الثلاثاء، 30 مارس 2010

TUNISNEWS

 9ème année, N°3598 du 30.03.2010

 archives : www.tunisnews.net

الحرية لسجين

 العشريتين الدكتور الصادقشورو

وللصحافي توفيق بن بريك

ولضحايا قانون الإرهاب


حــرية و إنـصاف:أخبار الحريات في تونس

الجمعية الدولية  لمساندة المساجين السياسيين:السلطات التونسية تعيد اعتقال شاب تونسي بعد ترحيله من طرف  السلطات العراقية  .. !!

لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس:عز الدين التريكي يحذّر طالبات من عواقب ارتداء الحجاب

نزار بن حسن :شـــــــــكــــــــــــــر

الجمعية الدولية  لمساندة المساجين السياسيين:مستشفى الأمن بالمرسى يحتجز المرأة هدى الورتاني و يمنع عنها الزيارة .. !!

حــرية و إنـصاف:بريد المظالم

الاتحاد العام لطلبة تونس جهة صفاقس:محاكمة تلميذ بجبنيانة

الحزب الديمقراطي التقدمي:بلاغ صحفي

الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان فرع قليبية قربة :يوم الأرض

النقابة الأساسية للتعليم الثانوي بمكثر:الأساتذة في حشاد يقاطعون المرشد التربوي أثناء مداولات مجالس الأقسام

السبيل أونلاين:سيد الفرجاني : منظمة المهجّرين ضاقت بالمشروع الوطني الذي نريده

لقاء مصوّر للحوار.نت مع السيد الفاضل البلدي

عبدالحميد العدّاسي :الـ »هوتاري »

افتتاحية « الموقف » ثلاثة إعفاءات

أخبار « الموقف » إقالة أم استقالة؟

سمير ساسي:لماذا عُزلت رئيسة اتحاد المرأة؟

قدس برس:الأزمة شطبت آلاف الوظائف بتونس

خليفة مبارك:حول موضوع الإنتخابات البلدية القادمة

إسماعيل دبارة:عيد الشباب التونسيّ… المشاكل أعقد من أن تحلها قرارات حكومية

الصباح:صادق عليها مجلس النواب..الخدمة العسكرية للفتيات.. وحصص تجنيد خارج الثكنات

آمال موسى:بورقيبة وإنصاف الذاكرة

مصطفى عبدالله ونيسي:جَـِدّدْ أيـّامك و زيّنها(2)

الشيخ الحمدي لـ «العرب»: قطر ستكون سباقة لبناء أول مسجد ومركز ثقافي بالدنمارك

الجزيرة.نت:اختبار الأمة في امتحان القمة

رويترز:ليبرمان: عباس حث اسرائيل على الإطاحة بحماس خلال حرب غزة

الجزيرة.نت :تركيا بين خيار الإصلاح أو العودة إلى الخلف

القدس العربي:اردوغان: اسرائيل لديها اسلحة نووية ولم تعاقب


(Pourafficher lescaractèresarabes suivre ladémarchesuivan : Affichage / Codage /ArabeWindows)To read arabictext click on the View then Encoding then Arabic Windows)  


 

 منظمة حرية و إنصاف التقرير الشهري حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس

فيفري 2010


الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 14 ربيع الثاني 1431 الموافق ل 30 مارس 2010

أخبار الحريات في تونس


1) إدارة سجن برج الرومي تضطهد سجين الرأي حسان الناصري وتعتدي عليه بالعنف اللفظي والمادي:  تواصل إدارة سجن برج الرومي ببنزرت اضطهاد سجين الرأي حسان الناصري وتعتدي على حقوقه الدنيا التي يضمنها له قانون السجون، حيث حرمته الإدارة المذكورة من حقه في القنوة (ِCantine) وعندما طالب بحقه تم الاعتداء عليه من قبل أعوان السجن بالعنف اللفظي والمادي وقرر المدير إدخاله للسجن المضيق لمدة 10 أيام كعقوبة له على المطالبة بحقه، وبعد إكماله العقوبة قررت الإدارة حرمانه من السرير (وهو حق مضمون بقوة القانون) وبالتالي فهو الآن ينام على الأرض (في  »الكدس » حسب المصطلح السجني). وقد ذكرت عائلته التي زارته يوم الاثنين 29 مارس 2010 أن وضعيته الصحية والنفسية ازدادت سوءا بفعل سياسة الاضطهاد التي يتعرض لها، وتطالب بالإفراج الفوري عنه خصوصا وأنه قضى بمختلف السجون التونسية ما يزيد عن أربع سنوات من المدة المحكوم بها عليه وهي سبع سنوات. وحرية وإنصاف تدين الاعتداء على سجين الرأي حسان الناصري وتطالب بفتح تحقيق في الموضوع وتقديم المعتدين إلى القضاء وتدعو إلى تمكين السجين المذكور من كل حقوقه التي يضمنها له القانون في انتظار الإفراج عنه. 2)حرمان والدة المعارض السياسي ربيعي البركاوي من المنحة الاجتماعية: حرمت معتمدية فوسانة بولاية القصرين السيدة هادية البركاوي من المنحة التي كانت تتقاضاها من وزارة الشؤون الاجتماعية، والتي كان يتقاضاها زوجها قبل وفاته منذ عشر سنوات. علما بان السيدة هادية البركاوي تعيل ابنتين يتيمتين إحداهما جامعية عاطلة عن العمل كما تعيل من هذه المنحة ابنا معاقا. ولأن الابن الأكبر للسيدة هادية البركاوي هو السيد ربيعي البركاوي (معلم ابتدائي، متزوج وله عدة أبناء) وهو رئيس فرع جامعة الحزب الديمقراطي التقدمي بفوسانة، فقد ارتأت معتمدية الجهة حرمان والدته من المنحة التي كانت تتمتع بها منذ وفاة زوجها والتي تعيل بها ابنتين وابنا معاقا، بتعلة ان ابنها الأكبر بمقدوره إعالة والدته وإخوته، بينما هم في الواقع لا يعيشون في كفالته. وحرية وإنصاف تندد بحرمان السيدة هادية البركاوي من المنحة الاجتماعية التي كانت تتمتع بها وتدعو إلى تمكينها من هذا الحق وعدم معاقبة المواطنين بسبب انتماء ذويهم لأي حزب معارض وتطالب بفصل الإدارة التي هي في خدمة المواطن عن أمزجة المنتسبين للحزب الحاكم. 3)حتى لا يبقى سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو عيدا آخر وراء القضبان: لا يزال سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو وراء قضبان سجن الناظور يتعرض لأطول مظلمة في تاريخ تونس، في ظل صمت رهيب من كل الجمعيات والمنظمات الحقوقية، ولا تزال كل الأصوات الحرة التي أطلقت صيحة فزع مطالبة بالإفراج عنه تنتظر صدى صوتها، لكن واقع السجن ينبئ بغير ما يتمنى كل الأحرار، إذ تتواصل معاناة سجين العشريتين في ظل التردي الكبير لوضعه الصحي والمعاملة السيئة التي يلقاها من قبل إدارة السجن المذكور. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري


الجمعية الدولية  لمساندة المساجين السياسيين                                           تونس في 30 مارس 2010                                          

كشف الحساب..لقضاء .. » يكافح الإرهاب « : السلطات التونسية تعيد اعتقال شاب تونسي بعد ترحيله من طرف  السلطات العراقية  .. !!

 


 
علمت الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين أن السلطات العراقية قامت خلال الأيام القليلة الماضية بترحيل الشاب محمد بن الشاذلي بن أحمد العكاري ( أصيل تونس العاصمة حيث ولد بتاريخ 16/02/1975 ) الذي كان موقوفا بأحد السجون العراقية بشبهة الانضمام إلى المقاومة العراقية . و كان الشاب المذكور قد اعتقل اثر معركة مع القوات الأمريكية أصيب خلالها بطلق ناري استوجب نقله إلى أحد المستشفيات حيث أجريت عليه أربع عمليات جراحية و نجح الأطباء في إنقاذ حياته ، و قد اعتقلته السلطات العراقية و صدر ضده حكم جزائي سالب للحرية ، و عند انتهاء مدة العقاب وقع ترحيله نحو تونس . و فور وصوله إلى تونس قامت السلطات التونسية بإعادة اعتقاله و تقديمه صباح اليوم إلى أحد قضاة التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس الذي أصدر في شأنه بطاقة إيداع بالسجن المدني بالمرناقية  ، كما أصدر السيد حاكم التحقيق بطاقة إيداع في حق شاب آخر كان تحول في أوائل سبتمبر 2004 إلى القطر السوري قصد التسلل إلى العراق و الانضمام إلى المقاومة العراقية و لكنه عدل عن ذلك من تلقاء نفسه و عاد إلى تونس . و كانت النيابة العمومية قد وجهت على الشابين المذكورين تهم  الانضمام إلى تنظيم اتخذ من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضه  و الدعوة إلى ارتكاب جرائم إرهابية  و إلى الانضمام إلى تنظيم إرهابي و تلقي تدريبات عسكرية بقصد ارتكاب إحدى الجرائم الإرهابية .    عن لجنة متابعة المحاكمات السياسية الكاتب العام الاستاذ سمير بن عمر 

بسم الله الرحمان الرحيم لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس تونس في 30.03.2010 

عز الدين التريكي يحذّر طالبات من عواقب ارتداء الحجاب

 


تلقت لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس رسالة تفيد بأن رئيس قسم « وحدة المواد » بالقطب التكنولوجي ببرج السدرية المدعو عز الدين التريكي وجه تهديدات إلى طالبات يقمن بتربص في الكلية بهدف دفعن للتخلي عن حجابهن ، حيث أصدر توصياته يوم الاربعاء الماضي 24 مارس 2010 لأحد الموظفين بالوحدة المذكورة لتحذير الطالبة نجلاء بن عثمان التى تزاول تعليمها بالمرحلة الثالثة بكلية العلوم ببنزرت وزميلتها أمل صالح الطالبة سنة ثالثة ، من طريقة « لباسهن الطائفي » وهددهن بأنه سيجلب لهن المتاعب إن واصلن ارتداءه.   ولجنة الدفاع عن المحجبات بتونس تدعو السيد عز الدين التريكي المسؤول بالقطب التكنولوجي ببرج السدرية إلى عدم التعرض إلى الطالبة المحجبة نجلاء بن عثمان وزميلتها أمل صالح بسبب اختيارهن ارتداء الحجاب ، وتطالب على لسانهن بكف الأذى عنهن وعدم التدخل في خصوصياتهن وحرياتهن التى يكفلها لهن دستور البلاد ، وتحمله شخصيا واصحاب القرار في البلاد هذه التجاوزات المرفوضة .   تؤكد اللجنة مجددا أن السلطة التونسية تستنزف سمعة تونس ومواطنيها بممارسات تتعارض مع قيم المجتمع التونسي المحافظ ، وهي لا ترغب في تغيير سياساتها الثابتة في استهداف الحجاب والمحجبات رغم كل التحذيرات الموجهة إليها بضرورة وقف الضغوط التى تمارسها عليهن ، وتطالبها بمراجعة سياساتها الفاشلة التى تعتمدها منذ عقود .   تطالب الهيئات والشخصيات الحقوقية داخل تونس وخارجها ، بمكاتبة السلطات التونسية بشأن خروقاتها السافرة بحق المرأة التونسية المحجبة ، وتطالب العلماء والدعاة والإعلاميين في العالم الإسلامي بالنهوض بواجبهم تجاههن ، والعمل على إتخاذ خطوات عملية لنصرتهن والعمل لصالح قضيتهن .   عن لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس  


شـــــــــكــــــــــــــر


تمّ اليوم 30 مارس 2010 تأجيل التّصريح بالحكم في قضيّتي ليوم 6 أفريل القادم وهي القضيّة الّتي اتُهمت فيها ظلما باحداث الهرج والتّشويش والقذف العلني والاعتداء على الأخلاق الحميدة، قضيّة كيديّة لا يمكن أن تكون إلاّ إحدى ممارسات هذا النّظام في حقّ كلّ من خرج عن قطيع أغنام شعب تونس. ولم يبقى في القضيّة ما يمكن وصفه بالقضيّة أصلا، ليبقى الحكم رهين استقلاليّة القضاء الّتي لا نطلب منها إلاّ العدالة، لنتيقّن أيمكن لتونس أن تكون بلدا بنطفة حريّة؟ وعليه فقد وجدت من الضّروريّ أن أشكر لسان الدّفاع الّذي أعجز عن وصف المجهود الجبّـار الّذي بذلوه من أجل إظهار حقائق التّدليس والكيديّة في ملف القضيّة والّذي تكبّد أغلبهم مشقّة السّفر من العاصمة وتعرّضوا بدون استثناء إلى اعتداءات متفاوتة من طرف البوليس كالمنع من الوصول إلى قاعة المحكمة واحتجاز بطاقات الهويّة والتّضييق على المرافعات وغيرها، هيئة الدّفاع الّتي شرّفني التفافها وشرّف فظاء محكمة الشّـابة أن رافعوا فيها. كما أشكر كلّ من تضامن معي بالهاتف والرّسائل من أهالي مدينة الشّـابة المناضلة ومن شبابها ومن أصدقائي ورفاقي ممّن آمنوا بأنّ طريق الحريّة مليء بالأشواك. وأجدّد شكري لكلّ من حضر في جلسات المحاكمة بالشّـابة من أصدقاء ورفاق من كلّ الجمهوريّة من مناضلي الحزب الدّيمقراطي التقدّمي وكافة الأطياف السيّـاسيّة وأخصّ بالذّكر الأمينة العامة للحزب الدّيمقراطي التقدّمي السيّدة ميّة الجريبي الّتي تجنّدت لحضور كلّ جلسة وتكبّدت عناء السّفر مرّات عديدة وغيرها من أعضاء المكتب السّياسي للدّيمقراطي التقدّمي ممّـا أخجلني في بعض الأحيان. شكرا للجميع، لم تزدني أطوار هذه القضيّة إلاّ إصرارا على ضرورة مواصلة النّضال من أجل تونس حرّة، وإصرارا على مواصلة رفع شعار المقاومة المدنيّة في وجه كلّ ظالم مستبد أخيرا، السلاسل الحديدية قد تقيد يدي ورجلي لكنها لا تستطيع الالتفاف حول قلب ينبض بحب الحريّة وعقل يعرف جيدا ما هو هدفه من الحياة .. نزار بن حسن  


 الجمعية الدولية  لمساندة المساجين السياسيين                                                        تونس في 30 مارس 2010                                                

كشف الحساب..لقضاء .. » يكافح الإرهاب « :                      مستشفى الأمن بالمرسى يحتجز المرأة هدى الورتاني و يمنع عنها الزيارة .. !!

 


علمت الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين أن إدارة مستشفى قوات الأمن بالمرسى  عمدت إلى منع عائلة المرأة هدى بنت محمد بن مصطفى الورتاني و محاميها  من زيارتها  دون أي وجه قانوني و ذلك على خلفية تورطها في قضية جزائية منشورة أمام أحد حكام التحقيق بعد إيقافها مع زوجها زياد العبيدي أثناء محاولتهما مغادرة البلاد التونسية خلسة عبر الحدود الجزائرية و إطلاق النار عليهما و إصابتهما من طرف حرس الحدود  . و قد نقلت الزوجة إلى المستشفى المذكور في بداية مارس و لم يتم تمكين عائلتها من زيارتها و الاطمئنان عليها لحد اليوم رغم أنها محالة في القضية الجزائية المنشورة ضدها و هي ….. بحالة سراح  !! !!  . و الجمعية إذ تندد بقيام مستشفى قوات الأمن باحتجاز المرأة هدى الورتاني و منعها من مقابلة عائلتها و محاميها دون أي سند قانوني ، فإنها تحمل إدارة المستشفى المسؤولية الكاملة عن سلامتها الجسدية كما تناشد السلطة التدخل لوضع حد لانتهاك القانون و تمكين العائلة من مقابلة ابنتهم و الاطمئنان على صحتها  . عن لجنة متابعة المحاكمات السياسية الكاتب العام الاستاذ سمير بن عمر  


الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 14 ربيع الأول 1431 الموافق ل 30 مارس 2010 بريد المظالم
 
وردت علينا الرسالة التالية من الآنسة نجلاء عثمان الطالبة مرحلة ثالثة بكلية العلوم ببنزرت، تروي فيها تعرضها من جديد للترهيب والتهديد بسبب ارتدائها للحجاب والاعتداء على حقها في حرية اللباس.  

بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على اشرف المرسلين تحية عطرة وبعد ، إخوتي الأعزاء في منظمة حرية وإنصاف يؤسفني جدا أن أسوق إليكم خبرا جديدا عن مضايقتي مرة أخرى وهذه المرة من طرف السيد عز الدين التريكي رئيس قسم »وحدة المواد  » الذي أوصى أحد أعوان الموظفين العاملين بوحدة المواد بتحذيرنا ، الطالبة نجلاء عثمان ، مرحلة ثالثة بكلية العلوم ببنزرت و زميلة أخرى تدعى أمل طالبة سنة ثالثة بالمعهد الأعلى لتكنولوجيا البيئة ببرج السدرية من طريقة لباسنا الطائفي التي ستجلب لنا المتاعب إن واصلنا ارتداء ملابس من هذا النوع. وهذا فيه تعد صارخ على الحريات التي يكفلها الدستور التونسي في الفصل 5 الذي يكفل الحرية الشخصية وحرية المعتقد. وعليه فإننا نطالب بكف الأذى عنا وعدم التدخل في خصوصياتنا وحرياتنا طالما يكفلها لنا دستورنا. ولكم منا فائق الشكر والامتنان على مجهوداتكم في الذود عن الانتهاكات الصارخة التي نتعرض لها يصفه مستمرة . والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته وحرية وإنصاف تدين بشدة مضايقة المحجبات وتدعو إلى وقف هذه السياسة المخالفة للدستور والقانون وتطالب الإدارة بالحياد وعدم تطبيق سياسة طرف سياسي في الحكم ضد طرف آخر معارض.
عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري         ذ


 

محاكمة تلميذ بجبنيانة


استمرارا في نهج السلطة التصعيدي ضد كل نفس حر ,يحال غدا الثلاثاء(بالأمس) التلميذ طارق بن نصر على المحمكة الابتدائية بصفاقس بتهمة الاضرار بملك الغير وذلك على خلفية الاحتجاجات التي شهدتها مدينة جبنيانة خلال شهر جانفي مساندة للطلبة المسجونين الاتحاد العام لطلبة تونس جهة صفاقس


الديمقراطي التقدمي بلاغ صحفي  

حالت حواجز أمنية دون دخول سيارة الأمينة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي الأخت مية الجريبي إلى مدينة الشابة صباح اليوم لحضور محاكمة الأخ نزار بن حسن أحد الإطارات الشبابية للحزب أمام محكمة الشابة. وكانت الأخت الأمينة العامة مرفوقة بالأخ مولدي الفاهم عضو الهيأة التنفيذية للحزب والأستاذين المحاميين عبد الناصر العويني وإيمان الطريقي اللذين مُنعا من التنقل إلى مقر المحكمة فترة غير قصيرة قبل أن يُسمح لهما بالمرور. وبعد مماطلة استمرت أكثر من ساعتين في مناخ سادته كل أنواع التجاوزات غير القانونية بما ذلك حجز وثائق السيارة، أفسح المجال أمام الأمينة العامة والأخ الفاهم لدخول المدينة، لكن حيل بينهما وبين حضور المحاكمة. ومعلوم أن الأخ نزار بن حسن يُحاكم من أجل مشاركته في اعتصام احتجاجي نظمته جمعية الطالب الشابي (التي هو عضو فيها) في مدينة الشابة للمطالبة برفع التضييقات عن نشاط الجمعية. إن الحزب الديمقراطي التقدمي إذ يستنكر بمنتهى الشدة هذا الإعتداء الجديد على الحريات، يؤكد أن هذا الأسلوب الفظ في التعامل مع حزب معارض قانوني يدل على أن التعددية غائبة كليا من قاموس الحكم ويبرهن على إرادة راسخة في تطويق العمل السياسي والجمعياتي المستقل من أجل فرض الصمت على المجتمع التونسي وعلى نخبه. وينتهز الحزب هذه المناسبة للتحذير من المنزلق الخطر الذي تدفع السلطة بالبلاد نحوه من خلال سياسة القمع المنهجية التي دأبت على سلوكها، خاصة بعد الإنتخابات الأخيرة، ضد أي صوت حر. ويطالب برفع حالة الحصار المضروبة على الحزب وعلى المعارضة الجادة والكف عن المحاكمات والإقلاع عن خنق الصحافة ودوس حقوق الإنسان.                                 تونس في 30 مارس 2010                                    الأمين العام المساعد                                        رشيد خشانة


الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان فرع قليبية قربة يوم الأرض  


في الثلاثين من شهر مارس، من كل سنة تخرج الجماهير الفلسطينية في مسيرات غضب حاشدة، تذكّر العالم بأن هناك أرضا تسمى فلسطين، وأن هناك شعبا تنتَزَع منه أرضُه، كل يوم، وأنه يتشبّث بها أكثر من تشبّثه بحياته وروحه، ويسجّل، في ذلك، عهدا، لا مثيلَ له بين العهود، وميثاقا، غليظا، لا مثيل له بين المواثيق، لا في التاريخ القديم ولا الحديث.. عهدا باركه ويباركه بالدم، وميثاقا عمّده، ويُعَمّده، بالدموع والعذاب والتشرد. هل هناك في الدنيا أرض تُسرَق، مثل الأرض الفلسطينية، والسارقُ يفاخر بسرقته، أمام كل الدنيا، ويلقى الدعم والمساندة والتشجيع من هذه » الشرعية الدولية »، ومباركة، مباشرة وغير مباشرة، من الأنظمة العربية؟ وهل هناك شعب، يُجلَد ويُقهر، وتُنتَهَك مقدساته وثقافته وتاريخه ووجوده، مثل الشعب الفلسطيني الأعزل، والحكامُ العرب، الذين يضعون أنفسهم أوصياء عليه وناطقين باسمه قد تعاونوا مع المغتصب في بناء الجدران العازلة لإحكام الحصار عليه وتجويعه، وكأنهم لم يكفهم ما فعلوه ويفعلونه ضده، فتنادوا على » قمم » العار والفضيحة يتنافسون في الخطابة والبلاغة بألسنة  » تغزل الحرير » وتفتح في  » الجنة » آلاف الأميال، وليس ذراعا.واحدا. ؟ ولْتظلوا كما أنتم..تمدّ ون الأيادي والأعناق ..تواصلون الإنبطاح.. وتتقوقعون… لكن الصهاينة لن يرضوا عن  » عروض تَعَرّيكم  » المقرف. فلترفعوا أيديكم عن الشعب الفلسطيني، لأن ثرثرتكم  » العنترية » لن تقتل ذبابة. أتركوه وهو يعرف كيف يواجه بصدور أطفاله ورجاله ونسائه آلة الحرب الصهيونية . ولكم أن تشاهدوا نضالاته عساكم تتعلمون منه الحقيقة والإباء والصمود، وهو في شهر مارس » تنتشر الأرضُ فيه.. مواعيد غامضة واحتفالا بسيطا » كما قال شاعره محمود درويشا مجسّما الإحتفال الفلسطيني بيوم الأرض من كل سنة. أما أنت، أيها الفلسطيني، المقيم في التشرد والمتشرد في إقاماتك، فلا تنتظرهم، بل عليك أن تقاوم حصارهم: »… سقط القناع عن القناع، عن القناع، سقط القناع. لا إخوة لك يا أخي، لا أصدقاء.. يا صديقي، لا قلاع. لا الماءُ عندك، لا الدواء، ولا السماء، ولا الدماء ولا الشراع.. ولا الأمام ولا الوراء. حاصرْ حصارك لا مفرّ » ، وبنضاله يحاصر الفلسطيني حصاره، مثلما شاعره محمود درويش، يحاصر موته. وكل عام والعرب العاربة تتوعد وتندّد وتفدّد، ولا نامت أعين الجبناء  
رئيس الفرع : عبد القادر


الأساتذة في حشاد يقاطعون المرشد التربوي أثناء مداولات مجالس الأقسام

 


أبلغ الأساتذة في معهد شارع فرحات حشاد بمكثر الكاتب العام لنقابتهم الأساسية مساء الإثنين 29 / 03 / 2010 بمقاطعتهم حضور السيد المرشد التربوي مجالس الأقسام بعد ما صدر منه من اعتداءات و تشويه ضد الأساتذة في ذلك الفيديو الذي انتشر قبل العطلة. فاتصل الكاتب العام بالسيد مدير المعهد و أبلغه موقف الأساتذة و رجاه أن يجد حلاّ لتجنب المزيد من التصادم و التوتر أثناء المجالس و اقترح عليه أن يتم تعويض المرشد التربوي بطرف إداري آخر حتى تسير المجالس في ظروف عادية. و تعهد المدير بذلك. لكن فوجئ الأساتذة عندما دخلوا إلى مكتب المدير لعقد المجلس بوجود المرشد التربوي و بتمسك المدير بحضوره رغما عن الأساتذة و رغم رغبة المرشد التربوي الذي أراد الانسحاب،( حتى أن السيد المدير يحلف على الأساتذة أن يحضروا المجالس مع المرشد التربوي رغما عنهم، فكأن المعهد منزله الخاص يحلف فيه و يمشي كلامه كما يشاء). و أمام تعنت المدير و استماتته في توتير الأجواء و خلق المزيد من التصادم اضطر الأساتذة إلى الانسحاب، مما أدى إلى تعطل المجلس تماما. و قد أمضى الأساتذة الحاضرون عريضة يؤكدون فيها مقاطعتهم للمرشد التربوي على خلفية اعتداءاته الصارخة على الأساتذة، كما يؤكدون التزامهم بواجبهم المهني في حضور المجالس بشرط أن لا يتواجد فيها المرشد التربوي. و الأساتذة الآن يؤدون واجبهم المهني و يقومون بتعمير بطاقات الأعداد. لكن الغريب أن إدارة المعهد، و بعد كل تجاوزاتها و تعنتها لا تبحث عن حلول بل راحت تلفق التهم للأساتذة حتى تظهرهم للإدارة و الرأي العام و كأنهم لا يقومون بعملهم. و هذا افتراء مردود على أصحابه. فالأساتذة يمارسون عملهم على أكمل وجه، بل إن مقاطعتهم للمرشد التربوي يعتبر ردا مشروعا على ما بثه هذا الأخير للتلاميذ من سموم و اعتداءات و تشويه و تحريض ضد الأساتذة الذين يتمسكون برد اعتبارهم و حمايتهم من مثل هذه الممارسات التي تعطل العمل التربوي. النقابة الأساسية للتعليم الثانوي بمكثر عبد الله بنيونس       


قال أن ما حصل من تجاوزات من الهيئة الإدارية دفعني إلى الإنسحاب  

سيد الفرجاني : منظمة المهجّرين ضاقت بالمشروع الوطني الذي نريده

 


السبيل أونلاين – لندن – تونس – خاص  (ملف منظمة المهجّرين)   تمهيد : كان ميلاد « المنظمة الدولية للمهجّرين التونسيين » منذ أقل من سنة مضت ، تتويجا لحراك مضن من قبل فاعلين في الساحة المهجرية وكانت حلقته الأبرز المؤتمر التأسيسي الذي إنعقد بمدينة جينيف السويسرية بتاريخ 20 و21 جوان 2009 ، وقد شكّل ذلك المؤتمر حدثا إعلاميا وسياسيا إستثنائيا خطف الأضواء وشدّ إليه الأنظار محليا ودوليا ، وإستفاق العالم على مأساة الشتات التونسي الذي تعيشه مئات العائلات التونسية المهجّرة في أكثر من خمسين دولة في العالم .   ولعل أبرز ما ميّز هذا الحدث الوطني التاريخي البارز تزامنه مع أكبر لقاء لأبرز أطراف الحراك المدني والسياسي والذين إجتمعوا على هامش المؤتمر في ورشة حوار سياسي مغلق كانت نتيجته إصدار بيان سياسي في نهاية المؤتمر إتفقت فيه المعارضة التونسية عن تشخيص موحد للوضع العام بالبلاد وقررت تفعيل آليات العمل المشترك في أفق جبهة وطنية موحدة .   وبالنظر إلى حجم المؤتمر التأسيسي فقد علقت آمالا كبيرة على المنظمة والقائمين عليها ، إلا أن آداءها حسب المراقبين لم يكن في حجم الإنتظارات وكان طيلة الأشهر الثمانية الماضية ضعيفا إن لم يكن منعدما.   إن ما لا يعلمه الرأي العام هو أن المنظمة كأغلب مؤسسات المجتمع المدني والسياسي ببلادنا عانت وتعاني من مشاكل داخلية كشف جزءا منها البيان الأخير لهيئتها الإدارية ، فقد بدأ الإختلاف داخل المنظمة بحسب معلوماتنا الدقيقة أياما قليلة بعد المؤتمر التأسيسي حيث سبق لرئيسها السيد نور الدين ختروشي أن قدّم إستقالته الأولى بعد أقل من أسبوعين فقط من مؤتمر جينيف وتراجع عنها بضغط من بعض الأعضاء ثم جمّد مهامه كرئيس نهائيا شهرا بعد إنعقاد الهيئة الإدارية الأولى ، وبقيت المنظمة عمليا ومنذ أكتوبر 2009 بدون رئيس .   وما نريد التأكيد عليه بالمناسبة أن قضية الاجئين التونسيين هي قضيتنا بإعتبارنا موقعا إعلاميا وطنيا مهجّرا ، وأن تناول الأزمة التى تمر بها المنظمة الدولية للمهجرين التونسيين هو من صلب العمل الإعلامي الوطني البديل ، ومن أهم منطلقاته تكريس الشفافية والبحث عن الحقيقة لإنارة الرأي العام بالمعلومة الصحيحة بعيدا عن مزاعم التشهير التي قد يتمترس وراءها من له مصلحة في التعتيم على ما يجري داخل المنظمة ، وعليه فإن ما يدور في منظمة المهجّرين لا يهم القائمين عليها فقط وإنما كل مكونات الساحة الوطنية .   وسعيا منّا إلى معرفة أسباب وخلفيات الأزمة قام السبيل أونلاين بإتصالات مكثفة بالأطراف المعنية داخل المنظمة ننشرها تباعا في شكل حوارات ونصوص ، واليوم ننشر المقابلة التى جمعتنا بالسيد سيد الفرجاني الذي يعد من ابرز الشخصيات الوطنية التى ساهمت بفعالية في صناعة وبلورة مشروع المنظمة الدولية للمهجّرين التونسيين ، وفي ما يلي نص المقابلة :   السبيل أونلاين : كيف تقرأ الوضع السياسي العام للبلاد وأوضاع المعارضة الوطنية على وجه الخصوص ؟   سيد الفرجاني : الوضع السياسي في تونس يشهد انسدادا وتدهورا ، و الواقع السياسي الماثل أمامنا في هذه اللحظة هو ابن شرعي مباشر لموازين القوى بين السلطة وقوى المجتمع ، وبالتالي فكل ما يحصل من انتهاكات واستمرار هيمنة السلطة على المجتمع ليس إلا انعكاسا لإنخرام موازين القوى على حساب تطلعات شعبنا وطموحاته وقواه الحية المناضلة . ثم إن ما نشهده من رداءة في الاداء السياسي للمعارضة عموما هو سبب مباشر لبعض العوامل التالية :   أولا: السلطة عملت منذ مجيء بن علي على إفراغ فضاء المجتمع المدني من الكيانات الأصيلة .   ثانيا : إضعاف ما استعصى على السلطة اجتثاثه من وحدات المجتمع المدني المتبقية ، عبر الضغط المستمر على الجمعيات والأحزاب بل ومحاولة اختراقها وتحويلها إلى كيانات تابعة للسلطة .   وقد نجحت السلطة في اختراق بعض الكيانات وتحويلها إلى كيانات تابعة ومتحكم فيها من طرفها . كما نجحت في تحقيق اختراق أمني وسياسي لرموز معروفة في تلك الكيانات السياسية والحقوقية وإلاجتماعية وحولتها إلى طابور خامس يتبنى سياسات السلطة وأهدافها من داخل تلك الأطر .   والملاحظ أن بعض تلك الرموز ينسّق مع السلطة ، أما البعض الآخر فيتحرك في إتجاهها بحسن نيّة ، وقد أصبح هؤلاء عامل شلل داخل تلك الهياكل ، فهم يتحركون داخلها لصالح السلطة .   كما لا يفوتنا الإشارة إلى تفشي ظاهرة النفعيين ومحبي البروز والزعامة في أوساط المعارضة والذين أفسدوا كيانات المجتمع المدني والنخبة التونسية عموما ، وهوما جعل أطر المجتمع المدني الأصيلة وبعض الحركات والأحزاب تعيش واقعا لا تحسد عليه أمام الهيمنة المتزايدة للسلطة على الفضاء العام . لقد تحوّلت الحياة السياسية في البلاد إلى واقع محبط للوطنيين المناضلين ومشجع للسلطة على مزيد الإعتداء على كرامة وحقوق الشعب التونسي كما أصبح النظام في طريق مفتوح لممارسة الاستبداد مما شجّع استشراء الفساد في هياكل الدولة والمجتمع في غياب أي رقيب .   والملاحظ أن تونس شهدت استبدادا بقشرة مدنية في العهد البورقيبي ثم استبدادا بقشرة بوليسية خلال حكم بن علي ويتهددها حاليا السقوط في نمط استبداد بقشرة مافيوية . حقائق الوضع بالبلاد كما عرضناها سابقا هي وراء التقاء القوى السياسية في الداخل والخارج في جينيف بسويسرا وتدارسها التنسيق المتدرج نحو تحقيق عمل مشترك لإنقاذ البلاد من المستقبل المجهول الذى يتهددها خصوصا بعد بن علي ، وكان وعينا حادا بأن تجميع قوانا المشتتة هو المقدمة الضرورية للتحرك السليم نحو تعديل موازين القوى . وأما المسار الثاني فكان في تأسيس المنظمة الدولية للمهجّرين التونسيين . وكانت ولادة المنظمة ككيان مستقل يركز على العمل في المهجر ضمن سياقه الوطني الشامل .   والملاحظ أن هناك من يري أن الحديث عن مشاكل المنظمة في الإعلام تشهيرا ونشرا للغسيل يستفيد منه خصوم المنظمة وخصوصا السلطة ، تلك المقدمة وهذا السياق يفترضان السكوت والتكتم على كل الأمراض التى حدثت أو تحدث في أي جسم وطني وهو ما يؤدي بالنتيجة إلى تأبيد عاهاته وأمراضه . لكن هناك من يري أنه لا بد من ثبيت ثقافة جديدة تقول بأنه إذا تخمّرت المشاكل وتحولت إلى دائرة الأزمة واستعصى الحل ، فمن حق الجسم الوطني أن يعلم بما حدث بدقة معقولة بعيدة عن الشخصنة بقدر الإمكان من أجل استخلاص الدروس والاستفادة منها في المستقبل وهو بالنتيجة بما يتيح للحركة الوطنية المناضلة أن تستفيد من أخطاءها وتتعلم من تجاربها وتراكمها في الاتجاه الصحيح ولا تبقى في كهوف السرية وثقافة التبرير بما يعيد إنتاج سلطة الاستبداد ذاتها داخل هياكلنا.   السبيل أونلاين : ساهمت في بلورة مشروع المنظمة الدولية للمهجرين التونسيين قبل الدعوة إلى مؤتمر تأسيسها في مدينة جينيف في جوان 2009 ، فماهي أهم مرتكزات المشروع ؟ .   سيد الفرجاني : إضافة إلى السياق الذي سبق ذكره فقد برزت فكرة المنظمة في سياق الهرولة بإتجاه الحلول الفردية لما يسمي بالعودة ، مع الملاحظة أن ما يطلق عليه بالعودة أصبح في الحقيقة زيارة مهاجرين لأهاليهم اذ تحول مشروع العودة إلى زيارة الأهل والسياحة بدل مشروع عودة متكاملة مثلما نص عليها البيان التأسيسي للمنظمة . كما اتسمت تلك العودة أحيانا بالذلة وكانت مؤشرا لمزيد التدهور داخل الساحة الوطنية بل وساهمت في توسيع حالة الاستقالة والإحباط في الداخل والخارج عموما . فكان من أهدافنا المباشرة والمرحلية لتأسيس المنظمة ، بعث إطار للمهجّرين يعمل على تنظيم واستيعاب العودة في سياق وطني يحفظ كرامة الفرد والمجموعة العائدة ويحقق لهم شروط العودة الكريمة الآمنة والشاملة والتى لا تستثني أحدا مثلما نص عليها البيان التأسيسي.   أما الأهداف الاستراتيجية التى يحملها بعض المؤسسين الرامية إلى تحويل الحالة المهجرية من العطالة إلى عامل قوّة ينخرط في العمل الوطني ويعضد الداخل ويفتح آفاقا واسعة بعيدة عن منال السلطة وتحكّمها ، وتختلف تماما عن حالة التحكم والضبط الحاصلة داخل البلاد ، مما يحوّل المهجر إلى قيمة مضافة نوعية جدا تعضد العمل الوطني في الداخل وتفسح المجال بجدية لتغيير موازين قوى المجتمع ضد هيمنة السلطة وهو ما يستدعي أن يتأسس العمل المهجري على أساس خدمة وتنظيم كل شرائح أبناء تونس في الخارج سواء أولائك الذين هربوا في قوارب الموت عبر البحر أو الذين يرزحون في سجون أوروبا نتيجة للبطالة ووقوعهم في شرك عصابات الجريمة المنظمة في الغرب ، كما أن خدمة العائلات في الخارج والطلبة ورجال الأعمال والكوادر من أكادميين وأطباء … إلخ ، هو من صلب عمل المنظمة التى لا يمكن أن تتحول إلى قوة حقيقية تفيد النضال الوطني وتساهم بجدية في دفع النظام المستبد إلى التنازل إلا إذا إلتزمت بالبعد الإستراتيجي الذي نشدد عليه هنا . وقد كان مشروع اللائحة العامة والقانون الأساسي اللذان قُدّما إلى المؤتمر يمثلان الحدّ الأدني المقبول الذي زاوج بين الرؤية المطلبية المباشرة والرؤية الاستراتيجية لكي تنطلق المنظمة على أرضية صلبة وتبقى فضاء يضم الجميع . يساهم في بناءها الرصين والمتدرج .   إلا أنه ومنذ انطلاق المؤتمر حدثت بعض الاعطاب ووقع تقزيم اللائحة العامة بإسقاط بعض المسائل الاساسية منها :   اسقاط مطلب العفو التشريعي العام الذى يمثل الحد الادني الضروري لتحقيق العودة الآمنة بالنسبة للبعض ، بل إن هناك من الأعضاء من لا يثق في السلطة أصلا حتى ولوسنت عفوا تشريعيا عاما ، فما بالك إذا لم تلتزم المنظمة في مؤتمرها بمطلب العفو التشريعي العام و يستذكر أصحاب هذا الرأي ما فعله النظام سنتي 1988 / 1989 حيث زكّى صيغة من صيغ العفو التشريعي لكن السلطة لم تلتزم به . فمن يلغي العفو التشريعي العام مثلما وقع في المؤتمر فقد ألغى العودة الآمنة التى نص عليها البيان التأسيسي . كما قلّص المؤتمر فضاء العمل الاستراتيجي وبالتالي تم ضرب وثيقة الحدّ الأدنى الوفاقية التى جهزت قبله انعقاده . والمعلوم أن الوثيقة كانت تعكس حرص رئيس المنظمة السيد نور الدين ختروشي على جمع جميع الأطراف المختلفة للانخراط في المنظمة . كما مثلت تلك الوثيقة توازنا بين رؤى مختلفة جذريا وبالتالي فإن إضعاف مضمون الوثيقة مثّل إضعافا مبكرا للرئيس من ناحية وتحجيما لأصحاب الخيار الاستراتيجي في المنظمة   السبيل أونلاين : كيف تقرأ ما جاء في البيان الأخير للهيئة الإدارية للمنظمة الدولية للمهجرين التونسيين ؟   سيد الفرجاني : أهم ما جاء في البيان هو طلب الهيئة الإدارية من الرئيس الاستقالة واستجابته لذلك وطبقا لبيان الهيئة الإدارية « فقد توافق أعضاء الهيئة الإدارية على إقالة الرئيس » الذي استجاب لطلبهم وهو ما يدعونا للتوقف عند موضوع الرئاسة والتأكيد على ما يلي :هناك في ما يخص الرئاسة خلل خطير جدا وقع في المؤتمر وهو خطير على أي هيكل وخاصة على منظمة دولية أعضاءها موزعون على أكثر من دولة وهو ما يدعونا إلى التساؤل عن أصحاب المسؤولية عن هذا الخلل والذي من أبرز عناصره :   واحد : لم تتم في المؤتمر المصادقة على القانون الأساسي الذي أعد بعناية فائقة وكان ضروريا لحسن سير المنظمة بعد المؤتمر خصوصا .   ثانيا : وقع التسرع في انتخاب المكتب التنفيذي كهيئة تنفيذية ثانية وموازية للرئاسة ضمت رئيس المؤتمر في حين لم يتم الحرص على انتخاب الهيئة الإدارية التى تمثل أعلى سلطة تشريعية بين مؤتمرين وتراقب عمل مؤسسات المنظمة.   ثالثا : وبناءا على ما سبق فإن المنظمة خرجت من المؤتمر برئيس ينازعه مكتب تنفيذي في الصلاحيات التنفيذية مع غياب قانون أساسي كمرجعية ودون هيئة إدارية منبثقة من المؤتمر ، وهو ما شكل مأزقا غير مسبوق يتحدى حسن سير المنظمة بل وحتى استمرارها ، خصوصا بعد تحدي المكتب التنفيذي لصلاحيات الرئيس والسقوط في متاهة التأويلات لتوصيات وقرارات المؤتمر بعيدا عن أي مرجعية .   ولذا فقد ضُربت المنظمة على مستوى مشروعها التوافقي المضمن في اللائحة العامة ، ثم ضربت في هياكلها التنفيذية ، ثم ضربت بطلب الهيئة الإدارية (التى وقع تشكيلها بعد المؤتمر كمحاولة لملء فراغ دستوري واضح نتيجة لما ذكرناه آنفا حول المؤتمر) من الرئيس الاستقالة وهذا يعني الخلاصات التالية :   أولا: أن رئيس المؤتمر والهيئة المشرفة معه ، هم الذين يتحملون المسؤولية المباشرة على إنتاج منظمة دون قانون أساسي وبرأسين تنفيذيين مع إهمال انتخاب مؤسسة الهيئة الإدارية المهمة التى تمثل المرجعية الرئيسية للمنظمة بين مؤتمرين .   ثانيا : أن رئيس المؤتمر هو المنسق للمكتب التنفيذي الجديد في غياب مؤسسة الرئاسة جملة وهو ما يدعو إلى طرح السؤال الآتي : هل أن ما تم من اخلالات هو بتدبير مبيّت من قبل رئيس المؤتمر سابقا ومنسق المكتب التنفيذي الوارث لموقع الرئاسة عمليا ؟..أم أنه جاء عفويا وأن الأخلال التى تمت ووصفت آنفا إنما هي ناتجة عن قلة خبرة لهذا المسؤول ؟ ، فإذا كان الاحتمال الثاني هو الأصح ، فما هو مصير منظمة تعيش في هذا الواقع من الإخلالات بالجملة ؟ ، وأي مصير يترقب منظمة يشرف عليها من قام بهاته الأخطاء ؟ ، مما يتوجب على المنظمة أن تسارع وبدون إبطاء إلى التنادي الى مؤتمر قانوني ودستوري يصحح جملة الإخلالات المذكورة آنفا ويعيد الثقة في المنظمة وأهدافها ، وهو يفتح الباب واسعا لاتهام الهيئة الإدارية القائمة باللا دستورية . اذ لا يحق لها أن تقيل رئيس المنظمة الذي هو أقوى شرعية منها بما أنه منتخب مباشرة من المؤتمر ، وربما كان مستساغا لو نادت الهيئة الإدارية إلى انتخاب رئيس جديد مباشرة من أعضاء المنظمة كما حصل للهيئة الإدارية ذاتها .   السبيل أونلاين : يبدو أنك لم تعفي الرئيس السيد نور الدين ختروشي من الوضع التى آلت إليه المنظمة ، فكيف تشرح لنا موقفك ؟   سيد الفرجاني : رغم تثميني للعقل الاستراتيجي والروح التوافقية التى يتسم بها رئيس المنظمة نور الدين ختروشي ، ولكن لا يفوتني أن أسجّل المؤاخذات التالية : أولا : ربما لاعتبارات عملية وقع تأسيس التنسيقية أساسا من عناصر باريس حتى أضحت قيادة المنظمة يسيطر عليها عامل الجغرافيا وليس بالضرورة الكفاءة وهو ما أعتبره بداية الإخلال .   ثانيا : تثبيته لرئيس المؤتمر دون ترك مسؤولية الاختيار إلى المؤتمرين .   ثالثا : المعمول به تقليديا أن رئيس المؤتمر يكون محايدا وعادة ليس مرشحا للانتخاب ، في حين أن رئيس المؤتمر المثبّت من طرف السيد نور الدين ختروشي . كما أن معظم الهيئة المشرفة على المؤتمر والذين هم أعضاء تنسيقية المبادرة قبل التأسيس ، قد أصبح معظمهم مشرفين على المؤتمر مما يمس من حيادية الإشراف الواجب توخيها لتحقيق انتخابات نزيهة وتوفير تساوي فرص المرشحين ، وربما يكون انتخاب معظمهم في المكتب التنفيذي للمنظمة كان نتيجة مباشرة لهذا الخلل الإجرائي والتنظيمي .   رابعا : حين أصبح المكتب التنفيذي ينازع الرئيس في صلاحياته الرئاسية في غياب قانون أساسي وهيئة إدارية تشريعية ورقابية كمرجعية عليا للمنظمة منتخبة من المؤتمر ، وفي ظل انعدام انسجام الرؤي حول مستقبل المنظمة وكيفية تسييرها وتشكيل هياكلها حاول الرئيس بعد ما يقارب العشرة أيام من المؤتمر تقديم استقالته. وقد نجحنا في إثنائه عن الاستقاله وكنا ننتظر أن يقع اتفاق على تحديد مؤتمر استثنائي لا يتجاوز السنة منذ التأسيس حتى يتم تجاوز جملة الأخطاء التى أنتجها المؤتمر التأسيسي وأضحت حجر عثرة أمام سير المنظمة بسلاسة وانسجام . خامسا : قبول الرئيس الذي استمد شرعيته من المؤتمرين مباشرة لطلب تقديم الاستقالة من الهيئة الإدارية في حين أنها تفتقد إلى شرعية كاملة بما أنها لم تنبثق مباشرة من المؤتمر بل هي حلّ وقتي مقبول لحين المؤتمر الاستثنائي ، ورغم تقديري الكامل لجميع الأعضاء سواء في الهيئة أو في المكتب التنفيذي أو شخص الرئيس وليس لدي أي مشكل شخصي مع أي منهم فإن الخطأ في هذه الحالة يلامس حدّ العبث .   السبيل أونلاين : ما هي دواعي قرار إنسحابك من المنظمة ؟   سيد الفرجاني : رغم تراكم المشاكل المذكورة آنفا إلا أنه تم تجنب – ولأمر غير مفهوم – عقد المؤتمر الاستثنائي ، والذي كان يمكن أن يعالج كل تلك الاخطاء ويضع المنظمة على المسار السليم . ومن المهم القول أنه لم يقع إعلام أعضاء المنظمة بكل ما يجري داخلها كحق مشروع لكل عضو فيها على القيادة الموجودة فالشفافية مبدأ أساسي نصصت عليه اللائحة العامة للمنظمة ، كما أنه من المهم الإشارة إلى الطريقة الغير لائقة في استبعاد الرئيس في اجتماع الهيئة الإدارية الأخير .   وبالنسبة لي أعتبر نفسي من الأشخاص الذين يتبنون الخط الإستراتيجي في المنظمة الرامي إلى بناء الحالة المهجرية عموما وهو ما يستدعي أن تكون المنظمة في سياق وطني ، ليتأسس العمل المهجرى على أساس خدمة وتنظيم كل شرائح أبناء تونس في الخارج سواء أولائك الذين هربوا في قوارب الموت عبر البحر أو المئات الذين يرزحون في سجون أوروبا ، عبر بعث كيانات متخصصة تخدم قضاياهم ، كما تعمل على تنظيم الطلبة ورجال الأعمال والأطباء والاكادميين والكوادر بالخارج و تركز على مختلف قضايا التونسيين بالمهجر وتكون كل الكيانات ممثلة داخل جسم المنظمة ، في حين أن نتاج ما تمخض عن المؤتمر الماضي أختزل مشروع المنظمة في محاولة الحصول على جوازات سفر لإمكانية العودة بدون أي ضمانات حيث وقع التخلي عن مطلب العفو التشريعي العام كضمانة للعودة الآمنة والكريمة وهذا ما يشير إلى دخول جيب يؤمن بهذا الطرح المختزل من داخل حركة النهضة – ولنا عودة لاحقا إن شاء الله إلى موضوع النهضة – في السياق الوطني بمعزل عن المنظمة . والخلاصة أننى كنت منسحبا عمليا من قبل للأسباب المذكورة وما حصل في لقاء الهيئة الإدارية الأخير من تجاوزات غير مقبولة جعلني أعلن إنسحابي وليس إستقالة لأن الإستقالة تقدم إلى جهة دستورية ، وكتبت للقائمين عن المنظمة حرفيا : « من فضلكم أشطبوا إسمي من قائمة المنتمين إلى منظمتكم » ، حيث لم يعد لي مشترك معهم في أي شيء طالما بقيت على حالها .   السبيل أونلاين : أجمع الكثير من المتابعين على ضعف اداء المنظمة رغم الزخم الذي أحدثه مؤتمرها التأسيسي ، فكيف تفسر هذه المفارقة بين حجم المؤتمر واداء المنظمة منذ 22 جوان 2009 ؟   سيد الفرجاني : إن ما أحدث الزخم للمؤتمر التأسيسي في جينيف هو البعد الوطني الذي أرادات أن تؤكده المنظمة بحضور الرموز الوطنية الذين أوتوا لتدعم مشروع وطني لكل أبناء المهجر ، كما كانوا يدعمون المنظمة لأنها تعمل في سياق وطني نضالي وبوصفها قيمة مضافة للنضال الوطني في وجه الاستبداد وتحقيق الحريات داخل البلاد .   ثم إن بنية المنظمة وهيكليتها واضطراب رؤيتها وكل الاخطاء التى سبق التفصيل فيها ، يضاف إليها تقلص مشروعها إلى دائرة المطلبية المحصورة في جواز السفر ، مما يوحي بأن المنظمة قد تخلت عن مشروعها الوفاقى الأول الذي انطلق عند التأسيس .   السبيل أونلاين : كيف تنظر إلى المستقبل في ظل هذه الظروف ، وهل من مخارج وحلول ممكنة؟   سيد الفرجاني : أمام المنظمة : إما إستيعاب جميع الأطراف بما ذلك أصحاب الخيار الإستراتيجي الذى يهدف إلى تنظيم الحالة المهجرية في سياق وطني مناضل وهو ما يستوجب الإسراع في عقد مؤتمر إستثنائي يعالج مجمل المشاكل المطروحة ، أو أن المنظمة ستبقى كيانا محدودا جدا في طموحاته ودوره ، والأكيد أن من لم تسعه المنظمة سيتطلع إلى آفاق جديدة .   (المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس) ، بتاريخ 30 مارس 2010 )  


لقاء مصوّر للحوار.نت مع السيد الفاضل البلدي

 


بسم الله الرّحمن الرّحيم يقدّم الحوار نت سلسلة من اللقاءات مع شخصيات تونسية تتناول الشّأن التونسي والإسلامي عموما. لقاء اليوم مع السّيد الفاضل البلدي. ونظرا لأنّ حجم الملفات كبير تمّ تقسيمها إلى 3 أجزاء. بعد الضغط على الرابط اسفله يرجى الإنتظار حتى يتمّ تحميل الشّريط بالكامل: لمتابعة الجزء الأول الرّجاء الضغط هنا…  http://www.alhiwar.net/1/baldi1.mp4 أو هــــــنـــــــا أيــــضـــــــــــا http://www.alhiwar.net/2/baldi1.avi  لمتابعة الجزء الثاني الرّجاء الضغط هنا…  http://www.alhiwar.net/1/baldi2.mp4 أو هــــــنـــــــا أيــــضـــــــــــا http://www.alhiwar.net/2/baldi2.avi لمتابعة الجزء الثالث الرّجاء الضغط هنا…  http://www.alhiwar.net/1/baldi3.mp4  أو هــــــنـــــــا أيــــضـــــــــــا http://www.alhiwar.net/2/baldi3.avi (المصدر: « الحوار.نت » (ألمانيا – محجوب في تونس) بتاريخ 28 مارس 2010)


الـ »هوتاري »


مجموعة المحارب المسيحي الأمريكي المسلّحة « هوتاري »، قد تكون أخطر على الأمن القومي الأمريكي والعالمي من المحارب أو المجاهد الإسلامي سواء كان ذلك الذي انخرط في مشروع المقاومة ضدّ الاحتلال الذي برك على كلّ العالم الإسلامي أو حتّى « القاعدة » التي اختارت لنفسها ما اختارت من الفكر والتصرّف في أماكن مختلفة من العالم…   وقد أظهرت الصور التوثيقية هذه المجموعة كما لو كانت جيشا نظاميّا لا تشقّ له ترتيبة ولا تردّ له صولة.. بل ونسبت أقوال إلى هيأة محلفين في محكمة اتحادية بمدينة ديترويت يوم أمس الاثنين اتهمت فيها الـ »هوتاري » بالتآمر والتخطيط لمعارضة مسلحة ضد الحكومة الأمريكية، وضدّ العاملين فيها من شرطة وخلافهم، قد تساعدها على إشعال انتفاضة واسعة… أي في كلمة موجزة واستنادا إلى لغة العصر السائدة فإنّ « هوتاري » مجموعة إرهابيّة تهدّد السلم المحلّي والقُطري والإقليمي والعالمي!… فهل سيشهد العالم « المكافح والمناضل ضدّ الإرهاب » إذن تغييرَ وجهته نحو شمال الولايات المتّحدة الأمريكية هناك في ولاية ميشيغان، حيث الإرهاب « المسيحي » المنظّم المعلن المجهّز بأرقى أنواع الأسلحة سيّما بعدما وقع كسر شوكة الإرهاب « الإسلامي » المجهّز بالعصيّ والحجارة والكلمة؟!…   وهل سيهبّ « عربنا » الأشاوس – كما رأيناهم في ديارهم – لمقاومة الإرهاب هناك ومحاربته ولو بدفع بعض المال السخيّ لأمريكا الضحيّة التي لم تقصّر أبدا في مساعدتهم ومساندتهم إلى درجة ضحّت فيها هذه الأيّام الأخيرة بإغضاب حِبّها ومعبودها الجرو الصهيوني الرّاضع من ثُديّ كلابنا العربيّة؟!   أم أنّ العرب بحيائهم سيعتبرون ذلك أمرا أمريكيّا داخليّا ولا يُحلُّ إلاّ داخليّا تماما كما اعتبروا التهويد والاحتلال وهدم الأقصى أمرا رباعيا (اللجنة الرّباعيّة العاملة كلّها ضدّ مصلحة الإسلام والمسلمين) لا تشمله اهتماماتهم ولا يقلّل حتّى من شهواتهم ونزواتهم؟!   لننتظر ثمّ لننظر، فلعلّ الساسة والأغنياء والظلمة والمتخلّفين ذهنيّا والمُضخّمين لاإنسانيا يقتنعون بأنّ من حقّ الضعفاء والمسلمين « الإرهاب » للتخفيف من سطوتهم وظلمهم وإرهابهم الذي لم يبق ولم يذر!…   عبدالحميد العدّاسي الدّانمارك، في 30 مارس 2010   

افتتاحية « الموقف » ثلاثة إعفاءات

 


رشيد خشانة عاشت البلاد في فترة وجيزة سلسلة من الإجراءات الإعتباطية التي نالت من استقلالية مؤسسات كان يُفترض أن تكون نموذجية. وتعلقت تلك الإجراءات بتغييرات فجائية وغير مبررة لا في دوافعها ولا في أسلوبها، على رأس عدد من الهياكل البارزة. ومن تلك الهياكل مركز الدراسات والتوثيق حول المرأة (الكريديف) الذي يفخر النظام الحالي بكونه أحد إنجازاته البارزة في مجال ضمان حقوق النساء. فقد لاحظ المتابعون للشأن الوطني أنه ما إن سُميت مديرة جديدة على رأسه، في وقت سابق من الشهر الجاري، حتى أعفيت من مهامها بعد أربع وعشرين ساعة، لتُعين مديرة أخرى في مكانها. أكثر من ذلك عُزلت رئيسة الإتحاد الوطني للمرأة من منصبها وهي منتخبة، واضطرت للزوم بيتها منذ أيام، ليتم تعويضها بمنسقة مؤقتة. وجرى هذا الإنقلاب المفاجئ قبل أسبوع فقط من المؤتمر الوطني للمنظمة الذي ظلت الرئيسة المعزولة تُعد له منذ فترة بعيدة. من هي السلطة التي خولت لنفسها تنحية رئيسة منظمة وطنية، وبأي حق تمت تسمية شخص آخر في مكانها؟ الأغرب من كل ذلك أن رئيس بلدية الحاضرة شيخ المدينة أعفي من مهامه بالطريقة الفجائية نفسها منذ أسابيع، وتم تعيين شخص آخر ليحل محله، وكأنه ليس رئيسا منتخبا (أيا كانت الملاحظات التي يمكن إبداؤها على الانتخابات في بلادنا). وفي هذه الحالات لم ينتظر أصحاب القرارات انعقاد مؤتمر أو إجراء انتخابات لكي يغيروا من يريدون وبمن يريدون، وإنما تصرفوا باحتقار للمؤسسات واستخفاف بالمنظورين الذين تمثلهم. ومن مظاهر الإستخفاف أن تغييرات بهذا الحجم اعتبرت حدثا ثانويا لا يستحق شرح دوافعه للمعنيين بالأمر، ولا إنارة للرأي العام حول أسبابه عن طريق وسائل الإعلام … ربما لأن الأسباب لا يليق بأن يُكشف عنها النقاب. في مقابل تلك الممارسات ما انفك الخطاب الرسمي يؤكد أن تونس « دولة مؤسسات »، وهو شعار يدرك كل التونسيين خواءه وبعده عن الواقع. بل يجوز القول إننا تقهقرنا على هذا الصعيد عشرات السنين، لنعود إلى حقبة الخمسينات والستينات عندما كان رؤساء المنظمات الوطنية يُعزلون ويُسمون بجرة قلم. إن هذه الأساليب في إدارة الشأن العام لم تعد تنتمي إلى هذا العصر، كما أن مجتمعنا لا يمكن أن يستسيغ هذه الطرق التي تُفرغ المؤسسات، الخاوية أصلا، من رأس المال الرمزي الذي تبقى لها. يحدث هذا التقهقر بينما كان المفروض أن تُصبح بلادنا، ذات الإرث الثقافي العريق، السباقة إلى احترام استقلال المنظمات والقدوة في ترسيخ حُرمة المؤسسات.
(المصدر: « الموقف » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 539 بتاريخ 26 مارس 2010)

 


أخبار « الموقف » إقالة أم استقالة؟

 


يتردد في الأوساط السياسية أن استقالة السيد محمد جغام من المجموعة السياحية « جنرال ميديترانيان هولدينغ » التي تملك مجمعا فندقيا في ياسمين الحمامات، كانت إقالة وليست استقالة. وربطها المحللون بالخطايا والغرامات الكبيرة التي تم توظيفها على الشركة، والتي يبدو أنها الآن في طريقها إلى التسوية مع السلط المعنية. وكان السيد جغام الذي تولى مناصب رفيعة في التسعينات من بينها مدير الديوان الرئاسي ووزير الداخلية ووزير السياحة، اتفق مع المجموعة السياحية التي يديرها رجل الأعمال العراقي نظمي أوجي على تسيير ذراعها الفندقية ومركزها في عمان، ثم فضل الإنتقال لإدارة مجمع « روايال » في الحمامات. جدل في جينيف عقدت مجموعة العمل حول حرية التنظيم التابعة للشبكة المتوسطية لحقوق الإنسان اجتماعا في جينيف يومي السبت والأحد الماضيين وحضرها من تونس كل من عضو الهيأة المديرة للرابطة السيد مصطفى التليلي والسيد خميس الشماري. كما أقيمت يوم الإثنين الماضي في إحدى قاعات قصر الأمم في جينيف ندوة ترأسها إيريك سوتاس رئيس المنظمة الدولية لمناهضة التعذيب بحضور فاتح عزام مندوب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وقدم فيها السيد الشماري مداخلة عن المنظمات غير الحكومية الموالية للحكومات. وحضرت من تونس محامية قالت إنها تمثل منظمة (غير معروفة) ودافعت عن حق الجمعيات في ان تكون موالية للتجمع الدستوري « لأن ذلك من مبادئ الديمقراطية » على حد قولها. وانتقدت تصنيف المنظمات الدولية للجمعيات التونسية إلى مستقلة وموالية، واعتبرت أن أزمة رابطة حقوق الإنسان في طريق الحل وأن الصحافي توفيق بن بريك يستحق الحكم الصادر ضده، نافية أن يكون هناك في تونس مشكل حرية إعلام. مؤازرة يتوجه رئيس تحرير « الموقف » بجزيل الشكر إلى كافة الزملاء في داخل تونس وخارجها الذين عبروا له هاتفيا أو كتابة عن مؤازرتهم بعد تدخل السلطات الأمنية لمنعه من ممارسة مهنته. وكانت السلط التونسية تدخلت لدى مجلس وزراء الداخلية العرب للحيلولة دون حضور الزميل رشيد خشانة أشغال الدورة السابعة والعشرين للمجلس التي كان مكلفا بتغطيتها. كما أصدر الحزب الديمقراطي التقدمي بلاغا استنكر فيه بشدة منع الزميل من ممارسة عمله وندد باللجوء لهذه الأساليب. الإعتداءات على الإعلاميين تتصاعد تكرر منع الصحفيين من مزاولة مهنتهم هذا الأسبوع، إذ حال طوق من أعوان الأمن بالزي المدني دون دخول الزميل رشيد خشانة إلى نزل الهناء الدولي بوسط العاصمة مساء يوم الثلثاء الماضي، حيث كان مقررا أن يلتقي بوفد منظمة « هيومان رايتس ووتش » الذي كان في زيارة لبلادنا. واعترضت في صباح اليوم نفسه تعزيزات أمنية الزميل لطفي حجي الصحفي بقناة « الجزيرة » في مدينة بنزرت وحالت دون اجتماعه مع وفد المنظمة الذي زار مدينة الجلاء وتقابل مع عدد من المدافعين عن حقوق الإنسان فيها. وظل الزميل حجي مُحتجزا في الشارع في خرق سافر للقانون إلى أن قفل الوفد عائدا إلى العاصمة. والأخطر من ذلك الإعتداء الآثم الذي تعرض له الزميل محمد الحمروني عضو أسرة « الموقف » لدى توجهه صبيحة الأربعاء إلى مقر جمعية « حرية وإنصاف » في نهج المختار عطية، لتلبية الدعوة التي تلقاها من « هيومان رايتس ووتش » لحضور لقاء مع الصحفيين كانت المنظمة تعتزم تنظيمه هناك. والغريب أن العناصر الستة بالزي المدني الذين اعترضوا سبيل الزميل الحمروني لم يُشعروه بأن اللقاء ممنوع وإنما بادروه بالعنف والشتائم والكلام البذيء بلا مقدمات. ويشكل تكرار هذه الممارسات تدهورا خطرا لأوضاع الإعلام في بلادنا ودليلا على امتهان الصحفيين ودوس كرامتهم، وهي ممارسات تدل على حقيقة الشعارات الزائفة عن حرية الإعلام وإلغاء الممنوعات التي ترددها أبواق السلطة كل يوم. ويضع هذا الإنحدار المستمر للممارسة الصحفية ملف الإعلام في صدارة الأولويات باعتباره حجر الزاوية في أي انفراج أو حلحلة للإختناقات الراهنة.
(المصدر: « الموقف » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 539 بتاريخ 26 مارس 2010)


لماذا عُزلت رئيسة اتحاد المرأة؟


سمير ساسي في أوج الإعداد للمؤتمر الوطني لاتحاد المرأة فوجئ المراقبون بتغيب رئيسة المنظمة السيدة عزيزة حتيرة عن المقر المركزي في شارع باب بنات، بعد وقت قصير من مجيء فريق تفقد إلى مكتبها، ويبدو أن أعضاء الفريق أخذوا بعض الأوراق من المكتب معهم. وبسؤال مصادر قريبة من الإتحاد أكدت تلك المصادر أن السيدة حتيرة أعفيت من مهامها وتمت تسمية النائبة سلوى التارزي منسقة للإتحاد في انتظار المؤتمر الذي سيتم في غضون أسبوع. وكانت الرئيسة المعزولة قابلت رئيس الدولة في الأسبوع الماضي وعرضت عليه برنامج المؤتمر وقائمة الشخصيات المدعوة ومن بينها الوزيرة الفرنسية من أصل جزائري فضيلة عمارة. وفي هذا السياق شكل إعفاؤها من مهامها مفاجأة لأن جميع المؤشرات كانت تدل على التجديد لها في المؤتمر الذي بذلت جهودا كبيرة في تحضيره على جميع الأصعدة. والملاحظ أن الإعفاء جاء مباشرة بعد مشاركتها في برنامج تلفزي عن المرأة في تونس بثته قناة « حنبعل ». إلا أن الذين شاهدوا البرنامج أكدوا أنها قالت الكلام المألوف، بما فيه الإشادة بسياسة الدولة ورئيسها في مجال ضمان حقوق المرأة. ولا يُعرف من ستكون مرشحة « التجمع الدستوري » في المؤتمر القادم لاتحاد المرأة، لكن الأرجح أنها ستكون التارزي التي سبق أن شغلت منصب كاتب دولة، والتي برزت في مداخلات تلفزية بدفاعها عن الحكم ردا على المعارضة والمدافعين عن حقوق الإنسان. لكن المراقبين يتساءلون عن مدى إحكام أشغال المؤتمر الوطني للإتحاد، ومستوى الحضور العربي والأجنبي في جلسته الإفتتاحية، خصوصا أن غالبية المدعوات هن ممن يرتبطن بعلاقات معرفة شخصية مع الرئيسة المُبعدة. وحدث تطور مماثل في « مركز الدراسات والتوثيق حول المرأة » (الكريديف) الذي ما أن عينت وزارة المرأة والأسرة رئيسة جديدة على رأسه هي السيدة إيمان بالهادي حتى تم تجميد القرار وربما إلغاؤه. وعند اتصالنا بالـ »الكريديف » أفاد مخاطبنا أن السيدة بالهادي عُينت فعلا منذ النصف الأول من مارس لكنها لم تُنصب رسميا ولم تُباشر مهامها حتى الآن. ولئن تكتم المركز على أسباب التراجع عن قرار التعيين، فإن مصادر على علاقة بالملف أفادت أن رئيسة اتحاد المرأة المغضوب عليها هي التي قد تكون اقترحت تسمية المديرة الجديدة للـ »الكرديف » وأن اقتراحها أغضب بعض الجهات التي تغافلت عن استشارتها في الأمر.
(المصدر: « الموقف » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 539 بتاريخ 26 مارس 2010)


الأزمة شطبت آلاف الوظائف بتونس

 


كشف الاتحاد العام التونسي للشغل أن أكثر من 67 ألف عامل تونسي تضرروا من الأزمة الاقتصادية العالمية حتى نهاية 2009. وجاء في دراسة نشرها مركز الدراسات والتشريع التابع له أن أولئك العمال إما سرحوا من وظائفهم أو أحيلوا على البطالة الفنية أو جرى خفض ساعات عملهم. وأشارت الدراسة إلى أن قطاعات الخياطة والنسيج والإلكترونيات هي الأكثر تضررا، تليها مؤسسات تحويل البلاستيك فالجلود والأحذية. وأضافت أن 143 مؤسسة نسيج و55 مؤسسة في قطاع الإلكترونيات والكهرباء تضررت من الأزمة. وتضررت بدرجة أولى المؤسسات المصدّرة كليا لإنتاجها وبلغ عددها 287 مؤسسة نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي. وفي مقدمة تلك المؤسسات المتضررة 97 تونسية إضافة إلى 61 فرنسية و50 إيطالية. ووفقا للبيانات الواردة في الدراسة ذاتها, فقَد 4200 عامل وظائفهم منذ بداية الأزمة حتى نهاية 2009 بينما أحيل 11 ألف عامل على البطالة المؤقتة لفترات تراوحت بين عشرة أيام وشهرين. وشمل خفض ساعات العمل 70 ألف عامل. وانتقد الاتحاد العام التونسي للشغل في هذه الدراسة غياب التشاور والحوار في معالجة آثار الأزمة، مشيرا إلى قصور في القانون المتعلق بتطويق آثار الأزمة الذي أصدرته الحكومة التونسية في 2008, والذي تضمن إجراءات ظرفية لفائدة المؤسسات والعمال. وأشار الاتحاد إلى وجود ثغرات في هذا القانون, وقال إنها ما كانت لتحصل لو فُتح باب التشاور والحوار أمام جميع الأطراف المعنيّة. كما عبرت المنظمة النقابية عن خشيتها أن تتحول الإجراءات الظرفية التي وقع تمديد العمل بها إلى قانون عام يخدم مصلحة أصحاب العمل على حساب العمال.
(المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال (بريطانيا) بتاريخ 29 مارس 2010)


حول موضوع الإنتخابات البلدية القادمة


إنطلقت اليوم الإثنين الموافق ل – 30 مارس 2010 بزرمدين المدينة من لاية المنستير عملية الإعداد النهائي لتشكيلة  القائمة الديمقراطية  التقدمية المستقلة بزرمدين للإنتخابات البلديةالقادمة تحت شعارالوفــــــاء … من أجل مجتمع حرّتعددّي التي ستدورفي التاسع من شهر ماي 2010  موعد الإنتخابات البلدية- وبذلك تعلن مشاركتها وعلي التوالي للمرة الخامسة رسميا ، و ستخوض القائمة المستقلة معركتها و  حملتها اللإنتخابية القادمة بجملة كبيرة من مطالب و  مشاغل ملحة و عاجلة لمتساكني بلدية زرمدين مثل… ملّف التلوث الكبيرالذي  يعاني  منه سكان المنطقة معاناة كبيرة  …فتح المجال لمزيد إستقطاب وبعث  مشاريع جديدة من أجل التشغيل لما تحويه زرمدين من ثرواة  طبعية و هائلة … وكذلك موضوع  الطريق الحزامية … ومسألة التعبيد ، فقدان الصرامة في التعامل مع أصحاب بعض المؤسسات للأدوار السلبية في تلويث الأراضي الفلاحية و ما تركته من أثر سيئ للأراضي الزراعية ،أيضا ستخوض  القائمة المستقلة حملتها الإنتخابية  بمزيد الحرص علي مكتسبات المجموعة الوطنية وستكون المدينة علي موعد أخر مع تجارب الماضي القريب و ما حققته المعارضة المستقلة أثناء نجاحاتها في مناسبات أنتخابية سابقة  وما تركته المعارضة المستقلة في بعض التجارب السياسية السابقة من أثر جيد بالرغم ما أعترضها من مصاعب في وجه رفضهم مسألة التعددية الفعلية التي يريدها المواطن جراء ممارسات الحزب الحاكم خلال تجربتنا البلدية في زرمدين و التي وقف فيها المواطن بعناد كبير في وجه المعادين لتطلعات وطموحات المواطن في التغيير الحقيقي لا الشعاراتي  المناسباتي ،                                                                                                                                               أيضا حمل البيان الإنتخابي عدّة مضامين من بينها مصداقية المعركة والمسار الإنتخابي القادم وسط أجواء مليئة بالإحباطات   وغياب أطراف عدّة عن الصراع التعددّي  هذا و قد اختارت القائمة المستقلة بزرمدين لنفسها اللون القمحي  للعلم أنه  قد سبق لها و أن شاركت في خمسة محطات سياسية  و قد فازت في مناسبتين بخمسة مقاعد  وكذلك طعنت  سابقا  في مشاركتين أمام القضاء ، أمّا عدد سكان معتمدية  زرمدين فهو  25500 نسمة  — وعدد المقاعد 16 مقعدا .    
 
خليفة مبارك ، زرمدين 


عيد الشباب التونسيّ… المشاكل أعقد من أن تحلها قرارات حكومية


تونس – إسماعيل دبارة احتفل الشباب التونسيّ الأحد الماضي بعيده الوطنيّ (21 آذار/مارس من كلّ عام)، وأصدر الرئيس زين العابدين بن علي مجموعة من القرارات لفائدة الشباب لعلّ أبرزها إطلاق «برلمان شبابيّ» خلال العام الحالي. قرارات الرئيس التي احتفى بها الإعلام الرسميّ أيّما احتفاء وسخّرت لها الصحف المحلية صفحات بأكملها، لم تجد بين الشباب الطلابيّ والعاطل من العمل آذانا صاغية. ويبدو أنّ كثرة الوعود وتنوّعها تضافرت مع هموم الشاب التونسيّ المتعدّدة لتجعله لا يتابع الاحتفالات الرسميّة على رغم كونها تعنيه بدرجة أولى. وجرت العادة منذ اعتلاء الرئيس بن علي سدة الحكم في العام 1987، أن تقام احتفالات بهذا العيد الشبابيّ الذي يتزامن مع الاحتفال بعيد الاستقلال في 20 آذار. وعيد الشباب هو يوم عطلة رسمية في البلاد، أما فعاليّاته فتكون عادة لقاءات تجمع وزير الشباب والرياضة والثقافة التونسي أو مسؤولاً حكومياً كبيراً مع عدد من شباب حزب «التجمع» الحاكم، في حين يخصّص الرئيس جزءاً مهماً من خطابه لمناسبة عيد الاستقلال للحديث في الشأن الشبابيّ والإعلان عن قرارات لفائدة هذه الفئة التي تمثّل ثلث العدد الإجمالي للسكان. في خطاب هذا العام دعا الرئيس بن علي إلى تركيز «برلمان الشباب» خلال سنة 2010 ليكون مؤسسة «استشارية» تضم ممثلين عن الشباب من الجنسين توازي تركيبتهم تركيبة أعضاء مجلس النواب الحاليّ بحسب كل دائرة. كما أعطى الرئيس إذناً بالانطلاق في تنظيم الاستشارة الشبابية الرابعة تحت شعار «شباب قادر على رفع التحديات». ودعا اللجنة الوطنية للسنة الدولية للشباب إلى العمل على برمجة نشاطات وتظاهرات متنوعة ذات علاقة باهتمامات الشباب وبمشاغله، بالإضافة إلى الشروع في إنجاز «المسح الميداني» الذي سيكون منطلقاً لإعداد دراسة معمقة حول أوضاع الشباب ومواقفه وسلوكياته وقيمه وتطلعاته، كما جاء في خطاب الرئيس. باستثناء شباب حزب «التجمّع الدستوريّ الديموقراطيّ» الحاكم والذي ركّز في نشاطاته عبر مقاره المنتشرة في كل المحافظات وعبر الفضاء الافتراضيّّ على قرارات الرئيس وروّج لها، لم تبد قطــاعات واسعة من الشباب اهتماماً بما أعلنه رئيس الدولة. «ربما من سوء التخطيط الحكوميّ أن يتزامن الاحتفال بعيد الشباب هذه السنة وقرارات الرئيس مع حملة التجنيد الإجباريّ التي تستهدف الشباب في شكل عشوائيّ وجعلته يشعر بالسخط تجاه الحكومة وسياساتها» يقول الطالب رشاد شوشان (22 سنة) لـ «الحياة» ويتابع: «برلمان الشباب ديكور سياسيّ لسنا في حاجة إليه، سيكون ذا صبغة استشارية أي أن القصد الحقيقيّ هو الدعاية وليس إشراك الشباب في الحياة العامة، وثانياً كيف للشاب أن يهتمّ بإطلاق برلمان وهو من دون شغل»؟ ويرى شوشان وهو من شباب الحزب الديموقراطي التقدّمي أنّ الخطاب الحكوميّ في واد والممارسة في وادي آخر، ويوضّح: «لطالما أكدت الحكومة أهمية دور الشباب ومنزلته في بناء الصرح الديموقراطي والتنمية، لكن شباب المعارضة يتعرّض للملاحقة باستمرار ويُسجن كما حصل مع الطلاب النقابيين الذين يقبعون في السجن منذ أشهر، علاوة على ما يتعرّض له رفيقي نزار بن حسن وهو أحد كوادرنا الشبابية الذي يحاكم على خلفية نشاطه السياسي». فادي 25 سنة له رأي مخالف، إذ يرى أنّ قرارات الرئيس واحتفالات عيد الشباب لهذا العام «تكتسي طابعاً مميزاً كونها اقترنت بالسنة الدولية للشباب التي تم اعتمادها من جانب الجمعية العمومية لمنظمة الأمم المتحدة بالإجماع، ببادرة من الرئيس بن علي كتتويج لنجاح المقاربة التونسية في مجال التعاطي مع الشأن الشبابي». ويقول فادي وهو من شباب الحزب الحاكم إن قرارات الرئيس تهمّ كل الشباب التونسي وليس المقربين من الحكومة فقط والجميع يثمّن ما ورد في خطاب الرئيس من إجراءات. وسائل الإعلام في تونس – رسميّة ومعارضة – علقت بإطناب على احتفالات عيد الشباب وقرارات الرئيس، ويبدو أنّ التحليلات المختلفة اتفقت على أهمية هذه الفئة في تحقيق التنمية المنشودة، لكنّ الاختلاف بدا واضحاً في السير نحو طرق حلّ مشاكل الشباب. فالحكومة ترى أنها تمكنت من تقليص نسب بطالة الشباب وتسير بثبات نحو التصدّي لبعض السلوكات السلبية على غرار التطرّف والهجرة السريّة والعنف وشغب الملاعب، في حين تحذّر المعارضات من مستقبل مجهول ينتظر الشباب أن تواصل «الانغلاق السياسي وتدهور مستوى الحريات الفرديّة» في البلاد. وتشير الإحصاءات إلى عزوف شبابيّ كبير عن العمل السياسي والجمعياتي يبلغ السبعين في المئة، مع تزايد كبير في نسب المقبلين على ركوب «قوارب الموت» والهجرة غير القانونية، بالإضافة إلى نسبة بطالة تتجاوز الـ14 في المئة، ناهيك بمئات من الشباب السلفيّ الذي يحاكم بموجب قوانين محاكمة الإرهاب، وهي بيانات تؤكّد تعمّق مشاكل الشباب التونسيّ وعدم نجاعة الحلول المنتهجة إلى حدّ الآن، بحسب متابعين. وفي عام 2009، أطلقت حركة التجديد (حزب يساريّ قانونيّ) منبراً حوارياً شبابياً لقي إقبالاً جيّداً من الطلاب، ويناقش هذا المنبر قضايا تهمّ الشباب والطلاب ويحاول إيجاد حلول لمشاكلهم المختلفة. ويقول أنور بن نوّة وهو قياديّ في حركة «التجديد» مُكلف بالعمل الشبابيّ لـ «الحياة»: «نحاول قدر الإمكان أن تكون برامجنا جديّة وقابلة للتطبيق ومُحيّنة، فنحن نطرح القضايا ونحاول التوجّه إلى الشباب من دون «دمغجة» ولا نرغب في استعمال اللغة الخشبية التي تنتهجها الحكومة… الأمر ليس بالهيّن فإيجاد الحلول يتطلّب التشخيص السليم للواقع من جهة، وتوافر الكفاءة من جهة أخرى إلى جانب الإصغاء بانتباه إلى الشباب لفهم مشاكلهم». وبخصوص القرارات الرئاسية الجديدة لفائدة الشباب يعلّق بن نوة قائلاً: «هذه الإجراءات لم يتمّ تطبيقها بعدُ على رغم أن معظمها تمّ الإعلان عنه في برنامج مرشّح الحزب الحاكم للانتخابات الرئاسيّة الماضية». ويختم: «الإعلان عن استشارة شبابية وبرلمان صوري جديدين لا يطرق جوهر المشاكل ولا يقدّم حلولاً حقيقيّة لتطلّعات الشباب الذي يبقى بحاجة إلى مزيد من الحريّة وإلى رفع الوصاية عنه ودعم ثقته بنفسه وبقدرته على تغيير الأوضاع نحو الأحسن».
(المصدر: « الحياة » (يومية – لندن) بتاريخ 29 مارس 2010)

صادق عليها مجلس النواب.. الخدمة العسكرية للفتيات.. وحصص تجنيد خارج الثكنات

 


تعديلات هامة وجذرية جاء بها مشروع القانون الخاص بتنقيح وإتمام قانون الخدمة العسكرية ومنها بالخصوص التأكيد على واجب وحق الشابة في آداء الخدمة العسكرية وتوسيع نطاق أداء الخدمة العسكرية لدى وزارات أخرى وجماعات محلية ومؤسسات عمومية. وكان مجلس النواب صادق صباح أمس في جلسة عامة على مشروع قانون يتعلق بتنقيح وإتمام القانون عدد 1 لسنة 2004 المؤرّخ في 14 جانفي 2004 المتعلق بالخدمة الوطنية.الى جانب مصادقته على مشروع قانون ثان يتعلق بإحداث نظام التشجيع على الابتكار والتجديد في مجال تكنولوجيات المعلومات والاتصال. تجنيد خارج المؤسسة العسكرية ويهدف مشروع القانون الخاص بالخدمة العسكرية إلى توسيع مجال الخدمة الوطنية خارج المنشآت العسكرية بما يساهم في تحقيق أهداف المجهود التنموي ليشمل كافة الوزارات والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية استجابة لحاجيات الدفاع الشامل ومقتضيات التضامن الوطني. كما أقر التنقيح إمكانية التخفيض في مدة الخدمة الوطنية بالنسبة إلى كل أفراد الحصة المعينين لدى إحدى الوزارات والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية بطلب من رئيس الهيكل الإداري. ونص مشروع القانون كذلك على منح المواطن المزاول لتعليمه تأجيلا من أداء الخدمة الوطنية إلى غاية سن الثامنة والعشرين وإسعاف من يتابع دراسات عليا متخصصة بعد تلك السن من التأجيل بصفة استثنائية لمدة سنة واحدة قابلة للتجديد وفي هذه الحالة يفقد المعني بالأمر حقّه في التمتع بالتأجيل والإعفاء من أداء الخدمة الوطنية للأسباب الأخرى التي نص عليها القانون.. وكان النواب تساءلوا عن تراجع نسبة إقبال الشباب على الخدمة الوطنية (كمال الشريقي) وعن حق وواجب المرأة في آداء الخدمة العسكرية (روضة السايبي)، وامكانيات السماح للفتاة بالخدمة الوطنية ومقاييس ذلك (سيدة العقربي). وكذلك نتائج توسيع الخدمة الوطنية خارج القوات المسلحة وتأثير ذلك على حسن سير عمل القوات المسلحة (رضا بن حسين).واسباب اقتصار مشروع القانون على العاملين في القطاع العمومي دون القطاع الخاص وخاصة العاملين في المؤسسات متعددة الجنسيات (محمد الدامي). وكانت اجابات السيد رضا قريرة وزير الدفاع الوطني أن ثلاثة نقاط هامة جاء بها مشروع القانون وتتمثل أولا في توسيع مجال الخدمة الوطنية إما في وزارة الدفاع الوطني أو وزارات أخرى أو جماعات محلية أو مؤسسات عمومية. أما العنصر الثاني فيتمثل في تمكين الدارسين البالغين من العمر 28 سنة من التأجيل لسنة واحدة قابلة للتجديد وهي امكانية لم تكن متاحة. والعنصر الثالث هو إمكانية التخفيض في الخدمة الوطنية للعاملين في الوزارات أو الجماعات المحلية أو المؤسسات العمومية وذلك بقرار من وزير الدفاع . تجنيد المرأة تدريجيا وبخصوص آداء المرأة للخدمة العسكرية ذكر السيد وزير الدفاع  أن الخدمة الوطنية في تونس حسب الفصل 15 من الدستور هو الدفاع عن الوطن من قبل كل مواطن أي أن الشاب والشابة مطالبين بالخدمة الوطنية.والقانون لم يستثن المرأة من الخدمة العسكرية بل عدم تجنيدها مرده عدم توفر المستلزمات المادية واللوجستيكية داخل الثكنات وخاصة السكن الخاص بالاناث وأن مشروع القانون هذا سيتيح للفتاة المساهمة في الخدمة الوطنية بصفة تدريجية.. وأكد على أن نسبة المدعوين من قبل الوزارات والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية لن يكون على حساب حصص القوات المسلحة مؤكدا على أن آداء الخدمة الوطنية لدى هياكل أخرى سيكون في اطار مشروع خدمة وطنية وليس عملية تشغيل. سفيان رجب (المصدر: « الصباح » (يومية – تونس) بتاريخ 30 مارس 2010)  


 

بورقيبة وإنصاف الذاكرة


آمال موسى (*) مهما تكن مقولات الخطاب السياسي براقة ومغرية المعاني وقوية الدلالات،فإن تجسيد تلك المقولات في أرض الواقع يبقى الفعل الأكثر بريقا وإغراء وقوة. ذلك أن سحر الكلمة لا يكتمل إلا بالترجمة الفعلية والملموسة وهو ما يصنع في الحقيقة المصداقية ويُقوي العلاقة بين الفاعل السياسي والمجتمع. ففي هذا السياق من العلاقة الصحية بين مقولات الخطاب والفعل السياسي،نضع حرص الرئيس زين العابدين بن علي على إحياء الذكرى العاشرة لوفاة الزعيم الحبيب بورقيبة،حيث أذن في اجتماع مع أعضاء الديوان السياسي الأسبوع الفارط بإعداد برنامج متنوع،يبرز مناقب الزعيم الراحل ومآثره ودوره في بناء دولة الاستقلال الحديثة. وتكمن أهمية هذه المبادرة في عدة نقاط،لعل أولها أحقية الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة بالإنصاف من لدن الدولة التي بناها والمجتمع الذي اجتهد من أجل تحديثه ودخل به معركة الجهاد التنموي. من جهة أخرى يُعد الحرص الرئاسي ترجمة صادقة وواعية للعديد من المقولات السياسية التي تدعو إلى إكبار دور المناضلين والقياديين والاعتزاز برموز تونس وزعماء الحركة الوطنية.فهذه المقولات التي تضمنها بيان السابع من نوفمبر 1987 وتتجدد الدعوة إليها والتذكير بها في مختلف المناسبات الوطنية، ما فتئ الرئيس بن علي يُجسدها راسما بذلك صورة الفاعل السياسي الذي يربط بشكل عضوي وآلي بين القول والفعل. كما لا تفوتنا الإشارة إلى أن أهم ما في مسألة إحياء الذكرى العاشرة لوفاة بورقيبة هو أنها تُؤسس لقيم ايجابية،تقوم على ثقافة التقدير ومقاطعة الجحود والاحتفاء اللائق بالرموز إضافة إلى تلبية هاجس إنصاف الذاكرة والرموز الذين حاكوا تفاصيلها ونبضها وثراءها. ولا يخفى على أحد أن تاريخ مرور الذكرى العاشرة لوفاة بورقيبة،يمثل في حد ذاته امتحانا سياسيا ووطنيا حساسا ذلك أنه لو تم التعاطي مع هذا الحدث بصمت وباللامبالاة،فإن النتيجة كانت ستكون الفشل في الامتحان حتى لو لم يُعلن ذلك الفشل. من هذا المنطلق،فإن الاستعداد للحدث والتفكير فيه والحرص على ثراء برنامجـــه،يُنتج حالة من الارتياح،مفادها أن تونس متصالحة مع الذاكرة وأن حاضرها السياسي لا يدعي القطيعـة مع الماضــي ولا يخشاه،بقدر ما يُكبره ويواصـل مسيرة البناء والتقدم. إن بورقيبة رمز حي في الذاكرة التونسية،أحب تونس بإخلاص نادر ولا يمكن لأحد أن يتحدث عن حداثة تونس وعن ملف المرأة والتعليم والصحة دون أن يعود إلى دور بورقيبة وباقي النخبة السياسية الأولى التي حكمت تونس في التحلي بالجرأة التشريعية والأولوية القصوى لكل ما يخص الإنسان التونسي وصحته وعقله وكرامته. ولكن البناء فعل أبدي وعظيم لذلك كان لزاما على بورقيبة في لحظة وطنية حرجة أن ينسحب من الصورة ويدخلها الرئيس بن علي الذي تمسك بثوابت الدولة الوطنية ومنظومتها القيمية.وهو ما جعل بعد مضي أكثر من عقدين من تاريخ التغيير مقاربة بعض المكاسب تُشيد بالرجلين معا أي أن الحديث عن مجلة الأحوال الشخصية مثلا يحملنا للتطرق إلى جرأة بورقيبة المتمثلة في منع تعدد الزوجات وتحديد السن الأدنى للزواج وجعل الطلاق من مشمولات المحاكم وأيضا يأخذنا إلى قوة إرادة الرئيس بن علي الذي قطع خطوات متقدمة جدا تدل عليها تنقيحات 92 و97 الريادية. إن بيت القصيد هو أن إحياء الذكرى العاشرة لوفاة الزعيم بورقيبة،حركة أخلاقية،تُؤكد مناعة البعد النفسي السياسي التونسي وهي مناسبة للجميع حزبا حاكما وأحزابا معارضــة وجمعيـات ونخبا مختلفة،كي نُعبر عن الامتنان لبورقيبـة وفي نفـس الوقت فرصة نعاود فيها الوقوف بكل هدوء عند نقائص مرحلة الحكم البورقيبـــي والاستفـادة منها من أجل مستقبــل أفضـل لتونس الجميع. (*) شاعرة وباحثة تونسية (المصدر: « الصباح » (يومية – تونس) بتاريخ 30 مارس 2010)


بسم الله الرحمن الرحيم جَـِدّدْ أيـّامك و زيّنها(2)

 


مصطفى عبدالله ونيسي/باريس  إن إرادة الحياة الكريمة اللائقة  بنا، كمُكلفين وعن الله في عمارة الأرض مُسْتَخلـَفِين، تفرض علينا كدحا نحو الله مستمرا ، وتزكية للنفس وجهادا ميدانيّا متواصلا. ومن أسمى سمات التجديد ومظاهر الزينة:   تقوى الله تعالى والتوكل عليه : يقول الله تعالى : ( بلى مَنْ أوفى بعهده واتَّقى فإنَّ الله يُحِبُّ المُتَّقِينَ )(1) فتقوى الله شرط أساسي من شروط السّعادة في الدنيا و النجاة في الآخرة . فلا خلاف بين علماء الإسلام ،الأولين و الآخرين ، أن تقوى الله هي أصل كل نجاح وأساس كل تجديد وعماد كل زينة مشروعة. وهذا ما تؤكده نصوص الوحي المعصوم قطعيّ الدّلالة و الورود، كتاب الله و سنّة رسوله صلى الله عليه وسلّم بشكل واضح وصريح. فيا مَنْ أردت الإصلاح و تزكية النفس،إن كنتَ جادًّا مع نفسك و مخلصا مع ربّكَ فلا تتمنى على الله الأماني وأنت قابع في بيتك و مستقيل من الحياة لا تحرك ساكنا ولا تسعي في الأرض بالعمارة و الإصلاح و ترسيخ المعروف وتغيير المنكر. فلا تترك أيّامك المعدودة تمرُّ أمام ناظِرَيْكَ مرَّ السّحاب وأنت ساه وغافل دون أن تكسب فيها نصيبا وافرا من تقوى الله تعالى. هل لاعلمت أنّ رسول الله قد سُئل عن أكثر ما يُدخِلُ النّاس الجنـّة ؟ فأجاب صلى الله عليه وسلم : ( تقوى الله و حُسْن ُ الخُلـُقُ )(2). فتقوى الله عِزّة ٌ وكرامة ٌ و رِفْعَة ٌ عِندَ الله ( ولله العِزَّة ُ ولرسولِهِ وللمؤمنين ) . فهي فلاح في الدُّنيا و نجاة في الآخرة. يقول تعالى في حقِّ المتقّين ( ثُمَّ نُنـَّجـِي الـّذين اتـّقوا )، وقد فسّر رسول الله هذه الآية بقوله 🙁 مِنْ شـُبُهاتِ الدّنيا وغمرات الموت وشدائد يوم القيامة ). وعن أبي ذرٍّ قال: قُلْتُ يا رسول الله أوصني ــ فقال صلى الله عليه و سلّم : ( أوصيك بتقوى الله فإنّها رأسُ الأمر كلّه ) (3) و قال الواحدي : ( أي يُسَهِّلْ عَلَيْهِ أمْرُ الدُّنْيا و الآخِرَةِ ) . قال رسول الله صلي الله عليه و سلم ( أيُّهَا النـّاسُ اتخذوا تقوى الله تجارة يأتيكم الرّزقُ بلا بضاعة و لا تجارة ) ثـُمَّ قَرأ ( و مَنْ يتّقِ الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب  ) (4) فيُبارِكْ لهُ في رزقه( 5) و ينميه.  و قال الجوزي رحمه الله : ( كان شيخ يدور في المجالس و يقولُ : مَنْ سرَّهُ أن تدوم له العافية فليتَّقِ الله ربَّهُ )( 6) فالتقوى تتضمن أصول الإسلام و قواعد الدّين . يقول الله تعالى: ( ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه هُدًى للمتقين )(7) ويقول سبحانه: (وسارعوا إلى مغفِرةٍ مِنْ ربِّكمْ و جنـَّة عَرْضـُهَا السّموات والأرض أعِدَّتْ للمُتَّقِينَ )(8)      فتقوى الله أصل عظيم من أصول الإيمان (فالله أحقّ ُ أنْ تخشـَوْهُ إن كُنتم مؤمنين )(9) و هي أصل عظيم من أصول الإخلاص و التجرد لله ربِّ العالمين (قُلْ إنَّ صَلاَتِي و نـُسُكِي و مَحْيَايَ و مَمَاتِي لله ربِّ العالمين لا شريك له و بذلكَ أمِرْتُ وأنَا أوّلُ المسلمينَ )(10) وعن أبي موسى الأشعري قال : سُئِلَ رسولُ الله صلى الله عليه و سلم …..الرّجُلُ يُقَاتِلُ حميَّة ً ، و يقاتل رياء ، أي ذلك في سبيل الله ؟ فقال عليه الصلاة و السّلام : ( مَنْ قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله )(11 ) وهي أصل عظيم من أصول تزكية النّفس والأخلاق: ( إنّ الّذين قالوا ربُّنا الله ثمَّ استقاموا تتنزَّلُ عليهم الملائكة ألاَّ تخافوا و لا تحزنوا، وابشروا بالجنّةِ التي كنتم توعدون . نحن أولياؤكم في الحياة الدّنيا وفي الآخرة . ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدَّعون نُزُلا من غَفورٍ رحيمٍ )(12) وعن أبي ذر بن جندب، وأبي عبدالرحمن بن معاذ رضي الله تعالى عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: ( اتَّقِ الله حيثما كنت، وأتبع السَّيئة الحسنة تمحها وخالق النّاس بخلقٍٍ حسنٍ )(13) . و عن سفيان بن عبدالله قال: قلت يا رسول الله قُلْ في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا غيرك.قال صلى عليه الصلاة و السّلام 🙁 قل: آمنتُ بالله ثم استقم )(14)    وتقوى الله أصل عظيم من أصول السلوك و العمل الصالح: (مَنْ عَمِلَ صالحا من ذكر وأنثى و هو مؤمِنٌ  فـَلـَنـُحْيـِيَنـَّهُ حَيـَاة ً طـَيِّبَةً)(15) ويقول سبحانه (والّذين اهتدوا زادهم هـُدًى و آتاهم تقواهم)(16)  وهي أصل عظيم من أصول الشجاعة والإقدام: ( الّذين قال لهُم النـّاسُ إنَّ النـَّاسَ قدْ جَمَعُوا لَكُم فاخشوهم فزادهم إيمانا و قالُوا حسبنا الله و نعم الوكيل )(17) فالإسلام عندما  تقوى الله عزَّ و جل دون سواه في النفس البشريّة كان قد عالج  قضية الجبن والخوف علاجا جذريّا. فالنـّاسُ لا يملكون موتا و لا حياة . فالحياة يمنحها الله و يسلبها الله متى شاء وكيفما شاء و لا أحد يملك أن يُعَقـِّبَ على حكمه تعالى(و ما كان لنفس أن تموت إلاّ بإذنه كتابا مُؤجَّلا)(18)   وللتقو ى تجليات كثيرة ،لا يحصيها عدّا إلا الله سبحانه،تشمل حياتنا في الدنيا والآخرة، وتمسح كل مساحات عملنا ونشاطنا  الروحي و الزّمني،فالعدل بين النّاس مثلا هو من التقوى( اعدلوا هو أقرب للتقوى )(19)، والعفو عن النّاس من التقوى (وأن تعفوا أقرب للتقوى)( 20)    ، والوفاء بالعهد من التقوى (بلى من أوفى بعهده و اتقى فإنّ الله يحبُّ المتقين )(21 ). فتقوى الله تتناول العقائد، والعبادات، والآداب و سائر الأعمال الصالحة. ولمّا كانت التقوى جماع كل برٍّ وأصل كل خير سواء للأفراد أو الجماعات أو الشعوب، كانت خير ما يتسلّح به المؤمن ويستعين في حياته في حياته القصيرة ( و تزوّدوا فإنّ خيرَ الزّاد التقوى )(22). يقول تعالى (و لو أنّ أهل القرى آمنوا لفتحنا عليهم بركات من السّماء والأرض )(23). وممّا لا شك فيه أنه من أعظم مظاهر التقوى و تجليّاتها في حياة الفرد المؤمن بالله الإيمان بقضاء الله و قدره وشكره و التوكل عليه سبحانه، وهذا ما سنحاول توضيحه في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى.    الثلاثاء 30مارس2010            مصطفى عبدالله ونيسي/باريس   الهوامش: 1 ـ آل عمران /76 2 ـ رواه الترمذي و قال حديث حسن صحيح 3 ـ رواه ابن حبّان في صحيحه و قال صحيح الإسناد 4 ـ  الطلاق/2 ـ3 5 ـ أبو عبدالله الوصابي الحبشي : البركة في فضل السعي و الحركة ص 71 6 ـ نفس المرجع ص 71 7 ـ البقرة 1 ـ 2 8 ـ آل عمران/133 9 ـ التوبة /13 10 ـ الأنعام /162 ـ 163 11 ـ البخاري و مسلم 12  ـ فصلت / 30 ـ 31 ـ 32 13 ـ رواه الترمذي و قال حديث حسن  و في بعض النسخ حسن صحيح 14 ـ رواه مسلم 15 ـ النحل/ 16  ـ محمد /17 17 و 18 آل عمران 172 و 145  19 ـ المائدة / 8 20  ـ البقرة / 238 21 ـ آل عمران 76 22) البقرة / 197 23) الأعراف / 96


جمعية قطر الخيرية أطلقت حملة جمع تبرعات لتمويله:
الشيخ الحمدي لـ «العرب»: قطر ستكون سباقة لبناء أول مسجد ومركز ثقافي بالدنمارك

2010-03-29  


الدوحة – محمد لشيب  وجه فضيلة الشيخ عبد الحميد الحمدي رئيس المجلس الإسلامي الدنماركي نداء للشعب القطري؛ للمساهمة في إخراج مشروع المسجد الجامع والمركز الإسلامي الكبير بالعاصمة الدنماركية «كوبنهاجن» إلى حيز الوجود، وأكد في حوار مع «العرب» أنه على يقين بأن تحقيق أمل مسلمي الدنمارك سيكون على يد أبناء هذا البلد الطيب المعطاء، مضيفا أن دعم دولة قطر لهذا المشروع سيجعل منه صرحا متميزا ومنارة للدعوة والتعريف بالإسلام في أوروبا. وكشف الحمدي على هامش زيارته لدولة قطر لإطلاق حملة تبرعات لمشروع المسجد والمركز الإسلامي بالدنمارك أن التبرعات التي تتلقاها جمعية قطر الخيرية بلغت 3 ملايين ريال قطري، مشيرا إلى أن الجمعية هي المكلفة الآن بجمع التبرعات عبر فروعها المختلفة وحسابها البنكي – حساب المشاريع رقم 001- 161442 قطر الخيرية – بنك الصفا الإسلامي – مسجد الدنمارك. وفيما يلي نص الحوار: ¶ فضيلة الشيخ عبد الحميد الحمدي، نرحب بكم بداية على صفحات « العرب »، ولتكن انطلاقة حوارنا حول واقع المسلمين اليوم في الدنمارك، كيف ترونه بعد أزمة الرسوم الكاريكاتورية المسيئة لرسول الإسلام صلى الله عليه وسلم، وبعد أزمة المآذن في سويسرا، وأزمتي الحجاب والنقاب في فرنسا، وتصاعد موجة الإسلام فوبيا في عموم الدول الأوروبية؟ – بسم الله الرحمن الرحيم نحمده تعالى ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا، وأشهد أنه الله وحده لا شريك له، وأن نبينا وحبيبنا وقائدنا وإمامنا محمد بن عبد الله، اللهم صل عليه وعلى آله وصحبه وبارك وسلم تسليما كثيرا، رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي … في البداية أشكر لجريدة « العرب » هذه الفرصة الطيبة التي أتاحتها لي للتواصل مع الشعب القطري الكريم، سائلا ربي سبحانه وتعالى أن يجازيكم خير الجزاء على ما تقدمونه؛ خدمة للكلمة الطيبة الصادقة ولإخوانكم من أبناء أمتكم في مشارق الأرض ومغاربها أينما وجدوا وأقاموا. أعتبر أن وضع الإسلام والمسلمين في أوروبا بصفة عامة وضع طيب، وما هذه ردات الفعل هنا وهناك سواء كانت من الدنمارك أو سويسرا أو فرنسا إلا لرفض هذا العملاق القادم لأوروبا للاستيطان، فالإسلام يستوطن أوروبا اليوم بقيمه وبما يحمله من مبادئ التعايش السلمي ومن مواقف إنسانية جيدة، ووضع المسلمين في الدنمارك اليوم أفضل بكثير من السابق. لقد تابعتم فصول الأزمة التي مر بها المسلمون في الدنمارك سنة 2005؛ بسبب تلك الرسوم المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم، حيث كانت تلك الرسوم مرفوضة رفضا باتا وقاطعا من المسلمين المقيمين في الدنمارك، ومن المجتمع المدني المتحضر الذي يؤمن بقيم التعايش السلمي والعقلاء في أوروبا والغرب، ونحن اليوم نعتبر تلك الأزمة أحداثا مرت وانتهت وأصبحت من الماضي، والتاريخ المهم ما نعيشه اليوم. وأنا حين أتكلم عن الشعب الدنماركي يفرض علي ديني وقيمي وحضارتي أن أكون منصفا في توصيف هذا المجتمع، علينا أن نعرف بداية أن الدنمارك هي من الدول الإسكندنافية التي تقع في شمال أوروبا، تحدها السويد وألمانيا والنرويج، عدد سكانها 5 ملايين نسمة، منهم 200 ألف مسلمون، وحوالي 50 ألفا منهم في العاصمة كوبنهاجن وما حولها. أغلب المسلمين توافدوا على الدنمارك في بدابة الستينيات؛ بحثا عن لقمة العيش والعمل، ومع بداية التسعينات واندلاع الحروب والأزمات في عدد من الأقطار الإسلامية، وطغيان الاضطهاد السياسي وخنق حرية التعبير والرأي المخالف، لجأ الكثير من أنباء الأمة العربية والإسلامية إلى الدنمارك، ومنذ التسعينات بدأ المسلمون الجدد التعريف بالإسلام وقيمه وحضارته، وبدأت تتواجد المصليات في الدنمارك، إلا أنه لا تزال الدنمارك -خاصة العاصمة كوبنهاجن- تعاني من عدم وجود مساجد للمسلمين إلى جانب النقص الكبير في العديد من الاحتياجات الفنية وأماكن المحاضرات والندوات؛ حيث إن الكثير منها عبارة عن مصانع أو مساكن أو مستودعات. ومع كثرة أعداد المسلمين الذين هاجروا إلى هناك، بدؤوا في التحرك للتعريف بأوضاعهم والوقوف إلى جانب إخوانهم في فلسطين والعراق وغيرها، كما ظهرت إلى جانب ذلك بعض التصرفات الطائشة من بعض شباب المسلمين سواء في أميركا أو بريطانيا أو إسبانيا أو غيرها؛ مما أساء للإسلام والمسلمين، وشكل ذلك بالنسبة لنا أمرا مؤرقا، لأنه أعطى المبرر لاستقواء الأحزاب والاتجاهات اليمينية علينا، فبرزت العديد من الأحزاب التي ترفضها أوروبا، لكن التطرف والعنف الذي مارسه البعض ممن يحسبون على الإسلام ساهم في ردات الفعل تلك، وبرر وجود أحزاب يمينية تحذر من « الخطر الإسلامي الأخضر ». كما أن انحدار المسلمين من دول مختلفة وعرقيات عديدة من مختلف مناطق العالم، أدى إلى تجمع عادات وتقاليد مختلفة، بل وحتى الأمراض الاجتماعية المتنوعة. أما بخصوص وضع المسلمين في الدنمارك قبل أزمة الرسوم وبعدها، فيمكنني أن أقول: كنا قبل الأزمة بلا صيت ولم يكن يعرفنا أحد، وقد كانت الأزمة بالنسبة لنا بمثابة منبه قوي وتحذير مهم للمسلمين للعمل على التعريف بالإسلام والاندماج في المجتمع الدنماركي والاستيطان، وترسيخ لكون الإسلام جزء لا يتجزأ من الكيان والشخصية الأوروبية التي تؤمن بحضارة وقيم الآخر؛ مما يفرض عليها التعايش مع الإسلام. لقد كانت أزمة الرسوم منبها قويا؛ لتعريفنا بالتقصير الكبير الذي كنا فيه فيما يخص التعريف بقيمنا وحضارتنا وما نحوزه من قيم حضارية، والتصدي لجانب من الإعلام المغرض الذي يصطاد في الماء العكر. فأزمة الرسوم المسيئة للرسول الأكرم بقدر ما كان يحركها أعداء للدين الإسلامي خلقت متعاطفين مع المسلمين ، الكثير منهم كان يجهل حقيقتنا وشخصيتنا، وهذا فرض علينا التحدي، وبدأنا نتحرك منذ الأزمة وإلى الآن بالحوار واللقاءات والندوات والزيارات ولقاء المسؤولين والإعلاميين ورجال المجتمع المدني، وبدأت -ولله الحمد- الصورة تتغير لدى الدنماركيين، إلى أن جاءت هذه السنة التي أسميها بسنة التعايش في الدنمارك، إذ لأول مرة يكشف استطلاع رأي قامت به إحدى الدوائر القوية في البلد أن 84% من الدنماركيين يرفضون تلك الرسوم المسيئة للإسلام والمسلمين، كما أن الجرائد التي نشرت تلك الرسوم السيئة أعلنت عدم نشرها مرة أخرى في رسالة ثانية للمسلمين، أما الرسالة الإيجابية الثالثة فهي تأكيد الاستطلاع على أن حوالي 80% من الشعب الدنماركي يقف إلى جانب الحق في بناء مساجد للمسلمين، ثم الرسالة الرابعة والمفاجئة وهي أن أكبر جريدة دنماركية سبق لها نشر تلك الرسوم المسيئة قدمت اعتذارا للمسلمين…، وهذه من البشائر الممتازة التي تحتاج منا كمسلمين إلى القيام بردود فعل إيجابية، ومن ذلك السعي للاندماج في المجتمع مع الحفاظ على قيمنا وهويتنا واحترام القوانين المعمول بها، كما أننا مطالبون بإظهار القيم التي نعتز بها ونبتعد عن الاستفزاز وكل ما من شأنه أن يعكر صفو العلاقات الاجتماعية الطيبة، ومطلوب منا كذلك أن نكون إيجابيين ونخرج من حالة الانعزال والابتعاد؛ للمساهمة في بناء هذا المجتمع والسهر على أمنه وازدهار اقتصاده، وأن نكون جميعا مواطنين إيجابيين صالحين، ومطلوب من إخواننا المسلمين عبر العالم الكف عن المقاطعة الاقتصادية للمنتجات الدنماركية؛ مساهمة منهم في إرسال إشارة إيجابية؛ لدعم هذا التوجه في المجتمع الدنماركي. ¶ حملتم فضيلة الشيخ المسؤولية للإعلام المتحيز في أزمة الرسوم المسيئة للرسول الكريم، لكن ألا ترون معي أن عمق المسؤولية نتحملها نحن المسلمين بدليل أننا في خضم الأزمة اهتز العالم الإسلامي بأكمله وهاج وماج وخرجت المظاهرات والمسيرات، وعلت أصوات التنديد والاستنكار، لكننا نقف اليوم وعلى امتداد 6 سنوات عاجزين عن تمويل بناء مسجد واحد في هذه البلاد؟ المفارقة الثانية أننا كمسلمين نمتلك كل هذا الرصيد من الإرث الحضاري والثقافي والعلمي علينا أن نبقى نائمين في انتظار من يصفعنا على شاكلة صفعة الرسوم الكاريكاتورية لننتبه لدورنا وواجبنا في التعريف بالإسلام ودعوة الناس إليه، لماذا لم نقم بهذا الدور الواجب من قبل من تلقاء أنفسنا بدون أن تحكمنا ردات الفعل تلك؟ – وهذه واحدة من أبرز مشكلاتنا أننا دائما نتحرك متأخرين، ففعلا كما تفضلت لما كانت أزمة الرسوم المسيئة هبت تلك الجموع الكبيرة تناصر الإسلام وتدافع عن رسوله في الدنمارك، وهذا شيء مطلوب ما دام في سياق الرفض السلمي لتلك الرسوم، لكننا نفاجأ بعدما تسمح لنا الدنمارك ببناء مسجد ومركز حضاري إسلامي بالمنارة والقبة، وأخذنا الترخيص منذ سنة 2006، وإلى حدود اليوم ونحن نجوب العالم الإسلامي ونستغيث طلبا للدعم والتمويل؛ لإخراج المشروع. فهذا حقيقة فاجأنا مثلما فاجأ الدانماركيين، كيف يقف هؤلاء الملايين من المسلمين عاجزين عن تمويل مسجد ومركز إسلامي، سيكون بلا شك منبرا للدعوة والحوار والدفاع عن المسلمين، ومركزا حضاريا للتواصل مع الدنماركيين وغيرهم والذود عن الإسلام، وسيشكل جسرا بين المسلمين وغيرهم. حقيقة هذا مما أحسسنا فيه بألم، لكنني مستبشر خيرا بهذه الزيارة الكريمة لدولة قطر، خاصة لما استضافتني إذاعة القرآن الكريم وسمعت تلك الهبة من أبناء قطر الخيرين، هذا الوطن المعطاء لدرجة أن أحدهم اتصل بالبرنامج ليقول: أنا لا أملك إلا 10 آلاف ريال وسأتبرع بها للمشروع، هذه الحركية والخيرية والموقف أثلج صدورنا، ورأيت المذيع تتساقط دموعه؛ بسبب مثل هذه المواقف، فالأمة فيها خير كبير، وأنا مستبشر خيرا بأن هذا المشروع سيتم تمويله من شعب وأبناء قطر ومن قيادة قطر الحكيمة والرائدة التي عرفت بمواقفها العربية والإسلامية الرائدة، حيث كلما ذكرت قطر إلا وتشكر لمواقفها الرائدة والمبدئية والإنسانية ووقوفها مع الضعيف ضد القوي، وأنا على يقين أنها ستكون مبادرة لتبني هذا المشروع الفريد من نوعه في الدنمارك، خاصة أن لقطر أياديها البيضاء على العديد من الدول في كافة القارات ويصل خيرها للجميع، وإن شاء الله سيصلنا هذا الخير من هذا البلد الطيب الشجاع، وعندما ستكون قطر وراء هذا المسجد والمركز الإسلامي فسيزيد ذلك إشعاعا ورقيا. واسمحوا لي أن أكرر وألح على أننا بصدد فرصة تاريخية لإخراج هذا المشروع الكبير إلى أرض الواقع، حتى لا تضيع الفرصة من بين أيدينا، ونصبح فريسة الإعلام الغربي الحاقد الذي بدأ يتكلم عن تأخر المسلمين في بناء المسجد، كما أن إنجاز هذا المشروع سيمكن المسلمين من مسجد ومركز يليق بمكانة وقيمة هذه الديانة العظيمة التي تعد الديانة الثانية في الدنمارك، فلعل زيارتنا لقطر تشكل بداية تحقيق هذا المشروع الذي وصفه الدكتور عبد الله الحمادي لما زار موقعه بأنه مشروع الأمة الذي يجب أن تتكاتف جهود الجميع لتحقيقه. ¶ فضيلة الشيخ أنتم الآن في زيارة لقطر لحشد الدعم والترويج لهذا المشروع من خلال حملة جمع تبرعات تبنتها جمعية قطر الخيرية، هل لكم أن تطلعونا على تفاصيل المشروع؟ وأين وصلت حملة التبرعات حتى الساعة؟ – تعد كوبنهاجن من العواصم الأوروبية القليلة التي لا يوجد فيها مسجد يمثل فن العمارة الإسلامية، ويجتذب المارين من حوله للتعرف على الحضارة الإسلامية عن كثب؛ لذلك أخذ المركز الإسلامي الدنماركي هذا الأمر على عاتقه، وبدأ في السعي؛ لتحقيق هذا الحلم الكبير للمسلمين في الدنمارك، ليكون منارة إشعاع حضاري إسلامي وجسرا حقيقيا؛ للتواصل بين المسلمين وغير المسلمين في المجتمع الدنماركي. واستطاع بالتعاون مع المؤسسات الإسلامية العاملة في الساحة الدنماركية أن يحصل على موافقة بلدية العاصمة كوبنهاجن على بناء مسجد بقبة ومنارة. في البداية عرضت علينا أراض لشرائها منذ سنة 2006، وضيعنا الفرصة بسبب عجزنا عن تأمين المبالغ المطلوبة، وبفضله سبحانه وتعالى عرض علينا هذه السنة مبنيان كبيران متلاصقان مع بعض في قلب العاصمة الدنماركية بنيا سنة 2008 ولم يسكنا بعد، كما أنهما قريبان جدا من أكبر تجمعين للمسلمين في العاصمة، حيث لا يفصلهما سوى شارع صغير. المبنى الأول سيخصص للمسجد وهو تقريبا شبه جاهز لا تنقصه سوى المنارة والقبة، ويتكون من طابقين مساحة كل منهما 1016 متر مربع، سيشكل الطابق العلوي منهما المسجد ويتسع لحوالي 2000 مصل، على أن تقام فيه الجمع والجماعات بالإضافة إلى الأنشطة الدعوية المختلفة. أما الطابق الأرضي فسيضم مكتبة كبيرة ومدرسة لتحفيظ القرآن الكريم للأطفال، كما يوجد تحت المبنى قبو معد كموقف لوقوف السيارات ويتسع لحوالي 50 سيارة، إلى جانب إمكانية تخصيص مواقف لنفس العدد من السيارات في جنبات المبنى. أما المبنى الملاصق له فسيخصص لتنفيذ مشروع المركز الثقافي الإسلامي ويتكون من مدرسة نظامية لتعليم أبناء المسلمين وصالة رياضية وقاعة للمحضرات وقاعة للاجتماعات ومقار للإدارة واللجان العاملة، والسوق الإسلامي والمطعم الإسلامي وغيرها من المرافق المهمة والضرورية للمسلمين. إننا نريد من هذا المشروع الطموح أن يكون مركزا إسلاميا حضاريا يضم مسجدا تقام فيه الصلوات، ومدرسة إسلامية تدرس اللغة العربية والدين الإسلامي إضافة إلى المناهج التعليمية الدنماركية، وأن يكون مخصصا للدنماركيين الذين أسلموا والذين بلغ عددهم منذ أزمة الرسوم المسيئة للإسلام إلى الآن 2800 دنماركي مسلم، كما نريده مركزا للتواصل مع كل شرائح المجتمع الدنماركي من سياسيين وإعلاميين وأكاديمين ومجتمع مدني من خلال مقر يليق بنا وبديننا وحضارتنا، وليس كما كنا من قبل أن نبلغ كلمتنا ورأينا من تحت الأقبية، فالمركز سيشكل بإذن الله تعالى انطلاقة جيدة للتعريف بالإسلام ونبذ حالة العزلة التي كنا نعيشها، ونخرج من اللامبالاة التي نعانيها. كما أسلفت منذ الحملة إلى اليوم تحركنا بشكل جيد، وجاءت النتائج إيجابية، وساهمت في تغيير الذهنية والعقلية الدنماركية التي كانت تحمل صورة سيئة عن الإسلام، لدرجة أن بعض الدراسات تقول إن نسبة الدنماركيين الذين يعرفون الإسلام أو يقرءون عنه أو يهتمون به كانت لا تزيد عن 10%، لكنها اليوم وصلت إلى ما يزيد عن 90% من الراغبين في التعرف على الإسلام، وهذه من مبشرات الخير التي قلبت المحنة إلى منحة، وهذا من فضل الله سبحانه تعالى علينا، ونحن نريد لهذه الثمار الإيجابية أن تؤتي أكلها، وأن لا تذهب هدرا. يكلف المشروع في إجماله بجزأيه المسجد والمركز الثقافي ما يقدر بـ 13 مليون يورو، عشرة ملايين منها لشراء العقارين، وثلاث ملايين لإجراء التعديلات عليهما؛ ليصبحا جاهزين للاستخدام، وقد تكفلت جمعية قطر الخيرية مشكورة بتبني حملة التعريف بالمشروع وجمع التبرعات لإنجازه، وأريد من هذا المنبر الإعلامي الكبير أن أوجه التحية والشكر لهذه الجمعية المباركة والقائمين عليها الذين بادروا لتبني الفكرة والترويج لها، وقد وصل حجم التبرعات الآن لدى جمعية قطر الخيرية قرابة 3 ملايين ريال قطري، كما أنني تلقيت وعدا من أحد المحسنين القطريين الطيبين بالتكفل بجزء من المشروع، لعله المسجد، وقد أرسل إلينا من إدارته من يطلع على المشروع وتفاصيله، ولعل في هذا النداء الذي أوجهه من جريدة « العرب » والذي يحمل حرقة على هذا المشروع أن يجد آذانا مصغية من أبناء هذا البلد الطيب المعطاء للمبادرة بالمساهمات الطيبة، فأملنا في الله كبير وفي أبناء قطر أن يدعموا هذا المشروع ويساهموا في إقامته. ¶ تولدت صدمة عند المسلمين بالغرب واحد من خيارين، إما الانحلال والتفسخ والذوبان في قيم الغرب وعاداته، أو التطرف والتشدد والتنطع مع ما يفرزه ذلك من صورة مشوهة عن الإسلام والمسلمين، ما دوركم في هذا الصدد؛ للحفاظ على المسلم الوسطي المعتدل المندمج في المجتمع والمحافظ على دينه وهويته وحضارته؟ – المجلس الإسلامي الدنماركي ممثل تيار الوسطية والاعتدال في الدنمارك، تنطلق رسالته من قوله تعالى: « يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم »، وتتحدد رؤيته المستقبلية في الحفاظ على الوجود الإسلامي في الدنمارك وترسيخه وتمكينه من التعريف بالإسلام والدعوة إلى قيمه والإسهام الفاعل في مختلف جوانب الحياة بالمجتمع الدنماركي مع التركيز على ترسيخ الهوية الإسلامية والارتقاء بلغة الخطاب داخلياً وخارجياً. ويسعى المجلس إلى تحقيق استقرار الوجود الإسلامي أفراداً ومؤسسات ليصبح واقعاً مقبولاً في المجتمع الدنماركي ومؤثراً في جوانب الحياة المختلفة فيه، من خلال التعريف بالإسلام وقيمه وبلورة الثقافة الإسلامية وفقا لمقتضيات العصر وخصوصيات الواقع الدنماركي، ومساعدة المسلمين الدنماركيين على ممارسة شعائرهم الدينية والحفاظ على هويتهم الثقافية ورعاية شؤونهم الاجتماعية والدينية، وتشجيع وإقامة المؤسسات المختلفة من مساجد ومدارس ومعاهد وأندية ثقافية واجتماعية ورياضية ومهنية وغيرها، والارتقاء بالمؤسسات الأعضاء وتنمية خبراتها ودعم التنسيق والتعاون بينها، والاهتمام بأبناء المسلمين وتهيئة الفرص لتعليمهم الدين الإسلامي واللغة العربية ومساعدتهم على التفوق الأكاديمي والمهني وتجنيبهم الانزلاق الاجتماعي، إلى جانب تفعيل دور المسلمين في إطار الوحدة الأوروبية وخدمة الصالح العام والعمل على حضور وتمثيل المسلمين في المؤسسات الدنماركية، ووصول المسلمين إلى مراكز القرار والسعي للاعتراف بالدين الإسلامي في الدنمارك بما يعزز الهوية الدنماركية للمسلمين، وتوسيع الحوار الثقافي والحضاري بين المسلمين وأصحاب الأديان والعقائد والأفكار الأخرى للتفاعل الإيجابي وتوطيد السلام الاجتماعي، والتواصل مع المسلمين في العالم وتعزيز التعاون والصداقة بين الدنمارك والعالم الإسلامي بما يحقق المصالح المشتركة مع مد جسور التعارف والتعاون مع المؤسسات والهيئات الإسلامية الرسمية والشعبية على الصعيد الدنماركي والأوروبي والعالمي في إطار المصالح المشتركة، والمساهمة في الجهود الرامية لحماية الحريات العامة والدفاع عن حقوق الإنسان ونبذ كافة أشكال التمييز العنصري والإرهاب والتطرف والعنف والمساهمة في الجهود الرامية لحماية البيئة.  


اختبار الأمة في امتحان القمة


فهمي هويدي عندما قال رئيس الوزراء التركي أمام القمة العربية إن مصير إسطنبول مرتبط بمصير القدس، ومصير تركيا مرتبط بمصير العالم العربي، فإنه بدا كأنه يغرد خارج السرب، لأن أغلب سامعيه من القادة العرب يبدو كأن لهم رأيا آخر في المسألة. (1) فاجأنا السيد رجب طيب أردوغان وذكرنا بحقيقة إستراتيجية نسيها كثيرون وتجاهلها الباقون، وهي أن نجاح إسرائيل في تهويد القدس واقتلاع الفلسطينيين منها يعد تتويجا لانتصارها وتمكينا يطلق يدها في المنطقة بأسرها، ليس فقط باعتبارها مشروعا توسعيا واستيطانيا، ولكن أيضا بحسبانها رأس حربة لمشروع الهيمنة الغربية، الراعي الحقيقي للدولة العبرية. وأمام ذلك التمكين فإنه لن يكون أحد بمنأى عن الخطر، ليس في العالم العربي وحده، وإنما أيضا في تركيا وإيران تحديدا، ذلك أن القدس من هذه الزاوية ليست مدينة فلسطينية عادية يتم تهويدها وابتلاعها، ولكنها رمز للعالم الإسلامي كله. لقد وصف أردوغان ما تفعله إسرائيل في القدس بأنه ضرب من الجنون. وتلك قراءة صحيحة من المنظور الإستراتيجي، لذلك فإن الاستمرار في ممارسة ذلك الجنون، ومن ثم تحويل اللامعقول إلى معقول، وترجمة العربدة الهوجاء إلى واقع يفرض نفسه بالقوة على الآخرين، يطرح معادلة جديدة تماما في المنطقة، تقلب موازينها وتهدد مستقبلها وتفتح شهية « المجانين » للإقدام على مزيد من التغول والاستقواء. هذا الذي أدركه رئيس الوزراء التركي، استحق أن يصفه الشاعر مريد البرغوثى بأنه « العربي الوحيد » في القمة، لكن الملاحظ أن العواصم العربية تتعامل معه بقدر مدهش من التراخي واللامبالاة، يختزل رد الفعل في بيانات للتنديد فقدت معناها وجدواها، وقرارات حذرة ليست في مستوى التحدي أو الخطر، تراوحت بين إنشاء مفوضية للقدس، وإعانة أهلها بخمسمائة مليون دولار، والاستغاثة بمحكمة العدل الدولية التي سبق لها أن أدانت إقامة الجدار، ولكن إسرائيل قابلت قرارها بازدراء واستهتار مشهودين، ونفذت مخططها كاملا بمباركة ورعاية من جانب أركان الهيمنة الغربية، ممثلة في الولايات المتحدة والرباعية الدولية. (2) حين انعقدت القمة في سرت كان التحدي صارخا ومحرجا للقادة العرب، فالسيد نتنياهو أعلن صراحة في واشنطن -في عقر دار الراعي الأميركي- أن القدس خارج المناقشة، وأن عملية تهويدها واقتلاع الفلسطينيين منها لن تتوقف. ولم يكذب رئيس بلدية المدينة خبرا، فلم يتوقف لحظة عن عملية الهدم والبناء سواء في الأحياء العربية أو بجوار المسجد الأقصى وتحته، حتى أصبح انهياره مسألة وقت لا أكثر، وهو جهد توازى مع استمرار محاولات اقتحام المسجد الأقصى من جانب مستوطنين وتحت رعاية الشرطة. في الوقت ذاته فإن حملة بناء الوحدات الاستيطانية تشهد اندفاعة قوية في الضفة الغربية وغور الأردن والجولان. بل ذهبت إسرائيل في تحديها وتوحشها إلى حد الاستيلاء على المساجد القديمة وتحويلها إلى آثار يهودية، كما حدث مع المسجد الإبراهيمي في الخليل ومسجد بلال بن رباح في بيت لحم. لقد نجح نتنياهو في إجهاض الوعود التي أطلقها الرئيس باراك أوباما في بداية العام بخصوص القضية الفلسطينية، التي كان وقف الاستيطان -مؤقتا بطبيعة الحال- مدخلا لإطلاق مفاوضات تمهد لإقامة الدولة الفلسطينية، بل إنه تحدى نائب الرئيس الأميركي جو بايدن حين أعلن بناء 1600 وحدة استيطانية جديدة أثناء زيارته لإسرائيل (٩ مارس/آذار 2010)، وهو ما سبب للرجل حرجا قيل إنه أحدث أزمة في العلاقات مع الولايات المتحدة، من ذلك النوع الذي يحدث داخل أي أسرة. حكومة نتنياهو فعلت ذلك كله قبل انعقاد القمة العربية، ومن الواضح أنها لم تكن قلقة من أي رد فعل عربي، ومطمئنة إلى أن القمة عاجزة عن أي فعل، بل عاجزة عن اتخاذ أي قرار سياسي جريء (سحب المبادرة العربية مثلا، أو قطع العلاقات واستخدام ورقة المصالح التجارية). وبينما لم تكترث إسرائيل بالقمة وحولت انعقادها في ليبيا إلى مادة للسخرية عبر عنها بعض المعلقين في صحفها، كان قلقها أكبر من ردود الأفعال الغربية على تزوير بعض جوازات سفر مواطنيها واستخدامها في جريمة قتل محمود المبحوح قيادي حركة حماس في دبي، ذلك أن قرار بريطانيا طرد أحد رجال الموساد في السفارة الإسرائيلية بلندن بسبب اتهامه بالتواطؤ في العملية أثار القلق في تل أبيب من احتمال أن تحذو كل من إيرلندا وأستراليا وفرنسا وألمانيا حذوها، بعدما ثبت أن جوازات سفر مواطنيها استخدمت أيضا في العملية. المشهد من هذه الزاوية مسكون بمفارقة مخزية، فإسرائيل لم تبد أي قلق من جانب العالم العربي وهي تفتك بالقدس وتطلق مشروعاتها الاستيطانية الوحشية في الضفة، لكنها عبرت عن قلقها من ردود الأفعال الأوروبية على تزوير جوازات سفر مواطنيها واستخدامها في جريمة قتل المبحوح. (3) قراءة إسرائيل للموقف العربي لم تكن خاطئة، فقد ذكرت التقارير الصحفية التي خرجت من اجتماعات سرت أن مصر والأردن اعترضتا على استخدام القمة كورقة ضغط على إسرائيل، وهو ما تم أثناء اجتماعات وزراء الخارجية أعضاء لجنة مبادرة السلام، إذ عارض وزيرا خارجية البلدين اتخاذ أي قرارات تتعلق بإلغاء أو تجميد المبادرة العربية، بحجة أنها تشكل أساسا « لتسويق » الموقف العربي. ومما له دلالته الرمزية في هذا السياق أن المندوب السوري اقترح أن يطلق على اجتماع القادة قمة « التحدي »، ولكن وزير الخارجية المصري استثقل الكلمة باعتبار أنها ليست واردة في قاموس « الاعتدال »، فاقترح تسميتها قمة القدس وهو عنوان أكثر حيادا أخذ به. لم يكن مفاجئا الإبقاء على المبادرة العربية التي كان العاهل السعودي قد أعلن في قمة الكويت الاقتصادية التي عقدت أوائل العام الماضي أنها لن تبقى طويلا على الطاولة. ورغم مضي ثماني سنوات على إطلاقها فإنها ما زالت فوق الطاولة، ولم يملك القادة العرب شجاعة سحبها أو حتى تجميدها. ولأنها لم تحقق شيئا حتى الآن سوى مساندة الادعاء بإبراء الذمة العربية، فإنه بات يحق لنا أن نعتبرها حيلة للتسويف وليست ورقة للتسويق. أما الطاولة فلم تعد كذلك، ولكنها تحولت إلى مشجب علق عليه القادة المبادرة ثم انصرفوا. أي متابع لمؤشرات العلاقات العربية الإسرائيلية لا يفاجأ بحدود السقف الذي حكم موقف القمة وأداءها. ذلك أنه قبل عقد المؤتمر بأيام قليلة (يوم 24/3)، نشرت صحيفة « الشروق » المصرية أن اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة (إيباك) وجه التحية إلى مصر لقيامها ببناء السور الفولاذي العازل بين سيناء وغزة. وفي هذا الصدد تحدث مدير معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى روبرت ساتلوف ممتدحا موقف مصر الذي اعتبره « ناضجا وشجاعا »، « لأنها أوشكت على الانتهاء من آخر مراحل الحاجز (السور) الذي يضيق الخناق على حماس، الأمر الذي يشكل خطوة مهمة نحو إحداث تغيير داخل غزة ». وقد استقبلت كلمته بتصفيق شديد من جانب الحضور، كما ذكر مراسل الجريدة في واشنطن. قبل ذلك بأيام قليلة (في 19/3) نشرت صحيفة « المصري اليوم » أن وفدا عسكريا أميركيا زار منطقة الحدود المصرية مع القطاع لتفقد المرحلة الأخيرة من الجدار الفولاذي والاطمئنان إلى حسن سير العمل في المشروع. وفي الوقت الذي أعلنت فيه الحكومة الإسرائيلية مخططات التوسع الاستيطاني واستمرار عمليات تهويد القدس، نشرت صحيفة « الشرق الأوسط » (عدد 23/3) تقريرا عن تقدم خطوات التطبيع بين إسرائيل والمغرب (التي ترأس لجنة القدس!)، تمثلت في عقد سلسلة من المؤتمرات منها ندوة عن تاريخ هجرات اليهود من منطقة المغرب العربي عقدت بمدينة الصويرة، وقبلها عقد الملتقى الدولي الثاني لليهود المغاربة في مراكش وشاركت فيه 17 شخصية من إسرائيل، وفي الرباط عقدت ندوة عن المحرقة التي تعرض لها اليهود. وقبل هذا كله شهدت وزيرة خارجية إسرائيل السابقة تسيبي ليفني أحد المنتديات السياسية التي عقدت في مدينة طنجة. الحاصل في المغرب يتكرر بصورة أكثر حذرا في منطقة الخليج التي استقبلت وزيرا إسرائيليا بحجة مشاركته في مؤتمر دولي، وزار وزير خليجي رام الله أكثر من مرة بتأشيرة إسرائيلية. كما عقد بعض المسؤولين الأمنيين اجتماعات تنسيقية اشترك فيها نظراء لهم من مصر والأردن، إضافة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل. ولأول مرة هذا العام وجهت إدارة مهرجان الجنادرية في المملكة السعودية دعوات المشاركة لعدد من دعاة التطبيع العلني مع إسرائيل، الذين ترددوا عليها أكثر من مرة. أما في الضفة الغربية فإن الأجهزة الأمنية تحكم قمع الجماهير وتكبلها لكي تتجنب احتمال انفجار الغضب الفلسطيني واندلاع شرارة انتفاضة ثالثة، وهو ما أعلنه وزير شؤون القدس في حكومة سلام فياض السابقة حاتم عبد القادر، إذ نشرت له صحيفة « الشرق الأوسط » يوم 17/3 حوارا قال فيه إن حكومة فياض الراهنة تمنع إطلاق يد الفلسطينيين في الضفة للقيام بأي أعمال من شأنها أن تؤدي إلى اندلاع مواجهات مع قوات الاحتلال. وأضاف أن ما تقوم به الحكومة بمثابة إجراءات غير مسبوقة لم يعهدها الفلسطينيون، أدت إلى كبت الشارع وعدم السماح له بالتعبير عن غضبه وسخطه إزاء الجرائم الإسرائيلية المتلاحقة. (4) في كل مرة ينتقد فيها الاستسلام العربي المهين أمام إسرائيل يتم إسكات الأصوات الناقدة بدعوى أن الخيار الآخر هو الحرب، ورغم أن إسرائيل لم تستبعد ذلك الخيار، ولا تزال تخوض تلك الحرب بين الحين والآخر، فإن الطموح في العالم العربي أصبح أكثر تواضعا، إذ لم يعد أحد يتطلع في الوقت الراهن إلى تحرير فلسطين، وإنما أصبح الرجاء ألا يتم تضييع فلسطين. وأزعم في هذا الصدد أن عمليات المقاومة التي تمت إلى الآن لم يفكر قادتها في أنها ستؤدي إلى تحقيق التحرير، بقدر ما أرادوا بها إشعار الإسرائيليين بأن الاحتلال له تكلفته، وأنهم لن يظلوا في أمان وهم محتلون للأرض، وهذه التكلفة العالية هي التي دفعت إسرائيل إلى الانسحاب من غزة والخلاص من « همِّها ». ورغم أنه لا أحد يستطيع الادعاء بأن حكومة حماس هناك أنجزت شيئا على صعيد التحرير المنشود، فإنه أيضا لا أحد يشك في أن وجودها عطل مسيرة بيع فلسطين والتفريط في ثوابتها. من ثم فإن تصوير الانقسام الحاصل على أنه صراع على السلطة بين فتح وحماس هو تبسيط لا يخلو من تدليس، لأنه في جوهره خلاف حول أسلوب التعامل مع الملف، وهل الممانعة والمقاومة هما الحل، أم أن الحل في التسليم والدوران في دوامة المفاوضات التي لم تثمر شيئا طوال الأعوام الـ19 الماضية؟ قبل أيام قليلة (في ٢٥/٣) نشرت صحيفة « الحياة » اللندنية حوارا مع الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي السيد رمضان شلح، سئل فيه عن بدائل العرب وخياراتهم في التعامل مع إسرائيل، فكان رده أنه ليس مطلوبا من الدول العربية في الوقت الراهن أن تستسلم أو تخوض حربا، وإنما غاية المراد منها أن تلتزم بحدود اللاحرب واللاسلم، وأن تترك الفلسطينيين بعد ذلك يتدبرون أمورهم مع الإسرائيليين. حتى هذا المطلب صار عسيرا لأن القرار العربي لم يعد مستقلا، ولأن ثمة إصرارا من الإسرائيليين والأميركيين على استثمار الانبطاح العربي الراهن في إغلاق الملف وتصفية القضية بتوقيع فلسطيني وإجماع عربي! (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 30 مارس  2010)


ليبرمان: عباس حث اسرائيل على الإطاحة بحماس خلال حرب غزة

 


القدس (رويترز) – قال وزير الخارجية الاسرائيلي افيجدور ليبرمان يوم الاثنين 29 مارس إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس حث اسرائيل على الاطاحة بحركة المقاومة الاسلامية حماس في حرب غزة العام الماضي ثم عاد وغير موقفه وانحى باللائمة على اسرائيل في ارتكاب جرائم حرب. وذكر ليبرمان ان ذلك اثار شكوكا بشأن مدى ملاءمة عباس كقائد يمكن ان تصنع اسرائيل السلام معه. وقال ليبرمان لصحيفة معاريف الاسرائيلية « خلال العام الماضي شاهدت ( عباس) في افضل حالاته. في عملية الرصاص المصبوب اتصل بنا شخصيا ومارس ضغطا وطالبنا بان نطيح بحماس ونقصيها من السلطة. « وبعد شهر من انتهاء العملية رفع شكوى ضدنا امام محكمة العدل الدولية في لاهاي (بتهمة ارتكاب) جرائم حرب. هل هذا شريك… » ونفى معاون لعباس بشدة هذا متهما الحكومة الاسرائيلية التي يهيمن عليها اليمين بمحاولة تعميق المأزق الذي تواجهه الجهود التي ترعاها الولايات المتحدة لاحياء المفاوضات. وقال نبيل ابو ردينة لرويترز « هذا كلام غير صحيح هو استمرار لحملة التشهير والتشويه للتهرب من عملية السلام وهذه سياسة التصعيد الاسرائيلية المستمرة هدفها التهرب من عملية السلام وهدفها تدمير الجهود واخر مثال على ذلك موجة الاستيطان المستمرة والاهانات الموجه للادارة الامريكية كل هذه محاولة لخلق المناخ لتدمير اي فرصة لانقاذ عملية السلام. » وشنت اسرائيل هجوما استمر ثلاثة اسابيع يوم 27 ديسمبر كانون الاول 2008 بهدف معلن هو وقف الهجمات الصاروخية من جانب حماس والفصائل الفلسطينية الاخرى. وتراجعت هذه الهجمات منذ ذلك الحين رغم حدوث اعمال عنف متقطعة عبر الحدود. وقتلت اسرائيل 1400 فلسطيني في الحرب اغلبهم غير مقاتلين مما ادى الى تعرضها لحملة انتقادات خارجية لاذعة ووقف المفاوضات بين عباس ورئيس الوزراء الاسرائيلي في ذلك الوقت ايهود اولمرت الذي ينتمي لتيار الوسط. وقتل لاسرائيل عشرة جنود وثلاثة مدنيين. ولم يكن ليبرمان في الحكومة خلال حرب غزة. ورفض متحدث الافصاح على اي اساس بنى وزير الخارجية مزاعمه. لكن مسؤولا اسرائيليا كبيرا في ذلك الوقت قال ان رواية ليبرمان « دقيقة بشكل جوهري ». واعتبرت حماس التي كانت قد اتهمت بالفعل عباس بتشجيع اسرائيل على مواصلة الحرب اتهام ليبرمان بانه تأكيد لشكوكها في الرئيس الفلسطيني. وقال سامي ابو زهري المتحدث باسم حماس ان هذا البيان الخطير يؤكد مرة اخرى حقيقة ان عباس لم يعد مناسبا لتمثيل الشعب الفلسطيني حيث تآمر على شعبه خلال الحرب. وتخوض حماس صراعا على السلطة مع حركة فتح التي يتزعمها عباس منذ الفوز في الانتخابات التشريعية عام 2006 وتنتقد عباس لاعترافه بالدولة اليهودية واستعداده المعلن لنبذ الكفاح المسلح. وانضم عباس لادانة هجوم غزة الذي شنته حكومة اولمرت لكنه اغضب كثيرا من الفلسطينيين لتردده في تأييد تقرير للامم المتحدة عن وقوع جرائم حرب في سبتمبر ايلول ركز على سلوك اسرائيل خلال الحرب. وفي مقابلة معاريف استبعد ليبرمان الى حد بعيد فرص حدوث تقدم مع حكومة عباس الذي لا يحكم سوى الضفة الغربية بعدما انتزعت حماس السيطرة الكاملة على قطاع غزة في 2007. وتلاشت الامال في بدء محادثات غير مباشرة هذا الشهر باعلان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو مشروعا استيطانيا جديدا لليهود على الارض المحتلة حيث يسعى الفلسطينيون لاقامة دولة. كما اثار المشروع المقرر اقامته على منطقة بالضفة الغربية ضمتها اسرائيل للقدس تساؤلات امريكية حول جدية نتنياهو بشأن صنع السلام. ولا يزال هذا الخلاف عصيا على الحل.
(المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 30 مارس 2010)


تركيا بين خيار الإصلاح أو العودة إلى الخلف


مركز الجزيرة للدراسات يمكن القول، بدون أية درجة من المبالغة، إن السياسة التركية الداخلية تعيش أزمة مستمرة منذ انقلاب 1960 العسكري الذي أطاح بحكومة مندريس المديدة وأودى برئيس الحكومة إلى حبل المشنقة. فقد شهدت تركيا خلال العقود الخمسة التالية للانقلاب الأول تدخلين عسكريين سافرين في الحياة السياسية، ثلاثة تدخلات غير مباشرة، وعددا لا يحصى من التدخلات الخفية. ثمة عدد من العوامل التي أدت إلى مثل هذا الوضع المزمن والمتسم  بالقلق والتأزم الداخليين: الأول، تحول المؤسسة العسكرية منذ 1960 إلى لاعب رئيس في الحياة السياسية، ليس فقط من خلال مجلس الأمن القومي، الذي أقامه دستور ما بعد الانقلاب، وظل العسكريون يشكلون أغلبية أعضائه حتى قبل سنوات قليلة، ولكن أيضاً لخضوع أغلبية القيادات الحزبية التركية لإرادة الجيش. الثاني، أن انقلاب 1960 جاء بفعل انفجار مسألة الهوية، ولم يتبلور إجماع تركي كاف منذ ذلك الحين لوضع حل للجدل والانقسام الداخليين حول هوية تركيا وموقعها ودورها. الثالث، أن الولادة الصعبة للجمهورية في أعقاب الهزيمة العثمانية في الحرب العالمية الأولى أسست لارتباط وثيق بين الوضع الداخلي والسياسة الخارجية. وقد أصبح هذا الارتباط مصدراً آخر للجدل والانقسام الداخليين منذ ولادة التعددية السياسية في نهاية الحرب العالمية الثانية. أما العامل الرابع فيتعلق بولادة النظام الديمقراطي والتعددي، التي لم تأت نتيجة هزيمة قاطعة للنظام القائم ولأسس القوة التي ارتكز إليها، بل من رحم النظام نفسه. هذه الولادة جعلت تركيا أسيرة تدافع مستديم بين القوى الديمقراطية، التي تسعى إلى توسيع نطاق الحريات وتعزيز إرادة الشعب، والقوى الحاكمة التي يصفها معارضوها بأنها أبوية وتعتقد بحقها في الوصاية على الشعب. أرغنيكون والأزمة التركية المزمنة السباق بين الإصلاحات ومساعي الإطاحة بالحكومة أرغنيكون والأزمة التركية المزمنة شهدت تركيا خلال النصف الثاني من فبراير/ شباط تصعيداً جديداً في مستوى التأزم الداخلي؛ وقد راجت في الدوائر السياسية والإعلامية سوق الشائعات التي تتوقع انقلاباً عسكرياً بين لحظة وأخرى، بعد أن تفاقمت العلاقات بين حكومة حزب العدالة والتنمية، والجيش، والهيئة المشرفة على القضاء ووكلاء النيابة. وهذه القضية التي أدت إلى تصعيد التوتر لم تكن جديدة، بل تعود إلى صيف 2007 حين اكتشف وكيل نيابة بمدينة اسطنبول مخزن سلاح وذخائر في منزل يعود لضابط تركي بإحدى ضواحي المدينة، وذلك أثناء التحقيق في قضية اغتيال ذات طابع سياسي غامض. وكان تصميم وكيل النيابة على كشف حادثة الاغتيال ومخزن السلاح الغريب، قد أوصل الأمور إلى ما بات يعرف في تركيا بملف أرغنكون -المنظمة السرية المشكلة من عناصر عسكرية عاملة وسابقة، وكتاب وصحافيين ورجال قضاء وأعمال- التي تعود في أصولها إلى سنوات الحرب الباردة. ويعتقد أن أرغنكون شكلت باعتبارها منظمة خفية خلال سنوات الحرب الباردة، لمواجهة خطر احتلال تركيا من قبل الاتحاد السوفياتي في حال نشوب حرب بين الكتلة الشيوعية وحلف الأطلسي، شأنها في ذلك شأن العديد من المنظمات المشابهة التي شكلها حلف الأطلسي في عدد من الدول الأوروبية الأخرى. ولكن أرغنكون التركية لم تحل بعد نهاية الحرب الباردة بل تحولت إلى « منظمة سياسية – إجرامية »، تتقاطع داخلها مجموعات قومية وعلمانية وانقلابية متطرفة، تستهدف الحفاظ على الوضع القائم في البلاد منذ انقلاب 1960، الذي وفر للمؤسسة العسكرية وحلفائها دوراً فاعلاً ومستتراً في بنية الدولة التركية. وطبقاً للتحقيقات التي لا يتوقع لها أن تنتهي قريباً، فإن عناصر تنتمي إلى منظمة أرغنكون تعهدت خلال العقدين الماضيين بعدد لم يحدد بعد من جرائم اغتيال شخصيات رأت المنظمة بأنها تهدد وحدة تركيا ونظامها القومي، كما لعبت دوراً إجرامياً في ملاحقة وقتل العشرات، وربما المئات، من الناشطين الأكراد – الأتراك، أو المشتبه بدعمهم لحزب العمال الكردستاني. أوصلت التحقيقات في نشاطات أرغنكون قبل شهور قليلة وكلاء النيابة العاملين في القضية إلى ضباط عاملين في الجيش وإلى قلب المؤسسة العسكرية، واستدعى استمرار التحقيقات أن يطلب رئيس الوزراء من رئيس الأركان السماح لوكلاء النيابة بدخول ما يعرف بالغرفة الكونية في قيادة أركان الجيش، الغرفة التي يحفظ فيها أكثر أسرار المؤسسة العسكرية حساسية، ولم يحدث أن دخلها مسؤول مدني قط من قبل. وقد حدث أن البحث الذي أجراه وكلاء النيابة في غرفة أسرار الجيش أوصلهم إلى خطة انقلاب عسكري، أعدها فريق من الضباط بعد فوز حزب العدالة والتنمية في انتخابات نهاية 2002. وتضمنت الخطة بعضاً من الخطوات التي كان الضباط الانقلابيون سيتخذونها للتمهيد للانقلاب، بما في ذلك « التسبب في اشتباكات عسكرية محدودة مع القوات اليونانية في منطقة بحر مرمرة، وتفجير عبوات في المصلين عقب صلاة الجمعة » في بعض أكبر مساجد اسطنبول وأكثرها اكتظاظاً. أدى اكتشاف هذه الخطة في مقر مركزي لقيادة الأركان، إلى موجة جديدة من الاعتقالات، التي طالت بعضاً من أبرز الضباط السابقين، بما في ذلك قادة أسلحة الجو والبحرية والجيش التركي الأول، وبعضاً من الضباط العاملين أبرزهم الجنرال سالدياري بيرك، مع العلم أنه لم يحدث مطلقا منذ انقلاب 1960، أن قدم أي من الضباط الانقلابيين للمحاكمة. أما أن يستدعى ضباط للقضاء بتهمة التخطيط للانقلاب، فلم يخطر ذلك في أكثر الخيالات جموحاً، وهذا بالتأكيد أثار ردود فعل حادة في أوساط أنصار الوضع الراهن، ومن استشعروا عزم حكومة العدالة والتنمية على إصلاح شأن الدولة التركية، مرة وإلى الأبد. ومنذ انطلقت التحقيقات في ملف أرغنكون، استقدم عدد من الضباط المتقاعدين للتحقيق، وقدم بعضهم للمحاكمة، ولم يتحمل بعض الضباط المتهمين ضغوط التحقيق والرأي العام وأقدموا على الانتحار، بينما تعرضت صورة المؤسسة العسكرية، التي يحتفظ لها الشعب التركي بتقدير وولاء، للخدش والشكوك أمام الرأي العام الذي صدمته الحقائق البشعة التي كشفها وكلاء نيابة مثابرون. ولكن الدوائر العلمانية في حزب الشعب الجمهوري المعارض، في الإعلام، وفي دوائر القضاء، شنت هجمة شاملة على الحكومة وعلى وكلاء النيابة القائمين بالتحقيقات في القضية، كما تدخلت الهيئة المشرفة على القضاة ووكلاء النيابة، التي تسيطر عليها النخبة العدلية العلمانية، في فبراير/ شباط الماضي لنقل عدد من وكلاء النيابة العاملين في القضية من مواقعهم، في خطوة استهدفت إجهاض التحقيقات. السباق بين الإصلاحات ومساعي الإطاحة بالحكومة دعا الرئيس التركي عبد الله غول في 25 فبراير/ شباط ، إلى لقاء غير مسبوق جمعه برئيس الوزراء، الطيب رجب إردوغان، ورئيس أركان الجيش، الجنرال إلكر باشبوغ، وأعرب إردوغان بعد نهاية الاجتماع الثلاثي عن سعادته للنتيجة التي تم التوصل إليها في الاجتماع، وأشار إلى أن قادة البلاد الثلاثة اتفقوا على معالجة الأزمة القائمة وآثارها ضمن الأطر الدستورية. وبالرغم من أن تصريحات إردوغان ساعدت في تخفيف حدة التشاؤم في البلاد، إلا أنها لم تجل صورة ما شهده اللقاء الثلاثي بالفعل، وحتى أولئك الذين جزموا بأن تركيا لم تعد ميداناً للانقلابات العسكرية، توقعوا أن يكون رئيس الوزراء قد تراجع خطوة أو خطوتين أمام ردود الفعل القلقة للمؤسسة العسكرية، وأنه ربما تعهد لرئيس الأركان بإيجاد مخرج ما لتخليص الضباط الكبار المقبوض عليهم من الاتهام والمحاكمة. بيد أن بيان إردوغان أمام البرلمان التركي في اليوم التالي جاء مفاجأة لكافة الدوائر، فقد أعلن رئيس الوزراء أمام نواب الشعب، بصراحة ووضوح غير مسبوقين، أن تركيا لن تسمح بعد اليوم بإفلات « المتآمرين خلف الأبواب المغلقة من العقاب » وأن القانون سيطال كل من يمس المؤسسات الدستورية ويحاول تقويض إرادة الشعب. في الوقت نفسه، كانت السلطات العدلية تلقي القبض على عدد جديد من الضباط المتهمين » بالتآمر والتخطيط لأعمال انقلابية »؛ كما عرض ضباط آخرون أمام القضاء لتوجيه لوائح اتهام لهم. يتمتع الجنرال باشبوغ، الذي احتل موقع قائد القوات البرية قبل توليه رئاسة الأركان، بسجل عسكري لامع وشعبية كبيرة في أوساط الجيش؛ وعرف بأنه واحد من أكثر جنرالات الجيش تسييساً وقدرة على تقدير الموقف. ويواجه الجنرال وضعاً بالغ التعقيد والحساسية، لم يسبق لقائد أركان تركي أن واجهه منذ قيام الجمهورية. فمن ناحية، وفر الاتساع المطرد في التحقيقات المتعلقة بملف الأرغنكون فرصة لبعض الدوائر الليبرالية والإسلامية المعادية لنفوذ الجيش السياسي وسجله الطويل في التحكم المستتر في شؤون الدولة، للهجوم على المؤسسة العسكرية، ومحاولة إعادتها إلى حدودها الدستورية في شكل قاطع ونهائي. ومن ناحية أخرى، يتطلب موقع رئاسة الأركان من الجنرال باشبوغ الدفاع عن كرامة الجيش والحفاظ على معنوياته، سيما وأن بعض المشتبه بهم هم من زملائه الذين عرفهم وخدم إلى جوارهم سنين طويلة. ثمة نظريتان لتفسير موقف الجنرال باشبوغ المتعاون، على مضض، مع حكومة إردوغان في التحقيقات المتسعة داخل الأوساط العسكرية المتهمة بالتآمر: الأولى، أن رئيس الأركان قد توصل إلى قناعة راسخة بأن تركيا قد تجاوزت عهد الانقلابات العسكرية، وأن محاولة للانقلاب على حكومة منتخبة، تستند إلى سجل هائل من الإنجازات، ستواجه معارضة واسعة النطاق من كافة دوائر الشعب التركي، وربما تنتهي بكارثة محققة على تركيا. الثانية، أن التحقيقات توصلت فعلاً إلى أدلة تؤكد تورط باشبوغ في المخططات الانقلابية (منذ قيادته للقوات البرية)، وأن حكومة إردوغان حرصت على استبعاد اسمه من التحقيقات، حفاظاً على كرامة الجيش واستقرار مؤسسات الدولة، وأن الجنرال بات ممتناً لهذا الموقف من الحكومة. من جهة أخرى، يشير المقربون من رئيس الوزراء إلى أن هذه القضية تسببت في هموم ثقيلة له طوال العامين الماضيين، فإردوغان يؤمن أن الجيش التركي هو في النهاية جيش الشعب، وليس جيش مجموعة من « الجنرالات المتآمرين الذين نصبوا أنفسهم أوصياء على الدولة والشعب، والمسكونين بأوهام السيطرة والمخاوف المضخمة على مصير الدولة والبلاد »، ويؤمن بأن الدول القوية، الدول التي تطمح إلى تعهد دور كبير في إقليمها وعلى المسرح العالمي، تحتاج جيشاً قوياً. ولكنه يؤمن كذلك أن قيام الجيش بالتدخل في الشأن السياسي طوال نصف القرن الماضي، جر على الجيش وعلى تركيا كوارث لا حد لها؛ وأن الوقت قد جاء لتعزيز الديمقراطية التركية، ووضع نهاية « للتحكم المستتر وغير الشرعي في شؤون الحكم ». ولم يعد خافياً أنه كلما اقتربت التحقيقات من مواقع ودوائر ومستويات أكثر حساسية وإثارة للجدل، كلما ازداد عزم رئيس الوزراء على المضي بمشروعه الإصلاحي إلى نتائجه المنطقية بحسب وصف المقربين منه. فقد خاض إردوغان انتخابات 2007 بوعد قيام حكومته الثانية بإعداد دستور جديد، دستور مدني يحل محل الدستور الذي وضعه انقلابيو 1980، ويعتبره كثيرون السبب الرئيس في حالة عدم الاستقرار الحالية في البلاد. ولكن إردوغان لم يستطع الإيفاء بوعده نظراً لعدم تعاون المعارضة العلمانية؛ في حين يتطلب إقرار دستور جديد أكثرية ثلثي البرلمان وقدراً من الإجماع الوطني. ولكن التطورات الأخيرة في تحقيقات أرغنكون، أقنعت إردوغان بضرورة إجراء حزمة من التعديلات الدستورية، حتى إن اضطر إلى إقرارها باستفتاء شعبي في حال رفضت أحزاب المعارضة توفير أغلبية كافية لتمريرها في البرلمان. ولكن أصواتاً ارتفعت في أوساط حزب الشعب الجمهوري المعارض تؤكد على أن إجراء استفتاء خلال الأسابيع القادمة لن يكون دستورياً، وهددت باللجوء إلى المحكمة الدستورية في حال مضت الحكومة في خططها للاستفتاء. من جهة أخرى، تسربت تقارير من مكتب المدعي العام أنه بصدد إعداد قضية جديدة ضد حزب العدالة والتنمية، تستهدف حل الحزب ومنع عدد من قياداته من العمل السياسي، بما في ذلك رئيس الحكومة نفسه. مثل هكذا خطوة لا يمكن أن ترى إلا باعتبارها محاولة سياسية، وليس دستورية – قضائية، حتى إن استندت إلى أسس دستورية، لإطاحة الحكومة وحزبها. وفي كلمة له أمام الأكاديمية العسكرية يوم 13 مارس/ آذار الحالي، دعا الجنرال باشبوغ الجنود الأتراك إلى الوحدة والتماسك، محذراً من أيام عصيبة قادمة. ما يوحي به هذا الوضع أن الأزمة الأخيرة تركت تركيا، مرة أخرى، في سباق بين تعديل دستوري ملموس، يضع حداً، وإن في شكل جزئي، لتمتع النخبة القضائية والعسكرية العلمانية بسلطات تعلو إرادة الناخبين، وسعي هذا النخبة الحثيث لإيقاف عجلة الإصلاحات وبالتالي الإطاحة بالحكومة وقيادة حزب العدالة والتنمية وإعادة الساعة إلى الوراء. بيد أن هذا السيناريو/ السباق ليس حتمياً بالضرورة. فالرأي العام التركي المناهض لأساليب التآمر العسكرية وغير العسكرية هو في أقوى حالاته؛ وسجل الحكومة الاقتصادي والسياسي الداخلي، وفي حقل السياسة الخارجية، لا يمكن لأي قوة في البلاد تجاهله أو القفز عليه. وقد تؤدي محاولة إطاحة الحكومة بغير صناديق الاقتراع إلى انفجار عنف داخلي أو انهيار عميق للاستقرار، سيصعب على النخبة العلمانية، المتناقصة عدداً والمتراجعة نفوذاً، عسكرية كانت أو مدنية، تحمل مسؤوليته. والواضح أن الأزمة الأخيرة، وبالرغم من أنها لم تجذب الكثير من الاهتمام العالمي والإعلامي الخارجي، ربما ستكون مفصلية. فإن خرجت حكومة العدالة والتنمية منها منتصرة، ونجحت في تمرير حزمة التعديلات الدستورية، فربما ستكون قد غيرت تركيا الجمهورية في شكل قاطع ونهائي، وغير قابل للنكوص. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 22 مارس  2010)


اردوغان: اسرائيل لديها اسلحة نووية ولم تعاقب


3/30/2010 أنقرة ـ رويترز: قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان امس الإثنين إنه لا يؤيد فرض عقوبات اقتصادية للضغط على إيران حتى تثبت أنها لا تملك برنامجا سريا لتصنيع أسلحة نووية، فيما لمح الى امتلاك اسرائيل للسلاح النووي مع عدم فرض اي عقوبات دولية عليها. وناقش اردوغان مع المستشارة الالمانية الزائرة انغيلا ميركل الاتجاهات المختلفة للجهود’الدولية الرامية الى الحد من طموحات ايران النووية لكنه اوضح ممانعة تركيا دعم استخدام العقوبات. وتابع في مؤتمر صحافي مشترك مع ميركل ‘نحن مع الرأي القائل إن العقوبات ليست مسارا سليما… وان المسار الأفضل هو الدبلوماسية’. وقال اردوغان ‘تشترك تركيا في حدود طولها 380 كيلومترا مع ايران وهي شريك مهم خاصة في مجال الطاقة. ويجب الا نتجاهل ذلك عندما نقيم علاقاتنا’. وفي اشارة مستترة على ما يبدو لاسرائيل اشار الزعيم التركي الى دولة اخرى في المنطقة تمتلك اسلحة نووية. وقال اردوغان ‘نعارض الاسلحة النووية في منطقتنا. لكن هل هناك دولة اخرى في منطقتنا لديها اسلحة نووية؟ نعم يوجد. وهل تخضع لعقوبات؟ كلا’. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 30 مارس  2010

Home – Accueil الرئيسية

 

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.