الثلاثاء، 2 مايو 2006

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2171 du 02.05.2006

 archives : www.tunisnews.net


هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات: بـيان الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: بـلاغ الرابطـة التونسيـة للدفـاع عن حقـوق الإنسـان: بيــان عريضة مساندة وتضامن مع الأستاذ المختار الجلالي وعائلته اللجنة العربية لحقوق الإنسان: إضراب الجوع.. رفضاً للخضوع اللجنة الجهوية لأصحاب الشهادات المعطلين عن العمل بقفصة: بــلاغ الـتـيار النقابي الـتقـدمي: عـيد طـبقـي.   1 مـاي 2006 الوسط التونسية: تضامنا مع المبادرة التي أطلقها عبد الله الزواري الصحفي سليم بوخذير يـردّ على تضليل الحكومة من فراش مرضه

نواة: حوار مع المناضل الصحفي سليم بوخذير –  (2) عبدالله الـزواري: 3 ماي اليوم العالمي لحرية الصحافة: « في البدء كانت الكلمة » محمد الهادي الزمزمي: مأساة أصحاب الأخدود على أرض تونس!  فأي مساغ لمهادنة أو مصالحة؟! القدس العربي: رئيس الوزراء التونسي يزور باريس لتعزيز التعاون الثنائي مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات: سيمنار الذاكرة الوطنية مع  مصطفى الزعنوني رشيد خشانة: إعلان الوحدة المغاربية … من واشنطن أو بروكسيل توفيق المديني: إيران النووية  وأمريكا في لعبة المجابهات الإقليمية و الدولية صلاح الدين الجورشي: « النووي » يجمع الإيرانيين رغم خلافاتهم أكرم البني : الانتقال الديمقراطي العربي.. معانٍ ومفاهيم

  


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).

 

قناة الحوار تستعيد البثّ ابتداء من الأحد المقبل 7 ماي 2006

كل يوم أحد من الساعة الواحدة الى الثالثة بعد الزوال

كل يوم أربعاء من الساعة السابعة الى التاسعة مساء.

احداثيات القناة

Hotbird 1 – 13° Est   — FEC ¾  —–Fréquence : 11534 —–Polarisation : Verticale—–Symbol rate : 27.500 –Canal : ArcoirisTV


هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات:
بـيـان
يحتفل الشغالون التونسيّون يوم غرّة ماي بالذكرى السّابعة عشرة بعد المائة لليوم العالمي للعمال وهم يواجهون ظروفا صعبة ويتحمّلون نتائج سياسة اقتصاديّة واجتماعيّة لم يشاركوا في تقريرها وليس لهم أيّ دور في مراقبة تنفيذها ولا يتمتعون بالحق في نقدها أو معارضتها والاحتجاج عليها.
إنّ المعامل والمصانع تغلق والعمّال يطردون سنويّا بالآلاف، والبطالة تتفاقم ويذهب ضحيّتها بشكل خاصّ الشباب بمن فيه حاملو الشهادات العليا. وتنتشر الأشكال الهشة للعمل ويزدهر الإتجار باليد العاملة عن طريق شركات المناولة. وتشهد المقدرة الشرائيّة للعمّال والأجراء تدهورا مستمرّا بسبب غلاء الأسعار وارتفاع تكاليف الخدمات الاجتماعيّة التي شملتها الخوصصة (تعليم، صحّة، نقل…) وتحمّل العمّال والأجراء الجزء الأكبر من العبء الجبائي. ويضطرّ العاطلون عن العمل وخاصّة الشبّان منهم إلى الهجرة السرّية (الحرقان) معرّضين حياتهم للخطر، بينما تقع فئات أخرى منهم في مستنقع الجريمة والكحوليّة والمخدّرات. وقد تعمّقت في ظلّ هذه الأوضاع الفوارق بين الفئات الاجتماعيّة وبين الجهات، وتركت قيم العمل والكدّ والجهد مكانها لقيم المحسوبيّة والرشوة والتحيّل للحصول على منافع ماديّة فانتشر الفساد وأصبح آفة تنخر كيان المجتمع.
وعلى الرّغم من هذه المظاهر المنذرة بأزمة اجتماعيّة خطيرة ظلّ نظام الحكم عاجزا عن تقديم الحلول الملائمة، وهو يراوح بين المسكنات الظرفيّة التي بان فشلها في حلّ المعضلات الاجتماعية وفي مقدّمتها معضلة البطالة، و بين المعالجة الأمنية التي تعتمد قمع الحريات الفرديّة و العامّة بما فيها حرية العمل النقابي في محاولة لفرض استقرار اجتماعيّ شكليّ. إن الاجراءات التي تمنع حرية العمل النقابي داخل المؤسّسات لا تزال سارية المفعول. ولا يتورّع الأعراف في القطاع الخاص عن منع العاملات والعمال من تكوين نقابات للدفاع عن حقوقهم الأساسية. وفي هذا المناخ تعمل السلطة أكثر فأكثر على تحويل « المفاوضات الاجتماعية » إلى مفاوضات شكليّة تحاول تحديد نتائجها مسبقا وفرضها على النقابات متعللة بصعوبة الظرف الدولي في الوقت الذي لا تتوانى فيه عن تقديم التسهيلات الماليّة والجبائية و القانونية لأصحاب الشركات والمؤسّسات المحليّة والأجنبيّة. ولا يجد الشغالون أيّ مجال للتعبير عن آرائهم والاحتجاج على ظروف عملهم وعيشهم والمشاركة في الحياة العامة وفي تسطير الاختيارات الكبرى للبلاد.
إنّ هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات إذ تحيّي الشغالات والشغالين بمناسبة عيدهم العالمي، تؤكد ما يلي:
أوّلا: مساندتها لنضالات العمال والعاملات وكافة الأجراء من أجل حقهم في الشغل (وضع حدّ للطرد الجماعي، منع الإتجار باليد العاملة عن طريق شركات المناولة…) وفي أجور تضمن لهم كرامة العيش وظروف عمل إنسانية وخدمات اجتماعية لائقة وغير مكلفة.
ثانيا: دعمها لمطالبة العمال وهيئاتهم النقابية باحترام حرية العمل النقابي وإزاحة كلّ العراقيل التي تقف أمام ممارسة هذه الحرية (إلغاء المنشور عدد 40 …)
ثالثا: إن التنمية هي أساس الاستقرار الاجتماعي وهي لا تتحقق إلا إذا كانت تلبّي حاجات الشعب الأساسية وتكرّس العدالة الاجتماعيّة وتشارك في وضع أسسها كلّ الفئات الاجتماعيّة والقوى الحيّة للبلاد.
رابعا: إن المدخل الحقيقي لمعالجة أوضاع البلاد الاجتماعيّة هو إقرار الحقوق الأساسية للمواطنات والمواطنين ومنها حرية الرّأي والتعبير والتنظم والاجتماع وممارسة النشاط النقابي والكف عن تجريم ممارسة هذه الحقوق وإطلاق سراح كلّ المساجين السياسيين وسنّ العفو التشريعي العام.
هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات تونس في 1 ماي 2006

(المصدر: موقع الحزب الديمقراطي التقدمي بتاريخ  2 ماي 2006)


أنقذوا حياة محمد عبو

أنقذوا حياة كل المساجين السياسيين

 

الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين

33 نهج المختار عطية 1001 تونس

الهاتف: 71.340.860

الفاكس: 71.351831

 

 

تونس في: 02 ماي 2006

 

بــــــــلاغ

 

أخبرتنا السيدة

خدوجة بوعكاز الفرشيشي وهي امرأة مسنة تتكىء على عكازين بعدما أصيبت بكسر برجلها اليمنى مولودة في 15 أفريل 1920 عمرها أكثر من ستة و ثمانين سنة وتحمل بطاقة تعريف وطنية عدد 00712518 أنها انتقلت كالعادة من تونس يوم السبت 29 أفريل 2006 صحبة ابنتها محبوبة مزقريشو لزيارة ابنها السجين السياسي السيد عبد الرزاق مزقريشو الذي يقضي عقوبة طويلة الأمد منذ تسعة عشر عاما لكن إدارة السجن رفضت تمكينها من زيارة ابنها متعللة بأنه معاقب وأنه وقع وضعه بالسجن الانفرادي لمدة عشرة أيام.

 

وقد ترقبت مدة ساعتين اثنتين لمقابلة مدير السجن الذي رفض مقابلتها و طلب منها أعوان السجن الرجوع يوم الاثنين غرة ماي لمقابلة مدير السجن الذي ربما يمكنها من زيارة ابنها و فعلا رجعت إلى سجن المسعدين (ولاية سوسة) يوم الاثنين غرة ماي 2006 فأخبروها بأن ذلك اليوم هو يوم عطلة ولم يقبلوا منها القفة التي أحضرتها لابنها ورغم إلحاحها طلبوا منها الرجوع يوم السبت الموالي ورغم توسلها ومحاولتها اليائسة ومحاولة إقناعها لنائب المدير بأن تسعة عشر عاما من السجن و المعاناة كانت عقابا لعائلة كاملة وأن ابنها أصبح مصابا بقرح بالمعدة والربو وأن بقاءه بالسجن فترة أخرى سيقضي عليه وعلى والدته العجوز المسنة المقعدة التي تحسب الأيام تمر عليها كسنوات الجمر.

 

وحيث أن تصرفات إدارة سجن المسعدين نحو السجين السياسي السيد

عبد الرزاق مزقريشو كانت موضوع تذمر و تشكيات أدت بالسجين المذكور وبعائلته إلى المطالبة بنقله المرار العديدة وبعثت برسائل لوزير العدل و للمدير العام للسجون و بعثت برقيات عديدة في الغرض منذ أكثر من عام دون أن تجد أي أذن صاغية.

 

رئيس الجمعية

الأستاذ محمد النوري

 


 
الرابطـــة التونسيـــة للدفـــاع عن حقــــوق الإنســـان   تونس في 02 ماي 2006   بيـــــان  

عمدت قوات كبيرة من أعوان الأمن بالزي المدني يوم الأحد 30 أفريل 2006 إلى محاصرة المقر المركزي للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان منذ الصباح الباكر بسد المنافذ و الطرق المؤدية إليه على مسافات قريبة و بعيدة و منعت وصول أعضاء هيئات فروع الجنوب و الوسط للرابطة لحضور إجتماع مع الهيئة المديرة تحضيرا للمؤتمر الوطني السادس المقرر يومي 27 و 28 ماي 2006 و أرجعت العديد منهم على أعقابهم عند خروجهم من مدنهم أو أثناء تنقلهم إلى تونس العاصمة أو حال وصولهم إليها أو عند إقترابهم من المقر.
و كانت نفس قوات الأمن منعت إجتماعا مماثلا لفروع تونس الكبرى و الشمال يوم السبت 15 أفريل الفارط و إعتدت بالعنف على العديد من المسؤولين الرابطيين.
و يتزامن هذا المنع المتكرر خلال نصف شهر لإجتماع بين الهيئة المديرة و فروع الرابطة مع فرض حصار يومي دائم على المقر المركزي للرابطة و منع دخول أي قاصد له بإستثناء أعضاء الهيئة المديرة و الإستحواذ على بريدها إضافة لقطع الإنترنت بين الفترة و الأخرى.
وينضاف هذا الحصار إلى ما عمدت إليه السلطة منذ شهر سبتمبر 2005 إلى فرض حراسة أمنية مطبقة على جميع مقرات فروع الرابطة بالجهات و منع الدخول إليها من طرف أي شخص بما في ذلك أعضاء هيئات الفروع، بدعوى صدور « تعليمات » و بدون تقديم أية تعلة حتى ولو كانت « قضائية ».
و الهيئة المديرة المجتمعة بصفة إستثنائية يوم الأحد 30 أفريل 2006، بعد تسجيلها لكل ما سبق :
1-     تدين بشدة و تندد بهذا الحصار الأمني غير قانوني لمقر الرابطة المركزي ومقرات فروعها وتعتبره تدخلا غير شرعي في شؤونها الداخلية من طرف السلطة و إنتهاكا متواصلا لحق الإجتماع. 2-     تذكر مرة أخرى أن هذا الحصار الشامل والمتواصل يأتي في إطار تنفيذ قرار سياسي وتطبيق خطة مختلفة الأبعاد لشل الربطة و محاولة الإستحواذ عليها بضرب طوق أمني و إعلامي و دعائي على تحركاتها و نشاطاتها و مواقفها و على مسؤوليها، لمنعها من ممارسة دورها الطبيعي. 3-     تنبه السلطة للمخاطر التي تضع نفسها فيها و تضع فيها البلاد بخرقها المتواصل للقوانين و توظيف القضاء في كل ما يتعلق بالرابطة و كافة مكونات المجتمع المدني المستقلة و الأحزاب المعارضة بالإعتداء المتواصل عليها و على حقوقها الشرعية المضمونة في القانون و الدستور و المواثيق الدولية. 4-     تعلم السلطة أن هذا الحصار المطبق لن يثني الرابطيين عن القيام بواجباتهم و لن يكون من نتائجه سوى شحذ عزائمهم في الدفاع بنجاح عن إستقلالية الرابطة حتى تقوم بوظيفتها التي بعثت من أجلها، كما نجح فيه الرابطيون سابقا بمناسبة الأزمات التي عملت السلطة على وضع الرابطة فيها. 5-     تدعو الرأي العام الداخلي و الخارجي و جميع الهيئات إلى فعل ما بوسعها و أخذ المبادرات التي تراها مناسبة للوقوف إلى جانب الرابطة لحمل السلطة التونسية على رفع الحصار المضروب على مقراتها و أنشطتها و تمكينها من عقد مؤتمرها السادس يومي 27 و 28 ماي 2006.
عن الهيئــة المديــرة الرئيـــس   المختــار الطريفـــي  
 

الرابطـة التونسيــة للدفـــاع عن حقـــوق الإنســـان   تونس في 29 أفريل 2006   بيــــــان 
                 يشنّ الصحفي سليم بوخذير إضرابا مفتوحا عن الطعام منذ يوم 5 أفريل 2006 مطالبا بحقه في الشغل وتمكينه من جواز سفره. وكان السيد بوخذير قد قرر الدخول في هذا الإضراب إثر قرار طرده من العمل بجريدة الشروق.   وقد تعكرت الحالة الصحية للسيد بوخذير بعد إصابته بنزيف كلوي حاد وأصبح يعاني من حالات إغماء واضطراب في دقات القلب. كما دخلت الصحفية شهرزاد عكاشة في إضراب مفتوح عن الطعام ابتداء من يوم 18 أفريل 2006 إثر طردها هي الأخرى من العمل بجريدة الشروق دون تبرير مقنع.   والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان إذ تعبر عن تضامنها مع الصحفيين سليم بوخذير وشهرزاد عكاشة من أجل مطلبيهما المشروع في الشغل فإنها تبدي كامل انشغالها عن صحة الصحفيين والخطر الحقيقي الذي يهدّد حياتهما خاصة بالنسبة للسيد بوخذير الذي طال إضرابه.   وتدعو السلطات إلى رفع جميع العراقيل الني تضعها لمنع تشغيل الصحفيين المذكورين، والتخلي نهائيا عن ملاحقتهما كإطلاق حرية الصحافة عبر جميع الوسائط، خاصة وأن العالم سيحتفل بعد أيام (3 ماي) باليوم العالمي لحرية الصحافة وقد أجمعت كل المنظمات الوطنية والدولية على أن الصحافة في تونس مقيدة وأن الصحافيين يمنعون من ممارسة مهنتهم بكل حرية.
كما تطالب الرابطة برفع القيود المضروبة على نقابة الصحافيين المشكلة بصورة قانونية وتمكينها من النشاط بحرية ومن عقد مؤتمرها الوطني الأول الذي كان منع بالقوة في شهر سبتمبر 2005.     عن الهيئـــة  المديــرة الرئيـــس المختـار الطريفـي

 

 

عريضة مساندة وتضامن مع الأستاذ المختار الجلالي وعائلته

يتعرض الأستاذ المختار الجلالي المحامي وعضو مجلس النواب سابقا المعروف بجرأته و دفاعه عن دولة القانون إلى حملة تشويهية ترمي إلى النيل من سمعته عبر أشرطة فيديو مفبركة تروجها مصالح تابعة لوزارة الداخلية بتونس.
وهذه ليست أول مرة تلجأ فيها المصالح الأمنية التونسية إلى مثل هذه الأساليب المبتذلة للضغط على المعارضين.
وإزاء هذا الوضع لا يسعنا نحن الممضين أسفله إلا أن نعبر عن :
·        تضامننا الكامل مع الأستاذ الجلالي ومع عائلته. ·        استنكارنا لهذه الممارسات مهما كان الشخص الذي تستهدفه مؤكدين أنها مخالفة تماما للقانون وللدستور وتشكل اعتداء صارخا على حرمة الأفراد وعلى حياتهم الخاصَة. ·       رفضنا الكامل لاستهداف الحياة الشخصية لغاية المساومة السياسية وإسكات الأصوات المعارضة. ·       شجبنا لاستعمال هذه الطرق التي نعتبرها دليلا على إفلاس سياسي. ·       ضرورة القطع مع هذه الأساليب التي تسيء إلى القائمين بها أكثر مما تسيء إلى المستهدفين من خلالها. كما ندعو : ·       الجهات المعنية إلى إيقاف هذه الحملة التشويهية فورا. ·        كافة الجمعيات والأحزاب المستقلة وكل المتشبثين بقيم الحرية والكرامة الإنسانية داخل تونس وخارجها إلى التنديد بهذه الممارسات الهابطة والتجند من أجل وضع حد نهائي لهذه الهجمة التي تدل على رغبة السلطة في القضاء بجميع الوسائل على كل نفس حر.  

الاسم و اللقب

الصفة

الإمضاء

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

اللجنة العربية لحقوق الإنسان  

إضراب الجوع.. رفضاً للخضوع

 

من البائس أن لا يبقى للإنسان سوى إضراب الجوع للفت الأنظار لمعاناة امتد زمنها طويلا، لقضايا عادلة تمر في غفلة من الزمن البائس الذي خص أنصار الانعتاق والكرامة بحصة مضاعفة من أوجاع الناس اليومية من آفتي الفساد والاستبداد، آفتان متضامنتان في عالمنا  لوضع قاسي المشاق وضبابية الأفاق في كل ما يمس خبز المواطن وحريته.   لقد بدأ الصحفي سليم بوخذير بتاريخ 5 نيسان 2006 اضرابا مفتوحا عن الطعام بسبب طرده من عمله وتعرضه للمضايقات من قبل السلطات التونسية. تبعته زميلته في جريدة الشروق شهرزاد عكاشة باضراب منذ 18 من الشهر نفسه احتجاجا لفصلها من عملها دون مبررات. كأن الصحافة التونسية الرسمية بحاجة لأمثلة جديدة على خروجها من العصر، تلاحق كل من يحاول النظر أبعد من بيروقراطيي جهاز يجتر القمع الأمني منهج تفكير وحياة.   إن اللجنة العربية لحقوق الإنسان، التي تستنكر هذه الممارسات في مسلسل عسف الدولة التي ما انفكت السلطة التونسية تمارسه منذ أكثر من عقد من الزمان ضدّ كل مخالف في الرأي  بغية إسكات كل الأصوات المنادية بإرساء الحريات الفردية والعامة، تطالبها باعادة الحق لأصحابه وبتحمل مسؤولياتها في تدهور الوضع الصحي للصحفي بوخذير.   وإذ تطلب من المنظمات العربية والدولية لحقوق الإنسان المزيد من التعريف بالوضع المتفاقم الخطورة في تونس والتدهور الخطير للحريات، تتمنى على السيد سليم بوخذير والسيدة شهرزاد عكاشة وسائر المضربين عن الطعام، بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، ايقاف إضرابهم حرصا على صحتهم وسلامتهم وأملا باستكمال تحركاتهم مع الحقوقيين والديمقراطيين داخل تونس وخارجها، لاسترجاع حقوقهم بوسائل أخرى.   باريس في 2/5/2006 


 
الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات تونس في 2 ماي 2006    مرجعنا رقم : 49/06  دعــــــــوة
                 بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، يسرّ الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات بدعوتكم لحضور اللقاء التضامني مع الصحفية بجريدة الشروق السيّدة شهرزاد عكاشة المضربة عن الطعام منذ ما يقارب الأسبوعين من أجل تمسكها بميثاق شرف المهنة، ومع كلّ الصحفيات اللاتي سلطت عليهنّ الانتهاكات من أجل حقهنّ في التعبير بكل حريّة.
وذلك يوم الأربعاء 3 ماي 2006 على الساعة السادسة مساء بمقر الجمعية.
    عن الهيئة المديرة                                                                                     عن الهيئة المديرة   الرئيسة                                                                                               المسؤولة عن الإعلام    أحلام بلحاج                                                                                             أسيا بلحسن  


يوم تضامني مع الصحفية شهرزاد عكاشة

 

مساندة للصحفية شهرزاد عكاشة تنظم اليوم (الأربعاء 3 ماي) النساء الديمقراطيات يوما تضامنيا وذلك بمقر الحركة الكائن بشارع الحرية بالعاصمة علي الساعة الخامسة مساء.

هذا اليوم التضامني الذي يصادف 3 ماي يأتي في إطار حملة المساندة الواسعة التي بدأت منذ دخول شهرزاد عكاشة في إضراب جوع احتجاجا علي مصادرة حقها في الشغل والتعبير.

 

الجدير بالذكر ان الصحفية المضربة عن الطعام  بدأت صحتها تتعكر خاصة في الساعات الأخيرة مما استوجب استدعاء طبيب مختص في منتصف ليلة 1 ماي.

 

(المصدر: مراسلة خاصة عبر البريد الالكتروني)

 

بلاغ إلى الرأي العام التونسي والعالمي

تردّت حالة الصحفيّة شهرزاد عكاشة المضربة عن الطعام منذ 19 أفريل 2006 إجمالا وصارت تعرف حالات من الإغماء المتكررة وعدم القدرة على الوقوف.   (المصدر: مراسلة خاصة بتاريخ 2 ماي 2006 على الساعة 3 و 26 دقيقة فجرا بتوقيت وسط أوروبا)  


 

صدور كتاب للدكتور عبد الرؤوف بولعابي

ينتظم مساء اليوم بدار نشر لارمتان بالعاصمة الفرنسية باريس حفل توقيع كتاب المفكر الإسلامي التونسي والقيادي في حركة النهضة التونسية  د.عبد الرؤوف بولعابي: « 

الإسلام والسلطة: مقاصد الشريعة وشرعية السلطة

« .   ود. بولعابي متحصل على الدكتوراه في علم الاجتماع السياسي والإسلامولوجيا بجامعة السربون ويشغل منصب مدير المعهد العالي للعلوم الإسلامية ببارس.   للاتصال بالد. بولعابي للتهنئة:  boulabi@issi.fr  


عملية ناجحة للاخ الطاهر بوبحري 

 

بعد معاناة طويلة مع المرض، خضع الاخ الاستاذ الطاهر بوبحري القيادي في حركة النهضة لعملية زرع كلية وطحال بأحد المستشفيات الباريسية.

وحسب الدكاترة المتابعين لحالته فإن العملية قد كللت بالنجاح بفضل الله.

 

ويقضي الأستاذ بوبحري فترة نقاهة ومتابعة بالمستشفى وقد قامت نهضة نت بالاتصال به للاطمئنان فنقل تحياته إلى إخوانه وأصدقائه ومحبيه.

نهضة نت تتمنى للاخ المناضل الطاهر بوبحري شفاء تاما عاجلا وعودة ميمونة إلى موقعه النضالي.

 

لمراسلة الاخ الطاهر: boubahri@hotmail.com

 

(المصدر: موقع نهضة.نت بتاريخ 2 ماي 2006 على الساعة 1 و39 دقيقة بعد الظهر بتوقيت لندن)

 


   اللجنة الجهوية لأصحاب الشهادات المعطلين عن العمل بقفصة   بــــــــــلاغ  
    قصد يوم 01 ماي 2006 عشرات الناشطين في حقل العاطلين مقر الاتحاد الجهوي للشغل بقفصه قصد الاحتفال باليوم العالمي للعمال كما جرت العادة باعتبار قيمة المناسبة عالميا،وقد تجمعوا أمام المقر في انتظار فتحه مع عشرات النقابيين والحقوقيين والطلبة.إلا أنه مع الساعة التاسعة والنصف بدأ الحضور البوليسي يتكاثف و يحاصر الجموع الحاضرة ثم يأمرها بالسب والشتم و الدفع و الركل  بمغادرة المكان على اعتبار أن الاتحاد لن يفتح هذا اليوم ! ! !إلا أن الحضور أصر على البقاء فعمد البوليس في المرة الثانية إلى محاولة عزل أصحاب الشهادات عن بقية الحضور و محاولة إجبارهم على المغادرة إلا أنهم تشبثوا بحقهم في حضور المناسبة فكان نصيبهم مزيدا من التعنيف ، و اعتقال عضو اللجنة الجهوية بوعلي الطبابي مما جعل الوضع مشحونا على درجة قصوى دفعت النقابيين إلى فرض فتح مقر الاتحاد، في حين واصل البوليس السياسي مطاردة أصحاب الشهادات والطلبة.   : ويهمنا في اللجنة الجهوية لأصحاب الشهادات المعطلين عن العمل  بقفصة –                                                                                  أن نندد بالتدخل البوليسي في الشأن العام بشكل سافر ومحاصرة الاتحاد والاعتداء على أصحاب الشهادات: –           غزالة محمدي ، رشيد بوزيان وعفاف بالناصر(أعضاء اللجنة الجهوية) –                                                                                   وعلى حقوقيين: –                                                                                   فتحي تيتاي (الرابطة) والفاهم بوكدوس ( منظمة العفو الدولية) ولطفي عزوز(هيئة18أكتوبر) –                                                                                   ونقابيين: حبيب عماروالسبتي الهنشيري (الأساسي) –                                                                                   وفتحي التابعي  (العدلية) وحبيب التباسي (الثانوي) –                                                                                  وعلي عمار(شركة فسفاط قفصة) –                                                                                  وطلاب  سامي عمروسية(الإ ع ط ت: مؤتمر التصحيح)..   – أن نشجب التواطؤ المفضوح للبيروقراطية النقابية بالجهة مع البوليس السياسي بإغلاقها مقر التحاد أمام النقابيين في  المناسبة الأكثر التصاقا بالشغالين والاتحاد العام التونسي للشغل.            اللجنة الجهوية لأصحاب الشهادات المعطلين عن العمل بقفصة


 

بــــــــــلاغ  

  فوجئ النقابيون والشغالون بجهة قفصة بغلق دار الاتحاد الجهوي بقفصة في يوم عيد الشغل،وكذلك القيادات النقابية واغلب الهياكل النقابية بالجهة،في حين حفر عدد كبير من أعوان البوليس مانعين الحضور من الاقتراب والتجمع مستعملين في ذلك أبشع أنواع المنع من سب وشتم وضرب وإيقاف لذلك فإنّ المتواجدين بساحة دار الاتحاد الجهوي بقفصة يعلنون ما يلي :

1- تمسكنا بحقنا في الاحتفال باليوم العالمي للشغل بدور الاتحادات وعدم مركزتها في جهة معينة( توزر)   تنديدنا الصارخ بغلق دار الاتحاد الجهوي للشغل بقفصة في وجه النقابيين      – 2-  3- تنديدنا بالتدخل السافر للبوليس السياسي في الشأن النقابي. 4- نعلن استعدادنا للدفاع عن حقنا في ممارسة الحق النقابي بالأشكال التي نراها مناسبة والتي تليق بمثل هذه الذكرى العظيمة. 5- نطالب بفتح تحقيق فيما يتعلق بغلق الاتحاد حتى يتحمل كل مسؤوليته    01 ماي 2006


عـيد طـبقـي   .   1 مـاي 2006    .

 

 

أيها الرفاق،

 

أصبح إحياء الذكرى السنوية لعيد العمال العالمي ظاهرة تشمل كل البلدان وتجسد الطابع الأممي للطبقة العاملة، هذه الطبقة الثورية التي تمكنت من اختراق الحواجز الثقافية وتخطت تعدد الأنظمة السياسية والأحلاف العسكرية والتنوعات الحضارية فاتحة أولى كوى التوحد الإنساني المنعتق من سائر أشكال الإغتراب العرقي والشوفيني واللاهوتي وكل استلابات الميز الجنسي والطائفي، تمهيدا للتجاوز النهائي لصراع الإنسان مع الإنسان عبر إعادة توزيع الثروة العالمية على سائر أفراد الجنس البشري والإنعتاق من صنمية التسليع الإستهلاكي وديكتاتورية رأس المال كي ينتهي أخيرا عصر ما قبل التاريخ ويبدأ التاريخ.

 

فمنذ أن أخذت الحركة الثورية بالتنظم أمميا بعد أن امتلكت الطبقة العاملة رؤيتها الخاصة للعالم وهو ما تجسد بتخلصها من التهويمات الطوباوية ومشاريع الإصلاح البورجوازي وشطحات الرؤى الخيرية وأوهام التعاون الطبقي، أي منذ أن اعتنقت طلائعها الرؤية الماركسية التي هي وحدها الكفيلة بتحويلها من طبقة في ذاتها موجودة موضوعيا وغير مستقلة إراديا إلى طبقة لذاتها واعية بدورها وبموقعها وعارفة بأهدافها التكتيكية وهدفها الإستراتيجي، منذ ذلك الحين تمكنت الطبقة العاملة وحلفاؤها من تحقيق انتصارات حاسمة وعرفت كيف تحشد قواها وكيف تستفيد من الهزائم لتعيد الإنطلاق من جديد.

 

إن النقد ونقد الذات خبز الثوريين اليومي ونحن، في نفس الوقت الذي نشيد فيه بالإنتصارات ونتملى معالمها لتـَرَسُّمِ خطى الذين حققوها لا نغفل عن تذكر الهزائم وتشخيص أسبابها لتجنب أخطاء الذين وقعوا فيها. لقد تمكنت الطبقة العاملة من فرض يوم العمل ذي الثماني ساعات وهو مطلبها الأساسي الذي اندلعت في إطاره أحداث شيكاغو يوم 1 ماي 1886 والذي ظهر آنذاك للإصلاحيين والإنتهازيين مستحيل التحقيق وواصلت هجومها بفرض العطلة السنوية والأسبوعية ومواصلة إنقاص عدد ساعات العمل التي أضحت عمليا باعتبار أسبوع الخمس وثلاثين ساعة وأيام الراحة لا تتجاوز 4.6 ساعات/يوم (هذه حصيلة (35*48)/365)؛ فما أبعد الشقة بين هذا الرقم والواقع الذي انطلقت منه نضالات اليسار الثوري حين كان العمال يداومون يوميا ما بين 13 و17 ساعة. كما وحققت الطبقة العاملة مكاسب جمة أخرى متلازمة مع هذا المطلب وأضحى بعضها اليوم بديهيا من نوع رفض دفع الأجور نقدا مما كان يتيح لأرباب العمل هامشا واسعا للإقتطاع التعسفي واصطناع الوشاة وارتشاء المراقبين، وفرضت التنظيمات العمالية منع عمل الأحداث والتعويض عن العمل الليلي والإضافي ومنحا شتى للنقل والتغذية والرعاية الصحية زيادة على عطل خاصة بالأمومة والمرض وتعويضات عن حوادث الشغل والإعاقات المنجرة عنها وجرايات للتقاعد وكفالة الأرامل واليتامى، ثم منح البطالة والحد الأدنى من الدخل الإدماجي. وفي الأثناء تمكنت الطبقة العاملة من استصدار تشريعات تبيح العمل النقابي والإضراب والإجتماعات وحق الإعلام في مواقع العمل، وأصبحت لتنظيمات الطبقة العاملة كلمتها في المفاوضات حول تعديل الأجور بالتوازي مع ارتفاع الأسعار وفي خطط إعادة الهيكلة الإقتصادية، وحشدت الطبقة العاملة من حولها وعبأت تنظيميا ووظفت تقدميا جهود دعاة الحقوق الثقافية والجماعات البيئية ومنظمات التحرر النسائي والمدافعين عن حقوق المهمشين. وتجلى جيدا الدور التاريخي للطبقة العاملة كطبقة قادرة على مقارعة البورجوازية وإلحاق الهزيمة بها عن طريق المراوحة بين آليات الديموقراطية الشكلية والعنف الثوري المنظم، وهكذا تمكنت الطبقة العاملة من الإستيلاء، بقواها والمتحالفين معها، على السلطة في روسيا والأقطار المتاخمة لها ثم في بلدان البلطيق وتشيكوسلوفاكيا وبولونيا وألمانيا الشرقية وبلغاريا والمجر ويوغسلافيا وألبانيا ورومانيا ومنغوليا والصين والتيبت وكوريا وفيتنام واللاوس وأفغانستان واليمن وأثيوبيا وكوبا؛ كما تمكنت بشكل عابر من امتلاك السلطة المحلية في بعض الولايات الهندية وقادت حروبا ثورية وضعتها على قاب قوسين أو أدنى من السلطة لولا التدخل الخارجي في إسبانيا والبرتغال وفرنسا وإيطاليا واليونان وسيلان والشيلي وهي اليوم في موقع هجومي في كولومبيا وفينزويلا والنيبال، بل إنها تدق بقوة باب التاريخ في مجمل أمريكا اللاتينية؛ وعلى الجملة فالطبقة العاملة قد استولت في وقت أو آخر على السلطة في 26 بلدا وشاركت في السلطة من موقع أغلبي في 80 بلدا. 

 

ولكن مقابل هذه الإنتصارات المجلية منيت الطبقة العاملة بهزائم فادحة وانكسارات مشهودة تؤشر لنقائص أساسية في تنظيماتها وخططها. لقد فشلت الطبقة العاملة في منع الحرب الألمانية الفرنسية في سبعينيات القرن التاسع عشر ولم تتمكن محاولتها الإستيلاء على السلطة في كومونة باريس من الصمود سوى شهرين وفشلت بعدها في منع التدخل الإستعماري وعجزت عن مقاومة الشوفينية العمياء التي أدت إلى الحرب العالمية الأولى ولم تتمكن من تحويل هذه الحرب إلى حرب أهلية إلا في روسيا ومن ثم أُحبـِطت محاولاتها لمنع تدخل الأربع عشر دولة ضد السوفيات وأيضا لمنع الطوق الواقي من محاصرة دولة العمال والفلاحين وخسرت المعركة ضد الفاشية في إيطاليا وألمانيا وإسبانيا وبقيت مكتوفة الأيدي أمام اندلاع الحرب العالمية الثانية ومنيت بالفشل أيضا في قيادة حركة تحرير المستعمرات مظهرة تقصيرها في الغالب العام من الحالات عن الربط بين المهام الوطنية والطبقية. وألحقت الإمبريالية العالمية بالطبقة العاملة هزيمتها الكبرى في تسعينيات القرن الماضي بانهيار سلطتها في الإتحاد السوفياتي وأوروبا الشرقية وبلدان البلقان والبلطيق ومنغوليا وأفغانستان واليمن وأثيوبيا. وهذه الهزيمة على فداحتها ليست حاسمة ولا نهائية كما أنها لم تكن أبدا حتمية بل نتجت حسب تحليل التيار التجاوزي عن ثلاثة أخطاء كبرى نرتبها تنازليا كالآتي: ـ العجز عن تطبيق المركزية الديموقراطية والحل التآمري لمشكلة الزعامة المحددة في اشتغال الحزب مما أفضى إلى وصول عميل للمخابرات الإمبريالية إلى منصب الأمين العام للحزب الحاكم في أقوى الدول الإشتراكية والتي ظلت اشتراكية حتى النهاية: الإتحاد السوفياتي؛ ـ الضعف الثقافي الفادح للطبقة العاملة التي بالرغم عن ارتقائها إلى مصاف الطبقة لذاتها إلا أنها ظلت أسيرة ثقافة الأنانية الليبيرالية وتسبيق المصلحة الفردية على الجماعية والإنبهار بقيم الإستهلاك الترفي وبالأطر الأسرية والباطرياركية بكل ما تستبطنه من موروثات إقطاعية وطائفية؛ ـ التفريط في بديهيات التحليل المادي التاريخي التي تعتبر الداخلي محددا والصراع إقتصاديا بالدرجة الأولى وهكذا فعوضا عن التركيز على تحقيق الرفاه العام للشعوب انهمكت الدول الإشتراكية، عدا الصين، في استراتيجية السباق العسكري وحاولت تصدير الثورة على رؤوس الحراب، هذه الفكرة الغريبة تماما عن الماركسية اللينينية، وبذرت ثروات طائلة في دعم أنظمة بورجوازية عميلة للإمبريالية ولا يرجى منها طائل على النحو الذي جسدته بوضوح مغامرات السياسة السوفياتية في منطقة الشرق الأوسط عموما وحيال مصر الناصرية بالخصوص.

 

أيها الرفاق،

 

اليوم وبعد أن بلغت موجة الجزر حضيضها وخسرت الطبقة العاملة الكثير في تراجعها الكبير ولكن المنظم، اليوم يتضح أن هذه الطبقة التاريخية بسبيلها إلى تسنم ذرى موجة المد القادمة والآخذة بعد بالإرتفاع. وواجبنا في هذه المرحلة هو أن نركز على حلقتين أساسيتين يتيحان لمن يملكهما، تماشيا مع المماثلة اللينينية المعروفة، أن يفتك السلسلة كاملة. المهمة الأولى الحيوية والمسبقة على كل الأخريات هي، رفاقنا، النضال بكل الأشكال الثقافية والسياسية والتنظيمية ضد كل القوى الرجعية و حلفلئها. أما الحلقة الثانية التي عليكم استهدافها ووضع اليد عليها فهي توسيع حبهة الأنصار باعتماد التعريف الأشمل والأصح للطبقة العاملة. هذا المفهوم أوسع من الإطار الذي يروم أعداؤنا حصرنا فيه، فهؤلاء الأعداء المفترون يقاوموننا بالأكاذيب وهم قد دأبوا شأن الملاكم المبتدئ على صنع هدف حسب مواصفاتهم ومن ثم الإنهيال عليه باللكمات، هم يزعمون أن الطبقة العاملة قد تقلصت عددا وتأثيرا وتجاوزها التطور الإجتماعي، كيف ذلك والعالم ينقسم أكثر فأكثر إلى أقلية لا تتجاوز حسب أشد الإفتراضات تسامحا خمس سكان المعمورة من مالكي وسائل الإنتاج، وإلى أربعة أخماس من الكادحين والمعطلين والمهمشين المذلين المهانين العائشين تحت حد الفقر وفي جحيم الخصاصة اليومية والعوز المزمن والبؤس الجنسي والتفاهة الثقافية والإنحطاط القيمي، أناس يعيشون ويموتون وعلى لسانهم ما ورد في البيان الشيوعي: الجنة غير موجودة أما الجحيم فنحن نعيش فيه. إن حيلة إنكار الطبقة العاملة والتنكر لممثليها حيلة قديمة أصبحت سخيفة جدا يتكفل الواقع اليومي بدحضها وإعادة دحضها في كل آن ومكان. من هو العامل؟ إنه، دون حاجة إلى سفسطة الكلاب الحارسة لقافلة النهب العالمي، كل شخص يتأتى دخله الأساسي من بيع قوة عمله سواء كان عاملا بساعده أو بذهنه حسب التسمية الإنجليزية المعروفة Brainworker. العامل يوجد في المصنع كما يوجد في الحقل وفي المكتب وهو هو الإعلامي الهندي الذي ينجز برمجيات الميكروسوفت ويرسلها إلكترونيا إلى مشغليه دون أن يحلم بأن يرى لهم وجها أو أن ينعموا عليه بتأشيرة دخول إلى بلادهم وهو أيضا المزارع الذي يكدح عامة سنته في أقاصي الأرض ثم يقدم صاغرا نصيب الأسد من دخله إلى الشركات متعددة الجنسية (وكثير منها مسجل في الكيان الصهيوني) التي تحتكر إنتاج وتوزيع البذور والمبيدات وأوعية اللف التي لم تعد الفلاحة العصرية تستغني عنها والعامل هو، بالمثل، شغيل المصنع والورشة وأيضا العدد الأكبر من الحرفيين المرتهنين للبنوك (سواق سيارات الأجرة والشحن مثلا)، وإذا كان بوسع محترفي الشعوذة النظرية والدجل الفكري أن ينكروا وجود هذا الجمهور العارم فإن ذلك لا يستغرب منهم هم الذين يتنكرون لكل شيء في سبيل الحصول على رضى سادتهم وإنعاماتهم السنية. إن هذه المشاحنات الإستفزازية لن تفت في عضدنا ولن تلقي الإرتباك في صفوفنا وهي لا تستحق منا سوى بسمة سخرية تقطر احتقارا ليس فيه ذرة شفقة. لن نغمض أعيننا عن الواقع بل نحن نراه جليا عاريا عن كل بهرج وهو يؤكد لنا أن الطبقة العاملة حية متجددة، قوية ومتراصة الصفوف وأنها الآن، في مطلع هذا القرن الجديد، تتولد مرة أخرى من رماد الحريق السابق ونحن نراها تنظم صفوفها وتشحذ أسلحتها وترسم خططها استعدادا لهجوم جديد.

 

أجل، إن الطبقة العاملة، قابلة التاريخ الخصبة المعطاء، لعلى موعد قريب مع ولادات جديدة.

 

الـتـيار الـنقـابـي الـتــقــدمـي

COURANTSYNDICAL PROGRESSISTE

 

تضامنا مع المبادرة التي أطلقها عبد الله الزواري

الوسط التونسية-خاص
تضامنا مع المبادرة التي أطلقها عبد الله الزواري-زميلنا عضو أسرة تحرير الوسط التونسية –  الإثنين 01 .05 .2006 من خلال دعوته للصحفيين التونسيين في كلّ بقاع العالم للقيام بإضراب جوع جماعي بتاريخ 03 ماي 2006 بمناسبة اليوم العالمي لحريّة الصحافة,من أجل مساندة سليم بوخذير-عضو أسرة تحرير الوسط التونسية- المضرب عن الطعام منذ أربعة أسابيع تحت شعار « لاتكسروا القلم الحر » دفاعا عن حقوقه المشروعة الى جانب الزميلة شهرزاد عكاشة المضربة بدورها عن الطعام منذ 18 أفريل 2006 احتجاجا على فصلها هي الأخرى من جريدة الشروق التونسية دون مبررات شرعية وقانونية ,فإنّنا من موقعنا كأسرة تحرير الوسط التونسيّة نعلن انخراطنا الفعلي في هذه المبادرة التضامنية من أجل المطالبة ب:   – إعادة كل من الزميلين سليم بوخذير وشهرزاد عكاشة إلى سالف وظيفتهما بجريدة الشروق التونسية وتمكينهما من حقوقهما ورفع كل المضايقات المسلطة عليهما. – ازالة القيود والمراقبة عن الصحافة الوطنيّة وسائر وسائل الاعلام وكل المواقع الإلكترونيّة .   هذا وستظل أسرة تحرير الوسط التونسية متابعة عن كثب واهتمام ودون اغفال لقضايا حرية الاعلام في تونس وفي العالم.   الامضاء: عن أسرة تحرير الوسط التونسية : http://www.tunisalwasat.com الد.أحمد القديدي – مرسل الكسيبي – الطاهر العبيدي – نور الدين الخميري – الحبيب أبو وليد المكني – عبد الله الزواري   (المصدر: موقع « الوسط التونسية » بتاريخ 2 ماي 2006)

الصحفي سليم بوخذير يـردّ على تضليل الحكومة من فراش مرضه

 

وصلنا عن طريق مساندي الصحفي التونسي سليم بوخذير المضرب عن الطعام منذ الخامس من أفريل 2006 التوضيح التالي منه على ردود فعل الحكومة على إضرابه عن الطعام، وهذا نصّ التوضيح :   لم تبد الحكومة التونسية أي تجاوب مع مطالبي المشروعة التي رفعتها في إضرابي المفتوح عن الطعام  بأن تعيد لي حقوقي التي سلبتها مني بالقوة وليس بمقتضى القانون وفي مقدمتها حق العمل والتعبير وحق بطاقتي الصحفية وجواز سفري، بل إنها على العكس تجاوبت سلبا بأن  أمعنت في محاولة نكران هذه الحقوق ومارست التضليل وبقوة  وسعت إلى  نشر معلومات لا تمت للواقع بصلة، ولذا أجدني مضطرا و أنا على فراش المرض لنشر التوضيحات التالية للتاريخ  رغم علم الرأي العام في الداخل و الخارج بعدم صدقيّة تضليلات الحكومة:   * بتاريخ 20أفريل2006 صرّح مصدر حكومي لوكالة « رويترز » للأنباء أن  » الحكومة لا دخل لها » في طردي من عملي و أنّ « حرية الصحافة مكفولة في البلد » ، وهذا الكلام من الحكومة هو فعلا من المضحكات المبكيات  فممّن تلقى إذن  أعوان أمن الدولة يوم 5 أفريل تعليماتهم لضربي ومنعي بقوة التعنيف من الإلتحاق بمقرّ عملي؟ و إذا كان مدير جريدة « الشروق » متوف من زمان فمن أصدر إذن (إذا لم تكن الحكومة نفسها)  قرار طردي و ذلك يومان فقط بعد نشري لشهادة أدين فيها الحكومة بأنها هي التي تنشر بنفسها بـ « الشروق » كلّ  المقالات القذرة غير الممضاة التي تنتهك من حين لآخر أعراض الشخصيات الوطنية التونسية و الدولية ممّن يخالفونها الرأي ؟   * أوعزت الحكومة في ذات التقرير الإخباري لوكالة « رويترز » لعبد الحميد الرياحي بأن يتحدث بصفة هي ليست له بتاتا  و لم تكن يوما له و لن تكون و هي صفة « مدير جريدة الشروق » ويدعي في التصريح أنه بصفته تلك إتخذ قرارا بطردي ، و هذا تظليل آخر صريح فمنذ متى كان عبد الحميد مديرا مسؤولا للجريدة ؟كيف يجوز أن يصدر عنصر بالجريدة  كل صفته أنه زميل لي في طاقم التحرير أن يطرد زميلا له ؟ أكتفي بالقول هنا أن لجوء الحكومة إلى الإيعاز إلى عبد الحميد بتقديم نفسه هكذا فجأة و دون موجب قانوني بأنه هو المدير المسؤول للجريدة  هو إثبات على صدقية  إتهاماتنا التي لا شك فيها للحكومة بأنها هي من أطردتني فهي بهذا التصرف إنما زادت (من حيث لم تنتبه) من إثبات كلامي  بأن الجريدة لا مدير مسؤول لها  وبالتالي ليس هناك أي قرار من المدير بطردي، ومعلوم أنه لا يجوز لأي شخص أن ينوب مديرا مسؤولا بعد وفاته و ذلك حسب قانون الصحافة نفسه الذي سنّته لنا الحكومة نفسها  .   * تحدث الرياحي عن أن فصلي تم بناء على ما أدعاه من أن هناك عقد مزعوم مبرم بيني و بين « الشروق « و أن مدة العقد قد إنتهت ، و قد كنت تحديت الرياحي و الحكومة ، في تصريحات لي لوكالة « رويترز  » و لـ « الجزيرة نت » ولـ « العربية نت » و لقناة « الحرة  » و لـ « قدس براس » و غيرها من وسائل الإعلام ، بأن يستظهرا لي بأي عقد يربطني أنا بجريدة « الشروق » و تكون مدته قد انتهت ، ومازلت عند التحدي ، فأنا لم أوقع في حياتي أي عقد يربطني بجريدة « الشروق » التي لا يجوز قانونا توريثها لأحد و لا حتى لشركة تجارية مثلما حاول البعض و لا يمكن لأحد البتة أن يأتي لي بنسخة عقد يربطني أنا بـ »الشروق » ببساطة لأن مديرها متوف فمع من أقمت أنا هذا العقد المزعوم  مع « الشروق » إذا كان المدير متوف ؟ هل مثلا مع زميلي عبد الحميد الرياحي ؟ و هل يجوز أصلا أن يكون الممثل القانوني للجريدة شخصا آخر غير المدير المسؤول ؟ باختصار أنا صحفي في « الشروق » بموجب صفتي  الصحفية المُثبتة تماما و لا يجوز للحكومة محوها مني هكذا بقوة البوليس  مهما حاولت و أنا أعرف و الحكومة تعرف و »القطوسة تعرف » (كما يقال) لماذا أطردتني السلطات من « الشروق » و كيف مثلما يعرف الجميع لماذا ضغطت بقوة وأطردت صحافيين آخرين قبلي من صحف أخرى وعاقبت البعض الآخر بالسجن و التنكيل و الملاحقة ..   * أخيرا مادامت حكومتنا الموقرة بريئة إلى كل هذا الحد من دمي فمن هذا يا ترى الذي حرمني للعام الثالث على التوالي من جواز سفري؟ هل هناك جهة أخرى غير الحكومة تأتمر بأوامرها مراكز البوليس ؟ و من يا ترى أمر  أعوان الأمن السياسي بإخراجي بالقوة من مراكز الانترنت مرارا و تكرارا إذا لم تكن حكومتنا البريئة ؟ و من يا ترى هذا الذي  حرمني من بطاقتي الصحفية أنا و زملاء آخرين كلّ ذنبهم أنهم  يريدون أن يظلوا محترمين في نظر أنفسهم قبل أن يكونوا محترمين في نظر الآخرين ؟ من هذا الذي حرمني من بطاقتي إذا لم تكن حكومة تونس ؟ هل مثلا حكومة بلاد الواق واق هي التي يأتمر بأمرها وزير الاتصالات ؟  
…. و ختاما أردّد: الجوع و لا الخضوع، وحسبنا الله و نعم الوكيل.. حسبنا الله و نعم الوكيل.
  سليم بوخذير صحفي يفضل الموت جوعا على العيش خاضعا


 

حوار مع المناضل الصحفي سليم بوخذير (2)

حاوره محمد الفاضل  

على مستوى الصحافة المكتوبة، الصحافة التونسية لها تقاليدها العريقة منذ الرائد التونسي وعلى مستوى الصحافة الإلكترونية هناك عدد من المواقع التونسية الممتازة و الرائدة لكن الصحفي والإعلامي في تونس لا يزال بعيداً عن الإشتغال على الصورة برغم الأهمية العالية التي صارت تحتلها في نقل الخبر و دعم مصداقيته، و لعل توقف حركة تطور القطاع الإعلامي في هذا الاتجاه أدى إلى هجرة الكفاءات الإعلامية و ترحيلها إلى الخارج فاستفاد الإعلامي التونسي دون أن يستفيد الرأي العام التونسي.  

 

الصورة لها معنيين: أولاً الصورة بوصفها شكلاً أو تقنية؛ فأنا أقول أنه في تونس الآن لا يجوز الحديث عن مشهد إعلامي لأنه لا وجود له أصلاً فكل ما هو موجود موالي للحكومة. فقناة حنبعل و قناة 7 هما قناتان مواليتان للحكومة و هما يشتغلان بكفاءات لا علاقة لها في الغالب بالإعلام، فأغلب المخرجين و التقنيين و الصحفيين فيهما لا يحترمون ميثاق الشرف الصحفي و هم قبل ذلك ليسوا أكفاء من الناحية المهنية. ثانياً الصورة بوصفها ناقلة للحقيقة؛ فقد كان فعلاً لدينا هذا المشكل مع الفضائيات و الأنترنات على نحو دائم، إذ لا يرفق الخبر في العادة بصورة تأكده و تقوي فعله. فنحن نُمنع من التظاهر و من الإجتماع فكيف يسمح لنا بالتصوير؟ فعديد أجهزة التصوير الفيديو كانت تُـحطم أثناء التظاهرات من قبل رجال الأمن حتى لا توثق الأحداث بالصورة، و الحالات القليلة النادرة التي ينجح الصحفي في التقاط الصورة كنا نزود بها الإعلام في الخارج. و من جهة ثانية لا توجد في تونس مبادرات إعلامية خاصة لأن الدولة لا تسمح بذلك. و لأن إنجاز مشروع إعلامي تلفزي أو غير تلفزي يحتاج إلى ترخيص و مثل هذه التراخيص لا تُمنح إلا لرؤوس أموال موالية للنظام. فإذاعة الموزاييك مثلاً (و أنا أسميها إذاعة الموزاـ ريق، لأنها إلتقاء الموز!!! مع الريق !!! الريق البارد حاشى السامعين، فصاحبها بلحسن الطرابلسي كان تاجر للموز ونورالدين بوطار بوليس في جريدة الشروق معروف بانتهاكاته الكبيرة لشرف المهنة الصحفية، و يساهم في هذه الإذاعة بـ الريق البارد !! لذلك فهي إذاعة اُنجزت بالإشتراك بين الموز و الريق). فهي إذاً إذاعة موالية للحكومة، ثم كيف تطلب من تاجر الموز أن ينهض بدور إعلامي راق في حين هو لا يفقه من هذا الميدان أي شيء؟ أو في حنابَغْل، كل مؤهلات عربي نصر أنه صهر ابن علي، و لاعلاقة له بالإعلام، بل مَن من مديري الصحف في تونس جاء إلى الصحافة بخبرة صحفية ؟ فكيف يمكن أن نطرح تطوير المشهد الإعلامي؟ فسعيدة العامري تنصّ بطاقة تعريفها على أن مهنتها شؤون المنزل، أصبحت مديرة جريدة منذ أن توفي زوجها كيف يمكنني كإعلامي أن أتحدث معها عن الصورة و دورها في الإعلام و هي إمرأة لا تُحسن غير الطبخ و شطف المنزل أو خياطة زر إن سقط من قميص إبنها. فمديري الصحف أََبْغَال ليس لهم علاقة بالمهنة و رؤساء التحرير في غالب الأحيان معينين، و يمكنك أن تجد بيننا بوليسية برتبة رؤساء تحرير. و قد قلت مرة خلال أيام القمة العالمية لمجتمع المعلومات في الندوة الصحفية لكوفي أنان أننا نتعرض للهرسلة من قبل رجال الأمن و أن عدداً منهم حاضرون معنا هنا في القاعة بصفة صحافيين و أشرت عليه ببعض من أعرفهم جيدا كانوا حاضرين بيننا. فأنا اُحرم من بطاقة مهنية و زملائي كذلك لطفي حجي و محمد الفراتي و سهام بن سدرين بينما تُمنح لرجل الأمن، و بالتالي لا يمكننا الحديث عن تطوير العمل الإعلامي في غياب الفضاء الإعلامي فليس لنا في الواقع فضاءات إعلامية في تونس و إنما فروع لوزارة الداخلية يسمونها صحف. لكن الصورة تُطرح على المستوى النضالي أيضاً فكما أن أحزاب سياسية و جمعيات في المجتمع المدني تنشط دون أن تحصل على ترخيص قانوني و مثلما هناك أقلام تكتب دون أن تحصل على بطاقات مهنية فلن تعجز العاملين في الحقل الإعلامي والصحفي الحيلة من التقاط صور و مشاهد الفعل النضالي ميدانياً و لن يكون على أحد أن يعبأ بتراخيص رسمية ممن لا صفة لهم. فما قولكم في هذا الرأي ؟ لقد كان هناك محاولات من هذا القبيل، صحيح أنها لم تكن كثيفة، نظراً للرقابة الأمنية، فأنا مثلاً سجلت حديث تلفزي لفضائية معينة منذ أسبوع في هذا المنزل، هل تعلم أننا بقينا لمدة أربعة أيام نحاول التسجيل و البوليس في كل مرة يمنعنا، الهاتف مراقب في بيوتنا و في مقراتنا و مقرات المنظمات، و في مواقع عملنا توضع أجهزة لتنصت، و يكسرون الكاميرا و رغم ذلك قمنا بمحاولات، أذكرك بقناة الزيتونة إلى جانب قناة الحوار التي بثت عدة مشاهد من تونس و حركة النهضة تمكنت من تسجيل سجناء خلال التعذيب، الله أعلم كيف تمكنت من ذلك ؟ أحزاب أخرى سجلت أشرطة فيديو، فمحاولات من هذا القبيل موجودة. رغم أن الأمن يراقب مراقبة لصيقة، فهم يمنعونك حتى من قضاء شؤونك الخاصة، و قد مُنعت من مراسلة زين العابدين بن علي شخصياً، لأني لا أعتقد أنه رئيس لكوننا بكل بساطة لسنا في نظام جمهوري و إنما في نظام دكتاتوري، و قد مُنعت بالقوة من قبل رجال البوليس، فإن كان قد منعك من حقك القانوني في التراسل فكيف يسمح لك بالتصوير و أغلب الشخصيات التي يمكنها أن تغامر بالتصوير هواتفها مراقبة و يقطعون الاتصالات كلما أرادوا ذلك، و قد إفتكوا مني هاتفي الجوال بعد تصويري إياهم، و مسحوا الصور. تجربتكم المهنية في ميدان الصحافة والتي تتمدد على طول حكم نظام السابع من نوفمبر تسمح لنا بسؤال عن رأيكم فيما لو قارنتم واقع المشهد الإعلامي بين حقبة ما قبل 1987 و بعدها. أريد أن أشير أولاً أن والدي مناضل في الحركة الوطنية بصفاقس، شارك لمدة أربعة سنوات بالمقاومة في منطقة القصرين و أصيب خلالها بجروح جراء طلقات الرصاص، و صار لاحقا يشتغل بوزارة الفلاحة و مراسل بجريدة (La Presse) نظراً إلى أن ثقافته فرنسية، و كان يعود إلينا دائماً محملاً بعديد الصحف التي ألجأ إليها للتسلية بقراءة بعض نصوصها بصوت عال، مقلداً مذيعي نشرات الأخبار بالتلفزيون: « و علمت الآن….. » فكان ذلك يثير في عماتي و خالاتي الضحك و يرمونني بالجنون أحياناً..و يدعون والدتي لمراجعة الطبيب للنظر في سلوكي الغريب بحسبهم. و منذ السنة أولى ثانوي صرت أشتري جريدة الصباح فقد كنت مغرما بالصحافة في سن مبكرة، و أذكر أن والدي كان يأتي بجريدة الرأي و هي صحيفة محترمة أيضا و كنت مغرماً بجريدة الأيام و هي جريدة جريئة رغم أنها موالية لحزب معين وكانت تجربة نيرة في الصحافة الساخرة بتونس، أيضاً جريدة النهار التي صدرت لفترة، حتى الجرائد الأخرى كانت جيدة على المستوى الإخباري و الإثارة الصحفية و الإخراج و كانت هناك كفاءة في اللغة العربية لكن هذا المستوى إنحدر لأن الجامعة لم تعد تنتج كفاءات بمستوى ما كانت تفعل سابقاً. فكلية الصحافة تم تمييع برامجها الدراسية كما لحقت اللعنة المؤسسات الصحفية، و قامت الدولة بتعين أناس ليسوا من العاملين في الميدان الصحفي، فهم لديهم ثقافة أمنية متخصصة لكن ليس لهم أدنى إحاطة أو ثقافة صحفية. ثم الإحباط العام الذي أصاب البلد و أهله جعل من حماسة عديد الصحفيين تتراجع، و تتناقص الجرأة و يصبح الخوف على أرزاقهم التي يهدد النظام بقطعها على من يخرج على خطه. فالحملة التي شُنت ضد الإسلاميين، لم تصب الإسلاميين و حسب و إنما أنهكت كل النخب و أخافت الجميع، و هكذا انحدر الإنتاج إلى الأسفل، و لم نرى الصحوة إلا في جريدة الموقف، فتقريباً في سنة (2001) بدأت مع جريدة الموقف أشبه ما يمكن أن نسميه بعودة الروح إلى الصحافة التونسية الجيدة شكلاً و مضموناً، بكفاءاتها العالية من مثل رشيد خشانة و محمد الفراتي و محمد الحمروني و محمد القوماني، ماهر حنين، فتحي الشفي كذلك الأسرة الموسعة التي أنتمي إليها أنا و زميلي لطفي حجي و عديد الأقلام الأخرى. فلو أن للموقف تشجيعات مادية لكانت صفحاتها أكثر و اهتماماتها أكبر و هي مع كل ذلك الآن درس للصحافة، تؤكد من خلاله أن الصحافة في تونس لم يُصبها العقم بل ما زالت رغم الصعاب ثابتة، أيضاً الطريق الجديد رغم بعض تحفضاتي فإنها جريدة جيدة و محترمة من الناحية الإعلامية. كذلك الصحف التونسية الإلكترونية جريدة البلاد و خاصة جريدة الوسط أيضاً جريدة كلمة .كذلك المنبر الإعلامي اليومي من مثل تونس نيوز و تونزين وغيرها. و أنا أجد أنه علي أن أدعو حزب التكتل من أجل العمل و الحريات أن يبعث بجريدة لإكمال المشهد الإعلامي إلى جانب الموقف و الطريق الجديد. و قد دعوت السيد مصطفى بن جعفر في غير ما مناسبة أن يفكر جدياً في الأمر وسندعمها و نساندها بكل غال و نفيس حتى لا تكون هناك موقف واحدة و هذا في واقع الأمر واجبنا نحو البلد و نحو حرية الإعلام. ما يتنكبه المشهد الإعلامي في تونس اليوم ربما دفع عدد من الأقلام التونسية إلى مقارنة الواقع الراهن للإعلام في تونس بعصره الذهبي، على حد وصفهم، خلال الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان أصدرت تقريراً بعنوان: الإعلام تحت الحصار، لكن الأصل أن أي حر في العالم لا بد أن يكون ضد الإستعمار لأنه يمارس عملية نهب منظم لثروات و مكسب الشعوب و يتعدى على حقوقهم فهو في المحصلة يساوي استبداد خارجي، فأي فرق يمكن أن يكون بين أي دكتاتورية ناشئة من الداخل و إستعمار مستبد يأتيك من الخارج، فعلى مستوى النتائج لا فرق بينهما. فأي فرق بين عصا يتعرض لها الإنسان من الداخل أو من الخارج ؟ فأن تكون مستوردة أو من إنتاج محلي، النتيجة في نهاية المطاف واحدة. فالدكتاتوريات العربية هي ناشئة من رحم الإستعمار، فحين كان إستعمار كان هناك صحف محظورة، و الآن تعيش البلاد الحالة نفسها. فأغلب الصحف التونسية التي لم تكن تروق للمستعمر كانت محظورة لكنها بقيت في أذهان الناس و في الأرشيفات و ظلت تعكس مستوى التألق الذي بلغته النخبة النيرة في تونس كما كانت تعبر عن تطلعاتها من أجل التحرر الوطني. و هكذا فحظرها و منعها من الصدور لا يمكن أن يلغي وجودها من التاريخ و لا من وعي الناس. فقد ذهب المستعمر و بقيت الصحف في الذاكرة . و تماماً كما حدث في السابق سيعاد مستقبلاً، فسيذهب ابن علي لا محالة و يذهب معه سلطانه و تجبره و ستبقى: تونس نيوز و كلمة و الموقف.. وكل التجارب النيرة و سيقال أنه كانت هناك صحافة نيرة تقاوم الظلم و الاستبداد و لن ينتبه أحد حينها إلى أن صحفاً كانت محظورة مثلما لم ننتبه نحن إلى أن صحفاً منعت و حجبت على أيام الإستعمار الفرنسي. و ما سيبقى أن صحفاً عبرت عن حركة تحرر وطني ضد الإستعمار مثلما تعبر اليوم مع الصعاب عدداً من الصحف النيرة عن حركة التحرر الوطني من الاستبداد الداخلي ممثلة في حركة (18) أكتوبر. فالواقع الحالي لا يختلف عن ماضيه، فلا يختلف الاستبداد الداخلي عن الإستعمار القادم من الخارج، و لا تختلف الحركة التحررية ضد الإستعمار عن حركة التحرر الوطني الثانية التي إنخرط فيها أبناء ذات الشعب، فراشد بوخذير الذي كان يقاوم الإستعمار الفرنسي يجيء إبنه اليوم ليتابع نفس المد التحرري. فنفسه الشعب الذي يطالب بالحرية البارحة يطلبها اليوم. مطلب حرية التعبير والإعلام، مطلب رفعته حركة (18) أكتوبر، و هو يشكل أحد أهم المطالب التي تجمع عليها المعارضة الوطنية و منظمات المجتمع المدني، لكن هذا ألا يحملكم مسؤولية التفكير في مشاريع إعلامية تكون قاعدة لعمل وطني يتجاوز الأفق المطلبية و يكون قادراً على مواجهة سيول الإعلام المتدفقة بفعل العولمة ؟ إن كنت تريد أن تطاع فيجب أن تطلب المستطاع، فأنت تتحدث عن بلد، حق الإجتماع فيه ممنوع و حق التنظم فيه ممنوع و هو بلد لم يتوفر فيه هذا الإعلام على المطالب الدنيا التي نرفعها. فكيف يمكن أن نلتقي جميعنا و نصرف جهودنا إلى مشاريع بهذا الحجم. ثانياً نحن نعبر بإستمرار عن مخاطر العولمة و نجتهد في حماية الصحافة التونسية من مخاطرها، فالصحافة التونسية اليوم مع المقاومة العراقية و هي أيضاً تعارض اُكذوبة الإرهاب و دعوى مكافحته في منابرها وندواتها وتواجه فضائيات الأغاني المائعة التي تحاول أن تفسد أخلاق الشباب و سياسات تخريب التعليم في تونس. لكن إنشاء مبادرة ضخمة من مثل مجلس أعلى للإتصال يستوجب حد أدنى من الحقوق و هو حق الإجتماع. فنحن نُمنع حتى من الالتقاء في المقاهي. أخيراً، كيف ترجون للواقع الإعلامي في تونس أن يكون بعد نظام بن علي ؟ في الحقيقة لا يجوز بإعتقادي الحديث عن مرحلة ما بعد ابن علي لأنه لم ينتهي بعد، لكن لماذا أبحث عن التفاؤل في المستقبل، فواقعنا اليوم يبعث على التفاؤل، فبالرغم من وجود ابن علي فإنه لم يستطع أن يكمم الأفواه الحرة و يذبح الكلمة الشجاعة و الصادقة. فهناك صحوة متراكمة يمثلها الأحرار، سواء بقي ابن علي أو لم يبقى، ستظل في تنامي مستمر و لن يوقفها أحد. بل أنا أقول أن علينا أن ننتظر من هذه الصحوة الكثير، و إن شاء الله نعيش لذلك اليوم، لأن نظام ابن علي أسكن في أجسام مناضلي المجتمع المدني أمراضاً كثيرة بسبب الهرسلة المستمرة و التجويع و الاعتقالات و نسأل الله أن نعيش إلى اليوم الذي نشاهد فيه إعلاماً حراً في تونس. و أنا أنتهز هذه المناسبة لأعبر عن تضامني مع زميلتي هند العرفاوي فهذه الزميلة اُطردت من جريدة (La Presse) بسبب موالاتها لنقابة الصحافيين التونسيين، ومن فضائح القضاء في تونس أن هذه القضية الشُغلية و مع اعتراف صحيفة (La Presse) بطرد الزميلة هند طرداً تعسفياً فقد حكم القاضي بحفظ القضية و لم يحكم لها بالتعويض, أنا أتضامن معها و أقول أن هذه القضية وصمة عار في سجل القضاء التونسي. أيضاً أريد أن أتضامن مع الأستاذ حبيب اللوز، المناضل الحر من حركة النهضة، و قد دفع فاتورة باهضة من صحته فاليوم ستة عشر سنة ذاق فيها كل ألوان الظلم في ظروف اعتقال وحشي، هذا الرجل يَفقد اليوم بصره أو يكاد، و هو اليوم في صراع مع الموت و قد مات فيه كل شيء إلا إرادته و أتمنى أن أسمع عنه أخبار طيبة، و أدعو له بالشفاء العاجل. و أطلب أيضاً من وحش الغابة زين العابدين بن علي أن يرفع يده عن حبيب اللوز وأساله ألا يكفيك ستة عشر سنة أخذتها من سنين حياته، أخذت منه صحته و بصره ألم تُشبع بعد يا بن علي نَهم ساديتـّك (sadisme) ؟ ونحن أيضاً نسأل الله لكم العافية من كل سوء، لتتابعوا مشاركتكم قيادة حركة التحرر الوطني على الجبهة الإعلامية، أنتم وزملاؤكم أصحاب القلم الشامخ والكلمة الحر، وشكراً.

 

(المصدر: موقع نـواة بتاريخ 30 أفريل 2006)

وصلة الجزء الثاني: http://www.nawaat.org/portail/article.php3?id_article=987

 

3 ماي اليوم العالمي لحرية الصحافة

« في البدء كانت الكلمة »

 

في البدء المطلق كانت الكلمة… وفي بدء بناء الإنسان كانت الكلمة… وفي بدء بناء المجتمعات كانت الكلمة…   وستبقى… كما ستبقى أفضل الجهاد في وجوه سلاطين الجور وما أكثرهم…

 

« إن الأمة إذا قدرت أن تقول، قدرت أن تفعل »

 

هكذا عنون محمد الجعايبي مقاله بجريدة « الصواب » يوم 7 ديسمبر 1906.. وقد أدرك أهمية القول في الفعل الحضاري، وكما أدرك هو هذه الأهمية أدركها الطغاة كذلك، فلا عجب بعد ذلك أن نراهم- في كل آن ومكان- يسعون جهدهم إلى الحيلولة دون التصريح بها ، وإن لم يكن لهم ذلك  فتراهم يعملون على منع انتشارها بتضييق الخناق عليها وعلى دعاتها، بل كثيرا ما تراهم  يعملون على نشر الأكاذيب ومن الأخبار الزائفة المختلقة والترهات والشائعات وذلك برصد الأموال الطائلة وتوظيف الكفاءات والإمكانيات، عساهم بذلك يطفئون أنوار الكلمة الأمينة الصادقة… وقد استقر عند العقلاء أن لا سبيل إلى تحرر المجتمع  تحرر الإنسان دون تحرر الكلمة.. فإذا رأيت الكلمة تندب حظها فاعلم أن المجتمع كله ذلك، بدءا بالإنسان ولا تغرنك تصريحات مسؤول ولا مدائح مدفوعة الأجر…

 

وسائل الإعلام ووسائل الإعدام

 

سئل الشاعر أحمد مطر عن سبب تجاهله وسائل الإعلام، فأجاب: « إني لم أتجاهل وسائل الإعلام…بل تجاهلت وسائل الإعدام، تلك التي تكتب بالممحاة وتقدم للناس فراغا خاليا محشوا بكمية هائلة من الخواء »

 

قال لي صاحبي: « أترى أحمد مطر كان مطلعا بمثل هذه الدقة على إعلامنا؟ »

قلت: » كلا يا صاحبي، لا أحسب أنه اطلع يوما على جريدة تونسية، وحديثه هنا عن وسائل الإعلام التي عرف ويعرف في منفاه الأول أو الثاني، يعني الكويت أو لندن »

         –         « وما رأيك لو اطلع عليه؟ »

         –         « لو اطلع عليه واكتفى بما قال سابقا لكان متسامحا جدا معه ».

         –         متسامحا جدا؟؟ وكيف؟؟؟

         –    » يا ليته كان يكتب بالممحاة ويقدم للناس فراغا…إنه يقدم سما زعافا      وزورا وتضليلا وسخافات وطاقة خشبية تغني الولايات المتحدة عن مفاعلاتها النووية « …

 

الصواب: 5 مـــــــــــــارس 1920

 

« رفع الحجر عن حرية الصحافة العربية فنهضت هذه الموؤودة من مرقدها و نشرت من مدفنها وأخذت تبدو كوكبا بعد آخر ثم تبدو كواكب أخرى ينتظم بها عقدها و يتكامل بهاؤها.

فها قد عاد اليوم صوابك و تلاه مشيرك، و غدا يأتيك مرشدك و بعدها يشرق منيرك، ثم يتقدم إليك الأستاذ جحا يضحك و يسليك و ينفعك و يطربك »

 

في عدد صادر بعد الانتخابات الرئاسية لسنة 2019 كتبت جريدة تونسية ما يلي:

« بعد مشاورات ماراتونية و مضنية تمكن رئيس الحكومة الجديد من الحصول على ثقة مجلس النواب في جلسته الثالثة، هذا و قد حازت الحكومة على الثقة ب59 في المائة من الأصوات.. و قد أعاد الوزير الأول تعهد حكومته بإعادة النظر في كل القوانين المخزية التي أقرت منذ 1956  و ضرب لتلك القوانين ذكر مجلة الصحافة و القانون المنظم للأحزاب…

 

و في 5 مـارس 2020  كتبت صحيفة ما يلي:

 » رفع الحجر عن الصحافة الوطنية، و ظهرت صحف بعد طول غياب، فهذه جريدة « الرأي » و هذه  » المجتمع » و  » المغرب العربي » و هناك  » الفجر » و  » البديل »…   و إن كنا تعودنا أن نرى صحفا ورقية تقوم ب »طبعات إلكترونية » فإننا نشهد وجها آخر للعملية، فهذه صحف إلكترونية ذات صيت عريق أسسها معارضون تونسيون في المهجر كانت محجوبة عن التونسيين وراء السياج الحديدي الذي أقامته الأنظمة التي حكمت البلاد أكثر من ستين سنة، بدأت في إصدار صحف ورقية، فهذه « تونس نيوز » وهذه » الوسط التونسية » و تلك « نواة » و « المناضل » و…….

 

كما أقيم متحف للذاكرة الإعلامية فهذا جناح للصحف التي عانت الأمرين في العهد البائد كالحجز والحرمان من الإشهار أو التمويل العمومي و غير ذلك من أشكال التضييق و هذا ركن علقت به كل الأحكام القضائية الصادرة في حق تلك الصحف، مع تعريف بالقضاة الذين أصدروا تلك الأحكام، وهذا ركن آخر للمقالات التي كانت سببا وراء حجز تلك الصحف، فهذا مقال لأم زياد نشر في آخر عدد للرأي قبل احتجابها في نوفمبر 1987، و هذا مقال بعنوان

 » شعب الدولة و دولة الشعب » وهذا مقال عن المحكمة العسكرية كمحكمة استثنائية غير دستورية، والقائمة طويلة… وهذا ركن آخر يعرف بالصحفيين الذين نالهم ما نالهم في ذلك العهد غير المأسوف عليه، فهذا عمر صحابو بجانب رياض بن فضل و تلك سهام بن سدرين وهذا المرحوم زهير اليحياوي، وهذا سليم بوخذير…. وهذا ركن آخر لصحفيين أجانب، من جنسيات مختلفة أروبية وعربية وغيرها، ناصروا قضية الحريات في بلادنا، فتعرضوا لمحاولات للقتل أو المنع من الدخول أو غير ذلك من أشكال التضييق التي برع فيها النظام الذي أفل نجمه…

 

وفي المقابل جناح آخر للصحف التي عرفت عصرها

« الذهبي » – والوصف في عير محله-، في العهد السابق حيث كانت تغدق عليها الأموال العمومية بلا حساب، وهذا ركن للذين تحصلوا على « القلم الخشبي » في الستين سنة الماضية، وهذا ركن للتعريف بالصحفيين الذين برعوا في مهر بعض المقالات الجاهزة بأختامهم، مقالات نهش الأعراض والقذف العلني والأخبار الزائفة وقلب الحقائق… وهذا ركن للأقلام المأجورة من جنسيات مختلفة، أروبية وعربية وغيرها التي…

 

كما اقترح الوزير الأول أن يترأس البشير بن يحمد- أمد الله في أنفاسه- المجلس الأعلى للإتصال وفسح المجال له لاختيار أعضائه ثم يعرض على النواب للتزكية، و أضاف الوزير انه من العار على تونس أن يهجر تونسي بلده من أجل رأيه أو فكره أو عقيدته…

وكان قبل 1956

 

– صدرت بتونس- الإيالة التونسية وقتها- بين جانفي 1904 ونوفمبر 1911 مائة وعشرة عنوانا.

– قبل سنة 1956 صدرت بتونس 44 نشرية يومية ( بقطع النظر عن مدة صدورها وانتظامها ولغتها) و 393 أسبوعية و 182 شهرية..

– قبل سنة 1956 صدرت  بصفاقس 39 نشرية جهوية ( بقطع النظر عن مدة صدورها وانتظامها ولغتها) كما صدرت بسوسة 24 نشرية وببنزرت 18 نشرية…. وبطبرقة 4 نشريات…. وبطبلبة نشريتان ونشرية واحدة كانت تصدر بكل من المهدية وتبرسق….

– كما صدرت عدة نشريات رياضية نذكر منها:

Centre football   وCentre sport و Le courrier des sports و Les courses و Le cri des sports

– كانت سنة 1920 أثرى سنوات الاحتلال المباشر بالإصدارات الجديدة حيث ظهرت 34 نشرية جديدة، و تليها سنة 1937 ب31 نشرية ثم سنة 1933 ب 27 نشرية، وبرزت للوجود 26 نشرية في كل من سنة 1905 و 1926  و 1932 و 1935…

 

يا للعجب‼

– صدرت صحيفة

L’AVENIR SOCIAL يوم 9 مارس 1919 وقد أوقفت مرة أولى في 1 ماي 1925 فاضطرت أسرة تحريرها إلى إصدارها بعنوان آخر فكانت LE COMBAT SOCIAL  التي صدرت بعد تسعة أيام فقط من إيقاف الأولى ( من 10 ماي 1925 إلى 16 أوت 1925) ثم منعت الثانية فأصدرت أسرة التحرير L’AUBE SOCIAL أي بعد14 يوما من مصادرة الثانية، و استمرت هذه من 30 أوت 1925 إلى 27 سبتمبر 1925 حيث أوقفت بدورها، فكانت LA BATAILLE SOCIALE بعد أسبوع فقط (من 4 أكتوبر1925 إلى 15 نوفمبر 1925) وتعرف هذه كذلك نفس مصير سابقاتها، فتصدر أسرة التحرير LA REVOLTE SOCIALE  يوم 28 نوفمبر1925 بعد 13 يوما( عدد وحيد) ثم كانت جريدة LE PROLETAIRE  التي صدرت يوم 9 ديسمبر 1925 واستمرت في الصدور إلى يوم 22 فيفري 1926..

 

و كان بعد ذلك (سنة 1989):

 

« الفجر »

في إطار حساباتها التكتيكية و إيهاما بانفراج سياسي أسندت السلطة الحاكمة رخصة إصدار صحيفة للسيد حمادي الجبالي القيادي النهضوي البارز، و قد رفضت السلطة أن تكون هذه الصحيفة يومية الصدور و لم يكتفوا بذلك، بل أوعزوا إلى كل أصحاب المطابع بالامتناع عن طباعة الجريدة على مطابعهم،     و قد اعتذروا عن تلبية طلبنا بأعذار شتى يصدق عليها ذلك القول  » رب عذر أقبح من ذنب »، وبعد إعراض إدارة الفجر عن طباعتها بالقطر الجزائري الشقيق      و اعتزامها إصدار الجريدة على الآلات الناسخة بقع الإيعاز إلى إدارة مطبعة « الأنوار » التي كان يشرف عليها حينذاك السيد محمد خميرة المدير السابق لجهاز « أمن الدولة » قبل سنتين فقط، على أن تطبع الجريدة قبل 36 ساعة قبل يوم توزيعها وفي حدود 40 الف نسخة لا يمكن أبدا تجاوزها…

 

وهلم فخرا‼

 

« ….. و طول جولتي يسليني ضميري بدندنة لا تنقطع: »لم نمدح شيطانا،لم نخن قضية الإنسان، لم ننس فلسطين، لم نذعن لأي سلطة، لم نضحك في وجه مرتزق… و هلم فخـــــرا »

   عن أحمد مطر

 

عبدالله الــــزواري

abzouari@byahoo.fr

الخريبة

4134 شماخ

الجمهورية التونسية

 

(المصدر: موقع نهضة.نت بتاريخ 2 ماي 2006)


 

مأساة أصحاب الأخدود على أرض تونس!!

محمد الهادي الزمزمي خاص / الحوار نت بسم الله الرحمن الرحيم

مأساة أصحاب الأخدود على أرض تونس! فأي مساغ لمهادنة أو مصالحة؟!

لا يكاد يمرّ يوم إلا وتتوارد علينا أخبار البلاد التونسية بأنباء مفجعة ومفاجآت مفزعة وأوضاع محزنة تتعلق بأحوال إخواننا المساجين والمسرّحين على سواء، فهم جميعا مع بلية السجن الصغير والكبير محشورون داخل مثلث الموت والمرض والحصار الرهيب. ذاك هو الوضع الدائم للمعتقلين والسجناء والمسرّحين من أنصار الحقّ والعدل والحرية في الديار التونسية في هده الأيام النحسات. لقد حولت طغمة عهد التحول المشئوم أيام تونس والتونسيين كلّها إلى فواجع ومحن وكوارث وفتن؛ حتى غدونا ما نستيقظ مع فجر كلّ يوم إلاّ وقلوبنا واجفة من وقوع فاجعة بقتل الطغمة لفلان أو تسببها في موت فلان أو الاعتداء على فلان أو إصابة فلان أو حصار فلان أو منع فلان وفلان، مما يزيدنا كمدا على كمد، ويضيف إلى همومنا هموما جديدة! على مدى تسعة عشر عاما من استيلاء طغمة السابع من نوفمبر على الحكم وانتهاكها لشرف تونس ما نسمع كل يوم بمأساة إلا هي أكبر من أختها. لقد افتتحت الطغمة عهدها النكد باستباحة الدم الإسلامي بدءا بالرائد المنصوري ثم طفقت رحاها تزهق أرواح الأبرياء لا ترقب في أحد منهم إلاّ ولا ذمة؛ فتوالت مواكب الشهداء تترى شهيد في إثر شهيد وهذه أسماء بعضهم نوردها على سبيل الذكر لا الحصر عبد العزيز المحواشي – إبراهيم الخياري – زهرة التيس – مبروك الزمزي – رضا الخميري – رضا البجاوي – علي المزوغي – عدنان بن عبد الرزاق بن سعيد – أحمد العمري – الطيب الخماسي – الهادي بوطيب – إسماعيل خميرة – سحنون الجوهري – مبروك الزرن – الخضر السديري – الزيتوني – عبد الوهاب بوصاع – حبيب الردادي عبد المجيد بالطاهر- نجاة الماجري – علي الدريدي – مولدي بن عمر – عبد القادر الصويعي – عزّ الدين بن عائشة – بلقاسم بالحاج نصر – الجديدي اليعقوبي – لطفي العيدودي – المطماطي – الشاذلي بن حريز – جميل وردة – صلاح الدين باباي – صالح بن حميدة عمرة – الأزهر نعمان – محمد الناصر الشارني – علي نوير… وهلم جرّا… واللائحة مفتوحة لمزيد! ولو رأيت أخي القارئ حال إخوانك المعتقلين وهم في قبضة أزلام الطغمة حين يجرّدون قسرا من أثواهم بقصد إذلالهم وإهانتهم بكشف عوراهم وإظهار سوءاتهم! وكيف يتفنن الزبانية في تعذيبهم حتى الموت! لو أبصرتْ عيناك كيف طحنت رحى الطغمة عظامهم وهشمت رءوسهم أو كيف مزعت لحومهم وأهرقت دماءهم وكيف قطعت أوصالهم ومزقت أبدانهم، أو منعت إسعافهم أو أهملت علاجهم؛ ولو سمعت صرخاتهم واستغاثاتهم وأصخت إلى آهاتهم وأنّاتهم لو رأيت أو سمعت لهالك الأمر واستهوتك أحزان! فهل ترى أزلام الطغمة أَبِهوا لصراخاتهم أو رحموا استغاثاتهم أو أصاخوا لآهاتهم أو رقّوا لأنّاتهم أو أجابوا نداءاتهم؟ هيهات! هيهات! وأنّى لقلوب قاسية كالحجارة أو أشدّ قسوة أن تأبه لصراخ منكوب أو تسمع استغاثة مكروب أو تغيث لهفة ملهوف! لقد أسمعتَ لو ناديت حيّا ولكن لا حياة لمن تنادي ذلك أن طغمة السابع من نوفمبر قد وطّنت نفسها على تصفية الوجود الإسلامي من أرض تونس بكلّ سبيل؛ فمن أفلت من رحى القتل والموت الزؤام، التقمته آلة النكال والتعذيب والانتقام لتسقيه كأس الحمام؛ وأما من بقي فيه رمق من حياة فمصيره التطويق والتجويع والحصار والتضييق. فمع كلّ مطلع شمس مِحن ومع كلّ مغرب شمس مِحن، وما بينهما مِحن ومحن، وهكذا دواليك حال الأحرار في الديار التونسية حتى غدا لسان حال كل حرّ هناك يقول: صُبَّت عليّ مصائبُ لو أنها صُبَّتْ على الأيّام صِرنَ لياليَا وما كانت هذه المحن والمصائب المسلّطة على إخواننا – ظلما وعدوانا – من الطُّغمة إلاّ دليلا على مدى ما يملأ صدورها من الحقد والضغينة على الإسلام وأهله.  وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ  [البروج: 8]. لقد شرعت أبواب المحاكمات الظالمة على مصاريعها لتقضي على إخواننا بأحكام جائرة وصلت للحبس المؤبّد. والحقّ أن الطغمة كانت ترمي من وراء تلك المحاكمات الصورية إلى تصفيتهم والتخلص منهم؛ ولكنها أدركت أن ذلك قد تثير عليها غضب الهيئات الدولية والجمعيات الإنسانية والدوائر الحقوقية، فجنحت لتحقيق غرضها بتوخي خطة خفية تتمثل في الالتزام الصارم بطريقة المعاملة الوحشية! والإبادة التدريجية؛ فكان لها ما أرادت. وتلك مواكب الشهداء الأبرار تقف شاهدا على فظاعة المجازر التي اقترفتها طغمة السابع من نوفمبر المتحكمة في تونس، وهذه الفواجع المتوالية على إخواننا مع تعاقب الليل والنهار تكشف القناع عما بيتته هذه الطغمة من خطة للإبادة التدريجية؟! إن الله سبحانه عدّ قتل نفس واحدة – ظلما – كأنه قتل للناس جميعا؛ فقال تعالى  مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً  [المائدة: 32] فكيف بقتل العشرات والتسبّب في موت المئين والآلاف؟! ألا تذكرنا ضحايا هذه المجازر الوحشية الواقعة على الأرض التونسية بمأساة أصحاب الأخدود مع اختلاف فقط في الطريقة والآلة المستعمَلَة في الجريمة. كانت محنة أصحاب الأخدود الأولى بدائية جرت علانية بخدّ الأخاديد وإضرام النيران وتحريق الأبدان وانتشار الدخان. ولكن محنة أصحاب الأخدود الواقعة اليوم في الديار التونسية تجري في صمت داخل الزنازين والأسوار والجدران حيث تزهق الأرواح في الخفاء وتمزع الأبدان أشلاء وأشلاء! فلا رقيب ولا نذير! إننا نعلنها صراحة أن ما يسلط على إخواننا اليوم من قهر وتعذيب وحصار وتنكيل وترهيب، وما يصحب كلَّ ذلك من إجراءات تعسفية لمنع الدواء وتحجير أنواع من الغذاء، والإهمال المتعمد للإسعاف والعلاج، وتطويق المسرّحين بفرض المراقبة الإدارية والمحاصرة الاقتصادية وحرمانهم من مباشرة أي عمل لكسب الرزق والتضييق عليهم في المعيشة ومعاقبة كلّ يد تمتدّ إليهم بالصدقة أو الإحسان؛ ومنع المرضى منهم والمصابين من تعاطي العلاج والتداوي؛ كل ذلك وغيره إنما يندرج في ضمن خطة محكمة للتحطيم لا بل الإعدام التدريجي لأولئك الأبطال. فكم من حرائر هتكت أعراضهن وانتهكت حرماتهن! ومات بعضهن كمدا وحسرة. وكم من سجين مات بسبب إهمال متعمَّد وكم من سجين أصيب بمرض عضال جرّاء سوء التغذية وانعدام الحِمْية والإهمال! ومنهم من فقد نعمة البصر، ومنهم من هو مهدد بالعمى! كما هو حال الشيخ الحبيب اللوز – المحكوم عليه بالسجن مدى الحياة – إن لم يتم إسعافه على عجل. وكم من بريء ولج بوبابة السّجن سليما معافى، فما غادر السجن – بانقضاء عقوبته – إلا بحزمة من أمراض مزمنة قاتلة؛ فهم بين مصاب بمرض القلب أو السرطان وبين مبتلى بمرض السكرى وضغط الدم وبين مختنق بمرض الربو أو مصاب بالفشل الكلوي أو المغصّ المعوي أو مبتلى بالسلّ الرئوي!.. الخ… ومن المسرّحين كذلك من علقت بهم – بسبب السجن والتعذيب والحصار والترهيب – عاهات مستديمة بلغت حدّ الجنون! والانهيارات العصبية والنفسية! فهل بعد كل هذا يرتاب عاقل في نوايا الطغمة وخطتها وهل يجد مساغا لمهادنتها! أو التلويح بالشعار الداعي لمصالحتها باسم الواقعية أو العقلانية! والله تعالى يقول  فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ  [محمد: 35]. فهل من العدل أو الحكمة أن تقدّم باقة الورد والياسمين لمن لا يرى سبيلا للتعامل معك إلا بالخناجر والسكاكين! ورحم الله أبا الطيب إذ يقول: يرى الجبناء أن الجبن عقل وتلك خديعة الطبع اللئيم. محمد الهادي الزمزمي www.alhiwar.net

 

 

رئيس الوزراء التونسي يزور باريس لتعزيز التعاون الثنائي

تونس ـ يو بي أي

 

من المقرر أن يزور رئيس الوزراء التونسي محمد الغنوشي يوم غد الأربعاء العاصمة الفرنسية باريس في زيارة رسمية تستغرق يومين هي الأولي من نوعها منذ سنوات عديدة.

 

وسيرافق رئيس الوزراء التونسي خلال هذه الزيارة وفد رفيع يضم وزراء الصناعة والطاقة عفيف شلبي، والتنمية والتعاون الدولي محمد النوري الجويني،والبحث العلمي الطيب الحذري، الي جانب حاتم بن سالم مساعد وزير الخارجية المكلّف بالشؤون الأوروبية،فضلا عن عدد من رجال الأعمال.

 

وقال السفير الفرنسي في تونس سيرج دي غاليان ان رئيس الوزراء التونسي سيجري خلال زيارته التي تأتي ردا علي زيارة رئيس الوزراء الفرنسي السابق جون بيار رافاران الي تونس في نهاية شهر كانون الثاني/يناير من العام الماضي، محادثات مع الرئيس جاك شيراك، ومع نظيره الفرنسي فيليب دوفيلبان، ومع عدد من كبار المسؤولين الفرنسيين حول السبل الكفيلة بتعزيز علاقات التعاون الثنائي.

 

واعتبر السفير الفرنسي في تصريح نشرته صحيفة البيان التونسية امس الاثنين أن هذه الزيارة تندرج في اطار تعزيز العلاقات الاستراتيجية والمتنوّعة بين تونس وفرنسا.

 

وأوضح أنه سيتم خلالها بحث آفاق تطوير العلاقات بين البلدين وفقا للمصالح المشتركة لجهة تكثيف التعاون في شتي المجالات علي ضوء التّنافس الدولي التجاري المتفاقم، الي جانب تبادل الأراء ووجهات النظر حول المسائل ذات الاهتمام المشترك، لاسيما علاقات تونس مع الاتحاد الأوروبي والتّعاون الأورو- متوسطي والحوار 5 زائد 5 .

 

وسبق لصحيفة الموقف التونسية المعارضة أن أشارت في وقت سابق الي أن طبقة من الجليد أصبحت تغطي الطريق بين تونس وباريس في أوج الربيع اثر اخفاق مؤسستين فرنسيتين في الفوز بصفقة بيع جزء من رأس مال مؤسسة اتصالات تونس التي فازت بها مؤسسة تيكوم ديج التابعة لشركة دبي للاستثمار.

 

وكان السفير الفرنسي لدي تونس قد أعرب عن أسفه لعدم فوز المؤسستين الفرنسيتين بهذه الصفقة،ولكنه قلّل من تأثيراتها السياسية، في الوقت الذي ذهبت فيه صحيفة الموقف الي القول ان هذا الأمر ألقي بظلال كثيفة علي العلاقات التونسية-الفرنسية، وترك آثارا سلبية في العلاقات السياسية بين البلدين.

 

وتعتبر فرنسا من أهم حلفاء تونس في مختلف المجالات، حيث يتضمن الاطار القانوني الذي ينظم العلاقات بينهما العديد من الاتفاقيات والمعاهدات الثنائية التي تتعلق بمختلف ميادين التعاون الاقتصادي والاجتماعي والسياحي والثقافي والعلمي والتقني.

 

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 2 ماي 2006)

 

تونس، في 02 ماي 2006

 

سيمنار الذاكرة الوطنية مع  مصطفى الزعنوني

 

السبت  06 ماي 2006 على الساعة التاسعة صباحا

 

إن تنظيم سيمنار الذاكرة الوطنية كل يوم سبت بدعوة عديد الشخصيات على اختلاف ميولاتهم السياسية وتخصصهم, قد ثمنه الجميع وعدوا ذلك مبادرة مشكورة لتجميع البيانات والمعلومات من الشخصيات التي أدت دورا ما, في بناء الدولة الوطنية. ومع هذا نذهب إلى الاعتقاد أن كل شخصية تونسية ترفض الإدلاء بشهادتها التاريخية حول مسيرتها تحت هاجس الخوف أو الحسابات السياسية الضيقة, قد تخلت عن واجبها الوطني تجاه جيلنا والأجيال القادمة وحيث منحوا الصلاحيات لأداء هذا الدور في بناء الدولة الوطنية !

 

وفي هذا الإطار, دعونا سي مصطفى الزعنوني للإدلاء بشهادته التاريخية كرجل دولة ومسؤول عال, تحمل أدق المسؤوليات على المستوى الوطني والدولي. لقد ولد سي مصطفى سنة 1928 بسوسة وأعد رسالته الجامعية للحصول على دكتوراه في العلوم السياسية والاقتصادية من جامعة باريس حول التجزئة الإدارية للبلاد التونسية. ومبكرا أي منذ سنة 1947 كان عضوا في الحزب الدستوري الجديد ثم نائبا للرئيس في جمعية الطلبة التونسيين 1950-1951 ورئيسا للشعبة الدستورية, ثم بعد ذلك عضوا في اللجنة المركزية للحزب من 1974 إلى 1980 وعضوا في البرلمان من 1974 إلى 1980.

 

أما مسيرته المهنية, فكانت غنية جدا, فقد عين رئيس مصالح الشؤون الاقتصادية لكتابة الدولة للتخطيط من 1956 إلى 1958, ثم مكلفا بإدارة الشؤون الاقتصادية في كتابة الدولة للفلاحة من 1958 إلى 1964, ثم كاتب دولة لدى وزارة الفلاحة ثم التخطيط من 19721 إلى 1974, ثم وزيرا للتخطيط من 1975 إلى 1980. ومنذ 1982 إلى 1986 عين كأمين عام مساعد في المنتظم الأممي ثم مديرا للمكتب الإقليمي لـ PNUD للبلاد العربية, وبعد ذلك سفيرا لتونس بفرنسا من 1986 إلى 1987, ثم خبيرا دوليا لدى العديد من المنظمات الدولية. أما إنجازاته التخطيطية, فقد كان وراء انطلاقه سنة 1959 لأول تخطيط قطاعي وساهم منذ سنة 1962 إلى 1963 في أول مخطط رباعي لقطاع الصيد البحري 1965-1968. كما ساهم في أشغال المخطط الرباعي والخماسي للبلاد التونسية 1973-1981. وكخبير دولي, دعي لإعداد المخطط الموريتاني الذي نظمته FAO ثم بعد ذلك في الجزائر والمغرب الأقصى والتشاد وقبرص وهايتي وجمهورية إفريقيا الوسطى والنيجر والسودان, إن عمق وطول هاته الخبرة, قد أهلته أن يحتل موقعا متقدما لتبني عديد المشاريع ولتوظيف الثروات المالية في المشاريع التنموية للعالم السائر في طريق التنمية. كما أنه كان واضع مخططات التنمية للمشاريع الصناعية من خلال إنشاء رأس مال للمخاطر بإفريقيا.

 

ألقى سي مصطفى الزعنوني عديد المحاضرات والدروس في عديد المعاهد المحلية والدولية. وشارك في كثير من المؤتمرات الدولية التي أشرف على تنظيمها لـ FAO والبنك العالمي والبنك الإسلامي والبنك الإفريقي, وكان عضوا مؤسسا لـ Club de Dakar لدراسة نقل التكنولوجيا للبلاد السائرة في طريق النمو بإفريقيا منذ سنة 1974.

 

إن مؤسستنا لها شرف دعوة مثل هاته الشخصيات التونسية ذات الخبرة والإشعاع الدوليين والتي ساهمت في بناء الدولة الوطنية وكذا في الدول العربية والإفريقية. وقد قبل مشكورا دعوتنا ليثير على منبر المؤسسة شهادته التاريخية, ولا يسعني إلا تقدير ذلك عاليا للعمل على تعزيز وإثراء الذاكرة الوطنية.

 

والدعوة مفتوحة للجميع ابتداء من الساعة التاسعة صباحا في المقر الجديد بالمؤسسة المذكور أسفله.

 

الأستاذ عبد الجليل التميمي

 

 

مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات

العنوان : المنطقة العمرانية الشمالية – عمارة الامتياز – 1003 تونس

الهاتف : 0021671231444 / 0021671751164. – الفاكس 0021671236677

temimi.fond@gnet.tn البريد الإلكتروني

 

الموقع على الإنترنت( باللغة العربية) ; www.temimi.org

(site en français) www.temimi.refer.org


إعلان الوحدة المغاربية … من واشنطن أو بروكسيل

رشيد خشانة

 

لم يجتمع وزراء مغاربيون للبحث في مسار الاندماج الإقليمي منذ سنوات، وإذا اجتمعوا فللعراك وتصفية الحسابات. لكن أميركا جمعت وزراء التجارة وحكام المصارف المركزية المغاربية في واشنطن أخيراً على هامش الاجتماعات نصف السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي وحضتهم على درس خطة عملية لإقامة منطقة مغاربية للتبادل التجاري. وكان واضحاً أن الأميركيين مازالوا مصرين على الدفع باتجاه إنشاء تكامل اقتصادي إقليمي في سياق منافستهم المعروفة مع النفوذ الأوروبي في شمال أفريقيا.

 

ومع انتكاس جهود التقارب بين البلدان المغاربية في أواسط العقد الماضي وإدخال الإتحاد المغاربي غرفة العناية المركزة نشط الأميركيون لوضع المسألة على جدول أعمالهم إن مباشرة من خلال مساعد وزير الخارجية الأسبق ستيوارت ايزنستات الذي جال على عواصم المنطقة مُبشَراً بمشروع سوق إقليمية مغاربية أو عبر المنظمات الدولية. فهم غامروا خلافاً للأوروبيين الحذرين، بوضع الأقدام في رمال الصحراء المتحركة عبر الموفد الأممي وزير الخارجية الأميركي الأسبق جيمس بيكر، من باب تيسير الوصول إلى تسوية للقضية الصحراوية.

 

كانت المهمة الأولى معقدة بسبب الصراع الجزائري – المغربي على النفوذ الإقليمي فغادر أيزنستات الملعب منهكاً بعد خسارة الديموقراطيين مواقعهم في أعقاب وصول جورج والكر بوش إلى سدة الرئاسة في السنة 2001، فيما صمد بيكر طويلاً قبل أن يلقي المنديل بدوره. مع ذلك ظل التكامل الاقتصادي المغاربي ماثلاً على الأجندة الأميركية إلى اليوم على رغم تدحرجه إلى المرتبة الثانية بعد قضية التنسيق الأمني والعسكري التي سيطرت على علاقات أميركا ببلدان المنطقة.

 

وفي خط مواز عمل الاتحاد الأوروبي على ايجاد أطر تتيح للمغاربيين تجاوز صراعاتهم ودمج جهودهم للتعاطي جماعياً مع التكتلات المقابلة إن في إطار حوار 5» +5»، أم في إطار مسار برشلونة الأورومتوسطي. طبعاً لا يهتم الأميركيون والأوروبيون كثيراً بصيغ التكامل السياسي ولا بالنواحي الثقافية في مسار الاتحاد المغاربي، خصوصاً بعد الشلل الذي أصاب كل المؤسسات المغاربية منذ أواسط تسعينات القرن الماضي، وإنما يهمهم في الدرجة الأولى وضع بلدان المنطقة على سكة تشكيل منطقة جمركية وتجارية موحدة تتيح للشركات الأميركية والأوروبية التعاطي مع سوق مندمجة قوامها ما يقرب من تسعين مليون مستهلك. غير أن تلك الأجندة الغربية تتقاطع مع تطلعات النُخب المحلية وتمهد الطريق لتكامل يُنهي الوهن الحالي ويرسي أحد مقومات التحديث. ففي أوروبا الشرقية والوسطى أتاح رفع الوصاية الروسية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي السابق إقامة أنظمة ديموقراطية أفرزتها انتخابات حرة وشفافة. أما في المغرب العربي فحافظت «النوموكلاتورا» التي حكمت منذ الاستقلالات على مواقعها وعززت نفوذها، لا بل استخدمت الصراعات مع الجيران وقودا لاضفاء الشرعية على حكمها.

 

بهذا المعنى بات الاندماج المغاربي مطلباً خارجياً أكثر منه مطلب الداخل طالما أن النُخب مُغيبة ومُبعدة عن القرار، هذا ان لم تكن مُكرهة على الهجرة وطلب اللجوء في المنافي. وفي ظل مجتمعات مُختلة البنية كالمجتمعات المغاربية صار الأمل بتحقيق اختراق على طريق التكامل الاقتصادي مرهوناً بحجم الضغط الذي يمارسه الأميركيون أو الأوروبيون لفرض قيام سوق مغاربية. ولن تنتهي هذه المفارقة التاريخية سوى بنهوض المجتمعات الأهلية تدريجاً واكتساب الحكام الشرعية المستمدة من صناديق الاقتراع.

 

لكن المشروع المغاربي لا يتحقق بالضرورة دفعة واحدة وبجميع الأعضاء، إذ يمكن التفكير في إنشاء اتحاد جمركي ثنائي أو ثلاثي في مرحلة أولى إذا ما كانت الظروف ناضجة لذلك. وتوجد حالياً بين الجزائر وتونس أو بين الجزائر وموريتانيا عناصر تكامل كثيرة وتقاليد من الروابط التجارية التي تجعل كل طرف ضرورياً للآخر، ما يشجع على وضع أسس اتحاد اقتصادي يمكن أن يشمل لاحقاً باقي البلدان المغاربية، أسوة ببدايات الاتحاد الأوروبي. وإذا لم يتم البدء بإيقاد شمعة أو اثنتين فلن يبقى أمام المغاربيين سوى لعن الظلام أو الإنتظار حتى مجيء حل سحري من الخارج… قد يأتي أو لا يأتي.

 

(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 2 ماي 2006)

 


إيران النووية  وأمريكا في لعبة المجابهات الإقليمية و الدولية

توفيق المديني (*)

 

استقبل العالم الغربي ، لا سيما الولايات المتحدة الأمريكية منه،إعلان إيران انضمامها إلى « النادي النووي »، أي انضمامها  إلى الدول الحائزة تكنولوجيا نووية بقلق  بالغ و تنديد. واحتفلت إيران بـ « إنجازها » في استكمال دورة الوقود النووي،ذلك أن إعلان إيران   أنها نجحت في تخصيب اليورانيوم إلى المستوى الضروري لإنتاج الوقود النووي، و بالتالي صارت الدولة  النووية الثامنة في العالم، يسلط الضوء على الدول التي سبقتها إلى عضوية النادي النووي.

 

إلى متى يظل النادي  النووي مغلقا على الكبار؟

 

حتى الآن هناك أقل  من عشرة بلدان تمتلك  السلاح النووي . و من أصل  الدول التي تمتلك  التقنية النووية ، هناك خمس دول تمتلك أسلحة نووية وفق التعريف  الذي تعتمده  » معاهدة منع الانتشار النووي TNP)) « ، وهي فوق ذلك  القوى الكبرى الخمس الدائمة العضوية  في مجلس الأمن ، أي الولايات المتحدة الأمريكية و روسيا (تحديدا الاتحاد السوفياتي السابق) وبريطانيا، و فرنسا، و الصين ، و كلها باستثناء الصين  كانت الدول  الحليفة التي انتصرت على « دول المحور » في الحرب العالمية الثانية.

 

ومن المعروف هنا أن المواقف التقليدية من طرف القوى النووية الكبرى، الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن (الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، روسيا، الصين)، تصر على احتكار السلاح النووي، وتعارض امتلاكه من جانب أي دولة أخرى. لكن جرى خرق هذا الحظر، وقامت العديد من الدول بصناعة أسلحتها النووية، مثل « اسرائيل » والهند وجنوب إفريقيا وباكستان وكوريا الشمالية. بعض هذه الدول تمكن من خرق القاعدة خلال فترة الحرب الباردة (« اسرائيل »، جنوب افريقيا)، والبعض الآخر انتظر حتى نهاية العقد الماضي حتى ينجز مشروعه النووي العسكري، مثل الهند التي أعلنت امتلاكها القنبلة الذرية في بدايات مايو/ ايار سنة 1998 ،وباكستان التي تلتها بأيام معدودة. وحدها كوريا الشمالية انتظرت حتى السنة الماضية، لكي تعلن استكمال برنامجها النووي العسكري.

 

إن تجاوز هذا المحظور من طرف المجموعة الأخيرة، يعني عمليا رفض توقيع اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية التي تم التوصل إليها سنة 1995. وقد صار بدءا من هذا التاريخ، في حكم الممنوع على أي دولة أن تكون مالكة للسلاح النووي، وتتمتع بعضوية الوكالة الدولية للطاقة الذرية في نفس الوقت. والسبب هو أن أحد شروط العضوية هو التوقيع على اتفاقية حظر الانتشارالنووي، وهذا لا ينطبق من حيث المبدأ على القوى النووية التقليدية، كون برامجها النووية أصبحت سابقة للإتفاقية.

 

وهذا يعني أن على الدول التي سعت منذ ذلك الحين لدخول النادي النووي، أن تختار بين برنامج نووي عسكري يعرضها لمتاعب مع المجتمع الدولي، كما هو الحال مع ايران، وبين برنامج نووي سلمي تتولى منظمة الطاقة الإشراف عليه ومراقبته بصورة دائمة، وتقديم المساعدات الفنية اللازمة له. وقد ندر حتى الآن التسامح مع حالة من الحالات، حاولت خرق هذه القاعدة، وهذا يمكن ملاحظته بوضوح من خلال النزاع حول الملفين الكوري الشمالي والإيراني، حيث تبدو امكانية الجمع بين الخيارين النوويين العسكري والمدني مستحيلة، وهي تلقى الرفض من جانب الأطراف الغربية المؤثرة.

 

لقد فضلت غالبية القوى النووية الجديدة، أي الواقعة خارج نادي الكبار، الخيار الأول الذي وصلته عبر أساليب ملتوية، بدأت عادة بإقامة برنامج مدني، ثم انتهت إلى برنامج عسكري. وقد رأت هذه القوى التي تقع أغلبها في منطقة جغرافية واحدة (آسيا الوسطى، وشرق آسيا)، أن امتلاك سلاح الردع أفضل لها من الناحية الاستراتيجية، من التوظيف النووي في الميدان السلمي، فالمشاكل التي تعيشها بسبب مخلفات نزاعات الحرب الباردة، والخلافات الاثنية والحدودية، دفعتها للتأمين على النفس بوجه التهديدات التي يمثلها الجار الآخر، كما هو الحال بين الهند والصين، وباكستان والهند، وكوريا الشمالية وكوريا الجنوبية، أو اليابان وجاراتها.

 

دولتان  من الدول غير الموقعة للمعاهدة  انضمتا علنا إلى  النادي النووي و هما الهند وباكستان بعد إجرائهما تجارب  و تفجيرات نووية . أما إسرائيل  التي تتكتم على وضعها  وترفض توقيع المعاهدة، فتؤكد التقارير أنها تمتلك ما لايقل عن 100 رأس نووي.أما كوريا الشمالية فقد اجتازت العتبة النووية على الأرجح، و الحال هذه يبدو أن إيران يستهويها مسار النمط الكوري الشمالي.

 

وفي الواقع هناك خمسون دولة تمتلك اليوم  مفاعلات أبحاث أو محطات طاقة التي تسمح لها باجتياز  العتبة النووية إما عاجلا و إما آجلا. بيد أنه من الملاحظ  أن عدد الدول المرشحة لإمتلاك السلاح النووي قد تضاءل تدريجيا مع مر العقود. و لابد من لفت النظر إلى أن أن هناك بلدانا  مختلفة أيضا ، مثل  كندا ، و سويسرا ،و ألمانيا، و السويد، و البرازيل ، وتايوان، و إيطاليا، و كوريا الجنوبية، و الأرجنتين ،و ليبيا، و العراق، قد استهوتها المغامرة النووية في مراحل مختلفة و في ظروف متنوعة . فجنوب إفريقيا سعت خلال فترة الحكم العنصري  إلى دخول  » النادي النووي » لكنها تخلت عن طموحها ودمرت موجودات ترسانتها لاحقا. كما أنه  يتعذر بدقة رصد المستوى الذي وصل إليه النشاط التخصيبي  لكوريا الشمالية.

 

هناك ثلاثة عوامل رئيسة مرتبطة عضويا سمحت إلى حد الآن استبعاد آفاق عالم حيث تتنافس فيه عدة قوى نووية . بيد أن هذه العوامل  هي اليوم ضعيفة ، منفردة و مجتمعة.

 

في مركز هذا الترتيب ،   يرمز بشكل  طبيعى نظام حظرالانتشار النووي الذي تم التوقيع عليه في عام 1968، و الذي وقعت عليه منذ حينئذ كل الدول باستثناء إسرائيل ، و الهند ، وباكستان و كوريا الشمالية. وهذه المعاهدة هي مضمومة إلى نظام المراقبة و التفتيش للوكالة الدولية للطاقة النووية .

 

إن إيران النووية  خطيرة بما يكفي لكي تهدد في الصميم  سلطة نظام منع الانتشار النووي . فإذا كان خروج كوريا الشمالية  من نظام حظرالانتشار النووي في سنة 2003، يمكن  اعتباراه انحرافا،فإن التحدي الإيراني  سيشكل سابقة  في ظل الفشل الدولي  الملازم في التعامل مع كوريا الشمالية ،الأمر الذي سيقود  إلى انهيار نظام حظرالانتشار النووي . فالأزمة الإيرانية تتعلق  بالنتائج المحتملة لصنع قنبلة نووية إيرانية، إذ ستلجأ بصفة خاصة السعودية و تركيا ومصر إلى إنتاج قنابلها النووية . وهنا لا يصبح الاختيار بين أن يكون في العالم 9 أو 10 دول نووية، ولكنه سيصبح بين أن تكون هناك 9 و30 دولة أو أكثر.

 

إيران أمة قديمة  تقع في قلب منطقة حيوية من الناحية الاستراتيجية ، و يشكل خروجها من النظام الدولي لمنع الانتشار النووي تحطيما لمنطق الثقة و الامتناع المتبادلين اللذين شكلا أساس معاهدة حظر الانتشار النووي.فإيران النووية ستفجر سباق التسلح النووي في المنطقة  من قبل الدول العربية الرئيسة.فقد اعتبر وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط إن: » مصر  لا تقبل ظهور قوة نووية عسكرية في المنطقة،حيث أن ذلك سيزيد من تعقيد  حالة الخلل الأمني الإقليمي ». و ذكر أبو الغيط أنه لم يحرز تقدما بعد « لشرق أوسط  » خال من السلاح النووي في ضوء الإصرار الإسرائيلي على عدم الانضمام إلى معاهدة حظر الانتشار النووي أو حتى نيتها للانضمام للمعاهدة ».

 

ثم إن وجود إجماع في ظروف الحرب الباردة بين قائدي المعسكرين الغربي والسوفياتي  ضَمِنَ الأمن للقوتين الأعظم ، و مَنَعَ بروز قوى جديدة متمردة على نظام منع الانتشار النووي.بكل تأكيد كانت حرب الخليج الثانية في عام 1991 و ملحقاتها قد فرضت هذا المنطق  الثائي  على المجموعة الدولية، بما أنه من خلال الإجماع الذي حصل في مجلس الأمن ، فكك المفتشون الدوليون البرنامج النووي العراقي.

 

بيد أن  نظام الإدارة المشتركة لأمن البلدان غير النووية قد اختفى  مع زوال النظام الدولي ثنائي القطبية ، وجاءت الحرب الأنكلو- أمريكية على العراق في عام 2003  لتحطم الإجماع داخل مجلس الأمن . فعلى الرغم من إحالة الملف الإيراني إلى مجلس الأمن ، كما فعلت مع أسلحة الدمار الشامل العراقية في بداية عام 2003، فإن معضلة هذا الملف للإدارة الأميركية، هي « شبح غزو العراق » الذي يخيم عليه، إذ إن واشنطن، بعد إخفاقها الاستخباراتي في موضوع أسلحة الدمار الشامل العراقية، تواجه « تحديا لمصداقية الإدارة في إقناع الأميركيين والعالم بأن واشنطن محقة هذه المرة بشأن إيران ».

 

مع الأزمة  الإيرانية الحالية ، نحن نشهد من جانب الأوروبيين محاولة إعادة خلق إجماع دولي ، و لكن في شروط مختلفة جراء الكارثة العراقية و الأهداف المتباينة بين أمريكا التي تريد إحداث تغييرات  ديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط وفق رؤية المحافظين الجدد، و بين الصين و روسيا اللتين ترفضان مثل هذا النشاط.

 

الصين وروسيا و الأزمة النووية الإيرانية

 

إن قسطا اساسيا من قوة الموقف الايراني يعود الى الموقفين الروسي و الصيني. فإلى وقت قريب بدت روسيا و الصين على غير اتفاق مع اوروبا والولايات المتحدة فيمايخص البرنامج النووي الإيراني. ويعود تميزهما هذا إلى أسباب تخص كل منهما على حدة، لكنها مرتبطة في كل الأحوال بعلاقات التبادل مع إيران. فالصين على تعاون مع إيران منذ فترة طويلة، وخصوصا في ميدان الصواريخ الباليستية بعيدة المدى، وهناك آفاق واسعة للعلاقات الثنائية في المستقبل القريب، في ظل حاجة إيران للخبرات الصينية في تشييد البنية التحتية. ثم إن حيازة إيران للسلاح النووي لايزعج الصين، مثلما هو الأمر لروسيا.ولم تقدم الديبلوماسية الصينية  على أي خطوة من شأنها  تعكير صفو العلاقة و الصداقة مع طهران  التي وجدت أن مصدر انطلاقتها  في السنوات الأخيرة هو امتلاكها للنفط .و الصين  اليوم سعياً وراء امتلاك الطاقة تتوق إلى الانخراط في الرهانات الجيوبوليتيكية   أصبحت منذ عام 1993 مستوردًا صريحَا للذهب الأسود. فهي تشتري ثلث احتياجاتها من الخارج، وسوف يتجاوز هذا المعدل ليصل إلى 50% في عام 2020، و من المحتمل إلى 80 في عام 2030. ويضع هذا الأمر الصين في حالة فقدان للأمن الاستراتيجي، مادام ثلثي  هذه الاسترادات مصدرها الشرق الوسط. زد على ذلك حالة عدم الاستقرار التي تعاني منها المنطقة، النفط يصل الصين عبر الطرق البحرية أي 12000كم تفصل ما بين شنغهاي و مضيق هرمز الواقع تحت سيطرة القوات البحرية التابعة للولايات المتحدة الأمريكية.

 

هذا يعني أن الحماس الصيني  للفكاك من ربقة الحصار الأمريكي عبر  إقامة علاقات وثيقة مع دول نفطية لها حساسيتها الخاصة تجاه واشنطن، و الهدف هوفتح مزيد من نقاط  العبور إلى ممرات آسيا الوسطى التي اشتهرت بالأمان. و في هذا الصدد تقدم إيران ورقة رابحة مزدوجة. ففي عام 2004 ، وقع البلدان  اتفاقا تشتري بموجبه الصين مادتي الغاز و النفط بقيمة 70 مليار دولار، ومدة التسليم  تصل على ثلاثين عاما. ومن هذا المنطلق سوف يساهم الصينيون في  استثمار آبار يادفاران  الواقعة على مقربة من الحدود العراقية، كما تأمل بكين  أن تشارك في مشروع خط الأنابيب  مرورًا بإيران و حتى بحر قزوين، حيث يمكنها لا حقًا الاتصال مع خط الأنابيب الآخر الذي يربط كازاخستان  بالصين الغربية.

 

إن الاتفاق الأمريكي لآسيا الوسطى لا يتفق مع تلك المخططات. وهذا بدوره قد أحيا مخاوف بكين حيال الطرق القارية البديلة، يغذيه قلق الصينيين من الوقوع بين فكي كماشة من الشرق و الغرب. من هنا عملت بكين وطهران  اللتين تواجهان نفس الإستهداف لتصليب جبهتيهما في مواجهة الاندفاع الأمريكي في المنطقة.

 

هدف إيران المعلن  هو جعل الصين في رأس قائمة مسوقي النفط و الغاز الإيرانيين بدلا ًمن اليابان. وفي هذه الظروف لم يكن مستغربا معارضة الصين  في عام 2004 لقرار  مجلس الأمن   الخاص بالملف النووي الإيراني . ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل ستواضب الصين على حماية إيران حتى ولو أدى  التحدي الإيراني الجديد إلى أزمة دولية حادة؟.

 

في الوقت الحاضر لا تزال الصين تعارض فرض العقوبات على طهران أو الحديث عن أية إجراءات عسكرية أخرى. فالصين « لاتزال ترى أن الحل الدبلوماسي هو الحل الأنسب ».

 

أما الموقف الروسي، فهو الأكثروضوحًا و تأثيرًا. فروسيا هي الحليف الأول لإيران فيما يتصل  بالبرنامج النووي ، و كانت مواقف موسكو مؤيدة  لطهران دائمًا ، أو رافضة لمسايرة الضغوط الأوروبية والأمريكية عليها، وآخر هذه المواقف الاقتراح الذي قدمته روسيا لإيجاد مخرج من عقدة تخصيب اليورانيوم الذي تصر عليه إيران. فقد أقرت روسيا للمرة الأولى بوضوح أن طهران تعطي حججًا إلى الأطراف التي تشتبه في أنها تسعى لامتلاك السلاح النووي مشددة موقفها من حليفتها. ودعت روسيا إيران إلى وقف كل نشاطاتها لتخصيب  اليورانيوم لاستخدامه وقودًا نوويًا بأنه « خطوة في الاتجاه الخاطىء ».

 

فحسابات و مصالح روسيا  التي تجعلها حريصة على استمرار التعاون مع إيران ، لم تعد كافية لتستمر موسكو  في الدفاع عن إيران و التصدي لواشنطن و أوروبا بالوقوف في خندق واحد مع الإيرانيين.وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في تصريحات  أوردتها وكالات الأنباء: »إن اقتراح روسيا بتخصيب اليورانيوم الإيراني على أراضيها ما زال قابلا للتفاوض » . و أضاف أن الخطة الروسية »لاتزال مطروحة على طاولة المفاوضات  و تشكل عنصرًا مهماً في البحث عن حل »للأزمة النووية الإيرانية.و تقترح موسكو منذ أشهر على طهران تخصيب اليورانيوم على الأراضي الروسية لطمأنة الغربيين  الذين يشتبهون في أن طهران تطور شقا عسكريًا سريًا تحت ستار برنامجها النووي المدني.وكان هذا الاقتراح المدعوم من الأمريكيين و الأوروبيين موضع جولات مفاوضات عدة عقدت في موسكو و طهران بدون أن تسفر عن نتيجة.

 

ومهما أحرجت المواقف الإيرانية الصين أو روسيا، لن تدخل هاتان الدولتان طرفاً في عمل عسكري ضد إيران بسبب طموحاتها النووية وذلك لاعتبارات نفطية واقتصادية ومصالح جغرافية – سياسية لموسكو وبكين.

 

الخيار العسكري ضد إيران  يتقدم في واشنطن

 

منذ مجيء الرئيس أحمدي نجاد إلى رئاسة الدولة في إيران ، بات يعلن صراحة عما يضمره قادة الجناح المتشدد في السلطة  ، الذي يريد تغيير العالم ويعتقد أن بلاده هي خير أداة لذلك.. فبعد 6 أشهر على انتخابه، تميّزالرئيس الإيراني أحمدي نجاد  بجملتين: الأولى أعلنها بعد أسبوع واحد على انتخابه: « لسنا بحاجة إلى الأمريكيين ». والثانية مقتبسة عن الخميني: « يجب إلغاء إسرائيل عن خريطة العالم ». والعبارتان متكاملتان، لا سيما وأنهما تعنيان أن إيران تشعر بالقوة الكافية لازدراء القوة الأعظم في العالم، وأن طهران تأخذ على عاتقها مواصلة المواجهة المفتوحة ضد إسرائيل في حين أن بلداناً عديدة في المنطقة، بمن فيهم باكستان أخيراً، وافقت على بدء التعامل مع إسرائيل. وما لا شك فيه أن لإيران استراتيجية الدولة الكبرى وهي تسمح لنفسها بالتفوه بأمور يجدها الآخرون غير لائقة.

 

هناك ثلاثة تيارات رئيسة تتصارع داخل القيادة في إيران بشأن البرنامج النووي الإيراني، و ما إذا كان يجب تحدي المجتمع الدولي و مواصلة عملية تخصيب اليورانيوم والسعي غير المعلن إلى امتلاك السلاح النووي أو عدمه.

 

التيارالأول ، و يقوده الرئيس أحمدي نجاد و أنصاره من أقصى المتشددين ، و هو يدعو إلى بذل كل الجهود لامتلاك الدورة الكاملة لإنتاج الوقود النووي بما في ذلك التمسك »بحق إيران  » في تخصيب اليورانيوم في أراضيها مما يؤمن لاحقا القدرة و الامكانات لإنتاج القنبلة النووية وامتلاكها إذا ما اتخذت قرارًا سياسيًا في هذا الشأن.

 

التيار الثاني يضم « المتشددين الواقعيين »: أمثال علي لاريجاني الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني و كبير المتفاوضين الإيرانيين فيما يتعلق بالملف النووي. و هذا التيار يؤيد  مواصلة الجهود لامتلاك الدورة الكاملة لإنتاج الوقود النووي و يتمسك بحق إيران في تخصيب اليورانيوم على نطاق محدود، و لكن بشرط أن يتم ذلك في إطار الشرعية الدولية  ومن دون الدخول في مواجهة مع المجتمع الدولي، بحيث يتم العمل من أجل التوصل إلى »صيغة تفاهم »مع الدول الكبرى المعتنية بالبرنامج النووي الإيراني.

 

التيار الثالث و يضم الإصلاحيين من أنصار الرئيس السابق محمد خاتمي و كذلك « المحافظين الجدد » من أنصار هاشمي رفسنجاني رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام . ويعارض أنصار هذا التيار المواجهة مع المجتمع الدولي المعتمدة حاليا،و يدعو إلى تجميد مؤقت لكل عمليات تخصيب اليورانيوم و العمل على تبديد أي مخاوف دولية إزاءخطط إيران النووية.

 

من الواضح أن هذه التيارات الثلاثة لا تختلف من حيث الجوهر في أن تصبح إيران قوة نووية ، لكن الاختلاف يكمن في الطرق لبلوغ هذا الهدف الاستراتيجي.و جاء الإعلان المزدوج من قبل الرئيس أحمدي نجاد ، ورئيس لجنة تشخيص مصلحة النظام علي أكبر هاشمي رفسنجاني، ليؤكد للعالم أن الأمرمقضيٌ  ، إذ أصبحت إيران دولة نووية، بالقوة إن لم يكن بالفعل، وبين القوة والفعل، في مثل هذا المضمار، وفي مثل حالة إيران التي تبدي في هذا المجال النووي إرادوية جارفة، برهة وجيزة حُكماً، على ما أقرت الولايات المتحدة ذاتها، دون تهويل مُصطنع على ما يبدو، إذ ذهبت إلى أن الجمهورية الإسلامية باتت على قاب خمسة عشر شهرا من إنتاج القنبلة.

 

صحيح أن إيران تخذت قرارا أُحاديًا  » يتحدى الإرادة الدولية » حين أعلنت  أنها أصبحت قوة نووية ، لكنها في الحقيقة التاريخية لم تشذ عن القاعدة، بل سارت على نفس الخطى التي سارت عليها بقية الدول النووية الأخرى التي سبقتها في هذا المضمارللدخول إلى  « النادي النووي » العتيد. إذ ليس من وسيلة انضمام إلى ذلك النادي العتيد غير تلك: عنوةً وقسرًا وفرضاً لأمر واقع. فالنادي المذكور، وهو قدس أقداس القوة في زمننا هذا، لا تنفتح أبوابه إلا خلعاً وفي وجه الجَسور. ذلك ما فعلته روسيا السوفياتية، عندما أنهت احتكار الولايات المتحدة لسلاح الإفناء الشامل، فافتتحت بذلك حقبة الاستقطاب الثنائي، وذلك ما فعلته بعدها فرنسا الديغولية، ثم الصين الشعبية فالهند « الديمقراطية »، فكوريا الشمالية، ذلك الديناصور الستاليني القابع في أقصى الشرق، مدقعاً جائعاً ولكنه نووي الأنياب، وكذلك باكستان الإسلامية، دون نسيان إسرائيل بطبيعة الحال، تلك التي حازت السطوة النووية في « غفلة » أو في تغافل نشيط من القوى الكبرى.

إيران فعلت إذن ما فعل سواها، إذ مضت في تخصيب اليورانيوم وتوصلت إلى امتلاك تقنياته.

 

المتشددون داخل القيادة الإيرانية يريدون أن تتصرف إيران كقوة إقليمية  كبرى ، و أن تلعب دورا مؤثرًا في المنطقة وفي الساحة الدولية، و أن تحولها إلى قوة نووية  يعزز موقعها ويمنحها المزيد من القوة و الاستقلالية.فبعد أن أصبحت إيران المستفيد الأول من سقوط عدويها اللدودين : نظام طالبان في أفغانستان ، و نظام صدام حسين في العراق، و بعد ان استفادت من عواقب السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، (رغم أنها فقد كثيرا من رصيدها الأخلاقي في العالم الإسلامي جراء التقائها الموضوعي مع أمريكا)، و بعد أن باتت لطهران اليوم التأثير الأكبر في العراق، إضافة إلى أن إيران تشكل الدولة الثانية المصدرة للنفط في الأوبك وهي تستفيد بالتالي من ارتفاع سعر النفط، يريد الرئيس أحمدي نجاد و أنصاره انتهاج سياسة هجومية  إذا لزم الأمر، لتأمين مصالح إيران  الحيوية السياسية، النووية منها و غير النووية.

 

ويرى هؤلاء أن المواجهة حول البرنامج النووي الإيراني هي جزء من مواجهة أوسع  بين إيران و الدول الغربية، لا سيماالولايات المتحدة الأمريكية، ساحتها العراق و أفغانستان، ولبنان ، وسوريا، و فلسطين ، و غيرها من المواقع، و أن « الإيرانيين  لن يترددوا في زعزعة الاستقرار في عدد من دول المنطقة لضمان ما يسمونه « حقهم المشروع » في امتلاك القدرات النووية الكاملة. و تعتمد إيران في هذا المجال على جيش   قوي وهام لردع الأميركيين عن شن أي عملية عسكرية ضدها.و هو ليس جيشا مزيفا. ومرد ذلك أولاً إلى استحالة كشف المنشآت النووية الجوفية أو تلك التي تقام في المناطق السكنية؛ ثم إلى أن إيران تملك قدرة عسكرية فعلية للثأر، وهذا لم يكن حال العراق في عهد صدام حسين.  علماً أن إيران ، ومنذ أن أخفقت في تصدير الثورة الإسلامية على العالم العربي، لم تعد تملك مشروعًا سياسياً لمواجهة أمريكا وإسرائيل في آن معا، و هذا بصرف النظر عن الموقف العقيدي الإيراني الذي لا يزال يتحدث عن الشيطان الأكبر. فما تستهدفه إيران من خلال معاركها الإقليمية هو الدفاع عن بقاء نظام آيات الله في طهران.و ليس مطالبة طهران بإبرام معاهدة عدم اعتداء مع واشنطن ، سوى تعبيرعن هاجس بقاء رجال الدين في  السلطة.

 

هل جاء دور إيران بعد العراق؟

 

القاسم المشترك بين إيران و العراق أن إدارة الرئيس بوش ذات القناعات الإيديولوجية الراسخة، اعتبرتهما دولتين ذات نظامي حكم مرفوضين و عدوانيين، ويشكلان خطرًا مباشرًا على مصالحها الاستراتيجية. ففي الحالة العراقية ، كان للرئيس السابق صدام حسين طموح نووي، و كان يسعى لبناء قوة عسكرية ضاربة في منطقة الشرق الأوسط، لكن إسرائيل تنبهت بسرعة للأمر، و نفذ الطيران الإسرائيلي  عملية قصف تدميرية للمنشآت النووية العراقية يوم الأحد 7 حزيران 1981.

 

هل إيران اليوم أكثر تهديداً من العراق بالأمس؟

 

لطالما كانت إيران كذلك. في ما يتعلق بالطموحات الإقليمية، كان العراق قزماً مقارنة بإيران. وعبر غزو بغدادفي 2003، اختار الأميركيون الدولة الأضعف وليس الدولة الأكثر طموحاً أو الأكثر انتشاراً للأسلحة النووية.أما إيران ، فقد اعتمدت أسلوبًا مختلفًا عن العراق،إذ نجحت لفترة طويلة في المناورة مع  المفاوضين الغربيين الدوليين. و إضافة إلى ذلك ، النظام الديني  في إيران يتمتع بشعبية أكبر من التأييد  الذي كان يحظى به النظام العراقي ، ذو القاعدة العائلية و العشائرية.و لعبت إيران بذكاء و مكرفي ملف العراق، و هي  اليوم المستفيد الأكبر من الغزو الأمريكي للعراق،حيث أن لمناصريها الأغلبية في البرلمان العراقي.و ناورت مجددًا بمكر في ملفها النووي مستغلة اختلاف أولويات واشنطن و دول الاتحاد الأوروبي و موسكو إزائها، واستفادت أيضا من قنوات اتصال غير مباشرة مع واشنطن و من بعض علاقاتها الإقليمية في المنطقة.

 

يعتبر التيار المتشدد في إيران أن مسألة انتشار أسلحة الدمار الشامل لم تكن في الحقيقة سوى ذريعة كاذبة، استخدمتها الولايات المتحدة الأمريكية  لغزو العراق.و الحال هذه تمثل حرب العراق عنصراً حاسماً في قرار التشدد الإيراني.وقد أثّرت الأكاذيب الأميركية سلباً على صدقية التنديد بمخاطر انتشارأسلحة الدمار الشامل. والأدهى من ذلك هو أن كوريا الشمالية قد واصلت باطمئنان وثقة مساعيها لامتلاك ترسانة نووية، في الوقت الذي توشك فيه إيران على امتلاك ترسانتها الخاصّة..

 

 الحقيقة أن طهران لاحظت أن العراق الذي كان يصرّح تكراراً بأنه لا يمتلك أسلحة دمار شامل وقبل بعمليات التفتيش الدولية، قد شُنَّت عليه حرب. في حين أن كوريا الشمالية التي سلكت نهجاً معاكساً نعمت بالسلام. فاستنتج النظام الإيراني أن سبيله الأفضل للحفاظ على نظام حكمه هو امتلاك ترسانة نووية وليس احترام التزاماته بشأن الحدّ من انتشار السلاح النووي. هذا فضلاً عن أنّ الولايات المتحدة المتورطة في المستنقع العراقي ستكون أقلّ قدرة على المناورة وفي ممارسة الضغوط على طهران. لذلك وجد الإيرانيون في الظروف المحيطة ما يحثّهم على التمرد.

 

الإدارة الأمريكية بقيادة جورج بوش تحضر جديًا لإستخدام  القوة العسكرية لإجبار نظام الملالي للعدول عن برنامجه النووي.و المسالة مطروحة بقوة في واشنطن بعد سلسلة من المقالات  المنشورة من قبل مجموعة من الخبراء المهمين في هذا المجال .

 

ويبدو الخبير العسكري الأمريكي في شؤون الشرق الأوسط، ريتشارد روسيل متشائما بشأن الخيارات تجاه إيران. فهو يعتقد أن الدبلوماسية الأوروبية التي تركز على الخيار السلمي لا مكان لها من النجاح، و أن العقوبات (في حال فرضها من قبل مجلس الأمن ) ستضرب الشعب الإيراني أكثر منه النظام . و أخيرا ، يعتبر الخيار العسكري خيارا مليئا بالمخاطر، إذ سيترتب على القوة المهاجمة ضرب المئات من المراكز الحساسة، أو إحتلال البلاد، و هي مغامرة في الحالتين كلتيهما تفوق قدرات الولايات المتحدة الأمريكية الحالية الغارقة في المستنقع العراقي.

 

الخبير جوزيف سيرينسيون ، المتخصص في المسائل النووية، نشر مقالا في مجلة فورينغ بوليسي، تحت عنوان :  » اخدعني مرتين ». حتى الوقت الحاضر، وضعت هذه الإحتمالات للضربات العسكرية على حساب محترفي نظريات المؤامرة. أما الآن، فرضية  عملي هي أن بعض  أعضاء الإدارة ، منهم ديك تشيني نائب الرئيس، قد قرروا أن الخيار العسكري يكمن في ضرب إيران ، الأمر الذي سيقود إلى زعزعة النظام »  .إنه يقوم بدراسة تقارير متعددة أكدت استعدادات واشنطن لاستخدام القوة العسكرية ضد طهران، ولعل أبرزها ما ذكرته مجلة « نيويوركر » الأمريكية من أن الإدارة الأمريكية تخطط لعملية قصف واسعة ضد أهداف في إيران تستخدم فيها قنابل نووية مخترقة للتحصينات لتدمير مرافق إيران النووية التي يشتبه أنها تستخدم لإنتاج أسلحة نووية، باعتبار أن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد هو « أدولف هتلر جديد محتمل » ولا يمكن تقديم التنازلات له بل يجب مواجهته بالقوة، لعل ذلك يسهم في حدوث ثورة شعبية تطيح بالنظام في إيران.

 

كما أن جريدة « الجارديان » البريطانية و »النيويورك تايمز » الأمريكية تحدثتا عن وجود خطط أمريكية مماثلة، غير أن الملاحظ أن صحيفة « صنداي تايمز » وضعت في أحد أعدادها خريطة توضيحية لإيران متضمنة خطة تفصيلية لكيفية استخدام صواريخ كروز أو العمليات الجوية المكثفة لاستهداف المواقع الإيرانية النووية، مشيرة إلى أن استخدام القوة ضد طهران أصبح « حتميا »، على العكس من صحيفة « واشنطن بوست » التي حذرت من أن الخطط الأمريكية ستعني اشتعال العنف في المنطقة كلها من خلال علاقات إيران بحزب الله فضلا عن احتمال توطيد العلاقات مع القاعدة، فضلا عما قاله مستشار سابق بوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) « إذا نفذنا تلك الخطط فإن القسم الجنوبي من العراق سيشتعل كالشمعة ».

 

كما يبرز هنا التقرير الجديد ل « استراتيجية الأمن القومي الأمريكي » الذي جاء مكملا للتقرير الذي نقلت نشرة « تقرير واشنطن » عن الصحافي الأمريكي سيمور هيرش تأكيده أن الرئيس الأمريكي جورج بوش سيلجأ إلى شن حرب على إيران، وقال إن « التخطيط الجاري حاليا يفوق مستوى ما يصطلح عليه خطط افتراضية يتم اللجوء إليها في حال الضرورة »، وتابع أنه خلال الأشهر القليلة الماضية بلغت عمليات التخطيط إلى مستوى التخطيط العملياتي ودخلت في المرحلة التي يقوم فيها المسؤولون باستخدام المخططات الاحترازية المتوفرة في السجلات وإيجاد معلومات إستخباراتية جديدة بشأنها وكذلك البحث عن الأهداف التي يمكن قصفها، بالإضافة إلى تحديد نوعية الأسلحة التي يجب استخدامها وعددها والأماكن التي سيتم إسقاط تلك الأسلحة فيها ».

 

وأضاف هيرش في المقابلة مع « تقرير واشنطن »، أعتقد أن ل »الإسرائيليين »دورا في ما يحدث، كما أعتقد أن ما يحدث الآن هو أنه أصبح مفهوما لدى الجميع أن الأمريكيين سيقومون بذلك (قصف المنشآت النووية الإيرانية) وهذا هو ترجيحي، ولكن المفهوم هو أنه يتعين على « الإسرائيليين » التزام الصمت وترك الأمريكيين يقومون بذلك. فلماذا يقلق « الإسرائيليون » إذا كان الأمريكيون ينتهجون سياسة مفيدة لهم.بعد أن أصبحت إيران قوية.وبعد أن أخذ العالم عٍلْماً بذلك.

 

في المواجهة العسكرية الأمريكية  الإيرانية المحتملة، يبقى الميزان العسكري مائلاً بدرجة واضحة لمصلحة واشنطن،و لا يمكن لإيران أن تصمد عسكرياً، نظرا للإختلاف الجذري للبلدين اللذين يعيشان في عصرين مختلفين : عصر إيران الذي يعود إلى مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية ، و عصر أمريكا المتفوق على جميع الصعد تكنولوجيا نوويا ، و عسكريا،  واقتصاديا. فعلى الرغم من قدرة طهران على إلحاق الأذى بقواعد واشنطن في الخليج وب « إسرائيل » إلا أن هذا « الأذى » سيفوق بالتأكيد الضرر الاستراتيجي المترتب على حيازة طهران للسلاح النووي.وعلى الرغم من ذلك فإن هناك إدراكا أمريكيا أن أي إجراء عنيف من عقوبات أو ضربات عسكرية سيؤجل البرنامج النووي الإيراني ويؤخر تنفيذه ولن يهدمه تماما ولكنه سيزيد من شرعية النظام الإيراني ومن التفاف الشعب الإيراني حوله، وهو ما يعني أن تحقق واشنطن هدفا مرحليا بتدمير المفاعلات النووية الإيرانية  وهو أمر مشكوك فيه عسكريا  مقابل التضحية بالهدف الرئيسي في الإطاحة تماما بالنظام الإيراني.

 

ويبدو أن التصور الأمريكي الحالي لمواجهة إيران توسع ليس لضرب أو قصف مفاعلات ايران النووية فقط، بل إن ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش مالت نحو تغيير يبدو جديا في التعامل مع الملف الإيراني . فبحسب « واشنطن بوست » و »هآرتس » تعتزم واشنطن انتهاج سياسة من شأنها تصعيد التوتر في المنطقة من خلال ممارسة ضغوط متزايدة على طهران، تستهدف « إسقاط » النظام الايراني.. وبحسب الصحيفة الاميركية، فقد انتصر الفريق المؤيد لإسقاط النظام في إيران، داخل ادارة بوش.

 

إن إدارة الرئيس بوش لها هدف في إيران : تغيير النظام.وبدأت في تحرير مبلغ بنحو 85 مليون دولار لهذا الغرض.و لاشك أن هذا ليس إلا بداية.و في سبيل الوصول إلى تحقيق هدفها ، لن تتوان الإدارة الأمريكية عن استخدام كل الوسائل التي تمتلكها.فالعقوبات  التي تطالب مجلس الأمن بفرضها على إيران ، لا تستهدف فقط  وقف ، أو أيضا تعطيل، البرنامج النووي الإيراني، إنما وظيفتها تكمن في زعزعة النظام ، و الإسهام في إسقاطه. و يدخل الخيار العسكري المثار لضرب  المنشآت النووية الإيرانية في هذا السياق.

 

و هناك خيار المقايضة الذي يتطلب تفاوضاً اميركياً – ايرانياً مباشراً وجهاً لوجه. حالياً، لا يوجد مثل هذا التفاوض الذي يجب ان تطرح فيه كل القضايا على الطاولة. قد تكون هناك اتصالات وأفكار بينها التحدث عن العراق حصراً. ويجوز ان يكون هناك حوار سري يتم عبر قنوات أو مباشرة. انما لا مؤشر الى وجود تفاوض على شمولية الملفات المعنية بإيران والمنطقة.

 

العديد من المحللين الغربيين يعتقدون أن إدارة الرئيس بوش لن تعقد أي « صفقة كبيرة » مع إيران  تهدف إلى  تقاسم النفوذ معها في العراق أو في منطقة الخليج.، او التفويض لإيران  أن تلعب في الساحة العراقية دورا مماثلا للدور السوري السابق الذي كان مهيمنا على لبنان ، لأن ذلك سيؤدي إلى تقوية الدور الإيراني في المنطقة مما يهدد موازين القوى حاليا و يتعارض مع المصالح الحيوية و الإستراتيجية الأمريكية و الغربية.

 

إن أي تسوية مهما كانت جزئية سواء بتأجيل الملف النووي ، وبالإمهال في العراق، او التمكين من تشكيل حكومة وحدة وطنية بالعراق، سيخدم في المحصلة النهائية إيران .ففي هذه الحالة، ايران هي الباقية في المنطقة، والنووي عندها قد اتخذ مساره ولو طال الامر سنة او سنتين. ومعنى ذلك أن التنازل الايراني المؤقت، لن يشكل خسارة لإيران في المدى المتوسط والطويل.

 

من هذا المنطلق لن تتساهل إدارة بوش مع إيران  في شأن برنامجها النووي في مقابل تعاونها معها في العراق، بحيث تسمح لها بتخصيب اليورانيوم في أراضيها مما يفتح الباب أمام احتمال امتلاك الإيرانيين السلاح النووي في مستقبل قريب . فالتهديد الذي سيشكله السلاح النووي الإيراني  سيدفع  الدول العربية الأخرى و على رأسها مصر و السعودية و الجزائر إلى الدخول في سباق  للحصول عليه.كما أن مضي إيران في مشروعها النووي لا بد أن يعزز مكانتها الإقليمية و يقوي من نفوذها ،و من نفوذ حلفائها في المنطقة مثل سوريا، » وحزب الله » الذي قد يلجأ إلى توسيع نطاق عملياته و يشعر أنه بات يملك قدرة أكبر للحركة. كما أن ذلك لابد أن يزيد من نفوذ إيران في العراق بصورة خاصة.

 

الحوار الأمريكي – الإيراني  في حال حصوله قريبا في المنطقة الخضراء ببغداد  ،سيقتصر  بالدرجة الأولى على الملف العراقي، لكنه لن يتطور إلى مفاوضات شاملة.فشروط المفاوضات الشاملة التي تقترحها واشنطن تتمثل في تخلى إيران عن البرنامج النووي و دعم ما تسميه واشنطن »الإرهاب » مقابل تعويضات تقدمها واشنطن تتمثل في رفع العقوبات الاقتصادية، و دخول إيران إلى منظمة التجارة العالمية، و ضمانات أمنية أخرى. ويبدو أن هذا الخيار صعب التحقيق، إذ إن الأمريكيين ما انفكوا يقترحون الخيار عينه منذ عشرين سنه ، بينما كان الإيرانيون يرفضون.

 

ومن وجهة النظر الأمريكية الخلاف مع إير ان يتعدى برنامجهاالنووي،إذ إنه من الصعب إيجاد أرضية مشتركة مع حكومة تعتقد أن إسرائيل يجب أن تزول و تساند حزب الله و المنظمات الفلسطينية الأخرى المصممة على تحطيم مسار السلام.

 

(*) باحث وكاتب تونسي، دمشق

 

(المصدر: دراسة نشرتها مجلة « حوار العرب  » الشهرية ، العدد 18، مايو 2006 ،التي تصدر عن مؤسسة الفكر العربي ببيروت، و يرأس تحريرها الدكتور محمد الرميحي)


« النووي » يجمع الإيرانيين رغم خلافاتهم

صلاح الدين الجورشي – طهران

 

في الوقت الذي كانت فيه إدارة الرئيس بوش تجدد فيه تهديداتها لإيران، وتقوم الصحف الأمريكية بنشر معلومات عن خطة عسكرية أعدها البنتاغون سلفا للقيام بهجوم ساحق.. كان الإيرانيون يواصلون حياتهم اليومية، ويتجه الآلاف منهم إلى منتزه جميل يقع في الناحية الشمالية من العاصمة طهران.

 

فقد تعود سكان الجمهورية الإسلامية على أجواء « الحرب الباردة » المستمرة بين بلادهم وأمريكا منذ أن أطاحت الثورة بنظام الشاه. وبالرغم من أن الكثيرين، خاصة في أوساط الشباب الذي لم يعد يستهويه الخطاب الأيديولوجي الثوري، ملوا حالة المواجهة وأصبحوا يرغبون في الانفتاح على العالم بما في ذلك الولايات المتحدة، إلا أنهم لا يفهمون الأسباب التي تجعل واشنطن وبقية العواصم الغربية مصرة على حرمان بلادهم من حقها في تخصيب الأورانيوم لأغراض سلمية. ويعتبرون ذلك  » وصاية مرفوضة، وانحيازا غربيا مفضوحا لإسرائيل « .

 

مبادرة ذات أبعاد رمزية

 

كانت الإجراءات الأمنية المحيطة بمقر مجلس الشورى، شديدة التعقيد بطريقة أثارت انزعاج المئات من الضيوف الذين قدموا من دول عربية وإسلامية لحضور فعاليات المؤتمر الثالث الدولي للقدس، الذي عقد ما بين 14 و 16 أفريل.

 

ولا يعود ذلك فقط إلى أجواء الاحتقان التي ولدتها حالة المواجهة السياسية مع واشنطن، ولكن أيضا حماية لعدد من المدعويين الذين يخشى على حياتهم مثل زعيمي حركتي حماس والجهاد (خالد مشعل ورمضان عبد الله شلح).

 

هذا المؤتمر، الثالث من نوعه، كان مبادرة ذكية وذات أبعاد رمزية وسياسية هامة، دعمت الدور الإقليمي لإيران، وجعلتها الجهة الوحيدة في المنطقة القادرة في هذا الظرف الصعب أن تجمع هنا أهم القيادات السياسية والميدانية المتمسكة بخيار المقاومة على الساحة الفلسطينية، إلى جانب قادة أحزاب إسلامية ووطنية من البلاد العربية وغيرها.

 

فانعقاد المؤتمر في طهران حمل أكثر من رسالة للولايات المتحدة والغرب وإسرائيل، لأنه تحول إلى تظاهرة سياسية كبرى تدعو إلى التضامن مع السلطة الفلسطينية، وتؤيد توجهها المعادي للتسوية والاعتراف بإسرائيل.

 

وكأن المؤتمر عقد ليلفت نظر أكثر من جهة إلى أن إيران ليست معزولة، إقليميا على الأقل، وأن حزامها الحيوي لا يقف عند العراق أو سوريا ولبنان، ولكنه يمتد ليجعل من القضية الفلسطينية محورا استراتيجيا لا يقلل من شأنه إلا من يجهل أبعاده الرمزية.

 

جاء في مقدمة مقـال نشرته مجلــة « الوحدة » التي تصدر في طهران ما يلي: « إذا صح بأن العرب قد تخلوا عن القضية الفلسطينية، فإن السؤال الذي يطرح نفسه على الفور هو ما إذا كانت القضية الفلسطينية ستتحول حقا في حومة الصراع الدولي والإقليمي الراهن لتصبح قضية إيرانية »؟.

 

قوة إقليمية

 

على صعيد آخر، يشعر الإيرانيون هذه الأيام بنخوة زادت من إحساسهم بالقوة، ونمت لديهم الاعتقاد بأن بلادهم قد أصبحت رقما لا يمكن شطبه بسهولة.

 

فإعلان الرئيس محمود أحمدي نجاد عن توصل العلماء الإيرانيين إلى القيام بدورة كاملة لتخصيب الأورانيوم، كان له أثر السحر على مواطنيه، رغم أن الخطوة التي أنجزت ليست حاسمة في تغيير موازن القوى.

 

خطوة جعلت زوارهم يقدمون لهم التهاني، بمن في ذلك جيرانهم، الذين أدركوا بأن إيران قد تحولت فعلا إلى قوة إقليمية ليس من المصلحة استفزازها.

 

هؤلاء الجيران الذين يقرون اليوم بأن الإيرانيين عرفوا كيف يستفيدون من كل الأخطاء التي ارتكبها خصومهم، وفي مقدمتهم الأمريكيون الذين قدموا خدمات جليلة لطهران من حيث لا يحتسبون.

 

لهذا كان إمام جمعة طهران عالما بما يختلج في الصدور، عندما طمأن الدول المجاورة قائلا بأن قوة إيران قوة لهم، وأنها لا تنوي تهديد أي أحد منهم. لكنه في المقابل حمل بقوة على الولايات المتحدة، ودعا الشعب الإيراني إلى عدم الخوف من تهديدات الأعداء.

 

سلوك اجتماعي جديد

 

المجتمع الإيراني مجتمع تعددي، سواء من حيث قواه الاجتماعية أو من حيث تعبيراته السياسية والأيديولوجية والعرقية. وزائر إيران هذه الأيام يحس ويلاحظ البصمات التي تركها الرئيس السابق محمد خاتمي في المجتمع والدولة، وما أحدثه توجهه الإصلاحي من تغييرات في فهم الدين، وترسيخ مفهوم المواطنة وإرساء مجتمع مدني صاعد وفاعل.

 

ومقارنة بالسبعينات أو مطلع التسعينات، يدرك المراقب بأن أشياء عديدة قد تغيرت. فمن الصعب أن ينسى الإيرانيون، خاصة الشباب والنساء، رجلا مثل خاتمي الذي حاول من موقعه كمثقف أن يشيع الحريات في مجتمع كاد أن ينقلب على ثورته.

 

هناك سلوك اجتماعي جديد، وحضور مكثف للنساء في كل مكان، في الشارع والجامعات والمؤسسات والمؤتمرات والحدائق العامة وفضاءات الترفيه. ورغم أن « التشادور » لا يزال منتشرا، لكن الكثيرات من الفتيات والسيدات تخلين عنه، واستبدلنه بأزياء حديثة غير منافية للنمط القيمي السائد.

 

لقد تراجعت الرقابة على السلوك الفردي، ومالت العلاقات الاجتماعية إلى حالة من الانفتاح والمرونة، وأصبح الإيراني يحتكم إلى واقعه الاقتصادي والاجتماعي أكثر من انسياقه وراء الخطاب الأيديولوجي والأحلام المفارقة للمكان والزمان.

 

لهذا لم يعد مفاجئا أن يلتقي زائر إيران بمعارضين للنظام، يفصحون بدون خوف أو تردد عن مخالفتهم للحكومة الحالية وطريقة معالجتها لشؤون البلد الداخلية والخارجية. صحيح أن إيران ليست دولة ديمقراطية على النمط الغربي، لكنها مواطنيها يتمتعون اليوم بقدر عال من الحريات غير الموجود بنفس القدر في كل الدول العربية مجتمعة.

 

تأييد الشارع

 

في إيران اليوم نخبة قوية، ومعارضة إصلاحية تحاول تجميع صفوفها بعد تجربة فاشلة وهزيمة قاسية.

 

لكن خلافا لما تصوره بعض وسائل الإعلام الغربية، وبالأخص الأمريكية منها، فإن السلطة تتمتع بتأييد واسع من الشارع الإيراني فيما يتعلق بالملف النووي.

 

فالإدارة الأمريكية تخطئ إن اعتقدت بأنها تواجه نظاما معزولا متداعيا للسقوط. القضية تعتبر لدى الإيرانيين، بمن فيهم الأكثر انتقادا لأسلوب الرئيس أحمدي نجاد في إدارة الشأن العام، قضية حق ومساس بمشاعر قومية عميقة ومتيقظة.

 

(المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 30 أفريل 2006)  

 

الانتقال الديمقراطي العربي.. معانٍ ومفاهيم

أكرم البني (*)

 

انطلاقا من استقراء تطور الحوارات الدائرة في الأوساط السياسية والثقافية حول الإصلاح والتغيير والنقاشات التي شهدها الكثير من المنتديات والحلقات الدراسية التي تواتر عقدها في الآونة الأخيرة وفي أكثر من عاصمة عربية، تستغرب وربما تفاجأ حين تكتشف أن إجماع النخب العربية على استخدام كلمة الإصلاح يخفي خلافات كبيرة في فهم ما يعنيه هذا المصطلح ودواعي استخدامه.

 

وإذا استثنينا دخول بعض أطراف الإسلام السياسي على الخط ممن صار يتداول عبارة الإصلاح على أنها تصحيح ما فسد والعودة إلى ضوابط الدين الصحيح وقواعده، فاللافت أن هناك لغطا كبيرا حول مفاهيم الانتقال إلى الديمقراطية.

 

واللافت أيضا أن ثمة استخداماً عشوائياً وغير مدقق لمفهوم الإصلاح يصل أحياناً إلى حد غياب رؤية واضحة حول ماهيته ومقوماته، فيتملكك شعور بأن الميل في خطاب غالبية القوى السياسة والفعاليات الثقافية لتبني فكرة الإصلاح ليس سوى شكل من أشكال الانجرار إلى المناخ الراهن.

 

فهو مطية لأغراض التعبئة السياسية والشعبية أكثر مما هو نتيجة قراءة دقيقة لحاجات المجتمع وطابع أزماته ومشكلاته وتالياً استنباط الحلول اللازمة في إطار مشروع واضح المعالم من زاوية الأهداف والقوى والوسائل.

 

هذا ما انعكس في تغييب المسافات والفواصل في المعنى والمبنى بين مصطلحات عديدة في مسار الانتقال الديمقراطي يجري تداولها بخفة واستسهال للإشارة من حيث الجوهر إلى الرغبة في تجاوز الحال القائمة نحو الأفضل والأحسن.

 

تسمع من ينادي بالتغيير وآخر بإصلاح شامل وثالثا بإصلاح جزئي ومحدود ورابعا بالتحديث والتطوير، مما استدعى الحاجة للوقوف نقدياً مع هذه المصطلحات وتحديد محتواها والسياق الذي يفترض أن تستخدم فيه.

 

فالتغيير هو دعوة إلى تعديل جذري في البنى والهياكل القائمة في المجتمع، وهو غالباً ما يعني انتقالا شاملا وليس جزئيا في مختلف مناحي الحياة، من وضع إلى وضع آخر مختلف تماماً يشبه من حيث الظاهر الثورات ويتميز بدرجة واسعة من المشاركة السياسية والشعبية وفق عمليتي هدم وبناء مترابطتين، بإزالة البنى والآليات القديمة وبناء بنى وآليات جديدة على أنقاضها.

 

بينما للإصلاح سياق مختلف يعني إجراء تعديل ينصب على البنى القائمة ذاتها بتبديلها أو تبديل بعض مكوناتها لضمان تطورها وقدرتها على الاستجابة لأوضاع وحاجات مستجدة، وقد يرمي إلى إعادة إنتاجها بصورة جديدة في شروط متغيرة بما في ذلك إزالة المثالب المعيقة لصالح مقومات التفاعل الإيجابي والتقدم.

 

وللإصلاح أنماط متعددة، فقد يكون شاملا وهنا يقترب إلى حد كبير من مفهوم التغيير، وربما يقتصر على حقل واحد أو أكثر من حقول النشاط الاجتماعي فيصح عندها القول بإصلاح اقتصادي وآخر إداري وثالث سياسي ورابع ديني أو قضائي أو ثقافي وهكذا.

 

وبالتالي يلتزم الإصلاح بمستوى معين من التغيير بأهداف تحدد محتواه بصورة مسبقة، فلا يمكن الحديث عن إصلاح بالعام أو عن مشاريع إصلاحية مجردة، ثم تبعا للهدف المتوخى إنجازه تندرج القوى المعنية فيه كرافعة وحاملة له.

 

أما التطوير أو التحديث فيمكن اعتباره شعاراً اعتراضياً من خلاله حاولت بعض السلطات العربية الالتفاف على المهام الحقيقية للإصلاح أو تفريغها من محتواها.

 

وهو تالياً شعار ينطلق أيضاً من الحفاظ على أسس الواقع الراهن لكن في سبيل تحسين أداء البنى والآليات القائمة وتأهيلها لبعض التكيف مع ما حدث من تطورات داخلية أو خارجية.

 

وعادة ما يلامس هذا الشعار بعض وجوه الإصلاح في حال ما إذا فرضت الأزمة المتفاقمة في المجتمع إيقاعها لتدفعه نحو حد مختلف يصل إلى إزاحة بعض المكونات العتيقة وإضافة مكونات جديدة، أو يبقى شكلياً ويقتصر على إزالة المترهل وإعادة تأهيل بعض القديم وضخ دماء جديدة وفتح المجال أمام تعديلات وظيفية أو إدارية وتجديد أشكال العلاقات والتنظيم بين الفعاليات السياسية والاجتماعية.

 

وغالباً ما تتم هذه التعديلات بقرارات سلطوية فوقية وبغياب الحد الأدنى من المشاركة السياسية والشعبية.

 

وطبعاً يختلف محتوى أي مفهوم من المفاهيم السابقة ويتمايز عن غيره، لا بطبيعة القوى المدعوة والمؤهلة لقيادته أو المشاركة فيه فقط وإنما أيضاً تبعاً للسياق التاريخي الذي يستخدم فيه.

 

وما دام التغيير الشامل يقوم على نسف القوى العتيقة وقواعد تجددها بصفتها المسؤول الرئيس عما وصلت إليه المجتمعات من ركود وتخلف، فهو يسقط الرهان على دور غالبية السلطة الحاكمة والأطراف التي يفيدها استمرار القديم.

 

بينما تتم حركة الإصلاح ثم مشاريع التطوير والتحديث في أغلب الأحيان تحت سقف سلطة سائدة تبدي تفهماً ورغبة في الانفتاح، وينجز بقيادتها أو بالتعاون معها أو مع بعضها متجنباً إحداث تبدل كبير أو نوعي في علاقة هذه السلطة مع الدولة والمجتمع، وأيضاً في طابع التفاعل بين حقول السياسة والاقتصاد والاجتماع والإدارة والثقافة…إلخ.

 

وبالتالي يمكن القول إنه في سياق تحديد ماهية القوى الاجتماعية المرشحة للمشاركة في عملية التغيير أو الإصلاح، وهل يجري بصورة فوقية وغامضة أم بشكل علني ومكشوف، نستطيع فهم طابع هذه العملية وتحديد مدى عمقها وآفاقها، وأيضاً طابع الوسائل الكفيلة بإنجازها والشكل الأنجع الذي يرجح أن تتخذه، أهو بالعنف أم عبر حراك مجتمعي سلمي ضاغط، أهو تراكمي وتدريجي أم عبر قفزات وقرارات نوعية تفتح الطريق أمام تطور سريع للقوى الجديدة وتبلورها.

 

فمثلاً يجد الكثيرون أنه مع استمرار ممانعة معظم الأنظمة العربية في تقديم أي تنازلات، والاكتفاء بإجراءات شكلية لتحسين صورتها وسمعتها، فإن عملية التغيير الديمقراطي لن تنجح إلا تحت الضغط وبالإكراه وبإجبار أهل الحكم على اتخاذ خطوات جدية لتغيير علاقتهم مع الدولة والمجتمع.

 

وتالياً لا يمكن الرهان على تغيير أو تجديد حقيقيين للبنى القائمة ومعالجة تشوهاتها الخطيرة ومشاكلها الكثيرة دون خطة واضحة وسياسات صريحة ترسم برنامجاً متكاملاً يعتمد في وجهه العملي أساساً على ضغط المجتمع وقواه الحية صاحبة المصلحة الحقيقية في تنفيذه، مما يعني ضرورة تركيز الجهد أولاً وثانياً على مهمة عتق الناس وتحرير إرادتهم.

 

ثمة إخفاق سياسي عربي عام وفشل ذريع لأغلب المجتمعات العربية في إنجاز الحدود البدائية من التنمية السياسية، وربما لم يعد ثمة بد من الاعتراف باستحالة مواجهة هذا الانسداد دون إنجاز إصلاح سياسي حقيقي يدشن -دون تقويض أو تدمير- عملية الانتقال من أشكال حكم مأزومة إلى الحكم الديمقراطي.

 

 إن إصلاح الميدان السياسي ورفع أدوات القهر والقمع هو البداية الصحيحة التي توفر فرص نجاح عملية التغيير أو الإصلاح بأبعاده المختلفة، خصوصاً أن غالبية المجتمعات العربية تحتاج في الظروف الصعبة والحرجة التي تمر بها إلى نموذج في العلاقة بين السلطة والمجتمع قادر على بلورة حد من الإرادة الجمعية وتمثيل المصالح المتعددة والمتباينة لكل الطبقات والفئات.

 

هذا الأمر يفصح عن نيات الأنظمة العربية وما تقصده من دعواتها الإصلاحية التي ثبت خلال السنوات السابقة وتحديداً منذ إعلان قمة تونس عام 2004 أنها لا تتعدى السعي لحل مشكلاتها الخاصة والتكيف مع الضغوط التي تتعرض لها، أو التقدم في أحسن الحالات نحو صياغة مهمات تجميلية أشبه بجرعات محسوبة إدارية أو اقتصادية لا تمس جوهر السيادة السياسية، يراد منها حفز أداء مؤسسات الدولة المترهلة وتجديد قواها وتحسين مستوى المشاركة وتخفيف حدة الاحتقان الاجتماعي ولو إلى حين.

 

صحيح أن محتوى الإصلاح ووتيرته وآفاقه تتعلق بشدة بخصوصية الحاجة إليه في كل مجتمع على حدة، وتنوع أنماط الحكم في العالم العربي وتمايز مصادر شرعيتها، لكن الصحيح أيضاً أن من يدقق في التجربة العيانية لمسارات الإصلاح في مجتمعاتنا العربية وأسباب أزماتها لا يحتاج إلى جهد كبير ليكتشف ما هو مشترك بينها.

 

وإنه من العبث الرهان على علاج ناجع إذا لم يتضمن إجراءات سياسية تطلق دور البشر وتحررهم من الإقصاء والوصاية، وتفضي إلى بناء حياة جديدة تقوم على قواعد من التعددية والمشاركة.

 

وهنا يصح تصنيف النظم السياسية القائمة في البلدان العربية إلى نمطين يتوزعان بين النظم الجمهورية والنظم الملكية أو الأميرية، لكن الجامع بينها مع احترام وحفظ المسافات والتباينات هو ضعف قوامها الديمقراطي بصورة عامة.

 

وتتفاوت درجة الضعف بين نظم تعادي أبسط مظاهر الحياة الديمقراطية بغياب أدنى حقوق الإنسان وحرياته وهي الأغلب عدداً، وبين أخرى يتمتع إنسانها ببعض حقوقه وحرياته.

 

وإذ تختلف هذه النظم من حيث شدة أزمتها ودرجة حاجتها للإصلاح وإلحاحه وطابع مهامه وحقيقة القوى المؤهلة للمبادرة فيه، فإنها تتفق من حيث جوهر الأمر على هدف واحد هو إعادة إنتاج مصادر شرعيتها على النحو الذي تلغى فيه المصادر الشمولية والتوتاليتارية، لتحل محلها الشرعية الديمقراطية الدستورية المستمدة من الرجوع إلى الناس ومن التوافق الوطني العام.

 

ولعل عنوان هذا التحول هو إسباغ المعاني الجمهورية على النظم الجمهورية بتحريرها من أساليبها الأوتوقراطية ومن قوامها العصبي والفئوي وأيضاً تحويل النظم الملكية والأميرية إلى ما يشبه الملكيات الدستورية وخلق مقومات لتنشيط تفاعلها مع الدينامكية الاجتماعية والسياسية واستحقاقاتها.

 

وفي الخصوصية السورية أيضا لا يحتاج المرء إلى عناء كبير ليكتشف أنه من العبث الرهان على علاج ناجع لأزمتها إذا لم يتضمن إجراءات سياسية تطلق دور البشر وتحررهم من القهر والوصاية.

 

وهذا يعني أن الإصلاح الشامل المتعدد الوجوه والحقول الذي يقترب كثيراً من مفهوم التغيير الديمقراطي هو ما يفترض أن يكون محط اهتمام الساعين لإنقاذ البلاد مما هي فيه، وهو الضرورة الملحة التي تمليها حاجات المجتمع ومسارات تطوره الطبيعية.

 

فلا قيمة لمواجهة الفساد مثلاً وتردي الأوضاع الاقتصادية وشلل أو ترهل الإدارة أو مواجهة الضغوط والتحديات الخارجية إذا نظرنا إليها كظواهر وأمراض متفرقة، أو إذا لم نقرأها كنتائج ومخلفات متنوعة لداء رئيس تكثفه سيطرة مستديمة أدت إلى تكبيل الإنسان وقضت على روح المبادرة والإبداع لديه وخنقت فاعلية المجتمع وحيويته ودوره في الرقابة والمحاسبة.

 

هذا ما يعني أن الحديث عن إصلاح إداري أو اقتصادي أو ثقافي لا يمكن أن يأتي أكله في ظل استمرار البنية التكوينية السياسية القائمة على إقصاء المجتمع وتغييب دوره، وتمركز السلطة والثروة بيد نخبة حاكمة تستند إلى كتلة ضخمة من البيروقراطية المدنية والعسكرية تلحمها أشكال من العلاقات المتخلفة العصبية والمحسوبية.

 

إن الحقيقة التي تستعصي على أي تجاهل هي أن الإصلاح المطلوب والمجدي هو إنجاز انفتاح واسع وجريء على الشعب وقواه الحية مما يعني إزاحة حالة التسلط والاحتكار عن مختلف الأنشطة الإنسانية سياسياً واقتصادياً واجتماعيا.

 

وأمام هذا المفهوم للإصلاح يغدو شعار التحديث والتطوير أشبه « بلعبة أطفال » تلهي الناس بإجراءات شكلية وفوقية متفرقة أو ببعض التعديلات الجزئية هنا وهناك، ربما تخفف مؤقتا من شدة المعاناة وتخفف الشعور بالألم لكنها لا تعالج جديا أمراض المجتمع وأزماته المختلفة، بل غالبا ما تفاقمها.

 

لقد أيقظت المتغيرات العالمية وتنوع التحديات الماثلة أمامنا قطاعات واسعة من الرأي العام العربي وفرضت على الأنظمة والمجتمعات على حد سواء ضرورة التغير والإصلاح والانتقال الديمقراطي.

 

واليوم فإن التدهور المريع للأوضاع العربية وتعثر عملية النمو وتأزمها وتراجع شروط الحياة المادية والمعنوية بشكل خطير تقرع ناقوس الخطر، فهل من سامع، وهل من مستجيب؟

 

(*) كاتب سوري

 

(المصدر: ركن « المعرفة » بموقع الجزيرة.نت بتاريخ 30 أفريل 2006)


Home – Accueil الرئيسية

 

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.