فيكليوم،نساهم بجهدنا فيتقديمإعلام أفضل وأرقى عنبلدنا،تونس Un effort quotidien pour une information de qualité sur notre pays, la Tunisie. Everyday, we contribute to a better information about our country, Tunisia
|
TUNISNEWS
11ème année, N°4075 du 26.08.2011
archives :www.tunisnew .net
تونس- يو بي أي- قتل بحار تونسي بطلق ناري أصيب به في عرض المياه الإقليمية التونسية خلال إشتباك مسلح بين وحدة من القوات الموالية للزعيم معمر القذافي والمعارضة الليبية المسلحة. وذكرت وكالة الأنباء التونسية الحكومية أن البحار التونسي يبلغ من العمر 42 عاما، أصيب برصاصة بينما كان على متن زورقه بعرض ساحل منطقة الكتف من بلدة بنقردان الواقعة على بعد نحو 600 كيلومتر جنوب شرق العاصمة تونس. وأوضحت أن الرصاصة التي أصابت البحار التونسي نجمت عن إشتباك بين « عناصر من كتائب القذافي وعدد من الثوار كانوا يحاولون الفرار على متن زورق مطاطي بإتجاه السواحل التونسية ». ويأتي الحادث، فيما خيّم اليوم هدوء حذر على المعبر الحدودي التونسي-الليبي المشترك « رأس جدير »، حيث تدور معارك عنيفة بين القوات الموالية للعقيد القذافي والمعارضة الليبية المسلحة بالمناطق الليبية المحاذية للمعبر الذي مازال جانبه الليبي يخضع لسيطرة القوات الموالية للزعيم الليبي. (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 25 أوت 2011)
<
33 نهج المختار عطية 1001 تونس هاتف/فاكس : 71340860 Email : liberte.equite@gmail.com
بيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــان إنتصار الثورة الثالثة
بعد ثورة دامت أكثر من ستة أشهر بلغت حصيلتها ألاف الشهداء والجرحى فضلاً عن المهجرين،انتصر الشعب الليبي على الطاغية القذافي لينتهي نظام استبدادي حكم ليبيا أكثر من أربعة عقود تميز حكمه بانسداد الأفق السياسي و انتهاكات متواصلة لحقوق الإنسان ومصادرة للحريات السياسية والإعلامية. وبهذه المناسبة فإن حرية وإنصاف : 1- تهنئ الشعب الليبي بإنتصار ثورته وسقوط نظام القذافي بما يدعم ثورات الربيع العربي 2- تهيب بمكونات المجتمع الليبي أن يتمسكوا بوحدة وطنهم وينخرطوا في بناء دولتهم 3- تشدد على ضرورة تحقيق عملية الإنتقال الديمقراطي وبناء المؤسسات بما يحقق امال الشعب الليبي وتطلعاته وبما يرقى إلى تضحيات أبنائه
الامضاء رئيس منظمة حرية وانصاف الاستاذة ايمان الطريقي
<
حــرية و إنـصاف منظمة حقوقية مستقلة البريد الإلكتروني: liberte_equite@yahoo.fr تونس في 25/09/1432 الموافق ل 25/08/2011
وقفة احتجاجية امام السفارة العراقية
انتظمت يوم الثلاثاء 23 اوت 2011وقفة احتجاجية امام السفارة العراقية لمطالبة الحكومة العراقية بتسليم المعتقليين التونسيين بالعراق والذين اعتقلوا على اثر الغزو الامريكي للعراق . وقد حضر المئات من العائلات الذين طالبوا بالافراج عن ابنائهم المعتقليين بالسجون العراقية منذ سنوات دون محاكمات فمنهم المهددين بالاعدام و منهم المفقوديين وقد رفعت شعارت منادية بالحرية للمعتقليين و المطالبة بعودتهم الى وطنهم واهلهم كما حضر عدد من الحقوقييين الذين ساندوا اهالى المعتقليين في مطالبهم بالافراج العاجل والفوري عن ابنائهم وقد ساند وحضر هذه الوقفة عن منظمة حرية وانصاف الاستاذة نجاة العبيدي وعن هيئة الدفاع عن المعتقليين السياسين بالخارج السيد احمد الكحلاوي . . وقد ادي احتجاج العائلات الى خروج السفير العراقي الذي تحدث الى المحتجيين كما استقبل السفير العراقي وفدا متكونا من الاستاذة نجاة العبيدي عن منظمة حرية وانصاف والسيد الطاهر الحرزي ممثلا عن عائلات المعتقليين
وقد قام الوفد بتوضيح مطالب المحتجيين المتمحورة اساسا حول 3 نقاط اولها ايقاف التنفيذ الفوري لحكم الاعدام في حق محمد مديني ويسري الطريقي /2 كشف خفايا وو ضعية التونسيين المفقوديين في العراق منذ سقوط النظام صدام حسيين والغزو الامريكي 3/
اطلاق سراح التونسيين كافة المتواجوديين في المعتقلات العراقية في ظروف سجنية مهينة تحت طائلة التعذيب والترهيب دون تمكينهم من محاكمات عادلة وابسط حقوق الدفاع خاصةبعد ان تعرض محامييهم العراقيين في عديد المرات الى عدة ضغوطات حتى يتخلوا عن الدفاع عنهم كما تمت الملاحظة بان اغلب التونسيين المعتقليين في العراق لم يمثلوا طيلة هاته السنوات امام القضاء ولم يقع التحقيق معهم وهو ما يعد مخالفا للاتفاقيات والمعاهدات الدولية الضامنة لحقوق الانسان كحق كل معتقل في محاكمة عادلة وان لا تتجاوز مدة الاحتفاظ المدة القانونية . .وان لا يتعرض للتعذيب او المعاملة السيئة وقد لاحظت الاستاذة نجاة ان كل هاته المبادئ لم يقع احترامها من طرف الحكومة العراقية وفي اجابة عن هاته النقاط اكد السفير العراقي انه قد تلقى رسالة من وزير العدل التونسي فيما يتعلق بايقاف تنفيذ حكم الاعدام في خصوص يسري الطريقي وان هاته الرسالة وجهت للحكومة العراقية وقد طلب السفيرمن الوفد تمكينه من قائمة في المفقوديين التونسيين بالعراق واكد انه سيبلغ حكومته بكافة هاته المطالب في انتظار تلقي رد رسمي فيما يتعلق بكافة جملة الملفات وقد لاحظ السفير ان مدة الاحتفاظ بالمعتقليين قد تدوم لسنوات دون مثول للمحتفظ به امام القضاء وذلك لكثرة عدد المعتقليين حسب رايه وقد تمسك المحتجون بحقهم في الاحتجاج والتظاهر السلمي الى ان يقع الافراج عن المعتقليين وعودتهم سالميين الى موطنهم
عن منظمة حرية وإنصاف المكلف بملف الإعلام السيد عمر القرايدي
<
أعلن الدكتور محمد الهاشمي الحامدي أن تيار العريضة الشعبية للحرية والعدالة والتنمية سيلغي، في حالة فوزه في الإنتخابات، صفة الجريمة عن عملية إصدار الشيك بدون رصيد وسيسقط عقوبة السجن عن الذين حوكموا بها في السابق. وأضاف أن المجتمعات الأوروبية المتحضرة ليس فيها مثل هذه الجريمة، ويجب أن تزول من تونس أيضا، ويجب تعديل القانون بصفة فورية على هذا الأساس، وسيسهم هذا الإجراء في تخفيف الأعباء عن المحاكم. وأضاف رئيس تيار العريضة الشعبية أن هذه المشروع الجديد يضاف للأفكار الأساسية الأخرى في برنامج العريضة: الدستور الديمقراطي والصحة المجانية ومنحة البطالة والتنقل المجاني في الحافلات والقطارات لمن بلغ الخامسة والستين من العمر وإنشاء ديوان المظالم وإنشاء وزارة ترعى مصالح العمال التونسيين في الخارج ومراجعة سياسة البنوك في إقراض المواطنين لحماية حقوق المستدينين. وحث الهاشمي الشعب التونسي على التصويت لقائمات العريضة الشعبية في الإنتخابات، لأن برنامجها هو الوحيد الذي يلبي تطلعات الأغلبية الواسعة من الشعب التونسي، على حد قوله، ويحقق أهداف الثورة.
<
تونس (الشروق) قنّاص محترف من أكفأ المختصين في هذا المجال يتحدث ولأول مرّة عن وجوده كحقيقة لائما على الحكومة اعتبار هذا الاختصاص اشاعة لأنهم يضعهم بذلك في خانة المرتزقة… والمأجورين غير الخاضعين للقانون…. ركن هادئ داخل فضاء مقهى ترفيهي في مدينة لا تعرف الهدوء النسبي مدينة لا تنام الا لتثور… وصلتها بعد رحلة ساعات طويلة… جلس قبالتي في موعد تأجل أكثر من مرّة كمواسم الفرح… مثقلا بالكثير من الحكايات… حكايات كنت ابحث عنها منذ اشهر ومنذ اندلاع ثورتنا الياسمينية… حكايات وراءها الف سؤال وسؤال وحيرة دائمة تجعلك تحس احيانا أنها حيرة مقصودة تجمل بين طياّتها الاضمار والترصد… سؤال حير مضجع الجميع من هو القناص؟ من اصاب ابناءنا في مقتل؟ هل هم حقيقة؟ أم اشاعة أم خيال؟ فإن كانوا اشاعة فعن أي حرب عصابات يتحدثون وأن كانت حق، يقة فلماذا اخفاؤها مادام مدبّروها قد غادروا البلاد؟، وإن كانت خيال… فهل أن أحزاب العائلات كانت خيالا هي الاخرى… وكيف هي إذن رائحة الياسمين التي مرت من تونس لتعم على سوريا ومصر وليبيا واليمن… وتحولت الشعوب وبقدرة قادر إلى عارفين للكلمة المشتركة للعبور وهي القناصة والقنص.
منذ أول رصاصة قناص دوّى صداها جدار الصدّ بمنزل بوزيان. والقصرين مولد الاحرار والثائرين… بات لموضوع القناصة اهمية وحكايات وروايات وخوف وأشهر متتالية يصرّ وزيرها الأول على أنها إشاعة… والمسؤولون الامنيون يتظاهرون بالجهل واللاّ مبالاة… حين يستمعون إلى سؤال صحفي أو صرخة أم ثكلى… وعون الامن البسيط يقف مشدودا إلى سلاحه الذي لا يستعمل الا للمدى القريب هذا اذا كان شارك في الدورات التدريبية للرماية وإلا فإن تجربته الأولى الميدانية ستكون في الطريق العام.
أما لجان التقصي والبحث والارشاد فما تزال إلى اليوم لم تعثر على مفهوم القناص واكتفت بكون كل عون أمن يلبس «قناع» ويعتلي سطح عمارة هو قناص…. أما الوحدات المختصة والمختلفة والمختصة جدا فقد التزمت الصمت خوفا من التورط في جريمة عنوانها القناص…. والقناص كما تعلمنا من القواميس المدرسية هو الصياد الذي يقنص الطير فيكون قانصا وقناصا وقنيصا…
فما الذي تغير إذن حتى يصبح المواطن والطالب والاستاذ والام والرضيعة مقنوصة وقنيصة؟ وضمن اي مهمة؟ هل هي اخماد الثورة أم تأجيج نيرانها؟ في ظلّ صمت رهيب لم تكن رحلة البحث بالقصيرة 8 أشهر من الحيرة… من عبد القادر إلى جنّي القمقم… من الرصاص المحرّم دوليا إلى بنادق 7.62 ملم ومن المناظير الليلية إلى المناظير النهارية والحرارية… إلى الرصاص المغلّف بنيران صديقة ومنها اسابيع وايام للظفر بهذه الجلسة الخاصة ونشرها للعموم علنا نغلق وإلى الأبد كلمة إشاعة من خطاباتنا.
محدثي قناص محترف باحدى الوحدات المختصة… جمعنا لقاء ذات مساء… كنت غاضبة من بعد اسابيع من التعب للعثور على مرادي وكان بدوره حائرا لماذا يصّر الوزير الأول على أنهم غير موجودين، ولماذا لا يعترف بوجود فرق مختصة علنا؟ خاصة وأن أول نواة للقناصة اسسها سنة 81 ادريس قيقة وزير الداخلية في عهد بورقيبة قبل أن يتولى الحقيبة الباجي قائد السبسي…؟ فلماذا لا يصرحون إذن بكون القناص هو رجل قوة مسلحة مدربة على أعلى درجات التدريب وأنه متكون جدا على يد كبرى الاجهزة الامنية وأنه زبدة نتاج من رجال مهمتهم أن يكونوا درعا للوطن وجزءا من الامن القومي. فلماذا انكارهم إذ والحال أنهم يعملون ضمن القانون… وجعلهم اشاعة هي أقرب إلى المرتزقة والمأجورين التي تعمل خارج التعليمات…
ماهو هذا الاختصاص بالذات القنص؟ وكيف يقتل القناص؟ ولماذا ومتى ومن يحدد الهدف ومن يعطي التعليمات وما علاقة القنص بالقتل العشوائي والتصفيات.؟ وكيف نحدد ضحايا القنص من مجموع الشهداء… وغيرها من الاسئلة التي كنا مثقلين بها طيلة شهور ولم يكن لنا من خيار أفضل من قناص محترف ليتحدث فرّبما يريح نبض قلب ام ثكلى أو يسكت بكاء رضيعة فقدت والدها… أو صغار استشهدت امهم…
موعد مع قنّاص
هو لقاء أول وثان وثالث لنفوز بهذا الحوار ثمرة بحث طويل جدا… جلس متحدثي يحمل من الثقة الشيء الكثير ونظرات ثاقبة وصحة بدنية مميزة… ارتفعت وتيرة تردده من لقاء لاخر بعد أن تمنى لو كان اللقاء الذي قمنا بتسجيله معلنا للعموم ومباشرا حتى يرتاح الكثيرون ولا يخلطوا بين القناص المحترف الذي يحمي الوطن ويعمل ضمن القانون وبين المرتزقة والقتلة المأجورين الذي يعملون تحت جنح الظلام ووجب محاسبتهم… مقدما طرحا جدّيا لكل الاطراف حتى تتمكن من العبور إلى مرحلة المصالحة وهي أن يقع تحديد قاتل كل شهيد ومنها يمكن البدئ من جديد خاصة وأن الاحداث حملت في طياتها الكثير من الخفايا.
من هو القنّاص
يقول محدثي اجابة عن سؤالنا عن معنى كلمة قناص في الوحدات المسلحة التونسية: «القنّاص هو مسلّح تونسي يقع اختياره من ضمن مـئات الاشخاص من اختصاصات مختلفة ويخضع لتدريبات لمدة سنوات على يد مختصين وهي تدريبات شاقة جدا إذ أن الشخص الواحد يعوض في حضوره 10 اشخاص هذا دون اعتبار تدريباته الخاصة بالبحر والبر والامطار فهذا التحضير البدني هو خطوة للتحضير النفسي قبل أن يقع قبول هذا الشخص ضمن الوحدة المختصة والنواة وتتكون كل خلّية 6 اشخاص فقط فهذا العدد محدود فعلا لكنه نوعي جدّا…. من بينه القنّاص اللّيلي والقناص النهاري وهناك من هو مختص في النهاري والليلي ورابع مختص في تفكيك المتفجرات وقد تم اقحام اختصاصات اضافية منها اثنين مدربين على عمليات الانزال اي عبر الاماكن المرتفعة والغوص والسياقة السريعة المحترفة وهناك الاختصاص في الاسعافات الأولية والمظليين والمصوّر الفني وهو الذي يرسم مسرح عملية التدخل بالدقة المطلوبة…
فالقنّاص كما يقدّمه محدثي ليس شخصا عاديا بل هو محترف في اطار قانوني وشرعي لحماية الوطن من العمليات الارهابية واختصاصه في تحرير الرهائن وحماية البواخر والطائرات… لذالك فإن خروج النواة من مكانها لا يمكن أن يكون من تلقاء النفس… ولا وجود لقناص يعمل دون مساعد دون مهمة واضحة ووطنية وهدف معين واضح هو الاخر…. ولناخذ على سبيل المثال وجود ارهابيين في مكان واحد يحتجزان رهائن واحدهما يحمل متفجرا… هنا وجب حسب ظوابط الاختصاص أن يتواجد قناصين اثنين في المكان ومساعدين والمساعد هنا دوره تعديل المنظار وتحديد الهدف…. والقناص ليس مخول له في نوعية سلاحه الا استعمال رصاصة واحدة لا غير ولا يحتكم إلى مخزن خراطيش بل أن مهمته كلها لا تتطلب الا رصاصة واحدة…… والخطأ هنا يساوي تعريض حياة ابرياء للقتل.
لماذا وكيف يتخفى؟
القناّص المحترف يساوي عملا محددا يدخل في اطار الامن القومي فقط لا غير وتخفيه في لباس يخفي كل ملامحه هو من شروط الاختصاص حتى لا يتحول هو بدوره إلى هدف والقناص المحترف والقانوني ممنوع عليه حتى ارتداء ساعة يدوية أو خاتم ومن شروط اختصاصه عدم التدخين وشرب الخمر…
وما رآه المواطنون على الاسطح لا يمكن أن يكون قناصا محترفا ويؤدي مهمة قانونية لأن المحترف هو اشبه بشبح من المستحيل أن تشاهد فوقه طائرة عمودية أو يكون مكشوفا ومعرضا للتصوير عبر الهواتف ومهمته كما سبق ووضحت هي هدف واحد فقط لا غير في المهمة يكون مسرح الواقعة مدروسا مسبقا من مختص في التصوير الفني لهذه النواة ويكون مرفوقا بالملاحظ وهو شخصية اساسية في عملية القنص… واذا ما اعتبرنا أن سطح عمارة بيضاء مثلا فلا يمكن أن تجد قناصا باللون الاسود بل من المؤكد أن يتخفى في لحاف ابيض مدروس بحيث يصبح هو نفسه جزءا من السطح… لذلك فإن اصرار الحكومة على كون القناص إشاعة هو مسّ من وطنية القناص وجعله في مرتبة المرتزق.
إصابات الرأس في الاحداث
عن الاصابات القاتلة التي أودت بحياة عشرات الشهداء يقول: «القناص لا يصيب لا الصدر ولا القلب بل مهمته اساسا هي الرأس فقط ورصاصة واحدة تحدد بحسب الوضعية للتخلص مثلا من ارهابي يمسك برهينة. لذلك فإن من يصاب في الراس عند فحصه يمكن معرفة أن القاتل قناص أو لا. وقاطعته لنتحدث عن احداث الثورة التونسية التي حملت في اكفانها عدة اصابات مماثلة يقول متحدثي في هدوء تام… :›. أجل تابعت الاحداث بدقة وما زلت إلى اليوم استغرب بشدة أن ملف الشهداء تركوه مفتوحا… والحال أن وضعه على طاولة النقاش هو الحل الوحيد لنتقدم إلى مرحلة المصالحة… فحص الشهداء هو وحده الكفيل بتحديد القاتل وهو وحده ايضا بامكانه أن يكشف إن كان القاتل قناصا أم لا؟
القناص رصاصته تبقى في الرأس
عن هذه النقطة حاولنا الحصول على تفسير أوضح قد يريح الامهات الثكالى والارامل يعرّج محدثي في كلامه فيقول… لكل قناص محترف سلاح ورصاصة لكل مهمة وهي حين تكون من مسافة بعيدة فإنّ الحلزات هي التي تحدد سرعة الرصاصة من 300 متر إلى 700 متر في الثانية وبذلك مع ابتعاد المسافة فإن الرصاصة أو الجزء المنطلق منها يستقر داخل الراس لذلك لو قمنا بفحص جثث الشهداء وسحب الرصاصة واجراء عملية الأ.د,ن فإن النتيجة ستكون واضحة جدا وسيشير الشهيد إلى قاتله بالادلة المادية…. دون الحاجة إلى اتهام ابرياء… لكن للأسف كل الاجراءات لم تحدث… سلاح محرّم دوليا عن الرؤوس المنفجرة لبعض شهدائنا سألنا محدثنا كمختص في هذا المجال منذ سنوات طويلة فأجاب: «هناك حالتان لا ثالث لهما اما أن البندقية التي اصابته كانت على مقربة كبيرة منه او أن رصاصة القناص كانت الرصاصة المتفجرة وهي رصاصة بيضاء بلون الفضّة محرّفة السطح وهي حين تدخل إلى رأس الضحية فهي تفجرّه وهي رصاصات محرّمة دوليا. سألت محدثي ان كان شارك في الاحداث في شخصه فاجاب على عجل : مستحيل لو طلب مني اداء مثل هذه المهمة القذرة فأنا في شخصي لا اقبل لأني قناص محترف دوري وثقافتي وتكويني أن اكون درعا للوطن وأن اصيب الارهابيين لأنقذ ارواح رهائن لا متظاهرين… هل هناك مرتزقة؟ هل هناك مرتزقة؟ هل هناك قناصة مأجورين عملوا بالاحداث؟ كل اسئلة الحيرة وضعنا وزرها لدى محدثنا علنّا نجد فيها اجابة واضحة… فاجاب مستندا إلى تجربته ودوراته التكوينية المحترفة قائلا: مستحيل أن يكون من قنص في الاحداث قناص محترف وفي مهمة بها تعليمات…. ما حدث كان قنص غير قانوني وغير محترف وعشوائي بل هو أقرب إلى تصفيات جسدية تماما مثلما يحدث في ليبيا إذ أن عمليات القتل يقوم بها مرتزقة وإلا لوجدنا نقصا في عدد القناصة المحترفين… لقد تمكنت الوحدات المسلحة وكل هذا موثق (وشاهده الناس في التسجيلات التي تم نشرها على الـ«فايس بوك») لقد تم القضاء على أربعة قناصة وقتلهم… فأين جثثهم نريد أن نعرف هوياتهم…؟ نريد أن نريهم للشعب؟ ؟ قناصة اخرون اعتبرهم مرتزقة بمعنى أنهم يعملون مأجورين للقتل دون تحديد هدف واضح ومدروس ودون غاية نبيلة للمهمة تمكنت الوحدات المسلحة من ايقافهم متلبسين بالأسلحة والمناظير اين هم؟ واين اختفوا ولماذا لم يتم تقديمهم للمحاكمة؟ ولماذا لم تقارن الرصاصات التي اخترقت جثث الشهداء بأسلحتهم؟ بن علي قضى على نواة القناصة يتحدث الجالس أمامي وقد أمسك بمفاتيح سيارته متأهبا للرحيل مبتسما… أنا حاليا قنّاص دون حقيبة فسياسة بن علي كانت قاسية لقد قضى على كل الوحدات القوية والمدربة والمحترفة بل وفككها لقد كان دائما خائفا منذ أن استغل أول فرقة مختصة في عملية 7نوفمبر… فهمّش هذه الوحدات… للحديث بقية عن أسباب خلق أول نواة للقنص بتونس تدريباتها والعمليات التي شاركت فيها وعلاقتها باحداث قفصة في 1981 وأحداث الخبز وأحداث انتفاضة الرديف واضطرابات محاكمة صالح كركر وراشد الغنوشي وعبد الفتاح مورو بمحاكم أمن الدولة وأنواع الارهاب التي تدربوا عليها من الارهاب الثوري إلى العقائدي مرورا بالارهاب الانتحاري والمرتزقة…
سميرة الخياري كشو (المصدر: جريدة « الشروق » (يومية – تونس) الصادرة يوم 25 أوت 2011)
<
سقط القذافي ونظامه بعد 6 أشهر من المواجهات الدامية والمدمّرة بينه وبين « الثوار » المدعومين من قوات الحلف الأطلسي. وما من شك في أن سقوط هذا الطاغية المجنون يمثل كسبا للشعب الليبي الذي عانى منه الأمرّين طوال أربعة عقود إذ حرمه من حريته وحقوقه وحكمه بالحديد والنار ودمّر مقدّرات البلاد الاقتصادية التي تصرّف فيها على أنها ملك خاص له ولأولاده وللمقربين منه. وقد عانى الشعب التونسي بدوره من القذافي الذي كان يتلاعب باليد العاملة التونسية وفقا لمزاجه المتقلب في علاقة بحكام تونس علاوة على وقوفه إلى جانب بن علي إلى آخر لحظة ولم يكن من المستبعد، لو أن الشعب الليبي لم يثر، أن يساعده على العودة إلى الحكم بواسطة جيش من المرتزقة، مثلما أفادت بعض المصادر. لقد وقف حزب العمال منذ بدء الانتفاضة في بنغازي إلى جانب الشعب الليبي واعتبر أن من حقه مسك مصيره بيده وبناء النظام الديمقراطي الذي يريد ورأى في ثورة الشعب الليبي فرصة لإقامة علاقات نموذجية بينه وبين الشعب التونسي. ولكن دخول قوات الحلف الأطلسي على الخط ومساهمتها في المواجهات إلى جانب المجلس الانتقالي، خلق وضعا جديدا يهدد بسقوط ليبيا ما بعد القذافي تحت وصاية غربية أطلسية. إن نوايا واشنطن وباريس ولندن وروما ليست خافية عن أحد، فلولا البترول لما تحرّكت المشاعر « الإنسانية » الكاذبة لحكومات هذه العواصم، وهي اليوم لن تنسحب بسهولة قبل أن ترتب الأوضاع لفائدتها وتطالب بما صرفته آلتها العسكرية وهو ما يطرح على الشعب الليبي التحرّك بسرعة وطرد القوات الأطلسية من أرضه والتصدي لعملائها من أعضاء المجلس الانتقالي. إن حزب العمال الشيوعي التونسي إذ يهنئ الشعب الليبي الشقيق بانتصاره ودحره لنظام القذافي الاستبدادي والفاسد فإنه يأمل في أن يوفق الشعب الليبي الآن في تقرير مصيره بنفسه فيسترد حريته وحقوقه ويبني النظام الذي يكرس سيادته ويمكنه من النهوض ببلده ومن استثمار ثرواته لتلبية حاجاته ومن إقامة علاقات أخوة عميقة مع الشعوب الشقيقة المجاورة ومنها الشعب التونسي الذي خرج هو أيضا من أكثر من نصف قرن من الاستبداد وما زال يناضل من أجل تثبيت انتصاره على جلاديه.
حزب العمال الشيوعي التونسي 24 أوت 2011
<
قررت الهيئة الادارية بالإجماع اثر انتهاء اجتماعها في ساعة متاخرة ليلة امس ، عدم مشاركة الاتحاد باسمه في انتخابات المجلس الوطني التاسيسي ، وتم فتح المجال للنقابيين المشاركة في الانتخابات تحت يافطات احزابهم او كمستقلين . يذكر ان اللقاء النقابي الديمقراطي المناضل ، دعى الاتحاد العام التونسي للشغل خلال بيانه الصادر يوم 23 اوت الى « عدم الزج بالمنظمة » في خيارات قد تمس من استقلالية و وحدة المنظمة ، واعتبر مشاركة الاتحاد العام التونسي للشغل يمكن ان تؤدي الى محاولات توظيف المنظمة لمصالح حزبية خاصة لا علاقة لها باهداف الثورة و لا بمصالح العمال على حد تعبير البيان .
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 25 أوت 2011)
<
علمنا من مصادر مقربة من حزب أفاق أن استقالات عديدة يشهدها الحزب منذ يوم الثلاثاء نتيجة خلافات حادة بين أعضاء مكتبه السياسي تهم بالخصوص الخيارات الإستراتيجية للحزب و أيضا ترأس القوائم التي سيخوض بها الحزب انتخابات المجلس التأسيسي. من جهة اخرى و حسب ما اورد موقع » كابيتاليس » افاد فوزي بن عبد الرحمان عضو اللجنة المركزية في حزب افاق تونس ، انه بعد يومين من المفاوضات والنقاشات حول التحالف مع القطب الديمقراطي الحداثي، تم التصويت على عدم الدخول في هذا التحالف.
وأضاف ان الحزب انقسم الى شقين حيث يؤيد الطرف الاول تحالف الحزب مع القطب باعتباره وسطيا حداثيا وباعتباره مكملا لحزب افاق تونس، اما الطرف الاخر فيرى ان الحديث عن مسالة التحالف سابق لاوانه واعتبروا المحافظة على مصداقيتهم وشفافيتهم امام الشعب التونسي اهم من التحالف في الوقت الحالي.
وحسب نفس المصدر، فقد صرحت امنة منيف الناطقة الرسمية باسم الحزب انه من الطبيعي ان يمر كل حزب ببعض المشاكل والخلافات بسبب الاختلاف حول اتخاذ بعض القرارت، وقالت ن كل شيء قد عاد الى النظام وانها عادت الى ممارسة نشاطها داخل الحزب على عكس مصطفي المزغني الذي اصر على مواصلة مقاطعة الحزب دون الادلاء حول ما اذا كان سيستقيل من احزب او لا.
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 25 أوت 2011)
<
استنطق امس قاضي التحقيق بالمكتب الثالث بالمحكمة الابتدائية بتونس 1 توفيق بكار محافظ البنك المركزي السابق وبعد قرابة الساعتين ابقي بحالة سراح. وعلمت « الصباح » ان التهم الموجهة اليه تتعلق باستغلال صفة لاستخلاص فائدة لا وجه لها لنفسه او لغيره او للاضرار بالادارة.وعلمنا أن الابحاث تعلقت بالمنظومة الاعلامية الخاصة بمجمع البنوك والتي كان سيفوز بها سليم زروق صهر المخلوع.
(المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 25 أوت 2011)
<
تونس (الشروق) بادرت أمس مجموعة من المنسحبين من جلسة الهيئة العليا لتحقيق أهداث الثورة على خلفية التجاوزات التي حصلت بإمضاء نص بيان أعلنوا فيه براءتهم من مرسوم قانون الجمعيات متهمين رئيس الهيئة عياض بن عاشور بإهانتهم.وأمضى على هذا البيان كل من زهير مخلوف وأديب سودانة ومحمد عطية ولمياء الرياحي وعماد الحيدوري ونجيب العاشوري وفوزي صدقاوي وسيدة الحراثي ومحمد الهادي الكاحولي وصوفية الهمامي وفي ما يلي نص البيان:«في اللحظة التي كنا نحتجّ فيها على ما صدر عن رئيس لجنة تقصي الحقائق من كلام يسيء إلى الثورة وإلى عموم الشعب التونسي وإلى أعضاء هيئة تحقيق أهداف الثورة متهما الجميع بعدم «نظافة اليد».وكعادة إدارة الهيئة والمجموعة الموالية التي لا تساهم إلا في تمرير مشاريع مراسيم تخدم مصالحها الخاصة فقط والايديولوجيا الضيقة التي تجمعهم وفي غمرة الاحتجاج عما صدر من السيد عبد الفتاح عمر وخروج أغلب الأعضاء خارج القاعة تمت المصادقة على قانون الجمعيات وبحضور 31 عضوا فقط والذي سبق ونوقش الأسبوع الماضي بحضور نفس العدد(31) علما أنه في مستهل جلسة الأربعاء اضطرّ السيد عياض بن عاشور إلى رفع الجلسة دون الاقتراع على القانون لعدم اكتمال النصاب ولكنه عاد في نهاية أشغالها إلى التصويت بهذه الطريقة اللاديمقراطية واللاشفافة والمهينة وعليه فنحن الموقعون أسفله نعتبر أن صدور المشروع تم بشكل غير شرعي وغير قانوني ونحن غير ملزمين به ونحيط الرأي العام التونسي بموقفنا هذا».
(المصدر: جريدة « الشروق » (يومية – تونس) الصادرة يوم 25 أوت 2011)
<
تونس (الشروق)
طالب عدد من أعضاء الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة أمس بحل اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول قضايا الفساد والرشوة وهي المطالبة التي فاقمت التوتر داخل الهيئة، بعد الغضب الذي خلفه السيد عبد الفتاح عمر بين أعضائها خاصة حين اتهم الشعب بأكمله بالتورط في منظومة الفساد.
تفاقم التوتر داخل الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة أمس فبالإضافة إلى الخلاف الموجود حول جدول الأعمال ومسألة تمرير قانون الجمعيات من عدمه فقد مثل تقرير اللجنة الوطنية لمكافحة الرشوة والفساد الريشة التي قد تقصم ظهر الهيئة بعد الغضب الذي خلفه بين أعضائها خاصة حين اتهم الشعب بأكمله بالتورط في منظومة الفساد من قبل رئيس اللجنة السيد عبد الفتاح عمر رغم إعتذاره وتأكيده انه لم يقصد ذلك، حتى ان البعض لوحوا بالاستقالة خاصة بعد تمرير قانون الجمعيات أثناء تواجدهم خارج القاعة للاحتجاج على الاشكال الأول.
وقال رئيس اللجنة ان منظومة الفساد أقيمت تدريجيا في تونس وتعاضمت منذ سنة 2000 وأحكمت قبضتها على الدولة والمجتمع منذ سنة 2005 وانها تجسمت في عدد من المؤسسات السياسية والادارية والقضائية للدولة وعددا من الجماعات المحلية وحزب التجمع وعدد من الجمعيات والمنظمات وعدد من وسائل الاعلام وأدت الى اشاعة سلوكيات في المجتمع ظهرت في شكل اتخاذ المجتمع كافة لتوجه ينبني على الرشوة والفساد إضافة الى التبعية وتعميم الخوف.
المطالبة بحل اللجنة
ومن بين مظاهر الفساد والآليات المتبعة التقنية المستعملة في المجال العقاري وهي تغيير صبغة الأراضي من فلاحية الى صالحة للبناء فغنمت منها العائلة الحاكمة أموالا طائلة.
ومع عدم تقديم معطيات دقيقة حول الملفات بدأ عدد من أعضاء الهيئة في المطالبة بعدم مواصلة الحديث في العموميات «التي يعرفها جميع التونسيين» فهاجت القاعة قليلا مما أستدعى تدخل السيد عياض بن عاشور ليشير إلى أن «السيد عبد الفتاح ليس ملزما بقول ما تريدون (الأعضاء) أو التفسير».
وتابع رئيس اللجنة قائلا «أسندت لنا مهمة تفكيك منظومة الفساد» موضحا ان مصادر اللجنة وملفاتها في مجال التقصي كثيرة وتعتمد على المواطنين بالدرجة الأولى وعددها بلغ 9206 فضلا عن الملفات التي ترد على اللجنة من الإدارة وقد تمت دراسة 3920 ملفا وأحيل منها 200 ملف إلى القضاء مؤكدا أن أكثر من نصفها تتعلق بالرئيس المخلوع وعائلته.
وقال عبد الفتاح عمر ان لجنته واجهت صعوبات جمة و«أغلبها مفتعلة» وان القضاء أمدهم بمآل نصف الملفات التي أحالوها اليه، كما طرح مقترحا يقضي بتكوين هيئة مستقلة وقارة تتعهد بمكافحة الفساد والرشوة وتطبيق الاتفاقية الدولية في هذا الصدد داعيا الى تشريك المجتمع المدني.
ومع فتح باب الأسئلة أمام أعضاء الهيئة تهاطلت الانتقادات لعمل اللجنة وللتقرير الذي قدمته حتى ان هناك من طالبوا بحلها وتكوين لجنة أخرى تكون قادرة على القيام بهذه المهمة وفي هذا الاتجاه تساءل الأستاذ عبد المجيد الشرفي عن حجم الأراضي التي تم تحويل صبغتها من فلاحية الى صالحة للبناء موضحا ان الشعب ينتظر مشروعا بسرعة ملموسة فيما يخص قضايا الرشوة والفساد، معتبرا ان تواصل بعض مظاهر الرشوة الى اليوم هناك أطراف تقف وراءه.
ومن جهتها طالبت السيدة حياة حمدي اللجنة بأن تمد العموم بقائمات في الملفات التي أحيلت على القضاء «لكي لا تتحولوا الى أداة للابقاء على الفساد، ومن جانبه اعتبر السيد محمد جمور ان اللجنة ركزت في عملها على المجال المالي والاقتصادي «لكن الفساد الأكبر في المجالات الأخرىمثلا كانت المسؤوليات الديبلوماسية لا تسند الا لأشخاص تفانوا في خدمة النظام.
وبالنسبة للأستاذ العياشي الهمامي فقد اعتبر ان عمل اللجنة لا يقنع الرأي العام لا من حيث الأداء ولا من حيث المواقف وتساءل عن المفهوم الذي حددته اللجنة للرشوة والفساد وعن نسبة الفساد ودوائر الرشوة في تونس.
وتابع «تعملون في السر كان من الأجدر ان يصدر عنكم على الأقل تقرير مفصل لنتائج عملكم، كما تساءل عن مفهوم الاستقلالية لدى اللجنة وكيف رفضت تطبيق حكم قضائي أعطى الحق للمحامين للاطلاع على قائمات مثلا داعيا الى حل اللجنة بعد الانتخابات وتكوين «لجنة جدية».
«كلنا فاسدون»
وفي الاتجاه ذاته اعتبر السيد المولدي القسومي انه هناك مؤشرات كثيرة على ضعف اللجنة متسائلا عن موقفها من القائمة التي صدرت مؤخرا للمحامين الفاسدين وصدور أسماء بعض أعضاء اللجنة فيها.ومن جانبه اعتبر السيد فاضل بالطاهر ان اللجنة ركزت نشاطها على العاصمة ولم تتجه الى الجهات مشيرا الى ان التقصي يعني تتبع الفساد وليس الجلوس على كرسي وانتظار الملفات.
هذا واعتبر السيد رضا بوزريبة ان اللجنة حاولت ان تقنع أعضاء الهيئة في مداخلة رئيسها بأن الفساد جاء بعد سنة 2005 مؤكدا ان منظومة الفساد انطلقت منذ سنة 1987 واتسعت فيما بعد وان ذلك مايفسر وجود 9آلاف ملف فقط لدى اللجنة، وتساءل عن سبب دراسة 3 آلاف فقط من 9آلاف وعن مصير بقية الملفات.
وفي الاتجاه ذاته قال السيد مصطفى عبد الكبير ان لجنة الفساد «تسترت على الفساد واطالب بحلها وبعث لجنة تكون أكثر فاعلية حيث انه من أهم أهداف الثورة مقاومة الفساد»، وفي نفس الاطار قال السيد بيرم بالعيفة ان اللجنة فشلت فشلا كبيرا وان المجموعات المماثلة لمجموعة الـ25 أنجزت الذي كان مطلوبا من اللجنة متسائلا «كيف لنظام قام على الفساد لا يتم تقييمه من موقع الوزير الأول ووزير أملاك الدولة اللجنة لم تتحرك ولا تستطيع مساءلة من كونها وهنا نجد اعتداء على ذكاء المواطنين».
وفي رده على التساؤلات قال عبد الفتاح بن عمر ان حل اللجنة كلام يقال حتى عن الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة وان سرية أشغال اللجنة محكومة بالقانون مؤكدا ان اللجنة أصدرت قائمة بالملفات التي تناولتها لكن الاعلام لم يهتم بها وان هناك قائمة تكميلية ستصدر قريبا.
وأكد رئيس اللجنة انها وجدت قائمات تتعلق بالمحامين الفاسدين مع وصف لكل منهم وقد أحالت الملف الى القضاء، كما وجدت اللجنة قائمات للقضاة الفاسدين تتضمن كل الحركات القضائية كما وجدت مراسلات بين الرئاسة والوزارة بخصوص تمديد عمل عدد من القضاة مؤكدا انه من الممكن جدا ان يحال هذا الملف قريبا على القضاء.
وأضاف قائلا «نحن شعب تونس ساهمنا في تغلغل ظاهرة الفساد أنظروا حولكم من منا غير فاسد».
وهنا هاجت القاعة وماجت وغادرها عدد كبير من الحاضرين احتجاجا على اتهام الشعب بالتورط في الفساد، الا ان رئيس الهيئة تدخل بعد اعتذار السيد عبد الفتاح عمر ليقول انه يعرف ان رئيس اللجنة لم يقصد اتهام الشعب بالفساد او المساس بأعضاء الهيئة.
وبعد ذلك أحال بن عاشور رئاسة الجلسة الى السيدة لطيفة الأخضر نائبته ليرافق ضيفه الى الخارج لكن وقبل مغادرته للقاعة كانت الرئيسة قد صادقت باجماع الموجودين داخلها على القانون المنظم للجمعيات؟.
عبد الرؤوف بالي (المصدر: جريدة « الشروق » (يومية – تونس) الصادرة يوم 25 أوت 2011)
<
في جلسة ساخنة عبد الفتاح عمر يقسم هيئة تحقيق أهداف الثورة إلى شقين
لم تقنع مداخلة عبد الفتاح عمر رئيس لجنة تقصي الرشوة والفساد الذي حل ضيفا على هيئة تحقيق اهداف الثورة معظم اعضاء الهيئة الذين وجهوا سهام انتقاداتهم إلى اللجنة وطريقة عملها واتهموها بتحمل المسؤولية في التكتم على رموز الفساد. وشهدت الجلسة لغوا كثيرا وجدلا صاخبا بين الأعضاء على قلة عددهم انتهت بانقسام اعضاء الهيئة إلى شقين تعمد شق استنكر تصريحات عبد الفتاح عمر في معرض حديثه عن الفساد والرشوة واعتبروها مسا من كرامتهم مما حملهم على مغادرة قاعة الجلسة، وشقا آخر اتهم الشق الأول بتعمد بث ارباك الجلسة من اجل عدم التصويت على مرسوم الجمعيات. احتجاج على طريقة التصويت وقد أثارت طريقة التصويت على مرسوم الجمعيات التي تمت بحضور عدد قليل من الأعضاء أي دون توفر النصاب القانوني على اعتبار أن بقية الأعضاء الحاضرين انسحبوا من قاعة الجلسة احتجاجا على تصريح لعبد الفتاح عمر اعتبر مسا من كرامتهم بعد أن أكد أن ظاهرة الفساد والرشوة متغلغلة في المجتمع التونسي. وكان سير الجلسة عاديا للغاية حتى لحظة حضور عبد الفتاح عمر مرفوقا بأعضاء لجنته وشروعه في تقديم مداخلته في انتظار تقبل اسئلة الحاضرين لكنه قوطع أكثر من مرة من قبل بعض الأعضاء بعد استرساله في تعداد مظاهر فساد المخلوع وحاشيته واقاربه، كما لم تفلح اجابات رئيس لجنة تقصي الفساد والرشوة على مختلف التساؤلات المطروحة. وشهد النصف الأول من الجلسة مناقشة مقترح الحكومة الداعي إلى تولي هيئة تحقيق اهداف الثورة مهمة اعداد قائمة في رموز الفساد، ومواصلة النقاش حول مرسوم الجمعيات. تأجيل التصويت لعدم النصاب وكان في البرنامج ان يتم عرض مشروع مرسوم الجمعيات على التصويت إلا أن عياض بن عاشور خير تأجيل ذلك إلى آخر الجلسة لحين توفر النصاب القانوني بسبب تغيب عدد كبير من الأعضاء. ومع تزايد عدد الأعضاء بعد حلول عبد الفتاح عمر إلى قاعة الجلسة قرر عياض بن عاشور عرض مرسوم الجمعيات على المصادقة في آخر الجلسة. لكن حركة الاحتجاج التي قام بها مجموعة من الأعضاء مثل أديب سوادنة وزهير مخلوف ومصطفى عبد الكبير ومحمد عطية وعدد آخرين من الأعضاء بسبب تصريح عبد الفتاح عمر الذي اعتبروه ثلبا في حق اعضاء الهيئة، افرغت قاعة الجلسة تقريبا ولم يبق فيها سوى عدد قليل من الأعضاء، في هذه اللحظة قررت نائبة الرئيس عرض مرسوم الجمعيات على المصادقة بمن حضر داخل الجلسة رغم عدم التحاق الأعضاء الغاضبين.. وانتفض الأعضاء الذين كانوا خارج القاعة غضبا واعتبروا المصادقة على مرسوم الجمعيات اجراء غير قانوني، في حين اتهم مناصرو مرسوم الجمعيات الرافضين للمرسوم باختلاق اعذار واهية للتنصل من عملية التصويت الحضوري. وبالعودة إلى النقاش المتعلق بمتقرح الحكومة، لا بد من الإشارة إلى أن عياض بن عاشور كشف أنه لم يتلق بتاتا أي مقترح رسمي من الحكومة او من الوزير الأول بخصوص تولي الهيئة اعداد قائمة في رموز الفساد.. مؤيد ورافض لمقترح الحكومة وتمحور الخلاف بين الأعضاء بين مؤيد للمقترح وبين رافض له. ويرى الشق الرافض لمقترح الحكومة أن الهيئة ليست لها صلاحيات البت في ملف الفاسدين وليس لها ان تحشر نفسها في مهام القضاء. لكن مؤيدي المقترح اشاروا على ضرورة تشكيل لجنة مختصة مشتركة بين الهيئة ولجان اخرى مثل لجنة تقصي الفساد والرشوة ونقابة القضاة وجمعية القضاة وتحديد معايير للفساد وتحديد المعنى من لفظ الرموز. وكان عبد الفتاح عمر رئيس لجنة تقصي الحقائق حول الرشوة والفساد قد بين في مداخلته أمام مجلس الهيئة أن منظومة الرشوة والفساد في تونس تغلغلت تدريجيا وخاصة منذ سنة 2000 احكمت قبضتها على الدولة والمجتمع خاصة انطلاقا من 2005 وتجسمت في عدد من المؤسسات السياسية والإدارية واحيانا القضائية للدولة وفي عدد من الجمعيات المحلية والتجمع المنحل والتنظميات الاجتماعية وعدد من وسائل الإعلام والاتصال.. وقال إن المنظومة ادت إلى اشاعة سلوكيات ومواقف في المجتمع ساعدت على بروز عقلية تكاد تكون عامة ينبني على الرشوة والفساد واصبح راس السلطة رمز الفساد وملاذ المنحرفين. وأوضح أن ممارسة السلطة كانت كليانية يجعل من المخلوع يتدخل في كل المجالات العامة والخاصة وذهب به الأمر إلى التدخل في حياة الناس فضلا عن قيامه بدور المتصرف في العقارات والشؤون التجارية والمالية والنقل والصفقات والتخصيص والبيئة وكل القطاعات الأخرى. إحالة 200 ملف فقط على القضاء وجدد عبد الفتاح عمر تأكيده على استقلالية اللجنة التي يراسها، وحدد مهمتها بتفكيك منظومة الفساد والرشوة وذلك بالالتجاء للوثائق والاستماع للمعنيين بالأمر والمجابهة، وقال إن اللجنة تحيل أي ملف على العدالة كلما اتضح وجود رشوة، وكشف أن عدد الملفات الواردة على اللجنة بلغ 9206 ملفات فضلا عن الملفات التي ترد من الإدارات، وتمت دراسة 3920 ملفا من بينها ملفات تخرج عن اختصاصات اللجنة، وتم احالة 200 ملف على العدالة أكثر من نصفها تتعلق بالمخلوع وعائلته. وانتقد عياشي همامي لجنة تقصي الحقائق حول الرشوة والفساد وقال إن عملها لم يقنع الراي العام وطالب بإحداث هيكل جديد يتقصى الرشوة. مضيفا أن اللجنة كان من الأجدر أن تصدر تقريرا مفصلا لعملها، مستفسرا عن رفضها اذنا قضائيا بتسليم الفرع الجهوي للمحامين بتونس قائمة المحامين التي عثر عليها في القصر الرئاسي. ورد عبد الفتاح عمر بأن اعمال اللجنة ووثائقها سرية، وقال إن اللجنة ستصدر قريبا جدولا تكميليا في الملفات التي احيلت على القضاء بعد أن اصدرت في جوان الماضي تقريرا اوليا. ويتضمن الجدول موضوع القضايا ووصف للفاعل دون ذكر اسمه عملا بقرينة البراءة وحفاظا على سلامة الناس الى ان يتم الفصل فيها. وبين أن اغلب الملفات المحالة على القضاء تطلبت وقتا طويلة من التثبت الاستماع للمعنيين بالأمر وقال : » اللجنة لها الحق في الحجز للتثبت والدراسة وليس لتوزيع الوثائق او الانتصاب بها في شارع بومنديل فإذا ثبت شبهة رشوة او فساد يتم احالة الملف على القضاء. » واعترف بعثور اللجنة على قائمة محامين ينوبون حصريا المؤسسات العمومية، وتم احالتها على القضاء لتتبع من اعطى التعليمات ومن أدارها وكل من سيكشف عنه البحث. وعن قائمة القضاة اوضح أن اللجنة وجدت قائمات تتضمن كل الحركات القضائية ونشرت بالصحف كما وجدت مراسلات بين الوزارة والرئاسة بخصوص تمديد عمل عدد من القضاة. وقال إن كل من اتضح وجود شبهة فساد ورشوة يتم احالة المعني إلى القضاء، من ذلك أنه تم احالة ملف قاضي اعترف صراحة وبامضائه بتعامله على اساس الرشوة وهو حاليا رهن التتبع. ونفى نية اللجنة التستر على المتهمين او الفاسدين، وقال : » جميعنا ساهمنا في تغلغل ظاهرة الرشوة والأكتاف التي نخرت عقلية المجتمع التونسي. » وهو التصريح الذي اثار غضب بعض الأعضاء. مع الإشارة إلى أن عبد الفتاح عمر اعتذر وقال أن كلامه فهم خطأ ولم يقصد تجريح أحد من اعضاء الهيئة. يذكر ان الهيئة اصدرت بناء على مقترح عدد من اعضائها بيانا تبارك فيه نجاح الثوار الليببين في دحر الدكتاتورية. رفيق بن عبد الله
(المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 25 أوت 2011)
<
تونس ـ وات ـ افادت اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الرشوة والفساد في بيان لها أمس الاربعاء انها تلقت بتاريخ 22 أوت الجاري اعلاما باذن على عريضة صادر لفائدة جمعية القضاة التونسيين يقضي بتسليمها القائمة الموجودة بحوزتها والتي تتضمن «اسماء القضاة المعول عليهم والذين لا يعول عليهم».
واوضحت في ذات البيان انها عثرت عند مباشرتها لاعمال التقصي المخولة لها بمكاتب مستشاري الرئيس السابق على قوائم تتضمن الحركة القضائية السنوية للقضاة وهي ذات القوائم التي كانت تنشر بالصحف ولم تكن تتضمن اي تصنيف للقضاة كما عثرت على مراسلات متبادلة بين وزارة العدل ورئاسة الجمهورية تعلقت بالقضاة المزمع التمديد لهم بعد بلوغهم السن القانونية للتقاعد. وأكدت اللجنة انها ستتولى طبقا لاحكام المرسوم عدد 7 لسنة 2011 المؤرخ في 18 فيفري 2011 احالة كل ملف يتبين لها من خلاله وجود شبهة فساد او رشوة على النيابة العمومية مضيفة انه قد تم مراسلة النيابة بهذا الخصوص.
(المصدر: وكالة تونس افريقيا للأنباء (وات – رسمية) بتاريخ 25 أوت 2011)
<
الدكتورعبد السلام المسدي، المفكر وعالم اللسانيات ووزير التعليم العالي الأسبق.. صاحب المؤلفات العديدة في النقد الأدبي والسياسية واللسانيات والابداع هومن الشخصيات الوطنية والعلمية والأكاديمية التي لم تتلوث ولم تذعن وظل – على الرغم من تقلبه في عديد المناصب الوزارية والدبلوماسية (كاتب دولة للتعليم العالي1987 – 1988 ثم وزيرا للتعليم العالي1988 – 1989 ثم سفيرا لدى الجامعة العربية 1989 – 1990 ثم سفيرا لدى المملكة العربية السعودية1990-1991) بمنأى عن كل شبهة فساد سياسية أوأخلاقية أومالية من تلك التي طالت جل الذين « وزرهم » الديكتاتور المجرم بن علي أو قربهم اليه… بمناسبة صدور كتابيه الجديدين « تونس وجراح الذاكرة » (الطبعة الأولى 2011) وكتاب « العرب والانتحار اللغوي » (بيروت 2011) كان لنا معه هذا اللقاء… بداية دكتور، ولكي نبدأ من حيث يجب أن نبدأ، كيف تسمي هذا الذي حدث بتونس بتاريخ 14 جانفي2011؟ لا أتردد في أن أسمي هذا الذي حدث عندنا بالثورة… رغم أن مفهوم الثورة في التاريخ السياسي يتقيد ببعض الشروط التي لم تتوفر في »الحالة التونسية » من ذلك -مثلا- أنه لم يسبق لهذه الأحداث أن هيأ لها المفكرون بساطا نظريا كما يحصل عادة في الثورات… وعلى هذا الأساس كان لهذه الثورة التونسية خصوصيات بارزة، فبحكم أنها فاجأت جميع الناس فان المنظرين من رجال الفكر والثقافة وجدوا أنفسهم في التسلل على ملعب الأحداث… اذن أعود وأقول أنها ثورة ولكنها – بهذا المعنى – تمثل في رأيي نقطة انطلاق نوعية على مسار التاريخ أكثر مما تمثل تتويجا لعمل تأسيسي ذهني مجرد… وهذا يجرنا – ربما – الى ضرورة أن نعيد للفعل الجماعي اعتباره المكين في صناعة التاريخ… ثورة 14 جانفي كانت هبة شعبية عظيمة جسمت في أحد جوانبها ذاك القانون الفيزيائي « كثرة الضغط تولد الانفجار »… أملي أن لا ينسى أهل الفكر والثقافة هذه المعطيات البسيطة حتى ينأوا بأنفسهم عن ركوب الحدث… بعد وقوع الحدث. هذا عن الحدث أو ما أسميته « الحالة التونسية »… ولكن ماذا عما بعد الحدث؟ ان قراءة بسيطة لتاريخ الثورات الشعبية يجعلنا ندرك أن هذه « الفوضى » التي نعيش على وقعها هذه الأيام والتي تدعو كثيرا منا الى الخوف أوالى التشاؤم انما هي أمر طبيعي وأكاد أقول هي في الحد الأدنى مما يجب أن يكون… واذا أردت المصارحة التامة أقول لو أن هذه المظاهر من التوتر والمجاذبة والتنازع لم تحصل عندنا لكنت عندئذ خائفا ومتشائما… ولنا عبرة فيما حصل يوم7 نوفمبر1987… فقد كان الاستتباب الأمني الكامل الذي عرفناه لفترة بعد ذلك الحدث بمثابة نذير شؤم كان يخفي وراءه أعظم مصيبة وأكذوبة في تاريخ تونس المعاصر… ما دامت قد عرجت بنا على تاريخ7 نوفمبر وصاحب7 نوفمبر، لماذا وصفت – دكتور – في كتابك « تونس وجراح الذاكرة » قائمات المناشدة الشهيرة لبن علي بالترشح لانتخابات 2014 بأنها « أم الفضائح » ؟ قلت هذا لأننا جميعا على يقين بأن أمر كهذا هو من الجلل ومن التأثير السياسي بحيث لا يجرِِؤ أحد على فعله أوحتى الايعاز به الا بارادة صريحة مسبقة من رأس السلطة العليا… ما يعني أنها مسرحية كتب نصها ووظب مشاهدها وأنجز اخراجها بعد أن اختار « أبطالها » الحاكم بأمره ولا أحد سواه… عندما كنت أقرأ ضمن قائمات المناشدة أسماء لرجال عرفتهم كراما كانت مشاعري الأولى ممزقة بين الاشفاق بهم والنقمة على من استدرجهم… ثم ما لبثت نقمتي أن عمت جميع من سولوا لأنفسهم أن يتركوا مصلحة الشعب والوطن وراء ظهرهم وأن يؤموا قبلة السلطان… ولكي أنتهي من هذا دعني أكشف لك -هنا- أنه وقعت مراودتي رسميا مرتين على التزكية والمناشدة ولكنني- بعيدا عن أي ادعاء- قلت…لا وأصررت. أيضا، وفي كتابك « تونس وجراح الذاكرة » تحدثت – من بين ما تحدثت – عما أسميته – دكتور- « صناعة الديكتاتور »… ما معنى صناعة الديكتاتور… ومن يصنعه؟ قبل أن أجيب، دعني أشير أولا الى أن كتابي الذي ذكرت ليس ثأريا ولا حتى منصبا على التشنيع الشخصي بالديكتاتور وانما هو محاولة لفك أسرار هذا الحكم الاستبدادي… أعود الآن فأقول أن سؤالك الذي طرحت « من يصنع الديكتاتور » ؟ يتردد كثيرا في أدبيات الفكر السياسي وقد قامت له أجوبة نمطية شائعة من أبرزها أن الشعب هو الذي يصنع طاغيته… والحقيقة – في رأيي – أن الطغاة صنفان: . صنف يمسك الحكم وهو كائن طبيعي ثم يحوله الحكم شيئا فشيئا الى كائن آخر ليس له علاقة بالكائن الأول… فيكون أسلوب الحكم وانصياع الحاشية وانخذال الجماهير كلها عناصر مساعدة تعين الديكتاتور على أن يتلبس بالجوروالطغيان . وصنف ثان هو صنف الحاكم الذي يخطط من بعيد للاستحواذ على السلطة ويكون فكره مبرمجا على الانفراد بها وممارسة السطوة الكلية الشاملة… وأنا على يقين أن « الحالة التونسية » قد ابتليت بهذا الصنف الثاني… بل مما زاد الشعب التونسي شقاء أن طاغيته (بن علي) لم تكن له من المواهب الذهنية الا موهبة المكر والتخطيط للشر والتألق في نسج خيوط الوقيعة. هل يعني هذا أن ديكتاتورية بن علي لم يكن منها بد وأنه – بالمقابل – لا تثريب على أولئك الذين ساهموا في « صناعته » من سياسيين واعلاميين؟ من باب الانصاف أريد أن أدخل للإجابة عن هذا السؤال بسؤال آخر افتراضي هل كان بالامكان أن نصد بن علي عن أن يصبح فينا ديكتاتورا؟… وكيف؟ هناك حالة واحدة ولكنها مع الأسف من المثالية بحيث تكاد تصبح متعذرة وهي أن يمتنع من أول يوم كل وزير عن الاستجابة لأوامر بن علي التي فيها خرق للقوانين والتراتيب خاصة وأنه في السنتين الأوليين كان يضهر مرونة ولم يكن يرد بالعنف في اللحظة الراهنة وقتها لأنه كان يوظب استراتيجية جهنمية للانفراد المطلق بالسلطة… ولأنه كان – وقتها – يغربل الناس من حوله ليتبين الذي يصلح منهم للبقاء معه من الذي لا يصلح ويجب بالتالي ازاحته وتوديعه… هذه هي الحالة الوحيدة – لو حصلت – التي كان يمكن أن تصد بن علي عن انجاز مشروعه الاستبدادي الذي خطط له من زمن سابق… أعود وأقول ان هذا افتراض مثالي وغير واقعي والسبب في ذلك افتقار البلاد الى مؤسسات ديمقراطية تحمي مصالح الشعب وتحول دون تسلل الطغاة الى دواليبها… وعلى هذا الأساس فالذين طالت العشرة بينهم وبين بن علي- سواء كانوا من الاعلاميين أو السياسيين- هم مسؤولون أمام التاريخ – لا على بقائهم معه في المطلق- وانما على كل قرار أخذوه كبيرا كان أوصغيرا من شأنه أن يخرق القانون أو يلحق بأحد العباد حيفا أوظلما… اليوم، وبعد أكثر من ستة أشهر من قيام الثورة… ماذا تشتمون- دكتور – أولنقل ما الذي يطبخ – حسب رأيكم- الآن في الكواليس لتونس والتونسيين؟ الغريب، أنني شخصيا من دعاة الشك المنهجي المتواصل ولكنني مع ذلك أراني مطمئنا جدا… جدا لما ينتظرنا… فكل ما هنالك أننا من كثرة ما عشناه من غياب الحرية متلهفون لاقتطاف ثمرات ثورتنا وليس لدينا الصبر اللازم حتى ننتظر نضوج هذه الثمار… على أنني- وفي هذا السياق – أود الاشارة الى أننا كمجموعة وطنية بصدد اجتياز امتحان عسير- فعلا – يتمثل في مدى توفقنا في اكتساب ثقافة الديمقراطية… وهذه ليست عملية تنجز بين عشية وضحاها، فشعبنا الذي أزال حكما استبداديا دام ربع قرن وأطاح به في زمن قياسي وجيز قد لا يتخيل أن ترويض نفوسنا وأذهاننا على التعاشر الديمقراطي سيتطلب بضع سنوات بدون أي ريب… لنأت الآن لكتابك الجديد الثاني الصادر حديثا « العرب والانتحار الديمقراطي » والذي تقول فيه – من بين ما تقول – أن « العرب أمة بلا مشروع لغوي »… هل يعقل- دكتور- أن تكون أمة « الضاد » بلا مشروع لغوي؟.. ماذا تقصد تحديدا؟ كتابنا الجديد هذا جاء ثمرة تأملات دامت عقدا من السنين كنا فيها نمارس بحثنا في اللغة العربية بمنطق علم اللسانيات وفي نفس الوقت نغوص في القضايا المتعلقة بمصير اللغة العربية محاولين أن ندعم الخطاب المعرفي بخطاب نضالي ملتزم… وما انتهينا اليه هو أن الساسة العرب غير مهمومين اطلاقا بمصيراللغة العربية وأنهم غير واعين بأن في ضياع اللغة العربية ضياعا للهوية الثقافية والحضارية وأن خاتمة كل ذلك هو ضياعهم هم أنفسهم… وفعلا فلا أحد من الساسة العرب بقادر على أن يحدثك عن مشروعه اللغوي… بل والأفظع من ذلك أنهم في مجملهم لا يرون مشكلا في ذلك… وقد انتهينا في كتابنا هذا الى رصد استشرافي نؤكد فيه أن اللغة العربية اذا لم تتخذ فيها اجراءات على مستوى السياسة العليا فانها ستلتحق بركب اللغات المنقرضة وذلك في زمن أقصاه ثلاثة أجيال… الثورات العربية الراهنة، ألا تحمل في حد ذاتها بشائر تدارك بخصوص مسألة وضع اللغة العربية داخل المجتمعات العربية؟ ليس لي الا أن أتفاءل لكنه تفاؤل يندرج ضمن الأحلام… والسبب هو أن ربيعنا العربي سيسير حتما طبق أولويات، فالضرورة هي أولوية المشروع السياسي… والضرورة الثانية ستكون للأولوية الاقتصادية… والثالثة للمشروع التربوي… وبعد ذلك سنمر- آليا – الى المشروع الثقافي، وعلى الجسر بين هذين المشروعين(التربوي والثقافي) ستبرز قضية المشروع اللغوي… على أن ما أتمناه هو أننا عندما نصل الى ذلك الموعد لن نسقط في التبسيط الثنائي السخيف بين اللغة القومية واللغة الأجنبية وانما نعالج المشكل اللغوي في كل أبعاده ولا سيما ضرورة الحفاظ على التوازن العادل بين الفصحى بوصفها لغة العوالم الرمزية واللهجات بوصفها أداة الحياة بكل عوالمها المادية والمحسوسة… حاوره محسن الزغلامي
(المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 25 أوت 2011)
<
وصفت روضة العبيدي رئيس نقابة القضاة طريقة التعاطي مع ملف الفساد في القضاء، شبه مؤامرة تحاك ضد السلطة القضائية. وقالت إن اعداد قائمات في القضاة الفاسدين من طرف جمعية القضاة يعد بادرة خطيرة ستفتح الباب لتصرفات همجية كما ستشرع للتعاطي مع هذا الملف دون موجب قانوني مما سيمس بالأعراض وحقوق الإنسان ويؤسس لعدالة انتقامية.على حد وصفها. وتساءلت رئيس نقابة القضاة خلال الندوة الصحفية الملتئمة أمس عن أي شرعية تمتلكها جمعية القضاة وعن مدى الثقة المتوفرة فيها لإعداد قائمات بهذه الخطورة. في المقابل اعتبرت رئيس نقابة القضاة،أن ملف الفساد في القضاء مستعجل وأن النقابة لا تعارض محاسبة القضاة الفاسدين لأن ذلك سيحد من السمسرة بهذا الملف بعد أن أصبح وسيلة ضغط وبيع وشراء بيد عديد الأطراف السياسية.لكن التعاطي معه لا يكون عن طريق القائمات بل عن طريق المساءلة القانونية » فبعد 14 جانفي لا يحق لأحد الإطاحة بالقانون وتشريع قانون خاص به… »
حملات تشويه في حق القضاة
وشككت النقابة في طريقة إعداد القائمة من طرف جمعية القضاة إذ قال عصام لحمر كاتب عام نقابة القضاة أن القائمة المتوفرة الآن على 183 قاض تعتبرهم جمعية القضاة ضالعين في الفساد هي في الأصل قائمة القضاة الموقعين سنة 2005 على سحب الثقة من الجمعية والدعوة إلى مؤتمر استثنائي بعد أن تم حذف بعض الأسماء منها على غرار فرحات الراجحي وإضافة أسماء أخرى.
وربطت النقابة بين اعداد القائمة والحملة التشويهية التي تستهدف القضاة وأدت مؤخرا إلى زيادة حالات الإعتداء على القضاة أثناء مباشرة أعمالهم بالمحاكم.حيث تم مؤخرا تسجيل 3 حالات اعتداء بمحاكم صفاقس وسيدي بوزيد وقرنبالية.أسفرت عن 2 أبحاث تحقيقية ضد من قاموا بالإعتداء كما سجلت أكثر من 60 شكاية جزائية من طرف القضاة في حق من أعلن عن قائمة القضاة الفاسدين. واعتبرت رئيس نقابة القضاة وزارة العدل في سبات عميق لأنها لا تحرك ساكنا أمام الاعتداءات المتكررة على القضاة وعلى المحاكم.
مسؤولية وزارة العدل
وتعتبر نقابة القضاة ان تناول ملف الفساد في القضاء يمر عبر توفر الإرادة السياسية من طرف الحكومة القادرة على كشف الفساد المالي للقضاة بالدليل القاطع استنادا إلى المعطيات المتوفرة في وزارة المالية ودائرة الجزر المالي إلى جانب إدارة الملكية العقارية.لكن لا تبدو الحكومة جادة في تفعيل ما لديها من آليات لكشف الفاسدين وأشارت روضة العبيدي بهذا الشأن أن الحكومة تتوخى سياسة رمي الكرة.
من جهة أخرى حملت النقابة وزارة العدل مسؤولية الكشف عن الفساد الإداري وقضاء التعليمات. ودعت روضة العبيدي وزارة العدل للتصريح علنا ورسميا بما صدر عنها سابقا حول عدم عثورها على ملفات صلب الوزارة تدين تورط قضاة في عمليات فساد.كما طالبت الوزارة بتوضيح ازدواجية خطابها حول ملفات الفساد التي تدين القضاة فمن جهة تؤكد أنها لم تعثر على ملفات إدانة في أرشيف الوزارة ومن جهة أخرى ترفض الترقيات الآلية للقضاة على خلفيات وجود ملفات إدانة في حق قضاة فاسدين.
وقالت روضة العبيدي إن وزارة العدل في تعاطيها مع ملف الفساد أضرت بالقضاء وكان لبعض الإجراءات المتخذة وقعا كارثيا على القطاع على غرار تعامل الوزارة مع ملف الـ6 أشخاص المبعدين من وزارة العدل إذ أن إعفاءهم من مهامهم لا يعد محاسبة كما أن هذا الإعفاء من المفروض أنه تم بناء على مؤيدات فلماذا لم تفتح الوزارة بحثا بحقهم.
منى اليحياوي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 25 أوت 2011)
<
مواصلة للابحاث التحقيقية المتعلقة بالشكاية التي تقدمت بها النقابة الاساسية للتلفزة من اجل الفساد المالي بمؤسسة التلفزة مثل امس امام قاضي التحقيق بالمكتب الثامن بالمحكمة الابتدائية بتونس 1 كل من المخرج التلفزي حمادي عرافة والمنشط لطفي البحري وبعد استنطاقهما تم الاذن بعرضهما على القيس وابقائهما بحالة سراح.
وللتذكير بالوقائع فان نقابة التلفزة التونسية كانت تقدمت عن طريق محامين بشكوى ضد عدد من المسؤولين السابقين وعدد من المنتجين والمنشطين من اجل استيلاءات تعرضت لها التلفزة. وقد شملت الاحالة 27 شخصا بينهم رموز اعلامية وعدد من اصهار المخلوع.
ويتم سماع جميع المشمولين بالبحث في تهم تتعلق باستخلاص موظف عمومي او شبهه صفته, لاستخلاص فائدة لاوجه لها لنفسه او لغيره او للاضرار بالادارة او خالف التراتيب المنطبقة لتحقيق الفائدة او الحاق الضرر والاستيلاء على اموال عمومية والتدليس ومسك واستعمال مدلس وتعمد اقامة شهادة نص فيها على امور غير حقيقية واستعمالها واخذ وقبض او استخلاص او قبول موظف عمومي او شبهه ما يعرف عدم وجوبه واضيف الى احدهم تهمة تعمد المساهمة في سير منشأة خاصة خاضعة بحكم مهامه لرقابته اوكان مكلفا بابرام العقود معها اوكان عنصرا فاعلا في ابرام تلك العقود.
خليل.ل (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 25 أوت 2011)
<
مختار البدري (*)
أثناء زيارته لتونس خلال الإجازة الصيفية قام د. كمال بن عمارة رئيس مجلس الجالية التونسية بقطر المنتخب حديثا إثر الثورة، بزيارة لمجموعة من الوزراء في الحكومة المؤقتة ركّز فيها على ثلاثة محاور: التعريف بمجلس الجالية والأدوار الكبيرة التي يمكن أن يلعبها في خدمة الجالية والوطن، وعرض بعض المشاكل العالقة في حياة الجالية المقيمة في قطر، واقترح مجالات مخصوصة وأفكارا عملية يمكن أن تتعاون فيها الجالية مع الحكومة التونسية في خدمة الاقتصاد والتعاون بين البلدين الشقيقن.
تمّت الزيارة الأولى يوم 11 أوت الجاري إلى وزارة التربية، التقى فيها معالي الوزير الطيب البكوش وتركّز الحديث معه حول المشاكل العالقة حول المدرسة التونسية. وطالب رئيس مجلس الجالية في هذا الصدد بقطع علاقة مدرسة الجالية في الدوحة بالمنظمة التونسية للتربية والأسرة الّتي تلاحقها تهم بالفساد الإداري والمالي والسياسي والّتي فشلت في عقد مؤتمرها الأخير وانفجرت الملفّات في وجه قيادتها السابقة فبدت أعجز من أن ترتّب بيتها الداخلي في تونس فضلا عن أن تدير مدرسة في الدوحة. وطالب الوزارة بالمبادرة بتغيير مدير المدرسة الحالي الوالغ في نفس مشاكل المنظمة التي عيّنته، واستحداث صيغة إدارية تربط المدرسة مباشرة بأحد أقسام الوزارة عبر مجلس إدارة منتخب وصاحب صلاحيات حقيقية في الإشراف على شؤون المدرسة. وقد أخبر الوزير ضيفه أن الوزارة اتّخذت قرارا بفصل المدرسة عن المنظمة استجابة لمطالب الجالية التونسية، وأن الإجراءات الإدارية التنفيذية بصدد الإعداد حتى تكون جاهزة قبل بداية السنة الدراسية. وشدّد معالي الوزير على أنّه شخصيا حريص على توفير أسباب نجاح واستمرار المدرسة التونسية في قطر، وأن الحكومة تُكبر الجهود الّتي يبذلها مجلس الجالية التونسية في خدمة الجالية والوطن. كما قام د. بن عمارة يوم 12 أوت بزيارة لوزير الطاقة السيد عبد العزيز الرصاع تناول فيها إلى جانب التعريف بمجلس الجالية التونسية بدولة قطر، الدور الذي يمكن أن يلعبه مجلس الجالية في التواصل بين البلدين في مجالات الصناعة والطاقة وإحداث مشاريع تعاون عملاقة في هذا المجال. كما تطرّق الحديث الى إمكانية النظر في سير بعض المشاريع السابقة بين البلدين وما يمكن أن يلعبه المجلس في اتجاه دعمها وتطويرها. واقترح رئيس المجلس على الوزير أفكارا حول مشاريع مستقبلية قد تجد المناخ السياسي والاستثماري أكثر ملاءمة في تونس الثورة. عبّر الوزير عن سعادته بزيارة رئيس مجلس الجالية، وأثنى على مبادرة اتخاذ مجلس يحمل مثل هذه الطموحات ويتعاطى مع واقع البلاد بمثل هذه الإيجابية، وطلب الوزيرُ مخاطِبه أن يطوّر هذه الأفكار في صيغة مشاريع عملية تُعرض على الوزارة للنظر فيها بما يساعد تطوير العلاقات الثنائية بين بلادنا ودولة قطر الشقيقة. أمّا الزيارة الثالثة فكانت يوم 12 أوت الجاري والتقى فيها د. بن عمارة مع معالي وزير التخطيط والتعاون الدولي السيد عبد الحميد التريكي تناول بصفة خاصّة الدور الذي يمكن أن يلعبه مجلس الجالية في التواصل بين الجمهورية التنسية ودولة قطر في مجالات التعاون الدولي. وقد تطرق الحديث إلى المساهمة في الخطوات التي تقوم بها الوزارة عبر وكالة التعاون الفني للتعريف بالكفاءات التونسية وفرص توظيفها في قطر, ونبّه رئيس مجلس الجالية إلى ضرورة توقيع عقود عمل واضحة تحفظ حقوق العمّال التونسيين، وتمنع التلاعب الّذي يمارسه بعض الوسطاء في استجلاب عمّال وموظّفين بعقود وهمية أو مجحفة. وأفاده بأن ذلك يسبّب أتعاباً كبيرة للتونسيين والتونسيات الّذين يُستقدمون إلى الدوحة بطرق غير واضحة وعقود مغشوشة. كما أثار الضيف مع معالي الوزير رؤية مستقبليّة لتونس كمحطة للصيرفة الإسلامية في ضوء قوانين متلائمة مع روح الثورة، حيث يمكن توفير مستوى عال من الشفافية وحسن الإدارة. وأكّد له أن تونس مؤهّلة لأن تصبح في المستقبل « سويسرا الصيرفة الاسلامية » إن عملت الدولة التونسية على ترسيخ هذا التوجه. وقد أوضح رئيس المجلس للسيد الوزير مدى أهمية قطر في هذا المجال حيث يوجد بها أحد أقدم المصارف الاسلامية والعديد من الخبرات العالمية في الصيرفة الاسلامية، وطمأنه أن المجلس يمكن أن يلعب دور الوسيط في التواصل معها، كما وعده أن مجلس الجالية سيتواصل مع الوزارة عبر اقتراح أفكار عملية لمشاريع استثمارية يمكن إنجازها بين البلدين الشقيقين.
(*) عضو مجلس الجالية التونسية في قطر المكلّف بملف التربية والتعليم
<
لندن (رويترز) – مع الانتهاء الفعلي لحكم العقيد الليبي معمر القذافي الذي استمر 42 عاما يواجه حكام ليبيا الجدد وحلفاؤهم الاجانب المهمة الصعبة المتمثلة في استعادة النظام وبدء الاعمار وتجنب الانزلاق الى صراعات وفوضى. وسيكون السماح للحكومة الانتقالية في ليبيا بالحصول على الاصول الليبية المجمدة واستئناف صادرات النفط مهما لما يأمل الغرب أن تكون عملية اعمار ممولة ذاتيا بدرجة كبيرة لكن هناك مجموعة أخرى من التحديات الملحة. وبدا ان تقدم المعارضين السريع الى طرابلس بدعم من غارات حلف شمال الاطلسي وربما بمساعدة مستشارين على الارض أدهش الكثيرين. والان يتعين على المجلس الوطني الانتقالي والحكومات الاجنبية وشركات النفط ومنظمات الاغاثة وغيرها من المعنيين التسابق لملاحقة التطورات. وقال ديفيد هارتويل محلل الشرق الاوسط في أي.اتش.اس جينز « ما يحدث عادة في مثل هذه الحالات أن التخطيط لمرحلة ما بعد الحرب لا يواكب التخطيط للصراع نفسه. » وأضاف « سيكون هناك الكثير الذي يتعين عمله. » وفي حين اسقطت الانتفاضتان الشعبيتان في تونس ومصر الزعماء الذين لا يتمتعون بشعبية وابقت على الهيكل الحكومي والعسكري الاوسع كانت الثورة في ليبيا أكثر استئصالا. ولم يتضح كم من هياكل الحكومة والامن في عهد القذافي يمكن أن يبقى. فقد كان حكمه غريبا وشخصيا ومصصما بحيث يتجنب خلق مراكز قوى يمكنها تحديه. ولا تكاد توجد مؤسسات مستقلة. وينظر الى استعادة الامن على أنه الاولوية الاكثر الحاحا مع بقاء ذكريات مع حدث في العراق حية في أذهان المخططين لمرحلة ما بعد الحرب. لكن لا يرغب الليبيون أو الدول التي تدخلت في نشر قوات أجنبية في البلاد بخلاف ربما عدد محدود من الدول العربية. وعمل المجلس الوطني الانتقالي ومقره بنغازي مع مستشارين غربيين على مدى شهور بشأن التخطيط وانتقال الحكم لكن يبقى الكثير من الاسئلة بلا اجابات. ونظرا للمشكلات التي تواجهها التدخلات الاجنبية بقوات كثيفة في مناطق أخرى يرى البعض أن هناك ميزات في ترك الليبيين يبحثون عن طريقهم بمفردهم. لكن ذلك يتطلب تحقيق توازن صعب عجزت عنه القوى الغربية بعد تدخلات أخرى في الفترة الاخيرة. وقال جريمي لامب وهو جنرال بريطاني سابق ومدير القوات الخاصة الذي قدم المشورة للقادة الامريكيين في العراق وأفغانستان « لا يمكننا التخلص من جميع الهياكل القديمة ويتعين السماح بظهور نظم وقيادات جديدة. » واضاف « وتجدر الاشارة الى حقيقة أن بنغازي والمدن التي سيطر عليها المعارضون لم تشهد أعمال سلب ونهب واسعة النطاق… المهم حقيقة في هذه الحالة هو انهم يشعرون انهم قاموا بذلك من أجل أنفسهم. » ويقول المعارضون انهم كانوا يدربون الالوف من أفراد الامن في مدينة بنغازي الشرقية وهم مستعدون لنقلهم الى طرابلس لاستعادة النظام لكن المحللين يشككون في مدى جاهزية هذه القوات أو حتى في وجودها أصلا. وقد يعرض حلف شمال الاطلسي المساعدة في نقلهم الى غرب ليبيا بحرا أو جوا لكن لا يعرف ما اذا كانوا سيستقبلون بالترحاب هناك. وكان المعارضون من غرب ليبيا الذين استولوا على طرابلس كثيرا ما ينتقدون نظرائهم في شرق البلاد بسبب ما اعتبروه تباطؤا في التقدم. كما أن ولاءهم للمجلس الانتقالي مشكوك فيه. وقال نيكولاس جفوسديف استاذ دراسات الامن القومي في الكلية الحربية البحرية الامريكية « تفكيك الجماعات المعارضة المسلحة سيكون ضروريا بدءا -ان أمكن- بجمع أي سلاح قامت دول حلف شمال الاطلسي بتوزيعه على الجماعات المعارضة. » وأضاف « ترك ليبيا مكدسة بالسلاح لن يخدم الاستقرار. » ويتعين على الغرب التحول من الجهود العسكرية الى تأييد أشمل للجهود الليبية الرامية الى تحقيق الاستقرار واعادة الاعمار. وقال دانيال كورسكي من المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية « كل ذلك سوف يستفيد من الخبرة الغربية لكن بناء على طلب ليبي وفي مهمة تهيمن عليها القوى الاقليمية. » واضاف « الغرب يحتاج الان للمساعدة في حشد المجتمع الدولي كما فعل في العراق وافغانستان. » وقال كورسكي انه حتى لو لم يتم نشر قوات غربية فقد يكون من المفيد وجود مهمة مراقبة غير مسلحة يمكن أن يكون اغلب أفرادها من أعضاء جامعة الدول العربية أو الاتحاد الافريقي. كما أن البنية الاساسية ستحتاج لاصلاح واسع كذلك وليس فقط لاصلاح الاضرار التي أحدثتها الغارات الجوية. فرغم انفاق القذافي الملايين على الطرق والفنادق وغيرها من المشروعات بقي أغلب أجزاء ليبيا يعاني من نقص التنمية. ويشعر أبناء شرق ليبيا تحديدا بانهم حرموا من التنمية. ومعالجة مظالمهم دون أن تتصاعد التوترات بين الشرق والغرب سيكون صعبا. ومن شأن استئناف صادرات النفط سريعا أن يساعد في تمويل اعادة الاعمار وتحريك الاقتصاد وهو أمر حيوي اذا أرادت قيادة المعارضة الاحتفاظ بشرعيتها وتجنب أي اضطرابات جديدة. ويحرص المجلس الوطني الانتقالي على اعطاء صورة تتسم بالاستمرارية وقال المسؤول المختص باعادة الاعمار لرويترز يوم الاربعاء ان الحكومة الجديدة ستلتزم بجميع عقود النفط المبرمة في عهد القذافي ومنها عقود مع شركات صينية وروسية. وقال أحمد الجهاني ممثل المجلس لشؤون اعادة الاعمار تلفزيون رويترز انسايدر يوم الثلاثاء الماضي « عقود حقول النفط ذات قداسة مطلقة. » وأضاف « اننا نركز حاليا على الاستقرار.. وكيف يستقر الوضع الامني .. وتقديم الخدمات للناس والدعم الانساني. » وتابع قائلا « عندما تكون الحوكمة سليمة يكون الاقتصاد سليما.. ينبغي عمل كل تلك الاشياء والتركيز عليها ثم الانتقال بعد ذلك الى اعادة التأهيل. » وتوقع الجهاني أن تستغرق جهود اعادة البنية التحتية للنفط والصناعات الاخرى الى وضعها الطبيعي تسعة أشهر على الاقل. وأشار بعض المراقبين الى أن شركات الدول التي ساعدت المعارضين عسكريا ربما تستفيد بدرجة أكبر في حين تعاني شركات من روسيا والصين اللتين لم ترغبا في التدخل. وقالت منظمة جلوبل ويتنس العالمية لمكافحة الفساد انه يتعين الالتزام بالعقود المبرمة في عهد القذافي في الوقت الراهن لكنها دعت الى تأجيل منح عقود جديدة حتى اجراء الانتخابات ووضع دستور واقترحت أن تتم على الاقل اعادة النظر في الصفقات السابقة. وقالت ان وضع نظام شفاف يعطي الليبيين الثقة في ان الايرات توجه لصالح البلد باسره قد يكون حاسما في تجنب صراعات جديدة. وقال بريندان اودونيل من جلوبل ويتنس في لندن « كان الاستياء الشعبي واسع النطاق من سوء استخدام المال العام والايرادات من الاسباب الرئيسية وراء اندلاع انتفاضات الربيع العربي وتتعين معالجة ذلك. » واضاف « الدول الغربية تحتاج للتدقيق فيما تفعل وفي بعض ممارساتها اذ انها كانت متواطئة بدرجة كبيرة في ذلك. »
من بيتر ابس
(المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 201125 أوت)
<
ريو دي جانيرو- (ا ف ب): قال لياسير ريبييرو الطبيب البرازيلي المختص في الجراحة التجميلية الذي كان عالج معمر القذافي في 1994 من انتفاخ تحت العينين، الاربعاء لوكالة فرانس برس انه كان احد الاشخاص القليلين الذين زاروا حصن القذافي الذي « يفوق الوصف » في طرابلس. وكان الطبيب المشهور (70 عاما) الذي يملك عدة عيادات في ريو دي جانيرو يشارك في مؤتمر عن جراحة تجميل الصدر في طرابلس حين طلب منه وزير الصحة الليبي حينها « فحص شخص عزيز عليه ». واضاف الطبيب البرازيلي « كنت اعتقد انه يتحدث عن زوجته. ونقلني بسيارته وحين وصلنا فهمت أن الأمر يتعلق بالقذافي. احتوى مدخل الحصن عدة تعرجات وطلب مني الانتظار في مكتبة » ثم تم نقله إلى بناية « نصبت فيها خيمة ». وتابع ريبييرو « هناك استقبلني القذافي. قلت له أن المكان معتم ولا يسمح بفحصه فاقتادني إلى عيادة طب اسنان فائقة التطور ». واضاف انه اجتاز في القلعة الحصينة « قاعة رياضة تشتمل على مسبح اولمبي. لقد كان القذافي حينها في لياقة بدنية عالية » مشيرا انه عاد بعد عام من تلك الزيارة لإجراء العملية للقذافي علاوة على عملية زرع شعر. ومما يتذكره الطبيب أن الموقع المحصن كان يضم « غرفتين للعمليات مع تجهيزات المانية ممتازة، وقاعة للراحة ». وقال « كان أمرا يفوق الوصف لم اكن اتوقع مثل ذلك ». وأكد الطبيب أن « جميع العاملين اجانب. طبيبه باكستاني. وكان هناك مختصان في التخدير (روسي ومصري) وممرضة يوغسلافية. اعتقد انه كان يخشى أن يغتاله ليبيون ». واضاف « قبل 16 عاما لم يكن (القذافي) يوصف بالدكتاتور الدموي كان ينفتح على الغرب ويوصف برئيس دولة. لقد كان مهذبا جدا ومثقفا ويتحدث الانكليزية بطلاقة لكنه لم يكن ينظر أبدا في عيني ». وبحسب الطبيب البرازيلي فان القذافي « لن يخرج حيا » من الثورة في ليبيا. وتابع « بعد أن صحبته ستة أيام وما عرفته من طباعه، لا اعتقد انه سينفد بجلده. سيقتل نفسه أو فانهم سيجعلونه (ينتحر) ».
(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 25 أوت 2011)
<
منير شفيق:
لقد فرض معمر القذافي على الثورة الشبابية الشعبية في ليبيا أن تنتقل من سلميتها إلى ثورة مسلحة. نعم تحوّلت ثورة الشعب في ليبيا إلى ثورة مسلحة وليس في هذا ما يُعيبها، ولا ما يجعلها شاذة ما بين ثورات الشعوب. صحيح أن ما من أحد فضّل الثورة المسلحة على الثورة السلمية، فما من ثورة سلمية تختار الانتقال، برغبتها، إلى ثورة مسلحة. بل ما من ثورة مسلحة إلاّ أعلنت أنها امتشقت السلاح اضطراراً بسبب سياسة القوّة المسيطرة التي أغلقت كل الأبواب أمام ثورة سلمية يمكنها أن تنتصر. على أن الانتقال إلى السلاح ليس له من مسوّغ، مهما فعل الطرف الآخر، إلاّ إذا حمل درجة مقدّرة من إمكان الانتصار. وقد ذهب كبار المنظرين للثورات المسلحة إلى اشتراط النجاح إلى حد بعيد، ورفض الانجرار إلى السلاح تحت عوامل اليأس أو انسداد أبواب العمل السلمي؛ لأن من غير المسموح به المقامرة بالدماء ما لم يكن النجاح ممكناً في الأصل. وهذا ما ذهب إليه الكثيرون من علماء الإسلام، بل إن المسيرة النبوية المُعّلِّمة مرّت في المرحلتين السلمية والمسلحة، ولم يؤذن بالقتال واللجوء إلى السلاح إلاّ بعد توفر شروط النجاح فيه وانسداد أبواب العمل وفقاً للمرحلة الأولى (المكيّة). الذين لاموا، أو خطّؤوا، انتقال الثورة السلمية في ليبيا إلى ثورة مسلحة هم الذين أخطؤوا في موقفهم بدليل انتصار الثورة المسلحة في ليبيا. الإشكال الأهم والأخطر الذي صاحب مرحلة الانتقال إلى المستوى المسلح جاء من خلال التدخل العسكري الأمريكي- الفرنسي- البريطاني ثم تحوّله إلى تدخل أطلسي-حلف الناتو. وقد صحب ذلك هجمة سياسية واسعة من بعض ممثلي الأجهزة الصهيونية والأمنية المخابراتية، ممن سعوا إلى حرف الثورة الشبابية الشعبية عن أهدافها، ومحاولة استتباع بعض القيادات والنخب ليصبحوا أدوات بيد الصهيونية وأمريكا وبعض الدول الغربية. أدى اجتماع التدخل العسكري بمرحلتيه المذكورتين، واللقاءات التي عقدت بين قيادات من المجلس الانتقالي والمتدخلين السياسيين آنفي الذكر، إلى انتقال البعض من تأييد الثورة إلى إدانتها بسبب تأييد المجلس الوطني الانتقالي للتدخل الخارجي كما بسبب تلك اللقاءات أو عدم إغلاق الأبواب في وجه متدخلين أمثال برنار ليفي الصهيوني المعروف. ودعك من الذين انتقلوا إلى تأييد القذافي بسبب هذيْن العامليْن. على أن ما كان يجب أن يُلاحظ وقد أثبتت التجربة صحته حتى الآن، وهو الآتي. 1- بقي الشعب متمسكاً بالثورة واتجاهها الأساسي، وراح يقدّم الدم في مواجهات عسكرية غير متكافئة خاضها مع قوات القذافي التي استمرت في العمل بكل حرية وقسوة تحت قبة الطيران الأطلسي (التدخل العسكري). ولم يشذ عن ذلك سوى منع طيران القذافي من العمل، وسوى دحر آليات القذافي العسكرية خلال بضع ساعات من حول بنغازي. أما ما عدا ذلك فقد تصاعد قصف مصراتة والزنتان وحتى إعادة احتلال عدد من البلدات والمدن التي تحرّرت قبل التدخل العسكري الخارجي. بكلمة الموقف الشبابي الشعبي من مواصلة الثورة وانتقاله إلى السلاح إلى التضحيات كان بمثابة المضاد الحيوي الذي راح يبطل فعل التدخل الخارجي ومبعوثيه في حرف الشعب عن أهدافه التي أطلق ثورته على أساسها. 2- صحيح أن عدداً من القيادات أبدى تجاوباً مذلاً أمام التدخل الخارجي من خلال دفاعه عن الناتو، وهو يتآمر ضدّ الثورة من خلال إطلاق قوات القذافي من أجل السيطرة على المجلس الانتقالي وعدد من كوادر الثورة. وإلاّ كيف كان من الممكن أن تستمرّ قوات القذافي بالتحرك المكشوف للطيران وتعمل صواريخه ومدافعه وبوارجه في القصف وهي تحت مرمى نيران الطيران الذي انشغل طوال أشهر في قصف مواقع مهجورة لا معنى عسكرياً لها في طرابلس بدلاً من أن يضع حداً للقوات العسكرية الضاربة والمتحركة للقذافي. لكن هذا التجاوب، وربما كان هنالك ما هو أكثر من تجاوب، لم يقنع قيادة الناتو الأمريكية-الأوروبية بحسم المواجهة مع قوات القذافي، أو بوقف قتل المدنيين الذي تضاعف أضعافاً بعد التدخل العسكري. وذلك لأن القوى المقاتلة العاملة في صفوف الثورة والشعب بقيت بعيدة من الاحتواء لا سيما مع استمرار انضمام قوى شعبية شابة إلى القتال في صفوفها. 3- الثورات التي تعرضت، في التاريخ، لتدخل خارجي مشبوه في دعمها أكثر من الثورات التي لم تتعرض لمثل ذلك. بل إن أكثر الثورات اتهمت من قبل خصومها بالتعاون مع قوى خارجية بهدف تشويهها ومحاصرتها. بل يمكن القول إن القائمة طويلة قديماً وحديثاً، عالمياً وعربياً. ولكن هذا لم يسمح للثوريين الذين أيّدوا تلك الثورات، أو كانوا في قلبها، بأن ينقلبوا عليها. ويصبحوا من خصومها. ولكن مع بقاء اليقظة والعمل لمواجهة محاولات الاختراق الخارجي للثورة وحرفها بحجة دعمها. 4- إن الإنجازات العسكرية الميدانية التي حققها الثوار خلال شهر رمضان، ثم الأهم انتفاضة طرابلس وحسم الصراع بإنزال هزيمة ميدانية بالقذافي وقواته ونظامه، أعادا المبادرة للثورة وراحا يقزمان دور أمريكا وحلف الناتو، إذ أخذت الأحداث تسبق ما كانا يخططان له من نهاية للصراع. لقد صرحت إدارة بوش من خلال كبار العسكريين والسياسيين وكذلك قائد حلف الناتو: « أن لا حل عسكرياً للصراع في ليبيا، وأن لا بدّ من الحل السياسي ». والمقصود الحل الذي تريد أمريكا فرضه على الطرفين. ولكن ما حدث جاء عكس التقديرات والتخطيطات الأمريكية والأطلسية. وإذا بالشعب هو الذي يقرّر النهاية ويجترح الانتصار، فيما راحت أمريكا تلهث وراءه كما حدث لها في تونس ومصر. وذلك حين أفلت الزمام منها وأصبحت لاهثة وراء الأحداث تتصيّد في الماء العكر، وليست صانعة لها. استعادة المبادرة من قبل الشعب في الشهر الأخير من الصراع ثم في انتفاضة طرابلس، لا يترك مجالاً للشك في أن الطبيعة الشعبية للثورة لم تتغيّر نتيجة التدخل الخارجي العدواني أو محاولات الاختراق من قبل الصهيونية والمخابرات الدولية. جاءت انتفاضة الشعب في طرابلس يوم 21 /22 رمضان/ آب/ أوت 2011 لتؤكدّ بصورة حاسمة على الطبيعة الشبابية الشعبية للثورة وتوجهها الحاسم لإسقاط القذافي الذي جمع بين الاستبداد والفساد والتبعية لأمريكا (لا سيما منذ 2003)، فضلاً عن دوره المشبوه في تقسيم السودان. (ولم يقصّر ابنه سيف الإسلام في مدّ الخطوط مع أطراف صهيونية. وهذا يفسّر لماذا أعلن القذافي « أن أمريكا خانته » عندما تغيّر موقفها اضطراراً في الأسبوع الثاني من اندلاع الثورة). مع هذا الانتصار العظيم الذي حققته ثورة الشعب طوال سبعة أشهر من القتال الدامي غير المتكافئ، (يكفي قصة مصراتة) ثم تتويجه بانتفاضة طرابلس دخلت ليبيا عهدها الجديد كما حدث مع تونس ومصر من قبل. إن العامل الحاسم في تحقيق هذا الانتصار يعود، بعد مشيئة الله، إلى الشعب وشبابه ومقاتليه، ولا يجوز أن يُعْزى إلى التدخل الخارجي الذي كان وجهه الرئيس سلبياً وكارثياً ومعادياً للشعب والثورة، وللمستقبل الذي ينشده الشعب واستهدفته الثورة والتضحيات الغالية. فمن يدقق في الخطة العسكرية الأمريكية-الأطلسية يلحظ أنها استهدفت ضرب الطرفين والسيطرة على الحل السياسي. والآن ما الموقف في مواجهة الصراع الذي سيفتح سريعاً حول تقرير مصير ليبيا ومستقبلها؟ إنه صراع سيكون في جوهره ضدّ أمريكا والناتو وضدّ الذين سيعملون على تجيير مستقبل ليبيا للتبعية لأمريكا والغرب والصهيونية. باختصار يجب دعم الأطراف التي لعبت دوراً أساسياً في الميدان، وفي صمود الثورة واستمرارها، وفي انتفاضة طرابلس. وذلك من أجل ليبيا المتحرّرة من التبعية والاستبداد والفساد، ليبيا المتمسكة بهويتها العربية-الإسلامية، والمعادية للصهيونية، والداعمة للقضية الفلسطينية.. ليبيا التعدّد الحزبي والحريات والمحتكمة لصناديق الاقتراع. ليبيا الخارجة من قوقعة القطرية في التنمية والخارجة من أجندة العولمة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
(المصدر: صحيفة « السبيل » (يومية – الأردن) الصادرة يوم 25 أوت 2011)
<
د. فهمي هويدي
زمن تدليل « إسرائيل » انتهى لأنهم لا يستحقونه وما عدنا مستعدين لاحتماله أليس مثيراً للدهشة وللأعصاب أيضاً أن تستدعي مصر سفيرها لدى الجزائر بسبب مباراة كرة القدم الشهيرة، ولا تفعلها حين قتلت « إسرائيل » أربعة من جنودها غير أحد الضباط. لا أقارن بين وقائع الحالتين وإنما أتحدث عن رد الفعل المصري إزاءهما، فاستدعاء السفير في الحالة الأولى كان تصرفاً اتسم بالرعونة والحمق، ولم يكن له من تفسير آنذاك إلا أنه انفعال غير محسوب. أريد به نفاق مشاعر العوام والمزايدة عليها. ناهيك عن أنه لا مقارنة أيضاً بين مشاعرنا إزاء بلد شقيق مثل الجزائر، وآخر خصم وعدو استراتيجي مثل « إسرائيل »، لاحظ أيضاً أن ذلك الانفعال في مواجهة الجزائر كان بسبب حدث تافه صغير، في حين أن ما أقدمت عليه « إسرائيل » هو جريمة بكل المعايير. ثم إن ذلك كان في ظل نظام ما قبل 25 يناير، الذي داس على كرامة المصريين وأذلهم. في حين أن الموقف اللين الذي يدهشنا اتخذ بحق « إسرائيل » بعد 25 يناير، وهو اليوم الذي كان بداية لمرحلة استرد المصريون فيها وطنهم وكرامتهم. وهو ما يجسد لنا مفارقة أخرى غير قابلة للتصديق. لئن قيل في تفسير المقارنة أن مصر تعرضت لضغوط قوية لعدم التعبير عن غضبها إزاء « إسرائيل » بسبب جريمة القتل التي ارتكبتها، وناشدتها الأطراف التي ضغطت، الولايات المتحدة تحديداً، أن تلتزم بضبط النفس. لكن تلك حجة إذا صحت فإنها علينا وليست لنا. بمعنى أنها طلبت من القاهرة أن تبتلع المهانة وأن تمتنع حتى عن توجيه العتاب للقتلة. إذ نفهم أن استدعاء السفير للتشاور هو تعبير عن العتب. في حين أن سحبه تعبير عن الغضب، والأول أضعف الإيمان، وهو الحد الأدنى في الأعراف الدبلوماسية للتعبير عن الاستياء والدفاع عن المصالح والكرامة الوطنية. كأنما طلب منا أن نلتزم بسلوك العاجزين الذين لا حيلة لهم. ونكتفي بتغيير المنكر بالقلب فقط. ما يستفز المرء ويجرح مشاعره أن وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك حين حاول أن يمتص غضب الشارع المصري فإنه عبر عن الأسف فقط ولم يعتذر عما حدث. وبالمناسبة ليس صحيحاً ما نشرته صحفنا القومية من أنه اعتذر. لكن الرجل بصلافته واستعلائه اعتبر أن كلمات الأسف التي عبر عنها يمكن أن ترضي المصريين، وكأن ذلك كان تنازلاً منه علينا أن نقنع به وأن نحمد الله على أن الرجل منَّ علينا به. لا يغير من شعورنا بالاستفزاز ما نشرته الصحف المصرية عن أن القاهرة اعتبرت أن الرد الإسرائيلي غير كاف. وأن « إسرائيل » يجب أن تتحمل مسؤوليتها عما حدث وأنها مطالبة بتحديد سقف زمني للتحقيق في الحادث..إلخ. ذلك أن هذا الكلام لا يعني أن مصر الرسمية اتخذت خطوات عملية للتعبير عن غضبها، من قبيل استدعاء السفير على الأقل، وإنما أطلقت كلاماً في الهواء لم يترجم إلى أي خطوات عملية على الأرض. يخوفوننا بالحرب ويعتبرون أن إجراءات عملية تجسد السخط والغضب «تصعيداً» مؤدياً إلى ذلك الاحتمال الأسوأ. وفضلاً عن أن أحداً لم يتحدث عن الحرب ولم يطالب بها فإن هذه المصادرة لمشاعر الغضب تحول معاهدة السلام إلى معاهدة للمهانة والإذلال. ولئن جاز ذلك في ظل النظام السابق الذي تعامل مع « إسرائيل » بلغة الانكسار والهزيمة، فإنه لا يجوز في زمن الثورة على ذلك النظام واستعادة الشعور بالحرية والكرامة. باسم رفض التصعيد مع « إسرائيل » فإنهم يدعوننا إلى «تدليلها» والامتناع عن اتخاذ أي خطوة تكدر خاطرها. بحيث نكتفي بمخاطبة أنفسنا ودغدغة مشاعر شعوبنا من خلال الضجة الإعلامية ومظاهرات الشوارع. يشهرون في وجوهنا الاتفاقية باعتبارها صكاً مقدساً على مصر أن تلتزم به، في حين « إسرائيل » معفاة من ذلك الالتزام بمقتضى سياسة التدليل التي أشرت إليها تواً. وقد تلقيت حول هذه النقطة تعليقاً من المستشار سمير حافظ عبر فيه عن دهشته من إشارة البعض إلى الاتفاقية وكأنها معاهدة محترمة بين طرفيها. إذ ذكرنا بأن قوات الطوارئ الدولية المشكلة بمعرفة الولايات المتحدة كذبت الادعاء الإسرائيلي بأن قتل المصريين تم من خلال قصف من جانب إحدى طائراتها. إذ أعلنت في تقرير لها أن قوة إسرائيلية مسلحة اخترقت الحدود المصرية وارتكبت جريمتها، الأمر الذي يعد غزوة اعتدت بمقتضاها « إسرائيل » على السيادة المصرية. وهذا الاعتداء يمثل انتهاكاً للاتفاقية وخرقاً صريحاً لنصوصها. وكان أجدر بالذين يدافعون عنها أن يكفوا عن نقد رد الفعل المصري، وأن يطالبوا « إسرائيل » بأن تحترم التزاماتها التي وقعت عليها، وإلا أصبح من حق مصر أن تطالب بإعادة النظر في نصوصها. إننا نريد في الوقت الراهن – وحتى إشعار آخر – أن يدرك الجميع أن زمن تدليل « إسرائيل » قد انتهى. فما عدنا مستعدين لاحتماله، ناهيك عن أنهم لا يستحقونه أصلاً.
المصدر: م. ف. إ. عن الشرق القطرية
<
د. بشير نافع
لم يعد ثمة شك في أن الشعب السوري قال كلمته. لأكثر من خمسة شهور، قالها السوريون في مظاهراتهم الحاشدة والصغيرة، في ميادين حماة ودير الزور وحمص، وفي التجمعات الطيارة في أحياء دمشق وحلب، قالوها بالصوت وقالوها بالدم: أنهم يريدون تغييراً جذرياً في بلادهم، يريدون حياة سياسية حرة، وطناً حراً، ووضع نهاية لسيطرة القلة الحاكمة. ولكن سورية ليست بلداً سهلاً، ولم تكن كذلك يوماً، وما حدث في تونس ومصر من انحياز المؤسسة العسكرية للشعب وثورته، ليس من المتوقع أن يحدث في سورية، أو ليس من المتوقع أن يحدث قريباً على الأقل، وما حدث في اليمن وليبيا، من انشقاق المؤسسة العسكرية على نفسها، أو من تدخل خارجي عسكري، ليس من المتوقع أن يحدث في سورية، أو أن السوريين بإجماعهم يرفضون وقوعه حتى الآن. المتيقن، أن سورية لن تعود مطلقاً إلى ما كانت عليه قبل أندلاع رياح الثورة في منتصف آذار/مارس الماضي. فإلى أين تمضي سورية، إن كان لنا أن نستشرف المستقبل القريب، والقريب جداً؟ أن ينجح النظام في قمع الحركة الشعبية وتصفيتها، لم يعد أمراً محتملاً بأي حال من الأحوال. في الحقيقة، لم تكن الانتفاضة الشعبية في بدايتها بالحجم الذي وصلت إليه في الشهور الأخيرة؛ وربما يمكن تشبيه الانتفاضة السورية بشقيقتها التونسية، التي تطورت من حدث صغير ومحدود إلى ثورة شعبية شاملة، وليس بما حدث في مصر أو ليبيا، مثلاً. كما أن مطالب الحراك الشعبي السوري تطورت هي الأخرى من معاقبة مسؤولين قتلة ومفسدين، وصولاً إلى المطالبة بتغيير سياسي شامل للنظام. لم يكن الحراك الشعبي العربي الثوري هو وحده من دفع الحراك في سورية إلى المستوى والحجم والاتساع الذي وصل إليه، ولكن أيضاً مقاربة النظام للتحدي الشعبي والوسائل والسياسات التي تبناها للتعامل معه. بدلاً من النظر إلى الحركة الشعبية ومطالبها باعتبارها مسألة سياسية من الطراز الأول، تصرف النظام وكأنه يواجه مسألة حياة أو موت، وأن سورية لا يجب أن تكون جزءاً من مناخ التغيير السياسي العربي مهما كانت التكاليف. مقابلات الرئيس مع بعض الفعاليات الشعبية المنتقاة، والهامشية في أكثرها، خلال الأسابيع الأولى من انطلاق حركة الاحتجاج الشعبي، لم تكن سوى وسيلة لإضفاء واجهة إنسانية على المقاربة الأمنية الشاملة وبالغة القسوة والوحشية والاستهتار بحياة وكرامة وإنسانية السوريين. لعب النظام الدور الرئيسي في تصعيد الحراك الشعبي، وأخذ من ثم يحاول ويأمل ويسعى إلى تحطيمه واحتوائه. وكما أخطأ في مقاربته الأولية، أخطأ في المرحلة التالية التي غطت الأشهر من نيسان/ابريل إلى حزيران/يونيو. بتصعيد حملة القمع الأمنية إلى حملة أمنية ـ عسكرية، واستدعاء فرق الجيش الموالية ووحدات الحرس الجمهوري لاقتحام المدن واستباحة البلدات، دخل النظام في حرب سافرة ضد شعبه، ولم يعد من الممكن إقناع عموم السوريين بجدية الإجراءات الإصلاحية التي أعلنت. كيف كان من الممكن أن يرى السوريون أن إلغاء قانون الطوارىء كان جزءاً من توجه إصلاحي جاد، بينما آلة القتل والاعتقال والتدمير والحصار تعمل على قدم وساق في كافة أنحاء البلاد؟ وكيف كان من الممكن إقناع السوريين بجدية العزم الإصلاحي أصلاً، بينما تتنكر وسائل النظام وناطقوه لشرعية الحراك الشعبي وشرعية مطالبه، وتكيل له كافة الاتهامات وتلقي عليه كافة النعوت؟ ولأن النظام كان من لعب الدور الرئيسي في تصعيد الاحتجاج الشعبي إلى ثورة شاملة، ولأن النظام لم يعد لديه من وسائل لإقناع السوريين بجديه توجهه الإصلاحي، ولأن الحركة الشعبية باتت تطال كل أنحاء البلاد، ولأن العالم لم يعد صامتاً إزاء حملة القمع الرسمية، فمن غير المتوقع أن يستطيع النظام تحقيق هدفه في وضع نهاية للثورة. يتعلق السيناريو الثاني بقدرة النظام على إدراك عمق الأزمة التي تواجهه، وقدرته على تطوير مقاربة إصلاحية شاملة وعميقة، لا تستجيب للمطالب الشعبية وحسب، بل وتنجح في ترسيب نوع من الصدمة الإيجابية لدى الأغلبية الشعبية، تؤدي بالتالي إلى تراجع الحركة الشعبية وتلاشيها التدريجي. مثل هذا السيناريو يتطلب أولاً، وقبل كل شيء، توقف حملة القمع العسكرية الأمنية، إعادة قوات الجيش إلى ثكناتها، وتبني إجراءات فعلية وملموسة للإصلاح العسكري والأمني، تواكبها إجراءات قضائية شفافة ضد كل من ساهم في سفك الدماء وممارسة التعذيب وارتكاب الإهانات. ولكن ذلك مجرد بداية. يجب أن تشمل حركة الإصلاح في بدايتها الإعلان عن تعديل دستوري جذري، لا يتناول المادة الثامنة المتعلقة بسيطرة حزب البعث على النظام والدولة وحسب، ولكن ربما حتى دستور جديد مؤقت، يؤسس لمرحلة انتقال ديمقراطي حقيقي وملموس، من تعددية سياسية غير مقيدة، انتخابات تشريعية حرة وتعددية، انتخابات رئاسية مماثلة، ثم اختيار جمعية تأسيسية لوضع دستور دائم جديد. كما لابد أن تشمل المرحلة الانتقالية عملاً فعالاً للفصل بين نظام الحكم، أي نظام حكم جديد، والدولة السورية، وما يتطلبه هذا من تغيير في بنية الدولة وأجهزتها الأمنية والعسكرية وبنيتها القضائية، وطابعها الطائفي غير المعلن. بمثل هكذا توجه يمكن ربما، وليس من المتيقن، على أية حال، إغراق الثورة الشعبية بالأمل، واحتواء الحراك الشعبي بمصداقية الإصلاح. ولكن السؤال الكبير يتعلق بما إن كان النظام، عقلياً وسيكولوجياً، اجتماعياً وسياسياً، قادراً على اجتراح هذه النقلة الإصلاحية الكبيرة. هل يجرؤ النظام مثلاً على وضع حد لسياسية القمع الأمنية العسكرية والمغامرة بخروج الملايين من السوريين إلى الشوارع والساحات؟ بعض أجنحة النظام تقدر أن وقف حملة القمع ستؤدي بالضرورة إلى خلق انطباع بالهزيمة والانكسار، ومن ثم إسقاط النظام فعلاً بقوة حراك شعبي مليوني في العاصمة دمشق. ولكن هناك ما هو أسوأ من مثل هكذا نمط من التفكير، وهو ذلك المتعلق بطبيعة النظام، بالقوى والعلاقات والثقافة التي يستند إليها، والتي تجعله غير قادر أصلاً على تبني مشروع إصلاحي جدي وشامل، يمكن، بل ولابد، أن يؤدي في النهاية إلى تغيير تدريجي وعميق في بنية الحكم والدولة. ما تؤكده المؤشرات حتى الآن، سيما على صعيد الاتصالات الرسمية التي أجراها مسؤولون عرب وأتراك، أصدقاء سابقون للحكم السوري، أن النظام لم يعقد العزم بعد على نهج طريق الإصلاح، وأن أولويته الأولى، وربما سياسته الوحيدة، لم تزل تصفية الحراك الشعبي وقمعه بكافة الوسائل الممكنة. ما يؤكد هذا الاستنتاج أن مواقف الرئيس السوري المعلنة، خطاباته ومقابلاته وتوجيهاته، لم تستطع حتى الآن توليد قناعة بمصداقية توجهه الإصلاحي، ناهيك عن التوجه نحو حركة إصلاح جذري وواسع. احتمال الصدمة الإصلاحية لم يزل قائماً، ولكن إمكانية وقوعه تتضاءل بمرور الوقت، وربما تكون سورية الشعب قد تجاوزته فعلاً. السيناريو الثالث هو الأكثر تعقيداً وغموضاً، والأكثر ألماً بالتأكيد. إن لم يفلح النظام في الانتصار على شعبه، وإن لم يكن لديه الاستعداد لخوض مغامرة الإصلاح الجذري والسريع والملموس، فمعنى ذلك أنه يدفع البلاد إلى مغالبة ماراثونية، لا يمكن تقدير مداها، تفتح سورية على كافة الاحتمالات. أحد الاحتمالات أن تتعرض آلة النظام الأمنية والعسكرية للانهيار والتشظي السريع، وهو ما يعني سقوطا وشيكا للنظام. ولكن، إن لم يتحقق مثل هذا الاحتمال، فقد ينجم عن إطالة أمد الصراع بين القوى الشعبية ومؤسسة الحكم انفجار حالة من الحرب الأهلية، يطلقها تداخل من الاصطفاف الطائفي والسياسي والاجتماعي. وليس من المستبعد في مثل هذه الحالة أن يكون للصراع الأهلي في سورية صدى في الجوار العربي ـ الإسلامي المشرقي، من البصرة إلى بيروت، ومن الموصل إلى إنطاكية. والاحتمال الذي لا يقل خطورة أن يؤدي تفاقم الوضع السوري الداخلي إلى تدخل دولي، تجبر القوى الشعبية على المطالبة به، ويجد المجتمع الدولي نفسه في المقابل مجبراً على الاستجابة له، بفعل تصاعد معدلات العنف الداخلي. يكتب هذا المقال والثوار الليبيون يصلون إلى الساحة الخضراء وسط مدينة طرابلس العاصمة، بينما أخذ ما تبقى من نظام العقيد في الانهيار السريع. كما في سورية، ارتبط المسار الذي أخذته ليبيا، منذ اندلعت الثورة الليبية وتبلورت المطالب الشعبية، بخيارات النظام. وربما يجدر بقادة نظام الحكم في دمشق، مهما بلغت أوهام تماسك وولاء الآلة العسكرية والأمنية، إدراك حقيقة المزاج الشعبي العربي والحقبة التي يمر بها المجال العربي. كل التدافعات المندلعة بين الشعب والأنظمة الحاكمة ستنتهي على الأرجح بانتصار الشعب، بغض النظر عن تجليات الثورة في بلد ما والتعقيدات المحيطة بحركة هذه الثورة. وخيارات النظام والطبقة الحاكمة هي التي تحدد كيفية ونمط وملامح الانتقال من الاستبداد إلى الحرية. ‘ كاتب وباحث عربي في التاريخ الحديث
(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 25 أوت 2011)
<
رأي القدس العربي
اثارت التحركات الدبلوماسية التركية المكثفة في مناطق الازمات في المنطقة العربية حفيظة بعض الحكومات العربية انعكست من خلال هجمات شرسة استهدفت رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان خاصة بعد زيارته الاخيرة والمفاجئة الى الصومال على رأس وفد كبير من الوزراء ورجال الاعمال لتقديم المساعدات المالية والفنية للشعب الصومالي لمواجهة المجاعة التي يتعرض لها حاليا، وادت الى وفاة عشرات الآلاف من ابنائه. الحكومات العربية، والسعودية منها على وجه الخصوص، ترى في زيارة اردوغان هذه، علاوة على زيارة اخرى لوزير خارجيته احمد داوود اوغلو الى بنغازي، وهي الثانية في اقل من شهر، محاولة من تركيا لتكريس زعامتها على حساب هذه الحكومات العربية. يصعب علينا تفهم هذه المخاوف، فتركيا دولة مسلمة، تملك ارثا امبراطوريا امتد لاكثر من خمسة قرون، حكمت خلالها نصف اراضي المعمورة تقريبا، واستطاعت ان تقدم نموذجا في الديمقراطية والنمو الاقتصادي جعل منها القوة الاقتصادية السادسة عشرة على مستوى العالم. الطموحات التركية في الزعامة مشروعة ولكن الحساسيات العربية تجاهها تتسم بالدونية والغباء علاوة على قصر النظر. فالسيد اردوغان لم يمنع زعماء عربا آخرين من زيارة الصومال والتعاطف عملياً مع اهله الذين تحصد ارواحهم المجاعة. فالرجل تحرك فوراً في وقت فضل فيه الآخرون الانكفاء في قصورهم وعدم الالتفات الى مآسي الآخرين الذين لا يبعدون عنهم الا ساعتي طيران على الأكثر. تخطئ الحكومات العربية وزعاماتها اذا كانت تعتقد ان السيد اردوغان سيأخذ اذنها قبل ان يتوجه الى مقديشو ومعه زوجته واركان وزارته محملاً بمئات الملايين من الدولارات وقوافل المساعدات الغذائية والطبية، فتركيا تنطلق من حرصها على العالم الاسلامي حسب وجهة نظرها وتطبق هذا الحرص عملياً ولاضير في ان يصب كل ذلك في خدمة مصالحها وتطلعاتها الى الزعامة. الحكومات العربية تعيش مرحلة بيات صيفي فاقدة الارادة والفعل، تنفذ اجندات الاخرين وتخدمها، وتتجنب تبني اي مشروع نهضوي عربي، ولهذا تشهد معظم البلدان العربية حالة غليان شعبي تترجم على شكل ثورات وانتفاضات تهدف الى الاطاحة بالانظمة الديكتاتورية القائمة. من يخشى الزعامة التركية، او يغار منها، عليه ان يحاكي الدبلوماسية التركية، وينتصر لقضايا العرب والمسلمين بالقول والفعل، انسانية كانت مثلما هو حال الصومال وحصار قطاع غزة، او سياسية مثلما هو حال ليبيا وثورتها. اما الجلوس على المصاطب وانتقاد الآخرين غيرة وحسداً، فهذا من طباع العجائز والمتقاعدين وليس من صفات الانظمة والحكومات الطموحة.
(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 25 أوت 2011)
<