Un effort quotidien pour une information de qualité sur notre pays, la Tunisie. Everyday, we contribute to a better information about our country, Tunisia
|
TUNISNEWS
9 ème année, N 3472 du 24.11.2009
archives : www.tunisnews.net
الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو
ولضحايا قانون الإرهاب
حــرية و إنـصاف:تأجيل النطق بالحكم في قضية الناشط الحقوقي زهير مخلوف لغرة ديسمبر الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين:الناشط الحقوقي زهير مخلوف أمام القضاء ..العدالة ..على المحك..؟ مجلة « كلمة » :عاجل : حادث اليم بمصنع الاسمنت بتاجروين وحصيلة اولية بسبعة قتلى ´
المرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية :أخبار نقابية اللجنة التونسية لحماية الصحافيين :بيان
مصلحة الإعلام للحزب الديمقراطي التقدمي التونسي :بيان عن محاكمة زهير مخلوف
الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات: بيان
السبيل أونلاين:لجنة حماية الصحفيين تطالب بالإفراج الفوري عن زهير مخلوف
هند الهاروني :بلاغ عاجل جمعية مرحمة الخيرية:السلطة التونسية تعتقل السيد لطفي الداسي بسبب توزيعه لمعونات على متضرري الرديف
السبيل أونلاين:طرد الطالب محمد بوعلاّق والبوليس يمنعه من دخول الكلية
البديل:الإعلامي الفاهم بوكدوس بين علامات إنهاء ملف معتقلي المناجم والتشدّد مع الصّحافيين
البديل:بيان إلى الرأي العام النقابي
مجلة « كلمة » :أخبار
مجلة « كلمة » :انفلوانزا الخنازير: بين وباء الفيروس ووباء اللقاح يستشري وباء الإشاعة
المؤتمر من أجل الجمهورية: لا لتأبيد الدكتاتورية … لا لتوريث الحكم إلى مسؤولياتكم التاريخية
وكالة رويترز للأنباء: استمرار اغلاق المدارس في تونس بسبب انفلونزا الخنازير
وكالة الأنباء الألمانية:التونسيون يضحون بقطيع أغنام بحوالي مليون رأس بمناسبة عيد الأضحى
جريدة الصباح:الأستاذ البشير الصيد في حديث خاص لـ«الصباح»: أتحدى من يدعي أن العميد سيّس القطاع… صحيفة أوان :تقييد حرية الصحافة والصحافيين في تونس
« الحوار.نت » :مطالبة فرنسا بالاعتذار والتعويضات عن فترة الاحتلال البغيض منقوصة.. وحق أريد به باطل
البديل:الدكتاتورية تحفر قبرها بيدها
« الحوار.نت » :هل عملية الاستثمار في الكرة لتحقيق أهداف سياسية وراء ما جرى من تدمير للعلاقات بين البلدين؟
« الإسلام اليوم » :سيف الإسلام القذافي.. واقع مرير و »توريث حميد »!!
جريدة الخليج الإماراتية:يسألونك عن التوريث
موقع إسلام أون لاين:يحطم الرقم القياسي ويناقش الدكتوراه وهو يقارب المائة.. الجزيرة.نت:عن محنة الديمقراطية في العالم العربي
صالح النعامي :والدتي ……في مواجهة توني بلير
آي بي إس:ميراث الحرب علي المسمي بالإرهاب:أوباما ينزلق في هاوية الشرق الأوسط الكبير
صحيفةالبيان:أيهما أهم الغذاء أم النووي؟
(Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivan : Affichage / Codage / Arabe Windows)To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)
منظمة حرية و إنصاف
التقرير الشهري حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس
جانفي200
فيفري2009
أفريل 2009
أكتوبر 2009
الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف منظمة حقوقية مستقلة 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 06 ذو الحجة 1430 الموافق ل 24 نوفمبر 2009
زهير .. رغم قيدك أنت حر إلى متى تستمر المظلمة؟ تأجيل النطق بالحكم في قضية الناشط الحقوقي زهير مخلوف لغرة ديسمبر
أجلت الدائرة الجناحية بالمحكمة الابتدائية بقرمبالية في جلستها المنعقدة اليوم الثلاثاء 24 نوفمبر 2009 التصريح بالحكم في القضية عدد 96838 التي أحيل فيها كل من الناشط الحقوقي والإعلامي السيد زهير مخلوف العضو المؤسس لمنظمة حرية وإنصاف والسجين السياسي السابق السيد سعيد الجازي من أجل تهمة الإساءة لشخص عبر الشبكة العمومية للاتصالات، إلى جلسة يوم الثلاثاء غرة ديسمبر 2009. وقد تم تطويق المحكمة منذ الصباح الباكر بحواجز حديدية وبأعداد كبيرة من أعوان البوليس السياسي الذين حضروا بكثافة داخل وخارج قاعة الجلسة، وتم منع المواطنين والصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان من متابعة الجلسة في اعتداء صارخ على علنية المحاكمة، وهو ما يجعل هذه القضية غير عادية. وقد حضر لمساندة الناشط الحقوقي السيد زهير مخلوف والدفاع عنه عدد كبير من المحامين أصالة عن أنفسهم ونيابة عن زملائهم الذين لم يستطيعوا الحضور، كما حضر الجلسة عدد من المراقبين الدوليين. وعند أخذ السيد زهير مخلوف، الذي كانت معنوياته مرتفعة جدا ودخل القاعة وهو رافع لشارة النصر، للكلمة لتوضيح بعض نقاط القضية وبعد أن ذكر أنه سأل الشاكي في الشريط المصور سبعة أسئلة عن الأوضاع السيئة التي تعرفها الجهة موضوع الشريط أجاب عنها بكل وضوح وبكل تلقائية قاطعه القاضي، الذي بدا عليه تشنج واضح وتوتر فاضح، في عديد المناسبات مكتفيا بما صرح به المتهمان في الجلسة السابقة، وهو ما جعل أحد المحامين يتدخل للتعبير عن احتجاجه. وعند انطلاق المرافعات، تمسك لسان الدفاع بالشكليات المتعلقة بإثارة الدعوى الجزائية التي ينص الفصل 80 من مجلة الاتصالات على أن محاضر معاينة المخالفات تحال إلى الوزير المكلف بالاتصالات الذي يحيلها بدوره إلى وكيل الجمهورية المختص ترابيا للتتبع ومراعاة الفصل 89 بنفس المجلة الذي يمكن الوزير المكلف بالاتصالات بإجراء الصلح في المخالفات، واعتبر المحامون أن مجلة الاتصالات جاءت بقانون آمر لا يمكن مخالفته وأن عدم احترامه يؤدي غلى بطلان الاجراءات، كما أن معاينة المخالفات لأحكام المجلة تتم بمحاضر يحررها اثنان من الأعوان المحلفين بالوزارة المكلفة بالاتصالات. وبما أن المحكمة قد تبينت أن الاجراءات لم تجر بتلك الصورة تحتم عليها الحكم ببطلان الاجراءات علما بأن البطلان لا يمكن إصلاحه. ثم تحدث لسان الدفاع عن عدم توفر أركان التهمة التي تستوجب ركن العمد وركن الإساءة التي تكون عبر الشبكة العمومية للاتصالات، وأثناء المرافعات قاطعت المحكمة لسان الدفاع عديد المرات، ودخل القاضي في نقاشات مع المحامين وقاطع مرافعاتهم حتى كأن المرافعة تحولت إلى استنطاق للمحامين على طريقة السؤال جواب، وهو ما جعل هيئة الدفاع تصر على احترام القاضي للسير العادي للجلسة وحفظ حقوق الدفاع التي وقع هضمها، فما كان منه إلا أن قرر رفع الجلسة بصورة مفاجئة دون تمكين أغلب المحامين من حقهم في الترافع، مصرحا بأن القضية حجزت للمفاوضة والتصريح بالحكم لجلسة يوم غرة ديسمبر 2009. وحرية وإنصاف 1) تدين بشدة انتهاك حقوق الدفاع وتعتبر حرمان المتهم من حقه في الدفاع عن نفسه وعدم تمكين المحامين من الترافع يجعل المحاكمة محاكمة سياسية فاقدة لأدنى شروط المحاكمة العادلة. 2) تطالب بالإفراج الفوري عن السيدين زهير مخلوف وسعيد الجازي ووقف كل تتبع قضائي في حقهما وتعويضهما عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت بهما. 3) تدعو السلطة إلى وضع حد لسياسة المحاكمات السياسية والاعتقالات التي تستهدف الناشطين الحقوقيين والتنكيل بهم وبعائلاتهم وفتح قنوات الحوار وإيجاد مناخ من الحريات حتى تكون تونس فعليا لكل أبنائها، في الواقع كما في الشعارات. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري
الحرية لجميع المساجين السياسيين الحرية للدكتور الصادق شورو
الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr تونس في 24 نوفمبر 2009 الناشط الحقوقي زهير مخلوف أمام القضاء .. العدالة ..على المحك..؟
نظرت اليوم الثلاثاء 24 نوفمبر2009 الدائرة الجناحية بالمحكمة الابتدائية بقرمبالية برئاسة القاضي سليمان الهمامي في القضية عدد 96838 التي يُحال فيها كل من الناشط الحقوقي وعضو جامعة نابل للحزب الديمقراطي التقدمي زهير مخلوف( في حالة إيقاف) و سعيد الجازي عضو جامعة نابل للحزب الديمقراطي التقدمي( في حالة سراح) بتهمة الإساءة للغير عبر الشبكات العمومية للإتصالات طبق الفصل86 من مجلة الإتصالات. حيث رفع الشاكي مراد لذيب ضدهما شكاية. وحضر نائب المتضرر القائم بالحق الشخصي الأستاذ كريم الخراز. و قد حضر للدفاع عن زهيرمخلوف وسعيد الجازي نحو ثلاثين محامياً. غير أن القاضي سليمان الهمامي أصرعلى أن يتولى القاضي ترتيب المرافعات وتعيين أصحابها فيما أصر الدفاع على أن يتولى المحامون ذلك بأنفسهم، فلم يتمكن من المرافعة بسبب ذلك إخلاف غيرالأساتذة نجيب الشابي و فوزي بن مراد و راضية النصراوي وبعدها تم قطع المرافعات. وإثر المفاوضة قرر القاضي التصريح بالحكم في القضية يوم 01 ديسمبر 2009 وعلى نحو إعتادته المحاكمات السياسية في تونس تسجل الجمعية الحصارالأمني المكثف حول المحكمة وفي مفاصل الطرق المؤدية إليها بغرض منع نشطاء حقوق الإنسان من الوصول إليها على نحو ما جرى اليوم أيضاً على نشطاء بنزرت الذين منعوا من التنقل إلى قرمبالية وظلوا محجوزين من قبل أعوان الأمن عند مركز الإستخلاص بالطريق السيارة بنزرت تونس. عن الجمعيــــــــة لجنة متابعة المحاكمات السياسية
عاجل : حادث اليم بمصنع الاسمنت بتاجروين وحصيلة اولية بسبعة قتلى
حرر من قبل المولدي الزوابي في الثلاثاء, 24. نوفمبر 2009 جد بعد ظهر اليوم الثلاثاء 24 نوفمبر الجاري حادث سقوط بناية تابعة لمصنع السيوك للاسمنت بام الكليل مدينة تاجروين من ولاية الكاف ذهب ضحيتها سبعة قتلى واثنان من الجرحة حالتهم خطيرة. وقالت مصادر مطلعة ان الحادث جاء نتيجة لاشغال التوسعة التي شرعت فيها ادارة المصنع .
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 24 نوفمبر 2009)
المرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية البريد الالكتروني marced.nakabi@gmail.com : تونس في 24 / 11 / 2009 أخبار نقابية
– الكاف : حادث اليم في مصنع الاسمنت بأم الكليل جد اليوم 24 / 11 / 2009 حادث اليم بمصنع الاسمنت أم الكليل بتاجروين بالكاف وذلك بانهيار مبنى في حالة توسعة وقد خلف هذا الحادث 7 قتلى وجريحين في حالة خطيرة وقد عبر عدد من النقابيين عن استيائهم من تواتر حالات الحوادث القاتلة للعمال أثناء أوقات العمل وطالبوا بتشديد إجراءات السلامة المهنية للعمال. – القصرين : تواصل المضايقات ضد القاضية ليلى بحرية تم حجز جزء هام من مرتب شهر نوفمبر 2009 للقاضية ليلى بحرية عضو الهيئة الإدارية لجمعية القضاة التونسيين وهي ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها القاضية ليلى بحرية الى حجز من مرتبها ويعتقد أن هذا الحجز مرتبط بمواقفها صلب جمعية القضاة التونسيين . – بن عروس : إضراب في المؤسسة الايطالية للنقل المزدوج قرر عمال المؤسسة الايطالية للنقل المزدوج الدخول في إضراب يومي 4 و5 ديسمبر 2009 دفاعا عن الحق النقابي وللمطالبة بزيادات في الأجور وتوفير حد ادني من شروط السلامة المهنية . – سوسة : إضراب في مجمع موبلاتاكس قرر عمال مجمع موبلاتاكس باوكودة سوسة الدخول في إضراب احتجاجي يوم 30 نوفمبر 2009 وذلك رفضا لاحالة بعض العملة على مجلس التأديب . تونس : استياء من تغيير نظام التقييم في التعليم الأساسي ألغت وزارة التربية والتكوين وبصفة مفاجئة المنشور عدد 86 الصادر بتاريخ 26 / 10 / 2009 والذي ينظم تقييم عمل تلاميذ المدارس الابتدائية وفق الأعداد وأعادت العمل بالنظام السابق المرتبط ببرنامج الكفايات والذي يقيم عمل التلاميذ حسب الملاحظات وقد أثار هذا القرار الفجئي استياءا كبيرا لدى نقابيي التعليم الأساسي ولدى المعلمين . عن المرصد المنسق محمد العيادي
اللجنة التونسية لحماية الصحافيين تونس في 24 نوفمبر 2009 * بيان
جرت اليوم الثلاثاء 24 نوفمبر 2009 محاكمة مراسل موقع « السبيل أون لاين » الزميل الصحفي زهير مخلوف بالمحكمة الابتدائية بقرمبالية في ظروف تؤكد عدم توفر أدني شروط المحاكمة العادلة. ووفق فريق الدفاع عن الزميل مخلوف فقد قرر القاضي حجز القضية إلى يوم 1 ديسمبر المقبل للتصريح بالحُكم دون تمكين الزميل مخلوف وهيئة الدفاع من حقهم في الترافع عنه. وحضر للدفاع عن الزميل عدد كبير من المحامين جاوز وفق بعض المصادر الأربعين محاميا. وأكد المحامون الذين تمكنوا من القيام بمرافعاتهم على الإخلالات الإجرائية في إيقاف مخلوف، كما أكدوا على أن القضية مجردة من أي عنصر من عناصر الإدانة. ولم يمكّن القاضي الزميل مخلوف من حقه في الرد على الأسئلة الموجهة إليه خلال استنطاقه له، وتمت مقاطعته مرارا، كما تمّ هضم حقوق الدفاع من خلال مقاطعة القاضي للأستاذة راضية النصراوي حين كانت بصدد تقديم مرافعتها، وغادر الجلسة فجأة وسط دهشة الحاضرين منهيا بشكل تعسفي مرافعات السادة المحامين. ولم يتوقف الأمر عند هضم حقوق الدفاع بل ضربت قوات الأمن منذ الصباح الباكر طوقا أمنيا مشددا على محكمة قرمبالية ومنعت عديد النشطاء الحقوقيين من الوصول إليه، فيما سدت أعداد أخرى من قوات الأمن الطرقات السريعة ومنعت حقوقيي مدينة بنزرت من مواصلة الطريق إلى قرمبالية . وبالتزامن مع ذلك نظرت اليوم الثلاثاء محكمة قفصة في الاعتراض الذي كان تقدم به مراسل قناة « الحوار التونسي » الزميل الفاهم بوكدوس على الحُكم الجائر الصادر ضده غيابيا بالسجن لمدة 6 سنوات على خلفية تقاريره الإعلامية المصورة عن أحداث الحوض المنجم، وذلك وسط حصار أمني مكثف. ورغم أن هيئة المحكمة قررت تأجيل النظر في القضية إلى يوم 21 ديسمبر المقبل مع إبقائها على الزميل بوكدوس في حالة سراح، فقد قامت الجهات الأمنية بإعتقاله إثر مغادرته للمحكمة قبل أن تعود وتطلق سراحه بعد فترة من اعتقاله. والى جانب المحاكمات التي يتعرض لها عدد من الصحافيين، ضربت قوات الأمن مراقبة لصيقة على تحركات ومنازل الزملاء لطفي الحجي وسهام بن سدرين ولطفي الحيدوري وسليم بوخذير. وبناء عليه فان اللجنة التونسية لحماية الصحافيين: – تُعرب عن تنديدها بتواصل إعتقال الزميل مخلوف على خلفية عمله الصحفي وتطالب بالإفراج الفوري عنه . – تستنكر الإعتقال المؤقت والتعسفي للزميل بوكدوس. – تطالب السلطات بالتوقف عن نهج اعتقال الصحافيين وفرض رقابة لصيقة عليهم وعلى منازلهم بسبب عملهم الصحفي وتمسكهم بالقيام بواجبهم في إطار من المهنية والاستقلالية. * اللجنة التونسية لحماية الصحافيين
بيان عن محاكمة زهير مخلوف
بمناسبة انعقاد الجلسة الثانية لمحاكمة المناضل والصحفي زهير مخلوف صباح الثلاثاء 24 نوفمبر 2009 طُوّقت محكمة قرنبالية بالحواجز الحديدية وبمجموعة كبيرة من أعوان الأمن بالزّي المدني ومعهم ثلاثة أعوان بالزّي الرسمي مانعين من الالتحاق بقاعة المحكمة عددا هاما من إطارات الحزب الديمقراطي التقدمي وقياداته ومن رموز ومناضلي المجتمع المدني والحقوقي الذين جاؤوا للتضامن مع زهير. وقد تمّ حجز بطاقتي تعريف شقيق زهير وابن أخيه ومنعا من الدخول للجلسة ثمّ سُمح لهما بالدخول وفي مرحلة ثانية. خلال الجلسة قاطع القاضي زهير مخلوف ثم أعطى الكلمة لمحاميي الدفاع الذين فاق عددهم الأربعين فرافع كل من الأساتذة أحمد نجيب الشابي وفوزي بن مراد ثم دعا القاضي الأستاذ أنور القوصري للترافع فتقدمت نيابة عنه الأستاذة راضية النصراوي وبعد حوالي ثلاثة دقائق من انطلاق مرافعتها وبمجرد تعريجها على حرية الصحافة والعمل الصحفي جوهر القضية قاطعها القاضي ورفع الجلسة، ثم قام وخرج مع مساعديه من القاعة بسرعة حتى أن أغلب المحامين لم يفهموا شيئا مما وقع. القضية أجّلت لغرة ديسمبر للتصريح بالحكم رغم أن المحامين لم يتمكّنوا من المرافعة ممّا يدلّ على أن المحاكمة سياسية بامتياز. وللتذكير فإن المناضل زهير مخلوف يحاكم على خلفية إنجازه لشريط وثائقيّ عن التلوّث في المنطقة الصناعية بجهة نابل في نطاق الحملة الانتخابية التشريعية لفائدة قائمة الحزب الديمقراطي التقدّمي التي كان من بين أعضائها، وقد اشتكى أحد المستجوبين في الشريط لكونه وقع تصويره وهو يرتدي زيّ العمل المعتاد ممّا اعتبره إساءة لشخصه، ويقدَّم زهير للمحاكمة من أجل ذلك بحالة إيقاف. ولجنة الدفاع عن زهير مخلوف إذ تأسف لتوظيف القضاء في المحاكمات السياسية تطالب بإطلاق سبيل زهير فورا. عن اللجنة رئيسها والناطق باسمها الدكتور أحمد بوعزّي مصلحة الإعلام للحزب الديمقراطي التقدمي التونسي
الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات
112, Avenue de la Liberté 1002 Tunis. Tél: (216)71 890 011 Fax: (216) 71 890 032 P (216) 22 953 782 Email : femmes_feministes@yahoo.fr تونس في 15 نوفمبر2009 بيان لماذا هذا الحصار حول الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات ؟
الحصار محكم حول جمعيتنا… ومنذ شهر أكتوبر يرابط عدد مهول من البوليس السياسي على أبوابنا دون أي تفسير ينتقون من يدخل ومن يمنع من الدخول إلى مقرنا و يواجهون بعنف الشابات و » الغير مرغوب فيهم » من المنخرطات والشركاء. ويريدون بهذا الحصار عزلنا عن محيطنا مما يعيق نشاطنا وبرنامج التكوين الذي شرعنا فيه في إطار »الجامعة النسوية »الهام المرزوقي » و »الجامعة النسوية إلهام المرزوقي » مثل مركز الإنصات والتوجيه القانوني والنفسي للنساء ضحايا العنف هو نشاط داخلي للجمعية يرمي إلى نشر ثقافة المساواة بين الجنسين والمواطنة وحقوق الإنسان وهو برنامج تكويني تقوم به المناضلات بصفة .تطوعية وموجه إلى جمهور من الشابات والشبان يتهددهم الفكر التقليدي والمتحجر أو يراودهم التوق إلى الهجرة… نشاط تكويني يندرج في صلب أهداف الجمعية من أجل حقوق النساء كنا قد جهزنا له فضاء خاصا به يحوي مختلف دوراته ومضامينه التكوينية. وقد قامت الجمعية بكل التراتيب الإدارية اللازمة حسبما يقتضيه القانون وخاصة منه قانون الجمعيات . ولكن ومنذ فرض الحصار علينا لم نتمكن من التخاطب مع أي مسؤول او الحصول على موعد أو حتى الشروع في حوار إذ ليس لنا من مقابل إلا البوليس السياسي الذي لا هم له إلا تطبيق « أوامر »… لا نعرف نحن مناضلات الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات المجتمعات بدعوة عاجل – *نندد بما نتعرض إليه من خرق لعملنا الجمعياتي ومن عرقلة لنشاط يتنزل في صلب التزامنا بحقوق النساء والمساواة والمواطنة والديمقراطية. – *نرفض هذه السياسة التي تعمل على عزل الجمعيات المستقلة من المجتمع المدني ومن الصمت الذي نواجه به كما نرفض بشدة التدخل البوليسي في نشاطنا. – نحمل السلط مسؤوليتها إزاء شباب بلادنا فيما يهدد مستقبلهم بسبب القمع وانعدام الحريات. * – نطالب برفع الحصار حول جمعيتنا وبمعالجة المسائل » الخلافية » مع من هم مؤهلون للبحث فيها. * عن الجمعية الرئيسة سناء بن عاشور
أكدت عدم توفر أدني شروط العدالة في محاكمته لجنة حماية الصحفيين تطالب بالإفراج الفوري عن زهير مخلوف
السبيل أونلاين – تونس – خاص نددت اللجنة التونسية لحماية الصحافيين بتواصل إعتقال مراسل السبيل أونلاين في تونس المناضل الحقوقي زهير مخلوف على خلفية عمله الصحفي وطالبت بالإفراج الفوري عنه . وأكدت اللجنة الصحفية ، في بيان حصل السبيل أونلاين على نسخة منه ، عدم توفر أدني شروط العادلة ، في المحاكمة التى جرت اليوم الثلاثاء 24 نوفمبر 2009 لمراسل موقع « السبيل أون لاين » « الزميل الصحفي زهير مخلوف بالمحكمة الابتدائية بقرمبالية ». وحضر للدفاع عن مخلوف عدد كبير من المحامين جاوز وفق بعض المصادر الأربعين محاميا. وأكد المحامون الذين تمكنوا من القيام بمرافعاتهم على الإخلالات الإجرائية في إيقاف مخلوف، كما أكدوا على أن القضية مجردة من أي عنصر من عناصر الإدانة. وأشارت اللجنة إلى أن القاضي « لم يمكّن الزميل مخلوف من حقه في الرد على الأسئلة الموجهة إليه خلال استنطاقه له، وتمت مقاطعته مرارا، كما تمّ هضم حقوق الدفاع من خلال مقاطعة القاضي للأستاذة راضية النصراوي حين كانت بصدد تقديم مرافعتها، وغادر الجلسة فجأة وسط دهشة الحاضرين منهيا بشكل تعسفي مرافعات السادة المحامين » ، حسب نص البيان. وقالت اللجنة التى تشكلت حديثا أن الأمر لم يتوقف عند هضم حقوق الدفاع بل ضربت قوات الأمن منذ الصباح الباكر طوقا أمنيا مشددا على محكمة قرمبالية ومنعت عديد النشطاء الحقوقيين من الوصول إليه، فيما سدت أعداد أخرى من قوات الأمن الطرقات السريعة ومنعت حقوقيي مدينة بنزرت من مواصلة الطريق إلى قرمبالية . ونقلت اللجنة عن مصادر في فريق الدفاع عن زميلهم مخلوف أن القاضي قرر « حجز القضية إلى يوم 1 ديسمبر المقبل للتصريح بالحُكم دون تمكين مخلوف وهيئة الدفاع من حقهم في الترافع عنه ». من جهة أخرى إستنكرت اللجنة الإيقاف المؤقت للصحفي الفاهم بوكدوس الذى قدّم إعتراضا لدى المحكمة على الحكم الغيابي الصادر ضده والقاضي بـ 6 سنوات نافذة .وأعتقل بوكدوس قبل أن يطلق سراحه بعد إنتهاء جلسة النظر في الإعتراض ، والتى تأجلت إلى يوم 21 ديسمبر القادم . واشارت اللجنة إلى أن عدد من الصحافيين التونسيين يتعرضون إلى مراقبة لصيقة خلال تحركاتهم وتفرض المراقبة أيضا على منازل لطفي الحجي وسهام بن سدرين ولطفي الحيدوري وسليم بوخذير. وطالب اللجنة التونسية لحماية الصحافيين السلطات بالتوقف عن نهج اعتقال الصحافيين وفرض رقابة لصيقة عليهم وعلى منازلهم بسبب عملهم الصحفي وتمسكهم بالقيام بواجبهم في إطار من المهنية والاستقلالية. (المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس) ، بتاريخ 24 نوفمبر 2009)
بلاغ عاجل هند الهاروني
الهاتف : 216.71971180 الجوال : 216.93439770
بسم الله الرحمان الرحيم و الصلاة و السلام على سيدنا محمد صادق الوعد الأمين تونس في 24 نوفمبر 2009-7 ذو الحجة 1430 المراقبة الأمنية اللصيقة لعبد الكريم الهاروني الكاتب العام لمنظمة « حرية و انصاف » متواصلة في 24 نوفمبر 2009 تتواصل المراقبة الأمنية اللصيقة لأخي عبد الكريم، و تضاف إلى قائمة السيارات التي ذكرناها في البلاغات العاجلة السابقة سيارة سوداء من نوع « Jetta Volkswagen » و رقمها 2398 تونس 81 تابعة لمنطقة الأمن بالبحيرة لهذا اليوم و أخرى سوداء من نوع « Polo » رقمها 4548 تونس 84 ليوم السبت 21 نوفمبر 2009 ./.
السلطة التونسية تعتقل السيد لطفي الداسي بسبب توزيعه لمعونات على متضرري الرديف
في إطار رعاية متضرري جهة الرديّف بالجنوب التونسي في إثر الفيضانات الأخيرة التي تسببت في تدمير مئات البيوت والمنازل وتشريد آلاف العائلات فضلا عن الخسائر المادية والضحايا البشرية قامت جمعيّة مرحمة الخيريّة برعاية مشروع دعم للتخفيف من مصابهم خاصّة و أننا على أبواب عيد الإٌضحى إذ كنا في جمعية مرحمة الخيرية للإغاثة نسابق الزمن لإدخال الفرحة إلى قلوب الأسر المنكوبة و لكن أبت السلطة في تونس الاّ أن تحجب عنا وعنهم هذه الفرحةوذلك من خلال إعتقال الأخ لطفي داسي و إثنين من المتعاونين معه موجهة إليهم تهمة تلقي مساعدات لإغاثة متضرري فيضانات الرديف بحسب ما أخبرتنا زوجة السيد لطفي داسي. وبهذه المناسبة الأليمة فإن جمعية مرحمة الخيرية : · تستنكر إقدام السلطة على إعتقال الأخ لطفي و صديقيه الذين كانوا يسعون لجبر معاناة عائلات مشرّدة فقدت كلّ مآويهاوأهاليها. · تناشد جمعيّة مرحمة جميع الهيئات و المنظمات المعنيّة بحقوق الإنسان في تونس وخارجها من أجل التحرّك السريع و العاجل لإطلاق سراحهم دون قيد ولا شرط. كما نغتنم هذه المناسبة لتحريض المحسنين وأهل الخير في تونس وخارجها لمضاعفة جهودهم لأجل إعادة البسمة إلى أهالي الرديف من خلال تضامنهم مع جمعية مرحمة الخيرية للإغاثة بكل السبل المشروعة و الله ولي التوفيق . عن جمعية مرحمة الخيرية محسن الجندوبي هاتف:00492289658752 -فاكس: 00492289658760 – info@marhama.com
طرد الطالب محمد بوعلاّق والبوليس يمنعه من دخول الكلية
السبيل أونلاين – تونس – خاص قالت مصادر بالإتحاد العام لطلبة تونس أنه وقع طرد الطالب محمد بوعلاق عضو المكتب الفدرالي للإتحاد العام لطلبة تونس بكلية الحقوق من الدراسة على خلفية نشاطه النقابي بالجامعة . وقد تقدم بوعلاق بطعن في القرار لدى المحكمة الادارية التي قضت لصالحه بالعودة إلى مقاعد الدراسة ، ولكن وزارة التعليم العالي رفضت تمكينه من الترسيم . وحصل السبيل أونلاين على صورة للناشط الطلابي محمد بوعلاق وهو يمنع من طرف البوليس الجامعي من دخول الكلية . وعلّقت أوساط طلابية عن موقف وزارة التعليم بأنه تعكس « زيف تصريحات الوزير بأن القضاء هو الكفيل الوحيد بالبت في مسألة المطرودين » ، حسب تعبيرها. و تشهد تونس منذ فترة حالة احتقان وتضييق على نشاط المنظمة الطلابية ، من خلال ملاحقة مناضليها ومسؤوليها وطردهم من الدراسة ومنعها بالقوة من عقد مؤتمرها ، واشارت الأوساط الطلابية في الإتحاد العام لطلبة تونس ، أن السلطة منحازة بشكل « مفضوح لأقلية لا وجود لها طلابيا ليس إلا لحسابات لا يعلمها إلا مهندس هذه الوضعية الجامعية المتأزمة والتي تعيشها كل الأطراف الجامعية من طلبة وأساتذة وعملة على حد السواء » ، وفق تعبيرهم. (المصدر ك السبيل أونلاين ( محجوب في تونس ) ، بتاريخ 24 نوفمبر 2009)
الإعلامي الفاهم بوكدوس بين علامات إنهاء ملف معتقلي المناجم والتشدّد مع الصّحافيين
يقف الفاهم بوكدّوس يومي 24 و26 نوفمبر الجاري أمام محاكم مدينة قفصة للاعتراض على حكم صادر في حقه غيابيا بستة سنوات مع النفاذ، بعد أن نقض محاموه يوم الثلاثاء 18 نوفمبر تلك المحكومية. ويأتي هذا الإجراء بعد أسبوعين من إطلاق السلطات التونسية لجملة المعتقلين المُحالين مع بوكدّوس ضمن قضية « الوفاق » المعروفة وفق سراح مشروط. ولقد جاء تسريح زملاء قادة حركة الاحتجاج استجابة لدعوات أهالي المعتقلين والمعارضة السياسية والمدنية التونسية، وللمساندة غير المسبوقة التي عرفها هذا الملفّ في الأقطار العربية والأوروبية بالخصوص. وفُهم من خطوة بن علي المتأخّرة مسعى لطيّ هذه القضية وتخفيف حدّة الاحتقان والتشنّج التي تعرفها مدينة الرديّف بالخصوص والتي أكّد ملاحظون محلّيون أنه مسّ الأغلبية الساحقة من المواطنين الغاضبين من تحكيم السلطة للعصي معهم طيلة أشهر عديدة وتجلّى أخيرا في تجاهلهم اللافت لانتخابات أكتوبر الماضي ولاستقبالهم الجماهيري الحاشد للمعتقلين المسرّحين. وستمثّل محاكمة بوكدّوس، أبرز أربعة نشطاء في حالة فرار، اختبارا جديّا لهذه التلميحات التي سُبقت بتهويل إعلامي للمشاريع الاقتصادية المزمع تشييدها بالمدن المنجمية الأربع والتي قُدّمت كمنقذ للجهة المتروكة من أوضاع البطالة والفقر والحرمان الاجتماعي. ويذهب كثير من المتفائلين إلى أنّ السلطة المثقلة باستتباعات قضية الحوض المنجمي، ستسعى وإن مجبرة لطي هذا الملفّ القضائي ووقف النزيف الإعلامي الذي مازال يثيره، ممّا من شأنه أن يفتح الباب أمام بقيّة المُتابعين لتقديم طعونهم القانونية. وتتزامن محاكمة بوكدّوس من جهة ثانية مع التعفين المنهجي لمناخ الحريات بالبلاد وحالة العداء المرضيّة للصحافة المستقلّة، فبعد الانقلاب على نقابة الصحافيين يُحاول نظام بن على تفكيك حالة الاستقطاب المترّكزة حول النقابة المستهدفة بتهميش أو ضرب كلّ الأصوات الحرّة فأُغلق مقر « راديو6 » وسُجن زهير مخلوف وتوفيق بن بريك وتصاعدت الاعتداءات على الصحافيين المستقلّين نال منها سليم بوخذير النصيب الأوفر. قد أصبحت تونس، خاصّة مع الانتخابات الأخيرة وبعدها، سجنا حقيقيّا لحرية التعبير حيث يُراقب بوليس الإعلام بشراسة كلّ المنافذ للشبكة العنكبوتيّة وتُصادر الصحف الحزبية المستقلّة ويُضيّق على توزيعها وتُفرض رقابة لصيقة على النشطاء السياسيّين والحقوقيّين في الشارع والمنزل لمنعهم من الإلتقاء ببعضهم فما بالك بتنظيم اجتماعات. لقد بلغت حالة التردّي درجة أنّ جيرانا مغاربة باتوا يتحدّثون عن تونسة المشهد العام كناية عن إعارة الأشكال القمعيّة والتسلّطية التونسية في كتم الأنفاس المخالفة وكسر تطلّعاتها في ضخّ جرعات كافية من الحريات. إنّ مثل هذه الصورة القاتمة تجعل من محاكمة بوكدّوس القادمة مفتوحة على أقصى الاحتمالات وزيادة غلّة الضحايا من الصحافيّين. وقد كان الفاهم بوكدّوس قد توارى عن الأنظار منذ 5 جويلية 2008 بعد أن صدرت فيه بطاقة جلب على ذمّة القضيّة الكبرى لقادة حركة الاحتجاج بمنطقة قفصة المعروفة بنشاطها الفسفاطي. ولقد وُجّهت لبوكدّوس تهم « الانخراط في عصابة والمشاركة في وفاق، وتوزيع وبيع وعرض ومسك بنيّة الترويج لنشرات من شأنها تعكير صفو النظام العام لغرض دعائي » جعلته يُحكم غيابيا بست سنوات سجنا نافذة في جلستي الابتدائي يوم 11 ديسمبر 2008 و4 فيفري 2009. لم يكن بوكدّوس ناشطا نقابيا ولم يشارك في أيّ احتجاجات كما لم يكن من سكّان المناجم أصلا، بل كان فقط يؤمّن التغطية اليومية للاحتجاجات بالحوض المنجمي لفائدة فضائية « الحوار التونسي » بصفته مراسلا لها بالجهة. وقد تميّزت تلك التغطية بالحصريّة والكثافة جعلها منذ اليوم الأوّل للحراك المنجمي هدفا للسّلطة التي حاولت فرض تعتيم شامل على ما يجري ومعالجة الأوضاع بعيدا عن أعين الصّحافة والإعلام. وبفضل المواكبة الإخبارية اليومية ومشاهد المسيرات والإعتصامات والمصادمات مع قوات البوليس والحوارات مع الأهالي التي أمّنها الصحافي المذكور أطلع التونسيين وغيرهم على كلّ ما كان يحصل على الميدان. كما برز بوكدّوس خلال تلك الفترة بتغطية الأحداث لموقع « البديل » الالكتروني حيث كانت مادته الوفيرة والحينيّة ملجأ كلّ الراغبين في متابعة حقيقة المشهد المنجمي. إنّ الصحافي الفاهم بوكدّوس سواء رُمي في السجن في الأيام القادمة أو بُرّأ من الحكم الظالم الذي سُلّط عليه فإنه كان الضحية المثلى لمعاقبة الصحافيّين في الأحداث الكبرى ومثالا لتجريم الممارسة الإعلامية المستقلّة في دولة الاستبداد. سامي الصالحي (المصدر: « البديل »، لسان حال حزب العمال الشيوعي التونسي بتاريخ 23 نوفمبر 2009)
بيان إلى الرأي العام النقابي
نحن الممضين أسفله المحالين على لجنة النظام للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس ولسان دفاعنا يهمنا أن نعلم الهياكل النقابية بكل مستوياتها وعموم النقابين والنقابيات بأطوار المظلمة التي نتعرض لها نتيجة للإخلالات القانونية الواضحة التي يقترفها المكتب التنفيذي الجهوي بصفاقس في حقنا والتي تتعارض والنصوص القوانين المضمنة في النظام الداخلي للاتحاد والضامنة لحقوق المحال. ففي يوم 5 نوفمبر حضرنا كل من محمد المثلوثي الكاتب العام للنقابة الأساسية للمالية بصفاقس ونعمة النصيري الكاتبة العامة للنقابة الأساسية لقطاع العدلية وكاتبتها العامة للفرع الجامعي بصفاقس وحسن المسلمي الكاتب العام للنقابة الأساسية للأشغال العامة والتجهيز وكاتبها العام للفرع الجامعي بصفاقس بمعية لسان الدفاع الموكلين من طرفنا بموجب تفويض قانوني للدفاع عنا (حسب ما يقتضيه الفصل 33 من قانون المنظمة) إلى مكتب السيد الهادي بن جمعة الكاتب العام المساعد للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس والمكلف بالنظام الداخلي للإطلاع على ملف قضية الإحالة على لجن النظام كما تنص مقتضيات الفصل 33 من قانون النظام الداخلي للمنظمة في فقرته المتعلقة بحقوق المحال « إطلاعه شخصيا ومنوبيه على ملف القضية خلال عشرة أيام قبل انعقاد الجلسة النهائية دون تمكينهم من نسخة من الملف » والغاية من الإطلاع على الوثائق المتضمنة للملف هو تمكين المحال على لجنة النظام الحق في تقديم الشهود والإثباتات الكتابية والقرائن والأدلة وكل ما يمت بصلة للدفاع عن نفسه قبل وإثناء الجلسة النهائية إلا أن رئيس لجنة النظام رفض تطبيق مقتضيات الفصل المذكور واكتفى بتقديم تقرير تأليفي وسردي لبعض وقائع القضية ومجموعة من التهم الخطيرة مستوحاة من الفصل 34 في فقرته 1-5-6 واعتبر أن التقرير الذي قدمنا يعتبره ملف القضية فقدم لسان الدفاع في الإبان وبنفس التاريخ عريضة طعن في الإجراءات المتخذة من طرف رئيس لجنة النظام ورفض تمكيننا من ممارسة حقنا القانوني في الإطلاع على كل التقارير الوثائق الكتابية والمرئية المتضمنة لملف القضية والتي على أساسها تمت صياغة تقرير الإحالة وكذلك حتى نتمكن من إحضار شهود النفي وكل الوثائق المكتوبة والمرئية لدحض التهم الموجهة لنا المنصوص عليها في التقرير وتحقيقا لضمانات الدفاع المنصوص عليها في النظام الداخلي لقانون المنظمة حتى تكون لجنة النظام قانونية وعادلة ولتبيان الحقيقة للرأي العام النقابي. وحيث أننا حضرنا في الأيام المحددة للجنة النظام الجهوية بصفاقس 9 و10 و11 من شهر نوفمبر عبرنا مرة أخرى عن تمسكنا بحقنا الشرعي والقانوني في الإطلاع على المؤيدات والوثائق والشهادات المكتوبة المضمنة في ملف الإحالة تطبيقا لحقوق المحال المنصوص عليها في الفصل 33 المتعلقة بحقوق المحال وقدم لسان الدفاع خلال الجلسات مطلب في تأجيل تاريخ الجلسة لحين الإطلاع على ملف القضية ومرة أخرى يرفض رئيس لجنة النظام الجهوية السيد الهادي بن جمعة مدنا بالملف وينظر بمطلب التأجيل والطعن في الإجراءات في الإبان رافضا كل من الطعن والتأجيل كما تمسكنا نحن المحالين ولسان الدفاع بالضمانات الدفاعية المخولة لنا قانونا في جملة من الحقوق المنصوص عليها في الفصل المذكور سابقا وتمكيننا من الدفاع عن أنفسنا بما نراه مناسبا ضمانا للجنة نظام قانونية وعادلة في ظل احترام قوانين المنظمة وحفظ حقوق النقابي. وعليه، فإننا نهيب بكل النقابيين مهما كانت مستويات المسؤولية التي يتحملونها أن يقفوا إلى جانب الحق وأن يرفعوا أصواتهم ضد هذه المظلمة وأن يتصدوا بكل جرأة وشجاعة للاعتداء على حقوق المحالين إلي تكفلها لهم قوانين المنظمة وأن يطالبوا منها بالكف عن تشغيل لجنة النظام ضد المناضلين اعتمادا على التقارير الملفقة والشهادات المشبوهة وأن تكون قوانين المنظمة فوق الأهواء والتوظيف وأن يطالبوا بحفظ الملفات ضد المحالين. المحالون: محمد المثلوثي: الكاتب العام للمالية صفاقس نعمة النصيري: الكاتبة العامة للعدلية صفاقس حسن المسلمي: الكاتب للأشغال العامة والتجهيز الدفاع: محمد الامين العليبي: نقابي – التعليم الثانوي الحبيب بوعون: نقابي – التعليم الأساسي جمال عطوش: نقابي – التعليم الأساسي رؤوف شعبان: نقابي – التعليم الثانوي عبد المجيد بن عبد الله: الكاتب العام للنقابة الأساسية للشباب والطفولة عاش الاتحاد العام التونسي للشغل حرا، مستقلا، ديمقراطيا ومناضلا لنثبت في الدفاع على حقنا في التعبير وصون الممارسة الديمقراطية داخل المنظمة. لا لدوس قوانين الإتحاد (المصدر: « البديل »، لسان حال حزب العمال الشيوعي التونسي بتاريخ 23 نوفمبر 2009)
أخبار
محاكمة الصحفيين زهير مخلوف والفاهم بوكدوس
تنظر اليوم الثلاثاء المحكمة الابتدائية بقرمبالية في قضية الصحفي والناشط الحقوقي زهير مخلوف المعتقل منذ 20 أكتوبر الماضي بتهمة « الإساءة إلى الغير عبر شبكة الاتصالات »، على خلفية إعداده لتحقيق مصوّر عن الحي الصناعي بنابل، ويواجه مخلوف عقوبة تصل عامين سجنا نافذة. كما يمثل معه في نفس القضية بحالة سراح الناشط سعيد الجازي من نابل. من جهة أخرى يمثل مراسل قناة الحوار التونسي الفاهم بوكدوس هذا اليوم أمام الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بقفصة بعد اعتراضه على حكم غيابي بستة أعوام سجنا ضمن ما عرف بقضية « وفاق الحوض المنجمي »، وذلك على خلفية تغطيته للاحتجاجات الشعبية التي عرفتها منطقة المناجم أوائل العام 2008.
وزارة التربية تتراجع عن نظام التقييم بالأعداد بعد شهر من إقراره
أفادت مصادر نقابية أنّ وزارة التربية والتكوين أصدرت بعد ظهر أمس الاثنين 23 /11 / 2009 مذكرة حول تقييم عمل التلميذ في التعليم الأساسي ألغت بموجبها المنشور عدد 86 الصادر بتاريخ 26 /10 / 2009 الذي يقيّم عمل التلاميذ وفق الأعداد. وأقرّت المذكّرة العودة من جديد إلى النظام القديم المرتبط بنظام الكفايات والذي يقيم عمل التلاميذ وفق الملاحظات. نحو 500 إصابة بأنفلوانزا الخنازير في ثلاثة أسابيع
ذكر مرصد الأمراض الجديدة والمستجدة في تقريره الأسبوعي أنّه تمّ تسجيل 497 إصابة بأنفلوانزا الخنازير خلال الشهر الجاري. وبلغ مجمل الحالات المسجلة في تونس حتى يوم 21 نوفمبر 2009 638 حالة أكثر من نصفها بالوسط المدرسي. . وقد تم إلى حدود ذلك التاريخ إغلاق 11 مؤسسة تعليمية بالعاصمة وواحدة بسوسة وأخرى بأريانة، إضافة إلى وقف الدراسة بأقسام في اثنتي عشرة مؤسسة بتونس وأريانة وصفاقس وبنزرت. وأشار التقرير إلى أنّ العاصمة تأتي في المرتبة الأولى في عدد الإصابات بـ266 حالة تليها ولاية أريانة بـ78 حالة ثم القيروان ونابل وبنزرت. وخلال الأسبوع الفارط سجلت 7 حالات خطيرة وضعت اثنتان منها بقسم الإنعاش. ولا يزال أربعة قيد المتابعة بالمستشفى، حسب المرصد. صفاقس: غلق عدد من المؤسسات التربويّة بسبب انفلوانزا الخنازير
علمت كلمة أنّ 4 مؤسسات تعليميّة على الأقلّ أغلقت أبوابها على اثر اكتشاف حالات إصابة فيها بانفلوانزا الخنازير هي مدرسة الباشا بطريق تنيور كلم 2 ومدرسة جوهر طريق المهديّة كلم 1 ومعهد الخليج بطريق سيدي منصور كلم 5 والإعدادية النموذجيّة بصفاقس. وقد توجّه الأولياء صبيحة يوم الاثنين 23 نوفمبر إلى بعض معاهد أبنائهم مرتدين أقنعة وكمامات للمطالبة بإيقاف سير الدروس والتيقّن من سلامة البيئة الصحيّة داخل المؤسسة. من جهة أخرى ذكرت مصادر مطّلعة أنّ لجنة جهويّة لمتابعة انتشار الفيروس قد تشكّلت في صفاقس.
طلبة المركب الجامعي بجندوبة ضحايا للمنحرفين
عبّر عدد كبير من طلبة المركب الجامعي بجندوبة عن تخوفهم من تنامي ظاهرة العنف التي تطال عددا منهم أمام المطعم الجامعي علي بلهوان والمبيتات الجامعية بالمدينة والتي عادة ما يرتكبها ضدهم بعض المنحرفين من خارج الجامعة. وقال عدد من الطلبة إنّ تخوفاتهم تنامت خاصة بعد الاعتداء الخطير الذي تعرض له الطالب « علي إبراهيمي » حيث تم تغيير وجهته باستعمال سلاح ابيض وانتزاع هاتفه الجوال وبطاقة هويته التي عجز عن استرجاعها إلى حد اليوم. وأضاف بعض ممن تحدثوا لراديو كلمة أن الاعتداءات تتم من أجل الضغط على الطلاب والطالبات لابتزازهم والاستيلاء على أموالهم. معهد للبحث الصناعي دون مخابر طالب طلبة المعهد العالي للمنظومات الصناعية بقابس رئاسة الجامعة بإنشاء مخابر تقنية داخل مبنى المعهد. وفي هذا الإطار ذكر عدد من طلبة المعهد المذكور في تصريحات لراديو كلمة أنهم يتنقلون يوميا إلى مخابر المعهد العالي للدراسات التكنولوجية الذي يبعد مئات الأمتار عن معهدهم لحضور الدروس التطبيقية المدرجة في برنامج دراستهم، وهو ما يتسبب في تأخر وصولهم للمخابر والتخلّف عن أجزاء من الدروس. وأضافوا أن مبنى « المنظومات الصناعية » بقابس غير مطابق لمواصفات المعاهد العليا التقنية بسبب تكونه من قاعات عادية غير مجهزة بتقنيات تتطلبها طبيعة الدروس. مواجهات في « أم القصاب » تسفر عن إصابة عوني حرس وطني
شهدت منطقة أم القصاب الحدودية يوم الأربعاء 18 نوفمبر تجمّعا احتجاجيا من قبل الناشطين في تجارة الوقود وحديد البناء المهرّب من الجزائر الذين يشتكون من تواصل التضييق على حركتهم من قبل الأمن الحدودي بما عطّل تجارتهم. وقد تدخلت قوات من الحرس الوطني لتفريق المتجمعين وتطوّر الأمر إلى مشادات أسفرت عن إصابة عونين تم نقلهما إلى المستشفى الجهوي الحسين بوزيان بقفصة يوم الخميس الماضي أحدهما أصيب بكسر في يده. وجدير بالذكر أنّ متساكني هذه المنطقة الحدودية خاضوا عديد التحركات الاحتجاجية تمثلت خاصة في عبور الحدود إلى الجزائر احتجاجا على أوضاعهم الاجتماعية والتضييقات على نشاط التهريب.
حملة على العربات المجرورة في قابس
هدّد أصحاب العربات المجرورة بالدواب في قابس بشن تحركات ميدانية احتجاجية إن لم تتراجع السلط الجهوية عن القرار الذي أصدرته الأسبوع الماضي بمنعهم من دخول الشوارع الرئيسية وسط المدينة. و ذكر أصحاب العربات أن شرطة المرور انطلقت منذ أيام في تطبيق القرار و قامت بحجز العربات المخالفة في المستودع البلدي. كما اعتبروا هذا القرار غير مدروس لأنّ تلك العربات تعدّ مورد رزق المئات من أهالي الجهة خاصة في نقل مواد البناء و الخشب التي توجد أهمّ نقاط بيعها وسط المدينة. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 23 نوفمبر 2009)
انفلوانزا الخنازير: بين وباء الفيروس ووباء اللقاح يستشري وباء الإشاعة
قبل معز الباي في الأثنين, 23. نوفمبر 2009
أثارت الأخبار التي راجت عن إصابات بانفلوانزا الخنازير في المدارس والمعاهد ووجود حالات وفاة حالة وبائيّة من الفزع لدى التلاميذ وأبنائهم في مدينة صفاقس. وزاد من تفاقم هذه الحالة التعتيم الإعلامي الذي مارسته السلطة حيث علمت كلمة من مصادر مطّلعة أنّ تعليمات وجّهت إلى مختلف المصالح التربويّة والصّحيّة بالتكتّم الشديد. العديد من الأولياء تهافتوا على الفضاءات التجاريّة لشراء مادّة « الديتول » المطهّرة والصابون ممّا أدّى إلى تناقص هذه الموادّ بشكل ملحوظ، كما توجّهت أعداد هامّة من الأولياء إلى المعاهد الثانويّة صبيحة يوم الاثنين مقنّعين بكمامات، للاستفسار حول الاحتياطات الصحيّة التي اتخذتها المعاهد، خاصّة وأنّ عددا من التلاميذ بالمعاهد كمعهد مجيدة بوليلة والحبيب المعزون أضربوا عن الدراسة بسبب غياب مراكز صحّيّة في معاهدهم على غرار ما تمّ العمل به في العاصمة. وقد علمت كلمة أنّ لجنة جهويّة تشكّلت في صفاقس لمتابعة الوضع الصحّي وانتشار الوباء في المؤسسات التعليميّة. ويجري التباحث الآن حول إمكانيّة التمديد في عطلة عيد الإضحى للتقليص من حجم الإصابات وانتشار الوباء من جهة أخرى، علمنا من مصادر موثوقة أن 4 مؤسسات تعليميّة على الأقلّ أغلقت أبوابها على اثر اكتشاف حالات إصابة فيها هي مدرسة الباشا بطريق تنيور كلم 2 مدرسة جوهر طريق المهديّة كلم 1 معهد الخليج بطريق سيدي منصور كلم 5 والإعدادية النموذجيّة بصفاقس. لكنّ ما يثير الانتباه أكثر هو لجوء الإطار الطبّي في المستشفيات إلى تطعيم كلّ المرضى الوافدين المصابين بالزكام بلقاح « التاميفلو » وذلك قبل التأكّد من حقيقة إصابتهم بـ »القريب-أ » ممّا يثير التساؤل خاصّة مع ما ورد في عدد من التقارير الصحّيّة من أن هذا اللقاح له تأثيرات ومضاعفات جانبيّة خاصّة على الجهاز العصبي وعلى مناعة الجسم، ويؤكّد الختصّون أن التطعيم بالتاميفلو في حالة الإصابة بالزكام العادي تفقد هذا اللقاح قيمته وقدرته العلاجيّة في حالة الإصابة بانفلوانزا الخنازير. مع العلم أنّ الشركة الأمّ التي أنتجت هذا العلاج قد برّئت ساحتها من كلّ مضاعفات تظهر لهذا الدواء خاصّة وأنّ مرحلة التجارب عليه لم تستوف، وهو ما دفع عددا من الدول إلى رفض إعلان الطوارئ الوبائية واعتبار أن اللقاح أخطر من المرض نفسه، مثلما هو الحال في فنلندا التي اتهمت وزيرة الصحّة فيها الدول الكبيرة بصنيع الفيروس وفرض لقاحه المذكور من أجل التقليص من عدد سكّان العالم، في إشارة إلى تصريح قديم لأحد الوزراء في الحكومة الأمريكية أعلن فيه أنّ ثروات العالم لا تكفي سكّانه. ويظهر أنّ لجوء أطبّائنا لهذا الإجراء ناجم عن التخوّف من انتشار الوباء نتيجة لبطء نتائج التحاليل النسبي، خاصّة وأنّ إمكانيّات الاحتفاظ بالمستشفيات لمدّة طويلة محدودة وطاقة استيعاب مؤسساتنا الصّحيّة غير كافية للتعامل مع مثل هذا الوضع. خاصّة وأن منشورا صدر مؤخّرا عن وزارة الصحّة يعتبر كلّ الحالات الوافدة المصابة بالزكام هي حالات وبائيّة وبالتالي تتطلّب العزل مباشرة. جدير بالذكر أنّ عدد حالات حالات الإصابة ارتفعت بشكل ملحوظ خلال الأيّام الأخيرة في تونس، وحسب تقرير نشره المرصد الوطني للأمراض الجديدة فإن عدد الإصابات بانفلوانزا الخنازير منذ 28 أفريل 2009 إلى 21 نوفمبر الجاري قد بلغت 471 حالة معظمها في الفضاء المدرسي، واعتبر التقرير أنّ شهر نوفمبر في أسبوعيه الأخيرين شكّل انتقالا إلى مرحلة جديدة وصفها بالوبائيّة نظرا لتصاعد عدد الإصابات المعلنة إلى 133 حالة في الأسبوع الماضي و154 حالة في الأسبوع الذي سبقه (تضاعفت حالات الإصابة ثلاث مرّات في الأسبوع الثاني والأربعين في حين تضاعف العدد في الأسبوع الثالث والأربعين مرتين بالمقارنة مع الأسبوع السابق)، إضافة إلى تسجيل حالتي وفاة بسبب الوباء. ويعتبر إقليم تونس أكبر مستهدف بالوباء (ولاية تونس 266 حالة- أريانة 78– بن عروس 23) تليه ولاية القيروان (56 حالة) ثم نابل (51 حالة) ثم صفاقس (32 حالة). هذا ويتمزّق الشارع التونسي بين خشية وباء انفلوانزا الخنازير وبين خشية لقاحه، في حين ينتشر في ظلّ التعتيم الإعلامي الرسمي وباء عرفه التونسيّون طويلا وخبروه ولم يجدوا له لقاحا أو علاجا هو وباء الإشاعة الذي أثار الفزع والبلبلة بين الناس. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 23 نوفمبر 2009)
المؤتمر من أجل الجمهورية حتى تتحقق السيادة للشعب والشرعية للدولة والكرامة للمواطن http://www.cprtunisie.net/
لا لتأبيد الدكتاتورية … لا لتوريث الحكم إلى مسؤولياتكم التاريخية
لم تنته مهزلة الانتخابات إلا لتتفاقم أزمة البلاد، في تنفيذ كامل للـوعد الثأري للدكتاتور بملاحقة كل من حاول إفساد عرس النفاق السياسي الأخير. فبعد إيقاف زهير مخلوف ومحاولة اغتيال عبد الرءوف العيادي والتعدي الجسدي الخطير على سليم بوخذير وحمة الهمامي وعمر المستيري وملاحقة عبد الكريم الهاروني ، ها هي السلطة تقيم مهرجانا للدوس على آخر ما تبقى من حرية في بلادنا. فقد وصل بها الاستهتار بالقانون الذي تفتعل الدفاع عنه حدّ ، منع مناضلي الحرية من الخروج من بيوتهم أو من استعمال الطريق العام أو حتى الجلوس في المقاهي فما بالك بحضور محاكمة عمومية . عن مهزلة محاكمة توفيق بن بريك حدث ولا حرج وقاضي التعليمات المدعو فوزي الجبالي يهين المحامين التونسيين والأجانب ويمنع الرهينة السياسية لبن علي من الدفاع عن نفسه بانتظار التصريح بالحكم الجاهزالذي قرّره مستخدموه ومذلوّ القضاة والقضاء . وإذ نؤكد على تضامننا المطلق مع كل أسرانا وعائلاتهم وعلى رأسهم الصادق شورو وتوفيق بن بريك وزهير مخلوف، فإننا نطالب التونسيين بوضع كل هذه الأحداث في إطارها الصحيح حتى لا تحجب الشجرة الغابة. فكلها تدعم أطروحات المؤتمر من اجل الجمهورية حول طبيعة النظام وكلها تنذر بأن القادم أعظم. إن ما لا يجب أن يغيب عن بالهم أن هذه الهجمة الشرسة التي لم يسلم منها أي طرف من المجتمع المدني هي الجزء الظاهر من جبل الجليد وأن الأيام المقبلة حافلة بأحداث ستقرّر مصير تونس ربما لأجيال. أن الهدف من الموجة الجديدة من القمع إسكات كل الأصوات لتمرير عملية التوريث على أرض جرداء خالية من المقاومة والمقاومين. فوراء الأحداث الأخيرة دكتاتور مريض فاقد لكل هيبة و مصداقية وخاصة لكل شرعية يعلم أن النهاية قريبة ولا مفرّ منها ويحاول ضمان سلامة عائلته بتوريث البلاد والعباد لمن يحفظ مصالح العائلات المافيوزية التي تشكل نواة وعصب نظامه. فبعد 22 سنة من دكتاتورية بوليسية لم تتورع عن استعمال أخسّ الوسائل الإجرامية، هو يعدّ التحوير الأخير للخرق المسمى تجاوزا الدستور لاستحداث منصب نائب رئيس لزوجته ليلي الطرابلسي في الوقت الذي يحتدّ فيه الجدل والصراع من وراء الستار بين العصابات والأجهزة حول من يجب أن يكون الخلف ، هل هو هذه المرأة الفاسدة أو صهرها صخر الماطري الذي لا يقلّ عنها فسادا أو طرف ثالث سيفاجئنا ….كل هذا والتونسيون مغيبون لا حول لهم ولا قوة. وحتى نفوّت على كل القوى التي تتصور أننا قطعان من البقر والغنم نساق بالعصا ونورث كما تورّث البهائم ، ينادي المؤتمر من أجل الجمهورية كل التونسيين الأحرار من داخل أجهزة الدولة جيشا وحرسا وطنيا وشرطة وإدارة ومن داخل المجتمع طلبة وعمالا وعامة المواطنين إلى هبّة رجولة لوقف الاعتداء على كرامتنا وحقوقنا وحقوق الأجيال القادمة في وطن لا يستحي منهم ولا يستحون منه. إن مهمة إنقاذ بلادنا تتجاوز طاقة أحزاب معارضة وثلة من مناضلين، قدموا ما يستطيعون وأبلوا ولا يزالون، وإنما هي مسؤولية شعب بأكمله. لتكن سنة 2010 سنة المقاومة المدنية بكل أشكالها والهدف منع التوريث وإسقاط الدكتاتورية ومنع تجددها وبناء النظام الجمهوري والدولة الديمقراطية فإلى مسؤولياتكم التاريخية يا حماة الحمى عن المؤتمر من اجل الجمهورية د منصف المرزوقي http://www.cprtunisie.net/article.php3?id_article=734
فيديو:مداخلة الناشط الطلابي نزار بوجلال بكلية 9 أفريل بتونس
السبيل أونلاين – تونس مداخلية الناشط الطلابي بالإتحاد العام لطلبة تونس نزار بوجلال ، كاتب عام كلية الحقوق ، في التجمع الطلابي بكلية 9 أفريل ، وذلك يوم 20 نوفمبر 2009 . وقد ألقى الكلمة بإسم المكاتب الفدرالية بالمركب الجامعي بالمنار .وقد أكد الطالب بوجلال على ضرورمواجهة سياسات السلطة الهادفة إلى تدجين العمل النقابي الطلابي وطالب بإطلاق سراح زملائه المعتقلين . ونعتذر على رداءة الصورة من المصدر . للمشاهدة الرابط على اليوتوب :
http://www.youtube.com/watch?v=wZikkDjXHhc (المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس) ، بتاريخ 24 نوفمبر 2009)
استمرار اغلاق المدارس في تونس بسبب انفلونزا الخنازير
تونس (رويترز) – قال مصادر في سلك التعليم واولياء أمور يوم الثلاثاء ان السلطات التونسية واصلت غلق عدد من المدراس والمعاهد بالعاصمة وعدد من المدن داخل البلاد بسبب تسارع انتشار انفلونزا (إتش1إن1) في اوساط الطلبة. وذكرت مصادر من سلك التعليم لرويترز ان عشرات المدارس أغلقت بالعاصمة وفي عدة مدن بعد ظهور حالات اصابة بالفيروس بين الطلبة. وأشارت وزارة التربية والتعليم في تونس الى أن في حالة تعدد الاصابات بمدرسة واحدة فان مدة الاغلاق تكون اسبوعا واحدا. وأعلنت تونس حتى نهاية الاسبوع الماضي تسجيل نحو 450 اصابة وتسجيل حالتي وفاة بالانفلونزا. وقال اطباء ان تونس دخلت مرحلة التفشي السريع للفيروس بسبب تزامنها مع الانفلونزا الموسمية. وفي العاصمة أعلن عن غلق عدة مدارس بالمنزه والمنار والمرسى والكرم اضافة الى مدارس بقبلي وبنزرت وصفاقس. وقال مصدر طبي انه يتم تسجيل ما لا يقل عن 30 حالة اصابة بالانفلونزا (إتش1إن1) يوميا في تونس. (المصدر:وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 24 نوفمبر 2009 )
التونسيون يضحون بقطيع أغنام بحوالي مليون رأس بمناسبة عيد الأضحى
تونس: الألمانية تستعد العائلات التونسية لنحر قطيع يعد نحو مليون خروف بمناسبة عيد الأضحى المبارك الذي يوافق يوم الجمعة القادم. واشتكى عامة التونسيين الذين مازالوا مثقلين بديون عطلة الصيف وشهر رمضان والعودة إلى المدارس من غلاء أسعار الأضاحي الذي أرجعه الفلاحون إلى غلاء الأعلاف وارتفاع تكاليف تربية الخرفان. وقد اضطرت أغلب العائلات التونسية إلى فتح جبهات اقتراض وتداين جديدة لشراء الأضاحي فيما قررت أعداد نادرة التخلّي عن شراء أضحية لهذا العام حتى لا تستفحل مديونيتها. وكانت « منظمة الدفاع عن المستهلك » وهي منظمة غير حكومية معنية بالدفاع عن حقوق المستهلك، حذرت من مخاطر التداين الأسري المفرط في تونس، وقالت إنه « يعد من أكثر السلوكيات تداولا في المجتمع التونسي في الوقت الراهن ». وأظهرت نتائج استطلاع نشرتها المنظمة مؤخرا، أن أكثر من 85% من التونسيين مدينون ماليا بنسبة 77.7% للبنوك و32.3% للأقارب والأصدقاء. ويؤكد خبراء أن الديون باتت هاجسا يؤرق التونسيين الذين صاروا يعملون لاستخلاص القروض والديون وليس لادخار الأموال. ومنذ يوم 17 نوفمبر الجاري فتحت السلطات في العاصمة تونس التي يقطنها حوالي خمس سكان البلاد 4 نقاط لبيع الأضاحي على أساس الوزن، ستبقى مفتوحة إلى غاية ليلة العيد. وفي هذه الأماكن يباع الخروف الذي يقل وزنه عن 40 كيلوجراما على أساس 9ر5 دنانير للكيلوجرام الواحد (حوالي 5 دولارات) أما الخروف الذي يتعدى وزنه 40 كيلوجراما فتم تحديد سعر الكيلوجرام الواحد من وزنه بـ 5.6 دنانينر (حوالي 4 دولارات). ودعت منظمة الدفاع عن المستهلك في بيان التونسيين إلى « التوجه قدر الإمكان إلى نقاط البيع التي تتوفر فيها آلات وزن والاتفاق فيها مع البائع على شراء أضحيته على أساس الوزن في كنف الشفافية التامة » ونصحت بـ »مراعاة ميزانيته العائلية في كل الحالات وتجنب التداين المفرط ». وفي بقية المحافظات التونسية حوّل الفلاحون وتجار الماشية ساحات عامة إلى فضاءات لبيع الأضاحي. ويرابط الباعة بهذه الأماكن ليلا نهارا للبيع ولحراسة أغنامهم خشية عليها من السرقة. وتنشط في مثل هذه الفترة من كل عام سرقة المواشي. وتنقل الصحف المحلية يوميا أخبار السرقة التي ينفذها لصوص على متن سيارات وشاحنات في عدة مناطق من البلاد. وتتراوح أسعار الخرفان في أسواق المواشي بين 240 دينارا و450 دينارا (الدولار يساوي 1.3 دينار تونسي). ويحتفل الأطفال بالخرفان التي يشتريها آباؤهم إذ يزينونها بالأشرطة الملونة ويجوبون بها الشوارع في تباه ومن بينهم من يفرض عليها الدخول في مسابقات مبارزة قد يفقد فيها الخروف قرنيه أو يصاب بجروح فيصبح غير صالح للتضحية. ويمثل يوم « الوقفة » وهو اليوم الذي يسبق العيد ذروة استعدادات العائلات التونسية لعيد الأضحى حيث تغرق أسواق الخضر بنباتات البقدونس والسلق التي تشتريها النسوة لاستخدامها في صناعة « العصبان » وهي أكلة شعبية تعدّها التونسيات في أول أيام العيد مع طبق الكسكسي الشهير. واعتاد التونسيون في مثل هذه المناسبات شراء البهارات والليمون (لعصره على الشواء) والمشروبات الغازية التي يعتقدون خطأ أنها تسهل هضم اللحوم التي يأكلونها بشراهة. وقبل ثلاثة أيام من العيد يشرع التونسيون في إخراج السكاكين والسواطير-التي اعتادوا استعمالها يوم العيد- لشحذها عند الحدادين حتى تكون جاهزة للاستعمال يوم العيد. وقد احتل الحدادون أرصفة الشوارع التي نصبوا عليها آلات الشحذ الكهربائية أو اليدوية. ويمثل يوم العيد ذروة العمل للجزارين الذين يختار كثير منهم التوجه نحو الأحياء الراقية التي يدفع سكانها مبالغ عالية مقابل ذبح الأضاحي وسلخها. ويستنكر كثير من التونسيين « عادة » اجتماعية تترسخ عاما بعد عام في البلاد وهي الإفراط في شرب مختلف أنواع الخمور أيام العيد. وتحقق المحلات المتخصصة في بيع الخمور أرقام معاملات خيالية خلال هذه الفترة. وألغت السلطات التونسية هذا العام الحج خشية إصابة مواطنيها بأنفلونزا الخنازير في البقاع المقدسة وتفشي الوباء في تونس عند عودتهم إليها. ويبلغ عدد التونسيين الذين يؤدون مناسك الحج سنويا نحو 9 آلاف شخص. وكانت تونس البلد الإسلامي الوحيد الذي ألغى موسم الحج. (المصدر: وكالة الأنباء الألمانية بتاريخ 24 نوفمبر 2009 )
الشيخ راشد الغنوشي ضيف قناة الحوار
يستضيف برنامج أضواء على الأحداث في قناة الحوار اللندنية الشيخ راشد الغنوشي وذلك يوم الجمعة 27 نوفمبر على الساعة الرابعة مساء بتوقيت غرينيتش ( الخامسة بتوقيت تونس) ويعاد بث الحلقة في نفس اليوم الساعة التاسعة مساء بتوقيت غرينيتش ( العاشرة مساء بتوقيت تونس). (- نقلا عن موقع الشيخ راشد الغنوشي بتاريخ 24 نوفمبر 2009)
بسم الله الرحمن الرحيم والصّلاة والسلام على نبينا محمد الصادق الأمين تهنئــــــــــة بمناسبة عيد الأضحى المبارك لعام 1430 تتوجه الهيئة العالمية لنصرة الإسلام في تونس بالتهنئة للأمة الإسلامية عامة وللشعب التونسي خاصّة، سائلين الله حلّ جلاله أن يعيده على الجميع باليمن والإيمان والنصر والتمكين، وأن يحرّر المسجد الأقصى ويردّ الأجيال إلى دينه ردّا جميلا. وكل عام وأمة الإسلام بخير. عن الهيئة العالمية لنصرة الإسلام في تونس محمد الهادي بن مصطفى الزمزمي mohamed-zemzemi@hotmail.de
متى يُغلق ملفّ الحوض المنجمي؟
عفاف بالناصر
إبتهجنا جميعا ليلة الأربعاء 4 نوفمبر الجاري بإطلاق سراح معتقلي الحوض المنجمي وفق عفو رئاسي خاص بعد ستة عشر شهرا من معاناة السجن وظروفه التنكيلية الثقيلة، وفي ساعة متأخرة استقبل أهالي الرديف المكلومة بفرح وافتخار أبناءهم المتقاطرين من معتقلات قبلي وسيدي بوزيد وحربوب وصفاقس والمرناقية والمثقلين باعتلال صحيّ ظاهر (بشير العبيدي وعدنان الحاجي وعبيد الخلايفي والطيب بن عثمان…) وبآثار عقوبات بدنية (مظفر عبيدي وغانم شرايطي…). وقد كان هذا التسريح استجابة لتحرّكات العائلات ولنضالات المجتمع السياسي والمدني وللتضامن غير المشهود لأحزاب وجمعيّات ونشطاء دوليين وقفوا جميعا على عدالة المطالبات الحياتية للمنجميّين، وثمّنوا أشهر النضالات المدنيّة باعتبارها حالة صحية غطّت على مشهد الاحتقان السياسي والتمييز الاجتماعي، وندّدوا بتوظيف البوليس والجيش والقضاء لمعالجة قسريّة لملفات التشغيل والتنمية الاجتماعية والاقتصادية. إنّ هذا الإجراء على أهمّيته بالنسبة للمعتقلين وعائلاتهم كما لمعنويات أهالي مدن الحوض المنجمي ولقضية النضال الاجتماعي عموما، فإنه لم يطو الملفّ القضائي نهائيا ولم يعالج جذريا الأسباب التي أجّجت الاحتجاجات في المظيلة وأم العرائس والمتلوي والرديّف بشكل لم تعرفه بلادنا منذ انتفاضة الخبز جانفي 1984. إنّ السجون التونسية قد أُخليَت من المعتقلين المسرّحين ولكنها ما زالت مفتوحة في قضية « الوفاق » وحدها أمام العناصر المُتابَعة التالية: محي الدين شربيب: 57 سنة، مناضل جمعيّاتي ومهجري ورئيس فدرالية التونسيين مواطني الضفتين، حُوكم في إطار قضيّة « الوفاق » غيابيا بسنتين سجنا نافذة بتهم تتعلق بتقديم الدعم المادي والمعنوي للمنجميّين على خلفية النشاط الحثيث الذي يقوم به صلب الجمعية التي يرأسها أو في إطار لجنة المساندة لأهالي الحوض المنجمي بباريس. ويبدو أنّ السلطة لم تغفر لشربيب تواصله مع الحراك المجتمعي ببلاده الأصلية سواء تضامنا مع عمّال المصانع بالمكنين وسوسة وجندوبة، أو مع البحّارة السبعة، أو مع المهاجرين في مراكز الاحتجاز الإيطالية، أو مع الأساتذة المطرودين عمدا من التدريس وصولا للطلبة المضربين ومرورا بكل الملفات الحارقة وطنيا وخاصة التي تتعلّق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية. ولا شكّ أن هذا الحكم الظالم قد عمّق من غربة شربيب وحرمه من زيارة عائلته وبلاده حتى أيام عطلة الصيف. مكرم ماجدي: 27 سنة، شابّ عاطل عن العمل شارك كغيره من سكان الرّديف في الاحتجاجات المشروعة من أجل الشغل والكرامة معتقدا أنه يُمارس حقا من حقوق المواطنة الرئيسية وينتصر لقضيّة لم يشكّك فيها سوى حاقد أو جبان، فوجد نفسه مُحاكما غيابيّا بعشر سنوات سجنا مع النفاذ العاجل.يُشاع أنه « حرق » إلى إيطاليا وفي حالة تأكيد الخبر تكون آفة البطالة قد عرّضته لمحنة الحكم بالحبس ولخطر قوارب الموت وهو في ريعان شبابه. حسن بن عبد الله: 34 سنة، منسّق اللجنة المحليّة للدفاع عن أصحاب الشهائد المعطّلين عن العمل بالرديّف ونائب منسق اللجنة الجهوية بقفصة. ارتبط إسمه بتحرّكات تلك الفئة من البطّالة في الجهة بكاملها وخاصة منذ سنة 2006 ممّا أعطى حركة المعطّلين زخما لم تعرفه في السابق وبوّأتها قيادة الحركة الاجتماعية في الجهة. دشّن ورفاقه ضربة البداية للاحتجاج المنجمي عشيّة 5 جانفي 2008 كما كانوا وقودَها طيلة أكثر من ستة أشهر، قدموا خلالها من النشاط والمقترحات الشيء الكثير. برز كأحد القيادات المركزيّة للحركة وطفح دوره أكثر إبّان المنعرج الأمني الأوّل يومي 7 و8 أفريل 2008 حيث ساهم مساهمة فعّالة في مواصلة نسق الاحتجاجات ومركزتها أساسا حول مطلب إطلاق سراح المعتقلين وهو ما تمّ فعلا في ظرف قياسي. يُعتبر الحكم عليه غيابيّا بعشر سنوات مع النفاذ العاجل عقابا له ليس على مشاركته الفاعلة في احتجاجات المنجميين فقط بل أيضا على رصيده النضالي ضمن حركة المعطّلين عن العمل من أصحاب الشهائد. الفاهم بوكدّوس: 39 سنة، حُوكم غيابيّا بستة سنوات مع النفاذ على خلفيّة تغطيته شبه الحصريّة لاحتجاجات أهالي الحوض المنجمي لفائدة قناة « الحوار التونسي » المستقلة التي كانت أوّل فضائية تكسر التعتيم المرئي للأحداث وتنقل يوميّاتها لمشاهديها وطنيا ودوليا عبر متابعة إخبارية متواصلة ومشاهد احترافيّة للاجتماعات الجماهيرية والمسيرات والإعتصامات والمصادمات، مثلما مكّنت قادة الاحتجاجات والمواطنين من منبر حرّ لتفسير حراكهم وأسبابه وسبله والتوجه للرأي العام والسلطات. تُعتبر تغطيته الحينية لفائدة موقع « البديل » الالكتروني أشمل متابعة للأحداث وأغناها مكّنت كلّ المتابعين للحركة من مواطنين ورجالات صحافة وسياسيّين وحقوقيّين في الداخل والخارج من معرفة دقائق الأمور عمّا كان يحصل على الميدان منذ اليوم الأوّل بدرجة يصعب معها دراسة الحركة دون الاعتماد على تلك التغطية، ولا شكّ أن الدراسة القيّمة التي أنجزها مؤخرا الأستاذين العربي شويخة وإيريك غوب تحت عنوان « تونس بين انتفاضة الحوض المنجمي بقفصة ورهانات انتخابات 2009 » تعزّز هذا القول. ويُعتبر بوكدّوس أوّل صحافي تونسي يحكم بمثل هذا الحكم ويدخل السرّية في علاقة مباشرة بأداء عمله الصحفي، وقد اعتبرته كُبرى المنظّمات المهتمّة بالصحافة وحريّة التعبير (مراسلون بلا حدود، لجنة حماية الصحافيّين، الفدرالية الدولية للصحافيين، مركز الدوحة لحرية الإعلام…) وجمعيّات حقوق الإنسان (العفو الدولي…) مثالا بارزا على وضع الإعلام والصحافة ببلادنا. ولعلّ أشدّ ما أغضب السلطة منه ليس فقط إخباره عمّا حصل بدقة ودأب بل دفاعه المستميت عن ذلك الحراك كفعل مواطني حقّ يقطع مع عقليّة الاستجداء والمنن ويكرّس دروب النضال لافتكاك الحقوق، وفضحه كلّ سبل الاستئصال الاجتماعي التي سُلّطت على الحركة وأبناءها وتجريمهم والتي حوّلتها إلى قضيّة سياسية وحقوقية بامتياز. إنّ وضع هؤلاء المُتَابَعين أمنيّا وقضائيّا وغيرهم ليس وحده ما يجعل باب هذا الملف مُواربا، فإطلاق سراح قادة الاحتجاجات وشبابها يجب أن يُردف بإرجاعهم إلى سالف عملهم والتعويض لهم عن أشهر الإيقاف والسّجن يشمل أيضا الأهالي الذين نُكّلَ بهم وأتلفت ممتلكاتهم. وإنّ التحقيق في الانتهاكات التي رافقت اعتماد الحلّ الأمنيّ بما فيها إطلاق النار المتعمّد على المتظاهرين العزّل انجرّ عنه قتلى وجرحى، يجب أن يتمّ بشكل مستقلّ وشفاف ويكشف عن الجناة أمرا وتنفيذا في اتجاه مُعاقبتهم. إنّ أشكال المعالجات الحقوقية المذكورة قطعا ستُساعد على لملمة جراح عميقة ولكنها تتطلب أساسا وبصورة ناجعة معالجة الأوضاع الحياتية المنخرمة لسكّان المناجم والتي حوّلت انعكاساتها الكارثية احتجاجا بسيطا على نتائج مناظرة فاسدة إلى حركة أهليّة واسعة، والتي يمكن حوصلتها في النقاط التالية: مراجعة وضع شركة فسفاط قفصة المشغل الرئيسي بالجهة بشكل يقطعُ مع نهج تصفية عَمَالتها، ويوسّع من مشاركتها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية على قدر الموارد الهائلة التي تجنيها، ويخلّصها من الفساد الإداري والمالي الذي أطاح بمسؤولها الأوّل السابق. مُعالجة ملف التشغيل بجديّة بعيدا عن الدعاية السياسية بحيث يُرَاعى التضخّم الهائل في نسب العاطلين والتي تُقارب بالنسبة لأصحاب الشهائد ثلاثة أضعاف النسب الوطنية بما يتطلّبه من بعث مشاريع ضخمة ذات تشغيلية عالية بالاعتماد على المقدّرات العمومية بالأساس. تطهير آليّات الانتداب في القطاع العام والخاص من الرشوة والمحسوبية والتمييز العشائري والنقابي والسياسي، واعتماد الانتداب بشركة الفسفاط على أساس الملفات التي تراعي العمر والوضعية الاجتماعية وعدد العاطلين بالأسرة الواحدة والتي يقع اقتراحها من قبل لجان محلية تظمّ ممثلي النقابات والمُعَطّلين وهيئات المجتمع المدني المستقلّة جنبا إلى جنب مع ممثلي سلط الإشراف. تمكين أكثر ما يمكن من أصحاب الشهائد من فرص العمل القار والعمومي بما يتماشى مع تحصيلهم العلمي والأكاديمي خاصة وأن عشرات المراكز الشاغرة تظهر في الجهة سنويا في المدارس والمعاهد والمؤسسات الجامعية والمستشفيات ودور الشباب والثقافة وفي المعتمديات والبلديات… ويقع سدّها بطرق غير عادلة. مراجعة عمل الصناديق المالية بما يتلاءم مع إلحاحية معالجة أزمة البطالة وتخفيف الأوضاع اليومية للسكّان لا حسب مضاربات رجال الأعمال واحتكار كبار المتنفذين. الانكباب الخاص والعاجل بالوضع البيئي والصحي المنهار ببعث مستشفى جامعي وتركيز وحدات صحّية لمعالجة الأمراض المتفاقمة (سرطان، كلى…) ومعالجة المياه وإنقاذ الواحات ومقاومة التصحّر والفيضانات… التصدّي الحازم لكلّ أشكال المضاربة باليد العاملة بالقطع مع العمل الهشّ والمناولات بما يتضمّنه من ترسيم العمال العرضيّين بالغابات والبلديات وغيرهم وتمتعيهم بالتغطية الاجتماعية، وعلى اتحاد الشغل أن يُفعّل مقترحات هيئاته القيادية في هذا الموضوع حتى لا يكون شريكا في استغلال العمال ومزيد إنهاكهم. إن الجوانب الحياتية من معالجة ملفّ الحوض المنجمي ليست صعبة ولا تعجيزية بل يتصل جلّها بطرق التصرّف في الموارد المتوفرة أصلا والتي يسُوء توظيفها، علاوة على أحقية أهاليها بها من زاوية واجبات الدولة إزاءهم ومن جهة حجم مساهمتهم في صنع الثروة، أما المناحي الحقوقية فمرتبطة بإرادة السلطة السياسية في ردّ الاعتبار للجهة وأهاليها على الظلم المُضَاعَف الذي لحقهم في سبيل تنفيس الاحتقان وفتح أبواب الممارسة السليمة في التعامل مع المحتجّين وأصحاب الأفكار المخالفة. عفاف بالناصر
(المصدر: « البديل »، لسان حال حزب العمال الشيوعي التونسي بتاريخ 23 نوفمبر 2009)
الأستاذ البشير الصيد في حديث خاص لـ«الصباح»: أتحدى من يدعي أن العميد سيّس القطاع علاقتنا إيجابية مع السلطة ونأمل أن يستمر الاصلاح الذي تحقق بدعم من رئيس الدولة
تونس ـ الصباح: أكد الأستاذ البشير الصيد عميد المحامين في حديث خاص لـ«الصباح» أن جلسة 6 نوفمبر 2009 فاقدة للشرعية واعتبر أن هناك حملة يشنها أربعة من أعضاء هيئة المحامين على العميد لأسباب انتخابوية وسياسوية. ولكنه قال «إن صوبوا مواقفهم وتخلوا عن أخطائهم واعتداءاتهم على الشرعية فأهلا وسهلا بهم».وفي حديثه عن علاقة الهيئة بالسلطة أوضح العميد أن هذه العلاقة ايجابية وعبر عن أمله أن يستمر النسق الإصلاحي الذي تحقق باستجابة من سيادة رئيس الجمهورية. وفيما يلي نص الحوار: * بعض المحامين غير راض عن أداء العمادة في مدتها النيابة الحالية، ما رأيكم؟ ـ القضية ليست رضى أو عدم رضى، انما الأمر يتعلق بالبعض يتمثل في رباعي من اعضاء المجلسين، مجلس الهيئة ومجلس ادارة الصندوق وقلة من خارج الهياكل يشنون حملة على العميد رئيس المجلس انطلقت منذ شهر نوفمبر 2008 ومازالت مستمرة ومتصاعدة الى الآن ويتوقع أن تتصعد أكثر في الأيام القادمة، فالموضوع يتعلق بحملة مغرضة أقاموها على التشويه والتشهير بذمة العميد المالية لأسباب انتخابوية وسياسوية. في المقابل حققنا جملة من المكاسب المتميزة تتجسم في الحصول على التأمين الصحي للمحامين، هذا المطلب الذي نادى به المحامون منذ سنة 1963، وأيضا توسيع مجال عمل المحامي وذلك بأن أصبحت نيابة المحامين وجوبية في جميع القضايا الجزائية لدى محكمة التعقيب ولدى المحكمة العقارية، ومن جهة أخرى تمليك الهيئة الوطنية للمحامين بنادي سكرة ويتمثل في عقار يمسح حوالي 7000 متر مربع بقية 4 مليارات.. * ماذا عن جلسة 6 نوفمبر الجاري الذي أسالت الكثير من الحبر؟ ـ إن ما سمي بجلسة يوم 6 نوفمبر لا تكتسي أية صبغة قانونية وانما تأخذ صفة اجتماع عدد من المحامين لا صفة لهم، فقد حولوا جلسة تأديب الى جلسة مجلس هيئة فجأة دون توفر شروط عقد الجلسة. ويومها افتكت صلاحيات العميد ونصب الكاتب العام للهيئة رئيسا لها، ولم يقم العميد باجراءات انعقادها باعداد جدول أعمالها وتوجيه الدعوة الى الاعضاء وهو ما لم يحصل اضافة الى الاعتداءات الشنيعة التي تسلطت على العميد من عضوين. * ولكن ماذا عن القرارات التي اتخذت في هذه الجلسة التي يؤكد الممضون عليها عدم التراجع فيها البتة؟ ـ الأعضاء الذين أمضوا ما كتب يوم 6 نوفمبر يعتبرونها قرارات وهذا غير صحيح لأنها فاقدة للشرعية ولا يمكن أن تنفذ وهم لا يستطيعون ذلك فعليا وقانونيا وإني الآن أمارس مهامي كاملة ولا يستطيع أحد أن يثنيني عن ذلك ماعدا السيارة التي افتكها 3 اعضاء من السائق على أن السيارة والهاتف وسائل لا تعنيني.. * سيد العميد هناك من يعتبركم «انفراديا» في اتخاذ القرارات؟ ـ كل أنواع التصرف واصدار القرارات والتسيير الحقيقي صادرة عن مجلس الهيئة ومجلس ادارة الصندوق واتحدى أيا كان من الهياكل أو من خارجها أن يأتي بقرار واحد صدر بصفة فردية عن العميد… * لماذا اقترحتم الأستاذ سمير العبدلي لتمثيل العمادة في المجلس الاقتصادي والاجتماعي دون الرجوع الى الهيئة؟ ـ هذا الموضوع أبسط ما يتصوره الانسان، واتخاذهم له ذريعة لا تجديهم نفعا، فعميد المحامين هو الذي يمثل الهيئة الوطنية بجميع هياكلها وكافة المحامين عملا بأحكام قانون المهنة وخاصة الفصلين 48 و62 وكذلك النظام الداخلي وهذا الاقتراح يدخل في التمثيلية ويمكن لي أن أمارس بنفسي هذه التمثيلية أو أكلف زميلا، وهو أيضا اقتراح وليس بتسمية لأن الجهة الرسمية هي التي تقرر أن يقبل اقتراحي أو لا ويصدر بأمر في الرائد الرسمي.. وقد طالبتني الجهة الرسمية بأن أقدم اقتراحا في الغرض، وكان المجلس في عطلة لأنه سيصدر بشأنها أمر لسيادة رئيس الجمهورية. وأن سبب اقتراحي للاستاذ سمير العبدلي يرجع الى كفاءة الرجل العلمية والمهنية واختصاصاته المتعددة وعرف زيادة عن ذلك أخلاقه الفاضلة والانضباط المهني والدفاع عن المحاماة في تونس وفي المحافل الدولية.. * ما هو ردكم على اتهامكم بالفساد المالي؟ ـ انها خرافة وليدة حملة سياسوية وانتخابوية، ومن يقوم بهذه الحملة التشويهية والتشهيرية طعنا في ذمة عميدهم يعرفون أنهم شركاء في التصرف والتسيير ونسوا أو تناسوا أنه لو صح ما يزعمون فإن المسؤولية تشملهم مثلما تشمل العميد، فقد بدأوا حملتهم في 11 نوفمبر 2008 برسالة انطلقت من السيدة أمينة مال الهيئة بزعم إلغاء اعضائها من العميد والحال ان الامضاء قد ألغاه الأمر المنظم بالصندوق واجتماع مجلس الصندوق يوم 29 جويلية 2008 وحسب اعترافها بنفسها في محضر جلسة هيئة المحامين. وقد جاء الحق وزهق الباطل بأن تقارير مراقبي الحسابات والرقابة الداخلية التي نسلمكم نسخا منها تشهد حرفيا صحة التصرف الاداري والمالي وحسن التسيير ونجاح الصندوق.. * ألا يعدّ هذا تصعيدا منكم؟ ـ عكس ما تقول فإن كان هناك تصعيد فهم من قاموا بذلك، لأنهم واصلوا حملتهم لما أغلقت في وجوههم خرافة سوء التصرف المالي والاداري بتقارير مراقبي الحسابات والرقابة الداخلية التي أثبتت حسن التسيير وصحة التصرف، وأغلق أمامهم ايضا باب التشويه بالنسبة لاستقلالية العميد التي برزت ناصعة ولا شك فيها، اختلقوا تعلات جديدة فهجموا على مؤسسة العمادة بجلسة يوم 6/11/2009 في محاولة لا أخلاقية ولا قانونية لتجريد العميد من صلاحياته واغتصاب الشرعية وحبّروا مكتوبا أسموه محضر جلسة في حين أنه لا يساوي شيئا لأن ما قاموا به هو خروج عن القانون وعن أخلاقيات المهنة وعن تقاليدها.. * وماذا عن الحديث عن تسييس القطاع من جانبكم؟ ـ اتحدى من يدعي أن العميد قد سيّس القطاع فليأتي بمثال واحد على ذلك، واعتقد جازما أن هيئة المحامين ليست حزبا سياسيا، انما هي نقابة مهنية تدافع عن منظوريها وعن سيادة القانون وحقوق الانسان والحريات، لكن لا يمكن لها أن تتقمص مهام الاحزاب أو تتجاوز الحدود المألوفة والمعمول بها في جميع هيئات المحامين في العالم على أن هذا لا يمنع أي محام من أن تكون له قناعات سياسية أو أن يكون منتميا لحزب أو جهة سياسية بحيث لا يمكن أن نجرد المحامين من قناعاتهم.. * هل يمكن أن تؤثر الأزمة الحالية في علاقتكم مع السلطة التي يصفها البعض بالـ«جيدة»؟ ـ لا أعتقد، علاقتنا ايجابية يسودها الاحترام المتبادل بين هيئة المحامين والسلطة ونأمل أن تتوطد هذه العلاقة أكثر وأن يستمر الحوار والتفاوض حول أوضاع المحامين حتى نحقق المزيد من المكاسب ويستمر النسق الاصلاحي الذي تحقق بنضالات المحامين وباستجابة من سيادة رئيس الجمهورية ووزارة العدل واعتقد أنه عندما يحصل التفهم والاحترام من الجانبين يكون ذلك في مصلحة المحامين ومصلحة البلاد. * هل هناك بوادر صلح أو وئام تعيد الأمور الى نصابها داخل الهيئة؟ ـ بالنسبة لي ليس لدي ما أساهم به فيما يقال عن وئام أو صلح لأني لم أتجاوز حدودي ولم أتوجه لأي عضو منهم بما يتجاوز القانون أو الأخلاق، لكن هم الذين تسببوا في خلق هذه الاشكاليات طوال سنة كاملة، فإن صوبوا مواقفهم وتخلوا عن اخطائهم واعتداءاتهم على الشرعية فأهلا وسهلا بهم، وعلى أية حال فقد أقمنا مجلس التأديب يوم الجمعة 20 نوفمبر الجاري وقام بأشغاله دون أي تعطيل وحضره كل الاعضاء ومارسوا مهامهم جميعا.. * أخيرا، هناك من يعتبر هذه الأزمة «تسخينات» ما قبل تجديد الهياكل وهو ما قد يمس بهياكل المهنة ويضرّ بها، ما رأيكم؟ ـ أؤكد لكم أننا سنحافظ ونضمن سير دواليب المهنة، وانني لن أسمح لمن يريد أن يعطلها أو يحدث فيها اضطرابا وأن ما يشاع من خشية على سير مرفق المحامين لا أساس له من الصحة، أما الموضوع الانتخابي فأعتقد أن من حق كل محام أو محامية أن يترشح لأي موقع في الهياكل، لكن مطلوب منه ألا يحاول المس بأخلاقيات المهنة أو بهياكلها أو بسمعة المحامين والمحاميات. أجرى الحوار: أيمن الزمالي (المصدر: جريدة الصباح ( يومية – تونس) بتاريخ 24 نوفمبر 2009 )
أكثر من 90% من الإصابات بالأنفلونزا لا تتطلب الذهاب إلى المستشفى
تونس – الصّباح: بعد الارتفاع في درجة انتشار فيروس AH1N1 إلى مرحلة الانتشار السريع، ارتفعت بدورها حالة الخوف والهلع في صفوف الكثيرين. وأصبحت الخطوط الأمامية في قطاع الصحة لا سيما مراكز الصحة الأساسية تعرف يوميا ضغطا شديدا وتوافد أعداد كبيرة من المواطنين ممن يشتبه في إصابتهم بالفيروس مطالبين بالخضوع إلى التحاليل وإلى الإقامة في المستشفى لتلقي العلاج. تقول مصادر وزارة الصحة بهذا الشأن أن أغلب حالات الإصابة بالفيروس هي حالات عادية مشابهة للإصابة بالقريب العادية وجل الحالات لا تتطلب الخضوع إلى التحاليل ولا للإقامة في المستشفي بل يمكن التداوي ذاتيا باستعمال الأدوية العادية وبالاتصال بالطبيب المباشر. يضيف السيد حسن بن ابراهيم مكلف بإدارة التقييم والتدقيق بوزارة الصحة أن التوافد بكثافة على المستوصفات من شأنه الإضرار بقدرتها على متابعة الحالات التي تستحق فعلا المتابعة وإجراء التلاقيح وهي الحالات التي تضم أصحاب الأمراض المزمنة والحوامل والأطفال…كما أن التوافد دون موجب على مراكز الصحة الأساسية وعلى الخطوط الأمامية للصحة سيساهم في مزيد انتشار الفيروس. بين أيضا السيد حسن بن ابر اهيم أن حوالي 90 بالمائة من حالات الإصابة بالفيروس تكون عادية ودون خطورة تذكر ويكون علاج هذه الحالات في المنزل مع أخذ الاحتياطات الضرورية لعزل المريض عن محيطه وعائلته لمنع انتشار العدوى. في المقابل نجد حوالي 10 بالمائة فقط من الحالات تستوجب المتابعة واللجوء إلى الأقسام في المستشفيات حيث وفرت الوزارة الإجراءات الضرورية للتعهد بالحالات والحد من انتشار العدوى داخل المستشفي . وأشار السيد حسن بن ابراهيم إلى أن العلامات الخطيرة التي تستوجب التوجه إلى مراكز الصحة أو المستشفيات تتمثل في تواصل ارتفاع درجات حرارة الجسم وتزايد معدلاتها بعد انقضاء 3 أيام ووجود آلام وصداع شديدين في الرأس مع بروز علامات تنفس بصعوبة لدى المصاب «يلهث» وبالنسبة إلى الرضيع تتمثل الحالات الخطيرة في نقص الرضاعة لدى الطفل أو الانقطاع عنها تماما… وتعتبر هذه الحالات فقط تحتاج إلى الاتصال بالمراكز الصحية القريبة وما عدا ذلك فهي حالات إصابة عادية تخضع للمداواة في المنزل. منى اليحياوي (المصدر: جريدة الصباح ( يومية – تونس) بتاريخ 24 نوفمبر 2009 )
تقييد حرية الصحافة والصحافيين في تونس
توفيق المديني في الوقت الذي تعيش فيه البلدان التي تتوافر فيها الحرية، وفرة زائدة في المعلومات، وإعلاماً حراً، تعيش البلدان التي يحجز فيها الإعلامي، ويسجن فيها الصحافي، نقصا حقيقياً في الإعلام بل تزييفاً له.وهذا هوواقع الإعلام في تونس ، فما عادت خافية على أحد سيطرة حزب » التجمع الدستوري الديمقراطي « الحاكم، وقبله »الحزب الاشتراكي الدستوري « على أجهزة الدولة، ومن ضمنها منابر الإعلام، حيث أضحت هذه المؤسسات الإعلامية تابعة للحزب، خادمة لأغراضه عوضاً عن أن تكون لفائدة الشعب، فأصبح مصدر الخبر الواحد، هو الحزب / السلطة. ورغم النداءات العديدة المطالبة بـ »دمقرطة« الإعلام.. إذ لا ديمقراطية بلا إعلام نزيه ومحايد.. فإن المكبلات القانونية والسياسية تجعل من الإعلام التونسي جسداً بلا روح. بعد ملابسات الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي جرت في تونس يوم 25 أكتوبر الماضي ، والتي كانت موضوع انتقادكبير من جانب صحف المعارضة التونسيةغير المعترف بها رسميا، ومن جانب الصحافيين التونسيين المؤمنيين بحرية الكلمة ، تعرضت صحافة المعارضة القانونية في تونس لحملة جديدة من المضايقات على صدورها و عملية توزيعها. فقد قامت ثلاث صحف معارضة هي : »الموقف « الناطقة باسم الحزب الديمقراطي التقدمي، وصحيفة «الطريق الجديد »لسان حركة التجديد (الحزب الشيوعي سابقاً )، و« مواطنون» لسان حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات ، بالاحتجاب عن الصدور ، احتجاجاً على ما ذكرت بأنها« تضييقات مستمرّة تتعرّض لها من طرف الحكومة». ويأتي هذا الاحتجاب عن الصدور من جانب صحف المعارضة يوم 14 نوفمبر الجاري ، و لمدة أسبوع كامل ، ردّاً على قرار جديد اتخذ ته السلطات التونسية ،ويقضي بإشعار مديري المطابع المعنية بالامتناع عن تسليم أي نسخة من الصحف الثلاث إلى أصحاب الصحيفة، الأمر الذي اعتبرته صحف المعارضة هذه بأن ذلك الإجراء «قد أجبر المطابع على التكفل بإيصالها رأسا إلى شركة التوزيع التونسية الرسمية ، ما يفتح الباب أمام التلاعب بالتوزيع واللجوء إلى الحجز المقنع». والحال هذه قرّرت هذه الصحف المعارضة خوض حملة جماعية كإنذار عام لإقناع السلطات بالتخفيف من قيودها على صحف المعارضة. وكانت «الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان» أدانت من جهتها ما يحدث في تونس واعتبرته «اضطهاداً مستمراً لحريات التعبير والصحافة». لقد كان مصير الصحف والمجلات في تونس هو القتل بالسلاح الصامت وطي صفحاتها طيلة عقد التسعينات، والأسباب إن تعددت فهي معروفة للجميع. فكيف يمكن لمعارضة لا تصدر صحفهابانتظام ، أو تحجب صحفها في حال انتقدت الحكومة ، لها أن تشكل رأياً عاماً ملتفاً حولها، أو تكون نداً متكافئاً مع الحزب الحاكم ؟. و كانت السلطات التونسية شددت الخناق و التضييق على حرية الصحافة و الصحافيين خلال حملة الانتخابات الرئاسية، فتم سجن الصحافيين التونسيين توفيق بن بريك وزهير مخلوف، وسليم بوخذير و اسماعيل دبارة، ومحمد الحمروني، على خلفية مقالاتهم السياسية الانتقادية اثناء الحملة الانتخابية الأخيرة. ويتعرض الصحافي توفيق بن بريك لمحاكمة سياسية – بعد أن تعودت السلطات التونسية على تلفيق قضايا مفتعلة ضد معارضيها السياسيين، و إلباس قضايا الرأي لباس القضايا الجنائية -هي في حقيقتها محاكمة كيدية، الهدف منها تكميم الأفواه في تونس. وهذا ما جعل وزير الخارجية الفرنسية برنار كوشنير يعبر الأسبوع الماضي عن «خيبة أمل بلاده إزاء توقيف صحافيين »، إذ طالب تونس بـ«الإفراج فوراً عن الصحافي توفيق بن بريك »صاحب الكتابات المنتقدة للرئيس بن علي. كما انتقد الحزب الاشتراكي الفرنسي «معاملة تونس للصحافيين المستقلين». وبالمقابل هاجم الرئيس بن علي خلال الخطاب الذي ألقاه الخميس الماضي بمناسبة أدائه للقسم، بشدة معارضيه واتهمهم بـ«اللجوء إلى الخارج والاستقواء بالأجنبي على حساب مصالح بلادهم» ،وأضاف :« يخال بعض الأفراد أن الصفات التي يمنحونها لأنفسهم تتيح لهم مخالفة قوانين البلاد والإساءة إليها». في الواقع، إن هدف السلطة التونسية هو خنق التعددية الإعلامية التي تفسح في المجال للنقاش الفكري و السياسي والثقافي في الصحافة التونسية، وخنق الثقافة واستئصال معانيها أو سلبها أيضاً، وهو ما يعني غياب الرأي والرأي الآخر في القضايا الوطنية الكبرى التي تهم واقع البلاد ومستقبلها. وحيثما تتم عملية خنق الثقافة و الإعلام والرأي الآخر، تتم السيطرة الكلية الاستبدادية على المجتمع وتطوره الداخلي، ذلك لأن الثقافة و الإعلام الديمقراطي في جوهرهما نقيضان للتحكم الاستبدادي بالمجتمع. الثقافة والرأي الآخر يمكنان المجتمع من ترسيخ حرية الحقيقة واكتشافها، حيث أن مصلحة الحقيقة تستلزم تعدد الآراء حتى لا تظل الديمقراطية حبيسة قاع بئرها، فكيف لسلطة تقوم على قمع هاتين القيمتين أن تنظر إلى الثقافة والرأي الآخر بعين الرضا ؟ حين تماهي الصحافة التونسية السلطة التونسية بالاستبداد تفقد صدقيتها، وحين يسود النفاق والكذب عقول الصحفيين، تتخلى الصحافة عن دورها التقليدي في الدفاع عن حرية الخبر، وحق الاختلاف، وممارسة النقد، وهذا هو حال الصحافة التونسية الرسمية أو التي تدور في فلك السلطة ، التي نقصت فيها المساحات المخصصة للتحليل السياسي واحتضان الآراء والمواقف الفكرية المختلفة مع مواقف وآراء السلطة إلى حد العدم، فضلاً عن ممارستها رقابة ذاتية صارمة للأخبار والمواقف التي ترى أنها لا تنسجم بشكل أو بآخر مع سياسة الدولة. وهكذا أصبحت الصحف المستقلة، وصحف المعارضة لا تختلف من حيث خطابها وأدائها الإعلامي عن صحف الحكومة وصحف الحزب الحاكم. لقد بات على السلطات التونسية نفسها أن تعترف بفساد الأوضاع القائمة في تونس، وبتحملها مسؤولية فعلية في أزمة الصحافة التونسية، لأن الصحافة لا تنمو ولا تزدهر إلا إذا توافرت الشروط الكفيلة بتحقيق الانفراج السياسي في البلاد، وضمان حيادية الإدارة، ونزاهة الانتخابات، وتكريس مبدأ المعاملة السوية والندية بين مكونات المجتمع المدني، وسيادة أجواء القانون والحرية. كما أن التعددية الإعلامية، والمنافسة تشكلان اليوم بالون الأوكسجين الإعلامي للإنسانية: المنافسة بين الأخبار، والمنافسة بين الصحف، والمنافسة بين الأفكار السياسية و الإيديولوجية، والمنافسة بين السلطة والمعارضة، بوصفهما قطبين جدليين يحمل كل منهما إمكانية أن يصير الآخر. كاتب من تونس (صحيفة أوان(يومية كويتية) الرأي ، العدد:731 بتاريخ 24 نوفمبر 2009 )
مطالبة فرنسا بالاعتذار والتعويضات عن فترة الاحتلال البغيض منقوصة.. وحق أريد به باطل
عبدالباقي خليفة (*) أخيرا شعر البعض مثل أحمد الاينوبلي بأن فرنسا احتلت تونس وسامت شعبها سوء العذاب منذ 1881 م وحتى 1956 م ، وعندها فقط ، توقف الاحتلال الفرنسي . بينما هو في الواقع ، لا يزال مستمرا حتى اليوم . فيما لا يزال البعض الآخر يعتقد بأن لبن علي مشروعا ، وهذا المشروع يحتاج لأن يضحى بالبلاد والشعب ، والتاريخ والحاضر والمستقبل ، حتى يتربع أمثال منذر ثابت على تلها . وتونس هي الفردوس الأرضي الذي حلم به الشيوعيون ولم يحققوه ، حتى وإن توهموا ذلك ، وفق الصغير / بسيس . وبن علي الذي لا يستطيع الخروج عن النص الذي يكتب له ، يصبح في نظر جميع هؤلاء سبينوزا ، وكانت ، وديكارت ، بل هو عصارة الفلسفة على مر العصور، حتى وإن كان لا يعرف إن كان ابن خلدون حيا أو ميتا . أوما إذا كان هناك فرق بين القيمة وفائض القيمة . وأتحدى إن كان يعرف ماذا تعني كلمة مواطن ومواطنة في تعريفهما السيسولوجي والسياسي . ومع ذلك يبقى الضرورة ، والضمانة ، وشرط رفع التحديات !!! نضع هذا في مقدمة تعاطينا المختصرمع الجدل البيزنطي الدائر حول قضية بن بريك والتي غيرت موقف فرنسا من دعوة الشعب إلى الاكتفاء بالأكل والدواء ،على حد تعبير الرئيس الفرنسي الاسبق جاك شيراك في زيارته المشؤومة لتونس ، ولم يقل أحد آنذاك لا بن علي ، ولا الاينوبلي ، ولا الأبواق التابعة للسلطة بشكل مباشر أوغير مباشر أن هذا تدخل في الشؤون الداخلية لتونس ، بل كان هناك ترحيب بهذا التدخل السافر والذي يؤكد بأن تونس لا تزال دولة محتلة . بل تفتخر السلطة بأن فرنسا الرسمية معهم ويعلنون ذلك ، فما الذي تغير ؟ كيف يقبلون بتدخل فرنسا في الشؤون التونسية عندما تكون لصالحهم ، ويرفضون ذلك عندما تدافع فرنسا عن بن بريك . ومع وقوفنا إلى جانب توفيق بن بريك ، ونقولها بدون مواربة ومن منطلق مبدئي ، نرفض في الوقت نفسه سياسة التمييز السياسي والثقافي التي تمارسها فرنسا في تونس . فلم تتدخل فرنسا ولو مرة واحدة لرفع الظلم عن الاسلاميين . بل لم نرها واضحة في موقفها ، كما هو الحال في قضية بن بريك ، فهل هي استفاقة متأخرة ، وعودة الحياة لضمير فرنسا ، أم هي سياسة الكيل بمكيالين كما يبدو !!! وهل فرنسا دولة لائكية حقا ، أم أن تاريخها الكاثوليكي هو الذي يحركها بشكل مباشر أو غير مباشر ، ويبدو ذلك من خلال مواقفها التي تطفو على السطح فجأة ، كما تثار غرائز الحيوان الفطرية ، المنتزع من بيئته الطبيعية ، والمدرب على أعمال ليست من طبيعته ، كذلك القط الذي علمه صاحبه الامساك بشمعة أثناء الأكل ولكنه ألقى بها عندما رأى فأرا ، وجرى خلف فريسته التي يرها لأول مرة في حياته ، تاركا ما تعلمه من مدربه ومربيه ، مؤكدا على الطبع يغلب التطبع ، كما يقولون . لم يخطئ الابنودي في مطالبة فرنسا بالاعتذار والتعويض ، ولكن مطالبته كانت متأخرة جدا ، وليس لها علاقة باحتلال فرنسا لتونس ، ولا بالجرائم التي ارتكبتها بحق تونس وشعبها ، بل بحق شعوب المغرب الاسلامي ، والمشرق العربي مثل سوريا ولبنان وغيرها من الأقطار التي شنت فرنسا ضدها عدوان سواء في افريقيا وآسيا أو غيرها . وقد تساءلت في وقت سابق وقبل أكثر من عام عن سبب سكوت نظامي تونس والمغرب عن قضية الاعتذار والتعويض عكس الحكومة الجزائرية التي تطالب فرنسا بالاعتذار والتعويضات . وقد بدأت فرنسا في تقديم تعويضات رمزية مختزلة لضحايا تجاربها النووية في الجزائر . لست من الذين يعيبون على الابنودي مطالبته باعتذار فرنسي، وتقديم تعويضات كما فعلت ايطاليا مع ليبيا . ولكن من الذين يسألون الاينوبلي وأمثاله عن التوقيت ولماذا لم يفعل ذلك من قبل ، وما علاقة قضية بن بريك وموقف فرنسا من مشاكسة الاينوبلي . ولماذا لم يطلب الأخير من السلطات التونسية إعداد ملفات بهذا الخصوص والتقدم رسميا بطلب التعويضات بدل ركوب موجة موهومة في قضية مصطنعة . ونحن أول من يؤيد أي طلب رسمي بهذا الخصوص ، كما فعلت الجزائر . وقبل أن نطالب فرنسا بتقديم تعويضات ، لا بد من اصلاح بيتنا الداخلي ، فالاحتلال والاستبداد وجهان لعملة واحدة ، بل يتبادلان المنافع كما هو الحال في واقع العالم اليوم ، والبلدان العربية أكبر مثال على ذلك . فالاستبداد كالاحتلال يمثل سلبا للحرية والارادة والحق في الحياة الطبيعية ، وما يعيشه الدكتور الصادق شورو والدكتور منصف بن سالم والصحافي عبد الله الزواري ، والصحافي سليم بوخذير ، وتوفيق بن بريك وزهير مخلوف ، ومحمد النوري ، وعبدالكريم الهاروني ، ومية الجريبي ورشيد خشانة ومنجي اللوز وسهام بن سدرين وغيرهم أكبر دليل ذلك . كان على الأينوبلي ومنذر ثابت وغيرهما أن يطالبوا أولا بتسوية الوضع الداخلي ، والاعتذار عن الارهاب الذي مارسته سلطة بن علي بحق المعارضة بأطيافها المختلفة الاسلامية واليسارية وغيرها ، وتقديم التعويضات للذين سجنوا ظلما ، وعذبوا غيلة ، وهجروا حقدا وكراهية . وعندها تستطيع تونس أن تطالب بحقوقها وبالاعتذار وبالتعويضات دون رهبة أو خوف أو استحياء . كما فعل نظام بن علي في قضية بن بريك ، حيث لجأ » للاتحاد المغاربي » ( الجسم الميت ) و » الاتحاد الافريقي » ( الجسم الهلامي ) ليدافع عن تونس في وجه تدخل فرنسا في شئون تونس الداخلية . والسؤال لماذا لم يشتكي نظام 7 نوفمبر إلى الامم المتحدة ومجلس الأمن ، ولماذا لم يشتكي للجامعة العربية ، ومنظمة المؤتمر الاسلامي ، وهي مؤسسات أكثر فعالية من » الاتحاد المغاربي » المقتول ، و » الاتحاد الافريقي » عديم الفعالية ، المشلول ؟!!! ولا شك فإن لجوء نظام بن علي إلى هذين الكيانين الكسيحين دون بقية الكيانات والتي ليست أفضل حالا ، ولكنها ( أكثر تمثيلية ) يعني عدة أمور : 1 ) أن النظام لا يريد الدخول في خصومة مع فرنسا وهو ما تضمنه بيان وزارة الخارجية التونسية . والذي وصف فرنسا بالدولة الصديقة . وكانت عباراته منتقاة بكل تهذيب كما يفعل الطالب النجيب مع أستاذه القادر على أن يرسبه في الامتحان . 2 ) أن النظام أراد أن يلفت نظر فرنسا إلى إن لديه وسائل للدفاع عن نفسه ، وإنه يمكن أن يلجأ لمؤسسات أخرى … ولكن هذه تحتاج إلى شجاعة يفتقدها النظام في تونس . 3 ) ربما أراد النظام أن يؤكد بأن ليس لديه توجهات عروبية ولا اسلامية من خلال عدم اللجوء للجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي . وبالتالي يستجدي شفقة فرنسا ، التي يعتبرها أقرب إليه من العرب والمسلمين جميعا ، وهي مرجعيته المشوهة والممسوخة سياسيا وثقافيا . ويمثل عبدالمجيد الشرفي ، والنخبة المسيطرة على الجامعة التونسية خزان المجاري والنفايات الفرنسية . وضررها على تونس لا يقل عن نتائج التجارب النووية الفرنسية في صحراء الجزائر في بداية ستينات القرن الماضي . أخيرا فإن محنة تونس مع فرنسا لا تزال متواصلة ، وبالتالي لا يمكن أن نطالب باعتذار فرنسا عن فترة الاحتلال والاحتلال لا يزال قائما . إذ يجب أن نناضل من أجل تحرير تونس أولا ، وتحقيق الاستقلال السياسي والاستقلال الثقافي ، والاستقلال الاقتصادي ، والاستقلال اللغوي والتعليمي أولا ، ومن ثم نطالب بالاعتذار والتعويض . وغير ذلك هو استمرار لعملية التزييف التي يمارسها منذر ثابت وغيره ، عندما يحاول الايهام بأن الأقدارأو الماديتين الديالكتيكية والتاريخية اللتان انحازتا لليبرالية مثله تستوجب قيام نظام حداثي وديمقراطي على غرار ما يجري في تونس . مع علمه بأن الديكتاتورية لا تصنع حداثة ، ولا تقيم ديمقراطية بل تعيد انتاج نفسها . وأن الديمقراطية يمكنها صنع الحداثة من خلال التجربة ، وهو ما أثبتته حتى التطورات الاوروبية ، وإن كان لها مسارها الخاص في هذا السياق . ونحن هنا نؤكد بأن منذر ثابت ، وبرهان بسيس ، وأبوبكر الصغير ، وحتى عبد المجيد الشرفي وغيرهم لا يمثلون تيارا فكريا ، ولا ايديولوجية ، وإنما هي قوادة فكرية وسياسية ، وبالتالي هم يمثلون أنفسهم ومصالحهم الخاصة ، وتحقيق مكاسب شخصية على حساب الشعب والماضي والحاضر والمستقبل . ووجود ديمقراطية حقيقية في البلاد تعد خطرا على مصالحهم الخاصة ، ولذلك يقومون بفلسفة الاستبداد ، كما لو أنه حداثة وديمقراطية وأمن واستقرار ، لاستمرار تلك المصالح . (*) كاتب وصحافي تونسي (المصدر: « الحوار.نت » (محجوب في تونس) بتاريخ 23 نوفمبر 2009)
البديل موقع حزب العمال الشيوعي التونسي
الدكتاتورية تحفر قبرها بيدها
إلى كل الذين سمّوا الأشياء بأسمائها وفضحوا عريّ هذا النظام ونشروا فضائح المهزلة الانتخابية، فكانوا ضحية القمع الممنهج والاعتداءات المتكررة والقضايا الملفقة. أقول لكم ان الكلمة الحرة لا تكبّل. فلا شئ يعود… لكن الأشياء تستعاد. والوطن الجريح المنتهب والمغتال على مآدب « الطرابلسية » و »الماطري »… بأمس الحاجة إلى كل صوت وقلم حرّ فالطريق ما تزال طويلة ومازال في النضال ألف باب لم يفتح بعد، وعلى القوى الديمقراطية استيعاب الدرس هذه المرة والعمل على توحيد صفوفها لعزل الديكتاتورية وتشديد الخناق من حولها. فدولة 7-11، دولة الاستباحة السياسية بماهي اغتصاب وعنف وإرهاب وقتل… دولة تجعل الواحد منّا يستعيد عصور محاكم التفتيش التي دخلت عند الغرب في ذمّة التاريخ الأسود. لكن شبحها اليوم يخيم بظلاله الرهيبة على مقرات وأقبية وزنزانات وحتى الشوارع في دولة بن علي رائد التغيير. ولعل الهجمة المسعورة التي شنتها السلطة على رموز المعارضة التونسية ومنظمات المجتمع المدني المستقلة والصحفيين والطلبة… وما تمارسه من أساليب قمع واعتداءات ومحاصرة وافتعال القضايا ضدّهم… لا تطل بنا على عصور الظلمة بقدر ما تؤكد لنا مدى الاستهانة الحيوانية بالمواطن. هو الانحطاط إذن؟ انحطاط هذا النظام الفاشي وعجزه عن تقديم حلول لمشاكل الشعب. فقد أدّت خيارات السلطة في ظل أزمة اقتصادية واجتماعية إلى تفاقم التناقضات الطبقية، وهو ما أدّى إلى تردّي أوضاع الشعب وتسريح عديد العمال ممّا زاد في نسبة البطالة وارتفاع وتيرة الاستغلال والنهب والفساد والمحسوبية. ولذا ما انفكت السلطة والأقلية المافيوزية تدفع إلى تصعيد القمع حفاظا على مصالحها وعلى كيانها. فبن علي وحاشيته لا مصلحة لهم في الديمقراطية والحرية… بل إن مصالحهم تكمن في القمع وتعزيز دولة البوليس. الفاشية تدق طبولها في اللحظة الراهنة، تشهر عصاها في وجه كل معارض وكل ناقد وحتى في وجه أيّ مواطن عادي خرج عن مدارها وعن جداول قانون النظام. البعض سيسأل: كيف سنوقف زحف هذا الوحش؟ وسيجيب البعض: سؤال بلا معنى في أزمنة العجز والتهميش. وآخر يردّد ما تقوله السلطة. فبن علي وحزبه سخّروا وسائل الإعلام والصحافة وحتى الفكر لصالح دولة القمع والفساد. وهذه الوسائل سخرها للتمجيد الديماغوجي لنزاهة السلطة المطلقة ومؤسساتها وبرامجها السياسية والثقافية والنقد مصادر سلفًا، وحرية التعبير مدرجة في جدول الممنوعات لدى السلطة. لكن الشعب الذي يسمع، ويرى، وينجرح، ويتأوّه ويصمت… لم يعد ينطلي عليه هذا الخطاب. يقول الفلاسفة: « إذا ما أدرك الناس الحقيقة إنهار عرش السلطان »، من أجل ذلك يلاحق الديمقراطيون والصحافيون والمعارضون، لأنهم رفضوا التواطؤ ضدّ مصالح الشعب والبلاد واختاروا أن يدفعوا ضريبة الدفاع عن الحرية والكرامة، فتجرّعوا مرارة عذاب السجن والملاحقة والهرسلة ثمنا لمواقفهم الشجاعة وفضحهم خزي هذا النظام وكشفهم ما وراء كواليس المهزلة الانتخابية والمتمرغين في مستنقع الوحل الفاشي. ففي هذا المنعطف الحاد القريب من الهاوية تمثل صحوة الشعب في جذورها تهديدا لـ »عرش السلطان ». الكل يدرك، حتى بن علي، أن وراء هذا الصمت الإرادي والمتفق عليه وهذا الخوف واللامبالاة، تكمن رغبة، ستجعل الشعب يثور على الصمت، دفاعا عن حريته المغتصبة وعن حقه في حياة كريمة. سيثور تطهيرا لرعشة الضمير، سيُضرب عن المقاهي والملاعب والحانات… سيُضرب عن الخوف واللامبالاة وسيخرُج إلى الشارع احتجاجا وهذه المرة لن يُضرب عن الكلام. إن السلطة تخشى هذا اليوم. اليوم الذي يسئم فيه الصمت هذا الصمت، تخشى أن يتكلم الشعب وأن يسأل « من أين لكم هذا؟ ». ثمّة حقائق في هذا الوطن النازف يراها الجميع بسطوع العيون، كالفساد والقمع ونهب أموال الشعب وتدهور القدرة الشرائية وارتفاع نسبة البطالة… في ظل دكتاتورية قائمة على الحكم الفردي يزداد فيها الأغنياء غنى والفقراء فقرا. لذا فإن السلطة اليوم بدأت تدرك المأزق الذي وضعت نفسها فيه. فهي بدأت تحفر قبرها بيدها، وتعجّل من انهيارها رغم التصعيد القمعي المستمر. فالصحافة والإعلام المستقل في تونس لعبا دورا هاما وبارزا في توعية الشعب ونشر حقائق عجزْ هذا النظام وفضح ممارساته. فقد قامت بتغطية عديد الأحداث الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ومواكبة تطوراتها ونتائجها… (أحداث الحوض المنجمي وأزمة البطالة، الأزمة المالية، انتخابات 2009…). وهو ما جعل السلطة تعيد النظر في حساباتها، ولعل الانقلاب على نقابة الصحافيين كان الخطوة الأولى والدليل القاطع على محاولة السلطة مسخَ الصحافة المستقلة وتعهير الكلمة الحرّة بشتى الطرق حتى ولو كان بسوط الجلاد السياسي. ولاستكمال « فصول الانقلاب » نصّبت « صحفيين » عبدة نظام وكتاب بلاط إنضوا في موكب السلطة يطبلون ويزمرون على إيقاعها. فماذا ننتظر من قطيع السلطة هذا بقيادة جمال الكرماوي غير الحديث عن عبقرية بن علي في خطابه وتمجيد قدرته على تحويل الفرحة إلى « عرس ». وعن قصد ونسيان وتواطئا منهم لم يذكروا جوع الشعب في الوقت الذي ينفق فيه بن علي وذويه الأموال في الدعاية لمسرحيته السخيفة، لم يذكروا التزوير والفساد والقمع… لكنهم كانوا في الموعد لشنّ حملة تشويه وشتم وسباب ضدّ كل الذين رفضوا أن يكونوا مجرّد خرق بالية في بازار السلطة. في الحقيقة لا يمكن تسمية هؤلاء بالصحفيين فهم مرتزقة في سوق للبيع والشراء، سوق لتراكم الأرصدة في بورصة الضمائر المنحطة. سؤال طالما شغل بالي، ترى عندما تقفون أمام محكمة التاريخ وتُسألون: حين كان الشعب تحت السكين والبلاد مطروحة في سوق المزاد، عندما يرحل الشهداء بسرعة لأنهم رفعوا شعار الخبز والحرية والكرامة الوطنية، عندما بكت أمُ الحفناوي إبنها إلى الأبد، عندما ذرف الأطفال الدمع على الآباء في السجون، عندما… وعندما… وعندما… ماذا كنتم تفعلون؟ ترى بأي لسان ستجيبون؟ حريات… حريات… لا رئاسة مدى الحياة. (المصدر: « البديل »، لسان حال حزب العمال الشيوعي التونسي بتاريخ 23 نوفمبر 2009)
هل عملية الاستثمار في الكرة لتحقيق أهداف سياسية وراء ما جرى من تدمير للعلاقات بين البلدين؟
عبدالباقي خليفة في الامبراطورية الرومانية القديمة شاعت مقولة معناها » أعط الشعب الخبز واشغله في اللعب تبعده عن السياسة » وقيل بلسان رموز الاستبداد في العصر الحديث » لقد أبحنا لكم الخمر والزنا وسمحنا لكم باللعب والعبث ، فاتركوا لنا السياسة » .. ليس هناك دليل أكبرعلى تردي الأوضاع العربية الرسمية وتدني آفاقها على مختلف المستويات السياسية والاعلامية تحديدا ، من الحالة التي سبقت ورافقت وأعقبت مبارتا كرة القدم بين الفريقين الجزائري والمصري في كل من القاهرة والخرطوم . لقد تجاوز الحماس كل الخطوط الحمر إلى حد التعصب الأعمى من الفريقين . وهو ما يكشف عن أمراض خطيرة ومزمنة تعاني منها أمتنا ، ولا سيما الأقطار العربية مجسدة في مصر والجزائر . ولا يعني ذلك أن بقية البلدان لا توجد بها هكذا حزازات ، وهكذا حساسيات ، تذكرنا بملوك الطوائف في الأندلس . عندما كان بعض أولئك ( القادة ) يهنئون الافرنجة وقائديهما ، فرناندو وايزابيلا ، على تغلبهم مجتمعين على إمارة من تلك الإمارات المتفرقة والمشتتة والمنقسمة على نفسها بل المتنافسة والمتناحرة ، وهو ما رأيناه وإلى وقت قريب في العراق ، وفلسطين و » غزة » ، ولبنان !!! لقد أعاد التاريخ نفسه وسمعنا الممثلة المصرية ، صابرين ، والتي ليس لها من اسمها نصيب كما يبدو ، تقول على القناة المصرية » يجب أن نحتفل عندما تخرج الجزائر من المونديال » وطبعا ستخرج على يد فريق غير عربي ، أي عن طريق ( فرناندوا وايزابيلا جدد ، وإن كانوا لاعبي كرة قدم ) . ولم يكن ذلك موقفا فرديا بل جندت الحكومة المصرية جميع الفنانين وغير الفنانين ليضربوا على هذا الوتر ، بل أن المذيع كان أكثر تطرفا من ( صابرين ) فدعا الله أن لا يدخلوا المونديال أساسا !! الغضب المصري لم يكن من الجزائريين فحسب، بل من » العرب » الذين لم يبدوا ( تعاطفا ) مع مصرالرسمية ، كما لو أن مصر في حرب مع الكيان الصهيوني . وعبر بعض ممن استطلعت آراؤهم قبل المباراة ( ام بي سي ) ، عن رغبتهم في انتصار الفريق الجزائري . وسبب التعاطف العربي ، أو بالأحرى بعض العرب مع الجزائر وليس مصر ، هو الموقف المصري الرسمي من غزة ، وما جرى أثناء العدوان الصهيوني على القطاع ، ومحاصرة مليون ونصف المليون مسلم عربي في غزة حتى اليوم ، وتعذيب فلسطينيين في مخافر الداخلية المصرية ، إلى حد القتل كما حصل مع شقيق أحد قادة حماس ، وهو سامي أبو زهري . ولم يكن الموقف الجزائري بأفضل حال ، فقد زعموا أن هناك قتلى من الجزائريين بعد خسارة الفريق الجزائري في القاهرة ، وأنه تم » الاعتداء على اللاعبين الجزائريين عندما كانوا في طريقهم من المطار إلى الفندق » وأن » الفريق الجزائري لعب مقابلة القاهرة تحت ضغط الارهاب » وهو ما استنسخته الآلة الاعلامية المصرية الرسمية بعد مقابلة الخرطوم ، وزعمت أن هناك جرحى واعتداءات على الفريق المصري وعلى المشجعين المصريين ، بطريقة تبدو كما لو أن عدوانا جزائريا شن على المشجعين المصريين ، وهو مانفاه الجانب السوداني الذي ناله من البهتان الشئ الكثير ، وقد وصف السودان ب « البلد غير الآمن « وأن » السلطات السودانية قصرت في حماية الفريق المصري والمشجعين المصريين » لكن تلك الآلة سرعان ما تراجعت وكالت المديح للسودان ، بعد أن استدعت الخارجية السودانية سفير مصر لديها للاستفسار عن سبب ادخال السودان في التهريج والردح الاعلامي بين الجزائر ومصر الرسميتين ، وبعد أن شكر الرئيس حسني مبارك السودان . العجيب والغريب أن البلدين من أكثر البلدان التي تشهد حوادث عنف ، سقط فيها عشرات الضحايا ( … ) ولم نر كل هذا الهذيان الاعلامي والجنون العصبي . ففي البلدين تقع حوادث مميتة يذهب ضحيتها العشرات والميآت ، ولم نر هذا الهياج الأعمى وغير المسؤول ، سواء حوادث انهيارات المباني على رؤس ساكنيها ، أو صدام القطارات ، أوغرق البواخر بحمولتها من عباد الله . فكيف يسكت عن تلك الفضائع وتقام الدنيا ولا تقعد من أجل 9 أو حتى 20 مشجع تعرضوا لاعتداءات من الفريق الآخر . كما لو أن شوارع مصر والجزائر خالية من العنف والعنف المضاد . كما لو أن الجزائريين والمصريين معززين ومكرمين في بلدهم ، ونحن نعلم ما يحدث في سجون البلدين من انتهاكات بشعة تفوق ما حدث في أبو غريب وغوانتانامو على يد غير عرب وغير مسلمين . بينما الذين مارسوا تلك الفضائع من غير المسلمين ، لا يفعلون ذلك ببني جلدتهم ، ويفعل العرب ببني قطرهم ما لا يفعله الآخرون بأنفسهم . وقد عذب جزائريون ومصريون في غوانتانامو ولم نسمع أي رد فعل عن ذلك سواء في مصر أو الجزائر ، بل هناك مواطنون عرب نقلوا إلى دول عربية من أجل التعذيب ، ولم نسمع أي احتجاجات !!! لقد دافعت بريطانيا وكندا وفرنسا ودول أخرى عن مواطنيها المتجنسين ، والمتهمين بالارهاب ، ولم تفعل ذلك أي دولة عربية وتحديدا مصر والجزائر . ولذلك نقول للبلدين أوقفوا الضرب على وتر الوطن والوطنية الزائفة والمزيفة ، وكفى تدنيسا للوطنية الحقة ، فالانسان لا قيمة له عندكم ، ولا يختار من يحكمه ، وليس له حق التعبير والتنظيم ، وإذا سمح له ففي حدود وبمواصفات يحددها من لم يختاره الشعب ولم يخوله الشعب . وزعم ذلك ، كذب محض . ولأنهم لم يحركوا ساكنا وهم يرفعون مواطنيهم في مسالخ أقبية وزارة داخلياتهم ، ولم يتدخلوا لوقف تعذيب مواطنيهم في أوربا وأميركا ، يصبح من السماجة والدجل السياسي والاعلامي الزعم الغيرة على المشجعين المصريين والجزائريين ، وهم يلقون من العدوان من قبل رجال الدرك ، والأمن العام و، الأمن المركزي ، في بعض المقابلات الكروية الداخلية أضعاف أضعاف ما تعرضوا له في القاهرة والخرطوم . ويبقى التفسير الوحيد لذلك هو محاولة التغطية على الفشل ، بل التغطية على الفساد المستشري في البلاد العربية ، ولا سيما مصر والجزائر ، وهما من الدول العربية التي تزوجت فيها السلطة والمال ، وولد ( بنصب اللام ) وولد ( بتشديد اللام ) المحسوبية والفساد . ومن المفارقات أن تكون الجزائر ومصر في نفس المرتبة في سلم الفساد وفق معايير الشفافية الدولية ، وهي المرتبة 116 . ولأن كلا البلدين يشكوان من الفساد والمحسوبية ، وفشل الخيارات المجتمعية والاقتصادية والثقافية حتى أصبح رأس مال مصر ( 100 سنة من الفن تمثيل ورقص وغناء وحسب ) ورصيد الجزائر تضحيات المجاهدين دون مراعاة لقيمة تلك الدماء التي سالت ووضعها في الحسبان عند ممارسة السلطة وتقسيم الثروة . وبالتالي لم يبق للنظام العربي الرسمي ، وهنا الجزائر ومصر كمثال ، سوى المراهنة على انجازات كروية لاشغال الشعب بفرحة قصيرة ، ومتلاشية حتما . ويبقى السؤال قائما ، ماذا لوكانت دولة أخرى غير مصر والجزائر لعبت مع الطرف المقابل ، أي ماذا لوكانت موزنيق ( مثلا ) هي التي فازت على مصر أو الجزائر وحصل في ملعبها وشوارعها ما حصل في القاهرة والخرطوم ، هل كنا سنشهد طواحين الهواء الدانكيشوتية في القاهرة والجزائر ، حتى أن البعض ممن كانوا يحسبون على الطبقة الواعية في عالم الفن الرابع والسابع ، تساءل لماذا لم ترسل مصر كتيبة من القوات الخاصة إلى الخرطوم ؟!!! والحقيقة هي أن الجزائر في مقابلة القاهرة ، أرادت أن ترمي الكرة في ملعب مصر ، حتى لا تتحمل غضب الشعب من هزيمة فريقها في القاهرة . وفعلت مصر الشئ نفسه بعد عدم نجاح الفريق المصري في الوصول إلى المونديال ، لرمي اللوم بعيدا عن الحكومة حتى لو أدى ذلك لزرع اسفين من الحقد والكراهية والتباغض ليس من السهل نزعه سريعا بين بلدين وشعبين شقيقين . هل تراهن الرئيسان المصري حسني مبارك والجزائري عبدالعزيز بوتفليقة على الفوز ، مما أغضب الأول في الأخير ، كما أغضب الثاني بعد هزيمة القاهرة ، فأمر بزحف الجزائريين إلى الخرطوم حتى فاق عددهم عدد المصريين مرتين . فلا شئ يفسر ما جرى ويجري على الصعيد الاعلامي سوى ذلك ، لا سيما وأن الاعلام المصري ما فتئ يكرر ، الريس زعلان الرئيس زعلان ، حتى فكرت في وضع هذه العبارة كعنوان للمقال ؟!. هل عملية الاستثمار في الكرة لتحقيق أهداف سياسية ، وراء ما جرى من تدمير للعلاقات بين البلدين الشقيقين ، إلى حد وصف فيها الجزائريون بالبربر ، والمصريون بالصهاينة ؟!!! مطلوب من الجميع التوقف عن العبث بمستقبل الأمة ، والتوقف عن زرع الأسافين بين أقطارها ، فلا الجزائر ولا مصر يمكنها الفوز بكأس العالم . وإذا كان ( الانتصار ) الحالي سيجمع ( الشعب ) فهل ( الهزيمة ) القادمة ستفرقه ؟!!! . فلا تجعلوا بيضكم في سلة قابلة للزوال ، بل إن ما يوحد الشعب هو العقيدة والعدل والنزاهة وتكافئ الفرص ، وجعل الأمة مصدر السلطات بعد النص ثابت الدلالة صحيح الثبوت . وجميع ( البطولات ) والكؤوس لا تساوي كلمة » مصر » أو » الجزائر » ، فكفانا هوانا وفرقة وكفانا خصومات جاهلية ، نقحم فيها الفن ، والاقتصاد ، والاعلام ، والسياسة ، ميادين ليست ميادينها ، بل هي دمار وفناء لكل تلك المقومات الهامة والتي تحتاجها الأمة . وليكن التنافس ليس في الكرة بدون تعصب جاهلي فحسب ، بل في تقديم النفع للامة ، والتقريب بين أقطارها ، وتوحيد كلمتها ، و( لما لا ) ، شعوبها وقضائها ، وعملتها ، وجوازات سفرها ، وجعل ثروات الأمة في خدمة أفراد الأمة ، وليس الأجندات الشخصية والتوريث ، والاحتفاظ بالسلطة على حساب الأجيال وأشواق الأمة ومستقبلها . أخيرا .. لقد أفسدتم السياسة وأفسدتم الرياضة .. وبفضلكم تسيست الكرة وتكورت السياسة . (المصدر: « الحوار.نت » (محجوب في تونس) بتاريخ 23 نوفمبر 2009)
سيف الإسلام القذافي.. واقع مرير و »توريث حميد »!!
بقلم: مصطفى عياط على الرغم من أن حكايات وحواديت توريث الحكم تبدو من الأمور الشائعة في أكثر من دولة عربية غير ملكية، مثلما هو الحال في مصر واليمن، إلا أن الوضع في ليبيا يحمل في طياته خصوصية مميزة، مثلما الحال في كل ما يتعلق بالشأن الليبي، فإذا كان الكثير من النخب في مصر واليمن يعارضون فكرة التوريث بقوة بينما تكرر الأنظمة الحاكمة التأكيد على نفيها من حين لآخر، فإن الأمر يقابَل في ليبيا بكثير من الترحيب، فصعود سيف الإسلام القذافي، نجل العقيد القذافي، يعد بنظر الكثيرين المخرج الوحيد الممكن والسلمي لوضع نهاية لنظام حكم يعيش الليبيون أسرى سطوته منذ 40 عامًا، دونما أن يعرفوا شخصًا محددًا يمكن لهم أن يحاسبوه على ما آلت إليه أوضاعهم، فالعقيد معمر القذافي يصر على أنه « قائد الثورة » فقط، ومهمته هي طرح الأفكار والرؤى الثورية، وأن الجماهير هي التي تمارس الحكم من خلال المؤتمرات الشعبية. وفي ظل هذه التوليفة الغريبة للحكم، والمسماة « الجماهيرية » والمستمدة من أفكار « الكتاب الأخضر » للعقيد القذافي، فإنه لا وجود لمبدأ المساءلة، طالما أن الشعب هو الذي يمارس الحكم بنفسه، وكذلك فلا حاجة لتداول الحكم، لأن ذلك يعني، كما تندَّر القذافي في أحد حواراته التلفزيونية، أن نستبدل الشعب بشعب غيره، أما الانتخابات والأحزاب فإنها ترَفٌ لا حاجة إليه، طالما أن الجماهير تقوم باختيار ممثليها في المؤتمرات الشعبية المحلية، والتي تتولى بدورها انتخاب أعضاء مؤتمرات المستوى الأعلى وصولاً إلى تشكيل المؤتمر الشعبي العام (البرلمان)، والذي يمثل أعلى سلطة تشريعية في البلاد، ويقابله على المستوى التنفيذي ما يسمى اللجنة الشعبية العامة (الحكومة)، وفوق هذين الكيانين يوجد ما يسمى « القيادات الشعبية الاجتماعية »، المكونة من زعماء القبائل ووجهاء المناطق، وهي تعد أعلى مرجعية في النظام الليبي، طبعًا مع الأخذ في الاعتبار أن وضع « القائد » – أي القذافي- شبه مقدس، فهو خارج الهياكل والمسميات، كي يتفرغ لدوره الاستثنائي في « تثوير الواقع وصنع المستقبل ». سياج فكري وجغرافي وإذا كانت هذه « الجماهيرية » قد فرضت سياجًا فكريًّا عزل الليبيين عن تجارب الحكم التي عرفتها شعوب العالم الأخرى، سواء كانت جمهورية أم ملكية، فإن المعارك المتتالية التي خاضها العقيد القذافي مع الغرب أدت هي الأخرى لفرض عقوبات وحصار دولي على ليبيا لنحو عقد من الزمان، تجمدت خلاله كافة مناحي الحياة وانقطعت صلات معظم الليبيين مع العالم، حتى جرى إبرام صفقة تسوية ملف لوكيربي، والتي قادت إلى رفع الحصار والعقوبات، وقد شكلت هذه الصفقة بداية ظهور سيف الإسلام القذافي على المسرح الدولي، حيث تولت مؤسسة القذافي الخيرية التي يرأسها دفع التعويضات الضخمة التي قدمتها ليبيا لأسر ضحايا الحادث. وفي ظل تعقد الأوضاع الداخلية، وسيطرة الأجهزة الأمنية وقادة اللجان الثورية الشعبية على مقاليد الأمور، فإن القذافي الابن لجأ –في البداية- لتسويق نفسه في الخارج أو من خلال الملفات الليبية المتعلقة بقضايا خارجية، حيث لمّع اسمه في قضية الإفراج عن الرهائن الغربيين لدى جماعة « أبو سياف » الفلبينية، كما شكل « سيف الإسلام » اللاعب الأبرز في تسوية قضية الممرضات البلغاريات، والتي شكلت عقبة أساسية أمام تطبيع العلاقات بين ليبيا وأوروبا. مدفوعًا بهذه النجاحات، بدأ القذافي الابن تلمس خطواته على الصعيد الداخلي، حيث حاول تجنب الصدام المباشر مع القيادات النافذة في النظام، من خلال التحرك في الأوساط الشبابية وإطلاق خطاب ناعم عن التغيير والمشاركة الفاعلة في صنع المستقبل، مستعينًا في ذلك بمجموعة من وسائل الإعلام، التي أنشأها خصيصًا للترويج لتلك الروح، حيث بدأت تتسرب عبرها مقالات وآراء تحمل نقدًا غير مسبوق لجمود الأوضاع الداخلية والفساد المستشري وغياب الكفاءات الشابة. الانحناء للعاصفة نجاحات الخارج دفعت رجال النظام للانحناء أمام العاصفة كي تمر، خاصة أنه كان جليًّا أمام الجميع أن « سيف الإسلام » يمثل الورقة الرابحة لعقد التفاهمات والصفقات مع الغرب، وهو ما لاقى هوًى لدى العقيد القذافي، بعدما تقاطر زعماء أوروبا على أبواب خيمته الأثيرة، طلبًا للصلح وإعادة الود المفقود؛ حتى يؤمِّنوا لبلادهم جزءًا من كعكة النفط الليبية، بعدما أعلنت طرابلس عن رصد عشرات المليارات من الدولارات لتطوير القطاع النفطي المتهالك، وهو ما أثار لعاب كبرى شركات النفط العالمية، خاصة أن الأراضي الليبية ترقد على احتياطات هائلة من النفط لم يحاول أحد استكشافها منذ سنوات طويلة. وبمرور الوقت واكتساب الثقة، أخذ « سيف الإسلام » في الاقتراب من ملفات أكثر تعقيدًا، مثل ملف العلاقة مع الإسلاميين بمختلف فصائلهم، حيث فضل التعاطي معه من مدخل حقوقي، يستهدف رد المظالم وغلق ملفات الماضي الأليمة، وبالفعل نجح في الإفراج عن المعتقلين المحسوبين على جماعة الإخوان المسلمين، وتم السماح للكثير منهم بالعودة إلى وظائفهم وأعمالهم، كما تم تعويض البعض. ورغم نجاح هذا المسعى إلا أن تصاعد نبرة النقد للأوضاع الحالية في خطاب « سيف الإسلام » والدائرة المحيطة به، أدى لإثارة قلق القذافي الأب على « تجربته الثورية المتفردة »، خاصة بعدما سخر « الابن » في خطاب ناري ألقاه في أغسطس 2008 ممن « يقولون ليبيا النعيم الأرضي والفردوس، ونحن ليس لدينا بنية تحتية حتى الآن »، كما اتهم من وصفهم بـ « المافيا الليبية »، بتوريط البلاد في الفساد والتخلف، واعتبر أنَّ هذه المافيا مكونة من موظفي الدولة التكنوقراط وبعض القطط السمان، واشتكى علنًا ممن يدسون له عند والده، ويحذرونه من أن أفكاره ومشاريعه ستؤدي إلى انهيار الدولة، موضحًا أنه عندما كانت ليبيا « تعج بالمساجين »، كان هناك « من يكتب إلى القائد، قائلاً له بأنه إذا أخرج سيف الإسلام المساجين سوف تنهار الدولة ». « تراجع مؤقت » يبدو أن كفة « سيف الإسلام » لم تكن هي الأرجح لدى والده، مما دفعه إلى الإعلان بشكل دراماتيكي في أغسطس 2008 عن الانسحاب من المسرح السياسي، مشيرًا إلى أنه سوف يتجه للإقامة في لندن كي يتفرغ لمواصلة مشاريعه البحثية، وبالتزامن مع ذلك بدا أن مشروعه في سبيله للانهيار التام، بعدما بادر القذافي الأب في أبريل 2009 للتوجه بنفسه إلى قناة « الليبية »، إحدى أذرع شركة الغد للخدمات الإعلامية المحسوبة على نجله، بعد بثها لحلقة تضمنت انتقادات حادة للحكومة المصرية، حيث أعلن تأميمها وضمها إلى هيئة الإذاعات الجماهيرية الليبية. لكن هذا الانسحاب الاضطراري لـ »سيف الإسلام » لم يدم طويلاً، حيث سرعان ما عاد اسمه للبروز من جديد عبر حدثين مهمين، الأول هو إعلان قادة « الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة » من داخل السجون عن مراجعات فقهية، نبذوا فيها العنف وفكرهُ، وذلك كثمرة لوساطة طويلة وشاقة قادها « سيف الإسلام » وعدد من الشخصيات الإسلامية في الداخل والخارج، من أجل تبيض السجون من أعضاء الجماعة وإعادة دمجهم مجتمعيًّا، وقد اعتبرت هذه المراجعات إنجازًا كبيرًا، لكون « الليبية المقاتلة » أعلنت قبل فترة انضمامها لتنظيم القاعدة. أما الحدث الثاني، فتثمل في الإفراج عن الليبي المدان في تفجير لوكيربي عبد الباسط المقراحي، ورغم أن عملية الإفراج تمت تحت لافتة الوضع الصحي المتدهور للمقراحي، إلا أن الكثيرين تحدثوا عن صفقة أبرمها « سيف الإسلام » مع السلطات البريطانية، وقد بدا لافتًا استقبال « القذافي الابن » للسجين العائد على سلم الطائرة في طرابلس، حيث تم التسويق للأمر على أنه « انتصار وطني ». عودة دراماتيكية وفي الوقت الذي وقف فيه القذافي على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة ليخطب في قادة العالم لنحو الساعة، في سابقة هي الأولى، فإن الرهانات على « سيف الإسلام » ليقود ليبيا في العبور نحو الغرب أخذت تتعاظم، خاصة أن الأمر يتطلب إجراء سلسلة من التغييرات والموائمات الداخلية، ولو بصورة شكلية، من أجل رفع الحرج عن الحكومات الغربية أمام شعوبها، التي ربما لا تستسيغ إقامة علاقات ودية دافئة مع نظام ديكتاتوري قمعي، وهذا بالضبط ما يروج له القذافي الابن، فهو يدعو إلى اقتصاد مفتوح قادر على جذب الأموال الأجنبية، وإلى قبضة أمنية أقل قسوة أو ذات مخالب حريرية، وقادة جدد أكثر شبابًا، يرتدون ملابس عصرية، ويجيدون لغة التعامل مع الغرب. وبالفعل حدثت الخطوة الدراماتيكية، التي لم يستبعدها البعض منذ البداية، حيث فاجأ القذافي الكثيرين مطالبًا في إحدى خطبه بالبحث عن منصب رسمي يمكن لنجله من خلاله تنفيذ مشروعه المسمى « ليبيا الغد »، وذلك بعدما تعثرت خطواته بسبب عدم توليه لأي منصب رسمي. لم يطل البحث، حيث اكتشف الليبيون، أو بالأدق رجال النظام، أنهم يعيشون منذ 40 عامًا دونما رئيس للدولة، ولم يكن هناك أصلح من « سيف الإسلام » لتولي هذا المنصب، الذي يحمل كعادة ليبيا اسمًا مختلفًا عما عليه العرف في العالم، وهو: « المنسق العام للقيادات الشعبية الاجتماعية »، ويتيح هذا المنصب لشاغله مراقبة الحكومة والبرلمان وقيادة الجيش والأجهزة الأمنية، أي الإمساك بكافة مفاصل الحكم، وذلك بالطبع تحت إشراف « الأب القائد ». عجلة التغيير وعلى الرغم من أن مضمون مشروع « سيف الإسلام، وفي القلب منه الدستور الذي طرحه قبل فترة أمام المؤتمرات الشعبية لمناقشته وإقراره، لا يخرج عن أسس النظام الحالي، فمثلاً يحافظ الدستور على فكرة المؤتمرات الشعبية وعلى « القيادات الشعبية الاجتماعية » مع إدخال فكرة الانتخابات عبر الاقتراع الحر، إلا أن معظم النخب الليبية، خاصة الإسلامية منها، تعاطت بإيجاب مع أفكار سيف الإسلام، باعتبار أنها البداية لدوران عجلة التغيير، وأنه ما دامت العجلة قد دارت فإنه لا قوة تستطيع إيقافها، وأنه لا ضرر في أن تكون البداية متواضعة في ضوء حالة الضعف الشديد التي تعاني منها النخب الليبية، في ظل الحظر التام لكافة أشكال مؤسسات المجتمع المدني، فضلاً عن حظر الأحزاب والتجمعات السياسية. لكن خطورة مشروع القذافي تكمن في أنه يفتح أبواب البلاد على مصراعيها أمام الشركات الغربية، وهو ما يهدد بتكرر الخطأ الذي وقعت فيه بلدان الخليج في حقبة السبعينات من القرن الماضي، عندما فتحت أسواقها أمام الشركات الغربية، مما أدى لتفشي نمط استهلاكي شره، تسبب في إحداث تشوهات عميقة في بنيتها الاقتصادية والاجتماعية، مازالت آثارها باقية حتى الآن، مثل تفشي الاستعانة بالعمالة المنزلية الأجنبية، من خدم وسائقين، والنظرة الدونية للأعمال المهنية واليدوية، وافتقاد روح العمل الاحترافي المتخصص لصالح الأعمال المكتبية الروتينية. (المصدر: « الإسلام اليوم » (السعودية) بتاريخ 23 نوفمبر 2009) الرابط: http://islamtoday.net/albasheer/artshow-13-123236.htm
يسألونك عن التوريث
بقلم فهمي هويدي أرأيت كيف هان أمرنا وخاب أملنا حتى صارت أوطاننا تركة تورّث، وأصبحت شعوبنا كتلاً آدمية مصلوبة على أوهام ووعود لم تتحقق. – 1 – حدثني صديق أنه حضر في الستينات معسكراً لمنظمة الشباب أقيم في مدينة حلوان، وضم نخبة من طلاب الجامعات النابهين الذين ملأتهم أجواء ذلك الزمان بالثقة والطموح، وفي المحاضرات التي ألقيت عليهم وقتذاك رددوا على مسامعهم عدة مرات أن واحداً منهم سيكون رئيساً لجمهورية مصر في المستقبل. صدق صاحبنا الكلام، واقتنع بأن المستقبل مفتوح أمام ذلك الجيل. وطوال السنوات الأربعين الماضية لم يتحقق شيء مما سمعه، ولكن ظلت أحلام جيله تتبخر واحداً تلو الآخر، وإذ جاوز الستين من العمر هذه الأيام، فإنه انتهى يائساً. وفاقداً الأمل في كل شيء، وغير قادر على أن يصدق ما يقال عن توريث السلطة في مصر. في العدد الأخير من الطبعة العربية لمجلة “نيوزويك” (17/11) كتب أحد المثقفين اليمنيين يقول عن الرئيس علي عبدالله صالح إنه أمضى في موقعه 31 عاماً صادر خلالها أحلام الوطن وأباد كل أسباب وممكنات وجوده وتقدمه، وظل عائقا أمام قدرتنا على التفكير بما يمكن الوطن من استعادة أمله في أن ينهض من كبواته المستدامة وتعثره المزمن.. ولئن كان محور اهتمام القادة الحقيقيين في العالم هو الإنسان والوطن والتقدم، فإن محور اهتمام قائدنا هو العرش ونقله ميراثاً لأجياله. فسيج البلاد بكل أسباب انتقاله، ولغم معابر الوصول إليه بكل أشكال الفوضى، وإبداع صناعة الملهاة”. لا نحتاج إلى مزيد من الشواهد حتى ندلل على أن توريث السلطة أصبح بدعة هذا الزمان في الجمهوريات العربية، التي ظننا حيناً من الدهر أن انتقالها من النظام الملكي إلى الجمهوري هو خطوة إلى الأمام، لكنه ظن خيّبته تجربة الدول العربية الحديثة، التي أجهضت الآمال المبكرة التي علقت عليها، إذ أصبح التوريث حاصلاً أو وارداً في ست دول عربية، بعضها تم فيها ذلك بصورة رسمية، والبعض الآخر صار التوريث واقعاً فيه لكنه لم يستكمل شكله القانوني بعد، أما البعض الثالث فالتوريث في مرحلة الإعداد والترتيب. (2) – كانت سوريا سباقة في هذا الباب، فقد عدل دستورها وتم تخفيض شرط السن لتمكين بشار الأسد، الذي كان عمره وقتذاك 34 سنة، من شغل منصب رئيس الجمهورية وهو ما تم سنة 2000. وبعدما انفتح الباب طُرح بقوة اسم السيد جمال مبارك في مصر، الذي يتولى الآن أمانة السياسات في الحزب الوطني. وثمة شبه إجماع في الدوائر السياسية على أن الرئيس القادم لمصر، في انتخابات عام ،2011 سيكون جمال مبارك (46 عاما) إذا لم يرشح الرئيس مبارك نفسه. وترشيح مبارك الابن ليس آتياً من فراغ، ولكنه ينبني على شواهد عدة، أهمها أن تعديل المادة 76 من الدستور المتعلقة بالترشح للرئاسة في مصر، وضع شروطاً لا يمكن أن تنطبق إلا على مرشح الحزب الوطني. ومعلوم أن الحزب في ظل الأوضاع الراهنة لن يرشح للرئاسة غير أمين السياسات فيه، الذي يقوم الآن بدور لا يستهان به في صناعة القرار السياسي. النموذج المصري تكرر في ليبيا بصورة نسبية، إذ مثلما برز دور جمال مبارك في المجال العام وانشئت له أمانة السياسات، لكي يتولى من خلالها توجيه مختلف مجالات الشأن الداخلي، فإن المهندس سيف الإسلام القذافي (37 سنة) بعدما قام بعدة أدوار في سياسة بلاده الداخلية والخارجية، عين أخيراً منسقاً عاماً للقيادات الشعبية، وهو أعلى منصب في السلطة بعد العقيد القذافي. وقيل إنه كان ينبغي أن يتولى ذلك المنصب “لكي ينفذ مشروعه الإصلاحي لبناء ليبيا الغد”. الأمر الذي رشحه بصورة مباشرة لخلافة والده على رأس السلطة. لم يعد سراً أن الترتيبات في اليمن تمضي في ذات الاتجاه، إذ يتردد بقوة اسم المقدم أحمد ابن الرئيس علي عبدالله صالح، باعتباره المرشح لخلافة والده، وهو يشغل الآن منصب قائد الحرس الجمهوري رغم أنه في العشرينات من عمره. ولضمان ذلك فإن الأسرة تمسك بمفاتيح أجهزة الأمن في البلد. فعمار ابن عمه مسؤول عن الأمن القومي، وشقيقه يحيى الرجل القوي في وزارة الداخلية، والأخ غير الشقيق للرئيس علي محسن يقود الجيش في المناطق الشمالية. “الطبخة” جارية على قدم وساق في تونس. ذلك ان الرئيس زين العابدين بن علي عدل دستور بلاده لكي يسمح له بالبقاء في السلطة مدى الحياة، في عودة لما كان عليه الحال في عهد الرئيس بورقيبة الذي أخذ عليه بن علي رئاسته المؤبدة وأعلن في عام 1987 أنها ستكون لمدتين فقط وبعد ذلك اتجه إلى ترتيب أمر خلافته، فدفع صهره وزوج ابنته محمد صخر الماطري (28 سنة) إلى الصف الأول من المشهد السياسي، حيث أصبح عضواً في اللجنة المركزية للحزب الدستوري الحاكم، ثم انتخب مؤخراً عضوًا في مجلس النواب. وهو في الوقت نفسه يدير امبراطورية مالية كبيرة تضخمت في عهد صهره. إذ إضافة إلى تأسيسه إذاعة “الزيتونة” للقرآن الكريم، فإنه أسس الآن بنك الزيتونة، وله أسهم في بنك الجنوب، إضافة إلى استحواذه على 70% من أسهم دار الصباح، أعرق المؤسسات الصحافية في تونس. كما أنه يدير شركات عدة في مجالات الصناعات الدوائية والعقار والسياحة. الأخ غير الشقيق للرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة يهيأ بدوره لخلافته، وهذا الأخ (سعيد) يشغل الآن منصب الطبيب الخاص للرئيس وكاتم أسراره، لذلك فإنه يلازم الرئيس عبدالعزيز في كل جولاته الخارجية. وقد أقدم مؤخرا على تقديم طلب لإنشاء حزب باسم التجمع من أجل الوفاق الوطني، يأمل أن يخوض به الانتخابات، ويفتح له باب تحقيق طموحاته السياسية. (3) – هناك مدرستان في التوريث، بمعنى الاستمرار في احتكار السلطة وإبقائها في نطاق الأسرة، بما يحولها إلى ملكية مقنعة، مدرسة “الغلبة” التي تقوم على فرض الامر الواقع بقوة السلطة وأدواتها، ومدرسة اصطناع الشرعية. والأخيرة أصبحت أكثر رواجاً، بعدما أصبح “المنظر” في الحالة الأولى مستهجنا في الأجواء الراهنة التي يروج فيها الحديث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان. ثم إن تطور أساليب الالتفاف والاحتيال على الشرعية، رجح كفة المدرسة الثانية. إذ بات من اليسير تصعيد الوريث في مراتب السلطة مع إغلاق الأبواب في وجه أي منافس محتمل له، بحيث يصبح خيارا وحيدا يمكن دفعه إلى الصف بسهولة، بالقانون الذي يتم تفصيله ليناسب الحالة، ومن خلال المؤسسات “الشرعية” التي يجري اصطناعها. من الحجج التي تساق لتبرير الانتقال وتغطيته أن الوريث مواطن عادي، له حق الترشيح كغيره من المواطنين، ولا ينبغي أن يحرم من هذا الحق “ويظلم” لمجرد أنه ابن الرئيس، أو عضو في أسرته. وهو قول مردود بحجتين، الأولى أنه في كل أحواله لا يعامل باعتباره مواطناً عادياً، ولكنه يظل طوال حكم الأب مواطناً من الدرجة الأولى الممتازة، الذي يعمل له ألف حساب. فلا ترد له كلمة أو يرفض طلب. وفي حركاته وسكناته فإنه يعامل باعتباره مواطنا غير عادي. يتمتع بنفوذ وصلاحيات لا تتاح لأي شخصية سياسية أخرى. الحجة الثانية أن ترشحه في وجود الرئيس أو استنادًا إلى بطانته مشوب بالبطلان من الناحية السياسية. والقياس هنا على ما هو وارد في القانون من ضمانات لضمان حيدة القاضي ونزاهته، ذلك أن المادة 146 من قانون المرافعات في مصر مثلا تنص على عدم صلاحية القاضي للسير في أي دعوى، إذا كانت له أو لزوجته أو لأحد أقاربه مصلحة فيها. وهذا البطلان يتحقق حتى ولو لم يتمسك به أحد. فالمشرع هنا كان واعيا بأن أي صلة قرابة تربط القاضي بأي واحد له مصلحة في أي قضية تعرض عليه وقرر أن تلك الصلة تجعله غير صالح للنظر في الدعوى، لأن شبهة عدم الحياد قائمة في هذه الحالة. وإذا كان ذلك حاصلا في القضايا المدنية والجنائية مهما صغر شأنها، فأولى به أن يحدث في أمر يتعلق بمصير الوطن ومستقبله، الأمر الذي يعني أنه لا يجوز بأي معيار أن يترشح ابن للرئاسة أو لأي منصب رسمي آخر في ظل رئاسة الأب وهيمنته على أجهزة الدولة، لأن ذلك يخل بنزاهة الحكم واستقامته. (4) – صحيح أن التوريث الذي يحول الجمهوريات إلى ملكيات مقنعة ليس حكراً علينا. لكنه حاصل في بلدان أخرى، في كوريا الشمالية وأذربيجان وكوبا وتاهيتي، وبعض الدول الإفريقية الأخرى. مع ذلك فالقاسم المشترك الأعظم بين كل تلك النماذج وبين الحالات المماثلة في بلادنا يتمثل في أنها دول غيبت الديمقراطية، ودمرت فيها مؤسسات المجتمع المدني. بما يعني أنه ما كان لتلك الدول ان تتجرأ على توريث السلطة فيها إلا أنها اطمأنت إلى إخصاء مجتمعاتها وإفقادها القدرة على إيقاف أو مقاومة نقله من هذا القبيل، بكلام آخر فإن الدولة العربية الحديثة التي انتقلت بعد ذهاب الاستعمار من النظام الملكي إلى النظام الجمهوري، حين عمدت نظمها إلى احتكار السلطة ومصادرة الديمقراطية، فإنها اضعفت مجتمعاتها وقامت بتفكيكها، حتى أعادتها إلى مرحلة القبيلة السابقة على فكرة الدولة بمفهومها الحديث. أريد أن أقول إن السلطة المطلقة حين نجحت في إضعاف مجتمعاتنا وتفكيكها فإنها لم تجد عائقا يحول دون إدامة ذلك الاحتكار من خلال التوريث، الذي يمكنها من أن تضرب عصفورين بحجر واحد. فمن شأن ذلك أن يضمن لأهل الحكم الاستمتاع بمباهج السلطة والتقلب في نعيمها وجاهها، كما انه من ناحية ثانية، يضمن التغطية على المكاسب والثروات الهائلة التي تحصلت أثناء البقاء في السلطة، كما يضمن التغطية على الممارسات والتجاوزات التي ارتكبت في تلك الفترة. على صعيد آخر، أزعم أن ذلك النزوع إلى التوريث يلقى ترحيباً وتشجيعاً من القوى الأجنبية المهيمنة في المنطقة العربية، والولايات المتحدة الأمريكية على رأسها. وعندي في ذلك أسباب وقرائن هي: * إن هذه القوى أصبحت مطمئنة إلى أن الأوضاع الراهنة في العالم العربي تحقق لها مصالحها وتوفر لها وضعاً استراتيجياً مريحاً للغاية، ولذلك فإن استمرار تلك الأوضاع بأي صورة وبأي ثمن أصبح هدفاً غالياً يتعين الحفاظ عليه. * إن المخططين في تلك الجهات بذلوا جهداً مشهوداً في رعاية وإعداد الأجيال الجديدة من الأبناء الذين تلقى أكثرهم تعليماً في الخارج، ولذلك فإن لديهم اطمئناناً كافياً إلى أن عناصر تلك الأجيال لن تكون أقل تجاوبا ووفاء إذ لم نكن أكثر من جيل الآباء. * إن القوى الخارجية لم تعد مطمئنة إلى البدائل التي يمكن أن تصل إلى الحكم في العالم العربي إذا ما لم يتم التوريث وجرت انتخابات ديمقراطية. إذ هم يدركون جيدا أن الرأي العام العربي يملك الكثير من مشاعر الرفض والبغض للسياسة الأمريكية. والانتخابات الديمقراطية قد تأتي بمن يعبر عن تلك المشاعر. ومن ثم يهدد المصالح الأمريكية، وهو ما يمكن أن يحدث إذا ما أتت الانتخابات بعناصر وطنية، والخوف الأكبر أن ينجح أصحاب التوجه الإسلامي، كما حدث في غزة، وإزاء مخاطر من هذا القبيل فإن التوريث من وجهة نظرهم يصبح الحل. (5) – من هذه الزاوية تبدو صورة المستقبل معتمة في العالم العربي، أقصد أشد قتامة مما هي عليه الآن. لكن سنن الكون تقول لنا إن الليل له نهاية وإنه لا توجد هناك غيوم أبدية، وذلك لا يطمئننا كثيراً لأننا ننتظر ذلك الوعد منذ عقود، ولكن أوان تحقيقه لم يحن بعد كما بدا، ثم إننا لا نعرف كم تكون التكلفة في هذه الحالة، لأن السنن لا تجرى بالمجان، وهناك أسباب ينبغي أن تتوافر أولا لكي تستجلب النتائج وتستدعيها، ومن الواضح أننا لم نأخذ بعد بما يكفي من الأسباب لكي تترتب النتائج المرجوة، والله أعلم. (المصدر: جريدة الخليج الإماراتية بتاريخ 24 نوفمبر 2009 )
يحطم الرقم القياسي ويناقش الدكتوراه وهو يقارب المائة.. فريد عبد الخالق: الطاعة للحاكم العادل فقط!
محمد طلبة (*) شَهِدتْ كلية الحقوق بجامعة القاهرة أمس الثلاثاء 29 من ذي القعدة 1430هـ الموافق 17/11/2009 مناقشةَ رسالة الدكتوراه المقدمة من الباحث محمد فريد عبد الخالق صاحب الأربعة والتسعين عامًا في موضوع « الاحتساب على ذوي الجاه والسلطان ». جاءت أجواء الرسالة حميمية بقدر ما تتسع شخصية صاحبها، القيادي السابق في جماعة الإخوان المسلمين، والمفكر الإسلامي الكبير.. وقد تشكلت لجنة المناقشة والحكم على الرسالة من أ.د يوسف قاسم رئيسا ومشرفا، وأ.د محمد سليم العوا عضوا، والأستاذ الدكتور محمد نجيب عوضين عضوا. ومع أن لجنة المناقشة كانت تبدي ملاحظاتها على الرسالة بجدية، إلا أن تلك الجدية لم تخل من ود وإجلال كبير لشخص الباحث، إلى أن انتهت اللجنة بمنحه درجة الدكتوراه بامتياز، مع التوصية بطبع الرسالة على نفقة الجامعة؛ لتعميم الإفادة من موضوعها المهم ومعالجاتها المتميزة، حسب تعبير اللجنة. وشهدت الجلسة حضور عدد كبير من أصدقاء فريد عبد الخالق وتلامذته، ومن قياديي جماعة الإخوان المسلمين، فضلا عن متابعة أجهزة الإعلام المختلفة، وكان في مقدمة الحضور الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، وسيف الإسلام حسن البنا، والمستشارة نهى الزيني، والدكتور صلاح عبد الكريم، وغيرهم. ولفت الدكتور محمد سليم العوا -عضو لجنة المناقشة- إلى أن الباحث فريد عبد الخالق يعد أكبر من ناقش رسالة دكتوراه في التاريخ، مشيرا إلى أن أكبر الباحثين قبل فريد عبد الخالق ناقش رسالته وهو في الـ 70 من عمره، أي وهو أصغر من الباحث بأكثر من 20 عاما. وأعرب العوا عن سعادته البالغة بكونه أحد أعضاء مناقشة رسالة « الاحتساب على ذوي الجاه والسلطان »، مشيرا إلى بعض مواضع التميز والابتكار في الرسالة. مآخذ للعوا ونبه العوا إلى بعض المآخذ على الرسالة، والتي جاء في مقدمتها رفضه لما قرره الباحث من أن إقامة الخلافة هو واجب الأمة؛ حيث رأى العوا أن الخلافة نظام تاريخي لا يصلح لهذا الزمان، وأن العبارة الأكثر دقة هي أن واجب الأمة هو إقامة الحكم العادل أيا كان مظهره. وأكد العوا أن وجود فريد عبد الخالق ومن مثله دليل على يقظة الأمة وتميزها، وأشار إلى فريد عبد الخالق قائلا: هذه هي الأمة التي تطلب العلم من المهد إلى اللحد. وقد تناولت الرسالة نظام الحِسْبة في الإسلام باعتباره نظاما قانونيا يعتمد في أساسه على نصوص من القرآن والسنة للاحتساب على ذوي السلطان، وتغيير المنكرات التي تقع منهم على حقوق الله، كالاعتداء على مبدأ الشورى والحرية والمساواة. وحاولت الدراسة إبراز الدور السياسي الذي يمكن أن تلعبه الحسبة في تنظيم العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وتقديم تصور صحيح ومقبول لنظام الحسبة الإسلامي يمكن أن يؤدي دوره في الاحتساب على ذوي الجاه والسلطان في وقتنا الحاضر. وأشارت الدراسة إلى واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مقاومة الظلم بجميع صوره، من سياسي، واجتماعي، واقتصادي، ومحاربة أنواع الفساد التي تقع من ذوي الجاه والسلطان في المجتمع. وتعرضت الدراسة إلى بعض النظم القانونية الوضعية، وما قدمته من تصورات ونظريات ومصطلحات في مجال تنظيم علاقة الحاكم والمحكوم، لافتة إلى بعض التطبيقات العملية وصورها المتنوعة. المعادلة القرآنية وأكد الباحث أن طاعة المحكومين إنما تكون للحاكم العدل الذي يؤدي ما ألزمه الله تعالى به من أمانات، مشيرا إلى قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّواْ الأَمَانَاتِ إلى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا}؛ وهي الآية التي أتبعها الله عز وجل بقوله: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}؛ وهو ما يدل على الارتباط العضوي والقانوني بين طرفي معادلة العدل والطاعة. وأوضح عبد الخالق أن النبي صلى الله عليه وسلم وضع للمسلمين نموذجا رائعا حين امتنع عن تحديد أسس اختيار خليفته؛ وهو دليل واضح على فطنته صلى الله عليه وسلم إلى تغير الصيغ التي يتعامل بها المسلمون وتنوعها بتغير الزمان وأحواله. ونبه الباحث إلى أهمية الدور الفاعل الذي يمكن أن تلعبه المؤسسات الدستورية في ضمان الحقوق الأساسية والحريات العامة للمواطنين، مؤكدا على توافق ذلك مع الشريعة الإسلامية، وعدم معارضته لأي أصل من أصوله. وقال الباحث: إن نظام الحسبة نظام قانوني فذ قابل للتطور، يعتمد في أساسه على نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية للاحتساب على ذوي السلطان، وتغيير المنكرات التي تقع منهم على حقوق الله في مفهوم العصر، كالاعتداء على مبدأ الشورى والحرية والمساواة وكرامة المواطن، وغير ذلك من المنكرات السياسية التي لم تكن محل الاهتمام الكافي في مباحث العلماء المتقدمين فيما يسمى -بلغة فقهاء العصر- علوم السياسة الشرعية أو القانون العام. طموحات وقدم الباحث تصورا لعدد من الأهداف الفرعية التي تطمح الرسالة أن تسهم -من خلال تضافر هذه الأهداف- في الوصول إلى الأهداف الكبرى التي تتغياها الدراسة وهي: 1- إبراز الدور الرقابي الشعبي على السلطات -المتمثل في نظام الحسبة- ولاسيما السلطة التنفيذية ورئيس الدولة. 2- طرح نظام احتسابي جماعي ومؤسسي لمقاومة جور السلطات التنفيذية وفسادها يجنبنا العنف في ممارسة الحسبة غير المنضبطة في مرتبة تغيير المنكر باليد بشكل عشوائي. 3- إلقاء الضوء على الضوابط الشرعية للحسبة في الإسلام، وعلى شروط المحتسب والمحتسب فيه. 4- إبراز احترام الإسلام لمبدأ الفصل بين السلطات. 5- عدم النظر للحسبة باعتبارها ضمن قضاء المظالم، وإنما باعتبارها قوى شعبية معارضة لجور الحاكم. 6- عدم التعامل مع الحسبة باعتبارها ولاية بوليسية، وإنما إدخالها في الفقه السياسي الإسلامي كمبدأ يمارسه المواطنون كفرض كفاية، والمؤسسات الدستورية المعنية كفرض عين، وعلى رأسها المجالس التشريعية البرلمانية، والأحزاب السياسية، وسائر منظمات حقوق الإنسان، والجمعيات الأهلية المعنية بالحفاظ على حقوق الإنسان وحرياته العامة من اتحادات ونقابات. 7- تبيان عمومية تطبيق الحسبة في كل البلدان. 8- إمكانية رفع دعاوى الحسبة على الحاكم الجائر، وما يقع من الحكومات من بغي، أو فساد، أو مخالفة للدستور والقانون دون التزام بشرطي الصفة والمصلحة الملتزم بها في سائر الدعاوى القضائية؛ وهو ما ذهب إليه القانونيون تيسيرا لإمكانيتها، وتحقيقا لمقصدها. 9- الإشارة إلى إمكانية عولمة نظام الحسبة الإسلامي وتدويله، بناء على ما يقبل وما يرفض وما يطور منها. 10- تحليل التطبيقات المستحدثة الجارية لممارسة الحسبة في الوقت الراهن. جاءت الدراسة في فصل تمهيدي عن المفاهيم الأساسية التي تشكل منطلقات الرؤية، ثم ثلاثة أبواب رئيسية يتناول أولها المفهوم السياسي للاحتساب وعلائقه. أما الباب الثاني فيتعرض لعلاقة الحسبة بالدولة والحكم، مع تعريف المحتسب عليهم من ذوي السلطان، والمقارنة بين النظام الإسلامي في الاحتساب والأنظمة القانونية الوضعية، قبل أن يأتي الباب الثالث لمناقشة الأنظمة السياسية المعاصرة، والمقصود الاحتسابي فيها. التوصيات وختمت الدراسة بمجموعة من النتائج والتوصيات توصل إليها الباحث وهي: ·إن مقاومة الظلم والاحتساب على الحاكم واجب ديني، ومن أجل ذلك شرع الإسلام مقاومة الظلم، وأوجب على الأمة الإنكار على حكام الجور ما وجدوا إلى ذلك سبيلا. ·إن جوهر الديمقراطية مقبول في الإسلام، مع الإقرار بأن ثمة فوارق من أهمها أن سلطة الأغلبية التي هي إحدى ركائز نظام الحكم الديمقراطي النيابي- ليست مطلقة في الإسلام، وإنما هي محكومة بما قدره الإسلام من مبادئ وأصول جاءت بها نصوص القرآن والسنة على وجه القطع والإلزام التشريعي. ·إن الإسلام لم يفرض نظما مفصلة تحكم نشاطات الحياة المختلفة سواء بالنسبة لنظام الحكم -على أهميته القصوى- أو بالنسبة لغيره من الأنظمة السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، ونظام الحسبة في الإسلام لم يشذ عن هذه القاعدة؛ فما هو إلا واحد من هذه الأنظمة التي عرف أساسها، وجرت ممارسته منذ العهد النبوي. ·إن أعمال الحسبة الرقابية على السلطة الحاكمة ما يقوم به في نظامنا الحاضر هو جهات متعددة على رأسها المجالس النيابية وما خوله الدستور لها من حقوق ووسائل لأداء دورها الرقابي، وهو احتسابي، وكذلك المعارضة أحزابا وصحافة ونقابات وجماعات وغيرها، كما أن للقضاء العالي والإداري دوره في الحسبة؛ حيث يمكن اعتبار دعاوى الإلغاء أمام المحاكم الجنائية صورا لدعاوى الحسبة المعروفة في الفقه الإسلامي. ·إنه إلى جانب الوظائف التقليدية للحسبة، فإن لها وظيفة سياسية في المجتمع والدولة على السواء بالغة الأهمية والحيوية، بحيث يمكن أن نعتبرها جزءا أساسيا من المشروع الحضاري الإسلامي المتكامل الذي يستهدفه المسلمون عامة، وعلماء الأمة ومفكروها الإسلاميون خاصة، ويجدون في إحياء وظيفة الحسبة عامة، وعلى ذوي الجاه والسلطان خاصة، أداة للإصلاح الدستوري من منظور الديمقراطية الحقيقية. ·إن الحسبة على ذوي السلطان تشكل كبرى الضمانات الشرعية للحريات العامة والحقوق الأساسية للإنسان، أو المبادئ التي تحمي الأفراد من طغيان الدولة واستبداد الحكام؛ وهو المطلب العاجل والملح الذي تتطلع إليه الشعوب، لاسيما الواقعة منها في دائرة الدول النامية، ودولنا العربية والإسلامية داخلة فيها. ·إن الضرورة تجعل المحظور جائزا؛ لذلك فإن الحكومة -الخلافة- التي لا تتوفر فيها جميع الخصائص المميزة للحكومة الصحيحة تصبح برغم ذلك جائزة -أي شرعية- ما دام أنها تمثل أخف الضررين؛ لأن احتمال قيام نظام مشوب بعيوب الحكومة الناقصة أقل ضررا وخطورة من غياب كامل لأي نظام للحكومة الإسلامية. ·إن مبدأ الفصل بين السلطات في الإسلام إضافة إلى مبدأ الشرعية الإسلامية -بمعنى سيادة الشريعة- يكونان أكبر سند شرعي لوظيفة الحسبة على ذوي السلطان؛ لما يتضمنان من تقييد السلطة التنفيذية بمهمتها الدستورية وهي التنفيذ لا التشريع، ومن غلق الباب أمام الحكام دون حق استصدار قوانين ظالمة. إن المقاصد التي تخدم الأمة العربية والإسلامية من خلال هذا الموضوع ترتبط ارتباطا وثيقا بكيفية مشاركة الحاكم للمحكوم، وكيفية مشاركة المحكوم للحاكم؛ مما يجل المسئولية تقع على عاتق الاثنين، أما إذا ظلم الحاكم وجحد لقوله تعالى: {كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى} [العلق 6-7]، نجده في هذه الحالة مستغنيا عن الشعب، وأن عنده من الأجهزة المعاونة ما يجعله يبطش ويظلم؛ مما يترتب على ذلك عدم وجود دور ورأي عام قوي للمحكومين. (المصدر: « مدارك »، بوابة الثقافة والفكر الإسلامي المعاصر بموقع إسلام أون لاين.نت (القاهرة – الدوحة) بتاريخ 18 نوفمبر 2009)
عن محنة الديمقراطية في العالم العربي
ماجد كيالي انشغلت معظم الأحزاب والتيارات السياسية والفكرية في الساحة العربية، طوال النصف الثاني من القرن المنصرم، بشعارات ومقولات التحرير والوحدة والاشتراكية، على اعتبار أنها التحديات الأساسية التي تواجه الأمة العربية، في سعيها للنهوض بأوضاعها وتعزيز مكانتها. هكذا، فإن هذه الأحزاب والتيارات لم تشتغل على مسألة الديمقراطية، إلى الدرجة المناسبة، ولا على مسألة الدولة والمواطنة في العالم العربي، إذ ظلت هذه القضية مهمشة، أو تأتي تاليا في سلم الاهتمامات الوطنية والقومية.
الوعي المتعثّر بالديمقراطية
فقط، ومنذ العقد الأول من هذا القرن (الحادي والعشرين)، بدا وكأن مسألة الديمقراطية باتت تحتل مكانة محورية في الخطابات التغييرية العربية، بعد أن انحسرت مكانة الخطابات القومية المتعلقة بمسألة الوحدة والتوحد العربيين، والخطابات اليسارية المتعلقة بمسألة العدالة الاجتماعية (أو الاشتراكية)، لأسباب داخلية وخارجية؛ بحيث أضحت مسألة الديمقراطية بمثابة مخلّص، أو بديل، لاسيما بالنسبة للتيارين القومي واليساري. ويصح القول بأن مسألة الديمقراطية، طوال الفترة المذكورة، باتت لدى كثير من التيارات السياسية العربية تنافس، وربما تزيح، الأولوية المتعلقة بالصراع العربي الإسرائيلي (وضمنها قضية فلسطين) جانبا، ولأول مرة. لكن تجربة السنوات الماضية أكدت استعصاء مسألة الديمقراطية في الواقع العربي، على الصعيدين السلطوي والمجتمعي، بما لا يقل عن الاستعصاء الحاصل في قضايا فلسطين والوحدة والاشتراكية. وقد بينت التجربة أن الواقع العربي: السياسي والمجتمعي والثقافي لم يستطع تمثّل مسألة الديمقراطية، وهذا يتعلق بالحكومات (وبالأصح السلطات) والمحكومين أو « الرعية »؛ وتقع مسؤولية ذلك (بحسب كتاب « هرطقات » لجورج طرابيشي) على عاتق الطرفين، فالذين فوق يسيطرون بسلطاتهم، والذين تحت يسيطرون بثقافاتهم وعاداتهم. لكن لا ينبغي أن يستنتج من ذلك بأن إعاقة الديمقراطية، واستعصاء الديمقراطية، في الواقع العربي إنما تصدر عن جوهر ثابت أو مطلق فيه (على ما يذهب البعض من المستشرقين والمتغرّبين)، وإنما هي تصدر عن تكلّس الواقع العربي، وهشاشة تفاعلاته، وضعف الفاعلين فيه، ما يضعف قدرته على النهوض والتطور الديمقراطيين. هكذا، مثلا، دخلنا في مسار التحديث من دون حداثة، وعرفنا من الحداثة مظاهرها وتجلياتها، دون التعمق بجوهرها وتوسّل أدواتها والمشاركة بإعادة إنتاجها. وهكذا، أيضا، تحولنا إلى إطار المدينة من دون تمدين، بحيث بتنا مدنيين نفتقد للمدنية، بمعناها وثقافتها الهوياتية والأداتية؛ أي أخذنا المكان (المدينة) من دون أن نتمثل زمان المدنية ودلالاتها وتعبيراتها المجتمعية والمؤسسية. فضلا عن كل ما تقدم فإن محنة الديمقراطية في العالم العربي تنبع من افتقاد الموروث التاريخي، السياسي والثقافي، لمفهوم الدولة والمواطنة، واتكاء هذا الموروث على مفاهيم « الخلافة » الدينية، و »الأحكام السلطانية » والنماذج « المملوكية »، وثمة في الواقعين الثقافي والسياسي ما يعمل على تكريس هذا الموروث وإعادة إنتاجه، بتلاوين مختلفة. طبعا، ثمة اجتهادات كثيرة، أيضا، أحالت ذلك الاستعصاء (في مسألة الديمقراطية) إلى طبيعة البنية الاجتماعية العربية، وتقليدية الفكر العربي، وعدم التمييز بين الديني والدنيوي، أو بين العلم والدين، كما ثمة من أحال ذلك الأمر إلى العوامل الخارجية، وضمنها الاحتلالات والتدخلات الغربية في الشؤون العربية. وعلى الأغلب فإن استعصاء العملية الديمقراطية في العالم العربي إنما ينبع من مجموعة عوامل، يمكن ملاحظتها في الإشكاليات التالية: الدولة أولا الإشكالية الأولى، تتعلق بطبيعة تشكّل الدولة في البلدان العربية، التي نشأت، في الأغلب، إما على حامل المؤسسة العسكرية (الجيش)، وإما على خلفيات قبلية/عشائرية. هكذا قادت هذه الأوضاع إلى تآكل الدولة المفترضة (دولة المؤسسات والقانون) لصالح السلطة، وإلى تهميش المجتمع، وعرقلة تحديثه وتمدينه، كما أدت إلى التحكم بمصادر الثروة والقوة والتشريع. وبديهي فإن تجاوز هذه الحال لا يكمن فقط في إرساء تكريس الشرعية السياسية عبر الانتخابات والاستفتاءات (على ما يحصل في بعض البلدان العربية)، وإنما هو يكمن بداية بإعادة الاعتبار للدولة (المؤسسات)، وإعلاء شأن القانون، وفصل السلطات، واحترام الحريات الفردية والعامة، وتحقيق المساواة بين المواطنين. فهذه هي المداخل الحقيقية اللازمة لإرساء التحول الديمقراطي في العالم العربي، وبعد ذلك تأتي قضية الانتخابات والاستفتاءات، وتداول السلطة؛ أي أن الديمقراطية تأتي تاليا لمسألتي الدولة والمواطنة، والاعتراف بالحريات والحقوق الأساسية، وليس العكس على ما يروج البعض. هكذا، فنحن هنا لا نتحدث عن الديمقراطية، وإنما نتحدث عن أهمية قيام الدولة أولا، باعتبارها معبر العالم العربي نحو الحداثة والتحديث، نحو العقل والعقلانية، نحو السياسة والمشاركة السياسية. ويستنتج من ذلك أن الجهود يجب أن تتركز أولا وقبل كل شيء على إعادة الاعتبار للدولة، أو تأسيس الدولة الحديثة في واقعنا العربي، دولة المؤسسات والقانون والدستور، باعتبار ذلك مقدمة ليس للديمقراطية فقط، وإنما لأية تحولات سياسية واجتماعية واقتصادية في الواقع العربي. فدولة المؤسسات والقانون (ونحن هنا لا نتحدث عن شكل النظام السياسي)، هي سابقة على الديمقراطية، فلا يمكن أن تتحدث عن التأسيس لديمقراطية في غياب هكذا دولة بمعنى الكلمة، أو في ظل وجود مجرد سلطة. تمكين الديمقراطية الإشكالية الثانية، وتتعلق بمستوى التطور الاقتصادي والاجتماعي والثقافي في العالم العربي، وهو عموما مستوى متدن وضاغط، ويحول دون تمكين الأغلبية المجتمعية من الاستحواذ على وعي سياسي واجتماعي لائق، ويحد من قدرتها على الوصول إلى مصادر المعلومات، ويضعف إمكانية معرفتها لحقوقها ومصالحها، وبالتالي ممارستها حرياتها، بعيدا عن الضغوط الاقتصادية والاجتماعية. وقد أكدت على ذلك تقارير التنمية الإنسانية العربية، التي أشارت إلى أن النقص في المعرفة والنقص في التنمية يؤديان بداهة إلى النقص في الحرية، أو في التمكين من الحرية، وبالتالي النقص في التمكين من الديمقراطية. ورب قائل بأن ثمة دولا ذات مستوى اقتصادي واجتماعي متدن تمارس عملية الديمقراطية وعملية تداول السلطة (مثلا الباكستان والهند)، إلا أن التجربة تؤكد بأن وجود مستوى لائق من التنمية يبقى على غاية الأهمية بالنسبة لضمان مشاركة سياسية حقيقية، وإرساء ديمقراطية فاعلة، بعيدا عن سلطة أو هيمنة المال والضغوطات المالية. ولا شك هنا بأن الفرد الأكثر تعليما، والذي يحظى بحد مناسب من العيش بحرية وكرامة، هو أكثر قدرة على معرفة مصالحه والذود عن حرياته وعن حقوقه؛ في حين أن الفرد العربي، على الأغلب، يعيش في غربة عن مجتمعه وعن دولته، وهو بالكاد يدرك حقوقه ومعنى مواطنيته، فيما هو غارق في هموم تحصيل لقمة العيش، وتأمين مستلزمات المأكل والملبس والمسكن، فضلا عن تكاليف التعليم والطبابة وغيرها؛ وفي هكذا أحوال فمن البديهي أن الديمقراطية الناشئة بهكذا أوضاع يمكن ان تكون ناقصة أو مقيدة، أو خاضعة للسلطات المهيمنة على احد المجالات أو عليها كلها (السلطة السياسية أو السلطة المالية أو السلطة القبلية). العامل المجتمعي الإشكالية الثالثة، وتتعلق بطبيعة البنية الاجتماعية والثقافية السائدة في البلدان العربية، وهي بنية قبلية، عشائرية وعائلية وطائفية ومذهبية وإثنية، وتنتمي لمرجعيات دينية، ومذهبية. وبديهي أن هكذا خلفيات تعيق الاندماج المجتمعي في البلدان العربية، وتحد من الانتقال إلى مسار الحداثة (مسار المواطنة والدولة والعقل)، وتساهم في إبقاء المجتمعات في حال من التفكك والاستنفار، وتحول دون تبلور المجتمع المدني. اللافت أن السلطات السائدة تبدو مرتاحة لهذا الوضع القلق، وتستمرئ العيش على هذه التناقضات، وتنصّب نفسها حكما لكل هذه الأحوال، وتجعل من وجودها الحل الأفضل لضمان الأمن والاستقرار، بدلا من وضع أسس الاندماج المجتمعي عبر المواطنة والدولة والقانون! التدخلات الخارجية الإشكالية الرابعة، وهي تتعلق بالاحتلالات والتدخلات والضغوط الخارجية، فلا شك أن قضية فلسطين والاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية، والاحتلال الأميركي للعراق، والسياسة الأميركية الرعناء في المنطقة، كلها تسهم في إعاقة الديمقراطية، وتثير الشبهات بشأنها؛ ما يعزّز، ولو بشكل غير مباشر، نزعة السلطة في البلدان العربية، التي جعلت من الصراع العربي الإسرائيلي، الأولوية على قضايا التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ولاشك هنا بأن محاولة إدارة بوش المنصرفة تبني مسألة الديمقراطية، في العالم العربي، ورفع شعار « نشر الديمقراطية »، كتغطية لسياساتها الابتزازية والتدخلية، شوّش على عدالة مطلب الديمقراطية في بعض الأوساط الشعبية (كما السلطوية)، وأسهم بخلق نوع من الريبة والبلبلة إزاء كيفية التعاطي مع مطلب الديمقراطية في العالم العربي. دورة التطور هكذا تتمثل محنة الديمقراطية في العالم العربي بعدم اكتمال دورة التطور باتجاه الحداثة، أي باتجاه العقلانية والتمدين والدولة والمواطنة والحريات الأساسية (بما فيها حرية الرأي والمعتقد)، فضلا عن التشوهات التي باتت تحيط بهذه الدورة، بشأن ما يتعلق بالتطور الاجتماعي أو الاندماج الاجتماعي، وما يتبع ذلك من تطورات في مجالات الثقافة والتقانة والتنمية الاقتصادية. والحقيقة فثمة سياق تاريخي (سياسي واجتماعي) لهذه العملية، تبدأ بداية من قيام الدولة، أي دولة المؤسسات والقانون، التي تتأسس على الفصل بين السلطات، مرورا باحترام الحريات الفردية وحقوق الإنسان أو المواطن (أي من مفهوم المواطنة)، والمساواة بين المواطنين، بغض النظر عن مراتبهم الاجتماعية والوظيفية وانتماءاتهم المذهبية والطائفية والإثنية، وصولا إلى ضمان الحق في التعبير والتنظيم والمشاركة السياسية، ما يعني الحق في إنشاء الأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام، وأخيرا، أي وبعد كل ذلك لا قبله، احترام مبدأ تداول السلطة، عبر صناديق الانتخاب والاقتراع. يستنج من كل ما تقدم أنه لا يمكن التعاطي مع الديمقراطية بوصفها شعارا، فهي عملية، وهي نتيجة أو ثمرة لمجمل التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وبهذا المعنى لا يمكن استنساخ الديمقراطية، ولا استيرادها، كما ولا يمكن اختزالها بمجرد عمليات انتخابية، شكلانية، أو مسيطر عليها. وبكلمة فمن دون الدولة، ومن دون مواطنين، من الصعب توقع إرساء ديمقراطية في الواقع العربي. (المصدر: موقع الجزيرة.نت ركن « المعرفة » بتاريخ 22 نوفمبر 2009)
الرابط: http://www.aljazeera.net/NR/exeres/68127CFC-3C3C-4E42-B12C-58E1557CD434.htm
والدتي ……في مواجهة توني بلير
صالح النعامي
لا أذكر أنه مضى يوم خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة دون أن تعيد على مسامعي نفس الحكاية مرة واحدة على الأقل، وما أن أسمعها حتى يفترسني إحساس بالغضب يذكيه شعور بالعجز وقلة الحيلة. تقول أمي التي تنتمي هي ووالدي إلى إحدى القبائل البدوية، التي كانت تقطن غرب مدينة » بئر السبع « ، وتحديداً في منطقة » الشويحي « ، أن القبليين من الأهالي في المنطقة فوجئوا عام 1948 عندما نجحت زراعة العنب في هذه المنطقة لأول مرة. وكان كل من يسير في كرم العنب الذي كان يحيط ببيت العائلة كان يضطر لخفض هامته حتى لا يصطدم بعناقيد العنب التي تتدلى كأكواز الليف في فضاء الممر المفضي للبيت. كانت هذه العجوز الثمانينية في ذلك الوقت عروس في العشرين من عمرها، وهي تذكر جيداً أن نجاح محصول العنب في ذلك العام كان حديث الناس الذين كانوا سعيدين جداً بما جادت به أرضهم، وهم لم يعلموا أنه لن يكتب لهم تذوق هذا المحصول. وفي إحدى الليالي من شهر تموز من نفس العام، اتفقت العائلة على الشروع في قطف المحصول صباح اليوم التالي. وبينما كانت هي وبعض النساء يشرعن في قطف بعض العناقيد، فإذا بصوت إطلاق النار في شرق » الشويحي « ، فنظرت، فإذا بالناس يفرون بإتجاه الغرب، وهم يصطرخون » يهود…. يهود « . لم يكن الناس في هذه البيداء يملكون أكثر من السيوف والشباري، بينما كان عناصر العصابات الصهيونية يحصدون كل من يقع في مدى مدافعهم. فر والدي ووالدتي على أقدامهما من كرم العنب، ولم يتمكنا من العودة للبيت. وتقول الوالدة أنه بينما كانت توشك على الوصول إلى تخوم قطاع غزة بعد أن قطعت 30 كلم مشياً على الأقدام، فإذا بها تسمع النبأ الذي لم تتحرر من تأثيره حتى يومها هذا……لقد أجهز الصهاينة على والدها وشقيقها اللذان عادا لبيت العائلة بعد أن فرا على أمل أن يخلصا » تحويشة العمر « . رغم الأسى والمرارة، فإن هذه السيدة العظيمة، لم تفقد ارتباطها بالأرض التي شردت منها، فرغم أنها فقدت البصر في إحدى عينيها، وفقدت عينها الأخرى كفاءتها بنسبة كبيرة جداً، إلا أنها تحرص على الحديث لأحفادها عن أرضهم التي شردت عائلتهم منها، وتعدهم أنهم سيعودون إليها، وهي تتفقد كواشين الأرض التي تحتفظ بها في ركن خاص في خزانتها. تشبثها بالأرض ليس له حدود، من يجالسها لا بد أن يسمعها وهي ترتجز بيت الشعر: يا دار يالي تلملم شملنا فيكي بالورد لرشكي حنا لحنيكي حالة أصيلة والدتي لست شذوذاً عن قاعدة، فحسب نتائج الدراسة التي أعدتها الباحثة زينب خليل عودة لنيل شهادة الماجستير من جامعة القدس حول اتجاهات اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات غزة نحو حق العودة، تبين أن 94% من اللاجئين يعتبرون حق العودة للاجئين حقاً مقدساً لا يمكن التفرط به وثابت لا يسقط بالتقادم. ورفض 83% من اللاجئين لعودة بعض اللاجئين وتوطين الباقي في الدول العربية، فيما عارض 88% توطين اللاجئين في الدول العربية وتعويضهم، فيما اعتبر 85% من المبحوثين مشاريع التوطين في الوطن العربي وخارجه محاولة إسرائيلية للتملص من حق العودة. صفعة لبلير
حال والدتي وجموع اللاجئين المتشبثين بحقهم بالعودة يمثل صفعة قوية لمبعوث اللجنة الرباعية توني بلير الذي يعكف على خطة تقضي بإقامة مدن في الضفة الغربية لتوطين اللاجئين، على أن تكون هذه الخطة مقدمة لتصفية قضية اللاجئين. ومن أسف فإن البعض في فلسطين يتعاطى مع هذه الخطة على أنها جزء من تدشين البنى التحتية للدولة الفلسطينية العتيدة التي يبشرونها بها. ما تقوله والدتي وبقية اللاجئين واضح وجلي، ليس من حق أحد أن يوفر الصيغ لتخليد الظلم والعسف الذي لحق بأبناء الشعب الفلسطيني عبر الزج بأفكار التوطين تحت هذا المسمى أو ذاك.
موقع صالح النعاميwww.naamy.net
ميراث الحرب علي المسمي بالإرهاب: أوباما ينزلق في هاوية الشرق الأوسط الكبير
بقلم جيم لوب/وكالة انتر بريس سيرفس واشنطن, نوفمبر (آي بي إس) – رنت أجراس التنبيه في آذان الرئيس باراك أوباما لدي عودته من جولته الآسيوية، لتذكره بحتمية إتخاذ قرارات حاسمة وعاجلة بشأن عدد من القضايا الملحة في منطقة « الشرق الأوسط الكبير » التي ورثها من حرب سلفه الشاملة علي ما يسمي بالإرهاب. فيواجه أوباما ضرورة حسم سياسته الخارجية وبسرعة، تجاه عدد من الدول من فلسطين إلي باكستان، في وقت يناضل فيه داخليا لتحقيق أولويته التشريعية الأولي، أي برنامج الرعاية الصحية. ومما يزيد الأمور تعقيدا هو أن هذه القرارات سوف تحسم تراث أوباما السياسي لا سيما فيما يخص القدرة علي إبعاد الولايات المتحدة عن حافة الهاوية العميقة التي حفرها سلفه في المنطقة برمتها، أو علي العكس، أي الإستمرار في تعميقها. تتصدر أفغانستان قائمة القرارات الحاسمة الواجب علي أوباما إتخاذها بما فيه عدد القوات التي سيحتاجها لتنفيذه إستراتيجيته المرتقبة، في وقت عزز فيه الجمود الظاهر التي يجتازه الملف النووي الإيراني، موقف أولئك المطالبين في واشنطن بفرض عقوبات صارمة علي طهران، إن لم يكن تدخلا عسكريا، وفي أقرب وقت ممكن. ثم جاء التدهور الحاد والمتصاعد لآمال إنعاش مفاوضات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، ليشكك وبقوة في قدرة السلطة الفلسطينية علي الإستمرار، بل وإمكانيات حل الدولتين في حد ذاته، وهو الذي بنت عليه واشنطن وغيرها من دول الرباعية سياساتها تجاه المنطقة. فحمل الوضع مستشار الأمن القومي الجنرال جيمس جونز علي القول بأن النزاع الإسرائيلي الفلسطيني هو المركز العصبي لكافة التحديات التي تواجهها واشنطن في « الشرق الأوسط الكبير »، بل والأزمة الرئيسية التي يتوجب أن تضعها علي قمة أولوياتها في المنطقة، إذا أرادت « حل أي مشكلة » فيها. أما جولة أوباما الآسيوية التي حملته إلي اليابان وسنغافورة والصين وكوريا الجنوبية فقد قوبلت بتباين كبير في الآراء في واشنطن، حيث أتهمه اليمينيون بالمغالاة في المحاباة تجاه قادة الصين، وحتي المبالغة في الإنحاء أمام إمبراطور اليابان. وأما أفغانستان، فقد دخلت مهلة التريث لإتخاذ القرار شهرها الثالث الآن، ما يجعله عاجلا ملحا للحسم في عدد القوات الإضافية التي يطالب بها القائد العسكري وبموافقة قائد أركان الحرب ووزير الدفاع فيما يبدو، بقدر 44,000 جنديا علاوة علي 68,000 موجودين بالفعل. لكنه تردد أن نائب الرئيس جو بايدن والعديد من كبار مستشاري أوباما، يعارضون هذه الزيادة في عدد الجنود في إفغانستان، وذلك من واقع قلقهم من الحملة المعارضة المتصاعدة والمتفشية بين قيادات الحزب الديمقراطي فيما تبين إستطلاعات الرأي أن مجرد ثلث الأمريكيين يؤيدون رفع عدد القوات، وبالتالي فيشيرون علي أوباما بتقليص حجم التصعيد أو وقفه تماما. ثم جاءت الأنباء عن ضخامة حجم الفساد من قبل الرئيس الأفغاني حامد كرزاي وشقيقه وذويهم، مضافا إلي تكلفة الحرب بقدر مليون دولار للجندي الواحد في السنة، جاءت لتعزز موقف نائب الرئيس ومستشاريه. والنتيجة أن أوباما، الذي إستبعد في الشهر الماضي الإنسحاب من إفغانستان، ربما يقرر إرسال 10,000 جنديا إضافيا، مع إشتراط ربط إي مساعدة أمريكية إضافية بقياس تحسن أداء حكومة كارداي حسبما أبلغته في كابول بالفعل وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون. ثم تأتي قضية ملف إيران الذي تعهد أوباما في الربيع الماضي بالتعامل معه من خلال التواصل والحوار، مع إعادة تقييم الأمر في نهاية العام الجاري، أي خلال شهر تقريبا الآن. لكن واشنطن وحلفاؤها في مجموعة 5+1 يعتبرون أن طهران ترفض إقتراح إرسال اليورانيوم منخفض التخصيب إلي روسيا وفرنسا لتخصيبه بدرجة أعلي. والنتيجة هي أن المسمي « لوبي إسرائيل » وحلفاؤه في الكونغرس، قد شددوا الضغوط من أجل إستصدار حزمة من القوانين التي تتيح فرض عقوبات أحادية علي إيران وعلي الشركات التابعة لدول أخري والتي تتعامل معها. والآن يبدو أن أوباما ذاته يميل إلي إستخدام العصا مع أيران. وفوق كل هذا وذاك، سددت تطورات الأمور في إسرائيل والضفة الغربية، علاوة علي قرار إسرائيل ببناء 900 مستوطنا في جيلو في القدس الشرقية، ضربة قد تكون قاضية لمسار أوسلو. فقد جاء قرار بناء مستوطنات جيلو ليقوي مخاوف الخبراء السياسيين التي سبقت إتخاذه، من خطر إندلاع إنتفاضة فلسطينية ثالثة في أي لحظة، بكل ما يمكن أن تحمله من عواقب كارثية لا علي آفاق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين فحسب، بل وعلي جهود أوباما لإستعادة سمعة واشنطن في المنطقة.
(آي بي إس / 2009)
أيهما أهم الغذاء أم النووي؟
بقلم :توفيق المديني لا تزال تداعيات الأزمة النووية الكورية الشمالية تتواصل على أكثر من صعيد، وقد قربت مواقف الدول المعنية مباشرة بهذه الأزمة في مجلس الأمن طيلة المرحلة الماضية، ولا سيما منذ أن قامت كوريا الشمالية بتجربتها النووية الثانية في 25 مايو 2009، والتي نددت بها الولايات المتحدة، قبل أن تقوم بتجارب على إطلاق صواريخ. الرئيس الأميركي باراك أوباما، الذي تواجه إدارته سلسلة من الأزمات غير القابلة للحل في المدى المنظور، بعض هذه الأزمات مزمن، مثل الصراع العربي ـ الإسرائيلي الذي يعود إلى مرحلة الحرب الباردة، وبعضها الآخر، مع كل من إيران وكوريا الشمالية، مستجد في ظل التفرد الأميركي بقيادة النظام الدولي أحادي القطبية، قال في اليوم الأخير من جولته الآسيوية، في سيول عندما التقى نظيره الكوري الجنوبي لي ميونغ ـ باك: «سنرسل السفير (ستيفن) بوسوورث إلى كوريا الشمالية في 8 ديسمبر المقبل، لبدء مفاوضات مباشرة مع المسؤولين الكوريين الشماليين». الهدف من إرسال السفير الأميركي إلى بيونغ يونغ، هو إقناع قادة كوريا الشمالية بالعودة إلى طاولة المفاوضات السداسية المخصصة لوقف برنامجها النووي. وكانت بيونغ يونغ أعربت في مطلع أكتوبر الماضي عن استعدادها لاستئناف المفاوضات التي بدأت سنة 2003، شرط إجراء حوار ثنائي مسبق مع الولايات المتحدة. في الواقع ما تبحث عنه بيونغ يونغ من خلال المساومة على برنامجها النووي، هو ضمان بقاء النظام وشرعيته. وعلى نقيض عدة دول أخرى تمتلك أسلحة نووية، لا يبدو أن كوريا الشمالية تبحث عن التأثير في الوضع الدولي أو الإقليمي، بيد أنها تريد قبل كل شيء تأكيد شرعيتها السياسية. كوريا الشمالية التي تناطح الكبار في ما يتعلق ببرنامجها النووي، هي دولة يبلغ عدد سكانها حوالي 23 مليون نسمة. وحسب تقديرات وزارة الخارجية الأميركية، فإن نصيب دخل الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بلغ حوالي 200 دولار سنة 2008، الأمر الذي يجعل كوريا الشمالية تحتل المرتبة 189 في سلم الترتيب العالمي. أما صندوق الأمم المتحدة المعني بالطفولة، فإنه يقول إن هناك 42% من الأطفال الكوريين الشماليين الذين هم دون سن السابعة، يعانون من تخلف في النمو، وهناك 70 ألف طفل يعانون من نقص فادح في التغذية في كوريا الشمالية. وكانت كوريا الشمالية تعرضت في بداية عقد التسعينيات من القرن الماضي، لمجاعة كبيرة أودت بحياة مليون شخص. غير أن السلطات الرسمية تقول إن إنتاج القمح سيبلغ 5 ملايين طن في هذه السنة، أي بزيادة 7% عن سنة 2008، الأمر الذي سيمكن الدولة من تقديم الغذاء إلى السكان لكي يسدوا رمق عيشهم. بيد أن الخبراء الأجانب المقيمين في بيونغ يونغ يشككون في هذه الإحصائيات الرسمية، في ظل غياب التقديرات التي تقدمها المصادر المستقلة، مثل البرنامج العالمي للغذاء، ومنظمة الأمم المتحدة للتغذية والزراعة «الفاو»، اللذين توصلا إلى نتيجة محددة بأن العجز الغذائي في كوريا الشمالية بلغ 80 ألف طن سنة 2008، رغم توافر عوامل مناخية مشجعة، إضافة إلى الأسمدة المخصصة للزراعة. أما سنة 2009، فقد كانت العوامل المناخية غير مشجعة، زد على ذلك رفض كوريا الجنوبية تقديم الأسمدة، من جراء اشتراط سيول تحقيق تقدم في مفاوضات البرنامج النووي الكوري الشمالي حتى تستمر في تقديم مساعدتها. ويتوقع الخبراء أن يكون العجز الغذائي في سنة 2009 متشابها مع سنة 2008. وكان البرنامج العالمي للغذاء قد دق جرس الإنذار في الربيع الماضي، عندما طالب بتقديم مساعدة بقيمة 500 مليون دولار لكوريا الشمالية، لكي يتم تخصيصها لتغذية ثلث السكان المحليين، لكنه لم يحصل سوى على 20% من هذا المبلغ (حسب صحيفة لوموند 15/11/2009). كوريا الشمالية موضوعة على القائمة السوداء في ما يتعلق بتلقي المساعدات الإنسانية، والسكان هم الضحايا الأوائل، بسبب طبيعة النظام الشمولي الذي يفضل البرنامج النووي الاستعراضي الحامي الوحيد لبقاء السلالة الشيوعية الوراثية في الحكم، بدلا من تأمين الغذاء لشعبه. كاتب تونسي ( صحيفةالبيان(يومية إماراتية) ، آراءوآفكار ، بتاريخ 24 نوفمبر 2009)