الثلاثاء، 5 ديسمبر 2006

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2388 du 05.12.2006

 archives : www.tunisnews.net

منية إبراهيم: نداء عاجل
عبدالله الـزواري: مع المساجين في إضراباتهم

الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان- فرع  سوسة :  بيان

رسالة من أولياء تلاميذ المدرسة التونسية بالدوحة إلى سيادة رئيس الجمهورية التونسية
عار عار يا حكومة الأسعار شعلت نار..
عبدالحميد العدّاسي: على عجل
صلاح الدين الجورشي: الإتحاد الأوروبي و »الإسلاميون المعتدلون ».. علاقة لم تتضح بـعـدُ
ناجي الجمل: محاولة في فهم أسباب إحجام المعارضة عن تبني مبادرة المقاومة السلمية
الحبيب بوعجيلة: حتّى لا نشرب السراب
د. خالد الطراولي: شهيـد الغضـب
زهير الشرفي: بين المراجعة والأصولية
صـابر التونسي: سـواك حـار (8)

حسين المحمدي: فرنسا تغرق الولايات المتحدة الأمريكية حيثما تحركت..وتقتل الحرية حيثما تكوّن جنينها

 


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows )

To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).


 
دعـــــــــــــوة بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان يتشرف الحزب الديمقراطي التقدمي والتكنل الديمقراطي من أجل العمل والحريات بدعوتكم للحضور بالندوة السياسية التي ينظمانها حول حـــق التنـظــم وذلك يوم الجمعة 08 دبسمبر على الساعة الخامسة مســـاء بمقر الحزب الديمقراطي التقدمي نهج إيف نوال تونس


في إطـــار الإحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنســان تحت شعار حق التنظـــم يتوجه وفد من مؤسسي وأعضاء الجمعيات والأحزاب غير المعترف بها  إلى مقر ولاية تونس للتأكيد على حقهم في الإعتراف القانوني وذلك يوم السبت 09 ديسمبر 2006 على الساعة العاشرة صباحا وبالمناسبة تدعو هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات كافة المناضلات والمناضلين والفعاليات الجمعياتية والسياسية إلى دعم هذه المبادرة بالحضور والمشاركة

 نداء عاجل  
 
أنا زوجة السجين السياسي عبد الحميد الجلاصي أتوجه بندائي العاجل هذا إلى كل المنظمات الإنسانية و الهيئات العالمية و الحكومات و الشخصيات و كل الضمائر الحية في تونس والعالم أناشدهم جميعا للتضامن معنا أنا وابنتي و كل أسرتي في محنتنا القاسية  و المتمثلة في عدم التمكن من رؤية زوجي في الزيارة منذ أكثر من ثلاث أسابيع  خاصة وهو يخوض إضرابا عن الطعام منذ شهر تقريبا للمطالبة بإطلاق سراحه المتواصل منذ 16 عاما لأسباب سياسية مع العلم انه وقع نقله تعسفا من سجن المهدية  على اثر إضرابه  و مازلنا لحد هذه الساعة لم نره ولا نعلم مصيره خصوصا وانه يعاني من مرض مزمن في الكلى يزيده إضراب الجوع تأزما وخطورة-  لذلك فإننا نعول على الله سبحانه  وعليكم جميعا للوقوف معنا  للمطالبة الملحة بإطلاق سراح زوجي وإخوانه من المساجين السياسيين ووضع حد لهذه المعاناة والمأساة التي طال أمدها وعذابها-  -ولكم منا جزيل الشكر المسبق – والسلام

ملاحظة: الرجاء ترجمة هذا النداء و توزيعه على نطاق واسع-

 السيدة منية إبراهيم  2006.12.05                                           ـ لمزيد الإستفسار يمكنكم الإتصال بالسيد  نورالدين الخميري على المايل التّالي : Jendouba92@yahoo.fr    


 بسم الله الرحمان الرحيم

 

مع المساجين في إضراباتهم

(1)

عبدالحميد الجلاصي

 

 

منذ بضع سنوات شن المساجين الفلسطينيون في سجون الاحتلال إضرابا عن الطعام عرف ب معركة « الأمعاء الخاوية »، و سعيا لفك هذا الإضراب عمدت إدارة السجون الصهيونية إلى شي اللحم أمام غرف المضربين عساها بذلك تشق صفوفهم…

ذكرت هذا عندما عمدت إدارة السجون و الإصلاح في تونس إلى تفريق ( و هذا دأبها) أربعة مساجين من قيادات « النهضة » دخلوا في إضراب عن الطعام يوم 5 نوفمبر الماضي، يوم الإفراج عن مجموعة من رفاقهم تمت محاكمتهم معهم سنة 1992… و  دخل هؤلاء في إضرابهم مطالبين بإطلاق سراحهم، رافضين أن يكونوا رهائن لدى السلطة السياسية تستعملهم في تحقيق أهدافها، معتبرين أن مدة سجنهم قد طالت أكثر من اللزوم( إن كان هناك لزوم) رغم براءتهم من تهم سعت السلطة لتلفيقها لهم و هي التي تعلم قبل غيرها سوء فعلها و براءة هؤلاء مما رموا به براءة الذئب من دم يوسف….

دخل السادة الهادي الغالي( مدى الحياة) و عبدالحميد الجلاصي ( مدى الحياة) و بوراوي مخلوف ( مدى الحياة)    و محمد صالح قسومة ( اكثر من 50 سنة) في إضراب عن الطعام غداة الإفراج عن إخوانهم ، فما كان من الإدارة العامة للسجون و الإصلاح إلا أن عمدت إلى تفريقهم على سجون أخرى و هي التي ادعت إنهاء العمل بالعزل الانفرادي يوم 21 أفريل 2005…و من الجناح المضيق بسجن المهدية نقلت الإدارة السيد عبدالحميد الجلاصي إلى سجن المسعدين، كما نقلت السيد بوراوي مخلوف إلى سجن المنستير، و سعت العائلات المكلومة إلى زيارة ذويها، و تمكنت من زيارة عبدالحميد و بوراوي مرة أولى…لكن منذ يوم 11 نوفمبر لم تمكن حرم السيد عبدالحميد الجلاصي من رؤيته و الاطمئنان على صحته بدعوى رفضه الخروج إلى الزيارة، و هذه من أقبح ما تقدم الإدارة كجواب عن الحرمان من الزيارة، و ازداد انشغال العائلة من زيارة إلى أخرى و هي التي تتلقى نفس الإجابة كل مرة…

و في سعيها إلى معرفة أحوال زوجها و إعلام المهتمين بشأن المساجين و حقوق الإنسان عموما، اتصلت السيدة منية الجلاصي بممثل منظمة « مراقبة حقوق الإنسان » الذي أخبرها بعد ذلك بأنه كاتب الإدارة المعنية لكنه لم يتحصل على رد و وعدها  بمعاودة مكاتبتها- الإدارة المعنية- بعد استمرار  » الحرمان من الزيارة » مما يعني تواصل الإضراب عن الطعام،  كما اتصلت بفرع منظمة الصليب الأحمر بتونس، و هذا بناء على اتصال سابق بالمقر الرئيسي للمنظمة بجينيف   و الذي أشار بالاتصال بالفرع… و إن كانت السيدة « رانية » مسؤولة الفرع قد تفضلت بالاستماع إلى حرم السيد عبدالحميد الجلاصي في مرة أولى فإنها بعد ذلك لم تعد موجودة في المقر،      و هذا ما كان يجيب به المكلف بالهاتف في مقر فرع الصليب الأحمر بشارع باب بنات بالعاصمة، و للمرء أن يتساءل هنا هل كانت السيدة « رانيا » فعلا غير موجودة في موقع عملها؟ و إن كان هذا فهل تتغيب المسؤولة الأولى عن الفرع دون أن يقوم مقامها من ينوبها؟ أم كانت إجابة الهاتف محض اجتهاد من المكلف به؟ و هل من حقه أن يفعل ذلك. أم أنه مأمور بتبليغ هذه الإجابة؟ و حينئذ من كلفه بذلك؟ و بقطع النظر عن هذه الاحتمالات فإن السيدة « رانيا » في المكالمة الأولى قد أفادت مخاطبتها بأن سجن المسعدين غير مندرج في لائحة السجون الممكن للمنظمة الدولية زيارتها…

و تتواصل عملية طرق الأبواب…و لم يقع التغاضي عن  » الهيئة العليا لحقوق الإنسان و الحريات العامة » رغم اليقين من محدودية مجال تدخلها و مدى حرص مسؤوليها على متابعة ملفات انتهاكات حقوق الإنسان، فإن الأمر بلغ درجة من البيروقراطية لم تسبق إليها إي إدارة أخرى على تخلف الإدارة عموما، إذ لم يسمح لشقيق السيد عبد الحميد بالدخول إلى مقر الهيئة العليا، بل طلب منه من منعه من الدخول أخذ موعد من سكرتيرة المسؤول عن الهيئة لمقابلتها، أي مقابلة السكرتيرة و بسط المسألة على جنابها عساها بعد ذلك تبلغ رئيسها ما دار بينها      و بين السائل الذي قد يحظى بعد ذلك بمقابلة السيد رئيس « الهيئة العليا لحقوق الإنسان و الحريات العامة »…      و لعقوق الإنسان في بلادنا شؤون و فنون…

و تتواصل المأساة…و لا يعادل هول هذه المأساة إلا شدة إصرار هؤلاء الرجال على رفض الظلم و عدم الركون إليه بل و مقارعته و إن كان بجسد منهك حطمته الأمراض و رداءة التغذية و انعدام العلاج المناسب و الدواء المناسب في الوقت المناسب، و ليعلم أولائك الذين يجلسون قرب المدافئ أو قد تدثروا أغطية صوفية ناعمة يحتسون كأس شاي أو نقيع.. ثم يصموا آذاننا بالحديث عن حقوق الإنسان و التطورات المشهودة أو المصالحة    و آفاقها و تشدد المتشددين و غير ذلك من الجعجعة، ليعلم هؤلاء أن هناك الآن رجال يلسعهم البرد من كل جانب و يعضهم الجوع عضا و قد قاربوا الشهر و بطونهم خاوية لم يدخلها غير الماء، لم يفعلوا ذلك انتصارا لأنفسهم أو نجاة بها أو  بحثا عن حل فردي أو سعيا إلى مغنم قريب أو بعيد…بل فعلوا ذلك تذكيرا لنا بأن « الظلم إنما ينبت في مستنقعات الصمت » و قديما حفظنا  » الساكت عن الظلم شيطان أخرس »، هذا إن سكت أما إذا تكلم فهو شيطان ناطق و لا شك…. إن حياة هؤلاء الرجال في رقابنا يقينا، و يتحمل كل منا من المسؤولية قدر ما هو متاح له من إمكانات التحرك و الاتصال و العمل لنجدتهم و إنهاء معاناتهم، ومن لم يكن قادرا على إيقاد شمعة فليلعن الظلم ألف ألف مرة و لا يصمت…

اللهم هل بلغت…….

اللهم فاشهد…

 

عبدالله الــــــــزواري

جرجيس في 28 نوفمبر 2006

 

 

عناوين قد تصلح يوما:

الهيئة العليا لحقوق الإنسان و الحريات العامة:

الهاتف: 71792322-71796593

الفاكس: 71784038

العنوان:85 شارع الحرية

1002 تونس

 

المنظمة الدولية للصليب الأحمر:

المقر الرئيسي:

الهاتف:0041227346001

الفاكس:0041227332057

العنوان:19Avenue de la Paix

CH 1202

Génève

SUISSE

 

فرع تونس:

الهاتف:71960179-71960458 -­ 71960154

الفاكس: 71960156

العنوان: Galère du Lac   Bloc A

Rue du lac de Constance

1053 Les Berges du Lac

Tunis

 

الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان- فرع  سوسة
سوسة في 03 ديسمبر2006  بيان  
على اثر إعلام وصل إلى فرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بسوسة بتعمد مجموعة كبيرة من رجال الأمن منع عديد المناضلين من زيارة السيد المنصف المرزوقي في منزله تحول فرع الرابطة صبيحة يوم الأحد 03 ديسنبر2006 لمعاينة الحالة و إذ بقوات الأمن تسد الطرق أمام هيئة الفرع وتجبرهم على العودة قسرا من حيث أتوا .   – إن فرع الرابطة يدين بشدة الحصار المفروض على حرية تنقل الأشخاص  يجدد موقفه الداعي إلى إطلاق الحريات العامة و الخاصة و تمكين السيد المنصف المرزوقي من حرية التنقل  – ترك الحرية لفرع الرابطة لمعاينة حالات انتهاك حقوق الإنسان  – رفع الحصار المفروض على مقر الرابطة لما يفوق السنة عن هيئة الفرع جمال مسلم
 

من أولياء تلاميذ المدرسة التونسية بالدوحة إلى سيادة رئيس الجمهورية التونسية

 

سيادة الرئيس

تابعت الجالية التونسية بدولة قطر بإستخفاف وتهكم أحداث الحلقة الجديدة من مسلسل المهازل المكسيكي الذي لاينتهي والذي يلعب دورالبطولة فيه كالعادة المنسق العام للمدرسة بالإشتراك مع المتصرف المالي،حيث شهدت المدرسة التونسية بالدوحة مسرح هذه الأحداث،وقائع الحملة الفاشلة التي قادتها بإيعازمن المعنيين بالأمر بعض السيدات لتسول الدعم والمساندة للمنسق العام وتلميع صورتهما المهتزة مقابل تبادل  بعض المصالح الشخصية التي تدفع المدرسة التونسية بالدوحة تكاليفها كالعادة

فبعد أن إشتدت حدة النقد والإستهجان الموجهة من طرف اولياء تلاميذ المدرسة التونسية بالدوحة تجاه المنسق العام بسبب تجاوزاته التي لا تنتهي في ظل غياب سلطة الإشراف بعد إغلاق سفارة تونس بالدوحة، وصمت القبورالذي إنتهجه رئيس المنظمة التونسية للتربية والأسرة أسلوبا للرد على شكاوينا العديدة ، لجأ المنسق العام الذي توقفت عجلة الزمن عنده قبـل السابع من نوفمبر1987، إلى إعتماد سياسة بالية منتهية الصلاحية منذ سنوات بعيدة ، من خلال تجنيد بعض السيدات للقيام بمهام سخيفة بهدف إعطاء إنطباعات مغلوطة ومزيفة عن واقع الأجواء المشحونة التي تخيم على المدرسة خاصة والجالية عموما . ومن أهم الإختراعات التي جادت بها عبقرية المنسق العام لهذا الغرض :

1 / تكليف مدرسة اللغة الفرنسية التي مكنها مأخرا من رخصة الإنتقال إلى مدرسة أهلية أخرى ، بجمع توقيعات أولياء بعض التلاميذ على عريضة دعم ومساندة للمنسق العام ليكون مآلها الفشل بالطبع برغم الإلحاح والإحراج الذي سببته  هذه المعلمة لنفسها وللأولياء.            

2 / تكليف عاملة النظافة بالمدرسة بالتعاون مع سيدة أخرى تسعى للعمل بالمدرسة بالضغط على المربين لجمع التبرعات المالية بغرض إقامة حفل إستقبال على شرف المنسق العام وتغطيته إعلاميا في صحيفة محلية من خلال صديقة لها لنفس الأهداف المذكورة (جريدةة الشرق الرياضية بتاريخ 3 ديسمبر 2006) مقابل تمكين الأولى من إستغلال مقصف المدرسة مجانا والذي تعودت المدرسة على إيجاره بمبالغ فاقت ال30.000 رق سنويا وتوظيف الثانية في أول فرصة قادمة

 لكن الأسخف من كل هذا تلك المهزلة بإمتياز التي حصلت خلال حفل الإستقبال هذا، والمتمثلة في ذلك القالب الكبير من المرطبات الذي أعده المنسق العام لهذه المناسبة ورسم صورته عليه صحبة العلم التونسي ومكتوبا تحتهما بالخط العريض « معا من أجل تونس » !!!!!!!  قبل أن يلقي خطابه الذي  ظمنه وعودا للإطارات التربوية بالزيادة في الرواتب وتهديدات مبطنة للمربيات اللواتي لم تساهمن في هذا الحفل .                         

نعم سيادة الرئيس، بهذه  الطريقة الفلكلورية المخجلة تدار المدرسة التونسية بالدوحة منذ مدة طويلة وبغيرها من الأساليب الملتوية الأخرى المبنية على سوء التصرف والعبث بمكاسب المدرسة وغيرها من التجاوزات المالية والإدارية الأخرى التي ذكرناها لسيادتكم في خطاباتنا السابقة ورفعناها عن طريق سعادة السفير السابق إلى عديد الجهات المعنية في تونس بما فيها السيد حاتم بن عثمان رئيس المنظمة التونسية للتربية والأسرة المسؤول الأول عن كل هذه المهازل بتعينه – وهو الوزير السابق للتعليم في تونس!! – شخصا من خارج أهل الإختصاص يعرفه جيدا ويعرف مستواه التعليمي والأخلاقي والثقافي لإدارة مؤسسة تعليمية هامة هي بمثابة الواجهة لصورة تونس خارج الحدود ، وبإصراره المفضوح على دعمه ومساندته،وبمكابرته غيرالمبررة في عدم الإصغاء إلينا وهوما يتناقض وتوصياتكم الكريمة المتكررة الداعية للإحاطة بالجالية التونسية بالخارج والإنصات لمشاغلها والدفاع عن مصالحها والحفاط على مكاسبها

سيادة الرئيس أملنا كبير في عنايتكم الكريمة لإنهاء مسلسل التجاوزات هذا الذي يهدد مستقبل المدرسة التونسية بالدوحة خاصة في ظل وضعية الخاصة التي نعيشها راجين من سيادتكم الإذن بفتح تحقيق لمحاسبة كل من ثبت تورطه في العبث بمدرستنا وخيانة الأمانة التي كلف بها.                            

حفظكم الله ورعاكم، و وفقكم لما فيه خير تونس وعزتها ومناعتها  والسلام .

 

أولياء تلاميذ المدرسة التونسية بالدوحة – قطر


على عجل
 
هذه الكلمات أكتبها بماء العين ودم القلب، وأخطّها بأشلاء نفسي التي تموت وهي ترى أصل وجودها بعد الله سبحانه وتعالى تتعرّض هذه الايّأم إلى ابتلاء قد تقوى عليه وقد لا نقوى عليه. فأمّي الحبيبة التي لم أتمتّع بها ولا حتّى بقربها صغيرا لأنّ المدرسة ثمّ المعهد بمبيته ثمّ الأكادمية قد أرغموني على الابتعاد منها. ولم أتمتّع بها كهلا لأنّ العمل من أجل البلد ومن أجل القوت قد أرغمني على ركوب المصاعب واغتراب الديار. ولم أتمتّع بها وأنا على أبواب الشيخوخة لأنّ  حاكم بلدي قد قدّر ( فقتل كيف قدّر ) عدم صلاحيتي، فرماني وأهلي حيث لا أهلي، فلا بارك الله في حاكم رضي لنا الشقاء ولا بارك في حاشية ارتضت منه الإشقاء. أمّي العجوز تعيش هناك في مرتفعات ريف ماطر بمعية والدي العجوز الذي لم يقدر حتّى على مساعدتها على الجلوس… الجيران بُعدٌ، والبعد بعدان:  بعد شقّة وبعد حتّمته محاربة الإرهاب والإرهابيين وعدم الإحسان إلى أوليائهم… الخبر  المتأرجح بين دموع المتكلّم عبر الهاتف يقول بأنّ أمّي قد شلّت يدها اليسرى، وإخوتي جميعهم من تونس ومن سوسة ومن ماطر ومن منزل بورقيبة يسرعون ضدّ عقارب الساعة علّهم يستطيعون تقديم بعض الإسعافات، بنقل إمّي إلى أقرب مستشفى، وأقرب المستشفيات بعيد، إذ لا رحمة ولا أخذ بيد الضعيف، فحسبنا الله ونعم الوكيل… شلّت يدها لأنّها تعرّضت إلى جلطة دماغية للمرّة الثانية على التوالي… فاللهمّ شلّ أيدي  كلّ من ساهم ولو بشطر كلمة في قهر المستضعفين من أمثال أمّي وأمّهاتي الأخريات … أتوجّه لكلّ أهل الخير بإخلاص الدعاء لأمّهم فاطمة بنت سليمان التيّاهي، سائلا الله أن يتقبّل منهم وأن يتداركها بعافيته وعفوه ورحمته… وأن يجنّبنا والمسلمين السوء… وسوف أكتب عن التطوّرات وأسأل الله أن يجعلها خيرا…   عبدالحميد العدّاسي

 

عار عار يا حكومة الأسعار شعلت نار..

كان هذا أحد الهتافات التي أطلقت بكثافة في المظاهرة التي قام بها الإتحاد العام التونسي للشغل يوم أمس على الساعة الرابعة بعد الظهر وذلك انطلاقا من ساحة محمد علي حيث مقر الإتحاد
 و توجهت المظاهرة التي كانت محاطة بأعداد هائلة من رجال الأمن لمنع غير المؤهلين للتظاهر للالتحاق بها. وقد تمكنت من الانزلاق فيها على مستوى نهج المنجي سليم وجابت المظاهرة الشوارع في اتجاه باب سويقة حيث اعترضهم ابن الزعيم النقابي فرحات حشاد لتتواصل في اتجاه ضريح فرحات حشاد وكانت الشعارات والهتافات متعددة مست الشأن الوطني من قبيل عار عار يا حكومة الأسعار شعلت نار ومن قبيل لا مصالح أمريكية على الأراضي التونسية وكذلك لا مصالح صهيونية على الأراضي التونسية  ومن قبيل واجب غلق السفارة واجب طرد السفير بالطبع المقصود هو السفير الأمريكي. وقامت المظاهرة بوقفة تنديدية أمام مقر الأمم المتحدة بتونس متهمينها بأنها منظمة متخذة أمريكية. وعند المرور ببعض مقار الوزارات تجددت هتافات تندد بارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة وانحطاط مستوى التعليم.وعند المرور بمقر المحكمة تعالت الأصوات مطالبة باستقلال الجهاز القضائي ورفعت شعارات من قبيل أرض حرية عدالة وطنية. ومن الملاحظات التي يمكن أن تسجل للمتابع للمظاهرة :
 
-1أن المواطنون شعروا بالدهشة ومن ثمة التشكيك في أن المظاهرة هي من قبيل المسرحيات التجمعية نسبة للتجمع الدستوري الديمقراطي لذلك تعاملوا معها بالاستهزاء والضحك.
 
-2أن الذين يسيرون المظاهرة كانوا يصرخون بدون استعمال مكبرات الصوت التي يبدوا أنها كانت بيد رجال الأمن السريين وبعض معاونيهم من داخل الإتحاد وغالبا استعملت للتشويش عند رفع شعارات تندد بسياسة الحكومة  وتتحدث عن غلاء المعيشة.
-3عند المرور أمام بعض الوزارت التي يبدوا أن الوزراء مازالوا لم يغادروها قام رجال الأمن باستعمال صفارات مزعجة تشويشا على المظاهرة.
 
-4أن الحضور الأمني كان كثيفا بحيث فات عددهم عدد المتظاهرين حتى أني لم أستغرب أنهم من كانوا يسيرونها وهذه من المضحكات المبكيات في عهد النظام الجديد الذي انتهت مدة صلاحيته ومازال يصارع على البقاء في الوقت الضائع بالنسبة له لكن على حساب تأجيل وتغيير حقيقي في تونس.
-5أن الحاضرين في المظاهرة كانوا بصفة انتقائية حيث لم يعلم العديد من النقابيين بأن المظاهرة تخص منظمتهم.
 

وغم كل السلبيات عبرت الشعارات المرفوعة في المظاهرة حتى ولو كانت على حناجر رجال الأمن السريين عن مطالب واقعية وعاجلة تمس كذلك رجال الأمن الذين هم في النهاية جزء من المجتمع التونسي و واصلت المظاهرة إلى مقر الضريح حيث ألقى السيد نور الدين حشاد كلمة يتحدث فيها عن ضرورة التمسك بقيم ونضالية الإتحاد في تحقيق أهدافه  وانتهت بالنشيد الوطني التونسي ومن ثمة قراءة الفاتحة على روح الشهيد فرحات حشاد   الذي اغتالته أيدي المجرمين في مثل هذا اليوم 5ديسمبر 1952
 
مراسلة من تونس


الإتحاد الأوروبي و »الإسلاميون المعتدلون ».. علاقة لم تتضح بـعـدُ

 صلاح الدين الجورشي – بروكسل
 
ماذا لو افترضنا احتمال قيام تعاون مستقبلي بين الحركات الإسلامية، التي قد توصف بـ « المعتدلة » وبين الاتحاد الأوروبي؟ عدد من الباحثين العرب والغربيين انكبوا على دراسة هذه الفرضية من خلال سبع حالات تشمل المغرب والجزائر و تونس ومصر وفلسطين وسوريا ولبنان وتركيا.. وتطارحوا في إشبيلية بعض ما توصلوا إليه.
 « الإسلام السياسي وسياسة الجوار للإتحاد الأوروبي »: هو عنوان ندوة علمية احتضنتها مدينة إشبيلية الأندلسية يومي 24 و25 من شهر نوفمبر 2006. هذه الندوة اشترك في إعدادها وتنظيمها ثلاث مؤسسات تحظى بالاحترام. أولها، « مركز الدراسات السياسية الأوروبية (CEPS) »، الذي يتّـخذ من بروكسل مقرا له، وثانيها، « مؤسسة العلاقات الدولية والحوار الخارجي (FRIDE) مقرها مدريد، وأخيرا، منظمة إسبانية تسمى « مؤسسة الثقافات الثلاث بحوض البحر للمتوسط« .
التفكير في عقد هذه الندوة ليس معزولا عن المتغيرات الجارية على الصعيدين، الدولي والإقليمي. فالحركات الإسلامية لم تعد حادثة عابرة في تاريخ هذا البلد أو ذاك. لقد تحوّلت في السنوات الأخيرة إلى مشكلة تشغل الجميع، ومَـعطى لم يعُـد بالإمكان أن يتجاهله الباحثون والحكومات.
ولا يعود ذلك فقط إلى أحداث 11 سبتمبر 2001، التي هزّت الجميع وبعثرت الحسابات والتوقعات، وإنما أيضا نتيجة الصّـعود المتواصل لما يُـسمى بالإسلام السياسي في أكثر من بلد، بعد أن ظن البعض بأن الظاهرة مرشحة للتراجع والانحسار.
لقد أراد المنظمون لهذه الندوة أن يستبِـقوا الأحداث، فافترضوا احتمال قيام تعاون مستقبلي بين الحركات الإسلامية، التي قد توصف بـ « المعتدلة » وبين الاتحاد الأوروبي وطلبوا من بعض الباحثين دراسة هذه الفرضية من خلال سبع حالات هي، المغرب والجزائر وتونس ومصر وفلسطين وسوريا ولبنان وتركيا.
تمحورت الأبحاث حول معرفة موقف عددٍ من الكوادر الرئيسية للحركات التي تم اختيارها من النموذج الديمقراطي الأوروبي، ومدى صلاحيته ليشكل « مرجعية مِـعيارية لتحقيق التطلعات الديمقراطية في المجتمعات الإسلامية » مع مقارنته بنموذج الديمقراطية الأمريكية، وما موقفهم من السياسة الخارجية الأوروبية عموما، وسياسة الجوار تحديدا؟ وهل قام الاتحاد الأوروبي بالدفاع عن الحقوق السياسية للإسلاميين؟ وما الذي يمكنه أن يفعل في هذا السياق؟ وهل يعتقدون بأن أوروبا مؤيدة للديمقراطية أم أنها تقف إلى جانب الاستبداد؟ وفي صورة وصول هذه الحركات إلى السلطة في أي بلد من بلدان جنوب المتوسط، هل تنوي إحداث تغييرات جوهرية في علاقة دولها بأوروبا عموما، وبالاتحاد الأوروبي خصوصا؟
 

ازدواجية المعايير

اللافت للنظر، هو أن الجِـهات، صاحبة المبادرة، حرِصت على معرِفة كيف ينظر الإسلاميون إلى مستقبل تعاون حركاتهم مع اتحاد أوروبا؟ وما هي مجالات التعاون المحتملة، التي يفضلونها أو يعطونها الأولوية؟ لهذا، تُـعتبر هذه المبادرة الأولى من نوعها، التي دعت الحركات الإسلامية في المنطقة إلى التفكير في إمكانية إقامة علاقات سياسية مع الحكومات الأوروبية.
فرغم اختلاف زوايا نظر الباحثين، إلا أن الدراسات التي أعدّوها قد كشفت عن وجود تقاطعات بين مواقف الحركات الإسلامية حول عدد من المسائل المطروحة.
 
فجميع هذه الحركات تقريبا، أبدت استعدادها للتفاعل إيجابيا مع مبدأ الحوار والتعاون مع الاتحاد الأوروبي، وإذ تمّ التحفّـظ على ما اعتبرته نقائص أو عيوب في النماذج الديمقراطية الأوروبية، إلا أن الإسلاميين، الذين تم استجوابهم، اعتبروا الديمقراطيات الأوروبية أفضل في بعض الجوانب من نموذج النظام الديمقراطي الأمريكي، كما حاولوا في العموم أن يفصِـلوا بين الديمقراطية كمفهوم، وكآلية لتنظيم عملية التداول على السلطة وبين الغرب، رافضين وجود علاقة ميكانيكية بينهما، وإن كان العديد منهم (الإخوان المسلمون في مصر وسوريا) قد أكّـدوا تحفّـظهم على الاعتقاد بأن النموذج الديمقراطي هو نموذج كوني.
لكنهم، في مقابل ذلك، انتقد الإسلاميون سياسات الاتحاد الأوروبي الخارجية واتـهموه، بازدواجية المعايير ودعم الأنظمة المستبدّة في المنطقة، ودعوه إلى التصالح مع مبادئه وقِـيمه، الداعية للحرية وحقوق الإنسان.
وركّـزت هذه الحركات انتقاداتها بالخصوص، على مواقف الاتحاد من الصِّـراع العربي الإسرائيلي، وخاصة مشاركته الفاعلة في ضرب حصار دولي حول الشعب الفلسطيني ضِـمن خُـطة إسقاط حكومة حماس أو وضع العراقيل أمام طلب تركيا الانضمام إلى النادي الأوروبي.
مع ذلك، بدا واضحا من العُـروض، أن عموم هذه الحركات تجهَـل ما هو المقصود بسياسة الجوار، التي يدعو إليها الاتحاد، ولا تعرف من برامجه العامة إلا الشيء النادر والبسيط. فهذه المسألة لا تحتل أولوية في برامج هذه الحركات، ولعل الظروف الصّـعبة، التي تمر بها، جعلت الكثير منها مشغولا بالسعي اليومي من أجل ضمان البقاء والاستمرار.
 
الكرة الآن في الملعب الأوروبي
ما يُـطالب به « الإسلاميون المعتدلون » حاليا، هو أن يتخلّـى الاتحاد الأوروبي عن تحفّـظاته تُـجاههم، وأن يُـميِّـز بينهم وبين دُعاة العنف وأن يتجنّـب مستقبلا استعمال « الفيتو »، على حد تعبير بعضهم، عندما يتعلّـق الأمر بحقهم في التعبير والتنظيم، وألا يُـميز بينهم وبين الأطراف السياسية القريبة منه، بل إن بعضهم ذهب إلى حدّ دعوة الاتحاد إلى أن يدرج ضمن اختياراته العمل على إدماج الحركات الإسلامية في عملية الإصلاح والحياة السياسية، وربما التفكير في لعب دور ما لفَـكِّ حالة الاشتباك بين هذه الحركات وحكوماتها، دون أن يعني ذلك « القبول بالتدخّـل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة أو المسّ من سيادتها »، وما طرحه الإسلاميون بإلحاح في الورقات، التي أعِـدّت لهذه الندوة، هو توجيه السؤال التالي إلى الحكومات الأوروبية: « هل أن أوروبا مستعدّة للقبول بنتائج أي انتخابات ديمقراطية وشفافة تكون في صالح هذه الحركات »؟ فما حدث مع حركة حماس، جعل أغلب الإسلاميين يشكّـون في صدقية الخطاب الغربي، الداعي إلى نشر الديمقراطية في العالم العربي.
أما الأوروبيون من جهتهم، فهُـم، بالرغم من إدراكهم لما تتمتّـع به هذه الحركات من ثقل شعبي وسياسي، إلا أنهم لا يشعرون بالاطمئنان تُـجاهها ولا يثقون في نواياها وأهدافها، كما أنهم يخشون من أن ينخرِطوا في حِـوار مباشر معها، فيُـثيرون في المقابل، شكوك وغضب الحكومات العربية التي تربطهم بها صداقات وتعاون وثيق في مختلف المجالات الحيوية، ولهذا، حرِص خُـبراء الاتحاد الأوروبي، الذين حضروا فعاليات ندوة « إشبيلية » على الاكتفاء بالاستماع والدعوة إلى التمهّـل وعدم « حرق المراحل »، مع التذكير بأن الأوروبيين كانوا أسبق من الأمريكيين في طرح مشروعٍ مُـتكامل يُـوازي بين التنمية والديمقراطية والسلام، وذلك منذ مطلع التسعينات، ممثَّـلا في « إعلان برشلونة »، وهو تخوّفٌ له مبرِّراته من وجهة النظر الأوروبية، غير أنه لم يمنع الاتحاد من بعث خلية بحث مختصّـة في فهم ورصد « حركات الإسلام السياسي في المنطقة« .
في مقابل ذلك، ألقى الإسلاميون الكُـرة في الملعب الأوروبي، وهو ما أفصح عنه مثلا السيد حمادي الجبالي، القيادي في حركة النهضة (المحظورة في تونس) عندما اعتبر أن كل تعاون « يُـحتِّـم وجود طرفين على الأقل، يتبادلان الاعتراف قبل الشروع في التعاون »، كما افترض بأن ذلك يتم عندما « تتوفّـر إرادة صادِقة للتعاون، وثقة مُـتبادلة ومُـصارحة لخدمة مصلحة الطرفين »، وتساءل « هل أن أوروبا مستعدّة الآن (ويلح على كلمة الآن)، أن تعترف بالواقع وتُـقرَّ بوجود طرف له وزنه وحضوره الشعبي ومصداقيته، إضافة على حقه الطبيعي في الوجود على الساحة السياسية المحلية والعالمية »؟
 
(المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 4 ديسمبر 2006)
 


محاولة في فهم أسباب إحجام المعارضة عن تبني مبادرة المقاومة السلمية

 بقلم ناجي الجمل

 

لا أدري لماذا تأبى أقطاب المعارضة التونسية الردّ أو حتى مجرّد التعليق العلني على دعوة الدكتور المنصف المرزوقي إلى المقاومة السلمية في مواجهة انغلاق السلطة واستبدادها؟ هل لطوباوية في الفكرة أم لتوجس من طموحات الرجل؟

فالدكتور المرزوقي يرى أن المعارضة التونسية ما فتئت تدعو النظام إلى الانفتاح والإصلاح منذ خمس قرن، وهو يعد ويمني دون تنفيذ. وفي المقابل لم يتوان في إباحة البلاد لشرذمة قليلة من عصابات الأمن والعائلات المتنفذة تنكل برجالها وتنهب ثرواتها. وأن هذا التفاوت بين التسويف في الإصلاح وبين الإسراع في الإفساد قد بلغ درجة يصعب بل يستحيل معها التدارك. وكنتيجة منطقية لهذه الوضعية، ير السيد المرزوقي أنه لا وزرّ للمعارضة الجادة التي تسعى حقا للنهوض بشعبها من النزول إلى الشارع وإرغام السلطان على التغيير أو الرحيل. فأين الطوباوية في هذه المبادرة؟ هل هي في التشخيص أم في الحل المقترح للخروج من الأزمة؟

لم أعثر فيما قرأت أو سمعت عن تونسي واحد ينكر هذا التحليل للواقع التونسي عدا النظام ومن يقتات من فتاته. فالبنسبة للأخير كل ما تطالب به النخبة، من حرية وديمقراطية وعدالة اجتماعية، حقيقة واقعية، تحاول المعارضة إنكارها للتغطية عن فشلها في منافسة الحزب الحاكم. وما تروج له النخبة من انتهاكات لكرامة المواطن ومن قرصنة وغصب للممتلكات العامة والخاصة هو في نظر النظام محض افتراء وحسد. ولا أظن رمزا من رموز النضال في تونس ينكر هذه الحقيقة أو يقلل من استفحالها. وحتى الذين آثروا سياسة القول الليّن والنظر إلى نصف الكأس الملآنة، بدأت تظهر في مقالاتهم بوادر فض اليد واليأس من التفاهم مع هذه السلطة وحتى الميل إلى قطع شعرة معاوية التي أرخوها حتى النهاية. وللحقيقة فإن النظام، باستكباره وصم آذانه عن النصيحة، لم يدخر وسعا في دفع دعاة التفاهم والصفح إلى الالتحاق بصف المستبعدين لجنوح السلطة لتغليب المصلحة الوطنية على المصلحة العائلية. وإذا كان الإجماع حول قراءة المشهد التونسي حاصلا كما يبدو، فلم يبق لإحجام النخبة وخاصة رؤساء الأحزاب في مساندة وتبني أطروحة الدكتور المرزوقي من تفسير سوى ريبتهم في جدوى المقاومة السلمية في الواقع التونسي.

 

 لا شك أن أسلوب المقاومة السلمية في التعاطي مع الأنظمة القمعية قد أثبت جدواه في أكثر من بلد، من إيران الشيعية إلى أوكرانيا الشيوعية. ولا ريب كذلك في أن المجتمعات التي نجحت في كسر أصفادها وفك أسرها تنتمي إلى ثقافات متنوعة ومتعدّدة بحيث يصعب على الدارس أن يجد خيطا ناظما يفسر تناسخها. ممّا يوحي بأن كل الشعوب قادرة على خوض نفس التجربة شريطة تضافر بعض الشروط. من أهمّها: نظام ظالم وفاسد يرفض الإصلاح واحتقان شعبي متزايد من استبداد السلطة وأخيرا نخبة مستعدة للتضحية ولتحمل مسؤوليتها في قيادة وتوجيه الغضب الشعبي. فهل هذه الشروط متوفرة في المشهد التونسي؟

يبدو أن تقدير الموقف عند الأطراف الفاعلة في الساحة التونسية مختلف. فأصحاب مشروع المقاومة السلمية  يرون أن شروط التحرك متحققة بأقدار وأن على المعارضة الوطنية أن تتكفل بتوفير ما نقص منها. والأهم من كل ذلك أن نظام بن علي، في تحليل هؤلاء، لم يترك للشعب خيارا آخر غير النزول إلى الشارع لانتزاع حقوقه. في المقابل، يظنّ منتقدو مشروع المقاومة -ولو بصمتهم- أن الأمر لم يصل إلى نقطة اللاعودة في العلاقة مع نظام بن علي ومازالوا يراهنون على الوسائل التقليدية في الضغط على السلطة من مثل البيانات النخبوية، التي لا يسمع بها معظم الشعب، والاحتجاجات المطالبة ، بكل أدب، من الرئيس التدخل لحل الأزمة. وربما شط بعضهم وتبنى زعم الذين لا يرون في الشعب التونسي نضجا أو حتى قابلية للنضج لمثل هذه المغامرة. فهذا الحكم الشائع عن الشعب التونسي أخذ طريقه حتى في الأوساط اللأكاديمية مثلما بينا الأستاذان خالد بن مبارك وتوفيق المثلوثي في مقالهما المعنون Casser nos chaînes (انظر تونس نيوز 27-11-2006).

وبالعودة إلى قراءة الواقع التونسي والنظر في مدى أهليته لدور التغيير، نرى أن الشرط الأوّل لاستنساخ تجربة المقاومة السلمية على الأرض التونسية، قد تكلف نظام السابع من نوفمبر بتحقيقه بامتياز ولا زال مصرا على المحافظة على نفس السياسة. ومن ساوره شك في هذا المسار فلينظر إلى الآلاف من أصحاب الشهادات الذين حرمتهم المحسوبية وفساد الإدارة من العمل والذين تغص بهم سوق الشغل ناهيك عن مئات الآلاف الذين لفضتهم المدارس مبكرا  . وليتمعن في الأسلوب الذي تتعامل به السلطة مع من يخالفها ولو بأدب جمّ. فهذه النخبة التونسية تجتمع على صعيد واحد وتتوجه إليه بمطالب دستورية وشرعية من شأنها أن تساهم في التهدئة وأن تضع وطننا على سكة المصالحة وطي صفحة الماضي. ولم تدعوه لا إلى الرحيل ولا حتى إلى إشراكها في الحكم، فقط دعته إلى ما اعتبرته الحد الأدنى الحيوي لضمان حياة سياسية في تونس. فاعتبر أنها قد جاءت شيئا إدّا ولم يتسع صدره لها وشن على أقطابها حملة شعواء واصفا إياهم بأقذع الأوصاف من الخيانة والعمالة وهلم جرا من مفردات قاموس التعاسة الذي تنهل منه الصحافة الصفراء. أمّا تجبره وغطرسته وصاديته في التعامل مع ملف المساجين السياسيين، قدامى ومحدثين، فحدّث ولا حرج، فهو لم يرقب فيهم إلاّ ولا ذمّة. فهو يصرّ على نكأ هذا الجرح كلّما تباشر إلى الشفاء وكأنه يتلذّذ بعذابهم ولا يتغذى إلا من دمائهم. فأنى بربكم لنظام، ير في المطالب الدنيا للمعارضة شططا وغلوا يهددان الاستقرار، أن يجنح إلى السلم والمصالحة الوطنية؟   

أمّا غضب الشعب التونسي واستغاثته من ظلم أولي القربى بل وحتى رغبته في « تبديل السروج » فقد وصل إلى درجة المتواتر، الذي لا تنكره حتى الأطراف المساهمة في الحكم في خلواتها . بالمختصر المفيد اسأل جهينة يأتيك بالخبر اليقين، فكلما اطمأنّ التونسي إلى مخاطبه، وفضفض له بتعبير إخواننا المصريين، إلا وتقيأ دما ومات غصة وكمدا عن الحالة التي وصلت إليها تونس اليوم. ومن لم يطمأن له التونسيون ولم يسرّوا له بشعورهم فليبحث عن تفسير لتفشي ظاهرة الجريمة في وضح النهار وفي الأماكن « الآمنة » بتونس وعن أسباب ركوب الشباب التونسي قوارب الموت المتحطمة على أمواج المتوسط وجدران أوروبا. ولم بكتف عدد لا بأس به من التونسيين بالبكاء والشكوى من أوضاعهم وإنّما تجاوزوها إلى الانخراط في النضال الميداني عندما تراءى لهم أمل وجدية  في نخبتهم.

 ولأنّني لست في معرض الحديث عن خصوصيات الشعب التونسي مدحا أو ذمّا، يكفي أن أذكّر بأيام غير بعيدة وألفت نظر من يستهويه نعت الشعوب بالجبن واللامبالاة ويزهد في قدرات التونسيين إلى الوقفة المشرفة التي وقفتها جموع من أبناء هذا الشعب المفترى عليه أثناء تحركات 18 أكتوبر. ففي ظرف وجيز تكوّنت لجان مساندة ودعم في كل مدينة تقريبا وأقبلت الوفود بالتهنئة والتشجيع للمضربين. حتى غدا مقرهم قبلة لكل ساخط عن سياسات السلطة. ولم يكن حظ التونسيين بالمهاجر أقل من إخوانهم في الداخل، فقد وضعت الاختلافات جانبا وجندت كل الطاقات البشرية والمادية لإنجاح المبادرة.

غير أن حلم التونسيين في رؤية نخبتهم تنهض من سباتها وتلم شعثها وتتجاوز خلافاتها وتنزل إلى ميدان المعركة حيث يراها القاصي والداني ويقتدي بها المتردّد والخائف سرعان ما تبخّر وعادت المعارضة إلى خدرها  تتلهى عن المعركة الحقيقية بنقاش بيزنطي لا يغني عن الحق شيئا. ولقد أحسن الأخ علي بن عرفة في مقاله (المرزوقي ومعركة الحريات) التعبير بقوله: » إن الجماهير في حاجة إلى القدوة والنموذج الذي يتقدمها في معركة الحرية, ويشاركها المسؤولية, ويقاسمها ضريبة المقاومة والتحدي والصمود. وقد كانت هذه القضية إحدى أهم نقاط الجذب في مشروع حركة 18 أكتوبر, حين أقدمت القيادات السياسية والحقوقية على التحرك ميدانيا, ومشاركة الناس ألامهم وآمالهم, وحمل همومهم الأساسية… ولكنها (أي حركة 18 أكتوبر) ما لبثت أن انكفأت على نفسها تحت ضغط السلطة والدائرين في فلكها, فتراجع أدائها الميداني لحساب الحوارات والأطروحات النظرية البعيدة عن هموم الناس« . وهكذا برهنت تحركات 18 أكتوبر أن لا طريق لتحسيس الجماهير وإشراكها في مشروع فرض الحريات ومحاربة الفساد غير النزول إلى الشارع. أمّا معارضة الصالونات المعزولة بين الجدران التي لم نحس منها أحدا ولم نسمع لها ركزا فستظل تتآكل إلى أن تندثر.

 

أما استعداد المعارضة لركوب المخاطر وقيادة الجماهير في النزول إلى الشارع، فهو الفرض الغائب أو الشرط المفقود. فخطوة حركة 18 أكتوبر التي حققتها المعارضة منذ سنة مازالت رخوة وقابلة للانكسار وإذا لم تتدارك أمرها ستؤول حتما إلى ناد للعكاظيات في غير موضعه. ولا يخف على أحد أن الأطراف المكونة لحركة أكتوبر تنتمي إلى مدارس شتى ولها تجارب مختلفة في العلاقة مع السلطة. وأن اجتماعها لم يكن على برنامج سياسي لفرض الحريات ومغالبة السلطة وإنما على مطالب يغلب عليها الجانب الحقوقي. ولقد حافظ كل طرف على أجندته الداخلية. وربما وجد، من مؤسسي حركة 18 أكتوبر، من يخشى التغيير أصلا ويظن أن وضعه في عهد بن علي الذي يعرفه ويعلم سياسته أفضل من وضعه في عهد يجهله ويحسب أن تأثيره فيه سيكون محدودا. ومنهم من يكبّله بل ويمنعه غور القرح الذي مسّه من المواجهات السابقة من العودة إلى أسلوب المغالبة ومنهم من لا يرى لنفسه موضعا في مشروع المقاومة إلا في المقدمة.

وأحسب أن هذه الذرائع على وجاهتها لا يمكن أن تفسّر وحدها رفض حركة 18 أكتوبر الانخراط المباشر في أسلوب المقاومة السلمية المدنية. ويبدو أن السبب الرئيس في تردد مختلف أطراف المعارضة، المقتنعة بأن نظام الرئيس بن علي لن يتنازل لها عن شيئا بمحض إرادته، هو التوجس وفقدان الثقة فيما بينها. وما لم يتفق الجميع على ما اسماه الدكتور المرزوقي شروطا وضمانات لنجاح المسار فلن يكتب لأي تحرك أو مقاومة نجاحا وسيظل النظام ممسكا بكل الأوراق ويضرب هذا الطرف بذاك دون حسيب ولا رقيب.

 


 

حتّى لا نشرب السراب

 الحبيب بوعجيلة
عضو مؤسّس وعضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدّمي
 
عقدت اللجنة المركزيّة للحزب الديمقراطي التقدمي يوم الأحد 3/12/2006 آخر دورة لها للمصادقة النهائيّة على الإستعدادات السياسيّة والتنظيميّة للمؤتمر الثاني للحزب في أواخر الشهر الحالي ورغم اقرار هذه الإستعدادات بأغلبيّة ساحقة مقابل تحفظ عضو واعتراض آخر (صاحب المقال) فإنّ النقاشات كانت كعادتها في إجتماعات الحزب ساخنة وعميقة لتؤكد مرّة أخرى عمق التباينات داخل قيادة الحزب حول عدد من القضايا ذات الطابع السياسي والإجرائي .
إنّ الديناميكيّة الداخليّة للحزب وما تختزنه اطاراته النشيطة من كفاءة فكريّة وحركيّة سياسيّة قد جعلت هذا المشروع منذ ولادته كفكرة سنة 2000 وانطلاقه كحقيقة على أرض الواقع سنة 2001 معاديا لكلّ مظاهر الجمود في الرؤية والخطة والطموح كما أنّ المعارك التي خاضها منذ 2001 (معركة الإستفتاء – الإنتخابات 2004 – تحرك 18 أكتوبر الخ ) وما رافقها من انتصارات أو انكسارات ومن تباينات أو تحالفات ومن مضايقات أو تحديات قد جعلت الحزب مخبرا حقيقيّا لتقديرات وتصورات مختلفة وبقطع النظر عن أساليب صنع القرار داخله وعن الإتّجاهات والتمشّيات التي اختارها في مواجهة الإستحقاقات المطروحة عليه فإنّ ذلك لا يمنع من الإقرار بأنّ الحزب يعيش اليوم وهو على أبواب مؤتمره الثاني تباينات عميقة حول الرؤية السياسيّة وحول الخيارات المستقبليّة الكبرى في خصوص المنهج والخطّة وفي خصوص مقترحاته للبلاد سياسيّا واجتماعيّا وفي خصوص موقعه كقوّة تطمح إلى الفعل الحقيقي في وضع قطري وقومي وعالمي تواجهنا فيه تحديات تختلف في تقديرها وفي طبيعة التعامل معها  إنّ الحوار الجاري داخل الحزب باستمرار والذي ترتفع وتيرته اليوم قبل المؤتمر بأيّام هو حوار يكشف تباينات سياسية بامتياز ولا يجوز بأيّ حال من الأحوال وضعها في خانة الإستقطابات الأيديولوجيّة أو العمل على تفسيرها بالتوازنات الإنتخابيّة أو حرب المواقع لأنّنا بذلك لن نفعل غير أن نحرم الحزب والبلاد من الإستفادة من عمق هذا الحوار كما أنّنا لن نفعل بذلك غير أن نقفز على الخلاف دون أن نقدر على الغائه .
إنّ الحزب الديمقراطي التقدمي الذي دخل مؤتمره في 2001 على قاعدة توافقات سياسية مرحلية جاءت بعد حوارات معمّقة داخل هيئته التأسيسيّة التي نجحت في صياعة لوائح ستّ بلورت الخلفيات اللاّزمة في كلّ لقاء سياسي يطمح إلى فعل مرحلي موحّد  في الرؤية والإقتراح يجد نفسه اليوم مضطرّا في ظلّ التطورّات الحاصلة على أرض الواقع أن يجدّد قاعدة هذه التوافقات وهو ما نرى أنّ الحزب قد فشل فيه أيّاما قبل انعقاد مؤتمره في أواخر شهر ديسمبر ولا شكّ أنّ هذا الفشل قد يبدو مقصودا حيث تحرص بعض الأطراف على تعطيل وتعويم النقاشات الجديّة حول القضايا الخلافيّة للإستمرار في وضعيّة الغموض والعموميّات التي تسمح بهامش مريح لمن يريد المناورة وإستثمار القيمة الرمزيّة للحزب في التقلّب بين المواقف والرؤى حسب المزاج السياسي المتغيّر للأشخاص وفق إتّجاهات الأحداث وفي هذا السياق يهمّني أن أؤكّد أن الصمت على هذا الأسلوب في إدارة الخلاف والتسيير السياسي للحزب كان ممكنا في أوضاع سابقة وفي سياقات أخرى ولكنّ التمادي فيه باستبلاه وإستغلال فاحش للرصانة الإستراتيجيّة والصبر المبدئي الذي تمتعنا به كشركاء في هذا المشروع لم يعد ممكنا ولا مقبولا في وقت يقدم فيه الحزب والبلاد على تحديّات لا تقبل الرؤى والتصوّرات الرماديّة الغائمة ورهن المصير السياسي للأفراد والمجموعات في يد فرد أو ظلّه.
ومن هذا المنطلق وبصفاتي المبيّنة في الإمضاء وبجميع صفاتي الضمنيّة والصريحة المعروفة عنّي في الساحة السياسيّة أتقدم للرأي العام السياسي في الحزب وفي البلاد بهذه الملاحظات التي وان كانت تعبّر في تفاصيلها عن تقديرات شخصيّة فإنّها في عمومها وأهدافها تعبّر عن موقف جماعي لشركاء حقيقيّين في مشروع تأسيس الحزب الديمقراطي التقدمّي .
أوّلا : لقد عاش الحزب على الصعيد السياسي وكما هو معلوم في السنوات الأخيرة إختلافات وتحوّلات عميقة في تقدير الوضع السياسي بالبلاد تراوحت بين إعتبار السلطة القائمة شريكا ثمّ طرفا في عمليّة الإصلاح المنشود وصولا إلى الطعن في شرعيّتها السياسيّة والدستوريّة وانطلاقا من هذه التحوّلات في التقدير تغيّرت الخطط المرحليّة من مبدأ المشاركة ومطلب القسمة الضروريّة للإصلاح إلى إعتماد مبدأ الإحتجاج المشدود إلى سقوف القانون والامر الواقع وصولا إلى إعلان القطيعة وقد ظهرت هذه التباينات في الرؤى والخطط من مرحلة إلى أخرى ومن شخص إلى آخر ولكنّها تظهر أحيانا مجتمعة في الخطاب الواحد والممارسة الواحدة لبعض القيادات في تداخل غريب يضفي على رؤية الحزب وممارساته وتدخّلاته غموضا وإرتباكا جسّمه مثلا مطالبة الأمين العام للمؤسسة البرلمانيّة سنة 2004 بضمان حقّه في الترشّح للرئاسيّات ضمن سقوف دستوريّة سبق له أن طعن فيها والترويج لخطاب قصووي يعدّ لترشّح احتجاجي ثمّ العزوف عنه فجأة دون مبرّرات واضحة ليقدم الحزب بعد ذلك على المشاركة في تشريعيّات 2004 ضمن سقوف قانونيّة ودستوريّة سبق للحزب أن أكّد إستحالة قيام عمليّة سياسيّة ضمنها وتمزّقت القائمات الصفراء بين خطابات وتوجّهات إحتجاجيّة في العاصمة وأخرى ملامسة للطموحات الإداريّة في الجهات وبعد خيبة سياسيّة وإجرائيّة فادحة ودون وقوف عميق على ضعف وإرتباك الإتّجاه السياسي للرؤية والخطّة التي  » فرضت  » ديمقراطيّا على الحزب انطلق أنصار « المشاركة الإحتجاجيّة  » في التحضير لبلديّات السنة الموالية ضمن سقوف ورهانات هزيلة لا تتناسب تماما  » مع النبرة الراديكاليّة  » التي جعلت الحزب يرفع شعارا ويفعل عكسه دون أخذ بعين الإعتبار للإمكانيّات والظروف الموضوعيّة ولقد تجلّى الإرتباك والغموض في الرؤية والخطّة على صعيد نسج التحالفات فبعد سنوات من العمل مع معارضة الإحتجاج والقطيعة قبل 2004 كان العزوف عنها بإعتماد تحالفات جديدة بمناسبة البلديّات مع خصوم الأمس القريب ثمّ العودة من جديد إلى التحالفات التقليديّة في تحرّك 18 أكتوبر ليجد الحزب نفسه الآن في علاقة غامضة وحذرة مع مختلف الأطراف وحتّى لا نتّهم بالتفصّي من المسؤوليّة نقول إنّ مواقفنا قد تمّ التعبير عنها على أعمدة جريدة الموقف وفي المواقع الإلكترونيّة وفي هياكل الحزب في الأوقات المناسبة غير أنّ طريقة صنع القرار في حزبنا معظلة أخرى تحتاج إلى مقالات مطوّلة . إنّ همّنا ليس أن نعدّد الأخطاء ونحاسب المسؤولين عنها بل مطلوبنا هو أن نؤكّد على جديّة الخلاف السياسي داخل الحزب حول الرؤية والخطّة ولن يكون من المجدي إعتبار هذه الخلافات ذات طابع إيديولوجي أو ردّها إلى تقييمات تتعلّق بنقص الإلتزام والإخلاص الحزبي ولن يكون كذلك حلّ هذه الخلافات ممكنا بإفتراض توافقات ضبابيّة بمصطلحات غامضة مثل القطيعة الديمقراطيّة أو الإستقلاليّة ……إلخ.
إنّ الصراع السياسي داخل الحزب ليس بطبيعة الحال بين خطّ راديكالي ثوري وآخر إصلاحي مهادن كما يريد البعض أن يسوّق بقدر ما يتعلّق فعليّا بوجود تباين بين خطّ يراهن على خطاب الغموض والضبابيّة والإنتظاريّة وتوزيع المواقف المختلفة حسب المواقع المختلفة ويمارس يوميّا وفق اتّجاهات الرياح آنيّا معتمدا على  » فراسة الزعيم  » دون قطيعة مع هذا أو إلتزام مع الآخر وخطّ يريد أن يصوغ رؤية دقيقة وخطّة حركيّة وتنظيميّة واضحة وإستراتيجيّة تقوم على قراءة واقعيّة لأداء الحزب ماضيا وحاضرا وتحديد المسؤوليّات وتأخذ بعين الإعتبار الإمكانات التنظيميّة وواقع المعارضة التونسيّة وحصاد المعارك الإيجابي والسلبي .
إنّ صياغة رؤية سياسيّة ترشّد مسار الحزب بين مؤتمرين هي الكفيلة وحدها بإخراج ممارساتنا من دائرة « التجريبيّة  » « والعفويّة  » وتبعدها عن الإرتهان إلى ميولات وتقديرات الأشخاص أو المجموعات وقد طالبت شخصيّا منذ بداية الإعداد للمؤتمر بأن تخوض الأطراف المؤسسّة لهذه التجربة نقاشات معمّقة في الهيكل المخوّل بصنع التوافقات الإستراتيجيّة للحزب وهو المكتب السياسي وذلك بحكم التركيبة الداخليّة للحزب وظروف تأسيسها وطالبت بتجنّب تعويم النقاش في الأطر  الإستشاريّة التي لا تنتهي إلى شيء .إنّ الإبقاء على حالة الضبابيّة لا تخدم إلاّ من يريد المحافظة على واقع حزبي في متناول الإستثمار وإنّ إفتعال الإستقطابات الوهميّة لتحريف الخلاف الحقيقي تمنح بعض الأفراد هامشا للمواصلة في نهج موقف الأمر الواقع وأسلوب صناعة القرار الحزبي وفق المزاح السياسي الشخصي للمالك أو الملاّك الأصلييّن للحزب إنّ مشروع الحزب الذي رمنا بناءه منذ 2001 هو مشروع للقطع مع نمط الأحزاب التقليديّة الشموليّة ومع نمط الممارسة السياسيّة المفتقرة إلى الرؤية الإستراتيجيّة التي تقرأ الواقع وترشّد المسار وهو مشروع يريد القطع مع التجريب والتقلّب العبثي مع الأحداث والصناعة اليوميّة للشعار المناسب في الوقت المناسب دون حرص على بناء القوّة بما يخدم المصلحة الوطنيّة في التغيير والإصلاح بعيدا عن الرغبات الخاصّة والتقديرات الذاتيّة.
ثانيا : وبالإضافة إلى ما سبق من خلافات في الرؤية والخطّة السيّاسية يبدو من الضروري الإشارة إلى أنّ الحزب الديمقراطي التقدّمي وبعد أشهر من عقد مؤتمره التأسيسي في 2001 قد تفطّن إلى أنّ الإلتقاء على مطلب الديمقراطيّة لا يكفي لبناء حزب يقترح نفسه للشعب كبديل عن الوضع القائم ورغم اللوائح التربويّة والثقافيّة الإقتصاديّة التي انبثقت عن هذا المؤتمر فإنّ احساسا عاما لدى مؤسّسيه أصبح سائدا منذ سنوات وخصوصا في فترة الإنتخابات 2004 بأنّ تعميق الحوار حول برامج الحزب في المجالات الإجتماعيّة عموما أصبح مسألة ملحّة وفي هذا الإطار برزت تباينات حقيقيّة حول الخيارات الكبرى للحزب إذ تراوحت الآراء في المجال الإقتصادي بين التنظير علنا لإقتصاد السوق و في المقابل الدعوة للإنتصار الطبقي للكادحين والفقراء في حين أنّ شعارات التأكيد على الطابع الإجتماعي للحزب لم تنجح في بلورة تصوّر ثالث يحسم الخلاف علميّا بين هذين التوجهين وقد نشر السيّد أحمد نجيب الشابي باسمه شخصيّا في أكثر من مرّة تأكيدا على انحيازه لوجهة نظر دون أخرى كما كانت جريدة الموقف مجالا عبّرت فيه قيادات وإطارات حزبيّة مختلفة المواقع عن مواقفها المتناقضة في هذا المجال . أمّا على الصعيد التربوي الثقافي فإنّ تأكيد الحزب على إنتصاره للهويّة العربيّة الإسلاميّة للشعب التونسي لا يمكن أن يخفي وجود تباينات جديّة حول هذه المسألة وحول صورة المدرسة والثقافة التي يريدها الحزب للشعب التونسي حاضرا ومستقبلا . إنّ الموقف من موقع العروبة والإسلام مثلا في مشاريع الحزب التربويّة والثقافيّة يمثّل موضع إختلاف واضح كما أنّ الموقف من المشاريع الثقافيّة والتربويّة المعروضة على الشعب التونسي من الداخل والخارج ليس بالوضوح المطلوب ولا نظنّ أبدا أن كلاما فضفاضا من نوع « إحترام الموروث الحضاري للشعب التونسي والإنفتاح على قيم الحداثة  » هو كلام يمكن أن يمثّل أرضيّة توافق جديّ في المرحلة القادمة ولقد كان من المفروض أن تكون الحوارات بين بناة الفكر والرأي داخل الحزب من مؤسّسي المشروع وشركائه قد إنطلقت منذ أشهر لصياغة ورقات في هذه المسائل تسمح ببناء وتحيين التوافقات ولكنّنا نجد أنفسنا قبيل أيّام من المؤتمر دون مشاريع جديّة ودون استكمال للنقاش لتنشر على أعمدة الجرائد مواقف شخصيّة تطمئن المناضلين بوجود هويّة واضحة للحزب لا غبار عليها وتتّهم الأطراف المختلفة والمتباينة بأنّها مصابة بالهوس الإيديولوجي الموروث وتدفع بأسلوب معروف في إدارة الإجتماعات الرسميّة إلى الإنسياق وراء الأحداث والإنشغال بالإجرائيّات وإلقاء الطاقات في أتون معركة المواقع والتوازنات ممّا جعلنا نغفل عن بناء « الجامع » ونتفرّغ لإعداد « الحصيرة » عبر القفز على التباينات الحقيقيّة .
ثالثا : وعلى صيعد السياسة الخارجية يعلم الجميع أنّ كلّ أطراف المعارضة الوطنية المستقلّة بمن فيها حزبنا لا تملك تصوّرا واضحا ومنسجما من الأحداث القوميّة والعلاقة مع الخارج في ظلّ المشاريع والمقترحات المقدّمة للإصلاح السياسي في منطقتنا ولقد ظهرت في حزبنا طبعا تباينات حقيقيّة في هذا المجال ظهرت علنا على صفحات الجرائد بين رموز الحزب وقادته وجرت نقاشات حادّة وعميقة حول هذه المسألة بالذات في أكثر من مناسبة حزبيّة خصوصا بعد لقاءات بعض قياداتنا الحزبيّة مع شخصيّات دوليّة أو بعد زيارات معروفة إلى عواصم غربيّة أو الظهور على قنوات فضائيّة معيّنة ( زيارة نجيب الشابي إلى أمريكا وظهوره على قناة الحرّة ) . إنّ هذه المسألة إذا ليست بالوضوح والتوافق الذي ندّعيه ومن هذا المنطلق دعا الأمين العام نفسه في أكثر من مرّة إلى التحاور حول هذه القضيّة ولكنّه تصرّف كما يريد قبل الحوار ولا يجد اليوم نفسه معنيّا بوضعيّة حزبه وهو يدخل المؤتمر دون حتّى صياغة مسودّة للائحة السياسة الخارجيّة ولا ندري متى ستصاغ وتناقش.
إنّ حزبنا اليوم يبقى دون المطلوب من ضرورات الإعداد السياسي للمؤتمر . وقد ظهرت مقترحات غريبة تدّعي أنّ المؤتمر سيّد نفسه فتتصّور إمكانيّة الحسم في هذه المسائل أيّام المؤتمر وتستحثّ بعض الأفراد أو اللّجان للإجتهاد في إعداد مشاريع اللّوائح . وفي هذا الإطار يهمّني أن أبيّن أن ترحيل الحسم في التباينات الجوهريّة حول الخيارات الكبرى للأحزاب والمنظّمات إلى المؤتمر ووضع المندوبين في ساعات قليلة أمام كمّ هائل من الأوراق والمقترحات المتباينة يعدّ بدعة جديدة في تسيير الحياة الداخليّة في الأحزاب والمنظّمات ولم تعرف إلى الآن هيئة سياسيّة ( حزب ، جبهة، حركة ) جعلت الحسم في الخيارات الكبرى مهمّة للتوازنات الصوتيّة داخل المؤتمر. إنّ قاعدة العمل المعروفة في الأحزاب وخصوصا المتنوّعة منها يقوم على التوافقات السياسية المرحليّة التي تجري قبل المؤتمر بين الفاعلين الحقيقيّين والمنتجين الفكريّين داخل هذه الأحزاب. أمّا وضع حسم التناقضات من مهمّة المؤتمر ضمن لعبة الأقليّة والأكثريّة فهو عودة جديدة إلى أسلوب الصناعة المتسرّعة والغامضة للقرارات والتي تؤسّس للوحدة المغشوشة التي تؤجّل انفراط العقد ولكنّها لا تمنعه. إنّ الإعتماد على مواهب  » الكاريزما  » والإستعمال الحاذق للجهاز ومؤسساته لا يمكن أن يحلّ المآزق بل يتجاوزها مؤقّتا على حساب إرتباك الممارسة وغموض الأداء .
إنّ حزبنا الذي قامت سمعته الرمزيّة على شراكة قوى إعتباريّة عديدة لا يستطيع أن يستمرّ في الإستفادة من هذه الشراكة إذا تواصل طغيان الغموض ولفلفة المواقف والهروب من المواجهة الحقيقية للتحديّات. وأخيرا فإنّ ترحيل الحسم في التناقضات إلى مؤتمر يمثّل أغلب مندوبيه ملتحقين جدد بالحزب في ظروف تنظيميّة إستثنائيّة قابلة لتقييمات مختلفة تجعل القبول بهذا الترحيل إغراقا في  » سذاجة ديمقراطويّة  » لا نتمتّع بها كما إنّنا لا نملك الغباء اللاّزم للقبول بوضع الخيارات الكبرى والمستقبليّة للحزب على قوارب المجهول الإنتخابوي ونحن نطمح إلى بناء مشروع سياسي على قاعدة رؤية واضحة تصاغ في جوّ من برودة العقل وعمق الحوار بعيدا عن صخب الجدل والمعارك السياسويّة .
وبناءا على ما تقدّم فإنّني أتوجّه بالدعوة إلى السيّد أحمد نجيب الشابي باعتباره الأمين العام للحزب والمحاور الأساسي المسؤول على الشراكة الفكريّة التي انبنى عليها العقد الأخلاقي بين أطراف هذا المشروع إلى التعجيل بالدعوة لعقد ندوة غير محدّدة في الزمن للمكتب السياسي لإعادة النظر الجدّي في إجراءات الإعداد السياسي والتنظيمي للمؤتمر الثاني للحزب الديمقراطي التقدّمي ودون ذلك يبقى كلّ إلتزام قابلا للمراجعة والتصرّف من كلّ الأطراف.
صفاقس في 05/12/

 

شهيـــد الغضــب

 

د. خــالد الطــراولي

 

ktraouli@yahoo.fr

 

في الظلمات التي تنتهك حرماتنا منذ قرون ولا تنضب، وفي ظل واقع مستبد ظالم وجائر لا يزال جاثما على أطرافنا ويرقب حركاتنا وسكناتنا، وأمام ليل تتسارع خطاه ليعم الأرجاء بحثا عن الفتك بفجر قد يلوح… أمام هذه الصورة المقيتة التي حفل بها تاريخنا وهو بين براثن الاستبداد والترويع والعبث، تنتقل عقارب ساعة الحياة أو الموت متسارعة تعيد بعضها البعض في مسلسل من الاستخفاف بالإنسان والتجني على الوطن والمواطن والرعية.

أتحفتنا كوابيس الليل هذه المرة بخبر يشرح بكل بساطة ودون الإفاضة في التعليل والتفسير حالة قوم وجماعة وأمة وهي ترزح تحت قيد الجور والامتهان واللامبالاة… يعرف عن الرئيس العراقي المخلوع أنه كان يعطي الأمر الأول بالقتل عندما يعرض لديه رجل مشكوك في ولائه ومتهم بالخيانة… ويُعدم الرجل! حتى إذا ثبت فيما بعد، وبعد اكتمال التحقيق أن المعدوم كان بريئا، أطلق عليه شهيــد الغضب!!!

وهذه الحادثة ليست منعزلة، فكم من الشهداء امتلأت بهم مقابرنا نتيجة نزوة حاكم وتزلف مسؤول وخيانة مأمور وغضب سلطان وصولجان؟ كم من بريء لا يكاد صوته يُسمع أو دموعه تكف وهو ينادي من وراء القضبان، من وراء العدم أنه مظلوم، كان ذنبه أن لا ذنب له، سوى أنه كان أن لا يجب أن يوجد في المكان الذي وقف فيه أو في الموطن الذي يحرم عليه ارتياده، كانت تهمته صوتا لا يجب أن يُسمع، ورأيا لا يجب أن يطَّلع عليه غيره!

شهداء الغضب في بلادنا كثير وسجناء النزوات والتحيلات والحسابات والمناورات داخل أوطاننا أكثر، حيث القانون الأعوج إن وجد، والقانون المتزلف والقانون المداهي… قانون الأسر والمكاسب… شهداء الغضب هي التعبيرة السوداء عن فقدان المؤسسة وغلبة جمهوريات الموز وعلو سلطة العبث.

ليست هذه الصور الحية الميتة في حاضرنا شواذا حملناها على حين غفلة من نهر هادئ يمر على مقربة من حينا، بل إن تاريخنا وإن حفل ببعض القبس المنير غير أن فلتات من هنا وهناك تثبت أن للجور أصولا وللظلم منابت وللعربدة والترويع منابع ومنازل، ولعل في الانحراف الأول الذي ولد الهرقلية وأدخلها تاريخنا عبر نزوة حاكم وتهيب فقيه وتزلف حاشية وصمت رعية، برر للظلم أن يثبت وللجور أن يتأصل وللمستبد أن يحكم ويستمر.

لما مات الحجاج بن يوسف وجد في سجنه ما يقارب 120 ألف سجين حسب بعض الروايات وأنه قتل مثلهم صبرا حسب الترمذي… حجاج الأمس كان واحدا وهو كثير وحجاج اليوم صور مستنسخة لهذا التاريخ الأسود في بعض معاقله… كم من ملك وسلطان وصاحب درة وهراوة غادرنا إلى ديار الخلود، فلما فتحنا سجونه قبل قصوره، وجدنا الظلام والأنين والظلم البواح، كم من رئيس رافقت جنازته الآلاف وبقي الآلاف في مقابر الأحياء، يترقبون حنين ثورة مباركة وحلم زعيم جديد، يفرغ ما ملأه الأول حتى يستطيع أن يملأه من جديد!

منجزات حكام الاستبداد سابقا ولاحقا تقاس بدرجات الأنين التي تصعد إلى عنان السماء من أقبية السجون، تقاس بمستوى صوت الأغلال التي تحملها أياد وأرجل شريفة، منجزات الاستبداد هي كتم الأصوات الحرة وضرب المواطنة السليمة والاستخفاف بحقوق الإنسان، منجزات الاستبداد هي فرق الموت وتشييد السجون والمعتقلات وكثرة الحرس والبوليس…

 ولنا في هذا سبق وطول عنق ودروس يمكن أن نقدمها لمن نقص زاده في العربدة والاستبداد… روت الصحف أخيرا دعوة الرئيس المصري مبارك رئيس روسيا فلاديمير بوتين إلى تمديد ولايته المنتهية سنة 2008 حسب الدستور الروسي، ولما لا بتنقيحه… ولنا في هذا جولات ومشاهد من جمهوريات ملكية ورئاسات مدى الحياة، واعتداءات مفضوحة على الدستور والقوانين،  نريد من خلالها إهداء النصيحة الشاذة و تصدير التخلف إلى من حولنا… تصدير السقوط والعدم.

شهداء الغضب شعوب بأكملها وقع إبعادها عن مسالك الحياة والوجود وإن كانت جفونها ترتعش وقلوبها تنبض، شعوب أحياء أموات تعيش على الهامش وعلى نزوات ومكرمات أفراد وأسر، يحكمونها بالدرة والعربدة والاستخفاف… شهداء الغضب هي أوطان ملقاة على أطراف الطريق تعيش التخلف والفقر والاستغلال والامتهان…!

شهداء الغضب هم شهداء التخلف هم شهداء غياب دولة المؤسسات وتفرد السلطة و اعتقال الوطن. هم شهادة دائمة منغصة على عصر سقطت فيه موازين العدل والقيم، غير أنها تطمح ولو من بعد الممات ومن وراء اللحود أن تعلن أن موتها لم يذهب هباءا، وأن سكونها لم يكن نهاية مطاف، وأن لكل ليل  فجر يترصده عن قرب، ولكل ظلام نور يسعى لمحوه وتجاوزه، ولو بعد حين…

 

 المصدر : موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي www.liqaa.net

 


 

بين المراجعة والأصولية.

 

     إنه في حين تقوم  الحرب على الإرهاب الإسلامي بصوت عال منذ البيت الأبيض حتى  الإعلام الرسمي بديارنا، يهمنا أن نعرف المحتوى القيمي الفلسفي الذي  تعتمده الدولة لتوجيه سلوك و تفكير أبنائنا عبر دروس التربية الإسلامية والتفكير الإسلامي. إنه في حين تواجه الدولة بالصوت العالي و العصا  الغليظة عددا  من  حركات الأصوليين  الجدد ، يبدو أنها ، بالصوت الهادئ  و عبر الخطاب الفكري الديني في برامج التربية و التفكير الإسلاميين، هي الناشر الأول و الأكبر للأصولية في الفكر و النفس.

هذا ما بدا  لي حين قرأت كتاب » التفكير الإسلامي » للسنة الثانية  من  التعليم الثانوي 2004-2005 . و هو كتاب موجه لتلاميذ في سن المراهقة و في مرحلة  الانتقال من سلطة آبائهم إلى مجال الحرية و المسؤولية.

    ينقسم الكتاب إلى مقدمة، و مدخل وهو المحور الأول و محورين يتناولان أهم القضايا المطروحة على الفكر السّياسي و الديني الإسلامي ثم محور رابع  للهدي القرآني و خامس للهدي النبوي.

 

  المقدّمة:

 

    إنّ أخطر ما جاء في مقدّمة الكتاب هو الحديث عن ضرورة « المراجعة الكبرى لموروثنا الثقافي » من أجل: »

  * بناء إنسان مؤمن متعقّل مطمئن النفس متوازن الشخصية..

  * الالتزام بالوضوح و الصراحة و الموضوعية في كلّ موقف، و الابتعاد عن الازدواجية و التملق و النفاق.

   * إعادة الاعتبار للعقل بما يمثله من منهجيّة و معرفة في سبيل الانخراط الجاد في مشروع التنمية الشاملة.

   * إعادة الاعتبار للإنسان القادر على الفعل و الإبداع و التجديد. »

     كلّ هذا الكلام جميل و لكنّ  الكتاب  برأيي يسعى  بالأساس إلى« تأكيد الانتماء… لدائرة  الثقافة الإسلامية » انتماءا أصوليّا يكرّر الإنتاج الكلامي للأشعري و الغزالي و محمّد عبده الخ… و لا يقدر على إنتاج مواطن « مسؤول و معاصر».

( كلّ الاستشهادات  هي من  مقدّمة  الكتاب)

 

  المحور الأوّل: المدخل:

 

    يحتوي المدخل على عدد من النصوص تهيّئ التلميذ للدخول إلى المحورين الثاني و الثالث اللذين يعتنيان بأهمّ القضايا الفكريّة المطروحة على عقل و ضمير التلميذ في محيطه الإسلامي الحالي. كيف يهيّئ أصحاب كتاب  » التفكير الإسلامي  » تلامذتنا لدخول غمار التفكير في هاته القضايا؟

    هم يضعون للعقل حدودا لا يجوز له تجاهلها، و للدّين أصولا حدّدها التراث الكلامي القديم، و للمذاهب الدينيّة سيّدا هو المذهب السنّي و للتفكير و البحث « علما » هو « علم الكلام »…

     يبدأ المدخل  بتوطئة نصّ لأحمد أمين  جاء فيها: « حدّد  عضد  الدين  الإيجابي  « علم الكلام » بقوله: «الكلام علم ُُيقتَدَر معه على إثبات العقائد الدينية بإيراد الحجج و إبعاد الشّبه…»…».

     و يبد أ نص أحمد أمين بالقول: «كثر البحث في العقائد في ذلك العصر(العصر العباسي الأول) و تشعب، واتخذ ألوانا جديدة لم تكن أيام النبي (ص) و لا الأولين من صحابته، و أخذت هذه العلوم تتركز  ليتكون منها علم جديد يساير سائر العلوم التي نشأت في هذا العصر، و هو »علم الكلام »…»       « علم الكلام » إذا يقدم في هذا الكتاب بلسان أحمد أمين على أنه علم مثل الفيزياء و الرياضيات… و أنه تركيز لهاته العلوم، وأنه بلسان عضد الدين الإيجي يقتدر معه على إثبات العقائد الدينيةَ !

     » علم الكلام  »  ليس علما كما توحي به ترجمة كلمة  »        سيانس     » الفرنسية إلى كلمة « علم » و إنما هو بتعبير آخر  » معلوم كلام » أو « إتقان كلام » . و سأحاول لتوضيح رأيي ترجمة  مقتطف  مما جاء  في  الموسوعة   »      إينيفرساليس  6      »  بعنوان   » علم  الكلام  » : << … بكلمة « علم  »  

 لا ينبغي أن نأخذ معاني البحث و الإكتشاف و استقلالية رأي  الباحث … وإنما  بالأحرى  مكتسبا  من  المعلومات   قائما  على  القبول   بمجموع المسلمات الإسلامية … و للمعتزلة قام وقتها خصوم هم « المتكلمون »: لاهوتيون ، أو مجادلون أصحاب أسلوب تقليدي  يستعملون  طرق  الفلسفة  اليونانية  ومفاهيمها وتصنيفاتها وجدلها  رغم   أنهم   ينكرون  إمكانية  الذهاب    بعيدا  باعتماد  العقل   لإثبات   الذات ،  ذات  الله… »                                                                                         

هكذا إذا « علم الكلام » ليس علما بمعنى أن الباحث فيه حر يبحث عن نتيجة ،عن حل لإشكال ما

و يقبل النتيجة التي يوصله إليها البحث ، وإنما هو ميدان يربد المشتغل فيه إثبات العقائد الدينية ، و قد لا يقدر على ذلك بعكس ما يدعيه  أصحاب الكتاب على لسان عضد الدين الإيجي . ولمزيد من إيضاح الفرق بين أسلوب « علم الكلام  » وأسلوب العلوم الحديثة ، أقدم للقارئ كلمات « ديكارت » عن الكون أو « المجال » فهو يقول : « …نحن نحمل عن المجال أفكارا واضحة و متباينة ، قابلة لأن ترتب  ترتيبا متماسكا خطوة خطوة مع المحافظة الدائمة على الوضوح ، و بإمكاننا استعادتها كلها عند المراجعة الشاملة … » (   نفس المصدر السابق ) . لو كان كلام  ديكارت هذا ينطبق على « علم الكلام » لكان المتكلمون متفقين ومتحدين مثلما يتفق علماء الفيزياء ..لكنهم من قديم إلى اليوم منقسمون ما بين : جبريين و قدريين ، أناس يقولون بأزلية القرآن و آخرون بخلقه ، هؤلاء يقولون بوجود الجن و أولائك ينكرونه  إلخ…                                                                                        

يريد أصحاب  كتاب  » التفكير الإسلامي »  من  مجموع  النصوص التي في مدخله  أن توجه

التلميذ والأستاذ بحيث يكون تناول النصوص اللاحقة تناولا سنيا في الأساس و كلاميا في الأسلوب وهذا يعني « أشعريا  » في جوهره  وشكله..و لعل أحسن شاهد علي ما أقول هو تناولهم لنص بعنوان « عقائد أهل السنة » للأشعري  حيث جاء ما يلي : »…أنا نقر بالله …و أن له وجها بلا كيف …وأن له يدين بلا كيف … وأن له عينا بلا كيف … وأن أحدا لا يستطيع أن يفعل شيئا قبل أن يفعله الله … و نقول  إن  كلام  الله  غير  مخلوق  ، إنه  لم  يخلق  شيئا  إلا  و قد  قال  له : كن  فيكون .. .

🙁

عديدة ضمن الفكر الإسلامي و الفلسفي . وهكذا تكون المحافظة  على منهج التقليد والجبرية  بعكس ما ذهبت إليه المقدمة من الإدعاء بالسعي إلى « مراجعة كبرى » . كما لا ينبغي أن ننسى أن الأشعري هذا هو الذي سيطر مذهبه وأقواله على الفكر الإسلامي  طيلة عصور الانحطاط من القرن العاشر إلى التاسع عشر .كان يجدر بكتاب « المراجعة الكبرى « أن يبحث في العلاقة بين انحطاط حال المسلمين وفكر الرجل . هكذا كان ينبغي الرد على أقوال الأشعري عوضا عن عرضها للإشهار أو المزايدة.                                                                                            

      المقولة المنقولة عن ابن خلدون   » العجز عن الإدراك إدراك  » عرضت هي أيضا للإشهار و المزايدة في الصفحة 20. مقولة العجز هذه لا معنى لها، بل كان ولا يزال  كل عجز بشري حافزا لمزيد البحث و للسعي لكسب انتصار جديد . وبهذه  المقولة  يكتمل الثلاثي الذي يهيئ التلميذ لتناول النصوص اللاحقة وما بها من إشكاليات  بالغة الخطورة : بالمنهج  الكلامي ، وأركان  فكر الأشعري ، ومقولة  ابن خلدون الداعية لضبط حدود للعقل واعتبار العجز انتصارا…                                                                                                         

                   المحور الثاني.                                                                                                  

 

   يبدأ المحور الثاني بثلاثة نصوص لمفكرين معاصرين عبروا عن اهتمامهم بنهضة شعوبهم . لكن سرعان ما تبتعد بنا النصوص اللاحقة عن فكر التجديد والإصلاح ، إلى أن ينتهي المحوران الثاني والثالث  بأربعة نصوص كلها للشيخ  محمد عبده . فالكتاب لا يأخذنا  من القديم ( محمد عبده ) نحو الحديث ( علي أومليل،علي المحافظة ، فتحي جدعان )، بل بالعكس تماما أي من حيث قناعاتنا العصرية التي أحدثتها النهضة وحركات التحرر إلى حيث الفكر التقليدي .                           

    هكذا في حين يبدأ المحور الأول بمثل قول علي أومليل ،  في الصفحة 45، بأن مفكري النهضة لن يستمروا في التعبير عن « إسلام عليه أن يرتد إلى ذاته لكشف الخلل و طلب الإصلاح  » و أنهم » سيدخلون الآخر ( بمعنى الحضارة و الحداثة ) كبعد أساسي في التصور « ، يرتد بنا الكتاب مع الشيخ محمد عبده ،  في آخر المحور الثالث بالصفحة 100 ، إلى القول بأن  » المسلمين لما كانوا علماء في دينهم كانوا علماء الكون و أئمة العالم  » ، وهذا يعني بالضبط عكس الكلام السابق لعلي أومليل .     

     النصوص  الثلاثة  الأولى إذا هي مثل القول  ب  » المراجعة  الكبرى  » لافتات  ملونة   لتمرير بضاعة مخالفة. وبعد تلك  النصوص الثلاثة  ينطق الكتاب في التعرض إلى أهم وأخطر القضايا من مثل قضية  أسباب تخلف المسلمين والمصلحة والشرع  والعقل والنقل ، إلخ…

 

  أسباب تخلف   المسلمين.                                                                                         

 

    هو عنوان نص لمصطفى فاضل باشا  يضع الإصبع على  الداء حين يقول : » نحن في عصر لا سؤدد فيه إلا لمن كبر عقله  وكثر علمه …الحرية  أول  مرب  للأمم… »، لكنه  سرعان ما يرتعش ويتردد فيواصل تقديم رأيه بلسان الأوروبيين : »يدعي الأوروبيون أن ضعفنا وانحطاطنا راجعان إلى شعبنا و ديننا » ،  ثم ينحدر مصطفى فاضل من القمة التي بلغها بكلامه  الأول  إلى حيث مذهب القدر والجبرية ذاته ، فيواصل القول : « أما ديننا  فلا فرق بينه و بين الأديان الأخرى في كونه خاضعا لما أراد  الله  فيه « . لكن الإسلام ليس مثل الأديان الأخرى  التي تأقلمت مع  الحداثة . فالكنيسة المسيحية التي أعلنت ،  في مقرراتها منذ القرن الثامن عشر، أن الزوج الذي  يجبر زوجته على ترك دينها أو دخول دينه هو،  سيحاكم  علنا ، ها ته  الكنيسة ليست كمراجع الدين الإسلامي الذين  يرفضون  حرية المعتقد ويرفضون حتى حق المرأة في المساواة في الإرث. والدين الإسلامي ليس « خاضعا لما أراد الله  فيه « إلا إذا اعتمدنا مذهب القضاء والجبرية  وقلنا أن  كل ما في  الإسلام  من  مذاهب  واختلافات وصراعات وامتناع غالبها عن « التحرير والتنوير »..كل ذلك من قضاء الله و أقداره.. كان ينبغي على كتاب التفكير الإسلامي أن يبحث في الإجابة على أسئلة مثل:                                                                                                     

– هل أن الفكر الإسلامي بنصوصه الأصلية سبب من أسباب تخلف المسلمين ؟                      

– هل أن الفقه الإسلامي ، بما أنه ترجمة تاريخية، لتلك النصوص الأصلية ، ويحمل سمات العصور التي أنجبته، هو الذي يمثل سببا من أسباب تخلف المسلمين   ؟                            

– هل أن الإسلام « خاضع لما أراد الله فيه  » بمعنى أن النصوص الأصلية والنصوص الفقهية اللاحقة كلها من إرادة الله بحيث أنه ليس لنا  أن نبحث عن أي مراجعة ؟                                   

– هل من الصواب أن ننكر للإسلام،  بنصوصه الأصلية  أو الفقهية ، أي دور في تخلف المسلمين ، حين نعلم  أن تلك  النصوص هي الأساس  الفكري والخلقي المعتمد  في الدولة  والمجتمع على  حد  سواء    ؟                                                                                                

المصلحة والشرع.

                                                                    

 

    إنها  قضية من  أهم قضايا  الإشكال  الفكري /الحضاري الذي يغمرنا في العالم الإسلامي . إنه حسب  تناولنا  للعلاقة  ما بين المصلحة والشرع  نكون  حداثيين مع النهضة والحضارة والحداثة أو أصوليين بهذا الحد أو ذاك من الحماسة والتعصب .                                      

                                                        

     هل نستطيع  التعرف على  المصلحة بذاتنا أم أنه لابد من  تحكيم  سيادة شرعية عند كل بحث ؟

 هل لنا الحق في السير نحو المصلحة والخير  اهتداء بالعقل والضمير ، أم أنه يجب علينا الإستشارة  قبل السير والطاعة من غير عصيان ؟                                                             

 

    جاء في حديث نبوي  رواه  مسلم ما يلي  » حدثنا قتيبة بن سعيد الثقفي  وأبو كامل الجحدري و تقاربا في اللفظ وهذا حديث قتيبة  قالا حدثنا أبو عوانة عن سماك  عن موسى بن طلحة عن أبيه  قال مررت مع رسول الله  ص  بقوم على رؤوس النخل فقال ما يصنع هؤلاء فقالوا يلقحونه  يجعلون الذكر في الأنثى  فتلقح فقال رسول الله ص ما أظن يغني ذلك شيئا  قال  فأخبروا  بذلك   فتركوه  فأخبر رسول الله ص بذلك  فقال إن كان ينفعهم ذلك فليصنعوه  فإني إنما ظننت ظنا… »  وجاء أيضا  » حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة و عمرو الناقد كلاهما عن الأسود بن عامر قال أبو بكر حدثنا أسود بن عامر حدثنا حماد بن سلمة عن هشام ابن عروة عن أبيه عن عائشة وعن ثابت عن أنس أن النبي ص مر بقوم يلقحون فقال لو لم تفعلوا لصلح قال فخرج شيصا فمر بهم فقال ما لنخلكم قالوا قلت  كذا و كذا  قال أنتم أعلم بأمر دنياكم « . لست  أقول أن أصحاب  كتاب « التفكير الإسلامي » يجهلون هذين  الحديثين وإنما لابد  من التأكيد على أن  النبي ذاته  وتبعا لفهمه للنص الديني  ظن أن التلقيح  لا لزوم له. وهذا  » التعارض  » ، الحاصل  بين النص الديني ممثلا  في موقف النبي ذاته  وبين  مصلحة  الناس ، لم يمنع  النبي من إصلاح  الوضع  واعتماد المصلحة قبل  النص  بقوله  الواضح  » إن  كان  ينفعهم  ذلك  فليصنعوه  » و » أنتم  أعلم  بأمور  دنياكم « .                                  

    هذا مثال من تاريخ النبي عن » تعارض » المصلحة وفقه الشرع ولعل وجود الناسخ والمنسوخ في الفقه والتفسير يوضح  أكثر إقرار غالب المسلمين  الأوائل  والفقهاء  بوجود  » تعارض » بين نص ديني سابق والمصلحة في وقت لاحق حيث ظهر نص ديني جديد وناسخ .                                

    نعود إلى كتاب « التفكير الإسلامي  » حيث ، في نص بعنوان « رعاية المصلحة  » لصاحبه : نجم الدين الطوفي ، يبدأ الكلام سليما . فقد جاء في الصفحة 50 : « أدلة رعاية المصلحة هي من الكتاب والسنة والإجماع و النظر… »كما جاء أيضا:  » …وإنما يدل على تقديم رعاية المصلحة على النصوص والإجماع على الوجه الذي ذكرناه وجوه… » . بعد هذا الكلام السليم والواضح ينقلب نجم الدين الطوفي إلى المواقع الأصولية الثابتة ، فيقول في آخر النص :  » أما كون ما ذكرناه عن رعاية المصالح تركا لأدلة الشرع بغيرها  فممنوع ، بل إنما تترك أدلته بدليل شرعي راجح عليها … » .        يعود الشرع إذا سلطة عليا فوق كل مصلحة وكل سلوك  بحيث لا ينبغي الإستدلال  بذات المصلحة وإنما بالدليل الشرعي ثم الدليل الشرعي الأرجح .ا.ا  . وينضاف هكذا إ شكال جديد هو الإشكال حول أرجحية هذا النص الديني وذاك . لا أظن أن الطوفي أو أصحاب الكتاب يجهلون كم حدث من خلاف حول إشكالات الأرجحية  وكم برزت من فرق دينية وكم سالت من دماء ، لاأظنهم  ينكرون أن الغلبة في تاريخنا الإسلامي كانت لمنطق القوة وأن قوة منطق إبن رشد والمعتزلة وفلاسفة المسلمين والعالم لاتزال تحت كلكل المنع والإخفاء.                                        

    إن كان الأشعري  يقول : « … أنا نقر بالله …وأن له وجها بلا كيف …وأن له عينا بلا كيف …وأن له يدين بلا كيف …وأن له عينا  بلا كيف … » أفلا يحق لنا أن نقول نحن : » تجب المساواة بين المرأة والرجل بلا كيف… وبين المسلم وغير المسلم بلا كيف …وبين السيد والعبد بلا كيف… » ألا نكون هكذا أقرب إلى سلوك نبي الإسلام حين قال:  » إن كان ينفعهم ذلك فليصنعوه « .                                                                                                    

     يتخذ الأصوليون ثلاثة مناهج لكي نرتدع عن السير نحو مصالحنا بعقولنا  وضمائرنا … بذواتنا …  بكفاءات العقل والحكمة البشريين لا بأوامر مرشد ديني يعتمد التقليد.                            

يتمثل المنهج الأول في اتهامنا بالقصور والعجز عن بلوغ مواقع المصلحة .                   

     ويتمثل المنهج  الثاني في إلزامنا  بالطاعة : فالخروج  من سلطة المرشد  الديني ودليله الشرعي « ممنوع  » إلا عند الدخول تحت سلطة مرشد ديني آخر ودليله الشرعي الآخر.                       

    أما المنهج  الثالث فيتمثل في مجهود كلامي من أجل حملنا على القبول بأنه لا يوجد تعارض بين الشرع  والمصلحة إطلاقا. وهذا هو المقصود حين استدل نجم الدين الطوفي  بقول النبي  » لا  ضرر ولا ضرار » في آخر النص ، وهو المقصود أيضا حين  يؤكد أصحاب الكتاب أن الحديث سابق الذكر صحيح.                                                                                               

أي الحديثين هو الصحيح ؟ حديث النخل  أم حديث  » لا ضرر و لا ضرار »؟                   

إن اختيار أصحاب كتاب  » التفكير الإسلامي »  إسناد صفة  » صحيح  » للحديث  الثاني و تجاهلهم للحديث الأول إنما يدلاننا على انتقائيتهم و أصولية مذهبهم .                                   

                                                  

 العقل والنقل.                                                                                                

 

     هل يتعارض  العقل مع النقل ؟ كيف العمل حين يحصل ذلك ؟                                       

     لا يتعرض كتاب « التفكير الإسلامي » إلى قول الشيخ محمد عبده  بالأخذ بما يدلنا  إليه العقل عند التعارض والإختلاف، وذلك رغم احتواء الكتاب على ستة نصوص للشيخ من مجموع ثلاثةوثلاثين . بل هم يعتمدون  على مذهبه الآخر  في التوفيق  بين العقل والنقل . فهم يقدمون في الصفحة 16 مثلا قول الشيخ : « بأن  كل نظر صحيح فهو مؤد إلى الإعتقاد بالله على ما وصفه بلا غلو في التجريد ولا دنو من التحديد « . وهذا يعني تصديق النقل القائل بأن لله يدا و عينا … وتصديق العقل القائل بتنزيهه عن هاته الصفات في نفس الوقت .                                       

يظهر نفس   المسعى التوفيقي بين العقل والنقل في توطئة النص  » علم التوحيد « . حيث جاء ،

وبالتركيز على كلمتي « علم  » و « علماء »  ، ما  يلي : « لذلك  كانت  الملاءمة بين  العقل والنقل من أبرز قضايا علم التوحيد الذي أنتجه علماء الكلام « . بل رجال الدين في لاهوتهم » التوحيدي » اشتغلوا بالسعي للملاءمة لأنهم  خيروا  إطلاق معنى كل منقول على احترام أي مذهب للعقل .     

    إن اعتماد   معنى الإحداث لأي واحدة  من  الآيات  القرآنية  يغني عن  البحث في انسجامها مع المصلحة و المعارف  العقلية  المعاصرة . يبقى للعقل دور للبحث في انسجام نص  الآية  مع أسباب وظروف نزولها . إنما يبدأ الإشكال عندما  نسند للآية معنى مطلقا : إما أن نمضي إلى يومنا هذا في القول بأن الأرض مبسوطة أو أن نكتشف في القرآن  آية ناسخة  لمعنى  البسط  أو أن  نغير التفسير فيعلن شيوخ جامع الأزهر مثلا  أن كلمة  » دحاها » ينبغي أن تفسر مستقبلا  ب(جعلها مثل الدحية التي هي البيضة )                                                                                      .

    إبن رشد يعطينا منهجا  عقليا آخر . فهو ينزه الله عن ألفاظ  القرآن حين يتعرض للآية  » ما كان لبشر أن يكلمه الله إلا  بوحي… » ويقول :  » فالوحي هو وقوع ذلك المعنى في نفس الموحى إليه بدون واسطة لفظ يخلقه ،بل بانكشاف ذلك المعنى له بفعل يفعله  في نفس المخاطب .. »  آراء ابن رشد كما آراء أهل العدل في مسألة العقل  والنقل  لا تعني أصحاب  الكتاب ، إنما تعنيهم  الملاءمة  بين العقل والنقل كأحد المناهج  لحل إشكال  ناتج  بالأساس  عن  مساعي إطلاق  معاني النص  القرآني ، تلك  المساعي  التي  يواصلونها  و يجددونها . هم ،  بتعبير آخر ، يبحثون  عن  حل لإشكال  من صنع  أيديهم.                                                                               

يتعرض الكتاب إلي نفس الإشكال في نص آخر بعنوان  »  العالم المجتهد و المقلد  » لصاحبه محمد بن علي الشوكاني . جاء في هذا النص :  » …فإنا لم نسمع بأن أهل مدينة من المدائن الإسلامية أجمعوا  أمرهم على ترك  التقليد  واتباع  الكتاب و السنة  لا في  هذا  العصر و لا  فيما تقدمه  من العصور بعد ظهور المذاهب … » . هكذا يظهر أن ترك التقليد يكون ، حسب صاحب النص ، با تباع  الكتاب و السنة . فما هو المقصود من  » اتباع الكتاب والسنة  » ؟ هل  يعني ذلك أن  نكون  من  أهل السنة ، أو أن نكون من  أهل  العقل  مثل  إبن رشد ومفكري  المعتزلة  المبدعين ؟  جواب أصحاب الكتاب معروف ،  فهم تجاهلوا كل حجج المعتزلة والفلاسفة المبدعين  في الفكر الإسلامي . لعله من المفيد هنا ، لكي نعرف موقع أهل السنة من سلوك  التقليد ، أن نتعرض لبعض ما جاء في الموسوعة العلمية  (   Universalis  )   عند تعريفها  للمذهب  السني :  » المذهب  السني ،  حسب  كتابات  « لاووست »، يعرف أولا  بالسلب ، بما هو رفض  للفرق  التي لاحظنا  بروزها ضمن تاريخ  الخلافة : من شيعة وخوارج  وجهمية  ومعتزلة … » . أهل  السنة  إذا  هم  أهل  المحافظة والتقليد الذين لم يبرزوا في تاريخ الخلافة إلا سلبا  بمعنى رد الفعل على الجديد والإبداع في السياسة والفكر.

                                                                         

أسلوب الحكم.                                                                                      

 

    يتضح نمط الحكم الذي يدعو له أصحاب كتاب  » التفكير الإسلامي  » في نص لابن   أبي الضياف ( صفحة 82)  حيث جاء :  » إنه لا استقرار ولا قوة ولا أمن إلا  بوجود حاكم عادل  مطاع  وقوانين منظمة  تكون أصولها شرعية  و وضعية … ». نظرية الحاكم العادل المطاع هي نفس  نظرية العادل المستبد التي ولى زمانها ، ونظرية  القوانين  ذات الأصول  الشرعية  والوضعية هي  تطبيق لنظرية التوفيق بين المصلحة والشرع الأصولية .                                          

    يصدر القانون الوضعي عن إرادة بشرية معلنة ، حين يقول الناس: هذه مصالحنا .. هكذا نريد.. ويصدر القانون الشرعي عن إرادة أصولية دينية تخفي طابعها البشري حين تقول : هذه إرادة الله… كيف سيحكم القانون  بين امرأة  تقول : أريد نفس نصيب  الرجل  في الإرث، وبين  الأصولي الذي يصرخ : أسكتي يا كافرة ولا تحللي ما حرم الله ؟ كيف سيحكم بين من يقول : أريد مواقيت واضحة لأيام  العطل  والأعياد  فإن  لي شؤونا صحية  وتجارية  لاتحتمل  الإنتظار  إلى آخر ساعة ، وبين الأصولي الذي سيصرخ : أسكت يا كافر فالله أمرنا بانتظار رؤية الهلال..؟ كتاب  » التفكير الإسلامي  » لا يجيب على مثل هذه التساؤلات . إنه يكتفي بالإشهار لنظرية التوفيق بين المصلحة والشرع ،بين العقل والنقل، وبين القانون الوضعي والقانون الشرعي. إن لم يكن يصنع الكارثة فهو يؤجلها : كارثة الصدام بين الإنسان الحر وبين الأصولي الآمر الناهي..، بين  مصلحة الإنسان و ذاته من جهة  وبين وعيه المشوه من جهة أخرى.                                  

    كل آيات الأحكام تقريبا، وهي التي يقع اعتمادها في الفقه والقانون  الشرعي ، هي  مدنية . وقد قال  الشيخ  محمود طه ، مفتي السودان ، إن ها ته  الآيات  المدنية  إنما هي  خاصة  بالوضع  في المدينة . أعدمته الدولة  المتخلفة في السودان  قبل أن تطا له  أيدي  الأصوليين ، سعيا منها  للإبقاء على الإشكال بين  القانون الوضعي  والقانون الشرعي .  كل الأصوليين ينفذون جرائمهم  باسم الدفاع عن الدين  لكنهم لا يجلبون  له الاحترام . احترام  النبي مثلا  يقتضي احترام خصوصية ما قام  به وما قاله . فإن هو عين  قائدا أو إماما فهو نبي وله الوحي يوجهه في الإختيار وفي إصلاح  أمر وسيرة من اختارهم  وعينهم . وحين كان يترجم الوحي إلي اللفظ القرآني ، وحين كان  يترجم  كلام الله  والنص القرآني الذي سبق  أن قاله إلى أوامر ونواه لكل ظرف وكل حادث وكل  حالة ، فإنما كان له الوحي رقيبا ومصلحا  ما كان  أمر به  و ما كان  نهى  عنه .لأجل هذا  لا يجوز، حسب رأيي، إخراج ما قاله النبي أو ما فعله  عن دائرة الخصوصية .                                                      

    إ ن صدق الباحث وكفاء ته الفكرية يتجليان من مقدرته  علي فهم وتوضيح  كيف أن ها ته الآية  أو هذا الأمر النبوي  تنسجم  مع خصوصية  النبي وخصوصية  الوضع وخصوصية الحادثة وكيف هي لا تنسجم مع الأوضاع والأحداث المخالفة. هكذا نترك للنبي ما هو للنبي احتراما له وحكمة منا .

    

إعجازالقرآن.                                                                                        

                                                                                      

     كل الأمم والشعوب المتقدمة والتي  تتحكم في مصيرها  ومصير العالم لا تستند  إلى نظرية  في  » إعجاز الإنجيل » أو »إعجاز العلم »… كل  كتاباتهم و نظرياتهم قابلة للبحث والتطوير .. لكن في بلادنا الإسلامية  المتخلفة  ما زال  الكثيرون  يرون لهم  فائدة في منطق الإعجاز والمعجزات .      مقولة الإعجاز القرآني ليست جديدة . فإن  كانت تنسجم مع اعتقادات الناس ومستوى معارفهم في السابق ، وهذا ما قد  يعلل  ظهورها ، فإنها  لم تعد  كذلك . ثم  ظهرت  محاولات  لإبراز أنماط  جدبدة  من الإعجاز ، كتلك  القائلة  بأن الإكتشافات العلمية الحديثة موجودة في النص القرآني ،والأخرى  القائلة بمعجزة  الرقم 19،  ثم  ها هو كتاب   » التفكير الإسلامي  »  يكتشف  معجزة   جديدة ، إنها  » قابليته ( القرآن) لتعدد الأفهام  ولمواكبة  تطور الواقع وحركة التاريخ « (صفحة 76- توطئة) . إنه الإنسجام الفاضح  في رفع  راية  المعجزة  والإعجاز  بين  أصحاب  كتاب  » التفكير الإسلامي  »  وسائر فرق الأصوليين والسلفيين.                                                           

كل نص ، مهما كان  مأتاه ومحتواه  قابل لتأويلات عديدة ومختلفة ، وحين يكون النص محكما

بحيث لا  يختلف    في فهمه  اثنان ، عندها  تحدث المعجزة . حتى  النصوص  في علوم   الفيزياء  والرياضيات  تتطور عبر العصور ، هكذا جاء  اينشتاين فأحدث  التغيير في فهم نصوص نيوتن في علم  الميكانيك  .                                                                                             

     الاختلاف في فهم نصوص القرآن شأن بشري ، وهو من طبيعة البشر وطبيعة الأمور، إنما الحكمة تقتضي منا أن نكتشف الفهم الذي يتماشى وينسجم مع مصالح الناس وينشر قيم التراحم والتحابب والسلم والحرية والمساواة بينهم ، والذي يحترم التراث في نفس الوقت بحيث لا يستعمله  بأي شكل من الأشكال كتعلة  للحروب والتباغض أو القمع والظلم . إن كان الأصوليون يجدون في حروف القرآن ما يختلف عن القيم الإنسانية المعاصرة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان فإن الحكمة تقتضي منا أن نعتبر بارتباط تلك الحروف بخصوصية النبوة وخصوصيات كل سبب من أسباب النزول. فهي غير صالحة لكل زمان ومكان وإنما الذي يبقى صالحا هو البراهين والقيم التي هي منبع الحروف و مبرر وجودها .                                                                         

 

نحن والغرب.                                                                                  

    في توطئة لنص بعنوان  » في نقد الفكر الإصلاحي  » يقدم أصحاب الكتاب رؤيتهم لعلاقة الحوار بين الشرق والغرب : « إن أهم المداخل في تحليل الرؤى أو التأليف بينها هو المنهج .ذلك أن التغاضي عن آلية  فكر ما  و بنيته  وتناوله بمناهج  لا تتفق معه تؤدي إلى نتائج غير علمية وغير موضوعية .وحوار الشرق والغرب لا بد أن تراعى فيه الخصوصيات المنهجية والمعرفية لكلا الثقافتين ». هل هو شرط  » العازب على الهجالة « ؟ يشترط أصحاب الكتاب إذا على الغرب  أن يراعي الخصوصيات المنهجية والمعرفية للثقافة الإسلامية. هم لايطلبون هنا  من مفكري الغرب  الإمتناع عن معاملة الثقافة الإسلامية بأسلوب العداء أو العنصرية .. وإنما بالإلتزام بخصوصياتها  المنهجبة والمعرفية . فما هي يا ترى هذه الخصوصيات ؟ يحملني الظن هنا إلى القول بأن أصحاب الكتاب يطلبون من مفكري الغرب أن يتبعوا منهجية  » المتكلمين » المسلمين المتمثلة  في  حصر إعمال العقل في إثبات الإعتقادات الدينية الإسلامية ، أويطلبون منهم  أن يصدقوا وينقلوا كل ما رواه النبي ، هم بالتالي يطالبون بترك المنهج العلمي الذي يكتشف آليات المنهج » الإسلامي » ولا يلتزم بها . لا أظن « الغرب » يتنازل إلى هذا الحد . لكنني أعتقد أن مطالب أصحاب الكتاب إنما تجهز الطريق للقطيعة وإلى العودة إلى « القيتو » الإسلامي الذي كنا نعيش فيه  قبل أن  يحطم  الاستعمار أبوابه وقبل أن تعطي حركات الإصلاح أكلها . فهل يعقل أن  تمثل تلك التوطئة  نقدا  إصلاحيا  للفكر الإصلاحي ؟ أم هي حرب ارتدادية ضد فكر الإصلاح ؟                                                                                                          

الطقوس واستقامة السلوك .                                                                  

    افتتح الفيلسوف « سبينوزا » عصر الأنوار ونهضة شعوب أوروبا بقولته الشهيرة : « إنما التقوى  هي : فعل  الخير  مع  الجار » .  فما هو  موقف  كتاب  » المراجعة الكبرى  » من  ها ته  المقولة   ؟

لا يتناول الكتاب مسألة الطقوس واستقامة السلوك بالوضوح  اللازم . لعلهم يعتبرون الأمر قد حسمته مقولة الأركان الخمسة : بمعنى أن الطقوس الخمسة ، بما هي أركان الإسلام ، تمثل الشرط الوحيد والكافي للاتصاف بصفة الإسلام ولا يمنع عنها الزنا ولا السرقة و لا يحول دونها الكذب ولا خيانة المؤتمن …                                                                                         

   وفي الصفحة 13 ضمن تعريف لكلمة « المرجئة  » جاء مديح لهذه الفرقة الدينية مبالغ فيه :  » كانوا مسالمين محايدين لا يكفرون أحدا  » . بل نحن أمام مجهود للإيحاء بصحة قول المرجئة بالتساهل مع السارق والكاذب والظالم…فمقولة المرجئة  تلك إنما تقدم وتهيئ لمقوتهم اللاحقة في التعريف :  » لا تضر مع الإيمان معصية ولا تنفع مع الكفر طاعة  » . فلماذا لا نقول: لا ينفع الإيمان ولا تأدية الطقوس مع سوء السلوك مع الغير ، مثلما قال سبينوزا ؟                                           

    اليوم يبدو أنه من حق أبنائنا أن يعرفوا تاريخ الطقوس الدينية: كيف ومتى ولماذا أثبتت؟ كيف  ومتى ولماذا أسبقت وغلبت على استقامة السلوك . وكتاب « المراجعة الكبرى » لا يقدم شيئا من هذا.                                                                                                    

 

خلق القرآن.                                                                                          

    لم يتعرض كتاب « التفكير الإسلامي » بالقدر اللازم لمقولة خلق القرآن رغم ما تحمله من معاني وما تتسم به من خطورة ضمن واقع ومصير الفكر الإسلامي والمسلمين عامة. لكنه جاء في الصفحة 23 عبر كلام لأبي الفتح  الشهرستاني  ما يلي : » لا  كلام في الأزل ،  وإنما  أمر ونهى  ، و وعد و أوعد  بكلام  محدث  فمن  نجا  فبفعله  استحق  الثواب ،  ومن خسر فبفعله  استوجب  العقاب ،

والعقل من حيث الحكمة يقتضي ذلك. » لعل أصحاب الكتاب لم ينتبهوا إلى خطورة النظرية التي جاءت في هاته الكلمات،إذ هي تختلف عن كل ما تتداوله الألسن والكتابات في عصرنا . وفسرت تلك النظرية في الصفحة 27 من الكتاب بما يلي :  » يرى المعتزلة أن القرآن مخلوق لأنهم ينفون صفة الكلام عن الله … » . فلماذا هذا التعريف المذل لنظرية خلق القرآن في حين أنها ، حسب كلام الشهرستاني:                                                                                        

                                                                                             

1- نظرية  أهل العدل : والعدل  بالمعنى المعتزلي هو الإنصاف  الإلهي ..من  نجى  فبفعله استحق الثواب ، ومن خسر فبفعله استوجب العقاب .                                                             

2- نظرية تستند إلى العقل بوضوح وصراحةوقبل كل شيء:والعقل من حيث الحكمة يقتضي ذلك ..                                                                                                     

3- نظرية  لا تعترف  بكلام في  الأزل أو منفصل عن الحدث والحالة : بل  محدث وبالتالي مخلوق  لكي يتطابق مع الحدث والحالة .                                                                               

    لن أطلب من القارئ أن يراجع الآية  » تبت يدا أبي لهب وتب… » لكي يختار بين القول بأزلية النص القرآني أو بخلقه ، لكنني أسأ ل عن  معنى الرهان  الذي  في الآية 81 من سورة النساء :  » أفلا يتدبرون القران و لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ». هل هذا الرهان يخاطب أناسا ماثلين أمام النبي لم يجدوا في القرآن « اختلافا كثيرا » ، أم هو يخاطب الناس إلى يومنا هذا؟ هل هو يراهن حتى اليوم مع كل الناس ، وها نحن نرى ونسمع العديدبن في العالم ممن يعلنون ما يجدونه من الإختلافات في القرآن بكل ما لديهم من ثقة في النفس والحجة ؟                          

 

الهدي القرآني .                                                                                         

   يقدم أصحاب كتاب  » التفكير الإسلامي » في آخره فصلين للهدي القرآني والهدي النبوي . سأتعرض فقط لتفسيرهم لكلمة  » فاسق » الواردة ضمن الآية السادسة من سورة الحجرات :  » يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم  فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين  » . لعلني أقدم مثالا على استعمال النص الديني ، وسوء احترامه، ولأجل نشر الحقد الديني ، تأسيسا للإرهاب ،عن وعي أو بدونه.                                                                      

    جاء في تفسير الطبري للآية السادسة من سورة الحجرات ما يلي:  » حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ )… حتى بلغ (بجهالة)  وهو أبن أبي معيط الوليد بن عقبة ، بعثه نبي الله ص مصدقا إلى بني المصطلق ، فلما أبصروه  أقبلوا نحوه ، فهابهم ، فرجع إلى رسول الله ص ، فأخبره أنهم قد ارتدوا عن الإسلام ، فبعث نبي الله ص خالد بن الوليد ، وأمره أن يتثبت ولا يعجل ، فانطلق حتى أتاهم ليلا ، فبعث عيونه ، فلما جاؤوا أخبروا خالدا أنهم متمسكون بالإسلام ، وسمعوا آذانهم وصلاتهم ، فلما أصبحوا أتاهم خالد ، فرأى الذي يعجبه ، فرجع إلى نبي الله ص، فأخبر الخبر، فأنزل الله عز وجل ما تسمعون ، … »

    هذا إذا ابن أبي معيط الوليد بن عقبة ، الذي هو محل ثقة النبي إلى الحد الذي جعله يكلفه بجمع صدقات بني المصطلق ، أخطأ أو خرج عن الصواب حين ظن أن بني المصطلق فد ارتدوا .أو لعله كذب متعمدا فخرج عن الصواب . هذا هو ما يفهم من تفسير المسلمين الأوائل .      لكن أصحاب  كتاب  » التفكير الإسلامي  » يفسرون كلمة « فاسق » ب  » الخارج عن حدود الدين « (صفحة 109). فما العلاقة بين الآية 6 من سورة الحجرات وهذا التفسير لكلمة « فاسق » ؟ لا علاقة طبعا سوى أن أصحاب الكتاب أرادوا شحن عقول وأنفس أبنائنا بالحقد الديني ضد كل من هو خارج  أو يتهم بالخروج عن الدين الإسلامي وقناعاتهم المذهبية . يريدون القول أو الإيحاء ب » إبتعدوا عن هؤلاء الخارجين عن ملتكم ، عن جماعتكم، ولا تصدقوهم .. تبينوا من أقوالهم … »

    لا يخفى، طبعا، على علم أصحاب الكتاب الخلاف التاريخي الذي  حصل بين المذاهب الإسلامية حول منزلة  » الفاسق » . فالفاسق وهو  » مرتكب الكبيرة » يعتبره البعض كافرا ، في حين يعتبره آخرون في منزلة بين  المنزلتين : لا هو  بالكافر ولا هو بالمؤمن. يعود السؤال إذا :  من  أين جاء أصحاب الكتاب  بتفسيرهم لكلمة  » فاسق » ؟ لعله من كتابات  الأشعري أو الغزالي اللاحقة..ولأي غاية اختاروا تفسيرهم للكلمة؟ هل اختاروا من  أجل  نشر قيم التحا بب بين  المواطنين  أم هم ، تقليدا و أصولية ، يعيدون إنتاج الحقد الديني وشحنه ؟            

الخاتمة .                            

    إنه كلما تكلم المرء في مجتمعنا الإسلامي وسط العقول المشحونة بتوجيهات دروس التربية الإسلامية و  » التفكير  » الإسلامي و المحرومة من تذوق طعم التفكير والفلسفة والبحث عن الحقيقة و الحق ، كلما وقع الكلام بمنطق العقل الحر و العلم الحديث و كلما وقع اعتماد التحليل الموضوعي التاريخي ، إلا وانطلقت صيحات الأصوليين تطالب باحترام الدين والتراث… فهل يحصل احترام للتراث حين يصبح مطية للكسب السياسي ، ولإعادة إنتاج أفكار ومنظومات إيديولوجية تجاوزها العصر؟ هل يحصل احترام للتراث بدون احترام الإنسان وحريته في التفكير ، أو بدون احترام قيم الحرية والمسا واة التي صارت معلنة كونيا ؟ هل يحصل احترام التراث حين تدرس مدارسنا كل الأديان وكل مذاهب الدين الإسلامي بأسلوب الحياد ، أم حين تشحن الأدمغة بمذهب مختار من بين  مذاهب دين الدولة هو مذهب الأشعري السني- الكلامي  ؟ استعمال التراث الإسلامي كان ولا يزال أسلوبا سائدا في عالمنا الإسلامي المتخلف ، واحترامه  لن يحصل إلا بعد انعتاق الإنسان عندنا و بعد دخولنا إلى عالم الحرية والعقل والحداثة وكنتيجة  لهذا الحدث.                                      

 

                     زهير الشرفي.تونس 2005


 

ســواك حــار (8)

 

هل تجهل الدكتورة (رجاء بن سلامة) أن مشايخنا المتنورين هم متشبعون بالعلوم الفقهية الصحيحة، ولا يفقهون العلوم الإنسانية النسبية ؟ (بسام خلف: تونس نيوز)

وهل يجهل « المتفلسف » بهذه الكلمات أن الفقهاء هم الذين شرحوا الفلسفة اليونانية ونقلوها لأساتذته الغربيين بعد أن طوروها! وعلى رأس هؤلاء الفقهاء الفقيه الفيلسوف ابن رشد صاحب الموسوعة الفقهية « البداية والنهاية » الذي يُعرف بشارح أرسطو!

 

وأخيرا هل تجهل الدكتورة، و هي الأستاذة الجامعية، أنه(ا) أمام طلبة مبتدئين يجب تبسيط المفاهيم وشرحها (مفهوم الأسطورة، المخيال، الرمز ….) قبل الغوص في التحليل؟ (بسام خلف: تونس نيوز)

وهل يجهل عبد الباقي خليفة أنه أمام « عمالقة » في الإغتراب لا يفهمون الفرق بين الفقه والجرح والتعديل وكل العلوم الإسلامية عندهم تسمى فقها؟؟!!  

قال لها الله: (أين؟؟) « يا حواء, أنت التي غررت عبدي، فانك لا تحملين حملا إلا حملته كرها، فإذا أردت أن تضعي ما في بطنك أشرفت على الموت مرارا ». و في رواية أخرى قال لها الله: (أين؟؟) « فان لها علي أن أدميها (أجعلها تنزف دما) في كل شهر مرة، كما أدميت الشجرة، وأن أجعلها سفيهة فقد كنت خلقتها حليمة، وأن أجعلها تحمل كرها و تضع كرها، فقد كنت جعلتها تحمل يسرا و تضع يسرا ».(بسام خلف: تونس نيوز)

 

كان على السيد عبد الباقي خليفة أن يتبحر في علوم الإنجيل والإسرائيليات لأن القوم لا يعرفون غيرها ويحمّلون الإسلام أخطاءها وتحريفها! أيها الناطق المُرَقّشُ عنّا** عند « رجاء » وهل لذاك بقاء؟ (البيت بتصرف للحارث بن حلزة، والمرقش هو المزين بالباطل)

 

تعقد جمعية القضاة غدا الأحد 3 ديسمبر بدار القضاة بالعاصمة مؤتمرها الذي ستتمخض عنه الهيئة الجديدة للقضاة، فهل سيجدد القضاة ثقتهم في السيد خالد عباس كرئيس للهيئة خاصة وأن بعض المترشحين قد سحبوا ترشحاتهم أم أن لصندوق الاقتراع رأي آخـر؟ ( « الوحدة » 2 ديسمبر)

ستكون سنّة سيئة إذا مُنح صندوق الإقتراع حق تغيير الرؤساء والزعماء يقع وزرها على من عمل بها أو دعا لها!!  

و خلافا للمؤتمرات السابقة للقضاة و التي شهدت حراكا كبيرا تجسم في اتساع دائرة الحملات الإنتخابية وتنوع البرامج و الرهانات المطروحة و المتابعة الإعلامية المكثفة فإن هذا المؤتمر اتسم بغياب أي مظهر من مظاهر المنافسة و بلا مبالاة كبيرة من جمهور القضاة. و قد فسر البعض ذلك بحالة الإحباط التي تشعر بها شريحة من القضاة بعد عملية الانقلاب (قاضي مستقل: موقع الحزب الديمقراطي  التقدمي 30.11)

الحالة عامة والمصيبة إذا عمت خفت!!

 

و يتحدث القضاة في مجالسهم الخاصة عن حملة تشن ضد الرئيس الحالي عباس بواسطة مجموعة من القضاة من أعضاء المكتب التنفيذي المنصب و هي نفس المجموعة التي انشقت عن المكتب التنفيذي الشرعي و ساهمت في الانقلاب على الهيئة الشرعية.(قاضي مستقل:موقع الحزب الد التقد30.11)

كثر الحديث مؤخرا عن الإنشقاقات والإنقلابات في كثير من الجمعيات والهيئات، لعل الأمر صورة مصغرة لما يُطبخ في الأعلى؟! ربي يستر!!

 

ثانيا: تنامي العقلية الانتهازية و الوصولية لتحقيق مآرب شخصية لدى شريحة كبيرة من القضاة حتى أن البعض أصبح يتحدث عن ثقافة جديدة في عقلية القضاة التونسيين تقوم على الولاءات الشخصية و الالتباس بالسلطة. (قاضي مستقل:موقع الحزب الد التقد30.11)

« إلّي خاف نجى » وعاش من عرف قدره ووقف دونه!! وعين الحكمة أن يأوي الضعيف إلى ركن « شديد »!

 

وعدنا رئيس الدولة برفع المظلمة عن كل الطلبة برفع تجميد المنحة وعدم طرد الطلبة من المبيت وايقاف التتبعات في حق مناضلي الاتحاد وعودة حرية العمل النقابي والسياسي بالجامعة.(عبد اللطيف المكي « الفجر »21افريل1990) وقد وفى حرّ ما وعد، ورفع تكاليف المؤونة والمبيت عن الطلبة ووفرها لهم في السجن أو أراحهم منها في المقابر!! الى برنامج في الصميم: بالرغم من انني من خلفية مسلمة ولكنني أتوق اٍلى المسيح ولكن للأسف لا يوجد من يرشدني ويعلمني وأرجو ان اجد في برنامجكم هذا منفذاً ومخرجاً يعينني. « نزار من تونس. قناة الحياة المسيحية  » برنامج في الصميم » هذه محاولة « حرقان » على « ظهر » المسيح ويبدو أن صاحبها يخشى البحر ولا يجيد السباحة!!  

ينقص التلفزيون التونسي التعويل على كفاءات شبابية، في ظل وجود الشيخوخة والأفكار القديمة المعششة داخل هذا الجهاز فلن يحدث أي تغيير. فللأسف الشديد هناك أفكار قديمة تعشق الروتين، « ناس عايشة على حكاية الـ 15 بيضة بـ 50 قرشاً « . مريم بنت حسين منشطة بالتلفزة التونسية (موقع ديوان العرب 4 ديسمبر2006.12.04 ) ولو أصبح المشرفون على « تلفزتنا » من جماعة البيضة بدينار ماحُلت المشكلة! فلا ينفع التشبيب ما أفسده التمعش والسياسة!! وسائل الإعلام التونسية أثنت على تواضع هيفاء ورقيّها الكبير في التعامل مع محبيها، إضافة الى الكاريزما الخاصة التي تمتلكها، واصفةً إياها بالنجمة الساحرة والملكة وغيرها الكثير من الألقاب والتعابير التي تلقّفتها هيفاء بكل فخر واعتزاز وسعادة، مؤكدة انها لم تكن تتوقع هذا الكمّ الهائل من الحضور …الجمهور الذي غصّت به مدرجات قرطاج، غنى أكثر من هيفاء نفسها، وبدا متفاعلاً بشكل لا يوصف معها ومع أغنياتها القديمة والجديدة، وعبّر على طريقته الخاصة عن حبه الكبير لهذه الفنانة التي أسرت قلوب الحاضرين، مردداً (أي الجمهور) أغنياتها طوال الوقت ما دفع أحد الصحفيين التونسيين الى التعليق قائلاً: « هذا الحفل ضمّ شخصاً واحداً من الحضور، و13 الف مطرباً موقع ديوان العرب « . الخميس 3/8/2006 إنها هيفاء وما أدراك ما هيفاء على وزن غُثاء وجُفاء « وأما الزبد فيذهب جُفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض »! والحق أنني لا أعرف هيفاء فأنا من جماعة « الـ 15 بيضة بـ 50 قرشاً « !! من ذلك أن فنانة تونسية هي أمينة فاخت لم تصبح فنانة تحصل على دعم مالي مذهل من الوزارة إلاّ عندما صارت تشكل بامتياز صورة الفنانة التي تؤدي أغاني المزود والأغاني السوقية الفجة… …والخلاصة أن القطاع الموسيقي صار في معظم نشاطه قطاع مزود من ناحية وقطاع « شطيح ورديح » ونهود مكشوفة وأصوات مذبوحة تونسية وأجنبية. (موقع كلمة تونس)

ما له المزود؟ أليس من تقاليدنا الأصيلة وأذواقنا التونسية الرفيعة ونحن في عصر المحافظة على هويتنا ومحاربة المستورد؟؟ ما حيرني كيف تحولت أمينة من ثائرة تدعو للكتابة على الجدران والإلتحاق بالإخوان بأغنيتها « أكتب على الجدران كل العرب إخوان » إلى مزاودية!! … و لعل الكلام الفاحش الذي يمارسه الجمهور بصفة مفزعة في ملاعب كرة القدم هو، في مستوى معين، تعويض عن حق التظاهر و الاحتجاج في الشارع . فالكلام البذيء و سبّ الجلالة يندرج ضمن العنف اللفظي و مهاجمة الآخر و استفزازه و إهانته … فكأنما المجتمع ، حينما لا يستطيع أن يواجه قمع السلطة و يحاربه و يفرّغ العنف و الغضب و عدم الرضى الذي يشعر به في قنوات شرعية مثل الحوار و النقد وحرية اختيار ممثليه و إزاحتهم و التظاهر و التنظيم في أحزاب و جمعيات ضغط… ينقلب على نفسه ، و يتآكل من الداخل و يصبح العنف وسيلة للتخاطب اليومي بين أفراده و تتحول العلاقات السلطوية في أعلى الهرم إلى أسفل القاعدة حسب السن و الجنس و المال و المنصب والشهادة. (دراسة سوسيولوجية حول تنامي ظاهرة الكلام البذي في تونس)

إذا كان هذا التفسير السوسيولوجي صحيحا فمن يفسر لنا بذاءة هرم السلطة وكبار مسؤوليه؟؟ أم لعلها خطة تجفيف الينابيع قد أصابتهم قبل غيرهم!

 

ســـواك: صــابر التونسي

 

 

فرنسا تغرق الولايات المتحدة الأمريكية حيثما تحركت..وتقتل الحرية حيثما تكوّن جنينها.

 

 

حسين المحمدي تونس

 

…ومات السماسرة…ويموتون…الحرية تتقدّم…الأزمات فرص ومصائب…

 

.لماذاهذاالعنوان؟أليس فيه تجنياعلى فرنسا؟ماهي مضامين الفكرةأوالأفكارالأساسيةلهذاالعنوان؟هل هناك أمثلة حية وحديثة تؤشّر إلى هذا؟وما علاقة هذا بلبنان؟

 

اولا

الإطار العام للعنوان ولماذا التركيز على فرنسا ومن جلبت إليها؟

 

.منذ عهود والسلطات العربية النتنة إلى النخاع ماليا وعلاقاتيا وأخلاقيا وهي قابعة وتقبع على رقابنا بفضل فرنسا وايطاليا واسبانيا وبدرجة اقل بلجيكا وهذا جنوب المتوسط.وفي حماية معلنة

من هؤلاء على الرغم من مئات آلاف الضحايا ومن كل المرجعيات الفكرية والسياسية والمجتمعية.

.صرخنا وكتبنا وكان دائما بالمرصاد شيراك ووزراء أولين في كل من ايطاليا واسبانيا هناك لطمس صناعات الموت والدمار وإظهار ذلك حكمة وعبقرية ونجاحات.

 

.يتجسم هذا اليوم ونحن نودّع عام2006 وعمليا من خلال توجيه وزيرخارجية سلطة تونس’علما

وان الرجل بالذات هوأب الإعلام في تونس منذما قبل1987ولغايةاليوم وطبعا إضافة إلى الخارجية منذ سنتين’والإعلام عندنا هو تحريضي وهو من صنع ويصنع الموت والقتل والنقمة بصفة منتظمة

وهو من يذكرنابموت إخوة لنافي العراق وبضرورةالذهاب للدفاع عنهم وإنقاذرجال النظام السابقين من العذاب والمحاكمة(هذاكله حرفياموثق.وهو من انتاج رجال أمريكا وفرنسا واليهودوالويل لمن

يقترب منهم.وحديث عن الموت والإرهاب؟)..الرجل وهو بهذه الذهنية والمواصفات يتوجه إلى بيروت؟حاملا معه الحكمة والعقل والتعقل والمبادرات؟نعم المبادرات ونحن في تونس نقتل؟.

 

.الرجل بدون حياء ومعه من يقف وراءه يرسلونه إلى لبنان الذي عرف الحرية والانتخابات الصحيحة وممارسة المواطنة والعيش المشترك..وهو من لم يعرف أبدا المواطنة والمشاركة والانتخابات ولمرة واحدة في حياته تسجيل ناخبين حقيقيين وعملية صحيحة.وزير هو تحديدا يكفر بالمواطن والحرية والشفافية ولا يعرف غير السباب المقرف وثقافة التدمير وصناعات الموت

والكفر بثقافة المؤسسات والقانون.الرجل يتحول للتوسط في نزاع دستوري؟سياسي؟علاقاتي؟وهو يكفر بكل هذا.في لبنان هناك صراع قيمي.ووزيرنا لا يعرف هذه القيم مطلقا حاله حال أبو الغيط

وغيره.

 

.هذا هو الخراب بعينه والإفلاس والعجز وفقدان الأمل والثقة بالمستقبل.انه ضحك على الحرية زمن نفقات رهيبة من اجلها أمريكيا وموت رجال من اجلها.لماذا كل هذا إذن؟لينظر كل واحد عبر الانترنات(سنعود إليه)إلى صحافة تونس.إنها المعرة العربية حالها حال سلطتها.ما قالته هذه الصحافة المسيرة والمستنجبة رجالها من السلطة حال كل القطاعات الأخرى حول الحكومة اللبنانية الحالية والانتخابات اللبنانية التي جرت في2005 وحول المعارضة وحول من اغتال الحريري وكل الاغتيالات واخزها اغتيال الوزير الجميل…كلها إرهاب وحث عليه وتمزيق بين اللبنانيين.ومن الغد

الذهاب اليهم في وساطة؟هذه مسخرة ولعب بالبشر وبؤس.

 

.وهناأفضل تدليل على قولي هذاوعلى العنوان المختارهوماجاء من مصر(وهي حليفة قوية

لسلطة الكذب في تونس)يوم الاثنين 4ديسمبر2006.حول اكتشاف مجموعة تجند مقاتلين في محاولة لتوجيههم إلى العراق لقتل الأمريكان والعراقيين الساعين للحرية.تقريبا في كل مرة اكتشفت بهاهكذا مجموعات إلا وكان التونسيون زعماء ومن مواليد بداية الثمانينات يعني أولاد العهد السعيد ورجال الغرب…شاه مسعود..تفجيرات مدريد..مقتل أطواربهجت..تفجيرالمرقدين..هذاماوصلنا أماّ

ما جرى التستر عليه كبير وكبير جدا لكن نعلمه أشخاصا ومكانا.أمور خطيرة غربيون يتسترون على الأسباب الحقيقية لموت ناخبيهم وأولادهم؟من اجل ماذا؟العفن والفساد.سنعود هنا..

 

.سلطة تنهب وتنهب وتصنع الموت وتتاجر به وفي حماية من أي عقاب؟إنهاالأمم المتحدة.انه مجلس الأمن.إنها هيومن رايس وتش.إنها وزارات الخارجية الغربية’دعنا من العرب المتخلفين’

إنها فضائيات تعيسة تتاجر بالقيم وتستنجب هذا التعيس وذاك البائس (على فكرة كلهم دكاترة

ومن رجال حقوق الإنسان ومن المناضلين من اجل الحرية وضد الطغيان؟).هذه السلطة وضعنا ما تفعله بالوثيقة وبما هو منشور منها للعموم وفي كل المجالات أمام هؤلاء جميعا وكان الإصرار على حماية الفساد وإخراجه كحكمة.ومن يتكلم؟ ومثل حي سنراه يوم 8ديسمبر المقبل وأمام العالم يتكرر هذا منذ 8ديسمبر1993.

 

.نهب ونهب بالتجنيد والإكراه عبر مؤسسات وهياكل الدولة.ومن لا يدفع خائن ومجرم ويصبح

محل مراقبة ومتابعة واضطهاد.كل رئيس مؤسسة مطالب بتجنيد مرؤوسيه وبمبالغ مالية تحددها السلطة.نعم.وهنا كل عامل في القطاع الخاص مؤجره يسدد عليه(منه)دينارين شهرياولنا600عامل أي شهريامليار و200الف دينارأي سنويا حوالي 15مليار.ذات الأمر بالنسبةللوظيفة العمومية (400الف.رقم قدمه زهير المظفر)وهنا المبالغ وحدها تتجاوز 16مليارا فقط يوم 8ديسمبر من كل سنة دون مساهمات رجال الأعمال والمال وهي واسعة والهبات والعطايا من الداخل ومن الخارج.

 

إلى جانب أن الوزارات والمؤسسات الخدماتية هي من يتولى إنجاز تقريبا كل شيء ومن الطبيعي على حسابنا وعلى حساب نوعية البناءات ولنا العرض بإقامة النخيل وبكل الاقامات…من هنا خرج

الإرهاب ومن هنا ستخرج كل العفاريت بفضل من حمى ويحمي الكذب والفساد.ومن هنا سيصبح يوما الليبراليون إرهابيون ومن الحاقدين على الغرب.ليبراليون يحكمون بالعفن والمتعفنين يذبحون من فيه رائحة الليبرالية.؟

 

.هذا الغرب عبر توسيط وزير خارجية سلطة تونس في لبنان؟عوض محاكمته على إعلامه المقرف

وتزويره والتغني بالفساد والكذب نجده أي الغرب طمس فوز المستقلين في موريتانيا؟والحديث عن نجاح لانتخابات وفي بلد فقير ومتخلف وقبلي كما تقول السلطات العربية كلها حول موريتانيا؟

وقعت انتخابات صحيحة وفاز موريتاني مكان ولم تكن نهاية العالم.طمس الغرب هذا.لا يريد الحديث عن مستقلين.لأنه يريد الحاكم المتعفن أو في أتعس الحالات تعيس من حزب ربما أتعس من الحاكم السابق.هذا توثيق وحقائق.

 

.من يحكم موريتانيا منذ سنة فقط هوعسكري جاء عبر دبابة.وحضرت لديه إرادة التغيير فكان ذلك.

لم يفعل مسرحية مثل رجال سلطة تونس.تقرير طبي وفصل57ومشروع مجتمعي بافسد العباد سياسيا وماليا وعلاقاتيا ومنذ 20سنة.مات مشروع الشرق الأوسط ومات ما جاء بعده بفضل

الخصوصية؟(فساد ورشوة وتزوير).وهنا قالت انتخابات موريتانيا بان الفوضى والدمار حيثما حصل عربيا هو من انتاج الحاكم وليس المعارضة.هاهو حاكم موريتانيا عندما كان صادقا لم يحدث أي شيء.إذن الفوضى الاهها الحاكم الفاسد.ولهذا غاب الحديث عن الانتخابات وخاصة عن نجاح المستقلين خوفا على أحزاب الكتاكيت والحاج منشة.نفخ في تفاهات ومن غرب زمن حديثه عن الحرية؟من هنا رأيت العنوان.

 

.في موريتانيا وضع عسكري أسس مؤسسات ودولة لان المواطن شارك.فهو من يصنع هذا ومن يعطي المضمون للمؤسسات والدولة ومن هو يقدس هذه المضامين.الفضائيات المستقلة؟والتي هي

الحرية والديمقراطية والدين والأخلاق(يا كريشان ويا منصور ويا قاسم ويا حرب ويا تميمي ويا عربية ويا مستقلة ويا……انتخابات موريتانيا عرت ما تبقى لكم…)أين انتم من الحديث عن هذا؟

وهل من قبيل الصدف أن تتحدث الفضائيات العربية والأخرى المتواجدة في الغرب والغربية

بنفس اللغة والمضمون والإخراج حول نجاح المستقلين؟إنها الاستقلالية.وجب أن نصنع الإرهاب

لمحاربته لاحقا.يعني أن نتقاتل لصالح الفساد والعطش الأخلاقي والمالي؟عفوا كل الإعلاميين والمحللين من أصحاب الدكتوراه.

 

.من هناجاءت أفكارالعنوان.ومن هنارايت من العارعلى عون وبري والحريري وكل إنسان له

 ذرة من الوعي(حكما وموالاة) استقبال وزير خارجية سلطة تونس وهو كما قدمنا.انه تقزيم لكم جميعا.وضحك عليكم وعلى نضالاتكم.من لا يجد به أبناء بلده الرحمة والخير لا يمكنه أن يفيدكم

غاية ما في الامرمن أرسله يريد البحث عن بالونة أكسجين لسلطة باركة حتى تتنفس بها وقد تغني بها داخليا.انظروا كيف يتاجر هذا وذاك بموت أبنائكم وبمستقبل الشعوب.انتم ونحن من يمنحهم

الحياة.نحن نكتب إلى حد اليوم.وانتم ردوا كل تعيس على أعقابه فلا يجد الغرب فيهم منفعة وحاجة ومن هنا يبدأ التغيير.

 

.وهنا انتظر إمساك الديمقراطيين برئاسة اللجان لنكتب اليهم من موقع جديد.أمس هم خارج إطار الفعل.وجاء بهم الناخب من اجل الفعل.حول برامجهم وعملهم للحرية والليبرالية ومساعدتنا على التغيير عبر الوسائل المدنية.واصلا مواقفهم من الطغيان ومن رجاله والأسباب الحقيقية للإرهاب

في كلمة هل يرى الديمقراطي وهو يستعد لانتخابات2008 رجال التزوير العرب رجال حرية؟

وكيف السبيل لعمل هادئ باتجاه الحرية؟هناك ما تحقق ولو كان بسيطا.كيف نتقدم؟وهذه الأسئلة

تتوجه أيضا إلى السفير الجديد للولايات المتحدة الأمريكية المعتمد بتونس مع تحية للسفير الذي غادرنا في جويلية الماضي….وأمر الآن إلى المثل الثاني الحي الدال على إفلاس شيراك…

 

ثانيا

 

 الإطارالخاص للعنوان…لبنان…الحل يكون لبنانيا وليس من رجال العجز..هناأقول لعون ولنصرالله ..الحديث مع فلتمان هوالحل مهماكانت الصيغة..العرب مرتاحون للوضعيةوليس العكس….يبررون الجمود والعفن لديهم بما يجري عندكم….انتبهوا جيدا.لهذا قلت تحادثوا مع فلتمان…عقول العرب

عليكم وليست معكم.انتم خبزة لعدد من التافهين نزلت من السماء.اثبتوا العكس.

 

 

لبنان دولةديمقراطيةمتعددةالطوائف.أضاء هذاالحجم الجغرافي الصغيرعلى العالم بأدبائه وحيويته

وتقدمية مفكريه وتنوع أديانهم وعيشهم وعاداتهم وتقاليدهم وذلك على مر التاريخ.تحمل لبنان أوزاروأحلام وكذب وطموحات وشطحات عربيةاختلفت أسماء وتوجهات من فترة لأخرى.

ولكنها كلها أجمعت دون قصد أو به على أن يكون حلبة صراع ومصارعة.

 

.القضيةالفلسطينيةكانت الحاضرالغائب.الأرض اللبنانية الضيقة احتضنت معاركها وسلاحها.ورغم

تدميرها ظلت الأرض والإنسان هناك محتضنا ومتحملا شقاوة الشقيق.من هنا وقف تاجر ومن هناك وقف لبنان الجريح فاتحا القلب واليدين والعيون والأكف ليعطي ما يملك مساعدة للأهل.

 

المتاجر لم يكتفي بالصراخ والنباح والمزايدة بل بإفساد كل جميل طالما الأمر يحدث على غير أرضه.بل يشعل النار ويقدم نفسه الطبيب المداوي؟وهنا في كل أزمة تتفجر قريحة مبارك مصر؟

ولكن داخل مصرالفساد والتزوير والكذب.وخارجه الرجل يبيع الحكمة والنصيحة وسداد الرأي؟

ماهذا؟أليس من هنامرويمرالارهاب والموت؟

 

.استطاعت الجغرافيةاللبنانيةالصغيرةجداأن تستوعب كل هذا وان تتحمل الخير والشرعلى امتداد عقود.كان من الطبيعي أن تفرز هذه الأوضاع من يستفيد منها ومن يقرؤها جيدا.ورأيت بأم عيني في سبتمبر1982 الكثير من اللبنانيين يبكون صبرا وشاتيلا ويعلقون الصور على أبواب كل غرفة بالمدينةالجامعية.ويحدثون من يعترضهم ويقولون له ..هذاماينتظرأولادك غدا..بل علقوا هذه الكلمات تقريبا على باب غرفة كل طالب.

 

.شخصيا خالطت الكثير منهم.وجلهم اليوم مسئولين سياسيين في الموالاة والمعارضة وخاصة بمجلس النواب.يعني موالاة ومعارضة ولدوا من رحم الأزمات.ومع التقدم في العمر صار كل واحد

ينظر…ولكن الأصل والمنطلق كان رفض للفساد والعجز العربي ودخول وخروج اسرائيل من والى لبنان.

 

.هنا كانت أمل(قبل1982)وكان من رحمها حزب الله.وجمع الاتفاق المبدئي بين الاثنين بين التعبير

عن تطلعات شيعية لا داخل لبنان فحسب بل عربيا وبالمثل إسلاميا إلى جانب الوفاء لسورية التي

ساهمت في الولادة والرعاية وسمحت وتسمح بكل أنواع الدعم.وهذا منذ سنوات طويلة.

 

.واكتسى ويكتسي التداخل السوري اللبناني أهميته وحيويته من ملامسته كل الشرائح والطوائف والأديان…بل رجال السنة والمسيحية والدروز يفوقون ولاء رجال أمل وحزب الله.وهذا لا يكون

في يوم وليلة.وهنا قلت وأقول ماتت السياسات الفرنسية ومن توافق معها من أوروبيين.وهنا تفشل الولايات المتحدةالأمريكيةلانهاتعتمد على ذهن فرنسي عاجز على فهم وتفهم هذا.فلتمان إذا واصل اعتمادمايراه السفيرالفرنسي فانه سيخرج بلاده نهائيا من أيّ حضور داخل لبنان.وسيكون الضرر للحليف اللبناني أكثر منه للخصم.فرنسالم تعدلهاأي مصداقية.ولا تريد أصلا حرية في لبنان.بل سلوكياتهاوأفعالهاوإحكامهاهي ذات ماكان يفعله السوري داخل لبنان.فرنسا دمرت الولايات المتحدة في العراق وتدمرهاخاصةعبرمصروالطغاةالمتعفنين وربماهناك من الديمقراطيين من لم يدرك هذا بعد.شيراك خطير ومخطر.وعلى رجال السعودية الانتباه والانتباه.

 

.لبنان المسيحي والدرزي والسني والشيعي بعدان رأيناه هب كالرجل الواحد رافضا الوجود السوري.ها هو بعد سنة واحدة ينقلب رأسا على عقب لماذا؟لبنان شعب متحضر إلى ابعدالحدود.

 

أدرك اللعبة الفرنسية.هو متعطش للسيادة والاستقلال والتعامل الندي مع سوريا في إطار علاقات بين كيانين ودولتين.وليس من منطلق الرغبة في الانتقام والإطاحة بنظام في دمشق.هذا اكبر من لبنان بكثير وهذا ليس من اهتمامات رجال متحضرين.السوريون يسقطون نظامهم وعندما تصبح الحرية لديهم هاجسا وطنيا فان النظام سيرحل حاله حال كل الأنظمة العربية الموغلة في التزوير والفساد والتي تعيش بحماية غربية وفي المتوسط حماية فرنسية إيطالية واسبانية وعلى مرأى من العالم.؟شيراك وجوقته لا ينظران إلى النهب والدمارفي تونس.لم نعرف انتخابات واحدة منذ أن صرنا دولة.وفرنسا تحمي.ليتحرك شيراك اليوم في لبنان.ماذايفعل من تحت الطاولة؟كيف يستجدي

اضعف الحلول لزبانيته في لبنان بعد أن دمرهم؟والله الرجل يمرد تحت إيران وسوريا بكل الطرق

وحزب الله لان يرحموا به زمن قرب الانتخابات.فرنسا هي من دمرت وتدمرالسنيورة عبر احاطته بالتافهين.وهي من قتلت وتقتل الحريري عبر نفس العملية.من يريد لبنان لا ينفخ في جنبلاط.

 

الخطاب الإسرائيلي هذه الأيام تحديدايعطينافكرة واضحة حول ضعف الفريق الحاكم وحول رغبة

اسرائيلية في زواله وليس العكس.لان اسرائيل من مصلحتها أن تكون حكومة قوية وممثلة يمكن

التوصل معها إلى اتفاق سلام جدي وحقيقي.كل ما في الأمر تبادل الأسرى وفض حكاية شبعة

وتسحب من لبنان بأكمله وليس من حزب الله ودون حاجة لأية وساطة أو متاجرة كل ذرائع الخوف

آو التسلح المبالغ فيه بدعوى الردع.وعون احد العناصر الأساسية والضمانات إسرائيليا ولبنانيا.

يمكنه أن يطمئن حزب اله فعلا والاسرائليين.وهذا ما هو مهم بالنسبة لي كليبرالي.أن تولي الحروب ورجالها وتجارها.وهنا رأيت أيضا الحريري.لكن.

 

.اللبنانيون يدركون ان سوريا منفذهم الوحيد بريا حاليا.وبالتالي محكوم عليهم العيش والتعايش مع سوريا.تداخلات اجتماعية وعائلية كبيرة.وهذا مهم جدا.السياسة تموت عندما تدمر العائلات وتنهار

عندما تحاول تفليق الخصوصيات العائلية.وهذا ما لم تدركه السياسات الفرنسية المتخلفة.

 

الولايات المتحدةالامريكيةفرنساجعلتها تغرق في العراق وستجعلهاتغرق اكثر في لبنان وفي دارفور والصومال وجنوب المتوسط.السياسات الفرنسية بشهادة مراكز الاستطلاع الفرنسية يصنعها ويضعها اكثر من 60بالمائة من المسئولين الفاسدين.أي رجال المافيا المالية.وهذا ما تحبذه الدكتاتوريات العربية.وهذا ما نراه عبر الأنظمة الحاكمة برعاية فرنسية وايطالية.

 

.الاولايات المتحدة الامريكية واجب عليها ادراك هذا.لا يمكنها أبدا ان تتحدث عن الحرية والجديد والأمل بمنتوجات فاسدة وقاتلة ومدمرة.برجال هم العجز والجمود فرنسيا وايطاليا.هنا الرئيس بوش

اعتبارا وانه اليوم في البيت الأبيض لا يمكنه أبدا ان يتقدم وهو يستمع إلى آراء فرنسية وايطالية واسبانية وهي من يمسك بالفساد بل من اختلط ويختلط معه.أما الرئيس بوش يلعب ذات اللعبة.وإما

يلعب لعبة الحرية وبالتالي دون أدوات فرنسا وايطاليا واسبانيا وكل من وقف ويقف معهم.

 

محاولة اللعب على الاثنين هي من سيدمر الولايات المتحدة أصلا.وفي نظري الشخصي هذا ما افسد كل شيء في العراق وأفغانستان ولبنان وما سيفيد كل جميل.ومن هنا أيضا لجنة بيكر لن تأتي بأي جديد واراهن على ذلك.إذ الأمر ببساطة محصور في نقطتين…الحرية لها مضامينها ورجالها والياتها.والفساد له رجاله وبالمثل صيغه وتفاهاته.الجمع بين الاثنين رقص في الهواء…وانظروا محاولات رجال الحكم من العرب وهم من حلفاء أمريكا ماذا يفعلون؟مؤتمردولي حول العراق.

يعني وضع العراق تحت وصاية مبارك؟ومن لم يعرف مرة واحدة انتخابات حقيقية في حياته.

 

.اقول هذا مستندا إلى ابتعاد الكثير عن الولايات المتحدة الامريكية في العراق من حلفاء الأمس؟

ولعل المثل الأبرز والصارخ حاليا هو الجنرال عون.فهورجل عرف المنفى لمدة15سنة كاملة

من اجل لبنان وخروج سوريا منه.من اجل استقلال لبنان وحريته.من اجل ممارسات لبنانية جميلة.

 

الرجل عرف أنصاره كل أنواع العذاب والتعذيب طيلة15سنة ودون كلل اوضعف.الرجل كان احد صانعي القرار1559 ورأينا يومها ما قاله فيه جنبلاط؟بل ما وقع لكي لا يعود الرجل أصلا قبل الانتخابات.بل جنبلاط ذاته كان يزور نصرالله للتخويف من تسونامي لبنان؟وعندما فشل حاصر الرجل ومن الانتخابات في تحالف مع أمل وحزب الله وتيار المستقبل؟بل جنبلاط كان يقول عكس ما نسمعه منه اليوم حول القرار1559 وحول السياسات الامريكية وبوش ووولفويتز وبولتون ورايس وباول وغيرهم؟واليوم من نكد الدهر هو امريكاني وعاقل وعون سوري وغير عاقل؟

 

هذا يجعلني اقول للرئيس بوش لا يستقيم هذا عربيا اليوم.ولا يمكن لأي رجل عاقل وطني ونظيف ان يقبل يوما واحدا ان يرى الفاسد والقاتل والمجرم والزنديق هو من يعيره؟وهو حال جنبلاط مع عون.هذه سياسات فرنسية تعيسة وهذاماادرك ويدرك كل انسان عاقل وليس في لبنان فقط.

 

.السفير فلتمان ربما استئناسا بآراء السفيرالفرنسي وبدرجة اقل السعودي أخطا في قراءة التفاعلات اللبنانية والقوى المحركة والمؤثرة والضاغطة.بل اجزم ان هؤلاء ارتكبوا خطا فادحا.هم انطلقوا من فكرة أساسية تقول…من هم أعداء سوريا؟من هم حلفاؤها؟من من حلفاء سوريا أمس يمكن ان ينقلب وبالتالي يصبح كل ما لديه من قيمة انه يحسن السباب والصراخ؟وهذا ما رفضه عون.

 

وهذا ما نجح فيه بامتياز.وهذا في نظري لب ما يجري في لبنان.عون لأنه ليس بتافه رفض ان يتخذ كتافه.محاربة سوريا من لبنان لا تكون بالتافه والفاسد والدجّال.بل بالحرية ورجالها الحقيقيين.وهذا اليوم خرج من أيدي الحكم.ورأيت هذا في مقالي بتاريخ17نوفمبر2006…عبر تونس نيوز وغيرها آذ ورد فيه على وجه الخصوص…

المثل الثالث لبنان

  .المفروض بحكم طوائفه وعادات رجاله في التعامل مع المشاركة والحريةوالمدنيةان يكون به دولة مدنية.اليوم في نهاية 2006 ومع رهان فرنسي تحديدا فان حزب الله يقود المسيرة هناك.ويقودهاانتخابيا.حزب الله معه داخلياعون الأبرز من المساندين.وخارجياله إيران وسورياوالمحسوبين على الغرب لهم كل الغرب والأنظمةالعربيةالمعتدلةبقيادة مصر والأردن ؟إذن المفروض أنّ أطراف الدعم غير متوازنة.فهي لصالح خصوم حزب الله؟(وهنا فعلا نطق مبارك كعادته لاصطياد أرنب يتاجر بها.لكن هذه المرة تاه…)

لكن لماذالا نرى هذاعلى الميدان(ربماهنا سقط مبارك وقال إذا وإذا؟)؟الإجابة طويلة جدا.واكبرخاسرهناالليبرالية وإسرائيل على كل المستويات والأيام بيننا.التافه والفاسد لا يشتغل بالسياسة ومن يعول على تافه ومرتشي فهو كمن يسبح عكس التيار.وانتخابات حرةونزيهةفي لبنان يفوزحزب الله وحلفاؤه ورأيناهذافي انتخابات2005. شيراك يعلم هذاعزالمعرفة.هل يعقل هذا أمام حزب لم يتأسس إلا منذ 1982؟هناقتل بوش نفسه وبالمثل رايس

لفعل الجديدفي لبنان ولكن؟…السياسةصعبةوصعبةجداعندمايصبح الفسادمحركالرجالهاأوالانتقام اوالحقدعلى قوة..

.هنااقترح على الحريري(حرام أن تخسرلبنان هذاالرجل)أن يفهم جيدااللعبة.من هم من حوله إذ العمل

السياسي السابق اخرج الكثيرمنهم من دائرةأي تأثير.وعون وحزب الله والبقيةأدركواويدركون هذا.وأحيانا يربحون دون تحرك.في كل مرة يناقض فيها جنبلاط نفسه ومعه شعيب يخسر الحريري لصالح غيره.كل مالجنبلاط من أهميةاليوم خارجياانه ضدحزب الله؟يعني على المستوى الداخلي لا يمكنه أن يربح  انتخابيا .لذاجنبلاط يصلح في مكان واحد.(هذاكان قبل اغتيال الوزيربيار جميل.وبعد هذاالمقال كان النفخ في جنبلاط؟

وزاره وفد من الحزب الاشتراكي والمرشحة الاشتراكية؟وهذافي نظري توريط فرنسي لأمريكاوتحديدا لرايس ولبوش والأيام بيننا..)

أمين الجميل وجعجع الماضي يكبلهما.إضافةإلى أنهمايلعبان في ملعب واحد مع عون.وهذاالأخيرهوالأقوى داخل الصفوف المسيحية.وهذا حال نائلة معوض وبطرس حرب وسعيد…كل هذه الأسماء.. الحريري يتحملها وليس العكس.هذا درزيا ومسيحيا وشيعيا لا يوجد الحريري.وسنيا تقريبا يتشلّح يوميا.ومن يشلّحون مدربون على التشليح والنهش والنبش. .أن يفهم هذاالحريري.وان يدرك هذافلتمان تكون بدايةالحل المشرف للبنان في الظروف الراهنة.(المعارضة هي من أجابت على هذا وقالت بهذا تحديدا)

اليوم في لبنان غبي بالمفهوم السياسي من يفكر بمنطق الغلبة والاستحواذ أو قلب الشيء.وعليه يكون من المعقول اليوم التوجه نحوحكومة جديدةأدركت هذاوتدركه اكثرعبرالاستعداد مستقبلا لانتخابات تجري بعد سنتين بقانون انتخابي جديد.هنا تربح لبنان الحريري.ويربح الحريري لبنان ولا تشعر الأطراف الأخرى بالغبن. ويسحب منها سلاح الشارع والغلبة.الخّص فأقول..الحريري واحد يحمل من هم من حوله.الآخرون كل واحد فيهم(حزب الله-أمل-كرامي-عون-فرنجية سليمان- الحص-الجماعة الإسلامية-حدادة-واكيم..)معلّم لحاله.

(جرى هذا بالضبط أي قبل ان يفسح هذا وذاك عن رغبته.لماذا لم تتصرف الحكومة؟لان جنبلاط تائه وسيأخذ

معه الكل إلى تيه.وفرنسا منتشية لانها تريد إضعاف بوش ومعه بلاده.وهذا الكلام سمعته منذ سنوات وليس اليوم والديوقراطيون إذا صدقوا الكذب الفرنسي سينهارون والعراق أمامهم ولبنان في الوقت الراهن…)

.أقول هذالأنني تابعت جيداالحريري في كلامه وقرأت عبرالانترنات وحرام أن يتيه الرجل.انه من النوع الجيّد..ليس بمجرم ولا من عائلة مجرمة.أتمنى أن يدرك هو أولا هذا وان يفهم من هم به صامدون وعلى مختلف الواجهات خاصة منها المالية أن الحفاظ على الرجل ومساعدته على أن تكون سياساته مقبولة ليتقدّم لا أخذه إلى الهاوية باسم الصداقة له.وأول من اقصد السنيورة.وأتمنى على جنبلاط السكوت إذا كان يرى بالعشرة مع المرحوم الحريري ويريد أن يخدم ابنه اليوم.(على العكس هاج الرجل لصالح الحريري؟)

ذبح بوش أمس وقول العكس اليوم يعطي لخصوم الحريري كل الجميل.ياجنبلاط اترك العريضي يتكلم.

هذا ما لدي وهذا ما يمكنني أن أعطيه للحريري.ونصيحة أخيرة للشيخ سعد..أن يختلي بعمّته بهيّة لأطول ما يمكن من الزمن ويترجاها أن تصارحه حول ما فعل ويفعل منذ استشهاد والده..وان تقول له رأيها في من هم من حوله..وكيف ترى المخرج…ثم يختلي بنفسه لمدة أسبوع على الأقل..يتبين الصح من  الخطأ يعرض ذلك على شخص واحد يثق فيه ولا يكون لبنانيا…ثم يقرر..واكيدسيكون شيخ سعدغيرهذا.واثق من هذا…تابعت كل كلماته بمناسبة مآدب الإفطار..من يكتب له لا يعرف لبنان..ولا يملك رؤية للبنان ولا لمشاكله..(أين هذا؟العكس تماما حدث ويحدث وسنرى النتيجة.ستكون كما رايته لكن عكس ما لم يعمل به الحريري)

 

عون هو من قرأ كلامي ومن سيكسب وابكي من قلبي على الحريري.

 

.عندما ادرك عون تفاهة اللعبة وصغر عقل رجالها وهو من قضى15سنة كاملة في المنفى وهو من

نال انصاره من اجله العذاب والويلات اختار التحالف مع رجال سوريا لأنهم من وجهة نظره لم ينقلبوا على حليف الأمس وبالتالي فهم اكثر رجولة من جنبلاط ومن توافق معه.إلى جانب التحالف مع حزب الله وامل علما زان هذين الطرفين لم يساعدانه انتخابيا ولا حين رجوعه إلى لبنان.وهنا

أيضا قوة الجنرال.

 

.الجنرال إضافة إلى ارثه بخصوص الاستقلال قبل خروجه من لبنان منذ16سنة.وبعده عن ان يكون قزما لدى سوريا أو غيرها ونضالاته المنتظمة لان يكون الخروج السوري من لبنان.وعودته وفوزه انتخابيا بطريقة أدهشت الخصوم قبل الناجحين من تياره وحلفائه.أعاد نجاحه الحضور للمسيحيين وهذا ما لم يدركه الكثير إذ التحالف الذي تم كان اخذ أطرافا مسيحية لا تمثيلية حقيقية لها.بل كان

في حاجة إلى أسماء مسيحية لا غير.وهنا أيضا كسب الجنرال البعد المسيحي الحقيقي.الجنرال أيضا ذكي من الناحية السياسية.قال سوريا خرجت.لنذهب إلى ترتيب أمر آخر.ترتيب الداخل بما

يجعل رجال القروض والنهب والفساد يتلاشون انتخابيا من الحياة السياسية لأنه ببساطة إذا اختلطت السياسة بالمال أفسدت السياسة والمال.يمكن للسياسة ان تصنع رجال مال واقتصاد.لكن ان يختلط رجال المال والأعمال بالسياسة فان الدمار يكون للبضاعة ولنوعيتها وكلفتها ورواجها أصلا.

 

مقابل هذه الاستراتيجيةالواضحة في ذهن عون ارتبك الفريق الحاكم وارتكب اقدح الأخطاء ورأيت

هذا في كتابي المنشور عبر تونس نيوز من 24/11/2005 الى17/12/2005 .وبعده في كثير من المقالات عبر نفس الفضاء والصحافة اللبنانية ذاتها وغيرها.

 

بري ونصرالله وفرنجية وكرامي والحص وواكيم وحدادة ووهاب وارسلان ومراد وغيرهم كانوا يتابعون الأمر ويرصدون تحركات عون ورعب الفريق الحاكم منه.بل جنبلاط قال هذا حرفيا ومرارا لنصرالله ولبري ولغيره تخويفا من الجنرال.وعون بدوره كان يمسك إلى ابعد حد بهذه التحركات .وانفرط العقد بين متحالفي الأمس.وصار عون الطرف المغازل.وكان حزب الله وامل يعلمون ان عون لأنه عفيف لا يمكن ان يقبل أبدا جنبلاط ومن شابهه.كانوا على اقتناع تام ان الرجل سيكون معهم وليس عليهم وفي أتعس الحالات.من هنا كان تفاهما بين حزب الله والتيار الوطني الحر.ومن هنا كان الهيجان لجنبلاط.بل خروجه من قشرته دون ان يعي ذلك.وكان عليه استلاف خطاب المحكمة ذات الطابع الدولي والمغالاة في الكلام حول سوريا وهو من كان يمسح الحذاء السوري ومن استثرى من ثروات لبنان.ومن اقترب من الشهيد الحريري ماليا اكثر منه انسجاما سياسيا.واليوم هو من يدمر الحريري الشهيد والحريري النائب الحي.

 

.تحرك حلفاء سوريا ومعهم أمل وحزب الله وتعاونوا مع عون.وهنا نجحوا في كسب مسيحي هام وتيار وطني أهم.وهذا في تقديري الخاص ما أعطى نوعا من الأمان الوطني لحزب الله لان يقدم على ما أقدم عليه يوم12جويلية2006 .حزب الله لم يعد ممثلا لطائفة شيعية لا غير.بل تقريبا كل الفرقاء اللبنانيين كانوا إلى جانبه.باستمالة عون ماتت قرنة شهوان.لان عون يساويها كلها وأكثر.

ولان عون لا يمكن لأي طرف لبناني ان يزايد عليه بالمحكمة ذات الطابع الدولي ولا بالدولة الدينية ولا بالارتماء في أحضان سوريا.وهذا في نظري سحب كل التعلات من الفريق الحاكم وهو ما اظهر إفلاس السياسات الفرنسية في لبنان.وهو ما قتل رجال العجز من العرب من أي تدخل حقيقي

وهو ما وقع من حماس في فلسطين.وهذا كتبت عنه الكثير.إفلاس غربي بعد60سنة من دعم الفساد عربيا لا مثيل له.ومقابل الإفلاس الإسلام السياسي يتقدم.وهناك من يراهن على لجمه برجال الفساد والزندقة والكذب.لكم ذلك.

 

.مع عودة عون من باريس(شخصيا تابعت عبر الصحف اللبنانية اليومية وعبر مواقع محددة عبر الانترنات وعبرالحوارات المباشرةالتي كانت تعرفهافضائيات لبنانية وغيرها كل ما قيل عن الرجل

وفيه…ومنذ على الاقل جوان الماضي رأيت اللعبة اللبنانية بكامل تفاصيلها..)بدا يقرا التحالفات في كل أشكالها وتعبيراتها واستشف أنها كلها إلى الزوال وبسرعة مذهلة تسير.إذ زعيمها جنبلاط لا يستقر على رأي.ومصداقيته تجانب الصفر على كل المستويات.وبالتالي جره إلى ندوات صحفية متتالية وخطابات متتالية يعريه ويفضحه ويسحب منه القاعدة الداخلية.وهذا ما حدث وما يحدث.

 

.ادرك الجنرال ان تحالف حزب الله وامل وتيار المستقبل وجنبلاط كان أساسه التخويف من شخصه؟ومن كونه رجال الغرب وتحديدا الاولايات المتحدة الامريكية؟ومن كونه سيخرب لبنان وسيسقط النظام السوري….ومن غريب الأمور أن الرجل اليوم هو عدو الغرب؟وجنبلاط رجل فرنسا وأمريكا؟لهذا قلت السياسات الفرنسية صارت كابوسا علينا نحن الليبراليون وعلى أمريكا في الصميم.وتصرف بحكمة متناهية عمادها انه إذا ما تمكن من ازلة الخوف من عقل نصرالله وبري

وإذا ما تخلى عن خطاب الشحن ضد سوريا ورغبة الانتقام منها فان العقد سينفرط.وسيعود جنبلاط إلى حجره مذعورا.وفعلا رأينا كيف زار ذات يوم جنبلاط نصرالله وطلب منه حمايته؟واليوم يقول العكس تماما في وسط شعب هو من اثقف الشعوب العربية وأكثرها مدنية وحوارا وتعبيرا عن الرأي؟

 

.هكذا توصل عون إلى تبديد الخوف والهواجس.وقال معهابان سياسات السباب والبيع والشراء

والانعطافات وبالسرعة المذهلة ودون احترام حتى لأدوات الانعطاف الصدق يمكن ان يقتلها.

ودون إطالة رأينا ونرى تصريحات جنبلاطية صباحية تناقضها أخرى بعد سويعات وهكذا…

 

وكان بري ونصرالله يرصدان وعون يتلذذ وازداد هذا مع خروج الحكيم من السجن.وإبرازه منذ اللحظات الاولى انه لم يتطوركثيرا من حيث الخطاب السياسي وهوماعمق الخوف لدى بري ونصرالله وما جعل العماد عون اقرب الاقربين إلى هذا التحالف الشيعي وبالمثل إلى رجال سوريا

والى الحركات القوميةواليسارية والشيوعية وحتى المستقلين.إذ لا يمكن لأي عاقل أن يرتبط برموز مخلفات الحرب الأهلية.

 

.مع اشتداد الضغط على سوريا خاصة مع خروج خدام ومحاولة جنبلاط اللعب على هذه الورقة

كان هذا إشارة لرجال سوريا داخل لبنان وخاصة لحزب الله وامل.فزادت الحاجة إلى عون.وفهم

الجنرال هذا.وتقدم على هذا النهج.وتقبل نصرالله وبري الرسالة بما تستحقه من تبجيل وترحيب.

 

هذا يعني ان الرجل امسك بسرعة كبيرة على الاقل نظريا بخيوط اللعبة.وكان عليه  تصريف هذا

فعلا ليكسب عقل كل من نصرالله وبري.وكانت الخطوة الاولى من خلال التفاهم والذي يومها

أشعلت فيه النار داخل صفوفه المسيحية بشكل كبير ولكنه صمد ونجح.بل كما سنرى مرات أخرى أعطى نقلة نوعية لفهم مسيحي للسياسة.

 

انتقل الرجل مع هذاإلى ممارسات سياسية وعلاقاتية واخلاقيةوطنية انه رجل وطني يعرف التحالف بل يعرف كيف يصنعه.الرجل جلب إليه مرجعيات كانت تكفربه على اساس وانه غربي وامريكاني وجاء لتفليق لبنان واعتماده منطلقا للاطاحة بنظام عربي مجاور على أخطائه؟وهنا يبرز بؤس السياسات الفرنسية اذ كان من الطبيعي دعم الرجل لا تهميشه لأنه لا يدار.ومن هنا برزت وتبرز وطنية الرجل.هو متعاون لكن الى حد لا يصبح فيه ذيلا وتافها.وهذا ما يرفضه الفرنسيس.

 

هنا قوة الرجل.هو مع الغرب عندما يكون هذا الغرب مع مصالح لبنان.وهو مع كل انسان يؤمن بالحرية ويساعد لديها.وليس مع سياسات فرنسية متخلفة تقتل الليبرالي والنظيف وتصعّد الفاسد وهي تتحدث خطاب الحرية ومحاربة الإرهاب؟جنبلاط يركب على عون؟من هنافرنساآخر من يتحدث عن الإرهاب والأمن والاستقرار.ثم كما سنرى لاحقا لعبة اعتماد مفلسين عربيا لتسييرهم انتهت.

 

الأزمات تبرز كل على حقائقه

 

يعني الرجل اظهر انه من طينة وطنية نادرة.بل نقل المسيحيين إلى عالم أرحب وضمن لهم مدخلا

إلى لبنان الكبير متميز.رفض ان يجعل منهم عنصر هدم وتهديم وتكسير.بل عنصر وحدة وطنية.

في كلمة العماد عون أعطى حياة جديدة لفكر الليبرالي أصلا.قال عكس الجزيرة وكل الفضائيات العربية والأقلام الصحفية التي تعيش في حماية الغرب ومن صناعاته ان الليبرالية ليست خيانة ولا

مالا ولا كذبا ولا أمريكا أو اليهود بل الوطن والصدق والحرية.هذا ما أعطاه عون لبوش نفسه دون

ان يتمكن هو من هذا.عون قتل سياسات الكذب والمعايير المتعددة.قال هذا نهج الليبرالية والحرية.

وقال شيء مهم جدا.يمكن للأديان أن تتعايش.ويمكن لليبرالية ان تعيش جنبا إلى جنب مع الإسلام

ولكن على أسس مشتركة واضحة.يعني هدم ان هذا لا يوجد إلا بزوال ذاك.وهذا ما نظرت وانظر له واليه منذ على الاقل نوفمبر2003.

 

.وكتبت سابقا حول ذكاء رجال حزب الله وحماس وغيرهم من رجال الحركات الإسلامية.بل اعلم

أن لهم مفكرين يتولون يوميا جمع ما يكتب هنا وهناك ويدرسون ويحللون و….وفي هذا الإطار

يمكن القول ان رجال حزب الله فهموا جيدا قيمة ومعنى الحليف الجديد.وكان الذهاب  نحو12 جويلية2006.في اطمئنان داخلي على الاقل انطلاقا من معرفة معدن عون.فهو لن يغدر ولن يتراجع في كل الحالات.

 

وهنا كان على فرنسا واسرائيل أن يدركا جيدا معنى ان يردد لحود منذ مدة مساندته لحزب الله وهو العسكري؟وهنامن يقول سورياوراء هذا نصف أمي من الناحيةالسياسية ومعاق ذهنيا اجتماعيا.عون بالمثل راهن على حزب الله وهو العسكري؟يعني الرجلان كانا على اطلاع دقيق بنوعية قدرات وجاهزية حزب الله للمعركة.وهذا الذكاء لدى لحود وعون قابله غباء شديد من الفريق الحاكم الذي

الذي كان مقتنعا بنهاية حزب الله وامل وعون والجميع.

 

 وهو في تقديري خطير إلى ابعد الحدود.هؤلاء كلهم لبنانيون.إلى أين يمكن أخذهم؟وكم هو حجم السكان؟العماد لحود والجنرال عون أعطيا لحزب الله ما لم يكن يحلم به أبدا.غطاء مسيحيا قويا وجلب هذا قطاعات أخرى.في كلمة كانت الطائفة الشيعية في حاجة أساسية لهذا.ولم يفهم رجال الحكم هذا.ولهذا قلت وأقول حرام أن يلقى بالحريري وسط هذا الخضم ومن التعاسات والتفاهات السياسية.لماذا تحمل الرجل وزر غيره؟لهذا طلبت منه زيارة عمته واستشارتها.فهي الوحيدة التي يمكن ان تشكل له النصيحة النصوح؟

 

.ثم في خصوص لحود وسوريا.مع التمديد للحود كان الضغط على سوريا ومع اغتيال الحريري

زاد الضغط ومع انتخابات لبنان في2005 تنامى الضغط.وبفضل شطحات جنبلاط انظر كيف

انقلبت الأمور؟صار لحود رقما ورجال سوريا أمس رقما آخر.وصار عون من أهم الأرقام بفضل

رجال فرنسا.أمام العالم اليوم والشعوب العربية حزب الله أول حركة سياسية شعبية ولو بنمظار ديني حققت كسبا على اسرائيل وأوصلت أمس الفريق الحاكم إلى مكانه وهي قادرة اليوم مع حلفائها على إزاحته؟كل هذا بفضل حكمة جنبلاط.ولهذا قلت سابقا للحريري أنت وسط رجل لا يعرف

التحالف ولا قراءة التحالفات زمنا لا يوجد فيه رستم غزالة وتعليمات وانضباط.من هنا يرى العالم

من كان يعيش بفضل الانضباط أي التكتيك ومن يعيش بفك كل أنواع الحصار والمحاصرة وصنع سياسةالممكن ولكن الممكن في إطار الجدية والروح التغييرية.

 

.جنبلاط لا يمكنه الوصول إلى أي نتيجة.له مهمة محددة فشل فيها كليا بل كارثيا امريكيا واسرائيليا

ولا أقول فرنسيا لان فرنسا غائيتها الفوضى في لبنان حتى يغرق بوش لأنه المتزعم للتغيير عبر العالم.وهذا ما سقط في فلتمان وهذا ما لم تفهمه أمريكا برمتها.جنبلاط ستنتهي مهمته بانتهاء ما

يجري حاليا.بعد حرب جويلية الماضي.كان لا بد من هذا.وكان يمكن لجنبلاط ان يظهر براعته ولكنه فشل فشلا ذريعا.حزب الله استرجع إمكانياته واليات تحركه.بل لم يكن ينتظر هذا الحشد الجماهيري.وكان في جوانب هامة بفضل جنبلاط.مسكين سعد الحريري أين وضع نفسه؟لو كنت

مكان جنبلاط لدفعت حزب الله إلى التخلي عن سلاحه دون ختلة ولكن دون تدبيرات شريرة.

لجعلت من تحالف سني شيعي مسيحي أعجوبة عربية.تحالف لا يقوم لا على فلسطين ولا على سوريا ولا على إيران ولا على فرنسا.تحالف يقوم على الحرية والعيش المشترك الفعال وبيع

السلام ونشر تقافة الحرية وسط حكام من افسد ما يكون.هذا هو لبنان الحقيقي.وهكذا يكون لبنان

أو لا يكون.الأيام بيننا..بل هنا تصرف عون؟

 

خبرة عون وذكائه الحاد والبعد الوطني في عقله وسلوكه وتحالفاته

 

بسرعة كبيرة ترجم عون تحالفاته على الميدان وساند حزب الله في حربه ضد إسرائيل.وكسب من يومها معركة التغيير لبنانيا وليس منذ أيام فقط.وانتصر حزب الله بمقاييس معينة.ولم يضعف كما

كان مؤملا إسرائيليا وليكمل رجال الحكم ما تبقى؟بل الحزب اخرج مالا وتحركت ماكينته على الأرض اللبنانية ومن المقابل الحكومة أخذت مالا ورفضت إعطاءه لمن تهدمت منازلهم بدعوى

تقوية حزب الله؟أو التراخي لإحداث ضغط عليه.إذ سيثور من تهدم منزله ومن فقد تحويشة العمر..

 

ولكن حزب الله تجاوز هذا..وعلى فكرة هذا هو سلوك كل السلطات العربية الحاكمة والمحمية من الغرب…التجويع والتدمير بهدف القتل اليومي بدم بارد ولا جمعية حقوقية تأتي…بل تقارير كاذبة

حول زيارة سجن هنا وهناك بعد ان تسمح لهذا المدمر وذاك بأخذ كل الاحتياطات ولدي ما يبرز هذا.

 

انتصر حزب الله.وكان عليه ان يحتفل بذلك بكل ما يعنيه من موت إضافي لحكام عرب جاؤوا بفضل دبابات وحمايات غربية.وحزب ولد منذ سنوات قليلة تحدى اكبر قوة عسكرية في المنطقة

وشخصيا من دعاة السلام الحقيقي بين لبنان وإسرائيل.ولكن السلام لا يصنعه لا الضعيف ولا الفساد ولا الطاغية.وهذا كتبته واكتبه إلى غاية أن تقتنع به اسرائيل قبل غيرها.

 

احتفل حزب الله بانتصاره بحشود ضخمة أحيت شعبيا هذا لبنانيا وبعثت رسالات عربيا ودوليا

وهو ما أربك رجال السلطة وجعلهم يتشنجون اكثرواحد عوامل التشنج التغني بموضوع المحكمة الدولية وعودة سوريا إلى لبنان.والحال أن أهم رمز اخرج سوريا من لبنان هو عون وان هذا هو احد صناع القرار1559وليس المحكمة الدولية فقط.

 

في وسط هذا التشنج اغتيل الوزير بيار الجميل بكل ما تعنيه العملية من وسخ ودناءة وإجرام بدم بارد.في وضح النهار وبطريقة فيها الانتقام والتخلي من كل أخلاق أصلا اغتيل الرجل الامل لا

داخل الكتائب فحسب بل للبنان.والى اليوم الفريق الحاكم يبحث.وهذا يكون عليه وليس له.ثم قبل

هذا كان وزير الداخلية بالوكالة يصرخ أمام العموم انه مهدد بالقتل؟هذه أمية سياسية منقطعة النظير

وغياب أدنى مواصفات رجل الدولة؟على أي اساس انتخبك المواطن؟أليس لحمايته ولخدمته؟إذا

كنت غير قادر على ان تحمي نفسك فعن أي شرعية وعن أي قوانين ودستور تتحدث؟في الدول

الديمقراطيةعندماتكون حالةاغتيال واحدة يستقيل وزيرالداخلية؟وإذا تكاثرت تستقيل الحكومة.

حكومةبائسةومتواجدةداخل الجدران وتتكلم عن الشرعيةوالدستوروالاغلبيةالشعبية؟هذه سقطة

أخلاقية واجتماعية وسياسية غير مسبوقة في التاريخ.

 

.رأينا وراى العالم  وبعداغتيال الوزيرالجميل خروج لبنان إلى ساحتي الشهداء ورياض  الصلح

رغم محاولة الفريق الحاكم التوظيف الرخيص لاستشهاد الوزير الجميل كما جرى ويجري توظيف استشهاد الحريري.والتوظيف يأتي من أفواه من قتلوا الآلاف من هنا ومن هناك.واللبنانيون يعرفون بعضهم.مثل ما هو عندنا.هناك من خلع بورقيبة وهو ابن ولايته بل هو مصنوع بفضله ويتحدث عن الأخلاق والوطنية والاستقلال ورفض التعامل مع الأجنبي والتغني بالعروبة والإسلام والنجاح ويأتي إليهم رجال الغرب ليمسكوا بهم ويتحدثون عن الإرهاب.انتم تصنعون الإرهاب.اتركونا

نغير ولن يكون هناك الإرهاب ولن نتحارب مع رجال الحركات الإسلامية ولن نجعلهم ديمقراطيا يبتلعوننا.

 

رأينا كيف خرجت عشرات مئات الآلاف.بل ما رأيناه خطير جدا على الحكومة ورجال فرنسا داخل لبنان.ما يزيد عن مليون ونصف في الشارع.إذا تركنا من أعمارهم دون10سنوات ومن هم فوق70

ومن هم من النسوة غير المتعودات على الخروج أو غير القادرات فان ما رأيناه هو90 في المائة من سكان لبنان.فكيف يتحدث فتفت عبرالحرةوعبرالفضائيةالبنانية نيو تفي عن إمساكهم لمناضليهم عبر كل المناطق حتى لا يردوا الفعل؟

 

.ثم هناك نقطةاخرى تصرخ إذ بعد اغتيال الحريري كان اغتيال قصير ثم حاوي ثم محاولة اغتيال مي شدياق ثم وزير الدفاع ثم جبران تويني ثم إلى حد اليوم بيار الجميل.وكل هؤلاء من المسيحيين؟

ماذا يعني هذا؟وكل هؤلاء من الوجوه التي لم تتورط في أعمال إجرامية خلال الحرب الأهلية؟أو

غيرها من الأفعال الدنيئة؟حاوي شيوعي وليس شيعي؟قصير كاتب بارز ورجل نظيف في كل المستويات؟شدياق إعلامية متميزة ولا عداوات لديها؟وزير الدفاع صهر رئيس الجمهورية؟تويني

من أفضل الأقلام الوطنية ومن غير الطائفيين…الجميل ذات الأمر….هذا لا يستقيم أبدا مع ما يطرحه رجال الحكم اليوم من تفسيرات.استهداف في القتل ولنوعية معينة كلها مسيحية.لماذا لم

يتوجه الاغتيال إلى رمز واحد من رمز الحرب الأهلية على جرائمهم وأفعالهم الشنيعة؟أليسوا

هؤلاء من يخاف من المحكمة ذات الطابع الدولي؟أليسوا هؤلاء من تحالف مع سوريا ويشكلون عليها كل أنواع الخطر إن نطقوا؟لماذا تم استهداف أقلاما(قصير-شدياق-طويني..)؟هذه نقاط جوهرية حري الوقوف عندها من اجل الخروج بحل مشرف ويحفظ ماء الوجه للكل.

 

ولماذايكتب هذا تونسي مقموع في وطنه؟أليس لولى به أن يقول هذا لسلطة العجز والفساد والتزوير لديه؟نعم هذا صحيح وما اكتب له صحيح أيضا.الحرية عربيا تمر من لبنان.

 

لبنان اكبر بكثير مما حدث ويحدث له.وهذه المرة اخرج رجال العجز العربي من أي دور داخله

مثلما خرجوا من فلسطين ومثلما خرجوا ويخرجون من العراق.وهنا نصيحة أجددها للإخوة في لبنان كما قلتها للعراقيين وللفلسطينيين والاسارائليين…مهما كانت خلافاتكم مع الأمريكان تناقشوا

معهم فقط في سبل الخروج.ابعدوا كل دخيل آخر.الكل تاجر ويتاجر.بل هناك من ينتظر الفوضى

ليأتي حالكم وسمعتم مبارك وهو صوت افتضح من أخرى تهمس من تحت.وأمريكا نفسها متضررة

من كلام مبارك وعكس ما يتراى من انه تطوع من الرجل.مصائب لبنان هي فرنسية بالأساس

وعربية من رجال التعاسة العرب.احصروا الخلاف في لبنان وبينكم وناقشوه مع الأمريكان.

 

.كتونسي اكتب لليبرالية والحرية.لا انظر للدولة الدينية وأجادلها فكرا.ولان دخول عون وفرنجية وواكيم وميشال سماحة والحزب الشيوعي ويساريين وغيرهم إلى جانب المعارضة بما يعنيه لدي من غياب مفهوم الدولة الدينية أو الهروب بالدولة اللبنانية إلى الطائفة الشيعية.ولان عون ضمانة أساسية في عدم عودة الدولة اللبنانية لا إلى سوريا ولا إلى إيران.وهو جدي ونزيه وحتى نصرالله

بعد ما وجده من عون زمن الشدة فانه ومهما كانت المسببات لن يغدر ولن يخون ولن يذهب إلى اخذ لبنان من جديد الى الهاوية.كل هم نصرالله وبري اليوم ومن ورائهما حزب الله وحركة أمل

وجود حكم لا يوظف المحكمة ذات الطابع الدولي من جهة ولا يجعل لاحقا من رجال الحزب والحركة مجرمين وينتقم منهم.من جهة أخرى.وهنا تكمن حكمة عون.وهنا أرى اتفاقا اسرائيليا

لبنانيا حقيقيا ودون ختلة عندما يزول الخوف يكون العجب.وهناك من يبني لهذا بكرامة وأنفة

ودون غرور وخبث.وهناك من يهدم وهو حليف الغرب.لهذا قلت لا أهداف واضحة لفرنسا في لبنان.بل عيون.والضحايا هم أولاد لبنان وفلسطين واسرائيل.هناك في لبنان من صار يرفض هذا ويملك إمكانيات الرفض.وليت المانيا تتفطن إلى هذا.فرنسا سياساتها الدولية كارثة على الامل والمستقبل.

 

في إطار مساهمتي في ايجاد افكار قد تساعد على حل في لبنان أرى ما يلي مع دعمي المطلق

لكل من يتنفس بصدق الحرية.

 

  1-الحكومة اللبنانية الحالية انبثقت عن انتخابات صحيحة وهي الحكومة العربية الوحيدة المنتخبة

بعد العراق المحتل؟وفلسطين المحتلة؟يعني الاحتلال يسمح بالانتخابات النزيهة حيثما هو؟بل حماس

لا يمكن ان توجد في أية دولة عربية أخرى وليس تشارك في انتخابات؟وطالما هي منتخبة فحرام ان تخرج بإذلال ومهما كانت أخطاؤها.

 

   2-إصرار المعارضة ولها كل الإمكانيات على إخراج الفريق الحاكم بهذه الطريقة المهينة فيه

نرجسية وفيه ما يمكن ان يفسر بكونه رغبة لحماية سوريا وإيران أكثر منه حاجات لبنانية.وفيه

عداوة كبيرة للولايات المتحدة الامريكية وليس لفرنسا لان فرنسا هي راس الأفعى وهي مصيبة على بوش قبلنا نحن.ونصحت بوش والديمقراطيين بهذا وأطرافا أوروبية أخرى وسيقفون في القريب العاجل عند كوارث فرنسية ان واصلوا السير على ما تريده فرنسا.التشدد مع بوش لن

يقابله الديمقراطيين بحماس لأنهم سيصورون أنفسهم ببساطة مكان بوش وحدوث ذات الأمر لهم.

  3-نصرالله وبري ارتكبا افدح الأخطاء عندما تحالفا مع جنبلاط وهما يعرفان الرجل عز المعرفة.

 

وبالتالي أخلاقيا وسياسيا محمولان على تحمل قسط هام من المسئولية.أي تحمل نتائج الأخطاء واعتبارها مشتركة وبالتالي مسئولية تضامنية من حيث اقتسام مخلفاتها.ولعل انفراط العقد في حد ذاته هو نتيجة لصالح حزب الله وامل إلى جانب انكفاء الفريق الحاكم داخل الجدران وتقاطر رجال

الخارج إليهم هو نتائج اذلالية ومذلة.كما ان الفريق الحاكم استعمل أمس الشارع ليطيح بحكومة كرامي.وهو اليوم يكاد يسقط بذات الوسيلة فيه دلالات ودلالات للحاضر والمستقبل.

 

  3-المراهنة على الشارع هو احد الآليات الديمقراطية للتخلص من حكومة ما.ورأينا هذا في اكثر من دولة وسنرى هذا في دول أخرى.وليس بعيب ولا جريمة.ولكن طالما هناك بدائل أخرى لا تزال ممكنة فالأفضل الذهاب إليها.إذ القول بخروج طائفة يسقط العيش المشترك وبالتالي الدستور وان

كان واقعا فهو يمكن ان يضيع إذا كان المستفيد من تدمير فريق حاكم أعداء الحرية والنزاهة.وهو

ما يمكن ان نراه اليوم من تحركات المعارضة.وهو ما عبرت عنه بحلول نصف الطريق أفضل من حل كامل ولكنه يحمل مخاطر في المستقبل القريب تعيسة جدا.

 

  4-التوافق على مرشح رئاسي لا يحسب على سوريا أمس أو اليوم أو في الغد.ولا ينتمي إلى أية كتلة لا حاكمة ولا معارضة والموافقة على المحكمة الدولية وبالضرورة الإعلان عن حكومة جديدة وعن انتخابات جديدة في غضون سنتين وفق قانون جديد.

 

هذا وحده يحول الوجهة الوطنية من الشحن إلى المواطن الناخب.وهنا ليكن الفوز لمن يستحقه.

ولتكن الغلبة لمن يتحرك وسط المواطن الناخب.وطبيعي للتحرك شروطه والياته.هكذا تخرج

فرنسا من لبنان.ويخرج أي وجود لرجال العجز من الحكام العرب.كما خرجوا من العراق ومن فلسطين وكما سيخرجون من السودان ومن غيرها…قلت اذهبوا لأمريكا فقط وتعاونوا معها.

 

هنا تحديدا من يريد تدمير العراق أي أمريكا في العراق؟رجال أمريكا.انظروا من يتاجر اليوم بالسنة؟رجال أمريكا.انظروا حيثما جرت انتخابات إلا وفاز الإسلام السياسي؟في البحرين مؤخرا؟

أليس هذا قتل لأمريكا بأسرها؟إما الفساد وإما الإسلام السياسي حتى تهرب أمريكا وهذا التوجه يقف وراءه الفرنسيس والطليان والاسبان ورايته منذ مدة.لهذا قلت أمريكا تريد ان تفعل شيئا.لنجرب.

 

وكما نقول نحن في تونس…لنوصل السارق إلى باب المنزل ثم نمسك به…الحاكم العربي تاجر رخيص له المال.وهذا وذاك يبتز المال.والحاكم العربي منذ سنوات استذكى وجعل هذا وذاك يغطس معه في كل أنواع الفساد.وبالتالي الفساد صارحلقةمغلقة.قد يكون الوفاق الجمهوري الديمقراطي

الامل وخاصة بفهم وادراك ان السياسات الفرنسية اعجز من ان تفعل أي شيء.لبنان مثل حي.

بل أوروبا ذاتها لولا بلير وبدرجة اقل ألمانيا وحاليا مع ماركل…لكان العالم أتعس.شيراك ومن جلب إليه همهم إضعاف أمريكا ليكونوا.ورأيت هذامنذ سنوات وتحديدا منذ نوفمبر2003 .ومنطلقات شيراك وغيره مخابراتية في دولةديمقراطية؟إذاوجدت من يقابلك اكبرمنك وأقوى ويملك

المعطيات.أول ما تقوم به تحاول استهداف عناصر قوته وتشويش وتشويش وقتل مصادر معلوماته ونوعيتها.وان لزم جعله لا يفكر.هذاهوأسلوب شيراك مع الولايات المتحدة.وهذامعلوم حيثماتدخّّل

.ولكن…الطرف الأوروبي تجاوزته الأحداث في لبنان وفي العراق وفي سوريا وفي دارفور وفي الصومال.وفي كل مكان دخلته فرنسا.لنرى مكانا واحدا وكان على ما يرام.مصيبة فرنسا أن صراع شيراك وميتران لعقود قضى على رجال السياسة الجدد.هنا اكرر طمعت واطمع في القليل من سيقولين روايال.يا رب.

 

حسين المحمدي تونس

5ديسمبر2006.

Houcine_mhamdi@yahoo.fr

 

 

Home – Accueil الرئيسية

 

أعداد أخرى مُتاحة

4 août 2004

Accueil   TUNISNEWS   5 ème année, N° 1537 du 04.08.2004  archives : www.tunisnews.net منية إبراهيم حرم السجين عبد الحميد الجلاصي: حتى

+ لمعرفة المزيد