الجمعة، 24 فبراير 2006

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
6 ème année, N° 2104 du24.02.2006

 archives : www.tunisnews.net


رويترز: الشرطة التونسية تمنع مظاهرة تطالب بحرية الاجتماع
الجزيرة.نت: المعارضة التونسية تتجمع بالعاصمة للمطالبة بإطلاق الحريات الجزيرة.نت: ارتفاع احتياطي تونس من النقد الأجنبي الحياة : تونس تطوّر علاقاتها مع الجيران وسط شلل الاتحاد المغاربي الحبيب أبو وليد المكني: ما بالطبع لا يتغير ابن الأغلب: رحيل الشيخ عبد الرحمان خليف .. شيء من التاريخ ( 2 من 3) حسين المحمدي تونس: الإمساك بالفريق الحاكم في تونس…صناعات كريهة للبؤس والتعاسة والتطرّف عارف المعالج: ديمقراطية على المقاس محمد العروسي الهاني: تعليق وتعقيب على حوار بمجلة حقائق الهادي بريك: عندما تتطيب المرأة بعبير الهيجاء … مرسل الكسيبي: بيان تضامني مع الزميل الإعلامي سليم بوخذير وموقع قناة العربية مرسل الكسيبي: هل تكون الليبيرالية بديلا سياسيا بالمنطقة العربية؟ د. خالد الطراولي: قصــة قصيــرة  – ولي من أولياء الله الصالحين! برهان بسيس: من التوتسي والهوتو إلى السنة والشيعة  صلاح الدين الجورشي: هل تشعر النخب الحديثة بأن « الغرب » قد خانها؟ الشيخ كمال الدين جعيط: وجادلهم بالتي هي أحسن جعفر الأكحل: حملة الرسوم الحاقدة: النوايا والخفايا عادل الحامدي: العفو العام في كل من ليبيا وسورية ومسألة انتقال السلطة في العالم العربي! جمعة القماطي: مأساة مظاهرة بنغازي في بلد يمنع المظاهرات! خميس الخياطي:  كل شاعر ثوري هدام كبير للمعروف ..


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).

 

لمن فاتته مشاهدة تفاصيل برنامج « ما وراء الخبر » الذي بثته قناة الجزيرة الفضائية مساء يوم الخميس 23 فيفري 2006 عن الأوضاع السياسية في تونس، اضغط على الوصلة التالية:

 

http://pdpinfo.org/mcgallerypro/show.php?start=0&id=54&video=1


 

الشرطة التونسية تمنع مظاهرة تطالب بحرية الاجتماع

 
تونس (رويترز) – طوق مئات من افراد الشرطة التونسية يرتدون زيا مدنيا يوم الجمعة عدة شوارع رئيسية في العاصمة للحيلولة دون وصول معارضين الى ساحة انقلترا حيث دعوا لتجمع عام احتجاجا على ما وصفوه بالحصار الامني المفروض على انشطتهم بشكل يشل الحياة السياسية في البلاد.

ومنع اكثر من 300 شرطي انتشروا في وسط العاصمة قيادات واعضاء احزاب معارضة من الوصول الى مقر التكتل الديمقراطي من اجل العمل والحريات للتجمع ولم يسمح الا لعدد قليل من اعضاء الحزب بالوصول الى هناك.  

وقال مراسل رويترز ان قوات الامن حاولت تفريق عشرات المعارضين من ساحات مختلفة دون استعمال القوة من بينهم احمد نجيب الشابي والعياشي الهمامي وراضية النصراوي. كما منعت افراد من الشرطة بالزي المدني صحفيين من الوقوف في ساحة انقلترا.

وكان معارضون ينتمون الى تيارات سياسية مختلفة متحالفة ضمن ما يعرف بهئية 18 اكتوبر للحقوق والحريات دعوا يوم الثلاثاء الماضي الى تجمع عام بعد صلاة الجمعة للمطالبة باطلاق حريات الاجتماع والتعبير.

وتتبنى هيئة 18 اكتوبر مطالب اطلقها ثمانية معارضين تونسيين اضربوا عن الطعام خلال قمة المعلوماتية التي استضافتها تونس في نوفمبر تشرين الثاني الماضي للمطالبة بحرية التعبير وحرية التجمع واطلاق السجناء السياسيين.

وتقول الحكومة ان التجمعات العامة والمظاهرات محظورة دون ترخيص مسبق.

 

موقع سويس إنفو نقلا هن وكالة ريترز للأنباء بتاريخ 24 فيفري 2006


 

المعارضة التونسية تتجمع بالعاصمة للمطالبة بإطلاق الحريات

 

تنظم المعارضة التونسية المنضوية في ما يسمى بهيئة 18 أكتوبر -التي تضم أحزابا من مشارب مختلفة ومنظمات حقوق الإنسان- تجمعا في وسط تونس للمطالبة بإطلاق الحريات ورفع القيود عن الصحافة وعن التجمعات السياسية.

غير أن مطلب التجمع اصطدم برفض السلطات التونسية التي أبلغ مسؤول القسم السياسي في داخليتها المنظمين بالرفض شفاهة, حسب الأمين العام للحزب الديمقراطي التقدمي نجيب الشابي.

وتوقع الشابي في اتصال هاتفي مع الجزيرة نت أن لا يحقق التجمع الزخم الجماهيري المطموح, وأن لا تستجيب له إلا النخب, وأرجع ذلك إلى الانكماش الذي يعيشه المواطن التونسي, وإلى حالة الحصار الذي تفرضه السلطات في مثل هذه الحالات.

وأضاف الشابي أن السلطات التونسية لا تكلف نفسها حتى عناء تبليغ رفضها كتابة لأن « القانون هو إرادة اعتباطية  » في يد إرادتها, لكنها اليوم أمام الأمر الواقع فهي « معزولة داخليا ومنهارة خارجيا بسبب سجلها في حقوق الإنسان ».

وقد رأى الكاتب التونسي رضا الملولي -الذي يكتب في جريدة حقائق- أن الحركة غير قانونية باستثناء حزبين قانونيين, وتضم عناصر تريد أن يعود من أسماهم المتطرفين ومن يوظفون الدين لمآرب سياسية إلى المشهد السياسي التونسي في إشارة إلى حزب النهضة الذي يشارك في الهيئة. 

 

(المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 24 فيفري 2006)


شهادة السجين إبراهيم الزغلامي

في سجن تونس سنة 1993 لا يتم تزويد غرف جناح  C و B بالماء إلا بين الساعة 11 ليلا و الخامسة صباحا. و في إحدى ليالي صائفة هذه السنة انقطع التيار الكهربائي للغرفة و توقفت المروحة الكهربائية VENTILATEUR  إضافة إلى الشافطة EXTRACTEUR    ( و بالطبع كان الماء مفقودا) فتحول جو الغرفة إلى جحيم لا يطاق و سقط العديد من المساجين مغشيا عليهم , مما اضطر أعوان الحراسة الليلة إلى إخراج جميع نزلاء الغرفة إلى ساحة فسيحة و رشهم بالمياه باستعمال خرطوم الإطفاء!!.

 
الحبيب المباركي

 


أخبار حريّات

تفتيش وتعنيف

تعرضت السيدة سامية عبو زوجة المحامي السجين محمد عبو يوم 10 فيفري الماضي إلى التعنيف وتفتيش حقيبتها كما تعرض مرافقها محمد أيمن بالطيبي شقيق سجين الرأي رمزي بالطيبي إلى التعنيف و الشتم بعد خروجهما من مجلس الحريات.

فحوص طبيّة

  دخل صبيحة يوم الأربعاء الثامن من فيفري الماضي السجين السياسي السابق وعضو هيئة 18 اكتوبر للحقوق والحريات زياد الدولاتلي المصحة لإجراء فحوص طبية و صور بالصدى. و هو ما استوجب استئصال ورم خبيث بأمعائه الغليظة و دامت العملية أربع ساعات. و من ألطاف الله أن وقع التفطن مبكرا لوجود الورم. و يبدو أن هذا المرض هو من مخلفات سنين طويلة قضاها بمختلف السجون التونسية في ظروف قاسية للغاية. و السيد زياد الدولاتلي متحصل على دكتوراه في الصيدلة ممنوع من ممارسة مهنته نظرا للمضايقات المسلطة عليه و المراقبة الإدارية التي يخضع لها منذ أن خرج من السجن في 2 نوفمبر 2004 بعد أن قضى فيه ما يزيد عن 14 سنة من أجل انتمائه لحركة النهضة.

وطالبت الجمعية الدولية لمساندة المساجين على اثر هذا الحادث بإجراء فحوص طبية دقيقة على كل المساجين السياسيين الذين قضوا بالسجن أكثر من ثلاث سنوات وذلك لمنع كل خطر يمكن أن يهدد حياتهم.

جواز سفر

مازال السجين السياسي السابق سامي بن صالح يترقب الإفراج عن جواز سفره منذ خروجه من السجن في ديسمبر 2000. وقال بن صالح بمراسلة وزير الداخلية والاتصال بالسيد زكرياء بن مصطفى كما قدم عرائض لإدارة الحدود والأجانب ومكتب العلاقة مع المواطن بوزارة الداخلية دون ردّ. فلماذا تحجم هذه الهيئات على الردّ عن طلبات المواطنين؟

  (المصدر: صحيفة الموقف الأسبوعية،  العدد 347  2006 )


موقع جامعة الزيتونة يتعرّب

بعد نشر « الموقف » لمقال حول الإنترنت وانتشارها في التعليم العالي بالخصوص للدكتور أحمد بوعزي احتج فيه على محتوى موقع جامعة الزيتونة الذي يمس من مكانة تعليمنا العالي ومن تاريخه ويجعل من جامعاتنا مسخرة للعالم أجمع، تبدّل الموقع وأصبح مُعرّبا وأزيلت منه الوصلة التي تؤدي إلى النكت ذات المستوى المتدني.

وأسرة « الموقف » إذ تشكر المسؤولين عن الموقع على إصلاحهم الأخطاء التي ارتكبوها تلفت انتباه وزارة الداخلية إلى أن سحب الجريدة من الأكشاك من حين إلى آخر يضرّ بالجريدة من دون شك ولكنه يضرّ البلاد أكثر إذ يمنع المسؤولين من أن يفتحوا أعينهم على واقع بلادنا المتردّي ومن أن يصلحوا ما أمكن إصلاحه.

   (المصدر: صحيفة الموقف الأسبوعية،  العدد 347  2006 )


في 13/02/06

اعتداء على نقابي بالجامعة

اعتدى أعوان حراسة المعهد العالي للغات بقابس بالعنف على الطالب رامي الطرابلسي منسق اللجنة المفوضة للاتحاد العام لطلبة تونس بالمعهد الأعلى للتصرف بقابس مما أحدث له عديد الكدمات و الخدوش و ذلك في محاولة منهم لمنعه من دخول المعهد لاجراء اجتماع عام ودعوة الطلبة للاعتصام استنكارا للصور المسيئة للنبي محمد (ص) التي نشرت في عديد الصحف الأوروبية. و تمسك النقابي بحقه في الدخول وممارسة نشاطه الطلابي وتمكن من ذلك. و الغريب أن أحد هؤلاء الحراس وهو على علاقة بذوي النفوذ يهدد برفع قضية عدلية بدعوى تهجم رامي الطرابلسي عليه أثناء تأديته لعمله.

معز الجماعي

  (المصدر: صحيفة الموقف الأسبوعية،  العدد 347  2006 )


أخبار طلابيّة

·       تتواصل حملة القضايا ومجالس التأديب ضدّ مناضلي الإتّحاد العام لطلبة تونس والحركة الطلابيّة بكليّة الأداب والعلوم الإنسانيّة بمنّوبة ، حيث أوقف عناصر من البوليس السياسي صباح الخميس الماضي 09/02 المناضل النقابي أنور العمدوني في الطريق العامّ واقتيد الى منطقة الأمن بمنّوبة حيث احتفظ به الى حدود الثالثة بعد الظهر وذلك لرفضه استدعاءً للبحث معه على خلفيّة مشاركته في اعتصام نظّمه المكتب الفيديرالي للإتّحاد بالكليّة قبيل امتحانات السداسي الأوّل. وعلى نفس الخلفيّة سيمثُل المناضل خالد القفصاوي كاتب عام المكتب الفيديرالي للإتّحاد بنفس الجزء أمام المحكمة هذا الخميس حيث وُجّهت له أكثر من تهمة..أبرزها التهمة « التقليديّة » المتمثّلة في الاعتداء بالعنف على موظّف إداري..وهو ما نفاه بشكل قطعي المعني بالأمر مبيّنًا انّه استُهدف بسبب نشاطه النقابي.

 

·       جرت تحرّكات بعدد من المعاهد الثانويّة والجامعيّة احتجاجًا على الصور العنصريّة المهينة للرسول الكريم، حيث تحرّك تلامذة المعاهد بكلّ من المعهد التقني ببن عروس وعلى اثر ذلك تمّ استدعاء عدد من التلاميذ وأوليائهم ومطالبتهم بالإمضاء على التزامات، كما تحرّك التلاميذ بكلّ من القصرين وجبنيانة وغيرها من المدن، وأمّا في الجامعة فقد شهدت كليّة العلوم بالمنستير تحرّكًا طلابيًا واسعًا شهد مواجهة مع عناصر الأمن التّي اقتحمت الكليّة لمنع المتظاهرين من الخروج إلى الشارع، ونفس الشيء في سوسة حيث تظاهر طلبة كليّتي الحقوق والآداب في الشارع ، كما تظاهر طلبة المعهد العالي للتصرّف بقابس، وأضرب الطلبة في كليّة العلوم الإنسانيّة بمنّوبة، بينما شهدت كليّة العلوم القانونيّة بأريانة وكلية الحقوق وكلية العلوم بتونس تظاهرات ثقافية  للتنديدي بالرسوم المسيئة للرسول الكريم.

·       تعرّض المناضل الطلاّبي عبد الحميد الصغيّر إلى الإيقاف ليومين متتاليين وذلك الخميس والجمعة 9 و10 فيفري الفارطين، حيث تمّ الاحتفاظ به كلّ مرّة حتّى المساء بهدف منعه من المشاركة في الاحتجاجات على الصور المهينة للرسول ، كما أخذت منه عريضة مطالبة بإعادة فتح مسجد الصلاة بالمركّب الجامعي بتونس.

 

·       أفادنا المناضل النقابي الطلاّبي أيّوب الغدامسي انّه لا يزال عرضة للمضايقات الأمنيّة حيث تمّت مداهمة بيته العائلي أكثر من مرّة في الأسابيع الأخيرة، وتجدر الإشارة إلى أنّه لا يزال محرومًا من حقّه في الترسيم بكلّ كليّات الحقوق بالبلاد رغم أن قرار الطرد الذي صدر في حقّه من كليّة الحقوق بتونس لا ينصّ على ذلك.

 

·       يتعرّض المناضل النقابي بالمدرسة الوطنيّة للمهندسين بتونس جابر المسكيني إلى مظلمة جديدة حيث تمّت إحالته يوم الاثنين 13/02على مجلس التأديب بتهمة الاعتداء على أستاذين وعون إداري، وقد قرّر مجلس التأديب طرده نهائيًا ، هذا وقد أكدّ لنا جابر انّه قد تمّ التلاعب بأعداده التي تحصّل عليها في الامتحانات الأخيرة حيث تمّ تغيير معدّله من  11.64على 20 إلى 8.52 على 20 ثمّ الى 09 على 20. هذا واعتصم جابر ومجموعة من المناضلين المساندين له بالمدرسة إلى حدود الساعة السادسة من مساء اليوم نفسه، قبل أن يقرّر المعني بالأمر على ضوء المفاوضات مع رئيسة جامعة المنار أن يعطي للمساعي الصلحيّة فسحة إضافية من الوقت محتفظًا لنفسه بحقّ خوض مختلف الأشكال الإحتجاجيّة دفاعًا عن حقّه المهضوم.

 

·       يخوض منذ يوم الإثنين 13 فيفري طلبة المعهد العالي للتنشيط الشبابي و الثقافي ببئر الباي إضرابا مفتوحًا عن الدروس مطالبة منهم بحقّ خريجي المعهد في الشغل.

ويبلغ عدد خرجي المعهد سنويا 220 حاصل على الاستاذية. وحسب القانون القديم كانت الدولة تتعهد بانتداب 110 أستاذ تنشيط كل سنة أما الىن فهي لا تتعهد إلا بتشغيل حوالي 30 أستاذ. مع العلم أنّ العاطلين عن العمل من السنوات الماضية يبلغ 600 أستاذ. وغذا تتبعنا المسار الطبيعي للتدرج في التشغيل حسب الأولوية في التخرج فغن من سيتخرج سنة 2006 عليه انتظار 24 سنة كي يشتغل.

 

·       عقد الإتّحاد العام لطلبة تونس (مؤتمر التصحيح) هيئة إدارية يوم الإثنين 13/02 بأحد الأجزاء بالعاصمة، خُصّصت للنظر في المستجدّات على الساحة الطلابيّة وفي الأوضاع الداخليّة للتصحيح وبالخصوص في وضعيّة أمينه العامّ جمال التليلي  على خلفيّة توقيعه بشكل منفرد بيانًا مشتركًا مع عزّ الدين زعتور بمناسبة انتخابات المجالس العلميّة الأخيرة، ولتغيّبه المتكرّر عن اجتماعات المكتب التنفيذي كما أفادنا أحد أعضاء هذا المكتب.

·       عقد الشباب الديمقراطي التقدّمي اجتماعًا لهيئة التنسيق الوطنيّة يوم السبت 12 فيفري الجاري على هامش اجتماع اطارات الحزب وقد تدارس خلاله أعضاء الهيئة تطوّرات الساحة السياسية والطلابيّة وبرنامج الشباب في الفترة القادمة.

  (المصدر: صحيفة الموقف الأسبوعية،  العدد 347  2006 )


تونس تطوّر علاقاتها مع الجيران وسط شلل الاتحاد المغاربي

تونس – رشيد خشانة    

 

ركزت تونس حركتها المغاربية في الأسابيع الأخيرة على تطوير العلاقات الثنائية مع الجيران، وسط استمرار شلل الاتحاد المغاربي الذي مضت 17 سنة على إنشائه من دون القدرة على معاودة تنشيط مؤسساته. واستقبل التونسيون في وقت سابق من الشهر الجاري رئيس الحكومة الجزائرية أحمد أويحيى الذي أجرى محادثات مع كبار المسؤولين كان محورها تسوية القضايا العالقة التي تعطل انطلاق التعاون الثنائي والعمل على جعل الطريق سالكة أمام شركات القطاع الخاص في البلدين لتكثيف الاستثمارات المشتركة والمبادلات التجارية التي تأثرت بالأوضاع السياسية المحتقنة في المنطقة.

 

وعلى رغم توقيع اتفاقات جديدة في مجالات اقتصادية وإعلامية مختلفة في ختام اجتماعات اللجنة العليا المشتركة التي رأسها أويحيى ونظيره محمد الغنوشي، تعذر الوصول إلى تفاهم في شأن مراجعة الاتفاق الخاص بالرسوم التي تحصل عليها تونس لقاء مرور أنبوب الغاز الجزائري – الإيطالي في أراضيها. وبموجب اتفاق يعود إلى انطلاق ضخ الغاز في الأنبوب السنة 1983 يحصل التونسيون على 5 في المئة من الكميات المنقولة من الغاز بعنوان «رسوم عبور». إلا أن التونسيين طلبوا زيادة الحصة بعد مدَ أنبوب ثان بين الجزائر وإيطاليا يعبر من أراضيهم. وشكلت تداعيات أزمة الطاقة الدولية في الاقتصاد التونسي، الذي يعاني أصلاً من شحَ مصادر النفط، عنصراً ضاغطاً في المحادثات. ورأى مراقبون في المكالمة الهاتفية التي أجراها الرئيس زين العابدين بن علي مع نظيره الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة خلال زيارة أويحيى لتونس محاولة لرفع العراقيل أمام الوصول إلى اتفاق في هذه المسألة التي لا تبدو مرشحة للحل في الوقت الراهن.

 

وفي سياق تنشيط العلاقات الثنائية مغاربياً زار الوزير الأول التونسي الرباط واجتمع مع الملك محمد السادس ورأس جلسة عمل مع نظيره ادريس جطو خصصاها لدرس تعزيز التعاون. ومن المغرب انتقل الغنوشي الإثنين الماضي إلى موريتانيا حيث استقبله الرئيس علي ولد محمد فال بعد ساعات من وصوله إلى نواكشوط وأجريا جولة محادثات ركزاها أيضا على درس الآليات الكفيلة بإعطاء دفعة قوية للتعاون الثنائي، على ما قالت مصادر موريتانية.

 

وكانت اللجنة العليا التونسية – الليبية اجتمعت في وقت غير بعيد وبحثت في رفع العراقيل من طريق المشاريع المشتركة التي اتفق على إنشائها في أواخر التسعينات لكنها مازالت تراوح مكانها. وتوقعت مصادر مطلعة أن يتلقى التعاون الثنائي في المرحلة المقبلة دفعة قوية لمناسبة استكمال مشاريع كبيرة من بينها أنبوب لنقل الغاز الطبيعي من ليبيا إلى مدينة قابس الصناعية جنوب تونس.

 

(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 24 فيفري 2006)

 


ارتفاع احتياطي تونس من النقد الأجنبي

 

قال البنك المركزي التونسي إن احتياطي البلاد ن النقد الأجنبي سجل ارتفاعا ملحوظا، وبلغ حتى الأربعاء الماضي 5665 مليون دينار (4196.29 مليون دولار ) مقابل 4638 مليون دينار (3435.55 مليون دولار) خلال الفترة نفسها من العام الماضي.

 

وأوضح البنك ببيان في أعقاب الاجتماع الدوري لمجلس إدارته الذي خصص لبحث الوضع الاقتصادي على الصعيدين الوطني والدولي أن هذا الحجم من النقد الأجنبي يعادل 118 يوما من الواردات التونسية، مقابل 105 أيام خلال الفترة نفسها من عام 2005.

 

من جهة أخرى أشار البنك إلى أن الأرقام المؤقتة المتعلقة بالمبادلات التجارية حتى العشرين من الشهر الجاري، تظهر تسارع الصادرات والواردات بنسبة 10.4% و18.6% على التوالي.

 

وقال إن عائدات القطاع السياحي ارتفعت  بنسبة 1.9% كما ارتفع حجم تحويلات المغتربين بنسبة 3.5%، حيث بلغت قيمة عائدات السياحة حتى العشرين من الشهر الجاري 224 مليون دينار (165.92 مليون دولار) بينما بلغ حجم تحويلات المغتربين190 مليون دينار (140.74 مليون دولار).

 

(المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 24 فيفري  2006 نقلا عن وكالات)


تصحيح:

 

حصل تشويش مطبعي لدى نشر الجزء الثاني من مقال السيد خميس الماجري يوم أمس. لذلك نعيد نشر هذه الفقرة الّتي خرجت مشوّهة عند الحديث عن  محمّد السّادس …

« .. فها هو يقول في محمّد السّادس دون أن أعلّق :… وهو ما تنبّه إليه الملك الشّابّ  .. أمّا فصيل التّوحيد والإصلاح  فقد قاد عمليّة نوعيّة واسعة لتطبيع علاقة الحركة الإسلاميّة في المغرب مع العرش العلويّ الّذي يتميّز عن كلّ أنظمة المنطقة المغاربيّة بحرصه على آستمداد شرعيّته من الإسلام والانتساب إلى العائلة النّبويّة الشّريفة . من مقال له : الخطاب الدّيني في المغرب العربيّ.

وقال : « ـ في ملك الأردن ـ :   جلالة الملك الحسين … وحتّى جلالة الملك الحسن الثّاني … المتوسّط س 1 ع 12 ص 3 بتاريخ 17 /08/ 1993. بل مدحهم كم مرّة أمام العالم على القنوات الفضائيّة ، بل قد يحلّ ضيفا عليهم ويأكل ممّا يأكلون ويشرب ممّا يشربون ،  بل قد يدعى لأداء مناسك الحجّ من طرفهم فلا آغبرّت له ساق ولا شعثت له رأس. »

 


ما بالطبع لا يتغير

الحبيب أبو وليد المكني

 

لما كانت الدنيا كلها تعرف أن السلطة في العراق فقدت كل مبرر لوجودها بعد أن تسببت في إفلاس البلد حتى صار مرتب الأستاذ الجامعي لا يكفي لشراء حذاء ، بفعل انهيار العملة العراقية ، و تدفق الملايين من العراقيين ليشكلوا أغلبية طالبي اللجوء في مختلف الدول الأروبية و أستراليا والولايات المتحدة و غيرها .. عندها أجريت انتخابات « نزيهة جدا » و اسفرت عن فوز صانع التحول عندهم صدام حسين ب100  بالمائة و هكذا أبت الديكتاتورية إلا أن تكشف عن وجهها السافر … فالمواطنون جميعا  سنة و شيعة ، عربا و أكرادا و تركمانا أتفقوا على رأي واحد هو  الالتفاف حول القائد الملهم …

 

 ثم خرجت المسيرات الضخمة التي تهتف يحياة البطل و  تفديه بالروح و الدم ، و بقية القصة معروفة ، اندحار  » رابع قوة عسكرية في العالم  » خلال ثلاث أسابيع و سقوط بغداد و احتلال البلد  ثم مسلسل أطوار الكارثة …

 

 لقد ألحت علي هذه الذكريات المؤلمة ،  و انا أستمع إلى  الإعلامي كما يقدم نفسه   » برهان بسيس » وهو يقول : » ان الأزمة غير موجودة إلا في أذهان بعض المعارضين  » هكذا بكل صفاقة  ؟؟  الأزمة السياسية في تونس هي وهم ، أما الحقيقة  فيمكن معرفتها من خلال  القناة رقم 7 فالشعب يعيش في أفراح و ليال  ملاح ، أعراس رياضية لا تنتهي ومنوعات غنائية راقصة تبرز ما وصلت إليه الأمة التونسية من رقي  ثقافي و ازدهار عمراني ، ما توفر من  فرص للثراء السريع من لا شيء  » و أنت دليلك ملك …و ما عليه السكان من  » رغد عيش « 

 

من مدة توالت التقارير الإخبارية التي تروي المسلسل اليومي من الاعتداءات و المضايقات و الإهانات التي أصبحت السمة البارزة في  حياة شرائح واسعة من المجتمع المدني  .. فقد أطلقت من جديد ، أيادي  البوليس و من هو في خدمته من المرتزقة و المخبرين و المجرمين … لتفعل ما تشاء بأحرار الوطن  ترهب المواطنين و تروع الآمنين و تهين الصالحين و تحمي المارقين …

 

سياسة القبضة الحديدية هذه لم تفرق بين الهيئات المعترف بها و الجماعات الغير نعترف بها ، سياسة صارت تستهدف اتحاد الشغل و جمعيات المحامين و الصحافيين و القضاة و اتحاد الطلبة ، و تمنع المواطنين من أبسط حقوق التعبير مثل إعلان رفضهم للإسائة لرسول الله صلى الله عليه و سلم .

 

كل ذلك في نظر المدعو  » بسيس » و جناحو الذي يرد عليه   » الملولي  » ليس مظاهر أزمة و لكنه أوهام رموز المعارضة التي تحترف الكلام  وهي تنعم بالجلوس على أرائك ناعمة في صالونات فارهة تماما مثل المحامي محمد عبو و إخوانه و أخواته الصادق شورو  وعبد الكريم هاروني و حمة الحمامي و سليم ديلو و راضية النصراوي ونزيهة رجيبة و محمد نجيب الشابي و غيرهم كثير . هؤلاء الذين يتعرضون للإهانة من اهل اللؤم والسفالة فقط لأنهم أبوا إلا التعبير عن رأيهم و رفضوا سياسة القهر و التسلط  ؟؟…

 

لقد ظن البعض أن السلطة في تونس بعد خمسة عشر عاما من الاستبداد و الدكتاتورية سوف تغير من سياستها استجابة لبعض الضغوط الخارجية أو تكيفا مع روح العصر لكن ما بالطبع لا يتغير ، لقد عاد القوم ليتحدثوا عن حركة النهضة كما كان حديثهم عنها منذ خمسة عشر عاما مضت .

 

 « هي حركة متطرفة إرهابية يرفضها المجتمع بأسره و يرفض أولائك يفتحون المجال لتعبر عن نفسها و لو بالحد الأدنى « أما بقية أطراف المعارضة فهي شراذم من الخونة و مرضى النفوس .

 

إنه لأمر غريب ، هذا الإصرار على المضي في الغي و التشدد في الباطل ، العالم باسره تغير من حولنا وبقينا نحن ضحية لسلطة تصر على نهج صدام و الأسد ، النهج الذي أودى بالعراق و لعله سيودي بسورية ، و لنقولها بصراحة إننا نعتقد أن الوضع في تونس من الناحية السياسية على الأقل هو من أسوء الأوضاع في العالم و إنه بحق لنا أن نطالب بحماية المجتمع الدولي لشعبنا من هذه العصابة التي لن تتورع من أن تفعل به ما فعله صدام باشقائنا في العراق أو ما فعله نظام الخمير الحمر بمواطنيه في كمبوديا ،  لو  وصل هذا الشعب إلى درجة من التحدي تشعر فيه نلك العصابة أنه يهدد بجد مصالحها ، لقد تضخمت أجهزة القمع إلى الحد الذي لا يطاق ، و وصل الاحتقان إلى مستويات تجعلنا نخاف على استقرار بلادنا . و عندما تدعو حركة 18 اكتوبر إلى تحرك الشارع نخشى  أن يقدم  المستبد على ارتكاب مجازر و قد فعل ذلك من هو ارحم منه يوم خرج الناس في 26 جانفي 1978م لما كان الوقت غير هذا الوقت و كانت قوات القمع أقل من هذه الآن ..

 

يتوهم الخطاب الرسمي الذي سمعنا القليل منه  على لسان برهان بسيس في  برنامج  » من وراء الخبر  » الذي بثته قناة الجزيرة  » أنه يصيب المعارضة في مقتل عندما يتهمها بالاستقواء بالأجنبي . و يتبجح هو  بشعارات الذود عن استقلال البلاد …  و ردنا هو  أن هذه المناورة لن تنطلي ، فنحن نعرف جيدا من يحتمي بالأجنبي و يستقوي به ، نعرف الدور الذي قامت به المخابرات الإيطالية ليصل  » صانع التغول  » إلى الحكم و نعرف الدعم الذي تقدمه الإدارة الأمريكية الحالية له في مقابل خدمات مشبوهة هي بالتأكيد ليست بعيدة عن فضائح هذه الإدارة ، و نعلم الأكثر من ذلك وهو التقارب مع الإسرائيليين …

 

 …و يعلم المواطنون في مدينة قابس أن الأجهزة التي فرضت طوقا على جانب من مدينتهم  و أساءت معاملتهم  بمناسبة زيارة وزير بني صهيون  هي نفسها التي  جاءت لتكبت أصواتهم و تمنعهم من الخروج للتعبير عن حبهم للرسول و استنكارهم للإساءة إليه .

 

 و أخيرا نعلنها بكل وضوح أن ما جاء في البلاغ الذي أصدره الدكتور المنصف المرزوقي بتاريخ  22فيفري2006 يعبر بصدق عما يجيش في صدورنا بعد خمسة عشر سنة من الهمجية و القهر و الاستبداد و نسال الله العلي القدير أن يحمي أحرار تونس يوم الجمعة  24 فيفري من كيد الظالمين .


 

رحيل الشيخ عبد الرحمان خليف .. شيء من التاريخ ( 2 من 3)

بقلم: ابن الأغلب

 

ماذا حدث في القيروان بعد حملة القمع والاعتقالات وصدور الأحكام بالسجن على الشيخ رحمه الله وعدد كبير من المقربين إليه ومن المواظبين على حضور الإملاء القرآني والدروس في جامع عقبة بن نافع؟

 

تم أولا إغلاق « الجامع الكبير » مثلما يقول أهل القيروان لمدة ناهزت العشر سنين (!) بدعوى ترميمه ولم يُترك فيه سوى ركن صغير جدا لإقامة الصلاة لا يتسع إلا لبضعة أفراد وهي ضربة قاصمة (هكذا تخيل بورقيبة) لمكانة الجامع والتوعية الدينية وتحفيظ القرآن الكريم في صفوف القيروانيين.

 

ثانيا، تم التخطيط لنشر الفساد والتحلل والموبقات بشتى أنواعها في المدينة من خلال تكثيف العروض السينمائية والغنائية في الهواء الطلق وإقامة المهرجانات والحفلات الفنية بمختلف أنواعها وافتتاح المزيد من الخمارات في المدينة (التي لم تكن تعرف بيع الخمر قبل دخول الإستعمار إلى ربوع البلاد التونسية) وفي هذا الصدد رخصت السلطات لأحد الأشخاص بتحويل مُصلى العيد الرئيسي للمدينة (الذي أوقفه الحاج الصغير نقرة رحمه الله لفائدة المصلين في الأعياد) والقريب من مقر الولاية إلى مقهى وحانة سميت بـ « العباسية ». 

 

المهم، كانت عشرية الستينات عشرية كئيبة أليمة عسيرة على أهل القيروان اجتمع فيها عليهم بطش السلطة وتنكيلها، وتهميش تنموي خطير استبعدها من أية مشاريع جدية مُحدثة لمواطن الشغل لشبابها العاطل عن العمل ومحاولات إفساد الشبيبة وإبعادها عن التدين عموما حتى كادت المساجد تخلو إلا من العجائز وكبار السن ومأساة التعاضد الإجباري التي ذهبت بما تبقى لديهم من أسباب العيش والكرامة (وقد كانت محدودة أصلا بحكم اعتماد اقتصاد المدينة على الفلاحة أساسا).

 

في الأثناء، تم الإفراج عن معتقلي جانفي 1961 على دفعات وظل الشيخ عبد الرحمان خليف رحمه الله (وعدد من إخوانه العلماء) ممنوعين منعا باتا من دخول القيروان. وفي النصف الثاني من الستينات عاد الشيخ إلى التدريس في أحد المعاهد الثانوية بمدينة سوسة (حيث تخرج على يديه خلق كثير من بينهم قيادات معروفة في التيار الإسلامي الذي سينشأ بعد ذلك) ثم انتقل لفترة إلى مدينة صفاقس (التي كان حريصا على ذكر أهلها بكل خير لما أحاطوه به من كرم الوقادة وحسن المعشر).

 

وفي بداية السبعينات، وبعد أن اتجهت الأوضاع إلى بعض الإنفراج في أعقاب تجربة التعاضد والتطورات السياسية التي تلتها، عاد الشيخ عبد الرحمان خليف إلى مدينة القيروان ولكن على مراحل. ففي مرحلة أولى كان يأتي فقط لصلاة الجمعة في الجامع الحنفي وسط المدينة العتيقة وكان يدخل من باب خلفي ويصلي في بيت الإمام متجنبا تجمع الناس حوله، ثم تطور الأمر في شهر رمضان حيث كان يلقي درسا (بعد صلاة العصر) في نفس الجامع الحنفي يشمل التفسير والحديث والفقه والإجابة عن أسئلة المصلين، واستمر الأمر على هذا الحال إلى عام 1972 حينما « انتهت » أشغال ترميم الجامع وأعيد افتتاحه رسميا في موكب شعبي عارم في مناسبة المولد النبوي الشريف.

 

وعلى الفور، عاد الشيخ إلى استئناف الإملاء لتحفيظ القرآن الكريم يوميا في جامع عقبة بن نافع منطلقا على بركة الله من سورة ياسين وقد أمد الله في أنفاسه 34 عاما أخرى منذ ذلك التاريخ فيسر لألوف مؤلفة من الخلق حفظ كتاب الله العزيز على يديه.

 

وقد تميزت السنوات الموالية من فترة السبعينات بإقدام الشيخ عبد الرحمان خليف على إطلاق جملة من المشاريع (أو الورش مثلما يقول إخواننا المغاربة) المبتكرة والرائدة التي تمحورت حول القرآن الكريم، الكتاب العزيز الذي سخر له كل فكره وطاقته وجهده ووقته. رحمه الله وطيب ثراه وجازاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.

 

(يتبع)

 


 

الإمساك بالفريق الحاكم في تونس…صناعات كريهة للبؤس والتعاسة والتطرّف

حسين المحمدي تونس
.تنويه إلى التونسيين والتونسيات وكل من فيه ذرة الحرية عبرالجغرافيا

..بداية من اليوم ومع كل مقال سنقدم فكرة عملية يكون من خلالها التحرك الفعلي تحقيقا للحرية والتداول السلمي المدني على السلطة في تونس من جهة وحدا فاصلا بين عناصر منتشرة تحديدا في فرنسا منذ عهود تعمل بأجندة جهوية مفلسة ولصالح سيطرة الفكر الجهوي والتعاسة والفساد على تونس لعقود جديدة..

الفكرة واحد ….التونسيون والتونسيات من مواليد1980.هم من سيحقق التغييرفي تونس..مطلوب منهم يومياحيثماكانوا عبربلدان العالم توجيه مراسلةالكترونيةقصيرةإلى كل من …رؤساء الدول الغربية وأعضاء مجلس النواب والشيوخ وجمعيات وهيئات حقوق الإنسان ووزراء الخارجية ورؤساء التحرير للصحف الغربية خلاصتها ..

الحرية فعل وسلوك وليست خطابا

…وهذاالعمل لايكلف مالاولاوقتاإذالمراسلة تتم في لحظات.غدا الفكرة الثانية وهكذاإلى غايةأن يكون فجرالحرية.هذاالأمرلن يكون معه من يعمل لفرنساولالغيرهاسيدناوسيعطي لكل ذي حق حقه.من تونس ونحن محاصرون سنسمع الصوت ونغيرعمل الفضائيات العربية ومراكز الدراسات والدبلوماسية وسنمنع على وجه التحديد شهادات الكذب وسنعطي للتونسيين اليهود مجالات عمل جديدة بعيدة عن الولاء للحاكم التعيس ومحاولة استغلال علاقاتهم وأماكنهم.كما سنجعل من أدمن الكذب يهرب من هذه البلاد مهما تدثّر بأقلام لئيمة. أمس في مقالناتوقفناعندالأحزاب والحركات السياسيةالمعترف وغيرالمعترف بها قبل7نوفمبر.اليوم نأتي إلى العهدالجديد.وسنرى أن تونس تحكم من شخص فقط وعبر البوليس وهذا سنة2006وحديث من غربيين عن عبقرية ومعجزة و..

إبداعات العهد الجديد في مجال الأحزاب والحركات

.حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي  صدرت تعليمات لعبدالرحمان التليلي عضو لجنة مركزية الحزب الحاكم والرئيس المدير العام لديوان ما؟أن يخرج من الحزب الحاكم وان يكون حزبا عروبيا.المهمة واضحة وجلية.تكليفه بمهمة رعاية وتربية أصحاب الشحنات القومية.مثلما تم تكليف غيره بشحنات يسارية. وتأسس الحزب فعلا سنة1988 وبسرعةالبرق.وظل رئيساللحزب إلى غايةدخوله السجن.سنعودإلى هذا في زمن لاحق وهوهام جدا.لا يتوفّرالحزب على أكثرمن عشرات من المنخرطين الفعلين(لدي الرقم الصحيح) والذين يغلب عليهم طابع الانتماء العائلي.ومع ذلك وعلى غرار أحزاب الحضن نال أعضاء في مجلس النواب وعشرات الآلاف من الأصوات.ماكينة وزارة الداخلية هناك عفوا ماكينةالحزب الحاكم عفواالقصر. الحزب في كلمة ولد من رحم النظام ويعيش به وعليه وله. .الحزب الاجتماعي التحرري وهي التسميةالجديدة منذ1993 بعد أن كان الحزب الاجتماعي للتقدم؟أسسه منيرالباجي في 1988.هو حزب فانتوش باتم معنى الكلمة.صنيعةالسلطة ويعمل لها. .حزب التكتل من اجل العمل والحريات .في 1992 ساءت أحوال حركةالديمقراطيين الاشتراكيين فخرج بن جعفرمصطفى.وأعلن في 1994 عن فكرةهذاالتكتل.ونال مبتغاه في2002.ونشرت قائمة في منخرطي الحزب عبر تونس نيوزشكلت معرة على تونس السياسات وفرنساالسياسات وتحديداالحزب الاشتراكي الفرنسي.لا نشاط له ميدانيا ولا منخرطين ولا نية في ذلك.وجرى ويجري النفخ فيه من فترة لأخرى سدا للباب أمام بروز تيارات سياسية حقيقية خارج العين الفرنسية.

الأحزاب غير المعترف بها

.المؤتمرمن اجل الجمهورية .أعلنه الدكتور المنصف المرزوقي سنة2001.وخلال2002 أعلن القطيعة مع النظام.وباستثناء رئيس حركة النهضة فان الأحزاب المعترف وغيرالمعترف بهاتخضع للإرادةالفرنسيةواملاءاتهاوحساباتها.وهوالخور الذي ظل ينخر تونس ومنعها من أي تغيير حقيقي مدني.بل ذات فرنسامنزعجةجدامن بروزي وتعمل على محاصرتي داخل وخارج تونس. وكل خوفها من بروز تيارات سياسية لا تخضع لها…وما دخل فرنسا في الحرية؟ما عرفته من خلال مسئولياتي حول حرية فرنسا لنا يندى له الجبين… الدكتور المرزوقي من الناحية الأخلاقية ومن حيث الجدية تقريبا هو السياسي الوحيد الذي يعمل لصالح تغيير في تونس.لا تعنيه وزارة ولا يعمل بالختلة.وله حضورا في تونس.وله عشرات من المناضلين الناشطين إعلاميا.وعيبه الوحيد في نظري الشخصي انه جمع داخل الحزب بين تطرف اليمين وتطرف اليسار.الرجل حوصر خلال الفترة الأخيرة من زملائه أكثر من النظام نفسه.تكتيكات النهضة.أضعفته. إلى جانب تكتيكات دبيرآخر…المرزوقي يمكن أن يكون له مستقبلا سياسيا طيبا خاصة أن الحزب اليوم له مناضلين لهم الكثير من الجدية والمهنية والأخلاق…على سبيل الذكر الأستاذ عبدالرؤوف العيادي والصحفي سليم بوخذيرو…. آفاق التونسية للأستاذمحمدالشرفي.أطلقهافي2001.وهي عبارةعن تجمع لنخبة من المثقفين.ربما كان هدفها الإعداد لترشح الوزير السابق إلى رئاسية 2004. تقريبا هذه أهم الأسماء والتسميات المتداولة.ولكن إذا عدنا إلى ما نشره الكاتب بن سعيد على أعمدة تونس نيوز في أكثر من حلقة نجد تسميات أخرى لا علاقة لها فعليا بالسياسة على الرغم من تقديمها من قبل هذا وذاك على غرار ليبرالية التيجاني عبيد وشرشور… هذا تقريبا من حيث الأحزاب والحركات والمعترف وغير المعترف به قانونا والمتعامل معه فعليا. مالذي يعنيه هذا سياسيا؟وهل تغيرت الخارطة السياسية من انتخابات لأخرى على مستوى الحضور؟ وما علاقة السياسة بالتنمية؟وسأركز هنا على حضور الاتجاه الإسلامي ثم النهضة باعتبارها أهم من نافس الحزب الحاكم.القديم والجديد.يكون هذا في الغد أن شاءالله.

حسين المحمدي تونس في 21فيفري2006

سياسي ليبرالي ممنوع من العمل الحر والاتصالات ويجري تنظيم حملة داخلية وأخرى خارجية هدفها عدم الكتابة عبر تونس نيوز تحديدا وغيرها عامة.وتوجيه رسالة اعتذار لبنعلي؟الحملات وسام شرف لي.ولها رجال في الداخل وفي الخارج وجدوا الوقت لتوجيه رسائل إلى هيئات وجمعيات وترجموا بعض الأمور لغايات جهوية وعدم حدوث أي تغيير جدي في تونس…وجّه لي ما ذهب هنا وهناك…واكتفيت بالضحك…

0021671313589و0021698593848 Houcine_mhamdi@yahoo.fr أي انترنات ندخله.صار يطلب منا صاحبه تمكينه من نسخة من كل شيء نريد إرساله من جهة ونسخة من كل مراسلة نتلقاهاأوأي بريدنقوم بفتحه من جهة أخرى.والحال أن هناك قانوناينظم العلاقات في ذات المجال.

في الختام لا ننسى ما قاله السيدزهيرمظفر حول الأحزاب في مجلس الشورى.انظر الحرية بتاريخ 12 فيفري2006وخاصة الجوانب المتعلقة بالمحاسبةالماليةالسنويةوالتي تقوم أساساعلى عددالمنخرطين.  


ديمقراطية على المقاس

عارف المعالج – جامعي من تونس

aref_maalej@yahoo.fr

 

إن المتتبع لموقف الدول الكبرى من قضية  إرساء الديمقراطية في منطقتنا العربية و الإسلامية لا يمكن أن يلاحظ إلا التردد و المراوغة التي طبعت تلك المواقف انطلاقا من التشكك و الاحتراز من نجاح تلك التجربة نظرا  للعديد من العوائق الذاتية و الموضوعيّة…فالغرب الذي أعلن عن حرصه عن نشر ودعم الديمقراطية في كل دول العالم بما في ذلك المنطقة العربية و كشف عن هدفه المتمثل في خلق جوّ من الحرية و المشاركة السياسة تكون متنفسا للشعوب المقموعة و التي لا تجد متنفسا حاليا لها إلا في تفريخ الإرهاب و تهييج روح لانتقام لدى الأجيال فإنه يهدف من خلال ذلك إلى ضمان  أمنه الاستراتيجي وحماية نفسه  من الضربات الموجعة التي لحقته من الجماعات التي تتهمه بمساندة تلك الأنظمة الديكتاتورية على حساب حرية و كرامة شعوبها مقابل ما توفره له من مصالح سياسة و اقتصادية…

 

لقد أيقن الغرب و على رأسه الولايات المتحدة  الأمريكية و كما ورد على لسان و زيرة خارجيتها رايس أن تلك المعادلة قد انتهى دورها في ظل تطور  العقلية العربية و الإسلامية الطامحة للحرية والمشاركة السياسية في زمن اكتسحت فيه الديمقراطية معظم دول العالم من المعسكر الشيوعي وأنظمته الشمولية الحديدية إلى الأنظمة البدائية في إفريقيا و بدون أن يرى حتى نسائمها تهب على المنطقة العربية المنكوبة…المعضلة التي وجد فيها الغرب نفسه إن التجربة التي نجح في إرسائها في العديد من تلك الدول التي التحقت بمصاف الدول الديمقراطية الحديثة ارتطمت بفشل ذريع في إيجاد بدائل و أحزاب قادرة على جذب القواعد الشعبية لصفها و خلق توازن سياسي مع الأنظمة القائمة من شأنه أن يحلحل الواقع العربي من الجمود سياسي الذي ارتهنه…

 

الغرب يرفض أن يغامر و يرمى بكل ثقله لمساندة أطراف لا يملك الدليل على نجاحها و امتلاكها للمساندة الشعبية التي تؤهلها لمسك قواعد اللعبة السياسية  ولا تشكل تهديدا لمصالحه الإستراتيجية في المنطقة في نفس الوقت،  و هذا ما يفسر التردد المريب الذي طبع الموقف الأمريكي خاصة من عملية الإصلاح السياسي في العالم العربي ومن الأحزاب التي خاب أملها بدورها من صدقية الموقف الأمريكي…

 

وفي الواقع فإن هذا النفاق الذي حاد بالسلوك  الأمريكي عن المبادئ و الشعارات المرفوعة قد أدى إلى تفاقم عكسي وخطير في مسألة نظرة الشعوب العربية إلى الغرب عموما و الولايات المتحدة الأمريكية خصوصا و بالتالي خلق أجواء من عدم الثقة المتراكمة لدى شعوب المنطقة من أي محاولة للإصلاح قادمة من الخارج و تكفي الإشارة هنا إلى التردد و التناقض الفاضح الذي طبع موقف الخارجية الأمريكية من مسألة  الحوار وتشريك مختلف شرائح المجتمع المصري في نحت الواقع السياسي بما في ذلك حركة الأخوان المسلمين التي تمثل القلب النابض للشارع المصري قبل إن تتراجع لاحقا و سريعا بإشارة من لوبي المسيحيين و المحافظين الجدد في الإدارة الأمريكية و مثال ذلك موقف الإدارة الأمريكية التي سارعت بتزكية نتائج الانتخابات الرئاسية المصرية و هي تعلم قبل غيرها أنها لا تختلف عن المهازل الانتخابية الأخرى التي حصلت في الدول العربية الأخرى التي مرت بنفس السيناريو الركيك من تحوير في الدستور على المقاس ظاهره تعددية و تغيير و باطنه إقصاء و تغرير وإغلاق للباب على منافسين حقيقيين لشيوخ ومدمني السلطة في المنطقة العربية، كما أن المنظمات المستقلة في الغرب نفسها قد كشفت عن حقيقة الواقع ومن ذلك ما ورد في التقرير الخاص  حول تلك الانتخابات للمجموعة الدولية لمعالجة الأزمات وهي مركز أبحاث مقره بروكسل ويعد تحليلات سياسية مستقلة  والتي اعتبرت تجربة الانتخابات بين أكثر من مرشح كانت « بداية زائفة » لتحويل الانتباه بعيدا عن الحاجة إلى إصلاحات ملموسة، فهل بعد هذا الموقف يمكن أن تجني الدول الغربية الساترة لعورات الدكتاتوريات بأوراق الخريف الذابلة غير المزيد من النقمة و الغضب والتطرف.

 

لقد عبر العديد من واضعى السياسات المريكية  في الشرق الوسط أن حجرة العثرة تتمثل في وجود قوى محافظة ذات شعبية محترمة تعود مرجعيتها إلى الإسلام والذي يعتبرون تعاليمه غير منسجمة مع النظرية الغربية و مفهومها للديمقراطية…و لذلك نرى أن الإدارة الأمريكية حرصت منذ فترة على البحث عن أطراف داخل المجتمع المدني من أجل مآزرتها على نشر الفكر الديمقراطي و لكن بثوابت أمريكية و بدون اعتبار للخصوصيات العقدية والحضارية للمنطقة الضاربة في الوجدان العربي…فعوض أن تحاول الادارة المريكية الدراسة الموضوعية للثوابت القيمية للمنطقة و التي في الواقع لا يمكن أن تكون في مواجهة مع القيم الديمقراطيّة و الحرية السياسية في أبعادها العملية المجردة نجدها اختارت منهج خذ الكل أو أترك الكل أو كما ذكربوش في مقولته المتهورة أن لم تكن معنا فأنت ضدنا…

 

و يكفي أن نضرب مثلا واحدا على ذلك يتعلق بموضوع شائك وهو وضع المرأة في العالم العربي…فالغرب يعتبر ظلما أن الواقع السيئ الذي تعيشه المرأة في العديد  من الدول العربية هو نتيجة للخلفية العقائدية للمجتمعات العربية وللإملاءات التي تفرضها الشريعة للتمييز بين الجنسين في الحين أن الدراسة الموضوعية للواقع و النصوص يؤكد أن الحالة المتردية هي من رواسب الفكر  القبلي وانتشار الأمية الثقافية الذين قاومهما الإسلام والذي استطاع أن يخرج لنا عبر تاريخه فطاحل من الرجال و النساء  على حد السواء ساهموا في نحت الحضارة الإسلامية انطلاقا من عصر النبوة الى فترة  قمة الازدهار الحضاري للأمة العربية…

 

لقد قامت الإدارة الأمريكية في محاولات متتالية بتعيين ثلاث مستشارات لدى وزارة الخارجية المريكية متخصصة بمتابعة وضع المرأة في العالم العربي، أخراهن كانت قد قامت بزيارة استشرافية  للمملكة العربية السعودية في أواخر شهر سبتمبر 2005 واجتمعت بنخبة من النساء  السعوديات من رجالات أعمال و أساتذة جامعات و صحفيات و اللاتي أكدن لها أنه وبالرغم من النقائص التى تعاني منها المرأة العربية فإن وضعها ليس بالسوء الذي يحاول الغرب أن يروج له في وسائل اعلامه و ان المرأة الغربية ليست قطعا أسعد في حياتها من المرأة العربية الرافضة للنموذج الأمريكي في تحرير المرأة للرجل…مسفهات  بذلك النظرية الأمريكية القائلة بأن  المرأة العربية اذا أعطيت الاختيار لاختارت طريقة حياة المرأة الأمريكية…لو أمعن الغرب في الحركات الاصلاحية التى ظهرت في العالم العربي منذ بداية القرن الماضي لوجدها  حقيقة رائدة في محاولاتها للارتقاء بوضع المرأة و اخراجها من ظلمات الجهل و استبداد الرجل ومن براثن العادات و التقاليد الجاهلية التى ارتدت اليها منذ عصور الانحطاط و السقوط الحضاري للأمة الاسلامية،  ولمن لا يعلم فإن العديد من النصوص الإصلاحية التى ظهرت في مجلة الأحوال الشخصية التونسية الرائدة في مجملها في العالم العربي و التي كرمت المرأة  هي من نحت علماء زيتونيين و خيرة من علماء تونس.

 

لقد حاولت الولايات المتحدة مرارا نشر القيم الأمريكية في المنطقة العربية لتمهيد الطريق لإرساء ديمقراطيات تسبح في الفلك الأمريكي – كما فعلت في أوربا الشرقية والمعسكر السوفيتي المفكك –  و دعمت لذلك عدد من الأطراف التي لم تجد قبلتها في التفاف الشعوب حولها و لكن في  ضمان الفيتو الأمريكي للاحتماء من الضربات الموجعة للدكتاتوريات القائمة والتي تستهدف كل نفس تغييري طامح للحرية و بقيت الحركات الاسلامية والتنظيمات الوطنية المستقلة عرضة للاستهداف بدون أن تجد لها أي سند قادر على كف ظلم الاستبداد عنها.

 

و كان بالامكان أن تلعب العديد من التنظيمات الأهلية المكونة للمجتمع المدني دورا ايجابيا في كسب الثقة لاحداث  التوازن المطلوب لو اعتدلت في نظرتها للشعوب و انطلقت من وجدانه بعيدا عن التصادم مع ثوابته و يكفى الاشارة هنا الى الدور المهم الذى كان يمكن ان تلعبه على سبيل المثال جمعية النساء الديمقراطيات التونسية – وهي حركة نسائية حقوقية – بعد أن استطاعت أن تكسب صفة العضو الملاحظ بالأمم المتحدة بمساندة من أطراف دولية معروفة ومشكورة على كسرها لاحدى الحواجز المحرمة سابقا…الا أننا نرى غيابا مريبا لها عن المشاغل الحقيقية للمرأة التونسية واهتمامها بقضايا خاسرة ومريبة لا تصب في مصلحة المرأة التونسية واهتماماتها الحقيقية ناهيك أنها أصبحت تنادي بإصلاحات ليست من المطالب الواقعية للمرأة التونسية التي تبقى منتمية للوسط الإسلامي رغم كل محاولات التهميش والتغريب التي تعرضت لها  ومن قبيل ذلك ما تدعو له من نسف النظرية الشرعية في مسألة الارث كما تنادي بذلك الأطراف الغربية وهي تعلم أن المرأة في تونس تعتبر نفسها جزءا من الأمة الاسلامية التى تعتز بمقدساتها و تثق فيها أكثر مما تثق في  ما يروجه أعداء الأمة من تشويه متعمد لصورة الاسلام لكسر شوكته و إضعافه ولتسهيل احتواء أبنائه، ولو أنه تم استفتاؤها في المسائل المقدسة لرفضت التشكيك في ثوابتها و إلا ما معنى وما قيمة  دينها و إسلامها وهي تقرأ قوله تعالى « أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى اشد العذاب »،  فالالتزام الديني ليس مجاملة ولا أفيونا ولكنه أمانة وخلافة و يمكن القطع بأن الذين يقومون بتبني مثل هذه الأطروحات لم يكلفوا أنفسهم عناء دراسة الفلسفة الاسلامية و المقاصد الشرعية للاحكام التى قال عنها رب العزة « و ما  كان لمؤمن أو مؤمنة إذا قضي الله و رسوله أمرا أن تكون لهم الخيرة  » ولو فعلوا ذلك لاستيقنوا أن العزة لا يمكن إدراكها بتبني الفلسفة المادية الغربية القائمة على فلسفة الصراع الاجتماعي والجذب نحو الأنا وتبرير كل الوسائل لتحقيق الغايات – حتى في مستوى العلاقة بين شريكي الحياة – والله يقول  » و لله العزة ولرسوله و للمؤمنين و لكن المنافقين لا يعلمون ». 

 

اتخذت هذه الجمعية هذا الموقف باسم الدفاع عن حقوق المرأة وعن المساواة بين الجنسين في نفس الوقت الذي رفضت فيه الوقوف مع النساء اللاتي تعرضن للاضطهاد لالتزامهن باللباس الإسلامي الشرعي الذي تحظره السلطات وهذا من أبسط الحقوق – حق اختيار اللباس- ولم تكتفي بذلك بل حرضت على ضرورة مقاومة ظاهرة العودة للباس الشرعي باعتبارها ارتدادا عن الحداثة في وقت كانت فيه المرأة في أمس الحاجة لمن يذود عن أبسط حقوقها وحريتها.

 

وهذا هو بيت القصيد و هذا هو الفخ الذي وضع الغرب فيه نفسه عند طرحه لمسألة الديمقراطية في العالم العربي والإسلامي …فالخلط الذي يعتمده استثناء في العالم العربي و الإسلامي في منهجية التغيير الديمقراطي بين ما هو مدني و ديني لا يمكن أن يساعد على خلق جو من الثقة مع الشعوب التي ترفض المساومة بمقوماتها و مقدساتها مقابل منحها حرية على الشروط الأمريكية و مرتكزة على الفلسفة الغربية للحياة و للإنسان…فلكل مجتمع قيم و ثوابت يجب أن تحترم فالديمقراطية التي تطمح لها شعوب المنطقة لا يجب بالضرورة أن تكون على حساب ثوابتها و مصطحبة ضرورة  بالقيم الأخلاقية و السلوكيات الاجتماعية السائدة في الغرب و التي لا علاقة جدلية لها في الواقع بينها و بين فلسفة الديمقراطية السياسية القائمة على التداول السلمي على السلطة و على الشفافية و المحاسبة و احترام الحريات  العامة و الخاصة للأفراد والفصل بين السلطات وغيرها من القيم المجردة.  إن خطأ تسييس الدين لا يقل خطرا على تديين السياسة حتى يتم اشتراط التخلي عن ثوابت الدين لممارسة السياسة و للسماح  بالمشاركة في اللعبة الديمقراطية، إذ أنه لا يمكن فصل ممارسة السياسة و إرساء الديمقراطية عن الوعاء الحضاري و القيمي للمجتمع و إلا ابتدأت الممارسة أصلا بالتصادم مع المجتمع،  كما إن دعم الديمقراطية لا يتم بالادعاء بضرورة  إيجاد نسخة من الإسلام ذات صبغة محلية  منسجمة مع العقلية القطرية السائدة كما أدعى أحد وزراء التعليم السابقين في تونس،  فالدين لدى الشعوب الاسلامية واحد يقول عنه رب العزة « ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين » ويقول « وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا » ولا يمكن أن تولد هذه المواقف والالتفافات إلا الريبة و الازدراء والشكوك و كان من الأجدى أن يقع تجنب الخوض في هذه المسائل أصلا لمن يريد أن يساهم في تحرير المجتمعات  المكبلة بدون استفزاز  لمشاعرها الوطنية وثوابتها العقائدية ولمن يريد أن يدفع صدقا المجتمع إلى التخلص من براثن الاستبداد.

 

و في الأخير فإن العالم العربي الطامح للحرية و الديمقراطية لا يقبل أن يدفع ثمنا   باهظا لها تجعله يضحي بخصوصياته العقائدية و الحضارية و ينصهر بالتالي في قوالب العولمة المصقوله على المقاس الأمريكي…و هو يرى الازدواجية المقيتة لهذا العالم المسمى بالحر وهو يتردد حتى في بداية انطلاق الحوار مع تركيا للانضمام للاتحاد الأوربي فقط لأنه يخاف على هذا الاتحاد أن يفقد صبغته المسيحية كما يقول منظرو الوحدة الأوروبية وواضعي دستور الاتحاد و على رأسهم الرئيس الفرنسي السابق فاليري جيسكار ديستان، كما يرى النفاق المريب للغرب الذي يسمح بتواجد الأحزاب المحافظة و المسيحية اسما  وفعلا في بلدانه و ينكر ذلك على الحركات السياسية التى ترتكز على المرجعية الاسلامية أو القومية  في العالم العربي.  أمام هذا التحدي فإن الشعوب ستختار الاندفاع الذاتي نحو الحرية والديمقراطية والكرامة والذي لا يمكن أن يوقفه لا غرب و لا أذنابه في المنطقة.

 

(هذا المقال من أرشيف جريدة الشعب – لسان الاتحاد العام التونسي للشغل)

 


 

بسم الله الرحمان الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين

 

تونس في 21-02-2006

 

 الحوار بمجلة حقائق مع ثلة من المثقفين في بلادنا يفرض على كل عاقل وملتزم بدينه التعليق والتعقيب على آراء بعضهم حول موضوع الإساءة الى الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم والذي نشرته مجلة حقائق يوم 16-02-2006 .

 

بقلم محمد العروسي الهاني

مناضل دستوري من الحزب الحر الدستوري حزب التحرير وبناء الدولة العصرية تونس

 

اللهم زدنا علما…

 

طالعنا يوم 16-02-2006 أحاديث وتعاليق بعض المثقفين حول الإساءة إلى الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم..

 

وتبين أن هناك بعض العلمانيين يحلقون في فضاء العلمانية ويساندون حرية التعبير والرأي الحر ويؤيدون ما قام به صاحب المهنة الشريفة الصحافة التي زاغ عن القيم والثوابت ومس المقدسات باعتبار أن بلاده لا تحاسب الرأي الحر والتعبير والإبداع ولو كان على حساب مشاعر مليار ونصف من المسلمين المؤمنين بالله ورسوله وكتبه..

 

نعم إن هذا الصحفي لا يعرف مبادئ الإسلام الحنيف ويجهل تاريخه وحضارته ومقدساته ورموز الإسلام والنبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم..

 

نعم أن هذا الأصم لا يفقه ما يفعل ويلعب بالنار..

 

 نعم أنه ربما حاقد على الإسلام وغاضب على نوره الساطع المشرق..

 

نعم كل هذا  صحيح ووارد ولا نلوم على كافر محارب للإسلام وحاقد عليه من خلال صورة خاطئة وأقوال زور منحرفة أو من خلال إعلام مشوه للحقائق يصب في وادي الإعلام الغربي المغرض حسبما صرح به وزير الدفاع الأمريكي يوم الأمس 20-02-2006 حينما قال الإعلام والفضائيات العربية التي ملأت الفراغ في  الشارع العربي ويتابعها مليار ونصف مسلم قال إنه إعلام مغرض ضد أمريكا والغرب.

 

هذا هو رأيهم وهذه أفكارهم المسمومة وهم ضد الإسلام وكما قال رئيسهم بوش ذات مرة يريدها حرب صليبية ثم قالوا زلة لسان …

 

ولكن تلك هي الحقيقة عندهم حربا على الإسلام والمسلمين بدون هوادة من فلسطين إلى لبنان إلى العراق وأفغانستان ثم التحليق في سماء سوريا واليوم في إيران وغدا ربما في دول أخرى  بذرائع شتى  ونعوت متنوعة وبالتحديد الإرهاب كلمة حق أريد بها باطل …

 

حتى أن المقاومة الفلسطينية حركة حماس المجاهدة هي عندهم إرهاب وقامت الدنيا وقعدت عندما نجحت حماس في الانتخابات التشريعية الأخيرة تلك هي ديمقراطيتهم. وفي حزب الله في لبنان نفس الشيء وفي العراق نفس المنهج السفير الأمريكي بالعراق يتدخل لمنع حقائب وزارية للمتحمسين للدين تلك هي ديمقراطية الغرب..

 

هذا نعرفه جيدا أما الذي لم أعرفه وحيرني هو حماس وتتدخل قلة من العرب المسلمين يسمون أنفسهم ب »النخبة المثقفة في تونس »..

 

مع الأسف هذه الدكتورة رجاء بن سلامة قالت في حلقة حوار لمجلة حقائقي التونسية « امتحن المسلمون في قدرتهم على التسامح وخسروا اليوم هذا الامتحان »!!!

 

والله كلام هذه الدكتورة لو تعرضت إليه جملة  وتفصيلا لاقشعرت نفوس مليار ونصف مسلم لأنه يصب في المساندة والدفاع على حرية التعبير(..) وتؤيد الدنمارك وصحافتها وقالت كلاما غير دقيق لا يستحق التعليق..

 

وهو موقف  يعبر عن جهل للإسلام ولرسول الإسلام الذي بعثه الله رحمة للعالمين. قال الله تعالى: » وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين » صدق الله العظيم،

 

والدكتورة قالت في حوارها الطويل « إن الكتاب والمبدعين والصحافيين والرسامين هم أحرار في كل ما يعبرون عنه » وقالت « ما يحدث في رأيي هو عدم وضوح الرؤية وعدم وضوح الحكم الابطيقي والأخلاقي وغياب للاهتمام بمكسب أساسي من المكاسب المدنية هو حرية التعبير وحرية الضمير والمعتقد بصفة أهم »..

 

وقالت الدكتورة « لا ألوم الرسام الذي عنّ له أن يرسم هذه الرسوم لأنني أدافع عن حرية التعبير وحرية الخيال الفني ولعلمكم كنت من المدافعين أيضا على سليمان رشدي … وعن حقه في حرية التعبير وفي الحياة وحرية التعبير لا تقتصر على الرأي بل تشمل الحق في الأدب والفن والكاريكاتور أيضا » … هذا جزء من كلام وحوار الدكتورة وبدون تعليق …

 

وكذلك الدكتور حمادي الرديسي قال في عنوان كبير « ردود هستيرية »..

 

لا أريد مزيد ذكر ما قيل في هذا الحوار الأجوف الأصم المشلول والاذعن، وكان بودي لو حضر الحوار عدد من رجال الدين والعلم والأحاديث وكذلك رجال الفكر المعتدلين والوطنيين الغيورين.

 

لست أدري لماذا مجلة « حقائق » اقتصرت على هؤلاء فقط!!! ولست أدري لماذا هذا الحوار في الوقت الحاضر!!! اللهم إذا كان المقصود منه الوقوف إلى جانب أباطيلهم وطمس الحقائق وإذابة الغضب بهذا الأسلوب الحواري.

 

لكن في الحقيقة والله هذا الحوار الصحفي زاد في الغضب ولم يراع مشاعر المسلمين في تونس العربية المسلمة.. بلد جامع الزيتونة المعمور والشامخ عبر العصور والذي أنجب العلامة محمد الطاهر بن عاشور ونجله الشيخ محمد الفاضل من عاشور والشيخ عبد الرحمان خليف رحمهم الله وغيرهم من العلماء الأفاضل الأجلاّء اللذين تركوا مكتبات ومراجع هامة مفيدة للإسلام والمسلمين.

 

والتونسيون يفتخرون بذلك الكنز العظيم والتراث الهام الذي كان له إشعاع كبير في الداخل والخارج. والشرق والغرب يقدرون علمائنا الأجلاّء رحمهم الله واللذين تركوا فراغا ملحوظا اليوم في الساحة حتى إن بعض المثقفين الحداثيين وجدوا أنفسهم يصولون ويجولون في الساحة دون تعاليق أو ردع من طرف أصحاب الرسالة والعلماء هم ورثة الأنبياء.

 

وكان بودي لو تعرض المشرف على الحوار الصحفي أو قدّم سؤال للدكتورة رجاء بن سلامة هل في حرية التعبير وحرية الرأي في الغرب وبالتحديد في الدنمارك -التي بدأت صحيفة بالتهجم على النبي صلى الله عليه وسلم. برسوم مسيئة إلى ذات الرسول الأكرم.

 

قال تعالى:  » وانك لعلى خلق عظيم. » صدق الله العظيم- قلت لو سأل الصحافي الدكتورة هل يجوز لصاحب الرسوم المسيئة أن يرسم المحرقة اليهودية.. وهل يجوز له أن تتعرض إلى السامية..  وهل يجوز له ذكر أفعال اليهود… الجواب لا  فعلا لا يجوز.

 

وهل يجوز للرسام أن يرسم أفعال التعذيب المستمر بسجن أبو غريب.. والأعمال البشعة.. لا يخاف من رد الفعل والغضب اليهودي والأمريكي.

 

لماذا الدكتورة سكتت على تلك الخطوط الحمراء التي تحدّد من حرية التعبير والرأي عندهم..

 

نعم الدكتورة تعرف حدود التعبير للآخرين ولا تحترم مشاعرنا كمسلمين. وهي دكتورة واسمها رجاء بن سلامة ومن المفروض أن تدافع على مقدستنا وديننا ورسولنا الأعظم صلى الله عليه وسلم. قال الله تعالى » ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى. صدق الله العظيم.

 

ختاما المعذرة للأخوة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها الذين يتابعون الفضائيات و في الإعلام والصحافة السيارة في عالم أصبح قرية في عصر الأنترنات والتكنولوجيا. المعذرة إذا صدر ذلك في بلادنا ومن دكتورة وشخصان آخران هما حمادي الرديسي والحبيب الجنحاني جرفتهم الحضارة الغربية والعلمانية والمدنية الزائفة على حساب أخلاقنا وقيمنا. ولكن التاريخ لا يرحم كل المستهترين بالدين الإسلامي والأديان السماوية من عهد النمرود مرورا بفرعون وهامان وقارون إلى آخر القائمة مهلهم الله ثم  قال الله تعالى: « فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر ». صدق الله العظيم.

 

إنّ عجلة الزمان تدور لصالح الإسلام والمسلمين قال تعالى: » والعاقبة للمتقين. » صدق الله العظيم. ومهما كانت جولة الزمان فإن التاريخ لا يرحم وحساب الدنيا عسير والآخرة اشد وأنكى. قال تعالى: » والساعة أدهى وأمر. » صدق الله العظيم.

 

وكل من تنكر للدين وخرج على ملة الإسلام أو ضّيع حدود الدين وحلل حرامه وحرّم حلاله فعاقبته الخسران المبين. قال تعالى: » ومن يتبع غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ». صدق الله العظيم

 

نم شيخنا عبد الرحمان خليف هنيئا في جنة الفردوس. وإن إخوانك وتلاميذك هم بالمرصاد لكل من يتطاول على الدين الإسلامي ورسول الإسلام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. والشعب التونسي لا يرضى بالاهانة لرسوله الكريم مهما كان مصدرها ومأتاها ولو من أكبر دولة تدعي الحضارة والديمقراطية ولكن في الممارسة اليومية بعيدة على كل أسلوب حضاري وديمقراطي. وما تعذيبهم لشبابنا إلا دليل قاطع على حضارتهم وديمقراطيتهم الزائفة.

 

و إن ممارستهم مع شعب العراق لا تدل على وعي و مسؤولية و ممارسة حضارية بل هي ممارسات عدوانية لا أخلاقية و لا تمت للإنسانية بأي صورة من الصور رغم أنهم يتشدقون بالديمقراطية و يريدون أن يفرضوها علينا بالقوة. طبعا ديمقراطيتهم و سلوكهم و حضارتهم الغربية التي لا تقيم وزنا لمشاعر المسلمين و لا تحترم دينهم و رسولهم العظيم.

 

هؤلاء القوم يتصورون إن الإسلام و المسلمين هم دعاة الإرهاب بينما الواقع و الحقيقة ان الإرهاب كان مصدره و مأتاه من الغرب.  و الإسلام هو داعية إلى التسامح و حوار الحضارات.  وعلمائنا ما إنفكوا يدعون إلى الحوار و التسامح و حب الآخرين بأخلاق عالية و مستوى رفيع للغاية.  و ما نداءات الشيخ القرضاوي و الشيخ عمر عبد الكافي إلا دليل قاطع على النظرة السامية و المستوى الرفيع للحوار طبقا لما ورد في كتابنا العزيز دستور الأمة   » وجادلهم بالتي هي أحسن  » صدق الله العظيم

 

و إن العرب يدركون و يفهمون جيدا رسالة الإسلام و لكنهم مع الأسف يتعمدون إلى الإساءة المستمرة لديننا و أبناء جنسنا غايتهم طمس الحقائق و حماية الدولة العبرية و الدفاع عن مصالحهم و امتصاص ثروات و خيرات الأمة الإسلامية و العربية بما في ذلك النفط الذي شجعهم على التمرد والاعتداء على الشعب العراقي و ثروته باسلوب و دعاية مغرضة السلاح النووي : وهم يدركون أن العراق لا يملك هذا النوع من السلاح و لكن الغاية تبرر الوسيلة مهما كانت قذرة.

 

 و اليوم نفس السيناريو مع إيران الدولة الإسلامية التي من حقها أن تستعمل التجارب النووية في السلم. و لماذا تصمت أمريكا و حلفائها على النووي التي تملكه إسرائيل منذ سنوات و لم تتجرأ في يوم أن تقول لإسرائيل كفى من انتشار السلاح النووي الذي لا يخدم الاستقرار و السلم في الشرق الأوسط،

 

و الجميع يعلم أن أمريكا و حلفائها لهم مكيالين يستعملون مكيالا للعرب و المسلمين و الآخر مسكوت عنه. هذه حقيقة لا غبار عليه يعرفها الجميع و لكن مع الأسف إن الدول الإسلامية و العربية لم تتوحد لأخذ موقف من هذه القضايا حتى يفهم الغرب و يدرك إن في وحدة العرب و المسلمين قوة و مناعة يقرأ لها ألف حساب، لو توحدوا و نردد الآن أين الملايين أين الجماهير يا عرب يا مسلمين أنهضوا من سباتكم العميق و قولوا كلمتكم المدوية العالية لرفع راية الإسلام خفاقة و نصرة دينكم الحنيف ورسالته سيد الخلق أجمعين صلى الله عليه وسلم.

 

ختاما و للتاريخ و للذاكرة الوطنية و الشعبية أن أمريكا عندما خلع الشاهنشاه من إيران- رغم أنه صديق حميم و حليف إستراتيجي لأمريكا- يوم أن تنحى عن الحكم في سنة 1979 و طلب اللجوء إلى أمريكا رفضت طلبه و لم تقبله و قضى بقية عمره في مصر..  تلك هي صداقة أمريكا أسوقها للعبرة و الدرس. قال تعالى » و ذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين  » صدق الله العظيم.

 

أما في خصوص نصائحهم لأمتنا بممارسة الديمقراطية على النمط الغربي نذكرهم بقول الله تعالى: « يقولون ما لا يفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون  » صدق الله العظيم.

 

محمد العروسي الهاني

مناضل من تونس بلد جامع الزيتونة المعمور وشيخ المالكية الشيخ عبد الرحمان خليف رحمه الله


 

عندما تتطيب المرأة بعبير الهيجاء …

المرأة المقصودة هنا هي المجاهدة الشهيدة أطوار بهجت , ذلك الفارس الاعلامي الشهم الذي إخترمته أيدي الغدر في سامراء العراق اليوم الخميس من أواخر شهر المحرم الحرام .

أحدث الاحتلال الامريكي للعراق قبل سنوات ثلاث تحولا عجيبا في حياة الشهيدة الكريمة التي كانت صحافية مغمورة عادية في بعض القنوات وشاعرة تقرظ ديوانا في الحب فما إن دنس الامريكان أرض الخلافة العباسية  ومهد الاصحاب الابرار حتى تمحضت لتحرير بلادها بالسلاح الذي تجيده وهو ذات السلاح الذي قال فيه الشاعر :

جراحات السنان لها إلتئام ـــ و لايلتئم ما جرح اللسان

 سلاح الكلمة الذي أثبت في كل المعارك التحريرية العظمى أنه لا يقل شأنا عن السلاح العسكري لا بل تقدم عليه في زماننا خاصة وليس أدل على ذلك من تخطيط الامريكان لضرب قناة الجزيرة في الدوحة فضلا عن تحقيق ذلك فعلا في كابل وبغداد لا بل ليس أدل على ذلك من التصريحات الامريكية الرسمية المتعاقبة على فشلهم في إدارة المعركة إعلاميا  ولم يكن تأسيس قناة الحرة الامريكية سوى ترجمة لاولوية سلاح الكلمة على السلاح العسكري مهما كان تدميريا صاعقا ماحقا .

لم يعد للحب في إهتمام الشهيدة الكبيرة مكان صدارة بعد أن صرم الاحتلال أولويات إمرأة عراقية قحة شابة شاعرة ناهزت لتوها عقدها الثاني .

تماما كما أنه لم يعد لعدم الالتزام بتعاليم الاسلام مكان في حياة الشهيدة البطلة ولقد سر بالتأكيد كل مسلم على وجه البسيطة وهو يفاجأ بالاعلامية أطوار ـ مراسلة الجزيرة يومها ـ تظهر على الشاشة الفضائية متلفعة بزي إسلامي أسفر به حسنها سفور بدر منير يمخر عباب سحب متلبدة كثيفة وبالحسن يسفر الحجاب دوما كما قال زميلها الشاعر العراقي الكبير أحمد مطر.

لم يعد الاسلام في حياة الشهيدة الكبيرة أطوار ـ عليها من الله سبحانه أفضل الرحمات وأزكى الرضوات ـ مجرد إنتماء يورث كما يورث المتاع بل تحول بعد ما طغى الفساد الامريكي على ربى بغداد ـ عاصمة الرشيد ـ إلى ثورة للتحرير الوطني .

أبت الشهيدة الكريمة برغم تحذيرات زملائها سوى إقتحام تخوم المرقد الذي إعتدي عليه ظلما وزورا وبهتانا  في وفاء مهني عجيب وشجاعة إسلامية عظيمة وتحد سافر للاحتلال الامريكي من جهة ولمواري نيران الفتنة الطائفية من جهة أخرى وكان يسعها ـ كما وسع عشرات من زملائها ـ يومها بالذات أن تتخلف عن الهيجاء وترقب حركة الوغى الدائرة عن بعد .

كان يسعها ذلك وأكثر منه لولا أنه لم  يقر في روعها منذ اللحظة التي داس فيها المحتل بلادها بأنها لم تعد شاعرة إعلامية وإمرأة جميلة في مقتبل العمر تطمح إلى ما يطمح إليه مثيلاتها في الشرق والغرب فحسب  … أجل ماتت أطوار القديمة العتيقة ودفنت نفسها بنفسها تحت أكوام ديوانها الشعري الجميل وولدت منها أطوار جديدة أكثر وفاء لمهنتها ـ مهنة المتاعب كما يقال ـ وأكثر وفاء لوطنها ورسالتها في الحياة …

القلم في بنان أطوار الشهيدة أسنة ناشبة في صدور المحتلين

والصوت الاعلامي الصادق في في أطوار العظيمة رماح مغروزة  في خواصر الامريكان

والشاشة الفضائية عند أطوار الكريمة ساحة  وغى حامية ملتهبة وهيجاء مسعرة تحت أقدامهم

 

إستشهاد أطوار رسالة إلى كل أنثى عربية أو مسلمة تقول : عبير السنابك أطيب من كل طيب

إلتزام أطوار بالاسلام وبالمهنة رسالة تقول : الحياة قصيرة جدا لو توقفنا يوما واحدا  لنراها

مهنة أطوار رسالة تقول : الجهاد الاعلامي جهاد إسلامي أصيل قال فيه من شرعه وإلتزمه عليه الصلاة والسلام للاعلاميين في عصره من مثل إبن رواحة وحسان  » إنك لتسفهم المل « .

لو لم تسف الشهيدة الكريمة العظيمة أطوار بهجت الامريكان المحتلين وأذنابهم في العراق وإسرائيل ملا حاميا ولظى رامضا وسعيرا أورته بقلمها ولسانها وشاشتها … لما إغتالوها ولو لم تكن تلك الشابة العراقية الصغيرة المتألقة مخلصة لله في إلتزامها ومخلصة له في مهنتها لما من عليها سبحانه بالشهادة في سبيله أم تظن أن مراقي الشهادة نزهة طريفة قصيرة ؟

اللهم إرحم أمتك أطوار بهجت وأكتب لها من فضلك شهادة في سبيلك وإجعل دماءها الزكية الطاهرة لعنات تلاحق المحتلين وأذنابهم في العراق وخارجه وأنبت بها وردات جميلة وزهرات طيبة شذية تعيد للعراق سؤدده ومجده التليد وأمنه الفقيد . اللهم آمين .

الهادي بريك / ألمانيا


بيان تضامني مع الزميل الإعلامي سليم بوخذير وموقع قناة العربية

ألمانيا في 21-02-2006

 

 تابعت هذا اليوم الثلاثاء 21-02-2006 الموافق ل22 محرم 1427 هجري وبقلق شديد أخبار ماتعرض له الزميل الصحفي مراسل قناة العربية السيد سليم بوخذير من اعتداء بالسحل في أحد شوارع العاصمة تونس من قبل مجموعة من رجال الأمن وذلك حينما كان بصدد التوجه الى المشاركة الاعلامية في ندوة صحفية اعتزمت هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات القيام يها

 

واذ نسجل بهذه المناسبة المؤسفة تضامننا الكلي والمبدئي مع زميلنا مراسل العربية نت في تونس ,فاننا نؤكد على مايلي من نقاط وملاحظات

 

أولا-نشجب بشدة استعمال مسلك العنف مع رجال الاعلام وبالتالي نعتبر ماتعرض له زميلنا الأستاذ سليم بوخذير اعتداء شرسا على حرية الاعلام والصحافة في تونس

 

ثانيا -نؤكد وبكل حزم وشدة على حق موقع  العربية نت كما قناة العربية في تغطية الشؤون السياسية وغيرها من المجالات ببلدنا تونس ,ونعتبر أن غلق موقع العربية منذ تاريخ انعقاد قمة مجتمع المعلومات يشكل اعتداء سافرا على مبدأ حرية التعبير والاعلام الذين تعهدت السلطات التونسية باحترامهما على مستوى النص القانوني والدستوري وعلى مستوى المواثيق الدولية المعتمدة في هذا الغرض

 

ثالثا-نعلن عن تضامننا المبدئي أيضا مع زميلنا لطفي الحاجي مراسل الجزيرة نت ونقيب الصحفيين التونسيين الذي منع هو الاخر من الحضور والمشاركة في نفس الندوة الصحفية لهيئة الحقوق والحريات,ونعتبر ذلك ليس فقط اعتداء على الحريات الأساسية,بل أيضا مصادرة لحق الفضائيات العربية ومواقعها الاليكترونية المهنية والمحترفة في تغطية الحدث الوطني والسياسي في تونس

 

رابعا-ندعو زملاءنا الاعلاميين والصحفيين الى التمسك الجماعي والمنظم ضمن الأطر الوطنية والمهنية العالمية بحقهم في العمل الحر والمستقل ضمن مقتضيات الاعلام الناضج والسلطة الرابعة ذات الاستقلالية العالية

 

خامسا-ندعو نقابة الصحفيين في تونس وكل الهياكل الاعلامية النقابية العربية وغيرها من الهياكل الدولية الأهلية المتعهدة بحماية رجال الاعلام,الى التنسيق المشترك من أجل وضع حد نهائي لهذه الخروقات والاعتداءات على قطاع الاعلام السمعي والبصري في تونس

 

سادسا- وأخيرا نحيى قناة العربية وموقعها كما مراسلي هذه المؤسسة الاعلامية الرائدة على مايبذلونه من جهود معتبرة ومضنية ومحفوفة بالمخاطرات من أجل الارتقاء بوعي ونضج المواطن العربي في مختلف ربوع المعمورة,ونشد على أياديهم من أجل مواصلة مشوارهم المكلل بالنجاحات برغم مناخات التضييق والمصادرة والاعتداء التي تسود بعض بلادنا العربية

 

الامضاء

مرسل الكسيبي

كاتب واعلامي تونسي

ألمانيا في 21-02-2006م

الموافق ل22 محرم 1427 هجري


بسم الله الرحمن الرحيم
 

 
هل تكون الليبيرالية بديلا سياسيا بالمنطقة العربية؟
 

مرسل الكسيبي

reporteur2005@yahoo.de

25-02-2006

الموافق ل25 محرم1427هجرية

في تقرير أخير لوكالة رويترز للأنباء وعلى اثر زيارة الانسة كوندليزا رايس لمصر يوم الأربعاء الفارط 22 فبراير 2006 أوردت الوكالة المذكورة انفا مايلي

دعت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندليزا رايس منظمات المجتمع المدني في مصر إلى تنظيم نفسها والتنسيق فيما بينها، في حين شكا عدد من الليبراليين من أن الحكومة المصرية تساعد المعارضة الإسلامية عبر خنق الأنماط الأخرى للنشاط السياسي

وحثت رايس سبعة ليبراليين من أعضاء منظمات المجتمع المدني المصري، خلال اجتماعها معهم الأربعاء 22-2-2006 بالقاهرة، على تنظيم أنفسهم، وأن يخاطبوا الحكومة « بصوت منسق »

وتعهدت بأن الولايات المتحدة ستواصل الضغط على الحكومة المصرية لتنفيذ برنامج الإصلاح السياسي الذي وعد به الرئيس حسني مبارك خلال انتخابات العام الماضي -الرئاسية والبرلمانية _ انتهى نص وكالة رويترز

ماأوردته سيدة الخارجية الأمريكية من تصريحات أدلت بها الى سبعة من قادة المعارضة المصرية استقبلوا على هامش زيارة الانسة رايس لمصر شكل بلا شك حدثا نوعيا لم نتعوده سلفا في سياسة الدولة الأعظم,ومايلفت النظر بشكل أكبر هو قصر هذا الاجتماع على قادة علمانيين دون أن يتعداه الى من يمثل تيار الاخوان المسلمين الذين انتخبوا منذ أسابيع فقط كخمس ممثلي الشعب المصري,واذا كانت الخارجية الأمريكية قد تعودت على استقبال وفود من ممثلي المعارضات العربية في سفاراتها بالبلدان المعنية أو ربما في مقراتها المركزية بواشنطن الا أن هذا الاستقبال الأخير يشكل تحولا جديدا وربما قد يكون مفصليا في مسار الأنظمة السياسية العربية ,فهل يكون مثل هذا اللقاء خطوة جدية على مسار الاصلاح السياسي بالمنطقة العربية والاسلامية ؟ وهل نكون أمام قصر اللقاء على قادة الليبيرالية العلمانية أمام ابن مدلل جديد بمنطقة الشرق الأوسط الكبير؟ وهل التعاطي مع المعارضة أمريكيا سيسهل من تسريع وتائر التغيير ؟

هل هي خطوة جدية على طريق الاصلاح؟ 

منذ يومين فقط قرأت تقريرا سياسيا أكدت فيه الادارة الأمريكية عزمها على المضي قدما في مسار الضغط على الحكومات من أجل تعزيز مسار الاصلاح السياسي بمنطقة الشرق الأوسط الكبير ,ولقد جاء هذا التقرير ليقطع الشك باليقين بعيد ماأوردته جريدة الفايننشال تايمز البريطانية منذ أسبوع تقريبا من معلومات عن تقارير وضعت بين يدي الرئيس الأمريكي وادارة المحافظين الجدد من أجل تعديل سياساتهم بالمنطقة العربية بعيد ظفر حماس بأغلبية مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني ,ولقد أكد هذا التقرير الجديد أن فوز بعض الحركات الاسلامية بنسبة عالية من أصوات الناخبين سوف لن يشكل الا مرحلة انتقالية لابد منها قبيل أن ترسو الأجواء والمناخات العامة بالمنطقة على تضاريس ليبيرالية مرتقبة

ولئن كان واضحا من خلال هذا التقرير أن الادارة الأمريكية لم تكن نادمة على الاشراف على الانتخابات الفلسطينية ضمن اطار مايعرف باللجنة الخماسية التي احتضنت مجموعة من الدول الكبرى,الا أنه لايزال غير واضح فيما اذا كان قادة الدولة الأعظم قد حسموا الأمر باتجاه التعامل البراغماتي الواقعي مع قادة الحركات الاسلامية المعتدلة ,أم أنهم قرروا في أجنداتهم جعل هذه الحركات أما مأزق تكاليف الحكم واكراهاته في ظل مجتمع دولي وصناعي غير متعاون

وعلى العموم فانه وبلاشك أن ادارة الدولة الأعظم تنظر بعين القلق الى تراجع شعبية حكومات المنطقة ,ولكنها تبحث عن بديل معقول ومقبول لصالحها ومصالحها بما يترتب عنه تخفيفا من حالة الاحتقان العام التي تعيشها المنطقة,وفي هذا الاطار يتنزل تقديرا لقاء الانسة رايس مع الزعماء الليبيراليين الجدد الذين مثلهم في زيارتها لمصر كل من الد.سعد الدين ابراهيم الشخصية الشهيرة والمثيرة للجدل وطارق حجي الاداري بصناعة النفط وطاهر حلمي عن المحامين المصريين وهشام قاسم المقرب من السجين السياسي أيمن نور الى جانب رئيس الغرفة التجارية الأمريكية بمصر ومثقفين اخرين عرفوا جميعا باتقان لغة شكسبير

 هل يشكل هؤلاء القادة ابنا ليبيراليا مدللا ؟

لاننس في سياق تحليل دلالات الخبر الذي أشارت اليه رويترز بأن الانسة رايس وكما هو معهود استقبلت ضمن نفس هذا السياق وبالكاد سياقات أخرى تتعلق بتطورات الوضع العراقي والفلسطيني من قبل الرئيس المصري حسني مبارك ,وبلا شك فان نتائج الانتخابات المصرية وماألقته من ظلال ومخاوف لدى صانعي القرار المصري وجزء من النخب المعارضة كان هاجس مداولات بعضهم معها حيث دعى طارق حجي في حديث معها على حد ماأوردته بعض وكالات الأنباء الى« إلى أن تقدم الولايات المتحدة المشورة للحكومة المصرية بشأن كيفية « سحب البساط من تحت أقدام الإخوان المسلمين

ولفت إلى أن محاولة استئصال الإخوان المسلمين سيكون عملا غير ديمقراطي بالمرة، « وبالتالي فإن المسألة بالنسبة لنا (كليبراليين) هي كيف يمكن أن ننافسهم »

وتابع قائلاً: « أنا لا أفهم أبدا لماذا لا يحب النظام المعارضة.. إن بإمكاننا معا أن نبني مجتمعا مدنيا، ونتجنب التغيير الثوري ». يراجع في ذلك تقرير للاسلام أون لاين بتاريخ 22-02-2006 

واذا ماأخذنا بعين الاعتبار كلام الاداري النفطي طارق حجي ومابلغه نصه من دلال سياسي الأبعاد والمعنى ,واذا ماعلمنا أن الخارجية الأمريكية صرحت بأنها لاترغب في لقاء قادة من الاخوان بناء على طلب رسمي من الحكومة المصرية وذلك على اعتبار أن حزبهم يشكل كيانا يفتقد للاعتراف القانوني ,فانه أمكن القول بأن استراتيجية الاصلاح الأمريكي ستبقى متراوحة في المرحلة الحالية بين التعامل الواقعي مع أنظمة المنطقة مع التقرب أكثر باتجاه نخب منتقاة ترى فيها الادارة الأمريكية بدائل سياسية محتملة ومعقولة

غير أن مايصلنا من أخبار عن تقرب ادارة البيت الأبيض من قادة بعض التيارات الاسلامية المعتدلة والحرص على ترتيب لقاءات ولو بطريق الوسطاء يطرح السؤال حول مااذا كانت هذه اللقاءات مجرد مبادرات للتفهم والاستعلام السياسي أم تبادلا لبقا لوجهات النظر أم أن الأمر يتجاوزها باتجاه التعاطي البراغماتي مع قادة وتيارات تحمل وراءها كثيرا من الثقل الجماهيري ,وبالتالي أمكن القول حينئذ أن المقصود بالابن المدلل ليس العلماني الليبيرالي فقط وانما الاسلامي الذي يحمل قناعات ليبيرالية

ولعل الزيارة المرتقبة للدكتور سعد الدين بن عثمان الأمين العام لحزب العدالة والتنمية المغربي الى الولايات المتحدة ,أضف الى ذلك انفتاح الادارة الأمريكية على مركز الديمقراطية والاسلام بقيادة الدكتور رضوان المصمودي والمشاورات السياسية التي جرت قبيل تولي العدالة والتنمية التركية للسلطة أضف الى ذلك الحديث عن رغبة بريطانية في الحوار المباشر مع قيادات تيار الاخوان المسلمين في مصر وغير ذلك من معطيات قد تكون أحيطت بنوع من التكتم ,كل ذلك يدل على أن الحوار الأمريكي ليس جاريا فقط مع قادة ليبيراليين وانما يتعداه الى مدارس سياسية أخرى

هل التعاطي الأمريكي مع هذه المعارضات يسرع من وتيرة الاصلاح ؟

بمنطق العقل والحسابات فانه من حق كل تيار أن يكسب ود الادارة الأمريكية ,وبمنطق العقل والحسابات من حق هذه التيارات أن تقترب من فهم المراد الأمريكي ,كما أنه بنفس المنطق يحق لهذه الادارة أن تخطب ود هذه الحركات وذلك اعترافا منها ببعدها الاجتماعي وماتشكله من ثقل سياسي ,ولكن يبقى السؤال مطروحا حول مااذا كان حرص بعض هذه التيارات على اعلان لقاءاته بالمسؤولين الأمريكين يخدم العلاقة بالجمهور ,وعلى العكس حول مااذا كان التكتم على هذه اللقاءات يخدم مصلحة التغيير ووتيرته بالمنطقة العربية

وحول هذا السؤال نجد الاجابة واضحة بأن الدافع الى قرب قادة هذه الحركات من صانعي القرار الأمريكي يتنزل في اطار ازالة فيتو المخاوف الغربي من تولي بعض هذه الحركات لادارة الشأن السياسي العربي والاسلامي ,أما عن التكتم الذي يحيط بعض لقاءات قادة المعارضات الاسلامية بهذه الادارة فانه يرجع الى حزازية في الشارع العام تجاه قضايا تمس الشأن العراقي والفلسطيني وربما قضايا أخرى تتعلق بالوضع الدولي

لكن لسائل أن يسأل مالذي جعل قادة الليبيرالية العلمانية في مصر لايخفون لقاءهم بالانسة رايس؟ ولعل الجواب قد يكون من قبل البعض بأنه الضعف السياسي والافتقاد الى الأوزان المؤثرة,في حين يذهب البعض الاخر الى ارجاع الأمر الى الحرفية السياسية لدى قادة التيار العلماني ومايتمتع به هذا التيار من قدرة على المرونة السياسية

على العموم وبلا شك أن الكل يدرك أهمية رضى الطرف الأمريكي في أي معادلة سياسية جديدة ,كما يوقن الكل بعواقب غضبه وسخطه,غير أن الهام بين هذا وذاك هو أن الأمر سوف لن يتقدم بمسار الاصلاح بالمنطقة اذا بقي في نطاق البريستيج السياسي الذي يقتصر على لقاءات الصالونات الفاخرة وتبادل الابتسامات أمام عدسات وسائل الاعلام ,فالمطلوب حينئذ تفهم متطلبات الشعوب وشوقها الجارف الى استنشاق نسائم الحرية ومعايشة أنظمة ديمقراطية حقيقية تعطي الاعتبار لكرامة المواطن وتحترم ارادة الجماهير عند الانتخاب وتتفهم رغبة الدول في الأمن والاستقرار في ظل علاقات مبنية فيما بينها على حسن الجوار والتعاون المثمر الذي يخدم مصلحة الشعوب وفي بعد تام عن الشعور بالغبن أو الهيمنة أو التعالي الثقافي أو السياسي …ويعني هذا بصريح العبارة أن المطلوب من قادة الرأي والشأن السياسي ولاسيما من معارضات بلادنا أن يستثمروا علاقاتهم الديبلوماسية والدولية بما يعزز أمن واستقرار بلادهم ويخدم مصلحة شعوبهم ويحقق مناخات سياسية أفضل تضمن اخراجنا من واقع الانسداد والانغلاق والتخلف العام وذلك في ظل مراعاة لعلاقات دولية مبنية على روح التعاون ولكن على أساس عادل يقر بحق الشعوب في حماية خصوصياتها الثقافية والاجتماعية وتطلعاتها النفسية الى رؤية المنطقة بعيدا عن واقع الاضطراب واللا استقرار 

 
مرسل الكسيبي
كاتب واعلامي تونسي
ألمانيا في 25-02-2006
25-01-1427 هجري

 

 


 

قصــة قصيــرة :

ولي من أولياء الله الصالحين!

د. خالد الطراولي

ktraouli@yahoo.fr

 » …إن العالم يتحرك ويجب اللحاق به… لن نركب صهوة جواد ولا ناقة ولكن صهوة حاسوب، فهو نجاتنا وهو غياثنا، به نحيا وعليه نموت، يجب الحرص عليه وحراسته من كل زيغ وانحراف..لا تتركوه في أيدي لا تعرفونها ولا لأرجل لا تستطيعون اللحاق بها…. حذار حذار فهي أمانة… »

 كانت كلمات موظف الوزارة جهورية رنانة مخيفة وهي تتسلل بين مجموعة مديري المدارس الذين حظروا هذا التجمع، لقد قررت الوزارة مشكورة إهداء كل مدرسة حاسوبا حتى يتعلم التلاميذ ويكتشفون العالم من حولهم…

 » سي الهادي  » مدير مهموم يحب مدرسته ويتفانى في خدمتها لكنه يحب وزارته ويبالغ في الانصياع لأوامرها، فهم صاحبنا عظم المسؤولية وضخامة التحدي الملقى عليه وظلت كلمات موظف الوزارة تنطق داخله وتخيم على بنات أفكاره،…  » حافظوا على الحاسوب.. لا تتركوه في أياد ضالة مضلة… » أخذ سي الهادي الحاسوب وتسلل به ليلا بعيدا عن أهل السوء ومن يريد بالحاسوب شرا ووضعه على مكتبه وتحت عينيه بعيدا عن العيون، شعاره في ذلك « الماء اللي ماشي للسدرة الزيتونة أولى به »

لم ير التلاميذ حاسوبا، غير أن إشاعة بدأت تدب في أنحاء المدرسة بعد أن قلّ ظهور السيد المدير وكثرت غيبته في مكتبه… » السيد المدير اعتكف وأصبح من الزاهدين »! وتغيرت نظرة التلاميذ لمديرهم وأصبحوا ينظرون إليه نظرة المريدين لشيخهم… وهم ينتظرون كل يوم خروجه من كهفه! حتى عمّ الخبر أرجاء القرية أن السيد المدير وليّ من أولياء الله الصالحين… وأن كراماته ملأت السهول والوديان، وأن يده تجمّد الماء…

لقد  أصبح « سي الهادي » يتحدث بكلام غامض لا يفهمه القاصرون، أغلبه همهمة وآهات… يتحدث عن حرية وحقوق إنسان، ومحسوبية وفساد وعدل وإنصاف. وعمت الفرحة أرجاء البلد وسعدت القرية بوليّها، وتسابق الناس نحو المدرسة مصطفين أمامها يحملون بيضا ودجاجا هدية لسيدي الشيخ وطلبا لبركة من بركاته!

وفي صباح يوم ممطر مظلم من أيام الشتاء القاسية لهذه القرية النائية، وقفت سيارة غريبة أمام المدرسة، خرج منها غرباء، توجهوا سريعا إلى مكتب المدير، وبعد برهة خرج الجميع وفي رفقتهم « سي الهادي »… مصحوبا بالحاسوب… وغادرت السيارة القرية مسرعة وهي تحمل راكبها الجديد  تاركة ورائها شعاعا من الشمس بدأ يطل من وراء السحاب، ودفئا حريريا بدأ يغزو الآفاق!

المصدر

:  موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي www.liqaa.net


 

من التوتسي والهوتو إلى السنة والشيعة

بقلم: برهان بسيس

 

لعلّ الصّدفة وحدها تلك التي جعلت نذور الفتنة الطائفيّة في العراق المطلة منذ يومين عبر بوّابة تفجير المراقد والمساجد تتزامن مع مشاهدتي لفيلم «نزل رواندا» الذي يروي قصّة المجازر العرقية البشعة التي عرفتها رواندا خلال تسعينات القرن الماضي بين المكوّنين العرقيين الرئيسيين لمجتمعها: التوتسي والهوتو.

 

للمأساة الرواندية طابع متشابك يقترب من المأساة العراقية!! ظلّت الأغلبية «الهوتو» تنظر للتوتسي كأقليّة محظوظة تملك معظم مفاتيح الامتياز التي منحها لها الاستعمار البلجيكي ولما حان الوقت لتصفية هذا الإرث الظالم انطلق مارد التصفية العرقيّة بمجرّد سقوط صفقة السلام بمقتل الرئيس الرواندي الجديد المنحدر من «الهوتو» في حادث تفجير طائرته.

 

بدأت حملة تقتيل وحشي قادتها ميليشيا الهوتو ضدّ نساء وأطفال ورجال التوتسي أمام صمت دولي مشبوه لم تتحرك بعده القوى الدولية الكبرى المعنية بالشأن الرواندي سواء فرنسا أو بلجيكا أو الولايات المتحدة إلاّ بعد أن حصدت المجزرة مئات الآلاف من الأرواح المقتولة بأساليب بشعة ومغرقة في الوحشية سواء في حملة الهوتو ضدّ التوتسي أو في ردّ فعل ثوّار التوتسي الزاحفين على العاصمة «كيغالي» ضدّ الهوتو.

 

ما حصل في رواندا مثّل بالفعل إحدى عناوين العار على الضمير الإنساني ولم يفعل فيلم «نزل رواندا» سوى أن ترجم المأساة عبر خزّان من المشاعر والأحاسيس المرهفة التي حرّكت كفاح مدير نزل من الهوتو لإنقاذ عائلته وكلّ من لجأ إلى نزله من التوتسي هروبا من المجزرة.

 

شاشة التلفاز نفسها التي شاهدت من خلالها شخوص الفيلم وأحداثه هي التي كانت قبل ذلك بدقائق تنقل لنا عبر أخبار الفضائيات أحداث الاحتكاك الطّائفي الأخير في العراق بعد حادثة تفجير المرقد الشيعي وردود الفعل المقابلة بحرق بعض مساجد السنّة.

 

لعلّ تشابها ندعو الله ألاّ يشمل حدّة التطاحن وحصيلته المأساوية هو ما يضع قصّة الصراع توتسي/هوتو قريبة في جذورها وخلفيتها من قصّة الاحتكاك سُنّة/شيعة.

 

ظلّت الأغلبية الشيعية في العراق تنظر للسنّة كطائفة محظوظة على مرّ تاريخ الدولة العراقية المعاصرة من النظام  الملكي إلى النظام الجمهوري بلافتاته المختلفة حيث كانت نخبة الحكم المتنفّذة في الغالب سنية المنشأ والمذهب.

 

عادة ما تزيّن الموقف الشيعي في العراق تحديدا وهو المعروض غير بعيد عن أجواء التشّيع الإيراني المجاور بنزعة الشعور بالغبن المكثّف كحصيلة لالتقاء ميراث شيعي موغل في استبطان المأساة وطقوس الحزن والعذابات الحسينية برصيد من المآسي المعاصرة تعلّقت بمشاعر الاقصاء والتهميش والاستهداف التي كثّفتها القصة المعقدة لصدامهم مع نظام البعث العلماني.

 

جاء الاحتلال الأمريكي ليغيّر معادلة الغبن وينقلها من الصفّ الشيعي إلى الصفّ السنّي الذي أخذ موقعه الجديد كأقليّة طائفيّة مستهدفة من طرف الغازي الأمريكي الذي دخل العراق بمباركة وتحالف ومساندة شيعية تصرّ في العملية السياسية الجديدة أن تكون السلطة ملكا للشيعة كأغلبية أفرزتها انتخابات لم تقم رغم بهرجها الشكلي على برامج وسياسات بل على قسمة ومخاصصات طائفية.

 

عناصر الصورة هي نفسها، تداول في الموقع بين طائفتين تتبادلان حسب المرحلة التاريخية شارة القيادة والنّفوذ في سياق معادلة الأغلبية والأقلية التي تتحكّم في خيوطها عن بعد تارة وعن قرب شديد طورا آخر قوى استعمارية كان لها السّبق منذ قرن في الحضور في قلب اللعبة مع بريطانيا لمراحل طويلة والآن مع الغازي الجديد الآتي لتوّه لاهثا دون أن يكون له علم وخبرة بتفاصيل التقاطعات الطائفيّة الدقيقة وتداعياتها السياسية بمثل خبرة حليفه البريطاني.

 

لعلّ الغازي الأمريكي اللاّهث وراء صفقة احتلال العراق لم يجد الفرصة لتدريب أنفه على الشمّ أبعد من رائحة النّفط ولم يكن يدرك أنه من أجل الوصول إلى بئر الذهب الأسود لا بدّ له أن يمرّ عبر طريق معقد حافل بالتقاطعات الطائفيّة وفسيفساء التصادم التاريخي الممتدّ منذ مشهد مقتل الحسين إلى مشهد تشكيل حكومة الجعفري التي بدأ الأمريكان التلميح إلى عدم ارتياحهم لملمحها الطائفي.

 

في مثل هذه المناخات المشحونة بنذور الفتنة الطائفيّة التي تتجوّل ببشائر الموت بكامل طقوسه وأزيائه المسترجعة من غياهب التاريخ بشهادة ومُباركة القوى الكبرى المجسّدة لعالم الحداثة القصوى يبدو التقاء الخوذة الأمريكية الحديثة بالعمائم الشيعية والسنيّة المُتناطحة ملمحا جديدا من ملامح الغرابة العراقية أو لنقل بعضا من تراتيل سرّ الشرق، عبث الشرق أو سحره الخطير!!!

 

(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 24 فيفري 2006)


 

هل تشعر النخب الحديثة بأن « الغرب » قد خانها؟

صلاح الدين الجورشي – تونس

 

لا زالت قضية نشر صور الكاريكاتير المسيئة للنبي محمد مثار جدل واحتجاج بين المسلمين والأوروبيين. بعض الأوساط الغربية لم تستوعب أن تأتي ردود فعل النخب المحلية الحديثة رافضة أيضا ومحتجة على تحامل الكثير من الغربيين مع منطقتهم، خاصة فيما يتعلق برموزها الثقافية.

 

بلغت قضية نشر صور الكاريكاتير المسيئة للرسول ( ص ) إلى مرحلة حوار الطرشان بين المسلمين والأوربيين. فكل واحد من الطرفين يتمترس وراء خطابه ورؤيته لمعالجة هذا الموضوع، الذي بقدر ما يبدو بسيطا في شكله، إلا أن تطور الحدث كشف عن تعقيد شديد الصعوبة وأظهر حساسية بالغة. وقد أثار هذا التعقيد وهذه الحساسية دهشة الغربيين الذين لم يتوقعوا أن تثير صور ساذجة زوبعة ضخمة لا يعرف أحد متى تهدأ، ولا كيف يمكن محو آثارها.

 

ليست هذه المرة الأولى التي يثبت فيها جزء من الغربيين جهلهم بالمنطقة، وعجزهم عن اكتشاف الآليات الثقافية وحتى السياسية التي تتحكم في صياغة المواقف واتجاهات الرأي العام. لكن لعل الصدمة الأكبر التي تلقاها هؤلاء في أعماقهم، تتمثل في مواقف النخب الحديثة بالبلدان العربية والإسلامية، التي جاءت في غالبيتها الساحقة مستنكرة لهذا « الاستفزاز » المجاني، ومؤيدة للاحتجاج ضد القائمين به، وإن كان الكثير من مثقفي هذه النخب قد أدان مظاهر العنف، ودعا إلى التعبير عن الرفض بوسائل حضارية.

 

فالغربيون يتفهمون أن تتصدى القوى المحافظة في العالم العربي والإسلامي، وداخل أوروبا لأي مساس بالمقدسات الإسلامية، حتى لو جاء هدا المساس في شكل « دعابة سمجة »، لكن الذي لم تستوعبه بعض الأوساط الغربية هو أن تأتي ردود فعل النخب المحلية الحديثة – التي تعتبرها قريبة منها في التكوين الثقافي – رافضة أيضا ومحتجة على تحامل الكثير من الغربيين مع منطقتهم، خاصة فيما يتعلق برموزها الثقافية.

 

 صدمة

 

في هذا السياق، تعتبر تونس مثالا جيدا لإبراز بعض خفايا هذه العلاقة الملغومة بالشك بين النخب العربية الحديثة وبين الغرب.

 

فقد اعتبر الدكتور فتحي التريكي (صاحب كرسي اليونسكو للفلسفة في كلية الآداب التونسية) أن الرسوم « لئن كانت لا تستهدف الدين مباشرة فهي قد نالت من كرامة كل مسلم في العالم ».

 

ولم يكتف هذا الباحث المستنير بالشجب والاستهجان، بل حاول أن يبحث عن الخلفية السياسية والفلسفية أو الأيديولوجية التي قد تكون وراء هذا الحدث، فاعتبر أن الرسوم إن دلت على شيء فإنها « تدل على أزمة المعقولية الغربية في صبغتها الليبرالية الجديدة ». هذه المعقولية حسب رأيه « لم تعد قادرة على وضع برنامج حواري مع الآخر، سواء كان هذا الحوار حضاريا أو دينيـا أو سيـاسيا ».

 

ولعل التريكي يشير من وراء ذلك إلى أن « الغرب » كما عرفه المثقفون الحداثيون في مراحل تاريخية سابقة، قد انقلب على معقوليته التي جعلت منه مصدر تأثر وإلهام لهم. لقد أصبح الكثير من أفراد هذه النخب غير مستعدين لتبرير ما لا يمكن أن يبرر.

 

فالتريكي وصف ما يجري بـ « الغباوة السياسية » التي جعلت أوربا « غير قادرة على أن تكون حليفة لما يناهز عن مليار ونصف من المسلمين ». وعلق على نقطة الارتكاز في خطاب التبرير الغربي بقوله « كلنا يعرف أن لحرية التعبير في الغرب حدودا وخطوطا حمراء لا تتجاوزها مطلقا ». ومشيرا في هذا السياق إلى الفنان المسرحي (ديودوني) الذي هاجمته وسائل الإعلام الفرنسية، وتم منعه من الظهور أو حتى عرض إحدى مسرحياته بسبب ما تضمنته من تهكم على رجل دين يهودي.

 

إذا كان الغربيون يشعرون بصعوبة وقوف قطاع عريض من الحداثيين العرب ضد مبدأ حرية التعبير المطلق كمنطلق مرجعي لتبرير استفزاز مشاعر المؤمنين، فإن هؤلاء الحداثيين قد حيرتهم الطريقة التي تعامل بها الغربيون عموما مع قضية الصور دون مراعاة الإطار العام الذي انفجرت فيها هذه الأزمة.

 

فقد تساءل الإعلامي التونسي عمر صحابو، المقيم في باريس: « ألم يكن من المنطقي أن يطرح الرسامون الدنماركيون قبل ممارسة حقهم المشروع نظريا في حرية الرسم أن يطرحوا السؤال التالي « هل ستساهم هذه الرسوم والوضع على ما هو عليه في تعميق الهوة بين العالمين الغربي والإسلامي من خلط خطير بين المفاهيم والمصطلحات في دفع التقارب والتصالح أم العكس « ؟. وعمر صحابو لم ينتم في حياته لأية حركة إسلامية، وهو رجل ديمقراطي وليبرالي غير أنه وصف حالته النفسية بعد اطلاعه على الرسوم، وقبل أن يعود بعناء إلى هدوئه « كمسلم يغار على دينه اعترى وجداني فيض من المشاعر الرهيبة عند اكتشافي للرسوم المشخصة للذات المحمدية الشريفة في مواقف ومقامات تقطر بسوء النية وخبث الطوية ».

 

مأزق التحديثيين

 

لقد شعر التحديثيون في تونس وفي العالم العربي والإسلامي بأن الغربيين أو بعضهم يسحبون من تحت أرجلهم البساط، وهم يظنون أنهم يحسنون صنعا. فالمشكلة التي نتجت عما يسمى بأزمة صور الكاريكاتير، وحدت بين الجماهير الواسعة والنخب بمختلف اتجاهاتها من سياسيين ومثقفين وفنانين، إلى جانب انخراط الحكومات في الحملة كل حسب طريقته وأهدافه ومصالحه.

 

ففي تونس، تحركت معظم فعاليات المجتمع المدني، حيث أصدرت غالبية الأحزاب السياسية بيانات أدانت فيها مسألة الرسوم، وهو ما فعلته أيضا الجمعيات الحقوقية مثل الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والمجلس الوطني للحريات. حتى أوساط اليسار شغلتها القضية، وإن فضلت بعض مجموعاته ملازمة الصمت، لكن مكونات أخرى لهذا اليسار الأيديولوجي والسياسي قد انخرط بوعي في هذه المسألة التي شغلت الرأي العام من أقصى شمال البلاد إلى جنوبها. كذلك الشأن بالنسبة للاتحاد العام التونسي للشغل (اتحاد النقابات الرئيسي)، حيث أصدر المكتب التنفيذي بيانا صريحا في الموضوع.

 

لقد أوقعت أزمة الرسوم التحديثيين في مأزق، وحشرتهم في زاوية حادة. فالأطراف الغاضبة ليست فقط الأطراف التي توصف عادة بالتطرف والتعصب، وإنما مجتمعات بكاملها أحست بالإهانة ومست في كرمكتها. هذه المجتمعات ليست كائنات غريبة، حتى تعطيها النخب ظهرها، وإنما هي مجتمعاتها التي تربت فيها، والتي يفترض أن تقودها وأن تحميها من أي عدوان، سواء أكان عسكريا أو سياسيا أو ثقافيا.

 

كيفية إدارة الأزمة

 

لقد اختار معظم التحديثيين إدارة هذه الأزمة وفق المنطلقات التالية:

 

– إدانة هذه الرسوم من حيث المبدأ، واعتبارها استفزازا في غير محله، وإن كان هناك نسبة كبيرة من المثقفين تستبعد أن يكون الأمر حدث بشكل عفوي. فالدكتور الطيب البكوش، مدير المعهد العربي لحقوق الإنسان، يعتقد بأن الصور التي نشرت « ليست اجتهادا عفويا من صحافي بل المقصود منها الاستفزاز »، مؤكدا على ضرورة وضع أزمة الصور ضمن السياق الدولي الراهن. وهو ما فعله د. عبد السلام المسدي، وزير التعليم العالي الأسبق، حينما نزل هذه الحادثة ضمن مشهد بانورامي أوسع، يبدأ من قرار الولايات المتحد الأمريكية الانسحاب من اليونسكو احتجاجا على خطة التنوع الثقافي، وصولا إلى تداعيات الحادي عشر من سبتمبر، وخاصة عودة المعتقد في الغرب للتأثير على السياسة بدون الحاجة هذه المرة للمؤسسة الدينية.

 

– استهجان العنف الذي صاحب بعض التحركات الاحتجاجية، خاصة فيما يتعلق بحرق السفارات أو تهديد الدبلوماسيين والأجانب. غير أن السفير السابق أحمد ونيس اعتبر من جهته أن « التظاهرات الاحتجاجية كانت طبيعية ومنتظرة، ولعلها أحيانا دون حجم الجرم الذي ارتكب في حق المسلمين »، على حد قوله.

 

– محاولة التصدي لتوظيف هذه الأزمة من قبل المتشددين الإسلاميين، الذين تصب حادثة الصور المسيئة للرسول محمد في خانة ما يطرحون من خطاب يضع الغرب والعالم الإسلامي في حالة صدام وخصام مستمر. فالتحديثيون يخشون من أن يجدوا أنفسهم « رهائن » الخطاب الراديكالي بسبب قصر نظر من سماهم البعض بـ « الأصوليين الغربيين ».

 

تداعيات مرتقبة

 

عند استعراض جملة الأحداث والأزمات التي عاشتها المنطقة العربية والإسلامية خلال الخمسة والعشرين سنة الأخيرة، « يُكتشف » أن المأزق الذي الذي يعيشه حاليا التحديثيون العرب، لم يكن الأول من نوعه.

 

لقد سبق أن مروا بهذا الاختبار القاسي أكثر من مرة. حدث ذلك مع حرب الخليج الثانية عندما غزا صدام حسين الكويت، ثم تكررت « المحنة » مع احتلال العراق، وتجددت الرجة مع مرحلة حكم شارون، وها هي الرجات تتوالى بسرعة وفي فترات متقاربة، حيث التقت مشكلة الرسوم مع تشديد الحملة ضد إيران، والتهديد بمنع المساعدات المالية عن الشعب الفلسطيني بسبب انتخابه لحركة حماس، وظهور تقارير عن احتمال مراجعة الإدارة الأمريكية لسياستها الخاصة بـ « دمقرطة » العالم العربي خوفا من أن تكون النتيجة صعود الإسلاميين.

 

هذا المأزق المتجدد والسريع في وتيرته، هو الذي جعل بعض المثقفين التحديثيين يتهمون الغرب « بالخيانة ». خيانة مبادئه ومشروعه التحرري، وخيانته لهم، لأنهم لا يستطيعون أن يتخلوا عن شعوبهم، مهما كانت مواقفهم الفكرية والسياسية تجاه هذه الشعوب. كما أن هذا المأزق دفع بمثقف ودبلوماسي ووزير سابق مثل د. عبد السلام المسدي ليعيد بعد نصف قرن طرح السؤال التالي: « هل استقلت بلداننا حقا؟ ».

 

لكن بالرغم من أن تداعيات الحدث مرشحة للإتساع، غير أنه لا يستبعد أن تطفو خلال الأسابيع القادمة قضية (أو قضايا) أخرى قد تحجب قصة الصور، وتشغل الرأي العام العربي والإسلامي. فالمنطقة لا تخلو من ألغام مدفونة تحت الأرض. وغدا قد ينسى الناس الإساءة لرسول الإسلام وينغمسوا في « عدوان عسكري على إيران » أو « حرب قد تشنها إسرائيل على السلطة الوطنية الفلسطينية » أو احتمال اندلاع « حرب أهلية » في لبنان تغذيها أطراف إقليمية أو دولية. المؤكد هو أن الوجع سيبقى وإن تغيرت الأسباب.

 

(المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 24 فيفري 2006)

وصلة الموضوع: http://www.swissinfo.org/sar/swissinfo.html?siteSect=105&sid=6493503&cKey=1140777734000


 

وجادلهم بالتي هي أحسن

الحوار ضرورة من ضروريات الحياة في هذا الزمان

 

بقلم سماحة الشيخ كمال الدين جعيط، مفتي الجمهورية التونسية

 

قال تعالى «ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن» (النحل 125)، هكذا خاطب الله عز وجل رسوله الكريم، وفي هذا الخطاب صيغة أمر متضمن لطلب الدوام على الدعوة الى طريق الحق والهداية، فثبت صلى الله عليه وسلم على ما أمر به ولم يثنه قول المشركين انما يعلمه بشر، ولم يصدّه ذلك عن مباشرة أعباء الدعوة والابلاغ ونشر الدين الجديد، ولم يترك الكفار في مقابل ذلك جبلة يحسبونها تثبيطا للنبي صلى الله عليه وسلم عن دعوته، إلا ألقوا بها اليه من تكذيب وسخرية وبذاءة واختلاق وبهتان، وفق ما ذكره القرآن الكريم في تضاعيف سوره وآياته البينات، وما صدر عنهم هذا الضلال الا لجهلهم بمراتب أهل الاصطفاء ولأنهم يزنونهم بمعيار نفوسهم وحسبوا أن ما يأتونه من الخزعبلات ورجف الأقاويل مثبطا للنبي وموشكا لأن يصرفه عن دعوته.

 

«ادع الى سبيل ربك» السبيل هو الطريق وهو كل عمل من شأنه أن يبلغ عامله الى رضا الله تعالى. وقوله «بالحكمة والموعظة الحسنة» الحكمة هي المعرفة المحكمة الصائبة المجردة عن الخطإ وهي معرفة حقائق الأشياء على ما هي عليه بحسب الطاقة البشرية، بحيث لا تلتبس الحقائق المتشابهة ولا تخطئ في العلل والأسباب، والحكمة اسم جامع وعلم يراعى فيه اصلاح حلل الناس واعتقادهم اصلاحا مستمرا لا يتغير. اما الموعظة فهي القول الذي يلين النفس لعمل الخير وهي أخص من الحكمة لأنها حكمة في أسلوب خاص لإلقائها قال تعالى «ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن» (العنكبوت 46) والمجادلة الاحتجاج لتصويب رأي وإبطال ما يخالفه، والمجادلة بالتي هي احسن من شأنها أن تحل المودة بين المتجادلين محل العداوة والعناد والمكابرة، قال تعالى «ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم» (فصلت 43). والمجادلة تكون مع المعارضين في العقيدة والفكرة والسلوك، وهم يتفاوتون في كيفيات محاججتهم، فمنهم من يحاجج بلين كما في الحديث الشريف أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ القرآن على الوليد بن المغيرة ثم قال له:«هل ترى بما أقول بأسا؟ قال: لا والدماء. وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم آيات من القرآن على عبد الله بن أبي سلول في مجلس قومه فقال عبد الله بن أبي: أيها المرء إن كان ما تقوله حقا فاجلس في بيتك فمن جاءك فحدثه إياه ومن لم يأتك فلا تأته في مجلس بمد يكره منه، ولما نزل قول الله تعالى «إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم» (الأنبياء 98) جاء عبد الله ابن الزبعري وقال: لأخاصمن محمدا، ولما جاءه قال: يا محمد قد عبد عيسى وعبدت الملائكة فهل هم حصب جهنم؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اقرأ ما بعد «إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون» (الأنبياء 101). ولما كانت المجادلة في فعل أو رأي لقصد الاقناع بوجه الحق فيه، فهي لا تعدو أن تكون من الحكمة أو من الموعظة ولذلك وصفت في القرآن بأنها بالتي هي أحسن وأنها موعظة حسنة، ولما كان المشركون يجادلونه قصدا لإفحامه وتمويها لتغليطه، نبّه الله على أسلوب مجادلة النبي إياهم استكمالا لآداب وسائل الدعوة كلها، أما المسلمون فيتلقون منه تلقي المستفيد والمسترشد، وهذا موجب لتغيير الأسلوب بالنسبة الى المجادلة، ولذا قال تعالى «ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن» (العنكبوت 46) وقال تعالى «وإنا وإياكم على هدى أو في ضلال مبين» (سبأ 24) وقال تعالى «إن جادلوك فقل الله أعلم بما تعملون الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون» (الحج 68).

 

والقرآن يشتمل على هذه الطرق الثلاثة في أساليب الدعوة وذلك حسب ما يقتضيه المقام في معاني الكلام وأحوال المخاطبين. وهذه الطرق جمعت أصول الاستدلال العقلي الحق وهي البرهان والخطابة والجدل المعبر عنه في علم المنطق بالصناعات. وأما السفسطة والشعر فيربأ عنهما الحكماء الصادقون بله الأنبياء المرسلون. وقد أصر المسلمون على الأخذ بهذا الواجب لأنه فرض على كل واحد منهم. وتحول الى ممارسة واقعية في حياتهم قاعدتها الاعتراف بالكرامة الانسانية ووحدة الجنس البشري، ولذلك ضمنت الحاضرة الاسلامية لكل أشكال التنوعات والاختلافات مكانا في الوجود، واختلط الفارسي بالحبشي والرومي بالهندي دون أن يرى أحد لنفسه ميزة على الآخر الا ما كان تنافسا على البر والعمل الصالح. ومرجع ذلك الى نظرية الحوار في الاسلام، التي تقوم على المسايرة والمسامحة والتأليف بالمقاربة والمساهلة والعفو عن الزلات والهفوات بعيدا عن كل قسوة جارحة أو سيطرة ظالمة أو حماسة جائرة. وكذلك كانت معاملة المسلمين لغيرهم من أهل الكتاب حيث سحمت الشريعة المحمدية بالتعايش معهم بالحسنى والمعروف ومصاهرتهم ومقاسمة الاعمال معهم، قال تعالى «والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب» (المائدة5)، وقوله تعالى «وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم» (المائدة5)، وأمرت الشريعة بتأمين حياتهم في أبدانهم واعراضهم ومتاعهم.

 

إن الحوار غدا ضرورة من ضروريات الحياة في هذا الزمان، لما كان سبيلا الى إزالة الحواجز والفروقات وتسهيل الوصول الى الآخرين عبر قاعدة ثقافية مشتركة تتيح تنمية القواسم المشتركة بعيدا عن ميول الهيمنة والغطرسة والتنطع التي تؤول بالناس جميعا الى ضيق الأفق وعسر التعايش.

 

وإن المتأمل في النصوص القرآنية يجد مشهدا متكاملا لكل أساليب الحوار المبني على وسائل الاستلطاف والتودد بما يحقق الأمان للأفكار مهما اختلفت وتباينت. وهذا من شأنه أن يكون ضامنا لتوسيع دائرة التفاهم والانسجام والوفاق بين شعوب المعمورة على قاعدة الكرامة والعدالة والمساواة.

 

وقد تحملت النبوات كل أصناف الأذى والإساءة في سبيل حماية هذا الحوار وتنقية أجوائه من المشاحنات والعصبيات، وفي سبيل فتح قنواته وتعبيد طرقه وتهيئة أساليبه، لأن المواجهة العمياء لا توصل في النهاية إلا الى حياة الغاب وشريعة المخلب والناب. وهذه الحقيقة أدركها خصوم الاسلام منذ خمسة عشر قرنا خلت، وأيقنوا أن الحرية التي يتيحها الاسلام والحوار الذي رفع رايته، هما وسيلة هذا الدين الحنيف الى الامتداد في كل زمان ومكان، ولذلك لم يتأخر هؤلاء الخصوم في كل مرة، الى محاولة اغلاق هذا الطريق باستفزاز مشاعر المسلمين ودفعهم الى الانفلات والوقوع فيما يشبه الفوضى.

 

ويؤسفنا أن تقع بعض مؤسسات العمل الاسلامي اليوم في هذا الشرك، لتوهم شرائح من الناس بأن السبيل الأمثل هو المواجهة، لتكتشف فيما أنها لم تحقق غاية ولم تختصر مسافة، وأنها أساءت اى نفسها والى دينها والى المسلمين، وهذا نوع من الاستكبار على الحق، لأن التعامل مع الآخر دون الذوبان فيه هو الصفة المثلى لإقامة علاقات الاحترام المتبادل الذي يصان فيه الدين ويحمى به العرض، قال تعالى «وكذلك جعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا» )الحجرات 13). وباتباع هذ المنهج السليم في التعامل الدولي، يمكن أن يترشح حوار ذكي يلغي الشعور بأن الشعوب هي مجموعة أضداد، ولكننا بشر نألف ونؤلف ويتوق جميعنا الى الأفضل، وهو يحسن أن يكون أملا مشتركا وأصلا معتمدا في كل أشكال التعامل الثقافي والحضاري والاقتصادي بين شعوب وحكومات العالم، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم خير أسوة نتعلم منه ونستنير بهديه ونسير على معالم دربه، فقد سمح صلى الله عليه وسلم لوفد نصارى نجران بأن يصلوا في المسجد النبوي، ولما هم قوم من المسلمين الى منعهم وصدهم، قال صلى الله عليه وسلم «دعوهم»، ولا شك أن القسوة والعجرفة تخلق في النفس ضيقا وتوترا وتقمع الرغبة في مواصلة الحوار والاستزادة منه، ولا يحسن بكل حوار يرجى منه خيرا الا أن ينعقد في جو هادئ يستنبت التفكير الصحيح، فلا تضيع الفكرة في زحمة التهور والانفعال، ولا بد لذلك من سلوك مناهم العلم القائم على صحة النقل والدليل والمعلومة، قال تعالى «ولا تقف ما ليس لك به علم» (الاسراء 36).

 

ومن آداب الحوار عفة اللسان وصيانته عن الطعن أو الغمز واللمز وحفظ الجوارح عن ذلك حفظا تاما، ومن الآداب ايضا حسن الاستماع والاصغاء كما في قوله تعالى «الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه» (الزمر 18)، ومن الآداب التواضع ولين الجانب وتجنب حديث النفس، ومن الآداب المودة والاحترام قال تعالى «هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم يلقون السمع وأكثرهم كاذبون» (الشعراء 222 ـ 223).

 

ورغبة في حماية الأمة من المخاطر، يجدر بالحوار أن يسير في اتجاه المصالح الحقيقية لهذه الأمة سياسية كانت أو اجتماعية أو اقتصادية على نحو يؤهل لدور انساني رفيع في بناء أسس السلام العالمي الشامل، وهذا المنهج تظهر فضائله لا شك في كل باب من أبواب الحياة.

 

وعلى هذا فإنه لا يحق لأي كان أن يستهزئ أو ان يتمثل بأي رسول أو نبي من رسل الله وأنبيائه، لأنهم في مقام رفيع عند الله الذي ألبسهم حلل التكريم والتفضيل والتبجيل، قال تعالى «ما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما» (الاحزاب 57). وقال تعالى «إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا» (الاحزاب 58،59).

 

وخلاصة القول أننا مطالبون في هذا الزمن الى التوسل بوسائل الحوار المثمر البعيدة عن أجواء الانفعالات والتشنجات التي تؤدي الى الهدم والافساد، وهو ما نهى عنه الدين الحنيف «ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفا وطمعا إن رحمة الله قريب من المحسنين» (الأعراف 56).

 

(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 24 فيفري 2006)


حملة الرسوم الحاقدة: النوايا والخفايا

بقلم: جعفر الأكحل ـ المنستير

 

إن مدح الرسول الكريم والتنويه بخصاله السنية وأخلاقه السرمدية بقدر ما تبعث السكينة في النفوس فهي ليست بالأمر الهين حيث أن اللّه سبحانه وتعالى قد نوه برسوله الكريم إلى البشرية وأشاد بخصاله الحميدة، حيث قال جل جلاله: {إنّك لعلى خلق عظيم} وفي هذا المعنى بالذات يقول الشاعر والوزير الغرناطي لسان الدين ابن الخطيب منشدا ومحتارا:

 

ما مصطفى من قبل نشأة آدم

والكون لم يفتح له إغلاق

أيروم مخلوق ثناءك بعدما

أثنى على أخلاقك الخلاق

 

إن الرسول الكريم هو بلا شك فخر هذه الأمة ورمز وجودها وعنوان شرفها ومصدر عزتها والنيل منه هذه الأيام بمثل هذه الرسوم الحاقدة التي ما أن تتوقف في منطقة حتى تنتقل إلى منطقة أخرى أكبر وأوسع، مما يؤكد أن هناك خطة مدبرة تقف وراءها أطراف معروفة بعدائها لهذه الأمة وكانت ولا تزال تعمل على ضربها هوية وتاريخا وكذلك في حاضرها بالسعي لتهميشها وإذلالها ومزيد تجزئتها للنيل من قدراتها البشرية والمادية.

وليس المهم هنا مضمون هذه الرسوم وسرعة انتشارها وانتقالها من صحيفة إلى أخرى ومن منطقة إلى أخرى ولكن المهم هو توقيت هذه الحملة الضارية والحاقدة.

 

فمنذ أحداث 11 سبتمبر 2001 انطلقت الحملة الصليبية العاشرة بعنوان محاربة الإرهاب وكان من الطبيعي أن تكون الأرض العربية (أرض الإسلام) ساحة هذه الحرب وميدانها وكان ما كان من احتلال العراق وغزوه في رابعة النهار بمشاركة ومباركة عدة أطراف عربية وسبق ذلك غزو أفغانستان واحتلاله والخطة متواصلة للنيل من سوريا ولبنان بعد ضرب تعاونهما التاريخي والاستراتيجي.

 

وفي نفس السياق لم يسلم بلد عربي من الضغوط باسم نشر الديمقراطية والإصلاح السياسي لمزيد تقديم التنازلات خدمة لأهداف الصهيونية العالمية ومشروعها الهادف للسيطرة الكاملة على المنطقة، ولكن عندما ينجز الشعب الفلسطيني انتفاضة ديمقراطية لم يسبق لها مثيل عربيا وإقليميا تثور ثائرة الغرب ضد اختيار الشعب الفلسطيني وضد إرادته بل أن بلدا عربيا كان بالأمس مسرحا لأفضع التجاوزات والتزييف لم يتردد عن خلع قناعه في محاولة لإفراغ هذه النتيجة الانتخابية الرائدة والالتفاف عليها لخدمة اسرائيل وأهدافها، فيا لسخرية القدر ويا لخيبة المسعى.

 

إن هذه الحملة الضارية ضد رسول الانسانية، هي تتويج منطقي لحملات صليبية مختلفة في مظاهرها وفي توقيتها ولكنها تلتقي في النهاية في الهدف وهو إذلال هذه الأمة والنيل منها بشكل متواصل ودائم وخاصة في هذه المرحلة بالغة السوء التي يمر بها الوطن العربي حيث تسوده الدسائس وتسوسه عقلية أمراء الطوائف التي سبقت سقوط غرناطة (1493م).

 

فالعرب اليوم وهم أضعف من الأيتام في مأدبة اللئام لن يكون بمقدورهم الدفاع عن نبيهم وعن دينهم لأنهم علموا أن

الرازق الآن هو العم سام وليس خالق السماء والأرض. ومنظمو هذه الحملة يدركون جيدا توقيت تنفيذ مشروعهم الفاشل ويعرفون أن العرب (النظم العربية) قد وصلوا الى حالة من الانهيار والتفكك يجعلهم غير قادرين عن اتخاذ أي موقف وفي حالة من التدهور لا تمكنهم من ردّ الفعل مهما كان نوعه أوحجمه وليس لهم بالتالي سوى الاستسلام للقدر المحتوم والقبول بكل هذه الحملات كما قبلوا باحتلال العراق وإذلال شعبه وكما قبلوا قبل ذلك باحتلال فلسطين وتركوا شعبها يعاني الاحتلال والتشرد والتقتيل بل ها هم يحاولون خدمة الأهداف الصهيونية ومغازلة العدو واسترضائه على حساب حقوق الشعب الفلسطيني كنوع من العقاب على انتفاضته الديمقراطية وعلى صموده البطولي.

 

ومع كل ذلك لم نتعلم من كل هذا الدمار، وبعد كل هذه المآسي التي لحقت بهذه الأمة المجيدة ولم نعتبر بالتاريخ ولم ندرك بعد أن هذه الأمة هي هدف كل المؤامرات وما تعرضت له كان كبيرا وفظيعا وما تخفيه الأيام أشد وطأة وأكثر ضراوة.

 

والعدو يضرب بكل الوسائل وعبر كل المجالات ثقافيا واقتصاديا واجتماعيا.. ونحن في استسلام كامل كأنه قدر لهذه الأمة أن تكون ذليلة مسلوبة الارادة بينما هي أمة صاحبة رسالة حضارية والعدو يدرك ذلك جيدا وهو يمضي في مشروعه استئصالا لروحها وإلغاء لدورها الريادي في بناء حضارة الانسان في كل مكان وها هو باني هذه الحضارة وناشر قيم العدل والحرية والسلام في العالم يتعرض للازدراء والاستهجان في مرحلة متطورة من الحملة على الاسلام والمسلمين ولا حول ولا قوة إلا باللّه واللّه أكبر.

 

وخير ما نختم به لإخراس أفواه الضالين قول اللّه تعالى {إنَّا أعْطَيْنَاكَ الكَوْثَر فصَلِّ لرَبِّكَ وانْحَرْ إنَّ شَانئَكَ هُوَ الأبْتَرْ}.

 

(المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 24 فيفري 2006)


العفو العام في كل من ليبيا وسورية ومسألة انتقال السلطة في العالم العربي!

عادل الحامدي (*)

 

لن أتحدث عن الرسوم الكارتونية التي أساءت الأدب مع الرسول عليه الصلاة والسلام، علي الرغم من أنها الأولي بالكتابة والتعبير، ولن أتحدث عن حرية الصحافة والفرق بينها وبين التعدي علي الأديان ومقدسات المسلمين مع أنها أهم وأولي في هذا الظرف الدقيق، فأنا أكتب للعالم العربي ولقراء العربية ممن يحترمون الإسلام وأهله. فن الممكن السياسي وأحكام الواقع الصارمة ومنطق ما لا يدرك كله لا يترك جله، ذلك هو ما حدا بالقيادة السياسية الليبية إلي الاحتيال علي المسلمات الفكرية والسياسية للنظرية العالمية الثالثة والدخول بها في عالم ما بعد الحرب الباردة، في محاولة قيل بأنها لا تهدف للإفلات من قبضة المارد الأمريكي الذي أخطأت صواريخه رأس قائد ثورة الفاتح من سبتمبر منذ ما يقارب العقدين من الزمن يوم دكت الطائرات الأمريكية مقر إقامة العزيز في العزيزية المصانة، بل تستهدف إعادة بناء المنظومة السياسية علي مستوي العالم.

 

عاشت الجماهيرية سنوات طويلة تحت الحصار وما أحدثه من أضرار فادحة طالت الاقتصاد الليبي وعصفت بالحياة الاجتماعية في هذا البلد الثري حتي أتي حين من الدهر علي الليبيين لا يجدون الدواء الكافي ولا الشراب الكافي ولا حتي ما اعتاده الليبيون من طعام كاف، كل ذلك والقيادة الليبية مرابطة مصابرة في وجه الغرب الليبرالي الذي أدار لها الظهر وعمل كل ما في وسعه لعزل هذا البلد العربي إقليميا ودوليا. لم تكن عملية لوكربي التي ذهب ضحيتها زهاء الثلاثمائة من المدنيين أول الجرائم المقترفة ضد الأبرياء، فقد سبق الجماهيرية إلي تلك الفعلة كثيرون في لبنان وليبيا والسودان ومصر والعراق وفلسطين جمع بينهم الإحساس بالغبن والاضطهاد، لكن تلك أحداث تجاهلها مجلس الأمن الدولي وهمشها أعضاؤه الفاعلون حتي غدت نسيا منسيا. أنهت ليبيا إذا سنوات الحصار بعد أن دفعت دية ثقيلة إلي الورثة والمنتفعين في حين ظل المقرحي سجينا يدفع ثمن خطايا سياسية ارتكبتها قيادته يوم كان الاختلاف ممكنا والمدافعة بين الأنظمة والأنساق ميسورة. المقرحي المذنب الذي لم تنجح أطنان الورق المالي ولا حتي قبر المشاريع العسكرية في الإفراج عنه، مثل سابقة في القانون الدولي فريدة، إذ لاول مرة يعدم فيها الجاني رغم دفع الدية. الغرب ديمقراطي مع الذات حتي النخاع عندما يتعلق الأمر بشأنه الداخلي، لكنه يبدو غرائزي السلوك يستنهض كل مخزونه العدائي وحتي العقائدي كلما تعلق الأمر بمصالحه الخارجية، إذ يستأسد ويتنمر ويثور لمجرد إغراق السوق الأوروبية والأمريكية بالسلع الصينية الرخيصة، وهذا مفهوم تماما، إلا أن هذا الغرب نفسه والذي تعودنا منه العقلانية والاتزان يفقد قدرته علي التعاطي بنفس الحكمة والقدرة علي ابتداع الحلول الوسطي عندما يتعلق الأمر بالعالمين الإسلامي والعربي علي وجه الخصوص، وذلك لأسباب ثقافية وتاريخية، وليس العراق إلا مثالا صارخا علي ما ذهبت إليه. في رد فعل بدا كأنه متهافت سارعت واشنطن التي كانت تعد لغزو العراق علي الرد علي القرارات الليبية المفاجئة بما هو خير منها، فما ان أعلنت اللجان الثورية قرارها بالمسؤولية الجزائية عن حادثة لوكربي حتي بادرت كل من العاصمتين البريطانية والأمريكية إلي الترحيب علنا بما توصلت إليه القيادة الليبية من عزم علي البت الفعلي في هذه القضية التي عصفت بالعلاقات الليبية ـ الغربية طوال ما يزيد عن عقد من الزمن. وهكذا دخلت الشقيقة ليبيا المجتمع الدولي علي حين غرة ولم يبخل عنها هذا الغرب بمد الجسور الديبلوماسية منها والاقتصادية، وهو ما نثمنه.

 

يشهد للنظام الليبي كثير من المراقبين والساسة بالفطنة والذكاء والقدرة علي التأقلم مع المتغيرات الدولية، لكن ذلك لم يمنعه من المراوحة المزمنة في نفس المستنقع السياسي الداخلي، حيث أثبت عجزا كبيرا في قدرته علي الانفتاح السياسي الضروري لأية سلطة تريد الاستمرار في الحكم من غير متاعب ولا تثريب. ولقد حسبنا في تلك المرحلة أن ما لوحت به القيادة الليبية من وعود بالانفتاح السياسي وما صرح به نجل العقيد من رغبة صادقة في معالجة الملفات الحقوقية والإنسانية بنفس الروح العالية التي عالجت بها ملف لوكربي، حسبنا أن سجون اللجان الثورية لن يبقي فيها سجين فكر واحد، ولكن مرت أشهر طويلة علي تلك الوعود دون أن نري لها أثرا. ولسوء حظنا فإن الإعلامين الغربي والعربي سكتا عن هذه المطالب كأن ليس في ليبيا إلا مصالح اللجان الثورية. إن الشارع العربي لم يعد يقوي رغم انضباطه الذي لا يحمد عليه علي رؤية المقابر الجماعية لأمواته ومقابر يوسفية لأحيائه وهو يتابع المتغيرات المتسارعة من حوله كأنه ليس من كوكبنا في حين لا نزال نسمع عن سجناء رأي وانسداد لكل أبواب المصالحة في كل من ليبيا وسورية التي لا يزال بعض رجالاتها يواجهون مساءلة حاكم التحقيق الدولي ميليس الذي يذكرنا بسلفه بليكس واتهاماته المباشرة بضلوع أجهزتها الأمنية في اغتيال شخصية سياسية كما لو كانت لوكربي الثانية. القضاء الذي جر ليبيا إلي قاعات المحاكم الدولية وأنهي ما يربو علي العقد ونيف من عزلة طرابلس الدولية، هو من يجر سورية إلي متاهات التقاضي. والسؤال هنا: هل تكفي بلاغة ديار الشام وقصائد التحدي أن تحجب شبح ما يتهددها من القوانين الدولية المدعومة بقوة المنطق والسلاح؟ وهل يمكن للنظام البعثي بكل ما يملكه من طاقات سياسية وعسكرية حافظ بها علي استقلال سورية طيلة العقود الثلاثة والنصف المنصرمة أن تقف في وجه الشرعية الدولية؟ وعلي الأعراف ما بين الخيارين يتكلف ذوو الأقلام المتواضعة والقلوب المحبة المشفقة مشقة الكتابة للخوض فيما ليس من خوضه بد لنقول: إن استحفار الملفات السياسية ومحاولة البت فيها قضائيا تحت إشراف دولي يصعب أن يكون محايدا زمن استفراد الغرب العولمي الجديد بالقيادة، لا بد أن يتم في إطار أخلاقي شفاف بعيدا عن روح التشفي والثأر من التاريخ ومن شريك الأمس حتي وإن بدا مخالفا لبعض قواعد اللعبة الجديدة. وأحسب أن ردغية العقل السياسي المعاصر وكثافة فاته وعكوفه الشائن علي المصلحة الآنية العاجلة ليست مبررا كافيا لاستبعاد قيم التسامح والتسامي بل والتعالي علي الذات قدر الإمكان البشري من أجل إصلاح ذات البين وإعادة النظر البصير في الكثير من الملفات السياسية الساخن منها والبارد والعاجل منها والمعتق، وعندها لن نحتاج لديات مشطة كتلك التي أنهت قضية لوكربي أو الأخري التي تعكف علي إصدارها هيئة الإنصاف والمصالحة في مغرب العرب الأقصي.

 

(*) كاتب وإعلامي من تونس يعيش في بريطانيا

 

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 23 فيفري 2006)


 

مأساة مظاهرة بنغازي في بلد يمنع المظاهرات!

جمعة القماطي (*)

 

تابع العالم أحداث المظاهرة المأساوية أمام القنصلية الإيطالية في مدينة بنغازي الليبية يوم الجمعة 17 شباط (فبراير)، وما نتج عنها من سقوط عشرات القتلي والجرحي من المواطنين الأبرياء برصاص قوات الأمن والشرطة الليبية. السلطات الليبية هي التي كانت وراء تنظيم وتحريك هذه المظاهرة بدافع الاحتجاج علي تصريحات الوزير الإيطالي (كارديرولي) العنصرية المسيئة للمسلمين ولرسولهم الكريم سيدنا محمد صلي الله عيه وسلم.

 

ولكن عندما صعد أحد المتظاهرين أعلي مبني القنصلية لإنزال العلم الإيطالي، إنهال عليه الرصاص، فسقط قتيلا، الأمر الذي أجج غضب المتظاهرين، فدخلوا في مواجهات غاضبة مبررة مع رجال الأمن وجنود جهاز الدعم المركزي المدججين بالسلاح، الذين بدأوا بدورهم بإطلاق الرصاص في كل اتجاه، فكانت المجزرة التي تابعها وشهدها العالم، وسقط ضحاياها بالعشرات بين قتلي وجرحي. فهل كان هناك أي مبرر لهذه الشراسة وهذا الاستخدام المفرط للقوة مع مواطنين أبرياء تم استدعاؤهم للمشاركة في تظاهرة سلمية؟!

 

تصريحات المسؤولين الليبيين وتبريراتهم وردود أفعالهم كانت مرتبكة وغير مقنعة، ولكن أغرب هذه التصريحات وأكثرها اساءة الي الشعب الليبي هو ما أدلت به السيدة هدي بن عامر (أمينة المؤتمر الشعبي ببنغازي) والمسؤولة الثورية عن مدينة بنغازي لفضائية (الجزيرة) مساء الأحد 19 شباط (فبراير) حين قالت: عندما شعرنا بأن حياة الدبلوماسي الإيطالي داخل القنصلية في خطر، أعطينا الأوامر بإطلاق الرصاص. فنرجو أن يقدر الغرب تضحياتنا، وأننا قادرون علي حمايتهم وحماية مصالحهم !!

 

نحن لسنا مع حرق القنصليات والسفارات، أو الاعتداء علي الدبلوماسيين والمواطنين لأية دولة تكون لنا معها خلافات سياسية، أو يقوم أحد وزرائها أو صحفها بإهانة ديننا ومقدساتنا، ولكن هل يعقل أن نتعامل مع أرواح وحياة مواطنينا بهذا الرخص والهوان من أجل أن تظهر أنظمتنا السياسية للغرب بأنها قادرة علي حماية مصالحه؟! ومن هم الأولي بالحماية والرعاية من قبل حكامنا ومسؤولينا: المواطنون العزل من أبناء الوطن، أم الغرب ومصالحه؟! ولو كانت تصريحات مسؤولة مدينة بنغازي هذه في دولة تحترم شعبها وتقدر شعوره لتم اقالتها فورا.

 

والسؤال الأهم هو: هل كانت هناك دوافع سياسية أخري وراء تسيير مظاهرة بنغازي إلي القنصلية الإيطالية في المقام الأول، وفي هذه الأيام تحديدا؟

 

هل هناك أي علاقة بين تسيير مظاهرة غاضبة ضد القنصلية الإيطالية في بنغازي، والزيارة التي قام بها إلي إيطاليا قبل يومين من موعد المظاهرة كل من السيد (السنيورة) رئيس وزراء لبنان، والسيد (نبيه بري) زعيم حركة أمل الشيعية اللبنانية، والاتفاق الذي توصلوا إليه مع الحكومة الإيطالية لفتح تحقيق مستقل كامل من جديد حول اختفاء الإمام موسي الصدر؟ وهل هناك ما تخشاه ليبيا من هكذا تحقيق جديد في ضوء إصرارها علي أن الإمام الصدر لم يختف أثناء زيارته إلي ليبيا في عام 1978، ولكن غادرها متوجها إلي إيطاليا؟ وهل أراد النظام الليبي توجيه رسالة ضغط للتأثير علي مجري التحقيق؟! هذه أسئلة مشروعة يزيد من أهميتها تصريح وزير خارجية إيطاليا مؤخرا بأن ما حدث

في بنغازي هو احتجاج علي سياسات النظام الليبي الداخلية تجاه شعبه!

 

وجب التذكير كذلك بأن النظام الليبي يمنع علي مواطنيه حق التظاهر أو الاعتصام بموجب قانون. وهو القانون رقم (45) لسنة 1972 بشأن تحريم الاضرابات، والاعتصامات، والمظاهرات. علي اعتبار أنها جريمة في حق الوطن، تعرقل مسيرته الثورية! لذلك ربما وجد المشاركون في المظاهرة التي نظمها النظام في بنغازي، وما نتج عنها من مجزرة في حق مواطنين أبرياء، الفرصة المناسبة للتعبير عن الاحتقان القوي بداخلهم، وعن الشعور العميق بالظلم والتهميش والحرمان السياسي والاقتصادي. فتحولت وتطورت هذه المظاهرة إلي مسيرات غاضبة تهتف بشعارات سياسية ضد السلطة الحاكمة. وتم لعدة أيام متتالية تحطيم الكثير من المرافق والمقار الأمنية والثورية، الأمر الذي جعل النظام الليبي يدفع بأعداد هائلة من الجيش وأفراد الصاعقة والأجهزة الأمنية المختلفة في شبه عملية احتلال كامل لمدينة بنغازي من أجل السيطرة علي الوضع فيها.

 

هذه التطورات التي شهدتها ليبيا في الأيام الماضية تطرح أسئلة كثيرة ملحة علي النظام الحاكم في ليبيا، وتؤكد عدم جدوي الكثير من السياسات المتبعة. فلا يمكن أن تستمر سياسة النظام الليبي في التنازل والتصالح مع الخارج علي حساب استحقاقات الداخل الملحة، وبدون التصالح مع الشعب الليبي نفسه الذي يدفع من خزينته، ومن ثرواته، وعلي حساب تنميته، ورخائه، ثمنا باهظا لأخطاء سياسية ومغامرات لم يرتكبها.

 

كذلك لا يمكن أن تستمر سياسات النظام الليبي المكشوفة في محاولة توجيه الطاقة الكامنة لاحتقانات الليبيين الداخلية نحو قضايا خارجية، حتي وإن كانت هذه القضايا مشروعة مثل إهانة مقدساتنا، وثوابتنا الإسلامية، وشخص رسولنا الكريم ـ صلي الله عليه وسلم ـ أو استغلال عواطف المواطنين الإسلامية الجياشة كورقة ضغط سياسي علي دولة ما أو أخري. هناك ملفات وإشكاليات ثنائية عالقة معها. فسياسة تصدير الأزمات إلي الخارج مرفوضة، وسياسة إرضاء الخارج والاستقواء به علي الداخل مرفوضة كذلك.

 

آن الأوان أن يدرك النظام الليبي أن سياسة القمع والحل الأمني ليست هي الأجدي والأنجع في التعامل مع شرائح المجتمع المختلفة الغاضبة، بسبب الاقصاء، والحرمان، وبسبب غياب العدل، وأبسط الحريات. فالشعب الليبي، شعب صغير، حيث أن ثلاثة أرباع أبنائه تحت سن الثلاثين من العمر، وهذه الشرائح الواسعة من الشباب والخريجين المفعمة بالحيوية والطموح، تعاني من الكبت السياسي، والفقر، والبطالة، في وطن وصل دخله من النفط عام 2005 إلي حوالي الخمسين مليار دولار! فأين تذهب هذه الثروات الهائلة؟! ومن المسؤول عن حرمان الشعب صاحب الثروة منها؟! ولماذا هذا التضييق المفرط علي حرية التعبير، والمنع الكامل لأي تنوع سياسي أو فكري داخل ليبيا؟ لماذا هذا الإصرار علي منع حتي أبسط المناشط والمنابر الثقافية المستقلة عن السلطة الحاكمة من التواجد والتعبير عن ذاتها؟

 

إن مأساة مظاهرة بنغازي، والأحداث التي تلتها، تؤكد وجود أزمة حقيقية بين السلطة الحاكمة وشعبها في ليبيا. وأن ما حدث من اضطرابات، وتعبير جماهيري غاضب في الأيام التي تلت المظاهرة، هو مجرد رأس جبل الجليد الذي ظهر لنا وللعالم. والمؤكد هو أنه ما لم يقدم النظام الليبي علي خطوات جذرية في المصالحة مع شعبه، والقبول بإصلاحات جوهرية سياسية واقتصادية واجتماعية، فإن ليبيا مرشحة لمزيد من الاضطراب، والتفاعلات الداخلية العنيفة. وسيثبت للنظام الليبي أن سياسة تصدير الأزمات، والتصالح مع الخارج، والاستقواء به علي حساب الداخل هي سياسة خاطئة وفاشلة، لن تحقق الاستقرار والأمن المطلوب للسلطة والشعب معا. وأنه لا بديل عن القبول بالديمقراطية الحقيقية واحترام حقوق الإنسان في دولة دستور وسيادة القانون، كحل لكل الأزمات علي المدي البعيد. 

 

(*) كاتب ليبي

 

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 24 فيفري 2006)


 كل شاعر ثوري هدام كبير للمعروف ..

خميس الخياطي (*)

 

في موعد محدد من كل سنة، تبكي الصبايا الإغريقيات رحيل المراهق الجميل: أدونيس.

عند ولادته بالـ أولامب ، تسقط في هواه آلهة الحب أفروديت وهي كذلك فينوس آلهة الحب والجمال وقد ولدت من زبد البحر. وحتي تحفظ له حياة هادئة، تودعه بين أيدي برسيفون ، آلهة الفلاحة والتي إختطفها حاديس وفي جهنم السفلية ذاقت طعم ثمرة الموت، الرمان. وبدورها، تسقط برسيفون في حب ضيفها وترفض إعادته لغريمتها. لذا، تنزل أفروديت العالم السفلي لتستعيد الطفل. إلا أنها تفشل في مهمتها. حينها ودرءا للصراع بينهما، تحتكم الإثنتان إلي زيوس . وكونه إله الآلهة، يقضي في حكمته بقضاء أدونيس فصلي الربيع والصيف بين أحضان أفروديت ليعود للمملكة السفلية في فصلي الخريف والشتاء… وهكذا قضي أدونيس حياة رائعة لحين إلتقاه مصيره المشؤوم. كان الشاب يحب الصيد. ويجوب الغابات ليصارع الخنازير البرية. مرة ما، أصاب أدونيس أحدها فجرحه، فهجم عليه الحيوان الوحشي فجرحه فأصابه هو الآخر إصابة مميتة… وهو يصارع الموت، تنزل من أدونيس قطرة دم تشربها الأرض فتنبت في الحين مكانها زهرة… شقائق النعمان .

هذه قصة أدونيس في معجم الميثولوجيات حيث نعلم كذلك أن الإسمين المرادفين لأدونيس هما تموز و أطيس وأن مصدر آدون يعني لدي الفينيقيين السيد ويمثل في ثلاثي بعل الها شابا هو زوج ديوني المعروفة كذلك بإسم بلطيس … أما لدي الإغريق، فالاله أدونيس يرمز لثنائية الطبيعة في الفناء/البعث… ما محل كل هذا من الإعراب التلفزي؟ المحل هو ما ذكره شاعرنا السوري المعروف بـ أدونيس في لقاء شيق مع الدكتورة بروين حبيب علي قناة دبي (هوتبرد تردد 11747، نايل سات تردد 11785) في برنامجها المباشر نلتقي مع بروين حبيب (إخراج نشأت دعجة). إسم البرنامج لا يشير إلي الضيف فلان أو الضيفة علانة. لأن النجم هنا هي معدة ومقدمة البرنامج. هل توجد نرجسية أضخم من هذه الأنا؟

الشاعر والرئيس والمدرسة

ختمنا زاوية الأسبوع الفارط بوعد العودة للقاء بروين بأدونيس وها نحن مع الوعد. بعض المعاينات الشكلية علي هذا البرنامج الجيد الصنعة تفيد بأنه متقن من عديد النواحي الفنية والتقنية. فإن كان النسق التقني من إضاءة وديكور وتأثيث ينم عن ذوق رفيع في تجانس الألوان فليس مرده فقط الوفرة المالية ـ كوننا علي قناة دبي ـ بل كذلك تصور مصيب لما يجب أن يتوفر في برنامج حواري لا يعتمد لجذب المشاهد علي الأذن فحسب بل علي العين كذلك… مثال بسيط علي هذا يتمثل في تلاقي ألوان لباس بروين بلباس أدونيس. الأولي بجاكتة بيضاء تميز اللون الأزرق الفاتح الموجود تحتها وعلي يسار صدر بروين مشبك يحمل يعسوبا وهي حشرة أجنحتها الأربعة شفافة وجميلة الخطوط، عيناها جاحظتان، طويل ذيلها. وحينما تحلق علي سطح السواقي والجداول، تأخذنا بهلوانياتها إلا أنها شرسة مفترسة… بالمقابل يحمل أدونيس جاكتة سوداء تحتها قميص أسود هو الآخر وإن تشقه خطوط بيضاء في ما كان الديكور الداخلي ألوانه هادئة من نوع الـ باستيل … أما الخارجي فهو مدخل كزقاق شيك … إلا أن الإخراج وخاصة عند قراءة الشعر كان إخراجا كسولا، فقيرا. قد نقبل الإستعمال المفرط للقطة القريبة المتوسطة لغرض المحاورة ، فهو أمر متعارف عليه. أما ونحن أمام شاعر من طراز أدونيس وهو يقرأ شعره، كان الأجدر بالمخرج أن يذهب أكثر إلي ما وراء الصور. لم يفعلها وهو الذي أضاع الفرصة…

منذ البداية ذكرت المعدة/المقدمة الثابت والمتحول . أشارت إلي أغاني مهيار الدمشقي . نعتت الكتاب أول الجسد، أول البحر . تكلمت عن الصوفية والسريالية لتنتهي بـ أنطولوجيا الشعر العربي القديم … وحينما نعلم كل هذا ويضاف أن إسمه يرادف أبو الحداثة العربية أو انه باستمرار مثير للجدل لا يمكن للمشاهد إلا أن يستخلص دون عناء بأن الضيف لا يعدو أن يكون إلا الشاعر العربي الكبير أدونيس . وتجدر الإشارة منذ البداية إلي أن بروين جهزت لبرنامجها بصفة جيدة. سألت عن التنكر، عن الموت والزمن، عن الشعر الجاهلي، عن ثمن الحرية، عن الأيديولوجية، عن الحداثة، عن نزار قباني ومحمود درويش، عن القارئ العربي والشعر، عن التقليد المتهم به، عن بنتيه وزوجته وإنتهت بالرسم او ما يسميه الرقائق ثم إختتمت بقراءة الشعر من مخطوط. كانت أسئلتها التي اودعتها الجذاذات تشبه كثيرا اسئلة مادة الأدب العربي المعاصر في إمتحانات البكالوريا. الإختلاف الوحيد بين النوعيتين هو أنها هنا مولدة للذكريات والتوضيحات والتأكيدات التي تقطعها مساحات مدبجة بصور من الماضي كـ ألبوم ذكريات أبكم تزيد الفواصل عليه بكما علي بكم. وما أكثر هذه الفواصل…

أجاب أدونيس بهدوء وتواضع علي الأسئلة، فذكر حفظه القرآن مع كبار الشعراء في سن العاشرة، تحدث عن نظمه الشعر وخاصة ذاك القصيد الذي وضعه وجها لوجه مع الرئيس شكري القوتلي حتي يساعده ويرسله إلي المدينة لإكمال دراسته. يقول أدونيس: هذا قصيد هو بمثابة الحلم. قرية بدون مدرسة ويتعذر علي والدي أن يرسلاني إلي المدينة فحلمت بالرئيس القوتلي سيزور المنطقة (وقلت) سأكتب له القصيدة وستعجبه وسيستدعيني وأقول له: أريد أن أدخل المدرسة لأتعلم. فعلا كتبت القصيدة وقرأتها لأبي الذي علمني الشعر . ويطول السرد ويعلم جمهور المشاهدين بأسلوب بسيط وحكي شيق ركض أدونيس وراء الرئيس وكيف ألتقاه فاستعمل القوتلي صدر بيت شعري من قصيد الطفل ليبني عليه خطابه. مثل هذه البدايات لها خيوط مع الملاحم أو نشوء الآلهة… وبالتالي، لن نفاجأ أن تخطر علي بال المراهق إستعارة إسم أدونيس . وهنا كذلك يذكر الشاعر كيف أن إسمه الحقيقي (علي أحمد سعيد) أصبح عائقا أمام نشر قصائده وكيف أن التنكر وراء الإسم المستعار أصبح هو الحقيقة و إن كان لي أن أتنكر مرة أخري، فعلي بالكتابة تحت إسمي الحقيقي . لقد إستهوته أسطورة أدونيس حتي تغلبت علي الأصل فمحته لتصبح أصلا محله. وهكذا الأمر مع الوالدين (الأب = عالم الثقافة/الأم = عالم الطبيعة)…

الأسئلة والقراءة المفقودة

إن محاورة الشعراء وإن هي صعبة من جهة، فهي من أيسر المهام الصحافية من جهة أخري لكونها أمام مخزون حسي ولغوي كل ثمرة منه هي بذرة قابلة لأن تكون بدورها مصدرا حسيا ولغويا. كانت أجوبة أدونيس عن الموت (شكل من إشكال الحياة)، عن الزمن (ريح تهب من جهة الموت)، عن النهاية (أحببت أن تنتهي حياتي حيث ولدت، تماما في القرية)، عن المصادر (تأثرت بالشعر الجاهلي، بأبي نواس وأبو تمام والمتنبي والمعري وهم كبار الشعراء العرب وما تبقي هم بمثابة التنويع علي هؤلاء) هي أجوبة يمكن أن تكون محورا لمحاورة خاصة. إن كان الأمر هكذا مع الشعراء، فما بالك حينما يكون مع أدونيس حيث التجربة من جميع أوجهها إن لغويا أو شعريا أو شكليا أو سياسيا وقس علي ذلك هي تجربة تختصر عصرا. فسواء تعلق الأمر بالأيديولوجيات (تركت سورية في العام 56 بدوافع الفكر الحر. ثم في لبنان إنفصلت عن الأيديولوجيا التي إنضممت إليها (…) لم أرتبط بأي نظام. إننا لكي نفكر يجب أن نخرج مما يمنع التفكير في التراث الثقافي والبنية الأيديولوجية. والأحزاب هي شكل من أشكال البني الأيديولوجية. يجب الخروج من جميع البني الفكرية المستبقة) أو بالحداثة (وقد عرفها بطرح الاسئلة وبأنها مشكلة عربية منذ القرن الثالث الهجري وباستحالة أن نخلق جمالا بلغة نجهل تاريخها الجمالي وبكونها لا تتوقف عند حدود تغيير شكل الشعر، بل بتغيير مفهومه ) أو بعلاقة القارئ العربي بالشعر (الشعر ربح في العمق ما يخسره في الأفق، الشعر يقلق القارئ، يطرح عليه الأسئلة، يصله بالمجهول)، كان أدونيس معلما من هؤلاء الذين نسمع عنهم في الثقافات الآسيوية الغابرة… هدوء ورصانة وعمق وتعدد الزوايا. فحينما سئل عن إتهامه بالتقليد من طرف عديد الشعراء العرب، لم يرغ ويزبد ويتهم، بل شكرهم علي إهتمامهم بشعره وأضاف أن تكون متهما، ففي ذلك مزايا أكثر من العيوب . وما يعجبك في أدونيس هو أنه بجانب نظمه الشعر فهو منظر. يضع الأسئلة ليفكر في الأجوبة الممكنة وشهادته في هذا مثال المعري الذي يعتبره العرب فيلسوفا وليس شاعرا ذلك أن تداخل الأشياء وتلاقحها هي مهمة الشاعر. عليه أن يكتشف العلاقات الخفية والسرية بين الأشياء… وعندي شعور بأن شعري لم يقرأ قراءة صحيحة، قراءة أحلم بها .

وحينما ينتهي الحوار، تشعر أنك ما زلت تطلب الإضافة ولم ينطفئ الظمأ بعد لأنك لست في عالم الشعر فقط، بل مع إنسان ومواطن وشاعر له مع العالم المحيط القريب والبعيد ومن جميع زواياه علاقة وثيقة ورؤية مستقبلية كقوله العرب مستعبدون للماضي/والمستقبل يستعبد الغرب (..) الطاقة العربية تبدد في الخلاف العربي/عربي. هي طاقة تآكل ولا طاقة تجاوب وبناء ورؤية أو أن نجاة لبنان تكمن في المواطنة وسيادة العلمانية… هذا ما يعتبره البعض هدما لمعنويات الأمة والأوطان.. ذلك أن كل شاعر ثوري (في وظيفته الرئيسية) هدام للمعرفة .

 

جملة مفيدة: أحيانا، في الصمت يكمن جوهر الوثائقيات . من فيلم سبايس وورلد للبريطاني جيمس كورتيس.

 

(*) ناقد وإعلامي من تونس

khemaiskhayati@yahoo.fr

 

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 23 فيفري 2006)


Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.