الجمعة، 14 ديسمبر 2007

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2760 du 14.12.2007
 archives : www.tunisnews.net
 

 


السجين السياسي السابق أحمد البوعزيزي: اللهم فاشهد..!

الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: اختفاء سهل البلدي .. بعد دقائق من إطلاق سراحه ..!

الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس: الصادق شورو مضرب عن الطعام حتى تحقيق مطالبه  حرّية و إنصاف:محاصرة مقر التكتل و منع عائلات مساجين الرأي من الوصول إلى المقر حرّية و إنصاف: حلقة جديدة من مسلسل مضايقة عائلة السجين السياسي السابق محمد المنصف الورغي حرّية و إنصاف:  الصادق شورو  إضراب مفتوح عن الطعام  حتى الموت حرّية و إنصاف: الاعتداء على أيمن الرزقي مصور قناة الحوار التونسي حقّ الشّغل من حقّ المواطنة – عريصة مساندة للأساتذة المضربين عن الطعام النقابة الأساسية للأساتذة و  الباحثين الجامعيين  المدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس:بيان عن اجتماع عام التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات: بـيـان استقالة جماعية من الحزب الديمقراطي التقدمي توفيق العياشي: تدهور خطير في صحة الأساتذة المضربين عن الطعام واعتصام طلابي في مقر الإضراب رويترز: نقل مدرسين تونسيين مضربين عن الطعام للمستشفى بعد تدهور صحتهما رويترز: أحكام بالسجن في تونس لشبان بتهم التخطيط للالتحاق بالمقاومة في العراق صحيفة « القدس العربي » :رغم حصوله علي تأشيرة من السفارة:لسلطات السعودية تمنع دخول الشيخ راشد الغنوشي لأداء الحج نصـوص فـي التّنمية السّياسية الإصلاح السياسي بتونس بين جاذبية التسلّط وجاذبية الدّيمقراطية  د.خالد الطراولي:مشـــاهـد مـن جهنّـــم !!! بشير الحامدي :حول حقيقة بعض المواقف المتعلقة:بإضراب الجوع الذي يخوضه الأساتذة المطرودون عمدا عن العمل النفطي حولة: جيل الغضب مختار اليحياوي: في التربيع و التدوير عبد الله الزواري: :سمعة البلد بين الفعل و القول المولدي الزوابي: واللي يقصد، يقصد دار كبيرة… سليم الزواوي:في جدوى الحوار مع الحزب الحاكم: حتى لا يكون حجرة على فم النهر الأستاذ عبد الجليل البدوي: أرقام حلوة .. وحقائق مرّة موقع « آفاق »:الصحفي التونسي ناجي الباغوري لـ »آفـاق »:وضع الصحافة في تونس هو الأسوأ على الإطلاق مرسل الكسيبي » :التنادي إلى إنقاذ الأوطان عبر الاجتماع على قبح وإجرامية الظاهرة الانتحارية صحيفة « القدس العربي » :السعودية رفعت الحظر عن دخول قناة الجزيرة أراضيها وكالة رويترز للأنباء:ليبيا تنتقد كوشنر بسبب تصريحاته بشان سجلها في حقوق الانسان  


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)

 


العدد 40 من صحيفة « مواطنون » الأسبوعية بتاريخ 12 ديسمبر 2007

http://www.fdtl.org/IMG/pdf/mouwatinoun_40.pdf

 


تصحيح
نشرنا في عددنا ليوم 13 ديسمبر 2007 مقالا للأستاذ سامي براهم بعنوان « ثلاثة أسئلة لأبناء التيّار الإسلامي في تونس » نقلا عن موقع مجلة « كلمة » الالكترونية لشهر ديسمبر 2007، لكننا لاحظنا بعد النشر أن نفس النص الذي أعده الباحث التونسي قد سبق له أن نُشر في موقع السبيل أونلاين نت الذي افتتح يوم 9 ديسمبر 2007. لذلك وجب التوضيح والتنويه. فريق « تونس نيوز » 14 ديسمبر 2007


السلام عليكم

مرحبا بكم في موقعكم السبيل أونلاين نت

رابـط الموقـع
للمساهمة ومراسلة الموقع
 


“ أطلقوا  سراح جميع المساجين السياسيين “

  “الحرية للصحفي المنفي في وطنه عبدالله الزواري“

الجمعية الدولية

 لمساندة المساجين السياسيين

43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr

  تونس في 24 نوفمبر2007 وصلتنا الرسالة التالية من السجين السياسي السابق أحمد البوعزيزي ، و نحن ننشرها  كما هي لعدم  حاجتها لأي تعليق أو إضافة ..   

 »  ماطر- بنزرت :  24 نوفمبر 2007

اللهم فاشهد..!

بسم الله الرحمن الرحيم

إلى كل ضمير حي ،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

أنا السجين السياسي السابق أحمد بن مكي البوعزيزي من مواليد 05 أكتوبر 1953 بمدينة ماطر – ولاية بنزرت ، اُطلق سراحي في 30 نوفمبر 2006 في إطار سراح شرطي، بعد أن تأكدت السلطات التونسية من أن مرضاً عُضالا ً بات يُهدد حياتي و بعد أن قضيتُ أربعة عشر سنة متنقلاً بين السجون التونسية منذ سنة 1992 تاريخ محاكمتي بأحكام بلغ مجموعها 43 سنة.

وبدلاً من أن تكون استعادة حريتي مناسبة جديدة لتعويض بناتي دفء العائلة وحضور الأب وحنانه والإستمتاع بعبق البنوّة وريحها ،كانت عودتي إلى العائلة مناسبة أوقدت فيَّ الأحزان وبعثتْ في نفوس أفراد العائلة مشاعر الغبن والإحباط لاسيما بعد أن تأكد لدى الجميع أن سرطاناً أصاب مني الأمعاء الغليضة وامتد إلى الكبد ولا يزال يفعل فعله ..

…. رجل جاوز الستين يعود لأهله بعد أن نخرت السجون عظامه وأورثته رطوبة حيطانها وعفونة هوائها مرضاً خبيثاً، ليجد نفسه بعد انقطاع عن العالم يجابه احتياجات عائلته المتعددة وكلفة الحياة المتزايدة ومصاريف الدراسة الجامعية الثقيلة لبناته، و مرض   لا يقوى على تحمل كلفة دوائه غير الميسورين أو ذوي السعة(الحصة الواحدة من المعالجة بالأشعة تبلغ كلفتها 2000 دينار تونسية) ، فماذا عساني أفعل غير الصبر على البلاء و انتظار القضاء ؟

ما كنت لأرفع القلم و أخط هذه الكلمات لولا بريق في أعين بناتي كثيراً ما أرمقه فأقرأ فيه آمالـَهن في شفائي و رجاءَهن في بقائي إلى جوارهن، وما كنتُ لأعبأ على أي جنبٍ أموت لولا الخشية من أن يتهمني القريب قبل البعيد أني   فوتُ أسباباً ولم أهتم لوسائلَ كانت تـُذهِبُ عني الداء وتُعِيدُ إليَّ العافية والشفاء .

و لا يكون إلا ما يشاء الله .

السجين السياسي السابق  ، أحمد البوعزيزي ،ماطر-بنزرت « 

عن لجنة متابعة أوضاع المسرحين الكاتب العام للجمعية : الأستاذ سمير ديلو


 

“ أطلقوا  سراح جميع المساجين السياسيين “   “الحرية للصحفي المنفي في وطنه عبدالله الزواري“ الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr   تونس في 14 ديسمبر2007

اختفاء سهل البلدي .. بعد دقائق من إطلاق سراحه ..!

علمت الجمعية أن السجين سهل البلدي قد اختفى مباشرة بعد إطلاق سراحه من سجن برج الرومي على الساعة منتصف النهار ، و لم تفلح كل محاولات والده السيد الفاضل البلدي ( السجين السياسي السابق و الرئيس الأسبق لمجلس شورى حركة النهضة ) في معرفة مصيره إذ أعلمته إدارة سجن برج الرومي بأنه غادر السجن حوالي منتصف النهار و أنه قد يكون في منطقة الحرس ببنزرت و لدى اتصاله بالمنطقة أعلم بأن ابنه قد يكون على ذمة مركز حي الغزالة بالعاصمة باعتباره قد يكون محل منشور تفتيش ..لفائدة العائلة ..! علما بأن عائلة سهل البلدي قد باشرت فعلا التفتيش عن ابنها ..منذ أكثر من سنتين و نصف بعد احتجازه بصورة سرية لدى مصالح أمن الدولة ،  قبل أن يحاكم ..ويتم قضاء العقوبة..! و الجمعية إذ تطالب بالكشف الفوري عن مصير سهل البلدي الذي أتم قضاء العقوبة المحكوم بها قضائيا ، فإنها تعتبر الجهة التي تحتفظ به مرتكبة لجريمة الإحتجاز التعسفي ..خارج إطار القانون . عن لجنة متابعة أوضاع المسرحين         نائب رئيس الجمعية الأستاذ عبد الوهاب معطر

 


 

الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس International Campaign for Human Rights in Tunisia icfhrt@yahoo.com Tel: (0044) 2083813270 -7903274826   

الصادق شورو مضرب عن الطعام حتى تحقيق مطالبه

 

 
يواصل الدكتور صادق شورو الرئيس السابق لحركة النهضة، الإضراب عن الطعام منذ بداية الشهر الجاري، احتجاجا على تنكر السلطة لوعودها السابقة، بتمكين زوجته وأبنائه من جوزات سفرهم، وتنفيذ قرار المحكمة الإدارية بعودة أخيه الدكتور عباس شورو الى عمله بالجامعة التونسية، و إرجاع سيارته التي حجزت منذ سنة 1991 وعلمت الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس، ان الحالة الصحية للسجين السياسي الدكتور صادق شورو، تشهد تدهورا خطيرا، وهو طريح الفراش ويتكلم بصعوبة.   وان الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس، اذ تبدي انشغالها العميق إزاء الوضع الصحي المتدهور للدكتور صادق شورو، فإنها تطالب السلطة بالوفاء بوعودها وتلبية مطالبه، وتناشد أصحاب الضمائر الحية وأنصار الحرية ونشطاء حقوق الإنسان في الداخل والخارج، التدخل للإفراج عن الدكتور صادق شورو وكل المساجين السياسيين.   عن الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس علي بن عرفة لندن  في14 ديسمبر 2007


أطلقوا سراح القلم الحر سليم بوخذير

حرّية و إنصاف

سارعوا إلى إنقاذ حياة السجين السياسي السابق أحمد البوعزيزي

33 نهج المختار عطية تونس 1001

الهاتف/الفاكس : 71.340.860

Email :liberté_équité@yahoo.fr

***

تونس في 14 ديسمبر 2007

محاصرة مقر التكتل

و منع عائلات مساجين الرأي

من الوصول إلى المقر

بدعوة من التكتل الديمقراطي للعمل و الحريات و الحزب الديمقراطي التقدمي التأمت ندوة مساء اليوم الجمعة 14/12/2007 على الساعة الرابعة و النصف بمقر التكتل ، تحت عنوان  » واقع الحريات و آفاقها في تونس  » حاضر فيها كل من الأستاذ أنور القوصري و الأستاذة راضية النصراوي

و قد منع السيد الطاهر بن حسين صاحب قناة الحوار التونسي من حضور الندوة حين كان بصحبة السيد خميس الشماري و الأستاذ أحمد نجيب الشابي .

كما منعت عائلات مساجين الرأي من دخول مقر التكتل لحضور الندوة من طرف البوليس السياسي الذي كان حاضرا بكثافة وتم منعهم باستعمال القوة و الترهيب.

و من بين العائلات التي وقع منعها :

عائلة خالد العرفاوي

– عالئلة أيمن الدريدي

– عائلة رمزي بن سعيد

– عائلة رضوان الفزعي

– عائلة زياد الفقراوي

– عائلة ماهر بزيوش

– زوجة الأسعد مرمش

– زوجة نوفل ساسي

و حرية و إنصاف :

1) تندد بسياسة المنع المعتمدة التي تستهدف نشاطات الأحزاب المعترف بها

2) تدين بشدة استعمال القوة لمنع العائلات من حضور نشاطات مشروعةو قانونية

عن المكتب التنفيذي للمنظمة

السيد زهير مخلوف


أطلقوا سراح القلم الحر سليم بوخذير

حرّية و إنصاف

سارعوا إلى إنقاذ حياة السجين السياسي السابق أحمد البوعزيزي

33 نهج المختار عطية تونس 1001

الهاتف/الفاكس : 71.340.860

Email :liberté_équité@yahoo.fr

***

تونس في 14 ديسمبر 2007

حلقة جديدة من مسلسل مضايقة

عائلة السجين السياسي السابق

محمد المنصف الورغي

تتعرض هذه الأيام عائلة السجين السابق السياسي السيد محمد المنصف الورغي إلى هرسلة شبه يومية بعد اختفاء ابنها الشاب عبد العزيز الورغي ، فقد وقع اليوم الجمعة 14/12/2007 إيقاف شقيقه الشاب عبد الرحمان لساعات من قبل منطقة الأمن ببنعروس و كان السؤال المركزي يدور حول مكان تواجد شقيقه عبد العزيز ، و في الأثناء اتصلت مجموعة أخرى من أعوان أمن الدولة بمنزل السجين السياسي السابق السيد محمد منصف الورغي و أعلموه بضرورة مصاحبة ابنه عبد الرحمان لمقر إدارة أمن الدولة و ذلك غدا السبت 15/12/2007 على الساعة العاشرة و النصف.

و حرية و إنصاف :

1) تدين ما تتعرض له عائلة السجين السياسي السابق السيد محمد المنصف الورغي

2) تدعو إلى وقف هذه الهرسلة اليومية و المتواصلة لهذه العائلة التي عانت طيلة عقد و نصف من الزمن.

3) تحمل السلطات مسؤولية إختفاء الشاب عبد العزيز الورغي

عن المكتب التنفيذي للمنظمة

السيد زهير مخلوف


 

أطلقوا سراح القلم الحر سليم بوخذير

حرّية و إنصاف

سارعوا إلى إنقاذ حياة السجين السياسي السابق أحمد البوعزيزي

33 نهج المختار عطية تونس 1001

الهاتف/الفاكس : 71.340.860

Email :liberté_équité@yahoo.fr

***

تونس في 14 ديسمبر 2007

الصادق شورو

إضراب مفتوح عن الطعام

حتى الموت

يواصل السجين السياسي الدكتور الصادق شورو الرئيس الأسبق لحركة النهضة إضرابه المفتوح عن الطعام لليوم الثاني عشر على التوالي للاحتجاج على عدم وفاء السلطة بتعهداتها التي قطعتها على نفسها عندما طلبت منه تعليق إضرابه السابق متعهدة بتلبية طلباته المشروعة والمتمثلة في تمكين زوجته و أبنائه من جوازات سفرهم و إرجاع سيارته المحجوزة منذ سنة 1991 و إعادة شقيقه التوأم إلى سالف عمله كأستاذ بالجامعة التونسية تنفيذا لقرار المحكمة الادارية الصادر لصالحه.

و قد أخبرتنا السيدة آمنة النجار زوجة السجين السياسي الدكتور الصادق شورو التي زارته مؤخرا أنه طريح الفراش لا يقدر على المشي و يتكلم بصعوبة و أن زميله السجين السياسي السيد رضا البوكادي الذي علق إضرابه عن الطعام هو الذي يقوم بخدمته ، و أن الزيارة لم تدم أكثر من خمس دقائق ، و أكدت أنها جد قلقة على صحة زوجها و أصبحت تخشى على حياته.

و حرية و إنصاف :

1) تدين عدم وفاء السلطة بتعهداتها تجاه مطالب السجين السياسي الدكتور الصادق شورو المشروعة و البسيطة.

2) تطالب بإطلاق سراحه و تمكين عائلته من كامل حقوقها.

3) تحمل السلطة مسؤولية ما يمكن أن يصيب الدكتور الصادق شورو من مكروه نتيجة لهذا الاضراب عن الطعام.  

عن المكتب التنفيذي للمنظمة

السيد زهير مخلوف


 

أطلقوا سراح القلم الحر سليم بوخذير

حرّية و إنصاف

سارعوا إلى إنقاذ حياة السجين السياسي السابق أحمد البوعزيزي

33 نهج المختار عطية تونس 1001

الهاتف/الفاكس : 71.340.860

Email :liberté_équité@yahoo.fr

***

تونس في 14 ديسمبر 2007

الاعتداء على أيمن الرزقي

مصور قناة الحوار التونسي

وقع الاعتداء اليوم الجمعة 14/12/2007 على السيد أيمن الرزقي مصور قناة الحوار عندما كان في طريقه لتغطية الندوة التي انعقدت بمقر التكتل الديمقراطي للعمل و الحريات ، إذ وقع اختطافه إلى عمارة مجاورة و تم الاعتداء عليه بالعنف الشديد من قبل عشرة أعوان من البوليس السياسي قبل أن يفتكوا منه هاتفين خلويين.

و حرية و إنصاف :

1) تستنكر الاعتداء على الصحفي أيمن الرزقي

2) تدين سياسة الاختطاف و الاعتداء المعتمدة ضد المناضلين السياسيين و الناشطين الحقوقيين

3) تعتبر أن حجز معدات و أدوات العمل و الممتلكات الشخصية هو شكل من أشكال السطو على أملاك الغير و تدعو إلى الكف عن هذه الممارسات

ع

ن المكتب التنفيذي للمنظمة

السيد زهير مخلوف


الجامعة العامة للتعليم العالي و البحث العلمي النقابة الأساسية للأساتذة و  الباحثين الجامعيين  المدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس  

بيان عن اجتماع عام

 
13 ديسمبر 2007    اجتمع المدرسون الباحثون الجامعيون بالمدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس يوم الخميس 13 ديسمبر 2007 بدعوة من النقابة الأساسية لدعم قطاع التعليم الثانوي في إضرابه الجهوي اليوم و لتدارس الوضع النقابي بالجامعة، وقد عبر المجتمعون عن:   – تثمينهم لموقف النقابة الجهوية لتعليم الثانوي بصفاقس والتي تشن إضرابا عاما في كافة المؤسسات التربوية بالجهة لتضامنها مع الجامعيين و مساندتهم في مطالبهم المشروعة وللتنديد بمماطلة وزارة التعليم العالي في تعاملها مع هذا الملف النقابي.   – مساندتهم التامة وتضامنهم مع الزملاء  علي الجلولي و محمد المومني و معز الزغلامي الذين دخلوا في إضراب مفتوح عن الطعام احتجاجا على القرار الجائر والتعسفي من وزارة التربية والتكوين بطردهم من العمل بسبب نشاطهم النقابي و على خلفية انتماءاتهم السياسية – بالرغم من التقييم البيداغوجي الإيجابي للمتفقدين- في إطار سعي السلطة إلى ضرب الحق النقابي والتضييق على الحريات العامة  ويدعون وزارة التربية و التكوين إلى التراجع و يحملونها تبعات هذا الإضراب الذي بقي السلاح السلمي الوحيد للمضربين  بعد طرق كل أبواب الحل بدون جدوى   – ينددون بممارسات تسييس المؤسسات التربوية من قبل السلطة والإدارة وذلك من خلال التدخل السافر في انتخابات الطلبة لممثليهم في المجالس العلمية حيث تعرض ممثلي الاتحاد العام لطلبة تونس إلى التهديد كما عمدت الإدارة بالمدرسة الوطنية للمهندسين  إلى استدعاء أحد المرشحين المستقلين وفرضت عليه إمضاء  نص مكتوب لسحب ترشحه حتى لا يتعرض إلى عقوبات تأديبية وأما المرشح المستقل الثاني فقد تعرض إلى الهرسلة والتهديد بتحطيم المستقبل من قبل أطراف أمنية إذا لم يسحب ترشحه كما تعرضت عائلته إلى ضغوطات رهيبة للضغط عليه ودفعه للانسحاب وذلك بعد أن تأكد توفر حظوظ كبيرة لفوز المستقلين أمام الطلبة التجمعيين، وأمام هذه الممارسات المتخلفة التي تكررت في عديد المؤسسات الجامعية ومنها المعهد العالي للدراسات التكنولوجية بصفاقس فإننا ندعو إلى توفير مناخ آمن للطلبة و أن تكون الجامعة فضاء حرا لا يضيق بالمنتسبين إليه تجنيبا لها من ردود الفعل والفوضى   – يدعون كافة الزملاء إلى تحمل مسؤوليتهم الأخلاقية والتاريخية تجاه المساهمة في الرقي بالمؤسسة التربوية إلى أهدافها النبيلة من أجل تكوين جيل حر قادر على الإبداع والعطاء ومعتز بوطنيته ومتمسك بكرامته وغير مساوم بحقوقه. النقابـة الأساسية للأساتذة الباحثين الجامعييـن بالمدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس الكاتـب العـام – عارف المعالج


 

حقّ الشّغل من حقّ المواطنة.

دخل إضراب جوع أساتذة التعليم الثّانوي،السّادة علي الجلّولي، معزّ الزغلامي ومحمّد المومني أسبوعه الرّابع على التّوالي. وتشير التقارير الطبيّة إلى تدهور خطير في وضعهم الصحّي خاصّة وأنّ بعضهم يعاني من أمراض مزمنة. وكعادتها، في التعامل مع مثل هذه الحالات، تواصل السلطات التونسيّة تجاهل المظلمة المرتكبة في حقّهم. فالأساتذة المذكورين أعلاه تمّ حرمانهم من حقّهم في مزاولة مهنة التدريس، وعدم تجديد عقود عملهم هذه السنة على خلفيّة نشاطاتهم النّقابية وانتماءاتهم الفكريّة والسياسيّة. وتؤكّد التقارير الرّسميّة الصّادرة عن السّادة؛ المرشدين البيداغوجيين، والمدراء، والأساتذة المشرفين، الّذين يعودون لهم بالنّظرعلى كفاءتهم العلميّة والبيداغوجيّة ، وأقرّت بجديتهم وحسن نتائجهم. و تندرج هذه المظلمة ضمن  سياسة  التعامل الأمني، مع ملفّات التشغيل في المؤسّسات العمومية وحتّى في بعض المؤسّسات الخاصّة، الّتي دأبت الإدارة التّونسيّة على ممارستها بهدف حرمان خصومها السياسيين من حقهم في الشّغل وبالتاّلي من حقّهم في حياة كريمة. لقد بات الحصول على  شغل إمتيازا، ممّا زاد في تغذية  مظاهر المحسوبيّة والرّشوة والزّبونيّة. وأضحى مصير المئات من خيرة بنات وأبناء  تونس ، نتيجة إنسداد الأفاق وخنق الحريّات العامّة والفرديّة  بالبلاد،  البطالة والتهميش ، فاضطرّ العديد منهم للهجرة، ممّا تسبّب في نزيف متواصل لكوادر نوعيّة في كلّ الإختصاصات، دفعت المجموعة الوطنيّة الغالي والنّفيس من أجل تكوينها.  أصبح ، في السنوات الأخيرة،  « إضراب الجوع » تونسي الجنسيّة بامتياز،.فما أن ينتهي إضرابا حتى يبدأ آخرا هذا إن لم يتزامنا. وإنّنا في المهجر نتألّم كثيرا لسماع هذه الأخبار الواردة علينا من تونس، فالتونسيات والتونسيين جديرين بحياة أفضل، قوامها المواطنة والكرامة.  معزّالزّغلامي ومحمّد المومني وعلي الجلّولي,مواطنون تونسيون أثبتوا كفاءتهم ومهنيتهم، من حقّهم المشروع التمتّع بعمل . وإجهاض أحلامهم هوّ في الحقيقة إجهاض لأحلام عائلاتهم الّتي ضحّت لأجلهم طيلة سنوات الدّراسة. نحن مناضلات ومناضلي الإتحاد العام لطلبة تونس، السّابقين، المقيمين بالمهجر، إيمانا منّا،  أنّ حقّ الشّغل هوّ من حقّ المواطنة،  و المقياس الوحيد الّذي يجب إعتماده للإنتداب للشغل، هوّ الكفاءة ولا شيء غير الكفاءة. نطالب سلطة الإشراف بالتراجع عن قرارها التعسّفي واللاّقانوني، وإعادة الأساتذة المطرودين إلى مواقع عملهم دون قيد أو شرط. نعلن تضامننا المبدئي و المطلق  مع الأساتذة المضربين عن الطّعام. ونعبّر عن إستعدادنا لمساندتهم إلى غاية رفع هذه المظلمة نهائيّا. نحمّل السّلطات التونسيّة، كلّما يمكن أن يحدث من إنعكاسات خطيرة على صحّة الأساتذة المضربين . نكبر وقوف، مناضلات ومناضلي الإتحاد العام التّونسي للشغل عموما، ونقابة التعليم الثانوي خصوصا، وكافّة مكوّنات المجتمع المدني؛ شخصيات ،جمعيّات وأحزابا، إلى جانب الأساتذة المضربين. الإمضاءات؛ إيمان الدرويش (كندا). رجاء شامخ (فرنسا). أنور الكنزاري(فرنسا). جوهر فقيه (فرنسا). سمير  حمّودة (فرنسا). بشير عبيد (فرنسا). لطفي الهمّامي (فرنسا). إياد دهماني  (فرنسا). مصطفى عمايدي (فرنسا). قيس الرياحي (فرنسا). نجيب البكّوشي (فرنسا).


التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات
بـيـان   تونس في 12 ديسمبر 2007
 
مرّة أخرى وجدت الجزائر الشقيقة نفسها في صبيحة يوم الثلاثاء 11 ديسمبر 2007 ضحّية عملية إرهابية بشعة استهدفت  مبنى المجلس الدستوري بحيّ بن عكنون ومقر المفوضيّة السامية لللاّجئين التابعة لمنظمة الأمم المتحدّة، بحي حيدرة بالعاصمة، وقد أدّى التفجيران إلى سقوط العشرات من القتلى والجرحى الأبرياء في ساعة تكتظّ فيها الشوارع بالطلبة والموظفين والعمّال وهم يلتحقوق بمراكز الدراسة والعمل.   وإنّ التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات إذ يعبّر عن تنديده الشديد بهذه الجريمة الإرهابية البشعة في حقّ الشعب الجزائري الشقيق وإذ يعبّر عن مواساته له وعن تضامنه التّام معه ليعتبر أنّ هذا العمل الإجراميّ الجديد – ومهما كان متبنّوه أو المختفون وراءه – إنّما ينطق بغيظ مقترفيه ومن يحرّكونهم إزاء تَوَفُّق الجزائر في « يّ صفحة سنوات الجمر الطويلة و الأليمة واستعادتها لعافيتها على المستويين الاجتماعي والاقتصادي، وإزاء ما حقّقته عملية المصالحة الوطنية بين أبنائها على مختلف توجّهاتهم السياسية من نجاحات ، وإزاء عودة الجزائر لتلعب الدّور الذي هي به جديرة على المستوى الإقليمي والعربي والدولي. وإنّ ما يحدث من عمليّات إرهابية بين الفينة والأخرى في هذا القطر أو ذاك من مغربنا العربي ليفرض على حكوماتنا إحكام التنسيق الأمني السليم والفعّال بينها بما لا يشكلّ أيّ انتهاك لحقوق المواطنين في ربوعنا، كما يفرض عليها التعلّق بالمنهج الديمقراطي الصحيح في التعامل مع المجتمع وسائر مكوّناته المدنيّة والحرص كلّ الحرص في السعي إلى تحقيق العدالة الاجتماعية، فتلك هي السُبُل الكفيلة وحدها بدرء مخاطر الإرهاب وغيرها من المخاطر عن مجتمعاتنا وبتحقيق الاستقرار الدائم لها وبتواصل النّماء لشعوبنا.   مصطفى بن جعفر الأمين العام


بسم الله الرحمان الرحيم السيدة الامينة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي السلام عليكم و رحمة الله وبركاته

الموضوع:استقالة جماعية من الحزب الديمقراطي التقدمي

 
أما بعد *فتبعا للرسالة الموجهة إليكم بتاريخ 16-11-2007 والتي طالبنا فيها بإعادة هيكلة مكتب جامعة المنستير بما يتلاءم وطموحات أبناء الحزب في الجهة. *و اعتبارا لأنكم لم تعيروا رسالتنا أي اهتمام أو عناية بما يعني رفضا صامتا لمطالبنا و تأييدا لممارسات السيد كاتب عام جامعة المنستير التي تتناقض والمبادئ السياسية التي كمن اجلها انتمينا لهذا الحزب. *ونظرا لان أراء و مطالب القاعدة الحزبية لم تعد تمثل لديكم أية أهمية أمام قيمة الصفقات السياسية و التحالفات الغريبة. نعلن نحن الممضين أسفله استقالتنا النهائية من الحزب الديمقراطي التقدمي لكل أنشطتنا . الامضاء: 1*عامر عياد 2*سالم بوبكر 3*عمر تريمش 4*رضوان تفيفحة 5*العربي بن شيخة 6*رمزي بن عافية 7*نزار تريمش 8*منير الوسلاتي 9*عبد الرؤوف الدندانة 10*حفصية الوسلاتي 11*ريم الوسلاتي 12*كريم الوسلاتي 13*حاتم كركوب 14*معز الوسلاتي

 


 

تدهور خطير في صحة الأساتذة المضربين عن الطعام واعتصام طلابي في مقر الإضراب

 
توفيق العياشي/ تونس نقل الأستاذان معز الزغلامي وعلى الجلولي_ المضربان عن الطعام منذ يوم 10نوفمبر 2007ّ_ على جناح السرعة إلي احد مستشفيات العاصمة بعد التدهور الخطير الذي ألت إليه حالتهما الصحية مساء الخميس 13 ديسمبر 2007 ، حيث تكررت حالات الاختناق المفاجئة والإغماءات لديهما ، مما دفع الإطار الطبي المشرف إلى استدعاء سيارة إسعاف نقلتهما إلى المستشفى، حيث تقرر الاحتفاظ بهما لإجراء تحاليل مكثفة والإبقاء عليهما تحت الحقن. وقد أكد على الجلولي  في اتصال هاتفي على إصراره صحبة زملائه المضربين على مواصلة الإضراب رغم خطورة الوضع الصحي ما لم تتراجع الوزارة عن قرارها وتعيدهم إلى مواقع عملهم ، كما أكد أن قسم ألاستعجالي الذي نقلا إليه يشهد محاصرة أمنية خانقة من طرف عدد كبير من عناصر الشرطة السياسية، قد تحول دون عودتهما إلى مقر الإضراب. وقد رفض الأساتذة المضربون طلب الأطباء بإيقاف إضرابهم عن الطعام الذي يخوضونه منذ  10نوفمبر 2007 احتجاجا على قرار وزارة التربية والتكوين عدم تجديد انتدابهم رغم ايجابية التقارير البداغوجية والتربوية التي رفعها في شأنهم المتفقدون ، مما قد ينزع عن القرار صفته الإدارية، ويتهم الأساتذة المضربون عن الطعام وزارة التربية والتكوين بتعمد طردهم بسبب مشاركهم في إضراب قطاعي دعت إليه نقابة التعليم الثانوي في شهر أفريل 2007  هذا وقد شهد مقر الإضراب في نقابة التعليم الثانوي وسط العاصمة مساء الخميس 13 ديسمبر توافد عدد كبير من المتضامنين مع المضربين كما شهد المقر اعتصام العشرات من نشطاء الاتحاد العام لطلبة تونس ، الذين احتشدوا في ساعة محمد على وسط العاصمة مرديين شعارات التضامن مع الأساتذة المضربين ومع المعطلين عن العمل ن قبل أن يقرروا الدخول في اعتصام مؤقت داخل مقر الاضطراب.

 


 

أحكام بالسجن في تونس لشبان بتهم التخطيط للالتحاق بالمقاومة في العراق

 
تونس (رويترز) – قال محامون يوم الجمعة ان محكمة ابتدائية في تونس قضت بالسجن لفترة تترواح بين ستة اعوام و14 عاما على شبان بتهم التخطيط للالتحاق بالمقاومة العراقية لقتال القوات الامريكية. وقال المحامي سمير بن عمر لرويترز ان « القاضي عبد الرزاق بن منى وجه لاربعة شبان تترواح اعمارهم بين 25 و30 عاما تهم التخطيط للالتحاق بالمقاومة العراقية. » وكانت سوريا ألقت القبض على التونسيين الاربعة في 2005 وسلمتهم للسلطات التونسية متهمة اياهم بانهم حاولوا العبور الى العراق عبر الحدود السورية. وقضت المحكمة بسجن حسن الجلاصي وزياد الطرابلسي لمدة 14 عاما وبالسجن لمدة ثمانية اعوام لاسامة الشابي وستة اعوام لحمزة النوالي. وأنكر المتهمون عند مثولهم امام القاضي التهم الموجهة اليهم ونفوا اي علاقة بتنظيمات مسلحة داخل العراق. والتحق عدة شبان تونسيين في السنوات الاخيرة بالمقاومة في العراق لقتال القوات الامريكية وقتل عدد منهم هناك. وتبدي تونس التي عكر هدوءها اوائل العام تبادل نادر لاطلاق النار بين قوات الامن واسلاميين متطرفين اسفر عن مقتل 14 شخصا صرامة واضحة ضد التطرف الاسلامي. ويقدر محامون تونسيون عدد المعتقلين بتهم متعلقة بقانون مكافحة الارهاب المطبق في تونس منذ عام 2003 بحوالي  الف شخص.
 
( المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 14 ديسمبر 2007)


 
رغم حصوله علي تأشيرة من السفارة

السلطات السعودية تمنع دخول الشيخ راشد الغنوشي لأداء الحج

 
لندن ـ القدس العربي : علمت القدس العربي ان السلطات السعودية منعت دخول الشيخ راشد الغنوشي زعيم حزب النهضة الاسلامي التونسي من دخول اراضيها لأداء فريضة الحج رغم انه كان يحمل تأشيرة دخول صالحة اصدرتها له السفارة السعودية في لندن. وقالت مصادر مقربة من الشيخ الغنوشي الذي عاد امس الي لندن ان ضابط الجوازات في مطار جدة الدولي ابلغه في بداية الامر ان هناك خطأ في تأشيرة الحج التي يحملها، وطلب منه الانتظار قليلا، ثم عاد واعتذر له بانه لن يسمح له بالدخول اسوة بالآخرين بناء علي تعليمات عليا. واضطر الشيخ الغنوشي الي الانتظار عشر ساعات ريثما تم ترتيب رحلة له علي طائرة تركية اعادته الي لندن عبر انقرة. يذكر ان الشيخ الغنوشي ادي فريضة الحج في العام الماضي دون اي مشاكل او معوقات، وكان مطمئنا ان الامور ستسير علي الشكل المطلوب هذا العام ايضا، لكنه فوجئ بمنعه من اداء الفريضة دون ابداء اي اسباب مقنعة او غير مقنعة. واشارت المصادر نفسها الي انه عاد الي لندن منهكا نفسيا وجسديا بسبب ما حدث له، وباشر في اجراء اتصالات مع اصدقاء له، ومع السفارة السعودية في لندن، علي امل حل هذه المشكلة في اليومين المقبلين بحيث تتسني له العودة وأداء الفريضة. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 14 ديسمبر 2007)

 


هزة أرضية خفيفة تضرب جنوب تونس ولا تقارير عن وقوع إصابات

 
تونس (رويترز) – هز زلزال خفيف بلغت قوته 3.2 بمقياس ريختر يوم الجمعة منطقة الصخيرة الواقعة على بعد 270 كيلومترا جنوبي العاصمة تونس.وقال المعهد الوطني للارصاد ان الهزة وقعت فجر الجمعة الساعة السادسة و35 دقيقة بمنطقة الصخيرة في ولاية صفاقس.وأضاف المعهد ان مقيمين شعروا بالهزة لكنه لم يذكر ما اذا كان الزلزال قد تسبب في وقوع خسائر او جرحى. (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 14 ديسمبر 2007)


تونسية تضع خمسة توائم

 
القصرين 14 ديسمبر 2007 (وات) أنجبت تونسية لم تتجاوز الثامنة والعشرين من عمرها 5 توائم (3 إناث و2 ذكور) بالمستشفى الجهوي بالقصرين (الوسط الغربي). وتتراوح أوزان المواليد الجدد بين 800ر1 كلغ و450ر2 كلغ علما أن الولادة تمت قبل حوالي خمسة أسابيع عن الموعد العادي. وفي تصريح لمراسل وكالة تونس افريقيا للأنباء أكد الطبيب الذي قام بعملية قيصرية كللت بالنجاح أن الأم وأبناءها يتمتعون بصحة جيدة وأنه تم الاحتفاظ بالتوائم الخمسة في محضنة للمراقبة الاحتياطية. وجدير بالذكر أن الأم الشابة كانت أنجبت في ولادتها الأولى توأم ذكر وأنثى يبلغان حاليا 18 شهرا. وأكد مراسل وكالة تونس افريقيا للأنباء أن الأب الذي يعمل محتسبا بإحدى الشركات الخاصة أعرب عن غبطته بسلامة صحة زوجته وبالمواليد الجدد الذين سيملؤون حياة الأسرة فرحا رغم ما ستشكله رعايتهم من أتعاب مادية وجسدية. (المصدر: وكالة تونس افريقيا للأنباء (وات – رسمية) بتاريخ 14 ديسمبر 2007)

 


نقل مدرسين تونسيين مضربين عن الطعام للمستشفى بعد تدهور صحتهما

 
تونس (رويترز) – قالت مصادر طبية ونقابية يوم الجمعة ان مدرسين تونسيين من بين ثلاثة يضربون عن الطعام منذ 24 يوما بسبب ما وصفوه بانه فصل تعسفي من التدريس نقلا الى المستشفى لتدهور حالتهما الصحية. وقال فرج شباح المسؤول بالنقابة العامة للتعليم الثانوي لرويترز ان « علي الجلولي ومعز الزغلامي نقلا مساء الخميس على جناح السرعة الى مستشفى شارل نيكول بالعاصمة وان حالتهما الصحية متدهوة وتدعو للقلق بالفعل ». وبدأ ثلاثة مدرسين وهم الجلولي والزعلامي ومحمد المومني اضرابا مفتوحا عن الطعام منذ 20 نوفمبر تشرين الثاني الماضي احتجاجا على ماقالوا انه فصل تعسفي وتعهدوا بعدم وقف الاضراب الا باعادتهم للعمل. لكن مصدرا في وزارة التربية والتكوين التونسية قال ان الامر يتعلق « بعدم تجديد عقود العمل على غرار ما تم اتخاذه في شأن عدد اخر من المتعاقدين ». ويتهم نقابيون وزارة التربية بفصل المدرسين بسبب انشطتهم النقابية. لكن وزارة التربية نفت ذلك وقالت « ان تجديد التعاقد يتم على اساس التقييمات البيداغوجية وحاجيات الوزارات المرتبطة بتوفير الشغورات.. ولادخل للانتماءات السياسية ولا النقابية في المعايير المعتمدة من قبل الوزارة ». وتجمع عشرات الطلبة ليل الخميس في ساحة محمد علي بالعاصمة امام مقر الاتحاد العام التونسي للشغل في تصعيد للاحتجاجات ضد الحكومة بسبب طرد الاساتذة الثلاثة. ودعت نقابة التعليم الثانوي جميع الاساتذة والنقابيين في تونس في بيان الى الانضمام الى تجمع احتجاجي كبير يوم السبت. (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 14 ديسمبر 2007)
 


نصـوص فـي التّنمية السّياسية (4)

الإصلاح السياسي بتونس بين جاذبية التسلّط وجاذبية الدّيمقراطية

محمّد القوماني   فتحي التوزري مالك كفيف حبيب بوعجيلة      جيلاني العبدلّي    الصّالحي رامي

 
مقــــــدّمة مثلت الذكرى العشرون لتغيير 7 نوفمبر1987 مناسبة لعودة الجدال حول المشهد السياسي بتونس وأوضاع الحريات وآفاق المشاركة في الحياة العامة. ولئن حرصت السلطة في هذه المناسبة على إبراز جوانب التغيير في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية وعلى تعداد المكاسب، فإن التوجه العام للمتابعين يرجح تقدّما ملحوظا في كثير من الملفات، مع بقاء الإصلاحات السّياسية دون المأمول، وهو ما سنركّز عليه الاهتمام في هذا النّص. ففي ظل استمرار الاختلال الفادح في موازين القوى بين الدولة والمجتمع وبين السلطة والمعارضة، وعدم تقدم أيّ طرف سياسي بما في ذلك الحزب الحاكم، بمبادرة لتطوير المشهد السياسي وحلحلة الوضع الذي يعاني من الجمود والاحتقان، ظلت الإنتظارات مشدودة إلى خطاب رئيس الدولة بمناسبة العشرينية. ويهمّنا بصفتنا ناشطين في الحياة العامة من مواقع مختلفة، واستنادا إلى ما سبق أن عبرنا عنه من آراء في نصوص سابقة¬، في إطار الحوار الوطني المتأكد على طريق المسار الديمقراطي المنشود، أن نسهم بهذا النص السياسي الجديد آملين في التواصل والتفاعل وإثراء الحوار في علاقة غير خافية مع ما تم التعبير عنه بصيغ مختلفة، قبل الخطاب الرئاسي في العشرينية أو بعده. أكد خطاب 7 نوفمبر 2007 الإستمرارية ولم يؤشر لمراجعة جوهرية لسياسة السلطة، لكنه ظلّ مفتوحا على إمكانيات للإصلاح. لذلك رأينا من المهمّ فهم نسق الإصلاحات السياسية البطيء وتتبّع حراك المشهد السياسي المحكوم بجاذبية التسلّط وجاذبية الديمقراطية للتفاعل معه بما يحرّك المسار نحو الديمقراطية في علاقة بتعقيدات الواقع وخصوصيات المرحلة. فالتحولات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي عرفتها تونس منذ الاستقلال، تبدو تأثيراتها واضحة وتدفع باتجاه التحرّرية. كما أنّ التطوّر الحاصل في خطاب النخب يتيح أكثر من أي وقت مضى رصد تقاطعات هامة بين السلطة والمعارضة من أجل إنهاء التنافي والبناء على المشترك والتوافق على الهوية وتعزيز التعددية وضمان الاستقلالية ودعم الاستقرار، بتحقيق منظومة مشاركة متطوّرة تتيح تنافسا سياسيا على أرضية تعددية حقيقية، يمكن أن يتجه إليها المسار السّياسي إعدادا للاستحقاقات الوطنية القادمة.                                                                              جاذبية التسلّط وجاذبية الديمقراطية مسار سياسي محكوم بجاذبية التسلّط اتّسم النظام السياسي بتونس بعد الإستقلال بالحكم الفردي وعدم التوازن بين السّلط والمركزية المفرطة وضعف استقلالية الجماعات المحلية ومكونات المجتمع المدني وهيمنة الحزب الحاكم على مفاصل الدولة والمجتمع واستعمال الإدارة للسيطرة الاجتماعية. وبعد 50 سنة من الجمهورية وعشرين سنة من تغيير 7 نوفمبر 1987 مازال الخيار السياسي للسلطة تحرّكه جاذبيات عديدة أبرزها جاذبية التسلّط، رغم حضور الديمقراطية وحقوق الإنسان باستمرار في الخطاب الرّسمي الحالي. ومازال الحذر والبطء غالبين في ملف الإصلاح السياسي وهذا ما يفهم من خطاب رئيس الدولة بمناسبة عشرينية التغيير. أكد الخطاب الاستمرارية وأبقى أبواب الأمل في الإصلاح والتطوير مفتوحة، ذلك أنه أعاد التأكيد على » أن خيار التعددية خيار لا رجعة فيه وأن الأحزاب السّياسية في الحكم وفي المعارضة هي أطراف المعادلة الديمقراطية والتنافس النزيه » وهذا يعني أن التعددية التي أقرّت في الدستور ليست مستهدفة في وجودها، وإن ظل الخطر يهدّد وظيفتها وفاعليتها. فالتعددية صارت من متطلبات الحكم نفسه وهي عنوان تحرره السّياسي، فضلا عن دورها في امتصاص الاحتقان ودفع مخاطر العنف السياسي. وحصر الخطاب الإجراءات المختلفة لدعم التعددية في الأحزاب الممثلّة بمجلس النواب، في إشارة واضحة إلى أن السّلطة تضع للعمل السّياسي إطارا عاما لا ينفتح على الأحزاب التي تظلّ خارج التوافق. « فالوفاق دعامة للاستقرار السّياسي، والحوار قاعدة للسلم الاجتماعي » كما جاء في خاتمة الخطاب الذي لم يهاجم المعارضة الخارجة عن الوفاق، وفي الوقت نفسه لم يشملها بأية إجراءات ولم يؤشر لمراجعة جوهرية للمسار السياسي. فالحذر والاستمرارية الّذان صبغا هذا المسار انعكسا في مزيد تخفيف القيود التي كبّلت العمل السياسي ومنح المعارضة هامشا أكبر، لكن بما يبقي  الحزب الحاكم مسيطرا على الوضع. وهكذا أبقى الخطاب المعارضة في إطار منظومة تحدّد السلطة قواعدها وشروطها سلفا ولا يمكن أن ترتقي إلى مرتبة الشريك الوطني إلا الأحزاب القابلة بهذا الإطار ولا يمكن مساءلة هذه المنظومة إلا من الداخل، وهو ما ترفضه الأحزاب المستقلّة وتعتبره دون الوعود التي أُعلنت لتأهيل الحياة السياسية. إن الإبقاء على هذه المنظومة التي تبيّنت محدوديتها، ينبع من تخوّف السّلطة من تبعات تسريع نسق تحرير الحياة السّياسية، الذي يتطلّب بناء الثقة وطمأنة كل الأطراف حول اتجاهات الإصلاح وتجاوز تراكمات المرحلة السّابقة ومعوّقات البيئة السّياسية. وإذ نتفهّم تريّث السلطة وحذرها فإنّنا لا نراهما مبررين للجمود والانغلاق السّياسيين المكرّسين للاحتكار. ولا بد من الاعتراف بأن نسق الإصلاح السّياسي بطيء جدًّا ومكبّل للطاقات ومعطّل لحركة التغيير. فالتدرّج جزء من الثقافة السياسية التونسية، إلا أنّ من سماتها أيضا الجرأة في الإصلاح كما حصل في إقرار مجلة الأحوال الشخصية وإصلاح نظام التعليم والانفتاح المبكّر على الاقتصاد المعولم. و بدون جرأة ما كان تغيير السّابع من نوفمبر نفسه ليحصل. إنّ ممّا عطّل تأهيل الحياة السياسية، في تونس عدم قبول السّلطة بمعارضة مستقلّة وهو ما يتجلّى في الحصار الأمني والسياسي والمالي والإعلامي المفروض عليها، الأمر الذي حرم البلاد من بيئة تعدّدية تزخر بالحيوية والإبداع والحرية ومن طاقات عديدة، لم يسمح النظام السّياسي والمؤسسات القائمة ومنظومة الوفاق، بالاستفادة منها. وبقي الحزب الحاكم يتحرك بأفق تحرري ضيق وبثقافة وسلوك سياسيين مشحونين بمصطلحات إقصائية وصور نمطية سلبية للمعارضة، وهي أبرز مظاهر جاذبية التسلط التي ما زالت تحكم الحزب الحاكم وأجهزة الدّولة. إن تأهيل الحياة السّياسية يتطلب مراعاة ثراء المشهد العام وتغذية عنصر التنافس فيه، وتقاسم المعارضة والسلطة الوعي بالتهديدات والتحديات، والتمسك بالجمهورية وقيمها ومبادئها وتوخي منهج التدرج في الإصلاح. إذ في غياب هذا يبقى الاستبداد جذاّبا للبعض مقابل عنف جذّاب للبعض الآخر في مشهد تضيع فيه فرص التحرّك بجاذبية الديمقراطية. إذا كانت سلطوية النظام تدعو للقلق فإنّ ضعف جاذبية الديمقراطية لدى المعارضة يدعو إلى قلق أكبر. فاستهداف استبداد السّلطة لا يؤدّي بالضرورة إلى الديمقراطية. واعتقاد النخب في الديمقراطية والتزام الأطراف السّياسية بها، وهو ما لم يتأكد بعد (ضعف التحررية الفكرية والنقد الذاتي والتسامح، رفض النقد…) لا يكفيان ليزول الاستبداد أو لتقلّ وطأته. كما أن المعارضة الرّاديكالية عبرت خلال السنوات الأخيرة عن مطالبها ورفعت سقف احتجاجاتها واعتمدت التصعيد وأعطت التبريرات المبدئية والأخلاقية والنظرية لخياراتها فتفاعلت معها بعض المجموعات، ومع ذلك ظل الناس بعيدين عن هذا التمشّي، مما أعطاه طابعا نخبويا ذا تأثير شعبي ضعيف. فلكي تبرز الديمقراطية كخيار جذّاب، لابدّ أن تكون ثقافة اجتماعية ومطلبا شعبيا ووعيا جماعيا، يدرك النّاس أثرها في حياتهم اليومية وعلى مصالحهم. ومن جهة ثانية فإن النّظرة الميكانيكية في التخلّص من الاستبداد، القائمة على إلغاء نظام فاسد (لا يصلح ولا يصلح)  والدعوة إلى بديل مكانه، أبرزت ضيق أفقها، وبينت الحاجة إلى استحضار صور أخرى وتعبيرات جديدة لمواجهة التعقيدات والتناقضات والضغوطات والإستفهامات. فالنظام السياسي بناء معقّد يبرز للوجود من خلال الحركة والتفاعل. وإذا كان إصلاحه ليس أمرا هينا فإن ذلك في كلّ الأحوال أقلّ كلفة من بناء نظام جديد. فالسعي إلى إرساء نظام سياسي جديد على أنقاض النظام القائم، بقطع النظر عن واقعيته، يظلّ بدوره محكوما بجاذبية التسلّط. ومن الأجدى أن نتجه نحو الممكن أين تتوفر فرص الإصلاح لا حيث إغراء الفرضيات القصوى. فالتجارب الناجحة في الإصلاح تذهب بعيدا في خلق ارتكاز للوضع الجديد في الواقع القائم وتوفّر مدخلا لفهم جاذبية التسلط وما يجب فعله لتقوية جاذبية الديمقراطية. والنّجاعة السياسية تتطلّب البراغماتية والتركّيز على تعاون الناس وتفاعلهم، لا على إملاء اتجاه معيّن عليهم. وبتطوير أداء السلطة وأداء المعارضة يمكن تطوير منظومة المشاركة والوصول تدريجيا إلى إبراز ديمقراطية تونسية المنشأ. تحولات تحررية تعزّز جاذبية الديمقراطية وضعت النخبة الحاكمة تونس بعد الاستقلال على درب الإصلاح من خلال رؤية تحديثية متكاملة. وما نروم التوقف عنده في هذه المناسبة هو رصد درجة التحررية داخل المجتمع وتتبّع مدى تناغم نسق الإصلاح السياسي ومساره مع التحوّلات التي عرفتها بلادنا وشهدها العالم خلال العقدين الأخيرين خاصة. تقدمت البلاد خلال العقود الخمسة الماضية على نهج الإصلاح الذي لم يكن سهلا ولا خطّيا، بل عرف صعوبات والتواءات، وتسارع نسق الإصلاح أحيانا، وتعطل أحيانا أخرى. ومهما قيل عن النظام السياسي وسلطويته المفرطة، فإننا لا نستطيع أن ننكر أنه حمل مشروعا تحديثيا حرّكته ثقافة إصلاحية. ممّا مكّنه من تحقيق نتائج تنموية أبرزها نشر التعليم وتحرير المرأة وتخفيض مستوى الفقر وتحسين مستوى العيش وتوفير مناخ من الاستقرار. وإذا كانت البلاد قد أقدمت على إصلاحات إقتصادية ليبرالية مصيرية وجريئة، فإن المواقف قد تباينت بين مبرر لهذا التوجّه المدفوع بإرادة الإصلاح وبين منبّه من زحف رأسمالية كاسحة واقتصاد سوق جشع على حساب الأجراء والفئات الضّعيفة. ولا زال هذا الجدال متواصلا لإدخال تعديلات ضرورية على المسار الليبرالي الذي تواصل خلال العقدين الأخيرين بدفع خارجي وبمقاربة سياسية اعتمدت على أولوية الأمن والاستقرار وعلى جهود حكومة تكنوقراطية مهنيّة وتخطيط مركزي وجهاز إداري بيروقراطي ثقيل. رغم كلّ الإصلاحات والتغييرات التي ذكرت، مازالت الدولة مهيمنة على المجتمع وبدرجة أقلّ على الاقتصاد ومازالت ممارسة السلطة غير مقيّدة ومازال الحذر الشديد يحول دون أي خفض للسّيطرة أو تحوّل نحو استقلالية وتعدّدية حقيقييّن. ومع تراجع الدور الاجتماعي للدولة والخوف من الفراغ الذي ستتركه، أنتجت السلطة مجتمعا مدنيا على شاكلتها يتحرك بجاذبية التسلّط ( أحادية، ولاء…) ولم يلعب الدور المرجو للإسهام في تكريس التعدّدية والتحرّرية ودعم القدرة على التكيّف مع المتغيرات.  1.     تحولات اجتماعية تحرّرية يتميز المجتمع التونسي اليوم بخصائص عديدة تدعو إلى تعميق النظر والتحليل، لاستشراف إمكانيات تطور النظام السياسي. فمع تعميم التعليم وارتفاع مستوى العيش، تشكلت طبقة وسطى هامّة وتقلّصت أهمّية الريف وتجاوزت نسبة التمدن 65%، وتغيّرت احتياجات التونسيين وانتظاراتهم ووعيهم بحقوقهم. ومع التحوّل السّريع للمجتمع نحو الاستهلاك وتراجع المقدرة الشرائية وبروز مظاهر الثراء الفاحش، وتعمق الفوارق الاجتماعية، بدأت أصوات التذمر لدى الطبقة الوسطى تتعالى وتطالب بالمشاركة السياسية وبحرّية التعبير. فليس من المصلحة التغاضي عن شرعية هذه التطلعات بل يجب إدراجها كجزء لا يتجزأ من عملية تطوير البلاد وتحديثها.  كما أظهرت الدراسات الأخيرة حول التحولات الأسرية أن كل فئات المجتمع، في الحضر والريف، قطعت أشواطا كبيرة على درب الحداثة، وهذا ما عكسته تحولات عميقة في مستوى المعارف والسلوكيات الفردية والجماعية، لعل أبرزها ارتفاع معدلات العزوبة لدى الجنسين وتحوّل أشكال تكوين الأسرة وأنماطها وتوزيع الأدوار داخلها وحجمها ووظائفها، إضافة إلى أساليب العيش المختلفة التي تتداخل في مجتمعنا وتتمازج دون تضارب أو تصادم[1]، وهي مؤشرات هامة من حيث مقتضيات التحول الديمقراطي. إن العلاقة وثيقة بين نوعية الحياة الأسرية في المجتمع ونوعية الحياة السياسية فيه. فالنموذج النواتي للأسرة الذي أصبح يمثل القاعدة سواء في الريف أو في الحضر ومعدلات الخصوبة التي استقرت في حدود %2.2 ونسبة النساء النشطات التي ستتجاوز قريبا 30% مع التحسن في تمكين المرأة وتجسيم المساواة بينها وبين الرجل، كلّها مؤشرات تنبئ بتحولات ذهنية عميقة سوف تدفع المجتمع بالضرورة للتخلي عن الأدوار التسلطية المستبطنة وتشجع بروز ثقافة قائمة على الحوار والمسؤولية والتعاون، مما يدفع بالمجتمع نحو التقدم للمشاركة السياسية بعقلية تحررية أكبر. إنّ هدف المشروع التحديثي والإصلاحات الجريئة التي عرفتها البلاد، لم يكن الازدهار الاقتصادي فحسب، بل أيضا ضمان الكرامة والتحرّر والتمكين والحقوق. ومن التناقض التنكّر لتلك الأهداف التي تجسّد معنى المواطنة والتي لا تكتمل إلاّ بتطوير الحياة السياسية. 2.     تحولات تستدعي المشاركة انطلقت الدولة في تحرير الاقتصاد وخصخصة القطاع العام وشرعت أبوابها أمام الاستثمار الخارجي وخفّضت الضرائب وقدّمت الحوافز لجلب الاستثمار وعقدت صفقات للتجارة الحرّة وطوّرت بنيتها التحتية بما فيها الإتّصالية والرقمية. تعددت الإصلاحات الهيكلية وبدت المكاسب جليّة، فحقق الاقتصاد الوطني على مدى العشرية الأخيرة متوسط نموّ 4,5% وتطوّر الإستثمار وخلقت مواطن شغل وتنوّع الاقتصاد وانتعش القطاع الخاص حيث أصبح يمثل % 55 من حجم الاستثمار وتحسنت الإنتاجية والقدرة التنافسية في القطاعات الواعدة وتقلّص الفقر وارتفع مستوى الدخل الفردي. إلاّ أنّ الدراسات التي أنجزها الإتحاد العام التونسي للشغل كشفت أنّ الطبقة الوسطى وخاصة الأجراء منها لم تنعم بنفس الدرجة بإنجازات النموّ وأنّ الأجور تعاني الركود نتيجة للتضخّم وتراجع الدّور الاجتماعي للدولة[2]. إنّ الضغوطات المختلفة لتقليل كلفة الأعمال قصد ملاءمة الاقتصاد التونسي مع المنافسة العالمية، تشكّل مصدر توتر سياسي واجتماعي إضافي، كما أنّ الإجراءات اللّيبرالية تنذر بمزيد تراجع تدخل الدولة في المجال الاجتماعي وتبقيها متأرجحة بين العقلانية الاقتصادية من جهة والحس الاجتماعي الذي طبع سياستها منذ قيامها من جهة أخرى. هذا إضافة إلى ظاهرة البطالة لاسيما في صفوف حاملي الشهائد التي تتصدّر مشاغل المجتمع.  كما أنّ تراجع دور الدّولة الإيديولوجي (التحديث القسري) والاقتصادي (الإقتصاد الموجّه) والاجتماعي (الدّولة الرّاعية) يبدو مسارا مدفوعا بجاذبية الديمقراطية ولكنه محفوف بالمخاطر. قد تختار السلطة في مواجهة الأزمات المحتملة مزيدا من التحكم في حركية المجتمع وتحترس من أي نهج تحرري، لكن لم يعد ممكنا اليوم أمام التحديات المذكورة طلب الشرعية من الإنجازات الاقتصادية والاجتماعية فقط. فمطالبة السلطة الشعب بالتضحيات تتطلب قدرا كبيرا من الشرعية في الحكم ومن المشاركة في صياغة القرارات وتحديد الخيارات. لذلك يكون من الضروري فسح المجال للاختلاف والاحتجاج والتنافس بين الخيارات، لا كرها للوفاق ولا حبا للخلاف ولا رغبة في زعزعة الاستقرار، بل لأنّ الاقتصاد اللّيبرالي بالضرورة يخلق تباينات، واختلافات في المصالح وفي الأدوار. وعلى الدولة ضبط آليات فعّالة وعادلة لإدارة التناقضات.وإنّ الطبيعة المعقّدة للأوضاع تتطلب رفع نسق الإصلاح مع توخي الواقعية والتدرّج. ومن جهة أخرى فإن العولمة لا تدفع عمليا باتجاه جاذبية الديمقراطية كما يُروّج لها، خاصة مع التركيز على مقاومة الإرهاب وتراجع الاهتمام الدولي بنشر الديمقراطية وتكريس حقوق الإنسان. فالعولمة الاقتصادية تسببت في بروز فوارق اجتماعية متزايدة، ولم تأت بالديمقراطية باعتبارها عنصر ضغط على الأنظمة المطالبة بضبط التذمّر في صفوف الفئات المحرومة من منافع العولمة. كما أنّ النظام العالمي الجديد قيد التشكل، مليء بالمخاطر والصراعات الدولية والإقليمية ومثقل بمشاريع مبهمة، إلى جانب مخاطر الإيديولوجيات المتطرفة التي تهدّد الشباب وتضغط على المجتمع وتتغذى من الظلم والإحباط والعنف. إن المتابع للشأن العالمي يصل إلى قناعة مفادها أنّ المشاركة السياسية هي أضمن مبرمج للإصلاح السياسي ومواجهة التحديّات الدّاخلية والخارجية. ففي ظلّ نظام ديمقراطي ينضج بطريقة طبيعية يكون النجاح متوفرا للتعاطي مع الخلافات وتضارب المصالح بين مكونات المجتمع وذلك بتشجيع المشاركة وتغليبها على التنافي، وتدعيم الانفتاح والمرونة والنقد الذاتي والاستقلالية، بما يعزّز قدرة البلاد على الحدّ من التداعيات السّلبية للعولمة.  تحريك المسار بجاذبية الديمقراطية تواجه السلطة اليوم تحدي الإصلاح السياسي وسط دعوات داخلية وخارجية، مطالبة إياها بتجسيد تعهداتها وتسريع نسق تحرير الحياة السياسية من القيود التي لازالت تكبلها رغم التطورات الهائلة التي حصلت داخل المجتمع. وسيحدد النجاح في رفع هذا التحدي مدى تقدمنا في إرساء أسس متينة لمواطنة حقيقية عبر تأهيل الحياة السياسية وإطلاق الحريات وتوسيع قاعدة المشاركة وإقرار مبدأ المحاسبة. وبعد أن وضّحت السلطة موقفها من قضية الإصلاح السياسي من خلال خطاب الرئيس الأخير بمناسبة العشرينية، يكون من المفيد أن تعمد المعارضة إلى تحديد المواطن المفصلية في الخطاب حيث تتقاطع جاذبية التسلط وجاذبية الديمقراطية (سيطرة واستقلالية، ولاء ومعارضة، إجماع وتنافس… ) فتتفاعل معها بما يحرّك المسار نحو الديمقراطية. البناء على المشترك إن الإقرار الرئاسي بأن » الأحزاب السياسية في الحكم وفي المعارضة هي أطراف المعادلة الديمقراطية والتنافس النزيه » يمثل خطوة هامة في سياق ما نعبّر عنه بإنهاء التنافي. فوجود أحد الطرفين لا يتوقف على إلغاء الطرف الآخر. هذه الخطوة تتطلب من المعارضة مرونة وواقعية بالتقاط عناصر الالتقاء وإبداء رغبة في إرساء علاقات جديدة في المرحلة القادمة بما يساعد على بناء الثقة. إن إنهاء التنافي يمهّد لتوسيع مجال المشاركة بما تقتضيه من تعاون وتنافس وثقة متبادلة، خلافا للتهميش و القطيعة، ويقرّبنا من أهدافنا في التحررية والديمقراطية. ويسهّل انتقال الحياة السياسية في من هيمنة السلطة إلى دولة القانون والمؤسسّات. وإنّ بين المعارضة والسّلطة، فيما نرى، مشتركات عديدة تمثل منطلقا لتعزيز هذا التوجه نذكر منها: v    المشروع التحديثي: فالنظام الجمهوري وأولوية التعليم والمعرفة والمساواة بين الجنسين والمقاربة الحقوقية والانفتاح على العالم التي تمثل أهم عناوين المشروع التحديثي، أصبحت محلّ وفاق بين مختلف الأطراف السياسية. فقد تحققت للبلاد عديد الانجازات المهمة على هذه الأصعدة، وهي مكاسب على نقائصها وما تثيره من مشاكل، تعتبر منطلقا لمواصلة التطوير¬. v    دور المؤسّسات: لقد بنت الدولة مؤسّساتها بما يضمن الاستقرار والاستمرارية، وما تحقّق إلى حدّ الآن يفسح المجال لمزيد التطوير والمراهنة في المستقبل على نوعية المؤسّسات واستقلاليتها وسلامة العلاقات بينها وإدخال عناصر أساسية للحكم الرّاشد. v    التهديدات والتحديات: تواجه تونس اليوم تحدّيات وتهديدات لا تعترف بالانقسامات السياسية أو الاجتماعية. فعالم اليوم المليء بالأزمات الإقليمية والدولية الذي أصبح أكثر تعقيدا وخطرا، يفرض على تونس تطوير مفهوم أمنها القومي وتعزيز قدراتها على تكييف منظومتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وفقا للنظام العالمي الجديد قيد التشكل لدعم مناعتها وضمان سيادتها. فتونس اليوم التي لا تشعر بتهديد في محيطها القريب ما دام الوضع الإقليمي مستقرا وعلاقتها الجوارية والدولية متميزة، يبرز فيها التطرف الديني العنيف، كظاهرة دولية، تهديدا حقيقيا للدولة.  فبعد أحداث سليمان المسلّحة التي شهدتها البلاد في نهاية ديسمبر 2006  تأكد الخطر وأصبح مصدر قلق كبير يتصدر الأولويات. ولا بد من إجراءات متعددة لرفع التهديد عن مجتمعنا وحدودنا، وذلك بوسائل عديدة (سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وديبلوماسية وأمنية) فمعالجة ظاهرة الإرهاب المعقدة تتطلب مقاربة شاملة ومتكاملة، وهذا ما تلح عليه المعارضة باستمرار، وهو ما أشار إليه رئيس الدولة أيضا في خطابه الافتتاحي للمؤتمر الدولي حول الإرهاب الذي استضافته تونس مؤخرا. ومن جهة أخرى انخرطت تونس في الاقتصاد المعولم (شراكة أوروبية، عضوية منظمة التجارة العالمية، اتفاقيات تبادل تجاري،…) كخيار استراتيجي لخلق فرص جديدة للنمو ولجذب الاستثمارات الخارجية. ومع أن هذا الخيار يمكن من تعزيز الفرص للإقتصاد الوطني، فإنه قد يخلق أيضا تحديات أخطرها التأثير على استقلالية القرار الوطني وتهديد جزء هام من نسيجنا الاقتصادي وقطاعات حيوية للتشغيل بسبب شدة المنافسة من طرف الدول التي تزاحمنا في الامتيازات التفاضلية. وهذا يتطلب إعادة صياغة أنشطتنا الإقتصادية وتموقعاتنا الإستراتيجية ومجهودات كبيرة لتعزيز قدراتنا التنافسية. كما أدّت التحوّلات الاقتصادية والاجتماعية إلى بروز مشاكل معقّدة من نزوح وبطالة وهجرة سرّية وجريمة ومدن فوضوية وغيرها من الظواهر المعهودة في الدول السائرة في طريق التحديث، إضافة إلى التهديدات البيئية وشحّ الموارد والفجوة الرّقمية. هذه التحديات المشتركة تتطلب من الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني تقاسم الوعي والمعرفة وتضافر الجهود وتكاملها للتقليل من المخاطر. v    توسيع المشاركة: نتيجة للتحولات المذكورة واعتبارا لخطورة التحديات واستجابة للتطلعات، تشترك المعارضة والسلطة في الرغبة في تطوير نظامنا السياسي بما يساعد على تجسيد التعددية السياسية وعلى توسيع مجال المشاركة ويضمن حقوق الإنسان ويطور أداء المعارضة ويعزز دولة القانون والمؤسسات ويرتقي بأداء الإعلام ويوفر مزيدا من عناصر الحكم الراشد. إن الخلافات العديدة و الملفات العالقة بين السلطة والمعارضة، لا تمنعان الإقرار بمثل التقاطع سالف الذكر، وإنهاء التنافي والبناء على المشتركات لخفض مستوى التوتر بين الطرفين وتطوير خطاب مسهل لحوار يفتح الطريق أمام حقبة جديدة من الحياة السياسية بالبلاد. كما يمكن أن تمثل سياسة التفاعل الإيجابي نقطة الانطلاق لانفراج أوسع في كل القضايا. وهناك فعلا عناصر تدعو للأمل، يدركها من يجتهد في ملاحظتها وتفتح الطريق لإطلاق مبادرات تقطع مع السلبية والجمود. التوافق على الهوية اعتمدت النخبة الحاكمة بعد الاستقلال مفهوم  » الأمة التونسية  » لبناء لحمة داخلية تضمن وحدة الدولة وقوّتها، وتمكنها من انجاز إصلاحات جذرية وسريعة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، تجسيدا للمشروع التحديثي. واستفادت آنذاك من شرعية تاريخية استمدّتها من دورها البارز في الحركة الوطنية ممّا سمح لها بالتقدّم دون معارضة كبيرة في إنجاز مشروعها المجتمعي. ولعب الحزب الحاكم دورا أساسيا في ذلك فبسط هياكله وامتزج بالدولة وانطلقت المسيرة السياسية بإيديولوجية الحداثة وتحرّكت بجاذبيّة التسلط تحت شعار « الوحدة القومية وأولوية الخروج من التخلف ». واعتبرت كلّ مساءلة لهذه الخيارات آنذاك تهديدا للدولة وقوبلت بالقمع أو التهميش. برزت محدودية هذه المقاربة واحتدّ الخلاف حول مسألة الهُويّة مع نموّ الإسلام السياسي، الذي ركّز في بداياته على التصدي لما اعتبره خطرا على الهوية الإسلامية لتونس، معتمدا خطابا سياسيا دينيا محافظا، عُدّ تهديدا للمشروع التحديثي للدّولة. ولم تكن سلطوية النظام السياسي وتركيبة المجتمع المدني ويقينية خطاب الإسلام السياسي وضعف انفتاحه، عناصر ملائمة لاحتضان حوار هادئ حول مسألة الهوية، ولم يحسم الصّدام المحكوم بجاذبية التسلط في نهاية الثمانينات المسألة. لعبت التطورات الداخلية والإقليمية والعالمية دورا في تراجع شعار « الأمة التونسية » وخف التوتر حول موضوع الهوية مع الإجراءات المتخذة في بداية تغيير السابع من نوفمبر انطلاقا من الميثاق الوطني مرورا بإجراءات رمزية (رفع الأذان في الإذاغة والتلفزة،  اعتماد الرؤية مع الاستئناس بالحساب، جامعة زيتونية بثلاثة معاهد..) فيما اعتبر مراجعة لسياسة التحديث القسري التي ميزت عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة. كما حصل تطور في خطاب التيّار الإسلامي الذي عرف تنوّعا سياسيا وفكريا وغيّر أهدافه وأولوياته في تفاعل مع الواقع. وإن مقاربة الهوية التي تقوم على مكونات تاريخية وجغراسياسية عديدة (مغاربية، عربية، إسلامية، افريقية، متوسطية)، من منظور استراتيجي للتعامل مع التهديدات وبناء العلاقات الدولية، قد تخلق لبسا وتثير ردود أفعال لاسيما لدى الشباب¬ بتعويم عنصري العروبة والإسلام ضمن دوائر أخرى لا تضاهيها في التأثير.                                          إن خفض التشنج حول مسألة الهوية وتغيير أسلوب التخاطب بين مكونات المجتمع وإرساء حوار بين مختلف الأطراف عوامل مساعدة على حصول توافق وطني حول مسألة الهوية. فالمجتمع يتغير بتغيّر حياته الحوارية، وإن ما يُسجل اليوم من تقدم في تناول بعض المواضيع/ التابوهات مثل السيدا والأمهات العازبات والمساواة في الإرث وحرية المعتقد وعقوبة الإعدام…، التي أصبح الحديث فيها ممكنا بهدوء وعقلانية، يعد في حد ذاته بارقة أمل لبروز المجتمع التحرري الذي يدفع نحو جاذبية الديمقراطية. إنّ تطوّر خطاب النخب التونسية حول مسألة الهوية، بصرف النظر عن بعض التعبيرات المتشنجة  في هذا الاتجاه أو ذاك، يجعل التوافق بينها مُتاحا أكثر من أي وقت مضى. فالحداثة التي دخلت مختلف مفاصل حياتنا صارت جزءا من هويتنا دون أن تلغي حضور عنصري العروبة والإسلام أو تأثيرهما. ذلك أنّ تطور المجتمع التّونسي احتوى التوتّر بين هذه المكوّنات وجسّد التفاعل الإيجابي بينها بما يخرج مسألة الهويّة من دائرة الصّراع السياسي وبما يتيح المجال لمشاركة سياسية لا تقصي أحدا. ضمان الإستقلالية وتعزيز التعددية إنّ الانتقال من دولة الحزب الواحد إلى دولة ديمقراطية تعددية تحررية يستغرق وقتا كما استغرق تحويل الاقتصاد الموجه إلى الاقتصاد الليبرالي، ذلك أن تأهيل الحياة السياسية على غرار إعادة هيكلة الاقتصاد، يحتاج، إضافة للإرادة السياسية، إلى رؤية وبرامج وإلى متابعة الإنجازات على أرض الواقع.  فليس سليما أن يتمّ في تونس تغيير مناهج التعليم ومحتويات كتب التاريخ والتربية والفلسفة والأدب ونشر قيم الوسطية والاعتدال والتسامح والتعايش والاختلاف، والتأكيد على حوار الحضارات، لضرورات إستراتيجية، ويبقى خطاب الحزب الحاكم والمسئولين المحليين (عمد ومعتمدين وولاّة) ينضح بالإقصاء والتنافي. ولقد كان الرئيس على صواب حين ذكر « أن لا مجال للحزب الواحد والرأي الواحد والفكر الواحد »، في إشارة واضحة لتفشي مثل هذه الثقافة وهذا السلوك و استمرارهما. و ليس سليما أيضا أن يتم إقرار التعددية في الدستور وتُعدّل التشريعات بما يتيح تمثيل المعارضة في البرلمان والبلديات، ويستمر المشهد الإعلامي في الإذاعة والتلفزة أحاديا لا يشعر المواطنين بمشاركة حقيقية للمعارضة في الحياة السياسية. ويصعب أن نتقدم نحو الديمقراطية بحزب حاكم مهيمن ومتداخل مع أجهزة الدولة خاصة على المستوى المحلي والجهوي، ولم يعد مقنعا أن يبرر الحزب الحاكم هيمنته باعتباره يمثل كل التونسيين. فهو إن تبني خلال عهد التغيير خطاب الإصلاح والديمقراطية حتى صار ثابتا في أدبياته، فإنه فشل في لعب دور قاطرة الإصلاح، وظل يتحرك بجاذبية التسلط طوال السنوات الماضية، وهذا لا يعني أن الحل يكمن في إزاحته، بل في تعديل دوره. فمن الضروري أن تقرّ السلطة التعدد الموجود أصلا في المجتمع، وتقلع عن منطق الإجماع، وأن تعمل على تكييف النظام السياسي بما يكفل المشاركة لكل الأطراف في أجواء من الاحترام والتعايش والتنافس. وعلى المهتمين بالتغيير السياسي أن يعملوا أثناء التحرك نحو الديمقراطية على احتواء التخوفات الناتجة عن تداعيات بعض التجارب التي تعثرت أثناء تحولها من نظام سلطوي مركزي إلى نظام مفتوح يعمل بسيطرة منخفضة. كما أن السلطة التي تبدي تخوفا من أي تحول قد يفسح المجال لبروز أدوار غير محبذة لها تأثيرها على توزيع السلطة والسيطرة داخل الدولة تبدو مترددة في مسار التعددية وخاصة في إعطاء الاستقلالية للمجتمع المدني والسياسي وتشجيع اللامركزية. وترغب بقوة في أن يكون الإصلاح متدرجا وأن يتم التخطيط مركزيا لكل مراحل الانفتاح السياسي. وتستطيع المعارضة أن تقوم بالكثير لاحتواء هذا القلق الناتج عن البدء بالإصلاحات لتوسيع إشراك النخب في مسار الإصلاح. وممّا ييسّر ذلك  تغيير لغة الحوار والصور المعتمدة للتشخيص و العلاج. إنّ التحرك نحو الديمقراطية يفرض مراجعة عديد المسائل التي هيكلت النظام السياسي نذكر منها العلاقات بين السلط والمركزية المفرطة والسيطرة المطلقة وتداخل الحزب الحاكم بالإدارة كما يقتضي تغييرالسلطة لنظرتها للمعارضة وللتعددية السياسية. لكن هذا التحرك يفرض أيضا مراجعة المعارضة بجميع أطيافها لمواقفها وأدوارها وصيغ تدخلها. فإذا أردنا تعزيز التعددية لا يمكن من جهة أولى أن يستمر العمل بالطريقة الحالية في منح التأشيرات للأحزاب التي كرست مشهدا سياسيا لا يعكس حقيقة التنوع في الواقع ولا يعطي صورة عن اختلاف في الرؤى والبرامج. ومن جهة ثانية فإن حق المعارضة البرلمانية في التوافق مع السلطة لا يبرر تخليها عن ممارسة دورها باستقلالية. فأحزاب الموالاة حين تتخلى كليا عن استقلالية قرارها، تنتهي إلى إلغاء وظيفتها الرئيسية، مما يؤدي إلى فقدانها لكل مصداقية، وهي أسوأ صورة للمعارضة وللوفاق، وليس من الحكمة تكرار الانخراط في علاقات من هذا النوع مع السلطة. ومن جهة أخرى، لم يعد مجديا أن تستمر المعارضة المستقلة على نهجها الحالي في القطيعة والتشنج مع السلطة. فهي لم تستطع فرض تغيير النظام ولا حمل السلطة على الاستجابة لمطالبها، ولا تعبئة المواطنين حولها ولا بناء القوة الميدانية ولا البروز كبديل مقنع للسلطة القائمة. ولم يساعد اختلال التوازن بين السلطة والمعارضة على فتح أفق سياسي للمجتمع. وصار التساؤل مشروعا عن إمكانية حلحلة الوضع السياسي في ظل القطيعة . فغياب أي علاقة بين الطرفين أمر غير عادي. وإذا كانت السلطة لا ترى العلاقة إلاّ تبعية مطلقة ومفرغة من أي بعد تنافسي، فإن في الدعوة إلى القطيعة إدامة للأمر الواقع وتشجيعا عليه. وقد حان الوقت لإعادة صياغة هذه العلاقة.   ليست العلاقة بالسلطة هي العنصر الوحيد الذي يساهم في إضعاف التعددية السياسية وإفقار المشهد التنافسي، والذي يستدعي المراجعة والتعديل من طرف المعارضة، بل أيضا صيغ تدخلها في المجتمع وخطابها الثقافي وقدراتها عل الاقتراح وجسور التواصل بينها وبين الناس. لما لهذه المسائل من صلة مباشرة بوضع المعارضة وموازين القوى بينها وبين السلطة. وإذ لا نغفل الظروف الصعبة التي تعمل فيها المعارضة، وأبرزها القيود المفروضة عليها، فإن ذلك لا يبرر الفقر في إنتاج المعارضة لتقارير ودراسات ومقترحات حول المواضيع التي تلامس مشاغل مختلف القطاعات والشرائح على سبيل المثال،  وتقترح حلولا، تكسبها احتراما وتوسع إشعاعها. إن آفاقا مستقبلية للإصلاح السياسي مرتبطة بمدى قدرة السلطة والمعارضة على إنتاج منظومة مشاركة سياسية جديدة، لا نرى التداول-على أهميته كركيزة للنظام الجمهوري- أولويتها في الواقع الراهن بل تعزيز التعددية والتحررية وضمان الاستقلالية. وتعمل سائر الأطراف داخل هذه المنظومة ضمن بناء مُعقّد تجتمع فيه بأشكال خلاقة ومتطورة، الاستقلالية في التنظم والبرمجة والتحرك مع السيطرة بدرجة منخفضة من الوفاق واليقين. وهذا يتطلب من جميع الأطراف قدرات عالية على التعلم والتعاون والالتقاء وإدارة الخلافات واستشراف المستقبل والتأقلم السريع. ومن المهم إخراج هذه المسائل من دائرة اهتمام النخب إلى أوسع شرائح المجتمع والبحث في كيفية منح التونسيين دوافع للمشاركة السياسية في استحقاقات سنة 2009 من أجل تحريك المسار بجاذبية الديمقراطية. فالانتخابات هي الإطار المناسب لاختيار منظومة تجتمع فيها السيطرة والاستقلالية وتتعايش فيها السلطة والمعارضة، وتستمد شرعيتها من تفويض الناس عبر انتخابات ذات مصداقية. خــــاتمــة تقوم الرؤية السياسية التي عرضناها على: v  قراءة التحولات العميقة التي تدفع باتجاه مزيد من التحررية وتُسهّل التعاطي مع القضايا التي أثارت خلافات حادة في المرحلة السابقة. v رصد المواطن المفصلية في خطاب السلطة للتفاعل الايجابي معها بما يدفع المسار نحو الديمقراطية، ورصد التقاطعات بين خطابي السلطة والمعارضة للبناء على المشترك ـ دون القفز على الخلافات ـ وإنهاء حالة التنافي. v  توخي الواقعية في الإصلاح، حيث تراعى الطبيعة المعقدة للأوضاع ويجتمع الحذر مع الجرأة والتدرج مع النسق التصاعدي ويتم العمل حيث الممكن لا حيث إغراء الفرضيات القصوى. v تطوير منظومة للمشاركة السياسية تقوم على بناء الثقة وطمأنة مختلف الأطراف وتعزيز التعددية والاستقلالية وإتاحة المجال للمنافسة وتطوير أداء السلطة والمعارضة للوصول إلى إبراز ديمقراطية تونسية المنشأ تُستمدّ فيها الشرعية من انتخابات ذات مصداقية. هذه الرؤية السياسية يمكن العمل وفقها في سياق الإعداد للاستحقاق الانتخابي القادم سنة2009 ـ الذي نراه محطة قريبة في الأفق البعيد لتونس ـ وذلك بالتوافق على ما يلي: v  قبول المعارضة بخيار المشاركة ومنهج التدرج في الإصلاح وإعادة ترتيب أولوياتها على هذا الأساس. فالمرحلة الراهنة في بلادنا لا تتيح تداولا على السلطة ولا تحقيق انتقال ديمقراطي مكتمل. v تحرّك السلطة والمعارضة في عملية الإصلاح السياسي بمستوى منخفض من التشنج الإيديولوجي والسياسي. فالتقارب بين مختلف الأطراف السياسية يتيح تجاوز التشنج الإيديولوجي الذي صاحب عملية التحديث السريعة والتشنج السياسي الذي يلازم التنافي. v  اتخاذ السلطة مزيدا من الإجراءات الانفراجية منها تسوية ملف المساجين السياسيين والمغتربين ومنح تأشيرات جديدة تستجيب للرغبة في التنظّم والتعدّد الحزبي والجمعياتي في الواقع ودعم الإعلام الحر والمستقل بعيدا عن مقاييس الولاء وتنظيم انتخابات مختلفة عن سابقاتها في 2009 تفضي إلى تمثيل حقيقي في البرلمان يستفيد من التمييز الايجابي للمعارضة ويعكس وزن الأحزاب في الواقع ويكسب الاستحقاق رهانا انتخابيا مرحليا يشجع الناس على المشاركة ويهيئ لانتخابات تنافسية حقيقية مستقبلا. إن التشجيع على مثل هذا التوجه يعزز الثقة بين الأطراف السياسية ويسرّع نسق الإصلاح ويفتح أبواب الأمل وتستفيد منه بلادنا. وهذا من شأنه أن يجعل من استحقاق 2009 فرصة لتطوير الحياة السياسية.
 

————————

¬  الرؤية السياسية المستقبلية، ورقات لإثراء الحوار، التّوزري، القوماني، ديسمبر2006.

  –    18 أكتوبر: نجح الإضراب وتعثّرت الحركة، القوماني، ماي 2007.

  –    في الذكرى الخمسين لعيد الجمهورية، ضرورات تطوير نظامنا السّياسي، القوماني، التّوزري، كفيف، جويلية 2007.

[1]  – التحولات الأسرية والبرنامج الوطني للصحّة الإنجابية وتنظيم الأسرة، الدّيوان الوطني للأسرة والعمران البشري، نوفمبر 2006.

[2]  – الديمقراطية والتنمية والحوار الاجتماعي، الإتحاد العام التّونسي للشغل، الطبعة الثّانية، 2006.

¬  انظر نصّ : في الذكرى الخمسين لعيد الجمهورية، ضرورات تطوير نظامنا السياسي، القوماني، التوزري، كفيف، جويلية 2007.

¬

Adolescents et jeunes, données et défis, document de travail, Nations Unies, p.85, Tunisie 2007.

 


مشـــاهـد مـن جهنّـــم !!!

 
د.خالد الطراولي  هل اطلعتم مثلي على الملف الصحي للسجناء السياسيين التونسيين؟ هل بقيتم مكانكم ولم تغادروا الإطار؟ هل استطعتم إنهاء قراءته ولم تشعروا بالدوار؟ هل استطعتم أن يغمض لكم جفن في تلك الليلة؟ هل تسليتم مع صغاركم وملأتم البطون واستطعتم نسيان الحدث؟؟؟ أسئلة ألقيها بكل مرارة على نفسي قبل غيري وأمام الجميع، أسئلة ليست للتعجيز ولا للإحراج، ولكن للإخراج كما يقول الفقهاء… مشاهد يشيب لها الولدان، صور تصيب العقول بالهذيان، وتترك الحليم حيران، حقائق تقشعر منها الأبدان… مشاهد لا تبقي للحرف معنى ولا للكلمة صوت ولا للحديث أوقية من جياء… مشاهد تعجز اللسان وينحبس القلم ويتوقف الزمان، ويجثو التاريخ على ركبتيه يبحث عن سند… وتبقى الصورة ثابتة حيث لا صوت ولا ظلال، سوى كلمات تصعد إلى السماء تقطع الأنفاس والأوصال، ولا تترك للحياة معنى…لولا الصبر… ليتردد صداها في الآفاق عاليا مدويا حزينا : لمــاذا؟ لمــاذا؟ لمــاذا؟؟؟ اقرؤوا معي إن شئتم هذه الفقرات واثبتوا في أماكنكم إن استطعتم يرحمكم الله [1]:  » فقد خلالها 3/5 من حجم الرئتين… أجريت له عملية يوم 12 نوفمبر 2005 واستؤصل نصف كبده… وقعت له جلطتان في السجن سنة 2005… تعرض لجلطتين بسبب مضايقته و مضايقة عائلته وأبناءه… اختل عقليا بسبب التعذيب… سل في المخ وفقدان الذاكرة… وجد مشنوقا في منزله… ألقى بنفسه من على سور القصبة فمات… وجد مشنوقا في شجرة زيتون… اختلوا ذهنيا بسبب التعذيب او الاهمال الصحي او كثرة الضغوطات… أوجاع حادة على مستوى الرأس أدت في عديد الأحيان إلى غياب الوعي… اضطرابات في النفس أثناء النوم تصل إلى حد التوقف على التنفس… تلف على مستوى أعصاب المخ أدى في الأخير إلى الوفاة… مرض الربو (الفدة )… التهاب فيروسي للكبد من نوع ب… سكري مرتبط بحقن الأنسولين مع ظهور مخلفات تلف متقدم على شبكة العين يهدد بفقدان البصر و كذالك تلف على مستوى العروق والأعصاب… ظهور تقرحات عميقة  على مستوى باطن القدم يهدد بالبتر… كمية من الماء بين القلب والغشاء … سل الغدد والرئتين… عمى كامل ضرير لا يعمل فقد بصره من جراء الأمراض التي ألمت به ولم يعالج منها… فقد بصره كليا من جراء التعذيب وهو كفيف الآن لا يعمل و يستحق الرعاية… قصور كلوي كامل يقوم بحصص لتصفية الدم 3 مرات في الأسبوع….. »  وقفت منذهلا لهذه الحالات، لهذه الأهوال، وزاد ذهولي وكاد ينفجر حول هؤلاء الذين أصابهم الجنون أو الذين انتحروا… سألت الأرض لماذا؟، سألت السماء لماذا؟، سألت الوطن لماذا؟ أغلقت مفاتيح عقلي وبواباته الشرقية والغربية حتى لا أجن وطوّعت عاطفتي على مضض، ورأيت أن أجمع كلماتي أو ما بقي في حنجرتي من حروف ملقاة على الأطراف، أصففها بصعوبة لهول الموقف وأنطلق في صحراء قاحلة جدباء لا زرع فيها ولا نبات… سوى الأمل! الأمل في القلوب الكبيرة الصابرة، الأمل في أن للعطاشى يوما للسقاية، وحوضا من كوثر… الأمل أن بيت أبي سفيان مازال مفتوحا، ومن دخله كان آمنا… لا أريد أن يبقى حديثي نواحا وألما ودعوة للصبر وكأن هؤلاء الأشراف فقدوه، ولكني أريد أن أخط طريقا فاعلا يبني على التفاؤل والأمل… دعوتي إلى أصحاب الشأن في تونس الحبيبة إلى وقفة قصيرة للتأمل… دعونا من السياسة والسياسيين، هدنة صغيرة نعود معكم فيها إلى حكومة الضمير إلى ميدان المشاعر والوجدان… هل قرأتم يا سادتي هذا الملف الصحي، هذا الملف الفضيحة، هذا الملف المأساة؟ هل استمعتم إلى صوت الحيارى، إلى صوت المجانين وصياح المنتحرين، هل يستطيع الضمير أن يرتاح بعدما سمع ورأى؟ هلاّ فكرتم في باب التعويض لهؤلاء المواطنين العزّل، رغم أنه يستحيل تعويض سنوات وليال حمراء وفقدان الأهل والعشيرة؟ هــلاّ فتحتم نافذة من قلوبكم إلى هؤلاء :  فأعنتم المرضى على الاستشفاء مجانيا ما بقوا على قيد الحياة…  وأعطيتم المعوزين منهم نفقة تلبي حاجاتهم… وأدركتم أسر وأبناء الشهداء والمنتحرين وجمعتهم تحت كفالتكم… لعل البعض سوف ينبهني إلى غفلتي، لعل البعض سوف يوقظني من حلمي، لعل البعض سوف يحدثني عن مثاليتي! لكن زاوية طرحي تختلف، ونافذتي فعلي تتميز… وهو يبقى اجتهادا بشريا قائما : إرضاء الله أولا، والمساهمة بالقدر الذي نستطيع أن نخض واقعا ظالما، أن نبحث عن مناطق الخير في كل ذات ولو كانت كلها سواد في سواد… أن نخلّق السياسة وندفع بها إلى مواطن القيم، حتى إن رفضها غيرنا، فإنا نمسك عليها بالنواجذ وإن كان الماسك عليها في هذا الزمان الرديء كالماسك على الجمر… من هذا الباب أتفاءل ومن هذه النافذة الضيقة أرنو إلى طلوع الفجر، فلعل النداء يصل ولعل الباب يفتح ولعل القلوب تلين، ومن لم يطرق الباب لن يحصل الجواب، وقلوب الناس بين إصبعين من أصابع الرحمان…فإليكم جميعا أيها السادة من ساهم أو قاد أو أعان على هذه المأساة أو عذب وشرد،  هذه فرصتكم للتوبة والبقية عند الله وعند أصحابها، فتعجلوا قبل انسداد الآفاق وأسرعوا فإن الأيام دول، والديان لا يموت وكما تدين تدان، وما ضاع حق وراءه طالب! اللهم قد بلّغت اللهم فاشهد… هـــوامش [1] التقرير الصحي، المساجين السياسيون التونسيون والملف الصحي، زهير مخلوف، تونس نيوز ومواقع أخرى 12/12/2007. 13 ديسمبر 2007/ 4 ذو الحجة 1428


حول حقيقة بعض المواقف المتعلقة

بإضراب الجوع الذي يخوضه الأساتذة المطرودون عمدا عن العمل

 
20 يوما مرت والأساتذة معزّ الزّغلامي ومحمّد مومني وعلي الجلّولي في إضراب جوع في المقر المركزي للإتحاد العام التونسي للشغل.وبرغم أن إضراب الجوع قد مثل الحدث الأهم على الساحة النقابية والسياسية في بلادنا منذ 20 نوفمبر الفائت فإن ما يروج في ساحة محمد على من أحاديث وما ظهر إلى حدّ الآن من مواقف الأطراف المعنية بهذه المسالة حول مواصلة الإضراب يطرح عديد التساؤلات التي لابد من توضيحها للنقابيين وللرأي العام. أولا: حقيقة الموقف القائل [لاتفاوض تحت التهديد] انطق الأساتذة المطرودون في إضراب الجوع من أجل هدف واضح ومعلوم من الجميع :إنه العودة إلى أعمالهم التي أطردوا منها بعد مشاركتهم في الإضراب الذي خاضه قطاعهم السنة الفارطة. ويتفق جميع النقابيين والمتابعين لهذا الملف أن ما أتته وزارة الإشراف في حق الأساتذة المطرودين يعد خرقا واضحا للقانون ولا يدخل في غير سياسة العصا الغليظة التي تنتهجها ومسؤوليتها مباشرة عن كل ما سيلحق بهؤلاء الأساتذة المضربين من مضار وتعكرات صحية بما في ذلك الأخطار الحقيقية التي تهدد حياتهم:ألم يقل أحد المضربين وهو محق في كلامه «سأواصل إضراب الجوع ولن أسلّم حتي أفتك حقّي في العودة إلى عملي حتى وإن كلفني ذلك حياتي».  إن المؤسف حقا هو طريقة تعامل وزارة الإشراف مع المضربين وطبعا من ورائهم كل النقابيين وكل الهيئات الحقوقية والإنسانية والرأي العام الوطني والدولي وإلاّ فبماذا نفسر ما يروج من أحاديث مفادها أنها [لا تتفاوض تحت الضغط]ّ! عجبا ما الضغط الذي يمثله ثلاثة أساتذة وضعوا حياتهم في الميزان من أجل  حقهم في الرجوع إلى أعمالهم التي أطردوا منها عمدا لمجرد أنهم مارسوا حقا يضمنه دستور البلاد. عجبا ما الضغط الذي يسببه هؤلاء لوزارة الإشراف! في الحقيقة وبقراءة سريعة لهذا الموقف لا يمكن أن يفهم منه غير التنصل من المسؤولية والإمعان في سياسة العصا الغليظة! بماذا كانت سترد وزارة الإشراف يا ترى لو دخل الآلاف من النقابين في إضراب جوع مساندة للأساتذة المطرودين ودفاعا عن مطالبهم هم أيضا وعن الحق النقابي ! بماذا كانت الوزارة سترد لو دخل الآلاف أيضا من أصحاب الشهائد المعطلين عن العمل في إضراب جوع أليسوا هم أيضا بالآلاف! ألا تعلم وزارة الإشراف أن الأساتذة معزّ الزّغلامي ومحمّد مومني وعلي الجلّولي قد إلتجؤوا إلى إضراب الجوع التجاء ولم ينخرطوا فيه إلاّ بعد أن سدّت جميع الأبواب في وجوههم ! ألا تعلم وزارة الإشراف أنهم لم يدخلوا في إضراب الجوع إلاّ بعد أن استنفذوا كل الحلول ولم يبق لهم غير الدفاع عن حقهم بأجسادهم. في الحقيقة إن ّما يروج حول عدم التفاوض تحت التهديد مبرر مردود ومتناقض مع الحقيقة ولا معنى له إلاّ تعويم هذا الملف وفك الإضراب والخروج بيد فارغة والأخرى لاشيء فيها وهو وضع تراهن عليه وزارة الإشراف لطي ملف هذه المظلمة وركنه مع عديد ملفات المظالم الأخرى في حق مربي هذا الوطن.    ثانيا: لماذا تتعمد البيروقراطية النقابية وجهازها التنفيذي استنزاف طاقة المضربين الثلاثة؟ لا يمكن في الحقيقة اعتبار سكوت جهاز البيروقراطية النقابية وغضه النظر عن تنظيم إضراب الجوع في مقر النقابة العامة للتعليم الثانوي مساندة حقيقية لهذا التحرك بقدر ما هو في الواقع محاولة من هذا الجهاز لتحييد الأنظار عن قضية التجريد ولتهميش ملف االديموقراطية المطروح بحدّة داخل هذه المنظمة  النقابية  في محاولة لخفض حالة الاحتقان التي أصبح عليها الوضع في الإتحاد. إن ما يؤكد كلامنا هذا هو حقيقة تعامل هذا الجهاز مع وقائع إضراب الجوع الذي مرّ عليه اليوم عشرون يوما هذا التعامل الذي لم يختلف من حيث الجوهر عن تعامل وزارة التربية والتكوين فإذا كانت الوزارة لم تبال بما يجري وتنصلت من المسؤولية وتركت الحبل على الغارب في قضية بهذه الخطورة فإن متنفذي البيروقراطية وعلى مختلف ألوانهم ومواقعهم تعمدوا تعويم الإضراب والسكوت عنه لاستنزاف طاقة المضربين في هدف واضح هو إغراقهم في وضع من الترقب والفراغ لإنهاك صحتهم ودفعهم في الأخير إلى التراجع وفك الإضراب دون تحقيق مطلبهم. إن كل المؤشرات تدل على هذا التمشّي والمسألة في ترتيبات الجهاز البيروقراطي مسألة وقت ليس إلاّ. إنها مؤامرة أخرى من مؤامرات هذا الجهاز على نضالات العمال لا بل أكثر إنها مؤامرة على حياة المضربين. إن مثل هذه المناورات ليست جديدة فالجهاز له سوابقه في هذا المضمار. ألم يأمر عبد السلام جراد ذات شتاء وفي ساعة متأخرة من الليل زبانيته باقتحام أبواب مقر نقابة البريد لإخراج أحد النقابيين المعتصمين فيها هو وعائلته من أجل العودة إلى عمله الذي أطرد منه ورماهم في الشارع هم ومن معهم. إن على كل النقابين الصادقين المساندين للأساتذة معزّ الزّغلامي ومحمّد مومني وعلي الجلّولي وعلى المضربين أنفسهم  التنبه إلى أن صمت البيروقراطية النقابية لا يمكن أن يستمر ولا يمكن له كذلك أن يتحول إلى مساندة حقيقية إنهم سيتحركون في الظلمة لفك الإضراب إنهم سيعملون ما في وسعهم لإنهاء هذا الملف وستتعدد وعودهم وتطميناتهم الكاذبة بتسوية الوضعية فهل سنلدغ من الجحر مرّتين؟ إن مطلب الأساتذة المضربين عن الطعام واضح وعادل وعلينا ونحن في هذه المرحلة أن لا نسلّم وأن لا نقبل بغير تحقيق مطلب رجوع المضربين إلى عملهم. ثالثا: نقابة التعليم الثانوي وسياسة ذر الرماد على العيون؟ لئن كان موقف نقابة التعليم الثانوي التي تبنت إضراب الجوع الذي يخوضه الأساتذة الثلاثة الذين وقع طردهم من عملهم على خلفية مشاركتهم في إضراب القطاع موقفا شجاعا فإن كيفية إدارتها لهذا التحرك وكذلك حقيقة الخطة التي رسمتها لإنجاح هذا الشكل النضالي تطرح عديد الأسئلة التي ولا شك ستتوضح إجاباتها في قادم الأيام. ــ لماذا لم تسع النقابة العامة إلى توسيع جبهة مساندة الإضراب وحصرت عملها داخل القطاع في حين كان بإمكانها أن تدعو بقية القطاعات النقابية وفعاليات الحركة االديموقراطية المناضلة المساندة لإضراب الجوع لتنظيم يوم وطني لمساندة المضربين ومن أجل الدفاع عن الحق في العمل  وتكوين لجنة وطنية لمتابعة ملف الإضراب من أجل عمل أكثر إشعاعا وأعمق تأثيرا. ــ لماذا لم تسع النقابة العامة للتعليم الثانوي منذ الأيام الأولى للإضراب إلى تنظيم لقاء جهات وتدفع من أجل أن يقرّر نقابيو الجهات إضرابا عاما بيوم  أو إضرابات جهوية دورية مسترسلة واكتفت بتنظيم وقفة لم تكن وفي كل الحالات لترتقي إلى مستوى الحدث. ــ لماذا كان لقاء الجهات بعد أكثر من أسبوعين من بداية الإضراب؟ وما هذه القرارات التي اتخذها هذا اللقاء؟ وقفات احتجاجية! وشارات حمراء! وماذا أيضا؟ وتلويح بموعد لإضراب في 10 جانفي 2008 مؤكد مسبقا أنه لن يقع! لماذا هذا الذر للرماد في العيون ؟ أليست هذه القرارات  وبفصيح العبارة خذلان ما بعده خذلان للمضربين وللقطاع ولنضالاته وللأساتذة ومطالبهم؟ ألهذا الحد أصبحت هياكلنا النقابية عاجزة عن الدفاع عن منخرطيها؟ ألا تعلم نقابة التعليم الثانوي أن بمثل هذه القرارات وبمثل هذه المساندة ستعمق الهوة بينها وبين منخرطيها وستزرع اليأس في نفوسهم وستساهم في تمييع مفهوم التضامن النقابي وستدفع إلى الانكفاء والخوف؟ أليس من حق القاعدة العريضة أن تدعم الإضراب؟ ثم ولنكن صرحاء مَنْ مِمّّنْ حضر لقاء الجهات من النقابات الجهوية للتعليم الثانوي جاء وتدخل وصوّت بموقف القاعدة! ومن منهم في الأساس اجتمع مع هذه القاعدة؟ أيعجز القطاع عن مساندة منخرطيه إلى هذا الحدّ ؟ لمن تسوق مثل هذه القرارات؟ أهو إستبلاه للقواعد أم ماذا؟ ومهما كانت المبررات فإن ما أتخذ من قرارات لا يمكن أن يعكس غير رغبة في إنهاء هذا الملف بأي شكل من الأشكال ولا يدفع في غير السعي لفك الإضراب وهو لعمري موقف يلتقي ولا يختلف في شيء عن موقف جهاز البيروقراطية الخائن. في الأخير نقول للجميع أنه من العار عليكم أن تخذلوا هؤلاء الشباب وهم في قمة عطائهم النضالي وهل هناك من قمة يبلغها الإنسان أكثر من أن يضحي بحياته من أجل الدفاع عن حق له مهضوم ومفتك منه فارفعوا مضلاتكم عن هؤلاء الشباب وكونوا من أنصار الدفاع عن الحق وتخلوا عن أساليب المناورة والركون للبيروقراطية فالتاريخ لا يرحم.  رابعا: إلى معزّ الزّغلامي ومحمّد مومني وعلي الجلّولي وإليهم وحدهم ــ إن تنظيمكم لإضراب الجوع في مقر الإتحاد ليس هبة من جهاز البيروقراطية ولا من غيره. إنه من حقكم بوصفكم نقابيون ومنخرطون في هذه المنظمة النقابية أن تخوضوا نضالاتكم وبمختلف أشكالها في مقرات منظمتكم ولا أحد في الجهاز أوفي غيره يمكن أن يمنع عنكم هذا الحق. ــ إن إضراب الجوع  الذي تخوضونه في مقر الإتحاد هو حق مشروع افتككتموه ولامزيه لأحد في ذلك. وبصمودكم وإصراركم على المضي قدما في ما قررتم ستحقّقون مطلبكم العادل. ــ إن صمودكم في الدفاع عن مطلبكم وعدم فك الإضراب دون تحقيق عودتكم إلى العمل هو سبيلكم الوحيد للرد على كل المواقف التي ستناور في قادم الأيام على إضرابكم وستدفع وبكل الطرق لإيقافه.  
بشير الحامدي تونس في 09 ديسمبر 2007


في التربيع و التدوير

 
بقلم: مختار اليحياوي يقول الجاحظ في كتاب التربيع و التدوير: كيف يعرف السبب من يجهل المسبب، و كيف يعرف الوصل من يجهل الفصل، و كيف يعرف الحدود من لم يسمع الفصول. بل كيف يعرف الحجة من الشبهة، و الغدر من الحيلة، و الواجب من الممكن، و الغفل من الموسوم، و المحال من الصحيح و الأسرار من المجهول وكل الدلائل الخفية… من هو طائر مع العوام حيث طارت، وساقط معها حيث سقطت، مع الزراية و الرغبة عنها. قد طلبها بفضل طلبه لنفسه، و جرى معها بقدر مناسبتها لقدره… … يا عمّ، لم تحملنا على الصدق؟ و لم تجرعنا مرارة الحق؟ و لم تعرضنا لأداء الواجب؟ و لم تستكثر من الشهود عليك؟ و لم تحمل الإخوان على خلاف محبتهم فيك؟… فقل معروفا فإنّا من أعوانك، و اقتصد فإنّا من أنصارك. و هات فإنك لو أسرفت لقلنا قد اقتصدت، ولو جرت لقلنا قد اهتديت، ولكنك تجيء بشيء ( تكاد السّماوات يتفطّرن منه و تنشق الأرض و تخر الجبال هدّا). لو غششناك لساعدناك، و لو نافقناك لأغريناك. » يشق النخبة المعنية بالشأن العام في تونس خلاف منهجي عميق حول مناهج العمل الأنسب لإحداث التغييرات الضرورية لتجاوز مرحلة الإحتقان السياسي و توسيع مجال المشاركة السياسية بما يسمح بإدخال الإصلاحات التي يكاد يتفق الجميع على ضرورتها على آليات عمل مختلف مؤسسات الدولة تحقيقا للمواطنة السياسية في اتجاه القطع نهائيا مع حكم الحزب الواحد و الممارسة الشمولية للسلطة التي كرّست على مدى نصف القرن المنقضي على إعلان الجمهورية. و يتزامن هذا الخلاف مع بروز إختلالات خطيرة في عمل بعض المؤسسات على حساب دورها الطبيعى سواء من خلال توظيف بعضها في الأغراض الأمنية القمعية الحامية للسلطة أو من خلال إستغلال البعض لها بحكم موقعهم في السلطة للإثراء غير المشروع و تكديس الثروات. و قد خلقت هذه الحالة ضغطا مضاعفا إنعكس في تأجيج حدة الإنتقادات من جهة و زاد من درجة سياسة الإنغلاق و التعتيم التي تنتهجها السلطة وأكدها خطاب رئيس الجمهورية بمناسبة الذكرى العشرين لتوليه السلطة. و يبدو الوضع السياسي في حالة جمود مزمن منذ حوالي 20 سنة. حيث لم يطرأ على الخارطة السياسية تغيير يذكر، كما بقيت تحوم حول نفس المقولات و الرموز التي ظهرت مع الأزمة السياسية التي صاحبت نهاية حكم الرئيس الحبيب بورقيبة و التي تتجاذبها ثنائية متناقضة لخصها عنوان ورقة صدرت مؤخرا حول الإصلاح السياسي بموقف التردد بين « جاذبية التسلط و جاذبية الديموقراطية » و تعكس هذه الحالة موقفا إضافة إلى جموده يشكو من إهتزازه و تعويله أساسا على مبادرة السلطة و محاولة الضغط عليها سواءا بالمساندة أو بالمعارضة أو بالإحتجاج حيث أن الإستراتيجيات الثلاثة رغم ما يبدو من تناقض فيما بينها تتفق تماما في غاياتها و لا تنتظر سوى أدنى إشارة من السلطة لتنقلب للتهليل و التمجيد كما حصل في 7 نوفمبر 1987. و هو وضع خلف معارضة مهترئة لم يعد لها وزن تهدد السلطة أو حتى تفيدها به و هي السمة الغالبة على الوضع القائم حاليا. و يمكن تلخيص التيارات التي يتوزع حولها الرأي العام حول الموقف من السلطة إلى ثلاثة مواقف أساسية: تعتمد المقاربة الأولى التأكيد على أولوية حماية المكاسب الحداثية التي تحققت على مستوى النموذج الإجتماعي الذي أصبح عليه المجتمع التونسي بفعل الإصلاحات التي أدخلها الرئيس الحبيب بورقيبة منذ بداية الإستقلال على تحقيق الإصلاحات السياسية الديموقراطية إذا كانت نتيجة هذه الأخيرة ستقود إلى فتح باب السلطة أمام تيارات من شأنها أن تهديد هذه المكاسب. و خلاصة هذه المقاربة التي يرمز لها الأستاذ محمد الشرفي أن في استمرار تعميق هذه المكاسب الإجتماعية توطيد لها بفضل دخول أجيال جديدة تربت عليها مرحلة الفعل و المشاركة تجعل منها الأغلبية الضاربة داخل المجتمع بما يكرس هذا النموذج الإجتماعي بشكل لا رجعة قيه و يسمح بالإنتقال إلى وضع قابل لتحول إلى الديموقراطية بدون مفاجآت. و لا يبدو على نحو ما تحقق فعليا في الواقع خلال العشريتين الأخيرتين من عودة قوية للمرأة للحجاب و اكتساح الفكر السلفي لأوساط الشباب أننا في حاجة إلى التعليق على النتائج العكسية التي قادة لها هذه المقربة خاصة إذا نضرنا إلى ما توفره لنا نتائج الأبحاث الإجتماعية الدولية و الرسمية سواء من حث ترتيبنا على المستوى الدولي في مجال المساواة بين الرجل و المرأة و أو في مستوى إنخراط الشباب في الإهتمام بالشأن العام. و لكن ما يجدر التوقف عنده في هذا المجال ينعكس أساسا في التداعيات السياسية الحاصلة على مكونات التيار السياسي القائل بهذه النظرية و المتجسدة في فشل « المبادرة الديموقراطية » و زيادة تشرذم المجموعات التي كانت تسعى إلى الإلتقاء في إطارها ثم الإنشقاق الحاصل داخلها إثر الإضراب عن الطعام من أجل الحريات و قيام هيئة 18 أكتوبر و أخيرا الأزمة المفتوحة التي تعيشها حركة التجديد بعد مؤتمرها الأخير فضلا عن تراجع حصتها في مجلس النواب إلى نائبين بعد أن كانو 7 نواب في الدورة السابقة. و لعل النضرة الموضوعية لهذه المحصلة لا تدع حاجة للتعليق عن نتائجها الكارثية لا فقط على الوزن السياسي لهذا التيار و لكن على وزن المعارضة بشكل عام. أما المقاربة الثانية فقد بنت استراتيجيتها على استشراف للتداعيات الكبرى المنتظرة لأحداث 11 سبتمبر و الغزو الأمريكي للعراق تجسدت من خلال القبول بصفقة سياسية مع النظام تنخرط بموجبها في نهج وفاقي تدعم به الجبهة الداخلية مقابل السماح لها بهامش من الحرة التنظيمية تراهن من خلاله على دعم موقعها على الخارطة السياسية الداخلية تهيئا للظروف السانحة بتحقيق النقلة الديموقراطية التعددية الحقيقية. و يرمز لهذا التيار ذي المنحى العروبي القومي بشكل أساسي السيد محمد مواعدة الأمين العام السابق لحركة الديموقراطيين الإشتراكيين و بدرجة أقل السيد عبد الرحمان التليلي. و قد كنت تناولت بشكل تفصيلي في مقال سابق التداعيات الحقيقية لهذا التوجه على الأحزاب المندرجة في هذا التيار( ) و يكفي التذكير هنا بوضع التهميش الذي حكم به على السيد محمد مواعدة و وضعية السجن التي آل إليها السيد عبد الرحمان التليلي و تعمق حالة التفكك التنظيمي التي أصبحت عليها هذه الأحزاب. و نذكر في الختام المقاربة الثالثة التي لخصها الدكتور المنصف المرزوقي في مقولته الشهيرة في الحكم على النظام القائم بأنه لا يصلح و لا يصلح و التي إعتبرها مؤخرا الدكتور راشد الغنوشي بأنها الأقرب إلى تشخيص الواقع. و لا يبدو لنا هذا التيار قائم على إستراتيجية سياسية منسجمة وواضحة المعالم قابلة لتفعيل مختلف الطاقات الملتقية موضوعيا مع أفكاره كما أن الصراع على الزعامة داخله بين قطبيه الأستاذ الشابي و الدكتور المرزوقي قد افشل كل المحاولات لبناء جبهة سياسية حوله كما جسم ذلك تداعيات عقد مؤتمر إيكس للمعارضة التونسية أو تشكيل هيئة 18 أكتوبر حاليا. و لابد من الإشارة إلى أن كل هذه المواقف منتشرة و إن على درجات مختلفة داخل أوساط الحزب الحاكم كما داخل أوساط المعارضة وقد حصل أول تصدع في المنظومة الشمولية للحكم بانشقاق الجناح اللبرالي للحزب الحاكم الذي تغلب في الإنتخابات الداخلية للحزب في مؤتمر المنستير بعد أن رفض الرئيس بورقيبة نتائج المؤتمر و أمر بإعادته و قاموا بتأسيس حركة الديموقراطيين الإشتراكيين التي واجهت الحزب الحاكم في الإنتخبات التشريعية سنة 1984 و تفوقت عليه في عدة ولايات إلا أن الرئيس بورقيبة رفض نتائجها و أمر بتزويرها لفائدة إحتكار الحزب الحاكم للسلطة و أجهض بذلك الولادة الطبيعية للتعددية السياسية. ثم إنشقت على الحزب الحاكم المركزية النقابية الإتحاد العام التونسي للشغل و هي ثاني تنظيم من حيث الحجم بعد الحزب الحاكم في تونس و كانت السبب في ترجيح كفة الحبيب بورقيبة عند إعلان الإستقلال على حساب صالح بن يوسف الأمين العام للحزب و قد تم مواجهة إنشقاقها بإلقاء القبض على قيادتها و نشطائها و إيداعهم السجن. ثم ظهرت أخيرا حركة الإتجاه الإسلامي التي دخلت في مواجهة شاملة مع النظام في عهد الرئيس الحالي معتمدة على المد الشعبي الذي عرفته في تلك الفترة مما جعلها تثير توجس الجميع و سهل القضاء عليها و لا يزال الكثير من قادتها رهن الإعتقال أو منفيين لحد اليوم. و قد أدت هذه الإنتكاسات لكل محاولات تكريس التعددية إلى أن الأدوات التعبوية و الجماهيرية التي كانت قائمة منذ عشرين سنة لم تعد متوفرة اليوم و ما بقي منها يمر بمرحلة إنحلال و حصار مضيق يحرمها من القدرة على الإقدام أي مبادرة حقيقية لكسر القبضة الأمنية التي أطبقت على المجتمع ككل. لذلك نجد أن الخطاب السياسي المعارض في الوقت الحاضر يراهن أساسا على توتر الوضع الإجتماعي داخليا أو التوسل بالضغوط الأجنبية و خاصة الأوروبية و هي استراتيجية نجح النظام لحد الآن في إحتوائها سواءا بالمحافظة على نسبة نمو مستقرة أو من خلال تعميق علاقاته الخارجية بما يستجيب لمصالح الدول التي من شأنها الضغط عليه. و لكن هذا الوضع لم يحقق سوى إستقرار نسبي على حساب مصداقية العمل السياسي و أدى بشكل غير مسبوق إلى إهتراء الطبقة السياسية بشكل عام و التي أصبحت في نظر الرأي العام مرادفا للإنتهازية و الخضوع أو الديماغوجية و الفشل فضلا عن عدم تجددها و شيخوختها بما يؤشر لفراغ خطير لن يملأه الرئيس بن على إلى ما لا نهاية له مهما بولغ في النفخ في هالته عدى خطورة الآثار العكسية لهذه الإستراتيجية الدعائية البدائية. المختار اليحياوي – تونس 13 ديسمبر 2007 (المصدر: مدونة مختار اليحياوي بتاريخ 13 ديسمبر 2007) الرابط: http://tunisiawatch.rsfblog.org/


سمعة البلد بين الفعل و القول
 
بقلم الصحفي عبد الله الزواري استجاب السيد الطاهر الحراثي لما دعي إليه من الذهاب إلى منطقة الأمن الوطني بالقيروان.. و هناك قابله أحد المسؤولين… كان الحديث معه هادئا و دون تشنج يذكر… طلب المسؤول من الطاهر أن يحدثه عن التجاوزات التي لاحظها أو بلغته… كان الجواب صريحا… عبر المسؤول بعد ذلك عن رفضه لهذه التجاوزات و أنها لا تحظى برضا إدارته كما لاحظ للطاهر أنه كان من الأولى به أن يتوجه برسالته إلى السلطة سواء الجهوية أو المركزية و لا يتوجه بها إلى الإنترنت لأن في ذلك تشويها لصورة البلد و حطا من سمعته… و لم يفت هذا المسؤول أن يسأل الطاهر عن تجاوزات أخرى لاحظها.. فحدثه الطاهر بما رآه مناسبا… هذا ملخص ما دار اليوم بين السيد الطاهر الحراثي السجين السياسي السابق و المسؤول الأمني في منطقة القيروان بخصوص مقاله عن صندوق التضامن… و العجب أن هذا المسؤول عبر بوضوح ان التجاوزات التي ذكرها الطاهر في مقاله و أعادها على مسمعه لا تحظى بالقبول في إدارته… أيعقل هذا؟؟؟ أترتكب تلك التجاوزات دون علمهم؟؟؟ و الحال أننا تعودنا أن « الأمن  » في بلادنا يعلم خائنة الأعين و ما تخفي الصدور، إذ يتفطن إلى نية بعضهم عقد اجتماع في مكان ما في العاصمة فيحاصر ذلك المقر ساعات طويلة قبل الموعد فيجهض اللقاء، و ما حدث يوم الجمعة الفارط للأستاذ العجمي الوريمي دليل كاف على كفاءة « الأمن » في وأد الأحلام، أيعقل إذن أن ترتكب كل تلك التجاوزات في الأرياف و القرى و المدن و « الأعين التي لا تنام » في غفلة عنها؟؟؟ أيعقل أن تتم كل تلك الانتهاكات في المدارس الأساسية و المعاهد الثانوية، و يتعرض لها التجار و الصناعيين و العمال و »الأمن » وحده لا يعلم بها؟؟؟ و هب أن ذلك فيه من الصحة نصيب أيعقل أن تتم في المساجد و الإمام يصيح بأعلى صوته مذكرا المصلين بوجوب التبرع و لم يسمع بذلك أي عون أمن أو أي مخبر في حين يعلم القاصي و الداني ان المساجد في بلد عقبة بن النافع موضوعة تحت المجهر بصفة دائمة و أنه لا يمكن أن يرفع شخص صوته دون أن يجد من ينقل صوته و نبرته و جده و هزله إلى من يهمه الأمر؟؟؟؟ و قلنا و نعيد قولنا إن تشويه صورة البلد مسؤول عنها من يرتكب من الأفعال ما لا يليق حسا و ذوقا و قانونا و قيما… أما من يشهر بها  و يفضحها  ويرفض الركون إليها فقد أدي بعمله ذاك واجبا وطنيا و شرعيا و قاتوتيا و إنسانيا… و ليختر كل موقعه الذي يريد….. فأينا الحريص على سمعة البلد وأينا يسعى على تشويهها دون فتور و لا توقف؟؟؟؟ جرجيس في 13 ديسمبر 2007 عبدالله الــــــــــــــــــزواري (المصدر: موقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 14 ديسمبر 2007)


واللي يقصد، يقصد دار كبيرة…
 
بقلم المولدي الزوابي هو الشعار الذي تحمله المطوية التي تسلمها إدارة المعهد المركزي للتكوين ICF  بجندوبة غير أن المتتبع لواقع طلبة هذا المعهد فانه سينتهي الى المثل الشعبي « مبيض من برا آش حوالك من داخل  » حيث  تسلم مكتب التربية والتعليم والتكوين بجامعة الحزب الديمقراطي التقدمي بجندوبة عريضة أمضى عليها 20  طالب  « عون مخبري » يدرسون بالمعهد  المذكور.وأفادوا بأنهم فوجئوا بمدير المؤسسة  يعلمهم  بان الشهادة التي سيتحصلون عليها  في نهاية السنة الدراسية غير معترف بها لدى مؤسسات الدولة العمومية. كما افادو بان دراستهم بالمعهد المذكور تأسست على قاعدة الاعتراف بالشهادة والتي يقدم فيها مدير المؤسسة في بداية كل سنة شرحا مفصلا لكافة الطلبة فضلا على مدهم بمطويات اشهارية تتضمن أن الشهادة معترف بها وطنيا ودوليا وتشجيعات أخرى ليفاجؤا فيما بعد بأمور أخرى بعد  أن تكبدوا مصاريف باهظة في التنقل وتسديد معلوم الدراسة والسكن ومصاريف أخرى .وعن ظروف الدراسة  أشار الطلبة إلى أنها لم ترتقي بعد إلى المستوى المطلوب لأعوان المخابر خاصة في ظل نقص التجهيزات  وغياب الحصص التطبيقية وقلة التربصات أن لم نقل انعدامها. بالمقابل فان حرص الإدارة في الحصول على تسديد معلوم الدراسة هو الذي يتصدر اهتمامات الإدارة وان شهادة الحضور ترتبط وجوبا بخلاص الشهر الذي تطلب فيه الشهادة وكامل الفترة التي تسبقها ،فضلا على أن المعلوم الشهري والذي يبلغ مائة دينار فيه تمييز إذا ما قورن ببقية الشعب . وعن المدير وبعد أن بلغه أن عدد من الطلبة وجه عريضة إلى السيد والي جندوبــة اتصل بهم  وأعلمهم بان مسالة الاعتراف بالشهادة أصبحت بصدد التسوية. إما عن الإدارة الجهوية للصحة بجندوبة فقد  تنصلت نهائيا من أية مسؤولية تجاه المعهد المذكور واكتفت بانها غير معنية بهذه الخروقات . ومكتب التربية والتعليم والتكوين  اذ يعتبر ان  مثل هذه التصرفات  خارجة عن القانون وبنود الاتفاق التي أسس عليها طلبة المعهد إقدامهم على الترسيم وفيها مسا لحقوق الذين  اختاروا وعزموا على أن يكونوا أعوان مخابر وهي مهنة جدا حساسة ومهمة وضرورية خاصة في ظل ما يعرفه قطاع الصحة من تحولات تقنية وفنية متطورة ومستجدات تستدعي أكثر من أي وقت مضى الوقوف إلى جانب الطلبة والمكونين فانه يدعو مدير المؤسسة والجهات المعنية والمسؤولة إلى التدخل السريع  وتوضيح مسالة الاعتراف بالشهادة التي أخذت تقلق طلبة المعهد المركزي للتكوين بجندوبة  والى السهر الجدي على تكوينهم وتقديم ما يستحقون من دعم وتكوين وفق ما تتطلبه المهمة المزمع القيام بها بعد التخرج  كما تدعو كافة مكونات المجتمع المدني بالجهة الى الوقوف الى جانب طلبة المعهد والعمل على رفع المظلمة التي يتعرضون لها. (المصدر: موقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 14 ديسمبر 2007)


  جيل الغضب
انه حقا لجيل الغضب الذي ما زال يقاوم .  إنهم ثلاث شبان آمنوا بقليل من حقهم في الحياة  مطالبين بحقهم في الشغل الذين اطردوا  منه تعسفا وقهرا .كيف لا وهم الذين آلوا على أنفسهم عبء النضال من قبل ومن بعد من قبل قبولهم في خطة أساتذة معاونين والى الآن وبعد الظلم الذي لحق بهم وهم متمسكون بالنضال  حتى وان كان على حساب أجسادهم الضعيفة المنهوكة  بالقمع والحرمان. فهؤلاء الأبطال يخوضون معركة من اجل حق الشغل نيابة عن آلاف الشباب المعطل والمهاجر غصبا عنه باحثا عن مستقبل في حرقة أو في حريق يشعل به نفسه ومن معه من الجميع ولو كان وطنه   .إنهم فتية آمنوا بحقهم فازدادوا إيمانا .  فلا زلت اذكر محمد المومني وعلي الجلولي و معز الزغلامي كلهم إصرار وعزيمة من اجل الدفاع عن لقمة العيش بكل كرامة وعزة وشرف .  شباب يفترش الأرض ويلتحف شهائده العلمية في شارع الحبيب بورقيبة في العاصمة التونسية  مطالبا بحقه في العمل بعيدا عن المحسوبية والرشوة بعيدا عن التزلف والوشاية . انه جيل الغضب بامتياز لأنه أدرك بعد كل هذه السنين الجدباء ان طريق الحياة الكريمة يبدأ من هنا من حيث ستبد ا ثورة الجياع والغاضبين . وهاهم يخطون طريق الكفاح بأغلى ما يملكون وهو جسدهم بعد أن اشرفوا على الشهر تقريبا .فالشابين علي ومعز يدخلون المستشفى في اليوم الرابع والعشرين و هاهو محمد المومنى أبا إلا أن يبقى في انتظارهم  في مقر النقابة العامة للتعليم الثانوي  ببطحاء محمد علي  وكان لسان حاله يقول  لا بد من الوقوف الرمزي للجسد مهما كان التعب حتى وان كان بين جدران المستشفى  . فالمطلب شرعي والأسلوب شرعي بعد استنفاذ كل الطرق الشرعية . في بلاد تمكن منها الذئاب وسادت فيها عقلية القطيع وعم الانغلاق فظاءاتها أصبح إضراب الجوع هو السلا ح  المرفوع تجاه  السلطة والسلطان  لدفع بعضا من الظلم الاجتماعي أو السياسي. هكذا  بدا الثالوث نضالهم الشاق  من اجل التعريف بقضيتهم العادلة والتي هي في الواقع قضيتنا جميعا  نحن ابناء الشغالين والكادحين . انه غضب جائع يكتسح  كل المجالس للتعبير عن رفض سياسة الأمر الواقع ومحاولة صنع جيل المستقبل الذي وجب عليه أن  يعض بالنواجذ من اجل حقه في الشغل  في زمن أصبح الشغل منة أو هدية أو مزية من صاحب الجاه أو الوجاهة السياسية أو المادية . إنهم يسطرون بأحرف الجوع المشبع بالغضب أيام النصر القريب . من اجل ذلك هم يؤسسون لجيل الغضب  . فألف تحية إلى أبطال هذا الجيل الغاضب  المؤمن بحقه في الوجود والحياة فوق الأرض وتحت الشمس بكل كبرياء وعزة وشرف . النفطي حولة

 


في جدوى الحوار مع الحزب الحاكم:

حتى لا يكون حجرة على فم النهر

 
منذ التحول، قصر قرطاج لم يغلق يوما أبوابه في وجه المعارضة، فالجسور متصلة على الدوام بأعلى هرم السلطة، و ما أكثر المناسبات التي اجتمع فيها قادة الأحزاب السياسية برئيس الدولة، يستمع إلى مشاغلهم ويتفاعل مع مقترحاتهم، و لعل الخطاب النوفمبري الأخير بمناسبة الذكرى العشرين للتحول يؤكد بمضامينه وإجراءاته الإصلاحية ما يمكن أن يتحقق من نتائج ملموسة في أعقاب كل لقاء أو حوار بنّاء و إيجابي مع سيادته، وهي نتائج تعود بالنفع على عموم البلاد بقدرما تكون محصلة لوفاق وطني وثمرة من ثمار التفاعل الإيجابي بين مكونات النظام في السلطة و المجتمع. التوافق أرضية للحوار: لا يمكن الحديث عن تحول ديمقراطي لا يساهم في دفع دينامياته إلى الأمام الحزب الحاكم من موقع متقدم، فخبرته التاريخية العريقة وإمكانياته اللوجستية و البشرية إلى جانب موقعه في الحكم تمكنه من التأثير في المسار السياسي بشكل حاسم. اعتبارا لهذا الثقل يتحمل التجمع الدستوري الديمقراطي مسؤولية كبرى في إنجاح مسيرة الانتقال الديمقراطي التي تعيشها بلادنا منذ عقدين من السنين أو فيما يصيبها من حين لآخر من مظاهر التعثر و أعراض الجمود. من هنا لا مناص للمعارضة المسؤولة، و هي تتطلع بدور الشراكة في بناء الوطن وإثراء مكاسبه و تجاوز معيقات تقدمه، من التماس طريق الحوار مع الحزب الحاكم بالاستناد إلى أرضية توافقية عامة تتأسس على مبادئ وقيم و ثوابت ملزمة لجميع الفاعلين السياسين في مختلف مواقعهم في السلطة و المجتمع، من تلك المبادئ العامة و المشتركة الالتزام بخدمة المصلحة العليا للوطن وصيانة سيادته من كل أشكال التدخل الخارجي، يضاف إلى ذلك ويسانده مبدأ التعايش السلمي في كنف نظام سياسي مرتكز على مقولات دولة الحق و المؤسسات و القانون و على ضمانات مؤكدة لحقوق المواطنة بتجلياتها المدنية و السياسية الفردية و الجماعية. لا بد من هيكلة الحوار الوطني: تشكل هذه الأرضية التوافقية قاعدة صلبة و مرجعية ثابتة لأي علاقة سوية بين المعارضة و الحزب الحاكم، غير أنها تبقى في حاجة دائمة إلى تأكيد و ترجمة فعلية على الأرض، وذلك من خلال الممارسة المستديمة للحوار في شتى المسائل ذات العلاقة بالشأن العام، فالحوار بقنواته المختلفة و مضامينه المتنوعة و نتائجه الإيجابية الملموسة هو المؤشر الفعلي على حيوية و صوابية المسلك التوافقي في مسيرة الانتقال الديمقراطي، مثلما هو العامل الحاسم في تعميق أجواء الثقة المطلوبة بين مكونات الحياة السياسية و تجفيف منابع التوتر وأعراض الانفصام بين الدولة و المجتمع. لا شك أن الإجراءات الرئاسية الأخيرة المعلن عنها بمناسبة الذكرى العشرين للتحول تدعم هذا التوجه التفاعلي و الأسلوب الحواري في مجرى العلاقة بين الحزب الحاكم و المعارضة، فتوسيع المجال أمام هذه الأخيرة للتواجد بحجم أكبر في المجالس المنتخبة و في المشاركة في الاستشارات الوطنية، فضلا عن تكثيف حضورها في الملفات التلفزية و مضاعفة الدعم المادي المقدم لصحفها الحزبية… كل ذلك من شأنه أن يعيد صياغة الحقل السياسي بحيث تترتب علاقات القوى فيه بعيدا عن منطق الاحتكار و الاستحواذ و الهيمنة لفائدة حزب الأغلبية و على حساب ما تتطلع إليه الأقلية من دور و مشاركة وفاعلية. على أهمية ما أنجز وما هو بصدد التحقق في مجال تدعيم أركان التوافق الوطني، فإن الحزب الحاكم معني بدرجة أولى بتطوير أشكال الحوار مع المعارضة باعتبارها منافسا وشريكا في بناء الوطن، و لعله من المناسب في الوقت الراهن المبادرة إلى هيكلة الحوار من خلال إنشاء مجلس وطني للحوار بين الأحزاب و قد يتوسع في المستقبل ليشمل في إطاره بقية مكونات المجتمع المدني من رؤساء جمعيات و منظمات و شخصيات عامة، فالتحديات المطروحة داخليا و خارجيا باتت تتطلب مزيدا من الالتحام الداخلي و التكاتف الجماعي، وهي تحديات من الضخامة بحيث تستعصي على المواجهة من دون مناخ سياسي مفعم بالثقة المتبادلة بين أطراف المعادلة السياسية و محفز لجميع الطاقات و الكفاءات و القدرات الوطنية لبذل الأقصى من الجهد و العطاء و النشاط. مضامين الحوار وقضاياه الراهنة: لكي يكون الحوار ذا جدوى ومردودية لا بد أن يتطرق للقضايا الحقيقية              وذلك في أفق البحث المشترك بين المعارضة و الحزب الحاكم عن تسويات و معالجات تسهم في دفع العملية الديمقراطية و الإصلاح الشامل وإزاحة ما أمكن من العراقيل و مظاهر التعطيل في أكثر من مجال و على أكثر من صعيد: ـ استقلالية المجتمع المدني: هي من قضايا الخلاف الأساسية، إذ لازالت الجمعيات و المنظمات ذات الطابع الأهلي على كثرتها تشكو من غياب الفاعلية و التأثير و الإشعاع. و ليس هناك من سبب سوى فقدانها القدرة على المبادرة الذاتية بحكم تقاليد التبعية التي تربطها بالحزب الحاكم الذي يقيد دورها في الوظيفة التعبوية خصوصا في المناسبات الانتخابية، هذا دون الحديث عن منظمات أخرى عطلها الصراع بين أتباع الحزب الحاكم و بين أطراف معارضة له عن استئناف عملها  و النهوض بمهماتها. إن عقلية الاحتواء الحزبي لمنظمات المجتمع المدني سواء من قبل الحزب الحاكم أو من قبل معارضيه من الأطراف السياسية باتت جزءا من الماضي الشمولي الذي يتعين التخلص من ذيوله و رواسبه حتى يستعيد المجتمع المدني حيويته ليستفيد  المجتمع و الدولة  من مردوده بعد أن فرضت متغيرات عالمية و اشتراطات النموذج الأصلح للتنمية و الديمقراطية توزيعا جديدا للمواقع و الأدوار و المهمات و الوظائف بين الدولة و المجتمع. ـ حياد الإدارة: لعله التحدي الأضخم الذي يتعين مواجهته لتوفير أكبر ضمانة للتنافس الحزبي النزيه و المعافى من كل أدوات الإستقواء غير القانوني من قبل الطرف السياسي الحائز على الأغلبية على بقية المكونات السياسية، فالإدارة بمؤسساتها و أجهزتها و مرافقها ملك عمومي لا  مسوغ لاستعمالها من طرف دون طرف سياسي آخر وإن كان حائزا على الأغلبية الانتخابية، هذه الحقيقة البديهية فقدت طابع البداهة في أذهان الكثيرين من أتباع الحزب الحاكم، ربما من طول اقترانهم بأجهزة الدولة و مرافق الإدارة، و الآن حان الوقت لفك هذا الارتباط غير المبرر، لا لتحرير المجال السياسي و ضمان تكافئ الفرص بين سائر الأحزاب فقط، وإنما أيضا لتمكين الحزب الحاكم نفسه من استعادة ذاتيته المغتربة داخل الدولة و من تبديد حالة الالتباس المحيطة بكيانه الحزبي في منظور الموالين و الخصوم على حد سواء. ـ الاعتراف القاعدي بالتعددية: إذا كانت نخب الحزب الحاكم على درجة من التمثل في الوعي و السلوك لقيم الديمقراطية بما تتأسس عليه من قبول للرأي الآخر و اعتراف بجدوى التعددية و مشروعيتها، فإن الأمر على مستوى القواعد الجماهيرية وفي الجهات الداخلية على وجه الخصوص مازال يشكل مصدر قلق فعلي و تهديد ميداني و ملموس لجملة ما تقرر دستوريا و قانونيا ومؤسسيا من ضمانات لحماية الممارسة التعددية و التعاطي السياسي للشأن العام. ولعل الأمثلة في هذا السياق أكثر من أن تحصى وأبرز من أن يشار إليها في مقال، دونكم و ما عايشناه في الانتخابات البلدية الجزئية في منطقة حلق الوادي من مضايقات التجمعيين و الحيلولة دون تكوين قائمة انتخابية  لحزب الوحدة الشعبية في ولاية زغوان، هذا دون الحديث عن مضايقات أخرى لا تستثني حزبا من أحزاب المعارضة، سواء تعلق الأمر باكتراء مقر فرعي بإحدى الجهات الداخلية، حيث يعمد أتباع الحزب الحاكم إلى الضغط على صاحب العقار لإبطال عقد الكراء، أو تعلق الأمر بمحاولات دائمة لتنفير بعض الشباب من الالتحاق بالأحزاب السياسية عبر وسائل بالية من الترهيب و الترغيب. ـ الفضاء الإعلامي و الفضاءات العمومية:  مازال الفضاء الإعلامي و الفضاء المكاني العموميين مسخرين بالكامل تقريبا للدعاية السياسية و الأنشطة الحزبية التي يقوم بها الحزب الحاكم على مدار السنة، فيما ينحصر نشاط المعارضة في الغالب في مقراتها ويكاد يقتصر ظهورها الإعلامي على ما يصدر من صحفها أو على نتف من بياناتها و مواقفها تتولى بعض الجرائد المستقلة عرضها بقدر من الاختزال و الاحتشام. للإنصاف و الحقيقة، هذا المشهد غير المتوازن بوجهيه الإعلامي و المكاني بدأ يتغير بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، وأخذت تنفتح الفضاءات العامة لأنشطة المعارضة وتتوسع مساحات الظهور الإعلامي في التلفزة و الإذاعة و الصحافة المكتوبة. غير أن هذه الخطوات المقطوعة باتجاه الانفتاح مازالت محكومة بشيء من التردد و الحذر أو بمبادرات مشروطة بنوع من الاحتواء و الاستيعاب.  إن المطلوب راهنا المسارعة نحو القطع مع موقف التردد و اللاحسم الذي مازال يطبع سلوك الحزب الحاكم ويشده إلى مواقع المحافظة على الموجود أي إعادة إنتاج هيمنته التقليدية على الفضاءات العمومية بلافتاته و شعاراته و أنشطته و على المشهد الإعلامي بأشكال مختلفة ظاهرة وملتوية، على كل حال هذا الموقف بدا اليوم في حالة تناقض مباشر مع التوجهات الرئاسية الداعية إلى مزيد الانفتاح على التعددية و الحاسمة في القطع مع الماضي الاحتكاري للحزب الحاكم فلا مجال للون الواحد و الرأي الواحد. تلك هي أبرز قضايا الحوار مع الحزب الحاكم، وهي ليست مطاعن نحاسبه عليها، أو تهم ندينه بها، بقدرما هي إشكاليات و مصاعب تفرض علينا جميعا مواجهتها في مسار سياسي شعاره المركزي الإصلاح المتدرج و المتواصل، و في نطاق مسلسل انتقال ديمقراطي يقتضي عبر توافق عام التخلص من كل العوائق و الترسبات الموروثة عن عقود الاستبداد البورقيبي وما ترسخ من تقاليد نظام الحزب الواحد، بموازاة العمل المشترك على إرساء و تدعيم و ترسيخ مقومات البديل الديمقراطي الذي قطعنا خطوات ملحوظة في بلورة معالمه و تجذير قيمه و مفاهيمه وتركيز أبنيته و مؤسساته. هذا التوافق العام لا سبيل إلى المحافظة عليه و البرهنة على ضرورته المبدئية و نجاعته العملية إلا من خلال التعويل على آلية الحوار المهيكل و الدائم. فهو الإطار الوحيد القادر على صهر الإرادات السياسية و تأليف الطاقات الوطنية و توطيد أركان الثقة المتبادلة و تجفيف منابع الاحتقان و تنقية المناخ العام. فبالحوار إذن يمكن أن يتخلص الحزب الحاكم من موروثه الأحادي ونزعته الاحتكارية ليتموقع من جديد كسند قوي لمشروع التغيير و ليس كصخرة عظيمة على فم النهر المتأهب للتدفق، فلا هي تشرب الماء ولا هي تتركه ينهمر ليرتوي منه الجميع. سليم الزواوي
(المصدر: صحيفة « الوحدة » الأسبوعية التونسية، العدد 574 بتاريخ 15 ديسمبر2007)
 


أرقام حلوة .. وحقائق مرّة
 
الأستاذ عبد الجليل البدوي في إطار الأشغال التحضيرية للمخطط الحادي عشر للتنمية (2007-2011) تم انجاز المسح الوطني حول إنفاق الأسر واستهلاكها و مستوى عيشها لسنة 2005. وقد شمل المسح عينة من قرابة 13400 أسرة موزعة على 1116 مقاطعة تعداد من كل ولايات الجمهورية. أفرز المسح النتائج التالية:    1. بخصوص الإنفاق: لقد قدر متوسط إنفاق الفرد ب1820 دينارا سنويا، كما سجلت أرفع نسبة بإقليم تونس(2084 دينارا) وأدناها بجهة الوسط الغربي(1138).    2. الهيكلة: أكد المسح أنّ نفقات التغذية لا تزال رغم تراجعها تحتل المرتبة الأولى من النفقات(34.8%) يليها السكن ( 22.8%) مع الملاحظة أن الإنفاق في مجال الاتصالات ارتفع بنسق متسارع من 0.5% سنة 1990 إلى 3.7% سنة 2005, في حين انخفض الإنفاق مجال اللباس من 10.2% إلى 8.8%.    3. بخصوص توزيع السكان حسب شرائح الإنفاق:حدد المعهد الوطني الطبقة الوسطى بالأفراد الذين ينفقون بين 585 دينارا و 4000 دينارا واستنتج أنها تشمل 81.1% مسجلة تحسنا ملحوظا بالنسبة لسنة 1995 أما الفئة السكنية الفقيرة فقد حددت نسبتها 3.8% و هي كذلك في تحسن بالمقارنة مع ما كانت عليه 6.2% في سنة 1995 رغم الانخفاض النسبي لعدد الفقراء الذي تقلص من 559000 سنة 1995 إلى 376000 سنة 2005.       لقد توخّى معهد الإحصاء « منهجية جديدة » تعتمد شريحة سكانية مرجعية موحدة لكل من الوسطين البلدي و الغير البلدي, كما استندت على الحاجيات الغذائية المثلى.       قراءة بسيطة للوثيقة من شأنها أن تدفع إلى التفاؤل و الرضاء أمام نتائج هي دوما في تحسن مطّرد.ارتأت مواطنون أن تطلب من الأستاذ عبد الجليل البدوي رأيه في هذه الإحصائيات الرسمية « المنعشة » و كيف يمكن التوفيق بينها و بين الواقع المرّ الذي تعيش تحت وطأته شرائح واسعة من المجتمع، فكان له التعليق التالي: تعتبر الوثيقة أن النموّ الاقتصادي و التطور الاجتماعي المسجلين في تونس كان لهما أكبر الأثر على تطوّر مستوى وظروف عيش الأسر و العائلات التونسية وتوزيعا عادلا للثروة ساهم في تطوير ظروف عيش الأسر لكن الواقع المعاش و التقسيم المعمق للأرقام يدلّ على أنّ تطور مستوى الإنفاق الفردي بالأسعار الجارية، وبنسبة 6،51% في الفترة 0200-2005 ، نتج بالأساس عن جملة من التحولات الديمغرافية و السلوكية و الاقتصادية من أهمّها:    1. تقلص متوسط عدد أفراد الأسرة التونسية إلى 4.5 فرد سنة 2005 نتيجة تراجع مؤشر الخصوبة إلى 2.03 أثناء فترة المخطط العاشر(2002-2006) مقابل 2.3 أثناء فترة 1995-2000 و 6.2 أثناء 1970-1975 و تراجع النمو الديمغرافي إلى 1 أثناء نفس المخطط و هذا العنصر الديمغرافي ساهم آليا في تطور متوسط الإنفاق الفردي.    2. ارتفاع متوسط عدد الناشطين لكل أسرة خاصة لدى الأسر ضعيفة الدخل مما ساهم في ارتفاع الدخل العائلي بفضل ارتفاع عدد الناشطين داخل العائلة وليس فقط بفضل تحسن في دخل رب العائلة. كما تساهم ظاهرة تعدد الأنشطة بالنسبة للموظف و العامل في تحسين الدخل على حساب راحة الذين يتعاطون أنشطة عديدة.    3. ارتفاع نسق سلعنة الاقتصاد مع التراجع النسبي للدولة في تغطية المصاريف (الصحة و التعليم و الثقافة و النقل الخ..).ممّا أدى إلى ارتفاع مصاريف العائلة في تغطية مصاريف عديد الخدمات و بالتالي ساهم في ارتفاع متوسط الإنفاق الفردي.    4. لجوء عديد العائلات بنسب مرتفعة إلى التداين قصد الحفاظ على مستوى عيشهم. علما أنّ التداين ليس ظاهرة تخصّ تونس فقط. فأرفع نسبة تداين سجّلت بهولندا سنة 2005 مثّلت116.5 % من الناتج الدّاخلي الخام وأقلّ نسبة %38.3 سجّلت بإيطاليا كما أن التداين في هذه البلدان المصنّعة يخص 60 إلى 90% شراء ممتلكات عقاريّة تهمّ السكن وهو ما يعتبر بمثابة الاستثمار وملكيّة عقارات قد تعرف ارتفاعا في قيمتها مستقبلا. كما أنّ التداين في البلدان المصنّعة يساهم في دفع الدّورة الاقتصاديّة في بلدان منتجة لأغلب مواد استهلاكها. لكن في تونس التي يفوق بها التداين العائلي 40 % من الناتج فإن هذا التداين يعتبر معضلة لأنّه يخصّ الاستهلاك بنسبة مرتفعة وخاصّة استهلاك المنتوج المستورد(سيّارات تسمّى بالشعبيّة على حساب تطوير النّقل العمومي،حاسوب ينعت بالعائلي مع قلّة وسوء استعماله، هاتف جوّال ينتج عنه مصاريف إضافية تخصّ شحنه…) إلى جانب التداين الّذي يخصّ تأثيث المنازل (ثلّاجات، آلات طبخ، أثاث منزلي،لباس،الخ) وبالتّالي يصبح مثل هذا التداين مصدر إعاقة للتنمية(تراجع الادخار العائلي، توظيف مشط للعملة الأجنبية في اتجاه الاستهلاك على حساب الاستثمار، اللجوء للققروض البنكية.يكبل العائلات بالتداين مع دفع الفوائض إلخ.    5. لجوء عديد الأسر إلى بيع نسبه من ممتلكاتهم لمواجهة ارتفاع تكاليف التعليم والصحة ومساندة أولادهم الحاملين للشهادات والعاطلين.       كلّ هذه العوامل تجعل الأرقام المسجلة لا تعكس حقيقة معاناة فئات عديدة من المجتمع التي لا تعتبر ارتفاع إنفاقها دليلا عن تطور حاصل في مستوى وظروف عيشها. كما أن اعتبار متوسط الإنفاق للفرد قد تطور خلال الفترة 2005-2000 بنسبة 3.8% بالأسعار القارة يوحي بتطور في القدرة الشرائية. وهذا الإيحاء هو نتيجة استعمال مؤشر أسعار أصبح لا يعكس التطور الحاصل أثناء ال20 سنة الفارطة على مستوى نمط وسلوك الاستهلاك العائلي ذلك أن تطور مؤشر الأسعار عند الاستهلاك يعتمد سلة استهلاك لم يقع .تحيينها.على مستوى حجمها ولا على مستوى هيكلتها قصد مواكبة التطورات الحاصلة منذ قرابة العشرين سنة. وهذه التطورات تخص:    1. حجم سلة الاستهلاك وضرورة توسيع هذا الحجم للأخذ بعين الاعتبار بضائع وخدمات جديدة أصبحت تميز نمط الاستهلاك لدى أغلبية العائلات كالهاتف الجوال ومصاريف شحنه، كالحاسوب العائلي ومصاريف استعماله وصيانته، كاستعمال الأنترنيت وما يترتب عليه، السيارة ، كالبرابول وآلات الفيديو وما ينجر عنها من مصاريف، كالسيارات الشعبية وما تتسبّب فيه من نفقات تأمين وصيانة و فينيات… كلّ هذه الاستعمالات التي أصبحت تنعت بالشعبية والعائلية لا تؤخذ إلى حدّ الآن بعين الاعتبار في صلة الاستهلاك التي تعمد لاحتساب تطور مؤشر الأسعار رغم أنها أصبحت تثقل كاهل نسبة متزايدة من العائلات.    2. النسق السريع لسلعنة الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية التي من شأنها أن تأثر على هيكلة نسبة الاستهلاك نظرا أن العائلات أصبحت تتحمل نسبة أكبر من المصاريف لتغطية عديد الخدمات كالصحة والاتصالات والتعليم والثقافة والترفيه إلخ. ورغم أن هيكلة الإنفاق الأسري التي جاءت في مسح. سنة 2005 أظهرت بعض التغيرات في هيكلة الإنفاق الأسري منها تراجع نسبة التغذية واللباس والثقافة والترفيه من جهة وارتفاع نسبة الإنفاق في السكن والنظافة والعلاج والنقل والمواصلات والاتصالات والتعليم من جهة أخرى إلاّ أن هذه التطورات تبقى محدودة ولم تؤخذ إلى حدّ الآن بعين الاعتبار قصد إعادة تركيبة السلّة المعتمدة لمراقبة تطور الأسعار. ولو وقع الأخذ بعين الاعتبار لكلّ هذه المتغيرات لاتضح أنّ القدرة الشرائية دون التطور المعلن.    3. كما أن سلعنة الاقتصاد وارتفاع نسبة التمدرس ونشاط النساء، قاد العائلة التونسية إلى اللجوء أكثر فأكثر للسوق لاقتناء بضائع وخدمات كانت توفرها العائلة بمفهومها الواسع ( غسيل اللباس، الأكلة الجاهزة، ومصاريف الروضة للأطفال دون سنّ السادسة إلخ..). إضافة إلى أن العائلة أصبحت تتكفل بالإنفاق على الشباب الحامل للشهادات والعاطل عن العمل في غياب منحة بطالة.    4. كما أن التطور الحاصل في إنتاج عديد البضائع أصبح يتسمّ بتقلص مدة استعمالها ممّا يؤدي بالعائلة إلى تعويضها بنسق أسرع وإرهاق كاهلها بمصاريف متكررة رغم ما تعرفه هذه البضائع من تراجع أسعارها في عديد الحالات ( هاتف جوال، حاسوب، فيديو…). و المعروف أنّ مؤشر الأسعار يسجل التغيير الحاصل في الأسعار دون الأخذ بعين الاعتبار لتقلص مدّة استعمالها وجودتها.       لكل هذه الأسباب ولغيرها ( اختيار نقط البيع لمراقبة الأسعار، اختيار بعض أصناف البضائع رديئة الجودة دون غيرها إلخ…) فإن العائلة التونسية تندهش عندما تعلم أنّ مؤشر الأسعار المعتمد يصرح بأنّ تكلفة العيش ازدادت بنسب ضئيلة، و هو ما لا يعكس الواقع المعيش. وبالطبع مثل هذا المؤشر سيقود إلى اعتبار أنّ القدرة الشرائية لمتوسط الإنفاق الفردي ( الذي يقع احتسابه بالأسعار القارة أي بعد طرح تأثير الزيادة في الأسعار ) قد تحسنت وزادت من رفاهة العائلات ومن مستوى عيشهم !!! يجب الإشارة أن المسح الوطني حول الاستهلاك يعتمد كذلك لمعرفة توزيع السكان حسب شرائح الإنفاق وتقدير نسبة الطبقة الوسطى للسكان وقياس خط الفقر وتحديد نسبة الفقر بالبلاد. وفي هذا الصدد يمكن تقديم الملاحظات التالية:    1. يكشف تطور مستوى الإنفاق السنوي للفرد حسب الجهات ازدياد الفارق بين إقليم تونس الذي يسجل أعلى متوسط إنفاق للفرد قدّر سنة 2005 بـ 2390 دينارا سنويا وبين الوسط الغربي الذي يسجل أدنى متوسط إنفاق للفرد قدّر سنة 2005 بـ 1138 دينارا سنويا. ذلك أن إنفاق الفرد القاطن بالوسط الغربي كان يمثل قرابة 50% من إنفاق الفرد القاطن بإقليم تونس سنة 1990 وأصبح لا يمثل إلاّ 47.6%    2. كما يكشف تقرير التنمية الإنسانية العربية لعام 2004 ( صفحة 231 ) أن تونس تتميّز بتوزيع غير عادل ومرتفع للاستهلاك بين شرائح الفئات. ذلك أنّ أغنى 10 % من المستهلكين كان نصيبهم من الاستهلاك العام 31.5% مقابل 30.9 % بالمغرب و29.8 % بالأردن و26.8 % بالجزائر و25.9% باليمن على سبيل المثال . كما أن فارق الاستهلاك بين أغنى 10 % وأفقر 10 % يصل إلى 13.4 مرّة بتونس مقابل 11.7 بالمغرب و9.6 بالجزائر و9.1 بالأردن و8.6 باليمن. علما وأنّ أفقر 10 % من المستهلكين بتونس لا يفوق نصيبهم من الاستهلاك العام 2.3 %. واستنادا على هذه المعطيات فإن معامل جيني ( cœfficient de Gini ) بلغ 39.8 بتونس مقابل 39.5 بالمغرب و35.3 بالجزائر و36.49 بالأردن و 33.4 باليمن علما وأنه كلما اقترب معامل جيني من 1 كل ما زاد التفاوت في توزيع الاستهلاك والعكس كلما اقترب من 0 كلما تحسن الاستهلاك . وتجدر الملاحظة هنا أن التفاوت الحقيقي في توزيع الثروة يجب أن يعتمد على توزيع المداخيل لأنّ الأغنياء لا يستهلكون كلّ مداخيلهم. كما أن الفقراء يمكن أن يستهلكوا أكثر من مداخليهم عند اللجوء إلى التداين وبيع ممتلاكاتهم في حالة كسبهم لبعض الممتلكات.    3. اعتمادا على المسح الوطني حول الاستهلاك لسنة 2005 يشير معهد الإحصاء « أن الشريحة السكانية التي يتراوح إنفاقها الفردي بين 585 و 4000 دينار السنة تشمل 81.1% من مجموع السكان وهي تمثل الطبقة الوسطى للسكان …وبالمقارنة مع معطيات المسح المماثلة السابقة تبيّن النتائج أن نسبة السكان لهذه الطبقة الوسطى قد تعززت بثلاث نقاط ونصف خلال الخماسية الأخيرة إذ كانت في حدود 77.6% سنة 2000  » .وهنا تجدر الملاحظات التالية:       –  إنّ الطبقة الوسطى المعتمدة في المسح الرسمي تشمل العائلات التي لا يتجاوز دخلها الأجر الأدنى. ذلك أن الشريحة التي يتراوح الإنفاق السنوي للفرد بين 585 د و955 والتي تمثل 19.5% من السكان يفترض أن يكون مدخولها العائلي الخام يتراوح بين 219 د و385 شهريا أي بين أجر أدنى وأقل من ضعف الأجر الأدنى. والسؤال المطروح هل يمكن اعتبار هذه الشريحة تنتمي إلى الطبقة الوسطى. وإذا اعتبرنا أنه منطقيا. لا يمكن ذلك فإن الطبقة الوسطى لا يمكن لها أن تمثل على أقصى تقدير إلاّ حوالي 60% من مجموع السكان. علما أنّ في هذه الطبقة الوسطى نجد أكبر شريحة تمثل 26.3 % من السكان. تتميز بمستوى إنفاق سنوي للفرد يتراوح بين 915 د و 1510 د و هو ما يتناسب مع مدخول شهري خام للعائلة يتراوح بين 385 د و566 دينار. والجدير بالذكر أن المتوسط الشهري للأجر الخام بالنسبة للأجراء الذين يمثلون حوالي 75 % من الناشطين لا يتجاوز 566 د سنة 2005 وإذا اعتبرنا أن دخل الطبقة الوسطى من المفروض أن يتجاوز الأجر الشهري المتوسط فإن الطبقة الوسطى من هذه الزاوية لا يمكن لها أن تمثل أكثر من 35 % من مجموع السكان. وهذا الافتراض هو أقرب للواقع، ذلك لأن عدد الأجراء سنة 2005 قد مثل مليونين واثنين وثمانين ألف ( 0002082 ) عامل منهم 175000 في قطاع الفلاحة لا يتجاوز معدل أجرهم الشهري الخام 210 دينار. ومليون وأربع مائة وثلاثون ألف ( 0001430) عامل في القطاعات المنتجة الغير فلاحية لا يتجاوز معدل أجرهم الشهري الخام 495 دينار أي حوالي 77 % من العمال يتقاضون أجور شهرية متوسطةخام دون الأجر المتوسطلكلالعمال.ذلكلأن الأجر الشهري المتوسط الخام للعمال والموظفين بالإدارة ( الذين يصل عددهم إلى أربع مائة وثلاث وسبعين ألف ( 000473 سنة 2005 ) يمثل قرابة 914 دينار أي ما يعادل 4.35 مرّة الأجر الشهري الخام من قطاع الفلاحة و 1.8 مرّة الأجر الشهري الخام من القطاعات المنتجة الغير فلاحية . وبالتالي لا يمكن للطبقة المتوسطة أن تتركب من شرائح غير متجانسة ومتميزة بفوارق كبيرة. وللحصول على طبقة متوسطة أكثر تجانس يجب أن .تتركب.هذه الطبقة من الفئات التي يفوق دخلها الأجر الشهري الخام المتوسط علما أن الأجر الصافي لا يمثل إلاّ 80 % تقريبا من الأجر الخام، أي قرابة 452 د شهريّا. و بالتالي يمكن اعتبار أن الطبقة الوسطى تتكون من العائلات التي تتراوح مداخيلها العائلية من 566 د إلى 1500 د صافية شهريا.       –  أما في ما يخص نسبة الفقر فقد حددت هذه الأخيرة بـ3.8 % من السكان سنة 2005 مما يمثل 376000 ساكن يتميزون بإنفاق سنوي للفرد لا يفوق 400 دينار أي لا يتجاوز الدخل الشهري 150د ودخلهم اليومي العائلي 5 دينار أي 1.1 دينار للفرد ( أقل من دولار ) لتغطية مصاريف الغذاء والسكن واللباس والنظافة والعلاج والتنقل والاتصالات والتعليم والثقافة والترفيه… إضافة إلى نفقات أخرى. وهذا النوع من احتساب الفقر المدقع هو دون المعمول به عالميا الذي يفترض إنفاقا يوميا يصل إلى دولار أي 1،250د للفرد . وانطلاقا من هذه الاعتبارات ومن نتائج المسح الوطني للاستهلاك لسنة 2005 لا يمكن لنسبة الفقر أن تكون أقل من 11.5 %حتى نقف على حقيقة معاناة المواطن التونسي الذي لا يمكن أن ننهض به بمجرد إنتاج أرقام لا صلة لها بواقعه المعاش.       إنّ الأفراد ليست بأرقام بل هي حالات معيشية يعاني منها مواطنون لا يمكن أن نوفر لهم رفاهة العيش من خلال تصنيفهم ضمن ما يسمى ب »الطبقة الوسطى » التي يقع احتسابها انطلاقا من عتبة الفقر المدقع . كما أن الإحساس بالفقر لا يمكن أن ينحصر في الإحساس بالنقص المادّي فقط، بل هو أشمل من ذلك. لأن الإنسان هو كائن اجتماعي يمكن أن يحس بالفقر من جراء غياب حرية التعبير و التنظّم وعدم المساواة ومن انتشار الفساد والعجز على مقاومته إلخ. وهذا يتطلب تحديد نسبة العجز الاجتماعي والقهر السياسي حتى نقف على حقيقة الفقر المنتشر بالبلاد التونسية. (المصدر: صحيفة « مواطنون » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 40 بتاريخ 12 ديسمبر 2007) الرابط: http://www.fdtl.org/IMG/pdf/mouwatinoun_40.pdf

 


الصحفي التونسي ناجي الباغوري لـ »آفـاق »: وضع الصحافة في تونس هو الأسوأ على الإطلاق
 
تونس- حوار سفيان الشّورابي انتقد عضو هيئة إدارة جمعية الصحفيين التونسيين الصحفي ناجي الباغوري تخلف الإعلام التونسي الذي وصفه بـ »الروتيني والموجه وغير المقنع ». وقال في حوار مطول مع موقع « آفـاق » إن السلطة التونسية تنتهج أساليب متنوعة لمزيد تعميق ذلك التخلف. كما أدان الباغوري، الذي يمثل تيار المستقلين داخل الجمعية اعتقال الزميل الصحفي سليم بوخذير، وأكد من جديد رفضه لحبس الصحفيين مهما كان انتمائهم الفكري أو السياسي. وفي ما يلي نص الحوار: آفـاق: يعاني الوضع الإعلامي التونسي من تخلف شديد مقارنة بتطور بقية الميادين، فيما تتمظهر حسب رأيكم، أشكال هذا التخلف؟ المشهد الإعلامي في تونس متخلف ليس بالمقارنة مع بقية القطاعات فحسب، وإنما أيضا مقارنة بالوضع الإعلامي للبلدان المجاورة وبالإعلام العالمي عموما، التي تجاوزت من جهتها الشكل النمطي والأحادي والدعائي له، عدى بلدان قليلة من بينها تونس الذي ظل فيها الإعلام روتينيا وموجها وخشبيا وغير مقنع. فكما أن الإعلام يمكن أن يكون مسببا لحراك اجتماعي وسياسي، فان الإعلام كذلك هو نتيجة لحركية المجتمع، على اعتبار كونه يمثل مرآة لمجتمع معين. فلا يمكن أن يكون أصل المرآة رديئا وأن نطالب بأن تكون الصورة على المرآة جميلة أو جيدة. فطبيعي جدا حين تكون وضع الحريات على بقية المستويات، على غرار حرية التنظم والتظاهر والتجمهر والتعبير، مقيدة وتواجه صعوبات لا يمكن أن يكون الإعلام متطورا وحرا. إلى جانب ذلك، فان الوضعية المالية والمهنية المتردية للعاملين بهذا الحقل لا تقل سوءًا. فذلك وجه آخر من وجوه تراجع هذا القطاع. فموقع الصحفي داخل المؤسسة الإعلامية يعتبر موقعا هامشيا وثانويا. حيث انه يفتقد لأدنى سلطة للقرار داخل هيئات التحرير. والصحفي أيضا، عادة ما تقع الاعتداء على كتاباته، إضافة إلى تعرضه بشكل دائم للصنصرة ولتشويه مقالاته ولإنتاجه الإعلامي. كما أن الحالة المادية للصحفيين في تونس هي الأسوأ على الإطلاق مقارنة بدول المنطقة. إذ أن أغلب المؤسسات الإعلامية في تونس بدون استثناء تنتهك حقوق الصحفيين. وخير مثال على ذلك أن نسبة كبيرة منهم يشتغلون بصفة متعاونين بالقطعة وذلك لسنوات طويلة. زيادة على أن أرباب المؤسسات الإعلامية ينتهكون أيضا العلاقات الشغلية التي يكفلها القانون. أذكر هنا عدم وجود عقود شغل، وغياب تغطية اجتماعية، وعدم استناد الأجور إلى مرجعية قانون الشغل و الاتفاقية المشتركة الخ. وأعتقد أن مثل هذه الأساليب هي نتاج لعملية مدروسة وليست باعتباطية. فمثلا تقوم السلطات العمومية  في العادة بمراقبة المؤسسات الاقتصادية ومراجعة مدى احترامها للقوانين ذات الصلة ومعاقبتها في صورة قيامها بالتشغيل من خارج الأطر القانونية. والغريب أن مثل هذه المراقبة لا تشمل المؤسسات الإعلامية. فهناك على سبيل الذكر، جرائد يومية لا تشغّل سوى صحفي محترف واحد. وهي، حسب رأيي عملية غض طرف متعمدة كشكل من أشكال المساعدة. والنتيجة أننا نجد أصحاب المؤسسات الإعلامية هم المستفيدون في حين أن الصحفيين يعيشون وضعا مزريا. وبالتالي فانه من غير الممكن أن نطالبه كثيرا بالدفاع عن رأيه أو موقفه أو الالتزام الصارم بأخلاقيات المهنة. آفـاق: في هذا السياق، ألا ترون أن قلة عدد المؤسسات الإعلامية في تونس، وتشدد الدولة تجاه تحرير هذا القطاع أنتج مثل هذه المشاكل؟ يعد هذا جانب من جملة بقية الجوانب. فالفصل 16 من مجلة الصحافة يقول انه يمكن فقط الإعلام بإصدار صحيفة وتسلم مقابل ذلك وصلا. ولكن الواقع مخالف البتة. وهي خصوصية أخرى تونسية بحتة. فمن جهة نجد قوانين جيدة على علاتها، مقارنة بتشريعات دول المنطقة ولكن عند عملية التطبيق، تتحول تلك القوانين إلى أدوات للتضييق بشكل خطير للغاية. فبعث الصحف حسب القانون التونسي هو أمر يسير، ولكن في الممارسة لا أحد يتسلم وصل الإصدار إلا لمن يحدد له سلفا وعن طريق « القطرة قطرة » وللموالين المقربين من السلطة. فإذا أحصينا الصحف التونسية نجدها تعد على عدد أصابع الأيدي. وحتى بعد انطلاق صدور صحيفة معينة، يخضع صاحبها للمراقبة وللمتابعة لإثبات « حسن نيته » وولائه ومزيد من الخضوع و إلا فانه سيواجه سيف العوائد المالية الناتجة عن الإشهار العمومي ومن الدعم من قبل الدولة التي ستنقطع عنه لا محالة في صورة خروجه عن بيت الطاعة. وبذلك لن يستمر على مواصلة الإصدار. فغالبية مديري الصحف هم بهذا الشكل « تلامذة نجباء جدا » للتعليمات، ويسمعون الكلام جيدا ويطبقونه بحذافيره، ويعملون بالمقولة التونسية « الشباك الذي يأتي منه الريح، سده وأستريح ». ويتحاشون مثلا التطرق لأي موضوع مهما كان عديم الأثر، ولكن من شأنه أن يجلب مشاكل لهم. كما إنهم يحرضون صحفييهم على عدم الكتابة فيه أصلا. فيمكن القول أنهم ليسوا بحاجة أن يتلقوا تعليمات يومية من داخل دوائر النظام، فهم يفهمون الدرس جيدا. فنجد أن الافتتاحيات متماثلة في أغلبها، وتعتيم على المسائل التي تهم المواطن على غرار أحداث مدينة سليمان بداية السنة الجارية والتي شهدت مشادة مسلحة بين مجموعة إرهابية وقوات الشرطة المحلية. حيث حصل حينها اتفاق بين جميع المؤسسات الإعلامية على عدم كتابة ولو كلمة حول هذا الموضوع. بل هناك مواضيع أقل أهمية ومع ذلك لم تجد حظها من الكتابة، على غرار قضية انقطاع الحليب في تونس لمدة زمنية طويلة نسبيا. آفـاق: حول نقطة الممارسات الصحفية، أذكر هنا تواتر نشر مقالات بالصحف من دون إمضاء كتّابها، والتي تقوم بثلب وشتم بعض الشخصيات والأحزاب والمنظمات الوطنية التي تختلف مع الحكومة. ما هو موقفكم من مثل هذه الأساليب؟ كان موضوع هتك الأعراض وثلب أشخاص مختلفين مع الحكومة حاضرا في جميع التقارير الست التي أصدرتها الجمعية حول الصحافة في تونس. فعادة ما تتجند العديد من المؤسسات الإعلامية لسب أشخاص هم في أغلبهم ناشطون سياسيون. وتقوم بإصدار وابل من المقالات التي تأتي في معظمها عن طريق الفاكس من مصادر مجهولة أو تُكتب داخل رئاسة التحرير بتوجيه لسب فلان أو شتم علان. وكنا قد نبهنا سابقا بأن هذه الممارسات بكونها خطيرة وتخرق ميثاق شرف المهنة. ومن المؤسف أن تتنامى مثل هذه الظاهرة التي تمثل حسب رأيي مظهرا آخر من مظاهر المرض الذي ينخر الجسم الإعلامي. آفـاق: هل تنعدم الاستثناءات في ظل هذه السمة السوداوية التي تصبغ قطاع الإعلام؟ صحيح. هناك استثناءات وعلامات مضيئة في ظل هذه الظلمة. أذكر منها بالتحديد ثلاث وضعيات لا غير، وهي صحف « الطريق الجديد » و »الموقف » و »مواطنون » التي تصدرها تباعا عدد من أحزاب المعارضة المعترف بها. ولكن المقلق أنه نخشى خضوع هذه الصحف لأجندات أحزابها التي تعرف حاليا خلافات كبيرة مع الحكومة، وانه في صورة تغير هذه الخلافات وتواجد تحالفات أخرى في يوم من الأيام، فيتراجع بالتالي هذا الهامش المتاح اليوم. إني أتمنى وجود صحف مستقلة حقيقية تكون ضمانة بالفعل تحول دون حصول هذا التراجع، وتكون قاطرة لجر بقية المؤسسات الإعلامية من خلال مبدأ المنافسة. أخشى من صحف الأحزاب أن يقتصر هذا الاستثناء على وجود خلافات مع السلطة، ثم يقع التراجع مستقبلا في صورة انقضاء ذلك الاختلاف. آفـاق: أليس من الممكن أن تلعب الصحافة الالكترونية دور البديل الأكثر ايجابية في مواجهة هذا التردي الشامل؟ أنا لا أقول أن الصحافة الالكترونية يمكن أن تمثل بديلا. ولكني أقول أنها كانت الأجنحة التي بدأ الإعلام التونسي يطير من خلالها. ذلك أن الإعلام التونسي لا يخضع إلى رقابة السلطة. فما أتاحه الإعلام الالكتروني، بالرغم من غموض هذا المصطلح الذي ما يزال إلى حد الآن غير محدد بصفة دقيقة، من فرصة للتعبير بحرية يعتبر نقطة ايجابية للغاية. فهذا الميدان بما فيه من مدونات وصحف ومواقع لأحزاب ومنظمات فتح نوافذ تخترق جدار الصمت المطبق. آفـاق: أمام كل هذه التحديات الكبيرة والمتراكمة، ماذا قدمت جمعية الصحفيين التونسيين؟ الجمعية هي الهيكل الذي يمثل المهنيين في هذا القطاع. وهي ليست بجزيرة معزولة. وهي جزء من الجسم الإعلامي في تونس الذي يعاني كما سبق وأن قلت الكثير من الأمراض. والجمعية تتأثر بالطبع، بهذا الجسم. فالجمعية مرت بالعديد من المراحل طيلة الأربعين سنة من تاريخها. ففي سنوات الثمانين من القرن الفارط، كان هناك انفتاح أكبر، وحركية داخل المشهد الإعلامي، والمساحة التي يحتلها المجتمع الأهلي كانت أوسع. وبذلك كانت الجمعية أكثر فاعلية وناشطة بكثافة داخل المجتمع المدني. وكانت تدافع بقوة عن الإعلام الحر وأيضا عن مشاغل المهنيين. أما في سنوات التسعينات التي تميزت بالسوداوية بالنسبة للإعلام التونسي. نتيجة لهيمنة فزاعة الإسلاميين التي تم استعمالها لتخويف الصحفيين ولضرب أي نفس آخر، مرت الجمعية أثنائها بوضعية سيئة جدا. فعدم وجود تنوع للمشهد الإعلامي انعكس بطغيان لون واحد داخل الجمعية. حيث كان هناك مكتب واحد. لكن مع بداية الألفية الجديدة، بدأ يظهر داخل البنيان الإعلامي تيار كامل كان موجود في السابق، ولكنه ركد خلال التسعينات، نتيجة الانغلاق والاحتقان الكبير، وبدأ يعيد التعبير عن نفسه؛ ألا وهو تيار المستقلين داخل الجمعية. وافرز تواجد هذا التيار، إصدار الجمعية لأول تقرير نوعي ونقدي سنة 2002 في سابقة من نوعها في تونس حول الحريات الصحفية، الذي فتح اثر ذلك كوة كبيرة في الجدار. إضافة ذلك، كسّر وجود الصحفيين المستقلين داخل الجمعية السيطرة المطلقة لتعبيرة الحزب الحاكم. كان هناك خطاب آخر مختلف، يعبر عن الحريات ويشير لوجود انتهاكات ومشاكل. ولم يعد ذلك الخطاب الذي يقول بأن كل شيء على أحسن ما يرام. وبدأ بالفعل الحاجز البلوري المفتعل بالتهشم داخل هذا القطاع. فأذكر مثلا أن الحديث عن حرية الصحافة خلال عشرية التسعينات كان نادرا جدا في داخل الجمعية نفسها، ولكن رويدا رويدا تقلص ذلك الحجاب. وفي سنة 2004، ترشحت قائمة من المستقلين استطاع ثلاث أعضاء منها بلوغ هيئة إدارة الجمعية. وفرضت سنة 2005، تقرير حاد وجدي عن وضعية الصحافة التونسية ردت عليه الحكومة بعنف حيث تم استدعاء أحد أعضاء واضعي التقرير ووجهت له تهم خطيرة آنذاك. وقمنا باعتصام في مقر الجمعية احتجاجا على هذا التعدي. وكشف تلك الفترة أن فكرة المستقلين لا يمثلها شخص مهما كان حجمه، وإنما يعبر عنها قرار وإرادة الصحفيين أنفسهم. للأسف أقول بأن القائمة تلك لم تستمر طويلا، وحدث تفتت قبل أن تنتهي المدة النيابية الجارية. وذلك لعديد الخلافات في داخل هذه المجموعة حول تطورات التعاطي فيما يخص بعض الأمور بالنسبة للجمعية، وأسلوب التعامل مع السلطة، ومفهوم استقلالية الجمعية، والأولويات التي يمكن طرحها الخ. آفـاق: بالرغم من محاولة تيار المستقلين داخل الجمعية لإنقاذ الجمعية، هناك رأي يقول أنه يستحيل إصلاح الجمعية من الداخل نتيجة لتمكن السلطة من الهيمنة عليها. ما هو ردكم؟ أنا أعتقد أن تجربة المستقلين داخل الجمعية هي تجربة جيدة ومتميزة. ولكن فكرة تفتت ثلاث أشخاص وجدوا داخل مكتب الجمعية لا يعني انه انتهى هذا التيار وانعدم التوجه الاستقلالي داخل الجمعية. بل بالعكس هو ما يزال قوي إلى حد الآن. وهو لا يعني شخص معين. والصحفيين في اعتقادي هم قادرون على إحداث التغيير في اتجاه أن يكون الهيكل الذي يمثلهم هو هيكل مستقل تجاه السلطة بدرجة أولى، وغير تابع لأي طرف. وينشط بكل جرأة وشجاعة وبدون مواربة. فالصحفيين التونسيين أقولها بكل وضوح، سئموا منطق تطبيق الأوامر، وأيضا تلك الصورة الوردية التي يصورونها لقطاع الإعلام، والوعود الزائفة، والتعامل معهم كقصّر وكذوي الاحتياجات الخصوصية. فنحن نخبة المجتمع وأصحاب رأي ومهمتنا في المجتمع كبيرة ونطالب بالتعامل معنا على نفس هذا المستوى. نحن نريد التفاوض مع السلطة الند للند، وفي العلن وليس داخل الأروقة. آفـاق: لكن بالرغم من هذه المحاولات، ستدخل الجمعية طي التاريخ، بعد أن تقرر حلّها وتعويضها بنقابة للصحفيين. في البداية أود أن أوضح مسألة. فجمعية الصحفيين تمثل إرثا نضاليا عريقا. ومرت عليها أجيال من الصحفيين، مهدوا لنا الطريق للحديث بأكثر جرأة وحرية. ولكن هناك إجماع من مختلف الأطراف سوى الهيئات الدولية كالفيدرالية الدولية للصحفيين أو من المجتمع المدني الوطني وبالخصوص من جهة الصحفيين أنفسهم، هو أن الجمعية ليست الهيكل الأمثل لتمثيل الصحفيين. وأؤكد أن النقاش حول هذا تأسيس نقابة وُجد منذ الثمانينات. وكان هذا الخيار إنشاء النقابة دائما مطروحا. لكن كان لدي شخصيا تحفظ على بعث نقابة للصحفيين في عدد من النقاط؛ النقطة الأساسية الأولى هو لماذا لم يتم تعامل الجهات الرسمية مع مطلبنا القديم في تحويل الجمعية إلى نقابة، إلا لأنه هناك فقط مشروع آخر من قبل زملاء صحفيين بادروا من جهتهم بإنشاء نقابة أخرى؟ و لماذا بقينا نراوح في نفس الوضع فيطفو الحديث عن تحويل الجمعية إلى نقابة فقط مع قيام الفريق الآخر من الزملاء بمبادرة ما في سياق مشروعهم. فعندما اتفقت النقابة الأخرى على تحديد مؤتمرها التأسيسي يوم 28 أكتوبر/ تشرين الأول، دعا عدد من الزملاء في الجمعية يوم 24 من نفس الشهر لتأسيس نقابة من طرفهم وتم اتخاذ القرار في ذلك في ظرف 48 ساعة! فرفضت حينها هذه العملية لأنه يجب أن نعود إلى القاعدة الصحفية وأن نفتح النقاش مع الجميع بدون استثناء. وفعلا دعونا إلى اجتماع عام لمناقشة هذا الأمر. وقلنا انه لا نقبل أن ننفذ ثم نناقش فيما بعد. أما بعد أن وافق عموم الصحفيين على تأسيس النقابة مع المحافظة على الجانب الايجابي من نضالات الجمعية، قلنا لا نرفض خيار الصحفيين. ولكن، اثر ذلك، انحرفت النقابة إلى مطبات أخرى. مثلا أذكر انه تم وضع القانون الأساسي للنقابة من دون استشارة الصحفيين المؤسسين. وتم وضع شروط غير مبررة ومجحفة واقصائية للترشح لمكتب النقابة. وكنت قد دعوت لتنظيم اجتماع عام مخصص لوضع القانون الأساسي للمصادقة عليه ولكن لم يؤخذ مطلبي هذا بعين الاعتبار. ولكني مازلت متيقنا بأن الصحفيين بامكانهم إنقاذ هذا الهيكل. والخوف وكل الخوف من الهروب بالنقابة وتحويلها إلى هيكل هجين وغير مستقل ويكون تابع للسلطة. آفـاق: في هذا الصدد، من المعلوم أنه لم يعد يفصلنا على المؤتمر التأسيسي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين سوى بعض أسابيع، ما هي الشروط الضرورية اللازم توفرها لكي يكون المؤتمر متلائما والأهداف التي أعلنتهم عنها الآن؟ أولا أعتبر أن الشروط الموضوعة للترشح تعتبر اقصائية، إذ أنها تفترض أن يكون المرشح للنقابة ذو أقدمية عشر سنوات أحد المؤسسات الإعلامية، في حين أن ستين بالمائة من الصحفيين التونسيين هم من فئة الشباب، وهؤلاء يجب أن يكونوا ممثلين داخل المكتب. كما أنه من الضروري أيضا على الهيئة التأسيسية القائمة الآن، أن تنهي صلتها بهذه النقابة بمجرد انطلاق المؤتمر، وان تحترم قواعد اللعبة الديمقراطية، وان يكون هناك حضور دولي يؤمن شفافية ونزاهة العملية الانتخابية، وأن تواكب فعالياته مكونات المجتمع المدني المستقل. آفـاق: سؤال أخير؛ كنتم قد اقترحتم على قيادة الجمعية إصدار بيان لمساندة الزميل سليم بوخذير الذي تم اعتقاله مؤخرا، ولكنكم لقيتم صدا في ذلك. ما هي أسباب ذلك؟ كما أكدت لك فانه أمامنا تحديات كبيرة وعلى رأسها الدفاع عن جميع الصحفيين وبدون استثناء. وكنت دائما أقول انه على الجمعية أن تدافع عن الصحفي التونسي بغض النظر عن موقف هذا الصحفي من الجمعية، وعن انتمائه أو عدمه إليها، وموقفه من الحكومة. فمن هذا المنطلق اعتبرت أن محاكمة الزميل سليم بوخذير هي ضربة جديدة من الضربات المتتالية والموجعة الموجهة للصحافة التونسية. واقترحت على مكتب الجمعية إصدار بيان للتنديد بإحالة بوخذير على المحاكمة و للتعبير عن موقفنا في هذه القضية. فنحن نعارض سجن صحفيين أو غير صحفيين من اجل آرائهم. كما اننا ضد سياسة التشفي وتلصيق التهم لناشطين أو صحفيين لا لشيء لأنهم مختلفون مع السلطة. وعدم تمكن الجمعية من إصدار بيان ساندة تمثل بالنسبة لي نقطة ضعف أخرى. لأنه بانعدام الحماية الجسدية الحفاظ على كرامة الصحفي لا يمكن له أن يقوم بعمله على أفضل وجه.  (المصدر: موقع « آفاق » (واشنطن) بتاريخ 14 ديسمبر 2007) الرابط: http://www.aafaq.org/news.aspx?id_news=3416
 


التنادي إلى إنقاذ الأوطان عبر الاجتماع على قبح وإجرامية الظاهرة الانتحارية
 
– أهدي هذا النص الى روح الشهداء الأبرياء الذين أراق دمائهم الزكية جهل « الفقه البدوي » بحقيقة دعوة خاتم الرسل الذي ابتعثه الله رحمة للعالمين … -الاصلاح السياسي لا يمكن تحقيقه على جثث الأبرياء وأمن الشعوب والأوطان وتشويه صورة الاسلام الحنيف الذي ضيع البعض عدله وسماحته باراقة الدماء وقتل الأبرياء. مرسل الكسيبي (*) قبح الله هذه الأفعال الاجرامية التي ضربت قبيل أيام قليلة أشقائنا واخوتنا في الجزائر المناضلة! العالم الله وحده أين سيضرب هؤلاء الفاقدين لبوصلة العقل والدين في ما نستقبل من مجهول المكان والزمان! أعمال اجرامية بشعة لن تبررها شرائع الأرض ولا شرائع السماء، خراب ودمار ورعب وأشلاء ودماء وصورة منطقتنا وشعوبنا والاسلام باتت في الميزان أمام هول ما حدث في الأيام الماضية بالجزائر المناضلة والعراق الجريح في ظل معاناة واقع تراجع النظام السياسي وترصد جماعات الموت والقتل على الطائفة والهوية بحياة المواطن! واقعنا السياسي أو الاقتصادي أو الأمني أو الاجتماعي أو الثقافي مهما بدى فيه من تخلف واعتلال أو ثغرات لن يبرر اطلاقا هذه الجرائم في حق الانسانية..حيث يتربص هؤلاء بأنفسهم وبعامة الناس وبالأبرياء والبسطاء تقتيلا وتمثيلا بشعا وبالممتلكات العامة حرقا ودمارا وتخريبا… أعمال قبيحة ومخزية لن أظن أن العارف بأبجديات الاسلام ودعوته السمحاء سوف يجد لها مبررا من نص أو قران كريم أو حديث نبوي شريف، مهما تلبس أو تقشب هؤلاء بلباس الدين الاسلامي الحنيف ومهما ادعى أصحابها من تحقيق عظيم الانتصارات والقربات ! والله انها لمعرة في وجوهنا جميعا معشر العرب والمسلمين ان قبلنا بهذه الأفعال وهتفنا وصفقنا لها ورحبنا بها من باب الشماتة في الأنظمة أو من باب توظيفها كوسيلة ضغط سياسي في مشروعات الاصلاح الوطني. دماء الأبرياء التي سالت مجاري وأودية في الجزائر وبغداد في ظرف زمني لم يتجاوز الأسبوع، ستشهد أمام ربها تعالى بظلم الفاعل وجريمة الساكت على هذا الظلم بحق دين وأوطان وشعوب لن تستقبل مثل هذه الأفعال المخزية بالحفاوة التي يتوقعها المخططون والمدبرون والمسيلون لحمامات الدم القاني. نعم طالبنا وسنطالب ومازلنا نطالب باحداث اصلاحات سياسية واعلامية وتربوية وثقافية واقتصادية شاملة وحقيقية من أجل النهوض بواقع مجتمعاتنا وبلداننا من هوة التخلف الذي أرهق كاهل منطقتنا الغنية بالموارد البشرية والمادية والحضارية، غير أن مطالبنا حاش لله وكلا أن تستسيغ في خلفيتها الثقافية أو الفكرية مثل هذا المنطق المدمر والعدمي والانتحاري الذي تقدمه جماعات يائسة وبائسة باسم الاسلام أو باسم أهداف سياسية وفكرية أقرب الى اليأس والاحباط وتعميم الموت والدماء والأشلاء منها الى منطق البناء والتشييد واشاعة الأمل والحياة والرغبة في التغيير والتقدم بين الشعوب والأمم. اللهم اليك نبرأ من قطرة دم أهريقت بغير وجه حق وكانت سببا في تيتيم أطفال وترميل نساء وتضييع عوائل كانت ترقب مقدم عائليها من أجل القيام على مجامع الخير التي أمرنا بها رب العالمين. ان انقاذ الأوطان وتحريرها والنهوض بها واصلاحها، كلمات حق يهب لها الأحرار والشرفاء أنفسهم، غير أنها ما ينبغي أن توظف من قبل البعض حتى يحولوا حياتنا وحياة الأبرياء والأنفس المطمئنة الى خراب ودمار ومجازر دموية تذوب لهدر أرواح أصحابها الأنفس كمدا وحسرة لولا الثقة في رحمة وعدالة رب العالمين الذي لن يتر الظالمين ولن يضيع المظلومين. نعم للاصلاح ونعم للتغيير نحو الأفضل ونعم للانفتاح ونعم للتداول السلمي على السلطة ونعم للمشاركة السياسية الواسعة ونعم لتحرير الاعلام وفك أسرى الرأي والسجناء السياسيين ونعم لدولة القانون والحكم الرشيد، ولا للتعذيب وانتهاك حقوق الانسان ولا للاعتقال التعسفي ولا لمصادرة الحريات وحق الناس في التعبير الحر والمسؤول. نعم لحق الشغل والسكن الصحي والمشاركة الشبابية في صناعة القرار ولحق الصحة والعلاج المجاني…ولا للعطالة والفقر والمرض الذي تصنعه أيادينا وأيادي الناس ولا لوأد الأحلام الخيرة للشباب الطامح. نعم للاسلام الذي يزرع الخير والنماء والعمران ويقيم صروح العلم والتنوير ومحاربة الفقر والجهل والتخلف والتمزق والصراعات المذهبية القاتلة، ونعم لاسلام الوحدة والتعاون والمحبة والتفاني من أجل الصالح العام والمصلحة الانسانية الجامعة…، ولا لاسلام مشوه ومحرف يريده البعض سبيلا للحقد والكراهية والصراعات والنزاعات الحزبية والمذهبية والدولية القاتلة…، ولا لاسلام ينسف الأخوة لمجرد الاختلاف ويعطل العقل والاجتهاد برؤى فكرية وسياسية محنطة لاترى في الاخر الا مجالا للشر والقتامة والسواد. نعم لاسلام الرحمة والعدل والمغفرة والصفح والتوبة والقربى الى الله تعالى، ولالاسلام مزيف يقدم لنا على طبق الرغبة في الانتقام ورد الظلم بالجور والاصرار على الذنب والخطيئة والتمادي في المعصية عبر الاصرار على مافسد من المسلك والنهج. ان انقاذ الأوطان والاصرار على الاصلاح الذي نتمسك بحبله الخيري جميعا، لابد أن يقف اليوم وقفة شجاعة تجاه هذه الأحداث الدموية الرهيبة التي سالت أو ستسيل مجددا في شوارعنا أو في شوارع العالم الفسيح وذلك عبر النبذ الفصيح والصريح للارهاب القبيح، واعلانها على الملأ والناس كافة أن المكاسب السياسية لا يمكن تحقيقها على ظهور الأبرياء وأمن الشعوب والأوطان وتشويه المقدسات وصورة الاسلام الحنيف الذي ان ضيعناه باراقة الدماء ضيعنا الله بسكوتنا على هذا المنكر العظيم… اللهم قد بلغت، اللهم فاشهد… (*) رئيس تحرير صحيفة الوسط التونسية (المصدر: صحيفة « الوسط التونسية » (أليكترونية – ألمانيا) بتاريخ 13 ديسمبر 2007)

 


السعودية رفعت الحظر عن دخول قناة الجزيرة أراضيها
 
الرياض ـ يو بي آي: رفعت الحكومة السعودية الحظر، الذي فرضته علي دخول قناة الجزيرة القطرية إلي المملكة علي خلفية الهجوم التي شــنته علي أفراد الــعائلة المالـكة. وقال وكيل شؤون الإعلام الخارجي الدكتور صالح بن محمد النملة في بيان له امس الخميس أن وزارة الإعلام السعودية رفعت الحظر الذي فرضته علي دخول قناة الجزيرة القطرية للمملكة والسماح لها بالمشاركة في تغطية موسم الحج هذا العام . وكانت السلطات السعودية منعت القناة من تغطية مواسم الحج، كما منعتها أيضاً من تغطية القمة العربية الأخيرة التي استضافتها الرياض. وكانت الجزيرة افتتحت مكتباً لها في العاصمة الرياض، إلا أن عدم استقرار العلاقة بين السعودية وقطر، وبروز هذا الوضع عبر القناة، انعكس علي تعاطي السلطات السعودية مع طاقمها، الذي منعته من الدخول إلي أراضيها أكثر من مرة وحضر العاهل السعودي عبد الله بن العزيز قمة مجلس التعاون الخليجي التي عقدت في الدوحة الشهر الحالي، وذلك في أول زيارة لملك سعودي إلي قطر منذ 17 سنة، وشكل دلالة علي تجاوز البلدين لخلافات استمرت سنوات. وسجل البلدان تقاربا منذ فترة، وترجم خصوصا بزيارة أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة ثلاث مرات إلي السعودية خلال سنة لحضور القمة الخليجية الماضية وقمة منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) الشهر الماضي، إضافة إلي لقاء جمعه بالملك عبدالله في جدة علي البحر الأحمر في أيلول (سبتمبر). وأكد الأمير سعود الفيصل بداية هذا الأسبوع أن العلاقات السعودية القطرية هي علاقات طبيعية وتسير سيرا طبيعيا وترتبط السعودية وقطر بأواصر كثيرة وهي مستمرة كما هي الحال مع باقي دول مجلس التعاون الخليجي، مشيرا إلي قرب عودة السفير السعودي لدي قطر. وتراجعت العلاقات بين البلدين بخاصة عندما سحبت الرياض في 2002 سفيرها من الدوحة احتجاجا علي بث قناة الجزيرة برنامجا تم خلاله تناول العائلة الحاكمة السعودية. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 14 ديسمبر 2007)

 


 

ليبيا تنتقد كوشنر بسبب تصريحاته بشان سجلها في حقوق الانسان

 
باريس (رويترز) – انتقد وزير الخارجية الليبي عبد الرحمن شلقم نظيره الفرنسي برنار كوشنر يوم الجمعة لذمه الزعيم الليبي معمر القذافي كما رفض الانتقادات لسجل بلاده في مجال حقوق الانسان. وفي وقت سابق من الاسبوع الحالي قال كوشنر وهو ناشط سابق لحقوق الانسان انه « استسلم للقدر » بخصوص زيارة القذافي لباريس وانه لم يلتق بالزعيم الليبي اثناء الزيارة. وقال شلقم في مؤتمر صحفي ان ذلك يتناقض تماما مع سلوك كوشنر عندما رافق الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في زيارة الى ليبيا بعد الافراج عن خمس ممرضات بلغاريات وطبيب فلسطيني في يوليو تموز. وأضاف أنه اذا كان كوشنر لا يرغب في رؤية المسؤولين الليبيين فهم أيضا لا يرغبون في رؤيته مشيرا الى أن قرار كوشنر البقاء عدم الالتقاء بالوفد الليبي لم يؤثر على المحادثات. وتابع أن كوشنر شخص جاء الى ليبيا وأكل مع الليبيين وأجرى محادثات ووقع اتفاقات معهم ثم عندما عاد الى باريس غير كل شيء لاسيما الافكار التي اتفق فيها مع الليبيين في طرابلس. وقضى القذافي الايام الاربعة الماضية في باريس وأقام في قصر الضيافة الرئاسي ونصب خيمته البدوية في حديقة القصر حيث استقبل الضيوف. وهذه هي الزيارة الاولى للقذافي لفرنسا منذ 34 عاما فيما يشير الى دفء العلاقات حاليا مع الغرب. غير أنها أثارت غضب جماعات حقوق الانسان والمعارضة الذين يتهمون القذافي بانتهاك حقوق الانسان بشكل متكرر. كما اتهموا ساركوزي بتقديم الاتفاقات التجارية على المباديء بعدما اشرف هو والقذافي على توقيع سلسلة اتفاقات في مجالات من بينها الاسلحة والطاقة النووية. ويقول ساركوزي ان القذافي يستحق معاملة أفضل لتخليه عن برنامجه لاسلحة الدمار الشامل في 2003 والتخلي عن دعم الارهاب والافراج عن الممرضات الخمس والطبيب في يوليو من العام الحالي الذي ينسب الرئيس الفرنسي الفضل فيه الي نفسه. وقال ساركوزي انه اثار مع القذافي قضية حقوق الانسان وقالت وزيرة الدولة الفرنسية لحقوق الانسان التي انتقدت الزيارة في وقت سابق من الاسبوع الحالي ان ساركوزي حصل على « ضمانات » بخصوص هذه المسألة من الزعيم الليبي. وانتقد القذافي سجل فرنسا في حقوق الانسان في وقت سابق من الاسبوع قائلا ان البلدان الاوروبية تنتهك حقوق المهاجرين الافارقة وانه اذا لم يحصلوا على معاملة على قدم المساواة فسيساعد هؤلاء المهاجرين على العودة الى افريقيا. واثار ذلك رد فعل غاضبا من كوشنر الذي قال ان تصريحات القذافي « تدعو للرثاء » وأدانها. وقال شلقم للصحفيين ان ليبيا دهشت لتصريحات كوشنر الاخيرة وان المسؤولين الليبيين لاحظوا في عدة مناسبات أنه يدلي بتصريحات في الصباح ثم يسحبها في المساء. واعتبر أن فرنسا وغيرها من البلدان ليست في وضع يسمح لها بانتقاد ليبيا بسبب سجلها لحقوق الانسان. وقال شلقم ان ليبيا ليست دولة تتلقى دروسا. (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 14 ديسمبر 2007)
 


Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.