه الغرابة في ذلك؟! … فالحاكم يتعامل مع شعبه كالوليّ الذي يعلم مسبقا بحكم تجربته مآلات أفعال أبنائه! فيوقفها قبل أن تتطور وتحل الكارثة أو تعمّ البلوى! … لذلك تراه أحيانا يعاقب ويمنع وهو الأب العطوف المحبّ! زعم « الشينين » أن جهاز مكافحة الارهاب وأفعاله أكبر بكثير من حقيقة الارهاب وممارساته! … لامزا بأن مقاومة الإرهاب قد أصبحت شكلا من أشكال الإرهاب! وفاته أن جميع المواطنين على قلب رجل واحد مع « حاكمهم » و »أمنهم » يدينون ارهابه ويعلنون مساندتهم لعزة بلدهم! ويكررون مع شاعرهم: لا عدل إلا إن تعادلت القوى ** وتصادم الإرهاب بالإرهاب
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 28 جانفي 2010)
فرحات حشاد.. من بيت أحد السمّاكين في قرقنة إلى مجلس الأمن في نيويورك
سأترك لكم السّياسة و التّأريخ ، سأترك لكم البحث في القوانين الدوليّة و سأترك لكم التوثيق بالوقائع و الأرقام و الصّور ، فلستُ من هواة الكلام على الكلام و أدرك أنّي لن آتِيَ بجديد . في المقابل ، اسمحوا يا سادة أن تَدَعُوا لي ساحة العاطفة. فلن أفشيَ سرّا إذا قلت ، و بعد كلّ ما درَست و دَرَّستُ عن الشّهيد فرحات حشّاد ، شاهدت الشّريط الذي بثّته عنه قناة » الجزيرة الوثائقيّة » عشر مرّات . نعم عشر مرّات . و في كلّ مرّة لا أقوى على منع قشعريرة تكتنفني و دمعة تترقرق في المآقي فيمنعها الإباء . سيقول بعضهم: الإباء ؟ لِمَ العبارات الفضفاضة؟ نعم الإبَاء ، و لستُ أرى غيره يقينًا بأنّ الرّجل كان أكبر من الدّموع. رجلٌ حمل قدَرَه على كتفيه منذ انخرط في النّضال، رجل أدرك أنّه ميّت لا محالة و كان يقول » لابدّ أن يموت أحدنا كي يُفتَحَ طريق للحريّة » و تقبّل دور القربان عن طيب خاطر ، لم يهرب ، لم يختبئ ، لم يترك البلاد و لم يهادن . و مات مناضلا . كلّ الزّعماء نالهم النّفي و الاعتقال و التعذيب إلاّ حشّاد ، كان زعيما في حجم الاغتيال ، ما كان لشيء أن يوقفه سوى التّصفية الجسديّة . رجل لم يشترط الإمكانيّات ليحقّق الإنجاز ، كلّ عدّته كانت مائدة و قنديلا و قلما و بضع أوراق و عزما كبير و حبّا للشّعب أكبر ، ضاقت به الضّلوع ففاض عنها إلى ساحات النّضال . فجاءت الإنجازات في حجم العزائم : نقابات للجنوب ، فنقابات لعمّال الشّمال ، ثمّ اتّحاد عامّ تونسيّ للشّغل هو الأوّل على الإطلاق في شمال إفريقيا بل في العالم العربي كلّه ، غوص في أعماق الطبقة الشّغيلة و تجذّر في التجربة الاشتراكيّة و تفطّن لأهميّة دور شيوخ الإسلام ، كلّ هذا مع اتّصالات و علاقات وثيقة بالنقابات الفرنسيّة و العالميّة و تبليغ صوت تونس في المؤتمرات الدوليّة ، ثمّ اقتران النّضال النقابي بالكفاح السّياسي يقينا بأنّ كرامة الوطن و حريّته كلّ لا يتجزّأ . حتّى صار الرّجل أحد الزّعماء إن لم يكن أبرزهم و أخطرهم حضورا و إقناعا و إشعاعا و حماسا و مثابرة . ثمّ كان صباح يوم الجمعة 5 ديسمبر 1952 . و في الطّريق الفاصلة بين « رادس » و « نعسان » سالت دماء روَتْ .. و روَتْ . أربع و عشرون طلقة ناريّة على السيّارة و بضع طلقات على الجسد : في القلب و الرّئة و الجنب و رصاصة أخيرة استقرّت في الرّأس. ليس غريبا أن يكون موت حشّاد شرارة البداية و شحنة دافعة لاندلاع المقاومة في الدّاخل و الخارج . كم كانت غبيّة تلك الأيدي الإجراميّة التي امتدّت إليه في صلف و غدر حين ظنّت أنّها بقتله قد أخرست صوتا و غفلت أنّها أطلقت ملايين الحناجر ، فتفاعلا مع اغتياله خرجت مظاهرات في الولايات المتّحدة و روسيا و عدّة عواصم أوروبيّة ، و أقيمت عليه صلاة الغائب في مصر ، و انتظمت إضرابات و مظاهرات هي الأشدّ من نوعها في المغرب الأقصى و التي أدّت إلى اندلاع الحركة المسلّحة ضدّ الاستعمار وبعدُ … يُفتَحُ قبر الشّهيد لتُنقَلَ رفاته إلى العاصمة بعد ثلاث سنوات من دفنه فإذا به كما تركوه إلى حدّ إغماء أحد الحاضرين. و كأنّ دود الأرض شعر أنّ الميّت من طينة العظماء فاستحى و أخلى المكان. ألم أقل لكم إنّه أكبر من الدّموع؟
محمد الحمروني :بعد اعتراف مرتكبي الاغتيال على الجزيرة الوثائقية تونس: تشكيل منظمة «الحقيقة والعدالة لفرحات حشاد» في فرنسا
تونس – محمد الحمروني رغم مرور أكثر من شهر عن الشريط الوثائقي الذي بثته قناة الجزيرة الوثائقية حول عملية « اغتيال حشاد » ما زالت ردود الفعل على هذا الشريط متواصلة إلى الآن. بل إن الشريط، وفق عدد من المراقبين هنا في تونس، أعاد قضية حشاد إلى واجهة الأحداث وكأن الاغتيال تم منذ زمن قريب. فبعد الإعلان عن عزم بعض الجهات التونسية محاكمة القتلة بناء على الشهادة التي قدمها « أنطوان موليرو » العميل في منظمة اليد الحمراء والتي اعترف فيها بمسؤولية المنظمة ومن ورائها الحكومة الفرنسية في عملية الاغتيال، تحولت قضية حشاد إلى موضوع لعدد كبير من الندوات الفكرية والسياسية. وإذا ما أضفنا إلى كل ذلك الحملة الإعلامية التي رافقت بث الشريط يمكن القول إن قضية اغتيال حشاد، وبعيدا عن أي توظيف سياسي لها، باتت قضية الموسم في تونس. آخر الأنباء في هذا المجال حملت إلينا، ومن فرنسا نفسها هذه المرة، نبأ عن اعتزام مجموعة من الناشطين السياسيين المقيمين في العاصمة الفرنسية باريس، إنشاء منظمة أطلقوا عليها اسم « الحقيقة والعدالة لفرحات حشاد ». وقال الداعون إلى هذه المبادرة إن الإعلان عن تأسيس هذه المنظمة يأتي « تفاعلا مع التصريحات الاستفزازية الخطيرة التي أدلى بها أحد أعضاء المنظمة الإرهابية (اليد الحمراء) لقناة الجزيرة الوثائقية خلال شهر ديسمبر من العام الماضي الذي أكد ليس ضلوع أعلى السلط الفرنسية فحسب ممثلة في شخص « رئيس المجلس »، أي الوزير الأول وقتئذ، في عملية الاغتيال الدنيئة التي ذهب ضحيتها الشهيد الرمز فرحات حشاد يوم 5 ديسمبر 1952، وإنما أيضا تبنّيه المطلق لهذه الجريمة النكراء بالقول (لو كان لي أن أعيد صنيعي لأعدته) ». وأضاف أصحاب المبادرة في بيان حصلت « العرب » على نسخة منه « وعملا منا على المحافظة على ذاكرتنا الجمعية واقتناعا منا بضرورة وضع حد نهائي لحالة الإفلات من العقاب التي تمتع بها باطلا، على امتداد أكثر من نصف قرن، أمثال السيد « ميلرو » وشعورا منا كذلك بأن العلاقات الودية والأخوية بين الشعوب لا تبنى على الكذب والزور والتهرب اللامشروع من تحمل المسؤولية القانونية والتاريخية وإنما تؤسس على الحقيقة والعدالة المنصفة خاصة للطرف المعتدى عليه، بعيدا كل البعد عن عقلية التشفي أو الاقتصاص…. فلقد قررنا استعمال كل الوسائل والإجراءات القانونية لإعلاء الحقيقة وإنصاف الشهيد ». وإلى جانب التحرك القانوني من أجل محاكمة القتلة، وبالإضافة إلى الحملة الإعلامية التي تشنها منذ شهر تقريبا الصحف التونسية ضد مرتكبي هذه الجريمة ومن يقف وراءهم، أصبح الشريط الذي بثته الجزيرة محور سجالات تاريخية بين عدد من الكتاب والمفكرين وخاصة المؤرخين التونسيين الذي استغلوا هذه المناسبة لإعادة النبش في الملفات التاريخية لهذه القضية. وشكل تعبير عدد من النقابيين عن استعدادهم لتقديم وثائق لم يكشف عنها من قبل، وذات علاقة وطيدة بالقضية، فرصة لهؤلاء المؤرخين لإعادة النظر في ملف اغتيال حشاد بناء على ما كشفه الشريط الذي قدمته الجزيرة وبناء أيضا على ما تضمنته الوثائق الجديدة من معطيات. (المصدر: « العرب » (يومية – قطر) بتاريخ 29 جانفي 2010)
في القول
بحري العرفاوي (*) «تكلم حتى أراك».. يتبدى الإنسانُ في الكلمات حين يستفرغ ذاته في المفردات، يتبدى بما هو فكرة وعاطفة وشوق وألم وأمل وبما هو سؤال وقلق وغضب…تكلم حتى أراك في جوهرك وحقيقتك وحتى أقدر على تحديد طبيعة العلاقة وطرائق التعامل معك ومسافة الإقتراب منك… ليس ثمة من مُترجم للذات إلا صاحبها حين يُعبّرُ منسابا آمنا لا يحتاجُ تسللا في المفردات المبهمة ولا يُضطر إلى تقية. لا خوف من الكلمات ما لم تكن فخاخا وما لم تكن أوعية لسوائل مؤذية… لا خوف من الذين يتبدون في اللغة يقولون ما يرون وما يجدون في أنفسهم وما ينتظرون. يُخشى أن يكون الصامتون يُخفون نوايا غير مطابقة لملامح وجوههم وابتساماتهم. «الصمت» ظلمة وأسرارٌ وعالمُ غيب! كتل من الظلمة تتحرك في شوارع المدن ومن حولك تبادلك التحية باهتة باردة! تكلم حتى أراك أيها المُحتجبُ في الصمت أيها المقيمُ في «الظلمة» لا يُطمأن إليك إن كنت من الأصدقاء أم من الخصوم ولا تُعرف لك وجهة ٌ ولا يُستقرأُ لك مآلٌ. من يقدرُ على ترجمة إيماءة الرأس تلك أو تقاسيم وجوه الصامتين وتمتماتهم؟ «القولُ» انشراحُ الذات على العالم وانسجام واع حرّ في حالة التدافع التاريخي مع شركاء المكان والزمان بل ومع السابقين واللاحقين بما يحققه القول من تفاعل مع الماضي ومن مقدمات للمستقبل. الذات السوية يلتقي فيها المقولُ والمعقولُ والمعمولُ. حتى لا يكون القولُ مُضللا للآخرين ولا مُشيعًا لأوهام ولا ليأسٍ ولا يكونُ شهادة زائفة في مرحلة ما من مراحل تاريخ المجتمعات والدول. «القولُ» ليس مجرد لغوٍ أو تصريف باهتٍ للألفاظ ، إنه حالة من التبدي الواعي والإرادي في عيون ووعي الآخرين وفي مساحة حية من التاريخ… إننا نكون بصدد «فعل» ونحن نقولُ إذ القولُ فعلٌ حقيقي بما يُحدثه من أثر نفسي وذهني لدى الآخرين وبما يترتب عنه من مواقف وممارسات وطبيعة علاقات. نتأملُ الصامتين لا يتبدون ولا تنزاحُ ذواتهم في القول فلا يُعرفون ولا يُعرف كيف يُتعاملُ معهم! نتأمل ذوي «قول» مُبهم أو ذوي لغو مُقرف أو ذوي لغط واهم أو ذوي مدح لاعق أو ذوي قدح حانق. نتأملُ مفردات « قواميس» العامة والنخبة والساسة ونبحث في مشتركات «القول» وفي حظوظ تشكيل ملحّ ثقافي تتاح دراسته ويمكن تفعيله في مقصد حوار الحضارات. يُعتقدُ أن «الشخصية المجتمعية» لا يُعبر عنها في «أقوال» الأكاديميين أو السياسيين أو النخبة وإنما يُعبر عنها في «أقوال» الشارع بما يلهجُ به من مفردات نابية أو ساخرة أو جامحة وبما يُحتج به أيضا من أمثلة شعبية تناسلت من «أقوال» الغابرين. ونحن في آخر العقد الأول من القرن الواحد والعشرين لا أثر في القاموس العمومي المشترك ل «أقوال» المثقفين والساسة والفلاسفة والشعراء! (*) كاتب وشاعر تونسي bahri.arfaoui@yahoo.fr (المصدر: « الصباح » (يومية – تونس) بتاريخ 29 جانفي 2010)
حرب افتراضيّة بين المدونين « التجمعيّين » والمُستقلين
بقلم: المدوّن (تيتوف) تحوّل الفضاء التدوينيّ في بلادنا أو ما اصطلح المدونون على تسميته بـ »البلوغسفار » إلى ساحة حرب « طاحنة » بين المدونين « التجمعيين » الذين يسمون أنفسهم بـ »المدونين الوطنيين » و آخرون مستقلون أو معارضون. ويبدو أن وجهتي النظر المتناقضتين أدتا في أحيان كثيرا إلى تعطيل الحوار الذي حلّ محله تبادل التهم بالخيانة والعمالة وانعدام الوطنيّة. المدوّن المستقلّ المعروف باسم « تيتوف » ، والمشرف على مدوّنة « موطني » http://unsimplemec.blogspot.com/ ، تعرّض لهجمة من قبل « التجمعيين « واتهم بـ »العمالة » و »التطرّف » بعد أن انتقد تصورات الحزب الحاكم والمدونين المنحازين له ،وفيما يلي ، يكتب « تيتوف » لـ »الموقف » عن التشنّج الذي يشهده الفضاء التدوينيّ وغياب ثقافة الحوار لدى مدوّني الحزب الحاكم: في بلد أقصت حكومته كل أنواع الفكر المخالف ، وجد بعض الشباب التونسيّ في « البلوغسفار » منبرا حرا للتعبير عمّا يختلج في صدورهم من آراء و أفكار. و عرف هذا الفضاء محاولات متكررة وعديدة للنيل منه وتركعيه ، إمّا من خلال الحجب كما حصل مع عدد من المدونات المستقلة ونذكر مثلا مدونة « زياد الهاني » التي حجبت 16مرة ، أو بالاعتقال والهرسلة والتحقيق مثلما حصل مع الزّميلة « فاطمة اربيكا »على خلفية نشاطها التدويني. ورغم الحصار والحجب والاعتقال واصل المدونون الكتابة عبر النت مؤمنين بحقهم في حرية التعبير و إبداء الرأي. إلا أنّ المتربّصين بهذا الفضاء الحرّ وجدوا في زرع عناصر تحمل التوجه الحكومي وتدافع عنه خير وسيلة لتطويق « البلوغسفار » التونسي وتدجينه. ومن هنا ظهر « المدونون التجمعيون » أو من يسمون أنفسهم بـ »المدونين الوطنيين » في احتكار صارخ لمفهوم الوطنية وفي إشارة إلى أنّ من يخالفهم الرأي ينتمي ضرورة إلى معشر « اللاوطنين ». ولقد برّر الوطنيون ظهورهم في « البلوغسفار » برغبتهم في الحوار و تسليط الضوء على « المغالطات » التي يقدمها المدونون التونسيون على أنها حقائق ،إلا أنّ الأمر سرعان ما انكشف عن حقيقته . فالمتابع لهؤلاء المُدونين يلاحظ أنّهم لا يرغبون في الحوار بقدر ما يرغبون في الدعاية للحكومة و الحزب الحاكم والتصفيق لهما بلغة خشبية لا تشجع البتّة على الحوار. ويغلب على مدونات « التجمعيين » (الوطنيين) طابع القص اللصق دون اعتماد خطة واضحة لخلق فضاء حوار ذاتي، إذ غالبا ما يعتمدون على ما ينشر في الصحف الرسمية من مقالات دعائية فيقومون بإعادة نشرها عبر مدوناتهم. كما عمد بعض المدونين « الوطنين » إلى غلق خدمة التعليق عبر مدونتاتهم، مما جعلهم يصادرون حقّ التفاعل مع ما يكتبونه في حين أنّ الفضاء الالكترونيّ يختلف عن الواقعيّ في القدرة على التفاعل الآنيّ و التعليق على الفكرة في الإبان، وهو ما لم يتحمّله التجمعيون. هذه السلوكات التي تضيق بالرأي المخالف دفعت أحد الزملاء إلى تشبيه مدونات « الوطنين » بالتقارير الإخبارية التلفزية ،عندما كتب في إحدى تدويناته « التلفزة في البلوغسفار » إشارة إلى اعتماد بعض المدونين المحسوبين على الحزب الحاكم لنفس الخطاب التلفزي (تونس 7) عبر النت. كذلك يرى المتابع لتدويناتهم أنّ معظمها تقوم على الاتهام بالعمالة والخيانة والطعن في الوطنية والولاء لتونس ، فلا تكاد تخلو تدوينة من تدويناتهم من كلمة « الشرذمة الناعقة » أو « المتمسحين على أعتاب السفارات الأجنبية » وقد مضى بهم الأمر بعيدا إلى حد تشبيه البعض بـ »الكلاب » وإطلاق غيرها من الشتائم التي تعيق الحوار والتواصل. ناهيك عن لعب دور الضحية و « الأقلية المضطهدة » التي يتآمر عليها بعض « أصحاب النفوس المريضة والحاقدة ». وهذا ما حصل معي منذ أيام ، عندما رفضت الحوار مع أحد « الوطنين » ،فسارع إلي استعمال تقنية (تصوير الشاشة) لنشر ما كتبت ، ولاتهامي بعدم الوطنية و »الديكتاتورية » وإطلاق السباب من قبيل « خوانجي » ، حدث كل ذلك اثر رفضي للحوار معه عن الديمقراطية في مجموعة محجوبة ، وجدت أنه من النفاق و الازدواجية أن أناقش موضوعا مشابها في صفحة حجبها الحزب الذي ينتمي إليه هذا « الوطنيّ ». وعلى اثر الحملة التي شنّت ضدّي وجدتُ الكثير من المساندة من زملاء مُستقلين عن الحزب الحاكم ويؤمنون فعلا بحرية التعبير. ويرى الوطنيون أن المستقلين يشنون حملة ضدّهم قصد إسكات أصواتهم في الوقت الذي لم يطلب فيه زملائي ( على غرار المدونتين « بنت عائلة » و »موانئ ») سوى تفسيرا لجملة من التساؤلات ،و لقد ذهب أحد « الوطنيين ويدعى « حميدة » إلى اتهامنا بـ »الحقد و التآمر » في عملية تذكرنا بمحاكم التفتيش في القرون الوسطى والتي تهدف إلى محاسبة نوايا الناس والنبش فيها ، في الوقت الذي كان نفس المُدون يثني على هاتين المُدونتين المُستقلتين. ومن هنا يلاحظ المتابع لحركة التدوين التونسية ازدواجية المواقف والمعايير غير الواضحة ، فمن جهة إن كنت مسايرا لهؤلاء ومنحازا للحزب الحاكم فأنت وطني ، أمّا إن كنت غير ذلك وأبديت رأيا مخالفا، فستكون – ضرورة – في خانة النفوس الحاقدة والخونة، وهذا ما سنتصدى له كمدونين تونسيين مستقلين ووطنيين، نُؤمن فعلا – لا شعارا- بحرية التعبير. (المصدر: « الموقف » (أسبوعية معارضة – تونس)، لسان حال الحزب الديمقراطي التقدمي، العدد 529 بتاريخ 15 جانفي 2010)
الولاء للوطن يمر أيضا عبر احترام رموزه
بقلم: بسام بونني في تونس، تَحوّل حجب مواقع الإنترنت وتدميرها وقرصنة المدوّنات إلى حقّ مكتسب. لا حاجة، طبعا، للتذكير، هنا، بأنّ هذه السياسة تمثّل خرقا واضحا وصريحا للدستور والقوانين المرعية في البلاد. رأينا الضغوط التي مورست على المدوِّنة فاطمة الرياحي – المعروفة في عالم المدوّنات بفاطمة أرابيكا – حتّى تمُدّ محقّقيها بكلمات العبور لعناوينها الالكترونية والمدوّنات التي تشرف عليها، رغم عدم ثبوث أيّ تهمة ضدّها. تابعنا مدوّنة الزميل زياد الهاني التي أُغلقت بدون سند قانوني لأكثر من أربعين مرّة، ومعها مئات المدوّنات الأخرى لشبّان اختار معظهم التخفّي وراء إسم مستعار. سجّلنا ومازلنا حجب المواقع الرسمية لأحزاب ومنظمات، رغم أنّ بعضها معترف به قانونيّا. عدّدنا حالات تدمير وقرصنة المواقع والعناوين الالكترونية وحسابات الفيسبوك. لم يَعُد مفاجئا، إذن، أن تنتفض حكومات ومنظمات لانتقاد الوضع المتردّي لقطاع الإنترنت في بلادنا. فهذه وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلنتون، تقول إنّ تونس – إضافة إلى الصين وأوزباكستان ومصر والسعودية – عزّزت رقابتها على الإنترنت وتضيف : « إنّ الدول التي تنتهك حقّ المواطن في استخدام الإنترنت بحرية إنّما تعزل نفسها وراء جدار هو جدار برلين الحديث عن عجلة التقدّم خلال القرن الحالي ». وهذه منظمة هيومن رايتس ووتش تقدّم، في تقريرها السنوي، صورة قاتمة عن واقع الحريات وحقوق الإنسان في بلادنا، مع إشارة واضحة للتضييق الذي يستهدف مستخدمي الإنترنت. وقبلهما، صنّفت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان تونس من بين الدول « الأكثر قمعا » للمدوّنين. وحتى التقارير التي تستند إليها الحكومة لتقنعنا – دون جدوى – أنّ بلادنا جنّة على وجه الأرض فإنّها لم تكن رحيمة. فسلّم جودة الحياة أسند لتونس 17% في مؤشّر الحريات، بينما صنّف تقرير الحكم الرشيد في إفريقيا بلادنا من بين الدول الأقلّ احتراما للمشاركة السياسية والحرّيات الفردية والعامّة. تواتر الانتقادات لسجلّ تونس الحقوقي والتركيز على قطاع الإنترنت تحديدا يكتسي أهمية بالغة. ذلك أنّ الحكومات والمنظمات المستقلّة راهنت على تحوّل الشبكة العنكبوتية إلى فضاء بديل للواقع. وهو ما أضحى حقيقة في العديد من دول العالم. لكن، في المقابل، تمّ تصدير مشاكل الواقع إلى العالم الافتراضي، في دول أخرى، ومن بينها تونس. ومن المؤسف أن يتحوّل وضع الحرّيات في بلادنا إلى محلّ إجماع لدى الحكومات والمنظمات وأن تتشكّل لدى الرأي العام الدولي فكرة أنّ تونس بلد يطيب فيه كلّ شيء عدا التعبير عن الرأي، سواء في الواقع أو في الافتراض. وأعتقد جازما أنّ رفض النّقد القادم من الداخل هو السبب الأوّل والأخير لما آلت إليه صورة تونس في الخارج. فالخطاب السياسي والقوانين، في جهة، والممارسة، في جهة أخرى، مع استعمال آلة الترهيب لإخماد كلّ صوت نقدي، حتّى وإن كان من داخل النظام ذاته. وعليه، فإنّي أطمئن حرّاس الوطنية بأنّ لا أحد في تونس يستقوي بالأجنبي أو يجعل من آراء كلينتون وهيومن رايتس ووتش وغيرهما حجّته الوحيدة. لأنّنا ببساطة نعرف واقع البلاد ونعيشه يوميّا بغثّه وسمينه وخيره وشرّه وإيجابياته وسلبياته. لكن، نحزن ونصاب بالإحباط حين ندرك أنّ القطار قد فاتنا وأنه سيواصل مساره بدوننا. لذا تأتي، حينها، الانتقادات من الخارج، موجعة ومؤثّرة لكلّ تونسي وطنيّ – الوطنية الحقّة طبعا التي لا تشوبها شائبة -. لكن، من يعتبر ؟
(المصدر: « الموقف » (أسبوعية معارضة – تونس)، لسان حال الحزب الديمقراطي التقدمي، العدد 531 بتاريخ 29 جانفي 2010)
تونس في أفق 2040 : تجديد المشروع الحداثي التونسي
نظمت جمعية محمد علي للثقافة العمالية ومركز محمد علي للبحوث والدراسات والتكوين يومي 22 و 23 جانفي 2010 بأحد نزل تونس العاصمة ملتقى تحت عنوان » تونس في أفق 2040 : مساهمة في تجديد المشروع الحداثي التونسي. » وذلك بالتعاون مع السفارة الفنلندية بتونس ومؤسسة فريدريش ايبرت ومؤسسة ميبي الأمريكية و المعهد الفرنسي للتعاون. وأوضح السيد الحبيب قيزة رئيس الجمعية في افتتاح هذا الملتقى أن الدراسة الاستشرافية التي من المبرمج أن تستغرق سنتين ما زالت في سنتها الاولى وهي تعكس وجهات نظر باحثين مستقلين من اختصاصات مختلفة تناولوا بالدرس المشروع التحديثي التونسي منذ بداية تمظهراته مع أحمد باي إلى يومنا هذا مرورا بمختلف مراحل الحركة الوطنية وبناء الدولة الحديثة بعد الاستقلال. وذكر بأنه قبل الشروع في مرحلة الاستشراف تعمق فريق العمل الأساسي في فهم المشروع التحديثي التونسي من خلال تحليل التطور الحاصل في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية التي شهدته تونس خلال نصف القرن الأخير. وأكدت الاستنتاجات الأولية أن المشروع الحداثي التونسي هو اليوم بصدد الانحسار والتراجع ويحتاج إلى تجديد قادر على مواجهة التحديات والتغلب على النزعات المحافظة التي تستهدفه. وألمح السيد الحبيب قيزة إلى أن المشروع الذي بادرت إليه جمعيته لا يطمح فقط إلى إنجاز وثائق مرجعية أكاديمية لحاضر تونس ومستقبلها ولكنه يحرص أيضا على أن يكون فضاء حوار وتفكير وتفاعل تشارك فيه مكونات المجتمع المدني والدولة حول التاريخ الطويل المدى المتجاوز للظرفيات الراهنة. وقد خصص اليوم الأول من هذه الندوة لتقديم ومناقشة نتائج أشغال فريق العمل الأساسي حول استقراء الماضي، حيث قدّم الأستاذ عبد القادر زغل مفهوم الحداثة بالمعنى السوسيولوجي مذكرا بأنه نتاج المجتمع والحضارة الغربية و ربطه بظهور نظرية الحق الطبيعي و التأكيد على استقلالية الفرد والتعاقد الاجتماعي وبروز الدولة الوطنية الحديثة (في انكلترا) وانبثاق طبقة برجوازية تجارية وهو يتمحور في منظوره حول ثلاثة مبادئ أساسية هي المواطنة والمساواة الاجتماعية والهوية الثقافية الوطنية. واعتبر أن المحطة التاريخية الأبرز في التاريخ التونسي الحديث هي مؤتمر الحزب الحر الدستوري بصفاقس في نوفمبر 1955 حين تصارع مشروعان وكانت الغلبة لمشروع بورقيبة القائم على أساس دولة وطنية تضمن مبدأ المواطنة والمساواة الاجتماعية (تحالف مع اتحاد الشغل) وأمة تونسية منفتحة على الغرب و العالم الحر، وذلك على حساب مشروع بن يوسف المتجاوز للحدود الترابية والمتمسك في توجهاته المعلنة بمقولة الأمة العربية. كما ذكر بمحطات تاريخية أخرى بارزة في مستوى تحديث المجتمع المدني إلى جانب تحديث الدولة وأهمها سنة 1924 مع محمد علي الحامي والطاهر الحداد (تحالف بين مثقف عضوي زيتوني ونقابي إصلاحي) وسنة 1934 بقصر هلال مع مؤتمر الحزب الدستوري الجديد الذي شهد تحالفا بين نخبة سياسية فرنكفونية والفئات الشعبية التي توجهها وتتحكم فيها النخبة. من جهته قدّم الأستاذ عبد المجيد الشرفي نبذة حول خصائص الثقافة التونسية في الخمسين سنة الماضية لخصها في خمسة عناصر لا تستوفي كل ملامح الثقافة هي اللغة ـ التعليم ـ الدين ـ الفنون والآداب ـ الهوية والقيم. معددا المشاكل الحقيقة التي تواجهها مثل الثنائية اللغوية بين الدارجة والفصحى والازدواجية بين العربية والفرنسية (وغالبا دون إتقان لأي منهما) مؤكدا على أهمية اللغة الانكليزية للمساهمة في الحداثة عالميا. ولاحظ الضعف الفادح للمنظومة التعليمية بما في ذلك الجامعة (الاستقلالية والحريات الأكاديمية) وتقلص دور المدرسة العمومية وخاصة في الحراك والارتقاء الاجتماعي. وأكد بالنسبة للدين على ضرورة التخلص من مسار تاريخي كان يطغى عليه توظيف الدين لشرعنة الوضع القائم. أما الفنون والآداب فقد سجل تطور كمي للإنتاج والبنى التحتية (باستثناء السينما) ولكن نوعية الإنتاج تراجعت وتأثرت سلبا برقابة ضاغطة. ولئن كانت الهوية التي هي في حراك دائم بصدد البناء جزئيا بطريقة إرادية (سياسية) فإن تبني هوية تونسية يعتبر معطى حديثا نسبيا فكل مسلم في القرن 19 كان وطنه حيث يوجد حاكم مسلم لكن التونسي اليوم هو من له جواز سفر أو بطاقة تعريف تونسية دون أي شرط ديني أو ثقافي فهناك الآن في المجتمع التونسي أشخاص يعيشون فكريا في اوروبا وإن كانوا جسديا متواجدين في تونس، وتتراوح كل الخلافات المتعلقة بضبابية الانتماء حول سؤال يتردد: هل نحن تونسيون أم عرب أم مسلمون أم مستغربون؟….وأكد أن مشاكل شبابنا مرتبطة بعدم تمكنهم من اللغات وبأنهم غير متعلمين أو متكونين جيدا ولا يستهويهم الخطاب الديني الرسمي كما أنهم لا يعبرون ويبدعون بحرية (رقابة وخوف) و بعضهم منجذبون أمام قنوات تلفزية عربية تعتبر ظلامية بالنسبة إلى المجتمع التونسي الذي يعيش فعليا مسار علمنة وإن كانت غير معترف به نظريا ودستوريا. وشدد على أنه لا بد من انخراط والتزام أوسع ما يمكن من الشرائح الاجتماعية بمسار التحديث حتى لا يكون ضمن دائرة ضيقة. وفي أثناء النقاش الذي شارك فيه بالخصوص الأساتذة محمد الناصر وصلاح الدين الجورشي ومحمد علي الحلواني ومنوبية بن غذاهم وعلي سعيدان والهاشمي القروي وخديجة الشريف تمت الإشارة إلى أن الاستعمار كان حاملا لمشروع حداثي وافد تفاعلت معه وتأثرت به النخب التونسية بكل تياراتها بما فيها الزيتونية المستنيرة، واعتبر بعض المتدخلين أن للقوانين والقرارات التي اتخذتها الدولة خلال السنوات الخمس الأولى بعد الاستقلال أهمية قصوى في رسم ملامح تونس الحديثة حتى أن مجلة الأحوال الشخصية أصبحت رمزا لحداثة المجتمع التونسي في نظر العالم. كما لاحظ البعض تذبذب النخبة والدولة بين القطع والتواصل. وتولى الأستاذ محمود بن رمضان تقديم حصيلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في تونس مبيّنا أن نسق النمو الاقتصادي مرتفع باستمرار ولكن معدله بدأ يميل إلى الانخفاض والتباطؤ في العشرين سنة الفارطة ( 4.6 %) بالمقارنة مع الثلاثين سنة الأولى بعد الاستقلال (5.6 %)، وقد تضاعف الناتج المحلي الخام 14 مرة بين 1957 و 2009 ، ومتوسط الدخل الفردي 5 مرات. أما المشاكل الأساسية للاقتصاد التونسي فتمثلت بالخصوص في أزمة الاستثمار منذ عشر سنوات وهي مرتبطة بمستوى ثقة المستثمرين والحوكمة وكذلك تراجع إنتاجية العامل وضعف المحتوى التكنولوجي لمنتوجاتنا (القيمة التقنية لصادراتنا أقل مرتين من المغرب) ، بينما سجلت المؤشرات الاجتماعية عموما تطورا إيجابيا في مستوى تطور أمل الحياة عند الولادة وتقلص نسبة الفقر والأمية والأوبئة والعشوائيات والفوارق بين الجنسين ولكن المساواة والترقية الاجتماعية حسب الجدارة والكفاءة ضمن النموذج التونسي تبدو بصدد الاندثار (الرأسمال العائلي) كما تشكل البطالة ظاهرة مستفحلة وحالة بؤس وإحباط ( 180 ألف صاحب شهاد عليا عاطل عن العمل). وفي الجانب السياسي تم التذكير بأن الديمقراطية لم تكن القيمة الأكثر قبولا لدى النخبة التونسية حيث كان التركيز في العشريتين الأوليين على التنمية الاقتصادية والاجتماعية في ظل هيمنة حزب الدولة ، وما زال غياب الديمقراطية رغم الحراك الذي شهده المجتمع المدني منذ بداية السبعينات وبروز تيارات المعارضة حتى في صلب السلطة نفسها يشكل كلفة مجتمعية كبيرة في حين تعتبر المسألة الديمقراطية امتدادا طبيعيا للمشروع الحداثي والرفاه التونسي. هذا وقد تواصلت أشغال برنامج اليوم الأول من الملتقى بتقديم مداخلات أخرى هامة تناول خلالها الأستاذ مصطفى الحداد الأبعاد البيئية ومسألة التنمية المستديمة ( تطور التعبئة المائية، التلوث ولا سيما في السواحل، الانجراف…) وقدّم الأستاذ الطاهر بن قيزة قراءة نقدية لمفهوم الحداثة التي تعتبر الثورة الكوبرنيكية الحدث الأهم فلسفيا في التاريخ الحديث باعتبارها تصورا جديدا للطبيعة والكون وعقلنة الرؤية للعالم مؤكدا أن كل حداثة لا بد أن تقطع مع تقاليد ما، أما المغالاة في العقلنة فقد تؤدي إلى نظام مستبد غير أن التعصب ليس سوى نتاج هجين للحداثة لا يمكن مواجهته إلا بالقدرة التواصلية وتثمين الأبعاد الأخلاقية والجمالية للإنسان. وقدّم الأستاذ أحمد ونيّس قراءته للعوامل الحداثية التي شكلّت السياسة الخارجية لتونس المستقلة و لخصها في ثلاثة محددات هي الدولة الوطنية (القطرية) والتنمية والانفتاح معتبرا أن الإنسان الكوني هو في قلب المشروع التونسي. وتولى الأستاذ عمر بالهادي تقديم البعد المجالي (الجغرافي) الذي اعتبره ليس مجرد دعامة مادية ملموسة ومتميزة باستمراريتها (المدن، البنى التحتية …) بل له مضمونه السوسيوسياسي الذي يقع تداوله عبر الأجيال. ملاحظا بقاء التمايز بين تونسين، في الشرق(السواحل) تونس الاستثمار و في الغرب تونس « التضامن » ، و رغم تحقيق بعض المكاسب في مستوى تعصير الإدارات الجهوية وتقسيم الولايات وتسميتها بما تجاوز العامل القبلي وكسر الروابط العشائرية، و رغم تنقيح قانون البلديات والمجالس الجهوية فإن المجال/المواطني في تونس لم يصبح بعد بلديا ولامركزيا بالفعل في مستوى السلطة والتنمية المحلية ورغم الحوافز لم يقع الإقبال على المناطق ذات الأولوية. وفي الجزء الأخير من القراءة النقدية للماضي تم تقديم ورقات عمل إضافية بصدد الإنجاز قدمها الأستاذ عبد الكريم الحيزاوي حول وسائل الإعلام التي بيّن أنه كلما كانت السلطة أكتر تحكما فيها كلما قلّت مصداقيتها وتأثيرها مشيرا إلى ضرورة التمييز بين استعمال التقنيات الحديثة والحداثة. والأستاذة إقبال الغربي حول النوع الاجتماعي ووضعية المرأة في تونس (تحرير المرأة كان من آخر قواعد البناء الحداثي تاريخيا في المجتمعات الغربية ولكنه كان من أولها في تونس )، والاستاذ عبد القادر زغل حول علاقة الديني بالسياسي (تأثير المخيال الفرنسي على النموذج التونسي) والأستاذ المنجي طرشونة حول العلاقات المهنية والحماية الاجتماعية (مسألة استقلالية العمل النقابي، بروز المؤسسة الاقتصادية الخاصة…)، والأستاذ غازي الغرايري حول الفصل بين السلطات أو بالأحرى التوازن بينها وهو من مظاهر الحداثة السياسية إلى جانب التداول الذي يبقى اليوم الحلقة الضعيفة لنظام السياسي التونسي. وقد تمحورت أشغال اليوم الثاني حول التفكير في منهجية العمل ومحاور الدراسة الاستشرافية. وشارك فيها الأستاذ مصطفى الحداد الذي اعتبر أن للتحليل الاستشرافي أربع مراحل هي وصف الواقع الحالي واستكشاف التطورات الممكنة فكتابة سيناريوهات (مرجعية وسياقية) ثم اختيار القرار والتخطيط الاستراتيجي، ملاحظا أن السيناريوهات الاستشرافية قليلا ما يقع استيعابها في السياسات. أما الأستاذ جاك ولداودية فقد ذكر بأن الاستشراف يختلف عن التوقع وهو يعكس استمرار الأمل بأن الإنسان يتحكم في مصيره وشدد على أهمية الاخذ بعين الاعتبار ثلاث عناصر هي العلاقة بالماضي في كل أبعاده بما فيها الدينية (مراكمة هامة لمدة قرن ونصف للمشروع الحداثي التونسي) وحقيقة موقع تونس في العالم (لا يمكن لتونس وحدها أن تواجه نماذج مثل الصين)، والعلاقات الأفقية (العلاقة القوية بين الثروة والسلطة، القوى الاجتماعية…) مؤكدا أن القدرة النقدية هي التي تمثل روح الحداثة ونبه إلى الفخ المعياري لنماذج التنمية والخطابات السياسية باعتبار أن الشرعية هي الأهم لأي نظام سواء كانت عبر الديمقراطية أو غيرها. الأستاذ جاك فريسيني قدم ثلاث ملاحظات منهجية حول أهمية بعد المقارنة ولو أن كل مجموعة بشرية تحدد ورشتها التحديثية الخاصة بها، منبها بدوره إلى ظاهرة اللجوء إلى خطاب الحداثة كمصطلح إيجابي لشرعنة السلطة، وأكد ضرورة ضبط الرهانات الحاسمة (مثل الصراعات الاجتماعية وتحديد مسؤولية القطاع العام والقطاع الخاص) ، ولاحظ أن علم المستقبليات هو اليوم بصدد التراجع بعد صعوده منذ 40 عاما، وذلك بسبب العولمة متعددة الأبعاد والترابطات المتداخلة وتمفصل الاقتصادي والايكولوجي وهو ما ضاعف من صعوبة أي عمل استشرافي. وهذا ما أكده أيضا الأستاذ الشاذلي العياري الذي أشار إلى ما يتطلبه المشروع الطموح لجمعية محمد علي من قدرة بشرية ومادية كبيرة ولاحظ أن مخططاتنا التنموية في تونس أصبحت متحركة (مخطط نشيط) مفضلا استعمال القيم على المتغيرات، كما نبّه إلى تبدل علاقة الشباب اليوم بالزمن على أساس الفوري (التفكير فقط في اللحظة الراهنة) وصعوبة فهمه للمستقبل. عادل القادري ـ جريدة الوحدة
وتحدّثت إلى الموفق الإداري
علي بوراوي* نصحني صديق بالكتابة إلى الموفّق الإداري للشكوى عن تأخر حصولي على جواز سفري. قال لي إنّه عمليّ وفعّال. يكفيك أن تدخل بوابته الإلكترونية وتملأ الإستمارة، ثمّ تضغط على زر الإرسال، وسوف يأتيك جوابه بعد فترة قصيرة. شدّني الموقع بجمالية تصميمه ووضوح بياناته ويسر استعماله. أكملت ملء الإستمارة في أقل من دقيقتين! التفتّ إلى نفسي أعاتبها على عدم إحاطتي بما يجري في بلدي وما يقضي حوائجي من وسائط إدارية حديثة، بينما أتابع بدون ملل تفاصيل الحياة في فرنسا، من النقاش الدائر حول رواتب كبار موظفي الشركات، مرورا بالذكرى المائوية لوفاة « البير كامي »، إلى الإستعدادات الجارية للإنتخابات الجهوية. أنا التائه في أحداث فرنسا وتشعّباتها، أبحث عن خيط يوصل شكواي إلى من يسمعها ويعالجها في بلدي، فلا أجد سوى موظفين معدومي الوسائل، ليس لهم من حيلة يواجهون بها أسئلتي غير كلمات فاترة يحاولون بها طمأنتي، وهم يدركون أكثر مني أنها لا تنفع في شيء. أنحني على الكمبيوتر وأكتب الطلب بعد الطلب، والشكوى تلو الشكوى، ثم أهرع إلى الهاتف وأجري المكالمة إثر المكالمة، ولا من مجيب! أرسل الرسالة إثر الرسالة، وأتطلّع إلى ساعي البريد في إطلالته اليومية على العمارة التي أسكنها، فلا ردّ سوى إشعار بوصول رسائلي إلى أصحابها. أدقّق في قراءة رقم من يهاتفني، فلا جواب سوى كلمات تحاول طمأنتي، وتؤكّد على التحلي بالصبر والتفاؤل بالمستقبل، وتعد بأنّ الفرج قريب! فقدت الثقة في الرسائل والمكالمات الهاتفية ومختلف وسائل الإتصال التقليدية، وحتّى في لوحة مفاتيح الكمبيوتر. أضغط على حروفها، فتخرج باهتة اللّون ثقيلة الحركة، لا تكاد تستوي على السّطر. قلت مرّة –وأنا أكتب إحدى الرسائل- لعلّ الورق فعلها فيّ ودسّ دسيسته، إمعانا في إهانتي والتنكيل بي، ولكنّي استحييت من نصاعة بياضه، وهو يومئ إليّ ببراءته ممّا أعانيه. فأتراجع بسرعة عن اتهامه، وألغي توجّسي منه. لقد سخرت منّي هذه الأدوات طويلا، وأخلفت وعدها. اشتريتها بكدّ يميني وعرق جبيني، لتساعدني على همّ الزمان، ولكنّها خانتني. أمعنت النّظر في صفحة الموفّق الإداري على شاشة الكمبيوتر وسألته: ها أنت ترى ما فعله بي السابقون، فهل تنصفني أيّها الموفّق الإداري؟ أيّها الرفيق الجديد: خانني الآخرون وسخروا منّي! غدروا بي جميعا: الهاتف والبريد العادي والبريد المسجّل وحتى الفاكس! حتى الفاكس انضمّ إليهم وأطلق عليّ ضحكته السّاخرة. ثلاثون شهرا كاملة وأنا بينهم أطالب وأشرح وأوضّح، ولم يشبعوا منّي. ثلاثون شهرا قضيتها في انتظار الوفاء بوعد، والظّفر بحق، والإنتصار لوطن، ولد فيها من ولد، ومات خلالها من مات، وأفرج خلالها عن المتخلّفين من معتقلي غوانتانامو، وعادوا إلى بلدانهم وذويهم، ولكن جواز سفري ظلّ غائبا، أتطّلع في صباح كل يوم إلى إطلالته، حتى أصبح مثل المهدي المنتظر. ربما لا يهم هؤلاء تعطّل مصالحي، وحرماني من زيارة أهلي ووطني، وحرمان أبنائي من رؤية وطنهم والتّمرّغ في تراب الواحة واللّعب بين نخيلها. ولكن أليست لهؤلاء المانعين مشاغل أخرى يفيدون بها أنفسهم وبلادهم؟ أخبٍرني أيّها الموفّق الإداري، فمعرفتي بك جد قصيرة، لا تسمح لي بتقييمك. قل لي: هل أنت من نسل سابقيك؟ أم أنت من جيل آخر نهض ليمسح غبار سنوات طويلة، وليعيد إلى بلدي بسمته وأناقته؟ قل لي متى يتوقّف النّزيف وتعمر البسمة شفاه الوطن وأهله؟ لمحت إشارة إرسال « العريضة » تومض على الشاشة، فبسملت واستعذت بالله من كلّ شرّ، ثم ضغطت عليها بفأرة الكمبيوتر، وأرسلتها، ثم عدت إلى أوراقي في انتظار جواز السفر، عجّل الله فرجه.
* صحفي تونسي مقيم في فرنسا
قابس: اللاقمي الميت… آفة تنهش الواحة وتنخر البلاد والعباد…
قابس ـ الصباح الاقبال على اللاقمي الميت ظاهرة استفحلت بشكل لافت بقابس والجهات القريبة منها فأتت على الأخضر واليابس وانحدرت إلى أشبال مجتمعنا ليختلط الأب بالابن في ظلمات من المحظور. وتعددت التسميات «اللقٌوم» أو «صاروخ» اللاقمي الميت كما يشتهي مريدوه تسميته، هذا المسكر يحمل بين قطراته وخلال مراحل إعداده و ترويجه عديد الآفات فهذا العصير المنعش يضفي مسحة الجمالية خلال فصل الربيع بالجهة، والسؤال المطروح لم لا يتم تقنين عملية استخراجه وترويجه في معادلة تجمع بين تشبيب الواحة من ناحية والمحافظة على لاقمي قابس من ناحية ثانية بتثمينه وإكسابه بعدا علميا جديدا حتى يستغل في مجالات وبحوث علمية موازية… غير أن عبث الهامشيين الخارجين عن دائرة القانون من مروجي ومستهلكي اللاقمي الميت يعمدون الى قتل قلب النخلة لامتصاص روحها والقضاء عليها نهائيا حتى أنك ترى واحة قابس هذه الواحة البحرية الفريدة من نوعها في العالم، تسقط نخلة تلوى الأخرى ليمحى طابعا هاما بالجهة لتفقد بذلك خصوصيتها وشموخها وتصبح أعجاز صامتة لا حياة فيها..
النخيل قلب الواحة النابض… أفادنا السيد محمد الجريدي رئيس الاتحاد الجهوي للفلاحة والصيد البحري بقابس السيد محمد الجريدي رئيس الاتحاد الجهوي للفلاحة والصيد البحري بقابس أن الواحة البحريةبالجهة تعد نادرة وهي ثروة فلاحية لا يستهان بها حيث تتميز جهة قابس بعديد الأنواع من التمور الجيدة حتى أن نوع الكنتة على سبيل المثال تصدر منه كميات تقدر بحوالي ثلاثة آلاف طن سنويا كما تستغل النخلة كدرع لغراسات الطبقة الأولى والثانية وتساهم في خلق توازن بيولوجي للنمط الفلاحي بالجهة. واعتبارا لأهمية النخيل كموروث فلاحي بالتوازي مع المحافظة على مادة اللاقمي الحلو كخصوصية جهوية ,حظيت الواحات بعناية خاصة, حيث تم اتخاذ الإجراءات والتدابير الحمائية وطنيا وجهويا ولعل القانون عدد 73 لسنة 2008 القاضي بالحصول على رخصة لقتل النخلة وإلزامية تعويض كل نخلة مرخص في قتلها بأكثر من نخلة أخرى يهدف بالأساس إلى تشبيب الواحة وإدماج أنواع جديدة من النخيل ذات القيمة المضافة والجدوى الفاعلة. غير أن قتل النخيل من أجل اللاقمي الميت يعتبر استنزاف غير قانوني لهذا الثروة ويبقى دائما هامشيا لذا وجب التدخل من أجل القضاء على هذه الظاهرة تماما.
اللاقمي الميت خطر حقيقي على صحة مستهلكيه.. ويعتبر الدكتور نوفل حشاني أن اللاقمي الحلو ذو قيمة غذائية وصحية هامة غير أن المواد المضافة إليه بغاية تحويله إلى مادة مسكرة عادة ما تكون مواد سامة وخطيرة على صحة الإنسان بالإضافة إلى أن اللاقمي الميت يستحظر في ظروف غير صحية ولا يخضع لأي رقابة صحية ليتضاعف بذلك خطره على الجهاز العصبي والجهاز الهضمي للإنسان بالإضافة إلى المضار الأخرى كتسببه في ضغط الدم وتصلب الشرايين وتليف الكبد. باعتبار ان مراحل الإعداد غير صحية ، حيث تتم إضافة مواد قذرة وخطرة إلى اللاقمي الحلو، حتى يصبح مسكرا بدرجات عالية ويروج خارج القانون في جلسات مروعة وبأبخس الأثمان وهو ما يهتك كل الضوابط الاجتماعية والسلوكية… بين الواحات وخلال جلسات اللاقمي الميت السرية تفعل أم الخبائث في معاقريها ما تشتهيه لتفقدهم وعيهم تماما وتخرق بهم كل الأطر الاجتماعية والثقافية والدينية دافعة إياهم للجريمة بكل أشكالها البشعة والدموية. ويتخرج كل يوم من جلسات اللاقمي الميت مشاريع قتلى حوادث طرقات وضحايا وأسر مشتتة ومرضى ومنحرفين ومتشردين ليخسر المجتمع كل يوم جزءا من رأسماله البشري وخاصة الشباب منه.حيث يؤكد السيد علي القادري مدير مدرسة ابتدائية أن اللاقمي الحلو الطبيعي يبقى خصوصية الجهة وعادة حميدة غير أن الجانب الخطير في هذا الموضوع هو تحويل مادة اللاقمي إلى مادة مسكرة خارج الأطر القانونية وفي جلسات مريعة نستشف مآسيها على مستوى بناء الأسرة حيث يختلط الأب بالابن وتتشابك الأعمار دون أي احترام لفارق السن وهو تعدي صارخ على كل الضوابط الاجتماعية حيث ينتج عن هذه الجلسات المحظورة سلوكات منحرفة لدى الأب تنسحب على الابن بشكل سلبي. وتعتبر مادة اللاقمي المسكر شائعة في الجهة نظرا لثمنها البخس بالتالي فإن كثرة انتشاره يزيد في كثرة تشعب مضاره الوخيمة على الفرد وخاصة على الطفل والأسرة والمجتمع ككل. ويبقى الفلاح باعتباره رجل الميدان الأكثر ممارسة للأرض والفلاحة والأكثر تعلقا بالواحة وشاهدا حقيقيا على مضار جلسات اللاقمي الميت وقد أفادنا الفلاح منجي بن سعيد بأن جلسات اللاقمي الميت المروعة داخل الواحات عادة ما تنتهي بالجريمة واستعمال آلات حادة خطيرة من شأنها أن تشكل خطرا على ولوج الفلاح وخاصة النساء إلى الغابة حيث تحول دونه وممارسة مهنة كان عنوانها الطمأنينة وراحة البال.
كريم الغريبـي (المصدر: « الصباح » (يومية – تونس) بتاريخ 29 جانفي 2010)
بسم الله الرحمان الرحيم و الصلاة و السلام على أفضل المرسلين
تونس في 28/01/2010
بقلم محمد العروسي الهاني مناضل كاتب في الشأن الوطني و العربي و الإسلاميحرية التعبير ضرورة ملحة الحلقة الثالثة الرسالة رقم 728على موقع الانترنت
حرية التعبير ضرورة ملحة الإصلاح لا يتم إلا بالحوار و حرية التعبير و الرأي الحر
إن حرية التعبير و الرأي الحر في الأمم المتحضرة و الشعوب الحية المتطورة ضرورة ملحة.. و ركيزة من ركائز النهوض و التقدم للشعب و المناعة للوطن.. و هذا المفهوم السائد في كل الشعوب المؤمنة بالحرية و المتمسكة بحرية التعبير.. و منذ عقود عشنا وتابعنا و شاهدنا تطور الإعلام المرئي و المسموع و المكتوب.. و الحوار المفتوح.. و الكتابة بأسلوب حضاري و راق مع لفت النظر و النقد و الانتقاد للحكومة ولكل المؤسسات الدستورية و الإدارية و كل المصالح الجهوية و المحلية.. و المواطن كلمته مسموعة.. و الكاتب و الأديب و الصحفي و المحلل و المسرحي و الناقد كلهم يكتبون بحرية و أريحية و مسؤولية.. و بعضهم يكتب بحرية عالية و ينتقد نقدا أحيانا نراه في بلداننا فيه تحدي أو تجاوز أو تجني و غير ذلك من النعوت العربية… لكن في الغرب الكتابة و التعبير عادي و مسموح به إلى درجة كبيرة للغاية.. بالصور و التقليد و الكتابة و الرسم الكاريكاتوري و غير ذلك من أنواع حرية الرأي.. و لا مسؤول من القمة الى القاعدة اعني النطاق المحلي يتحرج من نقد المواطن و كتابة الصحفي الصريحة و صور الرسام و كلمة المسرحي و لغة الأديب و حتى نقد الأطفال أحيانا… و بأسلوب الحوار الحر و التعبير الصادق الهادف تربى الشاب بفرنسا و بلجيكا و هولاندا و سويسرا و كندا و المانيا و لندن و الصين و امريكا و الدنمارك و غيرها… تربى على الشجاعة و الجرأة و عدم الخوف.. و لم يتردد يوما من المشاركة الفاعلة بحرية.. و هذا ما جعل الغرب يتطور و يتقدم و يزدهر.. بحرية الإعلام.. و احترام الرأي الأخر.. و التعبير الحر.. و الديمقراطية.. و عدم الخوف من الاصداع بالرأي.. و المواطن يتكلم بحرية في القنوات الإعلامية.. لا يخاف الطرد و الإقصاء و العقاب و السؤال و الحرمان من الشغل و البحث الأمني عند الترقية كما يحصل عندنا في الدول العربية. و شعوبنا العربية ما زالت تعاني الرعب و الخوف و الوهم و الوسوسة و عدم الاطمئنان على المستقبل.. و ثقافة الخوف هي السائدة بنسبة 65% .. و هذه الشعوب تعيش هاجس الخوف.. في بلادنا الخوف من الطرد و عدم الترقية.. الخوف من قطع الخبزة.. و الخوف من غلق أبواب الشغل.. و الخوف من رفض الرخصة.. و الخوف من الحرمان من بطاقة العلاج.. و الخوف من عدم ترقية زوجته او ابنه و خاله.. و الخوف من المصير المجهول.. الخوف من كل شيء.. حتى من طارق الليل.. و عليه ان يحتاط و يختار الكلمات اللطيفة المعسولة و يمجد و يعطي نسبة 80% من كلام المدح و التنويه و الشكر للحاضر… حتى اذا كتب على الماضي و التاريخ و عيد الثورة 18 جانفي 1952 .. إذا لم يعط نسبة 55% للحاضر و ذكر و تمجيد الحاضر.. فان مقاله لا ينشر.. أما إذا كان المقال على الماضي مائة بالمائة كن واثقا ان مقالك لا ينشر.. لأنك تتحدث على الماضي و الزعيم الراحل.. فمقالك لا يرى النور في صحفنا.. و اذهب ابحث على صحيفة القدس العربي او موقع الانترنت في الخارج.. و أنت محظوظ إذا وصل مقالك خارج الوطن سليما معافى… و إذا لم يجد لصوص او قراصنة او شبه ذلك .. هذا هو وضعنا.. و لو كان مقالاتك كلها ايجابية و معقولة و ليس فيها نقد و انت تحكي أحداث وطنية عشتها و عاشها الشعب باسره من اجل الاستقلال و السيادة و الحرية… فانت عند الصقور غير مواكب للعصر.. و تخاف على مستقبلك و على مصيرك ووظيفتك و عملك ومركزك الاجتماعي.. اما نسبة 2% فلها الشجاعة و الجراة.. وخلقت لاداء رسالة انسانية نبيلة.. وعمل هادف يفيد المجتمع.. و هذه النسبة التي تمثل 2% لا تخاف السؤال او الرقابة.. او المصير المجهول و قطع الخبزة.. او المضايقة او الاقصاء و التهميش.. او العزل و التجميد.. و كذلك النعوت و التيكات التي اصبحت توزع مجانا.. هذا خاله معارض.. و هذا ابنة عمته معارضة.. و هذا ابنه ضدنا.. و هذا صهره كان قد تكلم عام 1990 .. و هذا موش متاعنا لم يوافق على اشياء.. و هذا دستوري قديم متعلق بالماضي.. و هذا يحب الزعيم الخالد.. وهذا عام 2001 تحمس للزعيم و تكلم بحماس.. و هذا قال عام 1996 كلام يهم التنويه بالماضي.. و هذا يحب يذكر خصال الزعيم الراحل.. و الاخر احرجنا بالمقترحات الجريئة.. و الاخر لا يخاف لومة لائم و شجاع و له مواقف.. هؤلاء غير مرغوب فيهم.. و لكن هذه الاقلية و الحمد لله صامدة عاملة لا تخاف و لا ترضخ و لا تقبل المساومة و لا تعرف الطمع و المادة و الابتزاز و السمسرة.. تقول كلمتها بشجاعة و جراة.. نعم هذه الاقلية المؤمنة تجد في حياتها متاعب.. و احيانا حتى بعض من اصدقائهم يبتعدون عنهم خوفا من العقاب او التهم او النعوت.. و انا احدهم وهو نائب بمجلس النواب حاليا و هو صديقي و كان لمدة 20سنة صديقي في النضال.. قال لي اخي الهاني ان كتاباتك الشجاعة و الجريئةً و الهادفة و الصادقة و رغم وجاهتها و مصداقيتها فاني اخاف منك و من الجلوس معكم في المقاهي بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة نتيجة الخوف على منصبي.. ربما بعضهم يراني جالسا معكم في مقهى.. قلت له اشكركم على صراحتكم.. مع اسفي الشديد على تعميق ثقافة الخوف التي شملت نسبة كبيرة و حتى نسبة من المثقفين.. و اردفت له اين الروح الوطنية التي غرسها فينا الزعيم المجاهد الاكبر الحبيب بورقيبة رحمه الله.. و اين الكرامة و الشجاعة و الجرأة يا ترى.. و اين الروح التي عمل بها بورقيبة ضد سلطات الاحتلال الفرنسي.. ووهب نفسه فداء للوطن.. و عاش الحرمان و الغربة من اجل الكرامة و الحرية و السيادة و الشهامة .. ثم قلت له: رسالتنا مستمرة.. و قلمنا لن يجف من اجل المبادءى.. و لن نرضخ . و بعد حوالي سنتين على هذا الحوار مع صديقي الحميم جاء خطاب الرئيس بن علي يوم 22/01/2010 و حمل رسالة جديدة للشعب.. عنوانها نعم للكتابة و حرية التعبير.. و النقد ضروري للإصلاح و التغيير.. و ان أقلام الشجعان و أراء المناضلين لها أبعادها و محاسنها.. و هي صالحة و مفيدة لعمل الحكومة و الوزراء.. و حرية الاعلام ضرورة ملحة لتطوير المجتمع.. و الحوار و الانصات لمشاغل الشعب من اوكد الواجبات على المسؤولين في كل مواقع المسؤولية وطنيا و جهويا و محليا و قاعديا.. و هذا ما اكد عليه رئيس الدولة و التجمع في اختتام أشغال اللجنة المركزية للتجمع الحاكم يوم 18/01/2010 .. الخطابين في بحر أسبوع و واحد حملا بشرى كبرى.. وقلت ياليت التقيت بصديقي الذي كان خائفا من حرية التعبير حتى أقول له بصراحة.. ألان لا بد أن نحتسي فنجان قهوة معا بشارع الحبيب بورقيبة.. لا تخف.. قد ضمنت الدورة الثانية لمجلس النواب.. ولو أني أكبر منك سنا ونضالا وجرأة وشجاعة وإقداما وأيضا نظافة.. لأن من صفة الشجعان النظافة والزهد في وسخ الدنيا.. والمواطن الذي يريد التألق وحرية التعبير لابد أن يكون يتمتع بنظافة شاملة وكاملة وسمعة طيبة وشجاعة عالية وأخلاق عالية وفاضلة. وأقول لصديقي الوفي الذي خاف من الجلوس معي سنة 2007 أن خطاب الرئيس الأخير قد يشجعك اليوم ويبعد عنك شبح الخوف والتردد الوهمي والوسوسة.. خاصة بعد أن وقع تجديد التزكية فيك لمواصلة المشوار نائبا.. ونؤكد لك أن الفترة النيابية الثانية هي لغيرك من أبناء الجهة من باب دعم المساواة والعدل الاجتماعي والسياسي بين الجهات والأجيال.. ولكن ربما خوفك من كل شيء هو الذي يشفع لك مع أشياء أخرى لا يعلمها إلا الله.. أما أنا يا أخي سأبقى صامدا شجاعا.. أصدع بكلمة الخير والإصلاح.. ولعل بعض من مقالاتي واقتراحاتي يوم 7 نوفمبر 2009 وقبلها هي وغيرها من مقالات واقتراحات غيري هي التي اطلع عليها صانع التحول سيادة الرئيس.. وأخذ منها البعض.. وتبلورت وأصبحت والحمد لله مقررات رئاسية.. استفاد منها الشعب… وبحول الله يكون لها انعكاسات طيبة وايجابية في المستقبل إذا خلصت النوايا.. وزال الخوف من الجميع.. وحل معه الثقة في النفوس.. والقلوب تزداد اطمئنانا بحول الله مبدل الاحوال. مع التمنيات القلبية بتطوير العقليات لدى أصحاب وسائل الإعلام وإزالة التردد والخوف.. وكما أشار سيادة الرئيس يوم 3 ماي 2000 في أهم مناسبة : عيد الصحافة العالمي.. قال وأكد أن المبادرة تصدر من صاحب الجريدة ولا يمكن له أن يخاف حتى من الرقابة الجبائية.. إذا كان صاحب الرسالة إعلاميا قويا بالحق.. كما نتمنى أن يكون وزير الاتصال صاحب القرار دون سواه.. ولا يزاحمه شخص آخر في المسؤولية تحت الطاولة يعطي التعليمات.. وأتمنى أخيرا أن لا يتحرج أي مسؤول من مواطن في الداخل أو الخارج.. وإدلاء بحديث.. أو ساهم في لقاء تلفزي في قنوات عربية.. لا يجب أن تقوم الدنيا ولا تقعد من أجل رأي مواطن تكلم بحرية.. وأنا أحبذ الذي يتكلم جهرا أفضل وأسلم وأعظم وأجدر من الذي يضحك في وجهك ويطعنك من خلف سرا.. وبدون تعليق.. ويا ليت الجملة الأخيرة يفهمونها فهما صحيحا دقيقا حتى يعرفون الحقيقة كلها دون خوف أو مجاملة. ويا ليت رسائلي وصلت إلى سيادة رئيس الدولة.. وهي أمانة.. وذلك قصد الإطلاع عليها وخاصة الرسالة عـــــــدد 722 السرية التي بعثتها على جناح السرعة في إطار السرية ورقم الفاكس واضح … فهل وصلت هذه الرسالة أم ماذا أم هي مثل شقيقتها لم تر النور من عام 2000 .. فكيف تصلح الأحوال إذا الصحافة لم تنشر المقال.. والإعلام يعتم.. والمحيط و ‘تحت الطاولة’ يخصون الرسائل الهامة.. أين الحل يا ترى؟ وأعتقد أن هذا المقال وضع كل النقاط على الحروف.. ولم يبق حرفا بدون نقطه من الباء إلى الياء.. و ختاما اتمنى ان يصدر رئيس مجلس ادارة دار الصباح الأستاذ محمد صخر الماطري تعليماته للصحفيين بدار الصباح للكف عن تعتيم مقالاتي التي تتحدث عن تاريخ الحركة الوطنية و خصال الزعيم بورقيبة.. والله ولي التوفيق. ملاحظة : متى نتحاور لكشف الحقائق؟؟ قال الله تعالى وما الله بغافل عما تعملون)) صدق الله العظيم
محمد العروسي الهاني مناضل كاتب في الشأن الوطني و العربي و الإسلامي 22.022.354
مصائبنا في بلدة جوس بنيجيريا
د . ابا احمد ابراهيم جوس* د أسبوع من الاشتباكات الطائفية التي أسفرت عن مقتل أكثر من 700 شخصاً وجرح أكثر من ألف آخرين عاد الهدوء الى مدينة جوس Jos بولاية الهضبة Plateau بوسط نيجيريا وخففت السلطات النيجيرية حظر التجول الذي فرضته على المدينة من اجل السماح لآلاف السكان بالعودة الى منازلهم. وقد أكد جودلاك جوناثان نائب الرئيس النيجيري ان لقوات الأمن التفويض الواسع من الحكومة الاتحادية للسيطرة على الوضع على أكمل وجه. وقالت جماعة نصر الإسلام كبرى الهيئات المسلمة في نيجيريا إنها قلقة جدا من تكرار أعمال قتل الأبرياء وتدمير ممتلكاتهم بأيدي السفاحين. ولا يزال أئمة المساجد في جوس يناشدون المسلمين عدم الانتقام لقتلاهم، كما يناشدون الحكومة العمل على إقرار العدل وملاحقة المجرمين وعدم تركهم يفلتون من العقوبات. ولكن هل الحكومة الفيدرالية – بحق – تريد تحقيق العدالة في هذه القضية؟ هذه الاشتباكات الطائفية بدأت تظهر في المدينة عام 2001 وتكررت بعد ذلك مرارا, كما حصلت في شهر نوفمب ر عام 2008، وقتل فيها حوالى 600 شخص. في ذلك الوقت أعطت الحكومة المحلية للولاية شباب المسيحيين الأسلحة الفتاكة وألبستهم الزي الشرطة فدخلوا المدينة يلاحقون المسلمين بالقتل والتنكيل, في ذلك الوقت ماستطاع المسلمون من مقاومتهم ظنا منهم أنهم من رجال الشرطة الحقيقيين, وحين منعت هذه الشرطة الزائفة المسلمين من الخروج لمساعدة إخوانهم في المناطق النائية فقد تركت المسيحيين هناك يقتلونهم وينهبون أموالهم ثم يحرقون بيوتهم أو يهدمونها. وبعد حضور القوات الفيدرالية تبين الأمر وتم القبض على عدد من هؤلاء المزيفين, والى يومنا هذا لم يتم محاكمتهم ولا القيام بالتحقيق المناسب ليكشف من وراءهم ولم يفعل رئيس نيجييريا عمر موسى يار أدوا ‘Yar’aduwa شيئا يذكر بل ترك الأمر هكذا وكأنه لا يعنيه. في عهد الرئيس السابق لنيجيريا ابراهيم بابنغدا [ Ibrahim Babangida ] قام المسيحيون في قرية زانغون كتاف [Zangon kataf] بولاية كادونا المجاورة [ Kaduna ] بمذبحة واسعة النطاق ضد المسلمين في المدينة قتلوا أكثر من الف مسلم وتم حرق ممتلكاتهم, ولما حكمت المحكمة على المدانين منهم بالاعدام ليكون ذلك عبرة لمن اعتبر أصدر الرئيس ابراهيم بابنغدا العفو عنهم وأطلق سراحهم, ورجعوا الى بيوتهم يتباهون بما فعلوا في حق المسلمين وعرضهم. منذ ذلك الوقت أدرك المسيحييون في نيجيريا أنهم في مأمن من أية مساءلة عن كل الموبقات التي يستطيعون القيام بها ضد المسلمين في كل وقت وفي كل مكان.. المسلمون في مدينة جوس – مع أنهم الأغلبية – %65 إلا أنهم الأقلية بالنسبة لغيرهم في الولاية بشكل عام ولذلك يعيشون حياة الذل والتنكيل وعدم العدالة, فهم يعتبرون مواطنين من الدرجة الثانية أو الثالثة ان جاز التعبير, ليس لهم من الحقوق السياسية ولا الحق في الوظائف الحكومية ولا في المنح الدراسية ولا في الأمن والأمان ولا في أي شيء محترم يذكر, مع أنهم هم الذين سكنوا المنطقة منذ ما يغرب من 200 سنة منذ ان كانت المنطقة وما جاورها غابة ليس فيها سوى أكواخ معدودة. الكاتب المتواضع من مواليد مدينة جوس عام 1962 وكذلك كان أبي ولد هناك حوالي عام 1920, وكان يسكن الهوساويون المدينة قبل ذلك بزمن بعيد. وقد حكم المدينة 16 أميرا من الامراء التقليديين خلال 100 عام حتى الان كلهم من قبيلة الهوسا Hausa المسلمة ما عدا أربعة فقط الذين آلت اليهم ا لأمر بعد سنة 1965 ويستمرون الى الوقت الراهن. من يدخل مدينة جوس لأول مرة لا يكاد يجد فرقا بينها وبين مدن كانو kano و سوكوتو Sokoto و زاريا Zaria و كاتسينا Katsina وغيرها من المدن الشمالية المسلمة. الدستور النيجيري يؤكد أن المواطنين تتساوى حقوقهم أينما كانوا يستطيعون الحياة في كل منطقة داخل نيجيريا دون ان يتعرضوا لأي مضايقة, ولكن حكام ولاية بلاتو Plateau لهم رأي آخر مخالف للدستور والحكومة الفيدرالية عاجزة لا تستطيع اجبارهم على العودة الى الحق والقانون. عجز كثير من المحللين داخل نيجيريا وخارجها من فهم أسباب التي تجعل الحكومة الفيدرالية النيجيرية عاجزة من القيام بواجبها واجتثاث هذه المشاكل من جذورها, فهي لا تجرب حلا غير التدخل العسكري وهم حل مؤقت غير فعال, لأنه سرعان ما يرجع الجيش الى سكناتهم بعد اخدماد مؤقت للفتنة, لا يعودون الى المنطقة الا عند حدوث نكبة اخرى, مما يؤكد فشل الحكومة في التصدي لأسباب الصراع كما فشلت في تحقيق أدنى تقدم في أي مجال سوى مجال الفساد ونهب أموال الدولة وإثراء أنفسهم على حساب الشعب مما جعلنا نعيش حيات البؤس والشقاء والمرارة لا يمكن أن تجد ل ها مثيلا في أي مكان آخر خارج هذه الجمهورية. نيجيريا كدولة هي في المرتبة السادسة ضمن دول المصدرة للنفط في العالم ومع ذلك, ومنذ 11 سنة كانت تستورد النفط من الخارج للإستهلاك المحلي لأنها – متعمدة – عاجزة وغير قادرة على اصلاح مصفاتها للنفط لأن حكامها يفضلون الفوز بعقود استيراد النفط المكرر من الخارج بغية تحقيق الربح والثراء الفاحش من ان يهتموا بإصلاح المصفات الأربع الموجودة داخل البلاد, ناهيك من انشاء مصفات اخرى جديدة كما تفعل كل دولة مسئولة. وهذا هو الحال أيضا في مجال الكهرباء, منذ ربع قرن ونصيب الفرد من الطاقة الكهربائية في البلاد لا يتجاوز % 2 يوميا اذ يمر اسبوع كامل ومدينة كانو kano على سبيل المثال لم تحصل الا على 10 ساعات فقط من النور والكهرباء مما أدى الى انهيار المصانع والشركات و البنى التحتية. أما عن ندرة المياه الصالحة للشرب حتى داخل العاصمة الجديدة أبوجا Abuja نفسها وكذلك المشاكل المزمنة في مجال الأمن والتعليم والصحة والرشوة وكل أنواع الفساد والمحسوبية فحدث ولا حرج. يستطيع المرء أن يضع هذه الدولة في المرتبة الأولى ضمن دول التي يطلق عليها الدول الفاشلة. ولو كان الحال وص ل بنا الى هذه الدرجة لقلة الامكانية لما كان ثمة مشكلة ساعتئذ, ولكننا أغنياء بما وهبنا الله تعالى من الثروات المتعددة ومتنوعة. مشكلتنا الوحيدة هي الحكام والقائمون على شئوننا, لا يهمهم سوى أنفسهم وأبنائهم ومن على شاكلتهم. وصدق فيهم قول ابي الطيب المتنبي:
ولم أر في حياة الناس عيبا كنقص القادرين على التمام هكذا يعيش الشعب النيجيري المغلوب على أمره, إذا فكر في تغيير الوضع عن طريق صناديق الانتخابات وجد التزوير المشهود له عالميا في انتظاره, وإذا أراد الخروج لمسيرة سلمية للتعبير على عدم الرضى سلطت الحكومة عليه الجيش والشرطة وزبانيتها الجبابرة. يعيش الشعب النيجيري المغلوب على أمره هذه المأساة, ويضاف على المسلمين الذين يعيشون في مدينة جوس وما جاورها معانات أخرى تزيد على ذلك, هي معانات الاضطهاد والاشتباكات الطائفية التي يعانون منها بين فترة وأخرى ولا أحد يدري متى تتحرك الحكومة الفيدرالية للقضاء على هذه المصيبة وبقية مصائب التي يعيشها هذا الشعب المغلوب على أمره.
كاتب نيجيري مقيم حاليا في القاهرة (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 29 جانفي 2010)
موت اليسار الصهيوني
نداف هعتسني بدون طقوس وتأبينات توفي اليسار الصهيوني ودفن بدقيقة صمت. ومن احتاج الى برهان حديث العهد على ذلك، مدعو لان يتعمق في أفعال الائتلاف الذي يكافح قرارات المحاكم التي أمرت بأن تعاد الى اصحابها المنازل السليبة ليهود حي شمعون الصديق في القدس. في الاشهر الاخيرة يتعاظم الاحتجاج من اليسار حول ما يسمى ‘مستوطنة الشيخ جراح’، وهو حي شمعون الصديق. وحول نار هذا الاحتجاج يتجمع ائتلاف يتكون من فوضويين دوليين اسرائيليين مثل اوري افنيري، ولكن رؤساء السلام الان ايضا، حركة حقوق المواطن، وشخصيات بارزة مما كان يعتبر ذات مرة اليسار الصهيوني يوسي سريد وابراهام بورغ. كل اولئك الذين وعظونا على مدى السنين بـ ‘سلطة القانون’ حددوا لانفسهم اعداء جدداً: اولئك القضاة من الصلح وحتى العليا، ممن قرروا اعادة أملاك اليهود في ‘شمعون الصديق’ الى اصحابها الاملاك التي اشتريت منذ 1875 وسلبها العرب بعد طرد اليهود من الحي في حرب الاستقلال. فجأة، بهراء ائتلاف سريد وشركائه، فان المحاكم والشرطة هم الاعداء الحقيقيون، وسلطة القانون ليست اكثر من طغيان فاشي. حي شمعون الصديق هو حي على مسافة 5 دقائق من القيادة القطرية للشرطة، على طريق الجامعة العبرية ومستشفى هداسا. وحتى ائتلاف ‘الشيخ جراح’ لا يكفر بحقيقة ان هذه الاملاك تعود لليهود الذين اشتروها بالمال الكامل. غير انهم يزعمون بأنه يجب نزع أملاك اليهود كوننا جميعا نزعنا أملاك العرب داخل الخط الاخضر. الحقائق لا تزعجهم: لا حقيقة ان اسرائيل سيطرت فقط على أملاك مهجورة لمن شرعوا بحرب ابادة ضدنا وفروا، ولا حقيقة ان الاملاك اليهودية في الدول العربية صودرت دون اعادة. موقف اوري افنيري وباقي الفوضويين غير مفاجىء غير ان انضمام من اعتبروا ذات مرة صهاينة يجسد كم انقطع معسكر اليسار السياسي عن المبادىء الاساسية للصهيونية. موقفهم يرفض اساس اسس عودة صهيون. وصهيون، كما ينبغي لنا ان نذكر، هو ايضا اسم القدس. الحق في القدس، التي صلى لها كل اليهود على مدى سنوات المنفى، تشكل الحجر الرئيسي للفكرة الصهيونية. وامام سلب املاك اليهود في ارض اسرائيل، لانهم يهود، تكونت افكار الحركة الصهيونية. وكان للافكار الصهيونية الاساسية هذه شركاء في الماضي من الوان اليسار الصهيوني، بمن فيهم قادة هشومير هتسعير يعاري وحزان وبالطبع منشئو هشومير، تلاميذ بار بوروخوف، ممن وضعوا الأساس للنهضة بشعارهم: ‘بالدم والنار سقطت يهودا، بالدم والنار ستقوم يهودا’. غير ان هذا كله اصبح من الماضي. أناس مختلفون في اليسار على ما يبدو مثل يوسي سريد وابراهام بورغ لا يزالون يسمون انفسهم صهاينة، ولكن في ضوء افكارهم الحالية، فان التصاقهم بالعبارة الصهيونية هو مثير للشفقة في افضل الاحوال. في سوق الافكار الحالية يلوح خط حدود قاطع لا يرتبط على الاطلاق ‘بمسألة المناطق’. خط الحدود يفصل بين من يواصل الايمان بعدالة طريق اقامة دولة اسرائيل وحقنا في البلاد وبين من تبنى رواية وفكرة العدو. وفي الجانب الصهيوني من خط الحدود لم يتبق اي معسكر لما كان يسمى في الماضي ‘اليسار’. معاريف 28/1/2010