الثلاثاء، 9 مارس 2010

TUNISNEWS

 9ème année, N°3577 du 09. 03 . 2010

 archives : www.tunisnews.net

الحرية لسجين

 العشريتين الدكتور الصادق شورو

وللصحافي توفيق بن بريك

ولضحايا قانون الإرهاب


الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين البوليس السياسي يعتقل سجين الرأي السابق نورالدين قندوز

حــرية و إنـصاف:البوليس السياسي يعتقل سجين الرأي السابق نورالدين قندوز

السبيل أونلاين :فيديو:القاضي يدين بن بريك ومحكمة الطفولة تنقض الحكم والرأي العام يؤكد البراءة

الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين:السجين السياسي السابق الصحبي عتيق :تحت الحصار .. محامون تونسيون:بيـــــــان هند  الهاروني:محاصرة أمنية و مضايقة في الشغل

غزالة محمدي :بيان رقم 2

حركة التجديد: بلاغ

الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات :بــــيان تضامنا مع زكية الضيفاوي

معارضة تونسية تضرب عن الطعام بمناسبة عيد المراة

السبيل أونلاين:إصابة سجين رأي سابق وزوجته بطلق ناري

نقابي – الكاف: اضراب شامل في مؤسسات التعليم الثانوي بتاجروين – الكاف

الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان – فرع القيروان:بيـــــــــــــــــــــــــــــــــان

بيان من دائرة الإعلام للنقابيين الراديكاليين كلمة:الزيارة المفاجئة نزار بن حسن:إلى من يهمّه الأمر : الرّسالة 19 (عندما يتمّ تجاوز السّلطات ويرفض الاستماع إلى مشاكل المواطن)

مداخلة حركة التجديد في الدورة الحادية عشر للمجلس الأعلى للبحث العلمي

طلبة تونس:أخبار الجامعة

في منتدى التقدم : لقاء مع الدكتور عبد المجيد الشرفي حول الحداثة والهوية

حــرية و إنـصاف:ألف يوم من الحصار على غزة بل ألف يوم ومليون ونصف من البشر في العراء دون ماء وغذاء ودواء

العجمي الوريمي حديث عن المرأة

سفيان الشورابي:الدولة والأهل شريكان

سارة أبو غزال:لبنان والنساء: أنواع المواطنات واستعمالهنّ

الشيخ راشد الغنوشي :لماذا تُستهدف إيران؟

فهمي هويدي :المريب والعجيب في صفقة الغاز

مصطفى كمشيش:اللقاء بين مبارك وإخوان مصر!!


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivan : Affichage / Codage / Arabe Windows)To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)  


 منظمة حرية و إنصاف التقرير الشهري حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس

 
جانفي 2010


الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس : e-mail aispptunisie@yahoo.fr تونس في 09 مارس 2010 السجين السياسي السابق نورالدين قندوز، والتهم الجاهزة


دَهم عدة أشخاص بالزي المدني يعتقد أنهم من البوليس السياسي التابع لمصالح أمن  الدولة محل سكنى السجين السياسي السابق نور الدين قندوز، وقلبوا أثاث المنزل رأساً على عقب ، متعللين  بأنهم بصدد البحث عن « صاعق كهربائي » و أن لديهم شكوكا بأنه بحوزة زوجها، ولم ينصرفوا إلا بعد أن قاموا بحجز الوحدة المركزية لحاسوبه المنزلي، وقد تمكن  نورالدين قندوز من الإتصال بالهاتف بأحد أعضاء الجمعية و أخبره أنه بحالة إيقاف لدى فرقة أمن الدولة التي كررت المزاعم التي ذكرتها لزوجته عند اقتحام المنزل. ويذكر أن نورالدين قندوز سجين سياسي سابق تم إيقافه في 1991.07.18 وحكم عليه بـ 33 سنة و3 أشهر سجنا ، وأطلق سراحه في 24 جويلية 2007 حيث تنتهي مدة السراح الشرطي في 2010.11.26. والجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين،إذ تدين استخفاف البوليس السياسي بحرمة المسكن و تكرار المداهمات لبيوت السجناء السياسيين السابقين بتعلات واهية ، فإنها تعتبر في هذا الإيقاف نية مبيتة للإلتفاف على قرار السراح الشرطي  و تطالب بالإفراج الفوري  عن نور الدين قندوز و تحمل محتجزيه المسؤولية كاملة عن سلامته الجسدية و المعنوية ،  

عن الجمعيـــــــة لجنة متابعة السجناء السياسيين المسرحين


الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 21 ربيع الأول 1431 الموافق ل 08 مارس 2010 البوليس السياسي يعتقل سجين الرأي السابق نورالدين قندوز

فوجئت عائلة السجين السياسي السابق السيد نورالدين قندوز على الساعة الرابعة بعد عصر اليوم الثلاثاء 09 مارس 2010 بحضور عونين من أعوان البوليس السياسي قدما على متن سيارة من نوع ايسوزو 4*4 وقاما بتفتيش المنزل وحجز وحدتي حاسوب إحداهما لا تعمل ، واعتقلا السيد قندوز واقتاداه إلى مقر إدارة أمن الدولة بوزارة الداخلية أين أخضع للاستجواب حول علاقته ببعض الأشخاص الذين ادعوا معرفتهم به، وقد دام الاستجواب مدة أربع ساعات كاملة ولم يطلق سراحه إلا على الساعة الثامنة مساء، علما بأنه استرجع الوحدة المركزية المعطوبة. وتجدر الإشارة إلى أن أعوان البوليس السياسي طلبوا منه الحضور يوم غد الأربعاء على الساعة العاشرة صباحا لاستكمال الاستجواب، وقد أفاد بأنه عومل معاملة حسنة. وحرية وإنصاف 1)    تستغرب اعتقال السجين السياسي السابق السيد نورالدين قندوز بعد المدة الطويلة التي قضاها في السجن وتدعو إلى وضع حد لسياسة الاعتقال العشوائي ومضايقة المسرحين بعد المعاناة الطويلة التي تعرضوا لها. 2)    تطالب بتسوية وضعية المسرحين بدل اعتقالهم وسجنهم من خلال تمكينهم من حقوقهم السياسية والمدنية ومن بينها حقوق الشغل والسفر والدراسة والتنقل وابسطها حق الحصول على بطاقة التعريف الوطنية وعلى جواز السفر.  عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري  


فيديو:القاضي يدين بن بريك ومحكمة الطفولة تنقض الحكم والرأي العام يؤكد البراءة

السبيل أونلاين – تونس – خاص للإطلاع على شهادة الطفلة خديجة إبنة الصحفي السجين توفيق بن بريك – الرابط على اليوتوب : http://www.youtube.com/watch?v=c1RFR6y3kXQ زار مراسلنا منزل الصحفي السجين توفيق بن بريك  بهدف متابعة قضيته ، وقد إلتقى زوجته عزة زراد وإبنته خديجة بن بريك البالغة من العمر 11 سنة ، والتى كانت برقفة والدها أثناء الحادثة محل الدعوى وشاهدت تفاصيل ما حدث بينه وبين المرأة التى إدعت تعرضها للعنف المادي واللفظي .  وسألناها عن أطوار وحيثيات قضية أبيها فنطقت ببراءة الطفولة عن خلو ساحته  مما نسب إليه وهي شاهدة إثبات على ذلك . ومهما عمدت السلطات السياسية إلى تحريف الوقائع وإستعمال السلطة التنفيذية كأداة لتلفيق القضية وتسخير القضاء لإكمال المسرحية ، فإن شهادة الطفلة خديجة قوضت الإدعاءات ونطقت بالحقيقة التى لا ريب فيها بقطع النظر عن الحكم الصادر ضده . فإذا كان القاضي قد أصدر حكمه البات في القضية ، فإن محكمة الطفولة قد نقضته وقوضته ، ليصادق الرأي العام على حكم البراءة . من مراسلنا في تونس – زهير مخلوف   (المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس) ، بتاريخ 09 مارس 2010)


الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس : e-mail aispptunisie@yahoo.fr تونس في 09 مارس 2010

السجين السياسي السابق الصحبي عتيق : تحت الحصار ..

 


يخضع السجين السياسي السابق الصحبي عتيق لحصار بوليس خانق و متابعة لصيقة َحيث تقوم سيارة تابعة للبوليس السياسي باقتفاء كل خطواته و مرافقته في كل تحركاته منذ صباح الأحد 07 مارس 20110 . مما أزعج جيرانه و أفراد عائلته خاصة و أنه لا يعلم سبب واضح لذلك سوى ما دأبت علية الدوائر الأمنية من حين لآخر من  » تذكير  »  النشطاء الحقوقيين و المعارضين السياسيين و السجناء السياسيين السابقين بأن القبضة الأمنية متواصلة و أن للبوليس السياسي اليد الطولى في التعامل مع كل الملفات ..والإعداد لكل..الإستحقاقات .. والجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين،إذ تذكر بأن وظيفة أعوان  » الأمن  » هي ضمان أمن المواطنين و ممتلكاتهم لا محاصرة بيوتهم و إحصاء أنفاسهم ، فإنها تعتبر أن في تواصل معاملة المساجين السياسيين السابقين كمواطنين من الدرجة الثانية تكريسا للعقوبة الأبدية و اعتداء صارخا على ..دستور البلاد . عن الجمعيـــــــة لجنة متابعة السجناء السياسيين المسرحين


محامون تونسيون
بيـــــــان

نظرت الدائرة الجناحية بالمحكمة الابتدائية بتونس 1 بعد ظهر يوم السبت 30 جانفي 2010 في جلسة مغلقة, في القضية عدد 2083 التي أحيل فيها كل من عماد الطرابلسي و معز الطرابلسي ونوفل بن عبد الحفيظ من أجل السرقة والمشاركة فيها. وهي القضية التي تخلى عنها القضاء الفرنسي لفائدة القضاء التونسي والمتعلقة بسرقة اليخوت الثلاثة التي تم العثور على أحدها في تونس.وقد شهدت القضية تجاوزا خطيرا تمثل في تنصيص المحكمة على حضور المتهمين عماد ومعز الطرابلسي في حين أن أرجلهم لم تطأ أرض المحكمة وهو ما يشكل جريمة تدليس موجبة للسجن المؤبد حسب قوانين البلاد. وبناء على ما تقدم وبالنظر الى الخطورة القصوى للأمر ومن منطلق الدفاع عن مشروع دولة القانون والمؤسسات ودور المحاماة في إقامة العدل فإن المحامين الممضين أدناه يعلنون ما يلي: – ينددون بهذه الجريمة الماسة بسيادة القانون وبما ينبغي أن يكون عليه القضاء من هيبة و مصداقية و التي من شأنها أن تعمق ظاهرة عدم ثقة المواطنين في القضاء و تزيد في تشويه صورة البلاد و في تغييب الإحساس بالأمان على النفس والمال فيها. – يطالبون بالتحقيق فورا في هذه الجريمة ومحاكمة كل من تثبت مسؤوليته وإعادة النظر في القضية تبعا لذلك. – يطالبون هياكل مهنة المحاماة بالتحري في الموضوع وسماع الزملاء النائبين في القضية حول ملابساتها و استفسارهم عن أسباب صمتهم عن هذا الانحراف الخطير بجهاز القضاء الذي تم بحضورهم. الإسم واللقب الأساتذة: محمد عبو عبد الناصر العويني عبد الرؤوف العيادي إيمان الطريقي نجاة العبيدي سمير ديلو رضا الطرخاني منية بوعلي الهادي العبيدي فوزي بن مراد علياء الشريف الشماري راضية النصراوي المختار اليحياوي عطيل المحمدي عبد الرؤوف وهيبي خالد الكريشي عادل المسعودي  عبد الجواد الحرازي  منذر الشارني يسرى فراوس لطيفة حباشي فيصل الجدلاوي عبد الوهاب معطر فدوى معطر عمر الصفراوي ليلى بن دبة كريم قطيب  


محاصرة أمنية و مضايقة في الشغل


هند  الهاروني- تونس بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على نبينا محمد صادق الوعد الأمين تونس في الثلاثاء 23 ربيع الأول 1431-9 مارس 2010 ، اليوم  الثلاثاء  9 مارس ، 2010 قامت سيارة مدنية جديدة بالمحاصرة الأمنية لأخي عبد الكريم الهاروني أمام مقر عمله وأثناء تنقله و أمام بيتنا  في الكرم الغربي أيضا و هي سيارة بيضاء اللون و نوعها بيجو 306- رقم 2078  تونس 88. و بالإضافة إلى ما تسببه هذه المحاصرة من استغراب و إزعاج للعاملين في المؤسسة فقد بلغ الأمر حد مضايقة بعض العاملين فيها بالسؤال عن أخي عبد الكريم و عن المؤسسة التي يعمل فيها. كما خلفت هذه المحاصرة استياء واسعا لدى الجيران و متساكني الحي.


غزالة محمدي بيان رقم 2


بمناسبة اليوم العالمي للمرأة أجد نفسي مرة أخرى مجبرة على  مواصلة المطالبة بحقي في الشغل الذي يضمنه لي دستور البلاد . و قد اخترت يوم 8 مارس 2010 أن يكون يوم جوع و لذلك دخلت في تاريخ هذه المناسبة العالمية في اضرب  عن الطعام داخل مقر الاتحاد الجهوي للشغل بقفصة من أجل مواصلة النضال ضد سياسية قطع الأرزاق . و كما ذكرت في بياني الأول أنا مجبرة على خوض عدد من التحركات الاحتجاجية لرفع المظلمة المسلطة عليا من قبل السلطة على خلفية نشاطي الحقوقي . و أريد التأكيد مرة أخرى أني لن أتراجع أو أتوقف عن خوض هذه المعركة إلى أن أسترجع حقي في الشغل المسلوب مني عمدا الذي يضمن لي و لوالدي ووالدتي حياة كريمة . و كنت قد  أشرت في بياني الأول تفاصيل رفتي من العمل بطريقة تعسفية نتج عنها العيش ظروف قاسية جدا  منذ أكتوبر 2008 . و يأتي بياني الثاني بعد فشل رئيس فرع قفصة للرابطة التونسية لحقوق الإنسان و كاتب عام الاتحاد الجهوي للشغل بقفصة في الوصول إلى حلول تتعلق بموضوعي مع السلطات الجهوية و كذلك محاولة مني للفت نظر السلطة مرة أخرى من أجل تسوية وضعيتي المهنية   . علما أني حاولت يوم الثلاثاء 32 مارس 20010 مقابلة والي الجهة صحبة والدي لكن محاولتي جوبهت بالرفض و تدخل من قبل أعوان البوليس السياسي الذين قاموا بإخراجي بالقوة من مقر الولاية و هو ما دفعني إلى الاعتصام أمامه لمدة أكثر من 4 ساعات . ختاما أعلم الرأي العام  بأني رفعت الإضراب عن الطعام الذي دخلته أمس 8 مارس نزولا عند رغبة كاتب عام الاتحاد الجهوي للشغل بقفصة الذي طلب مني أن اترك فرصة للسيد « عبد السلام الجراد » أمين عام اتحاد الشغل ليحاول إيجاد حلول مناسبة تتعلق بوضعيتي المهنية مع السلطات الجهوية  خلال الزيارة التي سيقوم بها إلى  جهة قفصة يومي 15 و 16 مارس ختاما أجدد التذكير  بأني لن أتخلى عن حقي في الشغل إن  كلفني هذا المطلب الشرعي حياتي . كما أهيب بمكونات المجتمع المدني الوقوف إلى جانبي و مساندتي من اجل فرض حقي المسلوب مني عمدا . الإمضاء : غزالة محمدي  


تونس في8 مارس 2010  بلاغ 

 اضطرت السيّدة زكيّة الضيفاوي الناشطة الحقوقية والصحفية، والمسؤولة في حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات إلى الإضراب عن الطعام اليوم 8 مارس 2010 بعد مرور قرابة عام ونصف على شطبها من الوظيفة كمدرسة تعليم ثانوي إثر محاكمتها على خلفيّة نشاطها في علاقة بالتحركات المطلبية بالحوض المنجمي. إن حركة التجديد، إذ تعبّر عن تضامنها مع السيّدة زكية الضيفاوي ومساندتها لطلبها المشروع في الرّجوع إلى عملها، فإنّها تدعو السّلط إلى اتخاذ إجراءات جديّة في اتجاه الانفراج وطيّ صفحة المحاكمات والتّتبعات والمضايقات التي يتعرض لها الحوض المنجمي بإطلاق سراح من تبقّى من الموقوفين وإرجاع الجميع إلى سالف وظائفهم.   الأمين الأول لحركة التجديد أحمد إبراهيم  


الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات  تونس في 8 مارس 2010 بــــيان تضامنا مع زكية الضيفاوي في مثل هذا اليوم الذي يفترض أن تحتفل فيه نساء العالم بالعيد العالمي، ما تنفك أوضاع النساء في تونس تتردى.  

يأتي هذا اليوم في ظرف مرت فيه السلطة إلى مرحلة أخرى في انتهاك الحقوق الأساسية للإنسان ولا سيما حقوق النساء وذلك باتخاذ أسلوب التجويع من أجل تركيعهن. يحل هذا اليوم في ظرف مترد إلى أقصى الحدود مما فرض على المناضلة الحقوقية زكية الضيفاوي الدخول في إضراب جوع بعد أن أعيتها السبل من أجل استرداد حقها في الشغل الذي طردت منه لا لشئ سوى أنها سمحت لنفسها بالتنقل إلى منطقة الحوض المنجمي لتغطية تحركات نسائية لم تعد في تلك الآونة خافية على أحد. تعيش هذه المناضلة حالة من اليأس من عدم اهتمام السلطات بأمرها، والرد على مطالبها.   ونحن في جمعية النساء الديمقراطيات، يؤلمنا أن يمر هذا اليوم والنساء لا زلن يعانين من انتهاك حقوقهن  بما تمارسه السلطات من انتهاكات اقتصادية وسياسية ضد النساء.   –   نعبر عن مساندتنا المطلقة للمناضلة الحقوقية والنسوية زكية الضيفاوي   – نطالب السلطات المختصة بإعادتها إلى عملها دون قيد أو شرط.   عن الهيئة المديرة
الرئيسة سناء بن عاشور

معارضة تونسية تضرب عن الطعام بمناسبة عيد المراة 

تونس- أعلنت المعارضة التونسية زكية الضيفاوي المسؤولة في التكتل الديمقراطي للحريات والعمل (معترف به) انها نفذت الاثنين اضرابا رمزيا عن الطعام بمناسبة اليوم العالمي للمراة للمطالبة باعادتها إلى منصبها كاستاذة. وقالت زكية الضيفاوي في بيان حصلت فرانس برس على نسخة منه الثلاثاء، قررت الاضراب عن الطعام رمزيا يوما واحد للمطالبة بحقي في العمل وحياة شريفة. وأكدت الضيفاوي استاذة التاريخ والجغرافيا منذ 14 عاما، أن اسمها شطب من لائحة المدرسين في ايلول/ سبتمبر 2008 وانها تأمل أن ترفع السلطات التونسية تلك العقوبة والا فانها ستلجا إلى اضراب مفتوح عن الطعام. وقد اعتقلت زكية الضيفاوي المسؤولة في حزبها في القيروان (وسط) في تموز/ يوليو 2008 في الرديف (جنوب غرب) غداة مشاركتها في مسيرة دعم لحركة احتجاج ذات طابع اجتماعي في منطقة المناجم بقفصة (350 كلم جنوب العاصمة). وحكم عليها في 14 آب/ اغسطس 2008 بالسجن ثمانية أشهر نافذة بتهم العصيان وتعكير النظام العام واعاقة موظف عن أداء مهامه والتعدي على الاخلاق الحميدة. وتم تخفيف الحكم إلى السجن أربعة أشهر وأفرج عنها في تشرين الثاني/ نوفمبر 2008 في اطار إجراءات عفو اتخذها الرئيس التونسي زين العابدين بن علي بمناسبة الذكرى الحادية والعشرين لتوليه السلطة. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 8 مارس  2010)

إصابة سجين رأي سابق وزوجته بطلق ناري

السبيل أونلاين – تونس – خاص أحيل صبيحة هذا اليوم الإثنين 08 مارس 2010 ، على حاكم التحقيق السادس في القضية عدد 17596 بالمحكمة الإبتدائية بتونس المشتبه بهم بحالة إيقاف زياد العبيدي ورفيق علي وهاني مشيشي وغيث الغزواني وبحالة سراح هدى الورتاني زوجة العبيدي . ووجهت لكل من زياد ورفيق وهاني وهدى تهم  » الدعوة إلى إرتكاب جرائم إرهابية والإنضمام إلى تنظيم ووفاق له علاقة بالجرام الإرهابية والإنضمام إلى تنظيم ووفاق إتخذ من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضه » طبق قانون 75 لسنة 2003 المتعلق المجهود الدولي لمكافحة الإرهاب . وأضيف لزياد وهدى تهم « توفير اسلحة ومتفجرات ومواد ومعدات وتجهيزات لفائدة التنظيم ووفاق وأشخاص لهم علاقة بالجرائم الإرهابية والإعتداء بالعنف الشديد على موظف عمومي أثناء مباشرته لوظيفه والتهديد بسلاح وتدليس بطاقة تعريف وطنية . أما غيث فقد وجهت إليه تهمة « الإمتناع عن إشعار السلط » . وإنطلقت الأبحاث حسب ماذكر في محاضر باحث البداية بإيقاف كل من زياد وهدى الذين تواجدا يوم 28 فيفري 2010 في حدود الساعة الثامنة مساء على مستوى جهة الزرقة بعمادة ببوش معتمدية عين دراهم متوغلين داخل الغابة حيث طلب منهما عوني دورية الحرس الوطني الإستظهار بما يثبت هويتهما ولأنهما فوجئا بتواجد الحرس شعرا بالخوف فلجآ إلى الفرار حينها أطلق عليهما عوني الحرس النار مما نتج عنه إصابتهما بأسفل جسميهما . وقد مثل زياد العبيدي أمام حاكم التحقيق على كرسي متحرك مرفوقا بقارورة  إنعاش ، ولوحظ زرقة وإنتفاخ بأسفل أطراف رجليه . أما زوجته فترقد في المستشفى بسبب ما أصابها من الطلقات النارية. يذكر أن زياد العبيدي أطلق سراحه من السجن يوم 05 جانفي 2008 ، ولأنه كان محل تتبعات ومضايقات أمنية سئم الخضوع للحكم التكميلي في المراقبة الإدارية الصادر ضده وأصبح ينوي للغرض التخفي للخروج من تونس . وتمّ تأخير الإستنطاق على التوالي أيام 9 و10 و 11 مارس للنظر في مدى ثبوت التهم الموجهة إليهم . وقد سبق للسبيل أونلاين أن نشر شهادتين لعائلتي المشتبه بهما غيث الغزواني وهاني المشيشي ، ويمكن الإطلاع عليهما من خلال الرابطين التاليين : شهادة والدة المعتقل هاني مشيشي – الرابط على اليوتوب : http://www.youtube.com/watch?v=OPj6zSRznMk شهادة والد المعتقل غيث الغزواني – الرابط على اليوتوب : http://www.youtube.com/watch?v=JQH2F8_QPCI
من مراسلنا في تونس زهير مخلوف – بالتعاون مع الأستاذة إيمان الطريقي – تونس   (المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس) ، بتاريخ 08 مارس 2010)


 اضراب شامل في مؤسسات التعليم الثانوي بتاجروين – الكاف

دخل اليوم 09 / 03 / 2010 اساتذة المدارس الاعدادية والمعاهد الثانوية في معتمدية تاجروين في اضراب عن العمل بيوم كامل احتجاجا على واقعة تعرض الكاتب العام للنقابة الجهوية للتعليم الثانوي بالكاف الى عنف لفظي وشتم ودفع خلال اتصاله باساتذة المدرسة الاعدادية الطموح لايصال اعلام نقابي بتاريخ 15 /02 / 2010 وهو ما يعتبر اعتداء صارخ على الحق النقابي وقد نفذ الاساتذة عدة اشكال احتجاجية فورية تنديدا بهذا الاعتداء وتاجل تنفيذ الاضراب بيوم الى 9 مارس 2010 بسبب ظغط الامتحانات وحفاظا على مصلحة التلاميذ . نقابي – الكاف
 


الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان – فرع القيروان 5 مارس 2010 بيـــــــــــــــــــــــــــــــــان  

بمناسبة يوم 8 مارس، اليوم العالمي للمرأة، يتقدم فرعنا بتحية تقدير إلى كل المناضلات في تونس من أجل تحقيق حياة اقتصادية واجتماعية ونقابية وسياسية أفضل لبلادنا، ويخص بالذكر منهن القاضيات، أعضاء جمعية القضاة الشرعية، وهن السيدات:
·       كلثوم كنو ·       وسيلة ألكعبي ·       ليلى بحرية ·       روضة القرافي
وكل القاضيات اللواتي ناضلن و يناضلن من اجل أن تكون للقضاة جمعية تدافع عن مصالحهم المادية والمعنوية وتدافع عن استقلالية القضاء، أساس العدل والعمران وشرط الديمقراطية وحقوق الإنسان، في نفس الآن. وان يخصهن فرعنا  بالتقدير، فانه يؤكد لهن أن التاريخ سيذكر مساهمتهن في نحت مستقبل استقلال القضاء في تونس. عن هيئة الفرع مسعود الرمضاني


بيان من دائرة الإعلام للنقابيين الراديكاليين

 


على اثر بعض التحركات الصبيانية التي حاول القيام بها بعض العناصر المعزولة عن فضاء اتحاد الطلبة وأمام الجدل غير المبرر الذي تبلور بين بعض الرفاق. وحتى نساهم في إعادة الأمور إلى نصابها بصياغة موقف مكتوب ورسمي باسمنا يحسم ما يحاول أن يهمس به البعض عن حقيقة موقف النقابيين الراديكاليين.. يهمنا أن نجدد موقفنا الثابت و تأكيد ما يلي : أولا/ التزامنا بالحوار مع سلطة الإشراف واقتناعنا بضرورة تقريب وجهات النظر من اجل إيجاد الحلول الكفيلة لتجنيب الجامعة المزيد من الهزات و حمايتها من كل الانزلاقات التي من شأنها أن تحيد بها عن مهامها الأصلية و هذا يحيلنا لنلاحظ ما يلي: 1- سلطة الإشراف هي التي اختارت نهج القوة واعتمدت سياسة الهروب إلى الأمام باعتمادها العنف خيارا للتعامل مع الطرف الطلابي ونقابته القانونية كما تعاملت بنفس المنطق مع بقية المنظمات التي تمثل بقية الأطراف الجامعية من أساتذة وعملة. 2- سلطة الإشراف هي المسؤول الرئيس عن تدني العلاقات داخل الجامعة وتفشي ظواهر غريبة لم تعهدها من قبل كسرقة التجهيزات والممتلكات والتلاعب بنتائج الامتحانات والتمعش بوسائل غير قانونية من مجموع الخدمات المقدمة للطلبة مثل الحق في المنحة والسكن زيادة إلى تفشي سلوكات فاسدة ولا أخلاقية لابتزاز الطالبات والطلبة ومساومتهم على حقوقهم وظهور أمراض خطيرة كالرشوة والمحسوبية وغيرها من المظاهر التي لم تتم محاصرتها بمثل الحماسة التي حوصرت فيه النقابات الممثلة بعد أن تم التضييق على نشاطها وملاحقة إطاراتها وإقحامها في دوامة بحث عن شرعية مفقودة تتوهم الوزارة أنها مصدرها وأنها المانح لها دون احترام لإرادة القواعد أو اعتراف بحقها في اختيار من يمثلها بكل حرية بعيدا عن كل أشكال الوصاية والتهميش أو محاولة تغليب طرف موالي على حساب الأطراف الممثلة للطلبة والأساتذة والعملة. 3- سلطة الإشراف هي التي تسببت في تعطيل كل إمكانات الحوار وذلك باعتمادها القضاء والسجون ومجالس التأديب وسيلة للتعامل مع مختلف الأطراف الجامعية دون احترام لحرمة الجامعة أو تقدير لقيمة الأساتذة أو طلبتهم زيادة على التصريحات المتطرفة باسم الوزارة في محاولة يائسة لإيهام الرأي العام أن الخلل خارج عن نطاقها وأنها تراهن على إصلاحه ومواجهته وهي التي لا تعتمد الحوار إلا عرضا وسرعان ما تتنكر لالتزاماتها و تتخلى عن تعهداتها مما يجعل الحوار معها فاقد لكل مصداقية والمراهنة عليه مسالة غير جدية. ثانيا/ استعدادنا لتقديم كل التنازلات التي تسهل تسوية الملف الطلابي وتعجل بإيجاد حل يرضي جميع الأطراف وهذا يفترض وجود عند الطرف المقابل نفس العقلية الناضجة والمسؤولة التي تعترف بأخطائها وتقطع مع تجاوزاتها وتكف عن انتهاكاتها لأسس العلاقة التي ينبغي أن تسود داخل الجامعة وفي التعامل مع الأساتذة والطلبة ونقاباتهم كما يؤسس لمناخ جديد تحترم فيه المنظمات الممثلة ولا تداس فيه إرادة القواعد أو تنتهك حقوقهم في اختيار من يمثلهم بكل حرية وديمقراطية والتسليم بالقانون ونتائج الصندوق ومبادئ التعامل الديمقراطي وهذا يقتضي: أ/ اعتراف الوزارة صراحة بالتزامها بنتائج الصندوق واحترام الإرادة القاعدية للأساتذة والطلبة علي حد السواء. ب/ غلق ملف التتبعات القضائية والإدارية والاعتراف بفشله وإرجاع الطلبة المطرودين إلى مقاعد الدراسة وإرجاع الأساتذة النقابيين إلى مراكز عملهم الأصلية وإطلاق سراح المساجين وغلق التتبعات في كل القضايا الجارية وفتح ملف تشغيل إطارات المنظمة المباشرين والسابقين الذين تم إقصاؤهم من المشاركة في المناظرات أو عدم انتدابهم بعد نجاحهم و تصفيتهم من أجل أفكارهم أو طردهم بعد مباشرتهم أو المماطلة في ترسيمهم وتمكينهم من مستحقاتهم التي كفلها لهم القانون. ج/ إزاحة كل الوجوه التي كانت مصدرا لكل تشنج أو تورطت في إحاكة الدسائس أو فبركة التهم والقضايا في حق رفاقنا أو تورطوا في تعهدات كاذبة والتزامات لم ينجزوها. ثالثا: تضحيات رفاقنا مركز لقوتنا و ليست مصدرا لضعفنا لذلك لا ينبغي أن يسود اعتقاد أن منطق التطرف والغطرسة قد أرهق الحركة الطلابية وجعلنا نلهث وراء أي حل ينهي الخلاف الحاصل أو نقبل أن تستفيد سلطة الإشراف من أخطائها التي راكمتها في حقنا وفي حق منظمتنا ومؤتمرنا الموحد لدرجة قد يتوهم البعض أننا قد نتخلى عن مساجيننا أو نسكت عن مطرودينا أو نتنكر للقضايا المبدئية التي ضحوا من أجلها و لوحقوا على أساسها. فالمؤتمر الموحد خيارنا ولا مجال للمساومة به أو عليه ووحدتنا الداخلية ضمانة لاستمرارنا ولا حق لأحد في التفريط فيها. والاستقلالية من ثوابتنا ولا يحق لنا التنازل عنها وعلى هذه القاعدة نمد أيادينا للحوار ونقبل بهذا إذا توفرت إرادة عامة لاعتماده بدل سياسة الهروب إلى الأمام أو اعتماد الدسائس والمؤامرات أو محاولة الاستفادة من الأطراف المرهقة والعناصر الضعيفة أو من مجموع مقاولي البارات والخمارات ممن لا ناقة لهم في الموضوع و لا جمل. وعلى هذا الأساس نقول: 1/ لا مجال للتعاطي مع مجموعة الكتلة وقبولها كطرف طلابي طالما لم تعلن صراحة عن فك ارتباطاتها بالسلطة والكف على أن تكون ذريعة تشرع التدخل في الشأن الطلابي وتتوقف عن ثقافة التآمر التي تأصلت فيها حتى تحولت إلى فصيل تابع لطلبة التجمع لا تختلف عنه لا في الغايات أو الأهداف ولا في الوسائل والمنطلقات. 2/ ننبه كل أصدقائنا ورفاقنا وقدمائنا أن لا مجال للحديث عن وحدة أو حل مع مجموعة فقدت حقها في تمثيل نفسها والتكلم باسمها أو تعمل لحسابها كما ننبه الجميع أن الدعوة للحديث مع مجموعة الكتلة تخفي في طياتها رغبة مشبوهة للتعاطي مع طلبة التجمع. و نلاحظ انزلاق بعض العناصر المحسوبة على الموحد إلى منطق الصفقات الفردية من وراء ظهر الحركة ودون علم مكوناتها بما يقتضي واجب اليقظة لمحاصرة كل النفسيات المنهارة أو أصحاب النفوس الضعيفة التي لا تنظر للنضال إلا من زاوية ما ستغنم منه و أن الواجب يقتضي إغلاق الباب نهائيا عن هذا الموضوع والكف عن الحديث فيه باعتباره من المسائل المحسومة ولا مبرر لإعادة فتحها أو الحديث فيها. 3/ نعلن لكل الوسطاء والقشارة والمقاولين وتجار الأزمات أننا لا نحتاج لخدماتهم ولا نقبل تدخلاتهم و أننا قادرون على التعبير عما يصلح بنا بأنفسنا ودون وصاية من أحد و إننا نرفض كل نصيحة أو معلومة أو خبر من جهات لا تعلن صراحة انتسابها لمشروعنا وانحيازها إلى جانب اتحادنا والتزامها بالدفاع على الموحد في مواجهة هجوم منظم تشنه السلطة متوهمة أن الظرف سانح للانقلاب على منظمتنا والفرصة ملائمة لترويض الحركة الطلابية وكسر شوكتها بما يخدم حساباتها ويستجيب لسياساتها. لذلك ندعو لإعادة تشكيل القيادة الوطنية الموحدة لتدارس كل المسائل ومناقشة كل المواقف و تكليف الأمين العام بإعلانها و الدفاع عنها. رابعا : من له الشجاعة للقبول بالحوار لن تعوزه الجرأة على المواجهة اعتبارا لكل ما سبق فان شجاعتنا في إعلان موقفنا من الحوار لن تحجب بالمرة استعدادنا للاستمرار في منطق المواجهة فالوزارة إذا ما تمادت في ذهنية التصفيات واستمرت في التدخل في شؤون المنظمة الداخلية والمراهنة على تسيير بعض الأطراف الموالية لها والعناصر المعزولة أو محاولة إيهامنا بحيادها والتعامل مع الحوار كوسيلة لتسويق طبخاتها الجاهزة وسيناريوهاتها الخاصة فإننا لن نتردد في عقد مؤتمرنا الموحد دون موافقتها واتخاذ كل التدابير التي حتمتها ظروف القهر من أجل فرض إرادتنا وإعلان نتائج مؤتمرنا بلوائحه وقيادته والسير نحو فرضه أسوة بمنطق قدمائنا وخطهم المناضل اثر مؤتمر قربة حتى المؤتمر18 الخارق للعادة ونحن واثقون أن معركة الاستقلالية تستحق منا كل التضحيات سواء التي بذلناها أو بصدد تقديمها أو ما سنقدمه في المستقبل حتى تقر السلطة بفشل سياستها وضعف رهاناتها وتعترف بحق الطلبة دون غيرهم في تمثيل مستقل وفي النشاط النقابي الطلابي الحر بعيدا عن كل تدخل أو وصاية أو تهميش. النقابيون الراديكاليون 7 مارس 20010


الزيارة المفاجئة

حرر من قبل البحتري في الأثنين, 08. مارس 2010 على حين  غرة استفاقت مدينتنا الساحلية الهادئة على نبإ مفاده أن مولانا « الحاكم بأمر الله » سيحل بالبلدة للقيام بزيارة من زياراته الميمونة لتفقد أحوال الرعية وأن وصوله لن يستغرق إلا بضع ساعات. ارتبكت فرائص أعيان البلدة واهتز كيان السلطة المحلية ..تجهّمت الوجوه واختنقت الأنفس و تسارعت نبضات القلوب و الأفئدة و تمزقت المشاعر بين رغبة القرب من  حاكم الزمان و بين الخوف من بطشه. على التوّ أصدر حاكم المدينة أوامره الصارمة للمسؤولين من رؤساء المصالح وأعوان السلطة ..الأمن السياسي و المحلي و غيرهم من أولياء الأمور و خدام العتبات داعيا إياهم جميعا للحضور في اجتماع فوري و طارئ و أن لا أحد معذور في تخلفه. »الأواكس » هو الشخصية الأهم في البلدة، .. سمي   كذلك لكثرة تنصته و رصده لهذه و تلك إلى حد لا يكاد يغادر كبيرة أو صغيرة إلا أحصاها ..معروف بتتبعه للمناؤين « لأمير المؤمنين » الناكرين لفضله..توقف في تلك الصبيحة لبرهة وجيزة فوق عتبة منزله وهو ينفض  عن شاربه بقايا من طعام الفطور الذي تناوله بعجلة منقطعة النظير ..رمقته أعين المارة و تبادلت الهمسات و تعالت ضحكات الأطفال..أطلت الجارة « كرم » برأسها من الشرفة المقابلة و انتابتها موجة من القهقهات المتتالية..تناهت أصوات الهرج و المرج   إلى أذان زوجته التي فتحت الباب على مصراعيه و سحبت الرجل بقوة من ظهره  إلى فناء الدار ..أومأت بإصبعها إلى قدميه و قد استبدت بها ثورة غضب غير معهود.. تطلع بنظرة خاطفة إلى الأسفل مذهولا .. كان يرتدي خفي زوجته و تمتم : » اتفوه..الله يرزينا فيه ». كانت السيارة » المكتنزة » تعدو بسرعة مثل السهم في اتجاه مقر الاجتماع.. ترجل منها أكابر قوّاد المدينة.. سار  »  الباشا » لبضع خطوات مترنحا في مشيته غير أن أحد مرافقيه نبّهه إلى ان فتحة سروال بدلته العسكرية فاغر فاها.. و من غير أن يبالي، سحب سلسلة الفتحة إلى الأعلى و قد عبست ملامح وجهه » اتفوه.. الله يرزينا فيه » بداخل قاعة الاجتماعات الكبرى جلس المدعوون و قد  علاهم صمت رهيب، استوي  الأقرع بجانب والي المدينة بجبته الشفافة، ناصعة البياض ..تهاوى جدار الصمت بمجرد أن  تبادل الحاضرون نظرات وهمسات هازئة ،..فطن حاكم المدينة لما يدور حوله و أدرك مغزى الإشارات ثم تمتم بكلمات خافتة  للجالس  عن يمينه دون أن يلتفت إلى  ناحيته..تطلع الأقرع إلى جبته.. هز حاجبيه و علت وجنتيه حمرة شديدة من هول الموقف ثم اتجه إلى المرحاض و خلع جبته المقلوبة ثم ارتداها من جديد وهمس « اتفوه .. الله يرزينا فيه » تجاذب الحاضرون أطراف الحديث و أدلى كلّ بدلوه و في الختام هز الوالي رأسه الضخم وخاطب الحاضرين : » اريد أيها السادة ان أرى المدينة و قد  ارتدت حلل الزينة و طُهّرت من المعارضين، ناكري النعمة والكافرين بمزايا وليّ الامر .. حتى  ننال رضاه و الحضوة عنده. و بثت الزرابي داخل  خيمة عملاقة نصبت خصيصا للزائر وحاشيته.. اقتلعت أشجار الزينة من ضواحي المدينة و شحنت في الناقلات ثم أعيد غرسها على امتداد الشوارع الكبرى و الساحات العمومية و ملتقى الطرق الرئيسية.. و في كل مكان يتوقع أن يحضى بالزيارة… تأخر الموكب ..بدأ القلق ينتاب الحضور .. عمّ الهرج والمرج، بسبب الانتظار والقلق و الترقب المرّ و الخوف من الزيارة المفاجئة…جاء وقت الأخبار!  ..أعلن المذيع أن « أمير المؤمنين » قام بالزيارة الموعودة لرعاياه الذين كانوا يحمدون فظله و يسبّحون بحمده. و بعد أيام تلقّى الوالي البرقية التالية: » بناء على الزيارة الميمونة لمولانا « الحاكم بأمر الله »  لبلدتكم الموقرة، و ما أظهرتم من  » حميد خصال و كرم ضيافة » و حسن استقبال وحفاوة، وما أبد يتم من واجب الطاعة وخالص الولاء و جسامة التضحيات، و قدرة على الامتياز و رفع للتحديات التي يندى لها الجبين من أجل خدمة  رعايا مولانا « الحاكم بأمر الله » تقرر ترقيتكم إلى » أعلي عليّين » و عليه فيتعين عليكم فور توصّلكم بهذا الخطاب الالتحاق بالمقرّ المركزي بعد تسليم مهامكم لمن يخلفكم.. و به وجب إعلامكم والسلام ». جمد الدم في عروق الوالي و سرت رعدة قوية في أوصاله و ضرب كفّا بكفّ ثم غمغم في غور ذاته  » اتفوه .. الله يرزينا فيه ». البحتري 3 مارس 2010 (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 08 مارس 2010)


إلى من يهمّه الأمر : الرّسالة 19 (عندما يتمّ تجاوز السّلطات ويرفض الاستماع إلى مشاكل المواطن)


يندرج هذا النّص ضمن مجموعة من النّصوص كنتم قد طالعتم بعضها وتواصلون التمتّع بها في الأيام المقبلة لتنقل لكم تفاصيل مثيرة، عايشتها أو علمتها من مصادر موثوق بها، تتعلّق بالشّـابة وبعض ممارسات مسئوليها وبعض نكت هذا الزّمان. لن أبتعد كثيرا في هذا النّص عن التّذكير بتجاوزات كثيرا ما أصبحت تتواتر في مؤسّساتنا التّربويّة مع التّذكير بقضيّة لازالت بدون حلول. شكرا ضاربين عرض الحائط بحق التّلميذ في التّعليم وبحقّه في الدّخول إلى المؤسّسة التّربويّة قامت القيّم العام للمعهد الثّـانوي الشّـابة فوزيّة بسباس بمنع عدد من التّلميذات المحجّبات من الدّخول إلى المعهد وتمتّعهم بحقّهم في التّعليم. وقامت القيّمة المذكورة أعلاه بهذه الممارسة بمعيّة مدير المؤسّسة وهي ليست المرّة الأولى الّتي يتمّ فيها ذلك. هذا للتّذكير بتعدّد الممارسات اللاّقانونيّة المنتشرة بين مسئولي المدينة لنمرّ إلى وضعيّة يعاني منها عديد السكّـان إلى يومنا هذا ولم يجدوا الحلّ الشّـافي: فوّتت بلديّة الشّـابة في الأرض المعروفة بالفسّـاقيّة والكائنة بشارع الحبيب بورقيبة قبالة مقهى نادر لصالح ديوان التّطهير، وتتوسّط هذه الأرض قرابة المائة عائلة. ويعدّ هذا المكان من المعالم التّـاريخيّة بالمدينة اذ بقيت زهاء المائة وخمسين عاما فسقيّة لريّ العطشان وبالتّـالي لا يمكن أن نعلّق بغير الضّحك على ممارسة تقلب فسّـاقيّة لريّ العطشان إلى مضخّة لتلويث المكان. وبادر متساكنو المنطقة منذ أن علموا بتفويت البلديّة في الفساقيّة لديوان التّطهير من أجل إقامة المحطّة المذكورة في جانفي 2008، بالتصدّي لهذا المشروع والاحتجاج عليه من خلال توجيه عريضة ممضاة من قبل 135 مواطنا ألي رئيس البلديّة مصطفى الكمال الشّـابي ومستشاري البلديّة موضحين فيها أسباب الاعتراض والمتمثّلة حسب نصّ العريضة في القضاء على جماليّة المكان ومسحته التّراثيّة، بعث روائح كريهة بصفة متواصلة مهما كانت الاحتياطات المتّخذة وخلق مواطن لتكاثر البعوض والحشرات، زيادة على خلق مصادر ضجيج دائم. ويرجّح السّـكان أنّ هنالك خطر قائم وهو ارتفاع الموقع المختار بالمقارنة مع المساكن ما يجعل رجوع وتسرّب المياه الملوّثة إلى المنازل ممكن، كلّ هذا يؤثّر في تدنّي قيمة العقارات الموجودة بالجوار. ورغم وجاهة الحجج والاعتراضات الموجّهة إلاّ أنّها لم تلق غير أذن صمّـاء وأخرى مراوغة. فقد طلب السيّد مصطفى كمال من الأهالي أن يقوموا بالبحث عن موقع بديل لتركيز المحطّة وبالفعل فقد اقترحوا موقعا مناسبا يقع قرب المقبرة ولكن ووجه اقتراحهم كما العادة بالتّجاهل، كما ووجهت عرائضهم بنفس المصير وهي ثلاثة (الأولى موجّهة إلى والي المهديّة وتحمل 159امضاء والثانية موجّهة إلى رئيس البلديّة في مناسبة ثانية وفيها 170 إمضاء والثّـالثة وجّهت إلى رئيس الجمهوريّة وتضمّنت 521 إمضاء). ولم تلقى العرائض أيّ اهتمام ما جعل المتساكنين يعتصمون بمكان الفسقية في مناسبة أولى يوم 6جانفي 2009 لوقف الأشغال الّتي همّ بالشّروع فيها ديوان التّطهير وفي مناسبة ثانية يوم الخميس 29 جانفي 2009 احتجاجا على تعنّت البلديّة ورئيسها ورفضه الإصغاء لمشاكل المواطنين والاستجابة لمطالبهم. أمّ أنّ السيّد مصطفى كمال لا يصغي لغير المتنفّذين والمتلاعبين بالمصلحة العامّة لحسابهم الخاص؟ ولا تزال الفسقيّة على ماهي عليه، كانت على الأقل تستغلّ للتّرفيه فهي بمثابة ملعب كرة قدم ممتاز ولكنّها الآن مأوى لتجهيزات ديوان التّطهير الملقاة منذ أشهر في ذلك المكان. نزار بن حسن


مداخلة حركة التجديد في الدورة الحادية عشر للمجلس الأعلى للبحث العلمي

 


تونس في 6 مارس 2010 سيدي الوزير الأول، السادة والسيدات الوزراء وممثلي الأحزاب والمنظمات، سيداتي سادتي، اسمحوا لي في البداية بأن أعبر إلى السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا عن تمنياتي له بالنجاح والتوفيق في مهامه الجديدة، متمنيا بالخصوص أن تجد الجامعة النقابية العامة للتعليم العالي والبحث العلمي لدى الطرف الحكومي كل تفهم واستعداد لفتح صفحة جديدة من الحوار البناء والتفاوض الجدي حول المشاكل الخاصة بسلك التعليم العالي والبحث العلمي وحول المسائل الجوهرية المتعلقة بمصير التعليم العالي والبحث العلمي. وإني إذ أعبر بهذه المناسبة عن تثمين حركة التجديد لتشريك الأحزاب السياسية في مختلف المجالس العليا، فإني أجدد الطلب باسم الحركة التي أمثلها اليوم في هذا المجلس بأن يشمل هذا التشريك كافة الأحزاب القانونية ، سواء كان لها أو لم يكن نواب في البرلمان، حتى تتمتع بنفس الحقوق والواجبات التي تفرضها التعددية الحزبية، وبالخصوص حقها في إبداء الرأي من داخل مؤسسات الدولة حول أمهات القضايا التي تتعلق بمصير تونس ومستقبلها باعتبار أن هذا المستقبل يهم كل التونسيات والتونسيين دون استثناء. ونظرا لكثافة المادة التي تضمنها التقرير الوزاري المعروض علينا، وما تطرحه من إشكاليات عديدة، مع غياب التنصيص على جدول أعمال هذا المجلس في الدعوة التي وجّهت إلينا ، فإننا سنقتصر على تقديم بعض الملاحظات الأساسية، مشفوعة بمقترحات، راجين أن تؤخذ بعين الاعتبار خلال المرحلة القادمة : الملاحظة الأولى تتعلق بسياسة البحث واستراتيجيات التنمية ذلك أن البحث العلمي لا يزال يحتاج إلى توضيح الرؤيا حول الاختيارات الكبرى والأوليات الوطنية المرتبطة بالتنمية. كما يحتاج إلى توضيح مفهومنا للبحث وللعلاقة بين النظري والتطبيقي وعلاقة البحث الأساسي، النظري والتطبيقي، بالتكنولوجيا، ومكانة البحث المتخصص في العلوم الإنسانية من كل هذا. وينطلق التفكير حول هذه المسألة من المكاسب التي تحققت منذ الاستقلال، سواء المتعلقة بتركيز البنية التحتية للبحث العلمي والتكنولوجي أو تلك المتعلقة بالهيكلة، كما تأخذ بعين الاعتبار الإمكانيات المادية والبشرية وقدرات البحث المتوفرة. ويتعين كذلك اعتبار ما تعانيه منظومة البحث من ثغرات مزمنة ومن نقاط ضعف هيكلية يتطلب تشخيصها ومعالجتها التحلي بثقافة « النقد الذاتي » وبقدر كبير من الموضوعية والأريحية والشعور بالمسؤولية والإرادة البنّاءة. وتفاعلا مع التوجهات الواردة في كلمة السيد الوزير الأول خلال الدورة العاشرة لهذا المجلس بخصوص بلورة الأولويات القطاعية، فإننا نقترح اتخاذ إجراءات عملية لتشريك الإطارات الكفأة والخبرات العالية، التي تزخر بها تونس وجامعاتها ومؤسساتها الاقتصادية والاجتماعية والمدنية، في وضع الأولويات الوطنية انطلاقا من الحاجيات المستقبلية لبلادنا. ومن هذه الإجراءات إحداث هيكل أو هياكل قارة للتفكير الجماعي المتواصل حول سياسة البحث العلمي في تونس ودوره الاستراتيجي في التنمية، تكون مهمتها الأساسية بلورة استراتيجية واضحة تؤدي إلى مقروئية على المدى المتوسط والبعيد، وإلى وضع خطة متماسكة ونظرة شاملة لمنظومة البحث ككل، متناسقة مع النسيج الاقتصادي والاجتماعي ومطوّرة له، حتى تتمكن هذه المنظومة بجميع مكوناتها وهياكلها الفاعلة من وضع أهداف وبرامج متناسقة ومتكاملة في اتجاه التنمية الشاملة. وبذلك تتحسّن مردوديتها وتتعزز ديناميكية البحث، ويوضع كل مشروع أو برنامج بحث في إطار نظرة مستقبلية تحـفّـز الطاقات وتخدم الأهداف الوطنية. كما أن النظرة الاستراتيجية قد تعطي إلى المنظومة البحثية التونسية موقعا متقدما يسمح لها بالمساهمة في فتح أفق جديدة لبناء أسس التكامل الفعلي بين أقطار المغرب العربي، وبالخصوص في ميدان البحث العلمي والتكنولوجي، وفي القطاعات الحيوية المرتبطة مباشرة بالتنمية المستديمة ذات البعد المغاربي والمتوسطي، مثل الطاقة والماء والصحة والبيوتكنولوجيا وغيرها. ويمكن الوصول إلى نتائج ملموسة في هذا الاتجاه باعتماد مقاربة منظوماتية شاملة (approche systémique globale) متعددة الاختصاصات والخبرات والاهتمامات تراعي مختلف الأبعاد المعرفية والتقنية ومختلف العوامل المرتبطة بالنسيج الاقتصادي والاجتماعي والثقافي وبالمحيط البيئي في كامل المنطقة المغاربية والمتوسطية. إن النقاش حول هذه الأهداف وحول الخيارات الاستراتيجية من شأنه أن يخلق ديناميكية غير مسبوقة وأن يوضح السبيل للمجموعة الوطنية حول مستقبل البحث العلمي ودوره في بناء المستقبل. الملاحظة الثانية تتعلق بالأقطاب التكنولوجية والنقل التكنولوجي (transfert technologique) لقد بعثت الأقطاب التكنولوجية في إطار منظومة التجديد التكنولوجي لتفعيل دور البحث العلمي وتثمين نتائج البحوث وتسخيرها لخدمة التنمية الاقتصادية. ومن جملة الآليات التي تعتمد عليها تسويغ مقاسم بفضاءات الإنتاج لفائدة مؤسسات أجنبية تتعهد حسبما يبدو بإحداث عدد غير محدد من مواطن الشغل، دون أن يمثل ذلك بالضرورة نقلا للتكنولوجيا نظرا إلى أن أغلب المؤسسات الراغبة في الانتصاب لها أهداف لا نتحكم فيها وغالبا ما تكون غير معلنة وهي حريصة على حماية أسرارها الاقتصادية والتكنولوجية وعلى قدرتها التنافسية خاصة إذا كانت مرتبطة بتكنولوجيات متقدمة وباستراتيجيات نجهلها مثل شركة داصّو (Dassault). فما بالك ببرنامج مبرم في إطار آخر مع منظمة الحلف الأطلسي لم يجد له باعثوه من تسمية غير « برنامج العلم من أجل السلم » (هكذا !). وقد بينت التجربة أن النقل التكنولوجي لا يمكن أن يكون هبة من هذه الشركات بل يفتك منها افتكاكا شريطة توفر الكفاءات البحثية التونسية القادرة على ذلك وهو ما تم مثلا بالنسبة لقطاع الطاقة في المولّدات الشمسية والمولّدات الهوائية حيث يمكن القول بأن الباحثين التونسيين قد تمكنوا من التحكم في التكنولوجيا وتطويرها، حتى أن الوحدات المنتجة في هذا القطاع تعمل وتتطور دون التأثر بالتقلبات الظرفية، وهم قادرون على تعزيز خبرات مراكز البحث في هذا الميدان. لكن يتعذر النقل التكنولوجي ويصبح مجرد استهلاك للتكنولوجيا في الحالات التي يتم فيها استيراد مركبات غير شفافة من الناحية التكنولوجية مثلما حدث سابقا في قطاع الموارد المائية وتحلية مياه البحر الذي انتصب جنوب البلاد دون أن يدخل ذلك في إطار استراتيجية بحث متكاملة تراعي كل الأبعاد المعرفية والتقنية والبيئية بالخصوص. فالأقطاب التكنولوجية تكون مصدرا حقيقيا لنقل التكنولوجيا والتحكم فيها والاستفادة منها للتجديد التكنولوجي لمّا تتجمّع في صلبها الخبرات القادرة على التفاعل السريع والتجديد. لذلك يستغرب من يتصفح التقرير لغياب قطاع الصناعات الصيدلانية – مع ما يمثله توريد الأدوية من تكاليف باهضة تثقل كاهل المجموعة الوطنية – من القطب التكنولوجي بالمنستير، المختص حسب ما ورد بالصفحة 48 في « النسيج والملابس »، في حين أن كلية الصيدلة موجودة بالمنستير مع ما يتوفر لديها من قدرات بحثية متميزة وفرق بحث متكاملة ونشيطة. فهل وقع التفكير في تطوير مفهوم القطب التكنولوجي ليصبح بالفعل « فضاء اندماج وتكامل بين مكونات التعليم العالي والبحث العلمي والتجديد التكنولوجي والأنشطة الاقتصادية » (كما ورد في التقرير صفحة 48)، وكذلك نقطة إشعاع علمي وتكنولوجي تستغل فيه كل الطاقات والقدرات المتوفرة، وذلك بإيجاد صيغة للتعاون والتكامل والإحاطة بين الأقطاب التكنولوجية والكليات المجاورة جغرافيا حتى نضمن النجاعة والجدوى والإحاطة العلمية اللازمة للتجديد التكنولوجي المتواصل ؟ الملاحظة الثالثة تتعلق بالتمويل والتشجيع على البحث نسجّـل في هذا الصدد ما أكده التقرير من زيادة في الاعتمادات المالية المخصّـصة للبحث، التي ستمرّ من 1.25 % من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2009، إلى 1.5 % سنة 2014. ونقترح أن يتم التدرّج بهذه الزيادة ابتداء من السنة الحالية، فتكون زيادة الاعتمادات المخصصة للبحث بنسبة 0.05 % قارّة سنويا لمدّة خمس سنوات. وقد سبق أن طالبنا في الدورة العاشرة بتوضيحات حول كيفية صرف هذه الميزانية المخصصة للبحث وما هي نسبة تكاليف التصرف الإداري فيها ؟ لكننا لم نحصل على جواب، وكذلك الأمر بالنسبة لهذه الدورة. فلم نجد في التقرير الوزاري معلومات كافية تمكننا من الإجابة بدقة عن هذا التساؤل المشروع، حتى يقتنع الجميع بسلامة التصرف في الأموال المرصودة. وحسب الأرقام الواردة في التقرير، فإن ما استنتجته شخصيّا بصفة تقريبية أن المصاريف المتعلقة بالاستثمار في البحوث التنموية، وبمشاريع البحث والتجديد، وبمشاريع البحث الإيلافية، وبمخابر ووحدات البحث، وبإحداث الأقطاب التكنولوجية، مجمّعة، لا تفوق في مجملها الـ 220 مليون دينار من جملة الـ 660 مليون دينار المرصودة بالنسبة إلى سنة 2009. أي أن ثلثي الاعتمادات تصرف لغير البحث، وأرجو أن أكون مخطئا وأن يقع التصحيح في هذه الجلسة إن أمكن، أو تقديم تقرير مفصل حول المداخيل والمصاريف المتعلقة بميزانية البحث حتى نكون على بيّـنة كاملة من الاختيارات الرسمية في هذا الخصوص. أمّا فيما يتعلق بالتشجيع على البحث، فإنه أصبح من العاجل والأكيد التخلص من الممارسات البيروقراطية التي تعطل حركة الباحثين، والجامعيين وتعرقل مساهماتهم في الندوات العلمية، وتكبّل نشاطهم بإخضاع كل ذلك إلى سلسلة ثقيلة من الرخص الإدارية والمناشير المتعددة مع استسهال العقوبات المسلطة التي لا ينتج عنها سوى تعميق أزمة الثقة بين الإدارة والجامعيين. وفي هذا الصدد فلا بد من طيّ هذه الصفحة السوداء في تاريخ الجامعة بإلغاء كل العقوبات الجائرة التي سلطت على بعض الباحثين وحتى العمداء لأسباب تافهة لا تمت بصلة إلى الاعتبارات المهنية والعلمية والبيداغوجية، حتى تكون إشارةً واضحة من شأنها أن ترجع الثقة بين الأطراف المعنية بالتعليم العالي والبحث العلمي. كما يتعين التقليص من آجال الدفع وصرف المنح، مع تعميمها على طلبة الدكتوراه المنتمين لمخابر ووحدات البحث وهي الهياكل الأساسية للإنتاج العلمي. ولا بد أن تتعامل الإدارة مع الإنتاج المعرفي بتسامح ورحابة صدر وأن توفر للباحثين كل المعطيات والمعلومات دون خوف أو حرج حتى تستفيد بدورها من النقد العلمي لتحسين مردودها، مع التأكيد على أن البحث يجب أن يتمتع بهامش هام من الحرية ومن الاستقلالية تجاه الإدارة. ومن آليات التشجيع على البحث تشريك الباحثين ضمن الهياكل الجامعية والبحثية المنتخبة في تحديد استراتيجية البحث في مختلف الميادين والاختصاصات، وتحسين الأوضاع المادية للمدرسين الباحثين والباحثين بما يتناسب مع دورهم المتجدد في التكوين والتطوير والتجديد. الملاحظة الرابعة تتعلق بالتقييم لقد لفتنا النظر في الدورة العاشرة إلى ضرورة القيام بدراسة حول مردودية البحث العلمي في بلادنا بالمقارنة مع المردودية طبقا لنفس المقاييس في بلدان أخرى. وتساءلنا عن قيمة نتائج البحث كمّا وكيفا بالنسبة إلى الكلفة وبالنسبة إلى الميزانية المرصودة لقطاع البحث. وإن لم نجد في هذا التقرير الإجابة الضافية على هذه التساؤلات، فإنه لا بد في هذا الصدد من الإشادة بالمجهود الكبير الذي قامت وتقوم به الهيئة الوطنية لتقييم أنشطة البحث العلمي وبالخصوص ما ورد في تقريرها لسنة 2009 من تقييم موضوعي لأنشطة البحث ومن توصيات هامة وأخص بالذكر ما يتعلق بالبحث العلمي الفلاحي الذي يمكن أن يستفيد من الملاحظات والتوصيات الوجيهة الواردة في هذا التقرير، ومنها بالخصوص تلك المتعلقة بإحداث مجالس (وأضيف « منتخبة ») لمراكز البحث. لكن اللافت للإنتباه أن ما طبق على البحث العلمي الفلاحي لم يعمّم على بقية القطاعات البحثية التي لم تحظ من قبلها بنفس الاهتمام (ولعل ذلك راجع إلى أهمية القطاع الفلاحي من الناحية الاستراتيجية)، وإلى غياب تقاليد التقييم المتضارب ومساءلة المعنيين قبل وضع التقارير في صيغتها النهائية. والأهم من كل ذلك، وحتى يكتمل دور التقييم الموضوعي، تنظيم ورشات أو ندوات مفتوحة حول ملاحظات وتوصيات الهيئة الوطنية لتقييم أنشطة البحث حتى لا تطغى الصبغة الإدارية على هذه التقارير، بل تتعدّى ذلك إلى عقلنة النشاط وإصلاحه وتوجيهه الوجهة السليمة التي يقتنع بها كل الأطراف المعنيون بالإصلاح. مع شكركم على حسن الانتباه. جنيدي عبد الجواد نيابة عن الأمين الأول لحركة التجديد
 


طلبة تونس WWW.TUNISIE-TALABA.NET أخبار الجامعة الإثنين 8 مارس 2010 العدد الواحد و العشرون – السنة الرابعة –  

التوجيه الجامعي : موضوع يحتاج إلى أقصى الإهتمام و المتابعة …  لم يعد يفصلنا عن موعد مناظرة الباكالوريا سوى ثلاثة أشهر و مع ذلك لا تجد اهتماما كافيا من قبل تلاميذ الأقسام النهائية بموضوع التوجيه الجامعي و كم من تلميذ نجح بمعدل مرتفع في الباكالوريا و لكنه فشل في اختيار الإختصاص الذي يناسبه أو يرغب في مواصلة الدراسة الجامعية فيه و يرجع سبب ذلك إلى قلة الوعي و غياب المعلومة الدقيقة و افتقاد لعقلية التخطيط للمستقبل الدراسي و المهني و كذلك أيضا بسبب تهاون إدارات المعاهد الثانوية و عدم قيامها بواجبها في تأطير التلاميذ و توضيح الصورة لهم و مدّهم بالمعطيات اللازمة لحسن الإختيار …. و لئن كانت هذه الصورة واضحة في أذهان من يحوزون على معدلات تفوق 17 من 20 باعتبار أنهم يحصلون – عادة – على أي شعبة يرغبون فيها و كذلك بالنسبة لمن لهم إمكانيات مادية أو ظروف اجتماعية مناسبة تسمح لهم بمواصلة الدراسة في جامعات الكندا ( كيباك ) و فرنسا و ألمانيا و …. فإن الأغلبية الساحقة من الناجحين الجدد – و خاصة ممن ليس لهم قدرة على تفعيل الوساطات – يبقون يعيشون في حيرة من أمرهم و لا يدرون ماذا يفعلون …. و يؤكد رقم الـــ 4 آلاف تلميذ  الذين يشاركون في مناظرة إعادة التوجيه خلال الفترة القادمة حقيقة عدم رضى نسبة هامة من الطلبة الجدد عن الشعب التي حصلوا عليها …. ظاهرة خطيرة بدأت تتفشّى في الوسط الجامعي : الغيابات في الإمتحانات …. أكدت إمتحانات السداسي الأول للسنة الجامعية الحالية تنامي و خطورة ظاهرة غيابات الطلبة عن الإمتحانات وهو ما تم تسجيله بشكل مثير للحيرة و القلق في المدرسة العليا للتجارة بتونس حيث تجاوزت نسبة غيابات الطلبة عن إمتحانات السداسي الأول الـــــ 30 في المائة وهو مؤشر خطير ينبئ بانعكاسات سلبية على المناخ العام للدراسة داخل المؤسسات الجامعية …. و يمكن تفسير هذه الظاهرة بحالة الإحباط التي يشعر بها أغلب الطلبة و انسداد الآفاق أمامهم و كذلك حالة التسيّب السائدة في مؤسساتهم وكلها أسباب جعلت شريحة هامة منهم تفقد لذّة الدراسة و تفقد الثقة في إمكانية الحصول على شهادة ذات قيمة تشغيلية …. و باختصار فقدوا الثقة في المستقبل ….. منحة المرحلة الثالثـــة : 1400 دينار …. تبدو منحة طلبة المرحلة الثالثة – وبالرغم من أنه لا يتمتع بها إلاعدد قليل منهم لا يتجاوز 752 طالبا – تعتبرمهزلة من مهازل التعليم الجامعي وهي منحة حقيرة لا تسمن و لا تغني من جوع و يكفي أن نشير إلى المبالغ الخيالية التي يتلقاها ممرّنو فرق كرة القدم لنتأكد من أن عصرنا هو عصر الأقدام و ليس العقول فممرن فريق النجم الرياضي الساحلي بيت هامبرغ – على سبيل المثال – يبلغ مرتبه الشهري 34 ألف يورو ( 65 ألف دينار تونسي ) و إذا احتسبنا المنح و الإمتيازات الأخرى التي يحصل عليها فإن دخله السنوي يتجاوز المليار من المليمات وهو مبلغ قادر – إذا جمعناه على مدى سنتين أو ثلاثة – على بناء كلية جديدة أو معهد عالي أو تمويل النفقات الدراسية لــ 500 طالب طيلة الفترة الجامعية …. النقابة العامة للتعليم الثانوي : البيان رقم 2 ….  أصدرت النقابة العامة للتعليم الثانوي يوم الجمعة 5 مارس 2010 بيانا جديدا دعت فيه الأساتذة إلى مقاطعة حصص التكوين في الإعلامية التي أقرتها وزارة التربية خلال العطل مبررة ذلك بـــ  » تمسك الوزارة بإنجاز جزء من حصص التكوين في الإعلامية خلال العطلة معتبرة العطلة حقا للتلميذ و ليس للأستاذ  » و أشارت النقابة إلى  » غياب الردود حول خلاص المكونين و تغطية مصاريف تنقل الأساتذة المتكونين ، و غياب أي منشور أو مذكرة موجهة إلى الأساتذة توضح طبيعة هذا التكوين و أهدافه و آلياته و آفاقه  » و أشار البيان أيضا إلى التهديدات التي وجهتها الوزارة للأساتذة بالخصم من مرتباتهم في العطل و القيام بتتبعات إدارية ضدهم في صورة رفض المشاركة في حصص التكوين المذكورة …… و قد سبق للنقابة أن وجهت للوزارة رسالة طالبت فيها بتمكين المدرسين من التكوين خلال أيام العمل دون سواها حفاظا على الحق في العطلة إضافة إلى أن يكون في مراكز العمل باعتبار أن جلّ المعاهد تتوفر فيها مخابر للإعلامية و أساتذة في الإختصاص ….  طلبة و طالبات مصابون بـــ  » السيــــــــدا  » : كشفت الجمعية التونسية للسيدا عن إصابة العشرات من الطلبة و الطالبات بمرض السيدا وهو ما يدعو إلى الحيرة و القلق بسبب تفشي الممارسات الجنسية في بعض الأوساط الطلابية المعروفة بتسيبها و انحلالها الأخلاقي و قد يكون المئات – و بسبب عدم قيامهم بالتحاليل المخبرية اللازمة – يحملون الفيروس دون أن يعلموا بذلك وهو ما يعرّض بقية الطلبة القريبين منهم للخطر….  و تشير الإحصائيات إلى أنه يتم تسجيل شهريا ما بين 3 و 4 حالات مؤكدة لمرض  » السيدا  » في صفوف الطلبة …. طالبة تونسية تربط علاقة بوزير الهجرة الفرنسي : تحدثت وسائل الإعلام في فرنسا و كذلك وكالة الأنباء الفرنسية  » فرانس براس  » عن علاقة طالبة تونسية  تدعى ياسمين – وهي حفيدة نبيلة ( ابنة وسيلة بورقيبة ) و تدرس بفرنسا – بوزير الهجرة الفرنسي        و قد تناولت وسائل الإعلام الفرنسية الموضوع من مختلف الجوانب و ذهبت إلى حد القول بأن الوزير المذكور ينوي اعتناق الإسلام  في شهر جوان القادم استجابة لشروط عائلة الطالبة وهو ما نفاه هذا الأخير في أحد تصريحاته و لكن ما ورد في موقع  » بقشيش دوت أنفو  » الإلكتروني www.bakchich.info صعّد من التعاليق و التحاليل و بالخصوص إثر تقديم الوزير المذكور قضية ضد الموقع الإلكتروني متهما إياه بالتدخل في حياته الخاصة و تقدم بقضية إلى المحكمة العليا بباريس بعد أن نشر الموقع المذكور يوم الإثنين 8 فيفري 2010 مقالا تحت عنوان  » بيسون يتعثر على السّجّادة  » إلا أن المحكمة اعتبرت أن التتبّعات لاغية …. أستاذ جامعي أفسد في الجامعة …. و مع ذلك يتم تكريمه …. بعد أن تم طرده نهائيا من التدريس بالمؤسسات الجامعية على إثر إحالته على مجلس التأديب بسبب ارتكابه لأخطاء في حق الطلبة و التعليم تم يوم الجمعة 26 فيفري 2010 تكريم الأستاذ محمــد العربـــي الجلاصـــــي بوسام الإستحقاق الثقافي في خطوة صدمت و أذهلت و أغضبت إطار التدريس الجامعي الذين رأوا في هذه الحركة تشجيعا للفاسدين و المفسدين ليس في الجامعة فقط بل في المجتمع عموما …. و الأستاذ الموسّم – و كان يدرّس بالمعهد العالي للغات بتونس العاصمة – أحيل على مجلس التأديب في شهر أوت 2009 و اتّخذ بشأنه قرار بالطرد نهائيا من الجامعة التونسية بتهمة  » تسريب مواضيع الإمتحانات و التحرش الجنسي بالطالبات ….  » في فرنانـــــة : تلاميذ الإعدادي يدلّسون الأوراق المالية …..  قام مجموعة من تلاميذ إحدى المدارس الإعدادية بمعتمدية فرنانة من ولاية جندوبة بتكوين عصابة لتدليس العملة الورقية من فئة 50 دينارا باستعمال أجهزة إعلامية و إلكترونية على ملك والد أحدهم …. و قد انكشف أمرهم بعد تفطن نادل في أحد المقاهي إلى زيف إحدى الورقات المسلّمة إليه فكان ذلك منطلقا للقبض على كافة أفراد العصابة …. و في طبرقة : تلاميذ الثانوي يستهلكون و يروّجون المخدرات … عرف أحد المعاهد الثانوية في مدينة طبرقة رواجا للمواد المخدرة في صفوف بعض التلاميذ الذين لا يقومون فقط باستهلاكها بل و كذلك بترويجها و استدرجوا في ذلك العديد من زملائهم و قد تم القبض عليهم جميعا و حجز لديهم كمية هامة كانت معدّة للترويج ….. و في الختـــــــام :  » الفساد نزعت شرّيرة تصارع قيم الخير بالإنسان بغضّ النظر عن طبيعة النظام السياسي و الإجتماعي ، فهو لا يستثني مجتمعا فاضلا يقوده نبيّ كمحمّد صلّى اللّه عليه و سلّم يصف حيازة مال عام بدون وجهة حق كحيازة قطعة نار من جهنّم ، و يرفض الصلاة على رجل مات يقال له كركرة لأنه سرق عباءة من المال العام ، كما لا يستثني نظاما ديمقراطيا ليبراليا يتباهى بقيمه مثل النظام الأمريكي الذي ما زال يتعثر في محاكمة لصوص فضيحة   » إنرون  » و  » هاليبرتون  » ، و كذلك لا يستثني نظاما مركزيا كالنظام الحالي الشيوعي بالصين و الذي بالأمس القريب كان يحقّق مع كبار المسؤولين في قضية تهريب أموال بمحافظتي ( كينغهاي ) و ( هونان ) . فالفساد رذيلة تتربص بالإنسان في كل العصور ، و في كل الأماكن ، و بين كل الأمم  »  
    » الديمقراطية كآلية لمكافحة الفســــاد و التمكين للحكم الصالـــح  »  – إسماعيــــــل الشطّــــي –  


في منتدى التقدم : لقاء مع الدكتور عبد المجيد الشرفي حول الحداثة والهوية


استضاف منتدى التقدم يوم 19 فيفري 2010 الدكتور عبد المجيد الشرفي في لقاء فكري حول الحداثة والهوية. وقد افتتح هذا اللقاء الأستاذ عادل الحاج سالم عضو المكتب السياسي لحزب الوحدة الشعبية ورئيس تحرير جريدة الوحدة مرحبا بالحاضرين من ممثلي المجتمع المدني التونسي و وسائل الإعلام. وذكّر بالمسيرة الأكاديمية والفكرية المتميزة لضيف المنتدى الذي كان من أوائل الذين تصدوا لدراسة الظاهرة الدينية حتى قبل أن تكون قد ظهرت حركات أصولية احتجاجية في بلادنا وعمله على تجاوز القراءة الواحدة للنص الديني تلك التي تريد أن تحتكر الحقيقة باسم الإسلام وتريد أن تنتج صورة نمطية تسعى إلى تعميمها على مختلف الأجيال. وأشار إلى إصداره عديد الكتب الهامة مثل « الإسلام والحداثة » و « لبنات » وإشرافه على سلسلة « معالم الحداثة » ثم سلسلة  » الإسلام واحدا ومتعددا » واستشهد بفقرة للأستاذ محمد حمزة أحد تلاميذ الدكتور عبد المجيد الشرفي عرّف خلالها بأعمال أستاذه قائلا  » إنه يبحث في تاريخ النص القرآني وفي تاريخية العلوم القرآنية وتاريخية التفسير القرآني ، وما أنتجه من مواقف ورؤى مثلما يبحث في تاريخية الحديث النبوي للكشف عن البشري والنسبي وراء منهج المحدثين، كما يعمل على الحق في المنظومة الأصولية لإثبات تاريختيها واندراجها ضمن حدود معرفية تستجيب لأفق القدامى و تنتهي إلى تحديد حرية المؤمن في التعامل مع النص القرآني بتوجيهه إلى قراءة خصوصية ». واعتبر أن عبد المجيد الشرفي قد نجح في أن يستفز عقولا عربية من أجل إعادة التفكير والنظر في تراثهم ولكنه نجح أيضا من حيث لم يرد أن يستفز أولئك الذين يعتبرون أنفسهم الورثة الوحيدين والشرعيين وسدنة الفكر والقراءات المحنطة للإسلام، حتى أن الشرفي أصبح اليوم يعتبر بمثابة  » رأس الشر » بالنسبة إلى الذين رأوا فيما يقوم به و تلاميذه خطرا عليهم فأخذوا يتصدون لفكره وكتابات تلاميذه أكثر مما يتصدون لدعاة الإلحاد لأنهم يعتبرون أن الحفر في المجال الذي يعمل فيه الشرفي أخطر عليهم وعلى مكانتهم مما يفعله آخرون. إثر ذلك تولى الدكتور عبد المجيد الشرفي تقديم محاضرته حول الحداثة والهوية التي أكد في بدايتها على ضرورة رفع الالتباس الذي يحوم حول المفهومين اللذين كثر تناولهما من دون معرفة حقيقية أو خلفية تاريخية. في حين أنه من الذين يولون أهمية كبرى للتاريخ بمفهومه الواسع باعتباره يفسر لنا الحاضر ويمكننا من استشراف المستقبل، مشيرا كمثال إلى عجز الخبراء الأمريكان الذين كانوا « مختصين » في إيران عن فهم حركة الخميني عند قيامها رغم معرفتهم الدقيقة بواقع إيران وذلك لجهلهم في الأغلب بتاريخها و العوامل التي كانت مخفية ثم برزت إلى السطح. وقد تناول المحاضر مفهومي الحداثة والهوية كلاّ على حدة قبل أن يبيّن العلاقة بين المفهومين أو الظاهرتين أو المسارين. وفي تعريفه للحداثة اعتبر أنها نمط حضاري نشأ في أوروبا الغربية ولكنه أصبح اليوم نمطا كونيا يشمل كافة المعمورة، سواء في وسائل النقل أو المآكل أو مواد البناء ومختلف مظاهر الحياة المتشابهة التي تمثل الجانب المادي لهذا النمط الحضاري الذي له أيضا ـ كأي حضارة ـ جانب معنوي يتمثل في القيم التي أفرزتها الحداثة. وهذه القيم أصبحت الآن بدورها كونية، رغم أنها نشأت في ظرف معين وأحاطت بها ملابسات خاصة لكن لقيت من التجاوب لدى جميع شعوب الأرض ما يجعلها اليوم محلّ آمال هذه الشعوب. فالديمقراطية الآن لم يعد يجرؤ أحد على أن يقول إنه ضدها. وكذلك الشأن بالنسبة إلى العدل الاجتماعي وهو أيضا قيمة جديدة، ففي بلادنا مثلا كان الفقر قبل جيلين فقط يعتبرقدرا محتوما. ونفس الشيء عن الحرية وعن المساواة بين الجنسين…وشدد الأستاذ عبد المجيد الشرفي على تعاضد الجانب المادي والجانب المعنوي لإنشاء هذا النمط الحضاري حيث لا يمكن البتة الفصل بين الجوانب المادية والجوانب المعنوية متوقفا عند أهم مقوّمات الحداثة. وأولها العقلانية باعتبارها أساسا متينا من أسس الحداثة. حيث لا حداثة مع الفكر الميثي أيا كان الغلاف الذي يتغلف به، إذ تقتضي العقلانية إخضاع كل ما يتعلق بالانسان والطبيعة والكون للتحليل العقلي، بدون استثناء وبدون حدود وبدون محرمات. وهذه في نظره ثورة كبرى في تاريخ البشرية، لأن كل الحضارات السابقة سواء منها الوثنية أوالتوحيدية أو الصينية أو الفرعونية … كانت تضع حدودا لما يسمح التفكير فيه. في حين أن العقلانية في الحضارة الحديثة لا تؤمن بالمحرّمات في إخضاع كل الظواهر للبحث، وهذا محرج للضمير الذي لم يتعود على هذا المقوم من مقومات الحداثة. ولهذا تتردد الكثير من الدعوات إلى الفصل بين ما يمكن أخذه من الحضارة الحديثة وما ينبغي تركه، وكأن هذا ممكن. بينما لا يمكن أن يكون الإنسان حداثيا يعيش هذه الحضارة إلا إذا كان في الآن نفسه يدرك أن هذه المقومات هي أساس ذلك الجانب المادي. فلا يمكن الفصل مثلا بين السيارة والعقل الذي فكّر في الأسس الفيزيائية التي تسير على أساسها. واعتبر أن كل من يقول بالأخذ بالمنجزات المادية وترك الجوانب المعنوية أو القيمية، هو في الحقيقة قد منع نفسه من الإسهام في الحداثة ومن التأثير فيها. أما المقوّم الثاني الذي ركز عليه الأستاذ عبد المجيد الشرفي ضمن مقومات الحداثة فهو الفردانية، مذكرا بأن الفرد لم تكن له قيمة أو اختيار أو وجود فعلي في المجتمعات التقليدية و كان ذائبا في المجموعة (في الأسرة الضيقة وفي العشيرة والقبيلة وفي الأمة…) وهذا ليس خاصا بحضارتنا، وفي هذا السياق أعاد التأكيد على رأيه المثير للجدل بأن الحضارة العربية الإسلامية قد اندثرت وماتت مثل كل الحضارات الماضية الفرعونية واليونانية والبابلية والاشورية… فنحن اليوم نعيش في ظل حضارة أخرى هي الحضارة الحديثة، وإن بقيت ثقافتنا، مشيرا إلى أن كل حضارة دون استثناء لا يمكن أن تنشأ إلا إذا تبنت مكتسبات الحضارة التي سبقتها. ولاحظ بخصوص الفردانية أنها تقتضي احترام الفرد في ذاته مهما كانت صفاته الموروثة أو المكتسبة، بقطع النظر عن دينه أو جنسه أو ثقافته… و أكد أن الفردانية لا تعني الأنانية كما يزعم البعض. فالجديد الذي أتت به الفردانية مع الحضارة الحديثة أن الفرد له حقوق (غير قابلة للمساومة) لا واجبات فقط. بينما كان التصور السائد عندنا والذي يعرّف على أساسه الانسان هو أنه مكلّف أي عليه واجبات، وهي تقتضي شيئا جديدا أيضا هو المواطنة. فالفردانية والمواطنة توأمان أو هما وجهان لعملة واحدة. فالفرد لا يكون محترما لذاته إلا إذا كان في الآن نفسه مشتركا مع مجموعة في هذه الحقوق وهذه الواجبات. وقيمة المواطنة قيمة جديدة لا نجدها في تراثنا بل نجد الراعي والرعية كما لا نجد حديثا عن المواطنة ولا عن الديمقراطية أو الحرية أو العقلانية بالمعنى الذي حدده. وربط بين مقومات الحداثة (الإيمان بالفرد وقدراته العقلانية) وما نشأ عنهما كنتائج مباشرة من تأكيد على حرية المعتقد وحرية التعبير وحرية التنظم، مشيرا إلى وجود نظم للمعتقدات ونظم للامعتقدات. وانطلاقا من ذلك بيّن أنه من الطبيعي أن تخلق الحداثة في الأذهان اضطرابا كبيرا وردود أفعال عنيفة أحيانا، لأنها خلافا لما كان عليه الأمر في المجتمعات التقليدية، تجعل الإنسان في بحث مستمر عما يبرر به وجوده وما يفسر به حياته وعلاقاته بالآخرين، وهي ترفض شرعنة المؤسسات المجتمعية على أساس غيبي أو ديني أو ما ورائي، وتعتبر أن كل المؤسسات المجتمعية، سواء ما ينظم العلاقات الجنسية أو العلاقات السياسية أو علاقات الشغل …، من مسؤولية الإنسان باعتباره فردا مواطنا، وليست موضوعة لا من الآلهة ولا من أي طرف كان. وإذا كانت منتجا بشريا فيعني ذلك أنها يمكن أن تتغير بل هي متغيرة فعلا، وهذا التغير و التطور يؤدي في كثير من الحالات إلى قلق لا يشعر به الإنسان الذي لديه ما يسمى في أدبياتنا بالثوابت غير القابلة للنقاش والتي تؤدي به إلى طمأنينة نفسية عميقة ومريحة. في حين تفرض العقلانية نسبية تلك المؤسسات المجتمعية وتاريخيتها ويصبح الإنسان في وضع قلق، وحتى الذين أنتجوا الحداثة ينتابهم نفس الشعور، فما بالك بالذين التحقوا بالركب وهو يجري ، مثلما هو حال الشعب التونسي والشعوب العربية بصفة عامة، وغير العربية ( الصين، الهند…). ونبّه إلى ضرورة التمييز بين النسبية والنسبوية وعدم الوقوع في العدمية، مفندا القول بأن الإيمان بالنسبية يسوّي بين الخير والشر، فنسبية الخير المتواضع عليه بشريا لا ينفي وجوده، ولا يعفينا من التمسك بما هو مفيد وضروري للحياة ويوفر ما يتوق إليه الانسان باستمرار، أي التوق إلى السعادة، وهذا توق انتروبولوجي مغروس في الإنسان الذي له حاجات أساسية (إلى الطعام، وإلى ما يتقي به عوامل الطبيعة و إلى العلاقات بين الجنسين..)، ولكن الأنظمة الاجتماعية في كل المجتمعات والعصور تسعى أيضا إلى توفير السعادة. لكن السعادة التي نطمح إليها في عصرنا في ظل هذا النمط الحضاري الذي نسميه حداثة، هي سعادة لها وجه فردي ووجه جماعي. ولولا هذه المقوّمات لما كانت للحداثة هذه الجاذبية بالنسبة إلى كل شعوب الأرض. ثم قدم الأستاذ عبد المجيد الشرفي تعريفه العام للهوية بالاستناد إلى ما اتفق عليه ضمن ما يعرف بالمجموعة العلمية (التي تتجاوز على الصعيد العالمي اختلاف اللغات والأديان والبلدان وتفرض قبول النتائج التي توصل إليه البحث العلمي سواء في العلوم الإنسانية أو العلوم الصلبة) واعتبر أن الهوية هي الشعور بالانتماء إلى مجموعة بشرية ما والقيام بوظيفة معينة داخل تلك المجموعة. مؤكدا أن الهوية ليست هوية واحدة بالنسبة إلى الأفراد وإلى الجماعات، ومن ذلك تبدأ الصعوبات. فالشعور بالانتماء إلى أسرة معينة والذي يفرض في نطاق هذه الأسرة القيام بوظيفة الأب أو الابن أو الزوج… ليس سوى مجال من مجالات الهوية، فهناك المؤسسة التي نشتغل فيها و ننتمي إليها ونقوم فيها بوظيفة أخرى، وهو ما يكسبنا هوية ثانية إلى جانب الانتماء الأول، وكذلك الانتماء إلى مجموعة نشترك معها في الإيمان بنفس الدين، أوالانتماء إلى مجموعة بشرية تسمى تونس أو التونسيين، وداخل كل مجموعة ضيقة أو واسعة نقوم بوظيفة تناسبها، وهو ما يعني أن هويتنا هي هويات. ودعا المحاضر إلى عدم الاستخفاف كحداثيين بالآراء القائلة بأن الهوية العربية الإسلامية مهددة مما يستوجب المحافظة عليها، وإنما إخضاع هذا الرأي إلى التحليل العقلاني وكشف مرتكزاته، ملاحظا أن خطاب الهوية الثابتة التي لا تتغير وليست نسبية وليست بشرية وإنما هي معطى جاهز ونهائي، هو في كل المجتمعات خطاب الفئة المحافظة في المجتمع أو ما يسمى بأقصى اليمين في التعريف السياسي، فلا نجد في خطاب الفئات التي تعتبر « تقدمية » من يتشبث بخطاب الهوية بهذا المعنى، والذي يبرز بالخصوص في ظروف معينة ويغيب في ظروف أخرى. معطيا مثال أوروبا خلال ما يسمى « بالسنوات الثلاثين المجيدة  » حيث كان ذلك الخطاب منعدما تقريبا، غير أنه برز منذ الأزمات التي عرفتها الأنظمة الأروبية في مستوى البطالة ومزاحمة الأسواق الآسياوية والأزمة المالية وتنامي جاليات أجنبية لها وزن ديمغرافي هام. أما بالنسبة إلى تونس فاعتبر أنه لم تكن هناك مشكلة هوية طيلة العشرين سنة الأولى التي تلت الاستقلال. وإنما كانت هناك أزمات على خلفية الاختيارات السياسية، مذكرا بأن تونس حين لم تلتحق بالجامعة العربية إلا سنة 1958، كان الخلاف سياسيا حول أولوية البناء القطري الوطني أو القومية العربية أما الهوية بمعنى الانتماء إلى العروبة فلم يكن في اعتقاده مطروحا لدى التونسيين الذين كانوا عموما رغم شعورهم بعروبتهم متجاوبين مع خيار بناء الدولة الوطنية بنقائصها ومزاياها. و لكن الخيارات السياسية وكذلك الاقتصادية والاجتماعية هي التي كانت تنتج ردود أفعال. وكان للمحيط الجغرافي السياسي دوره أيضا. وعندما تغيرت المعطيات الداخلية والخارجية برز خطاب الهوية (في السبعينات) وأصبحنا نسمع خطاب التمسك بالهوية العربية الاسلامية وآخر مصاحب له حول الغزو الغربي وخاصة الغزو الفكري. وذلك في نظر المحاضر نتيجة طبيعية تعبر عن الخوف. حيث أن علاقتنا بالآخر ليست علاقات ندية فنحن أضعف عسكريا وسياسيا واقتصاديا. ومع ذلك أكد أن هناك دائما إمكانيات عديدة مغايرة للتسليم بالأمر الواقع والعجز عن المقاومة وبالتالي الاضمحلال كما حصل للهنود الحمر بالولايات المتحدة، ولكن هناك وسائل وسبل مختلفة للمقاومة بعضها موصلة وناجعة وبعضها بمثابة الأزقة. فمن يريد أن يبني في عصر الصواريخ العابرة للقارات أسوارا لتحصين مدينته من الغزو على الطريقة القديمة فإنه اختار طريقة غير مجدية، وكذلك الشأن في المستوى الثقافي لمن حاول الانطواء على نفسه، فإنه لن يستطيع منع الآخر من الدخول إلى بيته عبر الانترنت والفضائيات …ولكل ذلك يرى أنه لا يمكن الاستغناء عن المشاركة بطريقة أو بأخرى في هذا النمط الحضاري الذي يسمى حداثة. وإذا كان لخطاب الهوية مبرراته فإن النقاش الذي يراه الأستاذ الشرفي ممكنا هو حول وسائل الحماية الذاتية وكيفية تجاوز الضعف الموضوعي الذي تتميز به أحوالنا، حتى لا نكون مجرد مستهلكين وعالة على الآخرين وإنما مسهمين في إنتاج هذا النمط الحضاري وربما التأثير فيه. ولا ينبغي في نظره التذرع بالعامل الديمغرافي لأن العديد من الشعوب الصغيرة استطاعت أن تسهم في الحضارة الحديثة وهي ليست بعيدة عنا، مستشهدا بمثال فنلندا التي استطاعت بفضل نوكيا أن تبلغ مستوى الإسهام الحضاري وهي التي كانت في ستينات القرن الفارط في نفس مستوى تونس. وبدا الدكتور الشرفي متفائلا حين أعرب عن اعتقاده بأن الإسهام في هذه الحضارة هو في متناول أيدينا، وخير وسيلة لحماية مختلف هوياتنا شريطة عدم الانطواء على الذات، وإن كان في ذلك مخاطرة فإنه لا قيمة لحياة الإنسان بدون مخاطرة. ولاحظ أننا نعيش اليوم في مجتمع « بين بين » فيه رواسب هامة وفيه مظاهر عديدة من التحديث، وهذا ما يجعل إشكالية الهوية والحداثة مطروحة اليوم، وأكد أن مجتمعنا بحكم موقعه الجغرافي مضطر إلى التأقلم مع هذا العالم المتغير الذي يسبب الشعور بالقلق الذي ينتابنا مثل الغربيين أنفسهم. واختتم الأستاذ عبد المجيد الشرفي مداخلته بالإشارة النقدية إلى أن الأنموذج الحضاري الحالي الذي يسمى حداثة تراجعت جاذبيته، فبعد أن كان منذ خمسين سنة نموذجا مغريا يدفع إلى الحديث عن اللحاق بركب الحضارة، فإن هذا النمط يعيش اليوم أزمة، مثلما تبرزها الفوارق الاجتماعية الحادة حتى في المجتمعات الغنية (الآلاف بدون مأوى). و لكن إذا كان هذا النمط الحضاري قد فقد بريقه فإنه لم يفقد إيجابياته ولكن عيوبه أصبحت اليوم أبرز مما كانت على الأقل منذ جيل أو جيلين. وألمح إلى صعوبة التأقلم الذي أشار إليه آنفا وبوجه خاص لدى الشباب على خلاف الجيل السابق الذي كانت الأمور بالنسبة إليه تكاد تكون واضحة حيث كان الخيار « بين التقليد والتجديد » و »بين الأصالة والمعاصرة » أو التوفيق بينهما، بينما أصبحت المسألة اليوم أكثر تعقيدا، وأشار إلى تفاقم انتشار ثقافة هابطة (sous culture) في ظل العولمة الغازية، عادة ما تبدو بالنسبة إلى الكثير من الشباب (كتقليعات الوشم والقرص والموسيقى…) نوعا من المشاركة في الحداثة، وميّز بين ثقافة العامة وثقافة الخاصة معتبرا أن أبناء الطبقة العليا في كل المجتمعات اليوم (المتقدمة والعالم الثالث) ليسوا هم المستهلكين لتلك الثقافة. وشدد على ضرورة عدم التغافل عن الجوانب النظرية التي تطرق إليها على أساس الواقع التاريخي والحضاري العام والانطلاق من لا شيء لأن ذلك في نظره غير ممكن إذا ما أردنا أن نجد الموقع الذي نرغب فيه على وجه هذه الأرض.  
ملاحظة : نواصل في العدد القادم من جريدة الوحدة عرض النقاش الذي تلا هذه المحاضرة مع تعقيب الأستاذ عبد المجيد الشرفي. عادل القادري ـ جريدة الوحدة

الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 22 ربيع الأول 1431 الموافق ل 09 مارس 2010

ألف يوم من الحصار على غزة بل ألف يوم ومليون ونصف من البشر في العراء دون ماء وغذاء ودواء

 


ألف يوم والعالم يشاهد أكبر سجن في تاريخ الإنسانية يطبق بجدرانه على الأطفال والنساء والشيوخ دون رحمة، سجن لا خبز فيه للجياع ولا حق في الطعام، وسجن مستشفياته دون كهرباء ومرضاه دون دواء إلى أن تجاوز شهداء الحصار الطبي 100 شهيد، وألف يوم  في العراء، والجريمة هي الدفاع عن المقاومة والتمسك بالثوابت وخاصة حق العودة والقدس. ألف يوم تحكي صمود غزة في مواجهة الحصار القاتل الذي ينفذه الكيان الصهيوني، ألف يوم والقوافل وخاصة قافلة  »شريان الحياة » تكسر الحصار وتقول للإنسانية  إن الكيان الصهيوني هو الإرهابي بارتكابه لجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب ضد الفلسطينيين في غزة.

و حرية وإنصاف:

1 ) تكبر صمود الفلسطينيين ألف يوم من الحصار رغم الدمار والجرف والتقتيل والهدم والجوع والمرض وترى في هذا الصمود الأسطوري دليلا على أن الشعب الفلسطيني صاحب حق. 2 ) تدين بشدة هذه الجريمة النكراء وتهيب بمنظمات المجتمع المدني التونسي والعربي والإسلامي بالحراك الجاد والفاعل من أجل كسر الحصار الجائر على غزة. 3 ) تجدد تمسكها بحق الفلسطينيين في مقاومة الاحتلال و تعتبر الصمود ألف يوم مظهرا جليا لإرادة المقاومة. عن المكتب التنفيذي للمنظمة المكلف بملف قضايا التحرر في الوطن العربي و العالم الأستاذ حاتم الفقيه


حديث عن المرأة


العجمي الوريمي 2010-03-09 أبدأ بالتحيّة في عيد المرأة إلى الكاتبة السوريّة نوال السباعي المقيمة في إسبانيا منذ ثلاثين عاما ولكنّها بقيت تحمل هموم المرأة العربية والأمّة العربية الإسلامية، فهي توظّف كلّ ثقافتها وتجربتها لتمدّ جسرا بين الثقافات ولتصف وتحلّل واقعا عربيا متحوّلا هو موضوع التغيير وبيئته ضمن محيط دوليّ يزيد على تعقيده تعقيدا. والتحيّة موجّهة من خلال الكاتبة إلى المرأة العربية والمسلمة التي حقّقت بنضالها مكاسب جمّة ويريد كثيرون أن يحقّقوا منها وليس لها مكاسب سياسية أو اقتصاديّة باعتبارها قوّة إنتاج وقوّة انتخاب. وفي كلّ ذكرى لليوم العالمي للمرأة حينما ننظر كمعنيين بالتغيير -أيّا كان موقعنا وموقفنا- تتراءى أمامنا المسافة غير المقطوعة في طريق تطوير واقع المرأة وتحريرها، وهي مسافة أبعد من مدى رؤيتنا ولكنّها حتّى وإن بدت كاللاّنهاية تبقى طموحات المرأة أبعد منها بما يدلّ على أنّ المسافة المقطوعة في نفس الاتجاه لا تُقاس بما تبقّى. يصعب الحديث عن المرأة والرجل بغير صيغة التفضيل، ذلك أنّ الرّجل المطلق والمرأة المطلقة ليسا ما هو موجود في الواقع الذي فيه رجال ونساء، ولكنّ عقلنا تعوّد على الحديث بلغة الإطلاق، أي لغة المفهوم الذي يتجاهل الأوضاع المعيشة والواقع التاريخي، وكلّما ابتعدنا عن التّجريد وقاربنا الواقع في تفاصيله كنّا أقدر على فهمه وإيجاد الحلول المناسبة له، فالمرأة يُنظر إليها ضمن ثقافة وحضارة ونمط مجتمعيّ وفي علاقة بنفسها وبالرّجل وبمحيطها الذي ضمنه تنشأ وتنمو وتتطوّر، وما لا يتبدّل فيها كبنية سيكولوجيّة أو بيولوجيّة لا يهمّنا في هذا السياق، إذ إنّه يشكّل نمط وجودها وهو لا يمنحها حقّا هو لغيرها ولا يفرض عليها واجبا ليس واجبها. وعلى فرض أنّ تلك الثوابت غير الشخصيّة لها تأثير ما ففي علاقة بثوابت أخرى لا تظهر بالتّقصّي الموضوعي علاقتها ببنية المرأة النفسيّة والبيولوجيّة مثل القيم غير المختلف حولها من قبيل قيمة الصّدق التي بمقتضاها تكره المرأة الكذب عند الرّجل وزيف المشاعر والخداع والنفاق وعدم الإيفاء بالوعد المؤدّية إلى الخيانة أو إلى أحد ضروبها بما يذهب بالطمأنينة المشار إليها في قوله تعالى: « وأخذن منكم ميثاقا غليظا ». لذلك يُستبعد أن تُقرّ المرأة تزييف الانتخابات أو أن تقول، إذا كانت مبعوثة للنّوايا الحسنة، إنّ أطفال إفريقيا، الذين يعانون من الأمراض والمجاعة، هم في أحسن حال. وإذا كان من السهل عليها استخدام التعابير الدبلوماسيّة في أصعب المواقف فليس يسيرا أن تقبل بأن تكلّف بالتّصريح بما يُفيد قلب الحقائق. إنّ الروايات البوليسية وأفلام الجاسوسية.. تُقدّم صورة نمطيّة عن المرأة تجعل بصمتها على الأحداث لطخات دماء وأدوارها أدوار شرّ.. وهذا من أثر شيطنة المرأة وربط الشرّ بها وبأفعالها وغاياتها. وهذه الصورة لم تسهم المرأة في تبديدها عندما اقتحمت ميدان كتابة السيناريو وميدان الإخراج السينمائي، وبعض النّقّاد بمن في ذلك النساء منهم يرفضون أن يكون هناك خطاب نسائي متميّز ولكن رغم ذلك نميل إلى الاعتقاد أنّ الخطاب الإبداعي النسائي يحمل إضافة حتى وإن كان لا يزال يتلمّس طريقه رغم أنّ « ألف ليلة وليلة » التي مضى عليها قرون نُقلت إلينا على لسان أنثى، ورغم أنّ التراث الشفوي للمرأة فيه حظّ وفير نقلا وإنتاجا. تحقّقت للمرأة مكاسب يُخشى أن لا تتدعّم كما يُخشى أن يتمّ إبرازها لإخفاء المآسي ومداراة النواقص ولفت الأنظار عن الإقصاء الذي تتعرّض له المرأة أو يُمارَس باسم حقوقها. ولعلّها تفطّنت إلى ما يُدبّر ويُدار لأجلها أو على حسابها فاختارت موقعها مع الحكم أو مع المعارضة. وإذا كان وجود المرأة في بعض المناصب والمسؤوليّات الرسميّة يدخل في باب التمييز الإيجابي، وهي تستحقّ أكثر من ذلك، فإنّ وجودها ضمن قوى المعارضة بل على رأس أحزاب معارضة كما هو الشأن في الجزائر (لويزا حنون) وتونس (ميّة الجريبي) وموريتانيا وغيرها.. دليل على أنّ الذهنيّة العربيّة لا ترفض دورا قياديّا للمرأة ودليل على أنّ المرأة لم تعد تقبل الوصاية لا باسم الأصالة وباسم الحداثة، لا بعنوان التقاليد ولا بعنوان السياسة. غير أنّ مشاركة المرأة مهما تفاءلنا بالمستقبل لا تزال دون المطلوب والمأمول، وإذا كانت قد برهنت في العراق وفلسطين بل مشرقا ومغربا على أنّها في طليعة المقاومة ورصيدها الثابت فإنّ ما تعانيه من تكبيل بسبب الأعباء الأسريّة والماديّة يجعل مساهمتها الاجتماعية والسياسيّة مهدّدة وفي بعض الأحيان شبه مستحيلة. أعود إلى الكاتبة نوال السباعي وهي من أسرة « العرب » لها بصمتها الطيّبة المميّزة، وقد لفت أوّل الأمر انتباهي إلى كتاباتها أحد الأصدقاء المهتمّين ببلاد الشّام والمحبّين لأهلها فصرنا نتابع ما تكتب ونتناقش حوله، وهي اليوم مع جيل من الكاتبات الإسلاميّات، مثل الكاتبة المصرية هبة رؤوف عزّت، يقمن بتحريك السواكن وإيقاظ الوعي وممارسة المعارضة الإيجابية والنقد البنّاء من أجل فتح آفاق للمرأة والمجتمع، وهنّ يسلكن في ذلك طريقا صعبة، إذ إنّ الخطاب الإسلامي المعاصر تتجاذبه النّزعات وتكاد تهيمن عليه نزعة التقليد أو تحيد به نزعة التحلّل من أيّة ضوابط في الفهم والتأويل فهو خطاب مختطف من فئة من منتجيه ومن خطاب مضادّ يريد نسفه وأحيانا نسفه مع زعم الانتساب إليه. إنّ كتابات نوال السباعي تدعو إلى مزيد من الجرأة وإلى عدم الانسحاب من المعركة، وهي تقدّم مقاربة متميّزة للعلاقة مع الآخر الذي تعرفه من الدّاخل يستحوذ على إعجابها في بعض خصائصه ومميّزاته ويثير نقمتها في بعض مظاهره وما يضمر، وهي تدرك حجم الهوّة بين حضارتين تنتميان في الحقيقة إلى منطقة واحدة إذا وسّعنا نطاقها وتدرك حجم الرّهانات وحقيقتها في المصير الذي من المفروض أن يكون مصيرا مشتركا زمن العولمة وزمن تباشير دورة حضاريّة جديدة هي دورة الانبعاث والنهوض الإسلامي. وكأنّي بالكاتبة بدأ يطغى عليها من خلال المقالات الأخيرة مسحة من التشاؤم كانت تخفيه، فقد جاء في مقال لها بعنوان « فضفضات »: « فالمنطقة العربية وصلت إلى طريق مسدود ».. وبعد أن قدّمت لوحة داكنة بل سوداء عن واقعنا فضفضت بأنّها كثيرا ما فكّرت في: « ترك الكتابة في السياسة وخوض مخاضات المجتمع العويصة المؤلمة الكريهة على النفوس ». ولأنّ حديثنا انطلق عن المرأة في ذكرى الاحتفال بيومها العالمي تذكر الكاتبة في مقال فضفضات وبغير مناسبة « لا أحد يريد أن يتحدّث عن وضع المرأة في بلادنا وإن تحدّثنا فنحن مرغمون ودائما بمقارنتها بالمرأة الغربيّة »، مُشيرة إلى أنّنا نبرز في خطابنا الجوانب السلبيّة في واقع المرأة الغربية ونتغاضى عمّا منحته المجتمعات الغربية لنسائها « من أمن اجتماعي ونُصرة تحمي لهنّ أمومتهن باعتبارها منحة مقدّسة وكرامتهن الإنسانيّة باعتبارهن بشرا ». ولأنّ الكاتبة سئمت الحديث في السياسة كتبت بعد مقال فضفضات مقالا مطولا في أربع حلقات عن الحب والمحبين فيه مقارنة بين المجازات المستعملة في موضوع الحب في الشعر الغنائي المعاصر بين اللغة العربية واللغة الإنجليزية وقد اكتشفت كم هو صعب الحديث في غير السياسة أو الحديث فيها من غير المدخل السياسي وقد توصّلت إلى شروط نشأة مجاز « الحب المستحيل » في اللغة العربية وقد تكون هي نفس شروط الديمقراطية المستحيلة في واقعنا المعاصر. إنّ نوال السباعي صوت نسائي لا يختصّ بقضايا المرأة ولا يحصر اهتمامه فيها ولكنّه مؤشّر قويّ على دور المرأة المثقفة المناضلة بكلّ معاني النّضال النسائي في المنزل والأسرة والعمل والمجتمع والوطن والمهجر. (المصدر: « العرب » (يومية – قطر) بتاريخ 09 مارس 2010)


الدولة والأهل شريكان

 


سفيان الشورابي خلال السنوات الخمس الماضية، تطوّرت حقوق النساء في 15 بلداً من أصل 18 دولة عربية، حسب التقرير الأخير الذي نشرته منظمة «فريدوم هاوس» غير الحكومية. التونسيات جئن على رأس أكثرهن تمتعاً بحقوقهن، تليهن نساء المغرب والجزائر ثم لبنان، بينما تتموقع اليمن في أسفل التصنيف. المناضلون ــــ نساءً ورجالاً ــــ من أجل حقوق النساء سيعتبرون ما تحقق انتصاراً. ولكن ماذا عن حقيقة الواقع؟ الأنباء الآتية من مصر أخيراً تشكك في حقيقة أن حقوق المرأة في عالمنا العربي تتقدم إيجابياً. فرفض تعيين قاضية في إدارة مجلس الدولة بسبب جنسها يثير صدمة مضاعفة لأن جبهة الرافضين لم تكن آتية من جيوب رجال الدين هذه المرة فحسب، بل كانت صادرة أيضاً من أعضاء الجمعية العامة لنادي القضاة، أي جزء من صفوة المجتمع المصري. البعض منهم نبش في النص القرآني وتأويلاته لتبرير موقفه، والآخر استند إلى وجوب احترام درجة وعي الشعب الذي لا يتقبل فكرة تولّي امرأة حل النزاعات والخلافات. شيخ أزهري قال في سياق هذا الجدل، خلال ندوة عقدت بنقابة الصحافيين المصريين، إن المرأة لا تستطيع أن تتولى منصب رئاسة الدولة، متسائلاً: «كيف تستطيع أن تحكم وتأخذ قرارات بالحرب إذا استدعى الأمر؟!». تتوالى الأنباء التي لا تبشر بخير: عشرات الآلاف من الرجال طلقوا زوجاتهم بسبب إنجابهن البنت دون الولد… موضة تزويج الفتيات القاصرات تجتاح البلدان الخليجية… تمييز سلبي في أماكن الدراسة والعمل وفي الحق السياسي لدى جل الدول العربية… تشريعات وقوانين منافية لحقوق النساء… عنف متصاعد ضد المرأة بسبب جنسها… الخ. المرأة العربية في عيدها العالمي لا تزال تلهث من أجل التمتع بحقوقها الأساسية البديهية. ورغم الجمعيات النسوية التي تتناسل هنا وهناك، فإنّ جداراً صينياً عظيماً يحول دون أن تكون لأنشطتها جدوى كبيرة. ذلك أن الاستبداد الأبوي يجد طريقه بسهولة في سلوكيات الأنظمة القائمة. الجمعية التونسية للنساء الديموقراطيات في تونس، مثلاً، تضم بضع عشرات من نساء مثقفات يجهدن أنفسهن من أجل نشر ثقافة حقوق المرأة، لكنّها تتعرض لأنواع من المضايقات والمحاصرة، ما أنزل الله بها من سلطان. ميليشيات «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» في السعودية تجد متعة خارقة في رصد شعرة قد تخرج من تحت طيات حجاب امرأة وجلدها. برلماني كويتي يطالب حكومته بفرض عدم مشاركة المرأة في الأنشطة الرياضية، الخ. تتشارك إذاً في القمع الدولة التي تملك آليات القهر القانوني ومجموعات أهلية تتبنى أفكاراً مناهضة للمرأة. وفي انتظار عيد أفضل للمرأة العربية ليس لدينا سوى الكتابة من أجلهن. فـ«الكتابة أخطر من القتل»، على حد تعبير نوال السعداوي.  
(المصدر: جريدة الأخبار (يومية – لبنان) بتاريخ 8 مارس 2010)
 


لبنان والنساء: أنواع المواطنات واستعمالهنّ

 


النساء في لبنان يعشن كمواطن مُستعمَل (بفتح الميم) لا مُستعْمِِِِل (بكسرها). هنا محاولة لرسم نماذج للمواطنة اللبنانيّة التي هي في الواقع مواطنة تحت الصفر، تساهم في بعض الأحيان في تهميش نفسها، وكأنّ نظام القمع الذي تتعرّض له غير كافٍ وحده لتهميشها سارة أبو غزال توجّهت العديد من الحملات الانتخابية العام الفائت إلى النساء، مستهدفة أصواتهنّ. وقد دلّت هذه الخطوة على وعي منظّمي الحملات وأن للنساء دوراً في التصويت، وألغيت فرضيّة أن النساء يدلين بأصواتهنّ كما تملي عليهنّ رغبة العائلة/ الذكر. غير أن الحملات الانتخابية هذه سهت عن أمر بالغ الأهمية يتعلق بالهوية الاجتماعية التي تحملها المرأة اللبنانية، والتي جعلت أمراً كاستهداف المرأة الناخبة يبدو كأنه دعاية لسلعة جديدة. فالنساء في لبنان يعشن كمواطن مُستعمَل لا مُستعْمِِِِل. في قراءة جديدة لواقع الحركات النسائية، تطرح الباحثة إصلاح جاد واقع تمأسس الحركة النسائية وتحويلها إلى منظمات ومؤسسات اجتماعية لا مكان لها في الشارع السياسي، وهو أمر يعبّر عن قلق لدى العديد من النسويات في العالم العربي. وفي سياق البحث في «استعمال النساء وقضاياهنّ»، نرى أنّ النساء في لبنان يتاجَر بهنّ لمصلحة الوطن من دون إعطائهنّ حقاً أو امتيازاً في المقابل. وكأن لبنان يخلق نموذجاً جديداً لـ«صورية» المفاهيم، وخصوصاً في ما يتعلق بأوضاع النساء وقيمتهنّ الإنسانية والاجتماعية. مواطنة مدرّة لأطفال لبنانيّين نساء لبنان يعشن قوانين الطائفة في الأحوال الشخصية والانتخاب وإلى ما هنالك من أمور. وقد يختلفن بعضهنّ عن بعض في امتيازاتهنّ في موضوع الطلاق والإرث، لكنهن يتشاركن المصير ذاته في عدم امتلاك الحق في منح الجنسية لأبنائهنّ وبناتهنّ. والحق بمنح الجنسية مرتبط حصراً بالسياسة وبرعب الإخلال بالتوازن الطائفي الذي لا ينفكّ يقف بالمرصاد لأي اقتراح يسهم في إلغاء الطائفية السياسية ويخفف من احتقانها. غير أنه يحاكي أيضاً أمراً بالغ العنصرية. فإذا افترضنا أن للنساء الحق في اختيار شريك حياتهن، يجب أن نفترض أن للنساء الحق في اختيار دين هذا الشريك وطائفته. وهناك العديد من الوسائل التي يصبح الزواج المختلط من خلالها قانونياً. غير أن زواج اللبنانية من شخص «غير لبناني» يجعلها مصابة بالعقم أمام الدولة اللبنانية. والأولاد الذين أنجبتهم يصبحون ضيوفاً من جنسية أخرى. وتعتمد هذه الضيافة على نوع الجنسية التي يحملها الطفل/ة، وطبعاً الامتيازات الاجتماعية والاقتصادية المحيطة به/ا. وتتحول المرأة اللبنانية من خلال هذا القانون إلى مواطنة منتجة لـ«العِرق اللبناني» على اختلاف طوائفه، شرط ارتباطها بلبنانيّ الجنسية، وإلا يسقط حقها في المساهمة في تكاثر اللبنانيين. ففي جعل أمومة النساء سياسة قومية، ينفي القانون اللبناني عن النساء حرية التصرف بأجسادهنّ، ويفرض شروطاً على أهلية النساء اللبنانيات للتكاثر. مواطنة نائبة عند الوفاة أو الضرورة لا يخفى خجل اللبنانيات المهتمات بالشأن العام بالسيدات المشاركات في الحياة البرلمانية في لبنان، وخصوصاً أن موضوع القرابة العائلية يبقى السبب الأساسي في احتلال السيدات مقاعد في البرلمان. ومن المؤكد أنه حين نرى صورة للمجلس النيابي تبدو كأنها «بوست كارد» عن الديموقراطية، صورة تودّ الحكومات اللبنانية إرسالها إلى العالم الباحث عن الكوتا، وكأنها الدليل على وجود الحرية والتقدم للنساء. ورغم أن موضوع الكوتا النسائية يبقى أمراً شديد التداول بين النساء، نجح النظام في خداع المواطنات، من خلال تأكيد واقع المشاركة السياسية للنساء في الحكم، وفي إمرار رسالة خفية تفيد بضرورة الخضوع والتشرّب التام للقيم العائلية والسياسات الطائفية. أما النساء الراغبات في احتلال مقعد نيابي، فتفيد الرسالة في البحث عن أقرب نائب أو وزير عازب والارتباط به، على أمل موته في القريب العاجل أو الانتظار إلى موت وريث العائلة الأخير واحتلال موقعه. والسيدات المشاركات في الحكم لم يبدين أي حساسية تجاه العمل على تغيير الأوضاع القانونية والحقوقية للنساء المواطنات. حريم الوطن يختصر الفيديو الموجود على موقع وزارة السياحة اللبنانية مشهداً يصعب على النساء في لبنان تأويله بدقة. يمرّ مشهد عابر لفتيات يتراقصن في ملهى ليلي. المشهد يحاكي الكثير من التناقض. فلبنان يعرّف نفسه للزائر على أنه بلد متحرر وقابل لاستيعاب حاجات الزوار، ويسوّق نفسه في موقع وزارة السياحة على أنه عصريّ محبّ للسهر. غير أن قوانينه تتناقض مع يوميات بعض من فتياته. فلنفترض أن المواطنة فلانة تعرضت للعنف المنزلي بسبب ارتيادها ملهى ليلياً، فكيف يتدخل لبنان لحماية مواطنته من العنف المنزلي في ظلّ رفض المجلس النيابي بتّ القانون المقترح للحماية من العنف الأسري؟ علاقة لبنان بمواطنته تبدو موسمية، يحبّذها متحررة ومتشبهة بالأوروبيات صيفاً، وشرقية قلقة من جرائم الشرف شتاءً. كيف يمكن بلداً الترويج لتحرّر مجموعة من النساء يعشن أسلوب حياة معيّن، وفي الوقت نفسه يعطي أحكاماً مخفّفة لمرتكبي جرائم الشرف؟ المرئيّات الخفيّات من الصعب تحديد منبع العنصرية التي تسبب مقتل العديد من العاملات الأجنبيات. لا شك في أن احتقار الطبقة العاملة أساسي في هوية المجتمع اللبناني، ونستطيع العودة إلى انطلاقة ثورة الأرز وقراءة مجمل الشعارات التي رفعت، والتي احتقرت بمعظمها كل ما هو غريب. من الصعب على أي هوية أن لا تنقلب إلى هوية عنصرية إذا تمحورت ركائزها على احتقار كل ما هو غريب، بدلاً من تعداد إنجازاتها أو مكامن قوتها. وللأسف، تسهم النساء في إعادة إنتاج المواقف العنصرية هذه ضد كل ما هو غير لبناني من خلال استهلاك ثقافة «المدام» التي تسمح بأن تضطهد امرأة أخرى في عقر دارها. على «المدام» اللبنانية الانتباه إلى أن «العاملات الأجنبيات» بديلات منها في القيام بالدور التقليدي الذي لا يزال متوقعاً منها، وأن تفكر بأن ثقافة الكراهية التي تجيز لها استعباد العاملات، مستمدّة من النفور من الصورة النمطية التي كوّنتها المرأة اللبنانية عن نفسها. على النساء اللبنانيات إعادة النظر في الجرائم التي يرتكبنها، والقوة التي يستعملنها، والتي هي في غير موضعها. فالقوة هذه لو استعملت لتغيير النساء اللبنانيات لأوضاعهن القانونية والاجتماعية، لكانت المنفعة أكبر وأكثر أخلاقية من مشهد عاملات يرمين أنفسهنّ من الشرفات هرباً من الاستعباد.

لماذا تُستهدف إيران؟

راشد الغنوشي 
إذا تحررنا من أنماط التفسير التآمري الخرافي للأحداث الذي يسيطر – وا أسفاه- على قطاع غير قليل من الساحة الإسلامية في موضوع إيران وغيره، والذي هو شبيه بالتفسير الباطني لنصوص الدين، في إعراض عن الوقائع الصارخة، تماما كما يفعل أصحاب التفسير الباطني إذ يعرضون عن المدلولات اللغوية الصريحة للنصوص، باحثين عما وراءها من معان بديلة ومناقضة بالكامل لظواهرها الصارخة.. فليس أمامنا غير الإقرار بما ينطق به كل شيء من أن نظام الجمهورية في إيران مستهدف بالتفكيك والتدمير. وذلك عبر خطط تبدأ ككل الحروب الغربية بالحملات الإعلامية التشويهية للنظام المستهدف لإظهاره في مظهر الخطر الماحق الثابت المهدد للسلام وللأمن!! حتى لكأنه مصدر كل بلاء في العالم، للوصول به في طور ثان إلى فرض حصار عليه يبدأ عادة محدودا ثم تشتد قبضته في محاولة لإرضاخ المستهدف وفرض الاستسلام عليه أو تفجير بنيته الداخلية من خلال تشديد الضغط والحصار والنفخ في كير المعارضين وتفجير كل التناقضات الداخلية، فإن صمد المستهدف وتماسكت بنيته الداخلية فلم تنفجر، لم يبق غير تحيّن الفرص والتربّص به وإعداد العدة لإنزال أعتى الضربات التدميرية به، فإذا استسلم تولوا وضع أيديهم على مقدّراته مفككين بنيانه تفكيكا، سبيلا لإعادة البناء على أعينهم، بما يقلب قيمه وشرائعه وثقافته وقوانينه رأسا على عقب، ويكسر شوكته وكرامته بتدنيس أرضه بالقواعد العسكرية الأجنبية .. كما فعلوا بدولة الألمان واليابان والعراق، إثر انهزام جيوشها. كل المؤشرات دالة اليوم على أن القوى الغربية بزعامة الولايات المتحدة هي مع إيران في مرحلة متقدمة من استهدافها بالتطويع عبر آليتيْ الضغط والحصار والحملات الإعلامية، وصولا إلى التفجير الداخلي أو الحرب المدمرة، وكأنهم معها في سباق مع الزمن، وهذه التعبئة الإعلامية والدبلوماسية والسياسية والثقافية ليست سوى المقدمات التي غدت مألوفة من قبل كل المتابعين للسياسات الغربية في المنطقة، إنها التمهيد المكرور لحروب الغرب على من وُضعوا موضع العداء والاستهداف باعتبارهم الخطر الذي تجب مواجهته بالحرب الباردة (الحصار والدعاية والاختراق)، فإن لم يجد ذلك في إخضاع العدو كانت الحلول العسكرية.. وهو ما فعلوه مع العراق. والسؤال هنا: لماذا هي إيران مستهدفة من قبل قوى الهيمنة؟ 1- أما كون نظام الجمهورية مستهدفا من قبل قوى الهيمنة وفي طليعتها الولايات المتحدة وكلب حراستها الإسرائيلي، فذاك أمر واقع تشهد عليه سياسات الحصار والمقاطعة الاقتصادية وغيرها التي فرضوها على نظام الجمهورية منذ قيامه، كما شهدت وتشهد عليه التعبئة العسكرية الهائلة التي بلغت حد قيام البنتاغون بغارة جوية في صحراء طبس خلال السنوات الأولى للثورة وتولت عناية الله إفشالها، لتتعدد بعدها وقائع الاستهداف العسكري، وظل التحشيد العسكري حول إيران في تصاعد لم يفتر، مستخدما شتى التسهيلات وضروب التواطؤ التي يجدها في النظام الإقليمي. ولم يتأخر التحريض الإعلامي الغربي عن أداء وظيفته في تشويه صورة نظام الجمهورية وربطه بالإرهاب واستعداء العالم ضده، والعمل الدؤوب على خلخلة بنيانه المجتمعي، مستغلا ما يتوفر عليه من ثغرات وحتى مظالم، لا يكاد يخلو منها نظام. لقد حرضوا شعوب إيران بعضها على بعض إلى حد الدفع إلى التمرد المسلح، بإمداد المتمردين بالسلاح والتغطية الإعلامية، التي تمتعت بها كل جماعة معارضة للنظام ورموزه، حتى الجماعات الوطنية المستقلة لم يبخلوا عليها بالدعم الإعلامي من أجل هزّ الاستقرار في البلد وفتح ثغرات في بنيانه.. وكل ذلك لا يدع مجالا للشك لدى كل « من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد » في أن نظام الجمهورية الإسلامية مستهدف بالتفكيك والتدمير من قبل قوى الهيمنة الدولية، وذلك بصرف النظر عن أخطاء هنا أو هناك أتاها هذا النظام مما يطالب بمعالجته بعض الإصلاحيين، وقد يعترف بها حتى رموز النظام ويشجبونها، من تجاوز لبعض السلطات الأمنية على حقوق بعض المعارضين، إلى حد القتل والتعذيب، إلا أن التنديد الخارجي بتلك الاعتداءات ليس باعثه غالبا إصلاحيا، وإلا فإن في نظام الجمهورية كما في كل نظام بشري الكثير مما يستحق ويجب إصلاحه. 2- فما بواعث هذا الاستهداف الثابت ضد نظام الجمهورية، الاستهداف الذي لم يتغير بتغيير الأحزاب الحاكمة في الغرب من يمين إلى يسار، ولا بتداول السلطة في إيران بين إصلاحي ومحافظ؟ أ- حرص نظام الجمهورية الذي أرساه الإمام الخميني -رحمه الله- على القرار المستقل عن قوى الهيمنة الدولية، تجسيدا للشعار الذي رفعه « لا شرقية ولا غربية »، وهو القرار الذي جسده بدءا بنظام الجمهورية الإسلامية الذي تم إقراره في استفتاء عام منذ الأيام الأولى للثورة، والذي أخرج إلى الوجود نظاما متميزا عن كل نظام قائم في العالم، قد جمع بين قيم الإسلام كما يترجمها بخاصة فقه آل البيت عليهم السلام، متفاعلة مع تراث الحداثة السياسية المعاصرة، بناء على أصل « الاقتباس » مما هو نافع من حكمة الأمم الأخرى ويتساوق مع تعاليم الإسلام ومقاصده، وهو الأصل الذي أقره زعماء الإصلاح الإسلامي على اختلاف مدارسهم. كما قد تمت ترجمة مبدأ القرار الشعبي المستقل في نظام الجمهورية في السياسات التربوية والثقافية والتشريعية، وفي المواقف الدولية التي انتهجها نظام الجمهورية بصرف النظر عن مدى الصواب والخطأ فيها، ولكنها كانت في الجملة تعبر عن إرادة شعبية مستقلة واسعة تترجمها انتخابات دورية منتظمة حققت تناوبا للسلطة في انتخابات تعددية نسبية قلّ أن تعرضت للتشكيك من قبل الخاسرين، الأمر الذي منيت معه بالفشل حتى الآن كل محاولات زعزعة النظام من قبل القوى الدولية والإقليمية المستهدفة له. هذا القرار الشعبي المستقل يعتبر عملة نادرة في دول الإقليم لدرجة أن صرح مسؤول سياسي كبير بأن الرئيس المستقبلي لبلاده يجب أن يحظى برضا أميركي وعدم اعتراض إسرائيلي، ولا تسل عن قرارات أقل أهمية أو أكثر. ب- التنمية المستقلة: حرص نظام الجمهورية على تجسيد قراره المستقل في مجال التنمية التقنية، بالعمل الدؤوب على تطوير مجال معرفي وتقني حديث قمين بتوفير كل احتياجات دولة عظمى حديثة اقتصاديا وثقافيا وعسكريا، ولقد عزز هذه السياسة ما تعرض له نظام الجمهورية منذ مولده من حصار واستهداف من قبل الولايات المتحدة وحليفها الصهيوني المدلل والدول الدائرة في الفلك، الاستهداف الذي تجاوز الحصار الخانق إلى التهديد المستمر بالاجتياح العسكري. ولا يزال نظام الجمهورية وكأنه في سباق مع الزمن، دائبا على تطوير دفاعاته، يبادل أعداءه التهديد بالرد القاصم، تاركا باستمرار للصلح مكانا، على أساس الاحترام المتبادل والاعتراف بدوره ومكانه في المنطقة والعالم ومن موقع الندية وليس التبعية، منطلقا من مبدأ أساسي في علوم السياسة: أنه لا سياسة لا تعززها القوة، إذ الحرب ذاتها هي استمرار للسياسة بوسائل أخرى، كما يقال. وكان من ذلك حرص نظام الجمهورية على تطوير وامتلاك تقنية الطاقة النووية، وهي الطاقة الأهم في العصر إن في مستوى الاستخدام المدني الذي تؤكد إيران حاجتها إليه ويسمح به القانون الدولي، ومع ذلك تصر قوى الهيمنة على حرمانها منه، أو في المستوى العسكري الذي تؤكد إيران أنه ليس من أهدافها، فاتحة منشآتها للتفتيش الدولي الظالم المتحيز الدائب على إشاعة الشبهات حول برنامجها النووي واستخداماته العسكرية!!، بينما توصد عدوة إيران والمسلمين إسرائيل الباب في وجه كل تفتيش دولي لمخزونها النووي المدمر، دون أن تتعرض لأي مساءلة غربية، وهو كاف في منطق العدل والمساواة بين الدول، ليس فقط لتشريع حق إيران وكل دول المنطقة في السعي لامتلاك القوة النووية بكل استعمالاتها، بل يوجب عليها ذلك حماية لأمنها القومي بردع هذا الصائل المتربص المتلمظ للسيطرة والتوسع عبر الغزو والتهديد به. والحقيقة أن تاريخ سياسات الغرب إزاء تجارب أمتنا التنموية يؤكد أن استهداف إيران هو جزء من سياسة غربية ثابتة لكل مشروع تنموي عربي أو إسلامي مستقل بصرف النظر عن مذهب أو إيدولوجية القائم عليه: وطنيا كان مثل المشروع التنموي للمصري محمد علي في القرن التاسع عشر، أو قوميا مثل مشروع عبد الناصر أو مشروع صدام حسين، أو وطنيا إيرانيا مثل مشروع محمد مصدق أو شيعيا مثل مشروع الخميني.. هذه تفاصيل لا تهم المخطط الغربي الذي يركز نظره على أمة -هي أمة الإسلام- محظور عليها أي تطوير ناجح لتجربة نمو مستقل عن المركز الغربي، وذلك بصرف النظر عن إيدولوجية الفريق الذي يتولى تطوير تلك التجربة. هذه تفاصيل يقف عندها أصحاب النظر القصير والحسير وليس صانع السياسات الغربية الذي يبسط على طاولته خريطة عالم الإسلام والباقي تفاصيل، تجربة باكستان التي أفلتت في ظروف الحرب الباردة بسرقة النار المقدسة هي اليوم مستهدفة بالتدمير، الكيان الباكستاني ذاته مهدد بالتفكيك، بسبب نجاحه في سرقة النار المقدسة. ج- دعم نظام الجمهورية للمقاومة الفلسطينية: ذلك الدعم الذي جاء منذ الأيام الأولى واستمر رغم كل الضغوط للتخلي عنه، جاء ترجمة لتراث الإمام الخميني المشبع في كل أطواره قبل الثورة وبعد نجاحها بالتحريض على الكيان الصهيوني ووصفه بالسرطان المزروع في قلب الأمة والذي يجب اجتثاثه، وكان ذلك التحريض من أهم الأسلحة التي شهرها الخميني في وجه نظام الشاه المقبور، معبئا الأمة الإيرانية في مواجهته رافضا كل تسويل للنفس بإمكان إصلاحه، وهو المتورط في هذه الخيانة الشنيعة بالتحالف مع الكيان السرطاني ووليه الأميركاني، ولذلك لم يتردد لحظة في طرده شر طردة منذ اللحظة الأولى لانتصار الثورة، مورّثا سفارته لمستحقها الفلسطيني، ممثلا في منظمة التحرير، حتى إذا وهن عظمها فأخذت تساوم على أساسيات القضية غارقة في تيه مفاوضات بلا نهاية جريا وراء السراب لم يتردد نظام الجمهورية في بذل الدعم سخيا لجماعات المقاومة للكيان الصهيوني شيعية كانت أم سنية، إسلامية كانت أم علمانية، وهو ما أكسب نظام الجمهورية شرعية أخرى في نظر الأمة حيث تحتل المسألة الفلسطينية المركز بين كل قضاياها، غير مبالية بالعواقب المنجرة عن ذلك باعتبار أهمية وحساسية المسألة اليهودية في الثقافة الغربية، وما يتمتع به اللوبي اليهودي من نفوذ واسع وعميق في مؤسسات القرار الغربي، وأهمية الدور الاستراتيجي الذي ينهض به في خدمة المصالح الغربية ومنها وأد كل مشروع لنهوض الأمة، بصرف النظر عن الفريق الذي يقود، فضلا عما أخذ يثيره دعم نظام الجمهورية لجماعات المقاومة في لبنان وفلسطين من مشاكل داخلية، حيث رفعت جماعات للمعارضة الإصلاحية شعار « إيران قبل غزة والضاحية »، لا سيما أن الدول العربية الأساسية أخذت تتفصّى من مسؤوليتها في تحرير فلسطين لدرجة الإسهام في محاصرة غزة وبناء الجدران الفولاذية حولها لخنقها وتمهيد استسلامها للعدو إزاء حملات في الأفق القريب، فبأي مبرر تكون إيران أحرص على تحرير فلسطين من العرب أصحاب القضية!!!؟، ذلك لسان حال معارضة إصلاحية « إسلامية » وقومية علمانية في إيران قد يممت وجهها شطر الغرب بدل القبلة، وهو ما يزيد الضغوط على نظام الجمهورية كثافة وحدة. د- تشكيل محور الممانعة والمقاومة: لم يكتف نظام الجمهورية بدعم المقاومتين اللبنانية والفلسطينية، بل عمل على تطوير وتنمية ورعاية لمحور أو لمعسكر عرف بمعسكر الممانعة والمقاومة، تشكّل من دول وجماعات سياسية وقوى مقاومة ذات توجهات مختلفة، تلتقي حول محور دعم المقاومة الفلسطينية والتصدي لخيار التطبيع والخضوع لقوى الهيمنة في المنطقة وعلى امتداد العالم، حيث لا يزال هذا المعسكر يجتذب دولا وجماعات على امتداد القارات ذات توجهات إيديولوجية متعددة، منها الإسلامي والنصراني واليساري وجماعات مناهضة العولمة والمحافظة على البيئة، وفيها حتى بعض الجماعات اليهودية المناهضة للصهيونية سواء أكانت متدينة مثل جماعة ناتوري كارتا أم كانت يسارية. لقد كان خطاب الإمام الخميني -رحمه الله- مؤسسا لهذا المعسكر الدولي من خلال طرحه لمحور الصراع بين المستضعفين على امتداد العالم والمستكبرين، استلهاما مما ورد في الذكر الحكيم من سورة القصص « ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين، ونمكّن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون ». وبالجملة: لقد مثل اندلاع الثورة الإسلامية في إيران حدثا من أعظم وقائع التاريخ المعاصر وطورا متقدما في تاريخ جديد للأمة وللمنطقة وللعالم، يبشر بالاستقلال والتحرر من قوى الهيمنة واستعادة وحدة الأمة واستنهاض قواها الخامدة ودعم قوى المقاومة في فلسطين، ولكن مع صبغة مذهبية، لا ضير منها إن بقيت في حدود الاعتدال محترمة لقواعد العدل والتعدد والسماحة مع المخالف المذهبي أو السياسي، إلا أنه يُخشى من أن الإغراق فيها وتفشي نزوعات التشدد السياسي وتنامي توجهات الأغنوص والخرافة والطائفية، وتصاعد وتائر الغرور في أوساط قطاعات واسعة، والضيق بالاختلاف.. قد يمثل عائقا أو إرباكا في وجه تحقيق ما به تبشّر من تحرير ونهوض ووحدة للصف الإسلامي. الثابت أن المستهدف في إيران هو نفس الذي استهدف غربيا في كل تجاربنا التنموية المجهضة في لحظة التفرد بها وعزلها عن شعبها وعن الأمة، الحاضن الحقيقي المضمون لكل مشروع نهضوي. فهل نسمح له بتكرار التجربة؟ قال تعالى: « واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرّقوا ».  
(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 09 مارس  2010)

المريب والعجيب في صفقة الغاز

فهمي هويدي  
كل الذي جرى في مسلسل بيع الغاز المصري لإسرائيل يظل مثيرا للشك وغير قابل للتصديق. ورغم أن المحكمة الإدارية العليا أجازت المبدأ وأدانت إجراءات تنفيذه، فإن محكمة التاريخ لن ترحم أحدا من الضالعين في الاثنين، سواء ظهروا في الصورة أو غابوا عنها. (1) الصحف التي صدرت صبيحة يوم الأحد 28 فبراير/شباط أبرزت على صدر صفحاتها الأولى قرار محكمة مجلس الدولة بإباحة تصدير الغاز لإسرائيل، معتبرة أن إقامة علاقات تجارية معها بعد معاهدة السلام من أعمال السيادة الخارجية التي لا تخضع لولاية القضاء. وكان واضحا أن الصحف «القومية» رأت في الحكم انتصارا لسياسة الحكومة في التعاقد على بيع الغاز، إلا أن قراءة الحكم بهذه الصورة يعد سيرا على درب الذين وقفوا في قراءة الآية القرآنية عند عبارة لا تقربوا الصلاة. ذلك أن الحكم شكك بعد ذلك في موقف الحكومة إزاء عملية التنفيذ. ودعا إلى وقف تنفيذ قراري مجلس الوزراء ووزير البترول لأنهما لم يتضمنا آلية للمراجعة الدورية لكمية الغاز المصدر وأسعاره خلال مدة التعاقد حماية للصالح العام المصري. كما دعت المحكمة إلى إلغاء الشرط الذي يضع سقفا لأسعار البيع لإسرائيل، لكي يتماشى مع تطور أسعار الغاز والبترول في السوق العالمية. حيثيات الحكم لم تذع بعد، لكن صحيفة «الشروق» نشرت في يوم 3/3 جانبا منها نسب إلى الحكومة ارتكاب ثلاث مخالفات في تصديرها للغاز، الأولى أنها وافقت على تحديد كمية الغاز الطبيعي المصدرة لإسرائيل بسبعة مليارات متر مكعب سنويا «تزداد في حالة وجود فائض». مما يشكل إجحافا بحق المواطن المصري. المخالفة الثانية إنها وافقت على تحديد سعر التصدير بحد أدنى 75 سنتا أميركيا للمليون وحدة حرارية، وحد أقصى دولار ونصف الدولار في حالة وصول متوسط سعر خام البترول إلى 35 دولارا للبرميل، وهو ما يعنى أنه لا مجال لزيادة سعر التصدير، حتى إذا ما تجاوز ذلك الحد، كما هو الحاصل حاليا. المخالفة الثالثة إن الاتفاق تم على سريان العقد لمدة 15 عاما، على نحو غير قابل للمراجعة في ظل أي تطورات جذرية يمكن أن تحدث خلال تلك الفترة. وهو ما يتناقض مع التشريعات الحاكمة لاستغلال هذه السلعة الإستراتيجية. مما ذكرته صحيفة «الشروق» أيضا نقلا عن الحيثيات، أن المحكمة أكدت أن الأوراق المقدمة من الحكومة لم تثبت حدوث تغيير في أسعار وكميات الغاز منذ صدور قرار وزير البترول في هذا الشأن عام 2004، كما أنها لم تفسر امتناعها عن إعادة عرض الأمر على مجلس الوزراء رغم مضي عشر سنوات على صدور قرار التصدير، لإعادة النظر في احتياجات السوق المصرية. (2) هذا الحكم يعد نهائيا وغير قابل للطعن فيه، لكنه يثير عديدا من الملاحظات والأسئلة الحائرة. من الملاحظات أن المستشار محمد الحسيني رئيس مجلس الدولة -الذي رأس المحكمة- كان قد وجه رسالة حين عين في منصبه في العام الماضي أعلن فيها أن المجلس لن ينظر في القضايا السياسية، نظرا للظروف الخاصة والملاءمات التي تحيط بها، لكنه لم يستطع أن يفي بذلك، ووجد قلب السياسة حين نظر القضية التي نحن بصددها الآن. من تلك الملاحظات أيضا أن اعتبار بيع الغاز إلى إسرائيل قرارا سياديا يبدو غير مسوغ وغير مفهوم، ذلك أن فقهاء القانون يعتبرون أن القرار السيادي هو الذي تصدره القيادة في ضوء خياراتها السياسية وليس بصفتها سلطة إدارة، وهو ما ينطبق على تشكيل الوزارة وإعلان الطوارئ أو الدخول في حرب أو الاتفاق على هدنة. أما الاتفاق على بيع سلعة إستراتيجية مثل الغاز أو بيع سلعة استهلاكية مثل البصل والبطاطس، فلا يمكن أن يعد قرارا سياديا. أما الأسئلة التي تثيرها القضية فهي كثيرة، منها على سبيل المثال: * لماذا أحيطت العملية بالسرية الشديدة منذ بدئها في شهر أبريل/نيسان من عام 2000، بحيث لم يعلم بها أحد إلا حين نشرت الصحف الإسرائيلية صورة توقيع الاتفاق التي ظهر فيها وزير البترول المصري مع وزير البنية التحتية الإسرائيلي «إليه سويسا» وهما يتصافحان ويتبادلان الابتسامات بعد التوقيع؟ (هل تذكر قصة السور الفولاذي الذي تقررت إقامته بصورة سرية بين سيناء وقطاع غزة، ولم يعلم به المصريون إلا بعدما نشرت الخبر إحدى الصحف الإسرائيلية). * لماذا لم يعرض هذا الاتفاق الذي وقع في 13 أبريل/نيسان سنة 2000 على مجلس الشعب المصري، شأن غيره من الثروات الطبيعية والسلع الإستراتيجية التي ينبغي أن يعرض أمر التصرف فيها على المجلس؟ * لماذا امتنعت الحكومة طوال العامين اللذين نظرت فيهما قضية وقف تصدير الغاز أمام القضاء عن تقديم أي بيان أو مستند إلى مجلس الدولة يبين نص العقود الموقعة أو الأسعار التي اتفق عليها أو أي تعديلات ادعت الحكومة أنها أجرتها على بنود الاتفاق؟ وهو ما اضطر الدفاع إلى الاعتماد في معلومات الاتفاق على المصادر الأجنبية. * لماذا امتنعت وزارة البترول عن إعادة النظر في الكميات المصدرة طوال السنوات العشر الأخيرة، رغم علمها بتزايد معدلات الاستهلاك في داخل مصر، بما لا يسمح بتصدير أي «فائض» إلى أي دولة أجنبية؟ * مَنْ المسؤول عن المأزق الذي أصبحت مصر تواجهه الآن، حيث أصبحت تشتري الغاز من الشريك الأجنبي لكي تبيعه إلى إسرائيل بدولار ونصف الدولار، الأمر الذي يحمل الخزانة المصرية كل صباح مبلغ 12 مليون دولار، تدفعها مصر إلى الشريك الأجنبي لكي تفي بالتزامها إزاء إسرائيل (المعلومة الأخيرة وردت في مذكرة الدفاع التي قدمتها الحكومة إلى المحكمة). * ما الحجم الحقيقي لمخزون الغاز في مصر، الذي تبالغ فيه وزارة البترول بحيث ترفعه إلى 77 تريليون قدم مكعبة، في حين يذهب رأى الأغلبية الساحقة من الخبراء إلى أن المخزون في مصر يمثل نصف هذه الكمية؟ * هل يُعقل أن تشتري إسرائيل الغاز من مصر بسعر الوحدة يتراوح بين 75 سنتا ودولار وثلاثين سنتا، حين بدأ يصل إليها في أول مايو/أيار 2008، في حين أن سعر السوق في ذلك الوقت كان 13 دولارا، الأمر الذي يعنى أننا نخسر في كل وحدة ما يقارب 11 دولارا (للعلم إسرائيل تحصل من مصر يوميا على 665 مليون وحدة والسعر الآن ١٥ دولارا لكل وحدة). (3) في العام الماضي أصدرت محكمة القضاء الإداري برئاسة المستشار محمد أحمد عطية حكمها بوقف تصدير الغاز إلى إسرائيل، الذي تم الطعن عليه أمام المحكمة العليا. وكان الحكم قد اعتبر قرار وزير البترول ببيع الغاز معدوما لمخالفته لأحكام الدستور والقانون. أما الحيثيات التي وردت في الحكم فإنها أثارت نقاطا عدة من بينها ما يلى: * ثبت من أوراق الدعوى أن الغاز الطبيعي المصري يباع بسعر لا يتناسب البتة مع السعر العالمي السائد. ومن شأن ذلك إهدار جزء من ثروات مصر وعوائدها، التي كان يمكن لو أحسن التصرف فيها أن تعود على المجتمع بخير وفير. * إن هذا التصرف من جانب السلطة يهدر يوميا على خزينة الدولة ملايين الدولارات، الأمر الذي يفقدها جزءا كبيرا من ثروتها وموردا مهما من مواردها، وهو ما يتعارض مع اعتبارات الصالح العام الذي ينبغي أن تسعى إليه جميع أجهزة الدولة، كما أنه لا يستقيم مع ما تقضي به نصوص الدستور من حرمة الملكية العامة وإلزام كل مواطن بواجب حمايتها. * إن جهة الإدارة بإصدارها القرار المطعون فيه (القاضي بتصدير الغاز)، الذي لا يمت للمصلحة العامة وللمجتمع، ويهدر جزءا مهما من ثروة البلاد الطبيعية التي وهبها الله للشعب، تكون قد انحرفت بسلطتها وأساءت بشدة استعمالها. * إن إجراءات تنفيذ الصفقة شابتها ملابسات تبعث على الشك والحيرة، فقد ثبت أن ثمة سرعة متناهية وتعاصرا مريبا في إنشاء شركة الغازات الطبيعية التابعة للقطاع العام، ثم إنشاء شركة مصرية تابعة للقطاع الخاص «باسم شركة البحر المتوسط» وتعديل نشاط الشركة الأخيرة والغرض منها، ثم منحها فور ذلك ودون غيرها عقد امتياز واحتكار شراء الغاز المصري المصدر لإسرائيل، وهى ملابسات تثير التساؤل عن أسباب ذلك التزامن العجيب وعن السرية والتكتم الشديد الذي فرضته جهة الإدارة حول الصفقة. كما تثير تساؤلا حول دوافع حجب تفاصيل الصفقة عن الشعب ونوابه، وهو ما يتعارض مع الشفافية المفترضة في ديمقراطيات العالم المتحضر. كما أنه يخل بالثقة الواجب توافرها في تعاملات جهة الإدارة. (4) إشارات محكمة القضاء الإداري لامست الحقائق المذهلة في مسلسل الصفقة، التي كشفت عن أن الأمر أبعد وأعمق مما بدا على السطح، بقدر ما نبهت إلى أن هناك جزءا غاطسا في المشهد لم يتعرف عليه أحد، ولم يظهر أبطاله في الصورة. إذ لا بد أن يستغرب المرء مثلا قيام وزير البترول فجأة بدعوة الهيئة العامة للبترول إلى اجتماع عاجل في 12 أبريل/نيسان عام 2000، لبحث موضوع واحد هو تنفيذ تعليمات تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل عبر الأنابيب وفق الاشتراطات الإسرائيلية، ثم في اليوم التالي مباشرة «13 أبريل/نيسان» يوقع وزير البترول اتفاقية تصدير الغاز مع وزير البنى التحتية الإسرائيلية، دون تفويض من وزير الخارجية أو رئيس الجمهورية، ودون عرضها على مجلس الشعب «وفقا لأحكام الدستور». وفي وقت لاحق «في 24 مايو/أيار» يوجه رئيس الهيئة العامة للبترول كتابا سريا إلى رئيس شركة القطاع الخاص يخطره فيه بأن شركته ستكون البائع الوحيد المحتكر والمخول ببيع الغاز الطبيعي إلى إسرائيل. ويؤكد ضمان الهيئة العامة للبترول توفير الكميات المتعاقد عليها من حصتها أو من حصة الشريك الأجنبي. أي أن تشترى مصر غازها الذي تملكه من حصة الشريك الأجنبي بسعر يقارب ثلاثة دولارت لتبيعه لإسرائيل بـ75 سنتا. ثم في 18 مارس/آذار 2001، وبناء على الاتفاقية الباطلة بين الوزيرين المصري والإسرائيلي يصدر رئيس الوزراء قرارا غير معلن يخول وزارة البترول من خلال مؤسساتها حق بيع كمية قدرها سبعة مليارات متر مكعب من الغاز المصري إلى شركة القطاع الخاص، وفي اليوم التالي مباشرة «19 مارس/آذار» وفي إجراء غير معهود يوجه رئيس الوزراء خطابا إلى رئيس شركة القطاع الخاص يبلغه فيه أنه من دواعي سروره أن يبلغه بأن مجلس الوزراء وافق على أن تتولى شركته تنفيذ الصفقة مع الجانب الإسرائيلي. هذا نزر يسير من خلفيات العملية التي لو تكشف أمرها في أي بلد محترم لأحدث زلزالا يهز أركان الحكومة والنظام، لكنه في مصر لم يحرك شيئا في المؤسسات الشرعية التي تم تجاوزها والازدراء بها في كل ما تم من خطوات. أما الذين حركتهم الغيرة واستفزهم الحدث فقد كانوا بعض الوطنيين الغيورين، الذين رفضوا الاستسلام أو السكوت عن ذلك الإهدار المعيب لثروة المجتمع وذلك الاحتقار المستغرب للدستور والقانون، وذلك التخاذل المدهش أمام الإسرائيليين. إن كتيبة القانونيين الذين يخوضون معركة الدفاع عن ثروة المجتمع وكرامته في ساحة القضاء تضم نفرا من الشرفاء سيتقدمهم السفير السابق والمحامى القدير إبراهيم يسري، الذي قال لي قبل أيام إن قلم الكتاب بالمحكمة العليا رفض أن يسلم مندوبا عنه الصيغة التنفيذية للحكم الأخير لتنفيذ شقه المتعلق بوقف قرار بيع الغاز لحين وضع آلية لمراجعة كمية وسعر الغاز المبيع وإلغاء الشرط الذي يضع سقفا لسعر البيع. إن لوبي تصدير الغاز لإسرائيل في مصر أكبر وأقوى مما نتصور. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 09 مارس  2010)

اللقاء بين مبارك وإخوان مصر!!


مصطفى كمشيش 09-03-2010
نقلت وسائل الإعلام المختلفة خبر لقاء الرئيس مبارك يوم الأربعاء 24/02/2010 م بالسيد/ طارق الهاشمي – نائب  رئيس الجمهورية العراقي لكن الهاشمي الذي كان متابعاً لنشاطات الحزب الإسلامي العراقي منذ سنة 1960م، فاستهواه مشروعه. وأنضم في وقت لاحق للحزب, حيث بدأ عضوا عاديا ثم تدرج في الحزب واعتبر ناشطا فيه من خلال عضويته في مجلس شورى الحزب وعضويته في لجنة التخطيط والمتابعة. وفي يونيه من سنة 2004م، اختاره مجلس الشورى أمينا عاما للحزب الإسلامي , والحزب الإسلامي هو الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين بالعراق !!. وربما يختلف إخوان مصر وغيرهم مع إخوان العراق حول مشاركتهم في الحياة السياسية في العراق في ظل الاحتلال الأمريكي, وربما اجتهد إخوان العراق في قرارهم بالمشاركة حرصا على عدم الغياب عن مشهد صياغة حاضر العراق ومستقبله , وخاصة أن الحزب الإسلامي ( الإخوان ) أحد أهم ممثلي السُنَّة في العراق الذين يخشون انفراد الشيعة بقيادة البلاد, وليست قضيتنا في هذا الصدد تقييم جدوى مشاركة الحزب الإسلامي وقياداته في الحياة السياسية في العراق , ولعل المثل القائل بأن  » أهل مكة أدرى بشعابها  » يمكن الاسترشاد به في هذه الحالة , لكن القضية التي نتناولها هنا تتعلق بسياسة مصر الداخلية في ملف الإخوان. لقاء مع الخارج , وخصومة مع الداخل !! إن الدهشة تتولد في الأذهان وهي ترى لقاء الرئيس مبارك بقيادة إخوان العراق, بالإضافة إلى السعي الحثيث  للحكومة المصرية لتحقيق المصالحة بين السلطة في فلسطين وحركة حماس ( إخوان فلسطين ) –  حسب ما يصرح به أكثر من مسئول في مصر وحسب ما يُنشر في أجهزة الإعلام الحكومية – وفي نفس الوقت فإن علاقة الحكومة المصرية مع إخوان مصر لا تنم عن أي لقاء أو مصالحة !! , بل عن خصومة قاسية من النظام صوب أبناء مصر من الإخوان !!, وهو ما يجعلنا نتساءل هل أمر الخارج أهم من أمر الداخل؟ خلاف مبدئي أم مصلحي؟ 1- إن خصومة النظام مع الإخوان أمر جدير بالمناقشة, أهي خصومة مبدئية تستند إلى رفض هذا التوجه , وأتمناه غير ذلك , مستحضرا بعض المعاني , فحسن الظن يجعلنا نتصور أنه لا يمكن لنظام أن يخاصم قطاعا معتبرا من بني الوطن الذي يحكمه , فاهتمام النظام البالغ بمؤسسة الكنيسة الأرثوذوكسية ( التي لا تمثل كل المسيحيين في مصر لوجود الكاثوليك والإنجيليين والعلمانيين وغيرهم ), لأنها تمثل قطاعا معتبرا من المصريين المسيحيين وإن بدا قليلا بالمقارنة مع باقي الشعب المصري , لذلك لا أتصور أن سياسيا في أي مكان في العالم يخاصم قطاعا من شعبه بالصورة التي يخاصم بها النظام الإخوان!! , فما بالنا إن كان ما يخاصمه يمثل تيارا يستند في مرجعيته إلى دين أغلبية بني الوطن , وخاصة أن هذا التيار يمثل شكلا من أشكال الوسطية والسلمية والاعتدال , مما أدى إلى قناعة تيار عريض معتبر من بني الوطن بأهمية الانتساب إليه, وأحسب أن المسئول الذي يحترم شعبه ويحترم خياراته لن يتجاهل هذه الحقيقة , وخاصة أننا نرى أن النظام إبان خصومته مع تيار العنف في الثمانينيات كان يمتدح نهج الإخوان السلمي المعتدل وهو ما صرح به الرئيس مبارك نفسه في ذلك الوقت لصحيفة فرنسية !!, فهل لا يكون الهدوء مع الإخوان إلا إذا عاني المجتمع من حالة العنف التي ينتهجها آخرون , وهل يكون هذا الخصام بمثابة تيأييس لدعاة السلم ودعما وإنتاجا جديدا لتيار العنف ؟ 2- إن المراقب لأنشطة الإخوان يجدهم يتجهون أكثر من ذي قبل للعمل العام ضمن أنشطة المجتمع المختلفة , وأظن أن ذلك يعني (في حس الأمن ) تغيرا نخو الأفضل, ومع ذلك فقد تغير نهج النظام اعتبارا من سنة 1995 م حين أحال عددا من الإخوان للمحاكمات العسكرية بسبب ذلك النشاط العلني السلمي المجتمعي كالمشاركة في النقابات وغيرها , ومن ثم اعتبر النظام أن الإخوان خصم سياسي يجب الإطاحة به وإزاحته, دون النظر إلى فوائد عديدة محققة ناتجة عن نشاط الإخوان في مجتمعهم , وهو ما يمكن لأي سياسي أن يستفيد منه داخليا وخارجيا , وهذا  إجمال لتفاصيل كثيرة. 3- إن قطاعا معتبرا من المثقفين والسياسيين المصريين يلومون أقباط المهجر لتدويل قضيتهم , والاستقواء بالخارج , لذلك أظن أنه من مصلحة النظام أن يجد سبيلا لعلاج أزماته الداخلية داخليا, إذ تبقى بعض المؤسسات الغربية في حالة ترقب لاستثمار التجاهل ( الفشل ) الداخلي لحل الأزمات , رأينا ذلك في جنوب السودان ودارفور وغيرهما , وأحسب أن الأستاذ مختار نوح قد عبر بجلاء واضح عن موقف الإخوان من رفض التدخل الأجنبي في قضايا الوطن أثناء حديثه في برنامج قناة المحور وهو يهاجم بشدة المحامي نجيب جبرائيل.     فكم صرح سياسيون ( من داخل النظام وخارجه ) بأهمية دمج الإخوان مع غيرهم من راغبي العمل السياسي من الإسلاميين في منظومة العمل العام , وإنهاء حالة القمع والحظر والإقصاء والسجن والاعتقال لهم , أملا في فتح نافذة تكون مثلا ونموذجا تقدمه مصر لغيرها من البلدان الأخرى , وهذا من شأنه أن يقطع الطريق أمام دعاة العنف الذين يستنكرون على الإخوان وغيرهم مسلكهم السياسي السلمي المتدرج الصبور , إذ يقولون : ماذا جنيتم من ذلك , فلا أنتم جنيتم ( أي الإخوان ) بلح الشام ولا عنب اليمن !!! النظام الذي يتحاور مع شعبه قوي أو ضعيف ؟ أكاد أن اشعر أن فريقا في النظام يرى أن العصا هي الأنسب في التعامل مع الشعب بقواه المختلفة , ومن ثم يتم إرهاق الأمن بملفات سياسية يكون لها الأولوية في نشاطه بما ينعكس بشكل طبيعي بالسلب على أنشطة الأمن المجتمعية الأخرى كمقاومة الرذيلة والفساد والنهب والسرقة والمخدرات وفوضى المرور والغش التجاري وانتشار الرشوة وغير ذلك , ولا يغيب عن أي مراقب لحال مجتمعنا ما يراه من اتساع دائرة العنف المجتمعي بشكل غير مسبوق , وأحسب أن أجهزة الأمن التي تتلقى عتبا ولوما دائما لا تستحق هذا اللوم وذاك العتب , لأنه قد تم تكليفها ( ويُقاس نجاحها , ويضمن بقائها ) بإدارة هذه الملفات السياسية المتنوعة. وفي الوقت الذي يرى النظام أن الشدة هي الأنسب في التعامل الداخلي, نراه يميل في قضاياه الخارجية إلى الحوار والتفاوض والتفاهم وإبرام الاتفاقيات وغيره. بينما نرى أن النظم الديمقراطية في جميع أنحاء العالم بما فيها الكيان الصهيوني المجاور , يتعامل بمنتهي الشدة في الملفات الخارجية , ومنتهي التفاهم في الملفات الداخلية , إذ يرى أي نظام أنه يعبر عن الشعب الذي أختاره , وأنه خادم له لا سيد عليه , ومن ثم يتفاخر بحسن إدارته لقضايا الداخل , وتعتبر قوة النظام ونجاحه في انحيازه لآمال شعبه وتطلعاته , فلا يجوز أن يكون النظام طرفا في خصومة مع بني شعبه ووطنه !! تيمنا بلقاء إخوان الخارج , هل يكون للداخل نصيب؟ إن سلمية العمل للإسلام مع بني الوطن تجعل الإسلاميين لا يملون من مد اليد لأنظمتهم , ولا أحسب أن تعبير مهادنة أو صفقة هي من التعبيرات الصحيحة في هذا الصدد , فهل يكون حوار الحكم مع الشعب صفقة ؟ وهل خصومة الحكم مع الشعب بطولة ؟ وكذلك وفي نفس السياق : هل يكون الحوار والتفاهم مع الحكومة أو النظام فعلا معيبا أو شائنا ؟. إن تعبير الصفقة المعيب لا يكون إلا في صفقة مع المحارب أو مع العدو الذي يتربص بالوطن ويريد بسياسته الاستعمارية إضعاف أوطاننا ونهب خيراتنا واحتلال أراضينا . فهل للراشدين من الطرفين ( الإخوان والنظام ) أن يتلقفوا هذه الدعوة , فيقطعون الطريق أمام دعاة العنف , ثم أمام المتربصين الخارجيين الذين يفتحون أبوابا لبني الأوطان من الذين أغلقت في وجوههم أبواب الداخل , حتى يتحقق الحوار وينقطع الخصام , وتجتمع جهود أبناء الوطن بلا حظر ولا إقصاء لتحقيق آمال الوطن وغاياته. كاتب وداعية مصري. (المصدر: موقع إسلام أونلاين نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 09 مارس 2010)

Home – Accueil الرئيسية

 

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.