الجمعة، 23 ديسمبر 2005

 Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
6 ème année, N° 2041 du 23.12.2005

 archives : www.tunisnews.net


الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: بــيان تهديد بالقتل ضد الطاهر العبيدي

الشروق :أكثر من 3500 مقابلة مع المساجين و5 آلاف سراح شرطي و166 ترخيصا لحضور الجنائز الجزيرة.نت: تونس تفرج عن 20 موقوفا بقضية المقاومة العراقية   

مجلة كلمة تحاور قيادات من المكتب السياسي لحركة النهضة أحمد السميعي: حركة 18 أكتوبر ما بعد إنهاء الإضراب: الآمال والتحديات

محمد نبيل: سكوت، نحن في تونس !

مرسل الكسيبي: لماذا ننقد النهضة كحزب؟

عبد الحفيظ خميري: لماذا لا يتغير النظام التونسي والعالم كله يتغير ؟؟؟ أبو البراء المهاجر: على هامش مهرجان ردود تلامذة الأمس على الشيخ خميس الماجري

وات: مدينة شفاينفورت ستكون مقر اقامة المنتخب التونسي

الصباح: الجامعة الافتراضية.. هل يمكن أن تعوّض الجامعة التقليدية؟

الصباح: هذه تكهناتي لعام 2006: محاولات إنقلاب وتعكّر صحّة بعض الملوك والرؤساء

الحياة: محاكمة نادية ياسين في آذار المقبل بتهمة اعتبار «الملكية غير صالحة» للمغرب  الحياة: مرشد «الإخوان»: المحرقة أسطورة الجزيرة.نت: واشنطن توقف مجلة فشلت باستقطاب الشباب العربي   الحياة: أحمد عطية: لا أتوجه الى الغرب و لا أمسح «جوخ» الجمهور 

حسن النوري: رسالة مفتوحة الي السيد الرئيس جورج بوش

حسين مجدوبي: فرنسا تمجد ماضيها الاستعماري

خميس الخياطي: في سياقة المرأة للسيارة والعنف الجنسي وزواج المسيار…

فهمي هويدي: مخاوف المسلمين المسكوت عنها

  محمد صادق الحسيني: أحمدي نجاد: بين لغة «الناس» ولغة التخاطب الدولي


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows )

To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).

أنقذوا حياة محمد عبو

أنقذوا حياة كل المساجين السياسيين

الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين

33 نهج المختار عطية 1001 تونس

الهاتف: 71.340.860

الفاكس: 71.351831

تونس في: 23 ديسمبر 2005

بــــــــيان

أصدرت الدائرة الجنائية الحادية عشر برئاسة القاضي الطاهر السليتي لدى انتصابها يوم 20 ديسمبر 2005 للنظر في القضيتين عدد 6433 و 6294 حكما قاضيا بإدانة كلا من السيدين

المنصف بن الصادق بن بلقاسم الهمامي و عادل بن علي بن العياشي السعيدي و سجنهما مدة 10 سنوات و ذلك من أجل الانتماء الى منظمة ارهابية تنشط بالخارج و تلقي تدريبات عسكرية طبقا لأحكام قانون 10 ديسمبر 2003 المتعلق بمكافحة الإرهاب. و ذلك رغم تمسك لسان الدفاع بعدم جواز تطبيق القانون المذكور باعتبار أن المتهمين يوجدان بالسجن قبل صدور القانون المذكور إذ أن السيد المنصف الهمامي كان أوقف بباكستان أواخر سنة 2000 من أجل مسك وثائق مزورة و قضى ما يزيد عن ثلاث سنوات بالسجون الباكستانية ثم وقع تسليمه سنة 2004 إلى تونس حيث وقع إيقافه من طرف أعوان إدارة أمن الدولة على ذمة هذه القضية و هو ما يجعل المحكمة تطبق قانون مكافحة الإرهاب بأثر رجعي باعتبار أن وقائع القضية تعود إلى ما قبل سنة 2000 أي أن المحكمة أدانت المتهم بموجب قانون صدر بعد ثلاث سنوات من دخوله إلى السجن أما السيد عادل السعيدي فقد وقع اعتقاله في شهر جويلية 2003 بكردستان العراق من طرف فرقة البشمرقة التي سلمته إلى القوات الأمريكية التي قامت بنقله إلى أحد السجون و تعذيبه ثم وقع ترحيله إلى الأردن حيث بقي معتقلا مدة تناهز الثمانية أشهر قبل أن يتم تسليمه إلى تونس حيث أوقف على ذمة قضية الحال لاتهامه بالانتماء إلى حركة أنصار الإسلام.

علما و أنه سبق لمحكمة الاستئناف بتونس أن طبقت قانون مكافحة الإرهاب بأثر رجعي في قضية السجين السياسي السيد عادل الرحالي و كذلك في قضية السجين السياسي السيد طارق بالخيرات مخالفة بذلك أحكام الدستور التونسي الذي ينص في فصله الثالث عشر على

: » أن العقوبة شخصية و لا تكون إلا بمقتضى نص قانوني سابق الوضع عدا حالة النص الأرفق « .

و الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين إذ تجدد موقفها المطالب بإلغاء قانون مكافحة الإرهاب الصادر في 10/12/2003 لعدم توفيره أبسط الضمانات القانونية للمتهم و لمخالفته للاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الجمهورية التونسية فإنها تندد بسوء استخدام هذا القانون و توظيفه من طرف السلطة لقمع حرية الرأي و التعبير فضلا عن تطبيقه بأثر رجعي في خرق فاضح للدستور.

رئيس الجمعية

الأستاذ محمد النوري


تهديد بالقتل ضد الطاهر العبيدي

بداية أعتذر للقراء عن هذا العنوان المزعج، الذي يكشف عن حادثة تعرضت لها يوم الثلاثاء 13 ديسمبر 2005، حوالي الساعة السادسة مساء، حيث جاءتني مكالمة على هاتفي النقال، وكان في الطرف المقابل شخص يتحدث لغة فرنسية سليمة قائلا: لي هل أنت السيد العبيدي،

فأجبت أنا هو فأضاف  » ستموت- ستموت- ستموت«  ثلاث مرات بلهجة حادة، وكأنه هو الذي يوزع لبطاقات الموت وأقفل الخط، بعدها بحوالي دقيقتين أعاد مخاطبى مهاتفتي ثانية، مكررا نفس الجمل التهديدية، فبادرت أنا هذه المرة بقطع المكالمة، مع العلم أن رقمه كان سريا لم يظهر على شاشة نقالي، بعدها ذهبت إلى مركز الشرطة الفرعي القريب من الحي الذي أقطنه، لتسجيل محضر فنصحوني أن أنتظر الغد، والأفضل أن أتوجه للإدارة العامة للشرطة الكائنة بباريس الدائرة التاسعة عشر،  وفي الغد يوم الأربعاء 14 ديسمبر 2005توجهت للإدارة العامة للشرطة المذكورة وقد سجلت محضر اتهام ضد مجهول،

وأردت هنا إعلام كل الزملاء الصحفيين، والأصدقاء المناضلين، والناشطين من مختلف الاتجاهات وإفادة القراء، مع الإشارة أني لاجئ سياسي بفرنسا منذ 1993، ومن المعترفين بجميل هذا البلد، وليست لي أي مشاكل شخصية مع أي كان، سوى نشاطي الصحفي المعلوم لدى العموم، ومقالاتي المنشورة في مختلف المنابر الإعلامية،

ومهما يكن من أمر، فارتباطي بالحرية والديمقراطية، ومعارضة اضطهاد الإنسان، واستجلاء الحقائق، والقضية التونسية، تبقى كل هذه الهواجس، قناعة مركزية ومبدأ أساسيا، وواجبا مقدسا.

الطاهر العبيدي   

taharlabidi@free.fr


حصيلة تدخلات قاضي تنفيذ العقوبات:

أكثر من 3500 مقابلة مع المساجين و5 آلاف سراح شرطي و166 ترخيصا لحضور الجنائز

* تونس ـ الشروق :

شهدت تدخلات مؤسسة قاضي تنفيذ العقوبات تطورا مطردا في الفترات الاخيرة.

وأفادت المصادر الرسمية ان قضاة تنفيذ العقوبات نفّذوا منذ انطلاقهم في العمل الى غاية موفى السنة الفارطة مجموعة 182 زيارة الى المؤسسات السجنية قاموا خلالها بـ3513 مقابلة شخصية مع المساجين.

واثر هذه المقابلات وجّه القضاة الى ادارة السجون طلبات تتعلق بالرعاية الصحية والاجتماعية للمساجين تهم خاصة طلب التدخل لبعض المساجين قصد معالجتهم بالمستشفيات وتمكين البعض الآخر منهم من غذاء يتماشى مع حالتهم الصحية.

كما طلب القضاة نقلة بعض المساجين الى مؤسسات سجنية كائنة بالولايات المتحدة (باهية هاذي، التحرير..!!!!!) التي بها مقر اقامتهم فضلا عن طلب تمكين عائلات بعض المساجين من اعانات مادية.

وعلاوة على ذلك أصدر قضاة تنفيذ العقوبات خلال الفترة نفسها تراخيص بالخروج من السجن وحضور مواكب جنازة لفائدة 166 سجينا.

كما تولوا منح السراح الشرطي للمحكوم عليهم من اجل الجنح بعقوبة لا تتجاوز 8 أشهر سجنا بعد قضاء مدة اختيار قدرها نصف العقاب بالنسبة الى المبتدئ وثلثها بالنسبة الى العائد بعد ثبوت الارتداع داخل السجن.

وقد تطور عدد المنتفعين بهذا السّراح من 4459 سنة 2004 الى 5062 خلال هذه السنة.

وبالتوازي مع هذه التدخلات يواصل قضاة تنفيذ العقوبات متابعة أوضاع المنتفعين بإجراء العمل لفائدة المصلحة العامة وذلك بالتعاون مع الجماعات العمومية والمحلية.

يذكر ان مؤسسة قاضي تنفيذ العقوبات قد أحدثت بموجب قانون صدر في 31 جويلية 2000 وأسند لقاضي تنفيذ العقوبات مهمة مراقبة ظروف تنفيذ العقوبة السالبة للحرية بالمؤسسات السجنية وهي مراقبة شاملة لجميع أوجه الحياة داخل السجن.

ثم صدر قانون آخر في 29 أكتوبر 2002 أوكل لهذا القاضي متابعة عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة ومنح السرّاح الشرطي.

* م ـ ي

(المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 23 ديسمبر 2005)

سؤال من « تونس نيوز » إلى من يهمه الأمر:

– هل السجناء المعتقلون منذ نهاية الثمانينات بتهم تتعلق بحقهم في التنظم والإجتماع والتعبير عن الرأي (أي المنتمون بصفة أو أخرى إلى حركة النهضة أو إلى حركات وتنظيمات سياسية أخرى) مواطنون تونسيون مشمولون بنظر السادة قضاة تنفيذ العقوبات أم لا؟

        فإذا كان الجواب بنعم، فهل تمت معاملتهم على غرار بقية المواطنين؟

         أي هل سمح لهم مثلا بحضور جنازة الآباء والأمهات؟

         وهل تم تحويلهم إلى سجون قريبة من محل إقامة عائلاتهم؟

         وهل أذن السادة قضاة تنفيذ العقوبات بمنح السراح الشرطي لمن قضى منهم نصف العقوبة (ونحن نعتقد أن جميع – نعم نؤكد جميع – مساجين الرأي في تونس قد قضوا أكثر من نصف العقوبة المسلطة عليهم)؟

         وهل مكن السادة القضاة عائلات المحتاجين منهم – وكلهم محتاجون في الواقع – من إعانات مادية ؟

        وهل وهل وهل ………

نحن في انتظار الرد من القادرين على الإجابة على هذه الأسئلة البسيطة (أو من منظمات المجتمع المدني المعنية) لأننا لا زلنا نأمل – رغم كل شيء – أن يُعامل هؤلاء البشر المظلومون كبقية المساجين من المواطنين التونسيين … لا أكثر ولا أقل.


تونس تفرج عن 20 موقوفا بقضية المقاومة العراقية

لطفي حجي- تونس

أفرجت السلطات التونسية مؤقتا الخميس عن نحو عشرين من أفراد الجماعات السلفية الذين أوقفوا داخل البلاد وخارجها بمقتضى ما يسمى « قانون الإرهاب ».

وأصدر قاضي التحقيق المكلف بالقضية أمرا بالإفراج عن المتهمين المذكورين مؤقتا إلى حين تحديد موعد لمحاكمتهم.

يُشار إلى أن السلطات أوقفت نحو 150 من أفراد الجماعات السلفية بدعوى أنهم يخططون لارتكاب عمليات إرهابية « في إشارة إلى اعتزام عدد منهم السفر إلى العراق لمحاربة القوات الأميركية ».

وبين الموقوفين الذين باتت قضيتهم تعرف باسم « قضية المقاومة العراقية » أشخاص سلمتهم السلطات السورية بعد أن نجحوا بدخول أراضيها في طريقهم للعراق.

وجاء توقيف المذكورين الذين تتراوح أعمارهم بين 19 و25 عاما بناء على قانون أقره البرلمان التونسي عام 2003، وعرف بـ « قانون الإرهاب وغسيل الأموال ».

وكانت المحكمة الابتدائية بتونس العاصمة قضت في شهر أبريل/نيسان الماضي- في أول محاكمة وفق هذا القانون- بسجن عدد من أفراد المجموعة ذاتها، لمدد تتراوح بين 5 و30 سنة خفضت محكمة الاستئناف لاحقا بعضها.

وأثارت الأحكام دهشة المحامين والناشطين الحقوقيين الذين نعتوها بالقاسية، واعتبروها محاكمة لنوايا شباب لم يرتكبوا أي فعل إجرامي يعاقب عليه القانون

(المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 22 ديسمبر 2005)

* ذكرى

مرت هذا الأسبوع وتحديدا يوم 14 منه الذكرى الخامسة لرحيل الأستاذ فاضل الغدامسي الذي غيبه الموت بشكل مفاجئ وهو يضطلع بأعباء الدفاع عن حقوق الإنسان وبالتأكيد على التمسك بالرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان.

وذكرى رحيل المناضل فاضل الغدامسي هي مناسبة مثلى لاستحضار جوانب من سيرة رجل اتسم التزامه بحقوق الإنسان بالهدوء والعقلانية ونكران الذات وبصرامة في التعامل ووضوح في المنهج جلب له مشاكل مع كل الرافضين لفلسفة حقوق الإنسان بما في ذلك أولئك الذين يدعون الالتزام المطلق بها.

ولا شك أن الأسطر لن تفي مهما كثرت الفاضل الغدامسي حقه لكن ذاكرة تمثل بكل تأكيد دافعا لأصدقائه للتمسك بمنهجه والإصرار على دور أكثر فاعلية في نصرة حقوق الإنسان ونشر ثقافتها.

 * بيان توضيحي للرأي العام :

اتصلت الوحدة ببيان يحمل تواقيع عدة شخصيات ناشطة في المجال السياسي والحقلين النقابي والحقوقي ويتضمن تعقيبا على البيان الصحفي الذي يعلن تأسيس هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات.

وأشار البيان الذي اتصلت به الوحدة إلى أن للممضين تحفظات واضحة وصريحة حول مشاركة حركة النهضة في إضراب الجوع إضافة إلى الغموض الحاصل حول علاقة هذا التحرك بالتعويل على الضغط الخارجي الرسمي ومن ذلك مشروع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.وعلى هذا الأساس أكد البيان أن التحالف الجديد لن يتقدم بالحريات الديمقراطية بل يمثل خطرا جديدا عليها لأنه يبث الوهم حول ديمقراطية حركة النهضة ويلعب دور الوسيط من أجل إشراكها في الحياة السياسية وفي السلطة كما يروج لذلك مشروع الإصلاح الأمريكي-الأوروبي.

وأشار الممضون في البيان إلى أن حماية المكاسب الوطنية والثقافية والاجتماعية والحضارية والنهوض بالحياة السياسية في بلادنا والدفاع عن الحريات والديمقراطية وسن القوانين الحامية لها لا يمكن ضمانه إلا بتكتل كل القوى المؤمنة بالعقلانية وبالاعتماد على القوى الذاتية والوطنية ويرفض أي محاولة لفرض اختيارات من الخارج تحت أي عنوان كان وعلى التعاون مع قوى المجتمع المدني التقدمي والديمقراطي محليا وإقليميا لمزيد تطوير النضال المشترك ضد مخاطر العولمة المتوحشة والغازية.

 * محاضرة :

بمناسبة الذكرى السابعة والخمسين لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وبدعوة مشتركة من جامعة فريبور السويسرية وفرع منظمة العفو الدولية ونادي اليونسكو بها ألقى الأستاذ الطيب البكوش رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان محاضرة عمومية حول رهانات الميثاق العربي لحقوق الإنسان حضرها إلى جانب الأساتذة والطلبة المشاركون في ندوة منهجية الحوار بين الثقافات والأديان في ضوء الحقوق الثقاقية التي تنظمها الجامعة المذكورة بالاشتراك مع المعهد العالي للأخلاقيات وحقوق الإنسان.

 * تحــرّك :

قامت مجموعة من الطلبة مؤخرا بتحرك ميداني في إطار مساندة الطالب أيوب الغدامسي الذي أطرد في جويلية 2004 من كلية الحقوق والعلوم السياسية بالمنار II اثر اتهامه بارتكاب مخالفات لنظام الدراسة نفاها نفيا قطعيا.

وقد رفضت كلية العلوم القانونية بأريانة وكلية الحقوق بسوسة وصفاقس مطالب الترسيم دون أي سند قانوني علما وأن الطالب أيوب الغدامسي أطرد فقط من كلية الحقوق والعلوم السياسية بالمنار II.

ورغم مراسلاته فإن الطالب أيوب الغدامسي لم يتمكن من الترسيم ولا شك أن وزارة التعليم العالي مدعوة إلى حل الاشكالات القائمة وذلك بتمكين الطالب المذكور من التسجيل بإحدى كليات الحقوق في أقرب وقت حتى يستطيع اجتياز امتحانات السداسي الأول. ونشير إلى أن الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان قد أصدرت بيانا تساند فيه الطالب أيوب الغدامسي وتدعو إلى ضمان حقه في الدراسة.

 * بـيـان مـشـترك :

أصدر الاتحاد العام لطلبة تونس بتاريخ 09/12/2005 بيانا أثنى فيه على الروح النضالية التي ميّزت لقاء الفرقاء وهو ما من شأنه رأب الصدع نهائيا سعيا لتوحيد الصف الطلابي حسب نفس البيان. هذا ونشير إلى أن البيان تطرّق إلى جملة من القرارات المهمة التي من شأنها أن تزيد من رصّ الصفوف سواء في انتخابات نواب الطلبة أو في القادم من الاستحقاقات. وهو ما عبّر عنه بوضوح شعار القائمات الموحدة للاتحاد المعنون بـ » دفاعا عن العقلانية والتقدم  » ولعل البيان المذيّل بتوقيعين له دلالته التي ستتوضّح أكثر في القادم من الأيام./.

(المصدر: صحيفة « الوحدة » الأسبوعية، العدد 481 بتاريخ 17 ديسمبر 2005)


مجلة كلمة تحاور قيادات من المكتب السياسي لحركة النهضة

– نحن مستعدّون لأن نقيم ميثاق شرف بين كلّ العائلات الفكرية نتفق فيه على أشياء عامّة تضمن حرية الرأي والمعتقد والحريات العامة والشخصية ونحن نلتزم أمام الآخرين وامام شعبنا وأمام كلّ الناس على أنّه إذا اتفقنا على قوانين اللعبة نحترمها. – نريد تأسيس شيء منظم وأن نتفق على قواعد اللعبة وقواعد التحركات، فلا تكون إرادة طرف مهيمنة على آخر ولا يكون فيها تهميش لطرف من الأطراف – الدولة في تونس هي بالضرورة مدنية سواء الآن أو في المستقبل. والدولة المدنية واضحة المعالم وهي نتيجة لمسار تطوّر الممارسة السياسية في العالم ولسنا من يطالب بإعادة نماذج أخرى لامدنية أو لاحداثية . نحن كنّا نندد بأيّ دولة سواء أكانت تدّعي بأنّها دولة مدنية علمانية وتنتهي إلى الاستبداد أو دولة تدّعي أنّها ثيوقراطية دينية أو لها مشروعية تنتهي إلى الاستبداد – نظام الدولة عندنا هو نظام ديمقراطي أي الاحتكام إلى الشعب. فالمرجعية وشرعية الحكم نعتبرها من الشعب وهذا نعتبره مبدأ إسلاميا. – نحن بقرار واع نعتبر أنّه لا مجال إلى مراجعة مجلة الأحوال الشخصية، نحن اعتبرناها من الاجتهاد في إطار المنظومة الإسلامية كلمة : هذه هي المرة الأولى تحت سلطة بن علي والتي تخاض فيها معركة من أجل الحريات والنهضة طرف فيها ولو بشكل غير رسمي ومباشر، لأنّ الشخصيات القريبة منكم أو من تمثلكم لم تطرح نفسها تمثيلا رسميا عن حركة النهضة. لكن الجميع يعتقد أنّ حركة النهضة خاضت هذه المعركة، ليس فقط في عملية الإضراب، بل خاصة في التحركات في المهجر في فرنسا وكندا ولندن وألمانيا والعديد من الأماكن التي كانت التحركات فيها قوية. ماهو تقييمكم لهذه الحركة ؟ وماذا كنتم تنتظرون منها ؟ محمد بن سالم : نعتقد أنّ ما حققته هذه المعركة هو شيء إيجابي، يمكن القول إنّه منقطع النظير، لأنّه قبل هذه الحركة كان هناك موات في الساحة السياسية التونسية. وهذه الحركة أعطت حيوية جديدة. ومساهمة حركة النهضة، كما تفضّلت كانت ناشطة. وهذا رجوع إلى الحالة التي كان من المفروض أن تكون منذ زمان، وللأسف بعد أن تضررت الحركة مما يزيد عن عشرية سوداء أقامت فيها السلطة حصارا على الحركة- وللأسف العائلات الديمقراطية في تونس بشكل من الأشكال استجابت لهذا الحظر الذي كان حظرا بوليسيا- وقد اعتبرنا الآن أنّ الدرّ رجع إلى معدنه، فالأصل أنّ معركة الحريات تهمّ كل التونسيين، صحيح أنّ حركة النهضة كانت من أكبر المتضررين. ولكن ليس الإسلاميون فقط، بل بقية العائلات الفكرية تضررت قبل هذه الدكتاتورية بشكل عام، وحتى في هذه العشرية تضررت كل العائلات الفكرية الأخرى التي تطالب حقيقة بالديمقراطية. وكان من المفروض أنّ معركة الحريات تلمّ جهود كل المتضررين أوّلا باعتبارهم متضررين، ثم خاصة من ناحية مبدئية لأنّ النضال من أجل الحريات ومن أجل تونس ديمقراطية تحترم فيها كل العائلات الفكرية ويسمح لها بأن تبني تونس المستقبل هذه ليست معركة الإسلاميين فقط أو أن يدخل كل واحد المعركة على حدة.

لقد استغرقنا وقتا طويلا حتى نفهم ان العمل المشترك له فوائد عديدة. وكنّا قمنا بتحركات عديدة بمفردنا، رغم إلحاحنا ومحاولاتنا العديدة لإشراك بقية المعارضات حتى في عمل مشترك. وكان لذلك بعض النتائج ولكنّ النتائج التي حققها هذا التحرك كانت بكل المقاييس أحسن بكثير من كل التحركات الأخرى التي قامت بها العائلات الفكرية الأخرى. ونحن كنّا حريصين على أن يدخل الجميع هذه المعركة ونحن نأمل أنّ هذا التراكم وهذه الوحدة التي رأينا نتائجها الإيجابية يتم المحافظة عليه لأنّ سرّ نجاح هذا التحرك الأخير هو هذا العمل المشترك وهذه الوحدة التي تجاوبت معها الجهات في كامل تراب الجمهورية كلمة : لكن هل تعتقد أنّها نقطة انطلاق لمسار من المفروض أن يحصل أم أنّ كلّ ما كان مأمولا قد تحقق في هذه العملية؟ محمد بن سالم : أبدا بالعكس، هو أصلا المطالب التي أعلن التحرك من أجلها لم يتحقق أيّ منها. ثمّ وكما يقال « :من ربح من باب فليلازمه » يعني إذا اعتبرنا أنّ هذا التكاتف قد أعطى نتائج جيّدة بتفاعل الجهات والتضامن العالمي للمجتمع الدولي ومساهمة الجالية التونسية في المهجر في بلدان عديدة، فعنصر المشاركة الجماعية هو ما أعطى نتيجة إيجابية. ومن ناحية مبدئية، الدكتاتورية مازالت قائمة، وبما أنّ مسألة الدكتاتورية تهم كل الناس، فالأصل في الشيء أن يتصدّى لهذا العمل كل المتضررين وكل المنتفعين من تغيير البلاد إلى وضع أكثر حرية وأكثر ديمقراطية. ونحن ندعو بقية الفرقاء إلى أن نتقدم جميعا.
صحيح أنّ هذا التحرك كان جيدا ولكن لم يكن طويل النفس ولم يكن هناك تخطيط. بل كان فيه شيء من العفوية رغم نجاحه والآن نريد تأسيس شيء منظم وأن نتفق على قواعد اللعبة وقواعد التحركات، فلا تكون إرادة طرف مهيمنة على آخر ولا يكون فيها تهميش لطرف من الأطراف. وهذا يتطلب الاتفاق على قواعد حتى نقدر على خطوات أخرى مع بعض. رياض بالطيب : نحن نعتبر أنّ الساحة السياسية قد تغيرت كثيرا عن المرحلة التي كانت من قبل في الثمانينات حين كان التونسيّون يشتغلون مع بعضهم. وكانت هناك مؤسسات متابعة بين الأحزاب السياسية وكان هناك تحركات في الجامعة وفي النقابات وفي رابطة حقوق الإنسان. وكانت هناك أقدار من العمل المشترك ومن التنسيق ومن الحوار. وبالتالي ما يقع الآن هو استئناف ما كنّا بصدده في الثمانينات وكذلك هو تتويج لجملة من التحركات التي حصلت في التسعينات. فما وصلنا هذا التحرك إلاّ بعد مبادرات قامت بها عديد من الأطراف من أجل إرجاع الأمور إلى نصابها ومن أجل الدفاع عن الحريات الفردية والجماعية ومن أجل الدفاع عن المساجين ومن أجل إبراز المظالم التي تعرض لها جزء من أبناء تونس.
فحركة 18 أكتوبر جاءت لتتوّج ولتنمّي جملة من المحطات النضالية التي بدأ فيها التقارب، ووقعت محطات أخرى كـ »إيكس » وغيرها، يعني تواجدت الأطراف العلمانية واليسارية والإسلامية للنقاش والحوار. وكانت هناك أطراف ترى أنّ الحوار لم يحن وقته، وأنّه لم يحن وقت الحوار مع الإسلاميين.
ولكن نحن كنّا مؤمنين بأنّ الأمور لم تكن لتتحرك إلاّ إذا اقتنعت كلّ الأطراف أنّه لابدّ من التعاون والتفكير مع بعض في مستقبل البلاد.
عبد المجيد النجّار : أنا أثنّي على ما قيل من أنّ مبادرة 18 أكتوبر تستطيع أن تكون منعرجا لمرحلة جديدة في التعاون بين الفرقاء لمقاومة الوضع الحالي ومحاولة إيجاد حلحلة نحو الديمقراطية. لكن هناك صعوبات تعترض هذا العمل لابد من التفكير فيها والعمل على تذليلها. ومن بينها أنّ هذه التحركات هي عامّة وتحتاج إلى نوع من بلورة ونوع من وضع رأس واضح لهذا التحرك، ولم لا حتى على مستوى الأشخاص، لأنّ هناك كما قيل التفاف خارجي حول هذا العمل المشترك وهذا يكون أكثر لو ظهر هذا العمل للناس أكثر : ماهي الأفكار الأساسية التي يشترك فيها الجميع وماهي الزعامة التي يراهن عليها الغرب ؟ فالمطروح الآن بين الناس هو ماهو البديل ؟
العائق الثاني، هو هذا التوجس بين الفرقاء المجتمعين فهناك تخوفات بين الجميع. وهذا وإن كان يُصوّر على أنّه نحو الإسلاميّين أكثر، لكن أنا أعتقد أنّ ذلك حتى بين غيرهم فيما بينهم. فكيف نعالج ذلك ؟
هناك من يطالبك بالاستظهار بقائمة كأنّها أسئلة وأجوبة. ونحن نقول التخوّفات موجودة من قبل الإسلاميّين ومن قبل غيرهم، كما أنّ غير الإسلاميين عندهم تخوّفات وعند الإسلاميين أسئلة قد تكون لها مبرّرات مثل تلك المبرّرات أو أقوى.
ونحن كإسلاميّين نتفهّم التخوّف من الطرف الآخر، ولا نحمّل المسؤولية كاملة في هذا التخوّف للطرف الآخر بل جزء من المسؤولية نحمّلها لأنفسنا لأنّ هذا المشروع المجتمعي المستقبلي نحن نملك فيه المبادئ العامّة ونملك فيه أجوبة على بعض التفاصيل، لكنّنا لا نملك كل الأجوبة على كل التفاصيل لأنّ هذه الأجوبة تحتاج إلى حركة حوارية منّا جميعا بيننا وبين الواقع التونسي وبيننا وبين المجتمع التونسي عبر لقاءات منهجية وحوارية وجدالية مستمرة حتى نصل إلى أجوبة ناضجة نقنع بها بعضنا البعض. وهذه العملية مستمرّة لا يمكن أن تتمّ بما يدعو إليه البعض اليوم بصيغة سؤال وجواب. والأسئلة مطروحة على الكلّ ولا نعتبر أنفسنا فقط معنيّين بها. حسين الجزيري : العمل المشترك ما زال قيد التأسيس وبذلك يبدو في مرحلة ولادة ومرحلة بداية، وأصعب الأمور بداياتها.
هناك احترازات مازالت قائمة حول العمل المشترك والتحفظات ما زالت قائمة. وبرأيي الصعوبات أكثر من المكاسب. ولهذا هناك نوع من التحوّل بين مرحلة قديمة ومرحلة جديدة، ليقع هذا التحوّل من مرحلة كان الصراع فيها بين أطراف المعارضة فيما بينها يغضُّ الطرف َ عن الصراع الحقيقي بين المعارضة من جهة باعتبارها ساندة للمجتمع ضد السلطة المستبدّة بالدولة وبالمجتمع، الآن المعطى الجديد هو أنّ الصراع لم يعد بين معارضة ومعارضة وإنّما صار بين المعارضة مجتمعة تقريبا ضد السلطة. وهذا هو التحوّل النوعي وهذا بداية الفعل.
وهنا يجب أن نطرح الأسئلة الكبرى، فثمّة من يرى أنّ حركة النهضة تريد أن تستحوذ ولها سياسة مغالبة وتُبرز أحيانا قوتها العددية، وهذه كلها تساؤلات أخذتها حركة النهضة بعين الاعتبار واستفادت من التجربة الفارطة، ولا تريد أن تشوّش على العمل الجماعي ولا تريد أن تكون هي الرأس في هذا العمل الجماعي، لكنّها لا تقبل بالحد الأدنى وترفضه رفضا باتا وهو في القديم سياسة الإقصاء والاستئصال، وإنّما تكون مع الجميع ضمن الجميع داعمة مساندة لإنجاح أي عمل في المرحلة القادمة.
طبعا الحركة مازال عندها وجود مقسّم بين وجود في المهجر ووجود في تونس. والتنسيق الجديد إضافته أنّه في تونس ليس في الخارج. ففي العشرية الفارطة كان العمل الجماعي يتم في ركن من أركان دول أوروبية وهذا طبعا إيجابي، وهذا العمل على أهميته سيبقى الداعم والسند الأساسي ومن فرنسا بالذات للعمل في تونس. وهذه المرة هناك جرأة جديدة، وهي إمكان عمل مشترك مع جميع الأطراف بما فيها حركة النهضة، وتعرفون أنّ حركة النهضة مازالت في السجون ولا يسمح لها بالتكلّم وبالتصريح. ولا نرد نحن في حركة النهضة أن ندخل في تشابك جديد مع السلطة يشوّش على بقية العمل الأولوي: تأسيس العمل الوطني المشترك الذي يقصي الإقصاء ويؤسس لبدايات عمل ديمقراطي. كلمة : قلتم لا للاستثناء ولا للهيمنة، لكنّ بعض الأطراف تحرّجت من تصريح راشد الغنوشي حول تقييم هذا الإضراب، واعتبروا أنّ هذا التصريح عبارة عن محاولة استحواذ.
ما هو رأيكم ؟ وماهي مسؤولية راشد الغنوشي في الحركة، هل هو ناطق رسمي أم له دور سياسي أم فكري ؟ محمد بن سالم : هذه الزوبعة أثارها كثير من الذين لا يؤمنون بالعمل المشترك بشكل كبير وأخرجوا الكلمات من إطارها، فهو شكل من أشكال الوقوف عند ويل للمصلّين. فعندما أرى تلك الكلمة- والتي آسف أنّها وردت بذلك الشكل- قد أخرجت من إطارها.
فالنص يقول إنّ العلمانية في أماكن عديدة من العالم لم تتقدم، وأنّ هناك مدّ إسلامي كبير… ووردت عبارة كفر وإيمان وهي عبارة نأسف لها، ولكن في نفس الوقت هذه الرسالة تحدثت على أنّ أولئك الرجال الذين ضحّوا بأجسادهم هم أبطال تونس. وبالتالي فهذه الرسالة لم تأت لتقول إنّ هذه المعركة في بلادنا هي بين كفر وإيمان بل المعركة هي بين الدكتاتورية وطلاّب الديمقراطية والحرية، واعتبرت هؤلاء الرجال الذين قاموا بمبادرة إضراب الجوع أبطالا مهما كانت مشاربهم، من أقصى اليسار إلى ليبراليين إلى اثنين من الإسلاميين. وبالتالي لم تفرق على أساس الكفر والإيمان، بل اعتبرت كلّ هؤلاء الناس قد ضحّوا من أجل تونس وبالتالي يجب التنويه بهم.
كما أخرجت الرسالة من إطار فعل الشيخ راشد وتصريحاته ومبادراته التي قام بها سابقا. وأذكّرك بأنّه عندما شنّ الشيخ راشد الغنوشي إضرابا تضامنا مع السيدة راضية النصراوي عندما أعلنت إضرابها من أجل إطلاق سراح زوجها السيد حمة الهمامي وبقية المساجين، قام بإضراب هو ومجموعة من الإخوة في لندن. وهذا دليل على أنّ المعركة ليست بين كفر وإيمان، فراضية ما زالت كيسارية محترمة تدافع عن حقوق الإنسان ونحترمها من أجل ذلك ونتضامن معها.
وعندما قام الشيخ راشد بإضراب مساندة لتوفيق بن بريك لم يكن ذلك لأنّه إسلامي بل لأنّه رجل طالب بحقّه في امتلاك جواز سفر… وكلّ المبادرات التي قامت بها الحركة سابقا والمبادرات التي قام بها الشيخ راشد شخصيا هي في إطار دفع العمل المشترك.
وفي ما يخصّ الجانب الثاني، طبعا الشيخ راشد هو رئيس حركة النهضة، وحركة النهضة هي حركة مؤسسات. فلدينا رئيس حركة وليس أمير كما يحلو لكثير من الإخوة في اليسار. وهو رئيس حركة منتخب بالاقتراع السرّي وليس برفع الأيادي. وعندما نقول مؤسسات فإنّ فيها مكتب تنفيذي يرأسه رئيس الحركة المنتخب وفيها مكتب سياسي وفيها مجلس شورى. يعني تحدث مؤتمرات كلّ ثلاث أو أربع سنوات يقع انتخاب ممثلين عن كل القواعد بالاقتراع السرّي وفي المؤتمر الذي يمثّل كل قواعد الحركة. وعندما كنّا في تونس كلّ الجهات كانت تساهم في مؤتمرات جهوية تفرز نوّابا ثمّ يعقد المؤتمر العام. وقد وصلنا الآن المؤتمر السابع منذ تأسيس الحركة أي أقمنا ستة مؤتمرات في 25 سنة. ونحن بصدد التحضير لمؤتمر السابع في وقته العادي. كلمة: متى سيكون ذلك ؟
محمد بن سالم : ربما يكون في 2006.
لدينا حركة مؤسسات وفي المؤتمرات الستة الفارطة كان واحد فقط انتخابيا. أمّا البقية فهي مؤتمرات مضامين، يعني تحضير للمؤتمر بمضامين ونتدارس المسائل، و في كلّ مؤتمر لدينا أشياء جديدة نقترحها على المؤتمرين فتقبل أشياء وترفض أخرى. ونحن نعتبر أنفسنا في هذا الجانب حركة ديمقراطية وحركة مؤسسات ونمارس الديمقراطية داخلنا منذ تأسست الحركة. كلمة: لكنّ العموم لم يطّلع على لوائحكم ؟
محمد بن سالم : هذا صحيح عندما كنّا في تونس، وكلّ الناس يعلمون أنّنا طالبنا منذ سنة 1981 بحزب ونريد أن نظهر للناس بكلّ مؤسسات الحركة. ولكن للأسف وقع رفض الطلب وحوكمنا سنوات 81 و83 و87 ولازلنا نحاكم منذ 1990.
لم نكن قادرين حقيقة على ذلك فكلّ من يعلن انتماءه للحركة كان يحاكم مباشرة. ولكن ابتداء من التسعينات عندما خرجنا للفضاء الخارجي نشرنا كثيرا من أدبياتنا. وممّا نأسف له كذلك أنّ إخواننا في المعارضة لهم جهل تام بما أصدرته الحركة رغم أنّنا غير مقصرين في ذلك، وربما نكون مقصّرين في أن نوصل إليهم ذلك. وأحسب في تقييماتنا الخاصة أنّ الخطأ خطأنا كوننا لم نسع لإيصال هذه المادة ولا نقول هم لا يريدون القراءة.
وأقدر الآن أن أعد إخواننا في تونس مهما كانت مشاربهم الفكرية والسياسية أنّنا بصدد تحضير كتيب يتحدث عن الحركة وأفكارها، وهنا صعوبات جعلت هذا الأمر عسيرا منها المادي نظرا لآلاف العائلات التي كان على الحركة أن تعيلها. وخلال الأشهر القليلة سيصدر ونوزّعه على التونسيين. كلمة : كثير من مواقف حركة النهضة حولها كثير من الغموض. وفي الخطاب الذي ألقيتَه- سي محمد بن سالم- في المهرجان الذي وقع في باريس يوم 16ديسمبر تفضلت بتوضيح العديد من المسائل التي هي محاور أساسية وموضع تساؤل من طرف الحركة الديمقراطية. وأعيد هنا طرح السؤال حول هذه المحاور، ففيما يخصّ حياد المساجد، أنت تحدثت عن حياد المساجد. فهل للمساجد دور في العمل السياسي في المجتمع وماهو دورها بالضبط حسب رأيكم؟ وماهي علاقة الأحزاب والمنظمات السياسية بالمساجد ؟ محمد بن سالم : عندما ننظر في الوضعية الحالية، نجد أنّ المساجد ليست محايدة فالحزب الحاكم يستعمل المساجد للدعاية السياسية وخاصة للدعاية والدعاء لرأس الدولة. فبالتالي نحن نعتبر هذا أصلا ليس تحييدا.
نحن في موقفنا صار هناك تحوّل. لم نقل في وقت من الأوقات أنّ المساجد يجب أن تكون منبرا للسياسة. ولكن عمليّا قد نكون استعملناها بعض الاستعمالات الخاطئة دون أن نعلن ذلك كشعار أنّ المساجد ملك للحركة الإسلامية أو لحزب إسلامي مستقبلي. ولكن كان من جملة المحاور التي طرحت في مؤتمراتنا مسألة حيادية المساجد. وفي هذا الأمر توصّلنا إلى أن ندعو إلى مجتمع ديمقراطي، وبالتالي المساجد ليست حكرا لحزب سياسي دون آخر.
يمكن أن يكون هناك علماني ويؤدي صلواته في المساجد، وبالتالي إذا سمحنا لأنفسنا أن نستعمل المسجد للدعاية السياسية لحزبنا فما المانع من أن نسمح لغيرنا بذلك… وبذلك هناك مخاطر تحويل المساجد إلى ساحة للتصادم وإخراجها من الدورها الرئيسي المعطل حاليا ألا وهو العبادة.
ولكن من المفروض أن تقوم المساجد بدورها في تثقيف الناس وتعطي الإمكانية للدعاة المعتدلين الذين يتوافقون مع الإسلام المعاصر، أن يقدّموا ثقافة للشباب. والحاصل الآن أنّه عندما تغلق المساجد أمام هذا التثقيف الديني نجد أنّه في أماكن وفي دهاليز وغيرها هناك تسلّل لبعض الأفكار السلفية ومنها السلفية العنيفة وفيها كذلك ما سمي بالسلفية العلمية المهادنة للسلطة والتي تلقى تشجيعا منها. كلمة : كيف تفسّر الظاهرة السلفية الجديدة وما هو رأيكم في هذه الحركات ؟
محمد بن سالم : من أهمّ الأسباب إغلاق المساجد أمام الدعاة الحقيقيّين وأمام المشائخ الحقيقيّين. فهؤلاء ممنوعون لأنّه لا توجد حرية لا في المساجد ولا في المقاهي أو غير ذلك من الفضاءات العامة… ولهذا وجدت المشارب الأخرى نفسها أكثر حرية في العمل السري.
ثم إنّه عندما اعتقل عشرات الآلاف من الإسلاميين المعتدلين تركت الساحة فارغة أمام كل من يأتي بفكرة غريبة. ونحن نعتبر أنّ السلطة ساهمت مساهمة مباشرة في انتشار هذه الأصناف سواء المتشدد منها وهو الذي يخدم السلطة، وكذلك السلفيين المهادنين الذين ليست لهم مشكلة مع الدكتاتورية بل يخدمونها، خاصة وأنّهم يكفّرون المعتدلين، فنحن بالنسبة إليهم مثلكم تماما خارجون عن الدين، والآن في السجن في تونس وحسب ما روى لنا المحامون عن المقابلات التي تتم مع هؤلاء فهم يجعلوننا كفارا لا نفهم الدين، والدين الحقيقي والحقيقة الواحدة هي عند هؤلاء الناس.
أنا أقول إنّه عند ضرب المعتدلين يترك المجال واسعا أمام المتطرفين، وربّما يعتبر بن علي ذلك مسألة تخدمه حتى يزيد الخلط… ويحدث اليوم في تونس أنّ من ترتدي الخمار مقموعة ممنوعة أمّا التي ترتدي النقاب فمسموح لها بالدخول والخروج بدون مشاكل حتى تعطي الصورة الكريهة للإسلام وللإسلاميين بشكل عام. كلمة : لم يعرف شيء عن هذه الحركات، فمن تكون وكيف شجعتها الدولة ؟
عبد المجيد النجار : نحن كذلك لا نعرفهم. نسمع عن ظاهرة سلفية فيها شيء من التطرف والأخبار تأتينا ولا نعرف منهم زعيما. ونحن أيضا تمثّل لدينا نقطة استفهام ومشكلة نبحث لها عن جواب.
هم يأخذون أفكارهم من خارج تونس، من الخليج ومن غير الخليج. أمّا التديّن فهو أمر طبيعي لدى الشباب التونسي لأنّ تونس بلاد إسلامية هذا بالإضافة إلى عامل الفضائيات والأحداث العالمية.
وعندما كانت الحركة الإسلامية موجودة كان الكثير ممن تنزع نفوسهم إلى التدين تحتضنهم الحركة الإسلامية، وهي بطبيعتها منفتحة لأنّ الأتباع ينشأون على مطالعة الكتب الدينية والفلسفية… كلّ هذه المنظومة الفكرية يجبر الأعضاء على مطالعتها وتلخيصها فنشأت على طابع من الاعتدال والانفتاح. وهو ما تطوّر عبر مراحل نحو الإيجابية. لما إنضربت الحركة و انتهاء هذا الأمر، هؤلاء الشباب الذين يريدون التدين اتخذوا لهم شيوخا أحاديّي النظرة فوقعوا في أفق ضيق ووقعوا في الفهم الأحادي وفي هذه السلفية المتطرفة. كلمة : تطرح قضية مجلة الأحوال الشخصية قضية خلافية مع حركة النهضة، ماهو رأيكم بالتحديد في هذه القضية ؟
محمد بن سالم : أنا شخصيا أعترض على اعتبار كون مجلة الأحوال الشخصية مسألة خلافية مع حركة النهضة لأنّها لم تطلب في أي وقت من الأوقات أو في أي منشور من منشوراتها بمراجعة مجلة الأحوال الشخصية ومن له دليل فليستشهد به. وكنت قد ذكرت في الاجتماع الأخير أنّه خلال الحملة الانتخابية سنة 1989 وفي بعض قوائم المستقلّين كان هناك بعض الشخصيات الإسلامية المعروفة وفيهم من تكلّم وقال لم لا يقع مراجعة مجلة الأحوال الشخصية ؟
ولكن الحركة لم تطالب في أي وقت بمراجعة المجلة وهذا واضح فيما كتبناه. كلمة : هناك بعض حوارات عندما كان هناك حوار في الصحف في بداية الثمانينات فيها تصريحات لرموز ينتمون لحركة الاتجاه الإسلامي تكلّموا بهذا الحديث، وأنا أتذكّر حوارا مع مورو… أمّا ما يهم الجميع فهو موقفكم اليوم ؟ محمد بن سالم : نحن بقرار واع نعتبر أنّه لا مجال إلى مراجعة مجلة الأحوال الشخصية، نحن اعتبرناها من الاجتهاد في إطار المنظومة الإسلامية وبالتالي هذه المسألة غير مطروحة في أي برنامج من برامجنا السياسية. كلمة : هل تعتبر الطاهر الحداد مرجعا تعود إليه الحركة في هذا الموضوع ؟
محمد بن سالم : هناك من العائلات الفكرية في تونس من يعتبر الحداد مرجعا كبيرا. ولكن هو ليس الوحيد الذي كتب في هذا المجال. فأنْ آخذ كل مراجعه ليس لي تدقيق حتى أقول : نعم، لم لا.
مثال موقفه من الحجاب، لا أفهم الآن هل يقصد الحجاب بكل معانيه، هل هو الحجاب التقليدي؟ وبالتالي ليس مطروحا أن يكون دستورا وان يمضي الجميع على مطالب الحداد. ولكنّه في وقته هو مفكّر أدلى بأفكار جيّدة وبالتالي فمسألة كونه مرجعا قد تلزم بكلّ ما قال… هو مفكّر تونسي محترم يفخر به كثير من التونسيين وبالتالي أنا لا يمثل لي الحداد أي مشكلة إطلاقا. عبد المجيد النجار: أنا أريد أن أعرف ما هو التخوّف من الحركة الإسلامية في قضية الأحوال الشخصية ؟ كلمة : هناك مكاسب واضحة للمرأة التونسية في علاقة بالتشريعات العربية، وهي القضايا الأساسية التي تعتبرها الحركة الديمقراطية مكاسب في الوطن العربي ككلّ، مثل منع تعدد الزوجات وقضية الزواج أمام القاضي برضى البنت وقضية الطلاق ومنع التطليق إلاّ بحضور القاضي. عبد المجيد النجار : غير مطروح في أجندتنا قضية مجلة الأحوال الشخصية نهائيا، ولا نتحدث فيها ولا نتناقش فيها أصلا في مشروعنا السياسي.
وهذه الأشياء التي تحدثتم عنها كلّها يتحمّل الفقه الإسلامي الذي هو مرجعيتنا كل هذه الآراء، إن لم يكن في الراجح ففي المرجوح. لا تجد رأيا من هذه الآراء إلاّ وله سند في الفقه الإسلامي. بحيث ليست لنا مشكلة مع هذه القضية.
ولكن قد تكون هناك جزئيات بسيطة لاتؤثّر شيئا وهذا رأيي الخاص ولا يلزم أحدا مثل قضيّة التبنّي في جزء بسيط في مسألة نسبة الأب في الوثائق. فأنا في الفقه لم أجد لها حلاّ، ولكن يمكن أن تدارك بأشكال أخرى.
والإشهاد على الطلاق موجود في الفقه. أمّا الزواج بالإكراه فهو مناف للدين أصلا وهو مخالفة شرعية.
وتعدد الزوجات فيه آراء مختلفة، وعندنا قاعدة شرعية تقول إنّ الحاكم له أن يقيّد المباح وإذا أباح الدين شيئا من الأشياء ورأى الحاكم أنّ من المصلحة تقييد ذلك ببعض القيود بزمن معيّن أو بشرط معيّن فمسموح له ذلك. ومسألة التعدد منزوعة من أذهاننا، وهناك من العلمانيين من طرح مسألة التعدد كالأستاذ محمد الطالبي بوضوح في كتاب « عيال الله ».
ومن الناحية المنهجية قبل هذا الحديث انا ارى أنّه ليس مدخلا صحيحا للحوار في هذه الحركة كلّها أن أتّجه إليك بأسئلة والمطلوب أن تجيب عليها لأنّ هذا يأخذنا إلى أسئلة جزئية أكثر، وتصير كأنّك في زاوية مطلوب منك اجتياز الامتحان.
المنهج الصحيح هو أن ننطلق من المتفق عليه ونتحاور ونتدارس. ونحن في قضايا شرعية أخرى ربّما لم تطرح ليس لدينا جواب عليها. فنحن نستند إلى مرجعية ولا بدّ أن نرجع إلى الناس وهل يتحمّلها الواقع. والمسألة أكثر تعقيدا مما يبدو في الظاهر. كلمة : في مسألة صفة الدولة. ما هو رأيكم في الدولة الدينية ؟ محمد بن سالم : لابد من تعرف للدولة الدينية، نحن لا نعتبر أنفسنا حزبا دينيّا حتى نكوّن دولة دينية. نحن حزب مدني ذو خلفية إسلامية. فكيف لنا أن ندعو إلى دولة دينية. كلمة : هل تعتبر النمط الإيراني مثالا لكم ؟
محمد بن سالم : أبدا والجميع يعرف الخلاف الموجود في مسألة الإمام، وأنّ الإمام عندهم مثل الإمام الغائب في الأرض ونحن أهل السنة ليس لنا هذا التعريف. كلمة : ولكن هناك طالبان.
محمد بن سالم: نعم ولكنّ بنية طالبان الريفية ومجتمعهم التقليدي جدا أوقعت الخلط بين ما هو عادات وتقاليد اجتماعية وبين المبادئ الدينية. وهذا ليس في طالبان فحسب بل حتى في كثير من الدول المشرقية… كلمة : وفي مستوى نظام الدولة ؟
محمد بن سالم : نظام الدولة عندنا هو نظام ديمقراطي أي الاحتكام إلى الشعب. فالمرجعية وشرعية الحكم نعتبرها من الشعب وهذا نعتبره مبدأ إسلاميا. فبالتالي النظام الذي نطمح إليه هو نظام ديمقراطي ونعتبره هو أقرب الأنظمة المعروفة إلى النظام الإسلامي. نحن نقبل بشرعية ما تفرزه صناديق الاقتراع مهما كان الفائز و لو كان شيوعيا. كلمة : إذا تولّت النهضة الحكم، هل ستحكم البلاد بقانون وضعي أم بالشريعة ؟ عبد المجيد النجار : ستحكم بالقانون الذي يقرّه البرلمان الذي انتخب انتخابا حرا من طرف الشعب وفق تكافؤ الفرص بين الأطراف الممثلة للشعب وبعد حوار واسع بينها يدلي فيه كل طرف برأيه في المسائل الاجتماعية وغيرها، بعد ذلك هذا البرلمان هو الذي يسيضع القوانين. وتلك القوانين هي التي تلزم الدولة بتطبيقها ويترك المجال لكل فريق كان غير راض بتلك القوانين أن يقنع الشعب بغيرها و إذا فاز بدوره عليه ان يغير القوانين وفق برنامجه. كلمة : أريد تدقيق السؤال، فأنا لم أتحدث عن البرنامج بل عن القانون، دستور البلاد. فهل تعتبر ذلك من الثوابت المؤسساتية في المجتمع التونسي أم أنّها محل حوار حسب ما يقرره صندوق الاقتراع ؟ هل هي من الثوابت أم من المتغيرات ؟ محمد بن سالم : إذا قلنا برلمان يعني وضعي فالبرلمان ليس منزلا من السماء فهو منتخب من الشعب. كلمة : البرلمان الإيراني كذلك منتخب من الشعب، ولكنّه يقرّ أشياء سلبية ديمقراطيا. محمد بن سالم : هنا نعود إلى مغزى السؤال. فنحن كفرقاء سنتفق على قانون اللعبة الذي لكلّ الأحزاب سواء كانت أحزاب أغلبية ام أحزاب أقلية، فرصة النضال في سبيل إقناع الناس بأفكارهم.
ونحن مستعدّون لأن نقيم ميثاق شرف بين كلّ العائلات الفكرية نتفق فيه على أشياء عامّة تضمن حرية الرأي والمعتقد والحريات العامة والشخصية ونحن نلتزم أمام الفرقاء الآخرين وامام شعبنا وأمام كلّ الناس على أنّه إذا اتفقنا على قوانين اللعبة نحترمها. وعلى الآخرين كذلك أن يحترموها. فنحن أيضا نريد ضمانات في أنّه يقع احترام هوية الشعب وهذا نجده في الشرق فكثير من اليساريين والعلمانيين متفقون على أنّ دين الدولة هو الإسلام، والإسلام فيه اجتهادات ولايعني ذلك أن نذهب إلى أقصى الاجتهاد للتضييق.
وهناك في تونس من يطالب بمراجعة البند الأوّل من الدستور الذي يقرّ بأنّ تونس دولة دينها الإسلام، ونحن نعتبر ذلك مكسبا بعد عشرات السنين من الاحتلال الأجنبي. حسين الجزيري : الدولة في تونس هي بالضرورة مدنية سواء الآن أو في المستقبل. والدولة المدنية واضحة المعالم وهي نتيجة لمسار تطوّر الممارسة السياسية في العالم ولسنا من يطالب بإعادة نماذج أخرى لامدنية أو لاحداثية مثلما فعل طالبان…
نحن تواصل الارتقاء لممارسة مدنية في الإنسانية ونحن جزء من هذه الممارسة وننضوي تحت هذه الممارسة كما لسنا كائنات بشرية غريبة عن التقاليد وعن العادات السلوك السياسي و السوسيولوجي… إنّما نحن نحاول أن نكون إضافة وتصحيحا.
والسؤال سابق لأوانه في الحديث عن الدولة الدينية وهو ليس إشكالية تونسية وليست مطروحة في الجدل التونسي وبيننا وبين المعارضة التونسية. فمنذ البدايات نحن كنّا نندد بأيّ دولة سواء أكانت تدّعي بأنّها دولة مدنية علمانية وتنتهي إلى الاستبداد أو دولة تدّعي أنّها ثيوقراطية دينية أو لها مشروعية أخرى تنتهي إلى الاستبداد، فالاستبداد شرّ و شرّ هنا واحد… ونحن ليس لنا أية نية في قلب نظام سلوك الدولة ولا المجتمع بل من إضافات هذا المجتمع تنوع فصائله و نحن مشروع سياسي يعتبر أنّ الدين يتدخّل في الحياة العامة والخاصة ويعتبر أنّ الدين يساعد على تنظيم حياة الفرد وأنّ أخلاقنا أخلاق دينية إسلامية و أن الدين الإسلامي هو حضارة راقية و عظيمة لها موقع و دور استراتيجي في إعادة تأسيس و إعادة هيكلة تصور الإنسان للمجتمع و للعالم. اجرت الحوار سهام بن سدرين
(المصدر: مجلة كلمة عدد 39 )


حركة 18 أكتوبر ما بعد إنهاء الإضراب: الآمال والتحديات

أحمد السميعي (*)
تعرضت سلطة « العهد الجديد » ولأول مرة منذ انتصابها سنة 1987 إلى رجة عنيفة عندما سلطت عليها الأضواء بمناسبة القمة العالمية لمجتمع المعلومات التي انعقدت في تونس أيام 16 و17 و18 نوفمبر 2005 . فبهذه ا لمناسبة انكشف أمام العالم الطابع الاستبدادي لهذه السلطة وتعرت سياستها القمعية من خلال البعثات الإعلامية التي جاءت إلى بلادنا من كل بلدان العالم لتغطية الحدث. لقد نقلت هذه البعثات إلى العالم كل التفاصيل عما تقوم به السلطة التونسية من  مضايقات وحصار للأحزاب السياسية المعارضة ولجمعيات المجتمع المدني المستقلة كما تحدثت تقاريرها عن القمع المسلط على مناضلي هذه الأحزاب وهذه الجمعيات والذي طال كل القطاعات تقريبا بما فيها القطاعات الحساسة مثل القضاء والمحاماة والصحافة.
وقد زاد في كشف الوجه الحقيقي للنظام التونسي أمام العالم ما تعرض له بعض الصحافيين الأجانب من اعتداء صارخ في شوارع العاصمة من طرف ميليشيات يسمونها « فرق أمنية » تدربت على أساليب القمع والإهانة للتونسيين الأحرار والاعتداء عليهم بالعنف وحرمانهم من حقوقهم الأساسية مثل السير في الطريق العام أو التزاور أو حتى مجرد الجلوس في المقاهي.
أما أهم الأسباب التي جعلت كل الأضواء تسلط على الوضع المأساوي للحريات في بلادنا فيتمثل بدون جدال في الإضراب المفتوح عن الطعام الذي أقدمت على القيام به منذ يوم 18 أكتوبر 2005 ثلة من الشخصيات الوطنية المناضلة للمطالبة بالحريات بعد أن أحكم الحصار حولهم وضيق عليهم الخناق وانسدت أمامهم كل آفاق العمل السياسي نتيجة السياسية القمعية البوليسية التي ينتهجها النظام.
وقد حدد المضربون مطالب ثلاث كحد أدنى متفق عليه وهي:
– حرية التنظم الحزبي والجمعياتي  حرية التعبير والصحافة – إطلاق سراح المساجين السياسيين وسن قانون العفو التشريعي العام
بعثت هذه المبادرة بعض الأمل في نفوس الكثيرين من أبناء تونس الأحرار في الداخل وفي الخارج حيث رأوا فيها بداية وعي لدى حركات المعارضة التونسية بضرورة الخروج من وضعية التشرذم والحزبية الضيقة والقطع مع عقلية الإقصاء والسعي إلى توحيد الجهود والعمل المشترك. وتحرك المناضلون المخلصون لهذا الشعب تلقائيا في كل مكان للوقوف بصدق إلى جانب المضربين ومساندتهم. وتكونت لجان للمساندة والدعم في كل الجهات تقريبا داخل البلاد وفي ديار الغربة.
لكن هذه المبادرة رغم أهميتها البالغة ورغم التأييد الكبير الذي حظيت به- في الظاهر- من كل الأطراف يجب أن لا تحجب عنا حقيقة الأمور وأن لا تنسينا واقع الرداءة والنفاق الذي ما زالت تتخبط فيه بعض « النخب الديمقراطية » في بلادنا.
لقد كان من الواضح أن الشخصيات الثمانية المضربين عن الطعام وإن كانوا يمثلون أهم مكونات الطيف السياسي والجمعياتي في البلاد فانهم لا يمثلون كل الأحزاب السياسية « المعارضة » ولا كل جمعيات المجتمع المدني « المستقلة ».
وقد ظهرت في البداية تعاليق مناوئة لهذا الإضراب في بعض أوساط « المعارضة الديمقراطية » واعتراضات على مشاركة « إسلاميين » فيه وهمسات ساخرة في الكواليس…  لكن التفاف قطاعات واسعة من الشعب التونسي حول هذه المبادرة والصدى الإعلامي الواسع الذي أحدثته في كل أنحاء العالم وكذلك إقدام العديد من الدبلوماسيين الغربيين المعتمدين في بلادنا على زيارة المضربين والتعاطف معهم دفع كل أطراف « المعارضة الديمقراطية » إلى إرسال وفود بدورها إلى مقر الإضراب والتعبير للمضربين عن تضامنها معهم وتأييدها لمطالبهم. بل وسعت بعض هذه الأطراف إلى الركوب على الحدث وتوظيفه لصالحها فأوعزت لأتباعها في مختلف الولايات بتكوين « لجان مساندة » تقصى منها كل العناصر التي لا تدين لها بالولاء. وقد وصل الأمر في بعض الجهات إلى عدم السماح للأشخاص الغير مرغوب فيهم بالمشاركة في إضراب عن الطعام تضامني دعت له « اللجنة الوطنية للمساندة » ووقع تسجيل أسماء المضربين والتحضير للإضراب وتحديد مكانه في سرية تامة!!!
وهذه التصرفات الصبيانية في مظهرها كانت تهدف في حقيقة الأمر إلى إفراغ المبادرة من محتواها الحقيقي المتمثل في توحيد أهم مكونات الطيف السياسي والجمعياتي في بلادنا حول المطالب الأساسية المشتركة المذكورة آنفا ووضع حد لعقلية الإقصاء التي كانت السبب المباشر لمأساة الإسلاميين وعائلاتهم وللمأزق الخطير التي آلت إليه الحريات في بلادنا. إن هؤلاء « الديمقراطيين » أرادوا الركوب على الحدث بعقلية انتهازية صرفة وطعن المضربين من الخلف. وهذا ما يخدم السلطة بطبيعة الحال.
ونحن إذ نذكر بهذه الأمور فليس في نيتنا إثارة الأحقاد والفتن أو السعي إلى إقصاء أي طرف من المساهمة في إثراء ساحة النضال بالفكر وبالممارسة وإنما قصدنا هو قول الحق كما نراه بدون مجاملة وبدون حسابات يحذونا الأمل في أن يعمد المخلصون من أبناء هذا الشعب إلى مراجعة مواقفهم في الاتجاه الصحيح الذي يسمح بتجاوز سلبيات الماضي والتخلص من الممارسات الخاطئة ونسيان الأحقاد. هكذا يمكن أن تسود عقلية التسامح في بلادنا وتتحقق الحرية للجميع ويقع التأسيس لقيام نظام ديمقراطي حقيقي. وقد سجلنا بالفعل أن بعض المناضلين الصادقين اقتنعوا بهذا الأمر وتبنوا مواقف إيجابية قطعت مع عقلية الإقصاء والوصاية على الشعب وعبروا عن استعدادهم لتقبل كل الآراء بدون تعصب والاعتراف بحق التعبير والتنظم للجميع.
ولكننا الآن وبعد إنهاء الإضراب لاحظنا أن عقلية الإقصاء والوصاية على الشعب والغرور والتعالي المزيف على الآخرين ما زالت قائمة بل وازدادت وضوحا وشراسة. ولا يسعنا إلا أن نأسف لهذا الأمر الذي يهدد مصير بلادنا ومستقبل أبنائنا ويفرض علينا جميعا أن نتصدي لهذه العقلية ونقاومها في أنفسنا وفي الآخرين.
لقد أعلن المضربون في بيانهم الختامي أنهم قرروا إيقاف الإضراب وتكوين « هيئة وطنية للمتابعة » ستوكل إليها مهمتين أساسيتين:
الأولى هي « الحفاظ على وحدة العمل لتحقيق المطالب الثلاث التي تجمع حولها المضربون وكافة القوى التي عبرت عن مساندتها لهم »  والثانية هي  » فتح حوار وطني حول القضايا الأساسية التي تقتضيها بلورة مشروع بديل ديمقراطي يكفل لجميع التونسيين التعايش فيما بينهم آمنين على حقوقهم وحرياتهم الأساسية » لقد تم اتخاذ هذا القرار وهذه الإجراءات بناء على عدة اعتبارات من بينها « نقاشات داخلية أجراها المضربون فيما بينهم ومع اللجنة الوطنية للمساندة »  هذا قرار اتخذه رواد حركة 18 أكتوبر وأعضاء اللجنة الوطنية التي تكونت لمساندتهم. ومن حقهم اتخاذ مثل هذا القرار لمواصلة نضالهم كما هو من حق أي مناضل من أجل الحرية في بلادنا أن يناقش هذا القرار وينقده. لكن الأمر الذي يجب الانتباه إليه والتأكيد عليه هو أنه يتوجب علينا أن لا نخلط بين نقد القرار وثرائه باقتراحات محددة لمواصلة السير في الطريق الذي رسمته المبادرة وبين الانتقاد الذي يريد الالتفاف على هذه المبادرة برمتها وإفراغها من محتواها النضالي والعودة بالبلاد إلى نقطة الصفر.
إن خطورة هذا الموقف الثاني لا تتمثل فقط في ضياع فترة زمنية في تاريخ النضال من أجل الحرية في تونس وانما تتمثل في القضاء على مصداقية رواد حركة 18 أكتوبر ومسانديهم في الداخل وفي الخارج وإحباط كل العزائم الصادقة التي تجندت لدعم  هذه الحركة والنضال من أجل تحقيق المطالب التي طرحتها كما أن هذا الموقف الحاقد على الحركة الإسلامية وعلى المتعاملين معها يسعى إلى قبر كل الآمال التي خلقتها حركة 18 أكتوبر لدى فئات كثيرة من الشعب التونسي. وهذا يعتبر انتصارا للنظام بالضربة القاضية على المعارضة الجدية برمتها في بلادنا!!!
وهذه هي الأهداف الحقيقية التي يسعى إلى تحقيقها الاستئصاليون المتحالفون مع هذا النظام القمعي البوليسي عندما ابتعدوا عنه- في الظاهر- والتحقوا بصف المعارضة لينحرفوا بها أو يفتتوها من الداخل. فليس هناك فرق في واقع الأمر بين هؤلاء « المعارضين الديمقراطيين » الاستئصاليين وبين أصحاب السلطة. فالطرفان يتفقان على الجوهر وهو الإصرار على إقصاء الحركة الإسلامية من الحياة السياسية والإدعاء المجاني بأنهما يعبران عن إرادة الشعب. بل أزعم أن هؤلاء الديمقراطيين المزيفين أخطر على البلاد والعباد من أصحاب السلطة لأنهم يعيشون في عزلة تامة عن الجماهير الشعبية بل وفي عداء معها مما يجعلهم أكثر عرضة للارتماء في أحضان الدوائر الغربية المعادية لحضارتنا وثقافتنا وعقيدتنا.
انه من المحزن المبكي أن نرى الآن أحد الأشخاص من بين هؤلاء « المعارضين الديمقراطيين التقدميين » يعترض بكل قوة على  » تشريك ممثلي النهضة في مثل هذه العملية السياسية » ويحمل المضربين « مسؤولية سياسية جسيمة تتمثل في إدماج حركة الغنوشي في العمل السياسي المشترك مع أحزاب وحساسيات ديمقراطية ». أليس هذا هو خطاب السلطة؟ بل هو خطاب أشد أعوانها تطرفا في العداء للإسلام والتبعية للغرب.
وهل هناك من يقدم خدمة أعظم للنظام من أولئك « المعارضين » الذين يتابعون حركات وسكنات القادة الإسلاميين في كل مكان للتشهير بهم وينكرون عليهم أي حركة يقومون بها أو كلمة ينطقون بها دفاعا عن أنفسهم وعن شعبهم وعن عقيدتهم؟؟؟  وماذا يعني هذا التخبط الذي وقع فيه أولئك الذين جمعوا في أشخاصهم بين متناقضين( الشيوعية والديمقراطية) وانطلقوا يطلقون الشعارات المتناقضة يغالطون بها شباب الجامعات ليجروهم وراءهم ويستخدموهم كرصيد في حسابهم للمساومة مع باقي الأطراف المتكالبة على السلطة ويستنزفوا طاقاتهم النضالية في غير مكانها. انهم ينتقدون- ظاهريا- التعويل على « الدعم الديمقراطي الخارجي » من جهة ومن جهة أخرى يركزون خطابهم على محاربة الإسلاميين بل ويستفزون الشعب التونسي بشعاراتهم المعادية صراحة للإسلام.  فعما يعتمدون إذا للوصول إلى السلطة؟؟؟
ألا يكونوا هم وأمثالهم رأس الحربة في الحرب على الإسلام التي تقوم بها هذه السلطة بدعم قوي من الغرب؟؟؟
فإلى متى سيبقى النفاق والاستخفاف بعقول الناس والضحك على ذقونهم والمغالطات هي العملة المتداولة في بلادنا؟؟؟
ما آن الأوان لفضح كل هذه الممارسات بعد أن قطعت حركة 18 أكتوبر شوطا مهما على الطريق الصحيح، فتواصل المشوار الذي بدأته بكل تصميم وثقة في النفس وتترك وراءها كل المتآمرين والمتخاذلين والعملاء؟؟؟
هل من المعقول أن يبقى مصير بلادنا رهينة بين يدي أشخاص قلائل يعيشون في برجهم العاجي في عزلة تامة عن الشعب يطلقون الشعارات بين الجدران وقد دأبوا على الركوب على نضالات كل فئات الشعب التونسي واستخدامها لصالحهم ثم إفراغها من محتواها بدعم غربي استعماري مفضوح؟؟؟
إني أريد أن أجدد هنا ما قلته سابقا عديد المرات: إن محاولة إقصاء الحركات الإسلامية من الحياة السياسية هي عملية تعسفية قمعية ليس لها أي مبرر سوى الخوف من تعلق الشعب بهذه الحركات أو نزولا عند رغبة القوى العظمى المعادية للإسلام. ولهذا السبب لا يمكن أن يمثل هذا الإقصاء قاعدة لإرساء نظام ديمقراطي كما يدعي هؤلاء « الديمقراطيون » المزيفون. ولن تؤدي هذه السياسة إلا إلى قيام أنظمة عميلة تقمع الشعب وتفرط في كرامة المواطن وفي استقلال البلاد.  إن الديمقراطية الحقيقية ترفض الإقصاء بطبيعتها. وهي تعتمد على شعب يتمتع بحريته التامة وبحقوقه الكاملة وباستقلاله الفعلي عن كل الدوائر الاستعمارية.
ولقد برهنت الانتخابات المصرية الأخيرة بأن حرمان الإخوان المسلمين من العمل القانوني لم يضعفهم سياسيا بل على العكس تماما زادهم قوة وعزز ثقة الشعب فيهم. ولا أظن أن الأمر سيختلف عندنا عما هو عليه في مصر. فكلا الشعبان المسلمان التونسي والمصري متعلقان بعقيدتهما. وستكون الأحزاب الإسلامية محببة لهما بقدر ما تتعرض له من قمع من طرف السلطة. وإن الأحزاب « العلمانية » التي تساند السلطة في قمعها للإسلاميين يجابهها الشعب بنفس المشاعر التي يجابه بها السلطة المستبدة بل وبنقمة أكبر.
إن الذين يصرون اليوم على إقصاء الإسلاميين من المشاركة في الحياة السياسية لبلادهم باسم « العلمانية » سيدفعون ثمنا باهظا لهذا الموقف الخاطئ عندما يتحرر الشعب من الاستبداد والدكتاتورية كما دفع بعض الشيوعيين سابقا ثمنا باهظا عندما وقفوا مع الاستعمار ضد استقلال شعوبهم باسم الأممية. وإن سياسة الإقصاء ليست لصالحهم لأنهم في حقيقة الأمر لا يمثلون سوى أقلية قليلة في المجتمع  وعندما يهب الشعب للمطالبة بالحرية فلن ينفعهم الإستقواء بالغرب أو الوقوف إلى جانب السلطة القمعية.
إننا اليوم أمام لحظة تاريخية فريدة تتميز بتراكم تجارب نضالية هامة امتدت على ما يقارب نصف قرن من « الاستقلال » قامت بها أجيال متعاقبة وذات مشارب مختلفة. وقد شملت هذه التجارب النضالية في الآونة الأخيرة قطاعات حساسة بالنسبة للدولة مثل سلك القضاء والمحاماة وقطاع الصحافة والإعلام زيادة عن الجامعيين ورجال الفكر. وإن كل الذين يحاولون تمييع أو تفتيت هذا التراكم النضالي أو السطو عليه والانحراف به في الاتجاه الخطأ وكل الذين يتقاعسون في استغلال هذه اللحظة لدفع البلاد على طريق الحرية والإنعتاق من كل القيود الداخلية الخارجية إنما يتحملون مسؤولية تاريخية أمام الله وأمام الأجيال اللاحقة.
فعلى كل الوطنيين الصادقين وكل المخلصين لهذا الشعب وكل المؤمنين بالحرية وبحقوق الإنسان أن يعملوا على بناء جبهة وطنية عريضة تتكفل بتقديم بديل سياسي شامل (وليس مشروع مجتمعي كما يتحدث البعض) للوضع الراهن يقع طرحه أمام الشعب وأمام العالم ويتم حوله الإجماع ثم تحشد كل الطاقات والقدرات الوطنية لإنجازه. أما الذين يتحدثون عن « مشروع مجتمعي » فإننا نقول مرة أخرى إن هذه العبارة تحمل في طياتها معني الاستخفاف  بالشعب لأن المجتمع واقع حي يتوجب علينا التعامل معه بما يتماشى مع طموحاته وليس عجينا نفصله كما نشاء.
وإن المناضلين من أجل الحريات والديمقراطية الذين استطاعوا لفت أنظار العالم إلى الطبيعة الاستبدادية القمعية للنظام التونسي يرتكبون خطأ قاتلا إذا اعتقدوا أن الإصلاح الديمقراطي سيتم عن طريق الضغوط الدولية أو بقرار من السلطة ذاتها بعد أن تقتنع بأن لها مصلحة في القيام بهذا الإصلاح. فالدول الغربية لا تسعى إلى تحرير شعوب العالم بل تسعى إلى استعبادها. والنظام الذي يساعدها على هذا الاستعباد هو صديقها الذي سيلقى منها كل الدعم والحماية. وهذا ما فهمه جيدا كل الحكام العرب الذين أصبحوا يتخاطبون مع أسيادهم بواسطة رسائل مشفرة وهم يضحكون على ذقون شعوبهم عندما يتكلمون عن الوطنية التي ترفض التدخل الأجنبي في شؤوننا الداخلية وعن الهوية العربية الإسلامية التي تحمينا من الضياع  وتساعدنا على مقاومة المشاريع الاستعمارية وعن العقيدة الإسلامية السمحاء التي ترفض الظلم والفساد.
لقد تناقلت وسائل الإعلام المحلية والدولية في الآونة الأخيرة قبيل وأثناء وبعد انعقاد القمة العالمية لمجتمع المعلومات وقائع وتعاليق كثيرة تدخل ضمن الأعمال المسرحية المعدة لمغالطة الشعوب. فتحدثت بعض وكالات الأنباء وبعض وسائل الإعلام عن أزمات دبلوماسية نشبت بين تونس وبعض البلدان الغربية ومنها فرنسا وسويسرا وحتى الولايات المتحدة الأميركية ومنظمة الأمم المتحدة.  فنقلت « سويس أنفو » خبرا مفاده أن السفير التونسي في برن سلم وزارة الخارجية السويسرية « احتجاجا رسميا » من الحكومة التونسية  بعد نشر صحيفة سويسرية تصريحا لوزير البيئة والنقل والطاقة والاتصالات السويسري ينتقد فيه بشدة أوضاع الحريات في تونس.  وتحدثت صحيفة الحياة عن الضغوط التي قام بها الأوروبيون لدفع النظام التونسي إلى »تكريس حرية الرأي والتعبير ». وذكرت الصحيفة أن الرئيس التونسي رفض استقبال مفوضة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي التي جاءت إلى تونس « لمناقشة أوضاع الجمعيات الأهلية » وذلك احتجاجا على التصريحات التي أدلت بها في ندوة صحفية عقدتها في تونس واعتبرتها السلطة « دعما غير مباشر » لطلبات نشطاء هذه الجمعيات الذين « يشوهون صورة البلد في الخارج » حسب المسؤولين في الحكومة التونسية. كما لاحظت الصحيفة أن الرئيس بن علي لم يستقبل وزير الخارجية الفرنسي الذي زار تونس في بداية شهر أكتوبر احتجاجا على تصريحات أدلى بها وعبر فيها عن » ضرورة تحسين سجل البلد في مجال حقوق الإنسان ». كما تحدثت وكالة رويترز للأنباء عن رفض تونس لتصريحات مقرر الأمم المتحدة الخاص لحرية الرأي التي انتقد فيها وضع الحريات في تونس وحث فيها السلطات التونسية على »الإفراج بدون شرط عن كل سجناء الرأي وسجناء الصحافة والسماح بالممارسة الكاملة لحرية الرأي والتعبير في البلاد » ونقلت وسائل الإعلام تصريح وزيرة الخارجية الأميركية المنتقد لوضع حرية التعبير في تونس كما نقلت تصريحا في نفس المعنى أدلى به الوفد الأميركي المشارك في قمة المعلومات. وسمعنا تعاليق كثيرة تستنكر تصرف السلطة التونسية التي منعت بث خطاب الرئيس السويسري في وسائل الإعلام التونسية وأغلقت كل المواقع التي تحدثت عنه في شبكة الإنترنت…
ورغم كل هذا الكلام فإن النظام التونسي ما زال يحظى بالدعم الكامل من طرف الدوائر الغربية الرسمية لأنه ملتزم تماما بتنفيذ كل ما يطلب منه أكان الأمر يتعلق بالسياسة الداخلية المفروضة على الشعب التونسي أو يتعلق بالسياسة الخارجية المفروضة على العالم بأسره أو يتعلق بحراسة البر والبحر وملاحقة الجياع والعاطلين عن العمل والمبحرين في المواقع الخطيرة على شبكة الإنترنت التي تشجع على « التطرف والإرهاب »…
وحتى لا تنعكس الحملة الإعلامية سلبا على النظام التونسي سارع أصدقاء هذا النظام إلى إمضاء البيانات والعرائض لتمجيده وتلميع صورته وتقديم شهادات الولاء لرئيسه. فلقد أصدر خمسة أعضاء من الجمعية الوطنية الفرنسية من ضمنهم نائب رئيس الجمعية السيد « ايريك راوولت » ورئيس جمعية الصداقة الفرنسية-التونسية السيد « فيليپ بريان » بيانا تحت عنوان: » تونس لها أصدقاء، بن علي ليس عدونا » وصفوا فيه موقف كل الذين « يحاولون تشويه صورة تونس لأسباب غير معلنة » بأنه موقف « غير عادل وغير ودي ». وقد طالبوا في بيانهم بضرورة الاعتراف بأن تونس « قامت بمجهودات » وأنه « بخصوص وضعية المرأة وتربية أبنائها وخلق طبقة متوسطة عريضة من المالكين الصغار واحترام اللائكية ومقاومة التطرف والإرهاب فان تونس تسير في الاتجاه الصحيح ».
وهذا البيان يلخص في واقع الأمر كل ما يهم الغرب بشكل عام في نظرته لبلدان العالم الثالث. فالمطلوب من هذه البلدان هو الاقتداء بالنموذج الغربي فيما يخص وضع المرأة في الأسرة والمجتمع وفيما يخص العلاقة بالدين كما أن المطلوب هو « مقاومة التطرف والإرهاب » بمعنى مقاومة الإسلام الذي يحث على الجهاد في سبيل الله وعلى مقاومة الظلم والفساد. وذكر البيان بأن تونس « قامت بمجهودات » بما يعني أن المطلوب من بلدان العالم الثالث هو القيام بمجهودات لتحقيق الأهداف المذكورة. فمن اجتهد وأصاب فله أجران وأما من اجتهد ولم يصب فله أجر واحد في انتظار تعويضه بمن هو أجدر منه…
كما دفعت الغيرة على النظام التونسي بحوالي مائتين من رجال الإعلام الغربيين ومن العرب والأفارقة والآسيويين المتغربين إلى إمضاء عريضة ينتقدون فيها الحملة الإعلامية التي قامت بها بعض « الأطراف الأجنبية » بمناسبة انعقاد القمة العالمية لمجتمع المعلومات ووصفتها ب »المنحازة » و »المتحاملة بطريقة مجانية على تونس » و »المضرة بمصالح هذا البلد الصاعد ». وقد شكروا في بيانهم السلطات التونسية على ما وفرته لهم من « ظروف عمل مريحة وأمن وحرية في الاتصال وفي الوصول إلى مصادر الخبر » كما نوهوا بتنظيمها الرائع لسير أعمال القمة.
وقد عمد النظام من ناحيته إلى إثراء المسرحية من خلال التظاهر بالرضوخ للضغوط الغربية المزعومة والسعي إلى الانفتاح أكثر في اتجاه المعارضة والمجتمع المدني فكان تكليف رئيس اللجنة العليا لحقوق الإنسان بـ »الاتصال بمن يرغب في ذلك من أحزاب المعارضة وهيئات المجتمع المدني للتعرف على انشغالاتهم وطموحاتهم ».
وإنه إذا كانت المعارضة بمختلف مكوناتها قد برهنت عن نضجها هذه المرة حين لازمت الحذر ولم تتسرع  في الرد على هذه « المبادرة » أو الارتماء عليها بكل ثقلها كما حصل في السابق وخيرت التشاور فيما بينها لاتخاذ موقف موحد فان استسهال الأمور والاعتقاد بأن الحركة الديمقراطية تلامس النصر وأن الضغوط الغربية جادة وقوية لدفع السلطة على طريق الإصلاح الديمقراطي ليست في الواقع سوى أوهام  في ظل موازين قوى غير متكافئة وفي ظل معارضة مازالت مشتتة ومعزولة عن الشعب تتجاذبها المصالح الشخصية وتقع فريسة للمؤامرات وللأطماع الأجنبية. فالسلطة في هذه الحال لا تزال قوية متجبرة وأكبر دليل على ذلك الاعتداءات الوحشية التي تعرض لها عديد المناضلين بعيد انتهاء القمة مباشرة وحتى أثناء انعقادها مثل الاعتداء الإجرامي الذي تعرض له المناضل الإسلامي الهادي التريكي أو تلك التي تعرض لها القيادي في الحزب الديمقراطي التقدمي السيد الحبيب بوعجيلة وغيرهم…
إن الطريق الوحيد للحرية يمر حتما عبر توحيد الصفوف والالتحام مع الشعب والاستعداد للنضال والتضحية لأن المافيات وأصحاب المصالح لا يسلمون في السلطة أو يتنازلون عن امتيازاتهم بسهولة. وفي هذا المجال فإن المسؤولية  ثقيلة  بالفعل على رواد حركة 18 أكتوبر وعلى من ساندوا هذه الحركة بصدق. (*) القيروان في 28 نوفمبر 2005 (المصدر: موقع أقلام أون لاين العدد العدد السادس عشر  السنة الرابعة/ نوفمبر – ديسمبر 2005)

 


 

سكوت، نحن في تونس !

يبدو أن الرئيس التونسي زين العابدين بن علي قد قرر مطاردة التونسيين داخل و خارج وطنهم الأم. بن علي عازم لا محالة أن يحول تونس إلى مملكة خاصة به يفعل فيها ما يشاء بعدما لجم الأفواه و قيد الأيدي و منع حتى الآذان من سماع أصحابها ما تريد. الرئيس التونسي يريد أن يكون كل تونسي على مقاس أهوائه و ونزواته وكذا أفكاره. مناسبة هذا الكلام هو سلسلة قرارات المنع التي يصدرها النظام التونسي بشكل متكرر من أجل خنق التونسيين. داخل القطر التونسي قرر نظام بن علي أن يمنع على التونسيين الإستماع إلى أغاني الفنان الملتزم مارسيل خليفة لأنه قام بإهداء أغنية « عصفور »، إلى السجناء العرب في السجون الإسرائيلية والسجناء العرب في السجون العربية. بطبيعة الحال هذا الإهداء لم يرق للسلطات التونسية فأصدرت قراراً بمنع تداول موسيقاه وأغانيه، وصولاً لمنع تداول حتى إسمه على كامل التراب التونسي. جاء هذا القرار الغريب على شكل تعميم « شفهي » لرئيس مؤسسة الإذاعة والتلفزة، مع منع خليفة من دخول تونس، بعدما أحيى فيها الكثير من الحفلات، بدءاً من ثمانينيات القرن الماضي. وقد كانت آخر حفلاته التونسية أثناء مشاركته في الدورة الـ 41 لمهرجان قرطاج، حين احتشد الآلاف من التونسيين لسماع أغانيه وموسيقاه.
قرار المنع كان رسمياً إثر تراجع هيئة جمعية المسرح العربي في حمام سوسة، عن دعوتها الأخيرة للفنان، واعتذارها عن عدم تمكنها من استقباله، دون إبداء الأسباب. وهي أسباب تعود، بحسب المعنيين، إلى « عدم ترحيب » السلطات بدعوته.
الفنان مارسيل خليفة بعث بكلمة نشرتها وسائل الإعلام وفيها الكثير من المعاني إلى الهيئة المنظمة قال فيها: «ممنوع من دخول بلدكم ولن أكون وحدي الممنوع من دخول بلد أحببته من كل قلبي، (فالممنوع) أيضاً تراث كثيف من التجربة الإبداعية ماضياً وحاضراً صاغها أكثر من جيل، تجربة تصدر عن توق جارف إلى الحرية ورغبة عميقة في تحرير العقل الإنساني من كل ما يشوهه ويحرفه».الفنان أكد على مواقفه و استمرار يته في تضامنه حيث تابع قائلا: «أتعهد أن أكمل ما بدأت به منذ سنين طويلة، أي أن أهدي موسيقاي وصوتي نشيد حب إلى ضحايا الاضطهاد أياً تكن أشكاله ».
إن هذا القرار يكشف بوضوح أن الموسيقى الملتزمة بقضايا الشعوب مآلها المنع و الرقابة و أن التونسيين الذين أبدعوا ولهم السبق في عدة مناحي فنية من بينها الموسيقى هم الآن تحت رحمة سياسة بن علي التي أرادت تنميط الرأي و الذوق و كل ما يسمح للتونسيين بالتفكير و الاستمتاع بالفنون الراقية.
الرئيس لم يطارد فقط أذواق التونسيين الفنية بل طارد حتى المعارضين السياسيين حيث صرح بجرأة قل نظيرها حتى في البلدان المعروفة بالقمع و التنكيل ووصف المعارضين السياسيين بـ »غياب الإحساس الوطني »، هذا التصريح اعتبره معارضون تونسيون تشكيكا في وطنيتهم وتخوينا لهم.
 وحسب العديد من المحللين ،تقدم خطابات الرئيس التونسي انطباعا بأن بن علي يرفض مطالب المعارضة  التونسية وهي الإفراج عن سجناء الرأي، والترخيص للمنظمات والأحزاب المحظورة وكذلك إطلاق حرية النشر و الاعلام  للمواقع والجرائد المحظورة. إن واقع القمع التونسي الممارس ضدا على كل نداءات المجتمع الدولي دفع بالعديد من الناشطين و السياسيين التونسيين إلى الضغط على النظام من خلال تنظيم إضرابات عن الطعام و البدء حتى في التفكير في رفع دعاوى ضد الرئيس مما يعتبر سابقة عربية وخطوة إيجابية في طريق محاكمة جلادي التعذيب في العالم العربي والعالم برمته،ويتعلق الأمر على سبيل الذكر لا الحصر  ،الدعوى القضائية التي أقامها الناشط التونسي عبد الناصر نايت ليمان ، السجين السابق وأحد ضحايا التعذيب في تونس ، ضد الرئيس التونسي زين العابدين بن علي ووزير داخليته الأسبق عبد الله القلال بمحكمة جنيف الابتدائية .
نضيف، أن نظام بن علي طارد المعارضين حتى خارج أوطانهم و خاصة بسويسرا التي استقبلت وزيرة خارجيتها ميشلين كارمي ري كل من عبد الرؤوف العيادي  نائب رئيس حزب المؤتمر من اجل الجمهورية  المحظور  وسمير  ديلو ممثل جمعية المساجين السياسيين والذين كانوا قد دخلوا مع ستة آخرين في إضراب عن الطعام شهرا قبل انعقاد الملتقى الدولي للإعلام الذي نظم الشهر المنصرم. احتجاج نظام بن علي جاء بعد استدعاء السلطات سفير سويسرا بتونس و تبليغ رفض النظام التونسي لاستقبال الوزيرة السويسرية للمعارضين المذكورين. أكيد أن مطاردة بن علي للمواطنين التونسيين في حركاتهم و سكناتهم داخل و خارج البلاد أصبح عملا مكشوفا وشهادة حية تؤكد على التصعيد الذي يمارسه النظام ضد كل صوت يقول لا لسياسة بن علي، هذا الأخير أصبح نموذجا للرئيس المستبد في العالم برمته. السؤال المطروح حاليا:  هل سيتخلى الرئيس عن ضغوطاته و سياسته التي زرعت الرعب في نفوس التونسيين وتعمق الأزمة أكثر أم أن قيد بن علي لا بد أن ينكسر ؟ محمد نبيل – صحافي مقيم بكندا falsafa71@hotmail.com  


 

بسم الله الرحمن الرحيم

خواطر انصاف

لماذا ننقد النهضة كحزب؟

كتبه الفقير الى رحمة ربه

مرسل الكسيبي وددت في عجالة والنوم يداعب مقلا مثقلة وعيونا يصارعها المرض الذي نزل بي منذ أيام ولم ير له الطبيب دواء الا تناول المضاد الحيوي ,وددت أن أنوه الى أن وفائي لمشروع الاسلام الوسطي والمعتدل الذي يعالج قضايا الناس ومشكلاتهم في لين ورفق ومحبة ولايقطع مع الخير في كل ثنايا بلدنا الحبيب تونس…ان هذا الوفاء يأبى علي أن أتنكر الى ما أنجزته النهضة كحركة من خير عميم نجد أثره في كل ربوع الخضراء برغم ماحل بها من قمع وقهر وظلم وسوء فهم بين فرقائها ,ولعل أقل مايخلده المرء لهذه الحركة هو ترسيخها لقيم السلم المدني ونأيها بشباب الصحوة الأولى وشباب تونس عموما عن مزالق العنف ومخاطره ومحرقته التي لاتبقي ولاتذر ,أضف الى ذلك احياءها لروح النضال والعطاء بين شرائح واسعة من شباب تونس الشيء الذي خلد لها ولتونس عموما ملحمة أجيال ترفض الخنوع والانطواء والاستسلام لسلطان القهر والجور

الدفاع عن الهوية وترسيخها وجعلها في مهج شباب تونس وجزء من نخبها هو بلا شك أيضا مما يحسب لهذه الحركة برغم ماحل بالمجتمع من حالات انهيار أخلاقي وسلوكي ونفسي ترجع أسبابه الى الغزو الثقافي الخارجي والى التلاعب الرسمي بمسألة الهوية في اطار من تسييس الصراع مع بعض قوى المجتمع المدني… خصال كثيرة يمكن احصاؤها للنهضة بلا شك ومن عزف عن ذكرها فهو أعمى أو مكابر أو عدو لدود لاينشد الحق والحقيقة

ولكن ماأردنا أن نطرحه في هذا الحوار لم يقصد أبدا التشهير أو احتراف الذم بقدر ماهدف الى اعمال العقل والبصيرة فيما وقعت فيه الحركة من أخطاء وذلك قصد تلافيها ثم النصح من أجل التجاوز والبناء والتشييد في رحاب تونس التي تحتضن كل المهج والطاقات

اسف مرة أخرى أن التجربة لم تقع في قطر اخر يكون فيه النظام أكثر تفهما وليونة وانفتاحا وتعاطيا سياسيا ايجابيا مع هذه الحركة ,ولكن تلك مشيئة الله تعالى في أن تكون النهضة من حظ التونسيين ويكون التجمع كحزب حاكم من نصيب السلطويين ويكون الأمن في ساحات الخضراء مفهوما معكوسا لما يمكن أن تحمله هذه الكلمة من أمان وطمأنينة في قلوب الناس!

أملي أخيرا أن تحمل الأيام القادمة لحمة وطنية أكبر بين أبناء هذا البلد وأن يتم تجاوز أيام الحصاد المر لفائدة فضاء أرحب يتسع الى كل التونسيين في مختلف المواقع

أملي أن تنجح المعارضة في اعادة التوازن الهادئ والدافئ الى جنبات المجتمع ,وأملي أن تقوم السلطة بمراجعات كبرى لمصلحة الوطن وأن تضع بذلك وبعد كل هذا البلاء والشقاء الذي حل بنا جميعا مسألة الاستقلال وشهداء تونس الأبرار وتضحياتهم العظام في ميزان العقل والضمير ,فتكف بذلك عن سياسة فرق تسد والاستخفاف الملحوظ بمكونات المجتمع الأهلي وممثليه

أملي أن نتعايش جميعا في ظل وطن واحد بلا سجن لأصحاب الرأي وبلا سجان يدمر أحلامنا الجميلة وبلا واش يحمل الناس على الدخول وراء القضبان

أملي أن يعود المنفيون الى وطنهم أحرارا مكرمين وتوضع حدود نهائية لمأساة أخرى لايدركها الا من ذاق فجيعة الغربة والنفي وفراق تراب هذا الوطن الذي عشقناه!

أملي أن يستعيد المظلومون حقوقهم ويعوض لضحايا حقبة الحصاد التراجيدي حتى بكلمات طيبة تخفف عنهم ماأصابهم من بلاء!

ولو حصل هذا لن يضير بعدها أن يستمر التجمع في الحكم ويحافظ الخائفون على ماحققوه من مصالح مادية عظيمة…!ولكن الأهم أن يكون في تونس اصلاح كما يحصل اليوم في المغرب الأقصى وموريتانيا والجزائر ومصر وحتى ليبيا وكثير من بلاد الخليج العربي…

المهم في الأخير هو أن يجد الجميع ملاذه في الوطن دون خوف أو رعب أو اقصاء أو ظلم …فهل تتوقف عجلة التاريخ حصريا عندنا في تونس !!!

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخوكم مرسل الكسيبي الثالثة صباحا بتوقيت ش.أ 21 ذو القعدة 1426 ه الموافق ل23 ديسمبر 2005 م


لـماذا لا يـتـغـيـر الـنـظـام الـتـونـسـي والـعـالـم كـلـه يـتـغـيـر

؟؟؟

عبد الحفيظ خميري

حـتى لا نموت…

هناك مجموعة من الاحتمالات وراء ثبات النظام التونسي على صلابته و ثبوتيته وعدم تزحزحه قليلا من أجل توسيع الهامش العام للحريات حتى وإن تحدثت الصحافة عن تكليف الرئيس التونسي زين العابدين بن علي لزكريا بن مصطفى (رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية) لكي يشرع بتقبل الاتصالات من الأحزاب السياسية، وبقية مكونات المجتمع المدني وغيرهم ممن يرغبوا في التواصل مع النظام، حتى يتباحث معهم في شأن ما يشغلهم وما يتطلعون إليه..

الاحتمال الأول: المعارضة التونسية في أغلبها منافقة وغير مبدئية

إن النظام التونسي يعرف جيدا أن المعارضة التونسية معارضة براغماتية ونفعية وهشة ومنافقة وغير مبدئية وهي التي شجعته على التنكيل بالنهضة ووقفت بجانبه ليضع الإسلاميين في السجن ويضيق عليهم في السجن وخارج السجن في الوطن وخارج الوطن.. فكيف تأتي هذه المعارضة الصفراء اليوم لتدافع عن المساجين.. والنظام متيقن أن هذه المعارضة بعيدا عن بعض النخب النزيهة ليس لها مكان في قلوب التونسيين.. وبالتالي طالما أن الإسلاميين في السجون وفي المنافي فلا خوف بالنسبة للنظام من هذه الأحزاب الكرتونية..

الاحتمال الثاني: أغلبية اليسار هي القواعد الخلفية والأساسية للنظام التونسي

 النظام يدرك أنه إذا كانت هناك ثلة من اليساريين والديمقراطيين في المعارضة فإن الأغلبية الساحقة من هؤلاء هم معه يشدون من أسره ويكفي أن نضرب مثلا بسمير العبيدي الذي كان ذات يوم الأمين العام للاتحاد العام لطلبة تونس.. أين هو اليوم إنه يمثل النظام رسميا في سويسرا.. وهؤلاء هم الذين يصوغون البرامج المدرسية وهؤلاء هم الذين يديرون دور الشباب ودور الثقافة بل وهؤلاء اليساريون هم من يتولى تعذيب الإسلاميين والتحقيق معم في السجون وخارج السجون فمنهم المخبر ومنهم مدير السجن ومنهم.. ومنهم.. ومنهم من لا عهد له ولا ميثاق..

الاحتمال الثالث: النهضة لم تتطور فكيف يتطور النظام

 النظام يعرف أن الإسلاميين قد أكلتهم السجون ومن هم في المنافي من أكلتهم ظروف الحياة اليومية والبحث عن الرزق وفيهم من تحولوا إلى أصحاب رؤوس أموال وأصبح الوطن بالنسبة إليهم يمثل مساحة ضيقة في اهتماماتهم اليومية يتذكرونه في الصيف عندما يروا الناس يعودون إلى تونس.. كما يدرك النظام أنه من بقوا داخل النهضة في الخارج لم يتطوروا في رؤيتهم وطرحهم ولم ينقدوا تجاربهم ولم تتطور النهضة طيلة 15 سنة في قراءتها لواقع البلاد ولم تتجدد في قيادتها و لا في برامجها فكيف لهذا التنظيم وهو بنفس الرموز ونفس العقلية ونفس البرامج ونفس البنية جامد لا يتطور كيف يطلب من نظام حاكم أن يتغير ويتطور.. فالنظام وما فعله بهذا التنظيم يظل خائفا منه وحذرا ومتيقظا لكل شاردة و واردة تقع في البلاد فمن يضمن لهذا النظام ـ الغير ديموقراطي ـ أن هذا التنظيم لو أفرج عن قادته وعادوا من هم في الخارج إلى الوطن أن ينقضوا عليه وهو النظام المتخلل الواقف بقوة الحديد والنار والعصا.. يضاف إلى كل هذا هذه الألوف المؤلفة من قوات الأمن والمخبرين والبوب والجلادين والعملاء إذا أقفل ملف الإسلاميين فبماذا سيشتغلون..؟

الاحتمال الرابع: النظام التونسي بعوراته ولا الإسلاميين

 يدرك النظام أنه هناك ثلة من الإسلاميين لا يزالون يتحركون ولكن ليس هناك من يسمعهم.. لا منظمات ولا جمعيات ولا الاتحاد الأوروبي ولا الحكومات الغربية لسبب واحد هو أن نظام بن علي أفضل بالنسبة للغرب من الإسلاميين الذين يمثلون البديل الوحيد والمعارضة الحقيقية والقوية ووحدهم من يهدد هذه الأنظمة الديكتاتورية فهم وحدهم من يمثل خيار الشعوب لو سمح لهم بالعمل العلني والقانوني وهذا ما كشفته انتخابات الجزائر سنة 1991.. وما أسفرت عليه انتخابات مصر الأخيرة وفوز الأخوان بكثير من المقاعد في البرلمان المصري رغم التزوير والبلطجة وترهيب الناخبين..

الاحتمال الخامس: النظام والدعم الإسرائيلي…

 النظام التونسي تسنده إسرائيل وليذهب كل المحتجين إلى الهاوية.. فالمؤتمر العالمي للمعلومات قد زكاه الحضور الإسرائيلي بحضور وزير الخارجية سلفان شالوم مع أمه مريم و150 يمثلون الوفد الإسرائيلي وحطت طائرتهم على أرض الخضراء التي طهرها عقبة وحسان وطارق.. وهكذا فتحت كل أبواب التطبيع أرضا وجوا.. وليعامل الصحافيون معاملة سيئة وليضرب كريستوف لويتانسكي مبعوث جريدة « ليبيراسيون«  حتى ولو كان فرنسيا.. فردة فعل السلطات الفرنسية كانت باردة لأن جاك شيراك ذات مرة حين زار تونس صرح بأن التونسيين بخير ويتمتعون بالديموقراطية فهم يأكلون ويشربون وهذا جيد.. كأن التونسيين دواب حسب فهم شيراك للديموقراطية.. هذا أولا.. وثانيا فمن يدير السياسة الفرنسية في إعلامها أليس هو اللوبي الإسرائيلي.. وماذا يفعل صوت روبار مينار وعدد قليل من النزهاء أمام الإعلام الرسمي واليمين الحاكم الذي يعتبر تونس ونظامها نموذجا ناجحا لا بد أن يقتدى به في العالم العربي..

إذن طالما هناك دعم إسرائيلي فلا يهم فالأمور بخير وليغض سادة العالم وساسته العين عن المظالم والمساجين وانتهاك الحرمات والأعراض فإسرائيل راضية ووزير خارجيتها راض وهو يزور موطن ولادته حيث تم ترميم بيته و لا عجب إذا تحول إلى معلم سياحي أو إلى معلم مقدس يقصد ويزار.. نظام تونس هو نظام يحترم صلة الرحم ويستضيف أبناء عمومتنا من أمثال شالوم وغيره.. و يا طائرة انزلي بسلام ففيك أبناء العم يعودون لتزداد المحبة بيننا ويزداد الود ودا والقرب قربا..فلا جفاء بعد اليوم وقد بان المكشوف..

الاحتمال السادس: النظام التونسي يرى نفسه قويا و ديموقراطيا..

لا يهم أن تكمم الأفواه فهذه صحافة تصادر ومواقع انترنت تغلق وسجون تفتح وتتوسع.. و تعداد شرطة يفوق جيشنا الوطني.. آلاف من الشرطة كأنها الجراد انتشرت لتحصي على الإسلاميين تحركاتهم في زمن زادت فيه الجريمة وعم فيه الفساد.. يضاف إلى الشرطة آلاف أخرى من المتزحلقين والمتزلفين والسماسرة والمتملقين والانتهازيين والنماقين والأفاقين.. إن عدد الشرطة يزداد كل سنة فتونس أصبحت رومانيا جديدة: مخبرون.. ومخبرون على المخبرين.. ومخبرون على المخبرين على المخبرين.. وكل هؤلاء سيف مسلط على كل رجل حر في تونس مازال فيه رمق من رجولة و نضال وعرق نابض و كرامة وشوق للحرية.. هذه هي الديموقراطية في نظر النظام التونسي ونخبته الضالة..

تونس لا تحتاج اليوم إلى حرية وديمقراطية حسب فلسفة التغيير.. بل تحتاج إلى شرطة و » بوليس وبوبا و خلائق وابواندية  » ليخيفوا الناس حتى يظل التونسي يخاف من خياله، ويمشي جنب الحيط و » لا تدخل يديك مغاغر، ولا تلسعك أحناش  » كما يقول المثل التونسي..

و طالما هناك دعم إسرائيلي، فليثر كل العالم ضد النظام التونسي التحرري الديموقراطي في نظر بني العمةمة، وليتكلم الرئيس السويسري عن الحرية وحقوق الإنسان، و لتتكلم شيرين عبادي عن الحرية، و ليضرب الصحافي الفرنسي.. فكل هؤلاء لم يفقهوا معنى الحرية التي يرفل فيها التونسيون، المشكلة ليست في النظام بل في الذين لم يفهموا فلسفة النظام، فتونس بخير رغم كيد الكائدين ورغم شوشرة غير الوطنيين.. ونظامها يقظ منتبه وقبضته قوية وحديدية..

كرامة تهتك.. معارضة تقصى.. تهميش لرجال الثقافة والمحامين، والصحافيين، وأساتذة الجامعات.. والنقابيين والمهندسين.. أدباء و شعراء يهانون.. و ترتفع السياط والعصي، في وجه كل من تحدثه نفسه بالتغيير، أو فضح ما يجري في تونس.. لا يهم أن يتألم التونسيون من انسداد في الأفق.. وهؤلاء جيرانهم ينعمون بأقساط، لا بأس بها من الحرية، في المغرب والجزائر وموريتانيا.. حتى ليبيا تغيرت..

الخلاصة: النظام وأطراف كثيرة من المعارضة شركاء في الجريمة…

إن النظام غير مكترث بمن يجوعون ويضربون ويموتون.. غير مكترث بالسجون الملأى، غير مكترث بالأطفال اليتم، والنساء الرمل.. غير مكترث بأحلام تموت وعمر يفوت.. مات الكثير من خيرة أبناء تونس، ولم يتكلم العالم، ولم تتكلم الصحافة، ولم تتكلم المعارضة الصفراء.. فالميتون إسلاميون لا ضير.. خمس عشرة سنة، والإسلاميون بين سجن ونفي وجوع وخوف، وموت يمضي في بطء رهيب.. لم يتكلم العالم، والمأساة في صمت مطبق تعظم وتتفاقم.. مات أبر أبناء تونس بها، ولم يتكلم العالم بكل حساسياته، وألوانه ومنظماته الحقوقية، إلا القلة القليلة منها، والتي لا يتجاوز تأثير صوتها جدران مكاتبها.. وكانت المعارضة حليفة النظام، في قطع أوصال الثور الأبيض، وتفكيك بنية الحركة الإسلامية.. وكانت المعارضة التونسية تبارك كل خطوة، يخطوها النظام في إقصاء النهضة، وتصفيتها والتنكيل بها وبمناظليها طيلة عشرية كاملة.. بل لقد كانت عصا المعرضة أشد فتكا من سيف النظام، فهي التي تجاوزت الهجوم على النهضة لكي تجفف منابع التدين في تونس .. فقد تولى محمد الشرفي وزارة التعليم العالي لسنوات، وكانت خطته في ذلك إفراغ البرامج الدراسية من كل ما يمت إلى الدين بصلة..

وظل لسان النظام يتبجح بدولة القانون والمؤسسات.. دولة القانون والمجتمع المدني.. ونظام 7 نوفمبر يبقى في كل ذلك « علم على رأسه نار » في مقاومة الإرهاب.. ظل يقول: قولوا: ما تريدون فسندنا قوي، ونظام تونس ليس العراق حتى يدخله الأمريكان، وليس فلسطين حتى يستبيحها الصهائنة، وليست أفغانستان، وليست سوريا حتى يتهددها بوش وغيره..

نحن نظام مسنود مدعوم.. ونخبة تونس تحول الباطل حقا والحق باطلا، فهذا برهان بسيس، وهذا أبو بكر الصغير، وهذا الحبيب عاشور « اسم على غير مسمى »، وهذا المازري حداد وهذا وهذا.. كلهم يدافعون ويكتبون، ويصولون مثلما تصول الثعالب، دفاعا عن النظام وعن إنجازات النظام.. 

إن سحرة فرعون لما رأوا الحق آمنوا به، وهؤلاء المتمعشون لا يزالون ينفخون في الطبل.. فينتفخ ويزداد قرعه أكثر فأكثر، وهو أجوف ينفخون فيه، ويزكونه في كل مناسبة إعلامية، متبجحين بإنجازاته وخدماته..

نظام أكرمته الأيام بنعم عدة: نعمة القربى من أبناء العمومة، ونعمة الاعتراف والوفاء من قبل شرذمة من المثقفين، ينامون ويصحون على المغالطة و » الماكياج « ، ونعمة الاعتراف الغربي بأن تونس بلد لائكي، حيث حرية المرأة، وحيث الانفتاح، وحيث هناك ثورة عمرانية، وهناك بلد نظيف وجميل وساحر، يقصده آلاف السُياح الغربيون كل صيف، وقبل الصيف وبعد الصيف..

الحقيقة المؤلمة المبكية..

إن الكريم يبقى كريما مهما تكالبت عليه المحن، و إن الأبيض يبقى أبيض مهما سودوه، والأسود يبقى أسود مهما زينوه.. و العورة عورة مهما تطورت لوازم الماكياج و ومعدات التجميل.. وشتان بين المتنبي وكافور، وشتان بين من يكون وفاؤه للوطن، ومن يكون وفاؤه لحفنة من الدراهم..

يخيل للنظام أن سنده قوي والقمة نجحت بالنسبة إليه، وبالنسبة للعالم.. والقافلة تسير.. هكذا صرح ساسة تونس وتكلم إعلامها.. وكيف لا تنجح القمة، وريح أبناء العمومة تخفق في أروقة مبنى القمة.. ولكن الحقيقة المبكية أن تونس تم اغتصابها ممن يده ملوثة بدم إخواننا في فلسطين.. تونس قدّمها نظام لا يعرف نخوة المعتصم، لتضاجع تربتها أقدام قذرة ونجسة، مهد لها نظام 7 نوفمبر البساط، لتدنس طهارة التربة التي طالما قبّـلها رجال، ذادوا عليها بالنفس والنفيس.. وتم تكسير كل الحواجز، وسيضاف إلى رصيد نظام 7 نوفمبر، أنه فتح أبواب تونس على مصراعيها للإسرائيليين الذين يقتلون الفلسطينيين ويدمرون المنازل ويقطعون الزيتون.. 

استضاف النظام رئيس الوزراء شارون، واعتذر هذا ليرسل وزير خارجيته.. والنظام بذلك يسعى لستر العورات التي عليها الواقع السياسي في البلاد، من إقصاء للمعرضة، وتكميم للصحافة، وانسداد في الأفق السياسي، ومن جوع وإضرابات.. كل هذه العورات والفجوات والقبح، جمّـله حضور ابن عمنا وزينه وبيضه وعطره.. ولن تكون القمة كما أراد لها المغرضون من أعداء النظام التونسي… بل ستكون كما أرادها النظام وأبناء عم النظام، وستتواصل تونس تنظر بعين واحدة.. تبكي في الليل الطويل عقوق أبنائها، ممن حرموها من الحرية والعدالة والحب، وهي أحق من كل البلدان بذلك.. عين رمداء، أراد النظام المزكى من بني عمومتنا ومن الأمريكان ومن الفرنسيين، ومن كل من يعترف بالكيان الصهيوني بأن تكون عينا حوراء.. و من سويسرا جنة الحرية إلى تونس جنة الديمقراطية وسويسرا العرب ـ على حد تعبير أخينا الدكتور الهاشمي حامدي، المستغرق بتنقية المستنقع العراقي من أوحاله وحل مشاكل السنة والشيعة ـ تتحقق نبوءة الهاشمي بأن تونس هي سويسرا العرب، وهذا ما وقع فعلا.. فلم تكن إلا تونس من بين كل الدول العربية، من اختارتها الأمم المتحدة لتحتضن قمة المعلوماتية… ليس المغرب وما تم فيه من خطوات في حقوق الإنسان، وليست الجزائر وما تمت فيها من مصالحة، وليست مصر وما شهدته من تقدم في الانتخابات التشريعية الأخيرة، وليست قطر وما تتمتع به من حرية، وليست الإمارات وما تتمتع به من عمران ورفاهية وليس و ليس.. وليس.. وليس..

تونس فقط من تم اختيارها، ولنا شرف نحن التونسيون في ذلك، أن تكون تونسنا الحبيبة حاضنة لهذه القمة، وما فيها من إيجابيات.. تونسنا حبيبتنا بشرى لك بهذا الحدث العالمي.. ولكن يظل فاقد الشيء لا يعطيه، ومهما غلف النظام وجهه بالمساحيق، يبقى نظاما استبداديا يعيش في كهوف المغالطات، وشعاب المزايدات التي يروجها برهان بسيس وغيره.. وستجري على هذا النظام سنن التاريخ، هذا إن لم يتدارك نفسه، ويمهد الأجواء للمصالحة الوطنية، حيث تستعيد تونس بسمتها العذبة المشرقة، والتي غيبها الاستبداد لسنين طويلة..

ويبقى السؤال الذي يؤرقني، لماذا تغير جيراننا ولم يتغير نظامنا.. ربما تكون المفاجأة بعد هذه القمة… وتكون المصالحة..


على هامش مهرجان ردود تلامذة الأمس على الشيخ خميس الماجري

بقلم أبو البراء المهاجر

فوجئت كما فوجئ غيري من قراء تونس نيوز بمهرجان المقالات ضد الشيخ خميس الماجري, لأنه تجرأ  باعتباره طالب علم و من تلامذة العلماء ,على مخالفة اختيارات قيادة نهضة المهجر بالأدلة الشرعية, بدل التطبيل لها كما هو المطلوب , كما فوجئت أيضا و معي قراء تونس نيوز بمقال طويل للهادي بريك, خلط فيه بين اضراب الجوع و الجهاد في سبيل الله!!, و لكن عفوا أيها القراء من خول لي أو لغيري التحدث باسم قراء تونس نيوز؟!! لماذا لا أعبر عن رأيي بالدليل و البرهان و أترك هذه الأساليب الديماغوجية  التهويلية والمضحكة؟, ولكن أخانا علي بن عرفة ـ سامحه الله ـ { و أرجو ألا يضيق صدره من هذا الحوار الأخوي, الذي لا يقصد شخصه المحترم} اختار هذا الأسلوب التهويلي للرد على مقال الشيخ خميس الماجري, إذ افتتح مقاله بالقول : بأنه فوجئ كما فوجئ قراء تونس نيوز بمقال الشيخ خميس الماجري الذي وصف فيه اضراب الجوع بأنه انتحار! فكيف سمحت لنفسك يا أخي أن تتكلم باسمي و باسم اخوة آخرين بعضهم أعرفهم بالاسم لم يتفاجئوا بمقال الشيخ خميس الماجري ـ حفظه الله ـ و لا يشاطرونك الرأي ؟ !! فقليلا من الموضوعية و الصدق ـ يرحمكم الله ـ  ثم هل كفر الشيخ خميس الماجري بالله العظيم , حتى ينظم ضده هذا المهرجان ؟!!!! أقول هذا مع اعترافي بأن مقال الأخ علي بن عرفة, اتسم بالأدب و البعد عن تشخيص الخلاف  بخلاف بقية المقالات و خاصة مقال الأخ هادي بريك ـ هداه الله و أصلحه ـ , وهو ما يحمد للأخ علي بن عرفة, بقطع النظر عن اختلافي العميق معه في موقفه من اليسار الملحد و المجرم في حق الدين و العباد و البلاد, الذي يصفه في مقاله ذلك بالمظلوم!! و أن من واجبنا الدفاع عن المظلوم مهما كان! فمن الذي ظلم اليسار المسكين؟!!! و ما هي المرجعية التي أملت عليك هذا القول الإد و الظالم أخي المسلم؟ هل هي مرجعية الكتاب و السنة؟ أي مرجعية الإسلام, أم مرجعية أسطورة  حقوق الإنسان الغربية التي عرتها حتى من ورقة التوت معتقلات غوانتناموا و غيرها و الحملة الصليبية الأمريكية على الأمة الإسلامية, و ممارسات الجمهورية الفرنسية و غيرها!!! أفيقوا يا قومي ـ يهديكم الله و يصلح بالكم ـ و كفى غفوة, فقد حان زمان الصحوة و العزة, إذ كيف يكون اليسار الملحد مظلوما في بلد الإسلام!! فهل كان أجداد هؤلاء اليساريين المجرمين من القرامطة و الحشاشين مظلومين؟!! و من الذي ظلمهم؟!! حددوا لنا موقعكم يهديكم الله ـ ‍‍!!

 إنها الهزيمة الروحية و الفراغ العقدي هي التي حولت  قضية قسم من أبناء الدعوة الإسلامية العاصرة في تونس, من الدعوة إلى التوحيد و تعبيد الناس إلى الله الواحد الأحد و اخراجهم من جور الأديان إلى عدل الإسلام, إلى الدفاع عن الملاحدة المظلومين المساكين  الذين يقوم مشروعهم أساسا على رفض حكم الشريعة الإسلامية و محاربة الإسلام, و تنظيم اضرابات الجوع لشد أزرهم!! فما الذي يجمعنا بهؤلاء!! إن هؤلاء أنفسهم لا يقولون أنهم مسلمون و يجاهرون بالحادهم و أسألوا حمة الهمامي.

إنني أتوجه بالسؤال إلى أتباع و مقلدي الأستاذ راشد الغنوشي ممن يناضلون من أجل حريات اليسار في تونس بما فيها حقه في تولي الحكم و المشاركة فيه!! و قد قال الغنوشي : » إذا ما اختار الشعب الشيوعية فله ذلك  » !!! ما هي مرجعيتكم في هذاا لقول و المسار المنكر الذي لم تسبقوا إليه, هل هي مرجعية الشريعة الإسلامية أم ديمقراطية غوانتناموا الآنفة الذكر؟ و هل التحاكم إلى الله أم إلى الطاغوت؟ و قد قال تعالى  » يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به  » و الطاغوت كما قال ابن القيم :  » هو كل معبود أو مطاع من دون الله أو في غير طاعة الله « .

فقد أجمع علماء الإسلام قاطبة لتظافر الأدلة في ذلك من الكتاب و السنة, بأن الأراضي الخراجية أي الأراضي التي فتحها المسلمون عنوة بالسيف { و منها أرض فلسطين و سائر بلاد الشام و العراق و أرض تونس و سائر بلاد المغرب العربي} هي أراضي و قف على المسلمين إلى يوم القيامة لا يجوز أن تسلم إلى غيرهم أو تحكم بغير الإسلام, و قد حكم المسلمون العراق  بالإسلام بعد أن فتحوها عنوة بالسيف, و كان أغلب أهلها على غير دين الإسلام,و لم يفكر عمر الخطاب ـ رضي الله عنه ـ و لا غيره في استفتاء أهلها عن الحكم الذي يرتضونه. كما أجمع علماء الاسلام على بطلان امامة غير المسلم لبلد الإسلام , و أتحدى من يأتيني بقول واحد يخالف هذا القول المجمع عليه و الذي يخرقه خط الأستاذ راشد الغنوشي. حتى الشيخ يوسف القرضاوي الذي تترسون به و تستغلون زلاته لا يقول بهذا القول المنكر. فكيف أجزتم لأنفسكم يا  » دعاة الإسلام » ‍‍‍‍!! أن تناضلوا من أجل حق اليساري أوالملحد الرافض لتحكيم شريعة الله,في الحكم أو المشاركة فيه أو حتى بالدعوة إلى أفكاره المفسدة في بلد الإسلام !!

نعم, إن ما يدعو إليه الإسلام صعب التطبيق في ظروفنا الراهنة, و أمامه ما لا يحصى من العقبات الدولية و التحديات , إلا أن هذا لا يبرر لنا معشر المسلمين أن نبدل شريعة رب العالمين,تلهفا منا على كرسي الحكم أو حتى يرضى عنا الشرق و الغرب و المشرقون أو المغربون معهم في بلادنا, إذ لا يكلف الله نفسا إلا و سعها , و من يقوم بلبرلة الإسلام اليوم, هم فئام من غير أهل العلم و الكثير منهم قوميون سابقون أو يساريون سابقون لم يتشبعوا بالتصور العقدي الإسلامي الصحيح, فخرجوا علينا بهذه التلفيقات المتهافته , إنهم اخوان الصفا الجدد الذين يريدون التوفيق القسري بين شريعة رب العالمين و فلسفات و أهواء الذين لا يوقنون, حتى يسمح لهم بالمشاركة في الحكم….إنها عملية تحريف يهودي للإسلام كما وصفها بعض العلماء و المفكرين المسلمين.

أعرف أن هذا الكلام يستفظعه اخواننا ممن يئنون تحت وطأة الهزيمة الروحية و العقدية و الخجل من الإسلام اللاديمقراطي , الذي يحتاج إلى حركة تجديدية بروتستنتية ترابية أو غيرها {لا كلفينية و لا لوثرية, محافظة على الهوية} حتى يواكب العصر و حتى يرضى عنا سدنة الديمقراطية المزعومة { لقد بانت هذه الديمقراطية في موقف الاتحاد الاروبي و واشنطن من احتمالات فوز حماس في الانتخابات


المنجم التونسي ونائب رئيس الاتحاد العالمي للفلكيين لـ«الصباح»:
هــذه تكهناتــي لعـــــــام 2006

محاولات إنقلاب وتعكّر صحّة بعض الملوك والرؤساء

تونس – الصباح

توقع حسن الشارني نائب رئيس الاتحاد العالمي للفلكيين والمنجم التونسي الذي تنبا بمقتل الاميرة ديانا واسحاق رابين في حديث مع الصباح أن يشهد عام 2006 كوارث طبيعية وأمنية وسياسية .. منها محاولة انقلابية في بلد عربي وأزمات في ليبيا والسعودية والجزائر بعد تعكر الحالة الصحية لبعض الملوك والرؤساء العرب.وفيما يلي نص الحديث: 

* ماهي توقعاتك لعام 2006 الذي يستعد العالم لاستقباله؟

–  بالنسبة لعام 2006 ارى تجمعا لمناطق سوداء تنبئ بان العام سيكون صعبا بالنسبة للافراد والمجموعات البشرية وستنعكس تلك الصعوبات والمناطق السوداء على البشرية ..في عدة حوادث ..هناك احداث كبرى خطيرة متوقعة في الشرق الاوسط خاصة في العراق..حيث من المنتظر أن تنظم «المقاومة» عملية عنيفة كبرى يموت فيها كثيرمن الامريكيين وتتسبب في تغيير جوهري للسياسة الامريكية في العراق والخليج.. خاصة بعد تحركات وضغوطات على بوش داخل امريكا..

ومن اخطر الاحداث في المنطقة عام 2006 محاولة انقلابية ستقع السيطرة عليها في بلد عربي شقيق…

 وسيتكلم السلاح أكثر بين الفصائل الفلسطينية ..وستندلع مناوشات جديدة بين حزب الله والقوات الاسرائيلية.

وفي دولة خليجية ستتوعك صحة الملك  وستشهد البلاد هجمات ارهابية خطيرة ..كما سيصاب رئيس دولة شقيقة بمرض تفتح بعده معركة الخلافة في بلاده ..

وفي تونس سيشهد البلد صعوبات اقتصادية ..وصعوبات ناجمة عن عوامل  طبيعية ..وفي الجزائر ستكون صحة الرئيس بوتفليقة قضية تشغل الجزائريين عام 2006. وفي المغرب تتأزم الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية أكثر وستنظم مظاهرات وقلاقل.

وفي بريطانيا سيكون بلير عرضة لفضائح وأزمات جديدة ..أما  فرنسا فستكـون عرضة لهجمات ارهابية شبيهة بما حصل في لندن عـام 2005 .

وفي المانيا التي تستضيف كاس العالم لكرة القدم ستقع حوادث لكنها لن تؤثر على سير الكأس الذي سيكون للبرازيل ..بينما سيبدع المنتخب التونسي بما يثلج صدور العرب ويذكرهم بابداعات منتخب تونس في عام 1978 في امريكا اللاتينية..

ومن الناحية الطبيعة ستشهد السنة الجديدة كوارث كثيرة لكنها ليست في حجم تسوماني وزلزال الباكستان..

كما سينجح العالم في القضاء على آفة أنفليونزا الطيور.. مقابل ظهور جراثيم وامراض خطيرة جديدة ..لا ترتقي الى مرتبة الكوارث والاوبئة..

الصدفة؟

* سيد حسن الشارني ..أنت برزت ببعض التكهنات التي شدت اليك الانظار عالميا منها مقتل الاميرة ديانا ومقتل رابين ومؤخرا كارثة تسوماني ..هل هي الصدفة التي تخدم المنجمين المتهمين بالكذب وإن صدقوا؟ ما هي مصداقية هذه التكهنات في هذا العصر؟

– الصدفة تلعب دورا كبيرا.. لكن ليست الصدفة في التنبؤ ..وصدفة الكشف عن أحداث قبل وقوعها ..ولكن صدفة دراسة خارطة حياة (خارطة سبا) شخص معين ..ودراستي لخارطة حياة ديانا واسحاق رابين ساعداني في الكشف عن مصيرهما.

الاقدارقد توجه المنجم صدفة لدراسة سيرة شخص أو منطقة بعينها.. فتسعاده في الكشف عن حدث بعينه..وقد لعبت الصدفة في دفعي نحو اختياردراسة خريطة حياة الاميرة ديانا بالذات ..والاعلان مسبقا عن مقتلها المرتقب في فرنسا..

الطلاق والحروب

* هل هناك علاقة بين دراسة خريطة الميلاد و علم الابراج وتحديد تاريخ الوفاة وموعد الزواج والطلاق مثلا؟

– التنجيم ليس علما.. لكنه فن ..وفن التنجيم له قواعد وعلاقة بكواكب المجموعة الشمسية..

التنجيم هو فن ملاحظة ..ومنذ عهد البابليين لاحظنا وجود علاقة بين وجود كوكب كذا في توقيت معين في مكان ما وحدث ينجر يوم كذا.. يحصل فيما بعد..قد يهم شخصا أو بلدا أو الكرة الارضية ككل.

* وما علاقة الابراج والمجموعة الشمسية بالعواطف والطلاق والحروب؟
– لما يكون كوكب زحل مثلا في موقع كذا يؤثر في سلوكيات شخصيات وشعوب بعينها..
لذلك فإن التنجيم مهم جدا بما في ذلك بالنسبة للحروب والطلاق والحب والسلوكيات المماثلة ..
مقتل ديانا ورابين وبروز صدام

* ماهي ابرز الامثلة التي نجحت فيها تكهناتك صدفة أو عبر ما تصفه بملاحظة النجوم ودراسة خارطة حياة بعض الناس؟

– انفردت بتحديد تاريخ مقتل ديانا في حادث مرور بباريس ..بالنسبة لرابين تنبات بمقتله على يد يهودي وهو ما استبعده الكثير لان قتل اليهودي لليهودي حرام ومن الكبائرفي الدين اليهودي..

وتوقعت تفجيرات 11 سبتمبر وقلت اني أرى طائرات تنفجر في سماء امريكا وتصطدم بناطحات السحاب..

ومن بين تنبؤاتي اعلاني ظهور صدام حسين بعد طول اختفائه ..رغم الحديث عن مقتله واختفائه الى الابد..

وبعد اسبوع واحد وقع الاعلان عن اكتشاف صدام ..وتنبات بتفجيرات لندن وكارثة تسوماني..
المنجم ليس قارئ فنجان
* الم يصادفك زبائن يشككون في مصداقية تنبؤاتك ويطعنون في تنجيمك؟

– نعم ..حصل هذا ..وبعض تنبؤاتي قد لا تصادف الحقيقة .. فالمنجم مثل الطبيب المختص في الجينات يجتهد وقد يصيب وقد يخطئ..

والمنجم  بخلاف قارئة الفنجان أو الكوتشينا الورق لا يعلل استنتاجه ..هو يلاحظ.. ويقدم قراءة لما يلاحظه..

* ماهو رأيك في مقولة كذب المنجمون وإن صدقوا؟

– في هذه المقولة اعتراف بان هناك قدرمن الصدق في عمل المنجم.. وهذه المقولة تعترف بوجود شقين في تنبؤاتـــه الكـــذب والصدق.

حاوره: كمال بن يونس 
(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 23 ديسمبر 2005)


الجامعة الافتراضية.. هل يمكن أن تعوّض الجامعة التقليدية؟

سعيدة بوهلال

في دردشة مع بعض الأساتذة الجامعيين أثرنا منذ أيام قليلة موضوع الجامعة الافتراضية التي تم إحداثها منذ سنة 2002 بهدف التحكم في الثقافة الرقمية وتكنولوجيات المعلومات والاتصال الحديثة ونشرها في أوساط المدرسين والباحثين والطلبة وفتح مجال التكوين الجامعي أمام فئات مهنية لا تستطيع مواصلة الدراسة الجامعية في المؤسسات الجامعية التقليدية بسبب عدم توفر الوقت وصعوبة المداومة..

 وقال بعض المتحمسين لهذا المشروع إن الجامعة الافتراضية هي تكريس لمبدأ التعلم مدى الحياة وفتح مجال التكوين المستمر لجميع الراغبين فيه..وهي تسهل على الطالب معاناة التنقل إلى الجامعة وتوفر عليه الكثير من المتاعب الجسدية والنفسية.. وتقدم له عصارة المعارف التي يتعين عليه إدراكها قبل الامتحان..

ويرى شق آخر من الجامعيين أن الجامعة الافتراضية وبال على التعليم العالي وخطر على الجامعات التقليدية.. فبفعل التطور المذهل للتكنولوجيا من الممكن أن يأتي يوم ما.. تصبح فيه الجامعات التقليدية مجرد أطلال يبكى على رسومها.. أو تصبح قبلة لقلة قليلة من الطلبة الذين ليس بمستطاعهم النفاذ إلى شبكة الأنترنات..

ولكن يتفق الطرفان على أن الجامعة الافتراضية لا يمكنها أن تقوم مقام الجامعة التقليدية نظرا لما تتمتع به هذه الأخيرة من هيبة وصيت.. وعللوا قولهم هذا بأنه يستحيل على الطالب أن يظفر في الجامعة الافتراضية بنفس جودة التكوين الذي يمكن أن يتمتع به في الجامعة التقليدية.. ويقولون إن الطالب الذي لا يجلس الساعات الطويلة في مدرجات الجامعة ويستمع إلى المحاضرات ويتفاعل مع أساتذته ويشاركهم في الدروس بالنقاش وإعداد الملفات وتقديم البحوث ومطالعة الكتب والدراسات لا يمكنه أن يكون تكوينه متكاملا.. لأن الأهمية على حد ذكرهم لا تكمن في تلقين الطالب جملة من المعارف وإعداده لامتحان معين في اختصاص محدد ثم تمكينه من شهادة نجاح ينافس بها غيره في سوق الشغل.. بل الأهم من ذلك هو الحرص على أن يكون التكوين جيدا وثريا وفي المستوى.. إلى جانب تعويد الطالب على التفكير والنقاش والجدال وعدم قبول المسلمات حتى لا تكون الجامعة بمثابة المصنع الذي يخرج منتوجات متشابهة..

ويذهب أحد الجامعيين إلى أن الجامعة التونسية أضحت خلال السنوات الأخيرة تكون لتستجيب لحاجيات سوق الشغل ليس إلا.. أي ليس لغاية التكوين في حد ذاته.. وهو أمر خطير على مستقبل المعرفة التي تعد الجامعة مهدا لها..

ومن خلال الحديث معهم تبين أن بعض الجامعيين ليسوا على بينة بأن المضامين التي تنجزها الجامعة الافتراضية ستوضع على ذمة الطلبة والجامعات بداية من السنة الجامعية 2006-2007 وأن عدد الطلبة الذين إستفادوا من التكوين التكميلي الذي امنته الجامعة الافتراضية خلال سنة 2004 ـ 2005ناهز 5835 طالبا.. وتعلق ذلك بوحدات في الرياضيات والإلكترونيك والاقتصاد وعلوم الحياة والأرض والصحة والهندسة المعمارية.

وتتوفر الجامعة الافتراضية على كم كبير من التجهيزات الإعلامية والسمعية البصرية ووسائل الاتصال الحديثة.. حتى تكون مخبرا كبيرا يتسع لمختلف الافكار والتقنيات والتطبيقات البيداغوجية.. لكن هذه المعدات تستدعي تغيير طرق العمل والبحث والتدريس بنسق يساير نسق التطور التكنولوجي وسرعة انتقال المعلومة وزخمها وكثافتها..

المسألة إذن ليست بالهينة وتحتاج إلى فتح باب الحوار أمام الجامعيين أكثر فأكثر وتشريكهم في الإسهام في إرساء الجامعة الافتراضية وتدارك عثراتها إن وجدت..

(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 23 ديسمبر 2005)

مونديال 2006 

مدينة شفاينفورت ستكون مقر اقامة المنتخب التونسي

علمت وكالة تونس افريقيا للانباء /وات/ من مصدر مقرب من الجامعة التونسية لكرة القدم ان مدينة شفاينفورت /جنوب منطقة البافيار/ ستكون مقر اقامة المنتخب التونسي خلال نهائيات كاس العالم لكرة القدم المقررة في المانيا من 9 جوان الى 9 جويلية 2006 .

وسيقيم وفد المنتخب التونسي الذي سينزل ضيفا على مدينة شفاينفورت انطلاقا من يوم 6 جوان لمدة حوالي ثلاثة اسابيع في فندق من فئة اربعة نجوم وسيكون على ذمته ملعبا رئيسيا لاجراء الحصص التدريبية الى جانب ثلاثة ملاعب فرعية اخرى من بينها واحد معشب اصطناعيا.

وجاء اختيار هذه المدينة التي تضم 50 الف نسمة نظرا لقربها الجغرافي من المدن الثلاث التي ستستضيف مباريات المنتخب الوطني خلال الدور الاول من منافسات المجموعة الثامنة التي تتالف ايضا من منتخبات اسبانيا واوكرانيا والمملكة العربية السعودية.

وتقع مدينة شفاينفورت على بعد 150 كلم من فرانكفورت و290 كلم من ميونيخ التي ستحتضن المقابلة الاولى للمنتخب التونسي امام نظيره السعودي يوم 14 جوان على الساعة 18 .

اما مدينة شتوتغارت التي ستحتضن المقابلة الثانية للمنتخب التونسي امام نظيره الاسباني يوم 19 جوان على الساعة 21 فانها تبعد حوالي 190 كلم عن شفاينفورت في حين تقع برلين التي ستستضيف يوم 23 جوان /س 16/ اللقاء الثالث والاخير للمنتخب التونسي ضمن الدور الاول امام اوكرانيا على مسافة 460 كلم من مقر معسكر النخبة الوطنية.

وسيتحول المنتخب التونسي الى المدن الثلاث عبر الطائرة انطلاقا من المطار الجهوي لمدينة فيلسبورغ /40 كلم عن شفاينفورت/.

(المصدر: موقع وكالة تونس إفريقيا للأنباء بتاريخ 23 ديسمبر 2005)

وصلة البرقية: http://www.tap.info.tn/ar/index.php?option=com_content&task=view&id=623&Itemid=73


واشنطن توقف مجلة فشلت باستقطاب الشباب العربي

أوقفت الولايات المتحدة مجلة هاي الموجهة إلى الشباب العربي، لفشلها في تحقيق الغاية من إصدارها.

وذكر بيان للخارجية الأميركية أن إصدار هاي قد عُلق « لمعرفة ما إذا كانت تحقق الغاية من إصدارها وتصل إلى الجمهور المستهدف ».

وصدرت هاي في يوليو/ تموز2003 بعد شهور من الحرب الأميركية على العراق في 55 ألف نسخة لم تحقق مبيعاتها إلا 2500 شهريا، في حين بلغ عدد الزائرين إلى موقعها الإلكتروني 3 ملايين شهريا وهو عدد ضئيل.

وقدمت المجلة لدى إصدارها بوصفها عنصرا أساسيا في « الدبلوماسية الحكومية » الأميركية لتحسين صورة الولايات المتحدة بالعالم العربي، وبلغت كلفتها السنوية 4.5 ملايين دولار.

وجاء قرار وقف إصدار المجلة التي ظهرت إلى جانب محطة الحرة وإذاعة سوا، بقرار من مساعدة وزيرة الخارجية لشؤون الدبلوماسية العامة كارين هيوز التي زارت قبل شهرين عددا من دول الشرق الأوسط ولمست مدى كراهية الشعوب العربية لسياسة أميركا الخارجية.

وأقر المتحدث باسم الخارجية شون ماكورماك بأن « محتويات المجلة تعرضت للانتقاد » وقال إن الدراسة « ستتناول كل الانتقادات والتعليقات الصادرة من سفاراتنا ومصادر أخرى ».

 (المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 23 ديسمبر 2005 نقلا عن وكالات)


الرباط: محاكمة نادية ياسين في آذار المقبل بتهمة اعتبار «الملكية غير صالحة» للمغرب

الرباط – محمد الأشهب    

أقرت محكمة في الرباط معاودة محاكمة السيدة نادية ياسين، كريمة الشيخ عبدالسلام ياسين زعيم جماعة «العدل والاحسان». وذكرت مصادر قضائية ان المحاكمة التي حُدد لها الرابع عشر من آذار (مارس) المقبل، ستشمل الصحافي عبدالعزيز كوكاس مدير «الاسبوعية الجديدة» التي كانت نشرت مقابلة مع السيدة ياسين جاء فيها ان «الملكية غير صالحة للبلاد»، ما اعتبرته أوساط قضائية وسياسية انتهاكاً للدستور الذي ينص على أن نظام المغرب هو الملكية الدستورية.

وكانت المحكمة الابتدائية في الرباط أرجأت في 28 حزيران (يونيو) الماضي النظر في قضية ياسين «إلى أجل غير مسمى». وجاءت ملاحقتها على خلفية مشاركتها في ندوة فكرية في الولايات المتحدة عرضت الى أنظمة الحكم في البلاد العربية.

ومعلوم ان ياسين صرحت في المقابلة ذاتها بأنها ضد استخدام العنف وانها تنبذ الارهاب. كذلك قال ناشطون في «العدل والاحسان» انهم يعارضون استخدام العنف، وانهم كانوا ضحايا حركات متطرفة.

وقال مراقبون ان انفتاح المغرب على التيارات الاسلامية وتحديداً من خلال الترخيص لحزب «البديل الحضاري» ذي النزعة الاسلامية، ومشاركة حزب «العدالة والتنمية» الإسلامي في الانتخابات، يدفع في اتجاه تغليب خيار مشاركة الإسلاميين في النظام بدل اقصائهم، وإن كان قانون الأحزاب الذي أقره البرلمان المغربي في وقت سابق يحظر تأسيس الأحزاب من منطلقات دينية أو عرقية أو قبلية. غير أن جماعة «العدل والاحسان»، كما تقول مصادر قريبة منها، لم تتقدم بطلب تحويلها الى حزب سياسي.

يذكر ان المواجهة الأولى بين القصر والجماعة برزت إثر توجيه مرشد «العدل والاحسان» رسالة مفتوحة «الى من يعنيهم الأمر» دعا فيها الى استخدام ثروة الملك الراحل الحسن الثاني لأداء الديون المستحقة من البنك الدولي. لكن العاهل المغربي الملك محمد السادس بادر في العام الأول لاعتلائه عرش بلاده عام 1999 على رفع الإقامة الجبرية عن الشيخ ياسين، كما مكنت السلطات المغربية قياديين في الجماعة من الحصول على جوازات سفر وحرية السفر الى الخارج.

وكانت جماعة «العدل والإحسان» تراجعت في السنوات الأخيرة عن تنظيم مخيمات في السواحل المغربية كانت تؤوي مناصريها بعد رفض السلطات الترخيص لها. غير أن أجواء الانتخابات الاشتراعية المقررة عام 2007 لن تكون بعيدة عن تداعيات شد الحبل بين الطرفين. وكان قياديون في الاتحاد الاشتراكي بزعامة محمد اليازغي تحدثوا في وقت سابق عن دعم المنتسبين لـ «جماعة العدل والإحسان» حزب «العدالة والتنمية» الإسلامي الذي ووجه بانتقادات شديدة على خلفية الهجمات الانتحارية في السادس عشر من أيار (مايو) 2003 في الدار البيضاء، كونه يشجع التيارات المتشددة، إلا أن حدة الانتقادات خفت في الفترة الأخيرة. وفي وقت لم يحدد حزب «العدالة والتنمية» نوعية حلفائه في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، بدأت ملامح استقطاب سياسي بين التيارات الاشتراكية والمحافظة وبين أحزاب الحركات الشعبية ذات الهوية الأمازيغية.

الى ذلك، احتج نواب كتلة «العدالة والتنمية» في البرلمان على اقصائهم من المتابعات الإعلامية في التلفزيون، وحملوا شارات ولافتات داخل قاعة البرلمان كتب عليها «لا للإقصاء». وقال قيادي بارز في الحزب لـ «الحياة» أمس إن حزبه قدم تعديلات جوهرية على مشروع قانون حول «حقوق المؤلف»، لكن الحكومة «رفضتها وزادت على ذلك من خلال عدم الاشارة الى موقف «العدالة والتنمية» في نشرات الأخبار». واتهم الحكومة باستمرار احتكار وسائل الإعلام الرسمية، فيما أوضح وزير الاتصال (الإعلام) نبيل بن عبدالله انه فتح تحقيقاً مهنياً في الموضوع.

(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 23 ديسمبر 2005)


مرشد «الإخوان»: المحرقة أسطورة

القاهرة – محمد صلاح    

فيما بدا وكأنه نفي عملي لإشاعات عن قرب حوار بين الإدارة الاميركية وجماعة «الإخوان المسلمين»، اتهم المرشد العام للجماعة السيد محمد مهدي عاكف أمس الولايات المتحدة باستغلال الديموقراطية «لمحاربة الإسلام والتضييق على الحركات الإسلامية». واعتبر أن الديموقراطية التي تسعى أميركا إلى نشرها «تهدف إلى خدمة الكيان الصهيوني».

وقال في بيان له أمس «حملت الديموقراطية الغربية على كل من يرى غير رؤية بني صهيون في ما يخص اسطورة «الهولوكست» أو المحرقة، فحوكم روجيه غارودي بتهمة انكارها وفق قانون (جيسو) في التسعينات واعتقل المؤرخ البريطاني ديفيد ايفيرنغ في النمسا منتصف شهر شباط (فبراير) الماضي، أعمل سيف الديموقراطية الغربية نصله في قلب الحريات، فحرّمت فرنسا الحجاب بناء على تقرير لجنة بيرنار ستازي، وكانت التبعية للإعلام المصري حين منع كل محجبة اعلامية من الظهور على التلفاز …».

وقال محمد حبيب نائب المرشد العام لـ «الاخوان»، رداً على سؤال في الأسبوع الماضي عن تصريحات الرئيس الايراني حمود أحمدي نجاد عن المحرقة، ان التقارير الخاصة بمحارق النازي مبالغ فيها. وقال في مقابلة مع «رويترز»: «ليس لدينا أشياء مؤكدة تمكننا من أن نثبت هذا الأمر أو ننفيه. المسألة تحتاج الى توثيق لكن ما يمكن للواحد أن يتأكد منه هو أنه تم الاعتداء على اليهود وليس بوسيلة غرف الغاز أو ربما ليس بهذا العدد أو بهذه الكثافة». لكن حبيب قال ان هذا الأمر ليس للفلسطينيين شأن به. وقال ان «ما يروجه اليهود عن وجود محرقة لا علاقة له بمعاملتهم للفلسطينيين على أرض فلسطين».

وكان أحمدي نجاد شكك في حصول محارق النازيين خلال الحرب العالمية الثانية. وأثار ضجة في العالم بقوله في خطاب ألقاه يوم 14 كانون الأول (ديسمبر) الحالي ان محارق نظام هتلر «أسطورة». وقُتل حوالي ستة ملايين يهودي على أيدي النازيين وحلفائهم بين عامي 1939 و1945.

(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 23 ديسمبر 2005)


منتج الأفلام الصعبة شارك في كتابة «باب المقام» …

أحمد عطية: لا أتوجه الى الغرب و لا أمسح «جوخ» الجمهور

نانت – ندى الأزهري    

تميزت السينما التونسية بمواضيعها الاجتماعية «الحساسة» وبعملها على نقد الواقع بأسلوب فني رفيع لم يعتمد إنكار الحساسية الشعبية والجماهيرية، وبهذا خلقت ظاهرة غير مسبوقة وهي «سينما المؤلف – الجماهيرية» بحسب تعبير الكاتب والمخرج فريد بو غدير.

يؤكد الأمر كذلك مختلف العاملين في مجال السينما في تونس. فسينما المؤلف فيها، وخلافاً لما يحصل في بقية بلدان الجنوب، لم تبق حبيسة الأندية السينمائية والصالات المخصصة والمهرجانات العالمية، وإنما هي سينما استقطبت الجمهور المحلي العريض الذي حقق لأفلامه الوطنية حتى الصعبة منها «نصراً لم يسبق له مثيل…» كما يكتب بو غدير. هذا النصر المحلي تعزز برصيد خارجي تجلى في التوزيع التجاري للسينما التونسية عالمياً كما حصل مع «صمت القصور» و «حلفاوين» على سبيل المثال. بيد أن هذا العصر الذهبي (الثمانينات وحتى بدايات التسعينات) للسينما التونسية، التي شاركت في كبريات المهرجانات الدولية، تعثر لعقد من الزمن. 

في الاستعادة التي كرسها مهرجان نانت لعرض محطات مهمة في تاريخ السينما التونسية، كانت ثمة فجوة بين عامي 1994 و2005 لم تملأ إلا بفيلم روائي وحيد هو «الستارة الحمراء» لرجاء عماري، والجزء الثالث من الثلاثية القصيرة والمتميزة للمنصف ذويب» حمام الذهب – الحضرة – التربة».

لكن أحمد بهاء الدين عطية المنتج التونسي (أشهر الأفلام التي أنتجها «حلفاوين» لفريد بو غدير و «صفائح من ذهب» لنوري بو زيد) يقول إن الإنتاج السينمائي لم ينخفض في تونس» بل على العكس». ويؤكد في حوار مع «الحياة» على هامش تكريم السينما التونسية في مهرجان نانت الأخير «أن الإنتاج لم يقلّ بل ازداد. ولكن بعض الأفلام لا يخرج للعرض لأنه لا يعجب الجمهور». ويعيد الأسباب إلى نوعية هذه الأفلام من جهة وإلى النقص في أعداد الجمهور، سواء في الداخل أو في الخارج من جهة أخرى، وليس إلى النقص في الإنتاج «الأفلام الآن أقل تأثيراً وقوة وكذلك اهتمام الجمهور». وهو يذكر أنه ومنذ إنشاء صندوق لدعم السينما عام 1981، فإن 60 إلى 80 في المئة من الأفلام لقيت الدعم منه «بين عامي 1984 و 1995، تم إنتاج ثلاثة أفلام روائية فيما وصل العدد إلى سبعة في السنوات العشر التي تلتها».

المحظورات

بيد أن عطية الذي ساهم في إنتاج أفلام كان لها نجاحها الجماهيري والنقدي، وفي إنتاج أفلام أولى لمخرجين (أول فيلم لنوري بو زيد) يؤكد لنا هذه المكانة التي تحظى بها سينما المؤلف في تونس «لقوتها ونظرتها الداخلية» ويصفها بأنها سينما «مخلصة، تلمس المحرمات» وهي التي اختار دعمها «في تونس لا يوجد لدينا نظام النجوم. الموضوع هو النجم وهو معياري الأول. والأفلام التي اختارها قوية في موضوعاتها» ويعتقد المنتج التونسي أنه يجب على الفيلم أن يتحدث عن أمور غير تلك التي يتداولها الإعلام أو أن يكون الموضوع نبيلاً، مخلصاً له نظرة داخلية غير فولكلورية.. وأن تكون هناك حرية في اختياره ومعالجته». ولكن أين الحرية في العالم العربي؟ وهل هناك حرية مثلاً لمعالجة موضوع سياسي في تونس؟ سألناه.

«ثمة حرية في كل مجال في تونس. قد يراقب الهجوم المباشر ولكن في عملية الخلق الفني، فإن المبدع الذكي يستطيع أن يختار طريقته في النقد. لكن دورنا ليس النقد المباشر ولا ممارسة السياسة، بل خلق البسمة والدمعة، إثارة المشاعر. وأن نكون طليعة المجتمع أن ننقد عيوبه. في «صفائح من ذهب» وهو فيلم صعب شعرت بأنه يتحدث عن واقع، وأنه سيمس كل الناس حتى لو كان عن فئة قليلة وهذا ما حصل».

ويرى عطية أن المخرجين الحاليين لم يتراجعوا في مستوى فنهم وإنما في مستوى حريتهم أصبحوا منتجين، وثمة خلط بين دور المخرج والمنتج وهو ما كان له الدور في كبحهم بوعي منهم أو من دون وعي. إنها الرقابة الذاتية فلا مشكلة مع رقابة الدولة بل هي مشكلة وهمية لأنها السينما الأكثر حرية في العالم العربي. نلاحظ ذلك بمقارنة الفيلم الأول لنوري بو زيد مع فيلمه الأخير، فثمة فارق بين السماء والأرض. ويؤكد المنتج التونسي أن الدولة لا تمنع الفيلم «قد لا تعطيه الدعم إنما لا تمنعه. وهذا لم يحصل لأي فيلم في تونس. المؤلف هو الذي يسمح لنفسه بعمل الفيلم أو لا».

أصولية اجتماعية

وماذا عن الاتهامات التي تلصق بالسينما التونسية ومنها ببعض أفلامه بالذات، بأنها سينما تحاول أن ترضي المشاهد الغربي؟ يرد مبتسماً «إرضاء الجمهور الغربي؟! أنا لا أتوجه بأفلامي للغرب. أريد أن أعرض على جمهوري سلبياته وبعض إيجابياته. لا أريد أن أمسح جوخ الجمهور. «باب المقام» على سبيل المثال، اخترته ليس تفكيراً بالنجاح الجماهيري، بل لكونه فيلماً أساسياً في هذه اللحظة. يحكي عن أصولية أخرى، ليست إرهابية كالتي تتحدث عنها أوروبا بل اجتماعية».

الفيلم هو خيارات شخصية وليست جماعية وقد يؤمن المنتج بنجاح فيلم ما، لكنه لا ينجح أو يرى أنه «مخاطرة» بيد أنه يقبل عليها فهل حصل ذلك معه؟ «باب المقام» مخاطرة. هو فيلم مهم في تاريخ العالم العربي اليوم وكان مهماً لي أن أعبّر عنه على رغم شعوري بأنه فيلم قاتم، متشائم قد يرفضه الناس. فالعرب يرفضون المناطق المظلمة في تاريخهم، ككل الشعوب على أي حال. أختار مواضيع كنوع من التحدي لنفسي في بعض الأحيان. فيلم «حرب الخليج وبعد» كان عن هزيمة العالم العربي وفشل كل الأيديولوجيات المطبقة فيه ومنها القومية العربية، وبالتالي لا شعبية له في السينما العربية ولكن قمت به ومن دون أي دعم، وأنا كواحد من جيل الهزيمة كانت لدي الحاجة للخروج من حال الإحباط. أنا سينمائي ولست سياسياً، وللتعبير عن إحساسي بالمشكلة أنتج فيلماً». ونظراً إلى عمله مع كبار المخرجين سألناه عن المخرج الذي يحب التعاون معه.

محمد ملص. إنه مخرج كبير وهو الأكثر موهبة حالياً في العالم العربي، ولكن نظرته متشائمة سوداوية. أنا لا أتضايق من الخلافات مع المخرجين فهذا يعني أن لديهم حداً أدنى للدفاع عنه. والعلاقة معهم غير قائمة على الديكتاتورية لأي كان على الآخر ورؤية المخرج تؤخذ بالاعتبار.

ويختص عطية حالياً بالرسوم المتحركة والأفلام التسجيلية للأطفال «جيل الغد» فهو يرغب «بتعريفهم بالتراث وبدور مجتمعاتنا في التاريخ».

(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 23 ديسمبر 2005)


 
رسالة مفتوحة الي السيد الرئيس جورج بوش

حسن النوري- تونس

السيد الرئيس: لقد سبق لي ان ارسلت اليكم طلب شراء مئتي الف طن من الديمقراطية الامريكية بتاريخ 17/12/2005 ثمن طن الواحد مقابل عميل واحد لأن اموالنا الصعبة هربها معظم حكامنا الي مصارفكم ثم نشرتها جريدة القدس العربي الغراء بتاريخ 29 تشرين الثاني (نوفمبر)، ثم تبين لي بعد تفكير عميق، ان الديمقراطية الامريكية، فاسدة، ومحشوة بكل انواع المواد السامة المعروفة وغير المعروفة، لدي اهل الاختصاص.

السيد الرئيس: ازددت يقينا، بأن الديمقراطية الامريكية مزاجية، غير مضمونة من قبل القوانين الدولية، وحتي من الدستور الامريكي نفسه، الذي اخترقته جهارا، شطحات قوانين ادارتكم تارة تحت لافتة محاربة الارهاب، وتارة اخري خلف ستار السراب الديمقراطي، واخري تحت لافتة الهيمنة علي النفط العربي انتاجا وتسويقا، واخري ايضا تحت لافتة ترسيخ مخالب وانياب الكيان الصهيوني في الجسد العربي الاسلامي.

لتلكم الاسباب يا سيادة الرئيس، ارفض شراء الديمقراطية الامريكية، ولو بمقابل العملاء، لانها اشد ظلما وعدوانا من اي طاغ وعميل في العالم كله.

وها اني ازددت وثوقا، بفساد ديمقراطيتكم، حين اعلنت صراحة، في خطابك امام الرأي العام في مركز وودو ولسن بواشنطن بتاريخ 14/12/2005 بان حربك علي العراق، كان نتيجة معلومات خاطئة، من وكالة الاستخبارات الامريكية (C I A) وعلي الرغم من ذلك، تمسكت بمواصلة العدوان الآثم علي العراق، بقتل الابرياء من اطفال ونساء وشيوخ، وحرق الاشجار والنبات، وتدمير المنازل علي رؤوس ساكنيها بقنابل الفوسفور والاورانيوم وغيرها من الاشعاعات السامة الاخري، مثل ما حدث في الفلوجة الأبية وتلعفر والقائم الصامدة في وجه عدوانكم.

ديمقراطيتكم سيدي الرئيس تساوي الفوضي والخراب وانعدام الأمن، وتعذيب الابرياء في السجون السرية والعلانية وحتي الذين اتيتم بهم فوق الدبابات والمدرعات الحربية لتطبيق الديمقراطية في العراق، سلكوا نفس اسلوبكم الديمقراطي، فالاعتقالات العشوائية وتعذيب الابرياء في سجون وزارة الداخلية العراقية، التي تسيطر عليها الميليشيات الطائفية، وسجن الجادرية والنسور شواهد علي ذلك، وباعترافكم انتم بالذات. اذن يا سيادة الرئيس اكرر سحب طلبي في شراء مئتي الف طن من الديمقراطية الامريكية لأننا نحن الجماهير العربية والاسلامية قررنا بصبر وثبات واقتدار وبسواعدنا وعقولنا افتكاك حريتنا وديمقراطينا مهما كلفنا من ثمن، وغدا لناظره قريب.

(المصدر: بريد القراء بصحيفة القدس العربي الصادرة يوم 23 ديسمبر 2005)


 

في سياقة المرأة للسيارة والعنف الجنسي وزواج المسيار…

خميس الخياطي (*)

 

القنوات التلفزية المحملة علي القمر الإصطناعي المصري نايل سات تتولد وتتعدد وتتزايد ولا أحد، من العامة أعني، يدري من أين تنبع وما هي مصادرها المالية والبشرية وإن كانت سياسة غالبيتها تصب في واد واحد. هذه القنوات تشبه تماما الفقاقيع التي تنشأ علي صفحة بركة سطحها أملس مثل صباحات العطل الموسمية وأعماقها تغلي غليان المحرومين من الدنيا وغير مؤمنين (بشدة علي الميم) من زينة الآخرة.

 

نتفهم أن القمر الإصطناعي المصري كغيره هو وسيلة تقنية لأغراض تجارية مفادها ريادة الإعلام المصري . إلا أن هذا كله، لو أخذنا بعين الإعتبار اللغو الرسمي المصري، لوجدناه في تناقض تام مع النهج المعلن والذي (التناقض) أدي إلي دخول الإخوان (قيل أنها جماعة محظورة ) قبة البرلمان المصري وإعطائهم صكا علي بياض ليس فقط في ما يخص مستقبل المجتمع المصري ولكن مستقبل عديد المجتمعات العربية ايضا بفعل ما لمصر وللقنوات التلفزية الخاصة المنطلقة من مصر من تأثير علي الإنسان العربي.

 

لقد بينت دراسة ميدانية لشركة سيغما التونسية (حسن الزرقوني) مؤخرا ان ست قنوات عربية غالبيتها خليجية فكرا وتمويلا إحتلت مراكز هامة في توب تن القنوات التي أكثر التونسي من مشاهدتها في العام 2005 وهي كلها علي القمر المصري (روتانا سينما بـ15.4 في المئة/الجزيرة بـ 8.8 في المئة/أل بي سي بـ 8.5 في المئة/روتانا بـ 5.7 في المئة/أم بي سي بـ 4.7 في المئة/أم بي سي2 بـ 4.3 في المئة) وتأتي بعد تونس7 بـ 41.9 في المئة وحنبعل بـ 10.2 في المئة في ما حصلت الأولي الفرنسية علي 5 في المئة…

 

من جهة أخري، ألم تكن للإخوان في البرلمان المصري للعام 2000 صولات وجولات ضد عديد الروايات ودواوين الشعر إلي حد أن ذهب بعضهم إلي تكفير التلفزيون لأنه يشيع الرذيلة وآخرون كفروا الفنانات اللواتي لم يعتزلن ثم افتوا لعودتهن إلي التمثيل علي الطريقة الشرعية ؟ من المؤكد أن ما سيقومون به في الدورة النيابية الجديدة هو التربص بالفكر والإبداع المصري والعربي طالما هم أنفسهم أتوا من مناطق تحرم السينما وترفد المذيعات وتمنع إختلاء الممثل بالممثلة دون محرم إلي غير ذلك من المقولات البالية التي نجد منها أمثلة يقشعر لها البدن ويتجمد الفكر. (روز اليوسف العدد 4042 ص 83) يتبع…

 

الحقيقة وسياقة المرأة السعودية

 

علي سبيل المثال فقط لأن الغالبية الغالبة محبطة للقلب والفكر والعين نجد من الفقاقيع الجديدة الظاهرة علي نايل سات : ميلودي أفلام ، مزيكا زوم ، ميوزيك تايم ، نجوم 3 ، فنون ، بلادي ، الزوراء ، البرلمان ، صلاح الدين ، شام تي في ، المجد العلمية وهذه الأخيرة تري مثلا في عالمنا اليوم عالماً من الفتن المتنوعة التي تحاصر الإنسان وتخاف علي البنين والبنات وتطالبهم بالعفة وما إلي ذلك…

 

إحدي هذه القنوات إسمها برنامج يا ما حلم به الإنسان حيثما وجد ومهما كان جنسه واختلفت عقيدته وبشرته. هذا الإسم-البرنامج هو الحقيقة ولا نعرف إن كان البث تجريبيا وسيتوقف كما حصل لقناة الممنوع أم أن لها من الركيزة المالية والبشرية والتقنية ما يجعلها حاضرة علي مائدة الإنسان العربي كلما حلي له طلبها؟ الحال أن هذه القناة التي تصف نفسها بأنها صوت الحق، جرأة الطرح، موضوعية الحوار تبث وتعيد بث مجموعة من البرامج تتلخص أولا في تحقيق قصير من إنتاجها وإعداد إسلام الأسطل عن أسباب موت الراحل الرئيس عرفات وتدخل فيه كل من السفير عدلي صادق ود. جواد الطيبي والمقدم محمد الداية وأبو ناصر القدوة وغيرهم ومفاده لقد طالب المجتمع الدولي بتحقيق في إغتيال الرئيس الحريري فلماذا لا يطالب بتحقيق مماثل في تسميم الرئيس عرفات. فكلاهما شكل خسارة للعالم ولشعوبهم . ثانيها تحقيق ميداني في لندن حول أراء الناس في ميليس فنري ونستمع إلي مقولة من أن لبنان كان وسيكون ورقة رابحة بين أيدي أمريكا وبالتالي أمريكا هي وراء صياغة تقرير ميليس ووراء المسرحية … تتخلل البرامج تهنئة للدكتور محمد الهاشمي الذي حصل من باريس علي جائزة القارات الخمس للطب وحل بعض الألغاز مقابل جائزة بألف دولار. اللغز السابق هو إذا لبسته ما لمسته. إذا لمسته ما لبسته . والحل هو: الكفن. ومن بين 1485 جوابا صحيحا، حصل مواطن عراقي من الموصل علي الجائزة. ثالث البرامج هو تحقيق في الزرقاء عن أعمال الزرقاوي الإرهابية وخاصة العمليات الأخيرة بالأردن…

 

رابع البرامج هو تحقيق مصور ليلا (؟) مع عديد المستجوبين من الشباب السعودي حول ثلاث قضايا هي حق المرأة في سياقة السيارة ، الإرهاب وأسبابه و الشركات الوهمية … وإن كانت الأجوبة حول القضايا الثانية والثالثة أتت تقليدية من أنها إستغلال للإسلام لأهداف ضد المملكة والإسلام وأن 40 في المئة ممن أصبحوا إرهابيين هم عاطلون عن العمل ومن الشباب الذي يرفض العمل وأن الشركات الوهمية هي نتيجة تضخم في السوق ، فإن الأجوبة عن القضية الأولي أتت محيرة بما أخفته. يقول البعض من الشباب السعودي بأن سياقة المرأة السعودية للسيارة غير صالحة إذ الدولة قادرة علي توفير سائق لكل بيت سعودي وسبب عدم الصلاحية أن المرأة ستتسبب في الإزدحام وفي مشاكل أخلاقية. السياقة ليست من عادات السعودية وقد تحصل أمور لا تحمد عقباها مثل التحرش وكثرة الجرائم وأن لا داعي لسياقة السيارة… تخيل ماذا سيحدث لو كانت المرأة تسوق سيارة لوحدها ليلا؟ فمن باب سد الذرائع، نحن غير محتاجين حاليا لسياقة المرأة. قد تكون للسائق سوء نية ولكن سياقة المرأة غير محببة رغم أن الإسلام لا يحرمها ولكن لا يحللها كذلك. شاب طالب من أن تسمح الدولة بالسياقة فقط إلي النساء اللواتي لهن من العمر ثلاثين عاما، فيما طالب آخر بأن تكون السياقة إلي من هن فوق الأربعين… آراء نادرة من بين الشباب السعودي قالت بوجوب قيادة المرأة للسيارة مع سن ضوابط وحدود. لقد قادت أمهاتنا وإخواتنا الجمال، فلماذا وجود مليونين ونصف سائق خاص بالسعودية. الحشمة إن شاء الله موجود لدي السعوديات. والقيادة فن ..

 

بث هذا التحقيق في الاسبوع الثاني من شهر كانون الأول/ديسمبر من العام 2005 وهو من عجائب بعض العرب والمسلمين اليوم.

 

العنف الجنسي و زواج المسيار

 

وإن تطرقت قناة المستقبل اللبنانية (تردد 12034/نايل سات) وفي برنامج عائلتي إلي موضوع هام وقليل طرحه في وسائل الإعلام العربية وهو موضوع العنف الجنسي ، فإن الاولي السعودية (تردد 12654/هوت بيرد) عرضت في برنامج المرأة والمجتمع لقضية زواج المسيار.

 

نعلم من برنامج المستقبل الثري والذي حضره كل من الطبيب الشرعي د. ناجي صعبي والأخصائي في العقم الجنسي د. جارس من أن الشهادات المذكورة لبنانية (والتي شاهدناها) وأنها تنسحب علي الدول والمجتمعات العربية بأجمعها وتجتمع في أن العنف الجنسي يبدأ مبكرا بعد الزواج بقليل ولا يعلن عنه إلا بعد إنقضاء سنين عدة وبعد إستشارة صديقة أو منظمة للدفاع عن النساء. وإن كانت حاجة المرأة هي نفسها في الشرق والغرب، فإن تعريف العنف الجنسي مختلف في الشرق عنه في الغرب فيكون الإغتصاب عندنا هو من أكره غير زوجته علي الجماع . بمعني أن لا وجود له داخل الزواج ولا يمس الرجل. وقد ذهب الدكتور ناجي صعبي من أن العنف الجنسي عربيا هو واجب زوجي ويأتي من الإهتمام بالذكور أكثر من الإناث… وهنا تستمع إلي عديد الشهادات (عبر الظلال الصينية) إحداها تذكر كيف تبدل زوجها من يوم أن وضعت، فأصبح الحاكم الآمر الناهي ولم يعد ذاك الرجل التي تعرفت عليه وتزوجته . فكان العنف الإقتصادي، ثم العنف بالإهانات ثم رفع يده علي لأني أناقشه في موضوع حساس رأي أنه يمس كرامته… يقول الزوج أنا حر في إمرأتي وإبني … إن العنف الجنسي والعنف المنزلي ملازمان للثقافة العربية الإسلامية اليوم وسببهما عدم وجود ثقافة جنسية في الصغر وفي المجتمع وفي قلة وجود الثقافة الحسية للمرأة العربية…

 

القناة الأولي السعودية وفي طرح جريء تعرضت إلي زواج المسيار بحضور الاستاذة سهيلة زين العابدين والشيخ الدكتور عبد اللطيف مع مداخلات المشاهدين وبعض التحقيقات. نعلم هنا أن هذا الزواج مطلوب من الرجال أكثر منه من النساء فيما هناك نساء يبحثن عن رجال يريدون زواج المسيار. فتقول سهيلة بأن حب الرجال له آت من هروبهم من النفقة ومن تحمل السكن ومن المسؤولية إذ هناك من يطلق بعض نسائه بالقرعة حتي يتزوج مرة أخري. أما الشيخ فيقول أن زواج المسيار مسموح به شرعا. إنه مباح وهذا لا يبريء بعض الممارسات الخاطئة. إنه زواج بين طرفين بحسب عقد بينهما. إذا كانت المرأة صغيرة السن ليس لولي أمرها أن يزوجها بالمسيار. أما إذا كانت راشدة، فهو إبتعاد عن الفساد والرذيلة . وقد تضمن البرنامج علي شهادة صوتية من الخاطبة أم خالد من الرياض وتحقيق مع الشيخ سلمان الوابلي الذي يدير شركة بها 130 خاطبة تقوم بالتحري والرد علي طلبات الزواج. يقول الإثنان أن الطلبات كبيرة علي هذا الزواج وله عديد التسهيلات في عدم تقيد الرجل. النساء اللواتي بحبذن هذا الزواج يردن رجلا أكبر منهن، مقتدراً، ذا خلق ودين وأنه زواج بين طرفين راشدين . الإتفاق يتم علي نقاط ثلاث أظهرها الشيخ مدونة في عقد مثالي وهي: الإنجاب (ليس علي الرجل أن يفرض عدم الإنجاب)، السرية (من حق الرجل وليست من حق المرأة)، التردد (يمكن أن يأتيها متي يريد ولكن حسب التوافق المبدئي)!

 

جملة مفيدة : « مسرحي هو العالم وأنا في الآن نفسه المؤلف والمخرج » . نابوليون بونابرت في فيلم أوسترليتز علي شاشة قناة هيستوار .

 

(*) ناقد وإعلامي من تونس

khemaiskhayati@yahoo.fr

 

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 22 ديسمبر 2005)


فرنسا تمجد ماضيها الاستعماري

حسين مجدوبي

تعيش فرنسا جدلاً واسعاً في أعقاب تصويت برلمان هذا البلد الأوروبي علي قانون يمجد الماضي الاستعماري الفرنسي ويبرز إيجابياته، وهذا الجدل لم يتوقف رغم قرار رئيس الجمهورية جاك شيراك تأسيس لجنة تعالج هذا الموضوع بعيدا عن الضغوطات السياسية أو تصريحات رئيس الحكومة الفرنسية دومنيك دوفيلبان بقوله انه لا يوجد تاريخ رسمي لفرنسا علاوة علي بعض مواقف اليسار ومنها الحزب الاشتراكي المعارض الذي رفض بعض أبرز ممثليه ومنهم لوران فابيوس وفرنسوا هولند القانون وطالبا بسحبه قبل نهاية السنة الجارية.

والقانون ينص علي ضرورة إشادة البرامج الدراسية بالدور الايجابي لفرنسا في مناطق ما وراء البحار ، في محاولة لإضفاء الشرعية علي تواجدها الاستعماري في مختلف المستعمرات تحت ذريعة نشر الحضارة. وفكرة نشر الحضارة ، تاريخيا من إنتاج الكنيسة المسيحية، وهنا تكمن المفارقة بين دولة تعتبر نفسها علمانية حتي النخاع وتتبني بدون وعي مواقف للكنيسة، بل وتخلت عنها هذه الأخيرة.

ففرنسا، أصبحت دولة متعددة الإثنيات بحكم المهاجرين الذين احتضنتهم خلال السبعين سنة الأخيرة، فأبناء الجيل الثاني والثالث من الهجرة أصبحوا موظفين في مؤسسات الدولة ومنها المدارس والجامعات، فلنتخيل أن أستاذا فرنسيا من أصول مغربية أو جزائرية يدّرس مادة التاريخ، فهل سيقوي نفسيا وعاطفيا علي إلقاء درس يمجد الاستعمار الفرنسي الذي غزا وطنه الأصلي وقد يكون أحد من أجداده قد فقد حياته في مواجهة الفرنسيين ؟

علميا، تبقي كتابة التاريخ من اختصاص المؤرخين وليس من اختصاص السياسيين والبرلمانات التي ينتخبها الشعب للتشريع وليس للتاريخ. وعلي الرغم من ذلك، فالمؤرخ إذا تعاطي الآن مع ظاهرة حديثة مثل الاستعمار الفرنسي لبعض الدول الافريقية والعربية وخاصة منطقة المغرب العربي سوف لن يكون محايدا لسبب بسيط أنه عايش الفترة ويتأثر سياسيا ونفسيا بمجريات الأحداث، وبالتالي قد يتبني أطروحة معينة تكون فيها الغلبة للعاطفة والميل الايديولوجي علي حساب التقييم التاريخي المحض، كما قد يسقط بدون شك في نوع من الدعاية لهذا الطرف أو ذاك، وستكون النتائج بعيدة عن الموضوعية العلمية المتوخاة.

وسياسيا، تمجيد البرلمان الفرنسي للاستعمار خطأ فادح وغير مبرر أخلاقيا. فالاستعمار وبغض النظر عن بعض إيجابياته يعني ممارسة القمع وأحيانا التصفية العرقية، ونسأل نواب الفرنسيين الذين تبنوا القرار، كم من مغربي وجزائري وتونسي وسينغالي ومالي وموريتاني ومن جنسيات أخري لقوا حتفهم برصاص الاستعمار الفرنسي؟ بدون شك ستكون اللائحة مخيفة، ولا يتعلق الأمر فقط بالآلاف أو مئات الآلاف فربما تجاوزت اللائحة المليون، ونتساءل مرة أخري، ألسنا أمام جرائم ضد الانسانية ارتكبها الاستعمار الفرنسي؟

إذا عرضنا، من الناحية القانونية وليس التاريخية، علي خبراء القانوني الدولي ما ارتكبه الاستعمار الفرنسي من جرائم وخروقات في الدول التي دخل إليها بقوة النار والسلاح، فلن يكون هناك شك في أن الأمر يتعلق بجرائم ضد الانسانية تشجبها جميع القوانين السماوية والوضعية.

وقانونيا دائما، ألا يعتبر الدفاع عن الاستعمار بمثابة ترويج لجرائم ضد الانسانية يستحق دعاته العقاب كما هو منصوص عليه في القوانين الدولية ومن ضمنها بعض بنود دستور هيئة الأمم المتحدة التي تعتبر أكبر هيئة تلجأ اليها الدول لتنتظم فيما يسمي المنتظم الدولي ؟

الاستعمار، مظهر من مظاهر شريعة الغاب التي سادت في القرون الماضية، والآن وبعدما وصلت الانسانية الي سن النضج في العلاقات الدولية، وتحتم العولمة البحث عن آليات الحوار والاحترام المتبادل، فكل محاولة لتمجيد واستعادة ماض بغيض تعني الإيمان بشريعة الغابة مجددا.

ونعتقد أن اليمين الفرنسي بتصويته علي قانون 23 شباط (فبراير) البغيض الممجد للاستعمار وفي الوقت نفسه المستفز للشعوب التي ناضلت من أجل استقلالها، إنما يتخلي عن أبسط المبادئ الحضارية ويوجه ضربة الي حضارته الحقيقية التي لا تكمن في الاستعمار بل في أسماء أضاءت طريقة البشرية مثل فولتير ومونتسيكيو.

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 23 ديسمبر 2005)


 

مخاوف المسلمين المسكوت عنها

فهمي هويدي (*)

 

يروج البعض في مصر الآن لما أسموه «مخاوف الأقباط» بعد الفوز النسبي الذي حققه الإخوان في الانتخابات التشريعية الأخيرة، وكان ملف الأقباط قد استدعي أثناء مرحلة الدعاية الانتخابية من جانب القوى السياسية المنافسة، التي استخدمته لإثارة قلق الناخبين والتأثير بالتالي على حجم التصويت لصالح الإخوان وهي حيلة ليست جديدة، لأننا شهدنا طيلة العقود الثلاثة الأخيرة على الأقل محاولات مماثلة، استخدمت فيها ورقة الأقباط لتسويغ حصار التيار الإسلامي ومواصلة الضغط عليه، ولم يخل الأمر من جهود بذلتها بعض العناصر ذات المصلحة لإثارة مخاوف الأقباط من أي صعود إسلامي، أو تأجيج الفتنة والوقيعة بين الطرفين.

 

وفي أجواء الاحتقان السائدة في مصر طيلة السنوات التي خلت، وجدت تلك الأصوات من يستجيب، خصوصا بين المتطرفين والغلاة على الجانبين الإسلامي والمسيحي ومن أسف أن حملة التشويه والتعبئة المضادة التي شاركت فيها المنابر والأبواق الرسمية نجحت في تشويه وعي بعض القطاعات والشرائح ذات الوجه العلماني بوجه أخص، بحيث تشكل لديها انطباع مفاده أن كل صعود للتيار الإسلامي واحيانا أي ذكر للإسلام ذاته، يمثل انتقاصا وتهديدا للأقباط، وهو انطباع خطر لأن ظاهرة الاحياء الديني متنامية بين المسلمين والمسيحيين، وأن تعايش الطرفين في أمن ومودة وسلام شرط للاستقرار ولانجاح الجهود الرامية إلى النهوض بالمجتمع الذي يمثل المسلمون 94% من سكانه ولا مفر من الاعتراف بأن الذين يلحون على توتير العلاقة بين المسلمين والأقباط، منهم من لا يعبأ باستقرار المجتمع ولا بالنهوض به، ومنهم من يكره الإسلام ويحقد عليه بأكثر مما يحرص على حماية الأقباط وإنصافهم.

 

رغم ان كل ما جرى في مصر أن الإخوان حصلوا على 88 مقعدا في المجلس النيابي، أي أن حصتهم لم تتجاوز نسبة خمس أعضاء المجلس، وهي نسبة اضعف من أن تؤثر على التصويت فيه، لأن الأغلبية مضمونة للحزب الحاكم، وغاية ما يمكن أن تحققه هو أن توفر للمجلس معارضة قوية يمكن أن تعكر مزاج الحكومة أو تثير شغبا في المجلس، أقول انه رغم محدودية الفوز وانعدام تأثيره على القرار السياسي، فإن البعض سارع إلى رفع شعار مخاوف الأقباط، وكأن حضور الإخوان في البرلمان حتى بتلك النسبة المتواضعة، يمكن أن يثير المخاوف ويستحق البحث والتحري لاستيفاء الشرائط وتوفير الضمانات بعدم المساس بحقوق الأقباط.

 

خلال الأسبوعين الأخيرين كثرت الكتابات والحوارات التي كانت المخاوف موضوعا لها، كما تعددت الندوات وتنافست في تناول الموضوع وتأجيجه، وكأن الوهم صار حقيقة، وكأن الإخوان سوف يتسلمون السلطة غدا، وكأن أوضاع مصر السياسية والاجتماعية سوف تنقلب رأسا على عقب.

 

المفارقة المثيرة في المشهد أن ذلك الجدل يثور في حين ان مختلف الأدلة والقرائن تشير إلى أن الأقباط هم الأكثر استقرارا وتمكينا ودعما، وأن المخاوف الحقيقية يعاني منها المسلمون ونشطاؤهم في المقدمة منهم الأمر الذي يدفعني إلى الزعم بأن مخاوف الأقباط ليست سوى شائعة يروج لها البعض ويسوقونها لتحقيق أهداف ومكاسب معينة، أما مخاوف المسلمين فهي حقيقة ثابتة، ومن ثم فهي الأولى بالبحث والدراسة.

 

إن الأقباط في مصر الآن لهم كنيسة قوية باتت قادرة على تحدي الدولة والإملاء عليها، ولهم جناح يمثل قوة ضغط في الخارج، خصوصا في الولايات المتحدة الأميركية، وهذه لها صوتها في المحافل الدولية وفي الكونجرس الأميركي، فحين أسلمت سيدتان قبطيتان قبل حين ثارت ثورة البابا شنودة، واعتكف في أحد الأديرة وأصر على تسليم السيدتين إلى قساوسة الكنيسة وضرب لذلك مواعيد محددة التزمت بها الدولة، فجرى تسليمهما، حيث أودعت صاغرتين مكانا مجهولا لا سلطان للدولة عليه، ولم يجرؤ أحد على السؤال عن مصيرهما بالمقابل فهناك اكثر من عشرة آلاف شاب مسلم معتقل بمقتضى قانون الطوارئ، لم يجدوا بين قيادات المؤسسة الدينية الرسمية صوتا يطالب على الأقل بإطلاق الأبرياء منهم، وحين وقعت واقعة مسرحية الإسكندرية الشهيرة التي مثلت إهانة بالغة للإسلام والقرآن، وطالب المسلمون باعتذار البابا لإنقاذ الموقف والحيلولة دون انفجار المشاعر الغاضبة، فإنه رفض الكلام واعتصم بالصمت إلى أن جرى ما جرى.

 

في الوقت ذاته تحول أقباط المهجر إلى قوة عالية الصوت باتت تملأ الدنيا ضجيجا وهي تتحدث عن مظلومية الأقباط في مصر ولان هناك أطرافا عدة ليست فوق مستوى الشبهة، لها مصلحة في الضغط على حكومة مصر ولي ذراعها، فإن تلك الأطراف وضعت يدها في يد عناصر من أقباط المهجر، وتحالف الاثنان في مناسبات ومواقف عدة، كان لها صداها في الكونجرس الأميركي ولجانه الفرعية، ومؤخرا دعي شاب من هؤلاء إلى مصر، وعومل في المطار باعتباره من كبار الزوار، والتقى عددا من كبار المسؤولين في الدولة، وهو ترحيب لا يحلم به أحد من القيادات الإسلامية، الذين منع أحدهم من السفر لحضور مؤتمر في بيروت، وسط أجواء الحفاوة بصاحبنا القادم من واشنطن.

 

المدهش أن ذلك كله حاصل في حين تتواصل الأصوات عالية متباكية حينا على المظلومية، ومطالبة حينا آخر بتبديد المخاوف، وإذا ما قيل أن تلك المخاوف ناشئة عن احتمال تولي التيار الإسلامي للسلطة، في أية انتخابات قادمة، بعد خمس أو عشر أو عشرين سنة، فإن أي قارئ مبتدئ للخرائط السياسية يعلم جيدا أن تولي الإسلاميين للسلطة بات يمثل خطا أحمر ليس مسموحا بتجاوزه وليس بعيدا عن الأذهان دور فرنسا ومن ورائها الدول الغربية الكبرى في انقلاب العسكر على جبهة الإنقاذ التي فازت في انتخابات الجزائر.

 

ذرائع التدخل الدولي في ظل العولمة تحولت إلى سيف مسلط على رقاب المسلمين خاصة وكنا قد تصورنا أن حجة التدخل لاسباب إنسانية هي آخر الذرائع، ولكن، حدث جديد بعد 11 سبتمبر، حيث انفتح باب التدخل على مصراعيه بحجة مكافحة الإرهاب، وبسبب تلك الحجة دمرت أفغانستان. وتم احتلال العراق، وحسبما أعلن الرئيس علي عبد الله صالح فإن اليمن تلقى تهديدا أميركيا بتعرضه للقصف الجوي، ما لم يتم إخضاع المعاهد الدينية المستقلة للإشراف الحكومي المباشر.

 

إن الدول الغربية الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة تراقب كل ما يجري في العالم العربي والإسلامي يوما بيوم، الصحف والإذاعات وخطب الجمعة ومناهج التعليم وبرامج الأحزاب السياسية، وسفراؤها يتدخلون صراحة في تلك الشؤون جميعها، ومن جراء تلك الضغوط حذفت الكثير من الآيات القرآنية من كتب المدارس، وجرى تقليص الثقافة الدينية وجرى توحيد خطب الجمعة في دول عدة، وليس بعيدا عن الأذهان ذلك الإعلان الأميركي الرسمي ـ على لسان وزيري الدفاع والخارجية ـ عما سمي بحرب الأفكار الموجهة صوب العالم الإسلامي، وثمة تقارير أميركية مشهودة فصلت في كيفية شن تلك الحرب وكسب جولاتها على نحو يحقق هدف إعادة تشكيل العقل المسلم وفقا للهوى والمصالح الأميركية، ألا يثير ذلك كله مخاوف المسلمين وتوجسهم؟

 

أما ما يحدث للمسلمين في الدول الغربية فحدث فيه ولا حرج ذلك أنه بعد أحداث 11 سبتمبر بوجه أخص تمت استباحة أولئك المسلمين إلى أبعد مدى، واحكمت قوانين مكافحة الإرهاب دائرة الاستباحة ووسعتها، حتى اصبح إهدار آدميتهم يتم بالقانون، من اقتحام بيوتهم ومساجدهم إلى مراقبة حواسبهم وحساباتهم المصرفية وهواتفهم، إلى طردهم أو اعتقالهم لاتفه الأسباب وعدم السماح لهم بالاتصال بذويهم أو محاميهم ناهيك عن عمليات التمييز العنصري التي باتت تستهدفهم وتضيق الخناق عليهم في ارزاقهم، وقرأنا مؤخرا عن مسلمين يحملون الجنسيات الغربية تم اختطافهم من الشوارع بترتيب بين اجهزة الأمن الداخلية والمخابرات المركزية الأميركية، كما حدث في المانيا وإيطاليا، كما قرأنا قبل أيام رسالة مليئة بالحزن والأسى وجهها مدير المركز الثقافي الاجتماعي في هولندا ـ خميس قشه ـ عبر فيها عن معاناة المسلمين الأوربيين وتساءل قائلا: أين الحرية وحقوق الإنسان؟ وأين حقوق المواطنة التي تربت عليها تلك المجتمعات؟ إن ذلك كله ينهار عندما يرتبط الأمر بالإسلام والمسلمين.

 

حين نتحدث عن مخاوف المسلمين واستباحتهم فإننا لا نستطيع أن نتجاهل الابرياء الذين احتجزوا في جوانتانامو منذ ثلاث سنوات بلا اية حقوق ولا السجون السرية التي اقيمت للمسلمين في شرق أوروبا، ولا عمليات التعذيب البشعة التي يتعرض لها اضرابهم في افغانستان والعراق، وفي غيرها من الأماكن التي لم ينكشف سرها كما اننا لا نستطيع أن نتجاهل احزان المسلمين في شيشينيا وكوسوفا وتركستان الشرقية وكشمير الشرقية وكشمير، وكيف أن المجتمع الدولي اغمض أعينه وصم آذانه عن قمعهم وسحقهم، في حين رحب باستقلال ايربان الغربية عن إندونيسيا وأهداها مقعدا في الأمم المتحدة، لان الكنائس الغربية ناصرتها وأيدت استقلالها في حين لم يجد أولئك المسلمون المقهورون نصيرا يساندهم في تحقيق أي من أحلامهم.

 

ما أريد أن أقوله في النهاية أننا إذا فتحنا ملف المخاوف فسنجد أن حظوظ المسلمين منها اكبر بكثير من غيرهم وانه إذا كانت هناك مشكلات للأقباط في مصر فهي مع السلطة والدولة وليست مع المسلمين، وأن صعود الإخوان أو تراجع مقاعدهم في البرلمان لن يقدم أو يؤخر رغم أن للمجتمع مصلحة حقيقية في أن تتوفر له معارضة قوية تحد من تغول وتحكم الحزب الوطني الحاكم منذ ربع قرن وأن مشكلة الداخل في مصر ليست في صعود الإخوان ولكنها في غياب المشروع الوطني الديمقراطي الذي يحتوي الجميع ويرتقي بمشاعرهم بحيث ينشغلون بالنهوض بالمجتمع وليس بالتقوقع داخل الطائفة أو الجماعة أيا كانت.

 

(*) كاتب ومفكر من مصر

 

(المصدر: صحيفة الشرق الأوسط الصادرة يوم 21 ديسمبر 2005)


أحمدي نجاد: بين لغة «الناس» ولغة التخاطب الدولي

محمد صادق الحسيني (*)       

تستغرب الإدارة الإيرانية الجديدة استغراب العالم الغربي من مواقف رئيس فريق الحكم الإيراني الجديد حول القضية الفلسطينية، وتعتبر هذا الاستغراب في غير محله تماماً.

فالرئيس أحمدي نجاد، الذي أثارت تصريحاته ولا تزال «العواصف» الديبلوماسية في الغرب، لا تحمل من قريب ولا من بعيد أي تهديد مباشر أو غير مباشر لأي طرف عضو في الهيئة الدولية بما فيها الدولة العبرية. فهو لم يجيش الجيوش ضد أحد، ولم يطلب حتى من جيشه الإقدام على ازالة هذه الدولة من الخريطة، رغم حقه المشروع كرئيس دولة مسلمة مثلها مثل أي دولة مسلمة أخرى الإقدام الفعلي والمباشر لنصرة شعب مسلم شقيق يرزح تحت الاحتلال ويعاني من «هولوكوست» يتم بثه يومياً بشكل حي ومباشر على الهواء وأمام أعين هذا المجتمع الغربي الظالم بحق أهل الأرض والقضية. هذا، ناهيك عن الواجب الملقى على تلك الدول المستغربة لتصريحات أحمدي نجاد بضرورة نصرة الفلسطيني المظلوم حسب أعراف المنظمة الدولية، وهو ما لم تقم به الدول «المستغربة»، ناهيك عن قيامها بدور معاكس تماماً وهو «تزريق» المعتدي «بدم حربي جديد» مع كل صباح جديد يطل على العالم.

ثمة مفارقات عجيبة تحصل في العلاقات الدولية هي ما أراد ولا يزال يصر على التأكيد عليها الرئيس الإيراني من خلال تصريحاته المتواصلة حول هذا الموضوع الخطير والحساس. وتصريحات أحمدي نجاد لا تخرج من كونها «رأياً آخر» على العالم الظالم «التعود» على سماعها من الآن فصاعداً في التخاطب الدولي كما يعتقد فريق الحكم الإيراني الجديد.

وخلاصة هذه المفارقات هي كما يأتي:

1- عودة الرئيس الايراني الى الجدل القديم والمستمر حول ثمة «المحرقة اليهودية» أو «الهولوكوست» معتبراً انها «خرافة» يراد للعالم أن يصدقها بقوة الحقيقة ويعيش عقدة ذنب إنسانية دائمة تجاهها حتى يظل يعطف على/ أو يتعاطف مع أي «»فعل» اسرائيلي في العالم حتى لو كان من جنس المحرقة نفسها.

2- المفارقة الثانية التي «نام» العالم عليها ولا يريد التخلص منها بفعل قانون الغلبة الغربي، هي أنه حتى لو افترضنا صحة هذه «الخرافة»، كما يقول أحمدي نجاد – وهو ما يشاطره فيها مؤرخون غربيون كبار أيضاً -، فما ذنب الفلسطينيين والعرب والمسلمين حتى «وجب» عليهم تحمل نتائج ما ارتكبه الغربيون أنفسهم من مجازر أو محارق؟!

3- المفارقة الثالثة هي هذا السكوت، بل التواطؤ الغربي المريب تجاه الهولوكوست الصهيوني اليومي تجاه الفلسطينيين.

4- المفارقة الرابعة تكمن في الواقع في ذلك التواطؤ الغربي المنظم في عملية «ضخ» يهود العالم الى فلسطين المحتلة، حتى أن رئيس دولة مثل فرنسا تراه يفتخر بالاشراف شخصياً على «تعبئة» طائرة فرنسية متجهة الى تل أبيب بمواطنين فرنسيين يهود ويتم منحهم الجنسية الإسرائيلية وهم على متن الطائرة، فيما يمنع اصحاب الحق بالأرض والهوية من استيفاء حقوقهم ويتم طردهم بشكل منظم من أرضهم التاريخية، ناهيك عن منع المطرودين من أرضهم بقوة قانون الغلبة الظالم والمجحف من العودة الى أراضيهم الاصلية.

5- المفارقة الخامسة، وهي الأعجب في تاريخ الأمم والشعوب وهي اعتبار الضحية المدافع عن أرضه وحقوقه وذاكرته ولحمه ودمه ورزقه هو المعتدي، والطرف «النشاز» في المعايير الدولية الذي يجب «تأديبه» وتدجينه، فيما يتم تعريف الجلاد والمعتدي على حقوق الغير بمثابة «المظلوم» والمعتدى عليه، والمعرض لخطر الإبادة، من قبل «الهمج الرعاع» والإرهابيين المعادين للسلام والأمن والاستقرار العالمي!

هذا هو بالضبط ما تريد تصريحات أحمدي نجاد أن تكشفه للعالم الظالم الذي مات ضميره وانعدم وجدانه على بوابات أوطاننا، وهي التصريحات التي لم تتجاوز حدود «الرأي الآخر» الذي لم يعد الغرب قادراً على تحمله من أحد حتى لو كان من مواطني بلاد الغرب نفسها، فيتم اعتقالهم وتغريمهم ومعاقبتهم كما حصل أخيراً مع المؤرخ البريطاني آرفينغ الذي تم اعتقاله في مطار فيينا للأسباب نفسها، فما بالك أن يسمعوا ذلك من رئيس دولة «مارقة» تغرد خارج سرب نادي الظلم العالمي الذي بات يرمز اليه اختصاراً وقسراً بـ «المجتمع الدولي».

كنت التقيت أخيراً الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش على هامش معرض بيروت للكتاب، وبعد أن غمرني بحبه ووده ولطفه، اقترب مني هامساً في اذني: قل لأحبابك واخوانك بأنه ليس من الحكمة والمتعارف أن يتحدث الرؤساء بلغة المواطنين… ذلك أن عالم الكبار لا يستسيغ هذا التخاطب و… ونحن قلبنا عليكم وإن كنتم تتحدثون بلغة الناس كل الناس

نعم ايها الشاعر الكبير، إن عالم الكبار لا يمكن أن يقبل بلغة أحمدي نجاد، لكنه ألم يحن الأوان لهذا العالم الظالم أن يعي ويستوعب وجود عوالم أخرى تفكر بطريقة غير الطريقة التي اعتاد عليها؟! إنها عوالم من «جنس الناس» التي لا تعرف تلك اللغة الخشبية الديبلوماسية الخالية من الوجدان والشعور بآلام الآخر

أياً يكن رأينا بأحمدي نجاد ومن يمثل أو ما يمثل، لكنه يبدو أنه استطاع أن يرسل رسائل حازمة وقوية وواضحة وشفافة جداً الى عالم الكبار باسم الناس. الناس في إيران كما في كل مكان من العالم العربي والإسلامي على ما أظن لا سيما باسم الناس في فلسطين، وهي لغة أقرب الى وجدان الشاعر الكبير محمود درويش وقلبه حتى وإن «تعارضت» في الظاهر مع لغة «عقل» الرؤساء، كما ذكر درويش وكما اعتاد العالم بالفعل أن يسمع الرؤساء يتحدثون!

لكنها بالتأكيد ستكون اللغة التي ينبغي أن يتعود عليها العالم لمدة أربع سنوات على الأقل مع عالم أحمدي نجاد، اتفقنا معه أم اختلفنا… لعل في ذلك فرصة لإعادة تركيب هرم العلاقات الدولية على قاعدته الصحيحة بعد طول اعوجاج.

(*) كاتب إيراني متخصص بالشؤون الإيرانية.

(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 23 ديسمبر 2005)


Home – Accueil الرئيسية

 

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.