الجمعة، 20 أبريل 2007

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2523 du 20.04.2007
 archives : www.tunisnews.net


 

طلبة تونس: أخبار الجامعة

أخبار تونس: الرئيس بن علي يهنئ سيدى ولد الشيخ عبدالله بمناسبة تنصيبه رئيسا على دولة موريتانيا

أخبار تونس: وزير الدفاع الإيطالي في ندوة صحفية : »إكبار للخطوات التي قطعتها تونس على درب التقدم والتنمية و الحداثة »

تونس أونلاين: الدكتور منصف المرزوقي / نصحوني بعدم ارتكاب « حماقة » تكوين حزب سياسي

عبد الستار بن عبد الله: شهادة للتاريخ وللتصحيح حول السجناء الإسلاميين في تونس

بيداني فتحي: محاورة- .بيان 18اكتوبر و الردود عليه –ودعوة  د .الهاشمي للمصالحة

توفيق: المصالحة المنشودة

د. محمد الهاشمي الحامدي: أشهرت أسلحة الحب والكلمة الطيبة والدعاء

حمزة: من بسطه الإدلال قبضه الإذلال

سيدي بو : إتقوا الله فينا…

مراد رقية: كلّية الآداب بسوسة مزرعة اقطاعية

 الشروق:تحقيقات: معقول؟: أطبّاء ومحامون وأساتذة يعنّفون زوجاتهم أيضا !

الصباح: ماذا يقـول الرجـل عن ممارسـة العنف ضـد المـرأة؟

محمد العروسي الهاني: الذكرى الخالدة لتشكيل حكومة الإستقلال يوم 14/04/1956 برئاسة الزعيم الحبيب بورقيبة

د. عماد عبد الرازق: دروس في السياسة من زمن بورقيبة الحبيب

 الشروق: ماذا يجمع بين بورقيبة ومحمد الخامس؟ورقات تكشف دور الرجلين في دعم الثورة الجزائريـــة

فتحي بن الحاج يحيى: من دفاتر اليسار التونسي في الزمن البورقيبي: السجن والتفاوض على طريقة الرفيق لو دوك تو

    عبد الباسط ين حسن: مفهوم « المدافعين عن حقوق الإنسان »… من الانفتاح إلى التّنميط

سفيان الشورابي: العالم العربي بين تصلب الأنظمة السياسية و الحاجة الملحة للديمقراطية


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows  (


الإقتحامات تتواصل في تونس

خاص بالحوار نت

 

بلغنا اليوم الخميس  أنّ المدعو منير الضاوي رئيس دائرة طبربة قام صحبة عدد من بوليس الجهة بمداهمة منزل السيّد نورالدين العمدوني حيث يقطن والداه بمفردهما ، فالأب يبلغ من العمر 73 سنة والأمّ حوالي 72 سنة وقاموا ببعثرة أثاث المنزل وأحدثوا حالة من الرعب استدعت نقل والدة السيّد نورالدين لمستشفى طبربة حيث تتواجد الآن.

 

(المصدر: موقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 20 أفريل 2007)


طلبة تونس

WWW.TUNISIE-TALABA.NET

 أخبار الجامعة

في ذكرى الطالب الشهيد عثمان بن محمود…….

تمر اليوم الذكرى الواحدة و العشرين لاستشهاد الطالب الإسلامي عثمان بن محمود رحمه الله و أسكنه فراديس جناته مع النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين و حسن اولئك رفيقا  

ففي يوم الجمعة 18 أفريل 1986 انطلقت رصاصات الغدر المنطلقة من أياد آثمة لتغتال الشهيد في وضح النهار في حي الزهور بالعاصمة حيث كان يقوم ببعض الأعمال الحركية في إطار نشاط الاتجاه الإسلامي  بالجامعة و قد لمحه بعض أعوان البوليس خارجا من أحد المنازل فتفطن إليهم الشهيد و  لكنهم اقتفوا أثره فحاول الإفلات منهم و وقعت مطاردته في الأنهج القريبة على شاكلة الأفلام البوليسية و كان رحمه الله أسرع منهم فلم يتوانوا إذاك من إطلاق الرصاص عليه من الخلف فسقط شهيدا مضرجا في دمائه    

و قد انتشر خبر استشهاد عثمان مساء الجمعة و صباح السبت في مختلف الأجزاء الجامعية و على إثر ذلك و انطلاقا من يوم الاثنين 21 أفريل قام الاتجاه الإسلامي في الحركة الطلابية بتنظيم العديد من التحركات للتنديد بتلك الجريمة النكراء التي ترقي إلى مستوى الاغتيال السياسي ووقعت العديد من الإضرابات عن الدروس و تنظيم اجتماعات عامة و مسيرات بالمركب الجامعي بتونس و كلية الآداب بمنوبة و كلية الطب بتونس و غيرها من المؤسسات الجامعية و ندد الطلبة باستهداف زميلهم بهذا الشكل الإجرامي و رفعوا مئات المرات شعار  » يا شهيد لا تهتم الحرية تفدى بالدم «  و الذي رددته حناجر آلاف الطلبة الغاضبين في كل مكان تجمعوا فيه

كان الشهيد عثمان يدرس في السنة الثانية بالمدرسة الوطنية للمهندسين بتونس ومن عرفه عن قرب عرف فيه الإخلاص و الانضباط و الحماسة و الالتزام بالأدب الإسلامي و الغيرة على الحركة و لم يقصر في أي عمل أو نشاط قام به كان حقيقة مثالا للطالب الإسلامي الحركي المجتهد

و يعتبر الشهيد عثمان بن محمود أول شهيد يتقدم قافلة الشهداء الطويلة للاتجاه الإسلامي في الحركة الطلابية حيث لحقه العشرات منهم رحمهم الله جميعا و أسكنهم جنات الرضوان

و للتاريخ فقد كانت المجلة الوحيدة التي غطت عملية استشهاده بشكل جيد و نشرت له صورة وهو في غرفة الموتى هي مجلة  » المجتمع  » الكويتية وقد أوردت مقالا تحت عنوان  » ديمقراطية الرصاص  »

اما الإعلام المحلي فقد كان أبكم و أصم كالعادة

رحم الله عثمان بن محمود و لا نملك في الأخير إلا أن نقولو من يكرم الشهيد يتبع خطاه

إضراب الأساتذة و المعلمين : نجاح كبير رغم نفي السلطة ….

ذكرت مصادر النقابة العامة للتعليم الثانوي بأن نسبة المشاركة في إضراب يوم الإربعاء 11 أفريل 2007 بلغت حوالي 85 بالمائة في المعاهد الثانوية و قد وصلت في قفصة على سبيل المثال إلى 96 في المائة أما في صفاقس فقد بلغت 92 في المائة

و في ما يتعلق بالتعليم الأساسي فقد ذكرت النقابة بأن نسبة المشاركة فاقت 75 في المائة و من المفارقات أن تدخل وزير التربية في التلفزة ساهم بقدر كبير في إنجاح الإضراب حيث لم يكن يعلم بتوقيته العديد من المعلمين و الأساتذة لدرجة أن بعض النقابيين علق على ذلك مازحا بالقول  » شكرا السيد الوزير  » … 

طب الأسنان قي تونس : الواقع و الآفاق ….

تواجه مهنة طب الأسنان ككل الإختصاصات الطبية و غير الطبية صعوبات متزايدة بسبب إلتحاق أعداد جديدة من المتخرجين بسوق الشغل مع احتداد المنافسة و بروز ظاهرة البطالة خلال السنوات الأخيرة

 بالمهنة في بداية سنة 2008 

Internes  و في هذا الإطار ينتظر أن يلتحق 689  مقيم

مسجلين بذلك إرتفاعا غير مسبوق في نسبة الأطباء الممارسين لاختصاص طب الأسنان يصل إلى قرابة 30 في المائة و ليبلغ العدد أكثر من ثلاثة آلاف ( 3000 )  طبيب ربعهم تقريبا يمارس المهنة في تونس العاصمة كما سيلتحق 1097 طالب إضافي بالمهنة خلال السنوات الست القادمة فقط

مع الإشارة إلى أن الإحصائيات المنشورة في مارس 2006 تبين وجود 2134 طبيب أسنان 3, 86 في المائة منهم يمارسون عملهم كمهنة حرة ( 1457 ) و البقية في المستشفيات العمومية 

معطيات عامة عن كلية طب الأسنان بالمنستير :

– بدأت الدراسة بالكلية في نوفمبر 1975 و كانت الدفعة الأولى تضم 46 طالبا فقط

– عدد خريجي الدفعة الأولى : 38

– عدد خريجي الكلية إلى موفى فيفري 2004 : 1646

– عدد المدرسين التونسيين عند الإحداث : لا شيء

– تاريخ مناقشة أول شهادة دكتوراه في طب الأسنان بالكلية : 18 نوفمبر 1981

– عدد الطلبة خلال السنة الجامعية الحالية 2006-2007 : 1278 و تبلغ نسبة الفتيات 68 بالمائة      

– 10 في المائة من الطلبة الدارسين بالكلية من ذوي الجنسيات العربية و الأجنبية : فلسطين , المغرب …

– مدة الدراسة : 6 سنوات اثنتان منها للمرحلة الأولى و ثلاث للمرحلة الثانية إضافة إلى تربص داخلي مدتة سنة واحدة

– يبلغ عدد المتربصين الداخليين خلال السنة الجامعية الحالية 176 متربص إضافة إلى 103 متربص داخلي حسب نظام معادلة الشهادات و هؤلاء ممن تلقوا تكوينهم بالخارج

 Stagiaires d’equivalence

في روسيا و رومانيا و أكرانيا الخ ……

كلية العلوم بتونس : نسبة النجاح في ماجستير الرياضيات : صفر في المائة 

تم مساء يوم الخميس 12 أفريل 2007 الإعلان عن نتائج الدورة الرئيسية لامتحانات الماجستير في

الرياضيات بكلية العلوم بتونس و قد كانت نسبة النجاح صفر في المائة  

مع العلم أنه تقدم لهذا الإمتحان 33 طالب كانوا تحصلوا في السنة الجامعية الماضية على الاستاذية في الرياضيات من كليات مختلفة

و يحق لنا أن نتساءل هل أن مستوى الطلبة الممتحنين على هذه الدرجة  الكبيرة من الضعف بحيث لم ينجح و لو واحد منهم و بالتالي تطرح مسالة قيمة الشهائد التي تحصلوا عليها للنقاش أم أن التأطير غير كاف بحيث لم يحصلوا على التكوين الضروري الذي يؤهلهم لاجتياز مثل هذه الإمتحانات بنجاح ؟       

و في كل الأحوال تعتبر هذه النتيجة فضيحة مدوية و بداية تدعو إلى الكثير من التساؤلات حول تطبيق

نظام  » إمد  » و خاصة في مرحلة الماجستير …..

إلغاء المعاهد العليا لتكوين المعلمين ….

تأكد التخلي نهائيا عن المعاهد العليا لتكوين المعلمين و عدم إدراجها في دليل التوجيه الجامعي الخاص بالتلاميذ الناجحين في شهادة الباكالوريا و يأتي هذا القرار الرسمي بعد إلغاء التوجيه إلى معاهد تكوين المعلمين خلال السنة الدراسية الفارطة و عدم إدراجها في دليل التوجيه و في هذا الإطار تقرر حذف المعاهد العليا لتكوين المعلمين بالقيروان و قفصة و الكاف و إحالة ملكيتها إلى كل من المعهد العالي للريلضيات التطبيقية و الإعلامية بالقيروان و المعهد العالي لعلوم و تكنولوجيات الطاقة بقفصة و المعهد العالي للإعلامية بالكاف

و بالمناسبة لماذا لا يتم تمكين التلاميذ من دليل التوجيه الجامعي بصفة مبكرة حتى تتاح لهم الفرصة للإطلاع عليه في متسع من الوقت و لا يضطروا إلى القيام باختيارات عشوائية لا تحقق طموحاتهم و رغباتهم بسبب نقص المعلومات حول مختلف الشعب و مسالك التوجيه كما أنهم و من خلال دليل التوجيه يمكنهم التباحث مع الطلبة الذين سبقوهم في الدراسة و استفسارهم عن برامج كل شعبة أو اختصاص و آفاق النجاح و الإشكاليات التي تعرضوا لها و نسب النجاح حتى يكونوا على بينة من الأمر و لا يفاجأوا عند التحاقهم بالدراسة الجامعية  

تونس العاصمة : ضبط إحدى الخريجات  » مرسكية  » …..

الأمر في ظاهره ليس بالغريب و لكن إذا علمنا أن المتهمة بعدم دفع قيمة التذكرة عند امتطائها للحافلة متحصلة على الأستاذية في الآداب العربية و تدرس حاليا بكلية الشريعة على امل الحصول في يوم ما على شغل إذا علمنا كل ذلك بطل العجب …. 

و قد استوقف المراقب الطالبة المذكورة و سألها لماذا لم تقتطع تذكرة فأجابت دون تلعثم و أمام دهشة جميع الركاب بأنها لا تملك حق التذكرة وهي التي اجتازت ست سنوات دراسة بعد الباكالوريا  فهل تتجمد في مكانها و لا تسعى للبحث و لو عن شغل مؤقت تقتات منه …. وقد أفاضت في الحديث عن وضعيتها فما كان من المراقب إلا أن أخلى سبيلها ….

هذه القصة ليست الوحيدة التي يتعرض لها الطلبة و المتخرجون الجدد و تتكرر آلاف المرات في اليوم و تبرز المعاناة التي يعيشونها يوميا


 

الرئيس بن علي يهنئ سيدى ولد الشيخ عبدالله بمناسبة تنصيبه رئيسا على دولة موريتانيا

 

تولى السيد احمد عياض الودرني الوزير مدير الديوان الرئاسي الذى كلفه الرئيس زين العابدين بن علي بتمثيله (ألا يستحق الرئيس الموريتاني المنتخب ديمقراطيا بشهادة العالم أجمع وزيرا أول أو حتى وزيرا للخارجية؟؟؟) أمس الخميس (19 أفريل 2007، التحرير) بنواك الشوط ( لا حول ولا قوة إلا بالله: موقع الأخبار الرسمي للدولة التونسية العتيدة يخطئ في كتابة اسم عاصمة دولة شقيقة وجارة عضوة في الإتحاد المغاربي!!! إنها نواق الشط بالفصيح ونواكشوط في الإستعمال المتداول يا سادة ..) في حفل تنصيب الرئيس الموريتاني الجديد سيدى ولد الشيخ عبدالله وأدائه اليمين الدستورية إبلاغ الرئيس الموريتاني تهاني أخيه الرئيس زين العابدين بن علي وتمنياته له بالتوفيق والسداد في قيادة موريتانيا على درب التقدم والإزدهار مؤكدا حرص سيادته على مزيد تطوير علاقات الأخوة والتعاون بين البلدين الشقيقين .

 

ومن ناحيته كلف الرئيس سيدى ولد الشيخ عبدالله الوزير مدير الديوان الرئاسي بإبلاغ رئيس الجمهورية صادق مشاعر أخوته وتقديره متمنيا للشعب التونسي مزيد التقدم والإزدهار .

 

(المصدر: موقع « أخبار تونس » (رسمي) بتاريخ 20 أفريل 2007)

 

وزير الدفاع الإيطالي في ندوة صحفية :

« إكبار للخطوات التي قطعتها تونس على درب التقدم والتنمية و الحداثة »

عبر السيد أرتيرو باريزى وزير الدفاع الإيطالي عن إعجابه  » بالخطوات التي قطعتها تونس على درب التقدم والتنمية والحداثة.  » وأعرب السيد أرتيرو باريزى خلال ندوة صحفية عقدها اليوم الخميس قبيل مغادرته تونس عن إرتياحه للعلاقات التونسية الإيطالية الممتازة قائلا إنها علاقات  » متينة وتتسم بمودة عميقة تجسدت مجددا خلال المحادثة المثمرة  » التي أجراها مع الرئيس زين العابدين بن علي . وعبر الوزير الإيطالي كذلك عن ارتياحه للنتائج الإيجابية التي توجت أشغال الدورة التاسعة للجنة العسكرية المختلطة التونسية الإيطالية والتي يدل عدد اجتماعاتهاعلى مدى متانة العلاقات التونسية الإيطالية وتعزيزها باطراد. وأضاف أن هذا اللقاء مثل مناسبة للجانبين لإستكشاف المجالات التي يفترض ان يتطور فيها التعاون التونسي الإيطالي وخاصة مجالي التكوين والدراسات الاستراتيجية. وأكد مجددا في هذا السياق دعم إيطاليا للمبادرة التونسية الرامية إلى إحداث مركز للدراسات الإسترايتيجية بتونس في إطار مبادرة خمسة زائد خمسة. وأبرز السيد أرتيرو باريزى من جهة أخرى ضرورة دعم التعاون الثنائي في قطاع الصحة العسكرية مذكرا في هذا السياق بالتعاون القائم بين المستشفى العسكري بتونس والمستشفى العسكري متعدد الإختصاصات في ساليو بروما. وأعلن في هذا الصدد عن مشاركة إيطاليا في المؤتمر الدولي حول الصحة العسكرية الذى يلتئم خلال هذه السنة بتونس. وأكد الوزير الإيطالي على صعيد آخر الإهتمام الذي توليه جميع البلدان المتوسطية وخاصة إيطاليا وتونس للبحر الأبيض المتوسط وحرصها على جعله واحة سلم وأمن يستطاب فيها العيش. (المصدر: موقع « أخبار تونس » (رسمي) بتاريخ 19 أفريل 2007)  


ماذا في اجتماع اللجنة الوطنية للقانون الدولي الإنساني؟

عقت اللجنة الوطنية للقانون الدولي الانساني صباح أمس الخميس بمقر وزارة العدل وحقوق الانسان اجتماعا خصصته لمناقشة مشروع نظامها الداخلي ووضع برنامج عملها للفترة المقبلة وذلك بحضور اعضائها من ممثلي عدة وزارات وبعض الشخصيات الوطنية المعروفة بكفاءتها في مجال القانون الدولي. وقد اشرف على افتتاح اشغال هذا الاجتماع السيد البشير التكاري وزير العدل وحقوق الانسان الذي بين في الكلمة التي ألقاها بالمناسبة أهمية ما قامت به اللجنة من أعمال تعلقت بتحديد مشروع نظامها الداخلي وتشكيل لجان فرعية لها وضبط برنامج عمل سنوي ومراحل انجازه، مشيرا الى أن احداث لجنة وطنية للقانون الدولي الانساني بإذن من رئيس الجمهورية بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الانسان يوم 10 ديسمبر 2005، يترجم قناعة راسخة بأهمية دور القانون الدولي الانساني ودلالة على انخراط تونس في المنظومة الدولية لتطوير حقوق الانسان عموما وحمايتها وإيمانها بشمولية هذه الحقوق وسعيها الدؤوب لمعاضدة الجهود الدولية الرامية الى توفير مقومات السلم والأمن الدوليين. وقد تم بعث هذه اللجنة وتنظيم تركيبتها ومهامها بمقتضى الأمر المؤرخ في 20 أفريل 2006 لتكون هيكلا يتولى متابعة التطورات التي يشهدها القانون الدولي الانساني وانعكاسات ذلك على المستويين الوطني والعالمي ونشر ثقافة هذا القانون على أوسع نطاق. (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 20 أفريل 2007)  


ارتفاع احتياطيات تونس بالعملة الاجنبية الى 6.7 مليار دولار

 

تونس (رويترز) – أظهرت بيانات البنك المركزي أن احتياطيات تونس بالعملة الاجنبية بلغت 8.64 مليار دينار تونسي (6.71 مليار دولار) يوم 17 ابريل نيسان الجاري بارتفاع بنسبة 66 بالمئة عن مستواها في اليوم نفسه من العام الماضي. ونتيجة لذلك قفزت قدرة الاحتياطيات على تغطية الواردات الى 149 يوما بالمقارنة مع 107 ايام قبل عام حسب بيانات البنك. وتدعم نمو الاحتياطيات بزيادة بنسبة 9.4 بالمئة في ايرادات السياحة حتى الآن هذا العام لتبلغ 543 مليون دينار وارتفاع بنسبة 5.4 بالمئة في تحويلات العاملين بالخارج الى 346 مليون دينار. (المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 20 أفريل 2007)  

ارتفاع الاستثمار الأجنبي المباشر الى تونس 72 في المائة في الربع الاول

تونس (رويترز) – أظهرت بيانات رسمية يوم الجمعة أن تدفقات الاستثمار الاجنبي المباشر على تونس الحريصة على جذب المستثمرين الاجانب لتوفير فرص عمل ارتفعت الى 280.3 مليون دينار (217.62 مليون دولار) في الربع الاول من هذا العام من 163 مليون دينار في الفترة نفسها من العام الماضي. وحقق الاستثمار الاجنبي المباشر اعلى ارتفاعات في قطاع الخدمات ليبلغ 54.4 مليون دينار بالمقارنة مع 4.6 مليون دينار قبل عام. وقال محللون ان تونس تجاهد لاجتذاب الاستثمارات الاجنبية لقطاع الخدمات وقطاع تكنولوجيا المعلومات الحديث في البلاد لتحقيق نمو أكبر وخفض معدل البطالة البالغ 13.9 بالمئة حسب البيانات الرسمية. ويمثل قطاع الخدمات 20 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي في تونس ومن المتوقع ان ترتفع هذه النسبة الى 35 بالمئة في السنوات العشر المقبلة. وارتفعت الاستثمارات الاجنبية المباشرة في قطاع الصناعات التحويلية بنسبة ثلاثة بالمئة الى 48.2 مليون دينار في حين اجتذب قطاع الطاقة 170 مليون دينار بالمقارنة مع مئة مليون دينار قبل عام. وتستهدف الحكومة الوصول بالاستثمارات الاجنبية المباشرة هذا العام الى مستوى 1.3 مليار دينار من 1.2 مليار دينار باستبعاد ايرادات الخصخصة. وتأمل في ان تمثل الاستثمارات الاجنبية 26.1 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي بحلول عام 2016 بالمقارنة مع 22.7 بالمئة هذا العام. (المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 20 أفريل 2007)  
 

في صندوق الضمان الاجتماعي بلغ عدد النشيطين المصرح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي حوالي مليون و820 الف نشيط او منخرط حتى نهاية سنة 2006. كما بلغ عدد المنتفعين بجرايات قرابة 600.444 الف منتفع خلال نفس الفترة مسجلا بذلك ارتفاعا بأكثر من 3 اضعاف مقارنة بما كان عليه عدد المنتفعين سنة 1990 وصرف الصندوق خلال السنة الماضية اكثر من 30400 قرض توزعت بين 40% قروض سكن و31% منها قروض شخصية و16% قروض جامعية و13% قروض سيارات. تعطيــل المتصل بشبكة الخدمات على الهاتف الجوال لمعرفة رصيده أو لشحن خطه او لطلب اية خدمة اخرى من خلال الرقم 102* يلاحظ طول الخطاب الموجه من قبل مصلحة الحرفاء مما يجعل الخدمة تصل بعد وقت طويل وهو ما من شأنه ان يقلق الحريف فهل من تعديل على هذه الخدمــة؟  طرقات حي الغزالة مرة اخرى وجبت الاشارة الى الحالة الرثة والمزرية لطرقات حي الغزالة باريانة. فالحفر والمطبات اصبحت السمة التي تتصف بها جميع طرقات هذه المنطقة. والغريب ان اشغال الصيانة لم يمر عليها اكثر من اشهر قليلة.. ولكن الفرق بين الصيانة على قواعد والصيانة على ما جرت من قبل بلدية الغزالة واضـــــــح!.  معبر علوي لتفادي الحوادث المروريـة عبر العديد من القاطنين على جانبي طريق 7 نوفمبر على مستوى محطة 7 نوفمبر للمترو في حي ابن خلدون غربي العاصمة عن قلقهم جراء تكاثر الحوادث المرورية عند مستوى هذه المحطة بسبب كثافة حركة المرور من ناحية وحاجة المواطن الى المرور من والى هذه المحطة او عبوره الطريق نحو محطة الحافلات على الجانب الاخر من ناحية اخرى كما عبروا عن املهم في انشاء معبر علوي على هذا الطريق مثلما هو الشأن لمعبر المنارات لتفادي عديد المآسي المرورية التي حدثت في السابق.  ندوة وطنية يشرف وزير العدل وحقوق الانسان على افتتاح أشغال الندوة الوطنية التي ينظمها الاتحاد الوطني للمرأة التونسية والمجلس الاسلامي الاعلى حول «المرأة التونسية في مقدمة القوى الحية التي تؤسس لمجتمع الحداثة والتقدم» وذلك يوم غد السبت بداية من الساعة التاسعة صباحا بنزل المرادي بقمرت. (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 20 أفريل 2007)


الدكتور منصف المرزوقي

نصحوني بعدم ارتكاب « حماقة » تكوين حزب سياسي

حاوره الطاهر العبيدي

taharlabidi@free/fr 

 

* بورقيبة دكتاتور مجنون…

*العودة إلى تونس كانت فشلا ذريعا وهزيمة نكراء..

*وكان يوما لا ينسى بصقوا فيه عليّ حتى لم أعد أرى من خلال نظاراتي..

*المعارضة ومن بينها إسلاميين وعلمانيين دافعت عنهم في أصعب الأزمان لم يتكلفوا عناء مكالمة  تلفونية..

*حزب التكتل التزم بقواعد اللعبة المغشوشة..

* 2003 حاول نجيب الشابي إقناعي في لقاء بباريس  بأن أترشح أنا وهو وخمسة من شخصيات المعارضة، لننسحب عشية الاقتراع…

* إضرابات الجوع  حققت مزيدا من المسكنة والذل والضعف والهوان..

*إذا تحرّر الوطن بحياتي فسأرجع برفاته لدفنها في دوز، وإذا لم يتحرّر في حياتي  فإنه يجب أن يتطوّع بعض  الشرفاء للرجوع  برفاته ورفاتي..

*نعم ثمّة دوما داخلي هاجس أن أكون جديرا بأب لم يدخل  بيت الطاعة حياّ أو ميتا.

*بقدر ما يتأخر الإصلاح، بقدر ما سيتفاقم التمرّد المسلح.

 

 الدكتور منصف المرزوقي من الشخصيات الوطنية المسكونة بهواجس الحرية والديمقراطية، والمجندة تطوّعا واقتناعا لتوطين حقوق المواطنة، ومن أجل ذلك دفع ويدفع الكثير وفاء لجملة المبادئ الإنسانية التي آمن بها، ابتداء بالسجن والخطف والتهديد بالقتل والمحاصرة المستمّرة والتضييقات، ممّا جعله يلجأ إلى المنفى الاختياري اضطرارا، ولأنه ذاك الريفي النابت والمزروع في واحات

 » دوز  »  « وقبلي »، فإنه ظل قريبا من الفلاحين والمزارعين، وملتحما بأوجاع المواطنين، ولم يكن أرستقراطيا في تعامله مع أهل بلده، ولا متعاليا عن أبناء تربته، بل كان تلقائيا ككل الريفيين البسطاء وككل البدويين المتشبّثين بالأرض والحقل والعرض، الذين يرفضون مظاهر الديبلوماسية الاصطناعية والأرائك الميكيافيلية…

من جهتنا اخترنا أن نوجّه له بعض الأسئلة المشاكسة، المستقاة من تحت السطح وفوق السطح، وممّا يدور في الكواليس لمختلف الرؤى للمتابعين والمهتمين بطروحات المرزوقي، الذي لا يمضغ مواقفه ولا يتخلف في المطالبة تكرارا برحيل الرئيس زين العابدين بن علي، من أجل انفراج سياسي حسب تصوّره، في حين أن التجارب العربية أثبتت أن رحيل أيّ رئيس أو اختفاؤه أو عزله لا يغير من الواقع السياسي العربي شيئا، طالما لم يتغير السيستيم… فكان مشكورا صدره رحبا في الرد على أسئلتنا، وكان كعادته يحترم المواعيد ويحترم الالتزام بالوقت، ويقدّر الجهد الإعلامي، ليكون هذا الحوار الذي نضعه بين أيدي القرّاء، مساهمة منا في استكشاف رؤى بعض الرموز التونسية المعارضة.           

 

الدكتور منصف المرزوقي سياسي وحقوقي وكاتب، فأيهما من هذه الصفات أقرب إلى قلبك، وأين تعتبر نفسك أحق بلقب من هذه الألقاب،  وفي أي الأماكن أو المواضع تستطيع ارتداء قبّعة ونزع أخرى؟

 

أولا شكرا جزيلا على استضافتي، وشكرا لكل من سيشرّفوني بقراءة هذا الحوار. وبالطبع ردّي على أسئلتكم الصريحة سيكون بنفس المستوى من الصراحة.

أنا بالطبع لست ثلاثة قوالب مستقلة موضوعة على رفّ، بل  ككل شخص ذات مترابطة.

 الخيط الرفيع المنظم للحالات التي ذكرت، اكتشافي  باكرا أن قيمة الإنسان في ما يعطي لا في ما يأخذ. تعلمت الطب للعطاء لا للأخذ. تخصّصت في أمراض الأعصاب  »  la neurologie«  ،  وهو اختصاص لا علاقة له بالأمراض النفسية والعقلية، ووضعني أمام مأساة  الأطفال المعاقين، فتجندت لهم كطبيب وداخل جمعيات الدعم محليا ووطنيا وحتى عالميا. عملت قرابة عشرين سنة في قرى الساحل لوضع الطب الجامعي في خدمة الفقراء. اكتشفت آفة التعذيب والظلم الاجتماعي والسياسي في بداية الثمانيات، فدخلت معترك حقوق الإنسان. ثم اكتشفت أن البيانات لا تنهي التعذيب، وإنما ما ينهيه نهاية نظام الاستبداد. هكذا دخلت المعترك السياسي. طيلة هذه السنوات كان القلم سلاحا للنضال، وأيضا متنفسا عن الكرب الذي يعاني منه كل مناضل، تحت نظام بشع كالذي عشنا ولا نزال نعيش تحته. من هذا الأمل ومن هذا الألم ولدت الكتابة. إذن كما ترى الأمور مترابطة متداخلة ومنخرطة في نسق له منطق وله تاريخ يفسّره.

 

هل أنت  من أتى إلى عالم السياسة،  أم السياسة هي التي أتت إليك؟

أنا لم أدخل السياسة أنا ولدت فيها. نشأت في بيت كان مخبأ سلاح المقاومة. احتجز حاكم المنطقة العسكرية في مدينة   » قبلي » عائلتنا  في الخمسينات في  » دوز » حتى يسلم أبي نفسه، ثم أطلقوا سراحنا بعد أن كدنا نموت أنا وأخي مخلص بالحصباء. وفي الثامنة من العمر تعرّضت لمحاولة اختطاف.  في العاشرة أذكر أنني كنت واقفا بين رجلي صالح بن يوسف بصحبة والدي وهو يخطب في باب منارة.

في الحادية عشر كان لي أول استجواب مع البوليس السياسي، بخصوص مكان وجود والدي الذي هرب للمغرب حال انطلاق التصفية الدموية لليوسفيين أواسط سنة 1956. في السادسة عشر أول هجرة إلى المغرب للحاق بوالدي  والبقية  معروفة…الكثير من  هذه الأحداث مضمنة  في « الرحلة  » ( انظر الأجزاء الستة لكتاب الرحلة موجودة في موقعي

www. Moncefmarzouki.net ) حتى وإن  لم يكن الكتاب سيرة ذاتية. الفرق عند الكثيرين بين الشأن العام والشأن الخاص لم أعرفه يوما. وسيبقى الأمر كذلك إلى مماتي.

 

لو نتعرف على لمحة تاريخية عن ظروف نفي والدك للمغرب، وهل هذه المحطة لها تأثيرات على تشكل الشخصية السياسية لديك؟

والدي كان من أقدم الدستوريين وأنشطهم في الجنوب. بدأ يجمع السلاح للمقاومة من فلول الجيش الألماني في بداية الأربعينات. وكان مطلوبا وهاربا أغلب الوقت ومعتبرا إرهابيا. عاش متنقلا بين المشرق والمغرب حيث كان  صالح بن يوسف يبعثه في مهمّات سياسية تحت غطاء الصحافة. كانت تربطه بالشهيد علاقات بالغة القوة: نفس خيار الاستقلال الكامل، نفس التوجه القومي، نفس التجذر في قيم العروبة والإسلام…ربّما من وراء الستار اللحمة الجنوبية.

لما انهزم التيار اليوسفي وذلك بسبب دعم  الاستعمار لبورقيبة، وانطلقت المذبحة ضد اليوسفيين، فرّ إلى المغرب حيث وفّر له المغفور له الملك محمد الخامس اللجوء والعمل  والحماية. كان اغتيال الشهيد صالح بن يوسف من طرف بورقيبة أكبر صدمة في حياته وأعتقد أنه لم يبرأ منها أبدا. عاش منفيا ثلاثة وثلاثين سنة يحلم بالوطن إلى أن توفي في مراكش ودفن فيها .

إذا تحرّر الوطن بحياتي فسأرجع برفاته لدفنها في دوز، وإذا لم يتحرّر في حياتي  فإنه يجب أن يتطوّع بعض  الشرفاء للرجوع  برفاته ورفاتي.

أحيانا أتذكر ابن أختي رياض البدوي، الذي عرف التعذيب في التسعينات وقضى سنتين ونصف في السجن، فلا أصدّق أنه الجيل الثالث ولا حقّ لعائلتنا التي أعطت كل شيء  للوطن، أن يعيش أفرادها في بلدهم إلا إذا قبلوا العيش  تحت « جزمة » الوالي والمعتمد والحرس والبوليس والكاتب العام للجنة التنسيق، في ظل دكتاتور مجنون  كبورقيبة، أو فاسد كجنرال المخابرات الذي يتحكم اليوم  في رقابنا.

لمن يحتجّ على كلمة مجنون  ليعد لشهادة محمد الصياح  في الكتاب الجماعي عن بورقيبة.

Habib Bourguiba ; la trace et l’Héritage ; par M.Camau et V. Geisser ; editions Karthala

أما كلمة فاسد بخصوص وريثه، فلا أظن أنني سألقى اعتراضا من أحد. نعم ثمّة دوما داخلي هاجس  أن أكون جديرا بأب لم يدخل  بيت الطاعة حياّ أو ميتا.

 

البعض يرى أن المرزوقي كان يحظى بإشعاع ونوعا من الإجماع الوطني، خفت كثيرا  لما تحوّل من شخصية حقوقية مستقلة، إلى شخصية حزبية متزّعمة لأحد الأحزاب، فهل انخراطك الحزبي له ثمن؟

أقرب الناس إليّ وعلى رأسهم توأمي هيثم مناع، نصحوني بعدم ارتكاب « حماقة » تكوين حزب سياسي، وأنني فعلا سأخسر كثيرا من وزني المعنوي. لكن متى كانت مصالحي الشخصية هي معيار أخذ القرارات؟

تونس كانت بحاجة لحزب ديمقراطي واضح وجريء، بعد فشل المراهنة على حزب التكتل الذي بقي ينتظر سنوات أن يرخّص له بالعمل، ثم التزم بقواعد اللعبة المغشوشة . كانت هناك أيضا ضرورة تحدّي الدكتاتور بادعائه المغرور أنه هو الذي يخلق الأحزاب والتنظيمات ويسيرها » بالرموت كنترول ». ثم كان من الواضح بعد تجربة المجلس الوطني للحريات، أن الحركة الحقوقية وصلت سقفها ولم تستطع أن تغيّر شيئا من سياسة الدكتاتورية. كل هذه الأسباب كانت تفرض ولادة شيء مثل المؤتمر. كان  المشروع أن أضع الحزب  على رجليه وأن انسحب في أول فرصة، تماما كما انسحبت من رئاسة اللجنة العربية، ومن الشبكة الإفريقية  لحقوق الطفل ومن المجلس، أي بعد أربعة سنوات على أكثر تقدير كما هو مضمن في القانون الداخلي.المشكلة أنني لم أتنبأ بطردي من الكلية، واضطراري للخروج إلى المنفى مما علق تنفيذ الخطة. أول ظروف ملائمة لالتئام مؤتمر المؤتمر سأبادر لتسليم الأمانة،  لا لأنني لا أؤمن بالحزب الذي تشرفت مع نخبة من المناضلين بتأسيسه، لكن لأنني لست رجل جهاز. طاقاتي وإمكانياتي من نمط آخر، ويمكن أن أوظفها بكيفية أحسن لخدمة القضايا التي خلق من أجلها المؤتمر.

 

يروج أن المرزوقي عاد إلى تونس في المرة الأولى، معتقدا أنه سيحظى باستقبال جماهيري كبير كما وقع لبورقيبة، غير أنه كان في استقباله حوالي 13 من النشطاء، مما جعله يحس بخيبة أمل، والمرة الثانية التي عدت فيها إلى تونس، كنت تحت الحصار والتضييقات، ورغم الاعتصام والعديد من محاولات الصمود، إلا انك رجعت إلى فرنسا فبماذا ذهبت وبماذا عدت؟

كما يقال لا نادم لا فرحان. غير نادم لأنه لم يكن معقولا أن أطلق النداء للمقاومة السلمية  وأن أبقى في باريس. مسألة منطق ومصداقية، غير نادم أيضا لأن السلطة هي التي تراجعت و لم تتجاسر على اعتقالي عند الوصول، رغم تأكيدات أحد أزلامها عشية الرجوع بأنهم ينتظروني. كذلك لم تتجاسر على اعتقالي عند الخروج  رغم أنني رفضت تسلم الدعوة للمثول أمام قاضي التحقيق، ولم أشرّف الموظف التعيس بحضوري أمامه، لكن قطعا غير فرحان. بصراحة العودة إلى تونس كانت فشلا ذريعا وهزيمة نكراء. في دوز باع مشروع المظاهرة مندسّ وطوّقنا البوليس، ورغم شجاعة شباب المرازيق لم نستطع فعل شيء. في سوسة مشى ورائي الأوباش ساعة ونصف بالسب والبصاق، ولم يحرك أحدا ساكنا، كذلك في جنازة  » حمادي فرحات  » في هرقلة. اعتصمت ببيتي آملا أن يصبح نقطة لقاء فلم يجسر على كسر الطوق البوليسي إلا قلة  من الصناديد. كسرت الاعتصام للخروج للشارع فوجدت جحافل البوليس أمام بيتي  وهم الذين نجّحوا المظاهرة. للوصول إلى  الكاف عندما أوقف البوليس السيارة، مشيت في الجبل تحت المطر ساعات  ولم يكن معي إلا ثلاثة رفاق. وفي المدينة  تجمهر الصعاليك لاستقبال » شعبي حافل »  وكان يوما لا ينسى .بصقوا فيه عليّ حتى لم أعد أرى من خلال نظاراتي، والناس تتفرج. المعارضة ومن بينها إسلامييين وعلمانيين دافعت عنهم في أصعب الأزمان لم يتكلفوا عناء مكالمة  تلفونية. من كنت أنتظر منهم العون في باريس بخلوا بنفس  المكالمة، بل منهم من اغتنم الفرصة وأنا في النازعات غرقا للمزايدة

 » والتشكيب « . 

قرّرت إذن المغادرة لسببين .الأول لاستعادة حريتي في الاتصال والعمل، وهو اليوم  أمر مستحيل تماما  في تونس لي ولغيري. والثاني وهو الأهم أن أمشي…أنا رجل بحاجة لكثير من الفضاء أمامي… لشواطئ سوسة…للصحراء في دوز…للشوارع الكبرى في باريس…مرة مازحت صديقا قائلا: الناس كتبت كتبها باليد وأنا بالقدم. ساقيّ مثل الدينامو الضرورية لتشغيل دماغي. إذا لم أمش الكيلومترات لا أستطيع التفكير.

وفي باريس مشيت كثيرا، وكانت حصيلة التفكير  التخلص بسرعة من قصّة ليذهبوا كلهم إلى الجحيم حكما ومعارضة وشعبا، يكفي ما دفعت، آن الأوان لأهتم ّ بنفسي الخ. استعرضت مطوّلا كل معطيات خيار الثبات والصمود.عدم مهادنة الديكتاتورية خطأ  ؟ لا.الموقف الوحيد . المقاومة المدنية  خطأ ؟ لا . الحل الوحيد لأن الآخر المقاومة المسلحة. الرجوع خطأ ؟ نعم  كان سابقا لأوانه. الخطة  خطأ ؟ نعم لأكثر من سبب:  مرتجلة وغير محكمة، سوء تقدير، خساسة الخصم وقدرته على ابتكار وسائل لم أكن مستعدّا لها، سوء تقدير استعداد المجتمع للخروج،  سوء تقدير عمق ضغينة الطبقة السياسية ضدّي، سوء التنسيق مع رفاقي داخل تونس. قبلت  بتحمل مسؤوليتي كاملة في ما حصل. اقتنعت بضرورة قبول كل النقد بمنتهى التواضع والصدق، لكن فقط ممن تحمّلوا معي عبأ المعركة.  المواصلة ؟ نعم وألف نعم  إلى آخر نفس. كم من حرب خسرت فيها أكثر من معركة وانتهت بالنصر. لذلك أقول لكل من تشمّتوا فيّ من أعداء و »أصدقاء » لا تفرحوا كثيرا بهزيمتي هذه. ثمة ثلاثة  إنجازات ضخمة  حققتها ولن تستطيعوا أبدا سحبها مني. الأول أنني عشت حرّا أبيا لا تكسر لي شوكة في مجتمع عجز لليوم أن يكون مجتمع بشر أحرارا، وبقي في تخلفه المقيت مجتمع سادة ومستعبدين. الثاني أنه كان لي شرف المساهمة في تكوين نواة شعب المواطنين المشكّل اليوم من بضعة مئات من الأبطال والبطلات، كسروا الصورة النمطية لتونسي جبان، ذليل، انتهازي،  ماسك بالعصا من الوسط في كل الأمور، صديق الجلاد والضحية…وتقدّموا خطوات جبّارة  في بناء صورة نمطية جديدة لتونسي أبي حرّ وشهم. هذه القلة هي شعبي الذي أعطاني الدعم والمحبّة والذي لم ولن أبخل عليه بامتنان أو بإخلاص. حقا شعبي هذا لا زال قليل العدد ولم يستطع إلى الآن قلب موازين القوى، لكنه سيصبح آلافا مؤلفة. نحن البذرة الصغيرة  التي ستنبت منها الدوحة العظيمة.

الإنجاز الثالث أنه، في حالة موتي أنا أيضا في المنفى، وتونس تحت الاحتلال، وربما يرثها من الدكتاتور الحالي دكتاتورا آخر، فالأفكار  والقيم والصور النمطية التي دافعت عنها ورمزت لها ستواصل فعلها الخفي إلى أن تثمر يوما ما. شعاري خلافا لهم ليس أنا وبعدي الطوفان، وإنما إذا متّ ظمآنا فلينزل القطر على أرض الآباء والأجداد.

 

ما يحسب لك أنك أحد  المناضلين الشرفاء الذين لم يتورطوا في  » البيع والشراء « ، ومن جانب آخر يراك آخرون متسرّعا ومتشنجا سياسيا، ومتهما بأنك من المهوسين بالوصول إلى الرئاسة، على حساب البرنامج السياسي؟

متسرّع ! والبلاد  تخرب منذ  عشرين سنة وتتوجّه إلى العنف المدمّر، وقد أغلقت كل الأبواب أمام شيبها وشبابها .

متشنج ! من يستطيع مواجهة كل هذا العفن، كل هذا الظلم، كل هذه الآلام التي تعاني منها  مئات الآلاف من الأمهات والزوجات والأطفال،  كل هذا الوقت الضائع من حياتنا أفرادا وشعوبا ولا يتشنّج…اللهم إلا إذا كانت السياسة بالنسبة له مهنة أو رياضة لا رسالة  ومسؤولية ؟

مهووس بالرئاسة ! سنة 1998 لما أسّست مع بعض « المتشنجين  » المجلس الوطني للحريات قيل وقتها من داخل المجلس وخارجه أن كل العملية لأترشح للانتخابات الرئاسية في 1999، ولمّا لم يحصل الأمر قال نفس الأشخاص أن ذلك  لم يتم بفضل ضغطهم عليّ. لمّا تأسس المؤتمر،  قيل من داخل الحزب ومن خارجه  أن كل العملية لأترشح سنة 2004 .لم يحصل الأمر ولم يعتذر لي أحد. سنة 2003  حاول نجيب الشابي إقناعي في لقاء بباريس  بأن أترشح أنا وهو وخمسة من شخصيات المعارضة، لننسحب عشية الاقتراع كما وقع في الجزائر. فقلت له أفضل خيار لنا وللبلاد البقاء على قرارنا  رفض شرعية التغيير الدستوري ل 2002 والتركيز على لاشرعية الانتخابات وتقدم الدكتاتور لها واغتنام الفرصة لخلق جبهة وطنية والدعوة للمقاطعة  والنزول للشارع . تعرفون البقية،  من ترشح ومن لم يترشح . بخصوص 2009 سترون من سيترشح ومن لن يقبل بالانخراط في تهريج رخيص لتحقيق مكاسب شخصية وحزبية .

ثم أتهم بأني المهووس بالرئاسة ! أليس من العدل والإنصاف القول أن الهوس من الذين يسقطون عليّ مخاوفهم . نعم أنا مهووس لكن بالجامع لا  بالحصيرة ، بنهاية الدكتاتورية التي ستسمح بانتخابات حقيقية يمكن أن أشارك فيها أو لا أشارك ، لا بالدخول في تمثيليات رخيصة لتتحدث عني وسائل الإعلام وأكتب في بطاقتي مترشح سابق ومزمن للرئاسيات.

 

حزب المؤتمر من اجل الجمهورية الذي أنت رئيسه، طوال هذه السنين لم يستطع النفاذ للجماهير، ولم يتمدد شعبيا، وبقي تقريبا محصورا في نفس الأفراد المؤسسين وهم من النخبة، أما في الخارج فبقي بنفس المجموعة التي تناقصت بدل أن تتوسّع، فهل من توضيح؟

عند نقاش مشروع إنشاء المؤتمر طوال سنة 2000 كنت ضد تشكيله في حزب، واقترحت شكل اللجان والدوائر والشبكة بكثير من المرونة وقليل من الإيديولوجيا. وكانت لي حجج متينة أنه لا يمكن بناء حزب معارض تحت دكتاتورية إلا إذا كان حزبا مسلحا وسرّيا. أما حزب علني وسلمي فهراء لأن الديكتاتورية لا تسمح إلا بالأحزاب العاجزة عن تهديدها والقابلة باللعب داخل المساحة الضيقة التي تحدّدها، والتي تشكل لها نوعا من الغطاء التعددي . وإذا شكلت خطرا، كما كان الأمر مع النهضة، جمعت قيادتها وهياكلها في ليلة ليلاء  بفضل القوائم الجاهزة لدى البوليس. حزب معارض لا معنى له إلا في نظام ديمقراطي مثل لا معنى لسيارة إلا بوجود البترول. الشيئان مرتبطان. للأسف لم أقنع الأغلبية  وأسّسنا حزبا. لكن الواقع فرض أوامره ونواهيه. السلطة حاصرتنا. الناس لم تتجاسر على دخول حزب  » متطرف » هي التي لا تدخل الأحزاب المعترف به. اكتفينا بتنمية شبكة الصداقات خاصة في الجهات، وأن يكون لنا في كل مكان  » منارات » لنبني عليها يوم يحين وقت البناء. كثير من الأخطاء أتحمل جزءا كبيرا من مسؤوليتها، ولو أن  اضطراري للهجرة من أسبابها الرئيسية. هذا ما جعل المؤتمر في وضع لا يحسد عليه، ولو أني لا أرى أيّ حزب له وضع يحسد عليه، ولو كان الحزب المحكوم. لست نادما في آخر المطاف على المشروع. أولا هو ألقم الدكتاتور حجرا بخصوص ادعائه السيطرة على الساحة السياسية. المؤتمر موجود رغم أنفه وسيتواصل رغم أنفه. ثانيا هو رفع سقف الخطاب السياسي لكل المعارضة،

و أجبر الأحزاب القانونية على الحذو على خطاه في قضية الاعتراف بالإسلاميين. هناك أيضا صورة نمطية جديدة للعمل السياسي الواضح والجريء. هناك خيار العقد السياسي من مختلف تيارات إيديولوجية، بدل الحزب المهيكل على إيديولوجيا  وهذا تنظيم المستقبل. رغم   العيوب والنواقص التنظيمية أنا متفائل. وعاكف الآن بتكليف جماعي على إعادة تحديث البرنامج الذي نشرناه في وثائق الولادة. نحن نبني الفكر والصورة أي الوعاء، ويوم تصبح ظروف العمل الميداني ممكنة، فما من شك لديّ أن القيادة الشابّة الجديدة التي أحلم بها ستحصد ثمار ما زرعه المؤسسون الشجعان، الذين مارسوا في هذا الميدان وفي بقية نضالاتهم الأخرى الشعار الثوري الوحيد، الذي رفع في تونس منذ

 » الاستقلال »: حقوقنا نمارسها ولا نطالب بها.  

 

لاحظنا كما غيرنا، أن بعض البيانات السياسية في المهجر حول العديد من القضايا أحيانا تمضى باسمكم كرئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، وأحيانا توقع باسم مجموعة مترابطة ومنسجمة في العمل المشترك منذ سنوات من نفس الحزب، مما يوحي بأن هناك نوع من التجافي بينكم وبين بعض عناصركم؟

 المشكلة أخطر مما تتصور. اليوم كل التنظيمات دون استثناء ساحة حرب أهلية ضروس. لا أدري كيف تفعل الأحزاب المكوّنة من شخص واحد ويرأسها  جزء لا بأس به من  الشخصيات الوطنية والمستقلين والإلكترونات الحرة، والعباقرة الذين لم ينتبه أحد لعبقريتهم أحد، وهي أكثر الأحزاب التونسية انتشارا. كيف يفعل المسكين لكي يتباين مع نفسه؟ كيف  ينظم  محاولة انقلاب ضدّ نفسه ومع أي جزء من نفسه يتحالف لكي يحقق انتصارا على جزئه الثالث؟ كيف يعقد جلسات مصالحة مع مختلف التيارات داخل دماغه. التشرذم ، التشظي  كل هذا ليس فقط  نتيجة نرجسية مرضية، استفحلت في كل القطاعات كردّ على الإذلال الذي تمارسه الدكتاتورية على الجميع. البشر مثل الذئاب في كثير من الخصائص، من بينها أنهم إذا لم يتوفر لهم صيد يجرون وراءه أكلوا بعضهم البعض. طالما لم يحدّد كل التونسيون لهم كهدف واحد أحد الجري وراء الضبع، فإن المعارك الداخلية ستتواصل لتفرقع كل التنظيمات.

 

رغم التباين الإيديولوجي في الرؤى والمناهج بينكم وبين حركة النهضة، إلا أننا نراكم متحالفون عضويا مع الإسلاميين، فهل هذا التقارب هو تحالف استراتيجي أم تكتيكي، أم نوعا من البحث عن سند قاعدي كما يتراءى لغيركم؟

بصراحة أرهقني الرد على هذا السؤال الذي ألقي علي مليون مرة دوما بصيغة التهمة. إذا للمرة الواحدة بعد المليون نعم لي علاقات إنسانية طيبة بالإسلاميين، تكوّنت طيلة سنوات الجمر، نظرا لدفاعي عنهم وامتنانهم لي، علما وأنني لم أطلب يوما شيئا كهذا، لأنني ربيت على مقولة لا شكر على واجب. لا ليس هناك تحالف استراتيجي أو تكتيكي، وإنما  هناك على العكس  خلافات سياسية عميقة  بخصوص الموقف من الدكتاتور،  بخصوص الموقف من 18 أكتوبر، بخصوص الإستراتيجية المستقبلية لمواجهة الوضع. ما آمل أن  يوضّح المؤتمر المقبل للنهضة جملة من القضايا، حتى تصبح الحركة  جزءا من الحل لا جزءا من المشكل التونسي.

 

كانت لك بعض التحفظات منذ البداية حول حركة 18 أكتوبر، حتى أن هناك من يردد أن المرزوقي متى لم يكن هو محور الحدث، فإنه يحاول أن يوضّع أي مبادرات أخرى ؟

ما يتطلبه وضع الوطن المأساوي ليس لجنة تنسيق حقوقية، تردّد نفس المطالب المكرّرة منذ عشرين  سنة دون نتيجة،  وتتناقش في الإرث كأن الدكتاتور سيترك لنا ما نرث رجالا ونساء. المطلوب هو جبهة أحزاب  كما حصل في موريتانيا،  تتقدّم كبديل سياسي، تتوجه أساسا لشعب المواطنين،  وتتواصل مع القوى الوطنية داخل الدولة لانتقال سلمي نحو النظام الجمهوري الديمقراطي. هاتوا لي مثل هذه الجبهة وأنا مستعدّا  لتلميع أحذية أصحابها. 

 

لا للتفاوض لا للتصالح لا للتجالس، لاءالت ثلاث  وسقف مطالب سياسية مرتفعة هي عنوان طرحكم، وسلطة صمّاء، وبين هذا وذاك مساجين سياسيين تأكل منهم السنوات وتقتنصهم الأمراض، فكيف الخروج برأيكم من هذا النفق ،الذي يدفع ضريبته الموجعة من كان وراء القضبان؟

غريب هذا السؤال. لماذا لا يتوجه أصحابه  إلى  الدكتاتور ليسألوه هو لماذا لا  يقبل  بالتصالح ، لماذا يرفض التفاوض، لماذا يستنكف عن  مجالسة حتى ألين وألطف المعارضين الذين أعطاهم بنفسه رخصة السياسة، لماذا يواصل كل هذه الشدّة، هذه الغلظة، هذه القسوة،  هذا الشطط، هذا التشنج، هذا التطرف، حتى مع من خدموه ويريدون خدمته.

ثم لماذا لا يتوجّهون بالسؤال لمن لاطفوا ولاينوا وكتبوا بيانات الاستعطاف، وتأدّبوا وتملقوا ولم يذكروا الفساد أو يطرحوا يوما  قضية الشرعية، اسألوهم  ماذا حققوا لأنفسهم، لأحزابهم ، للمساجين السياسيين؟

ماذا حققت لهم إضرابات جوعهم  باستثناء إعطاء مزيدا من صورة المسكنة والذل والضعف والهوان والاستجداء والتوجه لحس الإنسانية عند من لا يملكون منها ذرة  ؟

يسألوني أنا بلهجة الاستنكار، كيف أتخذ مواقفي هذه وكأنها هي المسؤولة عن بقاء المساجين السياسيين،  والحال أنني استنتجت الاستنتاج  المنطقي الوحيد من سياسة هذا الرجل ونظامه، وهو أنه يجب أن يرحل، ويجب أن نتكاتف لترحيله حتى يخرج العشرة ملايين من السجن الواسع، والمئات من السجن الضيق.

 » معيز ولو طاروا  » ؟

 

كيف تنظرون إلى المناخ السياسي التونسي الحالي، خصوصا بعد شبح العنف المسلح الذي يخيم على المنطقة المغاربية، آخرها التفجيرات في المغرب والجزائر، وقبلها ما وقع في تونس من مشادات بين قوات الأمن وبعض العناصر المسلحة؟

 في تونس كما هو الحال في المغرب والجزائر هناك اليوم سباق بين الإصلاح والتمرّد المسلح. بقدر ما يتأخر الإصلاح، بقدر ما سيتفاقم التمرد المسلح. الإصلاح طبعا ليس إصلاح أنظمة، ردّدت ألف مرّة وأثبت الواقع ألف مرة ومرة أنها لا تصلح ولا تصلح،  وإنما إصلاح الوضع المأساوي الذي تسببت فيه، وهذا يتطلب تجند الجميع لاقتلاعها من جذورها، وبناء نظام سياسي جديد يمكن المجتمع أخيرا أن يعيش بسلام وأمن، وأن يطوّر نفسه ويحافظ على وجوده.

 

ألا ترون أن المرزوقي وغيره من المعارضين بقوا يمارسون معارضة فضائية، أو إن شئنا معارضة إلكترونية، لم تنزل إلى مشاغل الجماهير اليومية، ولم تقتحم البيوت، ولم تسطع احتضان هموم المواطن التونسي، وبقيت معارضة جدلية عبر الفضائيات والمواقع الإلكترونية؟

الفضائيات والإنترنت مثل المناشير والاجتماعات في السابق. وسائل للاتصال ضرورية  ولا غنى عنها. الالتحام بالجماهير كيف؟ في ظل دولة بوليسية أخطبوطية مثل هو الحال في بلادنا؟ ثمة العمل السري لكن أي عمل سري لنشر الديمقراطية وقيم حقوق الإنسان ؟

مشاغل الجماهير اليومية؟  كأن الفساد وغياب الحريات ليس من صميم مشاغل الجماهير، وكأن كل همومها ليست مرتبطة بالوضع السياسي. لنكفّ عن هذه الديماغوجية، من جهة النخب التي تحادث النخب ومن جهة الجماهير المسكينة المتروكة لحالها. هذه الجماهير ليست بالطيبة التي تتصور والنخب ليست بالبشاعة التي يحاول البعض تصويرها بها. القضية أن مجتمعنا مقسم لشعب المواطنين وشعب الرعايا وأن عددنا نحن  المواطنون  ما زال قليلا. دورنا توسيع الدائرة أكثر فأكثر  بخطاب التحريض الدائم، بالقدوة والمثال، بالتضحية  لحمل جماهير الرعايا على الخروج من سلبيتها وممارسة حقوقها لا انتظارها من ناس لا ينتظرون إلا الشرارة الأولى لامتطاء طائراتهم الخاصة..كل هذا عمل صعب طويل المدى، لكن لا غنى عنه  والنتيجة ستأتي حتما، خاصّة وأن لنا حليف هام لإنضاج ظروف التحرّر :سياسة  الدكتاتور.

 

هل لك ما تريد أن تختم به؟

بلادنا تشهد  تحللا وتفككا وتفسخا لم تعرف له مثيل  في تاريخها الحديث، وذلك على مستوى الدولة والمعارضة والمجتمع. ثمة قوى دمار هائلة كأنها  شياطين أطلقت من عقالها لتدمر تونس، والمنطلق هو هذا الفيروس الخبيث الموجود في قرطاج. أحيانا أقول لنفسي سبق السيف العذل يا صاحبي، لا أنت ولا أي إنسان قادر على وقف تدحرج الصخرة، وما زال هناك شوط قبل أن ترتطم بالهاوية لتنفجر إلى ألف شظية. لكن تربيتي الطبية  علمتني أن قوى الدمار لا توجد إلا ووجدت حذوها قوى خلق.إنه  مبدأ الفعل وردة الفعل في الفيزياء.أنا مقتنع أن هناك داخل  المجتمع والطبقة السياسية والدولة نفسها كمّ من آليات تصحيح وتدارك وتعافي تعمل بصمت. لنكن كلنا جزءا من هذه القوّة الجبارة، التي هي الضامن لتواصل تونس ونهضتها من كبوة العقدين الأخيرين…وحتى هذه الكارثة التي رأت عصابات الحق العام تستولي على الدولة، يجب أن تستثمر يوما كما يفعل الجسم عندما يكتسب من تعرضه لجرثومة خبيثة لا تقضي عليه مناعة ضد تجدد المرض.

إلى المقاومة المدنية  بكل أشكالها، يا ورثة الدغباجي والحامّي وحشاد،  لنحقق لتونس استقلالها  الثاني،  لنضمن لأطفالنا وطنا لا يستحي منهم ولا يخجلون من الانتماء إليه .

 ********************

(المصدر: موقع تونس أونلاين.نت بتاريخ 20 أفريل 2007)

الرابط: www.tunis-online.net

info@tunis-online.net


شهادة للتاريخ وللتصحيح حول السجناء الإسلاميين في تونس

إعداد: عبد الستار بن عبد الله توطئة: يأتي نشر هذه الشهادة في خضم المحاصرة والتشويه الإعلامي والضغط والمتاجرة الدبلوماسية للتعتيم على مأساة طال أمدها  كما تأتي في خضم  اللغط والمغالطات التي تستهدف تضليل الرأي العام المحلي والدولي حول طبيعة وخلفية استهداف الإسلاميين في تونس منذ عقد ونصف من الزمن ( انظر تصريح المستشار الاعلامي بسفارة تونس بلندن إلى صحيفة الشرق الأوسط بتاريخ 19 ديسمبر 2004 )، كما تأتي في وقت تتضاعف فيه المأساة ويستمر فيه استهداف أي نفس إسلامي أصيل ويتجدد فيه الإصرار على الاستئصال وتجفيف منابع التحرر في زمن بدأت تتساقط فيه تقاليد الممارسات الغير الإنسانية ضد الخصوم السياسيين وفي وقت شرع فيه البعض في محاكمة الماضي المظلم حتى يتم تحصين المجتمع من تكرار تلك الممارسات كما يحصل في الشهادات العلنية التي تبث مباشرة في المغرب الأقصى حاليا وكما يتهيأ له كذلك المجتمع الجزائري لطي صفحة الماضي تجاوبا مع مشروع العفو العام الذي اقترحه الرئيس بوتفليقة في خضم التفاؤل الذي أبداه البعض إثر الإفراج عن حوالي ثمانين سجينا سياسيا من بين قرابة 600 سجين من حركة النهضة ، بالرغم من أن جل المفرج عنهم لم يبقَ لهم إلا بعض الأشهر بعد أن قضى بعضهم قرابة الـ15 سنة في زنزانات انفرادية كما هو الحال للمهندس علي العريض الناطق الرسمي باسم حركة النهضة (حتى أن تلك الخطوة المحدودة والمغالطة اعتبرها البعض من باب المتاجرة بمعاناة المساجين السياسيين حيث تم اتخاذها للتغطية عن انتخابات لم تختلف عن سابقاتها رغم التطبيل والوعود) ، و في خضم الأمل من قبل البعض الآخر بأن يمتد الإفراج ليشمل بقية المحتجزين الذين طالت مظلمتهم و معاناتهم ببعدها الإنساني و الأخلاقي ، فاجأ رئيس الدولة في خطابه بمناسبة أداء اليمين الدستورية في مجلس النواب يوم 17 نوفمبر 2004 الرأي العام المحلي و الدولي بالإصرار على أنه لا يوجد في تونس سجناء رأي أو سجناء سياسيون ، و أن العمل السياسي حر . و في إشارة إلى سجناء حركة النهضة والدعوات الملحة للإفراج عنهم، أكد على عدم التمييز بين مواطن و آخر في المعاملة الإنسانية مراعاة لحقوقه و احتراما لمبدأ تساوي الجميع أمام القانون و أمام العدالة. إلا أن المتتبع إلى مختلف مراحل الأزمة بين السلطة و حركة النهضة لا يمكن إلا أن يعتبر أن تصنيف قضايا مساجينها ضمن قضايا الحق العام يُجانب الحقيقة و يقفز على واقع مترد غير إنساني أجمعت المنظمات الحقوقية في الداخل و الخارج على ضرورة إنهائه و اتخاذ إجراء فوري بشأنه عبر إصدار العفو التشريعي العام للحد من هذه المظلمة المستمرة على مئات المواطنين المحتجزين و لرفع المعاناة عن عائلاتهم و نسائهم و أبنائهم و آبائهم و أمهاتهم الذين حرموا من فلذات أكبادهم أو من عائليهم بدون جرم اقترفوه. و للتصحيح، و الكل يدرك، فإن قضية المساجين الإسلاميين هي سياسية بالأساس ولا تمت بقضايا الحق العام بصلة، و يكفي الإشارة إلى الملاحظات التالية التي تعكس الظروف التي اكتنفت مختلف المراحل التي مر بها السجناء لاستيضاح هذه الحقيقة مع التنبيه إلى أن كل المعلومات المدرجة في هذا المقال مستخرجة من بيانات وتقارير وشهادات منشورة للعموم من قبل منظمات دولية ومحلية معنية بقضايا حقوق الإنسان عامة والمساجين السياسيين خاصة  : 1-  لقد تم في بداية العقد الماضي اعتقال الآلاف من أبناء و أنصار حركة النهضة في مرحلة جاءت إثر انخراط  الحركة في التجربة الديمقراطية الوليدة والمفترضة والمتوقعة في أواخر الثمانينات ومشاركة الإسلاميين في الانتخابات ضمن قوائم المستقلين و قد أقرت وقتها السلطة بأن هذه القوائم تحصلت على ما يقارب الـ20 في المائة من الأصوات ولم تحصل على أي مقعد بالبرلمان نظرا لطبيعة النظام الانتخابي، و إن كانت الحركة قد عبرت عن احترازها من تلك النتائج و أكدت وجود العديد من الخروقات و التلاعب، و إن نسبة المصوتين لفائدتها تتجاوز ذلك بكثير. إلا أنها وبالرغم من ذلك و حرصا منها على السلم المدني، آثرت المصلحة العليا للبلاد و لم يصدر منها أي من ردود الأفعال العنيفة كما حصل مثلا في الجزائر. و قد استعملت السلطة آنذاك تلك الانتخابات لإحصاء و للتعرف على العناصر المؤيدة لحركة النهضة وخاصة تلك التي شاركت في الإشراف على مكاتب الاقتراع ممثلة للمستقلين و التي كانت المستهدفة الأولى في حملة الاعتقالات. و قد اعتبر البعض أن العملية برمتها كانت فرصة سانحة للسلطة للتعرف على أنصار المعارضة الإسلامية مما ساعد على الانقضاض عليها وتصفيتها عند ساعة الصفر. فهل أن سجناء الحق العام يقع استدراجهم كـــشركاء سياسيين ثم يقع الإيقاع بهم متلبسين بمشاركتهم في جريمة ممارستهم لحقوقهم المدنية و السياسية و التي يظن البعض أن تلك الممارسة منة تمتن بها السلطة على من تقوم بتزكيتهم وأن كل من يحاول تجاوز الخطوط الحمراء التي تضعها لهم يقع في جب الخطيئة و يصنف ضمن الخارجين على القانون . 2- إن الآلاف من أنصار حركة النهضة الذين تم اعتقالهم  و إحالتهم على المحاكم لم يرتكبوا أي فعل مادي يجرمه القانون، و لم ترتكب في تونس أي أعمال عنف بالرغم من شدة المظالم حيث اتسمت الحركة بقدر عال من ضبط النفس حرصا منها على حقن الدماء و نبذ كل مخاطر الانحراف في متاهات العنف الذي يجرها إليها البعض جرا قصد تبرير الحملة . و لم نسمع عن ردود فعل عنيفة، بل دعوات مستمرة إلى الصبر. و إذا كانت السلطة قد روجت إلى بعض الأعمال المنسوبة إلى بعض الأفراد، و التي اعتبرتها تصب في خانة العنف، و هي وبالرغم من أنها كانت محدودة جدا، فيمكن أن تعكس  ردود  أفعال  شخصية  غير  مسؤولة على شدة الضيم و التنكيل الذي لحق بالمعتقلين آنذاك، و لا يمكن نسبتها لحركة النهضة التي أنكرت و نددت بكل الأفعال العنيفة. من جهة أخرى  ، فإن معتقلي حركة النهضة لم يحاكموا على أفعال ارتكبوها بأيديهم بل على نواياهم وتوجهاتهم العقائدية و الفكرية حيث كانت التهمة العامة هي الانتماء إلى جمعية غير معترف بها ، و هذا أمر موثق في سجلات وزارة العدل و لا ينكره إلا مكابر ولم يحاكموا من أجل سلوك مشين أو جرم ولو يعرف جلهم في محيطهم الأسري أو المهني أو الدراسي  هذا إلا بالتزامهم بقيم أخلاقية و سلوكية مميزة، كما شهد بذلك شركاؤهم في المعتقلات من سجناء الحق العام الذين فوجؤوا بشركاء من نوع خاص لم يألفوهم سابقا. فهم، وبالرغم من الظروف السجنية القاسية،  يحرصون على أداء واجباتهم الدينية في أوقاتها و التقرب إلى بارئهم بالصيام و حفظ و تلاوة القرآن. و قد اهتدى على أيديهم داخل السجون عدد من سجناء الحق العام و عزموا على الإقلاع عن الجريمة. و لا يخفى ما تسرب من تضايق مسؤولي بعض السجون من هذا التغيير السلوكي و الأخلاقي لدى بعض سجناء الحق العام، و من تقربهم من السجناء الإسلاميين و حرصهم على أداء الصلاة معهم ، و هو ما حدَا بالبعض معاقبتهم على هذا السلوك المشين و تحذيرهم من مغبة التمادي في ذلك ولا يزال شاخصا مشهد ذلك المسؤول الذي يسحب احد مساجين الحق العام بسجن صفاقس من صف صلاة الجماعة مع مجموعة من المساجين الاسلاميين بجذبه من أذنه محذرا إياه من مغبة تكرار صنيعه. هذه هي تهمة الانتماء التي من أجلها تمت محاكمتهم و حشرهم مع أطياف مختلفة من سجناء الحق العام ممن حوكموا لارتكاب خطايا في حق المجموعة الوطنية كالجرائم المرتبطة بالسكر و السرقة والمخدرات و الاغتصاب و غير ذلك. فهل يعقل أن نُساوي بين هؤلاء و أولئك، و نعتبرهم في خانة واحدة خانة سجناء الحق العام. 3- أن الطريقة التي تم بها إيقاف العديد من الإسلاميين تنم على إصرار في التشفي والتنكيل وفي انتهاك الحرمات حيث اتسمت عامة بملابسات و ظروف غير إنسانية ومرعبة ويكفي أن نشير كمثال لذلك ظروف إيقاف عادل الطيب بعد عيد الفطر بثلاثة أيام سنة  1993  حين داهم البيت ثمانية أشخاص مسلحين بالمسدسات والرشاشات وجميع أفراد العائلة نيام ،فأوثقوه وفتشوا غرفته وخزانته وأوراقه واحتجزوا شهاداته ثم اقتادوه معهم موثوق  اليدين ولم تستطع  والدته معرفة مصيره إلا بعد أيام عصيبة من المعاناة والانهيارات. ولم تقتصر معاناة الإيقاف على استهداف المساجين بل تعدتهم إلى التنكيل بعائلاتهم، حيث تم اتخاذ بعض أفراد العائلات رهائن لإجبار الفارين من المطلوبين – الذين اضطروا إلى الاختفاء تهربا من ويلات التعذيب والإيقاف وإلصاق التهم المجانية – على تسليم أنفسهم ومن ذلك حجز ابنة « خالد النوري » التي لم تتعد 9 سنوات لإجبار زوجته الحامل على الإدلاء بمكان اختفائه واعتقال زوجة « صالح الدريدي » وتعذيبها لإجباره على تسليم نفسه،  وأما زوجة السجين علي النفاتي فقد عاشت  هي وبناتها الثلاث دون العاشرة وابنها الرضيع مأساة المداهمات والترهيب والتهديد وأخذوا كل شيء من بيتها من كتب ووثائق ومراسلات شخصية وحتى العقود التي تثبت ملكية زوجها لمنزلهم تم حجزها وقد وصل الحد إلى دفعها إلى تطليق زوجها,  تلك هي عينة من ظروف اعتقال الإسلاميين والتي أخالها تفتقد لأي حس من الإنسانية وتنم على روح من التشفي ضد كامل أفراد عائلاتهم وهي ظروف لا تصحب إيقاف سجناء الحق العام. وأما  السيدة مبروكة الطبّاشي حرم السجين السياسي إبراهيم الدريدي المحكوم بـ 59 سنة وشهرين والتي لم تتعاون مع قوى الأمن للإدلاء بمكان اختفاء زوجها– وهي التي تجهل مكانه أصلا-  فإلى جانب الترهيب الذي تعرضت إليه والاقتحام العنيف الذي تعرض له بيتها وما صاحب ذلك من بعثرة الأثاث وتكسير ما يمكن تكسيره من خزائن و فرش و صحون فقد مورس ضدها العنف اللفظي إلى جانب  العنف المادّي حيث وقع تعمد ضربها على مرأى من ابنتها أمل ( 6 سنوات ) وابنها نصر الدين ( 4 سنوات ) ثم تم  تخويفهما مما جعل ابنتها أمل تعمد إلى الانبطاح على بطنها و تضع يديها على وجهها عند كل هجوم على بيتها حتّى لا ترى أمها تتلقى اللكمات و الركلات بكل وحشية وقد دامت هذه الوضعية المأسوية مدة 5 سنوات من 1991 إلى  1995!!!  تاريخ تسليم السجين لنفسه بعد أن طف كيل الممارسات وشمل العجّز من العائلة حيث لم تُحترم والدته العجوز الكبيرة السيدة زهرة الدريدي وتعرضت للركل  والضرب على الرأس و على الوجه وهي إلى اليوم تشكو الصداع الحاد المستمر من مخلفات ذلك أما والده وهو شيخ كبير يناهز عمره 75 سنة فقد تعرض بدوره للضرب بدون سبب ونقل إلى منطقة قريبة من البحر تسمّى « رندو  » بمنزل بورقيبة ببنزرت حيث تعرض للتهكم و الإهانة وأرغم  على الحفر في الرمل مطالبا باستخراج المناشير المردومة هناك حسب الادعاء. وأما عائلة السجين الهاشمي المكي المحكوم بـ 31 سنة  فقد تعرض بيتها للمداهمة  في أواخر شهر سبتمبر 1991 من قبل فرقة من منطقة بنزرت و مركز منزل بورقيبة قصد البحث عنه والقبض عليه، و لما لم يجدوه تعرض البيت إلى بعثرة الأثاث، كما تم الاستيلاء على مبلغ خمسين دينارا و بعض المصوغ التي كانت لزوجته والتي تعرضت بدورها للشتم و رفع السلاح في وجهها و كان ذلك بحضور أبنائها  الذين لم ينسوا هذا المشهد الغير الإنساني. وفي سنة 1995 أخذت المضايقات منعرجا خطيرا  حيث اعتقلت الزوجة بمنطقة بنزرت يوم 21 جوان واحتجز بقية أفراد الأسرة داخل البيت ومنعوا من  الخروج مما حرم الأبناء من الالتحاق بالمدرسة لإجراء امتحان آخر السنة وكان قد أوصاها والدها بالاعتناء  بأبناء أختها مبروكة التي اعتقلت بدورها في نفس اليوم بمنطقة الشرطة ببنزرت للضغط عليها في موضوع اختفاء زوجها  السجين السياسي إبراهيم الدريدي 4- إذا كان السجناء الإسلاميون و سجناء الحق العام متساوون أمام القانون و العدالة كما يقال، فلماذا لم يعاملوا في مراحل التحقيق معاملة مماثلة. فالتعذيب الذي تعرض له العديد منهم من أجل استنطاقهم إكراها باعترافات لا يمتَ الكثير منها للواقع بصلة أصبح مُوَثَقا لدى منظمات حقوق الإنسان في الداخل والخارج، و إن القضايا المرفوعة لدى المحاكم الدولية في هذا المجال (ممارسة التعذيب) لا تزال قيد المتابعة سواء بالمحاكم الفرنسية أو السويسرية و التي تخص من ارتبطوا بتلك الممارسات ، ومن بينها القضية التي رفعت لدى القضاء المدني السويسري و التي حدد تاريخ النظر فيها في ربيع 2005 و التي رفعها السجين السياسي السابق عبد الناصر نايت ليمام ضد عبد الله القلال الشخصية المعروفة التي تركت بصماتها على عشرية الموت عندما شغلت منصب وزير اللداخلية في بداية التسعينات وتشغل حاليا منصبا قياديا بالحزب الحاكم في لجنته المركزية وقد تم توجيه استدعاء رسمي مضمون الوصول في الأسبوع الثالث من شهر ديسمبر 2004 من القضاء السويسري إلى المدعى عليه لحضور جلسات النظر في الدعوى التي ينتظر أن تحظى باهتمام إعلامي كبير خلال شهر جوان القادم. و قد وصل حد ممارسة العنف و التعذيب ضد السجناء الإسلاميين أن توفي بعضهم في المعتقلات كما سيذكر لاحقا. و أما عديد القضايا التي ترفع في هذا الإطار لدى المحاكم التونسية، فــعادة ما تُحفظ و لا يتم متابعتها.  ولانعدام إمكانية ممارسة حق التقاضي لدى المؤسسة القضائية في تونس التجأ عدد من المواطنين من ضحايا التعذيب إلى الآليات الدولية والقضاء الدولي، ففي 9 ماي 2002 رفعت  مواطنة تونسيّة (ز.م) دعوى قضائية لدى القضاء الفرنسي و استنادا للمجلّة الجنائيّة و للمعاهدة الدّوليّة ضد التّعذيب و المعاملة القاسية و اللاإنسانية و المهينة ( المصادق عليها من قبل الحكومة التّونسيّة )  ضد شخصية قنصلية رفيعة بستراسبورغ المدعو خالد بن سعيد بصفته الذي شغل خطّة رئيس منطقة شرطة  لممارسة التّعذيب أثناء مباشرته لوظيفته و صدرت بطاقة إيقاف دوليّة في شأنه إلا أنّه غادر التّراب الفرنسي قبل ذلك . فهل بعد كل هذه الظروف و الملابسات يمكن أن نصر في تصنيف قضايا المساجين السياسيين ضمن قضايا الحق العام.  5- من غرائب وعجائب قضايا الإسلاميين والتي لا يمكن أن توجد  مثيلاتها لدى مساجين الحق العام أن العديد منهم تتم محاكمتهم لنفس القضايا أكثر من مرة وتتراكم الأحكام حتى أن أحدهم وبمجرد خروجه من السجن بعد أن قضى أكثر من عشر سنوات وقبل أن يفرح به أبناؤه وعائلته يتم إيقافه بحجة أنه توجد قضية أخرى  تنتظره مرفوعة لدى القضاء وتشتمل عادة على نفس  اتهامات  الانتماء وغيرها فعلى سبيل المثال فإن السجين السياسي لطفي العيدودي وجد نفسه يقضي عقوبتين صادرتين عن نفس المحكمة في قضية واحدة الأولى صادرة بتاريخ 1996/1/31 ومدتها ثمان سنوات والثانية صادرة بتاريخ 1996/6/27 تحت عدد 56150/26236 ومدتها خمس سنوات وتسعة أشهر مع العلم وأن مضمون الاتهام الذي تنصَ  عليه محاضر البحث لا يعدو أن يكون متعلقا بنشاط نقابي سنوات 1990/89 مضمونه معلقات حائطية واجتماعات طلابية عامة وهو نشاط قانوني تماما بحكم حدوثه في إطار الإتحاد العام التونسي للطلبة القريب من الإسلاميين و الذي كان يتمتع بالترخيص القانوني آنذاك . وأما السجين عبد اللطيف الوسلاتي  فقد وقع سجنه منذ 1989 بتهمة الانتماء إلى حزب غير مرخص فيه ( النهضة ) وحوكم بسبعة سنوات و نصف. و عند انقضاء المدة سنة 1997 عاد في اليوم نفسه الذي خرج فيه ووقع إرجاعه إلى السجن عند منتصف الليل، قبل يوم عيد الفطر بثلاثة أيام تقريبا بحجة أن له أحكام أخرى واحدة بخمس سنوات و نصف و أخرى بأربعة سنوات و نصف لتهمة الانتماء نفسها التي حوكم من أجلها، والسيد عبد اللطيف الوسلاتي  كان قد ترك ابنه سنة 1989 و عمره إحدى عشر يوما. و في 11 ماي 2002  نظرت محكمة الاستئناف في القضية عدد 4237 للمرة الثانية, والمتهم فيها السيد منصف المحمدي, وذلك من اجل الانتماء إلى جمعية غير مرخص فيها (حركة النهضة)، وقد سبق أن حوكم السيد المحمدي ثلاث مرات من اجل نفس الأفعال، وفي 2 جوان 2002  مثل السيد عبد الله إدريسة  أمام محكمة الاستئناف ببنزرت، من أجل أفعال سبق أن حوكم فيها بـ 57 سنة سجنا, بتهمة الانتماء إلى جمعية غير مرخص فيها هي « حركة النهضة »، و في 10 جويلية 2002  أصدرت الدائرة الجنائية الأولى بمحكمة تونس حكمها في القضية الاعتراضية ضد السيد مراد الحاج رمضان والتي قضت فيه بسجنه مدة عامين مع النفاذ وبمثلهما مراقبة إدارية، وذلك من أجل الانتماء إلى جمعية غير مرخص فيها ( النهضة )، وقد سبق للدائرة الجنائية الأولى النظر في هذه القضية غيابيا يوم 25 مارس، كما سبق أن حوكم السيّد مراد الحاج رمضان لنفس الأفعال. 6- إن محنة السجناء الإسلاميين لا تنتهي مع التحقيق كما هو حال  مساجين الحق العام بل تدخل في منعرج جديد بمجرد وصولهم إلى السجون حيث تبدأ هذه المرحلة من المعاناة بما درج على تسميته حفلات الاستقبال وهو ما يعده مسؤولي السجون لنزلائهم الجدد من الإسلاميين فعلى سبيل المثال ما حصل  لقافلة 27 ماي 1991 التي حلت بسجن الناظور (قادمة من سجن  تونس) وشملت 14 سجيناً إسلامياً يصاحبهم المقدم محمد العتيري (المتفقد العام للسجون) والرائد علي بن عيسي، فبمجرد الوصول إلى ساحة السجن كان كل شيء جاهزاً لما سمى ب « الاستقبال الخاص » إذ تجمع قرابة (60) من أعوان الطلائع على رأسهم مدير السجن الملازم أول رضا بلحاج مصحوبين بالكلاب، وبعد توزيع المقصات عليهم، بادر الأعوان بالقطع العشوائي لأظافر السجناء (وأيديهم مكبلة إلى الخلف) مما نجم عنه سيلان الدم وانتفاخ الأصابع. ثم ابتدأ التنكيل الجماعي بالصفع والضرب بالهراوات على كل أجزاء الجسم مع التركيز على المناطق الحساسة والإجبار على الزحف مسافة 200م تقريباً! « ثم جمع المساجين ال 14 في زنزانة واحدة وتمت تعريتهم تماماً بعلة التفتيش مع إتلاف ملابسهم الداخلية، وحوالي منتصف الليل داهم المدير وبعض أعوانه الزنزانة مسلحين بالرشاشات واقتيد أحد المساجين إلى الخارج حيث أوثق بالسلاسل إلى النافذة لإيهام زملائه بأنه سيتم إطلاق النار عليه ثم يأتي دور البقية.. وتكرر نفس سيناريو التعذيب في اليومين التاليين. 7- داخل السجون ، عومل العديد من السجناء السياسيين معاملة سيئة و تم وضع العديد منهم في زنزانات انفرادية لمدد طويلة على عكس ما يسمح به القانون و ذلك لتحطيم معنوياتهم و ممارسة القتل البطيء ضدهم و حرمانهم من أبسط حقوق السجناء من المتابعة الصحية و قد أدى تدهور صحة العديد منهم في السجون إلى وفاتهم مثل السجين سحنون الجوهري والشيخ الزرن و غيرهم كثير. كما أُصيب العديد منهم بالأمراض الخطيرة و تدهورت صحتهم بدون أن تحرك إدارة السجون ساكنا. و حالة الإغماء و الغيبوبة التي نقل فيها السجين السياسي لطفي العيدودي إلى المستشفى مقيد اليدين – بعد أن أصيب بنزيف دماغي- لا تزال شاخصة للعيان فقد  أصيب يوم 18 اكتوبر 2003 بانقطاع عرق بالدماغ بمحل احتجازه  بسجن 9 أفريل بتونس العاصمة ولم يقع إسعافه في الإبان وبقي بحالة غيبوبة الى يوم 25 أكتوبر 2003 حيث ادخل إلى معهد الأعصاب بالرابطة  وقد طلب الأطباء نقله إلى المصحة المختصة الكائنة بسكرة حيث تتوفر تجهيزات متطورة ضرورية  لإجراء عملية جراحية معقدة على الدماغ  لكن الإدارة العامة للسجون رفضت تحمل تكاليف العملية مما دفع أطباء معهد الأعصاب بالرابطة إلى  إخضاعه إلى عمليتين جراحيتين  يومي 1و2 نوفمبر 2003  بما توفر لديهم من إمكانيات. وبقي لطفي العيدودي منذ ذلك التاريخ  يعاني من شلل نصفي ومن انتفاخ بالدماغ استوجب إزالة الغطاء العظمي للرأس. و قد توفي البعض منهم إثر إطلاق سراحهم نتيجة تراكم التدهور المستمر في صحتهم منذ الفترة السجنية التي قضوها. و أما الممارسات المنتهكة للكرامة البشرية و التي يقصد بها الحطَ من المعنويات و التنكيل بالخصوم فلم يسلم منها سجناء حركة النهضة، و حادثة الاعتداء الوحشية واللاأخلاقية على شرفه الذي تعرض لها السجين نبيل الواعر  الذي سجن في ريعان شبابه  و التي تمت بأمر و بإشراف من مسؤولي السجن لا تزال حية في الأذهان و تتداولها المنظمات الحقوقية إلى اليوم.  فإذا كان هذا هو حال المساجين السياسيين، فهل أن التساوي أمام العدالة و القانون يعني أن هذه الممارسات تشمل كل نزلاء السجون التونسية بدون تمييز بين مواطن و آخر إلا بما يستحق من معاملة إنسانية تراعي حقوقه.  8- كما تم التضييق على المساجين وفرض المراقبة اللصيقة عند اتصالهم بزائريهم وتعرض  الطرفان إلى أنواع شتى من الإهانة مما تتسبب للبعض منهم متاعب نفسية كما حصل للسجين جلال مبروك  الذي حوكم سنة 1991 ب21 سنة سجنا  وهو مصاب بعدّة أمراض بدنيّة ( مرض القلب) ،  و نفسيّة ( انفصام الشّخصيّة ) ،  و حسب أطبّاء مسجونين معه  فإن صحته  قد   بدأت تتفاقم  نتيجة  ظروف  الإيقاف و السّجن و العزلة الطّويلة التي وضع فيها و الصّدمة التي تعرّض لها عندما و قع تعنيف والدته المسنّة أمام ناظريه في فسحة الزّيارة لاحتجاجها على وضعه وذلك بسجن بلاّريجيا بجندوبة عند قدومها من قابس لزيارته أي بعد أن قطعت قرابة 700 كلم. 9- لقد أدت المعاملة الرهيبة التي تعرض لها المحتجزون الإسلاميون إلى فظائع لم تشهد لها الربوع التونسية مثيلا حتى في أحلك فترات الاستعمار أدت إلى تحطيم كامل لحياتهم وتحويلها لجحيم دنيوي، ولم يقع التمييز بين المرأة والرجل في هذا الأمر وتشهد على ذلك قصة السجينة هدى بن قيراط من مواليد  27/11/1967 أصيلة جزيرة جربة، والتي بدأت مأساتها وهي طالبة بكلية الشريعة وأصول الدين في شهر مارس 1991 حين فرضت عليها ظروف الملاحقة البوليسية الانقطاع عن الدراسة وبقيت من مركز شرطة إلى آخر تتلقفها بطاقات إرشادات ومحاضر بحث وحجز لا قانوني إلى أن تم إيداعها السجن في ظروف مأساوية  أدى إلى تعرضها إلى انهيار عصبي خاصة بعد ما قامت إدارة السجن بإيداع سجينة حق عام معروفة لدى الجميع بأنها سحاقية ( تدعى ع هـ )   في نفس المكان مما سبب لها جوا من الرعب والخوف,  ورغم انهيار هدى والحالة هستيرية التي أصبحت عليها ومحاولات الانتحار المتعددة التي قامت بها وذلك بخنق نفسها وعوض أن تنقل للعلاج تم ترحيلها إلى سجن القيروان حيث  تلقفها الأعوان والمدير بالضرب والركل وطلبوا منها الانبطاح أرضا وبقيت كذلك لمدة نصف يوم معرضة للركل والضرب من طرف كل داخل وكل خارج من الأعوان . وعند انقضاء فترة سجنها استمرت مأساتها بفرض المراقبة إدارية عليها رغم أن الحكم لا يشمل عقوبة تكميلية مهما كان نوعها. بقيت  هدى  تتردد على مستشفى الرازي للمداواة والعلاج وتمر بفترات هلوسة واكتئاب ونوبات من الصرع والهلوسة والاضطراب النفسي  لدرجة أنها تخرج من المنزل تجوب الأزقة والشوارع وتهذي وكم مرة دخلت إلى مركز الشرطة في حالة هيجان وكم مرة حاول رئيس المركز استصدار قرار إيواء بمستشفى الأمراض العقلية. وهكذا أصبحت هدى حطاما بعد أن كانت طالبة بكلية الشريعة وأصول الدين  تشع حياتها بالنجاح والطموح. 10- لقد تدهورت الظروف الصحية نتيجة للإهمال وسوء المعاملة التي تعرض لها المساجين الإسلاميون والمماطلة في المتابعة الصحية ففي بداية 1992 أصيب أحد المساجين في سجن الهوارب بالقيروان بفتق في مستوى أسفل البطن من الجهة اليسرى.  وقد وعده طبيب من القافلة الصحية التي زارت السجن بعرضه على جرَاح وحدد موعد العملية في 7-1-1997  فانطلق مسلسل النقل التعسفي الذي يسبق كل موعد فقد نقل إلى سجن المنستير ولما حدد له موعد جديد نقل  مجدداً إلى سجن تونس فقوبل  بتسويف جديد، بل إن رئيس المصلحة آنذاك الملازم أول نور الدين سمية، قال له بالحرف الواحد: « لا يمكن إخراجك إلى المستشفى إلا إذا بلغ الفتق درجة من الخطورة تستدعي التدخل العاجل!! »، ولعل هذا ما حصل للسجين الطالب لطفي العيدودي الذي ترك يعاني من  التدهور المستمر  في صحته ولم ينقل إلى المستشفى إلا عندما وصل إلى مرحلة الغيبوبة حيث نقل إلى المستشفى مقيدا بعد أن أصيب بنزيف في الدماغ. وقد أدت الممارسات الفظيعة التي ارتكبت في حق المساجين الإسلاميين إلى إصابة العديد منهم بعاهات دائمة بين الشلل وفقدان السمع أو البصر أو الاختلال العقلي ومن نماذج ذلك من باب الأمثلة وليس الحصر فهناك من لأصيب بالشلل النصفي (رضا العلبوشي و جلال المبروك) أو الانزلاق الغضروفي(رضا العلبوشي و بوراوي مخلوف) أو كسران في العمود الفقري مع شلل نصفي(محمد المسدي) أو كسر في الأضلاع وانزلاق غضروفي وشلل في الساق اليمنى (الأسعد الجوهري ) وقد وصل الحد إلى الاختلال العقلي (بشير القايدي و فيصل قربع) 11- لقد أدى التنكيل  الفظيع والمعانات الرهيبة التي تعرض العديد من المساجين إلى وفاتهم فالقائمة الكاملة لمن قضوا نحبهم وهم في عهدة السلطة تضم الكثير و يمكن التذكير فقط بالسيد  المولدي بن عمر (41 سنة) الذي توفي في الأسبوع الثاني من شهر جانفي 1992  بدهليز السجن المدني 9 أبريل والسيد إسماعيل خميرة (40 سنة)  الذي توفي في شهر رمضان من سنة 1994  نتيجة الإهمال الطبي، فقد كان مصاباً بالروماتيزم في الدم، ولذلك نقل من معتقل برج الرومي إلى معتقل 9 أبريل بتونس لمعالجته بمستشفى شارل نيكول، وقد أقام بجناح المصحة دون علاج وبإهمال تام من الطبيب لمدة شهرين إلى أن قضى نحبه والسيد سحنون الجوهري (42 سنة)  كان مصاباً بالقرحة والتهاب المصران الغليظ، وعندما فوجئ بظهور انتفاخ في جانبه الأيسر تحت الضلوع ظل طيلة صيف عام 1994  يلح على مدير سجن المهدية الملازم أول الهادي الزيتوني بعرضه على إخصائي، غير أن طبيب السجن ومديره كانا يرفضان خروجه للتداوي بعلة أمنية، وفي ديسمبر 1994  حيث نقل لزيادة التحري والبحث بطلب من إدارة أمن الدولة، وبقى على ذمة البحث في العزلة بسجن « 9 أبريل » إلى تاريخ وفاته نتيجة حالة النزيف التي كان عليها وذهب الإصرار العدواني  لمدير السجن الرائد « التومي الصغير المرغني » ورئيس المصلحة الصحية الطبيب « حليم بوشوشة »  إلى حد رفض توفير الدم اللازم له عندما كان ينزف بدعوى أنه لا يسعف « كلباً »! وقد ظل السجين ينزف من الساعة 8 من مساء 25 جانفي 1995  حتى الساعة الثالثة صباحاً من فجر يوم 26 جانفي حيث صعدت روحه إلى السماء. ومن  الضحايا الذين رحلت  بهم قافلة الموت   كذلك يمكن ذكر عزالدين بن عائشة (35 سنة) والشيخ  مبروك الزرن الذي لم يشفع له كبر سنه للتخفيف من معاناته (70 سنة) و جميل وردة الذي توفي بسجن الكاف سنة 1997  نتيجة الإهمال والمعاملة القاسية والسيد   رضا البجاوي الذي أصيب بمرض السل وتوفي نتيجة إهمال علاجه. كما تم خلال سنة 2002 تسجيل حالتي وفاة تخصّان السّجين عبد الوهّاب بوصاع المقيم بسجن برج الرّومي ببنزرت ( و كان يبلغ 34 سنة من العمر والمحكوم عليه سنة 1991  بـ16 سنة سجنا) و السّجين لخضر بن حسين السّديري ( وهو من مواليد سنة 1966 وكان حكم سنة 1991  بـ28 سنة سجنا )  بمستشفى فرحات حشّاد بسوسة و الذي نقل له- كما نقل ملفّه السّجني إلى سجن المسعدين بسوسة- من سجن الهوارب بالقيروان  وذلك  بعد تدهور حالته الصّحيّة ، وتعود أسباب الوفاة إلى إهمال صحّي و عدم إسعافه بالعلاج المناسب و في الوقت المناسب 12- ولمن لم يمت في السجن ممن عانوا من الأمراض السجنية فإن مضاعفات التدهور الصحي الذي بدأ في السجن قتلته خارجه ومن ذلك وفاة السجين المسرح عبد المجيد بن طاهر- أب لطفلتين- يوم 13 أكتوبر2003 بعد مكابدة مع المرض الخبيث الذي خرج به من السجن في 1 أفريل2002  بعد قضاء مدة 12 عاما  تعرض كغيره إلى ألوان شتى من التعذيب والتنكيل والإذلال ممَا يعجز القلم عن وصفه وممَا يشهد على فظاعة ولا إنسانية المعاملة التي تستخف بكرامة الإنسان وحريته. وقد وافاه الأجل في عمر يناهز 42 عاما وهو أصيل القرية من معتمدية رأس الجبل ولاية بنزرت وكان قد اشتكى قبل عام من خروجه من السجن من صداع شديد ولكنه حرم من العلاج الضروري ومنعت زوجته عدة مرات من زيارته،  فازدادت حالته خطورة وأصيب بورم في الدماغ مما اضطر السلطة إلى إطلاق سراحه، وقد أخبره الأطباء بأن حالته ميئوس منها لتأخر التدخل لإنقاذه وقد قال بالحرف الواحد كما وود في شهادة على الانترنت « لست نادما على أي شيء قدمته وأي جهد بذلته وها أني في الأخير أقدم روحي فداء لديني » 13- مع استمرار محنة المساجين السياسيين داخل سجونهم ، تستمر محنة الأهالي في الخارج حيث يتم التنكيل بالعوائل و الأمهات و الآباء و الأبناء بالنقل المستمر للسجناء من سجن إلى آخر و إبعادهم من مدنهم حتى أصبح تنظيم زيارة السجناء يشكل كابوسا ماديا و معنويا على الأهالي. و كم من مرة يتم إعلام الأهالي – عند وصولهم للزيارة و بعد تحمل مشاق السفر- بأن سجينهم قد تم نقله إلى مكان آخر للامعان في التنكيل بالأهالي. فلا يكفي أن تحرم تلك العائلات من عائليها أو فلذات أكبادها بل عليها أن تعاقب بالتبعية فعائلة الخلصي التي ابتليت في ابنيها التوأمين ماهر ورمزي الخلصي الذين  صدرت ضدهما أحكاما بالسجن لمدة أربعة وثلاثين سنة (34)  ولم يتجاوزا حينها الثمانية عشر عاما من عمرهما و تم  إيداع كل واحد منهما في سجن يبعد عن الآخر مسافة كبيرة بما يحول دون قيام العائلة بزيارتهما بانتظام، وقد تعمدت  إدارة السجون حشر كل واحد منهما فى غرف  مكتظة بمساجين الحق العام دون مراعاة لسنهما رغم أن قانون السجون يفرض تخصيص غرف خاصة لمن كان في مثل سنهما،  وأصيبت والدتهما   السيدة طاع الله الخلصي نتيجة القهر بأمراض عديدة بدنية و نفسية أعاقتها  في الكثير من الأحيان عن الحركة وعجزت تماما عن المشي والكلام لمدة سنتين كاملتين بسبب انهار عصبي،  كما انقطعت عن العمل وقد كانت موظفة بديوان المناجم  وساءت حالتها الصحية, 14- كما أن العائلات تعرضت إلى المحاصرة الاقتصادية و التجويع بشكل مريع إذ تم تتبع كل من حاول أن يقدم مساعدة إنسانية إلى عائلة فقدت عائلها، و كم من شخص وجد نفسه يواجه محاكمته بتهمة الانتماء، لا لجرم ارتكبه سوى تقديمه لمساعدة مالية إنسانية لإطعام الأطفال و النساء التي تأبى إنسانيته أن يتركهم يتضورون جوعا و خاصة بعد أن انسدت كل موارد الرزق أمامهم. فتجربة السيدة صبحة الطيّاشي حرم السجين الهاشمي المكي كانت قاسية وعاكسة لهذه الممارسات العجيبة, ففي محاولة منها لتوفير لقمة العيش لها ولأبنائها التجأت في شهر رمضان سنة 1996 إلى شراء آلة خياطة و بعض الأقمشة من أجل إعداد ملابس تبيعها في العيد و ساعدها في ذلك الأجوار ومن بينهم السيد حسن الطرابلسي مما تسبب له في الاعتقال  و التعذيب  كما نسبت له تهم الانتماء و التمويل و حوكم عليه بالسجن، وأما آلة الخياطة و الأقمشة فتم حجزها والاستيلاء عليها وأما الحرفاء الذين اشتروا الملابس فقد افتكت منهم المشتريات و منهم من حوكم بستة سنوات سجن، وأما السيدة صبحة فقد حوكمت في هذه القضية بعامين و نصف سجن مع تأجيل التنفيذ. كما أن العديد من العائلات تعرضت للضغط النفسي و المادي من أجل التبرؤ القسري من أبنائها أو أزواجها المسجونين. و قد وصل الحد إلى ما لم يشهد له التاريخ البشري مثيلا من فرض تطليق الزوجة لزوجها السجين إكراها و تشريدا للأبناء و تحطيما للأُسر ومثال ذلك ما حصل لزوجة السجين علي النفاتي التي دفعت لتطليق زوجها كما ذكر آنفا  وهي حالة ليست معزولة أو شاذة وإنما عينة  تكررت العديد من المرات ولكن يستحي المرء من ذكر مثيلاتها حفاظا على حرمة وكرامة الضحايا. وقد منعت بحكم الطلاق القانوني من زيارة زوجها ورؤيته أكثر من 12 سنة حيث لم يتسنى لها إلا تبليغه مراسيل شفاهية عبر أبنائه الأربع الذين تركهم في سن بريئة (8، 6، 4 و سنة ونصف) و الذين يقومون بزيارته ويوصلون له القفة التي تعدها له شريكة حياته في معاناته واقعا ومطلقته عنوة قانونا.  وحتى عندما توجهت إلى إدارة السجون لإعادة الوضع إلى نصابه وإنقاذ العائلة الممزقة وانتشال الأطفال من المعاناة والضياع حيث طالبت بإعادة عقد القران مع زوجها مرة ثانية وهذا أمر تسمح به مجلة الأحوال الشخصية والأمر المنظم للسجون التونسية ويجيزه بالتالي القانون ولكن أي قانون ينسحب على هذا الصنف من المساجين، فالمطلب الكتابي الذي تقدمت به إلى إدارة السجون في هذا المضمار قوبل بنهرها عن فعلها الذي وصف بالمرفوض من قبل الموظف الذي استقبلها والذي قام بتمزيق المطلب أمام عينيها وألقاه في سلة المهملات وحتى القاضي المكلف بهذه المواضيع فقد كان موقفه –عندما رفع له الأمر – أن عمل على ثنيها على مواصلة المطالبة بعقد قران مع مجرم خطير وضعه القضاء أين يجب أن يكون متجردا من كل القيم الإنسانية ومتنكرا للعواطف الفطرية وقامعا لها بكل تشف وتنكيل. كما حرمت بعض زوجات المساجين من حق العلاج المجاني كما حصل مثلا لزوجة « المولدي العائش » رغم تظلمها لدى عديد من الجهات: المعتمد، الوالي، وزير الصحة العمومية، الموفق الإداري، وهي مصابة بمرض عصبي ويعاني ابنها السل. وكما أن المحنة التي عاشتها  أخت السجين السياسي نبيل الواعر المسماة بثينة  هي مثال آخر لحالة متكررة من التنكيل بالعائلات فقد كانت قد تزوجت منذ 7 سنوات من زوج مقيم في الخارج ولم تمكن حينها من جواز سفر للالتحاق بزوجها وبعد سنتين من زواجها أعطيت جواز سفر ولكنها منعت من السفر وقالوا لها في مركز شرطة الوردية أنت من جماعة الواعر وتريدين السفر؟ تركها زوجها وهي عروس وسافر ليعود كل سنة ولم يسمحوا لها بالخروج لتلتحق به إلا مؤخرا بعد أن أنجبت طفلين،   فهل هذه الممارسات ضد السجناء عادية أم هي خاصة بصنف متميز من السجناء، سجناء الحالة الخاصة كما درج مسؤولي السجون على تسميتهم. و إذا كان الأمر كذلك، فلماذا الإصرار على تصنيفهم في خانة واحدة مع سجناء الحق العام. 15- بعد إطلاق سراح المساجين السياسيين من حركة النهضة و بعد انقضاء مدد أحكامهم، وفي يوم الإفراج غالباً ما يقتاد السجناء السياسيون للاستجواب في مركز لقوات الأمن، ويعاد استحضار الأسباب التي اعتُقل السجين السابق من أجلها وأُدين بها،  يتعرض العديد منهم إلى المضايقة و الحرمان من العمل حيث تفرض عليهم قسرا المراقبة الإدارية الممثلة في وجوب المثول أمام مركز الشرطة العديد من المرات يوميا قد تصل إلى 6 أو حتى 8 مرات للإمضاء في كراس إثبات الوجود في منطقة السكنى (و هو كراس يطالب السجين المسرح بشرائه من ماله الخاص في عدة حالات و تسليمه ليُحفظ في مركز الشرطة). فهل يبقى مجالا للعمل مع هذا الحصار  و هل يقبل أي مشغل بهذه الظروف و هل يبقى في السجين المسرح أي جهد أو استقرار نفسي لممارسة أي نشاط مهني. إنها لعمري ممارسات لم يذكر لها التاريخ مثيلا حتى ضمن ممارسات النازيين ضد خصومهم. و قد اضطر أحد السجناء المسرحين من منطقة صفاقس وهو السيد علي سعد الله أستاذ التربية الإسلامية السابق والذي يشتغل حاليا في ترقيع الأحذية المستعملة  وهو معاق ويتحرك بالاعتماد على قائمتين، اضطر إلى ملازمة مقر مركز الشرطة كامل اليوم، خارجه طبعا، حتى يتسنى له القيام بالواجب و حتى لا يعرض نفسه للأذى إذا تأخر لحظات عن الموعد المحدد له بالحضور و الإمضاء في الدفتر، و خاصة بعد ما سمع الجميع كيف أن غفلة الشيخ المحترم عبد العزيز الوكيل من جهة صفاقس عن الانضباط المطلوب كلفه إيقافا امتد عشرون يوما بسجن عقارب لتلقينه و لإخوانه درسا لا ينسونه أبدا. هذا إلى جانب عمليات الدهم التي يتعرض لها المسرّحون في بيوتهم في أي ساعة من الليل إلى حد الصباح للتأكد من تواجد السجين  في بيته وعدم مغادرته لمنطقة سكناه و الويل و الثبور لمن لم يكن في منزله . فالتواجد خارج المنزل يشكل خطرا ومجلبة لما لا يحمد عقباه  حتى و إن كان الخروج لحضور حفل زفاف شقيق أو لزيارة قريب أو لعيادة مريض يحتضر أو لزيارة الطبيب بسبب طارئ صحي. نعم  إنها ممارسات أقرب منها إلى الخيال , و لكن ذاق مرارتها المئات بل الآلاف من المواطنين وعائلاتهم و أبنائهم. ثم ألم يقم العديد من عمداء المناطق في هذه السنة و قبل انتخابات أكتوبر 2004 الأخيرة بالإتصال مباشرة بالمساجين القدامى (و الذين منهم من مضى على تسريحه أكثر من 10 سنوات) للتأكد من عدم تسلمهم بطاقة ناخب و إلا فهو مطالب بإعادتها إصرارا من المسؤولين على استمرار حرمانهم من حقوقهم المدنية و السياسية في مخالفة صريحة لقوانين البلاد و دستورها.  و أخيرا و ليس آخرا تفتقت الأفكار لفرض الإقامة الجبرية على بعض العناصر الفاعلة عبر نفيها في أقاصي البلاد و فرض المراقبة الإدارية عليها في مناطق نائية تحججا بأن أصل عائلة السجين المُسرح تنحدر من تلك المنطقة كما حصل للصحافي عبد الله الزواري . 16- تستمر محاصرة المساجين المسرحين إلى سجنهم الكبير حتى تتواصل معاناتهم فيتم التضييق عليهم بفرض ظروف مراقبة إدارية قسرية لتجويعهم وحرمانهم من العمل الذي قد يوفَر لهم ولأبنائهم لقمة عيشهم,  وما التجربة المريرة التي عاشها السجين الأمجد السبيعي إلا عينة من هاته الممارسات، فالسيد السبيعي وهو مدرسا في التعليم الثانوي والتقني وزوجته السيدة عزيزة الجباري تعرضا إلى السجن لفترات طويلة ومضنية جدا حوكم بـ 8 سنوات سجنا نافذة مع 5 سنوات مراقبة إدارية حيث ترك ابنه الوحيد وعمره عام واحد, وأمه تم سجنها أيضا بخمس سنوات وكانت قد رفضت الطلاق من زوجها، وتعمل في مكان لا يرغبون بوجودها فيه، وللامعان في حرمانه من الشغل  منذ خروجه تعرض  إلى شتى أنواع العراقيل والمضايقات  إذ كلما تطورت وضعيته  إلى التحسن والحصول على شغل قار، يقع تغيير وقت الإمضاء فيضطر إلى وقف العمل أو يمارسون ضغوطا على مشغله  فيضطر للاستغناء عنه،  تحصل  على شغل محترم في شركة فاضطر  إلى وقف العمل لأنه أمر  بالإمضاء في الوقت المحدد و إلا ستقع محاكمته من جديد، أما زوجته فقد وجدت عملا في شركة فتم الاتصال برئيسها لطردها من الشركة. وأمام هول الحصار والإغلاق والطوق، وبعد استنفاذه كل المحاولات الممكنة للانتشال من الموت البطيء والعذاب المستمر والحصار المتواصل الذي تتعرض له أسرته الصغيرة فقد أصبح لا يرى أمامه سوى حل واحد لا غير هو الانتحار الجماعي لأسرته الصغيرة طلبا للراحة ولوضع حد لهذا العذاب كما صرح هو بنفسه في شهادة شخصية نشرت على الانترنت.  وأما السجين المسرح الهادي التريكي فقد وجد نفسه مطالبا بالإمضاء يوميا وبانتظام لدى مركزي شرطة في المهدية وصفاقس في نفس الوقت وتعرض للإهانة والتنكيل لاستحالة قيامه بذلك, وكلفه ذلك الإيقاف ليلة في زنزانة في المهدية لعدم احترامه وامتثاله للقانون؟.  17- لم  يحرم المساجين المسرحين من حقهم في العمل فقط بل منع العديد منهم وإلى يومنا هذا من بطاقة هويتهم الشخصية  حتى أصبحوا نكرة لا يحملون شيئا يثبت من هم بعد رفض  تسليمهم بطاقة تعريف وطنيّة وقد يتذرع  لهم  بضرورة الاستظهار بشهادة عمل لاستخراج البطاقة الوطنية. ومن أين لهم هذه الشهادة وهم لا يملكون بطاقة التعريف باعتبار أن شهادة العمل لا تكون إلا ببطاقة التعريف إذ لا وجود لأي عمل في أي ميدان بدون بطاقة تعريف ولا وجود لبطاقة تعريف بدون شهادة عمل؟ وحتى من يحاول القيام بعمل حر وخاص يتعرض إلى شتى أنواع العرقلة والتعطيل، والصيحة اليائسة التي أطلقها السجين المسرح الهادي التريكي أخيرا على الانترنت تمثل إحدى أوجه تلك الممارسات الخيالية في لا إنسانيتها, فنكبته في الواقع كانت قد بدأت بفقدانه شهائده العلمية الجامعيّة والمهنيّة حين تمّ الاستحواذ على جميعها من قبل فرقة الأبحاث والتفتيش وهذه الشهائد هي عصارة مسيرتة العلمية والجامعية وأمام انسداد الأفق التجأ إلى فتح محل لبيع الدجاج حتى لا تموت عائلته جوعا ولكنه و بالرغم من  قيامه بكل الإجراءات الإدارية واستيفاء كل الشروط الصحية التي أقرتها التراتيب البلدية  فإن السلط الأمنية بمنطقة قرمدة منعته من اكتساب مورد رزقه وحذره رئيس المركز قائلا  » أغلق المحلّ حتىّ وان سمحت لك البلديّة بفتحه ».  وأما التجربة التي عاشها الاستاذ المرحوم منذر بن حليمة من خريجي كلية الشريعة فقد كانت مأساوية في أبعادها فهو الذي حرم من الانتداب في المعاهد العمومية وحوصر وطورد في المعاهد الخاصة حتى اضطر إلى فتح محل « حماص » لبيع الفواكه الجافة سجله باسم والد زوجته تجنبا للتعطيل وقد وافاه الأجل المحتوم في حادث مروري قرب مقر عمله وهو يكابد لتوفير كفاف العيش لعائلته الحديثة  بعد أن ترك أبنا وزوجة حاملا وأبا– وهو خطيب جمعة سابق-  مقعدا وفاقدا للذاكرة من رواسب المعاناة التي مر بها نتيجة سجن أبنائه الثلاث في نفس الوقت (أحمد ومحمد ومنذر) وعزلهم في سجون متباعدة. وقد فارق الحياة بعد سنة من فقدانه لفلذة كبده. 18- إن مقارنة المساجين السياسيين في تونس بمساجين الحق العام يعد أمرا مثيرا للدهشة لدى الرأي العام الدولي و المحلي. فكيف يمكن تفسير وجود شريحة مثقفة و كوادر رفيعة في صف سجناء يصنفون ضمن مساجين الحق العام . فمنهم الأطباء و الأساتذة و النقابيون و المهنيون و حتى الأئمة وحفظة القرآن من أمثال السجين الدكتور لمين الزيدي  والاستاذ الدكتور الصادق شورو، فما هي الجنايات التي ارتكبها هؤلاء في حق المجتمع حتى يُحشروا في صف المجرمين و تجار المخدرات . لقد تعمدت السلطات تشويه صورة الإسلاميين لدى الرأي العام الداخلي و الخارجي بكل الوسائل المتاحة و إلصاق التهم الباطلة من أجل منع أي تعاطف مع قضيتهم أو نصرة لمظلمتهم ، حتى أنه بعض أعضاء البرلمان الأوروبي عندما اتصلت بهم الحركات الحقوقية التونسية لتوضيح حقيقة أزمة السجناء السياسيين و الطبيعة السليمة لتوجهاتهم فوجؤوا بتلك الحقائق و عبروا عن استيائهم للمغالطة التي اعتمدتها السلطة في وصف غرمائها الإسلاميين و ذكروا بأن هؤلاء قد قدموا لهم على أساس أنهم ارهابيون همجيون لا يؤمنون بالحرية للغير و يعتدون على كل امرأة في الشارع لا تلتزم بالزي الاسلامي ، هكذا ، و هاهي الحقائق الداحضة تكشف أن المرأة المسلمة و الملتزمة بحجابها هي التي تتعرض للإعتداء اللفظي و البدني و ينزع حجابها عنوة في الشارع و تصادر حريتها حتى في اختيار لباسها. الخاتمة بعد كل هذه الحقائق الرهيبة التي تعكس حقبة مظلمة من التاريخ الحديث لتونس يتضح للعيان وبدون عناء ما تخفي في عمقها  من تراجيدية واقعية كارثية في دنيا حقوق الإنسان وفي معاملة الانسان لأخيه الانسان تجعل المرء يتساءل عن الطبيعة الآدمية لمن ساهم بصفة مباشرة أو غير مباشرة في نسج خيوط هذه المأساة من مليشيات ولجان وأحزاب ومؤسسات سلطوية كان من المفترض أن تحمي المواطن وتوفر له الأمن ولمن تلطخت  أيديهم بدماء الأبرياء وهي كلها  تتحمل مسؤولية تلك المآسي  التي زرعت الألم والإهانة والقهر والتسلط وهي تفعل كل ذلك مجانا نيابة عن من يحتفل باستمرار وفي كل المناسبات بأعياد حقوق الإنسان ويرفع كل شعارات العدل والإنصاف والحرية… شعارات لا ظلم بعد اليوم وحماية الكرامة الإنسانية…؟؟؟؟… مقابل لا شيء… بل مقابل المساءلة  التي لا مفر منها مساءلة  الله والتاريخ…. إن غفل أبناء هذا الجيل عن هذه المآسي أو غيبوا عنها أو تحاشوا الخوض فيها أو دس البعض رأسه في التراب حتى لا يرى الحقائق التي يقشعر منها جسده حتى ولو كان ذلك التراب ممرغا بدماء الضحايا  فإن الأجيال القادمة سوف تطلع قطعا على حقيقة المأساة وعلى هذه اللحظات التاريخية المأساوية التي عاشها جزء نابض من هذا المجتمع الذي لو لم يكن حريصا على كرامة المجتمع بأسره وحريته وإنسانيته لما رضي بتقديم كل هذه  التضحيات من أجله. إنه الجيل الذي سيكون من بين أفراده العديد من أبناء الجيل الراحل ومنهم من ضحايا المرحلة من أمثال الطفلة « مريم » ابنة السجين « عبد الحميد الجلاصي » التي تنام وتستيقظ في حضن أمها، وهي لم تعرف من طفولتها المنهوبة سوى الطوابير المتراصة أمام السجون، أو التنقل من مدينة إلى أخرى، ومن سجن إلى آخر للفوز برؤية والدها لبضع دقائق من وراء القضبان كما سيكون من بين أفراده كذلك ما تبقى من  عائلة الدكتور أحمد الأبيض  السجين الذي تموت زوجته وهو بعيد عنها أربعة مئة كيلومتر ويمنع من أن يلقي نظرة وداع عليها. بعد الفراغ من كتابة هذه الشهادة ولم يجف حبرها بعد حتى بلغ إلى مسمعي نبأ وفاة الطالب النقابي لطفي العيدودي – المذكور في الفقرتين الخامسة والسابعة من  هذه الشهادة-  يوم 12 جانفي 2005 بعد فترة من مصارعة الموت منذ أن تم تسريحه من السجن  في حالة ميؤوس منها بعد قضاء قرابة الخمسة عشرة سنة من الاعتقال والمعاناة بعد أن كان طالبا في المرحلة الثالثة يشع أملا  وطموحا. كما تلاحق سقوط الضحايا بعد ختم الشهادة للمرة الثانية حيث التحق بالقائمة يوم 14 جانفي 2005 السجين السياسي السيد  عبد الستار الجلاصي عن عمر يناهز السابع والثلاثين عاما صرف جزءا منها مناضلا في الحركة الطلابية ومتنقلا بين السجون التونسية من الشمال الى الجنوب ، لتتواصل مضايقاته  ومطاردته في لقمة عيشه بعد خروجه من السجن بعد أن أغلقت أمامه ابواب الرزق ليلقى الله تاركا ورائه ابنه معاذ وزوجه  المصادر: – منشورات وبيانات المجلس الوطني للحريات بتونس – منشورات وبيانات الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان – منشورات وبيانات الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين بتونس – تقرير منظمة العفو الدولية  عن تونس بعنوان « تونس.. دوامة الظلم » – صحيفة الموقف الاسبوعية التونسية – شهادات منشورة على الإنترنات (المصدر: موقع تونس أونلاين.نت (ألمانيا) تصفح يوم 19 أفريل 2007) الرابط: http://www.tunis-online.net/upload/up/Zeugenaussagetunesien.htm


بسم الله الرحمان الرحيم

والصلاة والسلام على اشرف المرسلين

 

محاورة- .بيان 18اكتوبر و الردود عليه –ودعوة  د .الهاشمي للمصالحة

 

حول موضوع بيان 18 اكتوبر قرأت بعض المقالات  خاصة التي فندت هذا البيان  و اعتبرته يخالف صريح المنقول .

ما سأكتبه في مقالي هذا  ليس غرضي منه هو تحليل بيان 18اكتوبر و مدى توافقه  مع النصوص أو مخالفته  لها ,انما غرضي  هو لفت  انتباه الاخوة الى دائرة أخرى غير التي انطلقوا  منها في حكمهم على هذا البيان وغيره من القضايا المعقدة  التي يستوجب فيها التريث و عدم التسرع في الحكم  عليها ,والقول هذا حلال و هذا حرام.  أسود او أبيض .

ان الدائرة  التي تسعنا هو فقه ترتيب  الاولويات بحسب المقصود منها وفقه الموازنات ,و فقه القواعد الاصولية  من مثل يتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام  2يرتكب اخف الضررين  لاتقاء أشدهما  3 دفع المضار مقدم على جلب المنافع  الى غير ذالك من القواعد الاصولية  وهو فقه الف فيه  العلماء  قديما وحديثا كالشيخ  القرضاوي والشيخ الريسوني .وفقه المقاصد.

فهذه الدائرة على أساسها دخل التيار الاسلامي الوسطي البرلمانات .

والا فان هذه البرلمانات من حيث هي فانها غير ملتزمة بالنصوص الشرعية .انما دخلها الاسلاميون بغرض الحد من القوانين التي تخالف الشريعة .

هناك بعض الجماعات لا تؤمن بالمشاركة في البرلمانات  لانها وضعت نفسها بين حدين ,حلال ,حرام فتراهم دائما  وبسرعة فائقة يستدلون  بالنصوص  بان هذا العمل مخالف للشريعة ,فهذا الخطاب يكون صحيحا اذا كنا في اطار الدولة الاسلامية ,لكن اليوم اغلب الدول الاسلامية ليس لها من الاسلام الا الاسم فدساتيرها  وقوانينها كلها مستوردة .

وبناء عليه يجب ان نغير مقاييسنا في الحكم على الاشياء ,وليسعنا فقه المقاصد و فقه الاولويات و فقه الموازنات .

وظني ان الاخ علي لعريض عندما يقول  لا تحملوا  البيان اكثر مما يحتمل هو يعني ما يقول .

وحتى لااطيل قي هذه  النقطة  اقول ان اوضاعنا  اي الاسلامية لا تخفى على احد .الذين يعتلون سدة الحكم علمانيون لائكيون , فاما ان ننخرط في العمل الاصلاحي ونرتكب اخف الضررين او المفسدتين  وبكل وضوح نحن نتحرك في واقع نعرفه جميعا  اما ان نقتحمه  ونغير ما استطعنا والا  نبقى ننتظر من  يغير لنا هذا الواقع  وفق المبادئ الاسلامية  وعندها ننخرط .

هذه النظرية  الى حد كبير يؤمن بها  حزب التحرير الاسلامي و بعض السلافيين  فهذه النظرية الإستدلالية تضيع حاجات الناس.

مثال الثاني في التعامل مع الواقع استدل احد العلماء بهذه الآية في ارتكاب اخف  الضررين وهي قوله تعالى : « 

وجاءه قومه يهرعون اليه  ومن قبل كانوا يعملون السيئات قال يا قومي هؤلاءبناتي هن اطهر لكم فاتقوا الله  و لا تخزوني في ضيفي « –الاية 78 هود

دعوة  د.الهاشمي  للمصالحة

قال تعالى.على لسان سيدنا شعيب عليه السلام  « قال ياقوم أرأيتم ان كنت على بينة من ربي و رزقني منه رزقا حسنا  وما أريد  أن أخالفكم  الى ما أنهاكم عنه ان أريد الا الاصلاح ما استطعت  وما توفيقي الا بالله عليه توكلت و اليه انيب « هود88

اثمن منهج الاخ بشير لعبيدي  في مقاله والذي حاول فيه الوقوف  والوصول الى الهدف  المطلوب .

لان الاصلاح مطلب شرعي ,وهو مفهوم واسع حيث أنه عمل تغييري مستمر لا انقطاع فيه  وهو موجه للمسلم ولغير المسلم .

جاء في الحكم: العاقل من اتعض  بغيره , والجاهل من اتعض  بنفسه .

فماذا  اذا كان أحدنا لم يتعض  بنفسه . قيل يسمى هذا جهل مركب  . وقالوا الجاهل لا تعلمه لان علمه يزيده جهلا  ويصبح جهله جهلا مركبا.من كتاب الاداب الشرعية لابن مفلح.

كما يعجبني كلاما  لسيد الشهاداء  المعاصرين الشخ احمد ياسين ,قال: الانسان عمره قصير فلا يضيعه  في التجارب  حتى يخرج من الدنيا و لم يضف شيئا.

فكيف  نضيف الجديد  ونحن خارج أرض الوطن ؟

شخصيا انتدبت نفسي لان اكون منخرطا  داخل بلدي  وأهلي  ووالله لم أطمئن  يوما  ولم اكن  في وضع طبيعي  في بيلاد الغرب هذه  , وكأني الان خرجت  من تونس ,و أشعر اني أخطأت ف يخروجي  من البلاد  ,وللتاريخ أقول لقد رفضت الخروج عندما طلب مني عامل المنطقه في جوان 1991و في شهر 11طلبت من عامل المنطقة  مواصلة العمل بالرغم اني كنت في حالة تخفي  وهو أيضا , الا أنه طلب  مني مغادرة  البلاد  لان الوضع لم يعد يحتمل .

هذا شعوري عندما كنت في تونس ,والان وبعد16 سنة أصبح هذا الشعور وهذه العاطفة قناعة فكرية .

وقتها لم  يكن لي أي تصور واضح  ولا بعد نظر  وحتى كلمة مشروع  وغيرها من المصطلحات  التي كنت أسمعها من القيادة ,انما هي مجرد ألفاظ  لا غير.

ولقدييّنت لي  الايام والسنون و مراقبتي للاحداث التي تدور في الساحة العربية والإسلامية أن المكان الطبيعي لدعوتنا  و المشروع الذي امنا به  هو تونس .

ولذلك أدعو  لما دعى اليه الاخ بشير لعبيدي ,منتدى الصلح  جمعية يؤسسها ثلة  من ذوي الكفاءة والغيرة على مستقبل تونس .

ولقد بينت لنا سيرة المصطفى صلى الل عليه وسلم لا بد  أن يكون  للحق عصبة  تذود عنه  وتنشره  ولقد ألح صلى الله عليه و سلم على ربه  أن يحمي أصحابه في بدر ,وهي اشارة لنا من بعده  عليه السلام بأن تكون هناك طليعة  تقود الجماهير و العامة.  

عودة للدكتور الحامدي , صحيح انه قد اخطا في حق الحركة وقيادتها وهناك بعض المدح قد قدمه لبعض الشخصيات قد يكون المقام غير مناسب لذلك وهي ملاحظات يسطيع تداركها خاصة وانه لم يستثني في دعوته للصلح اي من قيادات الحركة وذكر بالاسم رئيس الحركة والدكتور النجار  و وليد البناني . ونقول للهاشمي اتبع هذه الخطوة باخرى واتصل بهم  شخصيا ,لانه بكل صراحة يا دكتور خطؤك في اخوانك ليس صغيرا , لان المسلم مهما يكن بينه و بين اخوانه لا يقدمهم لخصومهم ومخالفيهم على انهم من يتحمل المسؤولية خصوصا عندما ألّفت كتابك الذي وصفت فيه ان قيادة الحركة متشددة .  على كل حال ما اردت ان اذكر هذه الفقرة لان فيها ما يعيد الماضي الاليم , ولكن حتى تعرف انه عليك ان تصبر وتتحمل اكثر من غيرك من قواعد التيار الإسلامي لان دعوتك هذه للصلح تحقق خيرا كثيرا للبلاد والعباد.

كلمة قصيرة للإخوة  يقول اٌمام الشافعي: كلما جادلت شخصا الا وتمنيت ان يخرج الحق على لسانه .

 

بيداني فتحي سويسرا

Alfahi_4@hotmail.com

 


المصالحة المنشودة
توفيق –  سويسرا ليست هذه على ما أذكر المرة الأولى التي يطرح فيها موضوع المصالحة من هذا الطرف أو ذاك ودار حوله سجال كبير خلنا أنه سيؤدي إلى نتيجة طيبة تساهم في تحقيق حلم التونسيين في الإنعتاق من براثن الإستبداد المقيت والتحررمن ظلم ذوي القربى الذي جاوز المدى والذي هو أشد مضاضة من الحسام المهند, ولكنه للأسف الشديد ساهم  في اتساع الهوة بين  أبناء المشروع الواحد  الذين ضحوا بالغالي والنفيس من أجل قضية جديرة بكل ذلك. والمقام ليس مقاما للقدح في الرجال وتتبع عورات الناس وتخوين الذمم بل المقام مقام بناء وسعي لكشف غمة عن شعب بأسره طالت به سنون  العذاب تحت وطأة الظلم الذي لو عرف صانعوه بأنه ظلمات يوم القيامة لما فعلوا في هذا الشعب الطيب المسالم ما فعلوا وفيه من التقاة والصالحين والطيبين ما لا ينكره القاصي والداني. وأود قبل الخوض في هذا الموضوع أن أتوجه لله عز وجل بالدعاء أن يوفقني لكتابة ما يَرْضَى وأن يوفق كل المساهمين في الكتابة في هذا الموضوع لقول الكلمة الطيبة التي هي عند الله كالشجرة الطيبة التي ( أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ) وحسب قائلها هذا الخير الوفير. ولنا في رسول الله أسوة حسنة حين قال:(من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت) أو كما قال عليه من الله أفضل الصلاة وأزكى التسليم. والحديث عن المصالحة بالمستوى الذي رأيناه ولا زلنا نراه يحيلنا في الحقيقة عن ضرورة  الحديث عن مصالحة أهم أو قل هي مصالحة تقود إلى تعامل أيسر وأرقى مع المصالحة بين السلطة والمعارضة وهي المصالحة مع ربنا ومع ذواتنا ومع بعضنا البعض والمجال لا يحتمل التفصيل وأنا في هذا المقام أدعو كل الحاملين لهم الوطن الجريح وأحسبهم كثر والله أعلم وأدعو نفسي قبلهم أن يقف كل منا وقفة صدق مع نفسه ويتساءل ترى هل أن ربي راض عني في كل ما أقول وأفعل , ترى هل قمت بكل واجباتي نحو ربي ثم نحو أحبة لنا في السجن الكبير والصغير وهم منا بمثابة العضو من الجسد, ترى كم مرة رفعت يدي في سكون الليل أبتهل إلى الله عز وجل أن يكشف عنا وعن إخواننا هذا الضر الذي طال , ترى كم مرة ذكرت الله خاليا ففاضت عيناي, ترى كم آية حفظت وكم سورة تلوت وكم يوما صمت وكم ليلة قمت وكم مريضا عدت وكم صلة رحم وصلت وكم برا فعلت وكم مرة سألت الله ضارعا باكيا أن يطلق سراح إخواني ويعيد البسمة المغتالة لوجوه أبنائهم وزوجاتهم , وكم …….. واسمحوا لي أيها القراء المحترمون بالقول بأني لست أقدح في أحد ولا أزايد على أحد بل إني أكثر المقصرين في ما ذكرت وعاش من عرف قدره وأنزل نفسه المنزلة التي تستحق. عندما نحقق هذه المصالحة التي تتطلب منا كثيرا من الجهد والتربية والمراقبة والصدق يكون عندها الحديث عن مصالحة أشمل مع هؤلاء الذين ظلمونا أيما ظلم ولا أحسب ذا عقل حصيف, يتأسى برسولنا الكريم, يجنح لغير السلم ولكن للمصالحة مع هؤلاء شروطها وآدابها وقنواتها ورجالها أيضا وليست أمرا يتقرر بمقال في هذا الموقع أو بيان في تلك النشرية بل هي نتاج تفاعل إيجابي بين أطراف تتحلى بصدق النوايا وبحب للوطن وتقدير للإنسان واحترام لحقوقه  وبإيمان بالفكرة البناءة وهذا ما أشك في وجوده لدى الطرف المقابل وأعني السلطة أما عن حركة النهضة فقد سمعت كثيرا من رموزها يتحدثون عن استعدادهم لمصالحة تحفظ الحقوق وتضمن العدل وتداوي الجراح وتؤسس لمناخ جديد يسوده العدل والحرية والكرامة أما أن تكون مصالحة مهينة لكرامة الرجال وتضحيات الشهداء فهذا ما تأباه النفوس العزيزة ولا يرضى به عاقل. أرجو أن لا أزايد على أحد كما لا أحب أن  يزايد على الرجال أحد فأنا أقدر كل جهد يبذل لرفع الظلم عن المظلومين حتى من طرف  الذين يخالفوننا الرأي كالدكتور الحامدي ولكن أرى بأن لا أحد يحمل هم المظلومين في السجن الكبير والصغير أكثر من الشيخ راشد الغنوشي انطلاقا من الأمانة والمسؤولية وما أثر عن الرجل من مآثر يقر بها القاصي والداني ولا أخاله وإخوانه وكثير من أبناء النهضة  معرضين عن مصالحة جادة تحفظ الحقوق وترفع عن البلاد هذا الضيم الذي أتى على الأخضر واليابس. كما أود أن أهمس للدكتور الحامدي ببضع كلمات:  – ندما كنت في تونس كان لا يفوتني عدد من جريدة المستقلة وقد أحسنت بك الظن يومها ولا زلت أحسن بك الظن فالله أعلم بسريرتي وسريرتك وأدعوه أن يوفقك لهذا الأمر الذي تدعو إليه إن كان فيه خير لك ولإخوانك وللإسلام والمسلمين وأن يصرفك عنه إن كان فيه غير ذلك فالتراحم بيننا على اختلاف آرائنا يقتضي مني أن أدعو لك بالخير كما أدعو الله عز وجل أن يوفق ذوي الرأي السديد أن يجادلوك بالحكمة . أحترم آراءك كلها على اختلافي معها ولكن عندما تقول بأن تونس أصبحت جنات ونعيما وعامرة بالأمن والأمان حتى أن الفلاح يسير من سيدي بوزيد إلى العاصمة لا يخشى شيئا …فأنت في الحقيقة تستفز مشاعرنا وتسفه عقولنا إذ أنك الوحيد الذي تنفرد بهذا القول فيرد عليك البعض بما لا يسرك, وهم ,إلى حد ما, معذورون لأنهم رأوا من ويلات وهول وظلم بن علي ما لم تر فالتمس لهم عذرا إن استطعت. – لقد كانت لديك الشجاعة والإرادة الكافية للمصالحة مع بن علي وقد كان منه ما كان فهلا فكرت في مصالحة مع رفاق الأمس فالتشاجر والتصالح سنن من سنن الكون إلى يوم الدين والمصالحة بين الأحبة أولى وأََوْكد. لست أدعوك للعودة للنهضة فهذا أمر يتعلق بقناعاتك وتوجهاتك ولكن أعني رباط ود واحترام يسمح بتواصل بناء.فقد كان الأولى لك أن تطرح أفكارك ومبادراتك على أصحاب الحل والعقد في النهضة التي لها رجالها القادرين على التفاعل بمسؤولية وإيجابية. – أخيرا أهمس إلى كل الأحبة في النهضة أن يتحلوا بقدر كبير من المسؤولية وبمستوى عال وراق في الرد على كل من يخالفنا الرأي وأن نكظم الغيظ ونعفوا عن الناس  فذلك خلق المسارعين للمغفرة والجنة وما هجرتنا إلا  إلى ذلك. أسأل الله العلي القدير أن يوفق ذوي النوايا الخيرة إلى ما فيه الخير والصلاح.


بسم الله الرحمن الرحيم

أشهرت أسلحة الحب والكلمة الطيبة والدعاء

د. محمد الهاشمي الحامدي مع كل مقالة أكتبها دفاعا عن خيار الصلح والوفاق بين التونسيين، أعترف لقراء هذه المقالة أنني أشعر أنني أخوض هذه الأيام معركة كبرى من معارك تونس، ومن معارك حياتي التي أحب أن ألقى الله بما بذلت فيها من جهد، وأحب أن أحدث بها وعنها أبنائي وأحفادي إن كتب الله لي طول عمر، وآمل أن تبقى لي ذكرا حسنا على مر الزمان.
ولأن كل معركة تحتاج إلى سلاح، فإني أشهرت أسلحة الحب والكلمة الطيبة والدعاء، وآمل أن تصل بي هذه الأسلحة إلى بر الأمان وشاطئ النصر. ولو كانت طبيعة المعركة شخصية بحتة لما بحت بهذه المشاعر ولكتمتها في قلبي وجعلتها بيني وبين خالقي وحده. ولكن الأمر يتعلق بتونس الجميلة الخضراء، وبشعبها العربي المسلم المتسامح، وبتراث عربي إسلامي عميق الجذور في التاريخ.
وساحة الشرف مفتوحة لكل تونسي وتونسية، لا احتكار فيها ولا إقصاء. ولسان حالي ومقالي واضح وصريح لا لبس فيه: يا بني وطني هلموا إلى مجد الصلح والوفاق، وإلى أمر عظيم في ميزان الناس وميزان خالق الناس، بوسع كل واحد منكم أن يساهم في تحقيقه، وأن يبدع ويتألق فيه، وأن ينال أعلى أوسمة الشرف سعيا من أجله.
* * * سلاح الحب * * *
سلاح الحب لا يباع في الأسواق ولا يستورد من الغرب أو الشرق، وإنما يحتكره مكان واحد في الكون كله هو القلب. وهؤلاء الذين أدعوهم إلى الصلح والوفاق أهلي ورحمي، رضعت حبهم مع حليب أمي، ونشأت بينهم وفي صفوفهم. الدنيا كلها موحشة جدا بدونهم. جمال الربيع من دونهم لا طعم له. أيام الصبا وأحلام الشباب اكتسبت حلاوتها من قربهم. زيتون الحوامد وصفاقس، وبحر سوسة وبنزرت، ورمال توزر وواحات قابس، لا يتجلى السحر والجمال فيها إلا عند تكاملها، وفي الرابطة القوية التي تجمع بين أهليها.
إنهم أهلي وعزي وشرفي: إنهم التونسيون. فاسمعي يا دنيا واشهدي: إني أحبهم. حتى الذين آذوني مرة، نسيت إذايتهم، وسامحتهم وغفرت. والذين آذيتهم أو أخطأت بحقهم، اعتذرت منهم، وهم أيضا سامحوني وغفروا.
افتحي يا دنيا صفحات تاريخهم المجيد، وانظري كيف نجحوا جيلا من بعد جيل من أجل أن تكون لهم بصمة في تاريخ الإنسانية، وراية مرفوعة بين رايات الأمم، وكلمة حكيمة تهدي إلى الخير والتقدم والسلام. نعم. إنهم ليسوا ملائكة. ويجري عليهم مع يجري على سائر الشعوب من تنافس وتنافر وصدام بين الحين والآخر. لكن سلاح الحب يذكرهم جميعا بأن المشتركات بينهم أضعاف أضعاف ما يختلفون عليه، وبوسعهم دائما، بروح الحب والتسامح، أن يتساموا فوق جراح الخصومة، ويتصالحوا، وأن يقول الواحد منهم للآخر: إن سعادتي لا تكتمل بدون سعادتك. وحريتي لا تكتمل بدون حريتك. أنت أنا وأنا أنت.
وهذا هو ما أذكر به التجمعيين والإسلاميين بوجه خاص في هذه الأيام. التجمعيون من صميم الشعب. والإسلاميون لم يستوردوا من المريخ. واليساريون لم يهاجروا من روسيا أو الصين. والمعارك الخاسرة بينهم ليس منها فائدة حقيقية لهم وللوطن. والطاقات المبذولة في إنكار هذا لذاك، يمكن أن توظف كلها تنافسا في ترقية بلادنا الجميلة لتكون أعلى منارة للعلم والتقدم والحضارة في أفريقيا وحوض البحر الأبيض المتوسط. حتى وقت الخصومات الخاطئة، الباطلة، أحبهم. إنهم التونسيون. أهلي وقومي. أجوب الدنيا شرقا وغربا. شمالا وجنوبا. وعندما أفكر بنسيانهم، أتذكرهم أكثر. عندما أظن العلاج في جفائهم، أحبهم أكثر. لذلك أشهر سلاح الحب في وجوهم، وأتوسل إليهم، أقبل رؤوسهم، وأقول: تصالحوا.
* * * سلاح الكلمة الطيبة * * *
قلت مرارا وتكرارا إن الكلمة الطيبة سلاح قوي وجبار. وإني أشهر هذا السلاح من أجل الصلح والوفاق بين كل أبناء تونس الجميلة. أترون لو اشترى الواحد منا سيارة من شركة تويوتا، هل يسعه أن يرد التوجيهات والتعليمات التي وضعتها الشركة في كتيب الإرشادات الخاص بالسيارة؟ لا، طبعا، فالشركة التي صنعتها موثوقة عندنا في بيان ما يجوز وما لا يجوز عند تشغيلها.
كذلك الأمر في شأن الكلمة الطيبة. الله الخالق البارئ المصور الحكيم عالم الغيب والشهادة أخبرنا بعظمة شأنها: « ولا تستوي الحسنة ولا السيئة، ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ». وقال فيها: « ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ». من منا يجادل الله في خلقه؟ هو سبحانه أعلم بنا من أنفسنا، وأرحم بنا من أنفسنا، تبارك الله أحسن الخالقين. وبعض أحبتي من التونسيين يتهاونون بشأن هذا السلاح، ويعرضون عنه، ويرون في اعتماده ضعفا أو جبنا أو نفاقا. وهذا مرده في نظري سوء الفهم وسوء التقدير وقلة الخبرة.
ما هو البديل للكلمة الطيبة؟ أن يتصارع التونسين ببيانات البغض والكراهية، ويبرروا ذلك بمحبة الوطن وخدمة الشعب ونصرة الديمقراطية. وأن تضعف الوحدة الوطنية. وأن تستعين الحكومة بالحكومات الأجنبية ضد قطاع من مواطنيها، وتستعين المعارضة بجهات أجنبية ضد حكومتها. وأن يسخر الأجنبي من الطرفين، ويغري كل واحد منهما بالآخر، ويتربص ببلادهم وبخيراتها وثرواتها. وأن يسود الخوف بدل الأمن. والشك بدل الثقة. والكره بدل الحب. ثم يأتي الموت فيغيب الناس والأجيال، ويتساءل كل المعنيين بالقصة الحزينة: أكان حتما أن تضيع منا فرصتنا الوحيدة في الحياة، في سنين مستمرة من العداوة والجفاء والأحقاد؟ أما الكلمة الطيبة فتقتحم الجدران المحصنة، وآلاف الحواجز الأمنية، وتصل إلى الهدف مباشرة: إلى قلب المستهدف بالخطاب، فتحوله من عدو إلى ولي حميم. وليس كل الناس يقدر على الكلمة الطيبة، بدليل أن قوله تعالى: « وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم » جاء مباشرة بعد قوله تعالى « ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ». وبعض الناس يرون الكلمة الطيبة علامة غفلة عند قائلها، أو ميل للمدح الزائف، فيستخفون بها وبقائلها، وبذلك يضيعون على أنفسهم فرصة توظيف هذا السلاح المجرب الموثوق، وتضيع عليهم وعلى بلدانهم مصالح عظيمة كثيرة. ومن واقع تجربتي خلال السنوات الماضية، أقول لكل التونسيين، وللإسلاميين بوجه خاص، إن الرئيس زين العابدين بن علي يقدّر الكلمة الطيبة، ويتلقاها بقبول حسن، ويتفاعل معها بأريحية ونفس كريمة. فمن كان منكم حريصا على الصلح والوفاق فليعتمدها معه، وستكون النتائج طيبة بإذن من يقول للشيء كن فيكون.
* * * سلاح الدعاء * * *
الدعاء مخ العبادة. والإلحاح في الدعاء أمر مقبول ومرغوب. وإني أشهرت سلاح الدعاء في معركة الصلح والوفاق الوطني بين التجمعيين والإسلاميين في تونس. اللهم لك الحمد حق حمدك، كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك. اللهم صل على محمد وآل محمد، كما صليت على آل إبراهيم. وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم. إنك حميد مجيد. اللهم إني أسألك بأسمائك الحسنى كلها، وبأنك أنت الله الذي لا إله إلا هو، وباسمك الأعظم، أن تؤلف بين قلوب التونسيين كافة، والتجمعيين والإسلاميين منهم بوجه خاص، وأن تجري أسباب الصلح والوفاق بينهم في أقرب الآجال يا ذا الجلال والإكرام يا رؤوف يا رحيم. اللهم انزع كل غل وضغينة من صدورهم. وحبب إليهم الصلح والعفو والتسامح وزينه في قلوبهم. وأبعد عنهم دواعي الفرقة والخصومة والعداوة. يا أكرم من سئل، يا أكرم من أعطى، يا أرحم الراحمين.
آمين. آمين. آمين. وصلى الله وسلم وبارك على خير خلقه محمد النبي الأمي وعلى آله وأصحابه وأتباعه بالحق إلى يوم الدين.


من بسطه الإدلال قبضه الإذلال

حمزة من إيطاليا

 

إذا كانت المصالحة أو الصلح أو الإصلاح بصفة عامة همّا لكل مواطن مسلم غيور مخلص عبر العصور فإنه في هذا الزمن استجمع معاني الحرقة لفوات تنزيله. و مع ذلك فالسعي جار لبلوغ هذا الأمل نصحا أحيانا و معارضة سلمية و ضغطا أحيانا أخرى و في بعض الأوقات تحبذ القوى الوطنية و أصحاب الضمائر الحيّة خيار العمل السلمي بدأب للتعديل في موازين القوى بين المعارضة و السلطة الحاكمة، فتدفع هذه الأخيرة للتفاوض محققة بعض الانتصارات الجزئية، و ذلك رغم العراقيل و الضربات و الآلام و النكبات.

 

فمسيرة المصالحة عمل اجتهادي يستلزم أدبا منهجيا على درجة عالية من الدقة. و في ذلك فليتنافس المتنافسون، أفرادا و قوى و حركات تحرر وطنية إسلامية و غير إسلامية، على أن يتم ذلك بعيدا عن المدح تملقا أو الذم تحنقا و قد يكون ذلك سهلا و قد لا يكون، وكله اجتهاد.

 

و تقليب النظر في خيار المصالحة مسألة جارية، و تعدد الآراء فيها سنة و في بعض الأحيان يُعدّ ابتلاءا لينظر الله كيف نبحث عن أصول الوحدة في هذا التعدد، فليست هنالك وصفة جاهزة لكل مستحدث من الأمراض، فموضوع المصالحة في الأوطان العربية و الإسلامية لا يحتاج إلى شتاء و لا إلى ربيع لإنجازه و لكن ينبغي أن يستند إلى اجتهاد تطبيقي يتأسس على قواعد منهجية يقع إثراؤها من حين لآخر بأنظار أهل الذكر من السياسيين و الباحثين في هذا المجال في إطار موجِّهات عامّة: كالهوية و الحرية و العدل الشامل و الأمن العام. و لا دخل للآيس أو الخائب أو الطامع أو الفاقد للوعي أو المعجب بنفسه في مصالحة وطنية شاملة في بلد الزيت و الزيتون و الزيتونة لا من بعيد ولا من قريب فهذه غواشي و حواجب مكتسبة تصيب الفطرة فتُفقد الإنسان الوعي فتكون تصرفاته جارية بحسب ما يناقضها.

 

و الأسباب متداخلة، منها ما هو ناشئ من طبيعة الشخص و منها ما هو خارجي، نذكر منها:

 

1. أهواء النفس: تستبد بصاحبها فتسيّره و يصبح ذلك حالة مألوفة و هيئة راسخة فإذا هممت بنصحه جعل أصابعه في أذنيه حذر أن يخالط الدليل ذهنه.

 

2. الاستكبار: و هي روح استعلائية تتمكن من الإنسان فيفقد وعيه فيرى كل بيضاء شحمة و كل سوداء تمرة، يرى الربيع و الزيتون في كل المواسم و يرى الصيف في الشتاء فينزع ثيابه و الناس يتدثرون بأسمك ما لديهم من الثياب و أصفقها. و قد يكون متصفا بصفات مميزة:

 

– كالجمال بلبس الجبة مع الكرافات

 

– و كالذكاء باستغلال بعض الأوقات المعلومة للمدح تملّقا و الذّمّ تحنّقا.

 

و يتطور هذا العجب إلى ضرب من التكبر فيترفع عما يرشد إلى الصواب و يساعد على التقريب والتسديد فيقع في احتقار الناس و استبلاههم و استغفالهم و يستفحل منزع الاستكبار و الافتتان بالذات و الاستعلاء و إن أنكر صاحبنا الفاقد للوعي ذلك.

 

أخي الفاقد للوعي: أحيلك على الراغب الأصفهاني بدلا عن عبد الرحمن بن خلدون و الذي يقول: » إن الإنسان إذا تناهى في اعتقاد باطل أو ارتكاب محظور و لا يكون منه تلفت بوجه إلى الحق يورثه ذلك هيئة تمرّنه على استحسان المعاصي و كأنما يختم بذلك على قلبه » .

 

و أختم بكلام الماوردي علّك تستفيق:

 

 » من ودّك لشيء ولّى مع انقضائه و إن أعوز الوصول إليه، و تعذّرت القدرة عليه أعقب ذلك استهانة الآيس بعد شدّة الأمل فحدثت منه عداوة الخائب بعد استحكام الطمع فصارت الوصلة فرقة و الألفة عداوة » .

 

(المصدر: موقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 20 أفريل 2007)

 


 

إتقوا الله فينا…

أخوكم « سيدي بو » من إيطاليا

 

بسم الله و الحمد لله و الصلاة على رسول الله و بعد .

 

لمّا تعذر على الكثير الوصول الى السلطة وطلب الصفح منهم حتّى يعودوا الى ربيع تونس وجّهوا أصابع الاتّهام الى حركة النهضة أو قياداتها و كأنّها هي السّبب و هذا ما أراد أن يصل اليه صاحبنا …ومن نحى نحوه و هذه خدعة ظاهرها فيه الرّحمة وباطنها من قبله التملّق للسّلطة أنّها بريئة وتريد الصّلح و الآخرون يرفضون…

 

كلّ هذا الحديث بني على وهم ثمّ وهم ثمّ أوهام فلا مصالحة مطروحة ولا مصالحة مرفوضة فأفيقوا أيّها الأخوة ولا يخدعنّكم …فان كانت هناك مصالحة فأين هي؟

 

و أمّا من يطرحها يجب أن يستوعب الطّرفين ولا يتملّق لجهة أو يتّهم أخرى (ان يريدا إصلاحا يوفّق الله بينهما…. فهل السلطة تريد الصلح يا مادح السلطة ؟ وهل الحركة عرضت عليها مصالحة فأبت؟

 

اتّق الله يا هذا وقل حقّا أو اصمت!!!ثمّ هل التنديد بالمظالم يعدّ ثلبا في حقّ السلطة ؟اذا طالبنا الافراج عن المساجين يعدّ تصعيدا؟ركلوا كتاب الله بأرجلهم فنطقنا نصرة لكتاب ربّنا قلتم هذا يثير حفيظة الرّئيس ما هذا يا هذا؟قلّي بربّك ماذا تريد منّا ؟ الذّلّ و التطبيل؟ لا وربّ العزّة لن نبيع ذمّتنا لا لن نبيع دم الشّهيد والسّلام عليكم.

 

(المصدر: موقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 20 أفريل 2007)


 

كلّية الآداب بسوسة مزرعة اقطاعية

قسم التاريخ بكلّية الآداب والعلوم الانسانية بسوسة مزرعة اقطاعية؟ أسيادها ترشيحيون وشبكاتيون تقدميون؟؟؟

مراد رقية لقد أحدث قسم التاريخ بكلّية الآداب والعلوم الانسانية بسوسة منذ ستة عشر عاما على انقاض قسم التاريخ بدار المعلمين العليا المأسوف(وغير المأسوف عليه؟؟)،ولم يقبل زملاؤنا من المؤسسة »المضحّى بها »الوضعية المستحدثة لاعتبارهم المؤسسة السابقة أسمى وأرقى،ولاعتبار أنفسهم حملة ورعاة معرفة مخصوصة لا ينعم بها سوى »القلّة المحظوظة »،وقد وصل الأمر بأحدهم الى اعتبار الغاء « دار المعلمين العليا »،طعنة واهانة »لا يمكن السكوت عنها »،وبأنه لن يقبل مهما كان الانضمام الى المؤسسة الجديدة ولو كلفه الأمر الانتقال بالتدريس الى مؤسسة تليق بمقامه »النادر الوجود » لانتسابه الى حماة ورعاة الحضارة الانسانية الحققية المهددة بالانقراض والزوال بعد التضحية بالمؤسسة الرائدة؟؟؟

ولم يجد صفوة مدرسي دار المعلمين العليا بعد انضمامهم الى المؤسسة المستحدثة من عزاء سوى اللجوء بحكم اقدميتهم وتقدمهم في الدرجة الى احتكار كل الصلاحيات والمهام داخل قسم التاريخ الجديد والحجر على كل كبيرة وصغيرة بحكم خبراتهم الذهبية الموظفة لأداء الأمانة التاريخية والرسالة المقدسة التي ظلوا يحملونها بين َضلوعهم منذ وجودهم بمدرسة المعلمين العليا بسوسة الطيبة الذكر المأسوف عليها،على ناموسها وعلى رسالتها الحضارية التي لم تنجح الكلّية الجديدة في الاضطلاع بها الا »جزئيا؟؟؟ »مما زاد المجموعة شعورا بالغربة والانبتات؟؟؟

وكانت المجموعة »المختارة »أو الصفوة المنتجبة من مدرّسي المؤسسة السابقة يحركون كل الخيوط ،ويوجهون كل القرارات حتى عندما لا يظهرون في الصورة(ذلك أنه حتى عندما يصادف وصول مدير قسم غيرمنتسب الى مجموعتهم يجعلون منه مجرّد دمية أو خيال ظل يحركونه بالريموت كنترول؟؟)،ولعل ما أظفى على هذه المجموعة المتميزة »المجموعة الترشيحية »بروزا وصفوة هو منح قسم التاريخ بكلية الآداب والعلوم الانسانية بسوسة قياسا على كلّيات العاصمة « المتأصلة مكرا وخداعا »الحق في احداث سلكي الدكتوراه والتأهيل الجامعي،فازدادوا غطرسة وصلفا واحتكارا للمسؤوليات والصلاحيات والمهام داخل لجنة الدكتوراه والتأهيل بقسم التاريخ،تسييرا وتدريسا(كل ذلك من قبيل الأخذ بالثأر لأنفسهم من الغاء دار المعلمين العليا »بيت الحكمة بسوسة »،الذي لم يستشاروا بشأنه،فوظفوا شبكتهم لتنظيم أول جلسة أو »دورة »تأهيل كان المستفيد منها وبالصدفة »كالعادة » أحد طلبة دار المعلمين العليا السابقة فرتبت الأمور كما ينبغي وخططت تخطيطا محكما مبرما فوقع انتقاء المقررين انتقاء جيدا لضمان النتيجة مسبقا،ولم يسمح لمن حاول التشويش الوصول الى هدفه ومقصده،فتمت الأمور على مايرام بحمد الله ورضاه…..

نجح المترشح سعيد الحظ بتفوق وامتيازبعد اجتماع لجنة متميزة بشيوخها وشبابها من أجيال شبكية متفاوتة الأهمية والاشعاع ،المتكاملة المصالح ومجالات التدخل والعمل،ثم انتدب اداريا وأصبح الآن رئيسا لشعبةالدراسات العليا(برغم وجود أساتذة أقدم منه رتبة،لعل السبب هو التنازل ارضاء لرئيس الشبكة الترشيحية داخل قسم التاريخ المغلوب على أمره؟؟؟)،فكانت المناسبة فرصة أقامت الدليل بامتياز ودون أي مجال للشك على قوة وصلف وتفرد هذه الشبكة الترشيحية وتضامن أفرادها غير المشروط في مقابلة باقي الزملاء المنتسبين لكلية الآداب المقيمين وغير المقيمين غير القادرين على ابداء الرأي خشية المحاصرة والاقصاءوصولا الى التصفية…..العلمية طبعا وليست الجسدية؟؟؟؟ووصولهم الى كل الأهداف المرسومة حبّ من حبّ وكره من كره، والحل للذي لايعجبه الحال هوأن يشرب من البحر،والحمد لله أن مدينة سوسة هي مدينة بحرية يأتيها المصطافون سباحة وليس شربا لماء بحرها الذي يراد لنا شربه دون أن ننبس ببنت شفة؟؟؟؟؟

ويعاني قسم التاريخ بكلّية الآداب والعلوم الانسانية بسوسة المغلوب على أمره(في ماعدا الصفوة طبعا؟؟)المطعون في كرامته وكبريائه،الموظف كمزرعة اقطاعية ومجال صيد للمشبوهين والشبكيين المحليين والمركزيين المتنقلين دوريا أو المهتوف لهم بكل كبيرة وصغيرة من شؤون القسم من ظاهرتين مرضيتين جعلتا منه بيئة موبوئة يصعب معالجتها لتحول جراثيم القائمين عليه وعدم وجود اللقاح المناسب والجذري ضدها وهما: *الأولى هي مصادرة قراره وسيادته من قبل صفوة الترشيحيين الماسكين بحكم خبراتهم المتراكمة وفرادتهم واتقاد ذهنهم بزمام الأمور داخل القسم وخارجه من خلال الارتباط بالدوائر والشبكات القائمة بتونس

وحتى خارج الحدود تأكيدا للسطوة وامعانا في اذلال المنتسبين لقسم التاريخ بسوسة الذين يعاملون كقاصرين غير قادرين ومكلفين؟؟؟؟؟ *الثانية أن قسم التاريخ لدينا أصبح « جمهورية موزية »لكل من هب ودب،وميدان فسحة وصيد واستعراض عضلات، ومجال جديد مؤجر من قبل الشبكة الترشيحية و »داعميها »لتصفية حسابات للشبكات المشبوهة بتونس العاصمة(9أفريل ومنوبة)التي وجدت من خلال سلك التأهيل والدراسات العليا مجالا جديدا لممارسة سمسراتها المريضة ونيل البركات والتكريم المشروط بالتأهيل كل ذلك تحت « غطاء علمي وقانوني لا غبار عليه »وضمن الشفافية والتقدمية النفاقية المتجددة؟؟؟؟؟؟؟

لقد أصبح قسم التاريخ بكلّية الآداب والعلوم الانسانية بسوسة(بعد مرور ستة عشر سنة كاملة على احداثه) مزرعة اقطاعية أسيادها ترشيحيون متمرسون ،تقدميون متميزون بنظافتهم ونقاوتهم،وزعماء شبكات جامعية مشبوهة مصادرة لسلطة القرار عبر اللجان السيادية للارتقاء والدكتوراه والتأهيل المركزية منها وفرعها المحدث بسوسة الذي يتنقلون اليه بانتظام أو مناسبتيا لتبادل المنافع والمهام والمكرمات وتجديد الارتباطات الشبكية المعلوماتية مع الشبكة المحلية الماسكة شموليا بمقاليد الأمور،فنحن من الأكيد محسودون من قبل النمّامين والحاسدين على هذا النعيم الاقطاعي في خضم العولمة الجارفة،فالى متى يتواصل هذا الصلف « التقدمي »الموروث عن مؤسسة دار المعلمين العليا التي تجدد بحمد الله « انبعاثها » بعد ارساء وتركيزسلك الدكتوراه والتأهيل والشبكة الملازمة لهما بقسم التاريخ بكلية الآداب والعلوم الانسانية بسوسة؟؟؟؟


تحقيقات

معقول؟: أطبّاء ومحامون وأساتذة يعنّفون زوجاتهم أيضا !

* تونس ـ الشروق: زوجها طبيب وميسور الحال ومن عائلة محترمة وهي محامية عنّفها اكثر من مرّة سبّب الاكتئاب والتساؤل عن الاسباب التي دفعت به الى فعل ذلك فلم تجد غير ان تقول إنه مريض نفسيا أو أي مرض آخر أجهله ويجعل منه أشبه بالحيوان في تعامله معي! وهذه الحالة تدفعنا للتساؤل هل يمكن ان نتحاور عوض الضرب؟ وهل يمكن أن نتواصل دون عنف؟ وما هي الاسباب التي أدّت الى تفشي العنف في صفوف المثقفين؟ وما هي ردّة فعل المرأة المثقفة؟ هل هو التصريح ام الألم في صمت خجلا  من نظرة المجتمع لها؟ «الشروق» واكبت الندوة الفكرية التي نظمتها امس المندوبية الجهوية للاسرة والعمران البشري بولاية أريانة حول العنف ضد المرأة: الرؤية القانونية والرؤية الدينية وذلك في اطار تنفيذ برنامج «تنمية تكافؤ النوع من الجنسين والوقاية من مظاهر العنف الموجّه ضد المرأة». وتساءلت حول العنف لدى المثقفين ما هي اسبابه؟ وما مدى انعكاساته على المرأة والأبناء؟ وما هي سبل الوقاية؟ * موت مؤجّل التنفيذ المحامية التي تحدّثنا عنها هي واحدة من الشهادات التي قدّمها ديوان الاسرة لابراز ظاهرة العنف المسلّط على النساء في تونس. وأكّدت لنا الاستاذة فادية عبّاسي أخصائية نفسية بخليّة الاحاطة النفسية للشباب والنساء المعنّفات بمركز الصحة الانجابية بأريانة وجود العنف في صفوف المثقفين وتعرّض خاصة المحاميات لهذه الظاهرة لعدّة أسباب نفسية. * أنواع وذكرت ان العنف بين المثقّفين ينقسم الى عنف اقتصادي ومعنوي وجسدي. وقالت «أن العنف الاقتصادي يعود الى أن الرجل اليوم أصبح يهتمّ كثيرا براتب الزوجة فيريدها أن تنفق على جميع متطلّبات المنزل فيما هو يحجم عن ذلك وبتكرار الحديث عن هذا المعطى تبدأ الخلافات ويلجأ الرجل «المثقّف» لتعنيف الزوجة المثقّفة ويرفض الانفاق عليها. وأضافت ان العنف المعنوي هو أكثر تأثيرا على نفسية المرأة لأن الرجل في هذه الحالة يقدم على تقزيم المرأة والتقليل من قيمتها الاجتماعية فيقول لها: «من أنت، ومن تظنين نفسك» ويضيف مثقّفة أو غير مثقفة فأنت مجرّد أنثى». وذكرت أنه يستعمل كلمة أنثى لتحقيرها لأن الانثى والذكر هي صفات نفرّق بها بين أجناس الحيوانات. وأشارت الى أن الزوج المثقّف يتزوّج من مثقّفة وصاحبة منصب مرموق للتباهي الاجتماعي لكن داخل العائلة لا يريد الحديث عن ذلك بل العكس يطالبها بأن تكون في مرتبة دونية فهو الرجل بالموروث التقليدي البالي وهي المرأة الضعيفة. وقالت: «الرجل داخل المنزل يريد أن يكون صاحب القرار في تربية الابناء وفي التصرّف في الميزانية وعندما تتكلّم المرأة وتتدخّل في هذه المسائل يرد عليها بالعنف». وتحدثت عن الصمت الذي هو من أقسى اشكال العنف خاصة عندما يحاول الزوج تجاهل المرأة وعدم الحديث إليها. وفي ما يتعلق بالعنف الجسدي قالت: «هو موجود لكن المثقفة لا تريد الافصاح عنه وتفضّل أن تتعذّب في صمت خجلا من نظرة المجتمع لها وهي المرأة الفاعلة فيه». وختمت في هذا الباب بأن الزوج المثقّف ينظر الى زوجته نظرة «الند والمنافس» فيحاول في كل مرّة اذلالها بشتى أشكال العنف. وفي ما يتعلق بالعنف الجنسي المسلّط على المرأة المثقّفة قالت: «هناك مرض نفسي وراء هذا الشكل حيث ان الزوج الذي حرم من الحنان في طفولته يجد في الجنس الاخر طريقة من الطرق التصعيدية لمرضه». * انعكاسات ذكرت الاخصائية النفسية ان العنف في صفوف المثقّفات له انعكاسات نفسية كبيرة لأنهن تفضّلن الصمت والألم الداخلي». وأفادت ان هذه الحالات تتعرّف اليها في المركز عرضا عندما تلتقيهن لأسباب تتعلق بالصحة الانجابية. وقالت «النساء اللاتي يتعرضن للعنف يخفين بين ملامح وجوههن الاكتئاب الداخلي وبمجرّد الحديث إليهن وكسب ثقتهنّ ينطلقن في الحديث المصحوب بمرارة شديدة». وأضافت أنه الى جانب الاكتئاب تفقد المرأة الثقة في الزوج وتحاول التقوقع على ذاتها ويتحوّل بالنسبة إليها من عنصر حماية الى عامل خطر يهدّد حياتها ومسيرتها الاجتماعية. وانتهت عند الانعكاسات السلبية على الاطفال الذين ينشأون في وسط متوتّر فيصبحون متوتّرين قلقين خجولين متقوقعين على أنفسهم ويهربون من المدرسة ويرسبون تباعا ويصبحون مدمنين أو يصبح العنف هو الميزة الغالبة على شخصيتهم عند الكبر وعند بناء علاقة زوجية. وأضافت أننا نعيش مرحلة انتقالية حيث الزوجة أصبحت مثقّفة وفاعلة وتساهم في الانفاق والزوج لازال مشدودا الى الموروث الثقافي الذي يقلّل من شأن المرأة اضافة الى أن المرأة تريد أن ينظر لها الرجل من ذلك المنطلق بينما يعتبرها منافسا له وندّا لابد من كسر شوكته. واعتبرت ان الحلّ في قدرة المرأة على تجاوز المرحلة والاتصاف بالديبلوماسية اللامحدودة من خلال أولا تقبّل هذا التغيير ودفع الجانب الاجتماعي بعين الاعتبار وكذلك الحرص على تنشئة الاطفال تنشئة تساوي بين الولد والبنت. * فئة وأشارت الى أن الفئة المثقّفة المنحدرة من الريف أكثر ممارسة للعنف اعتبارا لأنهم تربّوا على صورة المرأة التي تعمل بالحقل بينما الرجل يشرب الشاي، وختمت بأن المرأة يجب ان تقول وتحاول اقناع زوجها برأيها وتستدرجه الى الحوار شيئا فشيئا. وقالت السيدة كوثر معطي صاحبة الروضة أنها استمعت مرّة الى طفلين بروضتها يتحدّثان عن العنف بين والديهما الاول قال ان أبي ضرب أمي «بشيء» حاد على رأسها والثاني قال انه جذبها من شعرها وألقى بها في الشارع». وأضافت أنها لما تحدّثت الى أم أحدهما وهي مثقّفة وزوجها اطار كبير فقامت باخراجه من الروضة ونقلته الى روضة أخرى. وأفادت السيدة خديجة هدّار مرشدة اجتماعية ان العنف موجود في صفوف المثقفين وانها تدخّلت اكثر من مرّة رغم أنهم لا يريدون الافصاح بذلك. وأضافت أن المرأة المثقّفة تشعر بالاهانة عند تعرّضها للعنف شأنها شأن المرأة التي تتربّى في أسرة طيّبة. وخلصت الى القول بأنها تصل دائما الى الحل الامثل معهما وأنها وفّقت خلال سنوات العمل الطويلة في التوفيق بين عائلات عديدة. * صمت وقالت الدكتورة ألفة عوّادي نيقروا ان المثقّفة لا تصرّح بالعنف الا عند تكرار العملية مرارا كثيرة وأيضا عندما يترك لها الضرب آثارا على وجهها. وأشارت ان المرأة المثقّفة تطالب بالشهادة الطبيّة  أكثر من نظيرتها متوسّطة التعليم بناء على وعيها بحقوقها في مقاضاته إذا لزم الأمر. * انغلاق وقالت السيدة خديجة مدني محامية ورئيسة سابقة لرابطة الحقوقيات ان هناك حديثا نبويا شريفا يقول: «من ازداد علما دون ان يزدد هدى لا يزداد من الله الا بعدا». وأضافت أن هؤلاء المتعلّمين والبعيدين عن الثقافة تعلّموا مبادئ اختصاصاتهم الضيّقة وبقيت البنية الذهنية منغلقة على موروث سيء جعلهم لا يحلّلون ذاتهم ويتصرّفون» في نظرها تصرّف الحيوان. وأشارت الى أنه بحكم أنها أشرفت كثيرا على الاستشارات القانونية بالاتحاد الوطني للمرأة لاحظت ان حضور المثقّفة قليل جدا لأنها تمتلك بحكم علاقاتها وقدوتها الاتصال بقنوات أخرى! * نزيهة بوسعيدي

* رجال يبرّرون العنف !: نعم المرأة تحب «الضّرب»

* تونس ـ الشروق: ماذا يقول الرجال لتبرير العنف ضد النساء؟ وهل يشعرون بالندم عند ممارستهم لجميع أشكاله؟ هذه الاسئلة أجاب عنها الشريط المصور الذي قدّمه ديوان الأسرة أمس حيث أفاد مراد (47 سنة) أنه عاش في وسط يمارس العنف فأمّه ووالده يتخاصمان على لأتفه الأسباب. ومراد عاطل عن العمل وحكم عليه بالسجن ويرى أن المرأة تحبّ الضرب وهو لن يندم أبدا لأنه ضرب طليقته. أما صبري (32 سنة) فهو يعنّف بالضرب واللفظ في آن واحد لكنه يشعر بالندم بعد ذلك. ويرى أن الحوار أفضل طريقة والعنف هو سلوك غير عادي. ومروان (23 سنة) ضرب صديقته لأنها ترتدي لباسا غير محتشم وتركها مغمى عليها في الشارع وذهب. وقال شاب آخر (27 سنة) أنه «صعيب» مع «الأنثى» ولا يحب «العوج» وكلما اختلفت معه في الرأي ضربها ثم يلجأ الى أساليب الصلح واقناعها بأنه غير مخطئ. وعرّج المستجوبون على أهمية دور الجنس في الاختلافات التي تبدأ بالعنف المعنوي لتصل الى العنف الجسدي. (المصدر: صحيفة « الشروق » (يومية – تونس) الصادرة يوم 20 أفريل 2007)  

شهــــادات حيـّــة من نســـاء تعرضـــن للعنـــف

ماذا يقـــــول الرجـــــل عن ممارسـة العنــــــف ضــــــد المــرأة؟

تونس ـ الصباح في إطار البرنامج الوطني واستراتيجية الحد من العنف ضد المرأة التي شرعت مؤخرا الهياكل المعنية بالمرأة والاسرة في تنفيذها تحت عنوان «تكافؤ الفرص والوقاية من العنف» والتي شملت إلى حد الان 10 ولايات وأفرزت تركيز خلايا للانصات والارشاد والتوجيه والاحاطة بالنساء المعنفات- نظمت يوم أمس المندوبية الجهوية للديوان الوطني للاسرة والعمران البشري بأريانة حلقة حوار حول موضوع «العنف ضد المرأة :الرؤيا القانونية والرؤيا الدينية» حضرها ممثلون عن الهياكل والجمعيات المهتمة بالمرأة إلى جانب عدد من رجال القانون والائمة وفقهاء الدين…  وإلى جانب القاء محاضرتين تناولت الاولى الزاوية القانونية في علاقتها بموضوع العنف وألقتها الاستاذة خديجة المدني في حين اهتمت المحاضرة الثانية بالرؤية الدينية للموضوع وقدمها الامام حامد المهيري، تضمنت حلقة الحوار عرض شريط وثائقي كان قد أعده الديوان الوطني للاسرة والعمران البشري تضمن في قسم منه شهادات حية من نساء تعرضن للعنف وفي قسمه الاخر قدم رجالا يتحدثون عن ممارستهم للعنف ضد المرأة. العنف…موت مؤجل التنفيذ عنون الشريط «العنف…موت مؤجل التنفيذ» في إشارة إلى أن للعنف انعكاسات آنية ومستقبلية معنوية نفسية واجتماعية كبيرة على المرأة وهو ما جاء في شهادات النساء المعنفات اللاتي تحدثن بمرارة عن معانتهن نتيجة تعرضهن للعنف على غرار ما قالته سامية محامية وتبلغ من العمر 40 سنة «.. زوجي مارس ضدي كل أنواع العنف اللفظية والمادية والمالية.. خلفت لدي آثارا نفسية عميقة وأنا أبذل جهدا وأقاوم للتخلص منها وتجاوزها.. لكنه ليس بالامر اليسير…» وتضيف سامية أنها تخاف على تأثر ابنها بما شاهده من سلوك والده. تحدثت سنية (43 سنة عاملة بمتجر) بدورها عن حجم العنف الذي مارسه زوجها في حقها إلى درجة أنه حاول في إحدى المرات تشويه وجهها. في شهادتها أشارت زهرة (54 سنة ربت بيت) كذلك إلى تعرضها للضرب المستمر من زوجها سيما إذا ما عاد ثملا إلى البيت وتلك عادته دائما مما أضطرها إلى طلب الطلاق. إيمان ربت البيت والبالغة من العمر 23 سنة تحدثت عن معاناتها مع زوجها بسبب اقدامه على ضربها لاتفه الاسباب حتى إذا تعلق الام بمصروف البيت وبأن زوجها يعتبر العنف نوعا من أنواع التربية وأنه طردها أكثر من مرة من البيت وانتزع منها أدباشها «.. لقد تعبت من هذا الوضع وتسببت في التعاسة والمشاكل لعائلتي وأنا أتألم لمعاناة ابنتي كذلك الممزقة بيني وبين والدها…» من خلال ماورد في شهادات النساء المعنفات نستنتج أن ممارسة العنف من طرف الرجل لا يرتبط بوضعه المادي ولا بمستواه الثقافي والاجتماعي ولا بالسن كما أن النساء المعنفات هن من جميع الشرائح الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والعمرية بما يجعل الظاهرة مرتبطة أساسا بالعقلية والتنشئة أكثر من أي شيء آخر. الرجل والعنف ضد المرأة هذه الاستنتاجات نابعة مما ورد في شهادات رجال مارسوا العنف ضد المرأة مثل مراد (47 سنة عاطل عن العمل) الذي أكد أن الاسباب التي تدفعه إلى تعنيف زوجته هي أسباب مادية وأحيانا جنسية حين لا تستجيب لرغباته زيادة على شرب الخمر الذي يفقده أحيانا صوابه ويضيف مراد هناك من النساء من يحب الضرب!؟ «…أضربها أحيانا لكي تتذكر «الطريحة» ولا تعيد صنيعها..» صبري وسنه 32 سنة منشط سياحي تحدث عن تعنيفه لاخته واعترف أنه  في احدى المرات هددها بوضع رأسها في المرحاض.. مراد البالغ من العمر 27 سنة (تاجر) يقول أنه حين يتعامل من الانثى (بالالف مفتوحة مثلما لفظها) فهو يلجأ في الكثير من الاحيان إلى الضرب لانه لا يتحمل «العوج والانثى ديمة معوجة…» ما ورد في هذه الشهادات يؤكد أن التفكير المخطئ وبعض العادات الاجتماعية تؤدى إلى ممارسة العنف من هذا المنطلق دعا المشاركون في الندوة إلى العمل أكثر على الجانب التوعوي والتحسيسي من خلال إدراج موضوع الوقاية من العنف ونشر ثقافة الحوار ضمن البرامج التربوية وتحديدا في مادة التربية المدنية والتربية الاسلامية والعمل على نشر الوعي بالتعامل الحضاري واحترام الاخر لدى الناشئة إضافة إلى تعزيز دور الجمعيات في نشر الوعي لدي الاسرة لانها النواة الاولى للمجتمع.                      منى اليحياوي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 20 أفريل 2007)
 

 

بسم الله الرحمان الرحيم

والصلاة والسلام على أفضل المرسلين

بقلم محمد العروسي الهاني

مناضل دستوري

رئيس شعبة الصحافة الحزبية سابقا

 

الرسالة 220 مكرر

على موقع الانترنت تونس نيوز

 

الذكرى الخالدة لتشكيل حكومة الإستقلال يوم 14/04/1956 برئاسة الزعيم الحبيب بورقيبة

في مثل يوم 14/04/1956 وبعد الحصول على الاستقلال التام بثلاثة أسابيع فقط تشكلت أول حكومة وطنية للإستقلال برئاسة المجاهد الأكبر الذي إحتفظ بحقيبتي الدفاع والخارجية مع رئاسة الحكومة وأنظم للحكومة الوطنية 5 أعضاء من الديوان السياسي وهم الباهي الادغم والمنجي سليم والطيب المهيري والهادي نويرة واحمد المستيري وقد تعهدت الحكومة الوطنية بتطهير الإدارة وتونسة كل الأجهزة وتجسيم لوائح وقرارات مؤتمر الحزب الذي إنعقد بصفاقس يوم 15/11/1955 بإعتبار الحكومة الوطنية هي حكومة الحزب الحر الدستوري التونسي ومعلوما أن لوائح مؤتمر صفاقس عام 1955 تعتبر من أهم مقررات الحزب بعد الحصول على الاستقلال الداخلي عام 1955 والذي وضع المقترحات واللوائح هم من أهم مناضلي الحزب وأقدرهم وأكثرهم حماسا ونضالا وكفاءة وإقتدار أمثال السيد مصطفى الفيلالي والسادة الشيخ احمد دريرة ومحمد مقني وعمر شاشية ومحمد بوليلة والحاج محمد زخامة والحاج الطاهر العلاني ومحمد اللافي وتوفيق ابراهم ومحمد الحبيب وعزوز الرباعي وغيرهم رحمهم الله. وقد شرعت الحكومة بعد تشكيلها مباشرة العناية بموضوع نشر التعليم وهو رهان الاول للزعيم الحبيب بورقيبة وقد انكبت الحكومة واجهزة الحزب الحاكم في إعداد خطة كاملة وشاملة لنشر التعليم في كامل أنحاء البلاد جنوبا وشمالا وشرقا وغربا وكان أول نشاط عملي لحكومة الاستقلال وتم القيام بحملة واسعة النطاق لبناء آلاف المدارس في الريف والصحراء والمداشر والقرى والمدن وكان التعليم مجاني واجباري للذكور والإناث وفي 31/05/1956 كان أول نشاط للحكومة التونسية في مجال الإصلاح وشفافية المعاملة والعدل والمساواة القرار الحكيم التاريخي الهام هو إلغاء كل الإمتيازات المادية والجبائية التي كانت تتمتع بها العائلة الحاكمة البايات وحذف الحصانة لدى المحاكم التونسية وتسويتهم بكافة شرائح الشعب التونسي هذا هو القرار الجريء الشجاع الأول وقبلها قرار هام يتعلق بتونسة الإدارة العامة للأمن وإلغاء خطة مدير الأمن من الفرنسيين وذلك بحكمة وخطة ذكية قام بها الرئيس بورقيبة الذي استغل بعض الهفوات قام بها بعض الأعوان الفرنسيين ضد التونسيين في إطار التجسس ضد الوطنيين وتم تونسة الأمن يوم 18/4/1956 أي بعد04 أيام من تشكيل الحكومة الوطنية والخطوة الثانية إلغاء الإدارة الجهوية والحكم الفرنسي وحذف خطة المراقب والقائد والخليفة والكاهية وتونسة الإدارة الجهوية وإحداث سلك الولاة وسلك المعتمدين يوم 23/06/1956 وفي اليوم الموالي 24/06/1956 تم تونسة الجيش الوطني وإحداث نواة الجيش الوطني التونسي وفي يوم 13/08/1956 قرر الرئيس بورقيبة إصدار مجلة الأحوال الشخصية وتحرير نصف المجتمع المرأة التونسية وكانت أول دولة عربية إسلامية تقوم بإصدار مجلة الأحوال الشخصية نابعة من المنظومة الإسلامية ومن النص القرءاني وحسب الاجتهاد وفي مفهوم الآية الكريمة الواردة في سورة النساء وإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة صدق الله العظيم كما تم يوم 06/09/1956 إلغاء نظام الجندرمة الفرنسية وإحداث سلك الحرس الوطني وفي 09/12/1956 تم تونسية الديوانة التي كانت بيد الفرنسيين وفي 25/03/1956 تم بعد الإستقلال بخمسة أيام إنتخاب المجلس التشريعي التأسيسي وأسندت رئاسة المجلس للزعيم بورقيبة وفي عام 1957 بدأت حركة المطالبة بالجلاء العسكري على كامل أنحاء البلاد ما عدى قاعدة ببنزرت وتم ذلك على مراحل وتم تونسة النقل وكل الوزارات وتسييرها من قبل تونسيين مناضلين مثل السادة الأمين الشابي على رأس وزارة المعارف والفيلالي على رأس وزارة الفلاحة وعز الدين العباسي على رأس وزارة الأشغال العمومية واحمد المستيري على رأس وزارة العدل وغيرهم من عناصر الحزب كما تم في سلك الولاة تعيين السادة عمر شاشية ومحمد الحبيب وعبد الحميد القاضي واحمد بللونة ومحمد بالامين والناصر جعفر ومحمد محسن وصالح عياش وحبيب بن عمار وغيرهم وتم إحداث البنك المركزي التونسي في يوم مشهود وإصدار العملة التونسية في تونس الحرة المستقلة ذات السيادة وأسندت مهمة محافظ البنك المركزي للمناضل المرحوم الهادي نويرة رحمه الله وفي 25/07/1957 اجتمع المجلس التأسسي التشريعي المنتخب يوم 25/03/1956 وقرر بالإجماع وبحماس فياض وروح وطنية عالية إلغاء النظام الملكي وأعلن المجلس التأسسي التشريعي بالإجماع إعلان الجمهورية والنظام الجمهوري وانتخب المجلس في إجماع رائع ومبايعة حماسية وتأييد كامل وفي جو وطني ممتاز أنتخب الرئيس الحبيب بورقيبة رئيسا للجمهورية التونسية بالإجماع وحماس وألقى الرئيس خطابا طويلا دام 3 ساعات كاملة كان بمثابة المشروع الحضاري لعهد جديد وأنجز ما وعد به وتم التحول في جو رائع دون إراقة دماء ولا أدنى تشويش وشرع المجلس التشريعي التأسسي في الإعداد لميلاد الدستوري التونسي لعهد الجمهورية وفعلا بعد سنتين تم إمضاء الدستور التونسي يوم 1/6/1959 بإمضاء الزعيم الرئيس الحبيب بورقيبة وكان أول دستور راقي في العالم العربي والإسلامي ومما تجدر ملاحظته أن يوم 25/07/1957 كان أول يوم في التاريخ التونسي على إمتداد 3 آلاف سنة 30 قرنا نعم 30 قرنا ولأول مرة يتحمل تونسي دما ولحما مسؤولية رئاسة الدولة العصرية وهو أول تونسي يتحمل المسؤولية في هدم الدولة الحديثة العصرية ومع الأسف اليوم أصبحنا نقول ونذكر أشخاص آخرين وهم غير تونسيين وبعضهم يقول من خير الدين دون أن يذكروا بورقيبة وبعضهم يقول الطاهر الحداد محرر المرأة وبعضهم يقول يجب أن نحيي ذكرى الشابي وذهب أحد الصحافيين إلى القول لماذا لم نفكر في مسلسلات لأبطال تونس الحداد والشابي وأحدهم قال ونشر أن عيد الشهداء 09/04/1938 ذكرى الشهداء يجب أن يعرف الشبان الصغار نضالات الحداد والشابي والغاية عمدا وقصدا وإستفزازا وتهميشا مقصودا وتجاهلا مدروسا قصد طمس تاريخ الزعيم الرمز الخالد ولكن جمهورية مصر العربية أجابت هذه الأيام وقالت بصوت مرتفع للمتنكرين كفى كفى كفى كفى طمسا للتاريخ تعالوا أيها التونسيون تعالوا أيها الإعلاميون تعالوا أيها الشيوعيون تعالوا أيها الحاقدون أمثال راشد الغنوشي تعالوا جميعا وزوروا متحف زعيمكم التونسي بمصر تعالوا زوروا بصمات رئيسكم التونسي تعالوا أنظروا تاريخ زعيم الأمة تعالوا وكونوا أوفياء مثل مصر ومثل محمد حسنين هيكل لقائد مصر نعم مصر أعطت درسا لهؤلاء تعالوا زوروا تركيا فسوف تجدون في كل مكان صور الرئيس مصطفى كمال أتاتورك في المطار في مجلس النواب في الوزارات في الساحات العامة تعالوا زوروا فلسطين تجدون صور القائد ياسر عرفات رحمه الله تعالوا زوروا الجزائر تجدون صورة هواري بومدين في كل مكان تعالوا شاهدوا تلفزة فرنسا ماذا تحكي على الزعيم بورقيبة تعالوا إلى باريس وزوروا ساحة الزعيم بقلب العاصمة الفرنسية تعالوا شاهدوا قناة العربية مؤخرا ماذا أنجزت لفائدة التاريخ التونسي الذي صنعه الزعيم بورقيبة رحمه الله الذي ترك بصماته في كل شيء ورغم الدروس البليغة مازال بعضهم يتجاهل ويتحامل ويسعى للإساءة المقصود جبنا وخوفا ونفاقا لا يذكر على لسانه إسم بورقيبة لا يكتب في الصحافة كلمة خير على العملاق إلا إذا زار الرئيس بن علي روضته في ذكرى وفاته السنوية أو إذا ذكره في الأعياد الوطنية ما عدى ذلك لا كلام ولا سلام ما عدى الخوف والتملق والرئيس بن علي يعرف جيدا نفاق بعضهم ويدرك إدراكا عميقا أن الوفاء البورقيبي هو وفاء لغيره في إطار التقاليد الحميدة وما عدى الرئيس فأغلب المسؤولين والإعلاميين يتجنبون ذكر بورقيبة لماذا…..؟ وحتى إذا أرادوا إحياء ذكرى وفاته تجد لافتة واحدة ترمز إلى الذكرى أما الصور فهي مفقودة وإذا حضرت صورة فيسعون لإيجاد صورة الشيخوخة والكبر وهي مقصودة ومدروسة وبطرق لا تخفى على الشعب حتى إذا كانت الذكرى لعام 1934 في المنفى أو ذكرى 1955 أو ذكرى الجلاء وغيرها نجد إلا صورة الشيخوخة أن وجدت. أما الأوراق النقدية الجديدة فهي تحمل صورة إبن خلدون وصورة عليسة وكأنها هي الزعيمة التونسية التي حققت الإستقلال وركزت الدولة العصرية وحررت المرأة وحققت الجلاء لا حول ولا قوة إلا بالله العلي القدير هذه بعض الخواطر أسوقها بمناسبة الذكرى الخالدة قال الله تعالى:

« هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ». صدق الله العظيم.

إن إحياء الذكريات الوطنية والأحداث التي عاشتها تونس بقيادة وزعامة إبنها الوفي والبار المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة رحمه الله لن تمحى وهي راسخة والواجب الوطني يدعونا لإحيائها بأخلاق وطنية عالية وبروح سامية وبوفاء خالص دون تنكر أو جحود مثل الذين تنكروا لماضيهم وزعمائهم وتجاهلوا التاريخ وهؤلاء الرهط هم الذين غدا سينكرون للحاضر والمثل يقول الله ينصر سيدنا والحاضر هو الكل وهذا لا يمت للأخلاق والسياسة المبنية على العرفان بالجميل وحب الوطن ونكران الذات لأعلى النفاق والرياء والمجاملة والمصالح وضرب الطار حتى في المقبرة وروضة الزعيم الراحل بورقيبة وهذا والله حرام وعيب وعار علينا أما ضريح الزعيم الكبير المجاهد الأكبر الذي ضحى بكل عزيز وغال يصبح الطبل والمزمار أمام ساحة روضته يوم وفاته بدعوى تنفيذ تعليمات مندوب الثقافة وبالله عليكم مندوب الثقافة قبل عام 1987 لا حول ولا قوة إلا بالله العلي القدير نرجو إعادة الإعتبار لمعنى الإحتفال ومعنى الوفاء حتى يكون خالصا لله وللوطن وقد قال بن علي عام 1988 قال قولة مشهورة قولوا تحيا تونس وكذلك قال إن التضحيات الجسام التي أقدم عليها الزعيم الحبيب بورقيبة أول رئيس للجمهورية التونسية صحبة رجال بررة لا تحصى ولا تعد. قال الله تعالى: « يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا » صدق الله العظيم.  

محمد العروسي الهاني


دروس في السياسة من زمن بورقيبة الحبيب

د. عماد عبد الرازق (*) تابعت بشغف علي قناة العربية الحلقة الثالثة من البرنامج الوثائقي زمن بورقيبة ، وهو إنتاج تونسي وتلك بضاعة نادرة في الفضائيات العربية، أعني البرامج الوثائقية المنتجة عربيا، فمعظم بضاعتنا الوثائقية الجديرة بالمشاهدة تقع في باب الإنتاج الأجنبي المترجم وأحيانا المدبلج. وقد ألقت هذه الحلقة أضواء كاشفة علي فترة مضطرمة وحافلة بالأحداث من علاقة تونس بورقيبة بالعالم العربي. وبانتظار اكتمال حلقات البرنامج الست، أسجل هنا هذه الملاحظات الأولية عن حفنة قليلة من الدروس المستفادة لزعيم عربي مهما اختلفت الآراء حوله، فمن المؤكد أنه كان علي الأقل سياسيا محنكا وذا رؤية مستقلة، ولم يتردد لحظة في السباحة ضد التيار، في وقت كانت غريزة حب القطيع هي الآمر الناهي في ملكوت السياسة العربية، وربما لا تزال. الدرس الأول: حين شنت إسرائيل هجوما علي مقر منظمة التحرير الفلسطينية في حمام الشط في إحدي ضواحي العاصمة التونسية عام 1985( 15 كيلومترا من تونس) استشاط بورقيبة غضبا حين عبر الرئيس الأمريكي آنذاك رونالد ريغان عن تأييده موقف إسرائيل بزعم أن لديها الحق في مطاردة الإرهابيين… فما كان من بورقيبة إلا أن أبلغ رسالة إلي إدارة ريغان عبر الحبيب بورقيبة الابن الذي كان علي علاقات وثيقة بشخصيات أمريكية، فاتصل بالمغني الشهير فرانك سيناترا ليبلغه أن بورقيبة سيقطع العلاقات مع واشنطن إذا ما استعملت حق الفيتو ضد قرار إدانة إسرائيل. وبالفعل أذعن ريغان وامتنعت واشنطن عن التصويت. هذا يعني أن أي بلد كبر حجمه أو صغر، لابد وأن تكون لديه اوراق مهمة بوسعه أن يستخدمها في مضمار السياسة الدولية. ونستنتج من هذا أن السياسيين والقادة العرب يمكنهم أن يستخدموا العديد من الأوراق التي في حوزتهم ( وبعضهم لديه العديد من هذه الأوراق)، في كل مواجهة أو لقاء مع نظرائهم في الغرب، لكنهم لا يستخدمون ولو النزر اليسير منها. لماذا؟ إما لأنهم لا يجرؤون، أو أنهم ليسوا معنيين في المقام الأول، ولا هم حتي مهمومون بقضايا أمتهم بالأساس، وهذا هو الأرجح. فإذا ما توفرت لأحدهم النيات الصادقة فقد تنقصه الحنكة السياسية أو حتي الخبرة لأن أحدهم لم يصل إلي موقعه في السلطة عبر منافسة شريفة أو انتخابات حرة ونزيهة، بل اغتصبها إما بانقلاب عسكري أو انقلاب قصر، أو هبطت عليه عطية من السماوات السبع أبا عن جد. الدرس الثاني: وضع بورقيبة يده علي الجرح الفلسطيني الغائر حين وجه نصيحة غالية إلي الفلسطينيين ضاربا المثل بشعوب المغرب العربي في تونس والجزائر والمغرب التي خاضت جميعها حروب الاستقلال والتحرير وحدها ضد الاستعمار ولم تنتظر إشارة البدء ولا قرارات أصحاب الفخامة والسمو والجلالة من تنابلة السلطان في المملكة المعروفة أيضا باسم الجامعة العربية . ففلسطين لم ولن تتحرر بقرارات القمة العربية . الدرس الثالث: هو ذلك الذي لم يدركه العرب إلا متأخرين ومفاده ما لا يدرك كله لا يترك كله . وجه بورقيبة هذه النصيحة الغالية للفلسطينيين أثناء زيارته لأريحا عام 1965. وطالب الفلسطينيين والعرب بتغيير تفكيرهم في طريقة إدارة الصراع العربي الإسرائيلي علي أساس هذا المبدأ بالذات: اللي ما نخدوش كله.. ما نسيبهوش كله ، علي حد قوله. وثارت الدنيا عليه وشنت وسائل الإعلام ـ المصرية بالذات ـ هجوما كاسحا عليه وشارك عبد الناصر نفسه في الهجوم، وذكر البرنامج ان حملات التشهير المتبادلة بين الزعيمين وصلت الي درك منحدر جدا! لكن ما نخرج به من كل هذا أن الزمن اثبت نجاعة تفكير بورقيبة، وقد صرنا اليوم أبعد ما نكون بآلاف السنوات الضوئية عن ما كان عبد الناصر يحلم به وأعلنه في إحدي الخطابات التي هاجم فيها الحبيب بورقيبة قائلا ان الشعب العربي سيكون بمقدوره يوما ما تجييش اثنين مليون عربي لتحرير فلسطين! أما بورقيبة فكان أول من دعا لنبذ الحرب النظامية وشن الكفاح المسلح عبر اسلوب حرب العصابات. فما أشبه الليلة بالبارحة، وهذا هو ما حدث بالفعل في آخر حروب العرب مع إسرائيل في الصيف الماضي. الدرس الرابع: أن بورقيبة لم يؤيد ولم يعارض زيارة السادات للقدس وبدئه مشوار المفاوضات مع إسرائيل، وهو ما اثار دهشة السادات ( وربما أسفه أو غضبه)، علي أساس انه اتبع النهج الذي كان بورقيبة اول من نادي به. كان مأخذ بورقيبة الوحيد علي السادات هو أن كامب ديفيد ضمت اتفاقيتين، واحدة للسلام مع مصر والثانية تخص الحكم الذاتي للفلسطينيين، وقال بورقيبة أنه ما كان للسادات أن يتحدث باسم الفلسطينيين. (*) ناقد من مصر يقيم في امريكا (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 7 أفريل 2007)


ماذا يجمع بين بورقيبة ومحمد الخامس؟

ورقات تكشف دور الرجلين في دعم الثورة الجزائريـــة

تونس ـ الشروق يتواصل نبش الباحثين والمؤرخين التونسيين في خفايا وخبايا معارك التحرير الوطني وبناء الدول المغاربية المستقلة واسهامات عدد كبير من الشخصيات النضالية والسياسية في ترسيخ مبادىء الاستقلال وحق الشعوب في تقرير مصيرها بعيدا عن منطق الهيمنة والتبعية والاستعمار. الدكتور عميرة علية الصغير الأستاذ بالمعهد الأعلى لتاريخ الحركة الوطنية من المشغوفين بمثل هذه المباحث قدم الأسبوع المنقضي بكلية الآداب بمنوبة (قسم التاريخ) محاضرة قيمة درس فيها بعض النقاط التي جمعت بين الراحلين الحبيب بورقيبة والملك محمد الخامس خاصة دورهما المصيري والمركزي في دعم القضية الجزائرية. * عرض: خــــالد الحــــداد الدكتور عميرة علية الصغير أبرز في البداية أن شهادات عديدة لقيادات ورموز نضالية جزائرية قد سهت عن ذكر ما قدمه الحبيب بورقيبة ومحمد الخامس وما تحمله وطنهما خدمة لتحرر الجزائر رغم الصعوبات والضغوطات التي كانت عليها تونس والمملكة المغربية في السنوات الأولى من استقلالها عن فرسنا وما كان يتطلبة واجب حاكمين في تكريس سيادة دولتهما على ترابهما وما يفترض منطق المصلحة الوطنية. وقدم الباحث التونسي معطيات مهمة كشفت عن الدعم الكبير الذي قدمه الرجلان للقضية الجزائرية في مستويات مختلفة سياسيا وعسكريا وانسانيا. * السياسة واكراهات الواقع يقول الدكتور الصغير ان بورقيبة ومحمد الخامس يتشابهان في أمور كثيرة رغم اختلاف المنبت (عائلة متواضعة وعائلة حاكمة عريقة) واختلاف التكوين (رجل حداثي وجامعي وأمير تربى على التقاليد ولكن متفتح). فالرجلان انخرطا في العمل الوطني مبكرا ـ على الأقل منذ 1934 ـ عندما تحالف محمد بن يوسف مع كتلة العمل الوطني وعندما تزعم بورقيبة الشق الراديكالي والحركي من الدستورين الذي انفصل ليكون الحزب الدستوري الجديد. وارتبطت حياتهما بتاريخ الحركة الوطنية في كلا بلديهما وبتاريخ حركة التحرر في الشمال الافريقي بصورة خاصة وفي افريقيا بصورة عامة من ذلك ما سجله التاريخ لبورقيبة ومحمد الخامس من مواقف داعمة لشعوب افريقيا السوداء في نضالهما من أجل التحرر من الاستعمار والوحدة والتخلص من العنصرية كتدخل تونس والمغرب سنة 1960 بالكنغو وحضورهما مختلف المؤتمرات التي سعت لتلك الغاية شأن مؤتمر «أكرا» في أفريل 1958 ومؤتمر الدار البيضاء في جانفي 1961 والذي دعا له الملك محمد الخامس. وأشار الدكتور عميرة علية الصغير الى أن الحبيب بورقيبة ومحمد الخامس لم يكونا حرين في تعاطيهما مع المسألة الجزائرية اذ هما كانا يتحركان تحت اكراهات الواقع واملاءات الشروط التاريخية التي وجدا فيها نفسيهما كبلدين مستقلين حديثا (1956) في حاجة للدعم الفرنسي المالي والتقني والعسكري تحت ضغوط كبيرة من حكومة فرنسا التي كانت تساوم البلدين في ذلك بمنطق الاعانة مقابل التخلي عن دعم القضية الجزائرية وتهدد سيادتهما ووحدة ترابهما خاصة وأن المغالين من جنرالات الجيش الفرنسي في الجزائر كان حلمهم العودة إلى الوراء وبسط السيطرة على المغرب وتونس وقتل «الدورة الجزائرية» في قواعدها الخلفية. ويقول الصغير ان بورقيبة ومحمد الخامس كانا أمام معادلة صعبة زادتها تعقيدا المشاكل الداخلية كالصراعات والخلافات في الصف الوطني شأن الصراع اليوسفي ـ البورقيبي في تونس سنوات 1955 ـ 1957 والصراع بين حزب الاستقلال ومعارضين هيمنته من الأحزاب الأخرى وتمرد الريف سنة 1958 بالمغرب. * شبهة… وعواقب واضحة وتطرق الباحث الى كون بورقيبة كان في نظر أغلب قادة الثورة الجزائرية خاصة في السنوات الأولى (1654 ـ 1956) شخصا مشبوها بما أنه قبل باتفاقيات الاستقلال الداخلي وقسم وحدة جبهة المقاومة المغاربية و»خان ما التزم به حزبه في لجنة تحرير المغرب العربي بالقاهرة (1948) من الزامية مواصلة الكفاح المسلح حتى تحرير كامل المغرب لذا كانت أغلب تلك القيادات الجزائرية تراهن على صالح بن يوسف. وفي المقابل فإن بورقيبة على الأقل في السنوات الأولى من الثورة الجزائرية لا يخفى احتقاره لتلك العقلية العسكرية التي سيطرت على العقل السياسي للثورة الجزائرية وهو ما يتناقض مع سياسة بورقيبة القائمة على المرحلية والقبول بالحلول الوسطى والتفاهم مع الخصم. لكن الدكتور الصغير أقر بأن ذلك لا يجب أن يحجب الحقائق التاريخية التي تؤكد أن بورقيبة في تصريحاته السرية وفي خطبه الكثيرة وطيلة فترة حرب الجزائر ما فتىء يدعم كفاح الشعب الجزائري ويناصر حقه في الاستقلال («ليكن الأمر واضحا إننا متضامنون على الدوام مع الشعب الجزائري ولا نقبل خذلانه في صراعه هذا… لقد طرحت ودون التباس أن لا شيء يجعلنا نتخلى عن اخواننا الجزائريين ليس فقط لأنهم اخواننا بل كذلك لأنه ما دامت هناك حفنة من الاستعماريين في مأواها في الجزائر فإن استقلالنا يبقى دائما مهددا اننا لا نقبل أي ضغوطات وأن موقفنا لن يتزعزع» ـ بورقيبة ـ خطاب 4 أفريل 1957). * بكاء ومعاهدة أما الملك محمد الخامس فكانت علاقته مع الطرف الجزائري أقل حدة وقد سجل الداراسون لتلك العلاقة تعاطفا كبيرا معها ودعما سياسيا وماديا متواصلا يقول الطيب الثعالبي أحد قادة الثورة الجزائرية في شهادة له عن رد فعل الملك عندما وصلته رسالة من القيادة الجزائرية وقد قارن فيها مؤلفها حسين آيت أحمد بين الجزائر وفلسطيني محذرا أن مصير الجزائر سوف يكون مصير فلسطين الضائعة إن لم يدعمها الحكام العرب «أن الملك بكى» عند قراءتها وحبا الوفد الجزائري بكل عطف ووعده بكل المساندة والدعم. ويذكر الباحث التونسي أن محمد الخامس عبّر على الموقف ذاته بعد عشرين يوما فقط من استقلال المغرب وذلك في مقابلته لقائه جيش التحرير المغربي عبد الكريم الخطيب يوم 22 مارس 1956 حيث يروي هذا الأخير انه: «خلال الحوار الذي دار بيننا أوضحت له موقفنا وقلت له: يا صاحب الجلالة في غيابكم أنجزنا مع الإخوان الجزائريين والتونسيين ميثاقا مكتوبا لكفاح وتحرير شمال افريقيا ولكن الآن حصلت بلادنا على الاستقلال، فقال لى أنا أعاهدك على أن أبقى على عهد هذا الميثاق واني سأقاوم بهذا الدور وأؤديه أحسن أداء وفعلا كانت حياة محمد الخامس كلها مع الجزائر وأذكر هنا أنه لما زاره الدكتور حافظ ابراهيم (مناضل تونسي مستقر باسبانيا) قال له له كلمة لن أنساها وهي: يا دكتور كلنا في الجزائر». ويخلص الدكتور عمير عليه الصغير إلى أن هذا الموقف الداعم للقضية الجزائرية سوف يعلن عنها رسميا في مختلف المؤتمرات والهيئات التي حضرها أو كانت تحت اشراف الزعيمين بورقيبة أو محمد الخامس من ذلك مؤتمر وحدة المغرب العربي (طنجة 27 و30 أفريل 1958) الذي أعلن في بيانه الختامي حق الشعب الجزائري في السيادة والاستقلال مسجلا أنه أمام رفض فرنسا اقتراح الوساطة الذي تقدم به بورقيبة والملك محمد الخامس تأكيد الأحزاب المشاركة مساندتها المطلقة للشعب الجزائري واعتراضها بجبهة التحرير كممثل وحيد وشرعي له وتجددت نفس المواقف في المؤتمر الثلاثي الذي انعقد بتونس (17 – 20 جوان 1958) مع رفض لما جاء في خطاب ديغول من اقتراح ادماج الجزائريين. * المغرب وتونس قاعدتان خلفيتان ويضيف الباحث التونسي أن التزام كل من بورقيبة ومحمد الخامس بدعم القضية الجزائرية لم يبق في المستوى السياسي بل ارتقى الى مستوى سند المقاومة المسلحة وتقديم العون المادي للجزائريين في محنتهم اذ لم تعد تونس والمغرب مجرد ملجأ آمن بل كذلك قاعدة لوجستيكية وسياسية لكفاح جبهة التحرير واتضح بالمكشوف أن حاكمي تونس والمغرب تعاملا بايجابية مع المقاومة الجزائرية وتحول وطناهما فعلا إلى قاعدة خلفية للثورة الجزائرية. ويورد المحاضر قولة للجنرال الفرنسي صلان (Salan) في مذكراته لو لم تكن للثورة امكانية التسليح والتدريب في تونس لانهارت ويقول الباحث أن عدد الجنود الجزائريين المرابطين بتونس مر من حوالي 2000 سنة 1957 الى ما يزيد عن 22 ألفا سنة 1962 بحسب أرشيف الجيش الفرنسي نفسه وبعد الاستقلال كذلك أخذت الدولة البورقيبية على عاتقها مسؤولية تنظيم وتسهيل وتأمين السلاح للثورة الجزائرية وضبط في ذلك اتفاقات سرية مع القيادة الجزائرية وقد كلف بورقيبة الزعيم النقابي أحمد التليلي ووزير الداخلية الطيب المهيري وعضو الديوان السياسي عبد الله فرحات لمتابعة ملف التنسيق مع جبهة التحرير حيث تم تبعا لذلك تأمين تسريب السلاح القادم من طرابلس ومصر عبر تونس لوحدات جيش التحرير داخل تونس أو في الجزائر وأحيانا في شاحنات الحرس أو الجيش التونسي اضافة الى ذلك كانت لجيش التحرير الجزائري قواعد بتونس ومراكز للتدريب ومدارس للتعليم وورش صناعة الذخيرة والمشافي في مدن كسوق الاربعاء والكاف وتاجروين وقفصة والرديف والقصرين وحتى مدينة تونس اضافة الى مركز القيادة بغار الدماء. كما يشير الباحث إلى أن دور المغرب لا يقل أهمية عن دور تونس في دعم الكفاح المسلح في الجزائر حتى وإن كان الوجود الجزائري المقاومة أضخم في تونس منه في المغرب حيث كان يوجد في المغرب حوالى 10 آلاف مقاوم سنة 1962 علاوة على تجربة جيش تحرير المغرب العربي الموحد (1955 ـ 1957) التى انطلقت يوم 2 أكتوبر 1955 من الناظور وتطوان لتشمل منطقة الريف والريف الأوسط وفي هذا المستوى كان الملك محمد الخامس حاضرا بصورة مباشرة بمواقفه وبأمواله من البداية الى النهاية. * شهادة وأدوار ويورد الباحث شهادة لأبي داود محمد (منصور) المسؤول عن قطاع التسليح بجبهة التحرير بالغرب الجزائري : «في ما يخص القصر الملكي أن أشهد كمسؤول عن التموين والتسليح بأنهم أعطونا كميات كبيرة من الأسلحة» أنا تسلمت في غابة تقع شمال الرباط تسمى دار السلام خمسة آلاف بندقية منها رشاشات وخمسة ملايين رصاصة وكان الملك الحسن الثاني قد قال بأنه لا يريد لأي رصاصة أن تسقط بالتراب المغربي واياكم أن يصل الخبر الى الفرنسيين». كما أن الملك واحساسا منه بالحرج والاهانة التي ألحقتها به الحكومة الفرنسية على اثر اختطاف قادة الثورة الجزائرية في 22 أكتوبر 1956 قرر أن يكثف اعانته لجبهة التحرير وبداية من شهر نوفمبر 1956 قدم للدكتور الخطيب والدكتور حافظ ابراهيم 250 مليونا من الفرنكات بهدف اشتراء 2750 سلاح موزر مع ذخيرتها وقد أعطى فيما بعد الدكتور حافظ 100 ألف دولار لكريم قاسم لدعم شبكة شراء الأسلحة بمدريد. وتماما كما في تونس فقد كان لجيش التحرير الجزائري بالمغرب مراكز تدريب ومخازن أسلحة وورش لصنع الأسلحة وكذلك مراكز للاستشفاء ومعالجة الجرحى وخلص الدكتور عميرة علية الصغير إلى أنه رغم بعض الخلافات فإن التضامن المغاربي كان حقيقة تاريخية في أصعب الظروف والمراحل التاريخية. (المصدر: صحيفة « الشروق » (يومية – تونس) الصادرة يوم 18 أفريل 2007) 

من دفاتر اليسار التونسي في الزمن البورقيبي:

السجن والتفاوض على طريقة الرفيق لو دوك تو    

فتحي بن الحاج يحيى (*)     يَوْمَها كان الطّقس جميلا، والشّمس بازغة، والسّماء صافية كأحلى ما يكون أَوَّل يومٍ صيفيٍّ من شهر يونيو، في بلد متوسّطيٍّ مثل تونس. والحقيقة أنّ حالة الطّقس لم تكن تعنيني بالمرّة في ذلك اليوم الصّعب امتحانه، ولعلّ لكونه يوم امتحان، فقد بدأته بالمقدّمة المعهودة في إنشاءاتنا العربية الْمُسْتَلَفَةِ من مناهج التّدريس الفرنسية، فلا نُدرك معها أنّ المناخ وحالة الطّقس عندهُم تنطوي على حاجةٍ لهم إلى الشّمس والحرارةِ بقدر حاجتنا نحن إلى شيء من الرّطوبة وكثرة المطر، وإلاّ عمّت المجاعة وزَمُن القحط. لِنَقُلْ إذن أنّ الطّقس يومها كان رائقًا للمتجوّلين، ومصيبةً على الفلاّحين، وكارثةً على البلد، لولا تحوّل الشّمس الحارقة إلى صناعة سياحيّة تدرّ على البلد أكثر ممّا تدرّه الفلاحة. والمهمّ أنّني كنت راكبًا في سيّارة وزارة الدّاخلية، ولأوّل مرّة كانت السيّارة فخمة، لا علاقة بما عوّدتني به الوزارة إلى حدّ ذلك اليوم، بدليل أنني لم أتعرّف على ماركتها. كنت بالخلف، وبالأمام يجلس مدير الأمن الوطني بعينه، وكنّا نتجاذب أطراف الحديث وكأنّنا أصدقاء قدامى جمعت بيننا الدّراسة أو كرة القدم في البطحاء، أو لعب الكجّة والخذروف اللّذْين لهما علاقة متينة بالـ »بيس » و »الزّربوط » عندنا في تونس، لأنّهما نفس الشّيء. كنّا مجموعة من ثلاثة مساجين سياسيين (محمد الخنيسي، ونورالدين بعبورة وأنا) يُقتادون إلى القصر الرّئاسي بقرطاج لمقابلة طال التّفاوض فيها مع مدير الأمن الوطني، عبد الحميد السخيري آنذاك، الذي زارنا في السجن المدني بتونس المعروف بـ 9 أفريل (أبريل)، ثمّ مع وزير الدّاخلية، إدريس قيقة، في مكتبه. لا نعلم إلى حدّ اليوم، وبعد انقضاء سبعٍ وعشرين سنة على الحدث، سبب اختيارنا نحن بالذّات. وعلى كلّ، لم يعترض رفاقنا البالغ عددهم أربعة عشر نفرا، وقتها، على هذا الاختيار. المفاوضات الصّعبة لم تكن المهمّة سهلة، فمنّا من تجاوزَتْ مدّة سجنه الستّ سنوات وبَقِيَتْ أمامه نصفُ المسافة، على افتراض تقضيتها كاملة. كنّا نعلم أنّ إمكانيّة سراحنا واردة نظرًا لخروج فوجٍ أوّلٍ منّا منذ عشرة أشهر تقريبا – جلبار نقّاش ورشيد بللونة ونورالدين خضر وعزالدين الحزقي وأحمد بن عثمان الردّاوي، وعزالدين الحزقي، ومنجي اللّوز، والنّوري بوزيد، وعبد اللّه الرّويسي وغيرهم كثير. لكنّ الذي يفكّر من داخل الزّنزانة ليس كالّذي يفكّر من خارجها، فهو لا يصدّق بالأمر إلاّ عندما يضع قدمه خارج عتبة الباب الكبير، وقد يظلّ لأيّام بعد تسريحه يبحث عن الأدلّة الماديّة الملموسة بأنّه خارجه، وفينا من حمل السّجن سنوات طوالا بين أضلاعه، وهو خارجه. كان مدير السّجن مُنـزويًا على نفسه في ركن من مكتبه وهو ينظر مشدوها إلينا نُفاوض مدير الأمن الوطني على شروط خروجنا، وكلّه تأهّب للتدخّل عضليّا وبقيّة الحرّاس، في حالة تجاوزنا « حدود اللّياقة » تجاه ممثّل الدّولة. وكان هذا الأخير على قدر كبير من المرونة وسعة الصّدر والحنكة في امتصاص توتّرنا النّاجم عن بحثنا على إقامة معادلات عدّة في نفس الوقت : – أن نُفْهِم الطّرفَ المقابل أنّنا لا نستجدي عطفا أو هِبَةً، وقد قضّينا سنواتٍ نرفض فيها إبداء أيّ إشارة يُقرأ منها طلبُ عفوٍ كان واردًا بسهولة لكلّ من طلبه. – أن نحصُل على ضمانات بأن لا يتحوّل الأمر إلى عمليّة دعائيّة لفائدة النّظام بإعلانه عن امتناننا لبورقيبة بإطلاق سراحنا، أو تقديمنا في صورة التّائبين عن ضلالة شبابيّة عالجها الأب بما تقتضيه الأبوّة، – أن نتصرّف في الخوف من إجهاض المفاوضة بوضع شروط « يسراوية » أو « دغمائيّة » تستفزّ بورقيبة بما يجعل أناويته تتغلّب على اختيارات (أو إلزامات) حكومة مزالي، بتوخّي سلوك انفتاحي جديد. والحقيقة أنّه منذ إنزالنا « الحبس الجديد »، كما يُسمّى على قِدَمِه، ومغادرتنا معتقل « برج الرّومي »، كنّا نلمس بعض التغيّر في التّعامل معنا بما يشير إلى أنّنا خارجون لا محالة. ومن مفارقات الصّدف أنّنا عشنا هذه الفترة على وتيرة أشدّ على أعصابنا من وتيرة حياتنا في برج الرّومي والسّجون التي وُزّعنا عليها من قَبْل، بمدن الكاف أو قرمبالية أو صفاقس أو القصرين أو بنزرت أو باجة أو القيروان. كانت الشّائعات والتكهّنات تَسْتَنِدُ إلى صور الأخبار التّلفزية التي تأتينا عن بورقيبة، بدون صوت بورقيبة. فالرّجل كان مريضا ويتكلّم بصعوبة، ويقول أشياء قد تكون في الموضوع أو خارجه، بحسب مزاجه ووضعه الصحّي، لذا قطعوا عنه الصّوت، وظلّ يحكم البلاد في سنواته الأخيرة، بالصّورة دون الصّوت، وهو الّذي نحتَ صَوْتُه وصقلت كلماته وخُطبُه وتوجيهاته، وجه البلد وأذهان العباد. كانت هذه الصّور التّلفزية، وما يصحبها من قراءة على الشّفاه، وتأويلات، ومقاربات، وتحاليل، وإشاعات، تجعلنا على أهبة الخروج عشيّة كلّ مناسبة وطنية. وبقدر كثرة هذه المناسبات والأعياد في وطننا، كانت أعصابنا عرضة للشدّ ليلة الأعياد، وللارتخاء في اليوم الثاني منها (أعتقد أنّه من وقتها أصبحت لي مشكلة مع لفظة « ثاني عيد » !). خرجنا من ورطة هذه المقابلة الأولى بفضل أحد ثلاثتنا -و لم أعد أذكره-، قال أنّنا مفوّضون من قبل بقية رفاقنا ويستوجب الرّجوع إليهم عملا بفكرنا الديموقراطي وتقاليدنا التّشاوريّة في أخذ القرار –لم نقل، طبعا، أنّ أمرنا شورى بيننا- وقَبِل « الصّخيري » الأمر على أن يعود إلى زيارتنا ثانية. اجتماع في « الشّمبري » أذكر أنه عندما عدنا إلى « غرفة النّوم » (بدا لي وقتها أنّنا نقطن فندقا، لمجرّد تغيّر نظرة الحرّاس ومدير السّجن إلينا، نتيجة ما لمسوه من حسن استقبال مدير الأمن الوطني لنا، وتبعا لذلك تَغُيُُّرُ نظرتي في تلك اللّحظة إلى الـ »شّمبري »)، جهدنا في تقديم عرض ضاف ومفصّل عن حيثيّات ودقائق المقابلة، وحواشيها، وجوانبها، بما لا يدع شكّا لدى قاطني « الشمبري » (العنبر) أجمعين بأنّه لم يقع تفريط، من أيّ نوع كان، في المبادئ والقيم، أو أيّ شيء من هذا القبيل من شأنه أن يُقرأ على أنّه تخاذل أو تسرّع في قبول سراح قد يَنْسَخُ سنواتِ طوال من الصمود والنضال. وأذكر أنّني استغللت يومها الفرصة لطلب سجائر إضافيّة بتعلّة « حرق » نصيبي، المقرّر يوميّا من رصيدنا الجماعي، أثناء هذا الحدث الطّارئ الذي لم يكن مبرمجًا في خصومتي اليوميّة مع الوقت لتقسيط سجائري بين الليل والنّهار. والحقّ أنّ الرّفيق المسؤول عن « الكنتينة » (أي ميزانية التّصرّف التي تخوّل لنا اقتناء بعض الحاجيات من متجر السّجن على حسابٍ جارٍ مفتوحٍ لدى الإدارة ومُمَوَّلٍ من عائلاتنا)، لم يُمانع في الأمر حرصا على اختصار الوقت للمرور إلى ما هو أهمّ، بل بلغ به الكرم إلى حدّ السّماح بقهوة إضافيّة للمفاوضين ثمّ عمّمها على الجميع، من باب الإنصاف والعدل أوّلا، وبسبب طول سهرنا في الاجتماع العامّ المخصّص لتحضير المقابلة القادمة مع السّلطة المجسّدة في أحد أعلى إطاراتها الأمنية. يصعب على ذاكرتي اليوم استعادة جميع التّفاصيل، فبقدر ما كانت تجمعنا قواسم سلوكية كمجموعة في مواجهاتنا لإدارة السّجن، واتّفاقنا على تسيير حياتنا الجماعيّة من حيث تقاسم « القفّة » (السلة التي تأتي بها العائلات)، والمال، واستعمال الراديو المهرّب (رغم أنّ بعضنا كان يُفضّل الاستماع إلى إذاعة « تيرانا » الألبانيّة أكثر من استماعه إلى صوت العدوّ المنتشر في كلّ ربوع العالم تقريبا)، بقدر ما كنّا مختلفين سياسيّا وفكريّا على أشياء بعضها واضح، وبعضها مبهم، وبعضها سياسي وإيديولوجي، وبعضها الآخر لا علاقة له بالسّياسة، وإن لبس ثوبها. أشياء من نوع حكايات حبّ تعود إلى ما قبل السّجن تقاطعت فيها الأقدار بين رفيقين على حبيبة واحدة مثلا، لأسباب إحصائية بسيطة مردّها انخفاض عدد الإناث نسبة إلى الذّكور في عالم السريّة النّضاليّة، أو صداقات مسترابة أكثر من اللّزوم مع قدماء مجموعة « برسبكتيف » الذين جمعنا بهم معتقل برج الرّومي، وكان يرى فيهم البعض خطر تلويث فكري في زمن لم يكن فيه تلوّث البيئة ورادا في قاموسنا، أو قراءات لكتب برجوازية أفتى فيها البعض أنّها مارقة ككتب « سولجنتسين » أو « الفلاسفة الجدد »، وأحيانا مجلاّت خليعة لفاتنات عاريات تصلنا عن طريق حرّاسنا مقابل ثمن كان يرى البعض أنّه من الأجدر صرفه في أمور تهمّ الثورة والوطن دون تحديد واضح لما هو نافع. فقد كنّا بشكل عامّ أقدر على معرفة ما لا ينفع من تمييز ما ينفع. وعلى كلّ لم تكن اختلافاتنا أو مخالفات بعضنا لضوابط التّصرّف السّليم لمناضل ماركسيّ لينيني تطرح عائقا كبيرا أمام تعايشنا اليومي، خاصّة في السنوات الأخيرة من السّجن. ربّما يعود الأمر إلى يأس النّواة الصّلبة من إصلاح الثّلثين، أو لرتابة الزّمن، وتداخل الأيّام، وارتخاء اليقظة الإيديولوجية ممّا جعل بعضنا يفجّر، أحيانا، نكتا نضحك لها جميعا كالإعلان عن ضياع مجلّة « هو Lui »[1] العارية، والتّظاهر بالبحث عنها لنجدها، في آخر الأمر، وقد دسّها أحدنا، تحت مخدّة رفيقنا الـ »كي »، الطيّب طينة والمتشدّد إيديولوجيةً. (أحد مساجين الحقّ العامّ من أبناء حيّي، كان لا ينفكّ عن الحديث عن خطيبته التي تركها في انتظاره، وأصرّ يوما على إطلاعي على صورتها… كان وجها رائع الجمال لصورة عفا عليها الدّهر…مقتطعا من مجلّة عربية متخصصة في نجمات السينما…وهو يعلّقه حذو رأسه…وينزل ضربا في كلّ من رأى فيه غير خطيبته الحقيقية). كنّا نحتاج إلى الضّحك بقدر حاجتنا إلى الحريّة وكان الوقت يقتلنا بطوله وتمططّه، فنقتله بابتداع حكايات، وأوهام، وخصومات، وسهرات، ونقاشات تعطي معنى لوجودنا كبشر قبل وجودنا كمناضلين وسجناء رأي وسياسة. ليلتها تمّ الاتّفاق بيننا، دون خلافات تذكر، على مواصلة التّفاوض على أسس واضحة : أنَّ قبولنا مغادرة السّجن يكون مشروطا بالاتّفاق المسبق على صيغة البيان الّذي سينشر بالصّحافة ، وقد فاتني القول أنّ مدير الأمن الوطني فاجأنا منذ الزّيارة الأولى بأنّ الرئيس بورقيبة يريد استقبالنا بالقصر الرئاسي، وأنّه لا مناص من قبول الأمر لأنّه في حالة مرض، وقد يستفزّه رفضنا بما قد يترتّب عليه إبقاؤنا في السّجن لسنوات أخرى، وقد يبلغ الأمر التّراجع في العفو عن المجموعة التي أُطلِق سراحها لعشرة أشهر خلت. وكنّا نعلم أنّه قادر على ذلك، فقد سبق أن أعاد إلى السّجن سنة 1972 كلاّ من رشيد بلّلونة، ونورالدين بن خضر، وجلبار نقّاش دون محاكمة بدعوى تراجعه عن العفو الرئاسي الذي شملهم سنة 70 إثر محاكمة 1968 الشهيرة. أذكر أنّنا رددنا عليه، يومها، بأنّهم لن يستطيعوا نقلنا إلى القصر عنوة، وأنّنا سنعلن رفضنا بكلّ الطّرق، وهدَّدْنا بالفضيحة أمام الرئيس ذاته، وبتمزيق ثيابنا للتّعبير عن احتجاجنا، والحال أنّه كان يتحدّث عن مدّنا بملابس لائقة… في حضرة الوزير ما إن طلع صبح اليوم الموالي حتّى دُعينا من جديد إلى إدارة السّجن لمقابلة ثانية مع نفس المسؤول، فبادرناه بشروطنا، فردّ بأنّ مثل هذه الأمور تتجاوزه، وأنّه من الأفضل مقابلة وزير الدّاخلية والتّفاوض معه مباشرة. وهو ما تمّ فعلا في نفس اليوم حيث تمّ نقلنا إلى مكتب الوزير، إدريس قيقة، الذي استقبلنا كما لم نُستقبل يوما في حياتنا، وكنّا نعرف تحديدا مقرّات الدّاخلية التي استضافتنا أيّام إيقافاتنا المتتالية، غير أنّ الأمر كان، في هذه المرّة، مختلفا بعض الشيء من حيث الشّكل والمحتوى وكمية الوجع وتفاصيل أخرى، أجسادنا أقدر على الإفصاح عنها من أفواهنا وكلامنا. لم نكن في هذه المرّة معلّقين بين الأرض والسماء بل كنّا جالسين على مقاعد فخمة من الجلد الطّري. كان الوزير أكثر عصبيّة من مدير الأمن، لاختلاف في الطّباع والمزاج، دون شكّ، وأيضا لـ »قرب رأس الفرطاس (الأقرع) إلى ربّي » على رأي المثل التّونسي، أو ربّما لعدم اقتناعه الكامل بأنّ تشريفات من هذا القبيل لسجناء سياسيين لا تليق كثيرا بمقام وزير داخلية لم يتمرّن بعد، بما فيه الكفاية، على ممارسة هذه الدّيموقراطية الجديدة. قدّم لنا بسطة ضافية عن توجّه الحكومة الجديدة في طيّ صفحة الماضي وتدشين عهد الحريّات والدّيموقراطية، وعَلِمْنا منه، يومها، أنّنا أبناء هذا الوطن، واستبدّت به العاطفة فقال أننا أبناؤ »هم » أيضا (هم العائدة على أصحاب الوطن)، ولم يبلغ الأمر درجة تقبيلنا أو ضمّنا إلى صدره، وأفهمنا، بكثير من الإيحاء، بأنّ مدارك الرئيس ليست على ما يرام، وطالب منّا مساعدته على تخطّي هذه العقبة بضبط أنفسنا إذا ما صدر عن بورقيبة، لا سمح اللّه، ما لا يسرّ سماعه، وما قد يعكّر صفو المحبّة الجديدة بين الحكومة ومساجينها، ونحن نستمع ولا نفقه إن كان الرّجل خائفا من الحبيب بورقيبة بأن لا يكون في مستوى المسؤولية المنوطة بعهدته، كرئيس دولة، في تكريس سياسة الحكومة، أو خائفا من ردود فعلنا الطّفولي لما يعلمه عنّا من « صحّة رأس » وعدم تقدير لهيبة الدّولة، أو خائفا على نفسه من الورطة التي حلّت به. ولا أظنّ سوى أنّ خوفه كان ثلاثيّ الأبعاد، وهو ليس بالأمر الهيّن. الحقيقة أنّني في تلك اللّحظة رقّيت لحاله، وكدت أن أربّت على كتفه، وأن آخذ بيده وأواسيه بكلمة طيبة من نوع « ما تحطّ شيء في بالك، غصرة (ضائقة) وتفوت »، ولكنّي لم أفعلها لسببين اثنين. أوّلا: وجدت هذه الجملة غير لائقة لانتمائها إلى قاموسي السّجني العالق بي، فكثيرا ما كنت أقولها لبعض مساجين الحقّ العامّ الذين سنحت لنا الظّروف بتبادل بعض الأحاديث معهم، وكنت أضيف إلى تلك العبارة « الحيّ يروّح والحبس كذّاب »، وهو كلام لا يليق بحضرة وزير على رأس أهمّ وزارات السيادة. وثانيا : تذكّرت بأنّي لست هنا أصالة عن شخصي الكريم، وإنّما أنا حاضر بصفتي نائبا عن رفاقي المساجين السياسيين القابعين بالسّجن، وأولئك الذين خرجوا منه، وعن جميع أطراف الحركة الدّيموقراطية في البلاد التي تحمل تطلّعات شعبنا في الخبز والحريّة، وبالتّالي فأنا أنوب عن كلّ الشّعب، وإن لم ينتخبني، ولكنّه تمثيل حقيقي بآليات معقّدة يصعب شرحها لضيق المجال. عندما فُسح لنا المجال أخيرا للحديث كنّا، على صغر سنّنا، وطراوة تجربتنا السياسية، وانعدام خبراتنا التّفاوضية، أقدر منه على الإيجاز والوضوح والبيان : أوّلا: صياغة البيان الصحفي الذي سيصدر عن الرئاسة وينشر في الإعلام بما لا يدع شكّا لأيّ تأويل قد يفسّر أننّا طالبون لعفو رئاسي، مع التّنصيص على صفتنا كمساجين سياسيين يُطلق سراحهم. ثانيا : مهما كانت حالة الرئيس أو أقواله، فإنّنا سنطرح عليه مطالبنا في حرية التّنظيم، والصّحافة، والتّعبير، ومحاكمة المسؤولين عن التّعذيب، ثالثا : سنّ قانون عفو تشريعي عامّ، واسترداد حقوقنا كاملة، رابعا : أن يشمل العفو جميع المساجين السياسيين، إذ أنّ الوزير سبق أن أشار في حديثه إلى دفعة أولى يتحدّد من خلال تصرّفها شمول البقيّة. اغتاظ الوزير لكلامنا وبدا عليه التبرّم وضيق الصّدر، ولاحت في الأفق بوادر مشادّة، قد لا تحمد عقباها على الجميع، ولم نكن نعرف مدى المناورة الذي يمكننا التّصرّف فيه، فقد كنّا نقرأ عن براعة الرفيق الفيتنامي  » لو دوك تو » في قهره للأميركان على طاولة المفاوضات، كامتداد لقهره لهم على الميدان، أمّا الآن فالوضع مختلف، فليس عندنا مناطق محرّرة ندخلها في المعادلة التّفاوضيّة، ولا دراية لنا بتقنيات رفيقنا الفيتنامي وأساليبه، ولم نناقش كثيرا، فيما بيننا، قضية الحدّ الأدنى والحدّ الأقصى. قوّتنا كانت في تلاقي الأدنى بالأقصى. ولحسن الحظّ أنْ تَدَخَّلَ مدير الأمن الوطني ليلطّف الجوّ بأريحيَّتِه الطّبيعية، ولأسباب أخرى يتّصل بعضها، كما فهمت بعد خروجنا، بميول ٍلا علاقة لها، مباشرة، بالسياسة والدّولة، وبأخرى تَمُتُّ إلى صلته المتينة بوسيلة بن عمّار بورقيبة، زوجة الرئيس، التي كانت حريصة بدورها على خروجنا لأسباب فيها السياسي وغير السياسي. ويبقى هذا الأمر من قبيل تقديري الشّخصي البحت… وليس المجال للتبسّط أكثر. [1]- مجلّة إباحية كنّا نجد فيها أجمل فاتنات العالم، كما ولدتهنّ أمّهاتهنّ، فيستسلمن لنا طائعات. يجدر اعتبارها، بحقّ، أروع ما يمكن للسّجين الحصول عليه من أمّهات الكتب، والمراجع الثّابتة. (المصدر: موقع « الأوان »، تصفح يوم 19 أفريل 2007) الرابط: http://www.alawan.com/index.php?option=com_content&task=view&id=158&Itemid=7  

 

مفهوم « المدافعين عن حقوق الإنسان »… من الانفتاح إلى التّنميط

     

عبد الباسط ين حسن (*)      يعرّف « إعلان المدافعين عن حقوق الإنسان » الذي اعتمدته الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة سنة 1998 المدافعين بأنّهم الذّين يعملون منفردين أو بالاشتراك مع آخرين من أجل حماية حقوق الإنسان أو تعزيزها. ويسعى هؤلاء إلى توثيق المعلومات عن انتهاكات حقوق الإنسان ونشرها محليّا وإقليميّا ودوليّا كما يسعون إلى دعم ضحايا هذه الانتهاكات ومساءلة المسؤولين عن التّجاوزات وتطوير الحكم الرّشيد وتشجيع السّلطات على الوفاء بالتزاماتها التّعاقديّة ودعم التّحوّل الدّيمقراطيّ. ويعمل المدافعون عن حقوق الإنسان على تطوير ثقافة حقوق الإنسان باعتماد لغة نقديّة تفكّك أسس الخطابات الشموليّة وتطوّر قدرة الإنسان على فهم واقعه المتعدّد الأبعاد وبلورة أجوبة على أسئلة وجوده. وينطلق هذا التّعريف من توسّع مجالات حقوق الإنسان وكونيّتها وعدم تجزئتها ليقترح تصوّرا هامّا مفاده أنّ الدّفاع عن حقوق الإنسان ليس حكرا على مجموعة من « العاملين في مجال حقوق الإنسان » أو « المختصّين » بل هو مسؤوليّة الجميع سواء كانوا أفرادا أم جماعات، وسواء كانوا منتمين إلى مؤسّسات رسميّة أو غير رسميّة. وهؤلاء المدافعون يمكن أن يكونوا مثقّفين أو إعلاميّين أو مبدعين أو أفرادا مجهولين لم يختطفهم بعد بريق الشّهرة وأضواؤها. ولعلّ المعنى الأساسيّ الذي يحرّك كلّ هؤلاء هو الإحساس في لحظة معيّنة بأنّ هناك حريّات يجب صيانتها بقطع النّظر عن هيمنة منطق المصلحة، وبأن هناك رغبة متأصّلة في التّحرّر لا تحكمها الحسابات السياسويّة الضيّقة. إنّها كونيّة المبادئ التي تعني أنّ المدافع عن حقوق الإنسان لا يمكن أن ينبري لمواجهة التسلّط السّياسيّ وأن ينكر في الوقت نفسه حقوق النّساء و الأقليّات والمهمّشين والفقراء. لقد شهدت البلدان العربيّة أشكالا عديدة من محاصرة المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان تهدف إلى الحدّ من قدراتهم على فضح انتهاكات حقوق الإنسان ومن التحرّك لمواجهتها. وتتجسّد مظاهر قمع المدافعين عن حقوق الإنسان عمليّا في انتهاك حريّة العمل والتّنقّل والاجتماع والتّنظّم وفي الاعتقال التّعسّفي والتّعذيب والحطّ من الكرامة وتشويه الصّورة والاعتداء على حرمة الحياة الخاصّة. وتقدّم السّلطات أسبابا عديدة لتبرير هذه الممارسات منها ضرورة حماية « السّيادة الوطنيّة » التي تحاول منظّمات حقوق الإنسان اختراقها بالاعتماد على شبكاتها الخارجيّة، والمحافظة على « وحدة الجبهة الدّاخليّة »، وأولويّة النّموّ الاقتصاديّ على غيره من القضايا، ومحاربة الإرهاب. أمّا محاولات قلّة من الذين يسعون إلى توسيع هوامش الحرّيات من داخل المؤسّسات الرسميّة وشبه الرّسميّة فإنّها تصطدم إلى حدّ الآن بثقل الأجهزة وبيروقراطيّتها أو بغياب الإرادة السّياسيّة لاحترام حقوق الإنسان احتراما فعليّا. ولقد نجحت أساليب الإقصاء والتّهميش والرّدع العنيف في محاصرة حركة حقوق الإنسان والتّقليل من دورها رغم النّجاح النّسبيّ الذي تحقّق في بعض البلدان في مجال المطالبة بالحقوق. ولكنّ ما نلاحظه إجمالا هو أنّ هذه التّجارب ما إن تشرع في تحقيق بعض التّراكم في مستوى الوعي بحقوق الإنسان حتّى تعود آليّات الانغلاق لتعصف بها وتدمّرها. وربّما تفرض علينا هذه المحاصرة طرحا معمّقا لقضيّة موقع حركة حقوق الإنسان عامة وموقع النّاشطين خاصّة في اللّحظة التّاريخيّة الرّاهنة. والغاية من هذا الطّرح هو التّساؤل عن مدى قدرة هذه الحركات على إقامة مسارات وتجارب حرّية تتأصّل في واقع النّاس المتعدّد وتحاول توفير إمكانيّة بناء وعي بأسئلة الحياة من خلال فهم الأسباب العميقة للانتهاكات ومن خلال تحدّي أدوات التّسلّط المتجدّدة على الدّوام، ومن خلال استلهام مبادئ حقوق الإنسان للتّاثير في السّياسات القائمة وتحويلها. انفتاح المفهوم وعمقه لقد مثّل ظهور مفهوم المدافعين عن حقوق الإنسان في العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي حدثا أساسيّا في المشهد السّياسيّ في البلدان العربيّة. فمن رحم الحركة السّياسيّة والاجتماعية في بعض البلدان العربيّة، بإشكاليّاتها وإخفاقاتها، انبرى عدد من الأفراد والمجموعات للتّصدّي لتجاوزات السّلطات والأحزاب الحاكمة الشّموليّة ولاقتراح مجموعة من المبادرات غايتها إعلاء مبدإ سيادة القانون واحترام الحريّات. ورغم اختلاف الظّروف التاريخية الملابسة لظهور النّشطاء من بلد إلى آخر، واختلاف العوامل التي حدّدت تطوّر هذه الظّاهرة ومصائرها، فإنّنا يمكن أن نخرج بجملة من القواسم المشتركة، وأن نكوّن لوحة عربيّة عامّة عن هذه الظّاهرة. انحدر المدافعون من خلفيّات اجتماعيّة ومهنيّة ومعرفيّة وسياسيّة متنوّعة واستنبطوا طرقا لمواجهة انتهاكات حقوق الإنسان اعتمدت قراءات مختلفة للحظة السياسيّة وتحوّلاتها. وتراوحت تدخّلات المدافعين في الحياة السّياسيّة لبلدانهم بين مواجهة أداء السّلطات وتجاوزاتها عن طريق توثيق الانتهاكات والتشهير بها، والبحث في لحظات تاريخيّة معيّنة عن التّدخّل في السّياسات بواسطة أدوات حقوق الإنسان، كلّما كانت هناك بوادر انفتاح سياسيّ في بلد ما. ولم يقتصر التّعدّد الذي ميّز تطوّر مفهوم المدافعين على هذه الجوانب بل انضافت إليه مسالة أخرى أساسيّة تمثّلت في انفتاح ممارسات حقوق الإنسان على قضايا « جديدة » نسبيّا مثل حقوق النّساء وحقوق الطّفل واللاّجئين والمهاجرين والتّنمية والدّيمقراطيّة… إلخ. ووفّر هذا الانفتاح فرصا كبيرة لإحداث نقلة معرفيّة هامّة في مسار العمل على تأصيل نشاط حقوق الإنسان في المجتمعات العربيّة. ولعلّ المتأمّل في مختلف الأدبيات التي أسّست لظاهرة المدافعين وحاولت التّفكير في شروط وجودها، يلاحظ مجموعة من المبادئ التي ينتظم تحتها هذا التّعدّد ويؤسّس لهويّة المدافعين التي قد تميّزهم عن بقيّة الفاعلين السّياسيين والاجتماعييّن في البلدان العربيّة. من أهمّ هذه المبادئ، الإيمان بكونية حقوق الإنسان وتكاملها وعدم تجزئتها واعتبار المساواة في جميع أبعادها والتّضامن الإنسانيّ مداخل لتجربة الكونيّة. ومنها أيضا استقلالية عمل حقوق الإنسان عن السّلطات سواء كانت سياسيّة أم اقتصادية أم دينيّة أو اجتماعية، والابتعاد عن التّحزب والتّأثيرات الإيديولوجية. وقد بشّر المدافعون بميزات قيميّة مثل اعتماد الديمقراطيّة والمشاركة والشّفافيّة والمحاسبة منهجا في إدارة العمل وصنع القرار. ومثّلت هذه المبادئ المرجعيّة الرّمزية التي انطلقت منها مجموعات المدافعين في تحديد هويّتها النّاشئة وفي إحداث « ثغرة » في الخطاب السّياسيّ السّائد في البلدان العربيّة، وهو خطاب كان يقوم أساسا على الإيديولوجيّات المنغلقة التي تعلي سلطة الجماعة الهلاميّة على كلّ سلطة أخرى وتعتمد المراتبيّة في إدارة المشروع السّياسي وتقصي من خطابها السلطويّ الحاكم أو الثّوريّ المعارضين الأفراد ولا تعترف بحرياتهم. إنّ تشكّل الوعي بضرورة حماية حقوق الإنسان وظهور هذه الهويّة الجديدة لأفراد يسعون من أجل تطوير الخطاب السّياسي بإدماج قضيّة الحريّات في مشاريع تطوير المجتمع، لا يمكن أن نردّه فقط إلى الرغبة في ردّ الفعل السّطحيّ على السّلطة وهويّتها القائمة على العنف والإكراه، بل يجب أن نرى فيه تعبيرا عميقا عن تحوّل أساسيّ في الوعي بمسؤوليّة الفرد أمام ما يهدّد وجوده وحرّيته. انّه تحوّل في علاقة الفرد بالخوف الذي هيمن على حياة مجتمعاتنا طيلة قرون طويلة. لقد حفل تاريخنا بأمثلة عديدة عن محاولات تحرّر قمعت بالحديد والنّار وعن مفكّرين وأدباء وسياسيّين وأناس عاديّين عذّبوا وشرّدوا وقتلوا لمجرّد إرباكهم المسلّمات القائمة واقتراحهم ممارسة تحرّريّة. فظهور مدافعين عن حقوق الإنسان هو استعادة فعليّة لتوق قديم إلى الحرية، ولكن بوسائل حديثة، وبوعي جديد ولغة جديدة. فقد منحت الحداثة لغة للتّعبير عن الحاجة إلى الحرية. هذه اللغة هي لغة حقوق الإنسان في كونيّتها القائمة على المساواة والتضامن الإنسانيّ. إن المدافعين عن حقوق الإنسان هم الأفراد الذين تقودهم رغبة في التّخلّص من الخوف والشّهادة على التّخلّص منه. وقد تساوقت هذه الرّغبة مع الطّموح إلى تحويل هذا الموقف الفردي إلى وعي جماعيّ من شأنه أن يبني أنساق حرية. فخطاب حقوق الإنسان لا يمثّل غاية في حدّ ذاتها بل هو مجرّد أدوات ومقترحات للإجابة عن إشكاليات الحرية في لحظات تاريخية معينة. إنها برنامج عمل من أجل الحرّية. ولكن هل تحوّل سؤال الحرّيّة لدى المدافعين عن حقوق الإنسان باعتبارهم يمثّلون هويّة ناشئة من مرحلة المثل الحالمة إلى مرحلة بناء مسارات وأنساق دائمة لإعمال مبادئ حقوق الإنسان في واقع الأفراد؟ وهل تمكنت حركة حقوق الإنسان من تحويل مفهوم الدفاع عن حقوق الإنسان من أداة لردّ الفعل إلى فنّ لإبداع تجارب الحرية وحمايتها من رعب التسلط والإقصاء أو الاحتواء؟ تضييق حدود المفهوم نشهد اليوم في البلدان العربية إعادة تشكيل لمفهوم السّلطة يقوم أساسا على توزيع الأدوار بين مجموعات مختلفة تمارس العنف لحماية مصالحها وإدامة سيطرتها على الفضاء العام. وتتوزع هذه الأدوار السلطوية بين قوى السّلطة الأمنيّة وقوى المال والدين والطوائف، ويكاد يكون لكل قوّة من هذه القوى وسائل إعلام ونخب ومؤسسات اجتماعية وثقافية تشكّل وعي النّاس وتسجنهم في الاستهلاك العقيم لمنتوجات  » اللاثقافة « . إنها مرحلة جديدة تسعى إلى إعادة إنتاج أنماط قديمة من ضرب التعدّد والاختلاف ومراقبة رغبات التحرّر وقمعها أو احتوائها بأشكال متعدّدة ومتجدّدة. فوسائل الإعلام والتكنولوجيا الحديثة للمعلومات مثلا وقع احتواؤها في غالب الأحيان لتصبح وعاء تمرّر من خلاله ثقافة الغرائز بدل تجربة العشق المحررة ويستبدل فيها النقاش القادر على بناء الثقافة المدنية بتهييج المشاعر والانتصار للطائفية والتعصب والإرهاب وتتحول من خلالها التجارب الإبداعية التي تسائل المطلقات والمسلمات إلى التغني بمحاسن الجماعة والقبيلة. وهذه مفاجأة جديدة في كمّ السلع الاستهلاكية الضّخمة الذي تبثّه بعض الفضائيّات بتقنيات مغرية وحرفيّة عالية. ويبدو التعامل مع حركة حقوق الإنسان مثالا ساطعا على استراتيجيات قمع وتهميش المتعدد في الفضاء السياسي. فـ »الحرب » على المدافعين لم تقتصر على الحرمان من الحرية والردع العنيف. لقد اتخذت اشكالا أكثر مكرا ورهافة عن طريق التشكيك المتواصل في خطاب حقوق الإنسان وأسسه الكونية وعن طريق إفراغ الكونية من طاقتها الرمزية والعملية الإنسانية واختزالها في كونها مجرد نتاج « غربي » يرتبط بمصالح الغرب وتوجهاته العدوانية. كما سعت الحرب على المدافعين إلى محاصرة قيمة التضامن باعتبارها أداة لتحويل الشهادة الفردية إلى فعل جماعي يعي الأسباب العميقة للتسلط ويواجهه. وتجسدت أيضا في تحويل المضمون الرمزي لصورة المدافع أو المدافعة من البعد القيمي الإيجابي الذي تنبع إيجابيته من تعدّده، إلى بعد منمّط أحادي التوجه. فلقد أصبح المدافعون، بفضل عملية التحويل هذه، مجموعة أو زمرة من المتخصّصين أو تقنيي الحقوق الذين ينتمون بالضرورة إلى منظمات حقوق الإنسان ويستمدون شرعية وجودهم من « الخارج » ويغلب على ممارستهم اللهاث وراء التمويل والفساد الإداري ويتموقعون بالقوة في إطار علاقة صراع المصالح مع السلطات بجميع أنواعها. إنّنا لا ننفي وجود تجاوزات ونقص في الشّفافيّة والتّسيير الدّيمقراطيّ في بعض المجموعات التي تنتمي إلى فضاء حقوق الإنسان، ولكنّنا لا يمكن أن نقبل استخدام هذه التّجاوزات لضرب مفهوم الدّفاع عن الحرّيّات في جوهره. ولقد أدّت عملية تنميط مفهوم المدافعين إلى إقصائهم تدريجيا عن دوائر الفعل الاجتماعي بتحويلهم إلى جسد مكتف بذاته يدور في حلقات مفرغة من الفعل وردّ الفعل ويستحيل عليه التمدّد داخل فراغات الخطاب السّياسي السّائد واقتراح رؤية مغايرة تقوم على التواصل مع الآخر وبناء مشاريع تغيير. والنّتيجة هي أنّ الوعي الجماعي أصبح يعتبر النضال من أجل الحريات اختصاصا يحف به الرعب من القمع أو التخوف من تلوث الصورة بتهم الفساد وخدمة مصالح قوى خارجية غير منظورة. وربّما كانت هذه الصورة النمطية التي تمّ ترويجها عن المدافعين عن حقوق الإنسان عاملا من عوامل عزوف الشّباب عن ممارسة الأنشطة السّياسيّة في أشكالها المرتبطة بالحرّيّات. ولعل المتأمل في عمق هذا التصور يتساءل هل أن الشباب يعيش ألم فقدان فضاءات التعبير الحر والتعدد الحقيقيّ، أم هو ضحيّة هذا التّشويه والتّنميط أم أنه يعزف عن السياسة في مطلقها؟ إننا مدعوون إلى طرح سؤال هام في وضع تتربص فيه غيلان التطرف والحلول القصوى بالشباب. ولا يمكن أن نطرح الأسئلة الهامة بأدوات كليانية ومنغلقة أو أن نطرحها بالاستناد إلى تصورات هي في حقيقة الأمر جزء من المشكلة. يمثل تنميط صورة المدافعين مدخلا لتهميش معطى أساسي من معطيات تحويل الخطاب السياسي. فهو يفرغ مقولة « حقوق الإنسان مسؤولية الجميع وللجميع » من قدرتها على تثوير الممارسة السياسية ويجعلها شعارا من الشعارات التي تضاف إلى الكم الهائل من المطلقات التي تتحكم في وجودنا. إن الحريات وحقوق الإنسان ليست مجالا للتقديس بل هي في الحقيقة مسار إنساني معقد يستدعي التجربة والمغامرة والفعل. وهي ليست حكرا على فئة دون أخرى بل هي وعي فردي يطرح للتواصل مع الآخر المتعدّد ويمكن له في حالة تجاوز الاكراهات المتعدّدة أن يوسّع من هامش العيش المشترك الذي يقوم على الحرية والمساواة والكرامة والعدالة. إنّه وعي لا يسبق الوجود ولا يتأسّس على المطلقات بل هو سفر متواصل، رغم ما قد يعتريه من انتكاس، وهو سعي إلى تأسيس لغة مشتركة تبنى عن طريقها المواطنة. لقد تعدّدت في السّنوات الأخيرة الأصوات والتّجارب التي تدعي الانتماء إلى فضاء حقوق الإنسان وتعدّدت المقاربات والاستراتيجيات. وتبدو مسؤولية هذه الأطراف كبيرة في تجاوز نمطية صورة المدافعين عن الحريات بتأكيد القيم الأساسية التي قامت عليها، وهي الاستقلال عن العمل السّلطويّ والحزبيّ، والدّيمقراطيّة في السّلوك والتّسيير، والشّفافيّة والمحاسبة، وعدم التّنازل عن مبدإ الكونيّة. كما تتطلّب هذه المسؤوليّة استعادة أهداف نشاط حقوق الإنسان وهي تحليل ونقد الأسباب العميقة للتّسلّط والتّمييز واللاّعدالة واقتراح سياسات بديلة من منظور حقوق الإنسان لمواجهة كل أصناف الانتهاكات وبلورة لغة تقوم على مساءلة السّياسي والاجتماعي والثقافي ومحاورتها وتعتمد فكرة الحرية وتجاربها. إنّها مسؤوليّة لا يمكن أن تبقى حكرا على مجموعة من « أخصائيىّ » الحرية بل هي مسار يستدعي الإنصات للتّجارب في تعدّدها وتحويلها إلى حركة ضغط من أجل احترام الحريات. إنّ ما يعتمل في اللّحظة التّاريخيّة الرّاهنة من انسداد فضاءات الأمل تحت وقع الاستهلاك المتوحّش الذي يقصي فئات اجتماعيّة من التّمتّع بالعدالة ويعصف بالكرامة والحريّة والمساواة بدعوى محاربة الإرهاب، يمثّل دعوة لحركة حقوق الإنسان للتّأمّل في ما أنجز في العقود الماضية ومدى حقيقة استيعابها لتوسّع مفهوم حقوق الإنسان في الممارسة وتحويلها لمفهوم الكونيّة القائم على المساواة إلى قناعة ورسالة وبرنامج عمل. كما تطرح اللّحظة على هذه الحركة سؤالا قاسيا حول مدى تحوّلها إلى حركة اجتماعيّة تعطي المثل في احترام مبادئ المشاركة الدّيمقراطيّة واستيعاب المختلف سياسيّا وجنسيّا ولغويّا وثقافيّا والمحاسبة والشّفافيّة. (*) ناشط حقوق تونسي (المصدر: موقع « الأوان »، تصفح يوم 19 أفريل 2007) الرابط: http://www.alawan.com/index.php?option=com_content&task=view&id=154&Itemid=2


العالم العربي بين تصلب الأنظمة السياسية و الحاجة الملحة للديمقراطية

 

 مكناس- سفيان الشورابي  للبحث حول تفعيل آليات العمل المدني في ظل حكم دكتاتورية جمهورية كانت أم ملكية، احتضن المغرب لقاءا جمَع شبابا من مختلف أنحاء العالم العربي. و ذلك بغاية النقاش المشترك و تبادل الخبرات حول ممكنات تحقيق عملية الانتقال الديمقراطي المنشود في ظل بيئة المنطقة المتسمة في مجملها بالتشدد و الانغلاق.  حيث تداول المحاضرون طيلة أشغال المؤتمر المنظم من قبل جمعيات أمريكية غير حكومية في العديد من القضايا و الإشكاليات التي تمُسّ في العمق المجتمعات العربية و التي من شأنها أن تقف معرقلا أمام تحديات التحول الديمقراطي. كما راوحت المداخلات في الغوص في مفاهيم أساسية و بديهية على غرار « خصوصيات و سمات الدكتاتور »، وسائل إبلاغ المعلومة »، « كيفية تشكل زعماء كارزماتيين و ديمقراطيين » و غيرها من المواضيع التي نالت حظا كبيرا من التعمق و البحث أثناء مداولا المؤتمر.   الديمقراطية: الحق في البحث عن السعادة  اختزلت التدخلات في البدء، حول التطرق إلى جملة من المفاهيم المتداولة التي تطرح الكثير من الملابسات. إذ حصل الإجماع بأن الديمقراطية ليست سحرا. و لا يعني الحصول عليها ضمانا للسعادة و الغنى بين ليلة و ضحاها. فلا يمكن للديمقراطية أن تضمن تحقيقا للسعادة. بل ما يمكن أن توفره هو « الحق في البحث عن السعادة ». فمن أجل إنجاح الديمقراطية، يجب أن يتوقع الشعب فعلا من القضاة و المحامين و أعضاء البرلمان و الوزراء و ضباط الشرطة أن يطبقوا القانون. و لكن في الحكومات الفاسدة و غير الديمقراطية، يُصاب الشعب بالدهشة عندما يتصرف المسئولون وفقا للقانون. فنظريات الديمقراطية القائمة على أساس ادعاءات إرادة الأمة كثيرا ما تؤول إلى الفشل. إذ يمكن أن تتكون الأمة من خليط من الأفراد و العشائر و المجتمعات الدينية و المجموعات العرقية. فليست الأمة كالفرد الواحد الذي يكون له رأي واحد إزاء قضية واحدة. و يجب بذلك فسح المجال أمام الجميع للدفاع عن قضاياهم. و تبادل المشاركون أيضا وجهات النظر حول تقنيات النضال الجديدة التي بمقدورها كسْر الحواجز، و تجاوز العراقيل التي تضعها السلطات العربية أمام حرية التعبير عن الآراء و القضايا. فتجربة المدونات المصرية و مصممي مواقع الانترنت التونسيين المهاجرين كانا مثاليْن لقدرة نشطاء حقوق الإنسان و المعارضين على اكتساح جبل الجليد الموضوع بكثافة و المطوق لجميع الفضاءات العامة و الخاصة. كما حصل الاتفاق على أن محاولات تصدير أو ترويج الديمقراطية عن طريق استخدام القوة العسكرية أثبتت بأن لها آثارا سلبية. و من المفروض أن تكون للنضالات من أجل تحرير الأوضاع السياسية أبعادا و جذورا شعبية، تكون قادرة فعلا على تحقيق هذا الهدف. وذلك من خلال استغلال سهولة مرور المعلومة و انتشار استعمال الشبكة المعلوماتية بين شرائح كثيرة من المجتمع؛ و القفز على قدرات الحكومات في محاصرة الصحف و منع صدورها و غلق القنوات و الإذاعات. و لعل نموذج حركة كفاية المصرية التي استطاع مناضلوها نسْج علاقات و تبادل الأخبار و الاستعداد للمظاهرات و التحركات عن طريق الانترنت تعكس نجاح الأسلوب الالكتروني في النشاط المدني و السياسي.  و في الختام، اتفق المشاركون على مواصلة هذا المسار رغم صعوبته و دفعه نحو الأمام. إضافة إلى تنظيم حملات منسّقة للدفاع عن حرية الإعلام و عن قضايا حقوق الإنسان و محاربة تكريس الطائفية و مواجهة عمليات التطهير العرقي.    

http://sofinos.maktoobblog.com/?post=291100


Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.