TUNISNEWS
8 ème année, N° 2912 du 13.05.2008
الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: حتـّى الموتى..!
حــرية و إنـصاف:بيـــــان الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين : تصاعد الحملة على النشطاء الحقوقيين و السياسيين المؤتمر من أجل الجمهورية : بيان اللّجنة الجهوية للدفاع عن أصحاب الشهائد المعطّلين عن العمل بقفصة : بيـان الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان – فرع القيروان: بيـــــــــــــــــــــــان الطلبة المستقلون بصفا قس: حملة إعتقلات واسعة تستهدفة الشباب الذي يرتاد المساجد وخاصة الطلبة في الأحياء المجاورة للكليات عبدالله الـزواري:في اليوم السابع من استشهاد هشام!!! البديـل عاجل:تصعيد أمني في الحوض المنجمي قدس برس:تونس: جمعية حقوقية توزع جوائز مسابقة شارك فيها أبناء مساجين سياسيين الحياة:مشروع لاستخراج اليورانيوم من الفوسفات : تونس تتخلى عن التكنولوجيا النووية الكندية وتعتمد على فرنسا في إنشاء مفاعلها السلمي رويترز: تونس تحقق في مقتل أحد مواطنيها على يد الشرطة الفرنسية قدس برس:تونس: مقتل تونسي في فرنسا يفتح جدلا سياسيا في البلاد الصباح :في فاجعة بحريّة جديدة أرسى ناجوها نهاية الأسبوع بسواحل البقالطة هلاك 50 «حارقا» بينهم تونسي جوعا وعطشا ونجاة 16 آخرين بأعجوبة بعد 5 أيّام من الصراع مع الموت قدس برس هلاك 50 مهاجرا جوعا وعطشا تونس: شواطئ تستقبل غرقى وناجين من « رحلات الموت » باتجاه أوروبا والحلول الرسمية تعمّق المشكل أ ف ب : تونس تؤكد غرق عشرات المهاجرين الافارقة قبالة سواحلها الحياة : تونس: غرق عشرات المهاجرين أ ف بللمرة الأولى.. أسبوع ثقافي أردني في تونس قدس برس :تونس: طرد الفنان الجزائري رشيد بعزيز واتهامات لجهات متنفذة بالوقوف وراء ذلك آكي: دعوة الى حماية السياحة من الإرهاب والإجرام السبيل أونلاين : التقرير الصحفي الأسبوعي السابع عشر – الجزء الثاني
الشروق : خطيـــــــــر: سمــاسرة يعرضـــون على الفـلاحين أسعــارا مغرية لشراء صابة القمح والشعير… من الآن!!
الصباح : هذا الاسبوع بدء مناقشة ميزانيات الوزارات بمصالح وزارة المالية تفاصيل حول التوجهات العامة لميزانية الدولة لسنة 2009 وملامح حول نفقات التصرّف والتنمية فيها
أخبار تونس:مجلس النواب يصادق على مشروع يتعلق بإصدار مجلة الديوانة
الصباح : تستقبل طائرة جديدة آخر الشهر «طيران السابع» تستعدّ لربط تونس بطرابلس
الصباح:صحّة: الموت الذي نشتريه بأموالنا أكثر من 6000 رجل و850 امرأة يموتون سنويّا في تونس بسبب التّدخين قائمة بـ17 عيادة عمومية تساعدكم على الإقلاع عن التّدخين مجانا
زهير الشرفي:إلى دار « سراس » للنشر: سؤال
محيط: حوار مع المدون التونسي سامي بن غربية: تحدي الصحافة التقليدية
ظاهـر المسعـدي:الإعلام العلمي في تونس : الفريضــة الغائبــة !
علال بوطالب : الأمن موجود… والأمان مفقود
احميدة النيفر :لا دِيَة ليدٍ لا تكتب.. على باب معرض الكتاب
حافظ الغريبي :ليس بصياح الغراب يجيء المطر
توفيق المديني : قمة بوخارست والحدود الجديدة للحلف الأطلسي
طارق الكحلاوي : السياسة الخارجية في « عهد » أوباما.. عصر « الواقعيين الجدد
لحياة: الكاتب التونسي حسونة المصباحي … غاضب من القهر العربي
الطيب بوعزة: مطلب الغرب أن نحد من الفكر والنسل!
فهمي هويدي : القضية الفلسطينية في نهاية الطريق
(Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (
(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)
أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين تتواصل معاناتهم ومآسي عائلاتهم وأقربهم منذ ما يقارب العشرين عاما بدون انقطاع. نسأل الله لهم وللصحفي سليم بوخذير وللمئات من الشبان الذين تتواصل حملات إيقافهم منذ أكثر العامين الماضيين فرجا قريبا عاجلا- آمين
21- الصادق العكاري
22- هشام بنور
23- منير غيث
24- بشير رمضان
25 – فتحي العلج
|
16- وحيد السرايري
17- بوراوي مخلوف
18- وصفي الزغلامي
19- عبدالباسط الصليعي
20- لطفي الداسي
|
11- كمال الغضبان
12- منير الحناشي
13- بشير اللواتي
14- محمد نجيب اللواتي
15- الشاذلي النقاش/.
|
6- منذر البجاوي
7- الياس بن رمضان
8- عبد النبي بن رابح
9- الهادي الغالي
10- حسين الغضبان
|
1- الصادق شورو
2- ابراهيم الدريدي
3- رضا البوكادي
4-نورالدين العرباوي
5- الكريم بعلوش
|
“ أطلقوا سراح جميع المساجين السياسيين “ “الحرية للصحفي المنفي في وطنه عبدالله الزواري“ الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr تونس في 13 ماي 2008 كشف الحساب..لقضاء .. »يكافح الإرهاب » ..! : حتـّى الموتى .. !
* نظرت الدائرة الجنائية 27 بمحكمة الإستئناف بتونس برئاسة القاضي المنوبي حميدان اليوم الثلاثاء 13 ماي 2008 في : – القضية عدد 11044 التي يحال فيها كل من : مالك الشراحيلي و مجدي الزريبي و ربيع العقربي ( المحكومين ابتدائيا بـ 6 سنوات سجنا ) و كل من إبراهيم القارسي و ميمون علوشة و محمد العقربي( المحكومين ابتدائيا بـ 3 سنويا سجنا ) بموجب قانون 10 ديسمبر 2003 » لمكافحة الإرهاب » ، و تضمنت لائحة الإتهام تهم الإنضمام داخل تراب الجمهورية إلى تنظيم إرهابي اتخذ من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضه و تلقي تدريبات عسكرية بالبلاد التونسية و خارجها بقصد ارتكاب جرائم إرهابية داخل تراب الجمهورية و استعمال تراب الجمهورية لانتداب و تدريب مجموعة من الأشخاص بقصد ارتكاب عمل إرهابي داخل تراب الجمهورية و توفير أسلحة و متفجرات و ذخيرة و غيرها من المواد و المعدات و التجهيزات المماثلة لفائدة تنظيم له علاقة بالجرائم الإرهابية ووضع خبرات على ذمة تنظيم له علاقة بالجرائم الإرهابية ، و قد ترافعت دفاع عمن يحاكمون حضوريا الأستاذة صحبية بالحاج سالم، علما بأن ربيع العقربي ، المحكوم ابتدائيا بـ 6 سنوات سجنا ، قد .. قتل في الفلوجة بالعراق منذ سنوات … ! و قد قرر القاضي إثر ذلك ختم الترافع و حجز القضية للمفاوضة والتصريح بالحكم إثر الجلسة .
– و القضية عدد 11225 التي يحال فيها : الحبيب العمراني بموجب الإعتراض على الحكم الصادر استئنافيا غيابيا بسجنه مدة 3 سنوات من أجل » عدم الإشعار السلط ذات النظر فورا بما أمكن له الإطلاع عليه من أفعال و ما بلغ إليه من معلومات أو إرشادات حول ارتكاب إحدى الجرائم الإرهابية » ، علما بأن الحكم الإبتدائي ، الذي استأنفته النيابة العمومية ، قضى بسجنه مدة 6 أشهر مع تأجيل التنفيذ .. ! و قد قرر القاضي تأجيل النظر في القضية لجلسة يوم 02 جوان 2008 استجابة لطلب محاميه الأستاذ سفيان ميلاد . * و القضية عدد 11235 التي أحيل فيها كل من : مكرم مادي و محمد أمين التليلي و الشاذلي نوار و أيمن الجبالي و سليم الرايس ، بتهم الدعوة إلى ارتكاب جرائم إرهابية و استعمال اسم و كلمة ورمز قصد التعريف بتنظيم إرهابي و الدعوة إلى ارتكاب جرائم إرهابية و الإنضمام إلى تنظيم اتخذ من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضه و الإنضمام داخل تراب الجمهورية و خارجه إلى تنظيم إرهابي و استعمال تراب الجمهورية لانتداب مجموعة من الأشخاص بقصد ارتكاب عمل إرهابي داخله و خارجه ، و قد حضر للدفاع عنهم الأستاذان سمير بن عمر و كلثوم الزاوي ، و قد قرر القاضي تأجيل النظر في القضية لجلسة يوم 30 ماي 2008 . * و القضية عدد 11095 التي أحيل فيها كل من :مبروك الخماسي وغازي صولة و رشاد بن جعفر و عبد المجيد البوسليمي و هشام المرساني و الهادي المرواني و رمزي الوشتاتي و إلياس الهذلي و هيكل التوتي ، بتهم الدعوة إلى ارتكاب جرائم إرهابية و استعمال اسم و كلمة ورمز قصد التعريف بتنظيم إرهابي و الدعوة إلى ارتكاب جرائم إرهابية و الإنضمام إلى تنظيم اتخذ من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضه و الإنضمام داخل تراب الجمهورية و خارجه إلى تنظيم إرهابي و استعمال تراب الجمهورية لانتداب مجموعة من الأشخاص بقصد ارتكاب عمل إرهابي داخله و خارجه ، و قد حضر للدفاع عنهم الأساتذة سمير بن عمر و الهادي العباسي و محي الدين القليبي و كلثوم الزاوي ، و قد قرر القاضي تأجيل النظر في القضية لجلسة يوم 03 جوان 2008 . عن لجنة متابعة المحاكمات الكاتب العام للجمعية الأستاذ سمير ديلو
أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي أطلقوا سراح القلم الحر سليم بوخذير حــرية و إنـصاف
33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 13/05/2008 الموافق ل 8 جمادى الأولى 1429 بيـــــان
بخصوص وفاة الشاب عبد الحكيم العجيمي بفرنسا تناقلت بعض الصحف خبر وفاة شاب تونسي يدعى عبد الحكيم العجيمي يوم 9 ماي 2008 بأحد مخافر الشرطة بمنطقة قراس بفرنسا ، و قد ورد في الخبر أن الوفاة كانت نتيجة اعتداء فظيع بالخنق و التعنيف. و حرية و إنصاف تخشى أن تكون الأفعال المنسوبة لأعوان الأمن الفرنسيين الذين مارسوا الأفعال التي نتجت عنها الوفاة ضد الشاب التونسي لها خلفية عنصرية و في انتظار أعمال التحقيق فإنها تندد بعملية القتل و تطالب السلطات الفرنسية بضرورة حماية الأجانب من الممارسات التعسفية و العنصرية. و في هذا الإطار تتقدم حرية و إنصاف بأحر تعازيها إلى عائلة الفقيد عبد الحكيم العجيمي و كافة الشعب التونسي لهذا المصاب الجلل. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري
“ أطلقوا سراح جميع المساجين السياسيين “ “الحرية للصحفي المنفي في وطنه عبدالله الزواري“ الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr تونس في 13 ماي 2008
تصاعد الحملة على النشطاء الحقوقيين و السياسيين :
* استدعاء الدكتور عبد اللطيف المكي لمقر فرقة الإرشاد بالقرجاني .. يتأكد مع الأيام أن المضايقات بحق النشطاء الحقوقيين و السياسيين أضحت حملة واسعة تتزامن مع الحملة ، غير المسبوقة ، على المواقع » الحقوقية المشبوهة » .. و العناوين الألكترونية للجمعيات المستقلة و النشطاء الحقوقيين ، فبعد التنبيه بالأمس على القيادي بحركة النهضة علي العريض بوقف كل الإتصالات بالمجتمع المدني تحت طائلة التهديد بالإرجاع للسجن ، تم صباح اليوم ( على الساعة التاسعة و النصف ) إخضاع الدكتور عبد اللطيف المكي ، الأمين العام الأسبق للإتحاد العام التونسي للطلبة ، للإستنطاق بمقر فرقة الإرشاد بمنطقة القرجاني ، سيئة الذكر ، و قد تم التنبيه عليه بوقف اجتماعاته بالعناصر النهضوية ، و بوقف كل نشاط له علاقة بحركة النهضة المحظورة أو أي » عمل جمعياتي خارج إطار القانون » .. ! و قد علمت الجمعية، عبر اتصالها بالدكتور المكي ، أنه عبر عن رفضه لأن يتدخل الأمن في تحديد قائمة أصدقائه و أنه ليس من شروط مغادرته للسجن ، و لا من مقتضيات القانون و أحكام الدستور ، أن ينسحب طوعا أو كرها من الحياة العامة .. ! * عبد الكريم الهاروني ..تحت الحصار .. لا يزال الأمين العام الأسبق للاتحاد العام التونسي للطلبة يعيش تحت حصار بوليسي متواصل حيث يتواجد أمام منزله أعوان يمتطون دراجات نارية بالإضافة إلى سيارة تقل أعوانا من البوليس السياسي يرابطون باستمرار أمام منزل العائلة . و قد رافق هذا الحضور الأمني مضايقات للعائلة بالسؤال المتكرر و الدوري عن الهاروني بشكل شبه يومي ، * اختطاف الناشطة الحقوقية أسماء القصوري .. كما تم صباح اليوم ( 9 و 45 د ) تحويل وجهة الطالبة ( سنة ثانية إعلامية ) و الناشطة الحقوقية أسماء القصوري قرب منزل والديها بحي بن سينا بتونس ، إلى وجهة تبين أنها مقر وزارة الداخلية حيث تم منع والدها من الدخول للإستفسار عنها و التعرف على مبررات اختطافها دون الإستظهار بأي استدعاء و دون تقديم أي مبرر ، علما بأن الآنسة أسماء القصوري تبلغ من العمر 21 سنة و هي ابنة السجين السياسي السابق السيد علي القصوري الذي تمت محاكمته سنة 1991 و قضي في شأنه بعامين سجنا بتهمة الإنتماء لحركة النهضة ثم قضت محكمة الإستئناف بالكاف بعدم سماع الدعوى في حقه ، و إذ تعاين الجمعية هذا التصعيد الخطير في الحملة البوليسية على النشطاء الحقوقيين و السياسيين ، فإنها تطالب السلطات المعنية بوقف التعامل الأمني مع الالسجناء السياسيين السابقين ، كما تناشد كل الجمعيات المستقلة الوطنية و الدولية مساندتها في المطالبة بحماية ضحايا الإضطهاد . عن الجمعيـة نائب الرئيس الأستاذ عبد الوهاب معطر
بيان
تشهد بلادنا منذ أسابيع عديدة حالة من الغليان الشعبي غير المسبوق ردت عليه السلطة بحملة قمع منظم بلغت مداها يوم 6 ماي الماضي في حادثة قتل الشاب هشام بن جدو العلايمي عندما كان يرابط مع مجموعة من الشباب العاطل عن العمل للمطالبة بحقهم في الشغل. وقد حدثت هذه الجريمة البشعة وما سبقها وتبعها من اعتقالات واعتداءات وتنكيل على خلفية التحركات الاحتجاجية الغاضبة التي تعرفها منطقة الحوض المنجمي دفاعا عن حقّ الشغل وحق التنمية. وقد لفت انتباه جميع الملاحظين الوحشية التي ميزت تدخل قوّات الشرطة لقمع مظاهرات سلميّة و ممارسة العنف ضدّ الأهالي بشكل يعبّر عن رغبة في التنكيل بهم لغاية التخويف والردع عن التظاهر في المستقبل بما جعلهم يتركون مدنهم ، التي تعيش حالة طوارئ غير معلنة، بشكل جماعي، مرة أخرى بعد حادثة لجوء عائلات إلى الجزائر فرارا من القمع وبحثا عن الأكل. بهذه الأحداث نشاهد اليوم انهيار الأكذوبة الثانية التي نجح النظام في تسويقها طوال عقدين من الزمن أي المعجزة الاقتصادية.قمة هذه المعجزة كما نرى أن يواصل شبابنا الموت غرقا في البحر وأن تلجأ عائلات تونسية للجزائر بحثا عن الطعام وأن يتمرد الناس على الغلاء الفاحش الذي تلقي الدولة مسؤوليته على الظرف الدولي متناسية دورفسادها وسوء إدارتها وخنقها لكل عوامل اقتصاد سليم . إن هذه الوضعية غير المسبوقة تنذر بدخول النظام الاستبدادي في آخر منعرجات الطريق ، وذلك بعد الانهيار السريع لأكذوبة » المشروع الديمقراطي » وقمعه المتواصل للوطنيين بخنق كل الحريات الفردية والعامة وحصاره المتواصل لصحف ومقرات ومناضلي الأحزاب والجمعيات الديمقراطية والإصرار على مواصلة سجن مناضلي « النهضة » و حبسه للصحفي سليم بوخذير والتركيز هذه الأيام على عبد الرءوف العيادي و مناضلي المؤتمر تباعا . وأمام هذا الوضع فإن المؤتمر من أجل الجمهورية 1- يتقدم بخالص تعازيه إلى عائلة القتيل الشاب هشام بن جدو العلايمي وإلى كل سكان منطقته . 2- يعرب عن بالغ اعتزازه بما أظهره سكان الرديف وأم العرائس وقفصه من شجاعة وتصميم ويعبر عن أمله أن تنسج كل المناطق على منوال هؤلاء الأشاوس لأن التاريخ علمنا قاعدة لا تتغير وهي أن الحقوق تفتك ولا تعطى، تؤخذ ولا يطالب بها. 3- يعتبر أن الأزمتان السياسية والاجتماعية مرشحتان للتفاقم مما سيعرض بلادنا لأخطار جسيمة. فالنظام يستعد للعبة التمديد في إطار مؤتمر الحزب الحاكم المقبل ، بانتظار دخوله في لعبة التوريث .هو مصرّ أكثر من أي وقت مضى على رفض أي إصلاح حقيقي يخاف ان يكون بداية مسلسل لا يستطيع التحكم فيه. وباعتبار عجزه المطلق على انتهاج منهج آخر، عدى منهج العصا البوليسية وممارسة ارهاب الدولة، فلن يجد النظام بدا من مواجهة التحركات الشعبية القادمة، التي نرجح تزايدها وتسارعها في ظل تواصل تدهور القدرة الشرائية لعدد متزايد من المواطنين، بدرجات أشد من القمع والتنكيل. إن قدر التعسف الذي يمارسه على شعبنا نظام فاقد للهيبة والمصداقية والشرعية والفعالية، لا يواجه إلا باتحاد كل القوى الفاعلة لإسقاطه. كلنا مطالبون اليوم بالتصدي لمشروع إجرامي يدفع بالشعب نحو مزيد من المعاناة واليأس والعنف للحفاظ على مصلحة فئة لا تتجاوز مئة شخص، وذلك بالانخراط في المقاومة المدنية السلمية، في كل المستويات داخل مؤسسات الدولة وخارجها في كل المناطق. في كل المدن والأرياف، حتى لا يستطيع النظام أن يستفرد بمنطقة أو بحزب أو بشخص كما تعوّد على ذلك طوال هذه السنين. فإلى مسؤولياتكم التاريخية يا رجال ونساء تونس لإكمال مشروع التحرر الوطني الذي ضحّى من أجله الآباء والأجداد وصادرته سلطة باغية . لنضع نصب أعيننا أنه لا توجد اليوم بالنسبة لجيلنا من مهمة أوكد وأنبل من إنهاء الدكتاتورية ومنع تجددها حتى يكون لتونس مستقبل جدير بها ، وذلك بإعادة السيادة للشعب والشرعية للدولة والكرامة للمواطن. عن المؤتمر من أجل الجمهورية د.منصف المرزوقي http://www.cprtunisie.net/
اللّجنة الجهوية للدفاع عن أصحاب الشهائد المعطّلين عن العمل بقفصة: بيـان
أُوقف يوم الخميس 08 ماي، بمعتمدية أم العرائس الشاب المعطّل عن العمل من أصحاب الشهائد نجيب الزنايدي وأُودع السجن المدني بزروق- قفصة يوم الجمعة 09 ماي بتُهم خطيرة تهدّد بسجنه لسنوات، وقد جاء ذلك الإيقاف على خلفية الاحتجاجات التي تعرفها مدن الحوض المنجمي منذ 5 جانفي الماضي دفاعا عن حقّ الشغل وحق التمتّع بتنمية عادلة، وجاء أيضا في ظرف أُحتكم فيه للخيار الأمني بما يعنيه من تقوية للتعزيزات الأمنية وعتادها القمعي وسلك شتّى طرق التنكيل والترهيب في محاولة لخنق كلّ إمكانية للاحتجاج والتفاوض على مطالب مشروعة ومُزمنة. إنّ اللجنة الجهوية للدفاع عن أصحاب الشهائد المعطّلين عن العمل بقفصة التي ثمّنت الطابع المدني والسلمي لاحتجاجات المنجميين من أصحاب الشهائد وغيرهم، تحمّل سلط الإشراف وحدها مسؤولية التصعيد الأخير الذي أظهر قصوره في أكثر من مرّة على معالجة قضايا ملموسة وواقعية، ويهمّها أن: – تطالب بإطلاق سراح أستاذ الإنجليزية المعطّل عن العمل نجيب الزنايدي فورا وحفظ القضية ومعالجة ملفّه التشغيلي بما يعكس طموحاته وإمكانياته العلمية. – تدعو كلّ نشطاء المجتمع المدني والرأي العام الوطني والدولي للعمل على إطلاق سراح نجيب الزنايدي والنضال من أجل عدم إدخال الأساليب القضائية والأمنية في معالجة قضايا تتعلّق بحقّ الشغل. – تدعو سلط الإشراف إلى الإنصات لمشاغل الشباب بعيدا عن الحلول الزجرية والدعايات الاستهلاكية وتفعيل طرق الانتداب في الوظيفة العمومية خاصّة وأنّ المناولات وغيرها من أشكال التشغيل الهشّة لا تليق بطموحات المعطّلين من أصحاب الشهائد. – تُجدّد مناداتها بحرّية نجيب وتتوجّه لأهله وعائلته بكلّ المساندة والمناصرة. عاشت نضالات أصحاب الشهائد وتضحياتهم. لن يكلّفنا النضال أكثر ممّا كلّفنا الصمت.
قفصة في 10 ماي 2008 اللّجنة الجهوية للدفاع عن أصحاب الشهائد المعطّلين عن العمل بقفصة المنسّق: عفاف بالناص
الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان – فرع القيروان بيـــــــــــــــــــــــــــــان
يتعرض الأستاذ مسعود الرمضاني رئيس فرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان منذ أكثر من أسبوع لحصار امني دائم ، حيث تلازم سيارتان من نوع بيجو – زرقاء وبيضاء – حذو منزله ليلا نهارا ويقع تتبعه بصورة لصيقة حيثما ذهب. وقد اعلمه البوليس السياسي- الذي أوعز لحرس المرور بإيقافه- انه ممنوع من مغادرة القيروان حتى إشعار أخر، كان ذلك يوم كان في طريقه للمنستير صحبة السيد الناصر العجيلي ، الكاتب العام للاتحاد الجهوي ، لحضور ندوة حول الهجرة السرية نظمتها فروع المنستير وسوسة والمهدية والقيروان للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان. وأخر هذه المضايقات ما جد يوم الأحد 11 ماي 2008 حيث امتطى عونا امن رافعة تابعة للبلدية – مخصصة أصلا لتركيب وإصلاح الفوانيس البلدية – وتسلقا للكشف داخل غرفه ،ربما قصد التأكد من وجوده. إن هيئة الفرع تعتبر هذا الحصار الأمني إقامة جبرية غير قانونية وغير مبررة. كما تندد بالتجاوزات الخطيرة في حق بيته وأسرته وحياته الخاصة وتدعو السلطة للكف عن التضييق على النشطاء الحقوقيين والسياسيين. عن هيئة الفرع حمدة معمر
بــــــــــــــــــــسم الله الرحــــــــــــــــمان الرحـــــــــــــــــــــيم
حملة إعتقلات واسعة تستهدفة الشباب الذي يرتاد المساجد وخاصة الطلبة في الأحياء المجاورة للكليات
تشهد مدينة صفاقس في الأيام الأخيرة حملة إعتقلات واسعة مستهدفة الشباب الذي يرتاد المساجد وخاصة الطلبة في الأحياء المجاورة للكليات (حي البحري,حي الحبيب وحي الفتنام) حيث تم إيقاف كل من الطلبة: محمد عرفات بن عباس وفوزي الرتيب وعبد الحق حميد وأيمن حسني وكلهم من المدرسة الوطنية للمهندسين وبعد تعرضهم لشتم والضرب تم إخلاء سبيلهم في ساعة متأخرة من يوم الأحد 11/05/2008 في حين أن زملائهم : موسى اليحياوي ونور الدين الزاوي و توفيق الحجازي وشكري الهذلي وسهيل الشيحاوي مازالوا موقوفين إلى حد كتابة هذه الأسطر . وكردة فعل طبيعية قام طلبة المدرسة الوطنية للمهندسين بصفا قس بتحرك احتجاجي تضامنا مع زملائهم ساندهم فيه طلبة كلية العلوم المجاورة للمدرسة وقد تمثل التحرك في إضراب عن الدروس طوال يوم الاثنين 12/05/2008 حصر خلاله الحرم الجامعي بعدة سيارات من قوات التدخل وفرقة الإرشاد وفرقة أمن الدولة .كما طالب المضربون بالاجتماع بمدير المدرسة حيث حملوه رسائل مفادها أن المساس بأي طالب هو مساس بكل الطلبة وخاصة في هذه الفترة الحساسة (مراجعة وامتحانات ومشاريع تخرج) ومن ناحية أخري تم في الأسبوع الماضي إيقاف ما لا يقل عن 18 متحجبة بعد صلاة الجمعة في جامع المنار ومعظمهن طالبات بتهمة عقد اجتماع غير مرخص ولم يقع تسريح بعضهن إلا بعد أن قضين أكثر من 04 أيام بلياليهم في مركز إقليم الأمن بمدينة صفاقس في حين تم اقتياد أربع من الموقوفات إلى مقر وزارة الداخلية بتونس العاصمة. وأمام كل هذه الممارسات التي لا تمد للإنسانية بصلة وأمام هذه الحملة الهوجاء التي تستهدف الشباب الذي تتبجح السلطة في كل وسائل دعايتها » بالاستشارة الوطنية للشباب » تحت شعار « شباب تونس هو الحل وليس المشكل » – نستنكر بشدة وندين هذه الممارسات الهمجية المتخلفة. – نطالب بإطلاق سراح كل الطلبة الموقوفين مؤخرا وكل من سبقهم. – نحمل السلطة المسؤولية الكاملة في هذه الممارسات التي لن تساهم إلا في مزيد من الاحتقان. – ندعو جميع الطلبة وكل مكونات المجتمع المدني إلى مزيد من الممانعة والتصدي لهذه الممارسات اللاقانونية واللادستورية. وفي الختام نتساءل ونحن بحق شباب تونس من جنوبها إلى شماله عن أي استشارة يتحدثون وأعداد العاطلين عن العمل فينا بمئات الآلف وحال أهالينا في الحوض المنجمي لم تعد خافية على أحد إضافة الأعداد المتزايدة ممن يبتلعه البحر المتوسط في تلك الرحلات المشئومة على متن قوارب الموت. لكن يبقى عزائنا أن هذا الوطن باق » ما يبقى في الوادي كان حجاره » قال تعالى: » وأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيبقى في الأرض » الطلبة المستقلون بصفا قس
بسم الله الرحمان الرحيم في اليوم السابع من استشهاد هشام!!!
لا شك أن المجلة الجنائية التونسية جاءت لتنظم حياة من يعيش في البلاد التونسية، و لا شك أنها لا تحظى بالقداسة التي تحظى بها مجلة أخرى يعتبر الحديث عنها بغير صيغ التمجيد مروقا و تهديدا للمكاسب.. المجلة الجنائية قد تخرق فصولها بصمت دون أن ترتفع الأصوات منددة مستنكرة على عكس أخرى ترتفع الأصوات بمجرد أن يهمس أحد في جنح الظلام بكلمة قد يفيد آخر معانيها عدم الرضا… و في تصفح سريع لفصولها استوقفني الفصل 201 و ما بعده حيث فصل الحديث عن الاعتداء على الأشخاص بدقة لا تترك هامشا لـتأويل متأول.. فمن يرتكب بقصد و بسابقية إضمار قتل شخص بأي وسيلة كانت يعاقب بالقتل. و شد انتباهي ثلاث كلمات بصفة خاصة و هي » بأي وسيلة كانت ».. « أي وسيلة كانت » و لا شك تشمل الأسلحة النارية و الأسلحة البيضاء كما تشمل الهراوة و الإلقاء من شاهق (حسب التعبير الفقهي) و الدهس بسيارة أو ما شابهها… ثم تسأءلت: هل يعتبر من يشغل التيار الكهربائي و هو يدرك إدراكا لا يعتوره أدنى شك أن صعقة كهربائية تقتل من يكون قابضا على السلك الكهربائي، ألا يعتبر قاتلا مع سابقية الإضمار بحيث ينطبق عليه منطوق الفصل 201… أيكون المسؤول الذي شغل التيار الكهربائي في محطة توليد الكهربائي بقرية « تبّاديت » من معتمدية الرديف قاتلا ؟ ألا يكون الذين حضروا معه مشاركين له في الجريمة النكراء التي أودت بحياة شاب في الرابعة و العشرين من العمر لم يكن له من ذنب غير مطالبته بحقه في التشغيل.. و استرسلت الأسئلة… أين هي السلطة القضائية؟ أين وكالة الجمهورية؟ أين هم؟ ما أسرعهم إن تعلق الأمر بمواطن بسيط حيث تنطلق بطاقات الإيقاف و الجلب بسرعة الضوء لا تأبه لأي سبب من الأسباب الوجيهة التي لا تجعل الإيقاف خيارا وحيدا لا انفكاك منه.. و ذكرت بطاقة الإيقاف التي وقع بمقتضاها الزج بالسيد محمد صالح قسومة في السجن و هو من هو أمراضا مزمنة و حالة صحية رديئة… محمد صالح لم يقتل، و لم يشارك في القتل، و لم يتردد في إسعاف شخص في خطر، و لم …… محمد صالح ذهب للعلاج… و مع ذلك كان ما كان من أمره… ألم يكن بإمكان هؤلاء السادة استعمال أي وسيلة أخرى تجنب هذا الشاب هذا المصير المؤلم، إن لم يكن بإمكانهم تخفيف معاناة عائلة هشام فقد كان بإمكانهم دون أدنى شك تجنيب ابنها هذا المصير لتجتمع عليها الفقر و المرض و البطالة و فقدان عزيز في ريعان العمر؟؟ ألم يكن بإمكانهم استعمال ما استعملوه يوم 9 أفريل الماضي و ما بعده هناك.. ألم يكن بإمكانهم إخلاء المكان بكل تلك الطرق التي أبدعوا فيها و استعملوا فيها المرخص دوليا و غير المرخص فيه من القنابل المسيلة للدموع؟؟ ألم يكن بإمكانهم استعمال المياه الباردة أو الساخنة لإجلاء هؤلاء المعتصمين؟ ألن يكن لهم من آلاف الأعوان المتواجدين بالحوض المنجمي منذ أسابيع من يقدر على إخلاء المكان؟؟ ألم يكن بالإمكان فسح المجال لأهل الاختصاص أن يتصرفوا وفق ما تعلموا و عليه تدربوا؟؟؟ كلا و ألف كلا، بل كانوا قادرين على ذلك!!! نعم كانوا يستطيعون تجنيب هذا الشاب هذا المصير!!! نعم كانوا يستطيعون ذلك، وإن لم يفعلوه فذلك فهو صميم القصد و سابقية الإضمار!!! و احترق هشام!!! احترق أمام أعينهم!!! لم تدمع مآقيهم بلا شك، فالبكاء شأن أهل الضمائر الذين يدركون أن من قتل نفسا بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعا!!! أما الذين كان دأبهم القتل في إطار القانون و خارجه منذ خمسين سنة أو تزيد فما هو إلا رقم آخر يضاف إلى قائمة طويلة لعلها لن تختم ما دام هؤلاء في تلك الأمكنة!!! و الأشياء لا تستغرب إن عرف مأتاها!!! لكن ألا يكون من الواجب الأكيد و الفرض الحتم على الوطنيين و الغيورين مهما اختلفت مشاربهم أن يتقدموا صفا واحدا مطالبين بإيقاف من أمر بتشغيل التيار الكهربائي و من حضر الجريمة و من لم يسعف هشام و صحبه!!! إيقاف تعقبه محاكمة عادلة تتوفر فيها كل الشروط التي تنص عليها العهود و المواثيق الدولية… محاكمة عادلة تكون الأولى بهذه الصفة في تاريخ البلاد منذ عهود طويلة!!! جرجيس في 12 ماي 2008 عبدالله الـزواري
تصعيد أمني في الحوض المنجمي
عاشت أهمّ مدن الحوض المنجمي أم العرائس والرديف أيام 6 و7 ماي 2008 حملة تنكيل شرسة بالمواطنين، أساسها احتلال مداخل المدن ووسطها ومهاجمة الأحياء واقتحام البيوت والاعتداء على سكانها، وقد استعمل البوليس في ذلك القنابل المسيلة للدموع بغزارة، ممّا خلق رعبا وهلعا في صفوف المواطنين العُزّل، إلا أنّ ذلك لم يمنع الشبان من الدفاع عن أهاليهم فوضعوا الحواجز الحجرية في أكثر من مكان ودخولوا في صدامات مع التعزيزات الأمنية الكبيرة حتى ساعات متأخرة من الليل. وقد وصل الأمر بأهالي المدينتين إلى طلب الاستغاثة والنصرة، ودفع القمع سكان الرديف إلى إخلاء المدينة ومغادرتها إلى أقرب الأماكن اتقاء لمزيد التنكيل واحتجاجا على استباحة حرماتهم. وتواصل نسق الاعتداءات في صعود إلى ساعة متأخرة من الليل عبر خلع العديد من المحلاّت التجارية على الطريق الرئيسية بالرديف وأم العرائس وتركها مفتوحة في شكل لا يخلو من تشفّ وعدم مسؤولية. إلاّ أن ما حصل لم يدفع الأهالي للصمت والاستكانة، إذ استفاقت أم العرائس يوم الخميس 8 ماي على غلق شبه تام للمحلات التجارية والمقاهي والخروج في مسيرات كبيرة جابت أهم الشوارع الأنهج واستقرّت باعتصامات أمام مركزي الشرطة والحرس للمطالبة بفكّ الحصار البوليسي على الجهة وطرد جحافل البوليس وتحميلها مسؤولية شتّى الخروق الحاصلة وسط استياء عام شمل كل الفئات والقطاعات. أمّا في الرديف فقد أُقيم تجمع خطابي أمام الاتحاد المحلّي للشغل مع الساعة 11 صباحا ومع التركيز على أهوال الأيام الأخيرة ووضعها في إطار الالتفاف على المكاسب النسبية المتحققة في المفاوضات والتعتيم على جريمة القتل التي ذهب ضحيتها الشاب هشام بن جدّو، كما تحوّل جزء من الحضور إلى أولاد بويحي لزيارة عائلة شهيد الحركة الاحتجاجية والتعبير عن مساندتهم لها والإصرار على تتبّع الجناة وتحميلهم المسؤولية الكاملة على جريمتهم البشعة. وإن عرفت الرديف بداية من يوم الخميس 8 ماي حالة من الهدوء فإن التوتر تواصل في أم العرائس التي أضحت مركز التعزيزات البوليسية المهولة المدجّجة بآليات قمعية متعدّدة ومتطورة، وأصبح الأهالي ضحية لتنكيل منهجي يمتدّ من الإغراق في أقذع الكلام إلى مهاجمة البيوت بالقنابل المسيلة للدموع والتعنيف الشديد والإيقافات التي كان أهم ضحاياها الشاب المعطّل عن العمل نجيب الزنايدي الذي أُوقف يوم 8 ماي وأُودع السجن المدني بزروق في اليوم الموالي في قضية ذات طابع جنائي تهدف إلى تجريم النضال السلمي من أجل حقّ الشغل. (المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 12 ماي 2008)
دعوة
تنظم جريدة الوحدة بالتنسيق مع لجنة مناهضة الصهيونية ودعم المقاومة ندوة سياسية فكرية تحت عنوان: نكبة 48 : الفلسطيني بين واقع الشتات والتشبث بالهوية وذلك يوم الخميس 16 ماي 2008 على الساعة الخامسة مساء بمقر جريدة الوحدة 7 نهج النمسا 1002 تونس البلفيدير. والدعوة مفتوحة للجميع للمشاركة واثراء النقاش
تونس: جمعية حقوقية توزع جوائز مسابقة شارك فيها أبناء مساجين سياسيين
تونس ـ خدمة قدس برس أسندت الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين جوائز إلى أبناء السجناء السياسيين عن مسابقة كانت أعلنت عنها الجمعية في وقت سابق حول موضوع « الحرية بعيون أبنائنا ». وبحسب بيان اطلعت « قدس برس » على نسخة منه نالت الجائزة ثلاث بنات لسجناء إسلاميين سابقين ينتمون لحركة النهضة توفوا أشهر قليلة بعد إطلاق سراحهم بعد معاناة مع المرض. وقالت الجمعية إن الفائزات هنّ ابنة السجين السياسي السابق أحمد البوعزيزي (توفي في كانون ثاني/ ديسمبر 2007)، عن خاطرة تتحدث فيها عن الحرمان المضاعف بسبب سجن أبيها وهي في السنة الثانية من عمرها ثم بسبب وفاته بعد أقل من سنة من خروجه من السجن مصاباً بالسرطان. والفائزة الثانية ابنة السجين السياسي الهاشمي المكي (توفي في تموز/ يوليو 2006) أطلق سراحه وهو على فراش الموت وتوفي بعد أشهر قليلة، وقد نالت الجائزة عن صورة فوتوغرافية لمجسمين هما عبارة عن سجينين جالسين القرفصاء في غرفة سجن مظلمة وقد انبعثت من بينهما أضواء تحسب هبة أنها أضواء الفرج وانبلاج فجر الحرية للبقية الباقية من السجناء السياسيين. والفائزة الثالثة ابنة السجين عبد المجيد بالطاهر (توفي في تشرين أول/ أكتوبر 2003) لمشاركتها بنص أعدته ليكون رسالة لأبيها تكشف فيها عن عمق الأسى واللوعة ومشاعر الحرمان لرحيله بعد إطلاق سراحه من السجن بنحو عامين بسبب إصابته بسرطان في الدماغ. وقالت رئيسة الجمعية الأستاذة سعيدة العكرمي إنّ تنظيم الجمعية لجائزة أبناء السجناء السياسيين هو « محاولة لتخفيف وطأة الحرمان على أبناء السجناء السياسيين، وهو مسؤولية المجتمع التونسي كله لأجل مسح آثار محنة هذه العائلات وأبنائها ». وكانت منظمات حقوقية قد اتهمت السلطات التونسية بتعمد الإهمال الطبّي لمساجين النهضة والتسبب في وفاة عدد منهم داخل السجون وخارجها، بعد أن عانوا من ظروف اعتقال قاسية، ولا تتوفر فيها الحدود الدنيا للسلامة الصحية. (المصدر: وكالة قدس برس انترناشيونال بتاريخ 12 ماي 2008)
مشروع لاستخراج اليورانيوم من الفوسفات تونس تتخلى عن التكنولوجيا النووية الكندية وتعتمد على فرنسا في إنشاء مفاعلها السلمي
تونس – سميرة الصدفي
تشمل خيارات الطاقة الجديدة الشمس والرياح والمياه توصلت تونس وفرنسا إلى اتفاق يرمي الى إنشاء مفاعل نووي سلمي قبيل حلول عام 2020، على رغم اعتراضات المدافعين عن البيئة في البلدين. وجرى توقيع الاتفاق في حفلة حضرها الرئيسان الفرنسي نيكولا ساركوزي والتونسي زين العابدين بن علي خلال الزيارة الرسمية الأولى لتونس أواخر الشهر الماضي. ودافع ساركوزي خلال التوقيع عن المشروع مؤكداً أن الطاقة النووية «هي طاقة المستقبل وهي الأكثر أماناً». وأفاد مصدر اطلع على نص الاتفاق الذي لم يُنشر بأنه مُطابق لاتفاقات سبق لفرنسا أن توصلت إليها مع المغرب والجزائر وليبيا. وعلمت «الحياة» أن الاتفاق الجديد يستكمل اتفاقاً مبدئياً وقعه وزير البحث العلمي التونسي السابق الدكتور طيب الحضيري في باريس في عام 2006. ووضع هذا الاتفاق الإطار العام للتعاون النووي بين البلدين. وشمل الاتفاق حماية البيئة من الإشعاعات النووية بعد إنشاء المفاعل السلمي، وتحديد وسائل التخلص من النفايات النووية. وحملت الزيادات المستمرة في أسعار المحروقات بلدان المغرب العربي على التخطيط للاعتماد على الطاقة النووية في المستقبل. ويضم المغرب العربي دولتين تعتبران من المنتجين الرئيسيين للنفط والغاز، هما الجزائر وليبيا. وتُجابه تونس التي تنتج النفط والغاز بكميات قليلة، شبح نضوب احتياطاتها من المحروقات في أقل من عشر سنوات. منافسة أوروبية وكندية ولوحظ أن أربعة بلدان مغاربية اختارت التكنولوجيا الفرنسية لإنشاء مفاعلات على رغم وجود عروض منافسة من أوروبا وأميركا الشمالية. والأرجح أن الصفقات النووية شكلت قسماً من صفقات أكبر أُنجِزَت خلال جولات ساركوزي المكوكية على عواصم المغرب العربي، خلال سنته الرئاسية الأولى. وقال لـ «الحياة» خبير تونسي رفض الكشف عن اسمه ان الفرنسيين «استطاعوا تسويق مجموعة «أريفا» AREVA النووية الفرنسية بوصفها الشريك الوحيد في شمال أفريقيا بعد حملة ترويجية مكثفة لم يستطع منافسوهم مضاهاتها». وكشف المصدر عينه أيضاً أن الاتفاق مع تونس يشمل ثمانية مجالات تتصل بالاستخدامات السلمية للطاقة النووية وهي تحلية المياه والبحوث التطبيقية وتكوين مهندسين وتقنيين تونسيين في الطاقة النووية وتطبيقاتها الطبية والزراعية والصناعية، وفي مجالات الأمن والأمان النوويين والبحث عن مصادر الطاقة النووية وإدارة التفتيش عن مصادر اليورانيوم والتحكم بالنفايات القابلة للاشتعال وتحديث الاشتراعات الخاصة بالمجال النووي. وفي هذا السياق، تقرّر إنشاء لجنة مشتركة لمتابعة تنفيذ برامج التعاون الثنائية في هذا المجال والتي ستُعرض على «الوكالة الدولية للطاقة الذرية». وبموجب الاتفاق نفسه الذي يستغرق تنفيذه عشرين سنة، تعهد الفرنسيون بتدريب مهندسين تونسيين في فرنسا قبل إنشاء المفاعل في تونس؛ وكذلك تأمين التجهيزات والمعدات اللازمة له. وأكد مدير عام «المركز الوطني للعلوم والتكنولوجيات النووية» التونسي عادل الطرابلسي أن علماء المركز سيلعبون دوراً رئيساً في مسار إنشاء المفاعل المنتظر. طب نووي وكانت تونس استضافت في 28 نيسان (أبريل) الماضي في منتجع الحمامات السياحي، ندوة دولية للبحث في الاستخدامات الطبية للطاقة النووية، بمشاركة 400 طبيب من أفريقيا وأوروبا. وفي هذا الصدد، أوضح الدكتور فوزي بن سليمان مدير «وحدة الطب النووي» في «مستشفى صالح عزيز للسرطان» التونسي لـ «الحياة» أن الورشة «أتاحت عرض أحدث التجارب في ميدان استخدام العلوم النووية طبياً». وأفاد أيضاً بأن التونسيين «يحتاجون تطوير خبرتهم في هذا المجال»، مُشيراً إلى أن عدد وحدات الطب النووي في المستشفيات الخاصة والعمومية التونسية لا يتجاوز العشرة. ولم تُعط المصادر التونسية والفرنسية تفاصيل أخرى عن نوعية التكنولوجيا المرتقب استخدامها في إنشاء المفاعل، لكنها أوضحت أن الجانبين سيباشران إجراء أبحاث لدرس إمكان استخراج اليورانيوم من الفوسفات الذي تنتجه تونس بكميات تجارية. وتأتي تونس الخامسة بين منتجي الفوسفات عالمياً إذ تنتج ثمانية ملايين طن من الفوسفات التجاري سنوياً. وخلال العقد الماضي، باشر «المُجمّع الكيماوي» التونسي (التابع للقطاع العام) الذي يشرف على تكرير الفوسفات الخام لاستخراج أسمدة تُصدر إلى الخارج، بالخطوات الأولى لدراسة عن استخراج اليورانيوم من الفوسفات؛ لكنها توقفت بسبب قلة التمويل. وأتاح الاتفاق الفرنسي – التونسي الأخير إحياء المشروع الذي يرمي لإنشاء وحدة صناعية لاستخراج اليورانيوم من الفوسفات الخام الذي تنتجه مناجم «الرديف» و «أم العرايس» و»المظيلة». وأوضح أحد الخبراء «أن ذلك المجمع استطاع استخراج اليورانيوم من الفوسفات»، وقال: «نحن مسيطرون على التقنية اللازمة لذلك، لكننا نحتاج الاستثمارات التي تمكننا من الإنتاج على المستوى الصناعي». وأشار أيضاً الى استضافة تونس في 19 شباط (فبراير) الماضي، ورشة تركزت حول الإطلاع على التكنولوجيا الكندية في هذا المجال، وكذلك تحديد نوعية التقنيات المناسبة لتطبيقها محلياً. وفي هذا الصدّد، أكد الباحث عادل الطرابلسي أن تجارب أجريت في عام 2002 أظهرت المردودية العالية لاستخراج اليورانيوم من الفوسفات الخام. ورأت الدراسة أن انتاج اليورانيوم بتلك الطريقة يعتبر مجزياً من الناحية الاقتصادية، «وحينها، كان سعر برميل النفط لا يتجاوز 35 دولاراً فما بالك وقد تجاوز اليوم 110 دولارات»؟ تكنولوجيا كندية خلال الورشة عينها، بيّن السفير الكندي برونو بيكار أن حكومته مستعدة لوضع خبرات استخراج اليورانيوم، بما فيها المعتمِدَة على الفوسفات، في تصرف التونسيين. وعرض الخبير الدولي دونالد دونان رئيس مجموعة «لافالان إنترناسيونال» SNC-Lavalin International التقنيات المستخدمة في الهند لاستخراج اليورانيوم من الفوسفات. وأوضح أن الهند تضم محطات نووية تعمل بمادة مستخرجة من الحامض الفوسفوري واستطراداً من الفوسفات الخام. وحضّ دونان التونسيين على اللجوء للتكنولوجيا الكندية بدل الفرنسية في تصنيع اليورانيوم، مشيراً إلى وجود 150 مؤسسة كندية تعمل في مرحلة تصنيع هذه المادة. ورأى أن ذلك «يمنح تونس هامش استقلال واسعاً في هذا المجال». وأكد أن الاعتماد على مفاعل «أريفا» الفرنسي يجعل التونسيين مرتبطين بفرنسا في جميع المراحل، مستدلا بتجارب رومانيا والصين وكوريا الجنوبية التي قال إنها اعتمدت التكنولوجيا الكندية. ويمنح التونسيون أهمية كبيرة لهذه الوسيلة بسبب الارتفاع السريع لسعر اليورانيوم الذي لا يباع في الأسواق العالمية. وفي حديث الى «الحياة»، أوضح خبير تونسي ان سعر الرطل من تلك المادة ارتفع من 9.50 دولار في عام 2002 إلى 36 دولاراً في عام 2005 و60 دولاراً في العام التالي، ثم وصل إلى 113 دولاراً في العام الماضي قبل أن يتراجع أخيراً إلى 75 دولاراً. وفي المقابل، أكّد الخبير عينه أن الاتجاه العام يسير نحو الارتفاع المطرد في أسعار اليورانيوم. وقدر أن تلك المادة المُشعّة قد تُستخرج من الفوسفات بنسبة تصل الى 12 في المئة. وخلال زيارة ساركوزي الأخيرة لتونس أيضاً، فازت مجموعة «ألستوم» Alstom الفرنسية بصفقة لبناء محطة كهرومائية في مدينة «غنوش» الصناعية الجنوبية تعمل بقوة 400 ميغاويت. واستطاع الفرنسيون إزاحة منافستهم الألمانية شركة «سيمنس» التي كانت تسعى للفوز بالصفقة والتي تقدر قيمتها بـ360 مليون يورو. وتتيح محطة «غنوش» تأمين حاجات المحافظات الجنوبية التونسية من التيار الكهربائي. (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 13 ماي 2008)
تونس تحقق في مقتل أحد مواطنيها على يد الشرطة الفرنسية
تونس (رويترز) – قالت مصادر رسمية يوم الثلاثاء ان السلطات القضائية في تونس فتحت تحقيقا لكشف ظروف وفاة مواطن تونسي بفرنسا قالت وسائل اعلام انه لفظ انفاسه اثر اعتداء شرطي فرنسي عليه الاسبوع الماضي. واضافت المصادر أن « وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس اذن بفتح تحقيق قضائي حول الظروف التي أحاطت بوفاة المواطن التونسي عبد الحكيم العجيمي بمنطقة قراس التي تبعد قرابة 30 كيلومترا عن مدينة نيس الفرنسية. » وقالت وسائل اعلام أن خلافا نشب بين المواطن التونسي وموظف بنك في فرنسا يوم الجمعة الماضي مما ادى الى تدخل اربعة من رجال الامن أقدم أحدهم على خنقه. وعبرت عدة منظمات تونسية من بينها جمعية الدفاع عن التونسيين بالخارج وجمعية التضامن الدولي وجمعية الدفاع عن ضحايا الارهاب عن استيائها للظروف التي أحاطت بوفاة العجيمي مطالبة بتوفير قدر أكبر من الحماية للمهاجرين ضد كل اشكال التمييز وسوء المعاملة. وانتقدت هذه المنظمات في بيان « المنظمات غير الحكومية المدعية الدفاع عن حقوق الانسان والتي تعتمد المكيالين في تصنيف هذه الحقوق بناء على خلفيات سياسية. » (المصدر وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 13 ماي 2008 )
تونس: مقتل تونسي في فرنسا يفتح جدلا سياسيا في البلاد
تونس – خدمة قدس برس أفاد مصدر رسمي في تونس أنّ النيابة العامة قد فتحت تحقيقا قضائيا حول الظروف التي أحاطت بمقتل مواطن تونسي بمنطقة « قراس » قرب مدينة نيس الفرنسية. وقد هلك المواطن التونسي المقيم بفرنسا عبد الحكيم العجيمي ويبلغ من العمر 22 عاما يوم 9 أيار (مايو) الجاري إثر إيقافه بشكل عنيف من قبل أعوان أمن ونقلت تقارير صحفية أنّه تم خنقه والاعتداء عليه بالعنف عند إيقافه بسبب خلاف بينه وبين موظف في أحد البنوك. ونقلت التلفزة التونسية الرسمية خبر مقتل الشاب والتحقيق الذي فتحته النيابة العامة التونسية. كما تداولت الصحف هذا الخبر لكنّها ألمحت إلى أبعاد أخرى لا تتعلق بهذه الحادثة بالذات، منتقدة من أسمتهم « محترفي النضال في مجال حقوق الإنسان الذين آثروا الصمت والاختفاء وراء ازدواجية مكاييل مقيتة تجعلهم يقيمون الدنيا لأسباب بسيطة ». وتساءلت يومية الشروق الخاصة والمقربة من الحكومة « هل نحن إزاء مزاد يتبارى فيه المناضلون المزعومون على نحر القيم والمبادئ في مزادات المصالح وصالونات السياسة؟ ». وفي نفس السياق أصدرت ست جمعيات مقربة من الحكومة بيانا مشتركا اطلعت « قدس برس » على نسخة منه استنكر « صمت بعض المنظمات غير الحكومية المدعية الدفاع عن حقوق الإنسان التي تعتمد المكيالين بناء على خلفيات سياسية »، بحسب عبارة البيان. يذكر أنّ عددا كبيرا من الصحف الفرنسية معروفة بانتقادها الشديد لنظام الرئيس بن علي وسجلّه في مجال حقوق الإنسان، كما وقفت منظمات فرنسية تعنى بحرية التعبير إلى جانب النشطاء والمعارضين التونسيين في عدة مناسبات ومن أبرزها منظمة مراسلون بلا حدود التي يديرها روبير مينار الممنوع من دخول التراب التونسي. وهذا ما قد يجعل الحملة القوية التي تشنّها بعض الأطراف والصحف التونسية الموالية غير بريئة في نظر المراقبين. وقد عبّر المحامي والناشط الحقوقي محمد عبّو عن ارتيابه من شكل التعامل مع هذه الحادثة وإعطائها أبعادا سياسية متمنّيا في نفس الوقت أن تكون الغاية من فتح تحقيق في تونس ومن شراسة الحملة التي تقوم بها بعض الصحف وبعض الجمعيات القريبة من السلطة إظهار الحقيقة وإنصاف الضحيّة وعائلته والدفاع عن حقوق المهاجرين التونسيين. وقال في تصريح خاص لـ »قدس برس »، « أخشى أن يقع استغلال هذه القضية لا لكشف الحقيقة وإقامة العدل وإنّما لمقايضة تتبعات تجريها السلط القضائية الفرنسية ضد بعض أصحاب النفوذ في تونس ». لكنّ عبّو نبّه هذه الأطراف التونسية المتدخّلة بكون الاعتداءات على التونسيين « تتكرر في تونس من قبل أعوان السلطة العامة وبعض أصحاب النفوذ دون حسيب ولا رقيب ورجا منهم على هذا الأساس أن يبدؤوا بالدفاع عن التونسيين في تونس حتى يكون باستطاعتهم الدفاع عنهم بنجاعة في الخارج ». يذكر أنّ القضاء الفرنسي قد فتح منذ سنة تحقيقا ضد صهرين للرئيس بن علي لاتهامهما في فرنسا بالتورط في سرقة يخت سياحي على ملك مدير عام لبنك فرنسي وتهريبه إلى تونس. (المصدر: وكالة قدس برس انترناشيونال بتاريخ 13 ماي 2008)
في فاجعة بحريّة جديدة أرسى ناجوها نهاية الأسبوع بسواحل البقالطة هلاك 50 «حارقا» بينهم تونسي جوعا وعطشا ونجاة 16 آخرين بأعجوبة بعد 5 أيّام من الصراع مع الموت
الرحلة انطلقت من السواحل الليبية.. وعلى مشارف جزيرة لمبدوزا نفد البنزين فكانت الكارثة الاحتفاظ بالـ 16 الناجين بينهم فتاة بمستشفى المهدية «الحارقون» ألقوا بجثث 46 مهاجرا ماتوا جوعا للحيتان
عُثر مساء اول امس السبت على زورق من نوع زودياك بشاطىء البغدادي بالبقالطة من ولاية المنستير وبداخله ثلاث جثث آدمية وبالقرب منه 15 شابا وفتاة واحدة يتضورون جوعا ويئنون ويصيحون طلبا للنجدة. المشهد كان مؤلما ومثيرا وفظيعا في الوقت ذاته حسبما افادنا به شهود عيان.. الذين أضافوا ان الناجين الـ 16 كانوا في حالة صحية ونفسية حرجة بعد ان عاشوا عدة ايام وليال في صراع مع البحر والعواصف والجوع والعطش والبرد. اسعاف الناجين وبوصول المعلومة الى الجهات المعنية تحولت وحدات الحرس الوطني بالمهدية والمنستير وسيارات الاسعاف والحماية المدنية على جناح السرعة الى الموقع المشار اليه حيث تم تقديم الاسعافات الميدانية الاولية للناجين قبل نقلهم جميعا الى المستشفى الجامعي الطاهر صفر بالمهدية حيث احتفظ بهم تحت الرعاية الطبية ووصفت حالتهم بالمطمئنة والمستقرة. وبالتوازي رفع الاعوان ثلاث جثث كانت ملقاة داخل الزورق بعد معاينتها بحضور السلط القضائية ونقلت الى مصلحة الطب الشرعي بالمستشفى الجامعي فطومة بورقيبة بالمنستير لفحصها وتحديد هويات اصحابها واسباب وفاتهم. عشرات الضحايا وظن المحققون ان الضحايا الثلاث يمثلون القائمة النهائية للموتى في هذه الفاجعة البحرية الجديدة التي جدت في وقت مازال الرأي العام التونسي يتحدث فيه عن مستجدات فاجعة «الحرقان» الاخيرة بعرض سواحل المهدية التي خلفت ثمانية غرقى و15 مفقودا ـ ولكن التحريات التي اجراها اعوان فرقة الارشاد البحري بالمنستير بالتنسيق مع وحدات الحرس الوطني بالبقالطة والمهدية كشفت عن حجم المأساة الحقيقي.. عن عشرات المهاجرين غير الشرعيين الذين لقوا حتفهم في هذه «الحرقة». 66 «حارقا» في قارب «الموت» وحسب المعطيات التي تحصلنا عليها من مصادر مختلفة فان 66 شخصا من جنسيات افريقية متعددة التقوا قرب شاطىء زوارة بليبيا واستقلوا زورقا من نوع زودياك لا يتجاوز طوله الخمسة امتار وابحروا خلسة نحو جزيرة «لمبدوزا» بأقصى الجنوب الايطالي متجاهلين الخطر الذي يحف مغامرتهم وعواقبها الوخيمة. وبعد 48 ساعة تقريبا من الابحار وعلى بعد بضعة اميال من جزيرة «لمبدوزا» فوجئوا بنفاد البنزين فتوقف المحرك واصبح الزورق على كف عفريت تتقاذفه الامواج. ساعات المواجهة واجه «الحارقون» حسب اعترافاتهم مصيرهم المجهول برباطة جأش في البداية بعد ان ظنوا ان مراكب الصيد او خافرات الحرس او البحرية ستتفطن لامرهم ولكن خاب ظنهم وتواترت الساعات متشابهة.. جوع وعطش وصراع مع البحر دون وجود اي منقذ.. ظلوا ملتصقين ببعضهم البعض يلتحفون السماء الى ان دبّ اليأس في نفوسهم وتدهورت الحالة الصحية لغالبيتهم وبدأ بعضهم يحتضر بسبب الجوع والعطش والبرد ثم تتالت الوفيات على امتداد خمسة ايام وخمس ليال وخوفا من تعفن الجثث ومن غرق القارب كان من بقوا على قيد الحياة يلقون بجثث الضحايا في البحر.. ولم يبق الا 19 شخصا فقط ظلوا يصارعون البحر والجوع والبرد القارس في زورق يبحر بهم دون وجهة معلومة الى ان رسا على شاطىء البغدادي بالبقالطة مساء السبت ولكن الموت غيب ثلاثة من الحارقين فبلغوا الشاطىء جثثا في حين كان البقية في حالة صحية حرجة. تونسي من بين الضحايا وحسب معلومة اضافية فان شابا مغربيا من بين الناجين في هذه الفاجعة اعترف بان جل المشاركين ينحدرون من بلدان افريقية على غرار الكامرون وكينيا ونيجيريا والكوت ديفوار وان من بين الضحايا شاب تونسي فارق الحياة وألقيت جثته في البحر دون ان يحدد هويته. واكيد ان تحريات اعوان فرقة الارشاد البحري بالمنستير ستكشف المزيد من المعطيات حول هذه «الحرقة» التي انتهت بمأساة جديدة. صابر المكشر (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) الصادرة يوم 12 ماي 2008)
هلاك 50 مهاجرا جوعا وعطشا تونس: شواطئ تستقبل غرقى وناجين من « رحلات الموت » باتجاه أوروبا والحلول الرسمية تعمّق المشكل
تونس – خدمة قدس برس تكثّفت في الأسابيع الماضية قرب السواحل التونسية حوادث غرق مراكب تقل مهاجرين غير شرعيين من جنسيات تونسية وإفريقية متعددة. فقد غرق بداية الشهر الجاري أيار (مايو) ثمانية مهاجرين وظلّ آخرون في عداد المفقودين بعد أن غرق مركب كان يقلهم باتجاه أوروبا. وعثرت السلطات التونسية على جثث الضحايا قبالة سواحل مدينة الشابة الواقعة شرقي العاصمة تونس. كما تحدثت تقارير صحفية بداية هذا الأسبوع عن هلاك 50 مهاجرا سريا بينهم تونسي جوعا وعطشا ونجاة 16 آخرين بعد 5 أيّام من الصراع مع الموت. وقد تم العثور مساء السبت الماضي (10/5) على زورق من نوع « زودياك » بشاطئ محافظة المنستير وبداخله ثلاث جثث آدمية و 15 شابا وفتاة في حالة يرثى لها. وأفادت المعلومات الأولية أنّ الزورق توقف محركه على بعد بضعة أميال من جزيرة « لمبدوزا » جنوب إيطاليا بنفاد الوقود بعد يومين من الإبحار. كما وردت أنباء عن إحباط وحدات الحرس الوطني بمحافظة صفاقس جنوب العاصمة عملية إبحار تورط فيها خمسة شبان فيما وتجري التحريات بشأن آخرين. وكان هؤلاء يخططون لسرقة مركب صيد ومحرك للتوجه بحرا نحو الأراضي الإيطالية. ورغم تكثيف حملات التمشيط على السواحل التونسية والرقابة الأمنية فإنّ موجات الرحلات السرية لا تزال تغري الحالمين بالوصول إلى الضفة الشمالية من المتوسط بحثا عن حياة أفضل وهروبا من الفقر والبطالة. ويختار هؤلاء ما أصبح يعرف « بطريق الموت » نظرا لاستحالة حصول معظمهم على الوثائق القانونية التي تمكّنهم من الهجرة بالطرق الشرعية. كما ضاعف نظام الحصص الذي أعلنته بعض الدول الأوروبية وعلى رأسها فرنسا من صعوبة الهجرة. ويهدف هذا النظام إلى تشجيع ما يسمّى « الهجرة المهنيّة للكفاءات ». وأدانت جمعية « اتحاد التونسيين لمواطني الضفتين » في بيان اطلعت « قدس برس » التقييدات التي تضعها الدول الأوروبية على حرية التنقل للحد من تدفق مواطني الجنوب إليها وحمّلتها مسؤولية هلاك آلاف الأشخاص على طريق الهجرة السرية. وقالت هذه الجمعية و مقرها باريس إنّ النضال من أجل حرية التنقل هو نضال من أجل الحرية والمساواة. وانتقد اتحاد مواطني الضفتين نظام الحصص المذكور واعتبره غير عادل ويساهم في تعميق استغلال مئات الآلاف من العمال الذين يعيشون في وضع أشبه بالاستعباد في كثير من بلدان الجنوب مقابل منح امتياز لفئة قليلة من الكوادر والفنيين. (المصدر: وكالة قدس برس انترناشيونال بتاريخ 13 ماي 2008)
تونس تؤكد غرق عشرات المهاجرين الافارقة قبالة سواحلها
تونس (رويترز) – أكدت تونس يوم الثلاثاء غرق عشرات من المهاجرين الافارقة قبالة سواحلها اثناء رحلة سرية باتجاه اوروبا بعد توقف مركبهم الصغير بسبب نفاذ البنزين. وقالت صحيفة الصباح الاسبوعي يوم الاثنين ان ما لا يقل عن 50 مهاجرا افريقيا لقوا حتفهم غرقا قبالة سواحل تونس. وقال مصدر رسمي في بيان ارسل لرويترز « عثرت الوحدات الامنية يوم السبت 10 مايو على زورق جانح بشاطئ البقالطة على متنه 19 شخصا كلهم من جنسيات افريقية منهم 16 في حالة صحية متدهورة و3 في حالة وفاة.. كما تم العثور لاحقا على جثتين من جنس الاناث ». واضاف نفس المصدر ان استجواب الاشخاص الذين تم اسعافهم دل على أن اجمالي عدد المبحرين بلغ 66 شخصا « انطلقوا من احد الشواطئ غير التونسية » نحو ايطاليا الا ان رداءة الاحوال الجوية حالت دون ذلك فسقط البعض منهم في عرض البحر بالمياه الدولية فيما قذفت الامواج بمن بقي في الزروق الى الساحل التونسي. وتتزايد في مثل هذا الوقت من كل عام محاولات الهجرة السرية باتجاه اوروبا انطلاقا من شواطئ شمال افريقيا مع تحسن الاحوال الجوية. وأعلن منذ نحو اسبوعين عن غرق ثمانية مهاجرين تونسيين وفقدان 15 اخر اثناء رحلة مماثلة باتجاه جزيرة لمبيدوزا الايطالية. وقالت مفوضية الامم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين ان نحو 20 الف مهاجرا افريقيا وصلوا العام الماضي الى ايطاليا على متن قوارب قادمين من شمال افريقيا من بينهم ما لايقل عن 471 غرقوا او اعتبروا في عداد المفقودين. وتطالب اوروبا بلدان شمال افريقيا بتكثيف مراقبة سواحلها. (المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية (أ ف ب) بتاريخ 13 ماي 2008)
تونس: غرق عشرات المهاجرين
تونس-الحياة :اتسمت الأسابيع الأخيرة بتزايد عمليات الهجرة غير الشرعية من السواحل التونسية والليبية نحو إيطاليا مع تحسن الأحوال الجوية في المتوسط. وفي حادثة هي الأكثر مأسوية منذ مطلع العام الجاري توفي ما لا يقل عن خمسين مهاجراً أفريقياً غير شرعي من ضمنهم سيدة بعدما جنح المركب الذي كانوا يستقلونه في أعقاب عطل أصاب محركه. وأفيد أن 16 من المسافرين الناجين طلبوا النجدة بعد اقتراب المركب الصغير الذي دفعته الرياح إلى السواحل التونسية وأفادوا حرس السواحل التونسيين الذين أنقذوهم أن زملاءهم قضوا من البرد والجوع بعدما أمضوا أسبوعاً في البحر، ما اضطرهم لإلقاء جثثهم في البحر خوفاً من تعفنها. وقالت مصادر مطلعة إن الناجين الستة عشر يوجدون منذ السبت الماضي في مستشفى طاهر صفر في مدينة المهدية التونسية وإن حالهم سيئة. وأكدت المصادر أن الذين كانوا على متن المركب الجانح أتوا من البلدان الأفريقية جنوب الصحراء وانطلقوا من ساحل زوارة الليبي (غرب العاصمة طرابلس) نحو السواحل الإيطالية الجنوبية. وفي سياق متصل أكدت صحف محلية العثور على ثماني جثث من ضمن القتلى في عملية إبحار غير شرعية من سواحل مدينة المهدية (وسط) الأسبوع قبل الماضي أدت إلى وفاة أو فقدان 23 شاباً جميعهم تونسيون بعدما جنح المركب الذي كانوا يستقلونه على بعد سبعين كيلومتراً من السواحل التونسية. (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 13 ماي 2008)
للمرة الأولى.. أسبوع ثقافي أردني في تونس
تنظم وزارة الثقافة والمحافظة على التراث التونسية تظاهرة ثقافية أردنية للمرة الأولى في تونس خلال الفترة من 13 إلى 18 مايو/ أيار الحالي. وتفتتح التظاهرة التي تقام بالتعاون مع وزارة الثقافة الأردنية مساء الثلاثاء في المسرح البلدي وسط العاصمة تونس، بحفل فني لفرقة التخت العربي التابع للمعهد الوطني للموسيقى في الأردن. ويشمل البرنامج أمسية شعرية يحييها الشاعر الأردني عصام السعدي ومعارض للفنون التشكيلية والصور الفوتغرافية ومعرض للحرف التقليدية وآخر للكتاب. وفي البرنامج أيضا عرض أزياء تراثية أردنية وأفلام سينمائية من أبرزها فيلم « جهادي » لمصطفى سلامة و »أم قيس تشيع أهلها » لعبد السلام الحاج. وبحسب المنظمين فإن « هدف إقامة هذا الأسبوع الثقافي هو تعزيز الروابط بين تونس والأردن وإرساء لحوار ثقافي مثمر بينهما ». (المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية (أ ف ب) بتاريخ 13 ماي 2008)
تونس: طرد الفنان الجزائري رشيد بعزيز واتهامات لجهات متنفذة بالوقوف وراء ذلك
تونس – خدمة قدس برس قامت شرطة الحدود بمطار تونس نهاية الأسبوع المنقضي بترحيل الفنان الجزائري بعزيز عند وصوله التراب التونسي في زيارة سياحية. ونقلت صحف جزائرية عن الفنان المذكور إنّ السلطات الأمنية التونسية رحّلته الجمعة الماضي (9/5) دون تقديم مبررات. ووصف ترحيله بالمهين وبأنّه عومل كمجرم مطلوب حسب عبارته. وهذه هي المرة الثانية التي يتم فيها ترحيل هذا الفنان من تونس، فقد أجبر على مغادرة البلاد في شباط (فبراير) الماضي دون إبداء توضيحات بعد مشاركته في مهرجان الضحك بتونس العاصمة. واستغرب الفنان الساخر رشيد بعزيز من سلوك السلطات التونسية خاصة وأنّه لم يقم في أية مناسبة بانتقاد النظام التونسي. كما استبعد أي دور للنظام الجزائري مبيّنا أنّه يظهر على التلفزيون الجزائري الرسمي دون تقييدات. لكنّه اتهم مؤسسة خدمات إعلانية تونسية يملكها متنفذون بالوقوف وراء ترحيله بعد أن أنهى عقده معها. وبحسب صحيفة « الوطن » الجزائرية يعتزم بعزيز الاتصال بسفارة تونس بالجزائر لطلب مكتوب رسمي يوضح أسباب ترحيله. (المصدر: وكالة قدس برس انترناشيونال بتاريخ 13 ماي 2008
دعوة الى حماية السياحة من الإرهاب والإجرام
تونس: أكد مسؤول أمني على تلازم العلاقة بين السياحة والأمن في الدول العربية وقال إن « الأولوية تكمن في تامين ووقاية المرافق السياحية والسياح من أي عمل إرهابي أو إجرامي » وفق تعبيره. وذكر الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب محمد علي بن كومان اليوم الثلاثاء، في افتتاح أعمال المؤتمر العربي الثالث للمسؤولين عن الأمن السياحي في تونس، أنه « يستحيل تصور وجود حركة سياحية نشطة في ظل التدهور الأمني »، خصوصا وأن القطاع السياحي « يلعب دورا بارزا في دعم اقتصاديات عديد الدول العربية ويؤمن العمل والعيش لآلاف من مواطنيها ». وحث بن كومان المسؤولين الأمنيين العرب على « تأمين المرافق السياحية والسياح من أي عمل إرهابي أو إجرامي، ومنع كل ما من شانه التأثير بشكل سلبي على قطاع السياحة ومواجهة أي سلوك يضايق السياح أو يزعجهم »، كما دعا إلى « ضرورة حماية المواقع الأثرية نظرا لقيمتها الحضارية والفنية، ولكونها تشكل عامل جذب يسهم في تنمية السياحة وازدهارها في الدول العربية » . من جهة ثانية اعتبر الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب أن « نجاح أجهزة الأمن السياحي مرهون بتوفر أمرين اثنين هما تعزيزها بالعناصر الفاعلة والكفأة، والتنسيق مع باقي الأجهزة الأمنية العاملة في المراكز الحدودية والموانئ والمطارات » . ومن المنتظر أن يبحث المشاركون 5 بنود من بينها اثر الأعمال الإرهابية على السياحة، والخطة العربية النموذجية لمواجهة الأزمات الأمنية في المجال السياحي. هذا وسيعقد بعد غد الخميس مسؤولون عن الأمن السياحي وممثلون عن الهيئات الرسمية المعنية بالسياحة في الدول العربية، اجتماعا مشتركا لبحث السبل الكفيلة بتعزيز العلاقة بين الطرفين لدعم وتنشيط القطاع السياحي في الدول العربية، وتوفير كافة مقومات الأمن للسياح. (المصدر وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء بتاريخ 13 ماي 2008 )
التقرير الصحفي الأسبوعي السابع عشر – الجزء الثاني السبيل أونلاين – التقرير الصحفي
الدفاع عن حقوق الإنسان في تونس..قراءة إقتصادية للموضوع ؟ يعتبر مقال (Jean-Michel B***) الذى نشر في موقع (agoravox) الفرنسي بتاريخ 09 ماي 2008 , قراءة من الزاوية الإقتصادية لموقف الرئيس الفرنسي ساركوزي بخصوص تصريحاته تجاه حالة حقوق الإنسان في تونس أثناء زيارته الأخيرة لبن علي بتاريخ 28 و 29 أفريل الماضي . موقف الرئيس الفرنسي من قضية حالة حقوق الإنسان في تونس والذى عبّر فيه « أن مساحة حقوق الإنسان في دولة بن علي تشهد تقدم » , هو موقف مثير, أما كاتبة الدولة الفرنسية المكلفة بملف حقوق الإنسان راما عيّاد فهي مغيبة عن الواقع في تونس وما لديها من معلومات هو ما تراه عبر شاشة التلفاز ليس أكثر , ويجب أن يطرح الفرنسيون على أنفسهم سؤالا عن مدى إحترام حقوق الإنسان في تونس ؟؟؟ نستطيع القول بإطمئنان أن الدفاع عن الحقوق الإنسان في تونس ما هو إلا تمرين لإرضاء ضميرنا , ولنقول أن الضفة الأخرى من المتوسط يحق للنساء والرجال فيها أن يتمتعوا بنفس الحقوق الذى يتمتع بها الفرنسيون . إذن وجب معرفة أن عدم إحترام حقوق الإنسان في تونس يترجم بعدم قدرة النقابيون تبني المطالبة برفع الأجور أو إحترام ظروف العمل , وتترجم أيضا بالنسبة للإعلام أو الأشخاص بإستحالة قدرتهم على تسيير تحقيق يكشف عدم إحترام الضوابط البيئية أو حماية الأشخاص في حالة الكوارث الصناعية . وتونس بها أماكن صناعية خطيرة تصنف في فرنسا على أنها خطيرة جدا , وتستوجب إجراءات إستثنائية , وفي تونس وبسبب عدم إخافة الشعب والسياح الأجانب , يخيم الصمت حول هذا السؤال إلا إذا كانت المعلومات صادرة عن مصادر رسمية وزارية , والتى تقول بأن كل شيء على ما يرام وليس هناك من داعي للقلق . المشكلة , أن غياب احترام حقوق الإنسان , في ظله تكون المعلومات الرسمية غير شفافة والمؤكد أنها مضللة وتستهدف جني الثمار الإقتصادية والسياسية .ولأنه في النهاية , ليست الحرب التى يقودها نظام بن علي في تونس على الإسلاميين ماهي إلا حصان سباق (حصان طروادة) ليقع تغييب كل المعلومات حول المخاطر الصناعية للحفاظ على المكاسب الإقتصادية . ويقول الكاتب أننا نحن الفرنسيون علينا أن ننشغل حين نرى رئيسنا يقول بأن حقوق الإنسان في تونس تتقدم , هل يحاول أن يقول لنا أن فرنسا أصبحت مثل تونس بن علي , أين يقع سحق النقابيون من قبل النظام وقراراته الظالمة , ويكمم الأفواه بذريعة محاربة الإسلاميين وعدم ترك أي مجال أمامهم !!؟ بأكثر وضوح , وضع النقابيون على الطريق في تونس يفتح المجال أمام البلاد في مواصلة الإستفادة من انتقال الشركات الفرنسية ومن المساعدات الإقتصادية , وفي ظل غياب المنافسة وفي ظل الإدعاء بتطبيق نظام الإقتصاد الحر والعولمة يريد الرئيس انتقال الشركات والحد من الأداءات والأسعار التى إستعرت , وهو أمر يثير إستغرابنا , ونستطيع تفهم ذلك لو أنه عمل على دفع تونس نحو احترام حقوق الإنسان , وهو ما يتيح للعمال الحصول على أفضل الأجور , وهذا ما يفرض على الشركات الفرنسية التفكير مرتين قبل القرار للإنتقال إلى تونس . ان منع أي حديث أو حوار حرّ خاصة في وسائل الإعلام التونسية حول إحترام معايير حماية البيئة والمحيط من قبل المدن الصناعية في البلاد , أمر بالطبع يهمنا خاصة مع إنتقال مواطنينا إلى هناك لقضاء عطلهم , ويستطيع ساركوزي ان لا يشعر بالقلق لأنه حريف خاص , ولكن الأمر ليس كذلك بالنسبة لبقية الفرنسيين الذين لا يستطيعون دفع مبالغ طائلة لقضاء عطلهم على يخت خاص . وموقف الرئيس الفرنسي من أوضاع حقوق الإنسان في تونس إنطلق من حافز الدفاع عن رجال الأعمال والشركات الفرنسية التى تريد الإنتقال إلى تونس وليس فقط الدفاع عن بعض العقود لبيع طائرات آيرباص (Airbus) التى ستصنع أجزاء منها داخل تونس . بعكس الصورة التى أراد تسويقها ساركوزي عند زيارته الأخيرة لتونس وتوقيع العقود الإقتصادية , لم يعبر الرئيس الفرنسي عن موقف الفرنسيين الحقيقي , وطبعا لم يكن إلى جانب النساء والرجال في تونس , أما كاتبة الدولة لحقوق الإنسان راما عياد فيجب أن تعلم ان الدفاع عن حقوق الإنسان عبر العالم في قسم مهم منها هو رسالة إقتصادية وهو دفاع عن العمال الفرنسيين وهو يصب في مصلحتهم , فإحترام حقوق الإنسان هو قبل ذلك أحترام لحقوق العمال في البلدان التى إنتقلت إليها الشركات الفرنسية . يختم كاتب المقال بقوله , إن التشدد في المطالبة بإحترام حقوق الإنسان عبر العالم هو بمثابة إحترام لقيمنا نحن الفرنسيون في مجال حقوق الإنسان , ومن الواضح أن الهدف الوحيد لنيكولا ساركوزي هو الدفاع عن مصالح رجال الأعمال ورئساء الشركات الفرنسية , وهو ما يجعلنا نشكك في حرارة التصفيق الذى أبداه رئيس شركة (Medef) الفرنسية أثناء كل خطاب لساركوزي . *** تعريف
Jean-Michel B ) : دكتور في الجغرافيا عمل عشرات السنوات في أفريقيا في المجال الصناعي وتسيير المشاريع وهو اليوم سفير متفرغ في مجال الإقتصاد وتطوير الطاقة .بشأن التوصيات الخاصة بمراجعة ملف تونس في مجال حقوق الإنسان قالت الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان التى تضم في عضويتها بعض المنظمات الحقوقية التونسية في بيان لها بتاريخ 08 ماي 2008 أن السلطات التونسية بعد عرض سجلها في مجال حقوق الإنسان أمام المجلس العالمي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جينيف السويسرية تحتاج إلى الإمتثال إلى إلتزاماتها التى تمثل مفتاح الإنتماء إلى المنظمة الدولية , ما يجعل توقيع الحكومة التونسية على المعاهدات الدولية محل شك إذا لم تلتزم بتنفيذها . السلطات التونسية تقول الفدرالية الحقوقية الدولية لم يقم بزيارتها المبعوث الخاص لحقوق الإنسان منذ سنة 1999 , تاريخ آخر زيارة . وهناك طلبات قدمها الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة بشأن حقوق الإنسان لزيارة تونس منذ العام 2002 , وأيضا طلب المقرر الخاص بإستقلال القضاء منذ 1997 , وأيضا طلب المقرر الخاص بإحترام حقوق الإنسان في إطار « محاربة الإرهاب » منذ 2005 , وأيضا طلب المقرر الخاص بشأن التعذيب منذ 1998 , وهذه الطلبات تندرج في إطار التحضير لتقرير المجلس العالمي لحقوق الإنسان الذى صدر في 17 مارس 2008 . السلطات التونسية كانت تعهدت بإستدعاء مقررين خاصين من الأمم المتحدة لزيارة تونس , بما فيهم المقرر الخاص ضد التعذيب , والسؤل الذى طرح على السلطات التونسية في طلبات زيارة المقررين كان : هل يمكن للسلطات أن تضع مواعيد للزيارات خلال الأشهر القادمة ؟؟؟ وبشأن حرية التنظم وحرية التظاهر السلمي , فقد عبر مجلس حقوق الإنسان ومنذ 1994 عن قلقه , وقال بأن السلطات التونسية لا تتحمل الرأي الآخر , ولا النقد تجاهها , وهناك حقوق عامة ترددها السلطة في خطابها غير أنها غير موجودة على أرض الواقع , وهناك حاجة ملحة كي تتخذ السلطات إجراءات تساعد المنظمات الغير حكومية المدافعة عن حقوق الإنسان في نشاطها . وفي سنة 1999 وبعد أن قام المبعوث الخاص بشأن حقوق الإنسان بزيارة إلى تونس طالب السلطات بوضع قانون عادل يتيح للمنظمات التمتع بالتأشيرات القانونية , كما طالبها بضمان إستقلال المنظمات الشبه حكومية وخاصة تلك الخاصة بحقوق الإنسان والإعلام . ووجب وضع حد لملاحقة الباحثين عن حرية التعبير عن آراءهم وخاصة أولائك المدافعين عن حقوق الإنسان ,والنقابيين والمحامين والصحفيين. وفي العام 2002 عبرت السيدة هينة جيلاني (Hina Jilani) الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة الخاصة بحقوق الإنسان عن استياءها من تورط السلطات الرسمية في القضايا المدبرة ضدة المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان . واليوم تبقى لجنة حقوق الإنسان منشغلة على وضع المنظمات التونسية التى لاتستطيع ممارسة نشاطها في متابعة الإنتهاكات , وهي عرضة للملاحقة وحتى الإعتقال , وتطالب السلطات الحاكمة بإحترام وحماية نشطاء حقوق الإنسان المسالمين ومنظمات حقوق الإنسان , وتعبر عن انشغالها تجاه مصادرة حق التجمع والتظاهر السلمي , وأيضا تجاه إعتماد السلطات سياسة عدم التصريح بالعمل للمنظمات الحقوقية وتطالبها بفتح المجال القانوني والميداني لمباشرة تلك المنظمات عملها التى تكفله المواثيق والمعاهدات . وتساءلت المفوضية عن مصير طلبها المقدم للسلطات التونسية منذ 1994 في تحديد آلية مراقبة حالة حقوق الإنسان في البلاد . وبشأن إستقلال القضاء ودولة القانون , فقد عبرت المفوضية ومنذ 1994 عن انشغالها لغياب إستقلالية الجهاز القضائي , وبدخول العام 2008 طالبت المفوضية بإتخاذ الإجراءات الضرورية لضمان إستقلال القضاء عن الجهاز التنفيذي . وأما بشأن الحق في الحياة وسلامة الأشخاص فإن المفوضية الخاصة بمناهضة التعذيب , قالت ومنذ 1998 أن قوات البوليس والمخابرات تستخدم التعذيب بشكل منتظم وأيضا سوء المعاملة , وطالبت المفوضية السلطات بوضع حد لتجاوز الإيقاف المدة القانونية وتحديد مدته بـ48 ساعة فقط ومن خلال القانون , وعدم إستخدام التمديد في الإيقاف ووقف التعذيب , ومنع أخذ الإعترافات تحت التعذيب . ومع بداية 2008 عبرت المفوضية عن انشغالها لورود معلومات مؤكدة تفيد بتعرض أشخاص للتعذيب وسوء المعاملة , وأن السلطات رفضت قبول قضايا لمقاضاة من مارس التعذيب وسوء المعاملة , وطالبت المفوضية بضمان تحقيق عادل ونزيه في هذه القضايا ومتابعة المسؤولين عن تلك الممارسات وهذا الطلب سلمته مفوضية الأمم المتحدة للسلطات منذ 1998 وهو ما لم يلقى إستجابة من السلطات التونسية . وفي شأن متصل علم السبيل أونلاين من مصادر حقوقية مطلعة أن المجلس العالمي لحقوق الإنسان رفض في قراءة أولى المصادقة على التقرير الذى أعدته السلطات التونسية وتلاه البشير التكاري ممثل تونس في المجلس , وطالبت الكثير من الدول تعديل فقرات في التقرير مما تطلب تأجيل النظر في التقرير بعض الوقت وقد رفعت الجلسة فعلا بعض الوقت , وهي الفترة التى أجريت فيها إتصالات هاتفية في الكواليس افضت إلى المصادقة في وقت لاحق على التقرير كما هو , وهو ما ترك الإنطباع لدى جميع الأطراف الرسمية والغير حكومية أن هذه الشائبة تعلقت بملف تونس في مجال حقوق الإنسان , وأن الرسالة التى قدمها الوزير التكارى لم تكن مقنعة . 50 مهاجر يلقون حتفهم قبالة السواحل التونسية بحسب بعض وكالات الأنباء بتاريخ 12 ماي 2008 فقد لقي 50 مهاجر إفريقي , انطلقوا من ليبيا مستقلين قارب في اتجاه الأراضى الإيطالية , ولكنه تعرض لعطب في المياه التونسية وبقي 5 أيام متواصلة في عرض البحر . وقد توفي 47 منهم بسبب البرد والجوع والعطش والقى بهم البحر على الشاطىء , بينما عثر على 3 جثث أخرى داخل القارب قبالة منطقة البقالطة بجهة المنستير وعثر في وقت لاحق على 7 جثث أخرى . منظمة مراسلون بلا حدود تستنكر الإجراءات الجديدة لحجب مواقع الأنترنت في تونس كان آخر ضحايا المواقع التى طالها منع السلطات التونسية هو موقع (come4news.com) منذ مارس 2008 . استنكرت منظمة مراسلون بلا حدود التدابير الرقابية الجديدة المفروضة على الموقع الفرنكوفوني come4news.com , الذى يتيح لمتصفّحيه التعبير المباشر عن آرائهم , في دولة لا ينفك عدد رواد الأنترنت فيها في التزايد ، وإعتبرت أن هذا المنع يساهم في إحكام الصمت المطبق على الشبكة التونسية, وطالبت السلطات تقدّيم الأسباب الرسمية للحجب . وعبّرت المنظمة من جهة أخرى عن تفاجئها من الصعوبة التى يواجهها متصفّحي الإنترنت من الوصول إلى بريدهم الإلكتروني , فقد تعذّر عليهم قراءة الرسائل الإلكترونية الصادرة عن الهيئات المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان كالجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين ومنظمة حرية وانصاف ، والموقع الإخباري تونس نيوز، وموقع مراسلون بلا حدود , وتتوفر هذه الرسائل في البريد الإلكتروني ويمكن فتحها ولكنها من غير مضمون , وما إن تفتح حتى تختفي من البريد , وبحسب المنظمة فقد أشار بعض الأخصائيين في مجال الأنترنت إلى أن هذه العملية تشبه الترشيح الفاضح , وأوردت أمثلة على رسائل تلقاها متصفحي الأنترنت في تونس تحمل مضامين غير تلك المرسلة من مصدرها وتختفي بعد فتحها من علبة البريد الالكتروني . السلطات المصرية تعد بفتح معبر رفح أكد اسماعيل رضوان القيادي في حركة حماس لوكالة الصحافة الفرنسية بتاريخ 10 ماي 2008 , أن السلطات المصرية فتحت معبر رفح , وسيستمر الأمر 3 أيام , سيتم في اليوم الاول السماح للمصابين والحالات المرضية بالعبور إلى مصر , وفي اليوم الثاني سيسمح للعالقين في الجانب الفلسطيني , واليوم الثالث للفلسطينيين العالقين من الجانب المصري من الدخول الى غزة. كما أكد رضوان أن السلطات المصرية وعدت بفتح معبر رفح بشكل دائم إذا كان ردّ « إسرائيل » سلبيا في موضوع التهدئة . وزير الخارجية الفرنسي : رأي نيكولا ساركوزي حول حقوق الإنسان في تونس غير موفق قول الرئيس الفرنسى لدى زيارته الأخير لتونس أن « مساحة الحريات في تونس تتقدم » , هو رأي لا يمت للواقع بصلة , ما دعى وزير الخارجية الفرنسي للتعقيب على تصريحات ساركوزي لتصحيح تلك التصريحات التى أثارت موجة من الإستياء في صفوف منظمات حقوق الإنسان الفرنسية والتونسية , وأيضا المعارضة التونسية وبعض أوساط المعارضة الفرنسية . وبحسب صحيفة ليبراسيون (Liberation) الصادرة بتاريخ 07 ماي 2008 فإن رئيس الدبلوماسية الفرنسية برنار كوشنارعلق بقوله أن تصريحات ساركوزي « غير موفقة » في حديث له لإذاعة فرانس أنتر(France Inter) , تعقيبا على تصريحات الرئيس الفرنسي ساركوزي . واضاف بأن أوضاع حقوق الإنسان في تونس قد تبدو أفضل من غيرها في المنطقة ولكن ليست كافية ويجب تسجيل ذلك . وقالت وزارة الخارجية الفرنسية بأنها تنتظر أن تتحسن حقوق الإنسان في تونس . تصريحات الرئيس الفرنسي أثارت موجة من الإنتقادات من طرف المدافعين عن حقوق الإنسان , وبحسب كوشنار فإنه يريد القول بإن ساركوزي كان يقارن بين أوضاع حقوق الإنسان في تونس وغيرها في العالم , وهناك ملف ضخم لدى المنظمات الحقوقية العالمية كهيومن رايتس ووتش التى تصدر كل سنة تقريرا يتابع حالة حقوق الإنسان في العالم , وتونس لا تظهر في تلك التقارير بحسب كوشنار , وهو ما تكذبه المنظمات الحقوقية للصحيفة الفرنسية ليبراسيون , وتقول تلك المنظمات للصحيفة : تونس توجد دائما , وهي موجودة في التقرير الذى أصدرته المنظمة في 2008 . كما سفهت منظمة العفو الدولية في تصريحات لإذاعة فرنسا الدولية تصريحات الرئيس الفرنسي , التى إعتبرتها إستمرارا للسياسة الفرنسية التى وصفتها بـ » المحزنة » تجاه ملف حقوق الإنسان في تونس . ويختم كوشنار بقوله موجها كلامه لمنظمات حقوق الإنسان : نعم نشهد بأنكم تبدون إصرار على الدفاع عن إنقريد بيتانكور (Ingrid Betancourt) ( وهي سيدة فرنسية مختطفة منذ سنوات في إحدى دول أمريكا الجنوبية ) , ونحن في إنتظار أن يتحسن الوضع في تونس ونحن نعمل من أجل ذلك , كما وعد الرئيس الفرنسي أثناء حملته الإنتخابية . المصدر : السبيل أونلاين , بتاريخ 13 مارس 2008
خطيـــــــــر: سمــاسرة يعرضـــون على الفـلاحين أسعــارا مغرية لشراء صابة القمح والشعير… من الآن!!
* تونس ـ الشروق : ظهر مؤخرا على «الساحة الفلاحية» نوع جديد من المضاربين والسماسرة الذين قرّروا على ما يبدو استغلال الأزمة العالمية للحبوب وارتفاع أسعارها لممارسة نشاطهم في أشدّ القطاعات حساسية في بلادنا وهو قطاع الحبوب، وذلك قبل أقل من شهرين من انطلاق موسم الحصاد، في الوقت الذي تسعى فيه كل الاطراف المعنية بالشأن الفلاحي الى بذل أقصى ما يمكن من الجهود لمزيد الاعتناء بقطاع الحبوب على مستوى الانتاج والتجميع والتخزين. علمت «الشروق» في هذا الصدد أن عددا من صغار الفلاحين من مزارعي الحبوب بالمناطق التي ظهرت فيها بوادر صابة متميّزة من القمح و «الفارينة» والشعير مثل ولاية بنزرت وباجة وجندوبة وسليانة، فوجؤوا منذ نهاية أفريل المنقضي ببعض السماسرة يتّصلون بهم ويعبّرون لهم عن رغبتهم في شراء محاصيلهم من القمح والشعير بصفة مسبقة مقابل أسعار مغرية بلغت حد 90 دينارا للقنطار الواحد بالنسبة للقمح و70د بالنسبة للشعير. * عربون ووصل الأمر بهؤلاء السماسرة حد عرض تسبقة مالية (عربون) مغرية هي الاخرى لاسالة لعاب الفلاحين الذين جرت العادة أن يمرّوا خلال هذه الفترة من السنة بصعوبات مادية ودفعهم بالتالي للقبول بهذا العرض دون انتظار موسم الحصاد ودون انتظار توجيه المحصول الى المسالك الرسمية (مخازن الديوان الوطني للحبوب أو مخازن شركات التجميع الخاصة). ولمزيد إغراء الفلاحين، فقد وعدهم هؤلاء المضاربين السماسرة بالتكفل بمصاريف الحصاد والتجميع والنقل، بما يعني ان الفلاح لن يتحمّل أية تكاليف، ويراهن «سماسرة القمح والشعير» على تواصل ارتفاع أسعار الحبوب والأعلاف في الأسواق العالمية وهو ما قد يساعدهم على تحقيق أرباح هامة عندما يفوّتون في الكمية المخزّنة خلال أشهر الخريف والشتاء والربيع القادمة في السوق السوداء بطرق احتكارية. * إخلال ومعلوم أن أسعار بيع القمح والشعير لدى الفلاح قد تم الترفيع فيها مؤخرا بقرار رئاسي هام جاء لدعم منتجي الحبوب في ظل ارتفاع تكاليف الانتاج وارتفاع أسعار الحبوب في الأسواق العالمية. كما تسعى السلط والهياكل الفلاحية باستمرار للتشجيع على انتاج الحبوب وعلى التفويت في المحاصيل للديوان الوطني للحبوب وشركات التجميع الخاصة ودعوتهم لتجنّب البيع في الأسواق الخارجية وذلك لضمان تحقيق أقصى ما يمكن من مخزون في مادّتي القمح والشعير قصد مجابهة ارتفاع أسعارهما في الأسواق العالمية وقصد بلوغ نسبة هامة من الاكتفاء الذاتي سواء بالنسبة للغذاء البشري (القمح) او الغذاء الحيواني (الشعير). * الرّدع ضروري هؤلاء السماسرة سيُخلّون بلا شك بكل هذه المجهودات اذا ما نجحوا في مساعيهم. ولابد بالتالي من الضرب على أيديهم بقوة من الآن أي عند التفطّن لاتصالاتهم بالفلاحين مع مواصلة تشديد الرقابة ـ مثلما جرت على ذلك العادة منذ سنوات ـ عند عملية نقل الحبوب على الطرقات اثناء وبعد موسم الحصاد او عند ملاحظة عرضها في الأسواق الخارجية أو في السوق السوداء، إضافة الى ضرورة ردع ومعاقبة الفلاح الذي قد يقبل بهذه العروض المقدمة من السماسرة. ومن جهة أخرى فإن مزارعي الحبوب مطالبون بتجنّب التفويت في المحاصيل في المسالك غير الرسمية والاعلام، إن لزم الأمر عن كل العروض التي قد تصلهم في هذا الصدد مهما كانت الاغراءات، مع ضرورة الاقبال على بيع محاصيلهم للديوان الوطني للحبوب او لشركات التجميع الخاصة. فالسمسرة والمضاربة والاحتكار ستصبح خطيرة جدا اذا ما استهدفت الغذاء الاساسي (الحبوب) عكس بقية القطاعات والمنتوجات الاخرى التي يمكن ان تكون عرضة لهذه الممارسات دون ان تشكل خطرا كبيرا على المستهلك. وبالتالي لابد من ردع صارم وقوي لسماسرة القمح والشعير. فاضل الطياشي (المصدر: جريدة « الشروق » (يومية – تونس) الصادرة يوم 13 ماي2008)
هذا الاسبوع بدء مناقشة ميزانيات الوزارات بمصالح وزارة المالية تفاصيل حول التوجهات العامة لميزانية الدولة لسنة 2009 وملامح حول نفقات التصرّف والتنمية فيها
تونس – الاسبوعي: تنطلق خلال منتصف الاسبوع الجاري والى موفى جوان القادم جلسات عمل مناقشة مشاريع ميزانيات الوزارات بين ممثلي رؤساء مصالح الادارات المعنية ومصالح الميزانية بوزارة المالية على أن يكون آخر جوان تقديم الاحكام المقترح ادراجها ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2009 وتكتسي ميزانية السنة القادمة أهمية خاصة باعتبارها السنة الاخيرة لاستكمال تجسيم البرنامج الرئاسي لتونس الغد وسنة محورية في تنفيذ المخطط11 للتنمية لذلك عملت الحكومة على أخذ جملة من التوجهات العامة بعين الاعتبار. التوجهات العامة دعت الحكومة لإعداد جرد شامل ومفصل لكل الاجراءات والمشاريع التي تم إقرارها تجسيما للبرنامج الرئاسي لتونس الغد وكذلك الاجراءات والمشاريع الرئاسية الاخرى ذات العلاقة بمجال نشاط كل وزارة ، مع تحديد نسب تقدّم الانجاز والمقترحات المتعلقة بالتنفيذ أو باستكمال الانجاز في إطار مشروع الميزانية لسنة 2009 . كما دعت الحكومة الى منح الاولوية ضمن مشروع ميزانية أية وزارة للإجراءات والمشاريع التي تم الانطلاق فيها ولم تجسم كليا. وتم التأكيد على بيان الاهداف الكمية والنوعية المزمع تجسيمها من خلال مشروع الميزانية، أخذا بعين الاعتبار توقعات تطور كل قطاع على المدى المتوسط (2009 / 2011) وذلك بالاعتماد على مؤشرات موضوعية. وأكدت الحكومة على إعطاء الأهمية اللازمة لصيانة المباني والتجهيزات العمومية من جهة وللتحكم في نفقات التصرف وخاصة في استهلاك الطاقة من جهة أخرى مع ضرورة إحكام التنسيق بين المصالح الفنية والمصالح الادارية والمالية عند إعداد المقترحات قصد الملاءمة بين الاهداف والبرامج من جهة والاعتمادات المقترحة من جهة أخرى وذلك في نطاق التدرج لإرساء نظام التصرف في الميزانية حسب الاهداف. وبالنسبة للوزارات التي تم اختيارها في إطار البرنامج النموذجي لنظام التصرف حسب الاهداف، وهي وزارة الفلاحة والموارد المائية ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا ووزارة الصحة العمومية ووزارة التربية والتكوين (جزء التكوين)، فإنه يتعين أن ترفق مقترحاتها، بمشروع ميزانياتها بالتوازي مع التقديم العادي، بتوزيع حسب البرامج والعمليات لمجموع الاعتمادات بعنوان سنة 2009 وأوجبت الحكومة على أن يتضمن التوزيع المقترح مقارنة مع الاعتمادات المدرجة بميزانية 2008 بالنسبة لكل برنامج تمت المصادقة عليه. نفقات التصرّف وضبطت الحكومة التوجهات المتعلقة بنفقات التصرّف في الاعتماد على تنفيذ ميزانية 2007 وعلى التقديرات المحينة لميزانية سنة 2008 قصد إحكام إعداد تقديرات سنة 2009 والتركيز على كل الاجراءات التي تمكن من التحكم في النفقات العمومية وترشيدها مع الالتزام بالتعليمات التي صدرت في هذا الشأن وخاصة منها المتعلقة بترشيد استهلاك الطاقة والماء وتطوير استعمال الوسائل الحديثة للاتصال وضرورة تقديم كشف يبين تطور تنفيذ ميزانيات المؤسسات العمومية الادارية وغير الادارية قبضا وصرفا لسنوات 2005 و2006 و2007 . كما دعت الحكومة المؤسسات العمومية الى تقديم قائمة في الأعوان العاملين بها حسب أصنافهم ورتبهم واختصاصاتهم مع بيان مختلف عناصر تأجيرهم. ودعت كذلك الى ضبط نفقات التأجير لسنة 2009 على أساس مستوى الأجور التي تم صرفها فعليا خلال شهر فيفري 2008 مع تعديلها باعتبار التطور المنتظر لعدد الأعوان وهيكلتهم الى موفى سنة 2008 من جهة وخلال سنة 2009 من جهة أخرى. وفيما يتعلق بالانتدابات الجديدة المقترحة فإنه يتعين تقديم الطلبات بما في ذلك تعويض الاحالات على التقاعد سواء العادي أو المبكر عند الاقتضاء، مع تدعيمها ببيانات مفصّلة حول الحاجيات والاقتراحات وحول مرحلية تلبيتها وأكدت الحكومة على ضرورة إعطاء الأولوية لانتداب حاملي الشهادات العليا وتوزيع الانتدابات المطلوبة حسب الهياكل مع إبراز ما هو متعلق منها بتسيير هياكل جديدة. نفقات التنمية بالنسبة لنفقات التنمية تم إعداد الاقتراحات بالتركيز على ضرورة إعطاء الأولوية للمشاريع والبرامج المضمنّة بالبرنامج الرئاسي لتونس الغد وتلك التي تم إقرارها خلال المجالس الوزارية والجلسات الممتازة للمجالس الجهوية مع إحكام ترتيب الأولويات في اختيار المشاريع والبرامج المدرجة بالمخطط الحادي عشر والتي هي بصدد الانجاز، حسب نسق تقدم الانجاز والآجال المحددة لاستكمال التنفيذ والحرص على التأكد، بالنسبة للمشاريع الجديدة، من توفر كل الشروط اللازمة لانطلاقها الفعلي، من حيث استكمال الدراسات وتوفر الاراضي والشبكات العمومية مع ضرورة التقيّد التام بالكلفة المدرجة بالمخطط الحادي عشر للتنمية وهيكلة التمويل كما تم التأكيد على ضبط الحاجيات من اعتمادات التعهد واعتمادات الدفع بالدقة اللازمة بما يمكّن من تفادي طلب الترفيع في هذه الاعتمادات خلال السنة أو إعادة ترسيم الاعتمادات أو نقلها من سنة الى أخرى. وفيما يخص المشاريع الجديدة يتم التنصيص بوضوح عند برمجتها علاوة على كلفة الاستثمار المدرجة بالمخطط الحادي عشر للتنمية على الحاجيات المباشرة وغير المباشرة (الموارد البشرية، تكاليف الاستغلال والصيانة) اللازمة حسب مراحل الانجاز وعند الدخول حيز الاستغلال. ودعت الحكومة الوزارات الى أخذ مقترحات الولايات بعين الاعتبار بعد ترتيبها من قبل المجالس الجهوية حسب الأولويات. والى بيان المشاريع ذات الصبغة الجهوية والى توزيع اعتمادات التعهد والدفع بين الولايات بغض النظر عن الصبغة الجهوية أو الوطنية للمشاريع والبرامج المتعلقة بها والى إبراز الاعتمادات المتأتية من الهبات مع بيان الاستعمالات المقترحة لهذه الهبات. روزنامة الاعداد يذكر أنه بداية من 17 مارس المنقضي عقدت جلسات عمل في مستوى وزارة المالية مع ممثلي رؤساء الادارات وبمشاركة الادارة العامة للمصالح الادارية والوظيفة العمومية ومراقب المصاريف المعني بالامر ومراقب الدولة بالنسبة الى الوزارات التي تشرف على مؤسسات عمومية غير إدارية والتي تتمتع بتدخل من ميزانية الدولة، وذلك لتقييم انجازات سنة 2007 وضبط النفقات الالزامية بالنسبة لسنة2009 بهدف تشخيص التدابير التي يتعين أخذها لتدارك بعض النقائص عند الاقتضاء. كما تم خلال هذه الجلسات تقديم جرد في القرارات الرئاسية ومدى تجسيمها. ثم كان موفى أفريل 2008 آخر أجل لتوجيه مشاريع الميزانيات الى وزارة المالية. لتنطلق بداية من 15 ماي الى موفى جوان القادم مناقشة مشاريع الميزانيات بين ممثلي رؤساء الادارات المعنية ومصالح الميزانية بوزارة المالية. ومن المنتظر أن يتم خلال شهر جويلية التفرغ لحوصلة نتائج المناقشات من قبل مصالح وزارة المالية وضبط الموارد والتوازانات العامة لمشروع ميزانية الدولة لسنة 2009 . (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) الصادرة يوم 13 ماي 2008)
مجلس النواب يصادق على مشروع يتعلق بإصدار مجلة الديوانة
صادق مجلس النواب اليوم الثلاثاء خلال جلسة عامة عقدها بقصر باردو برئاسة السيد فؤاد المبزع رئيس المجلس وحضور السيد محمد رشيد كشيش وزير المالية على مشروع قانون يتعلق بإصدار مجلة الديوانة بجميع فصولها وعددها 420 فصلا والتي ستدخل حيز التنفيذ في غرة جانفي 2009. ويرنو مشروع إصدار مجلة الديوانة الى الارتقاء بالتشريع الديواني ومواكبته لمتطلبات المرحلة وجعله أداة فعالة في خدمة الاقتصاد الوطني. وقد تمت مراجعة مجلة الديوانة وفق ثلاثة أهداف رئيسية تتمثل في دعم القدرة التنافسية للاقتصاد وتعزيز ضمانات المتعاملين مع إدارة الديوانة وملاءمة التشريع الديواني مع المنظومة التشريعية الوطنية. وتم التركيز في مجال دعم القدرة التنافسية للاقتصاد على إعادة هيكلة الأنظمة الديوانية وفقا للمعايير الدولية بما يمكن المؤسسة التونسية من العمل في محيط يضاهي المحيط الذي تعمل فيه المؤسسة الأجنبية المنافسة وتيسير شروط الانظمة الديوانية خاصة في ما يتعلق بالضمانات المالية المستوجبة عند الانتفاع بها وتبسيط الإجراءات الديوانية بما يساهم في التقليص من التكاليف التي تتحملها المؤسسة الموردة والمصدرة. اما في ما يتعلق بدعم الضمانات للمتعاملين مع ادارة الديوانة واضفاء المزيد من الشفافية على المعاملات فقد تم احداث الية للمصالحة في بعض انواع النزاعات التي قد تنشا بين ادارة الديوانة والمتعاملين معها.وتتمثل أهم التنقيحات المقترحة في هذا المجال في احداث لجنة المصالحة والاختبار الديواني وتفعيل دور المؤسسة القضائية عند الفصل في القضايا الديوانية الجزائية. ويسعى المحور الثالث خاصة الى ملاءمة التشريع الديواني مع الدستور ومع المنظومة القانونية الوطنية ومع التزامات تونس الدولية في اطار المعاهدات والاتفاقيات الدولية المنضمة اليها تونس. ووصف النواب في تدخلاتهم مشروع قانون مجلة الديوانة «بالثورى» والهام باعتبار انه اخذ حيزا زمنيا هاما في الدرس «18 شهرا» في سبيل تشريك كل الاطراف المعنية بما يضمن استجابته لكل متطلبات تطور الاقتصاد الوطني وتعزيز قدراته التنافسية لا سيما ازاء التحديات التي يطرحها الاقتصاد المعولم. كما اعربو عن ارتياحهم لهذا المشروع الذي من شانه ان يخلص الجهاز الديواني من العديد من العراقيل ويحسن صورته لدى المواطن والمتعاملين الاقتصاديين في الداخل والخارج ويضفي شفافية اكبر على المعاملات. وبعد ان اشاروا الى دقة المرحلة التي تتميز خاصة بدخول منطقة التبادل الحر مع الاتحاد الاوروبي حيز التطبيق الفعلي منذ غرة جانفي 2008 تساءل النواب في هذا الصدد عن اجال تطبيق النصوص التطبيقية الخاصة بهذا المشروع . واستفسروا في ذات النسق عن مدى استعداد الوزارة لدعم الموارد البشرية وخطتها لرسكلة المهنيين واطارات واعوان الديوانة داعين الى تنظيم حملات تحسيسية واعلامية لتبسيط هذه المجلة ونشرهاعلى اوسع نطاق. كما اوصوا بمزيد تشجيع كل الاطارات الديوانة ماديا بالنظر الى عملهم المضني والدقيق. وابرز المتدخلون اهمية تمكين الديوانة من كل الاليات الفنية والتقنية والتكنولوجية الحديثة لمراقبة البضائع ولا سيما المنتجات الغذائية والفلاحية تجنبا لكل خطر مبرزين ضرورة مراقبة كل انواع البذور والمشاتل الفلاحية والمواد الزراعية لتفادى دخول بعض المنتجات المضرة الى تونس. ولاحظ عدد من النواب من جهة اخرى ضرورة ان يكون تدخل لجنة المصالحة والاختبار الديواني التي سيتم بعثها ناجعا وسريعا في اطار احترام القانون داعين الى اضفاء طابع عملي على تركيبة هذه اللجنة لضمان نجاعة وشفافية تدخلاتها مع الحرص على تامين تكوين اساسي للقضاة في هذا المجال. واقترح احد النواب مراجعة بعض القوانين المتعلقة بالامتيازات الجبائية الممنوحة لفائدة المعوقين في ما يتصل بتوريد السيارات ذات الخاصيات الفنية المحددة «التخفيض في الاداء على القيمة المضافة ومعلوم الاستهلاك». وتطرق نائب اخر الى مسالة القبول المؤقت للبضائع حيث اكد ان الاشكال المطروح للمتعاملين في هذا النظام يتعلق بالاجال. واكد السيد محمد رشيد كشيش وزير المالية في تعقيبه على تدخلات النواب ان مشروع قانون اصدار مجلة الديوانة بات ضروريا للارتقاء بالتشريع الديواني الوطني في ظل المتغيرات الدولية. ولاحظ انه تم الحرص ابان مراجعة هذه المجلة على ضمان المعادلة بين ادراج اكثر ما يمكن من المرونة وتبسيط الاجراءات لضمان سيولة المبادلات والمعاملات الى جانب تحسين القدرة التنافسية للمؤسسات مع الحرص في الان ذاته على ان لا تكون هذه المرونة فرصة لبعض المتعاملين لادخال بضائع لها انعكاس سلبي على النسيج الاقتصادى الوطني. وبين الوزير انه قد تم الشروع بعد في اعداد ملامح النصوص التطبيقية في صيغتها العامة وسيتم الحرص على تشريك كل الاطراف المعنية لبلوغ الصبغة النهائية لها مؤكدا على جانب العمل التحسيسي لضمان تفاعل كل المتعاملين مع الديوانة. وافاد ان دعم الموارد البشرية يحظى بكل اهتمام وعناية اذ تبذل الوزارة جهودا على كل الاصعدة لتكوين الاطار البشرى الكفيء سواء على مستوى المدرسة الوطنية للديوانة او من خلال تفعيل التعاون مع المنظمة العالمية للديوانة والبلدان التي ترتبط تونس معها باتفافيات تعاون. واكد ان التعاون الادارى بين مصالح الديوانة في العالم اصبح عنصرا اساسيا للتصدى للعمليات غير المشروعة مشيرا الى ان الديوانة التونسية تولي هذا الجانب اهمية كبرى في الاتفاقيات المبرمة لارساء تعاون في ما يخص تبادل المعلومات حول السلع والمتعاملين. كما شدد على ان الوزارة تحرص على دعم الاعوان الديوانيين ماديا وتعزيز الجهاز الديواني بشريا قدر الامكانيات المتاحة. واوضح من جهة اخرى ان الانطباع حول اداء الديوانة قد تحسن في السنوات الاخيرة لدى مختلف المتدخلين والمتعاملين الاقتصاديين بفضلالتطور الذي سجله هذا الجهاز.واشار الى ان مصالح الديوانة قد تعززت بتجهيزات حديثة من ذلك اقتناء 4 الات متطورة للكشف بالاشعة لمراقبة السلع. وبين ان تركيبة لجنة المصالحة والاختبار الديواني التي تكتسي طابعا استشاريا ويراسها قاض عدلي تحرص على ضمان الحياد وهي تنظر في ثلاثة اشياء تتعلق بنوع البضاعة ومنشئها وقيمتها. واضاف ان الاشخاص المعوقين يتمتعون بالعديد من الامتيازات لتوريد المعدات والتجهيزات الخاصة بهم مشيرا الى انه يتم دراسة بعض الحالات الاستثنائية كل على حدة بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية. وبالنسبة للقبول المؤقت للسلع لاحظ السيد محمد رشيد كشيش ان تحديد الاجال يتسم بالمرونة اذ تتراوح بين 6 اشهر وسنتين كاجال قصوى مشيرا الى ان هذا التحديد يمكن من تفادى عملية تراكم البضائع علما وانه قد تم اعتماد الحاسوب في هذه العمليات لضمان الوضوح والتسوية السريعة للملفات. وتعقيبا على تساؤل حول تقليص الاجراءات بين الوزير ان مشروع القانون جعل النصوص التطبيقية تمنح مرونة اكبر في الاجراءات وتقليصها مع مراعاة بعض الحالات الخصوصية ولا سيما الحرص على ان لا تؤدى هذه المرونة الى اخلال بحماية الاقتصاد الوطني وتفاقم بعض الظواهر السلبية مثل التجارة الموازية. واضاف ان الوزارة ستنظر في امكانية احداث مستودعات في المنطقة المينائية توضع تحت تصرف المصالح الديوانية وتكون خاصة بالبضائع التي تتجاوز فترة مكوثها 4 اشهر والتي لم يتقدم احد لرفعها. (المصدر: موقع أخبار تونس الحكومي بتاريخ 13 ماي 2008)
: تستقبل طائرة جديدة آخر الشهر «طيران السابع» تستعدّ لربط تونس بطرابلس
تونس ـ الاسبوعي: علمت «الاسبوعي» ان الناقلة الجوية «طيران السابع» تستعد لفتح خط لربط تونس بطرابلس بمعدّل ثلاث رحلات أسبوعيا بعد ان حصلت على الموافقات الرسمية.. وينتظر ان تنطلق هذه الرحلات مباشرة بعد تسلّم الناقلة لطائرتها الجديدة من نوع «أتي آر 72» التي ستصل تونس نهاية الشهر الجاري. وسيمكن حلول هذه الطائرة من تدعيم أسطول الناقلة ومن استقرار أكثر للبرمجة اضافة لتدعيم خط جربة.. وهذه الطائرة هي الثالثة الجديدة التي تقتنيها الناقلة والثالثة من صنف أتي آر والتي بحلولها يرتفع عددها الى 3 طائرات (اثنتان حديثتان وواحدة قديمة في حين سوّغت الأتي آر 42 الى الموريطانية للطيران) علما ان الناقلة كانت اقتنت في السنة المنقضية طائرة من صنف «سي آرجي 900» وبرمجت لاقتناء طائرة مماثلة السنة القادمة.. ويتم التفكير حاليا في بيع طائرة «أتي آر» القديمة واقتناء طائرة مماثلة جديدة سيّما أن هذا الصنف ذي المحرّكات المروحية يعتبر الأكثر اقتصادا في ظل الارتفاع المطرّد لاسعار النفط. (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 13 ماي 2008)
صحّة: الموت الذي نشتريه بأموالنا أكثر من 6000 رجل و850 امرأة يموتون سنويّا في تونس بسبب التّدخين قائمة بـ17 عيادة عمومية تساعدكم على الإقلاع عن التّدخين مجانا
نعرف جميعا آفة التدخين ومضاره سواء كان التدخين ايجابيا (أي يخص المدخن) أو سلبيا أي يخص كل من يستنشق الدخان غصبا عنه سواء في البيت أو الفضاءات العمومية أو المعاهد والمدارس أو أماكن أخرى. لكن أكبر مشكل يواجهنا جميعا أننا ندرك خطر الموت الذي يداهمنا وتنقصنا العزيمة للتصدي له وإبعاده عنا لاننا ببساطة نشتري الموت لنا ولغيرنا بأموالنا.. أرقام من تونس حسب دراسة المعهد الوطني للصحة العمومية لسنة 2001 قدرت نسبة المدخنين لدى الذكور البالغة أعمارهم بين 13 و15 سنة بـ 28.7% ولدى الاناث بـ 7.2% وبينت دراسة المعهد لسنة 2005 أن نسبة المدخنين عموما في تونس بلغت 50% لدى الذكور و10% لدى النساء. 17 مؤسسة لمساعدتكم بالعزيمة يمكن لكل مدخن أن يبعد عنه الموت. لذلك ننشر لكم قائمة لـ:17 عيادة بالمؤسسات العمومية تساعدكم على الاقلاع عن التدخين مجانا وهي: – مستشفى شارل نيكول بتونس (قسم الامراض الصدرية) – معهد صالح عزيز بتونس – مستشفى خير الدين بتونس (قسم الامراض الصدرية) – مستشفى الرابطة بتونس (قسم الامراض الصدرية) – مستشفى منجي سليم بالمرسى (قسم الامراض الصدرية) – مستشفى عبد الرحمان مامي بأريانة (عديد الاقسام) – مستشفى منزل بورقيبة ببنزرت (قسم الامراض الصدرية) – مستشفى قرمبالية بنابل (قسم الامراض الصدرية) – مستشفى فرحات حشاد بسوسة (قسم الامراض الصدرية) – مستشفى مساكن بسوسة (قسم الامراض الصدرية) – مستشفى فطومة بورقيبة بالمنستير (قسم الطب الوقائي) – مستشفى الهادي شاكر صفاقس (قسم الامراض الصدرية) – مستشفى قابس (قسم الامراض الصدرية) – مركز الهلال الاحمر التونسي – بعض مراكز الصحة الاساسية – الشركة التونسية للكهرباء والغاز – المركز الطبي للديوانة بتونس قانون لا يطبق! منذ بضع سنوات صد قانون يمنع التدخين في كافة الفضاءات العمومية. لكن هذا القانون بقي في جزء كبير منه حبرا على ورق بحيث لم يوفر الردع للمخالفين الذين لم يعودوا يحسون بوجوده اصلا. وفي بلدان أخرى غربية بالخصوص، طبقت شركات التبغ توصيات منظمة الصحة العالمية وأصبحت تخصص 30% على الاقل من مساحة علب التبغ لوضع التحذيرات المكتوبة والمصورة من مخاطر التدخين. ماذا بعد؟ وعيا منها بالخطر الداهم رسمت وزارة الصحة بالتعاون مع مؤسسات ومنظمات وطنية استراتيجية عمل تعتمد الاعلام خاصة للتوعية باعتبارها الوقاية الامثل من هذا الخطر. ومن جملة عناصر هذه الاستراتيجية العيادات المختصة للمساعدة على الاقلاع عن التدخين وتوفير المعوض النيكوتيني.. وقد صادقت تونس على الاتفاقية الاطارية لمنظمة الصحة العالمية والتي تنص على منع الاشهار للتبغ بكل الوسائل الاشهارية. كما ستعمل الوزارة على تعميم هذه العيادات على المستشفيات الجامعية والجهوية وبعض مراكز الصحة الاساسية. وتتجه النية الى اتخاذ قرارات صارمة لمنع التدخين في الاماكن العمومية. الردع والنتائج للتصدي لهذه الآفة اوصت منظمة الصحة العالمية بالترفيع في الضرائب المفروضة على التبغ والزيادة في اسعاره. وقد ساهم هذا الاجراء في تجنب وقوع ربع الوفيات المرتبطة بالتدخين في العالم سنة 2005 وبينت الدراسات كذلك ان نسبة كبيرة من الوفيات لدى البالغين من العمر بين 35 و69 سنة في تونس تعود الى التدخين الذي يتسبب في قتل أكثر من 6000 رجل و850 امرأة سنويا. (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) الصادرة يوم 13 ماي 2008)
الكاتب التونسي حسونة المصباحي … غاضب من القهر العربي
تونس – خالد الباتلي حسونة المصباحي مثقف تونسي مارس الصعلكة في الأدب ومن خلالها صافح العالمية. انتصر لبداوته وسجل تاريخها وحفظها من الانقراض كما يقول. يرى في المدينة أملاً وبوابة إلى العالم الآخر، ويخاف عليها من تدخلات أطراف خارجية تفسد مسيرتها الحضارية. طلّق السياسة والتحق بالأدب ليمارس مشروعه الفكري من خلال مفرداته. بعد دخوله السجن اكتشف زيف الشعارات ومنحته جدرانه نوافذ مشرعة إلى عالم الحرية. خرج من السجن ورحل إلى أوروبا حيث اكتشف نفسه من جديد، يقول في حوار مع «الحياة» إن «هناك من يعتقد أن الصعلكة هي الفوضى وهي قلة الأدب وهي الاستهانة بالوقت وبالمواعيد والاعتداء السافر على الآخرين، وعدم احترام القوانين إلى غير ذلك من السلوك الدال على العنف والعجرفة… وبطبيعة الحال أنا أرفض الصعلكة، لكنني لا أخفي إعجابي ببعض الصعاليك من المبدعين المتأنقين في لباسهم وفي كلامهم، والذين يتميزون بثقافة واسعة وعميقة، وبإخلاص للأدب والفن ويكرهون النفاق والمراوغة والكذب والتزييف والأقنعة بمختلف أنواعها وأشكالها». عن طقوسه في كتابة الرواية يقول «أحياناً تفرض الرواية عليك نفسها، خصوصاً إذا ظلت تختمر في ذهنك وقتاً طويلاً وذات يوم تستيقظ لتجد نفسك عاجزاً عن التخلص منها. فهي تمسك بتلابيبك وتجرك بالقوة إلى المكتب لتجد نفسك غارقاً فيها، وفي تفاصيلها وفي حياة شخصياتها». وحول ما إذا كان القهر السياسي بوابته نحو الإبداع الأدبي، يكشف المصباحي أن «كل أنواع القهر يثير غضبي، والقهر السياسي في العالم العربي هو من أفظع أنواع القهر خصوصاً في عصرنا هذا. فغالبية الشعوب الأخرى تنعم بالحرية وبالديموقراطية. أما في العالم العربي فإن الشعوب تعاني يومياً القهر السياسي والظلم، وبسبب ذلك تعطلت قدراتها الخلاقة، وأصبحت بكماء، عمياء، صمّاء، تساق إلى مصيرها المظلم وهي خائفة، وعاجزة عن ردّ الفعل. وأظن أنني عبرت عن رفضي هذا القهر السياسي في معظم رواياتي وفي عدد من قــصصي ومقالاتي». ولفت إلى أن تجربة سجنه كشفت له خواء اليسار التونسي من الناحيتين الفكرية والنظرية، وثقافته السطحية. وأضاف أنها «كشفت لي أيضاً حدود نفسي وجعلتني أدرك أكثر من أي وقت مضى، أنني لست مفيداً في العمل السياسي». وبيّن المصباحي أنه عندما حصل على جواز سفره في نهاية السبعينات، «انطلقت إلى أوروبا وظللت أهيم على وجهي في مختلف بلدانها، إلى أن استقر بي المقام في ألمانيا وفيها تعرفت على جوانب جديدة من الثقافة الأوروبية كنت أجهلها من قبل. وفيها تزوجت وفيها «تصعلكت» بما فيه الكفاية». ويؤكد: «أنا كاتب مستقل ولا أرغب في أن أحشر نفسي في أي عمل سياسي، وأفكاري السياسية احتفظ بها لنفسي، وأسجل البعض منها في أعمالي، أو في مقالاتي. وما أحبه لبلدي هو الأمن والاستقرار ونبذ التطرف والعنف أياً كانت الأسباب الداعية إلى ذلك». ويلقي المصباحي باللوم على الصراعات السياسية العربية لأنها في نظره» تسيء إلى العلاقات بين الشعوب، وتثير التوترات التي من شأنها أن تسمّم الحياة الثقافية العربية، لكن «لابد من الاعتراف بأن المثقفين والمفكرين العرب حافظوا حتى هذه الساعة على نوع من الوحدة، ولم تتشتت صفوفهم بسبب هذه الصراعات». وفي شأن الإحباطات السياسية التي عاشها ويعيشها العالم العربي، يقول: «وجدت في الأدب ما ساعدني على مواجهتها، كما خوّل لي الأدب أن أحافظ على شيء من التفاؤل والأمل بهذا العالم العربي الكئيب والمتّسمة حياته بالخواء والضجر». ويحب المصباحي أن يرمي أحجاراً في البرك الآسنة وتعجبه المعارك الأدبية، «إذ إنها تحرك السواكن، وتكشف الخواء الثقافي والفكري لدى بعض أشباه المثقفين». وللغربة في حياته تفاعلاتها وسجّل واقعها في روايته «وداعاً روزالي» التي صورت تعفن المثقف العربي في الغربة، الذي يفقد توازنه النفسي وربما هويته، فيصبح كائناً غريباً يعيش في عالم الأوهام والنزوات النفسية المرهبة. لذلك نحن نراه في النهاية وقد ضاع في عالم اللاشيء ويكتب نهاية عالمه. وحول أزمته مع الفكر العربي يقول: «لا يمكن أن نتحدث عن فكر عربي بالمعنى الحقيقي للكلمة في ما عدا بعض المحاولات الفكرية الجريئة أحياناً، نحن نجد أنفسنا أمام فراغ فكري مفزع ومخيف. ولو كان هناك فكر عربي حقيقي لما نمت الظواهر الأصولية المتطرفة في هذا الشــكل الخطير والمرعب». (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 13 ماي 2008)
إلى دار « سراس » للنشر: سؤال
زهير الشرفي منذ أشهر عديدة أرسلت مجموعة من مقالاتي إلى العنوان الألكتروني للسيد سامي منيف، المسؤول في دار « سراس » للنشر، من أجل النظر في إمكانية نشرها في شكل كتاب. فوعدني بأنه سيقرأ المقالات ويجيب على اقتراحي. لكنه لم يجبني حتى هذا الوقت رغم تكرر تذكيري له بمطلبي/اقتراحي. دار « سراس » ليست مجبرة على تلبية رغبتي ولكنها مجبرة، من باب سلامة السلوك والمعاملات، على أن تجيب، ولو بالنفي، عوضا عن التزام الصمت. وللقارئ الكريم أقول أن مقالاتي لا تحتوي على سب أو شتم أو تكفير من مثل ما ظهر في الكتاب الأخير لمحمد الطالبي الذي سارعت دار « سراس » لنشره بدون تردد. بل إن مقالاتي هي التي سبقت للحوار وهي التي سبقت إلى وضع الإصبع على بعض أخطاء الطالبي الواردة في كتابيه السابقين « عيال الله » و »أمة الوسط » في حين كان العديد من مثقفينا ومن المنتسبين بالقول والتصريح إلى مبادئ الحداثة والديمقراطية وحقوق الإنسان.. يتغنون باستنارة وتقدمية أفكار الطالبي؛ فكيف تحرم مقالاتي من النشر والتوزيع في حين هي السابقة في الحوار والسابقة في طلب النشر والسابقة في وضع الإصبع على أصولية محمد الطالبي وانحيازه إلى جانب إيديولوجية الفرق السلفية والوهابية؟ ليس المجال مخصصا في هذه الرسالة لتوضيح العلاقة بين كلام « المتكلم » محمد الطالبي حول » أمة الوسط » وشروط قبوله لإسلام الناس، وغير ذلك من الإشكالات، بالمشروع السياسي للحركات الأصولية ، وإنما يتعلق الأمر بالسؤال حول قيم سلوك دار « سراس » للنشر التي لم تجبني حتى الآن: أليس لكل سؤال جواب؟ 13-5-2008
المدون التونسي سامي بن غربية هو مدافع شرس عن حرية التعبير، إلى درجة أنه اختار المنفى بدل الصمت. وبعد رحلة طويلة أخذته من تشاد إلى إيران، عبر العربية السعودية، حطّ هذا التونسي المولود في ولاية بنزرت رحاله في هولندا حيث حصل على صفة لاجئ سياسي. وتحجب السلطات التونسية مدونته، « فكرة »، منذ سنة 2003 بمساعدة برنامج معلوماتي من إنتاج شركة « Cisco Systems & Nice Systems »، كما يشير إليه بن غربية بدون تلكؤ. عندما لا يكون بن غربية منكبا على مدونته فإنه يعمل بصفة « مسؤول الحشد » لدى منظمة « أصوات عالمية »، التي تضم مدونين من كل أرجاء العالم يضطلعون بمهمة التطرق إلى مواضيع تتجاهلها عادة وسائل الإعلام السائدة. تحاور شبكة الصحافة العربية (APN) في سلسة من المقالات مدونين بارزين من جميع أنحاء العالم العربي. هذا الأسبوع: تونس شبكة الصحافة العربية: لماذا تدون؟ سامي بن غربية: تعود جذور إنشغالي بالتدوين إلى سنة 2002، ولكنني لم أنشىء مدونتي الخاصة حتى سنة 2003. وكنت قبل ذلك ناشطا في المنتديات السياسية على مواقع مثل « تونزين » (http://www.tunezine.com) و « المنبّه التونسي » (http://www.reveiltunisien.org)، حيث كنت أنشر كتاباتي وأشارك في المناقشات الدائرة فيها. ولكن السبب الذي حملني على إنشاء موقعي الخاص، في الواقع، هو أنني أردت أن أنشر كتابي الإلكتروني Borj Erroumi XL (رحلة في عالم عدائي: http://www.kitab.nl/borj-erroumi-xl) الذي حمّلته في الشبكة يوم 31 أكتوبر/تشرين الأول سنة 2003. ويحكي الكتاب قصة فراري من تونس ورحلتي عبر ليبيا والنيجر وتشاد والعربية السعودية وسورية وإيران حتى الوصول أخيرا إلى هولندا، حيث التمست اللجوء السياسي. لقد آمنت دوما بتعريف التراث العربي للكائن البشري بوصفه « حيوانا ناطقا »، وقد كتب الرومي، الشاعر والصوفي المسلم الكبير، في مؤلفه النثري « فيه ما فيه » أن « الكلمات مقياس الإنسان »، وكتب المتنبي، الذي ربما كان أعظم الشعراء العرب على مدى التاريخ، في ديوانه: « كفى بجسمي نحولا أنني رجل / لولا مخاطبتي إياك لم ترني ». بالنسبة لي، قطع كلام الآخرين يعني حرمانهم من التفكير، أي بعبارة أخرى تجريدهم من جوهرهم. وكل العراقيل الموضوعة أمام حرية التعبير، سواء أكانت سياسية أو دينية أو أجتماعية، تنزع إلى تحويل البشر إلى بهائم والحطّ من قدرهم. والكلمات بوجود الرقابة تصبح كالنهيق وتغدو الناس حميرا والمجتمع اسطبلا. ولهذا فإن حرية التعبير في شبكة الإنترنت تكتسي بالنسبة لي أهمية قصوى، وخاصة في المدونات لأنها تتيح للأفراد المطالبة بصفتهم كمواطنين عبر الحديث عن المواضيع المحرّمة وعبر التنافس مع وسائل الإعلام التقليدية، أو حتى هزّها هزا في بعض الأحيان. شبكة الصحافة العربية: ماهي الفروق بين المدون والصحفي في رأيك؟ سامي بن غربية: الصحفي يبيع مواضيعه لوسائل الإعلام ويعيش بما يكسبه من عمله، من الكتابة عن أحداث ووقائع جارية. إنه ينقل أخبارا ومعلومات أو يعبر عن رأي، ولكنه غالبا ما يخضع للضغط – بصورة ضمنية أو صريحة- من أجل التقيد بخط التحرير. وهذا ما يميزه عن المدون، الذي هو كاتب ومحرر في آن واحد، وصاحب الواسطة الإعلامية التي إختارها لنفسه. وليس عليه أن يكون صحفيا كيما يراعي قواعد السلوك. فكلنا يرى يوميا مئات الصحفيين يكتبون هراء لا معنى له على الإطلاق. وليس لكم سوى أن تلقوا نظرة على الصحف اليومية التونسية لتجدوا أن الثغاء قد بلغ شأوا بعيدا وتتحققوا من ذلك. من جهة أخرى، يكنّ العديد من المدونين الثقاة إحتراما عظيما للتدوين وصحافة المواطنين. وأنا أتذكر مثلا قول الصحفي المصري الكبير، محمد حسنين هيكل، في مقابلة مع قناة « الجزيرة » الفضائية، بأنه يثق بمدونة « بهيّة » المصرية (http://baheyya.blogspot.com) التي يطالع ما تنشره كلّ صباح أكثر مما يثق بالصحف المصرية. ((http://www.aljazeera.net/NR/exeres/6C37747E-A3A5-4CCD-9AB9-BD1A9B7E5715.htm) شبكة الصحافة العربية: ما الذي يلهمك؟ سامي بن غربية: يزداد إهتمامي مع مرور الوقت بالمواضيع المتصلة بحرية التعبير في شبكة الإنترنت وبإستخدام التكنولوجيا والأدوات الحديثة في مجال المعلومات، مثل شبكة 2.0 (لمواقع تبادل أشرطة الفيديو كموقع يوتيوب وخرائط غوغل وفليكر وفيسبوك وتويتر، إلخ) للدفاع عن القضايا العادلة، من مناصرة حقوق الإنسان إلى الدفاع عن البيئة. وأنا أشعر بغبطة عارمة عندما أرى الطرق المختلفة التي يستعمل المدونون المصريون فيها شبكة الإنترنت لمقارعة ممارسات التعذيب، أو عندما أرى الناشطين التونسيين والمغاربة وهم يستخدمون أدوات شبكة 2.0 لإدانة الظلم والفساد. فعندما تجتمع القدرة الإبداعية مع الإلتزام المدني، يخسر أولئك الذين يدافعون عن الوضع القائم وأعمال القمع معركة المعلومات. شبكة الصحافة العربية: وهل تمارس الرقابة الذاتية في كتاباتك الخاصة؟ سامي بن غربية: نادرا جدا، وحينما أحس بأن ما سأقوله قد يضرّ القضية أو الفكرة التي أدافع عنها أكثر مما يفيدها أختار في الغالب تعبيرا أوعبارة أقل « عدوانية »، بيد أنني غالبا ما أختار التحريض عن قصد كوسيلة لحفز المناظرة أو لإثارة رد فعل مشوق على الأقل. شبكة الصحافة العربية: ما هي كتاباتك التي حققت أكبر شعبية في المدونات؟ سامي بن غربية: بحسب إحصائيات مدونتي، إستقبل مقال « عمّا يبحث المغاربيون في غوغل؟ » (http://www.kitab.nl/2006/05/13/maghreb-google) أكبر عدد من الزائرين. والمقال يلقي نظرة تفحصية على ميول في سلوك المغاربيين في عالم الإنترنت، ولا سيما التونسيين منهم، إستنادا إلى بيانات جاءت في تقرير « ميول غوغل » (http://www.google.com/trends). الموضوع الآخر الذي لا يزال يسترعي إهتمام الصحفيين والباحثين في الشبكة الإجتماعية هو « خارطة السجون التونسية » (http://www.kitab.nl/2006/09/24/tunisian-prisons-map/) الذي يحدد المواقع التقريبية لسجون تونسية على خارطة غوغل، مع أشرطة موثقة بالصورة والصوت لسجناء سياسيين (http://www.kitab.nl/tunisianprisonersmap)، عبر تقنية « ماش أب » التي تمزج برمجيات تطبيقية مركـّبة مع وظائف أخرى متوافرة على شبكة الإنترنت من أجل تشكيل برمجية تطبيقية متكاملة جديدة. المصدر شبكة الإخبار العربية « محيط » ( الإمارات ) بتاريخ 12ماي2008) الرابط:
http://www.arabpressnetwork.org/articlesv2.php?id=2160&lang=ar
الإعلام العلمي في تونس : الفريضــة الغائبــة !
لايختلف عاقلان تونسيان في التأكيد على أن المشهد الإعلامي في بلادنا كان و لايزال منذ عقود يعزف خارج أوتار الإيقاع التاريخي ويطغى عليه طابع الرداءة و التبعية السلطوية و ثقافة التبرير و التمجيد و التطبيل والتزمير، خصوصا فيما يتعلق بالملفات السياسية و الحقوقية و الإقتصادية و الإجتماعية و حتى الرياضية منها . وقد لايحتاج المرء إلى جهد و عناء كبيرين ليعرف أن مصلحة السلطة في بسط نفوذها وإحكام قبضتها الحديدية على الساحة الإعلامية تكمن أساسا في درء الحقيقة و التستر على الواقع المتعفن و تلميع صورة النظام، وهو ما من شأنه أن يفسح الطريق أمامه واسعا لإعادة إنتاج و تحنيط نفسه ، كما لا يحتاج المرء إلى دراسة أو تمحيص ليدرك أن إرتهان أبواق الإعلام للسلطة و التقيد بأوامرها و شروطها يعود إلى حقيقة واضحة و جلية ، عنوانها: الطاعة مقابل المال. غير أن المرء يحتاج لأكثر من جواب لعدة أسئلة محيرة فعلا و تتعلق بأسباب غياب أو تغييب الإعلام العلمي عن الحقل الإعلامي خصوصا إذا مااتفقنا مسبقا على أن الخطاب العلمي المحض لن يحرج النظام بطرح القظايا السياسية أو الحقوقية ، ولا يهدد لا من بعيد ولا من قريب إستقرار و ديمومة كراسي الفر يق الحاكم ،إلا إذا استثنينا طبعا قضية الزيت الفاسد !في بادىء الأمر جدير بنا أن نوضح أن المقصود بالإعلام العلمي ليس ذلك الإعلام الأكاديمي الموجه للمتخصصين بشكل أساسي ، وإنما المقصود به هو الإعلام العلمي الجماهيري الذي يشمل الكتب العلمية والتكنولوجية المبسطة ، والصفحات العلمية بالصحف والمجلات ،والبرامج الإذاعية و التليفزيونية ، والوسائط المتعددة من أقراص مدمجة أو أفلام تسجيلية ، وأخيرا مواقع الإنترنت التي تجمع كل ذلك . إذ لايكاد يبزغ فجر أو تشرق شمس حتى يتوصل العلماء في كل أصقاع الدنيا إلى العديد من الإختراعات المبتكرة المتفردة ، تدفع بحياة الناس اليومية إلى دروب جديدة في عالم المستقبل وتضع آفاقا رائعة للزمن الآتي ومجتمع الغد . وهنا يلعب الإعلام العلمي دور اللاعب الرئيس في تقريب العلم للجماهير بأسلوب مبسط ومشوق ، والتعريف بكل ماهو حديث متطور في المجالات العلمية والتكنولوجية وذلك من خلال وسائل الإعلام آنفة الذكر . فالقضايا العلمية الملحة والمستجدات والإختراعات الحديثة قد فرضت نفسها وبقوة على مراسم حياتنا بل وعلى أجندة أحاديثنا اليومية ، فغزو الكوكب الأحمر المريخ ووصول » سبرات » مثلا إلى ذلك الكوكب الغامض قد فرض نفسه على إهتمام العامة والخاصة في العالم أجمع ، كما أن مشاكل التلوث الهوائي والسحب السوداء وغيرها قد كتمت أنفاسنا وتوغلت آثارها في جميع شعاب أجهزتنا التنفسية ، وهو ما اضطر الجميع للتساؤل ما السبب ؟ وكيف تحدث ؟ وما سبيل الخلاص منها ؟ وليست هذه إلا بعض الأمثلة على أهمية العلمي لسلامتنا وحياتنا اليومية . وكما كنا تعلمنا في مقاعد الدراسة ، يتعلم الناشئة اليوم أن مجموعتنا الشمسية تضم تسع كواكب تدور كلها حول الشمس في شكل مدارات بيضاوية ، أبعدهم مسافة عن الشمس هو كوكب » بلوتو » ، غير أن الإتحاد الدولي لعلماء الفلك أعلن في أوت 2006 عن تجريد هذا الأخير من مكانته ككوكب وإنزال رتبته إلى مرتبة ثانوية هي مرتبة » الكوكب القزم » ، وبهذا التغيير يصبح عدد كواكب مجموعتنا الشمسية ثمانية فقط وليس تسع كواكب كما كان عليه الحال طيلة عقود من الزمن . فلماذا مثلا لم يتكرم معالي الأمور في وزارة التربية على رجال التعليم بمدهم بوثائق إخبارية علمية تكشف هذا التحوير الأخير ليستنيروا وينيروا به تلاميذهم ؟ فهل أننا معشر التونسيون » ربيـّنا الكبدة » على كوكب بلوتو ولا يمكننا التفريط فيه ولا نعير إهتماما للمتغيرات الدولية كما هو معمول به عندنا في الشأن السياسي ؟ أم أن ثقافة » من اعتلى منزلة استأثر بها مدى الحياة » تغلغلت عميقا في عقولنا واتسعت لتطال المجال العلمي ، حتى بتنا لا نقبل بمبدأ التداول السلمي لصفة الكواكب ، ولذلك نرفع شعار » بلوتو كوكبا مدى الحياة » ؟ . وتعاني قضية الإعلام العلمي في بلادنا من عدة مشاكل تعود في الأساس إلى أن الطابع الغالب على ثقافتنا التراثية هو ثقافة أدبية وهو ما يفسر ندرة الكتاب العلميين أو المتخصصين في الإعلام العلمي وغياب كتب تبسيط العلوم ومجلات الثقافة العلمية للكبار والصغار . ولا نستطيع أن نعفي صحافتنا المكتوبة من المسؤولية في تفحش الفجوة المعرفية لاسيما فيما يخص قضايا التنوير العلمي والثقافة العلمية ولو حاولنا أن نتفحص ما يقدم في الصحف اليومية أوالأسبوعية عندنا فلن نجد للعلم حصة بينها إلا فيما ندر . وحتى الصحف التي تصنف نفسها الأكثر إنتشارا في بلادنا تجدها » تشخر في السابع نومة » ، ولا يحتاج القارئ لأكثر من بضع دقائق ليلتهم كل ما نشر فيها ، إذ بمجرد أن تتجاوز سريعا صفحات الإنجازات والأخبار السياسية البائتة وصولات الأحزاب المطيعة وآخر بيانات التثمين والإشادة والمناشدة ، وقبل أن تتصفح حزمة أوراق العجرميات والهيفاويات ، تعترض سبيلك محاضرات فطاحل الحداثة التونسية ، وما إن ترتوي منها يحط بك الرحال في صفحات حداثة أخرى ، حداثة غير حداثة عصرنا ، إنها حداثة العصر الحجري ، لتصهدك بجحافل سلاطين العرافة الذين لا يشق لهم غبار ، ويعلمونك أن أيديهم تجمد الماء وإنجازاتهم تجمد العقول ، يقرؤون لك ماضيك وحاضرك ومستقبلك وجزائك في الآخرة ، يطلعونك كم بلغ رصيدك البنكي في » الروج » ، ويكشفون لك أسرار العمل والحب والزواج ، يزيلون السحر ويصلحون بين الأزواج ، يداوون البوصفير والفدة وأمراض السكري والحجر في الكلية والعقم الجنسي والروماتيزم وحالات الإغماء والجنون ، فتقول لنفسك » لقد سلّـكها فرويد » ، وإلا فمن سيصغي إليه لو كان تونسيا وجاء في هذا الزمن العجيب ؟ ثم تعترضك صفحات الرياضة ومل أدراك ماالرياضة ، إنها رياضة ترويض عقول الشباب المتخم بالبطالة السافرة التي لا يعلمون أسبابها فقد تعود لتأخر في المناشدة أو لنكران لنعمة الإنجازات أو لأسباب أخرى علمها عند الله وعند سلطتنا وبعض من عرافتنا ، والختام صفحات الإشهار المقنع ، إنه الطريق القصير للكسب السريع ، خصوصا وأن مواردنا محدودة ، فلا حقول نفط عندنا ولا مناجم ذهب نملك ، حتى أنه من سوء حضنا أن » نـوبل » – سامحه الله – لم يترك في وصيته جائزة علوم الثلب والتجريح ، وإلا لكانت صحيفتنا » الوطنية » الرشيقة » الحدث » متربعة عليها بلا منازع ، فلا يسعنا إلا أن نحيي الساهرين منهم على هذا العلم ، نحيي منهم كل المأجورين والمأجورات ، المرتزقين والمرتزقات ، المتمعشين والمتمعشات ، الأحياء منهم والأموات ، نحييهم كلنا قوابسية وجنادبة وصفاقسية ، كليبيست ومكشخين وإيتواليست ، يساريين ويمينيين ، مالكيين وحنبليين .وعندما يأتي يوم العلم ترى صحفنا تجعجع العلم وتتجشأ التكنلوجيا وهي لاتتورع عن الإشادة بالعناية الفائقة التي يوليها سيادته للعلم والعلماء ،فيذهب بك الظن إلى الإعتقاد بأن وكالة الفضاء الأمريكية « ناسا » تونسية الأصل – دما ولحما – غير أنه وقع التفويت فيها عملا بموضة التفويت في الوطن » قطرة قطرة وهو ما يمكننا من ضرب عصفورين بحجر واحد ، فمن جهة ينتفع الشعب بعائدات التفويت فيعم الخير والرخاء جميع البلاد والعباد ،خصوصا وأن عدد سكان بلادنا يربو عن العشرة ملايين نسمة ، وهو رقم صغير ، فناطحة السحاب لدار » الحزب » وحدها كفيلة باستيعابه ، ومن جهة ثانية تتجنب سلطتنا المصاريف الباهضة لغزو الفضاء وبعث الأقمار الإصطناعية ومشاكلها التقنية العويصة والأخطار والكوارث التي تحيط بها من كل حد وصوب ، ثم ما شأن سلطتنا أصلا وهذه المشاكل المصدعة للرؤوس ، فمصيبة حقوق الإنسان وحدها تكفيها ، و مشكلة الدستور وترقيع ما جاء به من فصول ، وكارثة صحيفة » الموقف » التي تقض مضجعها ، كلها مسائل كفيلة بأن تضنيها وعن هموم الدنيا تلهيها . عموما هذا هو واقع صحفنا ، فلا تجد ملحقا علميا أو صفحة قارة متخصصة للحديث عن العلوم والتكنلوجيا ، وإن وجدت في أحد الأعداد فهي تتسم بالكلاسيكية أخبارها وتحقيقاتها ، وبالسطحية والتجرد من أية رسوم بيانية وأشكال توضيحية وبيانات موثقة يمكن أن تجذب القارئ أو تسهل مهمته في استيعاب المعلومة أو الإلمام بالموضوع ، وبهذه الطريقة يغيب الوعي العلمي ودور العلم وتطبيقاته عن إدراك الشخصية في بلادنا ، فهي في الأصل لا تقرأ ، وإن قرئت لا تجد عادة ما يروي ظمأها للمعرفة والعام ، وإن وجدته يعتريها مصاعب جمة في فهم محتوى المقالات والمواضيع العلمية المطروحة نظرا لجفاء أسلوب بعضها أو عدم إستيعاب الكاتب للموضوع مع إفتقار المادة المكتوبة للإحصاءات أو الرسوم التوضيحية ، لذا فإن الموضوعات العلمية المنشورة في تلك الصفحات تثير في الواقع غموضا ولغطا أكثر مما تقدم حقيقة أو معلومة ، ومن هنا تبدو حالة صحافتنا العلمية أقرب حاليا للعدم منها للوجود .وأحسب أن الإعلام العلمي الحقيقي هو نموذج أو منظومة قاعدتها الأساسية الإيمان الراسخ بأن العلوم والتكنلوجيا ليست قضية مهارات يتعلمها الأفراد ، ولا سلعا ومنتجات يجري ترويجها في الأسواق ولا أمور يهتم بها خاصة الخاصة ولا طرائف يتم تداولها بالصدفة ولا حالة إنبهار بما يخرج من مختبرات الآخرين ، بل هي قضية تنموية وطنية بالدرجة الأولى ، لاتقل في أهميتها وشمولها واتساعها بالنسبة لمجتمعنا عن قضايا الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان والإصلاح السياسي والإنماء الإقتصادي ، وهي ليست إختيارا بقدر ما هي طريق حتمي لا مناص منه ينبغي المضي فيه ، تفرضه المتغيرات الدولية ومفرداتها الذائعة من عولمة وعسكرة ، وإلا فمصيرنا سيكون مزيدا من الضحالة والتسطح العلمي والفكري . ظاهـر المسعـدي
الأمن موجود… والأمان مفقود
كتبت جريدة الصباح بتاريخ 7 أفريل 2008 خبرا في ركن قضايا المجتمع عنوانه: « «ذئب» بشري سلب 16 امرأة وحوّل وجهة 9 واغتصب عددا منهن » وكتبت تحته بعض الجزئيات من بينها: » وقد تبيّن أن المشبوه فيه اقترف حوالي 16 سرقة بالسلب من بينها تسع عمليات متبوعة بالاغتصاب أو محاولة الاغتصاب إذ كان يقترب من ضحيته ويرغمها على مرافقته إلى المنطقة الغابية المحاذية وهناك يسلبها هاتفها المحمول والمال الذي بحوزتها ثم يعتدي عليها أو يحاول الاعتداء. » تعجبت من ضخامة عدد الضحايا في بلد ‘الأمن والأمان’، فقد كنت أعتقد أن اغتصاب طالبة أو موظفة من المركّب الجامعي بالمنار سوف يلفت انتباه السلط الأمنية، خاصة وأن الاغتصاب جريمة يعاقب عليها القانون التونسي بالإعدام، وأن أعوان أمننا سوف يمنعوا المجرم من اقتراف جريمته ثانية بل ثالثة ورابعة، كنت أعتقد أن الحكومة التي تتبجّح بنسبة الطالبات التي بلغت 57 بالمائة في الجامعات لن تسمح باغتصابهن تباعا، ولكني كنت خاطئا. تخيلت الحوادث الستة عشر: الضحية الأولى ‘ع’ موظفة بإحدى المؤسسات الجامعية بالمنار أنهت يومها واتجهت إلى محطة المترو المسمّاة ‘المركب الجامعي’. وقبل أن تقطع الطريق السريعة الفاصلة بين الجامعة والمحطّة أحسّت بيد تمسكها من شعرها وبنصل معدني بارد يؤلمها في رقبتها وبصوت شرّير يقول لها إن هي صاحت فسوف يقطع رقبتها، تسمّرت فجذبها المجرم ودار بها إلى اليمين، توسّلت له أن يتركها ووعدته أنها سوف تعطيه هاتفها الجوال والقليل من المال الموجود في حقيبتها اليدوية، لكنه كان يأمرها بالصمت ويزيد ضغط السكين على رقبتها ووصل إلى غابة تفصل بين كلية العلوم وبين الطريق السريعة وهناك صفعها وضربها واغتصبها ثم افتك منها هاتفها والمال القليل الموجود في حقيبتها وغاب عن أنظارها. اتجهت ‘ع’ مباشرة إلى أقرب مركز شرطة ودخلت باكية فاستقبلها مفتش بابتسامة طيبة وهدّأ من روعها ووعدها بأنه سوف يمسك بالمجرم الذي هتك عرضها وطلبها بطاقة تعريفها وبدأ يرقن على الحاسوب شكايتها وطلب أوصاف المجرم والمكان الذي أخذها إليه إلى غير ذلك مما يكتب في هذه الحالات، ثم طبع ذلك في ستة نسخ أمضتها الضحية، أرسل إحداها إلى مدير الأمن الوطني ووضع واحدة في أرشيف المركز، الخ… ثم ودّع ‘ع’ واعدا إياها أنه سوف يستدعيها حالما يقع إيقاف المجرم. ‘ل’ طالبة بإحدى مؤسسات المركب الجامعي بالمنار اتجهت بسرعة إلى محطة المترو حالما انتهى الدرس دون انتظار صديقاتها بهدف ربح الوقت ولما همت بقطع الطريق السريعة أحسّت بيد تمسكها من شعرها وبآلة حادة باردة تضغط على جيدها… إلى آخر الحكاية. في شارع بورقيبة هذه المرّة، ‘ن’ طالبة بالمرحلة الثالثة اعتادت بيع جريدة ‘الموقف’ كل خميس في وسط العاصمة وفي مقر اتحاد الشغل ولدى بعض المحامين القريبين من مقر الجريدة، وهي تعتبر أن ذلك عمل نضالي ويمكّنها في نفس الوقت من توفير شحن هاتفها الجوال. رجعت ذلك الخميس إلى مقر الجريدة بعد أن باعت 50 عددا في أقل من ساعة دون مشاكل. بعد مدّة وقع لـ ‘ج’، وهي طالبة بالمركب الجامعي بالمنار، من الاعتداء ما وقع للضحيتين اللتين سبقتاها، ذهبت إلى مركز الشرطة وأدلت بأوصاف المجرم فكانت مطابقة للأوصاف السابقة ودلّت على مكان الجريمة فكان هو نفسه. أرسل المركز نسخة من شكايتها مطابقة للنسختين السابقتين إلى مدير الأمن الوطني. إدارة الأمن الوطني اغتاضت لما يقع في العاصمة فأرسلت عونا يتتبّع ‘ن’ التي خرجت ذات يوم خميس تبيع كعادتها جريدة ‘الموقف’ في شارع بورقيبة. وقع لـ ‘ب’ (طالبة بالمركّب الجامعي) ما وقع لسابقاتها وذهبت إلى نفس مركز الشرطة وكتب المفتش نفس المحضر وأرسل منه نسخة إلى مدير الأمن الوطني. هي الجريمة الرابعة … لم يتحمّل مدير الأمن أن تواصل ‘ن’ بيع الجريدة فأمر العون بمنعها من البيع، بأي قانون ؟ أجابها العون بالتعليمات، فواصلت ‘ن’ البيع لأنها تعتقد أننا في دولة القانون وليس دولة التعليمات. ضحية خامسة بالمركّب الجامعي ومحضر خامس ونسخة إلى مدير الأمن… ضحية سادسة… لو وقع إيقاف المجرم بعد كل هذه الاعتداءات لكان « لإيقافه الصدى الطيب في نفوس المواطنين بمحيط المركب الجامعي بالمنار ومحطة المترو لما عرف به من بطش وتهوّر ووحشية في التعامل مع عابرات السبيل في أوقات معينة من النهار إذ لا يتوانى عن تحويل وجهة من يقع نظره عليها ويجد الفرصة متاحة لذلك ثم سلبها ومواقعتها تحت التهديد أو محاولة مواقعتها. » كما تقول جريدة الصباح وهي توحي بكلامها بأنه كان معروفا لدى مصالح الأمن. ازداد عدد الضحايا. سابعة، فثامنة، فتاسعة، فعاشرة … لم يتحمّل مدير الأمن التحدّي فأرسل هذه المرة تسعة أعوان ليحاصروا ‘ن’ ويفتكّوا منها الجرائد التي تحملها بالقوة، ثم شتموها وسبّوها، لم تكن لها قوة مجرم المنار أو بطشه فكانت السيطرة على الوضع سهلة. هتف الأعوان بالزي المدني إلى رئيسهم ليخبروه بنصرهم العظيم وبأن المهمّة أنجزت فارتاح لذلك ووعدهم بمكافأة. مجرم المنار يقوم بجرائمه بالطريقة المعتادة ويأخذ ضحاياه لنفس المكان، والمنطقة التي يسيطر عليها لا تتعدّى كيلومترا مربعا واحدا، ولكن ليس لجرائمه نفس أهمية بيع جريدة ‘الموقف’، لأن ضحايا مجرم المركّب الجامعي هن من بنات الشعب وربّما تكون ابنتي أو ابنتك أو ابنة عون أمن، أما ضحايا ‘الموقف’ فهم أهم من المواطن العادي، هم المرتشون الذين يخافون فضح الفساد المالي، هم الناهبون للمال العام الذين يخافون من الإعلام الحر، هم الذين يسرقون تاريخنا (تحويل أرض الحفريات الأثرية بقرطاج إلى أرض صالحة للبناء بفضل أمر رئاسي) ويريدون أن يبقى الرأي العام جاهلا لما يقع في بلاده … الموقف تُعلم الرأي العام أيضا بأن هناك مرشّح ديمقراطي للانتخابات الرئاسية 2009 يعيد لنا الأمل وإدارة الأمن لا تريد أن يرجع لنا الأمل، وذلك يهمّها أكثر من أي شيء آخر. واصل مجرم المنار جرائمه ووصل عدد ضحاياه أحدى عشر ضحية ولم يقع إيقافه، ثم إثنى عشر فلم يقع إيقافه. أنا أتساءل، هل يدفع أولياء طالبات المنار ضرائب ؟ هل كانوا ينتظرون فعلا من الأمن الوطني أن يحمي بناتهم ؟ أين يقبع أعوان الأمن الذين تبلغ نسبتهم عون لكل سبعين ساكن ؟ أهم في محيط جريدة ‘الموقف’ فقط ؟ الجرائم الإثنى عشر وقعت بين حي المنار وحي ابن خلدون فماذا يفعلون في محيط نهج آف نوهال ؟ المجرم أضاف رقما جديدا فماذا تفعلون أيها الأعوان ؟ وماذا يفعل مدير الأمن ؟ المجرم وصل إلى خمس عشر ضحية … انتظر الأمن الوطني ستة عشر ضحية لإيقاف هذا المجرم الخطير… مدير الأمن ما زال في منصبه، لن يُقال منه رغم أن عرْض عدة طالبات هُتك في نفس المكان ومن طرف نفس المجرم ورغم أن الجريمة أعيدت ستة عشر مرّة ورغم سهولة إيقافه فإنه ظلّ طليقا يواصل اعتداءاته دون ردع، مدير الأمن لن يُقال من منصبه لأنه استطاع تجنيد تسعة أعوان للهجوم على ‘ن’ ليفتكّوا منها ‘الموقف’، لن يقع حتى توبيخه على فشله لأنه جنّد سبعة عشر عونا ليحاصروا يوميا مضربين اثنين عن الطعام في مقر ‘الموقف’. هذا هو الأهم في بلد ‘الأمن والأمان’… أما هتك عرض الطالبات في تونس فطزّ … علال بوطالب أستاذ
ليس بصياح الغراب يجيء المطر
من الاشياء الغريبة التي تسيطر على التدخلات في الملتقيات والمنتديات والندوات والتجمعّات الوطنية أو الاقليمية أو الجهوية والتي عادة ما يحضرها ممثلون عن الحكومة أو عن الحزب الحاكم هي ظاهرة الشكر فما إن يضع أحدهم المصدح في يده او يصعد على المنبر إلاّ وينسى ما من أجله حصل على الكلمة وينطلق في المدح والشكر والدعاء والثّناء ولو كان حاله في أسفل سافلين. وإذا ما أطلق أحدهم العنان للشكر فإن فيروس المدح والثناء سرعان ما يتفشى بين الحاضرين ويعيش الاجتماع حالة من المزايدات المحمومة التي قلّما تتوفّر حتى بأكبر الدور العالمية للبيع بالمزاد العلني.. مزايدات محمومة خالية من كل العواطف الصادقة.. مزايدات لا تختلف في شيء عمّا اعتدنا سماعه منذ عقود مع تغيير بسيط لبعض الكلمات المفاتيح التي يستوجبها الظرف. وكم من مرّة يبادر عضو حكومة يتحلّى بالشجاعة اللاّزمة بايقاف هذه المزايدات المحمومة والدعوة للعودة الى جوهر الموضوع الذي من أجله نُظّم الاجتماع لكن قلّما تجد دعوته صدى.. وأذكر مرّة أن أحد كبار المسؤولين قال في اجتماع ضمّ مهنيين حول مشاكل تتعلّق بقطاعهم بأنه جاء للاستماع لمشاغلهم لا للشكر فإذا بأحدهم يعقب على تدخلّه متحمّسا فهل تعرفون ماذا قال؟ لقد شكر هذا المسؤول على اهتمامه بمشاغل نظرائهم ودعاه لابلاغ تحيّاته ومدح وناشد ثم نزل من أعلى المنبر فرحا مسرورا ولم تمض أسابيع الاّ ودخل القطاع أزمة كبرى. ظاهرة الشكر هذه تستفحل داخل قبّة البرلمان فإذا ما حصل نائب على الكلمة ـ وعادة ما تكون مدتها محددة بثلاث دقائق ـ في مداولات ميزانية الدولة الا وقضّى في سرد ديباجة الشكر الجزء الأكبر من الوقت المخصّص له وعندما يصل جوهر الموضوع تُقطع كلمته فهل يتأثر لذلك وهل يأسف لأنه لم يبلّغ صوت من انتخبه؟ طبعا لا فهو يظنّ أنه عندما ينطق بالشكر لم يشذ عن القاعدة.. قام بالواجب من جهة ولم يحرج الحكومة من جهة أخرى وضمن لنفسه رضاء كل الفاعلين وأوفر حظوظ البقاء لدورة جديدة. إن الاجتماعات والملتقيات والحوارات البرلمانية التي تخصّص لها ميزانيات هامّة من المال العام ان لم تؤد ما بعثت من أجله فإن البرامج الحكومية والمخطّطات الوطنية ستظلّ دون تقييم موضوعي جدّي لسبب بسيط وهو ان كلّ ما يقوم به الانسان ليس بمعصوم من الخطأ وان بالنقد البناء وحده يمكن للحكومة الحصول على رجع الصدى وتعديل المسار إن استوجب الأمر ذلك.. أما الشكر فإنه لا يضيف شيئا وقديما قالوا: «ليس بصياح الغراب يجيء المطر». حافظ الغريبي (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) الصادرة يوم 13 ماي 2008)
لا دِيَة ليدٍ لا تكتب.. على باب معرض الكتاب
احميدة النيفر (*) معارض الكتاب في البلاد العربية عديدة، وهي، رغم تفاوت أهميتها، تظل مظهرا صحيّا للحياة الثقافية في كل قطر، ومؤشرا عن درجة نموّ الوعي فيه. لذلك، فإن هذه التظاهرة الاحتفالية بالكتاب تحتاج منا إلى نظر لتقويم مدى نجاعتها باعتبار جملة من المعايير، كاختلاف نسبة العارضين، ونوعية المقبلين عليها، ووجهة القراء المختلفين. من هذا الجانب الأوّل يمكن اعتبار معرض الكتاب «استفتاء ثقافيا» دوريا، تنكشف به طبيعة التوجهات الفكرية والأدبية العامة، وخصوصيات الوعي القطاعي وضروب التيارات الفكرية والاجتماعية والسياسية والذوقية التي تسود أو تتراجع في كل مرة. مع ذلك، فإن ما يؤكده عدد من الناشرين هو، في أفضل الحالات، تراجع الاهتمام بالكتاب في البلاد العربية تراجعا يهدد صناعته بالكساد والخسران. إلى جانب ذلك، فإن لغة الأرقام في خصوص قضية الكتاب أكثر دلالة من تذمّر أي ناشر أو حملة دعاية أي معرض. ما يورده تقرير التنمية البشرية في هذا الخصوص غير مطمئن: في الوطن العربي سبعون مليون أميّ فعليّ، أي أن خُمس السكان لا يقرؤون ولا يخطّون سطرا. يضاف إليهم ضعفهم على الأقل ممن تعلموا وأمّوا المدارس والجامعات ثم سقطوا بعد ذلك في أميّة ثقافية. حصل لهم ذلك لعدة عوامل، لكن المهم أنهم يعيشون دون وعي وبلا إنتاج، بما يؤكد مخاوف الناشرين العرب من كساد صناعة الكتاب. هذا فضلا عن أن هجرة الكفاءات العربية إلى الخارج بلغت، حسب تقرير لجامعة الدول العربية، مليونا و90 ألفا و282 كفاءة عالية، وهي نسبة مرتفعة جدا إذا قارناها بعدد الكفاءات المهاجرة من الصين والهند، رغم أن عدد سكان كل دولة من الدولتين على حدة يزيد بمعدل 4 أضعاف عن عدد السكان في الوطن العربي بأجمعه. لكن أخطر ما في لغة الأرقام يتعلق بعدد الكتب العربية الجديدة الصادرة في كل سنة والمقدَّمَة في معارض الكتاب والحاملة لإضافة نوعية حقيقية في أيّ مجال من مجالات الفكر أو العلم أو الأدب. أكثر الأرقام تفاؤلا في مجال الإبداع العربي المكتوب الذي تسجله معارض الكتاب لا تزيد عن ثلاثين عنوانا عربيا لجملة الاختصاصات، مقابل أضعاف ذلك في بلدين مسلمين آخرين هما إيران وتركيا. عند هذا الحد جاز أن نتساءل: هل هي عودة الانحطاط؟ لماذا هذا القصور المخيف في إنتاج الكتاب العربي؟ وأيّ تفسير يمكن تقديمه لهذه الأميّة الزاحفة وهذا التدهور الإبداعي المتفاقم؟ تتبادر للإجابة عن هذه الأسئلة الحارقة قضية الحرية لكونها قرينة الإبداع. ذلك أن بين مقولة الحريّة ومقولة الإبداع تلازما يجعلنا نعتبر أن بينهما علاقةً عضوية. هذا ما يحدو إلى اعتبار المقولتين وجهين لعملة واحدة، فكأنّه لا معنى للحرية إن لم تؤد إلى إبداع يضحى بدوره دون قيمة إن لم يفض إلى مزيد من الحريّة. من هذا التلازم بين الحريّة والإبداع يستخرج البعض تفسيرا للقصور العربي في إنتاج الكتاب الجديد الذي يلقى مؤلفوه عنتا من تشديد الرقيب وإحكام قبضته على إنتاج المفكر المجدد والعالم الباحث والروائي المبدع. لكن الاقتصار على العامل السياسي المحض لمعضلة القصور الإبداعي العربي لا يبدو كافيا، رغم أن الحريّة في صلتها بالإبداع تكون فعلا بمثابة المبدأ أو الشرط المؤسس، بينما الإبداع يكون تجسّدا فعليّا لشرط الحريّة. لا شك أن الحريات السياسية تواجه مصاعب حقيقية في أكثر من قطر عربي، وأن حرية التعبير تضيق أحيانا كثيرة نتيجة الرقابة الذاتية أو بفعل مقص الرقيب وتعليماته. لا شك أيضا أن الرقيب العربي المتوجس من أي تعزير أو تقريع إداريين يندفع، في غالب الحالات حمايةً لمصالحه وإيثارا لسلامته، أن يستبعد كل ما من شأنه أن يثير عليه أي مساءلة. لذلك، فهو لا يرى حرجا في منع أي كتاب يعبّر صراحة أو تلويحا عن رفضه السائدَ المسموح به والدعوة إلى تجاوزه. لكن هذا الوضع، على خطورته، آيل إلى زوال بفعل تطوّر وسائل الاتصال، وهو على كل حال لا يصلح أن يفسر ظاهرة بلغت من التفشي عموم الكتّاب المقيمين في الغرب الأوروبي والأميركي. ما لا يمكن أن يُنكَر أن الحرية السياسية خاصة ضمانةٌ تساعد على الإنتاج الحر في مجال الكتاب، لكنها لا تكفي وحدها لتحقيق حراك تجديدي يتجاوز هذا التكرار المملّ لذات المواضيع، سواء أكانت من مداخل تراثية أم تحديثية. هناك إذن خللٌ ما يجعلنا نعيد إنتاج أنفسنا برتابة قاتلة، خلل يعطّل حركة الأفكار وطاقتها الإبداعية لدى كتّاب العربية ومؤلفيها. ما نراه أصوب في فهم هذه العطالة الإبداعية هو التفسير الثقافي الذي كثيرا ما يُحجَب عن الرؤية نتيجة التركيز على العامل السياسي. ما نعنيه، هو أنّه إلى جانب الشرعية السياسية التي يمكن أن تفسر جانبا من قصورنا التجديدي، فإن غياب مشروع فكري لدى النخب العربية أهم للاقتراب من الظاهرة. إنه غياب يوقع في تأتأة فكرية تجعل تلك النخب تعيد إنتاج نفسها، قاطعة الطريق على أي شغف بالقراءة والمطالعة. أكثر من ذلك، فإن هذا المأزق الثقافي ممّا يقوّي من انتشار ضروب العنف المختلفة في أكثر من مجتمع عربي. يبدأ عنفا لفظيا وبذاءة لسان، ليصل إلى حالات من التسيّب الإجرامي القاتل المهدد لمدنية المجتمع. المعضلة في بعدها الثقافي ترتبط بدلالة الثقافة ذاتها. إنّها من حيث تكوّنها من عناصر رمزية واعتقادية وأخلاقية وعملية تشكل إرثا جمعيا، لكن ما يميّز هذه العناصر هو إمكانية تشكّلها في أنساق مختلفة حسب الظروف والبيئات. على ذلك تصبح الثقافة: ذاكرة ومشروعا. هي ذاكرة أعيد تركيب عناصرها في توازن يواكب مقتضيات اللحظة التاريخية، ويعيد ترتيب علاقة الذات بالآخر وبالعالَم. في الوضع الراهن، علاقتنا بماضينا شديدة الانتقائية بما يفضي إلى تشظّي الذاكرة الجماعية، فيحجز عن ظهور أي نسق قيمي وأي مشروع فكري يعيد بناء الهوية الذاتية ويفتح أمامها آفاق الإبداع. كيف يمكن عندئذ للكاتب أن يبدع إنتاجا ويوسّع آفاقا دون أن تتأهل ثقافة المجتمع لتصبح في مستوى تفاعل حضاري وراهنية تاريخية؟ كيف يمكن أن يعود الشغف بالكتاب والمطالعة بينما الذاكرة الجمعية في شبه ارتجاج، والرؤية المستقبلية في ضبابية والتباس؟ في أزمنة أخرى، لا صلة لها بالانحطاط وبالذاكرة المتشظّية العقيمة، قال سعيد بن العاص: «من لم يكتب فيمينه يسرى ولا دية ليد لا تكتب». قالها لأن الكتابة جمع وبناء وتنسيق، لكنها في الوقت ذاته توازن في الذات واتساع في الرؤية ولامحدودية في الأفق. عندها كانت الأميّة بأنواعها في تراجع كبير، لأن العقول والمؤسسات كانت تعيش واقعا يؤكده المثل العربيّ: «الكتّاب ملوك وسائر الناس سوقة». (*) كاتب تونسي (المصدر: صحيفة « العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 8 ماي 2008)
قمة بوخارست والحدود الجديدة للحلف الأطلسي
توفيق المديني عقدت منظمة اتفاقية شمال الأطلسي قمّتها في بوخارست في 2 و 4 نيسان/إبريل 2008، في وقتٍ هي متورّطة في أفغانستان، ومنقسِمة حول القرار الأمريكي بنشر صواريخٍ مضادّة للصواريخ في أوروبا، وعرضة للانتقادات من قبل روسيا. هكذا وبعد أربعين سنة من قرار الجنرال ديغول ترك القيادة العسكرية المشتركة، وعلى الرغم من وعود الرئيس نيكولا ساركوزي بالعودة عن هذا القرار، تواجه المنظّمة تساؤلات وجوديّة. ففي حين يحلم البعض باتحادٍ عابر للأطلسيّ مكلَّفٍ بضمان السيطرة الغربية على العالم، قليلون هم الذين يتساءلون حول الخطر الكامن على أوروبا في الاستراتيجيات الأمريكية. لقد غيرت اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر المعطيات في جانبين جوهريين. فهي وفرت أولاً لإدارة بوش الجديدة شرعية إيديولوجية غير متوقعة من أجل تجديد سياسة التدخل المسلح غير المضبوط والذي كانت الولايات المتحدة قد توقفت عن ممارسته منذ حرب فيتنام. وقد وجد الفريق الحاكم في واشنطن في « الحرب ضد الإرهاب » واجهة إيديولوجية تؤمّن الصدقية لحملته العسكرية الواسعة والطويلة المدى بعد انتهاء الحرب الباردة على غرار ما كانت عليه « الحرب ضد الشيوعية » بين 1945 والهزيمة في فيتنام. من جهة أخرى كان الحادي عشر من أيلول/سبتمبر مناسبة لانعطاف سياسي قام به فلاديمير بوتين على خلفية تورط الجيش الروسي في الشيشان. تراجع حاكم الكرملين أمام ضغوط واشنطن المتصاعدة بعد صدمة اعتداءات أيلول/سبتمبر واختار مرغماً لا بطلاً الاستفادة على الأقل من موقفه المتعاون وتخليه عن احتواء الموجة الهجومية الأمريكية التي أطلقتها الاعتداءات. وكانت أبلغ نتائج هذين التطورين المتداخلين اجتياز الولايات المتحدة الخط الأحمر الذي رسمته روسيا في عهد بوريس يلتسين في مواجهة التوسع الأمريكي على حساب دائرة النفوذ الروسي. والخط الأحمر هذا يتطابق مع حدود الاتحاد السوفيتي السابق وكانت موسكو في التسعينات تنذر بأن إقامة أي وجود عسكري غربي داخل هذه الحدود هو بمثابة اعتداء عليها. وها هو الوجود العسكري قد حصل اليوم. لقد انتهزت الولايات المتحدة فرصة الحرب في أفغانستان لتقيم قواعد عسكرية من الواضح أنها على المدى الطويل في أوزبكستان وقرغيزستان كما حصلت على تسهيلات عسكرية في طاجاكستان وكازاخستان كما مدت أذرعتها العسكرية حتى جورجيا. إن وجود القوات العسكرية الأمريكية في قلب الاتحاد السوفيتي السابق نزع الأهمية عن القرار الذي اتخذه حلف الأطلسي في قمة براغ بضم جمهوريات البلطيق وثلاث دول أعضاء في حلف فرصوفيا البائد أي رومانيا وبلغاريا وسلوفاكيا إضافة إلى سلوفينيا العضو السابق في الاتحاد اليوغوسلافي. فبعدما كان مدار جدل في الأمس لم يثر هذا القرار أي ردة فعل حقيقية إذا ما تجاوزنا خطب المناسبات. فالكرة الأرضية باتت ضمن شبكة من القواعد والأحلاف التي تسيطر عليها الولايات المتحدة. من جهة أخرى فإن المصادفة غير البريئة في الانتسابات المبرمجة لبلدان « في وضع انتقالي » قبل دخولها إلى الناتو، تزيد كثيراً من هيمنة الولايات المتحدة. أوكرانيا وجورجيا يبقيان على أبواب الأطلسي نجح الضغط الروسي في إرجاء زحف شمال الأطلسي نحو جمهوريتين سوفيتيتين سابقتين هما أوكرانيا وجورجيا. وحذرت موسكو واشنطن بوضوح من الإقدام على « خطأ استراتيجي كبير ستكون له تداعيات على الأمن في أوروبا ». وكان من نتيجة اجتماعات اليوم الأول من قمة الأطلسي التي عقدت مؤخراً في بوخارست، أن جعلت اثنان سعيدان، وأربعة ضحايا. السعيدان هما كرواتيا وألبانيا اللذان سيتركان وضعهما القديم كعضوين في « مخطط العمل والانضمام » للانتقال إلى وضعية عضوين كاملي الحقوق داخل الحلف الأطلسي.. زغرب وتيرانا سيبدأن قريباً المفاوضات بشأن انضمامهما خلال الأيام المقبلة. كانت الهزيمة الثقيلة هي لمقدونيا، إذ أنها كانت تنتمي إلى مجموعة المرشحين الذين لهم كافة الحظوظ لاجتياز امتحان الانضمام إلى الأطلسي بنجاح، بيد أنه تمت عرقلتها بسبب الفيتو اليوناني. أثينا ترفض أن تكون جارتها اللدودة تحمل اسم مقاطعتها الشمالية، التي تعتبرها اليونان جزءاً من أراضيها التاريخية، ومن إرثها التاريخي.. وتخشى أثينا من انضمام سكوبيا للأطلسي من مطالبتها في المستقبل بتقديم تنازلات تتعلق بأراضيها.. بكل تأكيد بإمكان مقدونيا أن تقوم بمحاولة جديدة للانضمام. الخاسران الآخران هما أوكرانيا وجورجيا، فالضغوطات التي مارستها الولايات المتحدة الأمريكية لم تسمح بهزيمة الاعتراضات القوية من جانب عشر دول أوروبية، تقف في مقدمتهم فرنسا وألمانيا. لقد اختار كثيرون في الغرب التغاضي عن واقع أن أوكرانيا، على غرار معظم الجمهوريات السوفيتية السابقة (باستثناء 3 دول صغيرة من البلطيق)، بقيت شديدة الارتباط بروسيا والجمهوريات الأخرى. ففي أوكرانيا، وهي جزء من الكيان السلافي في الإمبراطورية السوفيتية القديمة، لا يزال نصف السكان يتماهون مع روسيا من الناحيتين الإثنية والوطنية. وهكذا، من السخيف الاعتقاد بأن يوتشينكو قادر بمفرده على نقل أوكرانيا إلى المدار الغربي. إذ لم يتوقف التدخل في السياسة الأوكرانية على روسيا بل تعداه إلى أوروبا التي هي أكثر اهتماماً بالغاز الروسي منه بالديمقراطية الأوكرانية. وكانت روسيا في عهد بوريس يلتسين قدمت تنازلات للولايات المتحدة الأمريكية خلال عقد التسعينيات من القرن الماضي إذ أصبحت القواعد الأمريكية موجودة على حدود روسيا، كما أن دول أوروبا الشرقية التي كانت خاضعة للهيمنة السوفيتية إبان الحرب الباردة، دخلت في معظمها إلى الاتحاد الأوروبي، وأصبحت منضويةً تحت لواء الحلف الأطلسي. فروسيا الدولة الأكثر امتداداً في العالم بمساحتها القارية، والتي موانئها مجمدة ستة أشهر في السنة بسبب الجليد، ترى في خروج أوكرانيا من دائرة نفوذها وانتماءها للحلف الأطلسي استكمالاً لمسلسل إطباق الحصار عليها. ويرى المحللون الإستراتيجيون في الغرب أن أوكرانيا دخلت مرحلة الزوابع الخطرة مع انتصار فيكتور يوتشينكو وانفجار الأزمة السياسية الأخيرة، إذ أن الدولة الأوكرانية عينها مهددة في وجودها. فهذه الأخيرة عبارة عن كيان سياسي هش، مثل العديد من الكيانات السياسية الهشة الموجودة في العالم. وبالنسبة إلى العديد منها، فهو حافظ على وحدته السياسية إبان الحرب الباردة بفضل التوازن الاستراتيجي الذي كان قائماً بين الشرق والغرب. أما بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، فقد استعادت حركة التاريخ دورتها، نحو الأفضل أو نحو الأسوأ. فهناك دول أوروبا الشرقية وكذلك دول البلطيق التي كانت جزءاً من المنظومة السوفيتية وجدت ضالة استقرارها السياسي من خلال نيل عضويتها في حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي. وهناك دولة يوغوسلافيا السابقة التي تبلقنت، وتشظت بفعل التناقضات الغربية مع بداية 1990. وإذا كان المؤرخون وعلماء الجغرافيا يقرون بوجود أمة أوكرانية وهوية أوكرانية، إلا أن البلاد مقسمة الآن إلى قسمين متوازيين تقريباً على الصعيد الديموغرافي: قسم غني يقطنه السكان من أصل روسي وموال لروسيا، وقسم آخر أقل ثراءً، بسبب تدمير الزراعة في ظل النظام الشيوعي السابق، وهو غير متجانس، وموال للغرب. والحال هذه، يمكن القول إن اسمنت الهوية الذي يلحم الكيان السياسي الأوكراني هش. فهذه الهوية الرخوة تأسست خلال تاريخ اتسم بالسيطرة الأجنبية الشديدة في معظم الأحيان، البولندية – الليتوانية، الروسية، أو أيضاً النمساوية – الهنغارية، وحتى العثمانية، إضافة إلى الاحتلال النازي في عهد هتلر. وشهدت حدود البلاد ترسيمات عدة كما هي الحال في بولندا. وتعاني أوكرانيا من انقسامات عميقة بين المناطق الشرقية الصناعية من البلاد والناطقة بالروسية، التي تفضل تطوير العلاقات التقليدية مع روسيا، والمناطق الزراعية الناطقة بالأوكرانية، وهي تفضل تطوير العلاقات مع الغرب بما في ذلك الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي. لا شك أن إحداث تغيير مفاجئ في السياسة الخارجية لجهة التحاق أوكرانيا بالاتحاد الأوروبي والانضمام في عضوية الحلف الأطلسي، سيقود إلى ردة فعل من جانب روسيا، وإلى إطلاق ديناميكية انفصال قد تقود إلى حرب أهلية وتقسيم أوكرانيا. كما أن الاتحاد الأوروبي لا يبدو في الوقت الحاضر مستعداً جدياً لتحمل مسؤولية آفاق انضمام أوكرانيا إليه في المدى المنظور أو في المدى المتوسط. أما إدارة الرئيس بوش التي تخوض صراعاً تنافسياً مع روسيا للسيطرة على أوكرانيا، ومنيت بهزيمة في قمة بوخارست إزاء الدفاع عن الملف الأوكراني فتبدو حذرة، وتتهيب من الإسقاطات المدمرة لجهة فك روسيا تحالفها مع الولايات المتحدة على صعيد جبهة « الحرب على الإرهاب ». جورجيا وشغفٌ نحو الغرب لم تعد جورجيا تكتفي فقط بالتشبّه بدول الغرب، بل أرادت أداء دورٍ مركزيّ في هذه المجموعة من الدول، فأعلن الرئيس ساكاشفيلي: « فيما يتعلق بالغربيين، نحن شريكٌ مستقبليّ، ولسنا بلداً صغيراً يطالب بحمايتهم ». رغبة الجورجيين هذه بالاندماج في الغرب هي رغبة سياسية، لكنّها أيضاً إيديولوجية وعاطفية. الانتماء إلى الغرب هو الانضمام إلى عالمٍ يُنظر إليه على أنّه حديث، وهجر الماضي السوفيتي على أنّه قديم بالي. هذه هي ردّة فعل الخيال الاجتماعي على جميع الكوارث التي عانت منها هذه الأمّة، وفي مقدّمتها روسيا، التي ما زالت تُعتَبَر على أنّها سوفيتية. فقد كانت موسكو تُعدُّ لفترة طويلة هي الطريق إلى الحداثة: بنظر القومية الجورجية في القرن التاسع عشر، والمنشفيين الاشتراكيين الديمقراطيين في بداية القرن العشرين، والشيوعيين الجورجيين في حقبة مواطنيهما ستالين وبيريا. لكن هذه الصورة زالت في عام 1989، حين أطلق الجيش السوفيتي النار على المتظاهرين العزَّل في تبليسي، فقتل 19 شخصاً. ومنذ ذلك الحين، باتت روسيا هي الرمز لكل الإخفاقات التي عرفتها البلاد. ومن جهة أخرى، سمحت مشاعر العداء لروسيا بتآلف نخبة مزّقتها الانقسامات العميقة. وقد نتج العديد من التطورات السياسية عن هذه الاعتبارات العاطفية، لا بل الإيديولوجية. تبليسي تريد الانضمام إلى الحلف الأطلسي لكن في قمة بوخارست الخيرة، أجلت بعض الدول الأوروبية هذا الانضمام حتى لا تضع نفسها في مواجهة مع روسيا؛ التي تحتاجها أوروبا في مجال الطاقة. خلاف موسكو مع واشنطن حول نظام الدرع الصاروخي سعت واشنطن وموسكو إلى تقليل شأن الخلافات بين البلدين وفي مقدمها الدرع الصاروخية التي تعتزم الولايات المتحدة نشرها في شرق أوروبا، وذلك في أعقاب قمة الرئيسين الأمريكي جورج بوش والروسي فلاديمير بوتين والتي شكلت آخر لقاء بينهما قبل تسليمهما السلطة إلى خلفيهما. وفي هذا الإطار، التقى بوش على هامش الاجتماع مع بوتين في سوتشي، خلفه المنتخب ديمتري ميدفيديف الذي أكد عزمه على تطوير العلاقات مع الولايات المتحدة. غير أن رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية جنرال الجيش يوري بالويفسكى أكد وهو يتحدث في اجتماع أكاديمية العلوم العسكرية المكرسة للبحث في بنية العقيدة العسكرية الجديدة الروسية ومضمونها الأساسي إن نهج القيادة السياسية ـ العسكرية الأمريكية نحو الحفاظ على دورها القيادي في العالم يشكل خطراً فعلياً على أمن روسيا القومي. وقال بالويفسكى في حديث نُشِرَ في موقع وزارةِ الدفاع الروسية الالكتروني إن التقدير الشامل لتغيرات الوضع السياسي ـ العسكري والاستراتيجي ـ العسكري في العالم يتيح رؤية مجمل المخاطر المحدقة بأمن روسيا الاتحادية مشدداً على أن أكثر الأخطار احتمالاً المخيمة على أمن روسيا القومي في المجال العسكري خلال المستقبل المنظور ستنبثق من نهج القيادة السياسية ـ العسكرية الأمريكية الهادف إلى الحفاظ على زعامتها في العالم وتوسيع الوجود الاقتصادي والسياسي والعسكري في المناطق التي تتمتع فيها روسيا بحضور تقليدي. وفي ختام قمتهما، تبنى بوش وبوتين إعلاناً مشتركاً سجل معارضة الكرملين لمشروع الدرع الصاروخية وأكد في الوقت ذاته أن تطبيق الإجراءات التي اقترحتها واشنطن « مهم ومفيد ». وفي مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأمريكي، عبّر بوتين الذي سيغادر الكرملين في السابع من الشهر المقبل، عن »تفاؤل حذر » بشأن فرص التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة، فيما رحب الرئيس الأمريكي بـ »اختراق مهم » تحقق في مسألة الدرع الصاروخية، معترفاً في الوقت ذاته بأن على الولايات المتحدة « فعل الكثير لإقناع الخبراء بأن النظام (الصاروخي) ليس موجهاً ضد روسيا ». وأشار بوش إلى اتفاقه مع نظيره الروسي على إشراك أوروبا وروسيا في مشروع الدرع « كشركاء متساوين »، وقال إن بوتين اقترح هذه الفكرة في لقائهما السابق في أمريكا، « وهي الرؤية التي ننطلق منها ». ورد بوتين بالقول إن في وسع الأمريكيين إزالة مخاوف روسيا حيال منظومة الدفاع المضاد للصواريخ، و »نحن نرى أن ذلك ممكناً ». وأضاف « تأكدنا اليوم لأن شركاءنا الأمريكيين يتفهمون قلقنا ويسعون بالفعل إلى تبديده »، من خلال تفاهم خبراء البلدين على التفاصيل. كذلك أشار بوتين إلى خلافات مستمرة في شأن خفض الأسلحة الإستراتيجية قائلاً « هناك اختلاف في كيفية مقاربة الموضوع ». واعتبر الرئيس الروسي أن عجز حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن وقف توسعه شرقاً هو « استعراض للسياسة القديمة عندما كان ينظر إلى روسيا وكأنها عدو للغرب، غير أن الأمر اليوم مختلف ». ويعكس الموقف الروسي المتشدد حيال موضوع الدرع المضاد للصواريخ اقتناعاً بأن نشر المنظومات الصاروخية وشبكات الرادار على الحدود الروسية، يهدف إلى إحكام الطوق المفروض حول روسيا ومراقبة النشاط الصيني المتصاعد، ما دفع خبراء عسكريين إلى توقع سباق تسلح جديد. وعلى الرغم من أن موسكو أعلنت أنها لن تدخل في سباق من هذا النوع، فإن الموازنة العسكرية التي عرضت أخيراً أمام البرلمان تنص على زيادة الإنفاق العسكري على نحو ملموس، وتعويض عجز موسكو عن تحمل نفقات باهظة قد تفرضها الأوضاع الجديدة، بالاعتماد على تطوير تقنيات صاروخية حديثة وصنع أجيال جديدة من الصواريخ المتوسطة المدى، وتحديث الغواصات، إضافة إلى التعاون مع الحلفاء في دول « الرابطة المستقلة » لإنشاء أنظمة دفاع جوية مشتركة وغيرها من التقنيات التي تسعى موسكو من خلالها إلى تحسين قدراتها الدفاعية والهجومية. ومن نافل القول إن السياسة التي ينتهجها الرئيس فلاديمير بوتين تهدف بالدرجة الأولى إلى استعادة روسيا لنفوذها التقليدي في آسيا الوسطى، في ظل تزايد ما يمكن وصفه بالتهديدات للأمن الروسي من طرف حلف الأطلسي، الذي نقلت بعض وكالات الإعلام نبأ رغبته بنشر قواعد رادارات في أوكرانيا بعد انضمامها إلى الحلف. ومع أن مسألة العضوية الأوكرانية، والجورجية كذلك، في حلف شمال الأطلسي تبقى مسألة محاطة بالكثير من التعقيدات وقد لا تتحقق، لكن القيادة الروسية قررت على ما يبدو الاستعداد لما هو أسوأ، أي العضوية لهاتين الجمهوريتين في الحلف مع ما ستحمله هذه الخطوة من تهديد لروسيا. إن سعي روسيا لتحصين مناطق نفوذها جنوباً من جهة آسيا الوسطى، وغرباً من جهة بيلاروسيا من خلال منظمة اتفاقية الأمن الجماعي خطوات تحمل في جوهرها مواجهة مع واشنطن والناتو الذي ما زال يلعب دور الذراع الأمريكية في أوروبا وعلى الحدود مع روسيا. استفاقت روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي على واقع مقلق ومؤلم في آن، دولة نووية هائلة محاصرة في بحر من الفوضى والمشاكل والأزمات ـ الحرب المستعرة في الشيشان وتداعياتها على الاتحاد الروسي المتعدد القوميات والإثنيات، الأوضاع الاقتصادية المتدهورة نتيجة انهيار النظام السابق وعدم قيام نظام اقتصادي بديل، الأمر الذي ساهم في تفاقم الأوضاع وأدخل البلاد في مرحلة الفوضى الاقتصادية أو اللانظام ـ، ومعها استفاق الروس على دولة أفقدها « الترانسفير » الروسي إلى الشتات وقرارات الدمج التعسفي أيام الحقبة الستالينية، مقومات الدولة القومية، وأدى انهيار الاتحاد السوفيتي واستقلال جمهوريات أوكرانيا والبلطيق والقوقاز وآسيا الوسطى إلى فقدانها مقومات الدولة ـ الإمبراطورية. لم يستطع القائد الشيوعي السابق، بوريس يلتسين الذي ارتبط اسمه بالانقلاب المضاد على الشيوعية في روسيا، أن يفعل طوال عشر سنوات من الحكم ما يخفف من القلق على مصير روسيا ومستقبلها، لا بل على العكس من ذلك تعمقت خلال هذه الفترة أزمة الهوية الروسية وازدادت التباساً وتراجع دورها إلى حد بعيد في مجال السياسة الدولية حتى طاول هذا التراجع مجالات روسيا الحيوية في أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى وصولاً إلى العمق الروسي جراء تداعيات الحرب في الشيشان. ناهيك عن تورط الطاقم المحيط بالرئيس يلتسين ووسطه العائلي في قضايا الفساد والنهب المنظم لثروات روسيا وخيراتها. وما انفكت الإمبراطورية الروسية تتقلص باستمرار ، فبعد أن « خسرت » دول أوروبا الوسطى والشرقية، التي كانت تلقّب بالديمقراطيات الشعبية، والتي بعد أن أكملت تحررها انخرطت في الإتحاد الأوروبي ومنظمة حلف شمال الأطلسي، وكذلك الأمر لجمهوريات البلطيق الثلاث التي اندمجت في الإمبراطورية القيصرية منذ قرون، أما الدول الأعضاء في رابطة الدول المستقلة (أوكرانيا، جورجيا، مولدافيا، قرغيزستان) فقد اتجهت نحو النموذج الغربي (اقتصاد السوق، انتخابات حرة، وحرية التعبير) أصبحت روسيا ترى أن « محيطها المجاور الأجنبي » يفلت من تأثير النومونكلاتورا التي تربت في المدرسة السوفيتية، باستثناء (بيلاروسيا، أوزبكستان، وتركمنيستان) التي فضلت الإبقاء على علاقات وثيقة مع موسكو. وما أبعد من هذا التشقق الذي أصاب رابطة الدول المستقلة، هناك الصراع الأمريكي الروسي لتأكيد سيطرتهما على منطقة آسيا الوسطى. وقد برزت هذه المجابهة في وضح النهار عقب « الثورات الملونة » التي حملت إلى السلطة في جورجيا (نوفمبر 2003)، وفي أوكرانيا (ديسمبر 2004) قيادات تتبنى النموذج الغربي في الحكم، وتلقت تعليمها في أمريكا، وموالية لواشنطن، مثل الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي، والأوكراني فيكتور إيوتشنكو. يقول جايمس بينكرتون إن الولايات المتحدة تخطط لمحاصرة روسيا، وهي تنجح بذلك. لكن الهدف الحقيقي لتلك الإستراتيجية يتخطى روسيا، أو بالأحرى جنوب روسيا، إلى الشرق الأوسط. لكن ما يثير الاهتمام أن بوش لم يجد الكثير ليقوله عندما زار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. فـبوتين هو ستاليني جديد معارض للديمقراطية، يتحسر على سقوط الإمبراطورية السوفيتية. وهكذا، إن أراد بوش أن يكون متناغماً مع قناعاته، بتقديمه طرح « إستراتيجيته التقدمية للحرية »، لا يمكن أن يختار مسرحاً أفضل لإعلان « قرن الحرية » من الكرملن. والجدير ذكره أن الرئيس الأمريكي لا يهدف إلى تحويل روسيا، إذ لا يرغب الروس بالتحوّل، كما أن لديهم 22 ألف سلاح نووي. كما أن بوش ينوي تهميش روسيا، مع كشف واشنطن خطتها الحقيقية، التي تقوم على سلب موسكو حظوتها في أوراسيا. ولم تبدأ هذه الخطة مع بوش، إذ كانت إدارة كلينتون مددت حلف الناتو، حتى الحدود الغربية لروسيا. أظهرت أحداث الأعوام الأخيرة أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تستطيع بشكل انفرادي الهيمنة على العالم. ففشل الهيمنة الأمريكية في الشرق الأوسط وعدم التمكن من معالجة وفرة من المشكلات في أفغانستان والعراق، ووصول السياسة الأمريكية المتوجهة لعزل إيران وسوريا إلى مأزق، وممارسة ضغط شديد على كوريا الشمالية وصلت إلى طريق مسدود، كل هذه العوامل اقتضت المجاهرة بالحالة التي أصبح عليها العالم في ظل السعي الأمريكي لإقامة إمبراطورية عالمية جديدة. جدل فرنسي حول أفغانستان والأطلسي في الواقع شكلت حرب أفغانستان إذلالاً حقيقياً لـ »الحلفاء الأطلسيين » إذ بعدما عرضت الدول الأعضاء خدماتها الجماعية في 12 أيلول/سبتمبر 2001 عملاً بالمادة الخامسة من معاهدة 1949 حول التضامن الدفاعي بين الدول الأعضاء، لم تلقَ من واشنطن سوى تجاهل لها مجتمعة ودعوة انفرادية للانضمام إلى الحملة الأفغانية بحسب الحاجات التي تحددها القيادة الأمريكية. إزاء الإذلال المضاعف بالانحراف « الأحادي الجانب » من بوش وصقور البيت الأبيض، خشيت الدول الأعضاء من أن تنظر واشنطن إلى الحلف كصيغة عفا عليها الزمن. لقد استغلت إدارة بوش هذا الشعور في سعيها لإنشاء قوة الرد الأطلسية، وهي تتناسب من حيث حجمها مع حاجة فعلية للبنتاغون خصوصاً أنها تقوم على مبدأ مجالات التخصص. وقامت الدول الأوروبية بمد القوات الأمريكية بمساعدات محددة في المجالات التي تبرع فيها كل من هذه الدول. ومنذ مدة يعمل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ومستشاروه المقربون على بلورة سياسة جديدة لفرنسا في أفغانستان، ومراجعة مجمل السياسات العسكرية والأمنية الفرنسية في الخارج. والمسألة تتعلق بإرسال قوات فرنسية جديدة للقتال في المناطق الشرقية المحاذية للحدود الباكستانية، أين تتمركز القوة الدولية للمساعدة في إحلال الأمن (ايساف) التي يقودها حلف شمال الأطلسي، و التي تقاتل الجهاديين السلفيين من تنظيم القاعدة وقوات حركة طالبان. وخلال زيارة الرئيس ساركوزي لبريطانيا يوم 26 آذار/ مارس الماضي، طرح في الخطاب الذي ألقاه أمام البرلمان البريطاني زيادة عدد القوات الفرنسية العاملة في أفغانستان بمعدل يقارب 1000 عسكري، ليرتفع عديد القوات الفرنسية إلى أكثر من2500 جندي ينتشرون في مسرح العمليات في أفغانستان وفي قاعدة دوشنبي في طاجاكستان، وقوات الإنزال على ظهور حاملات الطائرات في إطار التفاهمات السابقة. ومع ذلك تبقى فرنسا في مرتبة بعيدة وراء غالبية الدول الأوروبية الكبرى. وكان ساركوزي برر قراره هذا بضرورة مساعدة السلطات الأفغانية على مواجهة الإرهاب والحؤول دون سقوط البلاد مجدداً في قبضة « طالبان ». وحسب تصريحات صدرت عن جان كلود ماليه رئيس الفريق المكلف بهذه المهمة، فإن طموح الرئيس ليس أقل من « وضع عقيدة جديدة » للأمن والدفاع، وفي هذا السياق جاء إعلانه من لندن خلال زيارته الرسمية لبريطانيا، عن اتجاه فرنسا للعودة إلى الهيئات العسكرية المندمجة للحلف الأطلسي التي انسحبت منها سنة 1966 وزيادة مساهمتها العسكرية في أفغانستان. قرار الرئيس ساركوزي هذا في لندن، جعل أفغانستان تظهر مجدداً على المشهد السياسي الفرنسي، ولاسيما داخل أروقة البرلمان الفرنسي حيث نددت المعارضة الفرنسية المتكونة من الاشتراكيين والشيوعيين والخضر، بقرار ساركوزي هذا، إذ قال فرنسوا هولاند السكرتير الأول للحزب الاشتراكي حول تعزيز التواجد العسكري الفرنسي في أفغانستان بأنه »خطأ ما دمنا لا نعرف ما هي أهداف هذا الحضور، وما دامت لا توجد رزنامة، ومهمة »، مضيفاً: « نحن الآن تحولنا إلى جيش احتلال ». فقد استعجلت المعارضة طرح القضية للمناقشة والتصويت عليها في البرلمان، قبل إقرارها في قمة الأطلسي في بوخارست التي انعقدت أيام 2و4 نيسان/أبريل الجاري، على الرغم من صعوبة ذلك من الناحية العملية، نظراً لسيطرة أكثرية اليمين التقليدي على البرلمان. وشعوراً منه بالاستياء العام من سياسته هذه وافق الرئيس ساركوزي على تنظيم جلسة في البرلمان حول موضوع إرسال قوات فرنسية إضافية لأفغانستان، وفقاً للتقليد المتبع في فرنسا، الذي يقضي بأن يناقش النواب أي قرار بإرسال قوات إلى الخارج. ويعتبر الخبراء الغربيون أن قرار ساركوزي بإرسال قوات إضافية لأفغانستان يعني أن فرنسا لم تعد تقف على مسافة من الوضع في أفغانستان من خلال الاحتفاظ بطياريها بعيداً عن الميدان، بل أصبحت الآن في خضم العملية، كما تشكل الخطوة أيضاً إجابة فرنسية على الطلب الأمريكي بحثِّ الحلفاء الأوروبيين على الانخراط أكثر في المسرح الأفغاني. والمغزى واضح من وراء ذلك، فالإدارة الأمريكية التي منيت بهزيمة ماحقة في العراق، تبحث عن انتصار يحفظ لها بعض ماء الوجه في أفغانستان، قبل الانتخابات الرئاسية في خريف السنة المقبلة. وينبع رفض المعارضة، ولاسيما الاشتراكية منها من الأمور التالية: أولاً: إن الاشتراكيين يرفضون نشر قوات إضافية في أفغانستان، لأنهم لا يريدون لفرنسا أن تتورط أكثر في « المستنقع الأفغاني »، نظراً للإخفاق الكبير الذي منيت به العملية السياسية والعسكرية، والثمن الباهظ في الأرواح والماديات، وسيطرة حركة طالبان على قرابة 70% من التراب الأفغاني. ومهما كانت مبررات ودوافع ساركوزي، فإن الأمر يشكل نقطة تحول في سياسات فرنسا. وليست المعارضة الاشتراكية فقط هي التي ترفض نشر قوات فرنسية في أفغانستان، بل إن قيادة الأركان الفرنسية تعتبر أنه لا مصلحة لفرنسا بالتورط أكثر على جبهة خاسرة. ثانياً: في محاولة لاستيعاب رفض المعارضة السياسية للانخراط الفرنسي مع الولايات المتحدة في المستنقع الأفغاني، رد الرئيس ساركوزي بأن نشر القوات الفرنسية سيتم في الغرب، لأن الجنود سوف يكونون هناك أقل تعرضاً للنيران. وهناك جملة من الأسباب دفعت فرنسا لاختيار الغرب، وأهمها هو أن عمليات القوات الدولية محدودة، وهناك سبب إضافي هو أن الفرنسيين يعرفون هذه المنطقة وينتشرون فيها منذ سنة 2003. وأوضحت قيادة الأركان الفرنسية أنها تفضل منطقة الغرب لأسباب تتعلق بالترابط المنطقي والفعالية، إذ سيكون من السهل تموين الآلاف من الجنود من كابول، حيث تتولى فرنسا قيادة منطقة الوسط بالتناوب مع ايطاليا وتركيا، وعلى المستوى السياسي يعتبر الغرب نقطة تقارب أمريكية فرنسية. لكن القضية بالنسبة للمعارضة تتجاوز ذلك إلى توجهات ساركوزي المؤيدة للسياسة الأمريكية، وغياب أفق واضح لهذه الخطوة على حد تعبير رئيس الوزراء السابق دومينيك دوفيلبان. وبات واضحاً للجميع أن مسرح العمليات العسكرية الأكثر عنفاً وشراسة هو الجنوب حيث تقع ولايتا هلمند وقندهار، حيث دارت هناك المعارك الأكثر شراسة مع طالبان، الأمر الذي يجعل من الإسناد هناك أكثر الحاحاً، ونظراً لصعوبة الموقف هناك، فقد مارس الكنديون الذين يتولون أمن قندهار في الأسابيع الأخيرة ضغوطاً كبيرة على الفرنسيين، وهددوا بسحب قواتهم من أفغانستان السنة المقبلة، إذا لم يتلقوا تعزيزات عاجلة في حدود ألف جندي، ولاسيما أنهم أصيبوا بخسائر كبيرة في الأشهر الماضية، على الرغم من أنهم يتلقون إسناداً من 2200 من عناصر المارينز الأمريكيين الذين سيبقون منتشرين في الجنوب حتى أكتوبر المقبل. فرنسا ساركوزي والعودة إلى الأطلسي شهدت قمة بوخارست الأخيرة للحلف الأطلسي إعلان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عودة فرنسا إلى القيادة العسكرية المشتركة للحلف الأطلسي، وذلك بعد 42 عاماً على انسحاب باريس منها. فالرئيس ساركوزي ومنذ مجيئه إلى قصر الإليزيه أراد أن يبلور سياسة خارجية جديدة لفرنسا مندفعة بقوة نحو « العولمة ». وليس من قبيل المصادفة أن عين على رأس الدبلوماسية الفرنسية بيرنار كوشنير « الشخصية المعولمة » إلى أبعد الحدود. لكن ساركوزي، مهتم بصورة خاصة بدور فرنسي متميز على المسرح الدولي، ولهذا يريد إتباع سياسة خارجية « أطلسية »، و »وضع عقيدة جديدة » للأمن والدفاع، وفي هذا السياق جاء إعلانه من لندن خلال زيارته الرسمية لبريطانيا يوم 26 مارس الماضي، عن اتجاه فرنسا للعودة إلى القيادة العسكرية المشتركة للحلف الأطلسي التي انسحبت منها فرنسا سنة 1966 وزيادة مساهمتها العسكرية في أفغانستان بمعدل يقارب 1000 عسكري، ليرتفع عديد القوات الفرنسية إلى أكثر من 2500 ومع ذلك تبقى فرنسا في مرتبة بعيدة وراء غالبية الدول الأوروبية الكبرى، وحتى الصغرى مثل هولندا التي تساهم بحدود 3 آلاف جندي. وكانت قمة الحلف الأطلسي التي انعقدت في بوخارست مؤخراً، هي المكان الذي شهد قرار فرنسا بالعودة إلى الجناح العسكري للأطلسي، وزيادة قواتها في أفغانستان. ويرى كثيرون في الوسط السياسي الفرنسي أن قرار ساركوزي يشكل خطوة جديدة يقدم عليها الرئيس الفرنسي باتجاه السياسة الأمريكية والحلف الأطلسي الذي كانت فرنسا انسحبت من قيادته في عهد الرئيس الراحل شارل ديغول. في العام 1958 ومع عودته إلى السلطة قام الجنرال ديغول بتحليل الوضع العالمي وما يتوجب على فرنسا استخلاصه. فالاتحاد السوفيتي لم يكن راغباً ـ أو ربما قادراً ـ على توسيع نفوذه باتجاه الغرب الأوروبي وهو يواجه بالإضافة إلى ذلك المنافسة الصينية، فكتب يقول: « إذا أحجمت عن الحرب فعليك في نهاية المطاف إبرام السلام ». فالتوازن النووي بين القوتين العظميين كان يمنعنهما من المواجهة المباشرة بأسلحتهما لكن في الوقت نفسه لا يمكن تأمين الحماية لأوروبا إلا بفضل الترسانة النووية الأمريكية. فاستخلص من ذلك كله أن على فرنسا استرجاع حرية تحركها بالتفلت من الحلف العسكري الأطلسي وإقامة علاقات جديدة مع الاتحاد السوفيتي والصين تهدف إلى « الانفراج والتفاهم والتعاون » مع بلدان « الكتلة الشرقية » والتزود بوسائل الردع النووي الخاصة بها. لم يقف زعيم أجنبي إلى جانب الولايات المتحدة سنة 1962 مثلما وقف ديغول، في المواجهة التي قادها الرئيس الأمريكي حينذاك جون كنيدي في ما عرف بأزمة الصواريخ السوفييتية في كوبا. ذهب الرئيس الفرنسي إلى واشنطن وألقى خطابا نارياً في الكونجرس الأمريكي، أبدى فيه كل التفهم والمساندة للموقف الأمريكي، إلا أن ديغول اصطدم بعد ذلك بسياسة الرئيس ليندون جونسون، الذي رفض أي درجة من الندية في العلاقات بين البلدين، كما تجاهل مصالح فرنسا، ولهذا اتخذ الزعيم الفرنسي قراره بالانسحاب من الجناح العسكري للحلف الأطلسي، وبدأ بشق الطريق لسياسة فرنسية جديدة في العالم قائمة على مراعاة مصالح بلاده، والتوازن في التعاطي مع النزاعات الدولية. وهكذا أعلن شارل ديغول، في 7 آذار/مارس 1966، وكان قد أُعيد انتخابه قبل ثلاثة أشهر رئيساً للجمهورية بالاستفتاء العام، مع حصوله على 55 % من الأصوات مقابل 45 % لفرانسوا ميتران- للرئيس الأمريكي لندن ب.جونسون انسحاب باريس من القيادة العسكرية المشتركة لمنظمة حلف شمال الأطلسي (التي تأسّست في العام 1949). بعد انسحاب فرنسا من القيادة العسكرية المشتركة للحلف الأطلسي، قام الجنرال ديغول بعدة مبادرات ضخمة: في 30 كانون حزيران/يونيو 1966، ذهب ديغول إلى موسكو، حيث دعا في خطابٍ مبثوث إذاعياً وتلفزيونياً، السوفييت والفرنسيّين إلى « التعاون » لكي « تستعيد قارّتنا القديمة، الموحّدة وغير المنقسمة بعد الآن، دورها السياسيّ العائد لها، للحفاظ على التوازن والتطوّر والسلام في العالم ». وفي الأول من أيلول/سبتمبر 1966، في بنوم بين، أدرك أنّ الحرب في فيتنام « لن تجد لها حلاً عسكرياً »، ودعا الولايات المتحدة إلى « العدول، بدورها، عن مغامرةٍ بعيدةٍ كونها تبدو دون منفعة ولا تبرير، وتفضيل تسوية دوليّة تنظّم السلام والتنمية لمنطقة مهمّة من العالم ». وفي 27 تشرين الثاني/نوفمبر 1967، أعلن ديغول أنّ إسرائيل، بعد حرب حزيران/يونيو التي ندّد بها، « تنظّم، على الأراضي التي استولت عليها، الاحتلال الذي لا يمكن تحقيقه دون قمعٍ وظلمٍ ونفي، وستتحرّك ضدّها مقاومة ستصفها بدورها بالإرهاب »… ولهذا السبب ألغى صفقة طائرات ميراج حربية كانت إسرائيل قد سددت ثمنها، قبل حرب حزيران/يونيو سنة1967. مع رحيل الجنرال ديغول لم يلتزم خلفاؤه ـ من جورج بومبيدو وصولاً إلى فرانسوا ميتران ـ بالسياسة الاستقلالية لفرنسا تجاه الولايات المتحدة الأمريكية، إذ يشهد التاريخ على أن أي من الرؤساء الفرنسيين لم يتخذ أي موقف سلبي من الأطلسي، بل إنهم أبدوا أكبر قدر من التعاون والعمل من خلاله في اللحظات الصعبة، وتجلى ذلك في مناسبتين مهمتين: الأولى هي أزمة اجتياح الكويت عام 1990، وهنا قرر الرئيس الفرنسي الأسبق فرانسوا ميتيران المشاركة إلى جانب واشنطن ولندن بتشكيل قوة أطلسية، لفرض حظر جوي على الطيران العراقي في شماله وجنوبه من دون قرار من مجلس الأمن. والثانية، بعد تفكك الاتحاد السوفيتي سنة 1991 إذ بدل أن يشكل ذلك مناسبة لإعادة النظر في النظام الأطلسي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة بالكامل، وافقت فرنسا بعدما عجز فرنسوا ميتران عن إقناع الدول الأوروبية الأخرى بإقامة نظام دفاعي أوروبي خارج حلف الأطلسي، على توسيع صلاحيات الأطلسي خارج الدائرة الجغرافية للمعاهدة التي تأسس بموجبها. وقد أعقب ذلك توسيع للحلف نفسه حين تدخل الأطلسي في أزمة البلقان، والذي كان له الدور الفاعل في وضع حد لحرب التطهير الإثني، سواء في البوسنة أو كوسوفو. أما الرئيس جاك شيراك، الوريث المُعلَن لديغول، اضطر من أجل تمرير فكرة إقامة نظام دفاعي أوروبي خارج حلف الأطلسي الموافقة على العودة إلى المنظمة العسكرية الأطلسية. بيد أن الاتفاق الموقع في برلين في حزيران/يونيو 1996 ينص على أن استخدام القوات الأوروبية مرهون بالموافقة والمتابعة والمساندة اللوجستية من قيادة الأطلسي أي الولايات المتحدة الأمريكية. وكان الإعلان الفرنسي ـ الألماني في 9 كانون الأول/ديسمبر هو الذي فتح الباب أمام إعادة دمج فرنسا في حلف شمال الأطلسي. وبعد عودة فرنسا إلى مجلس وزراء دفاع حلف الناتو ولجنته العسكرية، طالب الرئيس شيراك أيضاً بعودتها إلى القيادات المشتركة شرط تولّي أحد البلدان الأوروبية المتوسطية قيادة الخاصرة « الجنوبية »، الأمر الذي لم تتجاوب معه الولايات المتحدة. وكانت علاقات باريس مع واشنطن جيدة على الدوام باستثناء فترة قصيرة جداً لا تتجاوز العامين بسبب الأزمة العراقية التي وسّعت الهوة بينهما بشكل يصعب نسيانها أو ردمها بين نهاية سنة 2002 وحتى منتصف سنة 2004، إلى أن حصل « لقاء النورماندي » بين الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك ونظيره الأمريكي جورج بوش، الذي بلور القرار 1559 حول لبنان. أما الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وحتى قبل أن يصل إلى سدة الرئاسة، فقد كان يجاهر بإعجابه بالنموذج الأمريكي، وتشديده على « التحالف القوي » بين فرنسا والولايات المتحدة. وهو في هذه السياسة لا يقوم باختراق القاعدة، ولا يشكل استثناء فرنسياً في هذا الميدان، بل إنه يحاول استكمال طريقة الوجهة الأطلسية لأسلافه. وعلى العموم لقد تعزز قرار ساركوزي بالعودة إلى الهيئات العسكرية المندمجة، بوجود تيار في الأوساط العسكرية الفرنسية يضغط في اتجاه أن تحتل فرنسا موقعاً داخل الأطلسي يناسب مكانتها، وحجة هؤلاء تنطلق من مبررات منطقية، ترى أنه ليست هنالك أسباب تحول دون تولي المسؤولية في هرم القيادة العسكرية. ثم إن عودة فرنسا إلى الهيئات العسكرية في الأطلسي ليست جديدة، بل هي مطروحة منذ عدة سنوات، ومن المعروف أن فرنسا تساهم مساهمة تامة في حياة الأطلسي ولكنها، منذ قرار الانسحاب من الحلف، لم تعد ممثلة في هيئتين أساسيتين:لجنة الخطط الدفاعية، ومجموعة الخطط النووية. وقد تم النظر إلى هذا الغياب من طرف غالبية الأوساط الدبلوماسية والعسكرية الفرنسية على أنه أمر عبثي، ما دامت فرنسا حاضرة بقوة داخل الحلف، على صعيد الإسهام في العمليات العسكرية واللوجستية والتمويل. وترى أوساط مطلعة في باريس انه في حال قرر ساركوزي تعزيز العلاقات أكثر فأكثر مع الولايات المتحدة، فإن الأطلسي يشكل ممراً أساسياً، إلا أنهم يعتقدون بأن التوافق لن يكون مجانياً، وهناك من يخمن بأن الثمن ربما كان لعب دور أساسي، مثل تولي مسؤولية قيادة المنطقة الجنوبية في الحلف، ولكن باريس على الأرجح سوف تترك أمر التفاوض بصدد هذه القضية مع الإدارة الأمريكية القادمة. المصدر مجلة الوحدة الاسلامية تصدر عن تجمع العلماء المسلمين (شهرية- لبنان-) بتاريخ ماي 2008
السياسة الخارجية في « عهد » أوباما.. عصر « الواقعيين الجدد »
طارق الكحلاوي (*) في خضم حملة الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في ولاية أوهايو، تحديدا في 25 فبراير/شباط 2008 لاحظ السيناتور باراك أوباما خلال نقاش مغلق مع مجموعة من الناخبين في مدينة كليفلاند أن دعم إسرائيل لا يعني دعم حزب الليكود، ولم يجلب ذلك اهتمام وسائل الإعلام الأميركية الرئيسية بالقدر الذي جلب به اهتمام الصحف الإسرائيلية. كان ذلك بعد يوم من تصويت غالبية من الأميركيين المقيمين في إسرائيل لمصلحة السيناتور هيلاري كلينتون، وقد بدا ذلك مؤشرا على ميل الناخبين اليهود من الحزب الديمقراطي لكفة هيلاري على حساب أوباما. مشاكل أوباما مع « الصوت اليهودي » رافقته منذ بداية التصويت، خاصة على خلفية علاقته أيام كان نائبا في ولاية شيكاغو بزعيم « أمة الإسلام » لويس فرخان، ثم في خضم الحملة الانتخابية الجارية على وقع شائعات بأن أوباما « مسلم متخف ». وكان ذلك كافيا ليخسر أوباما أصوات يهود ولايات فلوريدا ونيويورك ونيوجيرسي وماريلاند بفارق رقمين أمام هيلاري. ولا يبدو أن هذا التأخر سيتقلص خاصة إزاء الأزمة الأخيرة التي تركزت فيها الأنظار على علاقة أوباما بأبيه الروحي في شيكاغو القس جيريميه رايت الذي دأب على انتقاد الممارسات الإسرائيلية على أنها « إرهاب دولة ». هذه الأرقام لافتة للانتباه، خاصة أنه منذ أقل من عام لم يكن هناك ما يشير إلى وجود دواع تفرق بين المرشحين أوباما وكلينتون لدى الناخب الأميركي على مستوى رؤاهما في السياسة الخارجية، مما قلص الآمال في تبني أوباما -الذي عارض بوضوح وانتظام الحرب على العراق عكس هيلاري- سياسة خارجية مختلفة بشكل أساسي عن سياسة منافسته الأولى. وقد بدا أن الجميع يتبنى فريقا شابا وضعيف الخبرة في السياسة الخارجية يعمل تحت نصح وإشراف السفير ريتشارد هولبروك الذي يحمل ميراث ما يمكن تسميته بـ »الواقعية التقليدية » في أوساط السياسة الخارجية للحزب الديمقراطي. غير أنه لم يكن من الممكن أن نعرف منذ ذلك الوقت المبكر مآل رؤى أي منهما خاصة في ظل نمو تيار جديد داخل الحزب منذ سنة 2004 تبنى تسمية « الواقعيين الجدد » كان يبدو رد فعل على تيار « المحافظين الجدد ». وبمعزل عن التقلبات المثيرة لأصوات الناخبين فإنه لا يبدو من غير الواقعية في الظرف الراهن، وبعكس هذا الوقت من العام الماضي، أن نتحدث عن فرضية « الرئيس » أوباما خاصة من الناحية الحسابية البحتة حسب استطلاعات الرأي الحالية. ومن ثمة أصبح التساؤل عن ملامح سياسته الخارجية موضوعا بالغ الجدية: كيف تبدو هذه الملامح إذن وفقا للمعطيات الراهنة؟ فريق أوباما للسياسة الخارجية مع نهاية صيف وبداية خريف 2007 تغير الكثير من المعطيات في الصراع الانتخابي داخل الحزب الديمقراطي. فبعدما كانت هيلاري كلينتون تتفوق بفارق عريض عن أقرب منافسيها باراك أوباما وجون إدواردز بدأت الموازين تتعدل بسرعة، واقترب أوباما بصمت وبقوة في حملته الانتخابية التي اعتمدت على المتطوعين وتبرعات المبالغ الصغيرة، مما ميزه عن كلينتون التي واصلت تقليد الاعتماد على المساهمات المالية القادمة من مساهمين كبار. وهذا الزخم الانتخابي يبدو الخلفية التي منحته الثقة للمضي قدما في تشكيل فريقه الخاص للسياسة الخارجية. وقد نشرت صحيفة واشنطن بوست في تقرير بتاريخ 2 أكتوبر/تشرين الأول 2007 معطيات عن تشكل واضح لفريقين مختلفين لدى كلينتون وأوباما. كان توجه هيلاري، مثلما هو متوقع، ضم وجوه عملت تقليديا في إدارة الرئيس كلينتون، وشكلت رموز سياسته الخارجية وهو ما يشمل على وجه الخصوص مادلين أولبرايت وصامويل بيرغر وريتشارد هولبروك، بالإضافة لوجوه سطع نجمها في السنوات الأخيرة، رغم قدمها في الساحة السياسية، بوصفها محافظة على المدرسة « الواقعية التقليدية » ومن بين هؤلاء كان ليسلي غيلب أبرز الأسماء التي ضمتها قائمة واشنطن بوست. مقابل ذلك كانت اختيارات أوباما تشير إلى توجهات مختلفة، ورغم أن قائمة فريقه للسياسة الخارجية ضمت وجوها عملت سابقا في إدارة الرئيس كلينتون فإنها كانت من الوجوه التي عُرفت بتصادمها مع سياسات الإدارة آنذاك وسجلت في أوقات لاحقة نزاهة سياسية لافتة. غير أن أكثر ما يلفت الانتباه في قائمة أوباما هو اختياره مستشاره الرئيسي في السياسة الخارجية زبغنيو بريجنسكي الذي برز في السنوات الأخيرة كصوت بالغ الحيوية، بالرغم من أنه وجه تقليدي في أوساط خبراء السياسة الخارجية في واشنطن منذ كان « مستشار الأمن القومي » للرئيس جيمي كارتر. ومعروف عن بريجنسكي توجهه مع الرئيس كارتر أكثر فأكثر نحو صف « الواقعيين الجدد » الذي ينادي بإعادة تقييم العلاقات الأميركية الإسرائيلية والدفع في اتجاه حسم الملف الفلسطيني على قاعدة الضغط على إسرائيل مقابل فتح قنوات الحوار المباشر مع الأطراف الفلسطينية التي تشغل صدارة قائمة وزارة الخارجية الأميركية « السوداء » خاصة حركة حماس. بريجنسكي برز أيضا مدافعا عن سياسة الحوار والتفاوض المباشر مع إيران وسوريا وبقية حلفائهما في المنطقة بما في ذلك « حزب الله ». ورغم تأخر علاقة أوباما المباشرة مع بريجنسكي حتى خريف 2007 فإنه لا تمكن المفاجأة بها من حيث مضمون أفكار كليهما، إذ يبدو العنوان الرئيسي الذي رافق حملة أوباما في ملف السياسة الخارجية أي « ضرورة التفاوض مع الأعداء لا الأصدقاء » صدى مباشرا لمقولات بريجنسكي. غير أن قائمة أوباما ضمت أسماء أخرى لا تقل أهمية رغم صيتها غير الذائع، مما جعل بعض التحاليل المعمقة التي قدمتها أصوات مؤثرة لدى « الناخب اليهودي » خلال الأشهر التي تلت خريف 2007، تصل إلى استنتاج مفاده أن نوايا أوباما الخارجية تمثل انقلابا على العلاقة التقليدية التي تربط الولايات المتحدة بإسرائيل. أوباما « معاد » لإسرائيل؟ كتبت أوساط مقربة من تيار المحافظين الجدد واللوبي الإسرائيلي على السواء سلسلة من المقالات حول تقييم السياسة الخارجية المتوقعة من قبل فريق أوباما، ومن أهم هذه المقالات تلك التي حررها إيد لاسكي محرر الشؤون السياسية لنشرية « أميركان ثينكر ». أولها مقال مبكر بعنوان « باراك أوباما وإسرائيل » يرجع 22 مارس/آذار 2007، يعرض فيه المؤشرات التي يجب حسب رأيه أن تجعل « المدافعين عن التحالف الأميركي الإسرائيلي يتوقفون للتأمل »، وتركزت ملاحظات لاسكي حول علاقات أوباما خاصة في مقر إقامته بمدينة شيكاغو وليس على مواقفه المعلنة. وهكذا أشار لاسكي من بين المعلقين الأول إلى مواقف « المرشد الروحي » لأوباما القس جيريميه رايت، وكذلك إلى « أصدقاء أوباما المعادين لإسرائيل » في شيكاغو مثل الناشط علي أبو نيمة. وقدم لاسكي في هذا الإطار سلسلة من التأويلات بناء على حضور أوباما وزوجته محاضرة في شيكاغو لإدوارد سعيد والتقاط صورة مشتركة لهما. لكن بقية ملاحظات لاسكي حول مواقف أوباما المعلنة كانت في اتجاه المزايدة من خلال التشكيك غير المبرر في آرائه التي تدعم بشكل واضح « الحلف الأميركي الإسرائيلي »، بما في ذلك ما جاء في خطاب له أمام « اللوبي الإسرائيلي » ممثلا في منظمة « إيباك ». لهذا كان مفهوما لماذا مرت انتقادات لاسكي في صمت آنذاك. غير أن لاسكي راجع مقاله الصادر في ربيع 2007 في سلسلة من المقالات الجديدة في الأشهر الأخيرة، 16 يناير/كانون الثاني و19 فبراير/شباط في نفس النشرية. كما كتب في نفس الاتجاه نوح بولاك في النشرية الأهم للمحافظين الجدد « كومنتاري » في نفس الفترة تقريبا 26 يناير/كانون الثاني 2008، فيما يبدو أنه حملة متوازية مع انطلاق الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي. ومن الواضح أن من أهم العوامل التي جعلت تحاليل لاسكي المبكرة ذات قيمة في شتاء 2008 قائمة فريق السياسة الخارجية لأوباما المعلنة في خريف 2007 والتي يبدو أنها دفعت الأطراف المؤثرة على « الصوت اليهودي » لحسم موقفها بشكل نهائي نحو مناصبة أوباما العداء. وهكذا بالإضافة إلى بريجنسكي كان من بين الأسماء التي « تدفع إلى الريبة » و »الخوف »، حسب لاسكي وبولاك، سوزان رايس التي سبق أن عملت مستشارة لدى المرشح السابق للانتخابات الرئاسية جون كيري، والتي تعرضت لانتقادات عنيفة من قبل أنصار « الحلف الأميركي الإسرائيلي » لمجرد أنها اقترحت تنصيب كل من جيمس بيكر وجيمي كارتر وسيطين أميركيين مكلفين بالإشراف على المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، وتم وصفهما حينذاك بأنهما « أشرس أعداء إسرائيل ». من بين الأسماء الأخرى روبرت مالي كبير المحللين حاليا في مجموعة « الأزمات الدولية » والمستشار السابق للرئيس كلينتون، الذي تميز برواية مغايرة للمفاوضات بين عرفات وباراك تحمل الطرف الإسرائيلي مسؤولية فشل المفاوضات في آخر عهد الرئيس كلينتون، وهو يُصنف من قبل لاسكي وبولاك طبعا على أنه « عدو » لإسرائيل. يتم التركيز كذلك، خاصة من قبل بولاك، على اسم آخر أساسي من فريق أوباما هو سامنتا باور الأكاديمية المختصة في حقوق الإنسان من جامعة هارفارد، التي تدافع بحماسة عن وجهات نظر زميليها في جامعتي هارفارد وشيكاغو ميرشايمر ووالت التي تدعو إلى مراجعة العلاقات الأميركية الإسرائيلية من خلال التوقف عن خدمة مصالح « اللوبي الإسرائيلي » في تقرير السياسة الخارجية الأميركية، وهو الأمر الذي يشكل حجر الزاوية في رؤى تيار « الواقعيين الجدد ». إن النفوذ القوي الذي يتمتع به تيار « الواقعيين الجدد » في فريق أوباما مسألة لم تعد غامضة، وهو مؤشر قوي على تعاظم نفوذ هذا التيار في أوساط السياسة الخارجية الأميركية في رد فعل واضح على فشل سياسات « المحافظين الجدد ». ومن هذه الزاوية من الطبيعي صدور رد فعل عنيف من قبل أوساط « اللوبي الإسرائيلي » المناصر بشكل قوي لصف « المحافظين الجدد » في السنوات الأخيرة، مثلما كان الحال في موازين السياسة الداخلية الإسرائيلية حين أصبح الصراع بين أطراف « متطرفة » وأخرى « أكثر تطرفا ». وأصبح موقف « اللوبي الإسرائيلي » في الولايات المتحدة المزايد حتى على بعض المواقف الإسرائيلية بارزا للعيان منذ أواسط التسعينيات، مما يصدم حتى بعض الأطراف الإسرائيلية كما يستنتج من تحاليل صحف مثل هآرتس. وفي هذا الإطار تحديدا يجب وضع الاتهام الموجه لأوباما -من خلال اتهام مستشاريه- بأنه « معاد » لإسرائيل، إذ يبدو ذلك مفهوما عندما يصدر من محللين مقربين من « المحافظين الجدد » مثل لاسكي وبولاك. من المبالغة وصف تيار « الواقعيين الجدد » بمعاداة إسرائيل، إذ يوجد كثير من البنى الاقتصادية والسياسية التي تمنع توجهات مماثلة من بلوغ أي نفوذ سياسي في الظرفية الراهنة للولايات المتحدة. وقد أظهر أوباما من الذكاء والفطنة ما يشير إلى أنه يعرف جيدا كيف لا يتعدى « الخطوط الحمر » وكيف يحقق التوازنات المطلوبة، لكن من الصحيح أيضا أنه خلف الشعارات المطمئنة بـ »دعم إسرائيل » تبدو « الواقعية الجديدة » في حال مراجعة جدية للدعم التقليدي وغير المشروط للسياسات الإسرائيلية. وهذا، بدون شك، أمر يستدعي الانتباه. (*) كاتب تونسي (المصدر: ركن المعرفة بموقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 11 ماي 2008
مطلب الغرب أن نحد من الفكر والنسل!
الطيب بوعزة يبدو أن لا علاقة تسوغ الربط بين هذين الحدين.. الحد من الفكر والحد من النسل، بل يمكن عدهما متباعدين على نحو قد لا يبرر هذا التوليف بسهولة، إذ ينتمي سؤال الحد من النسل إلى إشكالية سكانية ترتكز على رؤية مالتوسية للعلاقة الجدلية بين الثروة والسكان، في حين أن الحد من الفكر قضية تنتمي إلى حقل الثقافة وما يرتبط بها من أسئلة التقليد والتجديد. هذا صحيح، بيد أن الوصل بين هذين الحدين آت من ناظم مشترك نضعه منطلقا للتفكير والتوليف بينهما وهو الموقف الغربي من الآخر، حيث نعتقد أن المنطق الذي يحكم الموقف السياسي الراهن للغرب في علاقته مع الثقافات والحضارات المختلفة معه ليس فقط منطق التهميش، بل تجاوزه إلى الحد من الوجود أيضا، وضمن خطة الحد من الاستمرارية والوجود يأتي الحد من النسل والفكر ليشكلا معا مدخلين يتكاملان في إنجاز الإستراتيجية الغربية. » الحد من النسل والفكر يشكلان معا مدخلين يتكاملان في إنجاز الإستراتيجية الغربية, فالحد من النسل ترجمة لضيق الغرب من الوجود البيولوجي للآخر، والحد من الفكر هو بالضبط ترجمة لضيقه من وجوده الثقافي » فالحد من النسل ترجمة لضيق الغرب من الوجود البيولوجي للآخر، والحد من الفكر هو بالضبط ترجمة لضيقه من وجوده الثقافي. إن الغرب رغم لغطه الكثير بشعارات التعددية والقبول بالاختلاف، هو في نهجه السياسي وتجربته التاريخية، يسكنه نزوع نحو محو الاختلاف وإلغاء التعددية والتأسيس للهيمنة والتنميط. ذلك لأن الحضارة الغربية تأسست منذ زمنها الإغريقي والروماني على وهم الاستعلاء العرقي، والنظر في صيرورة تاريخها يخلص إلى أن هذا الوهم ظل ملازما لها في مختلف اللحظات، منذ فكرة أرسطو عن السيد الإغريقي، ومنذ قانون « المواطنة » الروماني، حتى فكرة التفوق الآري في الفكر الفلسفي الغربي المعاصر. فالحضارة الغربية لا ترتكز فقط على الاعتقاد بعلو فكرتها أو رسالتها، بقدر ما ترتكز على استعلاء أصلها العرقي! وهذه الرؤية الاستعلائية القائمة على فكرة أفضلية العرق لا نجدها تتداول على الهامش، أو في التيارات اليمينية الساذجة فقط، بل حتى على مستوى النخب، بدءا من التنظير لها مع جوبينو ورينان وانتهاء بصانع القرار السياسي الغربي اليوم. وفكرة الحد من النسل رغم التغليف الاقتصادي والاجتماعي الذي تقدم به تختزن في العمق هذا اللاشعور العرقي الدفين. ولست هنا بصدد نقد إطلاق النسل ولا نقد الحد منه، فليس هذا موضوع مقالنا، وإنما القصد هو الكشف عن الهدف الذي يسكن الرؤية الغربية ويوجه مشروعها السكاني ورؤيتها الإستراتيجية لكوكب الأرض. فالغرب يدرك أن الإنسان الغربي الأبيض حيوان في طور الانقراض، لذا يعمل على حفظ استمراريته بكل ما يمكن من وسائل، مع العمل على انقراض غيره بالحد من تناسله وتوالده. ومن هنا نفهم بعض المواقف التي تبدو حاملة لمفارقة بينما هي في الأساس منسجمة تماما مع ذاتها، من حيث الرؤية الإستراتيجية التي تؤسسها، لأنها أصلا لا تنطلق من مبدأ بل من رؤية متمركزة حول الأنا، مثل رؤية الرئيس الأميركي جون كينيدي الذي كان من أشد المعارضين لخطة « تنظيم الأسرة » داخل الولايات المتحدة، لكنه في ذات الوقت كان من أكبر المدافعين عن تطبيقها في دول العالم الثالث. » رغم الانتقادات الكثيرة التي هزت مصداقية رؤية مالتوس الاقتصادية, فإنها لم تدفع الغرب على مستوى خططه السياسية وإستراتيجيته الاقتصادية لأن يعيد التفكير في أنماطه الإنتاجية القائمة على اختلال وظلم التوزيع » إن هذه المواقف صادرة في الأصل عن عقيدة الاقتصاد السياسي الحداثي الذي قام منذ طبعته المالتوسية على بلورة فوبيا وجود الآخر، حيث قدم مالتوس في القرن التاسع عشر تنظيرا في غاية الاختزال لمشكلة الندرة، منتهيا إلى أن سببها راجع إلى أن سكان الأرض يزيدون وفق متوالية هندسية في حين تزيد الموارد وفق متوالية حسابية. ورغم الانتقادات الكثيرة التي هزت مصداقية هذه الرؤية المالتوسية، فإنها لم تدفع الغرب على مستوى خططه السياسية وإستراتيجيته الاقتصادية لأن يعيد التفكير في أنماطه الإنتاجية القائمة على اختلال وظلم التوزيع، فيعي أن أهم سبب لمشكلة الغذاء هو نهبه لشعوب الأرض وفرضه أنماطا إنتاجية وتوزيعية غير عادلة. وإذا رجعنا مثلا إلى النصوص المؤسسة للسياسة الأميركية تجاه إشكالية النسل، أقصد الوثائق الثلاث التي تم رفع السرية عنها مؤخرا وإخراجها للتداول العلني، تلك التي كتبها هنري كيسنجر وبرنت سكوكرفت بين عامي 1974 و1976 حيث كانت الوثيقة الأولى وعنوانها « مذكرة دراسة الأمن القومي » تهدف إلى تحديد أثر النمو الديمغرافي العالمي على أمن ومصالح الولايات المتحدة الأميركية. أما الوثيقة الثانية وعنوانها « مذكرة قرار الأمن القومي » فتهتم بوضع السياسات العملية لمواجهة الخطر الذي تم تشخيصه في الوثيقة الأولى، في حين كانت الوثيقة الثالثة وعنوانها « التقرير السنوي الأول » تشخيصا وتقويما لمدى نجاح تلك السياسات العملية.. أقول: بالرجوع إلى هذه الوثائق الثلاث، نلاحظ أنها كلها تقوم على النظر إلى أن تمدد وتوسع الوجود البيولوجي للشعوب الأخرى تهديد للوجود الأميركي والغربي عامة، وبالتالي تجب معاملته بوصفه « خطرا أمنيا ». إن الرغبة في الحد البيولوجي للشعوب الأخرى يرافقه حد آخر على المستوى الثقافي، فإذا كان تحديد النسل تحركه إرادة داروينية لبقاء الغرب مسيطرا ومتمتعا بثروات الأرض، فإن هناك أيضا رؤية تنميطية تستهدف الحد من التنوع والاختلاف الثقافي، يصل إلى حد إلزام الشعوب بتغيير ثقافاتها وتبديل مناهجها في التفكير والاعتقاد والقيم. فالغرب لا يقدم ثقافته ورؤيته للحياة كأحد المنظورات الممكنة، بل يقدمها بوصفها المنظور الوحيد الذي يجب أن يسود الأرض ويهيمن عليها. وهو قصد يتم العمل على تجسيده بمختلف الأساليب الملزمة بدءا بالترغيب وانتهاء بالترهيب. » نقد سياسة الهيمنة الثقافية الغربية لا يعني الدعوة إلى الانغلاق والجمود على مألوفنا في التفكير والعيش، بل لا بد من الانتباه إلى أننا في أمس الحاجة إلى تجديد طرائق تفكيرنا وحياتنا » وكمثال فقط على أسلوب الإلزام نشير هنا إلى أن البنك الدولي لم يعد -بل لم يكن يوما- مجرد مؤسسة للقرض، بل مؤسسة تتنطع إلى نمذجة وعي العالم بأكمله! حيث لا يقتصر على وضع شروط زمنية لأداء وسداد قروضه، بل يطالب فضلا عن ذلك بإنجاز مجموعة من التغييرات الثقافية التي تصل حد المناداة بتبديل جذري في المفاهيم التعليمية والقيم الاجتماعية. وختاما لابد أن أقول حتى لا يساء فهم القصد من هذه السطور.. إنني بتركيزي هنا على نقد سياسة الهيمنة الثقافية الغربية لست أدعو إلى الانغلاق والجمود على مألوفنا في التفكير والعيش، بل لا بد من الانتباه إلى أننا في أمس الحاجة إلى تجديد طرائق تفكيرنا وحياتنا، لكن هذا التجديد كي يكون فاعلا حقا لا ينبغي أن يكون محض استنساخ للتجربة الغربية، ولا أن يكون نتاج إلزام من قبلها. وكذلك الشأن بالنسبة لإشكالياتنا الديمغرافية، فلابد من اعتماد مقاربات تستجيب لمصالحنا نحن وتنسجم مع رؤانا وقيمنا الذاتية، لا لأجندة الآخر وأهدافه. ــــــــــــ كاتب مغربي (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 11 ماي2008)
القضية الفلسطينية في نهاية الطريق
فهمي هويدي (*) حلول العام الستين للنكبة مناسبة لإلقاء نظرة فاحصة على مشهد الصراع، لكي نفتش عما تبقى لنا من أوراق وخيارات، وما يلوح لنا من آفاق. (1) قرأت قصة الحاجة جميلة أبو عبية التي ولدت في قرية «سيدنا علي» بقضاء يافا في سنة 1930 التي هجرت مع أسرتها بعد حرب عام 1948 إلى قرية «المقيبلة» شمال جنين. وبعد حرب 1967، انتقلت إلى العيش في نابلس، وظلت طول الوقت تحتفظ بمفتاح بيت أسرتها في قرية سيدنا علي. ومع المفتاح احتفظت بكافة الأوراق الرسمية التي تثبت ملكية البيت، كما انها لم تفرط في بندقية قديمة مما اقتنته أسرتها لتدافع عن بيتها وأرضها في عام 1948، اشتهرت الحاجة جميلة بقوة ذاكرتها وحجتها، حتى أصبح بيتها في نابلس مقصداً لمختلف الزائرين والباحثين المهتمين بالقضية، الذين كانوا يعتبرونها شاهدا حيا للتاريخ، لا يريد أن ينساه، ولا يريد أن يفرط في حق العودة إلى داره التي طرد منها، ويذكرون لها انها استقبلت ذات يوم المسؤول الأول عن وكالة الغوث الدولية، الذي سألها عما اذا كانت تقبل مليون دولار تعويضا لها عن أرض أسرتها ومنزلها في قرية سيدنا علي. فكان ردها: وفر مليونك وأعطني بدلا من ذلك خيمة أقيمها فوق تراب بيتي الذي هدم، اقضي فيها بقية حياتي. ذلك لم يحدث بطبيعة الحال، ولكن الذي حدث ان الحاجة جميلة قامت في سنة 2005 بزيارة لبعض اهلها في قرية «المقيبلة» الذين هاجروا معها في سنة 48، ثم دفعها الحنين إلى زيارة مسقط رأسها في «سيدنا علي»، وهو ما ظلت تحلم به طول الوقت، وشاءت المقادير أن تكون صورة القرية هي آخر ما وقعت عليها عيناها من فلسطين. لأنها ماتت بعد ذلك بأربعة أيام. أبو السعيد فلسطيني آخر من جيل الحاجة جميلة، في عام 48 اضطرت عائلته إلى الهجرة من قريتهم «مجد الكروم» التي تطل على البحر قرب عكا، نزحوا إلى مدينة الخليل في الضفة أملاً في ان يعودوا إلى قريتهم بعد ذلك. مرت السنوات سراعا ولم يعودوا. فاستقر بهم المقام في الخليل. لكن «الإسرائيليين» احتلوها في عام 67، فهاجر الرجل مرة ثانية إلى عمان ليستقر في مخيم الوحدات. ومن عمان ذهب إلى الكويت للعمل هناك. لكن احتلال العراق للكويت في عام 90 اضطره للهجرة مرة أخرى إلى الأردن، ولا يزال يقيم هناك إلى الآن، إلا أنه بعدما بلغ من العمر 75 سنة فقد الأمل في العودة إلى قريته أم الكروم، التي محيت من الخريطة الفلسطينية في طبعتها «الإسرائيلية»، لكنه واثق من أن واحدا من احفاده الــ 25 سيعود في يوم لا يعرفه، لكنه يحلم به كل يوم. (2) ليست هذه قصة اثنين من فلسطين، ولكنها قصة اكثر من ستة ملايين شخص من امثالهما يعيشون في الشتات منذ ستين عاما هناك ثلاثة ملايين آخرين نصفهم يعيشون في قطاع غزة والنصف الآخر لا يزال باقيا داخل إسرائيل. ولا يزال كبار السن يحملون مفاتيح بيوتهم التي طردوا منها وأوراقهم التي تثبت ملكيتهم لها، وهؤلاء هم الذين طردوا في عام 48 من 530 مدينة وقرية، ومن 662 ضيعة ونجعاً. رحلة الستين عاما يوزعها الدكتور علي الجرباوي استاذ العلوم السياسية بجامعة بير زيت بين ثلاث مراحل هي: «النكبة» التي اقترنت باستيلاء الصهاينة بالقوة المسلحة على 78% من ارض فلسطين عام 48 وأقاموا عليها دولتهم، و«النكسة» التي اتمت فيها «إسرائيل» سيطرتها على كامل الأراضي الفلسطينية في عام 67، و«الهلكة» التي بدأت باتفاق أوسلو عام 93 أفضل تسميتها «الوكسة» التي تطلق في العامية المصرية على الخيبة الكبرى، وهي المستمرة إلى الآن. والتي عملت فيها على تقنين اخضاع الفلسطينيين واضفاء الشرعية على الاراضي التي احتلتها في عام 67. خلال الخمس عشرة سنة الأخيرة تحركت «إسرائيل» على أربعة مستويات. الأول استمرار التفاوض مع قيادة السلطة الفلسطينية لكسب الوقت والحصول على المزيد من التنازلات -الثاني تدمير المقاومة الفلسطينية من خلال التصفية الجسدية والاجتياحات- الثالث التمدد على الأرض من خلال الاستيطان وإقامة السور الذي ابتلع المزيد من الأراضي- الرابع اختراق العالم العربي من خلال التطبيع المعلن وغير المعلن. طوال الخمس عشرة سنة هذه تعددت المشاريع والمبادرات والخطط التي طرحت لتسوية الموقف والبحث عن حل «نهائي» للقضايا العالقة بين الفلسطينيين و«الإسرائيليين»، وكانت آخرها «خريطة الطريق» التي طرحتها الادارة الأمريكية في عام 2003 ورؤية بوش «2004» التي تبنت فكرة إقامة الدولتين الفلسطينية إلى جانب «الإسرائيلية»، وتحددت نهاية العام الحالي «2008» موعداً لإقامة الدولة الفلسطينية. خلال الفترة ذاتها حدثت ثلاثة تطورات مهمة في الساحة العربية. أولها الإعلان الرسمي عن اعتبار السلام خيارا استراتيجيا للعرب في تعاملهم مع «إسرائيل» – خياراً وحيداً ان شئت الدقة ــ وثانيها اعلان المبادرة العربية في قمة بيروت «2002» التي عرض فيها القادة العرب الاعتراف والتطبيع الكامل مع «إسرائيل» في مقابل انسحابها من الأراضي التي احتلتها في عام 67 – ثالثها إعادة اصطفاف الدول العربية وانقسامها إلى اقطار معتدلة وأخرى متطرفة. الأولى تعتبر ان ايران هو العدو وليس «إسرائيل»، والثانية على العكس ترى في «إسرائيل» العدو الحقيقي وليس إيران. ولأن الدول الأولى هي الأكبر عددا والأقرب إلى الولايات المتحدة و«إسرائيل»، فإن ذلك أدى إلى تهميش القضية الفلسطينية وتراجع أولويتها عربيا. (3) الموقف العربي أدى إلى طمأنة «إسرائيل» استراتيجيا، إذ لم يعد يقلقها في العالم العربي سوى حزب الله والموقف السوري الممانع «حتى الآن» والمستضيف لقيادات المقاومة. فحكاية السلام كخيار استراتيجي أراحتها كثيرا، ورفضها للمبادرة العربية لم يغضب الدول التي تبنتها، وحين انطلت على العرب حكاية الدول المعتدلة والمتطرفة فإن ذلك بعث إليها برسالة تقول «إن بعض العواصم العربية لم تعد ترى في «إسرائيل» الخطر الأول». وعندما انضاف إلى ما سبق انقسام الصف الفلسطيني بين فتح وحماس، فإن ذلك وفر لها فرصة لا تعوض سواء مماطلة الطرف الفلسطيني المفاوض لها، الذي صار أضعف ولم يعد يمثل اجماعا فلسطينيا، أو للاستفراد بعناصر المقاومة في غزة ومحاولة تدميرها من خلال الحصار والاجتياحات والغارات المستمرة. ولأنها كانت مطمئنة أيضا إلى أن الادارة الأمريكية مؤيدة لها على طول الخط، فإن مجمل هذه العوامل شجعها على التمادي في المراوغة والتشدد. إذ بعد اكثر من 20 اجتماعاً بين أبو مازن وأولمرت. وأكثر من 50 لقاء بين أبو قريع رئيس الفريق الفلسطيني المفاوض وبين تسيبي ليفني وزيرة الخارجية «الإسرائيلية»، وبعد 15 زيارة قامت بها كوندوليزا رايس للمنطقة بهدف تحريك مفاوضات السلام، كان العرض «الإسرائيلي» للحل النهائي كالتالي: «منطقة القدس الكبرى»، مستثناة من التفاوض، وهي جزء من دولة «إسرائيل» تم ضمه اليها عام 1967، وهي تمتد من أطراف رام الله إلى أطراف مدينة بيت لحم. «منطقة الحوض المقدس»، التي تشمل البلدة القديمة في القدس، وحي سلوان، تكون السيادة عليها «إسرائيلية»، مع ادارة فلسطينية أو إسلامية للمسجد الاقصى والاوقاف الإسلامية. «الكتل الاستيطانية» في الضفة الغربية، يتم ضمها كلها إلى «إسرائيل»، ويحق لهذه الكتل ان تتوسع أفقيا لتحقيق التواصل الجغرافي فيما بينها أما الأراضي الفلسطينية المقطعة فمسموح لها فقط أن تتواصل من خلال الجسور والأنفاق. «منطقة غور نهر الأردن»، تبقى تحت السيطرة «الإسرائيلية» مع مستوطناتها، وهي تشمل منطقة واسعة بعمق 17 كلم تمتد من نهر الأردن إلى اطراف منطقة طوباس. «قضية اللاجئين»، ترفض حكومة أولمرت عودة أي لاجئ فلسطيني إلى دولة «إسرائيل»، وتوافق على لم شمل لعشرة آلاف شخص فقط. هذه المقترحات الصادمة أعدها مكتب أولمرت وابلغت إلى أبو مازن، كما عرضتها تسيبي ليفني على أحمد قريع ولخصتها بثلاث نقاط: سيطرة «إسرائيل» على الكتل الاستيطانية، وسيطرة «إسرائيل» على منطقة القدس، وسيطرة «إسرائيل» على غور الأردن. (4) هذه النقاط الخمس نقلتها عن مقال كتبه الأستاذ بلال الحسن الصحافي والسياسي الفلسطيني البارز في جريدة «الشرق الأوسط» في 5/4 الحالي، ليس فقط ثقةً في اطلاعه ومصادره، ولكن ايضا لانها تعبر بدقة عن المضمون الذي خلص اليه اثنان من الباحثين «الإسرائيليين» المهمين في كتابين صدرا هذا العام، وعرضهما هنري سيجمان وهو باحث يهودي محترم في عدد 10 أبريل من مجلة لندن ريفيو اوف بوكس، وقد اشرت الى هذين الكتابين في مقام آخر. والكتابان هما «امبراطورية الصدفة» لمؤلفه جيرشوم جورنبرج و«آسياد البلاد» لمؤلفته ايديث زرتال. والكتابان يقولان بصراحة إن «إسرائيل» لم تكن جادة في أي وقت في مناقشتها لموضوع الدولة الفلسطينية المجاورة، لكنها عملت طول الوقت على استحالة قيام تلك الدولة من الناحية الجغرافية، عن طريق تكثيف اقامة المستوطنات في الضفة، ليصبح نهر الأردن هو الحد الشرقي لها. وغاية ما تقبل به في ظل الخلل الحالي في موازين القوة هو إقامة حكم ذاتي فلسطيني تحت السيطرة الاستراتيجية «الإسرائيلية» الكاملة. الإحباط الذي عبر عنه أبو مازن أكثر من مرة في الآونة الأخيرة يدل على ان الرجل ادرك في نهاية المطاف أن «إسرائيل» لن تقدم له شيئاً يحفظ ماء الوجه. فإذا لم يستطع ان يطلق أسيرا فلسطينياً واحداً ولم ينجح في إزالة شيء من الــ 600 حاجز التي وضعتها «إسرائيل» لتعذيب الفلسطينيين وشل حركتهم، وفشل في ان يوقف غول الاستيطان الزاحف، فلن يكون بوسعه ان ينجز شيئاً مما وعد به في موضوع الدولة التي عاصمتها القدس. وبعد أن تواترت التصريحات والتعليقات الفلسطينية التي تحدثت عن الفشل تلو الفشل في المفاوضات، وجدنا المتحدث باسم الرئاسة نبيل أبوردينة يصرح لصحيفة «الأيام» الفلسطينية في 6 مايو الحالي بأن أبو مازن سوف يضطر لاتخاذ «قرارات دراماتيكية» إذا لم يستطع التوصل إلى اتفاق مع «الإسرائيليين» في المفاوضات الجارية. ليس معروفا على وجه الدقة ما هي طبيعة هذه الإجراءات، لكن القرائن التي بين أيدينا تدل على ان أبومازن وصل إلى «نهاية الطريق» في سيره وراء خريطة الطريق. وان المفاوضات صارت عبئا على القضية وليس عونا أو حلا لها، وان التقدم نحو حل الدولتين لم يحقق أي خطوة إلى الأمام خلال الخمس عشرة سنة التي حلت فيها «الوكسة». الدكتور علي الجرباوي لا يرى مخرجا من المأزق إلا باعلان حل السلطة الفلسطينية والعودة إلى الاحتلال «الإسرائيلي» مرة ثانية، واحتشاد الجميع وراء النضال لإقامة الدولة الواحدة. وقد أخبرني ان استطلاعاً أجري مؤخراً في الأرض المحتلة بين ان 30% من الفلسطينيين يؤيدون هذا الحل، الذي يبدو ان انصاره يتزايدون بين المثقفين الفلسطينيين الذين يقف الدكتور عزمي بشارة في مقدمتهم. وكان أحدثهم الكاتب الفلسطيني ماجد كيالي الذي كتب مقالا قبل أيام دعا فيه إلى التفكير في حل السلطة «الحياة اللندنية 5/5» – ان وصول الجميع إلى نهاية الطريق يتطلب إعادة التفكير بصورة جذرية في البدائل المتاحة. (*) كاتب ومفكر من مصر (المصدر: صحيفة « الشرق » (يومية – قطر) الصادرة يوم 13 ماي 2008)