الجمعة، 10 نوفمبر 2006

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2363 du 10.11.2006

 archives : www.tunisnews.net


الحملة الدولية من أجل حقوق الإنسان في تونس: إلى متى يدنس القرآن في تونس؟ حزب العمال الشيوعي التونسي: إثر مذبحة « بيت حانون »:بــيــان حزب المؤتمر من أجل الجمهورية يدين بشدة مجزرة بيت حانون  رويترز: مجلس المستشارين يناشد الرئيس التونسي الترشح لانتخابات 2009 كـلـمـة: أضواء على الأنباء كـلـمـة: دهاليز أم زياد: أفضل الاحتمالات في أقل السيناريوهات سوءا – المقال الأول : ومضة ورائية صـابر التونسي: مبروك « لتونس »عيدها الـ19 محمد الهادي بن مصطفى الزمزمي : خدعة المنشور 108 : مخالفة صريحة للدّستور والقانون!! عارف المعالج : العنوان: المتساقطون في معركة الحجاب د. خالد الطراولي: امرأتنا… في الحقل السياسي (2/3) حافظ بن عثمان: يا سيدي…… محسن ابراهمي: ولكنكم قوم تستعجلون الطاهر بن حسين: في الايديولوجيا والهوية الطاهر الأسود: الأدلجة « الآفاقية »: في خلط السياسة الايديولوجية بالايديولوجيا المسيسة – ردا على الطاهر بن حسين حسين المحمدي: تعايش جمهوري ديمقراطي.. من اجل الحريةوموت الطغيان محمد العروسي الهاني: رسالة إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله آل سعود رويترز: سيف الاسلام ابن القذافي يسافر للعمل في الخارج رويترز:  المغرب يدافع عن شركة الطيران الوطنية بعد شكاوى من اسلاميين


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows )

To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).


الحملة الدولية من أجل حقوق الإنسان في تونس International Campaign for Human Rights in Tunisia icfhrt@yahoo.com Tel:00442083813270 – 00447944550651 P.O.BOX 415,Wealdestone, HA3 3AP,London  

إلى متى يدنس القرآن في تونس؟

 
 علمت الحملة الدولية من أجل حقوق الإنسان في تونس، أن

المدعو صابر الجازي،

الناظر بزنزانات سجن مرناق، عمد الى رمي المصحف الشريف في المرحاض، انتقاما من سجين الرأي محمد التايب. وبما أن هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها، حيث عمد في شهر جوان الماضي، المدعو عماد العجمي مدير سجن برج الرومي، الى ضرب السجين أيمن الدريدي بالمصحف الشريف، وركل المصحف برجله استفزازا للسجناء،  دون ان يلقى عقابا على ذلك. فإننا في الحملة الدولية من أجل حقوق الإنسان في تونس: – نحمل السلطة التونسية مسؤولية هذه الإنتهاكات لمقدسات المسلمين، ونعدها سياسة  متعمدة من قبلها للاستهتار بالدين، واذلال الشعب التونسي وإهانته، الى أن تتدارك الموقف وتبادر لمعاقبة الجناة. – نحذر من أن التمادي في تجاهل مشاعر المواطنين التونسيين، وملايين المسلمين، بالاعتداء على كتاب الله، ومنع المسلمات من ارتداء الحجاب، ومحاصرة المساجد بإعتقال المئات من روادها الشباب وتعذيبهم، بموجب قانون مكافحة الإرهاب- سيئ الذكر- وعزل الأئمة من ذوي العلم والورع، لن يزيد الا في عزلة تونس عن محيطها العربي والاسلامي، وتغذية مشاعر السخط و الغضب لدى أبناء الشعب التونسي المسلم.   عن الحملة الدولية من أجل حقوق الانسان في تونس علي بن عرفة لندن  في 10 نوفمبر 2006

 

 حزب العمال الشيوعي التونسي
إثر مذبحة « بيت حانون »: بــيــان
إنّ حزب العمّال الشيوعي التونسي بعد علمه بالمذبحة الجديدة التي ارتكبتها القوات الصهيونية صبيحة هذا اليوم في « بيت حانون » و ذهب ضحيتها حوالي 20 مدنيا من بينهم أطفال إضافة إلى عشرات الجرحى وذلك مواصلة للحملة العسكرية الدموية التي تشنها منذ أيام في مناطق عدة من الأراضي المحتلة:
1- يستنكر هذه المذبحة التي تندرج في إطار مخطط إبادة واضحة يستهدف الشعب الفلسطيني في وجوده وتؤكد الطابع الاستعماري العنصري النازي للكيان الصهيوني. 2- يؤكد أن هذه المذبحة الجديدة ما كانت لتتمّ لولا الغطاء السياسي والدعم العسكري الذي يلقاه الكيان الصهيوني من الامبرياليين الأمريكيين و حلفائهم الأوروبيين ولولا التواطؤ المفضوح للأنظمة العربية مع هؤلاء وضلوعهم في المؤامرات التي تحاك ضد الشعب الفلسطيني من أجل تركيعه وإخضاعه. 3- يناشد الفصائل الوطنية الفلسطينية بأن تنبذ خلافاتها وتوحّد صفوفها حول راية واحدة هي راية فلسطين وتفعّل المقاومة المسلحة وتطوّرها باعتبارها الشكل النضالي الحاسم لمواجهة البربرية الصهيونية وتحقيق الأهداف الوطنية للشعب الفلسطيني. 4- يدعو الشعوب العربية وفصائلها الوطنية والتقدمية إلى تحمّل مسؤوليتها إزاء الشعب الفلسطيني والتصدي لكل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني وعدم الاستسلام لأنظمة الحكم الدكتاتورية التي تمنعها من دعم القضية الفلسطينية خدمة للمشاريع الامبريالية الصهيونية.
تونس في 8 نوفمبر 2006 قائمة مراسلة حزب العمال الشيوعي التونسي

حزب المؤتمر من أجل الجمهورية يدين بشدة مجزرة بيت حانون

 

 
عبر حزب المؤتمر من أجل الجمهورية عن بالغ تنديده وشديد إستنكاره للجريمة الشنيعة التي أقترفها سلاح الاحتلال الإسرائيلي  في حق أبرياء في مجزرة بيت حانون الفظيعة و التي  راح ضحيتها مدنيون  بلا أي ذنب إقترفوه .   و ناشد حزب المؤتمر من أجل الجمهورية على لسان رئيسه الدكتور المنصف المرزوقي من مقر إعتصامه بمنزله بمدينة سوسة بتونس كل الضمائر الحية في الأرض عدم السكوت علي هذه الجريمة الوحشية المنتهكة لكل الأعراف و القوانين الدولية  الكافلة لحق المدنيين في الأمان و الحياة  و إقامة حملة دولية واسعة لإدانة هذه المجزرة  المأساوية ، رافعا تعازيه إلى كل عائلات الشهداء و إلى كل الشعب الفلسطيني الشقيق .   و للإشارة ، فإن الدكتور المنصف المرزوقي  كان قد  طالب منذ أشهر بتقديم إيهود أولمرت إلى المحاكمة بصفة مجرم حرب  ، و قد شرع د. المرزوقي منذ حدوث مجازر لبنان في الحرب الأخيرة و أهمها مجزرة قانا ،  بصفته عضو اللجنة العربية قوق الإنسان  بمعية زميله في اللجنة العربية الأستاذ هيثم مناع  في جمع  مختلف الوثائق لتقديمها ضمن طلب تقديم أولمرت للمحاكمة كمجرم حرب  سليم بوخذير عضو بحزب المؤتمر من أجل الجمهورية


خبر عاجل

الناطق باسم بن علي يُـعـلـن أنه سيترشح لانتخابات العام 2009

تونس – الموقف   أعلن الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية عبد العزيز بن ضياء اليوم الجمعة أن بن علي يعتزم الترشح للإنتخابات الرئاسية المقررة لسنة 2009. وكان بن ضياء الوزير المستشار الخاص لبن علي يتحدث أمام اللجنة الأولى لمجلس المستشارين في جلسة خاصة.   وكان بن علي أدخل تعديلا شاملا على الدستور عرضه على « استفتاء شعبي » في سنة 2002 وعارضته كل القوى الديمقراطية، ألغى سقف الفترات الرئاسية التي كانت محددة بثلاث مما أتاح له الحصول في سنة 2004 على فترة رابعة تستمر خمسة أعوام أي إلى 2009.   واحتفل بن علي (71 عاما) الثلاثاء بالذكرى التاسعة عشر لوصوله إلى الحكم بعد تنحية الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة بسبب شيخوخته.   (المصدر: موقع pdpinfo.org بتاريخ 10 نوفمبر 2006) 

مجلس المستشارين يناشد الرئيس التونسي الترشح لانتخابات 2009

تونس (رويترز) – ناشد مجلس المستشارين يوم الجمعة الرئيس التونسي زين العابدين بن علي الذي يحكم البلاد منذ 19 عاما تجديد ترشحه في الانتخابات المقبلة التي من المقرر اجرؤاها عام 2009 فيما وصف بانها بداية مبكرة لحملة الانتخابات الرئاسية. ومجلس المستشارين هو المجلس النيابي الثاني في تونس. وهذه أول مرة يتم فيها الاشارة الى انتخابات عام 2009 ولم يعلن الرئيس التونسي حتى الان عن موقفه بخصوص الانتخابات المقبلة. ونقلت وكالة الانباء الحكومية عن أعضاء اللجنة الاولى لمجلس المستشارين قولهم انهم « يناشدون سيادته ترشحه للانتخابات الرئاسية لسنة 2009 من اجل مواصلة قيادة تونس نحو مزيد من الازدهار والمناعة ». وأتاح تعديل دستوري وافق عليه التونسيون عام 2002 للرئيس حق الترشح للانتخابات في 2009 اذا قرر خوض الانتخابات كما لم يعد العمر الاقصى للترشح لرئاسة الجمهورية 70 عاما مثلما كان من قبل. ووصل بن علي (70 عاما) الى الحكم في السابع من نوفمبر تشرين الثاني عام 1987 عقب اعلان عجز اول رئيس لتونس الحبيب بورقيبة عن اداء مهامه لكبر سنه واستفحال مرضه. ويري مؤيدو بن علي انه يتمتع بشعبية لانه حقق رخاء اقتصاديا واجتماعيا لملايين التونسيين بعد ان كانت البلاد على وشك الانهيار الاقتصادي وقضى على جذور التطرف الاسلامي بينما ينتقد معارضوه نظامه بالتضييق على الحريات وملاحقة المعارضين. وقال رشيد خشانة وهو معارض تونسي معلقا على هذه المناشدة لرويترز « انها بداية مبكرة لحملة الانتخابات الرئاسية عام 2009 التي قد تضيف نيابة اخرى للرئيس بن علي ». (المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 10 نوفمبر 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)

مجلس النواب التونسي يناقش موازنة الدولة

    

تونس – واس- بدات لجان مجلس النواب التونسي اليوم جلسات استماع الى ممثلي الحكومة التونسية حول الموازنة الجديدة للدولة لعام 2007 التي لم يعلن رسميا عن حجمها فيما قدرتها مصادر اقتصادية بحوالي 11 مليار دولار بزياردة 8 ر1 في المائة عن موازنة العام الحالي وباعتماد معدل لصرف الدولار بحدود 380 ر1 وسعر مرجعي للنفط بـ 70 دولارا للبرميل .   واكد رئيس مجلس النواب فؤاد المبزع خلال تقديمه بيانات حول مشروع ميزانية المجلس حرص الدبلوماسية البرلمانية المساهمة في تعزيز علاقات تونس الخارجية وحضورها المتواصل في انشطة مختلف الهياكل والمنظمات والاتحادات البرلمانية الاقليمية والدولية والمشاركة الفاعلة فيها بما يعزز مكانة تونس ويبرز نجاحاتها .   على ذات الصعيد اكد المستشار وزير الدولة الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية عبد العزيز بن ضياء في مداخلة حو لمشروع الموازنة حرص الحكومة على مواصلة برامج الاصلاحات في كل المجالات.   (المصدر: وكالة الأنباء السعودية (واس) بتاريخ 9 نوفمبر 2006)   


أضواء على الأنباء

إضاءة أمّ زياد   هنيئا لهم… وارحمونا !! بمناسبة الذكرى التاسعة عشرة « للتغيير » أطلق سراح عدد من المساجين السياسيّين من بينهم وجوه من حركة النهضة بعد أن قضوا في السجون ما يزيد على 15 عاما. تهانينا الحارة لهم بانتهاء محنتهم وفرحتنا عظيمة بفرحة عائلاتهم التي طال عذابها. ولكن ارحمونا رجاء… لا تشكروا بن علي ولا تثمّنوا « عفوه » وسخاء نفسه… على الأقلّ من باب احترام مشاعر ضحايا قانون مكافحة الإرهاب وعائلاتهم.   « فاكية » في جهة سوسة هناك تاجر كبير يورّد الفواكه الجافة وقد اعتاد أن يتعاون مع المافيا المعروفة لإخراج بضاعته من الديوانة بأقلّ التكاليف ومقابل معلوم يدفعه لهؤلاء الوسطاء المنتصبين عشوائيّا والمستغلّين قرابتهم من السلطة. في المرة الأخيرة بدا لهذا التاجر أنّ المعلوم المطلوب صار يرتفع بصورة مشطّة تهدّد مكاسبه فدفع للجماعة قسطا من المطلوب وماطلهم في البقيّة. ذات يوم فتح الرجل مخازنه فوجد أنّها فتحت في الليل وأفرغت من كل البضاعة التي كانت مخزنة فيها. الفاعل كان الديوانة التونسية بجلالة قدرها وقد سخرتها المافيا لتأديب هذا المرّد الذي لا يدفع ما عليه ولا يسدّد معاليم… « الديوانة » … عندما يفكّر المرء أنّ السياسيّين المعارضين يقصرون شكواهم في تبعيّة الإدارة للحزب الحاكم يدرك مدى الحَوَل السياسي المستشري في هذه البلاد.   لن أختصم يا صابر مازالت أزمة الحجاب تتفاعل وقد تجاوزت الفضاءات التونسية إلى فضاءات أخرى معنيّة بهذه المسألة. ولقد عبّرت عن رأيي في هذه المسألة مثل بقيّة الناس وقلت إنّ ارتداء الحجاب حق وإنّ كلّ مساس بالمحجبات باطل. ولكنّي قلت أيضا إنّ الحجاب ليس هويتنا فأغضب ذلك صابر التونسي وأنا لا أريد أن أختصم معه لأنّه صديق ولأنّي أدّخر خصوماتي للدكتاتورية التي تظلمنا إسلاميين ولائكيّين…   ومع ذلك فما زلت عند اعتقادي أنّ الحجاب ليس هويتنا لأنّ هويتنا أوسع من أن يستطاع اختزالها في لباس بعينه، واللباس عندنا متعدد بتعدد الجهات، هاك مثلا القلعة الصغرى قريتي وجارتها القلعة الكبرى : في قريتي تلبس النسوة منذ القديم « التخليلة » وهي تكشف عن النحر والذراعين بلا خلاعة. وفي القلعة الكبرى تلتفّ المرأة في « وَزرة » تخفيها كلّها ولا تظهر منها إلاّ نصف عين. هذا كان في الماضي أمّا اليوم فتلبس النساء اللباس العصري… والحجاب العصري هو الآخر… وهذه هي الهوية أو وجه منها أي الملامح التي تتشكّل من تاريخ البلاد وتقاليدها وتطورها. وما تشبعت به من موروث ووافد. فلا تغضب يا صابر ولا تحاول أن تفرض رؤيتك على الآخرين فتكون مثل اليهود والنصارى الذين لن يرضوا إلاّ إذا اتبع الآخر ملّتهم. فالله قال هذا عن اليهود والنصارى ولم يقله على المسلمين.   لحى بعد الحجاب أو معه تنطلق حملة بوليسية أخرى ضد الرجال الملتحين: إيقاف في الشوارع وأمام المساجد ومرسلة وتنبيه على الشباب الملتحي بالتخفف من لحيته وقد هدد عون بوليس أحد الشبان بأنه إذا وجده ملتحيا في المرة القادمة فسيتولى حلاقة لحيته في المركز أين تم إعداد لوازم الحلاقة وقال للشباب إنّ هذه اللوازم لم يراع فيها أي اعتبار صحي بحيث يمكن أن يحلق له لحيته بشفرة مستعملة. منتهى الوقاحة والغي والأجرام: أجهزة بوليس النظام تتحول إلى ناقل « للسيدا أو مهدد بنقلها. أدعو من يقرأ لي من الشباب وغير الشباب إلى إطلاق لحاهم من باب الصمود والمقاومة للأوامر الجائرة وليس من باب تطبيق السنّة فقط.   تونس- سوسة =ستة ساعات ونصف يوم الأحد تحول وفد يضم كلاّ من الأساتذة عبد الرؤوف العيادي ومحمد النوري وجلول عزونة وعياشي الهمامي وعم علي بن سالم إلى مدينة سوسة لأداء زيارة مساندة للدكتور منصف المرزوقي المعتصم في بيته احتجاجا على الحصار الذي ضرب عليه منذ عودته من فرنسا. في الماضي كان الوصول من تونس الى سوسة يستغرق أكثر من ساعتين على الطريق الوطنية رقم1 ويعد إنشاء الطريق السريعة صار الذهاب يستغرق ساعة ونصف الساعة والساعتين بالنسبة إلى من يفضّلون السياقة بسرعة معتدلة. أمّا بالنسبة إلى الوفد المذكور فقد استغرق الوصول إلى سوسة ستة ساعات ونصف الساعة تتخللها تسعة حواجز بوليسية ومساءلات وحجز أوراق وخصومات (لديّ تسجيل منها على هاتفي المحمول)… إنّها جمهورية قطّاع الطرق.   (المصدر: مجلة « كـلـمـة » الالكترونية التونسية، العدد 47 لشهر نوفمبر 2006)  


دهاليز

إعداد لطفي حيدوري   صفقة أمنية تونسية جزائرية يبدو أنّ عملية تسليم الشبان التونسيين الذين أوقفوا في الجزائر في الصائفة المنقضية (عقبة الناصري وميمون علوشة ومحمد العباشي وطارق الهمامي..) للسلطات التونسية والذين تمّ إيقافهم بمصالح أمن الدولة ثم أحيلوا على القضاء في إطار قضايا مكافحة الإرهاب، قد جرت في إطار صفقة أمنية بين الأجهزة الأمنية التونسية والجزائرية لتبادل معتقلين جزائريين في تونس بتهمة الاتجار في المخدرات بالموقوفين التونسيين في الجزائر. وقد حققت الأجهزة الأمنية الجزائرية إثر ذلك ضربة كبيرة لعصابة قوية في الاتجار بالمخدرات تمتّعت طويلا بالحصانة على التراب الجزائري. وكان السلطات الجزائرية قد سلمت في جوان 2006 عشرة شبان اعتقلتهم فور وصولهم التراب الجزائري واحتفظت بهم لمدة شهرين بعدما ارتابت في صلتهم بالجماعة السلفية للدعوة والقتال التي تقاتل الحكومة الجزائرية منذ أكثر من 10 سنوات. وسلمتهم بمحضر الهلال الأحمر الجزائري والصليب الأحمر الدولي، ولم يتم إثبات ذلك بمحاضر الإيقاف.   عودة الجلادين عاد إلى سابق مهامّه بالمصالح المختصّة بقفصة المدعو بلقاسم الرابحي، الضابط الذي قاد حملة الإيقافات والتعذيب في بداية التسعينات في قفصة ثم القصرين والكاف وقابس.   وكان بلقاسم الرابحي قد شغل خطة ملحق أمني بالجزائر قبل أن يعود سنة قبل إحالته على التقاعد. وتوجد شهادات عديدة عن حالات تعذيب ارتكبها الرابحي منها ما نقل على إحدى الفضائيات.   وعمل موظفون آخرون عرفوا بارتكاب أعمال تعذيب في خطط أمنية في السفارات التونسية ومنهم حمادي حلاس شهر محمد الناصر الضابط بالاستعلامات الذي عمل باليمن وعاد في السنوات الأخيرة دون وظيفة أمنية جديدةوفتحي غربال (منطقة قفصة) عيّن في إيطالياوخالد بن سعيد (منطقة جندوبة) عمل في ستراسبورغ ولاحقته العدالة الفرنسية. وكذلك محمد علي القنزوعي مدير الأمن ثم كاتب الدولة المكلف بالأمن الداخلي (عزل في جوان 2006) الذي شغل خطة سفير بسوريا.   ولاية تونس تؤطّر موظفيها للحملة على الحجاب انتظم بمقر ولاية تونس يوم 27 أكتوبر المنقضي اجتماع أشرفت عليه السيدة عزيزة حتيرة والمحامية رجاء المديوني لشرح وجهة نظر الحكومة التونسية في مسألة الحجاب وتأطير الموظفين للمساهمة في المجهود « الوطني » لمكافحة « الزيّ الدخيل ».   نصف الأجر ينتظر أن يبدأ العمل بنظام ثلثي الأجر للموظفات اللاتي تخترن العمل نصف الوقت في جانفي 2007. وقد تطلّب هذا النظام الجديد للمرأة العاملة دراسات طويلة منذ أعلن عليه رئيس الدولة الحالي في حملته الانتخابية الأخيرة أكتوبر 2004. وتوجد صعوبات كبيرة بالنسبة إلى المؤسسات أو المنتفعات بهذا النظام. فهو يخضع لموافقة مدير المؤسسة ولا يشمل سوى النساء اللاتي يكفلن أبناء تحت سنّ 16 ويمتدّ 3 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة. ويبدو أنّ هذا الإجراء لن تنتفع به إلاّ طبقة معيّنة منهنّ نظرا لكون أغلب الموظفات مكبّلات مسبقا بديون قروض السكن والسيارة الشعبية والتجهيزات المنزلية والقروض الشخصية مثلهنّ مثل كأزواجهنّ. كما توجد عدة مؤسسات أغلب موظفيها من النساء ممّا يجعل يزيد من صعوبة اختيار المرشحات.   تقرير واشنطن عن الحرية الدينية في تونس صدر تقرير وزارة الخارجية الأمريكية لسنة 2006 عن وضع الحرية الدينية في تونس. واعتبر أنّه « لم يطرأ تغيير كبير على احترام الحرية الدينية خلال فترة التقرير » دون أن يحدد مدى التراجع أو التقدم ومواطنه. واكتفى التقرير بالوصف مثل غيره كالتقرير الذي يصدر عن الخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان. وذكر التقرير أنّ الحكومة التونسية تفرض بعض القيود على ممارسة الحق في حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية. وأشار التقرير إلى الضغوطات المفروضة على النساء للتخلي عن ارتداء الحجاب في المؤسسات العمومية وفي الشارع، غير أنّه ورد خطأً في التقرير في نسخته العربية أنّ الدستور التونسي يحدّ من ارتداء الحجاب داخل الدوائر الحكومية وفي الطريق العام وفي أماكن التجمعات العمومية. ولا نعرف المصادر الإحصائية التي استقى منها التقرير استنتاجه أنّ « عدد النساء الشابات المنتميات للطبقة المتوسطة من متساكنات المناطق الحضرية واللاتي آثرن ارتداء الحجاب، ما انفك يتكاثر » وذكر التقرير أنّ السفير الأمريكي يجتمع بصفة دورية مع الزعماء الدينيين المسلمين والمسيحيين واليهود. واللافت للانتباه في هذا التقرير إدراجه فصلا عن معاداة الساميّة تحدّث فيه عن نشر بعض الجرائد الخاصة في تونس رسوما ومقالات نقدية تجاه إسرائيل ورسوما تحطّ من اليهود ولاحظ التقرير أنّ تلك الرسوم تم إنجازها من قبل رسامين خارج البلد قبل أن تطبع محلّيا. ونقل التقرير الأحداث التي عرفتها كلية الآداب بمنوبة في شهر مارس 2006 خلال المظاهرة التي شهدتها بمناسبة الحفل الذي أقيم تكريما للمؤرخ اليهودي التونسي الراحل « بول صباغ » لتبرّعه بجملة من الكتب لمكتبة الكلية عندما قامت أعداد من الطلبة « بترديد هتافات مناهضة لإسرائيل وترويج شعارات معادية للسامية ».   حرب قبلية في قبلي شهدت ولاية قبلّي نزاعا قبليّا دمويّا بين فَطناسة وبِشْرِي في بداية شهر رمضان بعد أن قتل تلميذ من بِشري زميلا له من فطناسة. وقد هاجم أهالي فطناسة قبيلة القاتل عدة مرات آخرها قبل العيد بيومين ممّا اضطرّ بعض السكّان إلى الفرار من منازلهم. وقد سقط بعض الضحايا جرحى من المعارك كما حصلت اعتداءات على الأملاك الخاصة كتحطيم السيارات ومقهى والعبث بغابات نخيل. ولم تفلح التدخلات الأمنية لإخماد النزاع ممّا استوجب تحوّل مسؤول أمني رفيع بوزارة الداخلية إلى هناك في الأيام الأخيرة. وكان قد تم إيقاف الشاب القاتل وعدد من المتورطين في الجريمة من الشبان.   توزيع الغنائم آخر التعيينات تفيد بأنّه تم استكمال توزيع المناصب المستحدثة بين عناصر الحكومة التونسية في المنظمات الموالية التي لا تكفّ عن القيام بدور المجمّل لصورة النظام التونسي في كل محفل وخاصة ما قاموا به من وظائف متعددة خلال مراحل قمة مجتمع المعلومات. فقد تم مؤخرا فتح مكتبين لوكالة الاتصال الخارجي ببروكسيل وبواشنطن قسّما بين هدى بن عثمان وفيصل السويسي. وقد وزعت المناصب من قبل بين مجلس المستشارين ومرصد الانتخابات البلدية ومجلس الاتصال والأوسمة التي منحت في مناسبات متتالية.   (المصدر: مجلة « كـلـمـة » الالكترونية التونسية، العدد 47 لشهر نوفمبر 2006) 


سلسلة مقالات تحاول استشراف مستقبل تونس السياسي  

أفضل الاحتمالات في أقل السيناريوهات سوءا

المقال الأول : ومضة ورائية

أمّ زياد   بالأمس وبعد أيام قليلة من تحول7نوفمبر1987 وبمناسبة عودة جريدة الرأي إلى الظهور بعد حكم قضائي بإيقافها كتبت مقالا هزليا جادا سميته « نشاز ».   لم أختر لمقالي ذاك العنوان لكون محتواه شاذا في المطلق بل لأني أردته خروجا عن النغمة السائدة في محتوى ذاك العدد من الجريدة وفي غير هذه الجريدة من وسائل الإعلام والمواقف السياسية والشعبية التي اجتمعت عدا بعض النشازات القليلة الأخرى على استقبال رحيل بورقيبة صكا على بياض تبين في ما بعد أنه لم يحسن التصرف فيه بل استغله ليبتز البلاد ويغرق جميع أرصدتها.   مقالي المذكور كان نقديا بلا ريب وكذلك داعيا السياسيين والمجتمع المدني والمثقفين والشعب التونسي عموما إلى موقف وسط بين القبول والرفض لتجنيب البلاد بورقيبة جديدا وحمايتها من إعادة الوقوع في مستنقع الحكم الفردي بل لحماية الحكم ذاته من الانزلاق في مستنقع الحكم الفردي.   لم يكن مقالي ذاك عدوانيا تجاه الرئيس الجديد فقد عبرت فيه على طريقتي عن فرحي بإقدامه على إقالة بورقيبة الذي لم يعد قادرا على الحكم وليس عن فرحي بتجنب بن علي تونس حربا أهلية وحمامات دم كما تزعم السلطة ويردد بعض السياسيين في المعارضة إلى الآن. ومع ذلك لم يحتمل النظام الكلام الوارد في هذا المقال وأوقف الجريدة وكان ذلك أول سقوط له في امتحان صدق نواياه وصدق ما تضمّنه « البيان » من وعود.   نحن في بلد يعشق أهلها وخاصة السياسيون منهم التريث والانتظار حتى ولو كان فيهما ضياع الفرص السانحة ولا يقدمون على ضرب الحديد وهو حام بل ينتظرونه حتى يبرد ويصير غير قابل للتشكل.   وبرغم ما أرسله النظام الجديد من إشارات يفهمها حتى الرضّع إلى أنه يصرح بالشيء ويمارس عكسه فقد أصرّت البلاد على عدم تصديقه وعلى « اتباع السارق إلى باب الدار »إلى أن دخلها وأوصد أبوابها دون الجميع : – أمر بن علي وجوه البلاد بلزوم بيوتهم والاستقالة من الشأن السياسي فامتثلوا وانسحبوا في صمت تاركين البلاد لليتم ولؤم المعاملة. – أمرهم بتوقيع ما يسميه الأخ حلول عزونة « الوثاق الوطني » فوقّعوا جميعا وبمن فيهم الذين صيغ الميثاق لإقصائهم ولم يرفض الوقوع في الكمين إلاّ حمة الهمامي وحزبه. – استقطب كفاءات البلاد قصد رسكلتها في دواليبه وتحييدها وإطفاء إشعاعها. ففعلت بحجة « الإصلاح من الداخل » وذاب من ذاب منها في عفن ذلك الداخل وخرج من خرج منها وهو يضمّد جراحه ويحاول جبر كسوره. – أوقف النظام جرائد وعطّل جمعيات ولم نسمع باعتصام ولا مسيرة ولا حتى « عركة » صغيرة تقيم الدليل على أنّ هذه البلاد لم نفقد مناعتها تماما (ولا أخرج نفسي من هذا الحكم). – شنّ النظام حربه الشهيرة على الإسلاميين وأمعن فيهم تقتيلا وتعذيبا ومحاكمات جائرة زجّت بالآلاف منهم في السجون دون أن يجد في ذلك معارضة ممّن كانوا يعدّون آنذاك من أقطاب المعارضة. فقد صمتوا أو نطقوا بما هو أسوأ من الصمت. ولا يكابرنّ أحد في هذا فأرشيفات الصحافة ما تزال موجودة وشاهدة على رخاوة المواقف السياسية من محاكمات الرأي التي لم يذهب ضحيتها الإسلاميّون وحدهم بل شملت الكثير من الأطياف والنقابيّين والمواطنين. – أجرى النظام انتخاباته المزوّرة الواحدة تلو الأخرى وجاراه في ذلك دعاة الانتخابات النزيهة. – فتح النظام الأبواب على مصراعيها لنفوذ العائلات والإثراء السريع والفساد وكان ذلك ما يزال- رغم أهميته السياسية القصوى- من « تابوهات » المعارضة التي تخاف ليلى الطرابلسي أكثر ممّا تخاف بن علي.   وهكذا بنى النظام حكما رجع بالبلاد عشرين سنة إلى الوراء وأعانه في ذلك مع الأسف الشديد مثقفون وجامعيّون وسياسيّون ونقابيّون وتكنوقراط كبار أنجبتهم البلاد ليكونوا لها فكانوا عليها بشكل من الأشكال. وهكذا نام الناطور عن الثعالب فأكلت العنب حتى حصرمه دون أن تضرس، وكاد الحقل يجدب لولا جنود الخفاء من أولئك التونسيذين والتونسيّات الذين حاربوا الفناء من مواقعهم المختلفة في التعليم والإدارة والصحة وفي الحقول والمصانع…   لمّا كانت « تونس بن علي » ترفل في فرحة كاذبة ووفاق كاذب وجدت الأصوات الصادقة نفسها أضيع من الأيتام في مأدبة اللئام فانكفأت على نفسها أو هامت على وجهها في أرض الله. أمّا صاحبة « النشاز » فقد كانت تحاول أن تتنظم في المجلس الوطني للحريات وفي فلول الأحزاب التي كانت تقاوم العدم وتصمد في وجه التفتيت وترفض الاستسلام أي تصرّ على الوقوف في صفّ المواطنة وضدّ السلطة التي تريد الإجهاز على المواطنة… ولكن بعد فوات الأوان واستفحال الداء.   ذات يوم وتحديدا بعد وفاة بورقيبة وتبلور ذلك الحراك في المجتمع المدني كنت جالسة مع سياسيّ كبير يقول أمامي دائما إنّه يحترم قلمي ويقول ورائي دائما إنّي عديمة الخبرة السياسية، فسألني « كيف خطر لك أن تكتبي ذلك المقال » لعلّه كان يرجو إجابة تؤكّد له أنّ « النشاز » كان وليد صدفة من صدف القلم وتطمئنه إلى أنّ خبرتي السياسية منعدمة. فأجبته إنّ الأفكار الواردة في ذلك المقال خطرت ببال الكثيرين في السلطة والمعارضة بمن فيها هو ولكنّي عبّرت عنها.   لأنّي مجرد مواطنة لا حسابات لها خارج ما يصيب جميع المواطنين من خير أو شرّ بينما اختار هو وأشباهه الصمت لأنّ الحسابات السياسية الحزبية والبراغماتية السياسية كانت تقتضي ذلك أو هكذا ظنّوا.   بكلّ صدق أقول- وأقسم على ذلك بشرفي- إنّي أكره ذلك « النشاز » ولا أعتبر كتابتي له دليلا على أنّي أكثر ذكاء من غيري. وقد سجلت مواقف أخرى أكثر أهمية منه في اعتقادي لأنّها مواقف فعليّة مثل رفض حزب العمال الشيوعي الانخراط في نهج « التغيير » إذا ما استثنينا الخصومة بينه وبين الإسلاميين التي كانت تخدم النظام بشكل أو بآخر.   وأعتقد صادقة أنّ من أحبّوا مقالي المذكور والذي لم يفلح المنع في تغييبه عن القراء ومن اعتبروه نصّا « تاريخيا » لقد بالغوا بعض الشيء وألبسوني ثوبا يتسع عن شخصي.   لست أشعر أنّي « زرقاء اليمامة » ولا « حذامي » التي يجب دوما تصديق قولها ولا الكاهنة « طريفة » التي تنبأت لقومها بسيل العرم وتهدّم سدّ مأرب فلم يأبهوا لنذيرها إلاّ بعد فوات الأوان. ولكن وحتى لا أبخس نفسي حقّها أقول إنّ كتابتي اندرجت وتندرج إلى حدّ الآن في خانة كتابات من يغرّدون خارج السرب ولا يتبعون الجماعة في كلّ الأحوال لأنّ الجماعة ليست دائما على حقّ ولأنّ الحق كثيرا ما يكون في جانب الأقلّية.   اليوم أتلمّح مثل الكثيرين من غيري إرهاصات تغيير سياسيّ تبدو في الأفق.. وأظنّه أفق قريب كما سأبيّن في النصّ الموالي فيشعرني ذلك برغبة ملحّة في كتابة نصّ « تاريخي » آخر لن يكون مثل « النشاز » الذي أتشاءم منه أيّما تشاؤم بل سيختلف عنه اختلافا جوهريا من عدّة وجوه. أهمّها أنّه سيكون سابقا للتغيير فيحاول أن يكون فاعلا لا منفعلا وأنّه لن يكتب عن شخص بعينه فيتجنّب بذلك الاعتبارات الشخصية قدر الإمكان وهي كما نعرف هامّة في منطقتنا حيث تذوّت المواضيع وتفقد الأفكار قيمتها أمام الأنفار. والأهمّ من ذلك كلّه أنّ كاتبة هذا المقال اكتسبت بعض « الخبرة السياسية » التي قد تؤهّلها أكثر من ذي قبل لصياغة أفكار ومواقف أكثر نضجا وأقرب إلى الواقع. وهذا لا يعني بالضرورة تراجعا عن التغريد خارج السرب ولا ارتدادا إلى اتباع الجماعة اتباعا مطلقا.   لمن أكتب هذا المقال ولا من غاية ؟   بكلّ إيجاز أجيب الآن:   – لنفسي أوّلا وحتى أخرج معاني هذا المقال فأستريح من إلحاحها عليّ. فالكاتب يكتب ليتخفّف من حمل ما يستبدّ به من أفكار. – للقارئ- وليتني أستطيع أن أقول للشعب التونسي- عساه لا يتعجّل التصفيق للوعود بل يدّخره لتنفيذها. – لإخوتي وأخواتي في المجتمع المدني والأحزاب المعارضة غير الكرتونية عساهم يتصرّفون مع كلّ جديد قد يجدّ كمواطنين قبل أن يكونوا أحزابا وجمعيات. – لحاكم تونس الجديد إن كان –هذه المرة- يحسن القراءة ويريدها عساه يعي أنّ الوطن ليس ولن يكون ملكه وأنّ كلّ استحواذ على الأوطان بأيّ قوّة كانت ما هو إلاّ اغتصاب لا يهنأ به المغتصب طويلا ولا يصل به إلاّ مزابل التاريخ.   (ألقاكم قريبا في المقال الثاني من هذه السلسلة: نظام يحتضر وبلد ينتظر)   (المصدر: مجلة « كـلـمـة » الالكترونية التونسية، العدد 47 لشهر نوفمبر 2006) 

 

مبروك « لتونس »*عيدها الـ19

صـابر التونسي   سادتي في « تونس » بكل الغبطة والعرفان لكم، لمِا قدمتم لتونس وما أخذتم منها منذ أن توليتم عرشها في ذلك اليوم المشهود، أعاد الله أمثاله علينا بالخلاص والتمكين، أتوجه إليكم بالتهنئة في عيدكم السعيد عليكم، وهو بحقّ عيد لكم ولأحبابكم ولمن سار على دربكم، إنه بحق عيد « لتونس » المتمثلة فيكم فأنتم « تونس » و »تونس » أنتم! وهو عيد لكل « التوانسة » الأوفياء لوليّ النّعمة عليهم والنّقمة على أعدائهم وحُسّادهم!   إنّه لَيُسعد « تونس » أن تُطفئ الشمعة تلو الشمعة من عمر نظامها الجديد الذي لا يزيده تعاقب الأيام والسنين إلا جدّة ولمعانا وبريقا وإشراقا!!   إنه « سادتي » نظام عتيد يحمل بذور تجدده في سقطات معارضيه وتشرذمهم! وعصيّ شرطته ورصاص جنوده وأنياب كلابه! وهي مسائل معتمدة ومعترف بها دوليّا ولا ضير قي الإعتماد عليها ما اجتُنب الإفراط أو التفريط وما أبعدكم عن هذا أو ذاك!   إنّني وأنا أراجع حصيلة السنوات الماضية أجد في نفسي شعورا عمـيـيـيـيـيـقا بالرضى والإرتياح وأشعر بألم يعصر ضلوعي لأنني ككل المواطنين لم أُعِنكم ولم أقف إلى جانبكم بل وقفنا جميعا على الربوة متفرجين متواكلين وتركنا لكم أن تقوموا على أمورنا كلّها بدلا عنا، وقد بلغ بنا الكسل أن طلبنا منكم النّيابة عنّا في مَأكلنا ومَلبسنا والإدّخار لنا فنحن « سفهاء »** وأنتم الحكماء. وبما أن العيد للتّسامح والتّصافي فاعذرونا إن كلفناكم ما لا تطيقون أو تسببنا في إصابتكم بالتّخمة …أو أثقلنا ظهوركم بما تدخرون لنا من أموالنا!   لقد أغمضنا « سادتي » أعيننا يوم السابع من نوفمبر سنة 87 لنشعر بلذة السير في ركابكم اعتمادا على أعينكم   ونور أبصاركم فكانت بحق تجربة « ممتعة »! وبمناسبة الذكرى « السعيدة » هذه السنة (2006) فتحنا أعيننا لنكحلها بالإنجازات العظيمة التي تحققت لنا، فوجدنا عجبا، الخارطة السياسية تغيرت ملامحها ـ للأحسن طبعا ـ والوضع الإقتصادي لشعبنا قد تغير وعلامة تغيره الفتحات الظاهرة فيه مما يَسّرَ « لقلّة » منا أن تغرف منه دون قيد فكانت قفزات هائلة تلك التي قفزتها قلة « ذكية » من شعبنا في ظلّ رعايتكم وحمايتكم « سادتي »!   إن « علاّمتنا » الراحل، و »مجتهد » عصرنا، المجاهد الأكبر ظل 33 سنة يرسم الخطوط العريضة ويبني حجر الأساس للّحاق بركب الأمم المتقدمة! ولما حملتم المشعل عنه وقدتم سفينتنا وخضتم بنا عباب معركة النهوض، نافسنا سويسرا في اقتصادها وجمالها فبنيتم على أرضنا ـ من شمالها إلى جنوبها ـ جبالا حمراء قانية حُمرة الدم تُضاهي في « جمالها » جبال سويسرا الخضراء! وفُزنا على كثير من كبريات الدول الإقتصادية وكان ذلك « شهادة لتونس بن عليّ » ولا فخر!! وإن كان يحق لنا أن نفخر ونشعل البخور وعين الحسود فيها عود!!   وكما أن « تونس » مُمتنة لزعيمها الراحل عارفة لفضله فهي كذلك أو أشد مع زعيمها الحالي، وإننا بهذه المناسبة « السعيدة » ندعو الله « سيدي » أن لا ينتزعكم من بيننا حتى يأتي عليكم ما أتى على سلفكم وتشهدون ما شهد وتكرّمون في آخر حياتكم كما كُرّم!!   امض يا « تونس » في نهجك لا تلتفتي للوراء ولا تقفي للتّقييم ـ فهو من أعمال الفاشلين ـ ! لا تعبئي بمن سعى ليجعل عيدك يوما موشّحا بالسواد لأنه رأى فيه ذكرى يوم أسود على تونس وتاريخها!!   لا يهم أن يُوشح الشعب « الجاهل » نفسه بالسواد أو يطلي نفسه بالقطران مادام على خطأ! ولا يعرف مصلحته. لو كان هذا الشعب يعرف مصلحته لكان الله كلفه القيام على شؤونه بنفسه ولم يُلق عليكم عبء تكاليفه!   إن الشعوب عادة لا تعرف عِظمَ الحِمل ولا تقدر حجم المسؤولية وعناء تحملها! لذلك يحلو لها من حين لآخر أن ترفع أصواتها معارضة لغاية المعارضة أو تهرج وتحاول أن تتفلت من قبضة من لا يريد لها إلا « الخير »!   لا تعبأ « سيدي » كثيرا لأمر تونس، فلتونس رب يحميها من الضياع وهي غالية على قلوب أبنائها!   ولكن لا تُهمل أمرك ولا تَدعْ المسؤولية لغيرك، لأنك إن فعلت غَرَقَتْ « تونس » فهي بحاجة إليك حاجة السفينة « لقرصانها » ولا بقاء لها من غيرك، وهي بك متمسكة وعليك بالنواجذ عاضة!   لا يهم إن تقدم بكم عمر أو أنهككم المرض فذلك من طبيعة البشر ـ وإن كنتم عن البشر مختلفين ـ لذلك مهما شختم فلن تشيخ عقولكم بل تزداد حكمة وخبرة ونضجا وهو ما تحتاجه منكم « تونس » في سنينها القادمة!!   وما عدا ذلك فمقدور عليه وستجد من جنودك من يسهر على راحتكم ويقوم بكل مهامّكم، وخادمك قنـزع ينتظر أن يُكلّف بالمهمة الخاصة لديكم بعد أن أُعفي من القيام على الشؤون العامة! وهو يتشرف أن يحظى بمهمة بلحسين لدى الزعيم الراحل!   بعدها لا يهم إن كتب الشعب على جدران قصوركم 26/ 26، أو « شِدّوا العصابة النّهابة »، أو غــنى:   « ياتونس واشبيك حزينة »! فشعبنا مسكين آذانه مفتوحة ويسمع لكل صارخ والحل أن نُكمّم كل الأفواه التي تصرخ، أو يُنتظر أن ترفع صوتها يوما ما! وأحسب أن تلك المهمة أولى أولويات العشرية القادمة!   وهي مهمة تهون لأجلها العلاقات والأعراف!   بعد ذلك ثق « سيدي » أن شعب تونس سيغني يوما ما « يا تونس ماحلاك فرحانة » و »فرحانين، فرحانين، إنشاء الله ديمة فرحانين »   جعل الله ما تبقى من أيامكم أعيادا لشعب تونس ومسّرات! وكل عيد وتونس بخير ــــــــــــــــــــــ   * »تـونس » = السلطة / تونس = تونسنا جميعا   ** السفيه = الذي لا يحسن التصرف في المال   (المصدر: مجلة « كـلـمـة » الالكترونية التونسية، العدد 47 لشهر نوفمبر 2006) 


بسم الله الرحمن الرحيم

خدعة المنشور 108

مخالفة صريحة للدّستور والقانون!!

محمد الهادي بن مصطفى الزمزمي

إنّنا مع اعتراضنا المبدئي والشرعي على سنّ المنشور 108 وتطبيق ما جاء به من حظر اللباس النسائي الشرعي، واعتقادنا بأنّ هذا المنشور قد استحلّ من الدّين ما حرّمه الله تعالى، وأنه يَحرُم شرعا على كلّ مسؤول في أيّة إدارة تونسية أو مؤسّسة خاصّة أو عمومية – إن كان مسلما يؤمن بالله واليوم الآخر – أن يسعى قي تنفيذه – تحت أيّ ذريعة – لكون ذلك من قبيل السعي في إشاعة الفاحشة في المجتمع. وقد توعّد الله سبحانه فاعل ذلك بالعذاب الأليم في الدارين حيث قال تعالى { إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُون َ} [النور:19] كما يحرم على كلّ امرأة أو فتاة مسلمة الإذعان لهذا المنشور أو القبول به! بل يجب – شرعا – على جميع التونسيّين – رجالا ونساء – مقاومته ورفضه والعمل على إلغائه ونسخه ومحوه.

ومع مخالفة المنشور 108 الصّريحة للشرع الإسلامي، فهو مخالف كذلك للدستور التونسي نفسه الذي نصّ الفصل الخامس منه على أن  » الجمهورية التونسية تضمن حُرمة الفرد وحرية المعتقَد وتحمي حرية القيام بالشعائر الدينية ما لم تخلّ بالأمن العام  » . ومعلوم أنّ فيما جاء به المنشور 108 من منع النساء اللباسَ الشرعي انتهاكا صريحا لحُرمة الفرد، واعتداء على حرية المعتقد وتعطيلا لشعيرة من شعائر الدين الإسلامي المتمثلة في لباس المرأة المسلمة. كما أن المنشور 108 مخالف للقانون التونسي نفسه! ومناقض للمبادئ القانونية والدستورية، باعتبار أن القانون في تونس لا يمنع ارتداء أيّ نوع من أنواع اللباس إلا ما كان منافيًا للحياء. إنّ (المنشور:circulaire ) في حقيقته إجراء ترتيبي داخلي، صادر عن سلطة تنفيذية؛ فليس له بصفته تلك قوّة القانون الذي يصدر عن السلطة التشريعية، إذ يضع القانونُ التونسي المنشورَ في أدنى درجة من درجات السُّلّم التفاضلي للقواعد القانونية؛ لكونه مجرّد توصية أو مذكرة، ويسمّى في بلاد المشرق (التعميم) الذي يعمّم على موظفي الدائرة المعنية، من أجل تذكيرهم بشيء ما، أو تنبيههم إلى أمر ما ممّا يتعلّق بنظام عملهم في تلك الدائرة. مثلما هو حال المنشور108 المخصوص بقطاع المؤسسات العمومية والمدارس دون سوها، وهذا نصه: المنشور 108 صيانة الزي والعناية بالمظهر والهندام في الإدارات والمدارس مظاهر الأعوان والإدارات والمؤسّسات العامة إنّ من واجبات العون سواء بالإدارة أو بالمؤسسات العموميّة ومن الجنسين دوام التحلّي بالمظهر الّلائق الّذي يحفظ له احترامه، وللإدارة هيبتها سيما وأنّه يحمل أمانة تمثيل الدّولة في مستواه وفي أيّ مجال من مجالات العمل العمومي لذا وبوحي من تعليمات فخامة رئيس الجمهوريّة القاضية بصيانة الإدارة ضدّ ألوان التسيّب والإنحراف عن جادّة السّبيل يتعيّن الحرص على أن يبدو العون خلال عمله وفي علاقاته العامّة بالمظهر المشرّف ومنه الهندام السّويّ الّذي يجب أن يوحي بالجديّة بعيدا عن أيّ شكل من أشكال الإثارة وجلب الإنتباه. وإذْ تتجه هذه الدّعوة إلى الأعوان من الجنسين فإنها تحمل إلى العنصر النسائيّ بالذّات خطاب حرص وتأكيد على أن تظلّ المواطنة العاملة في مستوى الصّورة المشرّفة الّتي أرادها لها محررها الرّئيس الحبيب بورقيبة. وفي نفس السياق يجدر التنبيه إلى ظاهرة أخرى تتمثل في الخروج عن تقاليدنا الهنداميّة المتعارفة لدى العموم وفي البروز بلحاف يكاد يكتسي صبغة الزيّ الطائفيّ المنافي لروح العصر وسنّة التطوّر السّليم والتعبير من خلال ذلك عن سلوك شاذّ يتنافى مع ما يفرضه قانون الوظيفة العموميّة من واجب التحفظ وعدم التفرد والتميز عن عموم المواطنين واعتبارا لما تقدّم فالمرغوب من السّادة الوزراء وكتّاب الدّولة توجيه التعليمات اللاّزمة إلى المصالح الإداريّة والمؤسّسات العموميّة الرّاجعة إليهم بالنظر كي يحافظ الأعوان على اللّياقة المفروضة واتّخاذ ما يلزم من الإجراءات لتنفيذ توصيات رئيس الدّولة  » . والسلام. الإمضاء الوزير الأول : محمد مزالي كما أصدر وزير التعليم المنشور نفسه في خصوص آداب الدّراسة هذا نصه: هندام التلميذ  » إن آداب الدّراسة تقتضي أن يلتزم التلميذ أو التلميذة بالمدرسة إلى جانب الإستقامة في السلوك اللياقة في الهندام وقد ورد بذلك القانون المدرسيّ وخوّل للمسؤولين عن المعاهد التعليميّة مهمّة السّهر على تطبيق هذه التراتيب إلاّ أنه لوحظ أخيرا أن بعض التلميذات والتلاميذ خرق هذه التراتيب فيأتون إلى المعاهد في هندام يتضارب وأبسط قواعد اللياقة والذّوق السليم. وفي نفس السياق فقد لوحظ بروز ظاهرة أخرى تتميز في الخروج عن تقاليدنا في اللّباس وذلك بالتجاء بعضهنّ إلى التحاف زي يكاد يكتسي صبغة اللّباس الطائفي المنافي لروح العصر والتطور السليم ولئن ادّعى هذا الزيّ لنفسه الإحتشام فإنه يرمز لا محالة إلى ضرب من الشذوذ والإنتساب إلى مظهر متطرف هدام وهو يتعارض مع ما دعا إليه المجاهد الأكبر فخامة الرّئيس الحبيب بورقيبة في الخطاب الّذي ألقاه في شهر جوان بمناسبة يوم العلم من ضرورة تحييد معاهد التعليم وإبعادها عن كافة التيارات السياسيّة وتبعا لذلك وحفاظا على سمعة معاهدنا وأبنائنا وبناتنا فإنني أهيب بجميع رؤساء المعاهد ورئيساتها أن يحرصوا على تطبيق التراتيب المشار إليها بما ينبغي من الجدّ والحزم وأن لا يقبلوا من يتعمد مخالفتها  » . وزير التربية القوميّة : محمد فرج الشاذلي هكذا تبيّن لك أخي القارئ بجلاء انحصار مفعول المنشور 108 في قطاعي الوظيفة العمومية والدوائر المدرسية. فلم يكن موجّها لكافّة قطاعات المجتمع التونسي، ولا لعموم أهالي تونس. ذلك لإنّ من طبيعة المنشور أن ينحصر سريان مفعوله داخل الدائرة الموجّه إليها من قِبَلِ سلطة الإشراف، فلا يتعدّاها إلى غيرها من الدوائر أو الأفراد أو الهيئات. وإذا تقرر انحصار مفعول المنشور داخل نطاق الدائرة أو المؤسّسة العمومية المختصّ بها، فإنّ ما تقوم به الحكومة التونسية اليوم من تعميم العمل بهذا المنشور في البلاد التونسية كلّها، بما في ذلك المؤسّسات الخاصّة، والشوارع والساحات العامّة، هو إجراء مصادم لمبادئ الدستور ومخالف للقانون، وهو الأمر المعروف في اصطلاح القانون الإداري ب(تجاوز للسلطة) كما أن إلزام عموم الأهالي – من غير الموظّفين العموميّين، وطلاّب المدارس – به، هو إلزام لهم بما ليس يلزمهم، ويعدّ في حكم القانون (تعسّفا في السلطة). وكلّ تجاوز في السلطة أو تعسّف في استعمالها إجراءٌ باطل – قانونا – يستوجب – قانونا – الإلغاء من قِبل القضاء الإداري. ولمّا كان المنشور بحكم تدنّي مترتبته وانحصار أثره مجرّدَ إجراء ترتيبيّ داخلي؛ فليس له بهذا الاعتبار ما للدستور أو الأمر أو القانون من الصبغة الإلزامية! وليس أدلّ على عدم إلزامية المنشور للنّاس خارج النّطاق الإداري المعني به، وعدم شرعية فرضه عليهم؛ من عجز الحكومة التونسية عن مقاضاة المخالفين له لدى المحاكم! فلو كانت مخالفة هذا المنشور جريمةً مُوجبةً للعقاب، لما توانت الحكومة ممثَّلةَ بالنيابة العمومية في إحالة المخالفين له على القضاء. ولمّا لم يكن بوسع الحكومة ولا النيابة العمومية مقاضاة المخالفين للمنشور لدى المحاكم، نظرا لافتقار المنشور للصّفة القانونية؛ فقد جنحت إلى توخّي إجراءات التخويف والترهيب، واصطناع خدعة كاذبة تتمثل في إلزام المحجَّبات وأولياء الطالبات بإمضاء (التزام)! لحملهنّ قسرا على الخضوع والإذعان لهذا المنشور. إنّ خدعة إمضاء الالتزامات ما هي إلاّ حيلة شيطانية! جنحت إليها الحكومة التونسية وأعوانُها لترهيب الأهالي، وزرع الخوف في نفوسهم، وإيهامهم بأنّ مخالفة المرأة أو الطالبة للالتزام بعد إمضائها أو إمضاء وليّها عليه، يضعها تحت طائلة التتبعات القانونية والعقوبة الجزائية! بما يهوّن عزمها في التمسّك بلباسها الشرعي مخافة العقاب! فبهذه الحيلة تحقّق الحكومة إرادتها في منع اللباس الشرعي بطريق التخويف والترهيب. وبناء على ما تقدم فإن ممّا ينبغي على أهالي تونس معرفته أن هذا (الالتزام) بعدم العَوْدِ إلى ارتداء اللباس الشرعي الموقّّع لدى الشرطة من قِبل المرأة أو الفتاة أو وليّها، هو التزام باطل، فلا يُعتدّ به – قانونا – ولا قيمة له ولا عمل عليه. إذ لا يفرض القانون ذاتُه – فضلا عن المنشور- على أحدٍ توقيع التزامٍ بعدم مخالفته، فإنّ في القانون من الزجر ما يغني عن إلزام الناس بعدم المخالفة. فلو افترضنا – جدَلا – أن الدّستور أو القانون أوجب على الناس توقيع التزامات في مراكز الشرطة بعدم مخالفة كلّ قانون أو قرار يُنشر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية، أو منشور يعمّم في مؤسّسة من مؤسساتها العمومية، لكان واجبا على جميع أهالي تونس أن يظلّوا في غدوّ ورواح كلّ يوم على جميع مراكز الشرطة – هذا إن لم يستوطنوها على مدار الليل والنهار – عاكفين فيها على توقيع آلاف الالتزامات! وإمضاء آلاف التعهّدات! وفي ذلك من الحرج والفساد وظُلم العباد وخراب العمران والبلاد، وتعطّل المصالح وضياع العمر ما لا يخفى! فإذن ما وجه إلزام الناس بإمضاء هذا الالتزام بمراكز الشُّرَطِ لو كان للمنشور صفة قانونية أو صبغة إلزامية؟! ولمّا لم يكن للمنشور ما للقانون من صبغة إلزامية عدا الجوانب الترتيبية والتنظيمة المضمَّنة بالمنشور، فقد كان الإهمال مصير آلاف مؤلّفة من المناشير الإدارية؛ إذ نرى أغلب الموظّفين في مختلف الدوائر بما في ذلك الجهات القائمة بإصدار المناشير وتعميمها، يُهملون – عادة – العمل بها، وبما تتضمّنه من توصيات، ضاربين بها عرض الحائط، وهو ما يحمل المسؤولين فيها على إعادة تعميم المناشير والتذكير بها من حين لآخر بعد أن تكون قد عدت عليها عوادي النسيان والإهمال. فما السرّ يا ترى في اكتساب المنشور 108 – على دناءة مرتبته ووهن قدره وانحصار أثره – كلّ هذه القداسة حتى تجنّدت الدّولة التونسية بقَضِّها وقضيضها وحدِّها وحديدها! لتنفيذ توصيات هذا المنشور الخاصّ بالدوائر العمومية والمدرسية لتعميم بليّته على المجتمع التونسي كله؟! فهل كلّ فتيات تونس ونسائها – بمن فيهن العواجز – تلميات بالمدارس أو جميعهنّ منخرطات في سلك الوظيفة العمومية حتى يشملهنّ العمل بتوصيات المنشور 108 النحس الخاصّ بقطاعي المؤسسات العمومية والمدرسية؟! إن المنشور 108 في أصله مخالفة صريحة للشرع والدستور والقانون، كما إن توسيع دائرة تطبيقه على المجتمع التونسي كله مخالفة أخرى للشرع والدستور والقانون. وعلى هذا فإنّ ما تقوم به الحكومة التونسية وأعوانها من مطاردة المُتَصَوِّنَاتِ من النساء والفتيات لاستكراههنّ على نزع الخُمر عن رؤوسهنّ، أو حرمانهنّ من حقوقهنّ الشرعية والطبيعية، ظلم فظيع وعدوان شنيع، وسلوك همجي وعمل إجرامي ليس له أيّ صبغة شرعية ولا صفة دستورية أو قانونية؛ بل هو في حكم القانون الجزائي عمل إرهابيّ رسمي ترتكبه الحكومة التونسية ضدّ الأهالي، وهو ما يخوّل لهم حقّ الدفاع الشرعي! عملا بقوله تعالى { وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ } [الشورى: 41 . 42] . وبناء على هذا فإننا نهيب بجميع أهالي تونس – نساء ورجالا – مقاومة هذا المنشور والامتناع عن توقيع أيّ التزام يفرض عليهم الخضوع لمقتضياته لكونه من قبيل الإلزام بما لا يلزم! وهو أمر غير دستوري وغير قانوني. وحتى إذا استُكره أحد على إمضاء الالتزام قهرًا؛ فلا يلزمه التقيّد بهذا الالتزام لكونه التزاما باطلا. وكلّ ما بُني على باطل، فهو باطل، كما تقول القاعدة الفقهية والقانونية. فعلى أهالي تونس إذن الثبات ومناصرة العفائف في التمسّك بحقهنّ الشرعي في مواجهة هذه الاجراءات التعسفية، والعمل على إسقاط خدعة المنشور 108 وسواه من المناشير المخالفة صراحة للدستور والقانون. كتبه فقير ربّه: محمد الهادي بن مصطفى الزمزمي

(المصدر: موقع الحوار.نت بتاريخ 9 نوفمبر 2006)

 

كنا ننتظر…!؟
برهان الأسد

كنا ننتظر في الذكرى التاسعة عشر لتحوله من وزير إلى رئيس أن يعلن بن علي:
–         أن يعلن محاربته للفساد والمحسوبية و الانتهازية و……… –         أن يعلن الفصل بين السلط التنفيذية, والتشريعية, والقضائية. –         أن يعلن عن حرية المرأة في اختيار لباسها وتتبع ومعاقبة كل من ينتهك حرمتها. –         أن يعلن العفو التشريعي العام, إفراغ السجون من سجناء الرأي ودعوة من في المنفى للعودة. –         أن يعلن عن مصالحة وطنية مع كافة الأحزاب والهيئات والجمعيات وخاصة المحضورة منها. –         أن يعلن عن حرية التعبير والتنّظيم والتظاهر والتنظّم.
——انتظرنا وننتظر وسننتظر—————- انتظرنا أن يكون خطاب الذكرى حدثا تاريخيا قبل الرحيل لكن   » لا ينفع العقار في ما أفسده الدهر »

 


العنوان: المتساقطون في معركة الحجاب

عارف المعالج – نقابي جامعي
إن المطلع على المقالين الصادرين في العدد 378 من جريدة الموقف بتاريخ 20 أكتوبر2006 للسيد الطاهر بن حسين و السيدة سارة دودش من جمعية النساء الديمقراطيات يؤكد إصرار بعض الأطراف من اليسار على سياسة المغالطة ولي العنق عند تناولهم للقضايا التي قد يختلفون فيها مع الحركة الإسلامية فبالرغم من أن ما ورد في المقالين يوحي بموقف يتظاهر بالرفض المبدئي للأسلوب  القمعي والمتعسف المعتمد في مقاومة ظاهرة الحجاب إلا أنهما يطالبان ضمنيا أو صراحة  بمصادرة حق المرأة المحافظة باختيار الزى الذي تؤمن به و ترتضيه لنفسها كما سيتضح لاحقا… فكيف ندعي بان للمرأة الحق في ذلك في نفس الوقت الذي نكيل لها كل التهم المتشنجة والمهينة للكرامة من تخلف و رجعية  و دونية لمجرد اختلافنا معها في نوع اللباس الذي تختاره لنفسها بعيدا عن النقد العلمي والحوار الهادئ، ولماذا يصر البعض على استبلاه القارئ تماما كما تدعي السلطة وتتهرب من التناول الموضوعي للظاهرة و يكرر معها بأن الإسلام لم يفرض نوعا خاصا من الحجاب، فمن ادعى يوما ذلك أم أن ذلك الأسلوب هو من متطلبات المغالطة في الوقت الذي تفرض فيه السلطة نفسها نوعا معينا وترفض أنواعا أخرى، و أما أن نربط عودة الحجاب والتدين بصفة عامة بأسباب نفسية و نعتبره انعكاسا لأزمات نفسية وهروبا من واقع الحيف و احتجابا عن المشاكل الحقيقية التي تعيشها المرأة خصوصا والمجتمع عموما فهذا لا يخرج من إطار مقولة الدين أفيون الشعوب التي آمن  بها العديد من  الرفاق وفنده واقع الحال الذي كاد ينحصر فيه العمل النضالي الفعلي ضد الامبريالية والصهيونية والرجعية العربية على حاملي المشروع الإسلامي وهي مقولة على ما يبدو  تم الالتجاء  لتسويقها مرة أخرى بأسلوب آخر حتى ولو تطلب الأمر تقمص التقية السياسية و الانتصاب لإصدار الفتاوى أو الانتصار والترويج للآراء  الشاذة والمشبوهة وقد وصل الحد بالبعض منهم إلى ربط ظاهرة الحجاب بعجز المرأة عن مواجهة مشاغل الدنيا فلم يبقى لها إلا الآخرة وهو كلام مبطن وغير مفهوم ومجرد من أي منطق عقلاني أو علمي كما تقمص البعض الآخر دور المفسر للترويج –خلافا لما أجمع عليه علماء الأمة منذ 14 قرنا-  بأن آية الحجاب خاصة بنساء الرسول عليه السلام دون غيرهم في حين اعتبر آخر بأن الحجاب لباس للعبيد للتفريق بينهم وبين الحرائر من النساء و أما الأشد تطرفا فقد استقر اجتهاده على أن الحجاب هو لباس المومسات لإخفاء هويتهن وهو يعلم قبل غيره انتشار الظاهرة في كل العائلات التونسية الشريفة بما في ذلك قطعا امتداداته العائلية، فهل يتصور هؤلاء بأنه يمكن بتناولهم المتشنج والمستفز للموضوع أن يخدموا أهدافهم بثني المجتمع عن التمسك باختيار ما يراه ملائما لنفسه للحشمة والعفة وهو أمر في منتهى الخصوصية والحرية الشخصية.
و أما فيما يتعلق بالجانب السياسي من الموضوع فكيف يمكن أن تتهم الحركة الإسلامية بأنها ركبت الموجة لتوظيف الظاهرة لفائدتها فهل ينتظر السيد بن حسين من أبناء الحركة الإسلامية أن يبقوا متفرجين على هذا الاعتداء الصارخ على حرية المرأة حتى لا تتهم بذلك، أي منطق يفرض عليها الحياد في مسألة ترى أن لها فيه موقفا مبدئيا مدنيا قبل أن يكون شرعيا… و إذا سكت الإسلاميون و أمسكوا عن الدفاع عن حق المرأة التونسية في اختيار لباسها خوفا من اتهامها الجائر بذلك فهل ستبادر هذه الطائفة اليسارية وتجد نفسها مضطرة للإدلاء برأيها في هذه القضية الحقوقية أم تكرر نفس سيناريو البيان الذي أصدرته منذ سنوات جمعية النساء الديمقراطيات بمشاركة أطراف أخرى نعدل عن ذكرها دفعا  للحرج ودرءا للفتنة (الطائفية) – عندما أسكتت الأصوات الإسلامية – و الذي عبرت فيه عن قلقها من عودة ظاهرة الحجاب وأوحت إلى السلطة بضرورة اتخاذ الإجراءات الضرورية لمحاصرتها.  أي حوار هذا الذي نريده مع الإسلاميين أهو الذي يمنع عنهم –درءا للشبهات والاتهامات- الإدلاء بآرائهم في قضايا المجتمع التونسي المسلم و المدافعة عن حقه في ممارسة شعائره بكل حرية و بدون تدخل من السلطة التنفيذية.
وأما المغالطة الكبرى فتتمثل في أن يصل التخبط في تحليل ظاهرة حجاب فتيات المدارس الإعدادية وردود الفعل عليها أن يحط رحال تحليل السيد بن حسين في مجازر الجزائر وهو الذي اعتبر في البداية أن الظاهرة اجتماعية و لا يجب توظيفها لجني مكاسب سياسية، وهو بالمناسبة يعلم قبل غيره أن الملف الجزائري طوته الحكومة الجزائرية بدون متابعة وبعد إقالة وإبعاد القيادات الأمنية  حتى لا يفتضح دور الأطراف الاستئصالية النافذة في السلطة آنذاك في ما ارتكب من فضائع…إن هذه الحقائق تؤكد أن الدفاع الظاهري لبعض الأطراف عن حق المرأة في اختيار لباسها هو من باب التقية السياسية و ركوب موجة الرفض الشعبي لهذه الممارسات ومسايرة مكرهة لدفاع المجتمع عن حقه في ممارسة شعائر دينه بدون تدخل أي كان ولرفضه لسياسة تجفيف المنابع  التي انتهجتها السلطة بمشاركة و مساهمة أطياف معروفة  من اليسار  وذلك حتى لا تجد نفسها مرة أخرى في تيار يسير في اتجاه معاكس لتيار المجتمع …
لقد كرس مقال بن حسين نفس العقلية الاقصائية برغم محاولته التستر وراء ورقة توت الخريف فقوله « إن مبدأ المساواة و المواطنة يفرض علينا رفض الحجاب » يتناقض ويتناسى شعارات الحرية الشخصية التي رفعها آنفا في مقاله وأما دعوته لاحقا للسلطة بالاستمرار في منهجها بمنع التونسيات اللاتي اخترن لأنفسهن لباسا يرضي ضمائرهن حين قال « من حق السلطة القائمة بتنظيم مؤسسات الدولة و إن تفرض ضوابط في المؤسسات العامة .. » وذلك بعد إن سمح لهن مشكورا وبامتنان لباس الزي الذي سماه طائفيا  في الطريق العام فقط … وأما اللاتي يرفضن نزع حجابهن ويرفضن الامتثال للضوابط التي تضعها السلطة القائمة فليمنعن من المؤسسات التعليمية و من الخدمات الصحية ومن دخول كل المؤسسات العامة بتزكية ومباركة من بن حسين حتى لو أدى الأمر إلى أن تضع الحامل مولودها أمام المستشفى ما دام الأمر يتطلب هذا الحد من الحسم لتنظيم مؤسسات الدولة.
انه المأزق الذي تعيشه بعض طوائف اليسار التي تجد نفسها محصورة في عنق زجاجة المتناقضات كلما حاولت درء الشبهات عن نفسها  بالرغم من انه لم يهتم بها ولم يتهمها أحد، فمتى يدرك هؤلاء الذين يحسبون كل صيحة عليهم أن الخلاف يجب أن يرتقي ويبقى فكريا و ثقافيا بعيدا عن الاستفزاز والمهاترات والعصا الغليظة  وأن كل خلاف لا يمكن أن تحسمه إلا حجة المنطق و منطق الحجة و شعب تونس أهل للحسم بدون وصاية أو تحقير أو اتهام بالدونية و التخلف.

امرأتنا… في الحقل السياسي (2/3)

الجزء الثاني : المرأة والأهلية المفقودة

 

د. خالد الطراولي

ktraouli@yahoo.fr

لقد غلب على العلماء تحفظهم على أهلية المرأة لممارسة العمل السياسي ناخبة ومنتخبة ورأوا نقصها مقرونا بجنسها، واعتبروه تخفيفا من الشارع في عدم تكليفهن بذلك. وقد استندوا في هذا إلى مجموعة من الأدلة الشرعية والمفاهيم التي انجرت عنها، نذكر منها :

 

1/  القــوامـــة :

 

وذلك حسب الآية الكريمة  » الرجال قوّامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم » [النساء 34]. فلقد اعتبر بعضهم أن الآية حصرت القوامة في يد الرجل وأن على المرأة التفرغ لبيتها وأولادها، يقول المودودي :  » فالسياسة والحكم خارجان عن دائرة أعمال المرأة « [[1]]. ورأى آخرون عدم أهليتها في الولايات العامة، حيث لا يعقل تسلطها على الرجل وقيادتها له وأن تكون رئيسة له في العمل. وذهب فريق ثالث إلى أن القوامة المذكورة هي للرجل في بيته وداخل أسرته وهي تكليف قبل أن تكون تشريفا وتضحية قبل أن تكون وجاهة[[2]].

 

وترى هبة رؤوف  » أن التفضيل يسري على الطرفين  » بما فضل بعضكم على بعض » أي أنه يُفهم في إطار التمايز بين خصائص الرجولة والأنوثة، وتبقى التقوى هي معيار التفاضل في الميزان الإيماني.. ودرجة القوامة لم تقم على أساس التطبيق العملي والكسبي، فالمراد بالتفضيل زيادة نسبة الصلاح في الرجل من جهة الرئاسة للأسرة عن صلاح المرأة لها، فهي صالحة وهو أصلح، والمصلحة تقتضي تقديم الأصلح، وهو ما لا يُعَدّ طعنا في صلاحية المرأة وذاتيتها »[[3]] بدليل أنه يُسمح لها برعاية أبنائها والاسترزاق لهم إذا غاب الزوج وضعف العون.

 

2/  نقصـان العقــل :

 

 روى البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : » يا معشر النساء تصدقن فإنني أُريتكن أكثر أهل النار، فقلن: وبم يا رسول الله؟ قال: تكثرن اللعن وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للبّ الرجل الحازم من إحداكن، قلن: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال: أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل؟ قلن: بلى. قال فذلك من نقصان عقلها. أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟ قلن: بلى، قال فذلك من نقصان دينها. « (البخاري).

وقد رد بعضهم[[4]] على هذا بأن هناك خلطا في مستويات الأهلية وفي نوعية النقص وقع فيه الكثير دون دراية. فهناك أهلية عامة لكافة المسلمين ذكورا وإناثا كالبيعة والجهاد، وأهلية خاصة كالولايات وهي توجب قدرة فطرية ولها جوانب كسبية. أما النقص فمنه الفطري كالسفه والجنون وهو لا يطال النساء فقط، و هناك النوعي وهو إما أن يكون نقصا عرضيا يطرأ على الفطرة مؤقتا كالحيض والنفاس وهو لا يخل بهذه الأهلية، أو طويل المدى كالحمل والولادة وهو نقص يمكن تداركه باستثارة الوعي، خاصة ونحن في عصر المعلومات وسهولة الحصول عليها. وقد حرص الرسول الكريم في هذا المجال على تخصيص يوم للنساء لتوعيتهن، كما سمح لهن بحضور التظاهرات الكبرى كصلاة العيدين حيث تعالَج القضايا الهامة للأمة، ولم يمنعهن من ارتياد المساجد وهي منابر العبادة والعلم والتوعية.

 

وقد لوحظ أن العهد النبوي تلته مباشرة ردّة في علاقة المرأة بالمسجد حيث رفض البعض ارتيادهن! ولعل التخبط الذي عاشه الحقل السياسي والفتن والانحرافات التي مسته جعل دور المرأة ينهار تماما بعدما غاب الفقه السياسي كلية عن مجال التنظير والفعل. كما أن ارتباط المسجد بالتوعية السياسية والعقائدية وكمؤسسة لتوعية الفرد والجماعة وقطع صلة المرأة به، ساهم بشكل حاسم في هذا الانحسار السياسي وفي غياب المرأة أجيالا وقرونا عن هذا النشاط.  ولهذا فإن النقص الذي عناه الحديث هو النقص النوعي الذي يمكن تجاوزه، وإلا لماذا أجمع العلماء على صحة قبول رواية المرأة رغم تعثرهم في قبول شهادتها، وروايتها جزء من تكوّن الشريعة، ونقصها من شأنه إضاعتها.

 

كما تظهر هذه الأهلية السياسية في قبول الرسول الكريم إجارة المرأة وأمانها وهي قضية سياسية خطيرة تهم أمن الدولة وسلامتها وتتطلب الحذر والتثبت والاستثاق، وقبول الإسلام بذلك هو عربون وفاء للمرأة واعتراف بكفاءتها. فقد أجارت أم هانئ بنت أبي طالب عام الفتح أسيرين من أقربائها، فيجير الرسول جوارها ويقول: قد أجرنا من أجرت وأمنّا من أمّنت. كما أجاز عليه السلام جوار ابنته زينب لزوجها وأمّنه.

 

3/ القيـــادة :

 

عن أبي بكرة أنه لما بلغ رسول الله أن فارسا ملكوا ابنة كسرى قال: » لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة « . وقد اختلفت الآراء حوله، فمن المعاصرين من رفضه مثل فاطمة المرنيسي التي طعنت في أبي بكرة مستشهدة بتاريخه المشتبه فيه[[5]]، و في المقابل جعل المودودي الحديث شاملا لكل النساء، أما عبد الحليم شقة ف  » إنما يعني الولاية العامة على الأمة كلها أي رئاسة الدولة كما تدل عليه كلمة (أمرهم) فإنها تعني أمر قيادتهم ورياستهم العامة « [[6]]، وهو رأي الشيخ راشد الغنوشي « أما بعض الأمر فلا مانع أن تكون للمرأة ولاية فيه، مثل الفتوى أو الاجتهاد أو التعليم أو الرواية.. »[[7]] وهو موقف ابن حزم الذي يرى الحديث مقصورا على الخلافة العظمى.

 

وقد يبدو أن الحديث يمثل وصفا للأوضاع القائمة وإخبارا بأحوالها وهو بالتالي خاص بفارس ولا يتعداها. وهو ما ذهب إليه محمد الغزالي رحمه الله حيث يتساءل كيف يلتقي هذا مع ما كان رسول الله يقرأه في مكة من سورة النمل وفيها قصة ملكة سبأ التي قادت قومها إلى الإيمان والفلاح والنجاة في الدنيا والآخرة بحكمتها وذكائها[[8]].

 

4/ المصلحة وسد الذرائع :

لقد رأى كثيرون في دخول المرأة عالم السياسة تأثيرا سلبيا على واقع الأسرة وتماسكها مما يجعل المصلحة في قرارها في بيتها[[9]]، رغم أن دخولها هذا يأتي في باب التكليف حسب الوسع و القدرة وليس على حساب سلامة العائلة واستقرارها. كما تعللوا أيضا بسد الذرائع حيث تستلزم السياسة الاختلاط والبروز مما ينجر عنه الوقوع في الفتنة والإثم. ولعله الباب الذي على عتبته ذُبحت المرأة سياسيا وحتى اجتماعيا، وهو الشعار الذي غلب على فقهاء الفترات المتأخرة من تاريخنا[[10]] والذي يبدو أن بعض الحركات المعاصرة قد جعلته مبدأ ثابتا غير قابل للاجتهاد والتحوير.

 

وسد الذرائع من مصادر التشريع الإسلامي الذي اصطحب الأمة في تاريخها ولا استغناء لها عنه في حاضرها ومستقبلها كبقية المصادر الأخرى من استصحاب ومصالح مرسلة وغيرها. أما مؤداه فهو ما يفضي إلى حرام فهو حرام وهذا يجعل وجود معصية قائمة وأخرى مضافة، وهذه العلاقة تتشكل حسب فهم الواقع مما يجعل سد الذرائع مصدرا متعديا يعيش الواقع ويفهم تجدده وتغيره، فذريعة الماضي يمكن أن تنسحب إذا تداعت أسبابها وشروطها وتغيرت أوضاع الناس وحالة المجتمع، وبالتالي يبطل حكمها. ولعل العمل السياسي قد اتخذ له هذا المنحى لرفضه للاختلاط الموجب للفتنة ولارتكاب المعاصي[[11]].

 

و نحن نعجب لهذا الغلوّ خاصة وأن السيرة النبوية شهدت أحداثا مؤسفة، منها حادثة المرأة المسلمة التي كشف أحد اليهود عن ملابسها والتي صاحت وامحمّداه!، فإن كتب الحديث لم ترو لنا عزوف الرسول عن ترك النساء يخرجن من دورهن، ولم تصدر الدولة الإسلامية منشورا بمنعهن من ارتياد الأسواق وقضاء حوائجهن. ومع هذا فإن غياب المرأة في الشؤون السياسية المباشرة في العهد الرسالي يعود أساسا إلى الوضعية الاجتماعية المسيطرة حينذاك، والتي مازالت العقلية الجاهلية تطبعها، من تفضيل للرجل واستبعاد واستعباد للمرأة، رغم التدرج الذكي الذي سعى الإسلام من خلاله إلى تنزيل فرائضه وأوامره من خمر وزنا وربا، وكذلك فعل للمرأة من موءودة سُئلت إلى حية تُسأل وتُستشار وتشير. يقول عمر رضي الله عنه :  » كنا لا نعد النساء شيئا فلما جاء الإسلام وذكرهن الله رأينا لهن بذلك حقا… »

ـ يتبــع ـ

المصدر : موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي www.liqaa.net


 


[1] أبو الأعلى المودودي  » تدوين الدستور الإسلامي » مؤسسة الرسالة ط5. 1981 ص: 69_76.

[2] محمد الغزالي  » قضايا المرأة بين التقاليد الراكدة والوافدة  » دار الشروق ط 6. 1996 ص :37.

[3] هبة رؤوف عزت  » المرأة والعمل السياسي رؤية إسلامية  » المعهد العالمي للفكر الإسلامي ط1. 1995 ص :198_199.

[4] هبة رؤوف عزت  مرجع سابق ص:101-102.

[5] فاطمة المرنيسي  » الحريم السياسي « LE HAREM POLITIQUE PARIS A/MICHEL 1987

[6] عبد الحليم أبو شقة  » تحرير المرأة في عصر الرسالة  » الجزء الثاني دار القلم الكويت ط 1. 1990 ص : 449.

[7]  راشد الغنوشي « المرأة بين القرآن وواقع المسلمين » المركز المغاربي للبحوث والترجمة، الطبعة الثالثة، 2000، ص: 119.

[8] محمد الغزالي  » السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث  » دار الشروق ط 1. 1989 ص : 49.

[9] المودودي مرجع سابق ص : 72_74.

[10] انظر ما أورده أبو شقة في هذا الباب من أمثلة سد الذريعة للفقهاء المتأخرين كمنع النساء من حضور الجماعة وصلاة العيد، ومنعها أن تؤم النساء منع الخاطب أن يرى مخطوبته، بل وصل الأمر عند بعضهم إلى منع الرجل من الوضوء بفضل وضوء المرأة ..(عبد الحليم أبو شقة تحرير المرأة في عصر الرسالة الجزء الثالث دار القلم الكويت ط1. 1995 ص :198)

[11] انظر التمهيد المتميز لطارق البشري لتقديم كتاب المرأة والعمل السياسي مرجع سابق ص: 27_29. وانظر كذلك أبوشقة ج 3 مرجع سابق ص : 131_ 222.

 

  19شوال 1427

يا سيدي……

سئل » كونفوشيوس   «ذات مرة عما سيصنع إذا ما تكلف بأمر البلاد, فأجاب   

 

إصلاح اللغة بالتأكيد ثم سئل لماذا فانبرى قائلا إذا لم تكن اللغة سليمة فما يقال ليس هو المقصود و إذا كان ما يقال ليس هو بالمقصود فما يستحق الإنجاز لن ينجز وإذا لم ينجز ما يستحق انجازه فان الأخلاق و الفنون يحل بهم الانحطاط و إذا ما انحطت الأخلاق و الفنون فالعدالة سوف تنحرف و إذا ما انحرفت العدالة فسوف يقف الناس مضطربين لا حول لهم و على هذا يجب التخلي عن الاعتباط في القول و هذا أ مر يتفوق في أهميته على كل أمر

 )

كونفوشيوس فيلسوف صيني عاش ما بين 551-479ق م(

ü

     يا سيد نجيب الشابي لا تعرف الأحزاب  بأسمائها وإلا لكان التجمع الدستوري الديمقراطي كذلك  دستوريا و ديمقراطيا..بل تعرف الأحزاب بمضامينها و برسالتها وفي العادة تؤاخذ وتمنع الأحزاب الإسلامية حتى لإطلاقها الصفة الإسلامية وتعتبرونها تحتكر الإسلام حتى ولو أكدت على مشروعها المدني والسياسي فهل كذلك تحتكرون صفة التقدمية.؟ وهل يحتكر التجمع صفة الديمقراطية؟

ü

     يا سيدتي الكريمة المناضلة التي نحترمها كثيرا سهام بن سدرين إن بديل الديمقراطية الوحيد ليس الفوضى كما قلت ولكن البديل الوحيد عن الديمقراطية هو الأستبداد .ولا يجب أن نعتبر الحالة العراقية نهائية لكل من يختار طريق الديمقراطية لأن العراق حالة خاصة . و أعتقد أصلا أن العراق ليس بصدد مشروع ديمقراطية على كل حال. و أعتقد أن الديمقراطية في المنطقة المغاربية أقرب للتحقق منها في الشرق الأوسط وفي الجزء الشرقي من الأمة و الأسباب الموضوعية كثيرة.

ü

     يا سيدي الرئيس ساءتني كلمة استئناس في خطابك. فإنها رسالة تعبر على أن المعارضة وغير المعارضة لا يكون وجودها إلا للاستئناس بها وليست شريكا كاملا في المعادلة السياسية. وأضن أن مستشاريكم خجلوا من الاعتراف بالمأزق فخلقوا كلمة جديدة في قاموس السياسة التونسية الفريد من نوعه اسمه الاستئناس فإلى مزيد من الإبداع.وأن فكرة الميثاق و العهد ليست سيئة ولكن من يتحدث؟ ومن المعني بالميثاق ؟ وكيف بالإمكان بناء الثقة من جديد في العهد الجديد؟؟؟

ü

     ياسيد صلاح الدين الجورشي إن الحالة في تونس أقرب لخطاب الفرج منها لخطاب الأنفراج والفرق واضح بين الأول والثاني. وكما أكد السيد راشد الغنوشي أن التعامل الأمني هو السائد مع الملف السياسي في تونس. وكما أشار السيد القوماني أنه تعامل إنساني مع مساجين سياسيين؟وكما أشار  السيد بن علي انه عفو ومنة رئاسية وان المسألة لا تعدو مجرد استئناس وقت الوحشة و الغربة والعزلة.رغم أن السجين السياسي معزول عن المجتمع قهرا و النظام غريب عن المجتمع طوعا.فهل تفكر أيها النظام باختراق غربتك عن طريق الاستئناس بتجربة غربة إخواننا في سجون تونس؟

ü

     ياسيدي منظمة الشفافية لقد أسئتم فهمنا.ألا يحق لنا التميز في جميع المجالات حتى في الفساد الاقتصادي فلماذا هذا الحسد أننا نحتل المراتب الأولى دوما بكل امتياز فإلى الأمام يا تونس وعين الحسود فيها 7 نوفمبر و حاشاكم طبعا.

ü

     ياسيدي المطر نتهمك باستقصادنا كلما نزلت غرقنا. المسئولون يتهمون البناء الفوضوي و تكدس الرمال في الطرقات التي تغلق البالوعات المائية و المواطنون يتهمون انجازات السابع من نوفمبر في مجال البنية التحتية التي يفتخر بها؟ فأيكم يصدقني أننا كعرب بصفة عامة نعيش في الأراضي الواطئة من الحضارة  في العالم بحيث وتخيل ذلك أننا نشكل حفرة جغرافية كبيرة يسعى الجميع لصب قاذوراته و مشاكله فيها و أخيرا استقصدنا المطر فهل من مزيد.؟؟؟

ü

     سيدي  سحابة الكرامة متى تمر فوق رؤوسنا فتغرقنا في الكرامة وآسفاه لعلك فوق رؤسنا لكننا لا نريد أن ننظر إليك ما دمنا ننظر إلى الأسفل.

عجبا لأهل الزمان والمكان فإذا كان الغني والمستفيد يتشبث بالحياة و رفضه لتغيير يفسد عليه مصالحه فبما يتشبث الفقير الميت هل في الفقر متعة لا يشعر بها إلا من أدمنها؟؟؟

ü

     يا سيد عباس أبو مازن شكرا لفطنتك أن إسرائيل لا تريد سلاما ولا تريد وجود فلسطين فأجبني أطال الله فطنتك .لماذا سرعان ما تصرون على السلام ولماذا تضايقون المقاومة و تحاصرونها ولماذا تصرون على وجود هذا الكيان الغريب بيننا؟؟؟

ü

     ياسيدي الشعب العربي وصيتي لك مزيد من النوم ولا تنظر إلى ما يحصل في قرغيزيستان و ما حصل في كل دول الاتحاد السوفياتي سابقا التي كانت مبتلاة بأنظمة شمولية و مستبدة و ديكتاتورية أعظم شأن من أنظمتنا وفي حديث لسيدنا رسول الله أوفي ما معناه الناس نيام إذا ماتوا انتبهوا؟

يا سيدي يا رسول الله هذه أمتك و هؤلاء أبنائك وكنتم خير أمة أخرجت للناس….

حافظ بن عثمان


محسن ابراهمي: ولكنكم قوم تستعجلون

قبل كل شيئ أهنئ إخواني أبطال تونس ورجالها البررة ، فرسان االإسلام بخروجهم من السجن وأرجو من الله أن يخلص بقية إخواننا ويردهم إلى ذويهم وإخوانهم كما أهنئ كل الأحرار فى بلدى، بلدالإسلام والقيروان والزيتونة، بلد الإشعاع .
اليوم السادس من نوفمبر 2006 كان يوما مميزا ، اتصلت لأهنئ أحد إخواني بمناسبة خروجه من السجن مرفوع الرأس عالي الهمة لأفاجئ بالزغاريد ترتفع فى أرجاء البيت وبصعوبة تمكنت من مخاطبة البطل المجاهد، من خلال الزغاريد واصوت الزائرين الكرام المتداخلة، أطل علي، نعم أطل علي بصوته وجام أدبه وكثرة وعيه وتلطفه وحذاقته. وكأن الذى يخاطبني لم يخرج لتوه من سجن مظلم ظالم ولكن تخرج دكتورا أستاذا من إحدى أكبر الجامعات. إرتفعت أصوات المهنئين من الجيران والأقارب والأحباب بشكل لم يعد ممكنا معه الإستماع إليه، انه حفل تخرج بامتياز، فبعد التخرج لا بد من جائزة، وهل من جائزة أبلغ ولا أعز ولا أقيم من أن ينال الرجل محبة الناس وإحترامهم وتقديرهم وافتخارهم به واعتباره بطلا نازل الظلمة والمستبدين بإيمانه بعدالة قضيته وعزيمته وصدقه وصبره.
ما من شك أن التضحيات التى قدمها إخوننا فى سجونهم المنتشرة من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، كانت كبيرة وعظيمة عظم الرسالة التى حملوها ويحملونها من غير أن يعتريهم الملل ولا الكلل ولا اليأس والإحباط وذلك لثقتهم بربهم ويقينهم بعدالة مطالبهم، لذلك كانت هذه الجائزة فى انتظار الجائزة الكبرى ، وهى الإنتصار على الظلم والتمكين للحق والعدل فى ربوع الخضراء. وما النصر الا صبر ساعة. بهذه المناسبة ليس لى إلا أن أقف احتراما وإجلالا وتقديرا لكل من ابتلي وصبر على الأذى طوال خمسة عشرعاما داخل السجون وخارجها ممن مورس ضدهم الحصار والتجويع والإذلال فى أبشع صوره، فخرجوا مرفوعي الرؤوس يحملون شهادات لاتتوفر في أعظم جامعات الدنيا، شهادات إيمان وتقوى وورع وحفظ لكتاب الله وتمرس فى فنون الدفاع عن الحق مما يؤهلهم لأن يكونوا قيادات المستقبل المشرق المضيئ ان شاء الله.
كما لا يفوتنى أن أحيى إخواننا الذين شردوا فى بلدان مختلفة متباعدة فى ظروف قاسية مريرة ، ضعافا لا حول لهم ولا قوة وإذا بهم يصنعون من الضعف قوة ليخوضوا معارك حقوقية وإعلامية شرسة كانت لهم فيها اليد العليا والكلمة الفصل، وهاهم اليوم يشكلون جيلا صاعدا على أعلى مستوى من الإعلاميين والمتخصصين فى مجالات عدة .لقد كان صبرا واحتسابا فى الداخل وجهدا وإبداعا في الخارج.
أيضا لا يفوتني أن أهمس فى أذن إخوانى، ممن صعبت عليهم الشقة وطالت عليهم الرحلة فظنوا بأنفسهم وإخوانهم الظنون واستعجلوا القطاف، لقد تبين بما لا يدع مجالا للشك أن هذا النظام لا يستهدف فئة بعينها بل يستهدف الإسلام كعقيدة وممارسة والحرب على الحجاب أبلغ دليل، لذلك لا بد أن تتظافر جهود الجميع من أجل الرسالة التى عاهدنا الله على إبلاغها وأوذى فيها من أوذي وعذب فيها من عذب واستشهد فيها من استشهد وشرد من شرد.
لا زال إخوة لنا يقبعون فىالسجون ولا زالت الهجمة شرسة على المجتمع ومكوناته ولا زال القضاء والصحافة تحت القصف ولا زال الشعب يئن من الظلم والبطالة والمحسوبية والرشوة والإقصاء والتضييق والخوف ولا زال ولا زال ولا زال…ولا زال بإمكاننا نحن الذين قصرنا يوما فى القيام بالواجب الشرعى والوطنى أن نتدارك ونعوض ما فات ولا زال بإمكاننا أن تتظافر جهودنا وتتكاتف فى وجه طغيان السلطة وإرهاب العلمانية المتطرفة والتقليعة الجديدة من علماء السلطان وفقهاء الإسلام التونسى!!! ولا زال بإمكاننا أن نرتفع فوق العوائق من أجل ديننا وأمتنا.
محسن ابراهمي
(المصدر: موقع الحوار.نت بتاريخ 9 نوفمبر 2006)


في الايديولوجيا والهوية

 الطاهر بن حسين:  

ليس في السياسية من يخيفني أكثر من أولائك الذين يدّعون بأنهم بلغوا درجة من النضج جعلتهم يتخلصون من الايديولوجيا. وهم أولائك الذين تراهم يتصدّون لكل خطاب سياسي يزعجهم بنعته بالايديولوجي ، وهي أشدّ النقائص في رأيهم. ولقد تميّز الاستاذ الشابي والدكتور المرزوقي بالخصوص في هذا النبذ القاسي لكل ما يمثّ بصلة للايديولوجيا. وبصراحة فاني لا أرى أن هذا الاتفاق بين الشخصيتين المذكورتين من باب التلاقي الفكري البحت.

الايديولوجيا موجودة حتّى وان أنكرناها

صحيح أن الايديولوجيا بشكل عام هي « منظومة أفكار ومبادئ وعقائد فلسفية وسياسية (او دينية) تعبّر عن مفهوم للكون والمجتمع وتصوغ قواعدا للتفكير والسلوك » (كما عرّفها الاستاذ الشابي). ولكن حتى اذ اعتمدنا هذا التعريف المنقوص فانه يجدر التساؤل هل يمكن لأي حزب او مجموعة بشرية أن تكون خالية من قواعد للتفكير والسلوك؟ طبعا لا.

كما أن هذا التعريف منقوص، سواء بالاستناد الى التاريخ البشري أو الى المفهوم المتعارف عليه في العلوم السياسية المعاصرة. فالذي ينقص تعريف الاستاذ الشابي، وهو أهم شئ، هو أن الايديولوجيا تستند دائما الى قيم وترمي دائما الى تحقيق مشروع (وهو ما يشير اليه ضمنيا حّتى تعريفه المنقوص للايديولوجيا). وأقول أن هذا هو أهم شئ، على الاقل في العمل السياسي، لان القيم التي تستند اليها الايديولوجيا هي التي تحدّّد المشروع المقصود.

فالقيم الطبقية (نصرة الطبقة الكادحة) التي جاءت بها الماركسية مثلا هي التي أسّست لمشروع دكتاتورية البروليتاريا، مع العلم أن الماركسية بالاساس لم تأت بايديولوجيا اطلاقا وكانت تعتبر الايديوليوجيا طوباوية بحتة كما أنها استهلّت بناء فلسفتها السياسية بنقد الايديولوجيا الالمانية معتبرة أنها في واقع الأمر مجرّد تعبير عن علاقات طبقية وليست مجموعة قيم فكرية كما يّدعي ذلك أصحابها (ومن هنا تأتي عبارة قلب فلسفة هيغل من المشي على الرأس الى المشي على الأقدام). وحتّى لينين عندما كان ينادي بالصراع الايديولوجي فهو في الواقع كان ينادي بالصراع ضدّ الايديولوجيا.

كما أن القيم الفردية هي التي أسّست للمشروع الليبرالي والقيم الجماعية هي التي أسّست للمشروع الاشتراكي والقيم العرقية هي التي أسّست للمشروع النازي او الفاشي والقيم التقليدية هي التي أسّست للمشروع المحافظ والقيم الدينية هي التي أسّست للمشروع الثيوقراطي الخ…

وعلى هذا الاساس فان القول بان « الاحزاب تنقسم في عصرنا الحاضر الى صنفين كبيرين : الاحزاب الايديولوجية …والاحزاب السياسية » ليس له أي معنى على الاطلاق، لانه لا يوجد أي حزب سياسي بدون ايديولوجيا. ولكن الصحيح هو أن الاحزاب تنقسم في عصرنا الحاضر الى صنفين كبيرين : الاحزاب ذات الايديولوجيا الواعية و المعلنة والاحزاب ذات الايديولوجية الضمنية و غير المعلنة. ولا يكفي اعلان أي حزب تخليه عن الايديولوجيا لكي يكون خاليا من الايديوليوجيا.

وخلافا لما ذكره الاستاذ الشابي فان الاحزاب الاشتراكية الديمقراطية لم تقطع مع كل مرجعية بل احتفظت بمرجعيتها الاصلية وهي القيم الجماعية، فترى مثلا أن غالبية الاصلاحات التي قام بها الحزب الاشتراكي الفرنسي عندما كان في الحكم (نظام الــ 35 ساعة عمل في الاسبوع والتغطية الصحية الشاملة وغيرها) كانت كلها منطلقة من علوّ القيم الجماعية على القيم الفردية في حين أن اليمين الديمقراطي الفرنسي ينطلق من القيم الفردية البحتة (تخفيض الضرائب على الدخل وتخفيض الضرائب على الوراثة الخ…). فكل من الحزبين الفرنسيين، الاشتراكي واليميني، ديمقراطي ولكنهما مختلفين في الايديولوجيا.

أما الحزبان الامريكيان، الديمقراطي والجمهوري، فكلاهما من أتباع الايديولوجيا الفردية التي تؤسس للمشروع الليبرالي ولايرجع الاختلاف في سياستهما الداخلية والخارجية لأكثر من بعض التباين في مصالح الفئات الاجتماعية والاقتصادية الامريكية المختلفة.

ولكن هذا لا ينفي كون الايديوليوجيات المعاصرة، مثلها مثل الاجناس البشرية، لم تصبح نقية مثلما كانت عليه عند ولادتها. فيجدر اليوم أن نتكلم عن الايديولوجيا المهيمنه بدلا عن مجّرد الايديولوجيا. ومن هذا المنظار فاننا نجد في بعض الانظمة او حتى في الاحزاب السياسية تركيبة من الايديولوجيات من بينهما ايديولوجيا مهيمنة. وقد تتغيّر الايديولوجيا المهيمنه مرات بحسب الظروف التاريخية او الضغوط الاجتماعية. ففي حالة الاحتلال الاجنبي مثلا لا يمكن لاي حزب وطني، مهما كانت ايديولوجيته الاصلية، ان لا يتحول الى حزب ذي ايديولوجية قومية أو حتى عرقية، بكل ما تتضمنه من كراهية للاجنبي المحتل وتقديس لكل ما يمسّ بالقيم القومية.

فادعاء أي حزب بان ليست له ايديولوجيا يعنى فقط أنه غير واع بايديولوجيته او لا يريد أن يعلن عن ايديوليوجيته لاسباب تكتيكية او أنه بصدد النمو ولم ينضج الى درجة الثبات على ايديولوجية معيّنة. وفي ما يخص الحزب الديمقراطي التقدمي مثلا فانه من السهل تفكيك الايديوليوجيا المهيمنة داخله بمجرد تحليل المنطلقات التي أعلنها الاستاذ الشابي في نفس المقال المذكور.

فالحزب ليبرالي في الميدان السياسي وليبرالي في الميدان الاقتصادي (وان كان مع تدخل المجمتمع المدني الى جانب الدولة لتعديل الاخلالات، مثل ما يحصل في كل الانظمة الليبرالية). وهو اقرار واضح بعلوية القيم الفردية وبالتالي فان ايديوليوجيته ليبرالية بحتة.

راية الهوية ومدلولها

ان التلويح بورقة الهوية ليس بريئا في الوسط السياسي التونسي الحالي. فالتونسيون يعيشون اسلامهم وعروبتهم بشكل فطري وطبيعي كما يتنفسون الهواء، خاصة وأنه ليس من يهدّدهم اليوم لا في عروبتهم ولا في اسلامهم، بالاضافة الى كون مكوّن العروبة ومكوّن الاسلام ليسا متجانسين باعتبار ان الانتماء العربي لتونس يجعلها ضمن 300 مليون نسمة ليسوا كلهم مسلمين كما أن الانتماء الاسلامي لتونس يجعلها ضمن أكثر من مليار نسمة غالبيتهم من غير العرب.

فالهدف من هذه الورقة اذا هو امتلاك ايديولوجيا « تكميلية » اذا صح القول. ونعود بذلك الى ما ذكرناه عن الايديولوجية المركّبة التي تجمع عدة منظومات قيم. ولكن الاشكال في الجمع بين الايديولوجيا الليبرالية التي يتبناها الاستاذ الشابي صراحة والايديولوجيا الدينية التي يتبناها ضمنيا تحت راية الهوية العربية الاسلامية هو أن القيم التي تعتمد عليها كل منهما، وان كانت متآلفة على المستوى الاقتصادي، فهي متناقضة على المستوى السياسي والاجتماعي. فالليبرالية تفرض احترام حرية المعتقد (وهو ما تنفيه كل تأويلات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر) والليبرالية تفرض المساواة بين الرجل والمرآة (وهوما ينفيه صريح النص الديني « وللذكر حظ الانثيين » ) والليبرالية تفرض احترام الحرمة الجسدية (وهو ما ينفيه فرض اقامة الحدود وضرب النساء) الخ… وللتملص من هذا التناقض الذي ليس له حل منطقي، يكتفي الاستاذ الشابي باعلانه التخلي عن كل الايديولوجيات. فطريقته في معالجة هذا التناقض لهي مثل طريقة المفكّر الذي يستعصي عليه حل المشاكل المطروحة فيعلن بكل بساطة ان المشاكل غير موجودة.

أما على المستوى السياسي، وان كان من الطبيعي أن يكون الاستاذ الشابي حريصا علىالتوفيق بين التيارات الفكرية المتواجدة داخل الحزب الديمقراطي التقدمي وعلى تجميع القوى الوطنية الرامية الى التغيير، فان موقفه « الانتقائي » من منظومة القيم، أي من الايديولوجيا، لن ينفع لا في تحقيق ترابط فكري طويل المدى داخل الحزب ولا في الاقناع بسلامة التحالف مع تيّار يطرح مشروعا سلفيا واستبداديا واضحا. ذلك أن الترابط الفكري الطويل المدى يفرض في حدّه الادنى الاتفاق على منظومة قيم وكذلك الشأن بالنسبة لاي تحالف سياسي، وان كان بدرجة أقل، ولكن دائما في أطار نفس منظومة القيم وأحيانا في اطار منظومات متقاربة. وبكل صراحة لا أرى كيف يستطيع الاستاذ الشابي أن يوفّق بين ليبراليته السياسية المعلنة وبين التحالف مع تيّار يعتبر أن « المجتمع الاسلامي هو الذي يتولّى الله فيه سلطة التشريع، تشريع النظم والقوانين والقيم والموازين، ما تعلق منها بالفرد والمجتمع والدولة، وما تعلّق بالناحية المادية والروحية »،خاصة وأنه يعلم علم اليقين بأن الدعوة للحكم بأمر الاهي هي في الواقع تغطية لتشريع وحاكمية المجموعة التي احتكرت لنفسها بالقوة والتكفير تأويل ارا……..

(المصدر: موقع قناة الحوار بتاريخ 9 نوفمبر 2006)

 

الأدلجة « الآفاقية »: في خلط السياسة الايديولوجية (ideological politics) بالايديولوجيا المسيسة (politicized ideology)

الطاهر الأسود باحث تونسي يقيم في أمريكا الشمالية laswadtaher@yahoo.com http://taherlaswad.blogspot.com في مقال أخير بعنوان « في الايديولوجيا و الهوية » رد السيد الطاهر بن حسين ضمن موقع « قناة الحوار » على مقال سابق للسيد نجيب الشابي في صحيفة « الموقف » وعلى ما تضمنه حوار للأخير على شاشة « قناة الحوار ». و في الواقع لن أتعرض هنا لعرض محتوى مقال أو حوار السيد الشابي، و هو ما لا يعني أنني أتفق معه في مجمل آرائه، و لكن سأكتفي هنا بالتعبير عن اشتراكي معه بشكل عام (و ليس في التفاصيل) في مسألة أساسية هي محتوى مقالي هذا. و في العادة لا ألتجئ إلا في حالات استثنائية للرد على مقالات أي كان حيث أعتقد بشكل عام أن أفضل الوسائل للكتابة لا تكون في الرد على أفكار شخص ما بقدر ما تكون في صياغة أفكار و البرهنة عليها بمعزل عما إذا كانت أية أفكار أخرى تحتاج الدحض أم لا. و لكن في بعض الحالات الاستثنائية يمكن أن يكون توقيت و مصدر طرح بعض الأفكار مناسبة جيدة لمناقشة أفكار أخرى. و هنا من الضروري التأكيد بداية على احترامي للسيد الطاهر بن حسين و أن ما سيحتويه المقال أسفله لا يستهدف شخصه بأي حال بقدر ما يستهدف رؤية عقائدية راديكالية أعتقد أنها نرجسية بشكل بالغ و لكنها تطرح اشكاليات مهمة تستحق نقاشا مستفيضا لطبيعتها المعقدة. حيث أنه بالرغم من أنه لا يعبر عن هذه الرؤية سوى مجموعة صغيرة من الأشخاص فإنها لا زالت تلقى انجذابا ذهنيا لدى بعض الشرائح المثقفة في تونس من ذوي الانتماءات السياسية اليسارية الراهنة أو السابقة و لو أن هذه الشرائح ليست على ادراك تام بمدى انجذابها لهذه الرؤية. النقطة الأساسية في مقال السيد الطاهر بن حسين هو أنه « لا يوجد أي حزب سياسي بدون ايديولوجيا ». يأتي ذلك افتراضا للرد على رؤية السيد الشابي. غير أن ما فهمته من الأخير (في مقاله و الحوار المعني) يصب في اتجاه غير الاتجاه الذي يرد عليه السيد بن حسين. و بشكل مختصر فإن السيد الشابي يرى، و أشاركه في ذلك، أن هناك صنفين من العمل السياسي، صنف أول تجعل ايديولوجيته « المغلقة » عمله السياسي مجرد إطار للدعاية الايديولوجية لا غير، في حين هناك صنف ثاني يهتم بايديولجيا « غير مغلقة » (مهما كان نوعها) تسمح له باجتهاد سياسي واسع. و بمصطلحات ربما تجعل السيد بن حسين بخلفيته الماركسية المعروفة يفهم ما أعنيه هنا بشكل أفضل: هناك صنف ايديولوجي يرى العامل الرئيسي في حركيته السياسية شروطه الايديولوجية في حين هناك صنف ايديولوجي آخر يرى في شروط الواقع السياسي عاملا رئيسيا على منطلقاته الايديولوجية التفصيلية. و هكذا المشكل الذي يطرحه السيد الشابي، و الذي أرغب في تعميقه هنا، ليس في وجود عمل سياسي بدون ايديولوجيا أم لا بل في طبيعة الايديولوجيا التي تحكم العمل السياسي و التي إما تجعل السياسي ثانويا أو رئيسيا. إن هذا النقاش يطرح في الواقع أسلوبين مختلفين في العمل السياسي: سياسة ايديولوجية (ideological politics) و ايديولجيا مسيسة (politicized ideology). و في حين يرغب السيد بن حسين في تصوير كل عمل سياسي بالضرورة سياسة ايديولوجية فإن هناك إمكان في الواقع و خاصة في الظرفية الدولية الراهنة لايديولوجيا مسيسة.        حول « الآفاقيين »: نموذج في « السياسة الايديولوجية » لا يمثل السيد الطاهر بن حسين نفسه فحسب. بل هو يمثل أيضا مجموعة صغيرة من « الآفاقيين » (perspectivistes) السابقين يبدو أن السيد محمد الشرفي لايزال على رأسها. و لا تقلل هذه المجموعة من قيمتها البتة، و يندرج ذلك في إطار حقها الكامل في الحلم، حيث تعتقد أنها ليست فقط المدركة الوحيدة لدقائق « طبيعة المرحلة » في تونس بل هي أيضا تشعر بقدرتها على تصدر الساحة السياسية سواء انضمت للحكم أو انضمت للمعارضة بوصفها « الطليعة التقدمية » لمجتمع لا يفهم على ما يبدو الكثير و يحتاج الى عناية طليعته الدائم. و هكذا مثلا كان السيد الشرفي عندما أصبح وزيرا للتربية، بمعية من نجح أن ينقلهم معه الى داخل أطر الدولة من « الآفاقيين » السابقين في تحالف لا يرغب عموما في تذكره، يعتقد أنه يقود أكثر كتل الحكم « تقدمية » و « ثورية » و أنه الماسك الحقيقي للسلطة حيث كان هناك اعتقاد على ما يبدو بأنهم كانوا شرطا أساسيا لاستمرار مباركة أطراف دولية للنظام القائم. و رغم أن تفاصيل إقالة الوزير و بعض من مجموعته لا تزال غير واضحة، حيث يعمل السيد الشرفي بشكل دائم بما في ذلك خلال الحوارات المنتظمة على القنوات التي أدارها السيد بن حسين على عدم الخوض فيها كأنها عار قديم، فإن البعض يعتقد أن نرجسيته المتعاظمة و تعبيره في مناسبات متنوعة عن أنه « شخص لا يُمس » كانت وراء غضب القيادة الرئيسية في السلطة و قرارها بفسخ العقد و إحالة السيد الشرفي على تقاعد مبكر. و برغم اكتشاف المجموعة المعنية أنها يمكن « أن تُمس » بل و حتى الاهانة و التشهير (« فواتير العشاءات المفتوحة » المعروضة على صحيفة الشروق الموالية للسلطة) من دون تدخل الأصدقاء في باريس فإنها عوض الانسحاب في صمت من الساحة السياسية و الاعتراف بأنها خسرت المقامرة (على السلطة و على الأصدقاء غير العابئين الى حد إغضاب السلطة) فإنها قررت الانتقال مباشرة الى « الصف الديمقراطي التقدمي » في المعارضة لتقوده افتراضا الى سلطة جديدة. و هكذا خرجت صحيفة « لوموند » بعنوانها المثير لأكثر من الدهشة « الشرفي زعيم المعارضة التونسية » بشكل يكشف رغبة الأصدقاء في باريس فيما يجب أن تكونه « المعارضة » في تونس عوض قبولها كما هي. و في الواقع تبدو المجموعة « الآفاقية » مؤمنة بقداسة خاصة تميزها تجعلها هي من يضفي على المحيط الذي توجد فيه صفات « التقدمية » و « الحداثة » و ليس برامجها و أفعالها. و هكذا فالسلطة « تقدمية » بمجرد وجود المجموعة المعنية ضمنها، كما أن المعارضة « التقدمية » هي فقط تلك التي توجد فيها المجموعة « الآفاقية ».  و في الحقيقة لا يمكن ألا يتعرف الملاحظ في حالة مثل هذه على نوع مكرر من الفرق العقائدية الشخصانية الميكروسكوبية عبر تاريخ البشرية و التي لا يمكن تذكر معظمها بأي حال من الأحوال. و الصفة الأساسية لمثل هذه الفرق أنها تشعر بطهرانية شديدة لاعتقادها الايماني في ثوابت أزلية لا يخالجها الشك، و بشكل تدريجي يتحول أشخاص الطليعة الايمانية، نظرا للمأزق الدائم الذي تعيشه في تحقيق امتدادها الاجتماعي، الى تجسيد للمعاني العقائدية ذاتها. و هكذا فلا فرق أن يكون المرئ « شرفي » أو « تقدمي » فكلاهما واحد. إن المعضلة الأساسية في علاقة بالمجموعة « الآفاقية » هي عجزها عن التواصل مع محيط اجتماعي و سياسي متغير في حين بقيت هي في حالة هيام نوستالجي مع مشاريع باردة من فئة « الكراسات الصفراء الستينية ». في مثل هذه الحالة الفاقعة من الاغتراب تصبح السياسة غير مجدية أو مفيدة و تصبح الايديولوجيا مجال الخلاص من صداع الواقع الراهن. بهذا المعنى فإن السياسة الوحيدة الممكنة في إطار كهذا لا تبقى سوى سياسة الايديووجيا، أو سياسة من أجل الايديويولجيا فحسب بقطع النظر عن محددات الواقع و الظرفية. لكن من المفارق أن مغزى السياسة الايديولوجية واقعيا هو تحديدا سياسوي: أي أن الالتجاء للسياسة الايديولوجية ليس تعبير عن تفهم عقلاني للواقع و رغبة في التعامل الجدي معه بقدر ما هو تعبير عن الاعتقاد في أن الخلاص الوحيد الممكن للايديولوجيا المعنية هو العمل على تشويش الواقع باستثارة الأصدقاء الايديولوجيين و دعوتهم للتركيز على « الايديولوجي المشترك » عوض الانتباه لشروط الواقع السياسي. و هكذا فالسياسة الايديولوجية تستخدم السياسة بعد كل الشيء و لكن لا تفعل ذلك إلا للهرب من استحقاقات الظرفية السياسية التي تعيش ضمنها. و لكن أساس المعضلة الرئيسية هنا يكمن في التركيبة الداخلية للايديولوجيا التي تتبناها المجموعة « الآفاقية » و هي تنتمي لنسق الايديولوجيات التي تطرح تصورا شموليا للتاريخ و العالم و من ثمة تطرح حلولا جذرية  و نهائية ترى في الحياد عنها مدعاة للدمار. و يمكن تسمية هذا النسق الأزلي من الايديولوجيات المتعاقبة تحديدا « الفكر المقدس ». و بالنسبة للايديولوجي المقدس لا توجد خيارات سياسية كبيرة. هناك تحديدا وعظ و إرشاد.  في معاني « الايديولوجيا المسيسة » مقابل العمل السياسي الخاضع لايديولوجيا طاغية على الواقع تملك حلولا لكل شيئ و تعتقد أنها الأفضل على كل صعيد هناك عمل سياسي ينهل من رؤى ايديولوجية لا تطرح رؤى شمولية و لا تطرح حلولا نهائية. و هنا يجب الرجوع الى الأمثلة التي طرحها السيد الشابي و التي تعرض اليها بالدحض السيد بن حسين في رده. حيث أن تقييمها (الاشتراكية الديمقراطية مثلا) لا يتعلق بما إذا كانت تنهل من رؤى ايديولوجية بل بطبيعة الرؤى الايديولوجية. هل هي رؤى تفرض حلولا شمولية و نهائية أم لا؟ إن الرؤية الاشتراكية الديمقراطية على سبيل المثال، إن افترضنا أن رؤيتها الايديولوجية و لو بتبسيط بالغ كما يقترح السيد بن حسين هي « القيم الجماعية »، لا تطرح نفيا لمقابلها الايديولوجي الافتراضي أي « القيم الفردية » حيث لا يمكن تصور أي تهديد لحرية « الفرد البورجوازي » الاقتصادية في ظل حكم الاشتراكية الديمقراطية. و من جهة أخرى و على أصعدة معينة خاصة في علاقة بالمسائل الثقافية و الاجتماعية تطرح الاشتراكية الديمقراطية الراهنة بالتحديد « القيم الفردية » بشكل أساسي. و لقد طرحت الاشتراكية الديمقراطية خاصة في ظل الصراع الحاسم مع الحركة الشيوعية/البلشفية في بداية عشرينات القرن الماضي مشروعا يرى الطرح الطبقي ممكنا من دون الاضطرار للالتجاء للقطيعة مع النظام البورجوازي القائم. و كان هذا التشكل الايديولوجي الخارج من رحم ايديولوجيا شمولية يتم في هدوء يغطيه صخب الايديولوجيا « البروليتارية » الصاعدة و التي لم تكن تبحث عن التوافق بقدر ما كانت تبحث عن حلول « ثورية » اي بمعنى آخر حلول تفرض بالعنف رؤية مجتمعية خاصة. إن الرؤية الايديولوجية بمعناها الاشتراكي الديمقراطي في هذه الحالة تسمح بقدر كبير من التسييس أي بالبحث عن التغيير من دون الرغبة في تدمير ما هو قائم. يشير السيد بن حسين الى الحزبين الجمهوري و الديمقراطي في الولايات المتحدة و يضعهما في سلة واحدة (« الايديولوجيا الفردية ») في حين ميز الاشتراكية الديمقراطية في الحالة الفرنسية ضمن « ايديولوجيا جماعية ». غير أن ما يفشل في ادراكه السيد بن حسين و ذلك بسبب رؤيته الايديولوجية الشمولية بالتحديد هو أن ما يسميه « الايديولوجيا الفردية » أي الليبرالية هي أيضا مبدأ أساسي للاشتراكية الديمقراطية. إن التقسيم هنا بين ايديولوجيات « فردية » و أخرى « جماعية » لا يعكس تعقد الواقع الراهن. من جهة أولى من الضروري تصحيح فكرة أساسية حول تقييم السيد بن حسين للوضع السياسي في الولايات المتحدة، و الذي يعكس في أحسن الأحوال سوء فهم ربما ناتج عن قلة إطلاع. أولا كان الحزب الديمقراطي خاصة منذ أزمة 1929 في حقبة فرانكلين روزفلت (و المبادرة لأول مرة عالميا في تطبيق النموذج الكينزي) ثم مع صعود كينيدي في الخمسينات (و مواصلة المشاريع الفدرالية الضخمة) الرديف الاشتراكي الديمقراطي الممكن في الظرف السياسي الأمريكي. و هذه نقطة بديهية في أوساط البحث الاكاديمية (و لكن أيضا في الوسط السياسي) خاصة في علاقة بموضوعة « اليسار » و « اليمين » في الولايات المتحدة. ثانيا، فإن الحزب الجمهوري « ليبرالي » بالتحديد فيما يكون فيه الحزب الديمقراطي أقل ليبرالية بكثير (اي المسألة الاقتصادية و نفوذ الرأسمالية الكبرى مقابل المالكين الصغار و الطبقة الوسطى و الطبقة العاملة)، في حين أن الحزب الديمقراطي « ليبرالي » في المسائل التي يكون فيها الجمهوريون « محافظين » بشكل بالغ (المسائل الاجتماعية و الثقافية). و هذه بالتحديد نفس التركيبة السائدة في بلدان الغرب الليبرالي بما في ذلك في الحالة الفرنسية. ثالثا، مهما كانت الاختلافات في المعاني « الليبرالية » بين الطرفين فإن هناك نقطة ليبرالية مركزية و هي النظام الليبرالي السياسي. طبعا هناك اختلافات بين هذه المجالات الغربية لكنها لا تمس جوهر « النظام الليبرالي » بل تمس درجة « الليبرالية » و شكلها. إن تحالف « العالم الحر » القائم على مدى الحرب الباردة لم يكن صدفة بل كان قائما اساسا على هذه الميزة المشتركة و التي تميز طبيعة هذه المجتمعات بالأساس. إن المبادئ الليبرالية و التي تعبر عن الخاصية الرئيسية للعالم الراهن ليست مشروعا ايديولوجيا للتحقيق بقدر ماهي واقع متشكل عبر قرون عديدة ينزاح على اتساع العالم قاطبة خاصة بعد سقوط الاتحاد السوفياتي. طبعا هناك مدارس مختلفة في الليبرالية من الليبرالية الاجتماعية الى النيوليبرالية المنلفتة من نوع مجموعة « مدرسة شيكاغو » للاقتصاد (لكي نبسط على طريقة السيد بن حسين يمكن وصف هذه الاختلافات من مدارس تنزع أكثر نحو « القيم الجماعية » الى مدارس تنحو أكثر نحو « القيم الفردية » حسب الموضوع المطروح سواء اقتصاديا او ثقافيا). غير أنه لا يمكن لأحد، خاصة إذا كان ماركسيا، أن يحاجج لصالح فكرة أن مشروعا ايديولوجيا ليبراليا شموليا كان وراء نشأة الواقع الليبرالي الراهن. غير أن السيد بن حسين و المجموعة « الآفاقية » لا زالت تؤمن برؤية شمولية ضمن الماركسية تخلط بين ما تراه من ضرورة مقاومة الليبرالية و بين تحليل الواقع الراهن و الاعتراف بحقيقة هيمنة النظام الليبرالي عالميا من حيث التركيبتين الاقتصادية و الاجتماعية في أقل الأحوال. و بمعنى آخر ليست الليبرالية في ذاتها رؤية شمولية بقدر ما هي صفة الواقع الراهن و لو أن ذلك لا يعني عدم وجود رؤى شمولية تنتسب لليبرالية (مثل رؤى التيار النيومحافظ أو التيار المقرب منه النيوليبرالي). و لكن الصيغة الاساسية التي يوفرها الواقع الليبرالي الراهن هي أنه يفرض ظرفية ايديولوجية عامة تسمح باهتراء الايديولوجيات الشمولية (و لكن ليس نهايتها) مقابل فسح مجال أكبر لظهور رؤى ايديولوجية أكثر تقاربا و أقل شمولية تبحث عن تحقيق ما هو ممكن (أي التركيز على شروط الظرفية السياسية) مقابل النزعة الايديولوجية الشمولية في تحقيق ما هو مرغوب و ليس ما هو ممكن. حول « الليبرالية » و « الهوية » يؤكد السيد بن حسين في إطار عرض موقفه من « هوية الحزب الديمقراطي التقدمي » على موقف يصر على تكراره في مناسبات أخرى كأنه من قبيل البديهيات التي لا تتحمل النقاش:  » ولكن الاشكال في الجمع بين الايديولوجيا الليبرالية التي يتبناها الاستاذ الشابي صراحة والايديولوجيا الدينية التي يتبناها ضمنيا تحت راية الهوية العربية الاسلامية هو أن القيم التي تعتمد عليها كل منهما، وان كانت متآلفة على المستوى الاقتصادي، فهي متناقضة على المستوى السياسي والاجتماعي. فالليبرالية تفرض احترام حرية المعتقد (وهو ما تنفيه كل تأويلات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر) والليبرالية تفرض المساواة بين الرجل والمرآة (وهوما ينفيه صريح النص الديني « وللذكر حظ الانثيين » ) والليبرالية تفرض احترام الحرمة الجسدية (وهو ما ينفيه فرض اقامة الحدود وضرب النساء) الخ… وللتملص من هذا التناقض الذي ليس له حل منطقي، يكتفي الاستاذ الشابي باعلانه التخلي عن كل الايديولوجيات. فطريقته في معالجة هذا التناقض لهي مثل طريقة المفكّر الذي يستعصي عليه حل المشاكل المطروحة فيعلن بكل بساطة ان المشاكل غير موجودة » و هنا لن أهتم بمسألة طبيعة الايديولوجيا التي يطرحها « الحزب الديمقراطي التقدمي » فتلك مسألة أخرى يملك منتسبو الحزب المعني أكثر مني وسائل و دواعي الرد عليها. سأركز في المقابل على « التناقض » المفترض في الجمع بين « الايديولوجيا الليبرالية » و « الايديولوجيا الدينية ». و هنا توجد مقولة بديهية يتأسس عليها خطاب السيد بن حسين و تنبع بالأساس من ايديولوجيته الشمولية التي تملك رؤية خاصة لكل من الدين و الليبرالية: و هي أن السيد بن حسين لا يمكن له تصور لا الدين و لا الليبرالية بمعزل عن مقولة الايديولوجيا. و هي رؤية يمكن أن تمثل تأويلا معينا لمرحلة مبكرة من مسيرة كل من ماركس و انجلز الفكريتين عندما كتبا (كما أشار السيد بن حسين في مقاله عند الحديث عن « تعريف » الايديولوجيا) « الايديولوجيا الالمانية » حيث تم صياغة مفهوم نقدي للفلسفة الالمانية المعاصرة (بالأساس مجموعة باور الصديق اللدود لماركس) بوصفها خاضعة لهيمنة تصورات طوباوية. و بهذا المعنى تكون الايديولوجيا تركيبا وهميا بالضرورة مفصولا عن معطيات « الواقع المادي ». و النقطة الجوهرية هنا لا تكمن فقط في أن الليبرالية أو الدين مفاهيم مغلوطة للواقع بل في أنهما ينتميان الى عوالم منتاقضة. غير أن الإشكال الأساسي في هذه الرؤية أنها لا ترى في معطى ثقافي مثل الدين جزءا أساسيا من الواقع القائم على اعتبار أن الواقع « مادي » بالأساس. كما أنها تعتقد أن الليبرالية رؤية ايديولوجية و ليست واقعا شاملا شديد التعقيد و تشكل على مسار قرون طويلة. و لكي نأخذ مثالا يوضح القصور في فهم الظاهرتين معا نشير الى أن رؤية السيد بن حسين لا يمكن لها أن تفهم، مثلا، معنى « الحركة الاصلاحية » (reformation) البروتستانتية في القرن السادس عشر و مساهمتها في تشكل النظام الليبرالي كما برهن على ذلك بشكل أساسي منذ بداية القرن الماضي ماكس فيبر (Max Weber) في عمله المرجعي و الذي أصبح كلاسيكيا الآن « القيمة البروتسنانتية و روح الرأسمالية » (The Protestant Ethic and the Spirit of Capitalism). و بمعنى آخر لا يوجد هناك دين جامد كما أنه لا توجد هناك بنية دينية مفصولة عن الواقع. لا توجد « ايديولوجية دينية » في العام بشكل سرمدي. كما أن الدين ليس مجرد تصور منعكس للواقع « المادي » بل هو يتفاعل و يمكن أن يصنع الواقع بمستوياته المختلفة بما في ذلك « المادي ». للاشارة فقط هنا كانت « الحركة الاصلاحية » البروتسنانتية شديدة التزمت و لم تكن « تنويرية » في كثير من الصعد و في المقابل كانت غريمتها الكنيسة الكاثوليكية خاصة في ايطاليا القرن السادس عشر راعية تجربة النهضة آنذاك. غير أن ذلك لم يمنع كون الطرفين في أطر و ظروف معينة خدم و دفع بقوة بالبنى الليبرالية الجديدة. و لو تقدمن في الزمن و تحديدا في التجربة الليبرالية الأمريكية من المعروف الدور الكبير الذي لعبته و لا تزال البنى الدينية في تطور و راهن النظام الليبرالي الأمريكي، و هو الأمر الذي تم تسجيله مبكرا في دراسة مرجعية و كلاسيكية أخرى لازالت صالحة الى اليوم و هي تلك التي أنجزها في النصف الأول من القرن التاسع عشر ألكسيس دي توكفيل (Alexis de Tocqueville) « الديمقراطية في أمريكا » (Democracy in America). إن « التناقض المنطقي » المفترض في ذهن السيد بن حسين لا يعني أي شيئ على مستوى واقع و تاريخ الليبرالية و ما احتوته من بنى ثقافية دينية. و حتى الآن و على المستوى الرمزي فحسب دون الغوص في تفاصيل الواقع الثقافي فإن رأس النظام السياسي الليبرالي أي الرئيس الأمريكي، ديمقراطيا كان أم جمهوريا، لا يمكن أن يختم حديثه السنوي الرسمي (State of the Union) دون قول « ليبارككم الرب » (God bless you). و طبعا لكل مجال ثقافي خصوصياته و لن يستنسخ المجال الثقافي العربي و الاسلامي، بما في ذلك تونس، حتى و إن أراد أي كان (مثلما حاول السيد الشرفي عندما حاول بشكل تسلطي « تجفيف المنابع ») أي تجربة أخرى بما في ذلك الأمريكية أو الفرنسية. غير أن المفارقة هنا أن البنى الثقافية بما في ذلك الدينية في هذا المجال هي بالقوة التي ستحتاج مرونة غير مسبوقة لتحقيق التوافق المحتوم بين الواقع الليبرالي الطاغي آجلا أم عاجلا و بين البنى الثقافية القائمة. و بهذا المعنى ربما ستكون التجربة العربية و الاسلامية في البناء الليبرالي أقرب للتجربة الأمريكية منها للفرنسية. و هنا يجب التوقف عند مسألة هامة يستخف بها السيد بن حسين ليلخصها في مجرد « ايديولوجيا دينية » و هي مسألة « الهوية العربية الاسلامية ». و هنا مرة أخرى من الضروري التركيز على نقطة مهمة في الخطاب الشمولي للسيد بن حسين و المجموعة « الآفاقية » بشكل عام و هي تسطيح المسألة الثقافية و جعل أكثر تمثلاتها إجماعا في الظرفية التونسية (العروبة و الاسلام) مجرد وعي « مركب » و مغلوط.[1]   و هنا يتم الخلط بين مستويين: من جهة تقييم البنى الثقافية السائدة (أي مسألة « الهوية العربية الاسلامية ») بغض النظر عن التمظهرات السياسية المنتسبة لها، و من جهة أخرى التمظهرات السياسية المختلفة و التي تملك رؤى خاصة لهذه البنى الثقافية (« قوميين »، « اسلاميين »). حيث يختزل السيد بن حسين المستويين في مقولة « الايديويولوجيا الدينية ». إن المسألة الجوهرية هنا أنه و بغض النظر عن أي حسابات تجاه أي طرف سياسي من المفترض أنه من الواضح لأي متتبع يحاول العيش في تونس الآن و فهم ظرفيتها السياسية ضرورة إدراك الدور الثقافي الغالب في تشكيل مفردات الواقع السياسي، و هي وضعية لم تكن بهذا العمق عند تشكل مجموعة « الآفاقيين » في ستينات القرن الماضي. و لا يمكن إدراك هذا العامل الثقافي النشيط دون الانتباه لبنى الهوية العربية الاسلامية. و هنا لا يتعلق الأمر بمجرد ايديولوجيا طوباوية بقدر ما هو نظام من المعتقدات الثقافية العميقة تشكل أساسيات النظام الرمزي للمجتمع. و بالمناسبة لا يمكن فهم ظاهرة « الصحوة الدينية » الراهنة من خلال انتقاء عوامل طارئة « خارجية » مثل « سيطرة القنوات الفضائية الرجعية » أو « غلق الدولة لمنابر التعبير الحر » بقدر ما هي تعبير عن معركة ثقافية حقيقية يتمثل فيها الكثيرون على الأقل، على عكس ما يعتقد السيد بن حسين، فعلا « تهديدا » للعروبة و الاسلام. و هكذا لا يمكن فهم هذه « الصحوة » دون فهم الشعور المتصاعد بهذا « التهديد » بقطع النظر عن درجته أو معناه. و في الواقع هذا هو العامل الرئيسي فيما يحصل الآن و ليس « القنوات الفضائية ». فربما الأخيرة تدفع في اتجاه « السلفية » أكثر من بقية « مدارس الهوية » و لكن البنية الثقافية الأساسية واحدة بشكل رمزي و عام أي الهوية العربية الاسلامية. و هنا يمكن للسيد بن حسين رفض هذه الهوية و الدعوة لتغييرها و لكن ليس من الناجع بالنسبة لفهمه لعالمه و واقعه أن ينكر وجودها أو أهميتها. فإنكار واقعة ثقافية و لو كانت تحوي معاني طوباوية هو تصرف طوباوي بالأساس. غير أن ذلك بالتحديد أحد مظاهر السياسة الايديولوجية: فهي سياسة طوباوية أو بشكل أكثر تحديدا سياسة غير سياسية بوصفها تنفي جدوى السياسة. 
—————————- [1]    الملفت أن السيد بن حسين لا يتوانى في تقديم نفسه لدواعي سياسوية على أنه « مسلم » (في إطار تفهمه على ما يبدو لعدم جدوى الدعاية الالحادية في الظرفية الراهنة، و التي أراها من حقه في جميع الأحوال) مقابل محاربته لما سماه في مرة من المرات « الاسلامية » (؟!). على العموم يحاول السيد بن حسين التشكيك في طبيعة الهوية الثقافية في تونس و خاصة العلاقة بين العروبة و الاسلام من خلال حجة يصعب على أي كان، حسب اعتقادي، أن يفهم كيف تشكل حجة دع عنك الاقتناع بها: « بالاضافة الى كون مكوّن العروبة ومكوّن الاسلام ليسا متجانسين باعتبار ان الانتماء العربي لتونس يجعلها ضمن 300 مليون نسمة ليسوا كلهم مسلمين كما أن الانتماء الاسلامي لتونس يجعلها ضمن أكثر من مليار نسمة غالبيتهم من غير العرب »    

 

 

تعايش جمهوري ديمقراطي.. من اجل الحريةوموت الطغيان

حسين المحمدي تونس

.قبل11سبتمبر2001 رأى الحاكم العربي المتاجرة بموضوع فلسطين ممكنة مع اليهود..وقدم

هذا وذاك نفسه خادما مطيعا..وجاء مبارك بفضل هذاوغيره…وعاشوا على هذا الكذب.

ومع 11سبتمبر زادهذاالأمرإذ صارت إسرائيل لدى البعض بعدتعثرأمريكا في أفغانستان وفي العراق..وصار مبارك جهرا عبر تصريحاته العلنية(راجع الأهرام والجمهورية والاخبارو…)

يقول..بان اليهود يطلبون منا التحادث معهم مباشرة في أمور السلام وليس عبر الأمريكان؟

وصار التهافت على هذا المسئول الإسرائيلي وذاك ومن خلف الأمريكان…هذه العقول الصغيرة جدا

جعلها حزب الله تخرج نهائيا من دائرة اليهود الحقيقيين والأمريكان والعقول العربية المؤمنة فعلا بالسلام…ما بقي من وجه للدكتاتوريات مات يوم12جويلية2006واليوم ولا نظام عربي من المعتدلين؟يملك أن يفعل للإسرائيليين  أدنى شيء.وربما من هنا أوكل دورا ما لقطر؟وأتمنى لها النجاح في ذلك.

.وكلامي يجد حجيته في جري مصر وراء حماس لتقبل حتى بتسويق اسمها..الأمر كله بيد مشعل

في الخارج والآخرون في الداخل..والسلطة العربية لا تبيع ولا تشتري..حجية أخرى تقول بهذا..

كان عباس ينوي الإعلان عن حل حكومة حماس يوم 12جويلية2006.هل هو تاريخ  بالصدفة؟

حجية أخرى تقول بهذا..تهفت حماس..خطاب أو فعل من حزب الله فتعودالروح لهنيةوللزهار.. ..راجعوا كلمات نصرالله ومن لحظتها كيف تتحرك الأمور داخل فلسطين…وكيف الأسد نفسه يسترجع أنفاسه؟

.الحاكم العربي خارج التاريخ ويتحدث عن مجلس الأمن وعن مؤتمر دولي…ليس من اجل فلسطين بل من اجل إنقاذ نفسه كمارأينا في مقالي المنشور بتونس نيوز بتاريخ 8نوفمبر2006 بعنوان..مؤتمر دولي للتنفيس على الطغاة باسم السلام؟..

.بهذاوبغيره(وان كان بإرادة حزب الله) خرجت اكبر دولة عربية وهي مصر من طور أن تحمي حتى نفسها وذلك على الأقل من خلال مثلين بارزين الأول رأيناه خلال الاستفتاء والانتخابات الرئاسية حيث كان نادي القضاة أعلن أن الرجل فاز بنسبة 3في المائة..أي رجل أعرج لا تمثيل ولا صدقية له وبالتالي هو تحت رحمة الرئيس بوش ورايس..ويقبّل الأيادي لان يرحموا به ولا يساندوا خصومه لممارسة مختلف أوجه الطعن داخل وخارج مصر..بل من اجل تمرير ابنه من بعده..قتل الليبرالية والحيوية المجتمعية ووضع نور السجن..وقال أنا أو الإخوان مثل غيره..تواطؤ مع الإخوان حاله حال جل الدكتاتوريات باسم الصداقة لأمريكا ولإسرائيل والاعتدال…

والثاني نجاح الإخوان المسلمين خلال أول أيام للانتخابات البرلمانية بما جعله يخرج نهائيا من دائرةالتأثيرأوممارسة أدنى ضغط كمايقال لناأحياناأوالحرارة والحيويةالتي نراهاعندما تزور رايس مصر وذلك من طرف أبو الغيط أو إن شئنا أضفنا إلى هذا..

كلمانسبت إسرائيل إلى مصرانفلاتاما على حدودهاتفجرت عبقرية الغيط ومبارك نفسه للحديث عن حزب الله أوإيران أوالإصلاح بين الفلسطينيين..لم تعد هذه الترهات تنطلي. ببساطة قال هذا بموت  الحاكم العربي.

وقال لإسرائيل بانّ عليها مراجعة خططها وأهدافها واليات تعاملها مع المواطن العربي…فشل ذريع للدولة الأمنية العربية المخابراتية لا مع اسرائيل بل في العراق…بوش غريق فأين الاستخبارات العربية الحليفة وذات المرجعيات المعتدلة؟.

أليس الصديق وقت الضيق؟أم أنّ المخابرات العربية فالسة لأنها منشغلة بالتجارة والمخدرات وكل أنواع التهريب وصناعة الإرهاب لمحاربته لاحقا؟ثورة شرق أوسطية وعربية كاملة حدثت وتحدث.

المخابرات الإسرائيلية والأمريكية نفسها فشلت بالمقاييس الأمنية..وهذايعني فشل تبادل المعلومات مع الدكتاتوريات…فشل جمعها…فشل ما يقال عنه علاقات ثنائية في أهم ركائزها…

لهذا الحديث.

لهذا وكما قلت منذ يومين في مقال لي الحديث عن شرق أوسط جديد أخلاقي وأساسي للمستقبل ليس لان رايس قالت أو أرادت هذا…بل لان أسس الأمس انهارت في أهم محاورها.الدولة الأمنية

الكلاسيكية ماتت.المخابرات العسكرية..المدنية…هل عشّشت داخلهاالتيارات الدينية؟هل هناك تحالف معها؟هل هناك عهد لان تتسلم الحركات الدينية الحكم شريطة مساندتها الأوضاع القائمة من جهة؟أي حماية الطغيان..وعدم ترك أي كان من العناصر الليبرالية والنظيفة والمثقفة أن تقترب من أي سلطة عربية؟وهو ما نراه عربيا وما كتبت حوله منذ جويلية2004وهو منشور بالفرنسية والعربية عبر تونس نيوز منذ نوفمبر2005 من جهة أخرى.

.النتيجةعربيا محزنة بالنسبة للحرية.ولمن يفهم في الأمورالأمنيةالوضع خطير جدا على التوازنات

..بن لادن حي يرزق..العراق يشتعل..لبنان يضطرب وعلى أبواب الالتهاب والسودان يتهيأ…و22

 جهاز مخابرات عربية مضروبة في3اي66جهاز مخابرات عربي وأموال رهيبة وتضحيات بملايين البشر والنتيجة بعد60سنة…لا معلومات صحيحة ودقيقة لديها..ماذا تفعل؟

.هذا ما صوّت له المواطن الأمريكي الذي دفع الأموال من ضرائبه ومن أخلاقه وقيمه نتيجة مساندة بلاده الدكتاتوريات.وهو ليس في صالح الطغاة وهذا جميل لنا نحن المضطهدون.

وهذاالأمرالحرة لم تذهب إليه خوفا على مشاعر الدكتاتوريات؟ولكن المواطن الأمريكي ذهب إليه.

وفي خصوص الحرة قلت هذا في كتاب لي بتاريخ 4اكتوبر2004واخر بتاريخنوفمبر2005واخر بتاريخ 21فيفري2006 …

غادرالطغاة بعدأن سلمواالمنطقةإلى غيرهم..هل يتورّط الديمقراطيون في لملمة ما تبقّى منهم؟

.في فلسطين تغيرت المعادلات كليا.ورأيت هذا منذ جوان2005..قبل ما يزيد عن السنة من اندلاع الحرب(الحجة متوفرة ومعروضة لمن يريد أن يطمئن قلبه وحدث ما رأيت تقريبا حتى بالمدة..)

إذ خرج الحاكم العربي..ماهي مبررات ونوعيةاستنجاب الحاكم العربي الجديد؟حاليا حماس وحزب الله وإيران…وبدرجة اقل الحركات الإسلامية عربيا…

التحالف الجمهوري الديمقراطي من المحتم أن يضع أساسا لتحركاته الخارجية أن موت الطغيان في هدوء هو الرد العقلاني الوحيد على أن تأخذ المنطقة برمتها إلى زنادقة العصر الجديد…وهذا لا يعني تسليم المنطقة أكثرإلى حركات غير مدنية.وكماسنرى نموذج العراق قال بموت..تربية أحزاب عربية معارضة في الخارج أوالمراهنةعلى تفاهات في الداخل بدعوى أنهامعروفة أكثر من غيرها…فشل

هذا في العراق هو من أسباب انهيار العراق اليوم…

.التعايش الذي أراه أريده أن سيتحضر أن زعيم ليبيا هرول دون طلقة واحدة.وجلب معه أطنانا من المعطيات والمعلومات..وهذا بفضل حفرة صدام.ومن الصدف..أيضا أن ريغن هو من ضرب زعيم ليبيا..وان بايدن بنفسه تحول إلى ليبياوتحادث مع العقيد مباشرة…واظهر رجل ليبياكثيرا من التوبة؟

.واليوم بالمعادلات الجديدة يمكن أن يكون تعاملا جديدا معه في مجالات الحرية…

وما قام به بوش من تصرفات مع ليبيا جميل جدا.إذ رغم الأخطاء الليبية فان بوش تصرف بحكمة وصبر كبيرين…فلا يمكن أن يطالب إيران وكوريا بالنهج على خطوات ليبيا وبعد أن تاب الزعيم ضربه…هذا فيه منطق وأخلاق وفيه تسهيل على كورياوإيران…وهذاما لم يدركه الزعيم الليبي فيصلح ولا يحرج حاله زملائه من رجال السلطة…لا يفهمون إلا بالعصا…والعصا التي اقصدها

..ضغط ديمقراطي يكمل نهج بوش…وأدعو كل من زار ليبيا أن يستحضر الكيفية التي استقبل بها الزعيم بليروكيف رفع ساقه في وجهه وعرضت الصورة منذ أيام فقط قناة المحور أللندنية…

.السعودية تتغيّر.بفضل أولا نخبة من الأمراء المتنوّرين والمستنيرين وثانيا بفضل مساعدة الحليف الأمريكي على نهج محاربة القاعدة وسلامة تراب المملكة..(بندرونخبة ممتازة من الجيل الجديد…)

هذا الأمر سيتدعم ديمقراطيا….وشخصيا كتبت كثيرا حول نايف وتحالفاته العربية…

.العراق سياسي ممزّق بين السنة والشيعة وتحت نظر عين الرقيب الكردي..فلا الشيعة اليوم تملك برنامجا ديمقراطيا وعقلية مدنية حقيقية ولا السنة تملك برنامجا يخالف برنامج البعث زمن البارحة

.ما نراه اليوم في العراق طبيعي بمقاييس التحولات الديمقراطية التي تكون بعد انهيار الخلافة

الأموية أي منذ 750..أي مايزيدعن1300سنة والعراقيون والعراقيات يتداول عليهم الفساد والقتل والانقلابات وغياب المشاركة وهو حال كل الدول العربية…لهذا المسالة لا تتعلق بخروج الأمريكي أو بقائه اليوم.ماذا تريد أمريكا برمتها من العراق؟والقول بالحوار مع إيران ومع سوريا ومع الفرقاء داخل العراق…فهذاليس بحكمة…بل من البديهيات أن يكون أول الحديث مع مايحدالعراق جغرافيا ..ومهما كانت طريقة الحوار والياته ومضامينه وصيغه..وحل العراق لا يكمن لدى إيران ولا لدى سوريا…يكمن لدى الأمريكان والعراقيين…وجرأة من الاثنين لا غير..

التاريخ يقول بصحة هذا الرأي

  .مانراه اليوم من نتائج مكنت الديمقراطيين من الفوز بالأغلبية صلب المجلسين عينه حصل  في وضعيةمشابهة تماماكانت افرزتهاانتخابات وحصلت لرئيس جمهوري هوالآخر يسمى ريغن..في 1986وطغى عليه في آخرأيامه الكونغرس؟..ومن المفارقات انه اجلس جلسات وجلسات أمام لجان مختصة للكونغرس وفي سنة1988زمن الانتخابات الرئاسية نجح نائبه بوش الأب؟ولم ينجح ديمقراطي على الرغم من أن الإرهاب كان حاضرا(مخلفات تفجير مقرالمارينز ببيروت)

والحرب بين لبنان وإسرائيل كانت رحاها تدور بعنف إلى جانب ما عرفه مصير رجال سفارة الولايات المتحدة الأمريكية بطهران؟ثم لاحقا إيران غيت؟وغيرها من الملفات…كما أن يومها كان التركيز الأمريكي من جمهوريين وديمقراطيين على محاربة الإسلام السياسي والخوف من طغيان الشيعة وهي تقريبا ذات أسس خطاب الحزبين اليوم في الولايات المتحدة الأمريكية؟يعني الوضعية بالنسبة لبوش كان عرفها الجمهوريون.

للكنغرس عيونه ومخابراته ولجانه…لا ينتظر انتخابات

مالا يعلمه الناس أنّ الكونغرس له مخابراته وعيون ولجان في كل مكان..يعني ما يجري في العراق وفي أفغانستان وفي غيرها من الأماكن رجال المجلسين يعلمونه علم اليقين…وبالتالي تصويت

الناخب الأمريكي للديمقراطيين هو من صميم العقل الأمريكي وسلوكه وتقاليده الانتخابية.بل هو من صميم العادات الانتخابية والنظرة إلى المسئولين وعدم جعل طغيان طرف ومهما كانت غاياته نبيلة

إلى ابعد مجال.

أي وقع من 2001الى2006تمكين الرئيس من كل الصلاحيات ليذهب أكثر في حربه على الإرهاب

والمواطن نفسه كان متابعا جيدا لاستراتيجية ونتائج تلك الحرب.قبل المواطن الأمريكي كل شيء حتى ما كان يخجل منه من قوانين زجرية…ولكن لا يقبل أبدا الفساد والفضائح الأخلاقية ورأى أن هذا كان بمجلس متجانس مع السلطة التنفيذية.أي غاب دور المواطن في الشد والمتابعة والقول أنا هنا كما أن هذا المواطن وعلى مدى التاريخ إن صوت لرئيس جمهوري وسلطة تشريعية موالية له فان هذا يكون لفترة محدودة ثم مع أول انتخابات نصفية(إلا في حالات نادرة)يسترجع العمل بمعادلة توازن بين الجمهوري والديمقراطي.وهذا ما حصل هذه المرة.

المواطن الأمريكي الناخب قال في استطلاعات سابقة بقبوله لقوانين زجرية حماية لأمنه..وبعدأسابيع قليلة..صوّت لمجلس تشريعي جديد…يعني لي هذا إرادة استرجاع ما تنازل عنه في فترات حرجة؟

وإرادة الإمساك بالنفقات العامة وما يمس الحريات والتحرّك أكثر على صعيد العلاقات الخارجية؟

الجديد على الديمقراطيين هذه المرة…افتكاك الجمهوريين خطاب الدمقرطة والحرية والتشجيع عليها

في الشرق الأوسط ولو باحتشام.السلوك الديمقراطي يكون مشاكسا ومحاولا استرجاع ما يرونه متاعهم أو ذهابهم إلى حيث الكأس لا تزال فارغة؟

.هذه المرة هناك الجديد والخطير على الديمقراطيين.منذ11سبتمبر غيّر بوش كلّيا من استراتيجية تفكيرالجمهوريين إذ ذهب إلى اعتبارالحريةوالديمقراطية والعدالة الاجتماعية مداخل أساسية لمحاربة الطغيان في الشرق الأوسط وصاغ منها مشروع الشرق الأوسط الكبير ثم الدعوة إلى مشروع الشرق الأوسط الجديد…وهو نفس فكر الديمقراطيين..وهذا الأمر قلّ أن تناوله هذا وذاك.وهو تغيير جوهري من حيث النظرة إلى الشرق الأوسط والتعامل مع دوله سابقا…بعض المشاريع الاقتصادية تحت عناوين مختلفة…وحماية من الشيوعية…واليوم من إيران؟والحركات الأصولية؟

المصداقية لكل طرف هناتحكم انتخابات2008.وقلت هذا قبل بروز نتائج الانتخابات في مقال وجهته إلى تونس نيوز بتاريخ الاثنين 6نوفمبر2006في الساعة الحاديةعشرة صباحا بتوقيت تونس ونشر المقال بتاريخ 7نوفمبر2006ومعه مقال آخر بنفس التاريخ..

الفوزالديمقراطي سيكون للديمقراطيين سلاحا ذو حدّين.إذ الجمهوريون الصدمة والرجةالنفسيةهي لازمة.وللديمقراطيين ستكون النشوة ولكنهم تناسوأنّ بوش منذ2003ولو خطابيا أكثر منه فعلا سلب منهم حقوق الإنسان والدمقرطة ونشر الحرية مع استحضاري هنا لأسلوب الفريقين.

بل هذاالرأي كتبته في2004…إلى كل نواب الكونغرس..والى الكثير من مسئولي الحزبين..طيب هذا تحليل وتنبؤات..

.ونحن كليبراليين ماهوالمطلوب مناعربياكنوعية تحرك باتجاه هذه الشراكة الجمهورية الديمقراطية؟

من يغيب ينسى ويندثر.الطغاة تحركوا ويتحركون لتمجيد الجمود والعفن.ونحن لبيع الحرية والسلام والتنمية الحقيقية والصدق وقتل الختلة والتخاتل..

في كلمة كليبرالي تونسي(على غرار الملايين من الليبراليين العرب)كيف نكتب عن التعايش الجمهوري الديمقراطي؟وكيف نراه؟والى أي حد نشجّع؟بل أين تكمن مصلحتنا؟ولماذا أصلا نكتب

هذا؟

.يمكن القول أن الليبراليةستتقدم مع نتائج الانتخابات الأخيرة في الولايات المتحدة الأمريكية.الطغاة لن يعرفوا معهااستراحة.هكذا نقدّم الديمقراطيين ووفق هذاالمعيار والهدف؟

تحرك الطغاةهوانقلابي على بوش بعدأن تمرّدواويتمرّدون أمامه.وحجّتي هناعملية.لينظرأي ديمقراطي عبرالعالم العربي ماذاكتبت فيهم  صحافةمن سيهرول اليوم من طغاةالعرب يوم خرجوا من الرئاسة؟كتباتناتقول..للاثنين إياكم والفئران التي ستحاول استلاف التزحلق والتلوّن للّلعب

عليكما…ومها كانت المسوّغات..

إذن تحالفنا نحن لا ينطلق من الرهان على استغلال فجوات بين الديمقراطيين والجمهوريين..ولا على ربح الأمريكي. لسنا ناخب أمريكي..ولن نكون كذلك..ولسنا قذرين ومورطين إلى العنق في كل أنواع الجرائم..نحن من اليوم سنكتب ل2008.بمنطق وعقل ورهان على الحرية…وهنافعلت رايس الكثير..

ولا يمكن لأيّ ديمقراطي إلاأن يكون متطرّفاقياسامع رايس في مجالات نشرالحريةوزوال الطغيان…

لكن بترتيب..السياسةليست جمعيةخيرية..كماأننالا نريدكتابات تشجّع على إفساد العلاقة بين السلطتين التشريعيةوالتنفيذية(الطغاةسيلعبون هناوكذلك الحركات الإسلامية من خلال الترويج لمعتدل هنااومتطرف هناك وان كان هذا منطقي..)ومعهانتيجةالكثيرمن القضاياالدولية وبالضرورة طبع سياسةأمريكابالجمودوالتردد والضعف…وهذاعنوان جاهزلعمل فضائيات وصحف باسم الحرّية والصداقة؟..سيكون هذاكارثياعلينا جميعا..

وكلنايتذكرهناقرارالكونغرس في 1973.والذي شكّل من يومها ضربة قاضية لكل من يسكن البيت الأبيض وتعديل المساعدات الخارجية في عام 1974 وتعديل كلارك في1976ومرقبةعمليات المخابرات الأجنبية في1978وتعديل بولاند في عام 1982.

وطبعا كانت هذه القرارات بعدحرب فيتنام وماخلّفته من نقمةشعبيةعارمةالى جانب ضعف رؤساء الجمهورية وكثرة أخطائهم…

.ورأينا ضياع الثقة بين الكونغرس وريغان إلى أن انتهت ولاية الأخير..وظل الحديث عن تعاون مزعوم بين الطرفين مجرد أحلام..وهنا تاهت أمريكا وتوّهت معها من ينشد الحرية..وكان لها ما تراه اليوم إرهابا…هل من تيه آخر؟يقتل ما تبقى من ليبرالية؟

..ويقول هناالمسترريتشاردهولمز(خريف 1986في حديث مع احد الكتاب..) احد من تولى رئاسة جهازالمخابرات الأمريكية السابق ومن عمل سفيرا بإيران..

   –حول إيران يستحضرهولمزان الشاه قال له ذات يوم بمكتبه بالقصر الملكي..يتوجب على إيران

أن تجد الحليف غير العربي القادر على حمايتها وعلى التعاون معها في وجه الحصار العربي الذي يحيط بها كما يحيط الماء بالجزيرة الصغيرة.

 -يقول هولمز أيضا حول إيران..إيران كما عرفتها تشبه قارة من القارات.والدخول الارتجالي في حرب ضد قارة كبيرة أمر غير مأمون الجانب ولا مضمون النتيجة..

..ذكرت هذا لان رجال الطغيان من العرب سيلعبون على هذا..ومنطقة الشرق الأوسط المسرح..؟

بوش صارينظرإليها بمنظار الدفع للحرية أي لم يعد يراها مجرد دول تختلف مع أمريكا حول موضوع إسرائيل ولكن الولايات المتحدة تتعاون معها حتى لا تذهب إلى التطرف …أي لا تصبح

تحت رحمة الحركات الإسلامية التي صنعتها الدول بنفسها؟(التحالف مع الضحية؟السلطة حتى لا تهرب منها السلطة.ورجال الدين حتى يتم تعويضهم؟)والديمقراطيون كيف يرون الأمر؟وصيغ التعاون اليوم مع الأنظمة الحالية؟بمنظار1986ام اليوم؟يعني ببساطة سياسة عامة في المنطقة تبقي على إسرائيل كأكبر قوة في المنطقة؟أم مولد الجديد؟والتيارات الإسلامية عدوا؟أم جزءا من اللعبة السياسية الداخلية لكل دولة؟

.وهنا ومنذ يوم غدالانتخابات بادر رامسفيلد بتقديم استقالته وهي إشارة ذكية منه ومن بوش ومن الجمهوريين باتجاه الأمريكي والأمريكية وقبل مطالبة أي كان.قال الجمهوريون للأمريكان ..فهمنا

تصويتكم.نحترم كلياإرادتكم.الديمقراطيةاضغاء واحترام لتوجهات ونبض الناخب.(عكس شيراك زمن الاستفتاء وزمن مختلف الانتخابات الإقليمية..رغم أصوات الناخبين والناخبات رفض الاستماع إلى النبض…بل حرك وزيرالداخليةإلى الخارجيةوالأخيرإلى رئاسة الوزراء…ثم أعاد وزير الداخلية إلى الداخلية…)واختيار مكانه شخص محل رضا الجانبين ولو بالحد الأدنى..

يعني أن بوش قال عمليا يمكن التعايش داخليا ومع العالم وسحب من الغير الحديث عن صقور

تفسد العلاقات داخل وخارج أمريكا..أي سحب ما قد يتخذ من حجة لتغذية السخط على الرئيس وعلى الجمهوريين…قال للديمقراطيين..أنا هنا لنتفاهم..وها أنني فعلت ما يترجم ذلك..

في خضمّ هذا…لا اعمل إلا لانتعاشة ليبرالية ولتعايش جمهوري ديمقراطي مفيد لنا…

.الحزبان في أمريكا على مستوى الشرق الأوسط لهما نفس الاهتمام بقضايا فلسطين وإسرائيل وإيران والحركات الإسلامية والطغيان وما هو منتظر من حلول عبر هذا البلد وذاك دون رجات.

وكماقلت مع2001وتحديدامنذ2003اقترب الجمهوريون من برامج الديمقراطيين في هذه المجالات

وبالتالي الأمرايجابي بكل المقاييس والمعاني للحرية وخطيرعلى الدكتاتوريات وهو عكس تصوّرها.

   .القضية الأولى التي أنهكت جهودالعالم وتاجر بهاوذاك ..قيل إنها من أهم أسباب تفريخ الإرهاب.

1-الرئيس كلنتن سخّرلهاكل الجهود زمن المعتدل عرفات وزمن بوردينة؟والرجوب؟ونبيل عمر؟وكل الذين هم من حول أبا مازن ودعنا من حماس.بل يوم رفض عرفات ما عرض عليه من كلنتن

وسألني أكثر من مسئول أجنبي يومها وخلال سنوات 2003و2004و2005وقلت..

لو كنت مكان عرفات..أقول لكلنتن…سيدي الرئيس هذا أفضل ما عرض على جنابي ولكنه منقوص

لذا أين يمكنني أن اطمع أكثر؟(وردهذافي كتابي المنشور بتونس نيوزالموقع بتاريخ 27 ديسمبر 2005كما ورد ضمن كتابي الثاني المنشور في 21فيفري2006بمكتبتي العالم العربي وافيروس بباريس…).

لكن المعتدل عرفات عاد مارا من باريس؟ومن تونس؟ومن مصر؟وكانت الانتفاضة الثانية؟وكلنا

يتذكر كيف أنّ عرفات كان يمنّي نفسه بمقابلة أي مسئول بسفارةالولايات المتحدةالأمريكيةبتونس؟

ثم كيف فتحت له أبواب البيت الأبيض كما لم تفتح لأي رئيس عربي.بل صار يتم به التوسط لدى كلنتن من هذا الزعيم العربي وذاك؟إذن المشكلة لا تكمن اليوم في حماس وحزب الله وإيران وسوريا

وكل ما يقال عنهم متطرفون.

عرفات

معتدل وعامل بنصائح تونس ومصروالسعودية والأردن تحديداوهي أنظمة معتدلة؟وحليفة  للولايات المتحدة الأمريكية.بل دمرت وتم التبرير لها بهذا.ويتواصل هذا التبرير الزعم.

من هناقلت وأقول(انظرماكتبت عبر تونس من 10نوفمبروالى غاية اليوم 9 نوفمبر 2006)الدول المحيطة بإسرائيل(انظر مقالي المنشور بتاريخ 7نوفمبر2006بعنوان مؤتمر دولي للتنفيس عن الطغاةبعنوان السلام؟وقبلهاخلال فيفري ومارس وافريل وماي وجوان وجويلية2006)..

لا شعبيا..من حيث الأحزاب والمنظمات المهنية ومدنيا من حيث الجمعيات والرابطات ومجالس النواب ومن حيث الخطاب الرسمي لا يوجد ما يوحي اليوم في نهاية 2006ببروز ولو بوادر صغيرة من رجال سلام حقيقيين وبعد 60من الحكم؟

إذاذهبناإلى الدول العربيةالأخرى نفس الأمر..انظرخطاب الرئيس التونسي في7نوفمبر2006

وحديثه عن العروبة والإسلام…ورجال هذين الأمر الكل يعلم أنهما وتحديدا اليوم من محاربي الولايات المتحدة وليس بوش فقط لاعتبارات عقائدية.وبالتالي لإسرائيل..وعليه فان أي حل لمسالة العراق وفلسطين لا يكون عربيا.

التركيز على العروبة برز مع انهيار النظام في العراق..وعلى الإسلام مع صحوة حزب الله وقدوم نجادي…والسلطة في تونس مثلا المختصة في محاربة التطرف والإرهاب..هي أكثر الأنظمة العربية

تلويكا لهذا وأكثرها ابرازا وفي كل مكان لمن يكره الغرب والليبرالية…عبر أي مجال تبرز السلطة بالقوة ودون انتخابات حقيقية عناصر قومية وإسلامية ويسارية متطرفة..

.ببساطة شديدة ولا في أي نظام عربي وعبر مجالس النواب والشورى(القائمة بالتزوير وبالتعيين)

مع استثناءات قليلة في خصوص صحة الانتخابات أو الأحزاب أو الجمعيات أو الهيئات..هي فعلا قابلة للوجودالإسرائيلي أصلا…هذاواقع…كيف نعمل على تغييره؟لذاهناالجمهوريون والديمقراطيون لا يملكون الحل انطلاقا من الحلفاء العرب والمعتدلين ولا أتحدث عن المتطرفين بالمنطق الأمريكي…هناسيكون التباري..والجدي سيربح انتخابات 2008…والجدية أراها في الحرية عبرالشرق الأوسط وشمال إفريقيا…يعني حكايةالتعويل عربياعلى تافهين والقول بانّ السلام ممكن حكاية فارغة…ودوران في حلقة مفرغة…وخاسر وحيد عبر العالم وليس نحن هنا في تونس أو ليبيا أوالجزائرفقط..هي الليبرالية…الحرب على الإرهاب أبرزت أوضاعا جديدة..من يقرؤها ويصوغ منها برامج يتجه نحو المستقبل وعكس هذا هذيان…ولهذا وقلت وأقول الإسلام يتقدم والطغاة يتكتكون معه والليبرالية تنهار…

إسرائيليا تقريبا ذات الأمر..مع محاولة شارون منذ سبتمبر2005فعل ما يمكن أن يمرره..

.

إسرائيل المفكر والمواطن والسياسي القول لهم بانّ العسكر لم يعد تاجهم ولا قوتهم التي لا تقهر وهذا ما سيزيد في إبعاد فرص السلام الحقيقي.كما أن انتشار الإسلام عربيا يقول بالقطع أن فرص السلام تبعد وتبعد.وان أساسيات التعويل على الطغيان بجانب إسرائيل عربيا وعبر الدول العربية قد انهار ومات.وهو فشل ذريع للغرب.وهذا الفشل برزت عيوبه الصارخة في الحرب على الإرهاب.إذ من المفروض مخابراتيا أن يكون النظام العربي مول أمريكا بكل ما يقال عنها عناصر إرهابية ؟لكن..المخابرات العربية إما ضائعة وإما مجاوزة…وفي الحالتين انهارت وانهار معها ما يقال عن

حليف…بل الحركات الإسلامية على تعددها وتنوّعها لم تعد تهاجم الطغاة..انظروا حزب الله وموقفه من الطغاة..إيران…وهذا فيه الكثير من الدروس…

وكما قلت بمقالي المشار إليه أعلاه المنشور بتاريخ 8نوفمبر2006عبر تونس نيوز..الحديث عن

مؤتمر دولي للسلام بالطغاة هو تنفيس عليهم وعدم الذهاب إلى موضوع الحرية والدمقرطة المحاور

الأساسية لأي بذرة سلام مستقبلية..

في كلمة التعايش الأمريكي الجمهوري أراه كليبرالي تونسي يتجه إلى مؤتمر دولي لرؤساء الدول

الحليفة للولايات المتحدةالأمريكية…محوره واحد..أين الحرية؟كيف نصل إليها؟أين الناخب العربي؟

وبالطبع تكون لدى رجال الحزبين الأمريكيين المعطيات الموضوعية والحقيقية..ويضبط لكل رئيس بصفة سريةموعدازمنياأقصى حدوده مارس2008.حتى لا يكون الأمر مباراة تنافسية انتخابية بين الحزبين…وان يتم الاتفاق على عدد من المكاتب الانتخابية إضافة إلى كل مراحل العملية…وان يسهر على احترام هذا مراقبين دوليين لكل مراحل العملية وخاصة من حيث التسجيل والاقتراع…

هذا وحده يغيرالأوضاع دون حروب وقوة وقسوة…يعني المعركة الدولية هي بين الفساد والطغيان والإرهاب وبين مستفيد واحد من هؤلاء الإسلام السياسي…وهذالا يعد تجنيا مني على رجال الإسلام السياسي أو تجريما لهم…

بل البحث عن حلول متعادلة يربح منها رجال الاعتدال في أي مجال ومن أيةمرجعيات كانت…هذاما أراه وهذا ما سأكتب له كليبرالي..

وهذا ما انتظره من الولايات المتحدةالأمريكيةاعتبارالحجمهاوقدرتهاولكونهاتدعم الليبراليةمثلما تدعم دول الخليج وإيران والطغاة؟ نعم؟الإسلام السياسي..لكلّ حلفاءه ورجاله…نحن نسعى للحرية والآخر للجهاد والاسلمة..

نهجان سيحددان نوعية الأفكار والاستراتيجيات والأهداف من هنا إلى مئات السنين.نهجان تدور

حولهما مستقبلا كل المعارك والمنافسات الانتخابية والخطب السياسية.

واختم مقالي هذابالتذكيربهذه الفقرةالتي وردت ضمن خاتمةمقال لي بتاريخ7جويلية2006اي قبل

الحرب الأخيرة في لبنان بخمسة أيام؟هذه الفقرة كنت رأيت فيها أمريكيتين..واحدة لا أحبها شخصيا وأخرى أريدها أن تكون..ومضمون الفقرة…

  في كلمةنريدأمريكاجديدة تتجه عبردبلوماسيةهادئةوجديةنحوالمقهورين والمظطهدين والمساجين’نريد وساطات منهامسئولةلا تعتمدالعنف أوالقسوةأوالتحدي أوحمايةأي طاغيةومهماكانت المبررات’نريدها متعاطفة مع الشعوب المغلوبة على أمرها…

نريدأمريكاالمؤمنةبان الحرية والديمقراطية أضحت ضرورة عربية لأمن الإنسان الفرد..هذه أمريكاالتي نساندونريد..ومساهمتناقوية في هذا…أمريكاتدمراليوم خيرتدمير من الدكتاتوريات منتوجهامنذعهود

هذامانريدأن نزيله مع 2008…هناك امريكيتان اليوم...أمريكاللطغاة…أمريكاالأخرى التي نريدهاأن توجد..وردهذابتاريخ7/7/2006عبرتونس نيوز.وهذاتقريباماذهب إليه الناخب والناخبة الأمريكية.هذا ماأراه كمجالات للتنافس والتسابق بين الجمهوريين والديمقراطيين..وهذا مالا يريده رجال الطغيان..

حسين المحمدي تونس

10نوفمبر2006.


بسم الله الرحمان الرحيم

و الصلاة و السلام على أفضل المرسلين

    تونس في 09 نوفمبر 2006

الرسالة 161 على موقع الحرية

رسالة إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله آل سعود

حفظه الله و نصره

بقلم محمد العروسي الهاني

مناضل دستوري

كاتب عام جمعية الوفاء

نداء من الأعماق و من بلد جامع الزيتونة المعمور

بكل محبة و تقدير و إكبار و بكل إلحاح و رجاء ألتمس من سيادتكم يا صاحب الشهامة و الكرامة و العزة و الأنفة و الشهامة العربية و الفحولة و نخوة العرب أن تقف وقفة الشجعان الكبار و العظماء الأبطال مع إخوانكم المجاهدين المقاومين في الجبهة الفلسطينية من حركة حماس و من حركة الجهاد الإسلامي و منظمة التحرير فتح و كل فصائل الثورة المباركة و الوقوف إلى جانبهم و الدفاع عنهم و السعي لتوقيف مجزرة الصهاينة الغاصبين و الأعداء المتمردين و اليهود الغاصبين الحاقدين على الإسلام و المسلمين و العرب أجمعين نرجوكم حضرة خادم الحرمين الشريفين أن تستعملوا نفوذكم مع دولة أمريكيا صاحبة النفوذ على إسرائيل لإيقاف حمام الدم في بيت حانون و في غزة و في كامل تراب فلسطين لأنّ العدو هذه الايام زاد في هجماته بعد أن خسر معركة لبنان في جبهة القتال و اراد تركيع إخواننا الفلسطينيين و العرب الآن لا دور لهم إلا الفرجة و هم صامتين و أم الدنيا رئيسها محمد حسني مبارك صامتا و لا يحرك ساكنا و هو جالس على كرسي الحكم منذ 27 سنة يتفرج على إخوانه في فلسطين و في لبنان و العراق و افغانستان و هو لا يهمه ما عدى الحكم سنين … و العالم العربي كله مشغول باشياء أخرى و البقاء في الحكم مدى الحياة بشتى الطرق و الحاشية تزيّن لهم لأنهم كلهم منتفعين و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم.

حضرة الملك الاصيل نعوّل عليكم للقيام بمبادرة في الحين بإعتبار وزن المملكة العربية السعودية و سلاح النفط المتين و الله معكم يا خادم الحرمين الشريفين و نتمنى أن نسمع مبادرتكم قبل تصفية الفلسطينيين و إنهاء إعتقال الاعضاء الميامين و الوقوف إلى جانب حكومة العدل و الدين و حركة حماس و المجاهدين و كفانا تناحرا و الجري و راء سراب المادة و سراب الكرسي الذي لا يدوم لأحد…

و نرجو لكم من الله التوفيق و النجاح و السداد و العون و القوة

و نقترح على حضرتكم دعوة الحركتين فتح و حماس للتشاور معكم في مكة المكرمة بعد آداء العمرة للطرفين عسى أن يفتح الله عليهم بالإنسجام و التضامن و التخاطب باللين و ترك ما يحبه العدو لزرع الفتنة بينهما و في ذلك ربحا لإسرائل و الله الهادي إلى سواء السبيل.

أما المحور الثاني و الأخير

فهو يهم موسم الحج لعام 1427 هجري و إقتراحات عملية من قلب يفعم بالإيمان و الحب للدين

و هذا النص للإقتراحات أوججها إليكم في الحين على بركة الله تعالى و بعونه و توفيقه يسعدني أن أتقدم بأسمى آيات التهاني القلبية و اصدق وأطيب التمنيات الحارة و أنبل و أعمق الوفاء و الإكبار و الإجلال بمناسبة عيد الفطر المبارك السعيد.

للملك المصلح الكبير الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود خادم الحرمين الشريفين

وإلى ولي العهد و الأمراء و أعضاء الحكومة للمملكة السعودية و الشعب السعودي الشقيق و إلى سفراء المملكة العربية السعودية في كل الدول العربية و الإسلامية و في العالم باسره راجيا لهم جميعا التوفيق و النجاح و النصر من الله العلي القدير و أن يمتع الله الملك المصلح عبد الله بن عبد العزيز آل سعود بمزيد الصحة و العافية و أن يوفقه في أعماله و يؤيده بنصره و يرزقه الله بالبطانة الصالحة التي تدله على الخير و تعينه عليه و أن يعيد له هذا العيد السعيد بالخير و اليمن و البركة على المملكة العربية السعودية ملكا و حكومة و شعبا إنه سميع الدعاء.

و أتقدم بالمناسبة السعيدة و قبل شهرين و خمسة ايام على الوقوف فوق جبل الرحمة عرفات يوم الحج الأكبر و الحج عرفة كما قال الرسول الأكرم صلى الله عليه و سلم.

أتقدم بهذه المناسبة المباركة و الشعيرة الدينية المفروضة من ربّ العزة و الرحمة ربّ العالمين إلى جلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود بالمقترحات التالية:

اولا: تخصيص عدد إضافي لكل دولة عربية بخمسة بالمائة على العدد المحدد لكل دولة عربية و ذلك لتمكين بعض الراغبين في آداء الفريضة لهذا الموسم

ثانيا : فتح مكاتب القنصلية خلال و بداية شهر ذي القعدة القادم حتى يتسنى للأخوة الذين سيحصلون على التاشيرة لآداء مناسك الحج في ظروف طيبة و قبل الإزدحام على الطائرات و إرتفاع الاسعار في منتصف شهر ذي القعدة كما حصل العام المنصرم.

ثالثا: تفضل الملك عبد الله آل سعود و منحه التذاكر بنصف الثمن للمعاونين و المعاقين و كذلك للمرافق معه و نرجوا أن يتفضل الملك بمنح مائة تذكرة لكل دولة عربية لمن يستحقها بنصف المعلوم.

رابعا : إعفاء تأشيرة المجاملة من آداء الدخولية و تخصيص أماكن للإقامة لهم.

خامسا : مساعدة الاخوة الذين يرغبون في آداء الحج و الأخذ بأيديهم و فتح الآفاق و الابواب أمامهم كما تفعل بعض الشركات التجارية في موسم الحج كل عام و تخصص قرابة ألف تأشيرة لمن يرغب في آداء مناسك الحج و يدفع بالعملة الصعبة نقدا حوالي 6 آلاف و خمسمائة دينار تونسي أي زيادة ألفي و خمسمائة دينار على معلوم الطائرة و الإقامة و التنقل و الخدمات لمن انعم الله عليه و خرج اسمه في القائمة حسب الشروط المعمول بها في كل قطر…

سادسا : مراعات الكبار و رجال الدين و الأئمة الراغبين في آداء مناسك الحج بمنحهم التأشيرة

سابعا : إطلاق حرية السفر سواء على طريق البرّ و البحر و الجو و من كل دولة حتى يكون المجال أوسع و الحرية أكثر و حذف الشرط و التمسك بملاحظة الحج برا و جوا فهناك من يذهب من تونس إلى سوريا أو الأردن جوا ثم يجد وسيلة على الطريق البر و الله قال: يريد الله بكم اليسر و لا يريد بكم العسر صدق الله العظيم 

هذه المقترحات أعتقد أنها ستجد الآذان الصاغية و الاهتمام البالغ من رجال عمالقة في حجم الملك عبد الله خادم الحرمين الشريفين و الأمراء و حكومة المملكة العربية السعودية و قد عودنا أخونا سعادة سفير المملكة العربية السعودية بتونس الاستاذ إبراهيم السعد الإبراهيم بالدعم و التشجيع و كذلك أخونا الفاضل حسن الانصاري القنصل العام بالسفارة السعودية فللجميع ألف تحية و الف شكر على عنايتهم و مساعدتهم للحجيج الميامين قال الله تعالى : و تعيها أذان واعية صدق الله العظيم

و قال و لله العزة و لرسوله و للمؤمنين صدق الله العظيم

بقلم محمد العروسي الهاني

مناضل دستوري

كاتب عام جمعية الوفاء

الجوال 22.022.354


 

سيف الاسلام ابن القذافي يسافر للعمل في الخارج

   

طرابلس (رويترز) – قال مصدر رسمي يوم الجمعة ان سيف الاسلام الابن البارز للزعيم الليبي معمر القذافي الذي وجه انتقادا علنيا نادرا للنظام السياسي في بلاده في اغسطس ب الماضي سيغادر البلاد للعمل في الخارج. وقال المصدر ان سيف الاسلام وهو في اوائل الثلاثينات سيعمل في مؤسسة اقتصادية دولية مضيفا انه من غير الواضح ما هي الاثار التي ستترتب على رحيله على برنامج اصلاح وتطوير دعا اليه في كلمته التي القاها في اغسطس اب. ولم يذكر المصدر تفسيرا لرحيله. وكانت تعليقات سيف الاسلام التي وردت في كلمة استغرقت ساعتين امام 15 الف نشط من الشباب في بلدة سرت من أكثر الانتقادات العلنية التي صدرت عن أي ليبي. وانتقد سيف الاسلام الذي كانت يتحدث وسط هتافات عالية عددا من الاخطاء في الحياة العامة في ليبيا بما فيها جشع « القطط السمان » في مؤسسات الدولة والحالة المتردية لقطاعي الصحة والتعليم ودعا الى اجراء عدد من الاصلاحات. وقال ان ليبيا تفتقر الى حرية الصحافة وان النظام السياسي ليس ديمقراطيا كما يحب ان يكون. وبعد 11 يوما حث القذافي في كلمة بمناسبة مرور 37 عاما على توليه السلطة مؤيديه على قتل الاعداء اذا طلبوا تغييرا سياسيا. وفي السنوات الاخيرة كان ينظر الى سيف الاسلام على انه أكثر ممثل لوالده يتمتع بثقته رغم انه لا يشغل أي منصب حكومي. وقال المصدر الرسمي ان سيف الاسلام سيبقى رئيسا لمؤسسة القذافي للتنمية وهي جمعية خيرية تشارك في عدد كبير من المشروعات الانسانية والدبلوماسية. وكان أحدث اجراء هو التدخل لتأمين الافراج عن سائحين ايطاليين افرج عنهما في ليبيا بعد خطفهما في اغسطس اب بيد جماعة مسلحة في النيجر. كما ساعدت المؤسسة في انشاء صندوق لتنظيم المساعدات لمئات الاطفال الليبيين الذين اصيبوا بفيروس الايدز.   (المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 10 نوفمبر 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)  

المغرب يدافع عن شركة الطيران الوطنية بعد شكاوى من اسلاميين

 

الرباط (رويترز) – نفي مسؤول بارز بالحكومة يوم الخميس اتهامات وجهها اسلاميون بأن شركة الخطوط الجوية الملكية المغربية انتهكت حقوق العاملين بها حين منعتهم من اداء الصلاة أثناء العمل وأجبرت الطيارين على تناول الطعام في نهار رمضان. وصعد حزب العدالة والتنمية وهو حزب المعارضة الرئيسي المعترف به قانونا هذا الاسبوع من انتقاداته للخطوات التي اتخذتها الشركة المملوكة للدولة ووصفها بأنها انتهاك للحرية الدينية. وقال مصطفى رميد وهو قيادي بحزب العدالة والتنمية ثالث أكبر الاحزاب في البرلمان في مقابلة « أكثر من 50 دولة اسلامية لديها شركات طيران لكننا لم نسمع عن حظر مثل هذا إلا هنا. » واتهم مسؤولون بالحكومة حزب العدالة والتنمية بتعمد إثارة القضية القائمة منذ اربعة اشهر في محاولة للتأثير على نتائج الانتخابات البرلمانية المقررة العام القادم. وقالت خديجة بورارا مستشارة وزير النقل كريم غلاب انه منذ يوليو تموز حظرت الشركة على موظفيها الصلاة في مكاتبهم لفرض نظام العمل لكن العاملين بالشركة يسمح لهم باداء الصلاة في مسجدين قريبين. وقالت لرويترز « شيء مخز أن يوصف القرار بأنه حملة قمع للحرية الدينية » مضيفة أن من الخطأ الادعاء بان الشركة تنتهك الحقوق الدينية لموظفيها. وقالت خديجة ان الشركة كان يتعين عليها فرض النظام في العمل حيث انها تواجه منافسة عنيفة من شركات الطيران الاجنبية بعد ان وقع المغرب اتفاقية للسماوات المفتوحة مع الاتحاد الاوروبي. وقال مسؤول بارز آخر بالحكومة رفض ذكر اسمه ان حزب العدالة والتنمية يثير النقاش في البرلمان والصحافة في محاولة لإحراج الحكومة قبل انتخابات 2007. وقالت خديجة ان الشركة منعت طياريها من الصيام أثناء قيادتهم الطائرات في شهر رمضان بعد ان أظهرت اختبارات المحاكاة أخطارا أمنية محتملة.  واضافت أن سلطات الملاحة الجوية أثبتت ان طيارا صائما لا يمكنه التحكم بشكل كامل على ناقل الحركة ومعدات الطائرة بعد ان بضع ساعات في الجو. وقال نور الدين قربال النائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية للصحفيين ان بعض العاملات بالشركة شكت اليه كتابة من انهن يحظر عليهن ارتداء الحجاب. لكن خديجة قالت ان الشركة تصرفت بلا إجحاف. واضافت ان اثنتين فقط من العاملات طلب منهما الانتقال من مكتب الاستعلامات الرئيسي الى مركز اتصالات للشركة اذا كانتا تريدان ارتداء الحجاب وانهما أذعنتا للأمر.   من الامين الغانمي   (المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 10 نوفمبر 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)


Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.