TUNISNEWS
6 ème année, N° 2031 du 13.12.2005
المؤتمر من أجل الجمهورية: بيان الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنســان فرع جندوبة: بيــان زهير لطيف: دعوة لدعم مشروع Jasmin TVالعربية.نت : المعارضة التونسية ترفض « تخوين » بن علي لها.. وفرنسا ترد بالصمت القدس العربي: مساعد وزيرة الخارجية الامريكية يلغي زيارة له الي تونس والجزائر قدس برس: المؤتمر العالمي الثامن عشر لمنتدى الفكر المعاصر بتونس
رابح الخرايفي: بلدية جندوبة لا تضطلع بدورها البلدي
مهاجر بن محمد: أليست الكرامة مقصدا نسفك من أجله دماءنا؟ نصرالدين بن علي: إضراب الأسير عن الطعام: رؤية فقهية الصباح الأسبوعي: كل التفاصيل عن منحة التربص للمحامين المتمرنين وكيفية صرفها الصباح الأسبوعي: صدور مصنف ضخم عن حقوق الانسان وكتاب يشرح مواد الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصباح: هل من أجل هذا اختلف المختلفون في اتحاد الكتّاب التونسيين؟ الصباح الأسبوعي: كتاب يؤرخ للاستقلال على ذمة العموم ومعرض وثائقي ضخم بشارع بورقيبة
برهان بسيس: تونس والمقاربة حول حقوق الإنسان
عبد الحميد الرياحي: عندما تتمكن حمّى الاستعمار.. من الجسد الفرنسي !حقائق: القضاة في مؤتمرهم الاستثنائي: التنافس.. الكواليس.. جمال العرفاوي: تعقيبا على زياد كريشان: … هذا صوت الصامتين
رضا الملولي: التلفزة في حاجة الى ثورة ثقافية… حقائق: نواب التجمع… نواب المعارضة: التداخـل والتمايـز منذر بالضيافي: «الجزيرة» .. لحظة فارقة في العصر الأمريكي
الصباح الأسبوعي: الوجه الاخر للمرحوم الحطاب الذيبد. عبدالوهاب الافندي: في مكة: قمة اسلامية في غياب ممثلي الأمة القدس العربي: إخوان مصر يتعهدون بمواصلة الإصلاح ومحاربة الفساد وتعديل الدستور
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows). |
دعوة لدعم مشروع Jasmin TV
زهير لطيف
أثبتت كل التجارب بأن الحل الأفضل والعملي للوصول الى أكبر عدد ممكن من التونسين سواء بالداخل أو بالمهجر هو مخاطبتهم عبر قناة فضائية تنمّي الملكة النقدية وتعيد المواطن التونسي الى اهتمامه بالشأن العام. كما وتعرّفه عن قرب بالصوت والصورة بواقع البلاد في مختلف المجالات
وبعد استشارة العديد من الأطراف الفاعلة فى الحقل الاعلامي والسياسي و الجمعياتي في البلاد وفي المهجر، استنتجنا وجود حالة من الاجماع حول ضرورة وجود منبر اعلامي مرئي فضائي.
وقد عملنا منذ الشروع فى اعداد هذا المشروع على ضرورة احترام المواصفات التقنية والفنية تماشيا مع التطور الكبير الذي يشهده قطاع الاعلام المرئي كما عملنا على الحصول على ذبذبة أو موجة في الهوت بورد حيث أهم المحطات كالجزيرة والعربية وهي أكثر مشاهدة بين التونسيين أما البرامج فقد حرصنا على تنوعها أيضا لتلمس أكبر عدد ممكن من الفئات الاجتماعية
وسنبدأ ببث أربع ساعات كل يوم أحد بداية من الثانية عشر وحتى الساعة الرابعة بعد الظهر ويعاد البث كل يوم خميس على الساعة الحادية عشر ليلا و تتضمن الفقرات التالية:
أولا: نشرة أخبار المجتمع المدني للمنظمات الفاعلة داخل تونس وخارجها
ثانيا: ساعة حوراية تتناول كل مرة موضوع للنقاش
ثالثا: لقاء مع شخصية عالمية تهتم بالشأن التونسي
رابعا: قضايا الناس وتهتم بمشاغل الناس وهمومهم
خامسا: تونس من خلال الصحافة العالمية
سادسا: مع الطلبة في تونس والخارج
ويمكن اقتراح فقرات أخرى كما سنحاول اعطاء مساحة للفن الجاد والذي أقصي من المساحات الاعلامية منذ فترة طويلة اضافة الى الاهتمام بالتونسين في المهجر و ظروفهم وخاصة الذين يعيشون أوضاعا صعبة. هذا وسنعمل على منح الفرصة لكل التوجهات السياسية والفكرية بدون اقصاء لأي طرف. لذا نرجو منكم ابداء آرائكم حول المحتوى واعلامنا بكيفية استعدادكم لدعم هذه القناة ماديا وأدبيا والتي لن يتم نجاحها الا بتظافر كل الجهود. هذا وسنعمل على تشكيل هيئة تحرير من الداخل والخارج للمساهمة في محتويات البرامج
لمزيد من المعلومات يرجى الاتصال بادارة المشروع على العنوان الالكتروني التالي: jasmintv@tunisieinfo.net
(المصدر: « قائمة مراسلات 18 أكتوبر » بتاريخ 13 ديسمبر 2005)
ردت على وصف الرئيس التونسي لها بـ »عدم الاحساس الوطني »
المعارضة التونسية ترفض « تخوين » بن علي لها.. وفرنسا ترد بالصمت
تونس – سليم بوخذير
ردت أحزاب المعارضة التونسية على ما أسمته ب »تخوين » الرئيس التونسي زين العابدين بن علي لها في خطابه يوم السبت 10-12-2005، بمناسبة ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان .
وقال حمة الهمامي أمين عام حزب العمال الشيوعي التونسي المحظور لـ » العربية نت » » إنه ليس غريبا أن يشكك بن علي في وطنية دعاة الإصلاح لأنه تعود أن يصفهم بصفات من هذا القبيل في خطابات سابقة » على حدّ قوله. وكان الرئيس التونسي وصف في خطابه البعض ب »غياب الإحساس الوطني لديهم » في إشارة إلى المعارضين .
ورد الهمامي على الوصف الرئاسي للمعارضين متسائلا » من الأحق بأن يتهم بغياب الإحساس الوطني لديه ، هل من يطالب بالحرية للشعب و حقوق الإنسان ، أم من سمح بالفساد ونشر غلاء المعيشة والبطالة وفرط في الخيرات إلى الأجانب وإلى أقلية محلية جشعة ثم وضع يده في يد « ضيفه » الإسرائيلي » في إشارة إلى استقبال الحكومة التونسية لوزير الخارجية الإسرائيلي شالوم في نوفمبر –تشرين الثاني الماضي.
واعتبر رشيد خشانة عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي المرخص له، خطاب الرئيس » إمعانا في تجاهل مطالب المجتمع المدني التي في مقدمتها إطلاق حرية الإعلام والإفراج عن سجناء الرأي والسماح بنشاط المنظمات والأحزاب المحظورة » حسب قوله.
وقال خشانة ل » العربية نت « ، » من الغريب أن يتجاهل الرئيس مطالب حقوق الإنسان في خطاب اليوم العالمي لحقوق الإنسان بالذات ».وتابع » والأغرب أن يطعن أعلى هرم السلطة في وطنيّة من يطالب بحقوق الإنسان والحرية وهو ما سيؤدي إلى مزيد احتقان الحالة التونسية بشكل غير مسبوق ينطوي على مخاطر بالغة تتجاهلها الحكومة ».
وردّ عبد الرؤوف العيادي نائب رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية وأحد المعارضين الثمانية الذين أضربوا إلى غاية القمة العالمية لمجتمع المعلومات، على الخطاب بقوله » إن الوطن ليس قصر الرئاسة بقرطاج حتى يجوز اعتبار الموالين له هم الوطنيون والمعارضون له هم الخونة ».
وتابع » كل الدنيا تعلم أن مطالبتنا بالحريّة لهذا الشعب وإرساء حقوق الإنسان نابع من حبنا للوطن وللوطن فقط، ومن يحرم الشعب من كل هذه الحقوق منذ سنوات هو الجدير بأن يسأله الناس عن مدى وطنيته » حسب قوله.
و لم يسجل المراقبون إلى الآن أيّ تعليق من الحكومة الفرنسية على إشارة الرئيس التونسي الضمنية لها في خطاب السبت الماضي، عندما قال » الأطراف التي تحنّ إلى ماض قد ولّى منذ ظفر هذا الشعب الأبيّ بالاستقلال والسيادة ».
(المصدر: موقع العربية.نت بتاريخ 13 ديسمبر 2005)
مساعد وزيرة الخارجية الامريكية يلغي زيارة له الي تونس والجزائر
تونس ـ يو بي أي: ألغي ديفيد ولش مساعد وزيرة الخارجية الامريكية لشؤون الشرق الاوسط وشمال افريقيا زيارة له كانت مقررة لتونس.
ولم توضح السفارة الامريكية بتونس سبب الغاء هذه الزيارة التي كانت اعلنت عنها في وقت سابق، واكتفت بالقول في بيان وزعته امس الاثنين انه تعذر علي ديفيد ولش القيام بزيارة تونس التي كانت مقررة من قبل بسبب تغيير طارئ علي برنامجه . وكانت السفارة الامريكية بتونس قد اشارت في بيان سابق الي ان ولش سيصل مساء امس لتونس في زيارة رسمية يجري خلالها مباحثات مع كبار المسؤولين التونسيين، وانه يعقد اليوم الثلاثاء مؤتمرا صحافيا.
يشار الي ان والش كان قد وصل امس الاول الي العاصمة الليبية في زيارة رسمية اجتمع مع خلالها مع رئيس الوزراء محمد شكري غانم ومع وزير الخارجية عبدالرحمن شلقم، وبحث معهما سبل تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين في كافة المجالات خلال الفترة القادمة واستعراض الاوضاع في فلسطين والعراق. وكان والش قد انهي قبل ذلك زيارة للاراضي الفلسطينية التقي خلالها مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وعدد من المسؤولين الفلسطينيين.
وفي الجزائر قال مسؤول بالخارجية الجزائرية أن واشنطن ألغت الزيارة التي كان من المقرر أن يقوم بها ولش إلي الجزائر. وقال المسؤول أن المسؤول الأمريكي قرر تأجيل زيارته للجزائر إلي اجل غير محدد، مشيرا إلي أن الجزائر لا علاقة لها بقرار التأجيل.
وأكد المسؤول الجزائري أن تأجيل الزيارة لا يؤثر علي علاقات البلدين التي وصفها بأنها جيدة ومستمرة .
(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 13 ديسمبر 2005)
المؤتمر العالمي الثامن عشر لمنتدى الفكر المعاصر بتونس:
عالم العروبة والإسلام يتفوق على العالم الغربي في القدرة على الحوار وفهم الآخر ..
احتكار المعرفة والتشبث بالخصوصية.. أهم المعوقات أمام ثقافات منفتحة وعالم متسامح
تونس – خدمة قدس برس
سيطرت إشكاليتا تقاسم المعرفة، ونشر ثقافة التسامح، على أعمال المؤتمر العالمي الثامن عشر لمنتدى الفكر المعاصر حول « الأنسنة والمعرفة ومستقبل الإنسانية في القرن الحادي والعشرين »، الذي عقد في العاصمة التونسية، من 7 إلى 9 كانون أول (ديسمبر) الجاري، ونظمه بالتعاون مع سفارة هولندا، مركز التميمي للبحث العلمي والمعلومات.
وحاول الدكتور عبد الجليل التميمي مدير المركز، في المؤتمر الذي حضرته وكالة « قدس برس »، إبراز عدد من المسائل الجوهرية، التي صارت، على حد قوله، شغل الإنسانية جمعاء, مثل ظاهرة التعصب وعدم التسامح السياسي والديني، ورفض قبول التنوع الثقافي والحضاري، والتحاليل غير المنصفة، وجميعها، حسب رأيه، تعد عوامل غير إيجابية, نظرا لما تحدثه من تداعيات سلبية على العلاقات بين الشمال والجنوب.
وأضاف الدكتور التميمي أن معالجة هذه الظواهر يستوجب إرساء حوار مسؤول، رفيع المستوى، يمكن أن يكون وراء تبني رؤية مشتركة، حول مبادئ السلم الاجتماعي والحضاري والديني، كما يمكن أن يتوج بمضامين الاحترام، والتفاهم المتبادل، وهو ما سيؤدي حسب رأيه، إلى تجاوز العداوة وعدم التفاهم، التي نسجت عبر التاريخ، وأثرت مباشرة وبقوة على السلوك وأنظمة التعليم، كما يفسر تراجع الأنسنة بشكل واضح.
واعتبر أن قضايا ما بعد الحداثة ودور العولمة اليوم، وما يطرح من طرف البعض بشأن دور تقنيات الإعلام والاتصالات في دعم جهود الدول السائرة في طريق النمو، كلها تعد الشغل الشاغل للمفكرين والمثقفين، وكل المهتمين بمستقبل أفضل للبشرية.
وطالب التميمي بتوزيع مستقبلي عادل للعلم والمعرفة. ولاحظ أن نتائج التطورات التكنولوجية لا توزع بإنصاف على الجميع، وأن المعرفة بمختلف إنتاجها صارت تحت سيطرة تامة للدول المتقدمة، مشددا على أن العولمة لا تعني بالضرورة مشاركة الجميع في تطوير الإنسان, وهذا ما ثبت، حسب قوله، خلال القمة العالمية لمجتمع المعلومات، التي انعقدت الشهر الماضي بتونس، وأن بلدا مثل الولايات المتحدة، باعتبارها أول قوة في العالم، غير مستعدة للسماح بإدارة عادلة من طرف الخبراء الدوليين للإنترنت.
من جانبه اعتبر نور الدين حشاد نائب الأمين العام للجامعة العربية، أن المؤتمر يتطرق لقضية ملّحة، تؤرق أهل الاختصاص من ناحية، ومختلف شرائح المثقفين من ناحية ثانية، بشأن العولمة، التي باتت، حسب تعبيره، « تكتسح العالم بأشكال مختلفة، وتشهد العلاقات بين الدول صراعات ظاهرها إيجابي، وباطنها حسابات، وإستراتيجيات ومصالح ».
وشدد حشاد على أن التركيز يجب أن ينصب على منزلة الإنسان وكرامته وحريته وحقّه في العيش بسلام، في ظلّ قانون أخلاقي يحميه، ويشعر من خلاله المرء بأنه قيمة مادية ومعنوية، لا يحق لأي قوّة مهما تطرفت في قوّتها وجبروتها أن تخدشها، أو تشوّهها، أو تتصرّف فيها كسلعة تباع وتشترى .
وحسب رأي نجل الزعيم النقابي التونسي الشهير، فإن المعرفة هـي قوت الإنسانية وزادهـا، وليس عدلا أن يمتلكها البعض، ويستخدمها لتنمية محيطه، ويحرم منها الآخرون، أو أن يضعها في المزاد العلني، يتاجر بها كلما أراد، ويصرّفها قطرة قطرة كما قال، فالديمقراطيات في عالمنا اليوم أصبحت تتركز على المعرفة، وبالمعرفة المشتركة يسود السلام بين الأمم.
وشدد حشاد على أن التقارب بين الشعوب وسيادة ثقافة التسامح لن يتحققا إلا إذا سلم الجميع بأن العلم والمعرفة والتكنولوجيا ملك مشترك بين البشر، مسخرة لخدمتهم، وتعزيز إنسانيتها، وترسيخ قيم العدل فيه، مبديا أسفه على توسع « الهوة الاجتماعية بين الفقراء والأغنياء، والفوارق العلمية والثقافية، والتي ما تزال كبيرة، بل هي تزداد تعمقا ».
ولاحظ اندرى رايمون الأستاذ بجامعة آكس اون بروفنس بفرنسا، أن اتساع موضوع الندوة، يسمح للمثقفين والجامعين، بالتفكير بكل حرية حول الإشكال، الذي تطرحه قضية الحداثة المطبوعة بالعولمة الاقتصادية والثقافية.
جدلية الخصوصية والكونية
وتحدث الدكتور عبد المجيد الشرفي، من كلية الآداب بجامعة تونس، عن جدلية الخصوصية والكونية، وعن الفرق بين الحضارة والثقافة. واعتبر أن الحضارة الحالية هي حضارة كونية واحدة، وهي غربية المنشأ، ولئن كانت لها جذور في كل الحضارات السابقة، فإنها قد تجاوزتها، وأفرزت نظما جديدة في الاقتصاد والاجتماع والسياسة، وقيما جديدة أبرزها الفردانية والحرية والديمقراطية والعدل الاجتماعي والمساواة في الكرامة البشرية، بصرف النظر عن الجنس واللون والدين واللغة وغيرها.
أما الثقافات فحسب رأي الشرفي متعددة، ومنطلق العولمة يؤدي إلى اعتبار الإنتاج الثقافي سلعة من جملة سلع، مما يؤدي إلى التنميط الثقافي، بمعنى طغيان الأنموذج الثقافي الأقوى، واضمحلال الثقافات الأخرى أو تهميشها.
وركز محمود الذوادي أستاذ علم الاجتماع بالجامعة التونسية، على دور الرموز الثقافية في الحوار. واعتبر أن اللغة أهم عناصر منظومة الرموز الثقافة، وهي أم الرموز الثقافية جميعا، إذ بدون اللغة المكتوبة والمنطوقة يستحيل وجود نسق ثقافي، بالمعنى الإنساني لذلك. فهي حسب قوله « صاحبة مركز الثقل الأول في شؤون الناس ».
وشدد على أنه في هذه النقطة بالتحديد لا يستوي العالم الغربي المسيحي، مع العالم العربي والإسلامي، فبينما تعرف فئات وطبقات معتبرة من المجتمعات العربية والإسلامية القليل أو الكثير من بعض اللغات العالمية الغربية، كالإنجليزية والفرنسية، فإن الأغلبية الساحقة من الشعوب الغربية، لا تعرف حتى القليل من اللغات الرئيسية للعالم العربي والإسلامي، مثل اللغة العربية أو الفارسية أو التركية أو الأردية. ويمكن القول إن العالم العربي والإسلامي، يتفوقان على نظيرهما الغربي المسيحي على مستوى مدى استعدادهما للحوار مع الآخر، على حد تعبيره.
حوار الثقافات ووسائل الإعلام
وتناولت الدكتورة سلوى الشرفي، الأستاذة بمعهد الصحافة وعلوم الأخبار بتونس، الحوار بين الثقافات من زاوية وسائل الإعلام. وحسب قولها فإن وسائل الإعلام قادرة، على الرغم من كونها مجرد وسيط، وليست منتجة أصلية للأفكار، قادرة على المساهمة بفاعلية في عملية نشر المعرفة، وتغيير الأوضاع، وهو ما يمكنها من أن تمثل وسيلة أساسية في التقريب بين الثقافات أو تصادمها.
وتضيف « لا يقدر على تحويل وجهة الإعلام واحتكار الوسائط، خدمة لرسائله الخاصة، إلا صاحب سلطة، مالية كانت أم سياسية أو إيديولوجية »، مذكرة الجميع بما قاله الكاتب الأمريكي « ميكل مور » مؤلف « أهلا بكم في الولايات الأمريكية الغبية » في كتابه الأخير « هلموا إلى الملجأ »، بأن عشرات الآلاف من الأمريكيين يعارضون سياسة الرئيس الأمريكي جورج بوش، لكن الناس لا يعرّفون بوجودهم لأن وسائل الإعلام تتجاهلهم.
وأضافت قائلة « أما نحن فنعلم أن الآلية التي تكفلت برسم صورة المسلم الإرهابي وبترويجها، والتي جعلت من المواطن الفرنسي إنسانا منبوذا في الولايات المتحدة الأمريكية، ومن ثقافته مادة للاستهزاء، بسبب رفض فرنسا المشاركة في الحرب ضد العراق سنة 2003, هي وسائل الإعلام الأمريكية ».
وفي هذا الإطار تساءل الدكتور بوراوي الطرابلسي عن عالم تسوده الكراهية والأحقاد والضغائن، كيف يمكن العيش فيه؟ مضيفا « هل نحن أمام صورة أراد باعثوها من خلالها، أن يتمثل عالمنا في أبشع صورة له: العنصرية والاحتقار وإقصاء الآخر؟ ». وأضاف قائلا « قد تكون الوسيلة التي اتخذتها بعض وسائل الإعلام لجلب « السواد الأعظم » من بين عوامل انتشار التعصب، لكن الأكيد أن خطة التلاعب بالمشاعر تخدم قبل كل شيء أصحاب نظرية « صراع الحضارات »، على حد قوله.
(المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال بتاريخ 12 ديسمبر 2005)
بلدية جندوبة لا تضطلع بدورها البلدي
أليست الكرامة مقصدا نسفك من أجله دماءنا؟
بقلم مهاجر بن محمد:
التحلي بالصبر جدير بكل قارئ, وحري به ألا يتعجل الحكم على مدادي هذا, لا لي ولا علي, وأن يتأنى ويسأل نفسه وذاكرته وواقعه بعد استقراء ما نزل من السماء مطهرا , وليعد الكرة مرات عساه يفلح في اتباع حق أو اجتناب باطل أتبرأ منه بداية .
ملاحظات بين يدي الفكرة :
1- لست مفتيا ولا فقيها ينتظر منه حكم أو فتوى .
2- ما سأكتبه الآن هو محض تدبر فيما يسعفني به عقلي الخاص ويرشدني إليه ربي من صواب.
3- أن هذا الرأي هو محض إستشراف مني لما قد يؤول إليه واقع الإستبداد في بلادنا-لا قدر الله-.
4- أن الذي يحملني على هذا القول بالذات هو استفزاز للعقل السياسي عموما وللإسلامي خصوصا.
5- أن هذا الرأي ليس ردا على فلان أو تأييدا لعلان لأن مضمونه أبعد من ذلك بكثير.
6- هذه الفكرة بسيطة وليست معقدة ولكنها ترمي لتأصيل أشكال مستحدثة في كل عصر لمغالبة الإستبداد من أجل فرض العدل والحق والحرية وكرامة الإنسان عموما.
مقدمة الفكرة :
عند استقرائي لما نزل من السماء منورا لظلمات القلوب أيقنت أنه لا وجود- في هذه الدنيا التي تحوي من كل شيء زوجين سنة لبقائها وقانونا من قوانين توازنها فلا استغناء عن أحدهما أبدا- لمحرم دائم أو حلال دائم,مادام في الدين رخص وعزائم, بدء من أمور الدين التوقيفية ولو كانت عقيدة أو عبادة أوأخلاقا وانتهاء بالأمور الدنيوية العادية المتعلقةِ أحكامُها بروح الشريعة ومقاصدها. فلا حلالَ يطلب فعله بغير ظروف وشروط ومحل, ولا حرامَ كذلك يجتنب بغير ظروف وشروط ومحل .بل قد يمنع فعل الحلال بأقسامه تحريما , ويرتكب المحرم وجوبا وهذا بين . إذ أن أهل الفقه والأصول كفونا حيرة السؤال فقعدوا قواعد فقهية تكون حصنا للفقيه من أن يزيغ عن معرفة محل الحكم من مقصده . ولولا ذلك لأعنت المكلف عنتا شديدا وليس ذاك من روح الشريعة مطلقا.
ثم في المعاملات كذلك وكثير من تفصيلات العبادات يرى المكلف سواء عاش زمن النبي صلى الله عليه وسلم(زمن افعل ولا حرج), أو بعده سعة واختلافا يخدم صالح الدين والدنيا إذ أننا مكلفون في معظم تديننا بغلبة الظن لا باليقين* تماشيا مع منهج رفع الحرج في شريعتنا .
جوهر الفكرة :
لو لم يُجدِ مع الإستبداد في بلدنا لإسترجاع كرامة الإنسان غير إضراب الجوع حتى الموت – وليس دون الموت كما يقول العلامة القرضاوي حفظه الله – فهلا نجد بما قدمنا – وفقط – مرخصا ومشرعا ؟؟؟
فهلا يعتبر شهيدا هذا المضرب عن الطعام إذا غلب على ظنه وظن أمثاله المضربين أن كرامة شعبه أو أمته محققة بفعله هذا قياسا على فاتح الحصن المرمي بالمنجنيق وهو ما قاس عليه العلامة القرضاوي حفظه الله عند إفتائه بالعمليات الإستشهادية. أم أن المشكلة تكمن في اختلاف الوسائل ؟؟؟
هل أن كرامة الإنسان كما أرادها الله الذي جعله خليفة في أرضه أهون عند العاقل المتدبر من درهمين يقاتل من أجلهما أخاه أم أن النص** لا يتعداه لغيره ؟ وماذا يمثل المال مقابل الكرامة ؟ وهل أن مسلوب الكرامة قادر على قتال الغاصب بغير استحضار لكرامته ؟ وهل أن الكرامة لا محل لها من العرض الحرام والمال الحرام والدم الحرام ***؟…..
خاتمة:
أعلم القارئ الكريم أنه لا مجال في هذه الصفحة لسرد الشواهد والتفصيلات والنصوص, ولكن ما ارتأيته هو ذاك فإن وفقت فذاك منة من الكريم المنان, وإن جانبت الصواب فذاك زبد يذهب جفاء أستغفر الله منه.
والسلام على القارئ الأمين.
* يقوله العز بن عبد السلام وكذلك الشاطبي وغيرهما ولا مراء في صحة ذلك.
** إشارة إلى الحديث النبوي الشريف : »من قتل دون ماله فهو شهيد » وقول ابن المبارك في المال ولو كان درهمين.
***إشارة إلى الحديث النبوي الشريف « …كل المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله ».
مراسلة من
نصرالدين بن عليبسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
وبعد:
مساهمة مني في توضيح الرأي الفقهي حول جواز الإضراب عن الطعام أو حرمته وبعدما إطلعت على الرأي الذي بسطه الأخ خميس الماجري والذي تميز بأنه أغفل شطر الموضوع حيث إقتصر على بسط حجج المانعين دون غيرهم وهو ما يمثل خللا فادحا في مناهج البحث مما يشكك في قيمة البحث ونزاهة صاحبه العلمية , رأيت بأن أساهم في الموضوع بإعادة نشر رأي فقهي أكثر دقة وشمولا لتعميق ما طرحه الأخ الماجري وتصحيح ما وقع فيه من أخطاء خاصة ما تعلق فيها من خلط بين إضراب الجوع والإنتحاروالإدعاء بأن هناك إجماعا وتواترا للنصوص الشرعية التي تحرم إضراب الجوع وتؤدي الى تخليد من يموت بسببه في النار والفقرة التالية إقتباس مما كتبه
» فكيف يتجرّأ المرء على مخالفات واضحة لإجماع النّصوص الشّرعيّة وتواترها وتوافرها على اعتبار الإقبال على الانتحار ومنه إضراب الجوع الّذي ليس وراءه إلاّ الموت هو من باب قتل النّفس عمدا يعدّ في شرعنا المطهّر من أعظم الجرائم الّتي تخلّد مقترفيها في النّار ثمّ يأتي بعد ذلك من يبيح للمحتجزين في سجون الخضراء أن يباشروا هذا النّوع من الانتحار المنظّم المدعوم بهالة من التّقديس الحزبي والصّخب السّياسي والتّتّزويرالإعلامي من هنا وهناك » .ودون إطالة وكثرة جدال إليكم نص الفتوى
عنوان الفتوى:إضراب الأسير عن الطعام: رؤية فقهية
28تاريخ الإجابة:/12/2004
نص السؤال :
هل يحق للأسير في سجون الاحتلال أن يضرب عن الطعام ؟ وبخاصة في هذا الوقت الذي يمثل الإضراب عن الطعام ضغطا إعلاميا على قوات الاحتلال، وبخاصة أنه لم يعد أمام الأسري من حل آخراسم المفتي:
مجموعة من الباحثيننص الإجابة
:الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد
اختلف الفقهاء المعاصرون حول مسألة إضراب الأسير، فمنهم يرى حرمة هذا لأن فيه إلقاء بالنفس إلى التهلكة، وقد يصل الأمر إلى الموت فيكون انتحارا، ويرى فريق أخر جواز ذلك إذا لم تكن ثمة وسيلة أخرى، وكان يحدث غيظا بأعداء الله وفضحا لظلمهم شريطة ألا يصل الأمر إلى الموت. يقول الأستاذ :
وصفي عاشور أبو زيد الباحث المصري في العلوم الشرعية: المسلم مأمور بأن يجاهد عدوه ويقاوم الظلم الذي يقع عليه، ولقد ربى الإسلام الشخصية المسلمة على رفض الظلم ودفعه، ونشَّأها على العزة والشموخ بما ضمن لها من رزق وحدد له من عمر وذلل له من أرض يسير عليها ويتنقل فيها كلما أحس بظلم أو ضيم. ولقد أثار إضراب الأ سرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي ضجة إعلامية عالمية، وكان له صداه وأثره على الرأي العام العالمي مما أثار تساؤلا مهما في هذا الصدد، وهو ما حكم إضراب الأسير عن الطعام، وما حكم من يموت بسببه، هل الإضراب مشروع كنوع من المقاومة أم أنه ممنوع لأنه تعذيب للنفس وإلقاء بها إلى التهلكة، وهل الإضراب حتى الموت شهادة في سبيل الله أم أنه نوع انتحار والشرع قد نهى عن الانتحار أشد النهي وجعله من أكبر الكبائر، كل هذه تساؤلات تفرض علينا أن نتناول الموضوع بشيء من الهدوء والموضوعية، ولابد أن يكون للإسلام كلمة في الوقائع والأحداث المعاصرة. معنى الإضراب: قال ابن منظور: أَضْرَبْتُ عن الشيء: كفَفْتُ وأَعْرَضْتُ. وضَرَبَ عنه الذِّكْرَ وأَضْرَبَ عنه: صَرَفَه. وأَضْرَب عنه أَي أَعْرَض…. والأَصل فـي قوله: ضَرَبْتُ عنه الذِّكْرَ، أَنّ الراكب إِذا رَكِبَ دابة فأَراد أَن يَصْرِفَه عن جِهَتِه، ضَرَبه بعَصاه، لـيَعْدِلَه عن الـجهة التـي يُريدها، فوُضِعَ الضَّرْبَ موضعَ الصَّرْفِ والعَدْل. يقال: ضَرَبْتُ عنه وأَضْرَبْتُ…. ويقال: ضَرَبْتُ فلاناً عن فلان أَي كففته عنه، فأَضْرَبَ عنه إِضْراباً إِذا كَفَّ. وأَضْرَبَ فلانٌ عن الأَمر فهو مُضْرِبٌ إِذا كفّ( ). أما معناه اصطلاحا فهو امتناع الإنسان عن تناول الطعام وإعراضه عنه بقصد الضغط على غيره ليتحقق له هدف ما أو يرفع عنه ظلم معين.الإضراب قديما وحديثا
:والإضراب بهذا المعنى موجود في تاريخنا الإسلامي، ولعل في حادثة سعد بن أبي وقاص أو سعد بن مالك ـ على اختلاف الروايات ـ مع أمه ما يؤكد ذلك، حيث أورد الحافظ ابن كثير في تفسيره عن الطبراني في كتاب العشرة بسنده عن سعد بن مالك قال: أنزلت فيَّ هذه الآية: « وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما ».. الآية. قال: كنت رجلا برا بأمي، فلما أسلمت قالت: يا سعد ما هذا الذي أراك قد أحدثت؟ لتدعن دينك هذا أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت فتعيَّر بي، فيقال: يا قاتل أمه! فقلت: لا تفعلي يا أمه فإني لا أدع ديني هذا لشيء، فمكثت يوما وليلة لم تأكل فأصبحت قد جهدت، فمكثت يوما وليلة أخرى لم تأكل فأصبحت قد جهدت، فمكثت يوما وليلة أخرى لا تأكل فأصبحت قد اشتد جهدها، فلما رأيت ذلك قلت: يا أمه تعلمين والله لو كانت لك مئة نفس فخرجت نفسا نفسا ما تركت ديني لشيء، فإن شئت فكلي، وإن شئت لا تأكلي، فأكلت( ). وفي عصرنا الحديث استخدمت هذه الوسيلة القديمة في بدايات القرن العشرين، وهناك أمثلة ووقائع على استخدامها، منها: إقدام المتظاهرات في سبيل منح المرأة حق الانتخاب في إنجلترا على الإضراب عن الطعام خلال الفترة ما بين 1913- 1918. ومنذ عام 1912 استخدم المواطنون الأيرلنديون وسيلة الإضراب عن الطعام في سبيل الحصول على الاستقلال، وفيما بين عامي 1917- 1919 استخدم الإضراب عن الطعام في أمريكا من جانب المطالبات بحق الانتخاب، ومن جانب الممتنعين عن الاشتراك في الحرب بسبب عقائدهم الدينية ممن كانوا معتقلين في السجون، وغير ذلك، ولا تخفى أسماء أشهر الذين أضربوا عن الطعام، من أمثال بوبي ساندز وميكي ديفاين وباتسي أوهارا، عن الأذهان، فقد كتبت الأغاني والمسرحيات وأنتجت الأفلام لتخليد ذكرى هؤلاء المضربين عن الطعام. موقف الفقهاء من المسألة: والحق أن هذه المسألة لم تبرز في عصر فقهائنا الأئمة الأوائل كما برزت في عصرنا الحديث، وحديث فقهائنا المعاصرين المتكرر عنها ناتج عن كثرة الاضطهادات والعسف في معاملة السجناء التي لم يَشْكُ منها عصر كما شكا منها عصرنا الحديث في المنطقة العربية، بل والعالمية. ومن هنا فإن الفقهاء الذين تحدثوا عن هذه المسألة يكادون ينحصرون في علمائنا المعاصرين، الذين انقسموا إزاءها إلى فريقين، وذهبوا فيها إلى رأيين:
الرأي الأول:
ذهب أصحاب هذا الرأي إلى أن الإضراب عن الطعام محرم شرعا، وأنه ليس في الدين شيء اسمه الإضراب عن الطعام أو الشراب لتحقيق غرض من الأغراض، فهو وسيلة سلبية يجب ألا يأخذ بها أحد، والوسائل المشروعة كثيرة، ومن سلك هذا المسلك فقد أضرَّ نفسه بالجوع والعطش في غير طاعة، ومن مات بهذا الإضراب يكون مُنْتَحِرًا، والانتحار من كبائر الذنوب، فإن استحلَّه كان كافرًا، لا يُغَسَّل ولا يُصَلَّى عليه ولا يُدْفن في مقابر المسلمين، ويأتي على رأس هذا الفريق فضيلة الشيخ عطية صقر الفقيه المعروف، والأستاذ الدكتور حسن عبد الغني أبو غدة الأستاذ بجامعة الملك سعود، واستدلوا على رأيهم بالأدلة التالية: أولا: قوله تعالى: « وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً ». النساء: 29. ومن المعلوم أن تجويع النفس بالإضراب عن الطعام يفضي إلى قتلها بغير حق. ثانيا: قوله تعالى: « وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ». البقرة: 195. والإضراب عن الطعام فيه تعريض النفس للتهلكة ولو بعد حين. ثالثا: قوله تعالى: « إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ». البقرة: 173. وقد بين الفقهاء في ضوء هذه الآية أن على الإنسان أن يأكل الميتة ولحم الخنزير في حالة الاضطرار استبقاء لنفسه، ودفعا للهلاك عنها، والإضراب يتنافى مع ما تعطيه هذه الآية. رابعا: ما رواه مسلم بسنده عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: « إياكم والوصال. قالوا: فإنك تواصل يا رسول الله. قال: إنكم لستم في ذلك مثلي، إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني، فاكلفوا من الأعمال ما تطيقون »( ). والوصال معناه متابعة الصيام ليلا ونهارا دون طعام أو شراب، وإنما جاء النهي عنه ـ مع أنه عبادة يتقرب بها إلى الله ـ لكي يدفع الإنسان عن نفسه المشقة، ولا يضعف بدنه ويعذب نفسه ويؤذيها، وفي الإضراب كل هذه المعاني. خامسا: أن حفظ النفس من كليات مقاصد الشريعة الإسلامية، التي هي من الضروريات، ولا ينبغي أن نعرض النفس للإتلاف، أو ما يوقع بها الضرر. وبناء على ما تقدم ـ في رأي هذا الفريق ـ لا يجوز الإضراب لأنه تعذيب للنفس، وإلقاء بها إلى التهلكة، وإن مات المضرب عن الطعام فهو منتحر قاتل لنفسه، وقد صح في الأحاديث النبوية أن جزاء قاتل نفسه نار جهنم خالدا مخلدا فيها.
الرأي الثاني:
وأفتي أصحاب هذا الرأي بمشروعية الإضراب عن الطعام طالما أنه هو السلاح الأخير في أيدي هؤلاء الأسرى، ما داموا يرون أنه الوسيلة الفعالة والأكثر تأثيرا لدى الآسرين، وأنه الأسلوب الذي يغيظ الاحتلال وأهله، فكل ما يغيظ الكفار فهو ممدوح شرعا، كما قال تعالى في مدح الصحابة: « يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار » الفتح: 29. وقال في شأن المجاهدين: « ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار، ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح ». التوبة: 120. فهم يعبرون فيه عن رأيهم، ويلفتون أنظار المجتمع الدولي إليهم، وبينوا أن هؤلاء المناضلين أصحاب قضية عادلة، والإضراب حق معترف به عالميًّا لفضح الجرائم وكشف الظلم الذي يقع عليهم، كما أفتوا بأنه يجوز للسجناء ولو في بلادنا الإسلامية، استخدام أسلوب الإضراب المفتوح عن الطعام إذا كانوا يتعرّضون لانتهاكات تطال حقوقهم الإنسانية طالما أن هذا الأسلوب هو الوحيد الذي يمكن أن يؤدي إلى نتيجة في هذا العصر، وحتى إذا لم يؤدِّ إلى نتيجة إيجابية بحقّ السجناء، فإنه يلفت نظر الرأي العام المحلّي والدولي إلى الممارسات غير الإنسانية بحقّ السجناء.
وعلى رأس أصحاب هذا الرأي الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والمستشار الشيخ فيصل مولوي نائب رئيس المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث، والسيد محمد حسين فضل الله المرجع الشيعي اللبناني، والدكتور محمد محروس المدرسي الأعظمي رئيس لجنة الإفتاء بهيئة علماء المسلمين في العراق، والشيخ الداعية ناصر بن سليمان العمر، والشيخ صالح الفوزان عضو هيئة كبار العلماء بالمملكة السعودية.
وقيد أصحاب هذا الرأي مشروعية الإضراب وجوازه بمجموعة من القيود؛ حتى لا يؤدي الإضراب إلى الوقوع في مخالفات شرعية: الأول: ألا يتحوّل الإضراب إلى صيام بالمعنى الشرعي، فالصيام عبادة لا يحسن أن تتحوّل إلى وسيلة احتجاج ضدّ السلطات. كما أنّ الصائم لا يجوز له الوصال في الصوم بل لا بدّ أن يأكل بعد المغرب. ولذلك فإنّ من واجب المضربين أن يتناولوا ولو قدرًا من الماء أو أي شراب آخر حتى لا يعتبروا صائمين ومواصلين للصيام. الثاني: أن لا يؤدّي هذا الإضراب إلى الموت، فهو عند ذلك يشبه الانتحار المنهيّ عنه والذي يعتبر من الكبائر. وعلى الصائمين كلّما وصلوا إلى درجة كبيرة من الإعياء أن يتناولوا القليل من الماء والقليل من الطعام حتى لا يتسببوا لأنفسهم بالموت. الثالث: لا بدّ من المحافظة على الحياة ـ مهما أمكن ـ إلا في حالة الاضطرار فوق العادة. الرابع: الإضراب عن الطعام عمومًا يؤدي إلى الإضرار بالنفس أو قتلها وهذا غير جائز شرعًا؛ وبالتالي فإن هذا الأسلوب يجوز للضرورة بعد استنفاد الوسائل الأخرى. ومع مراعاة هذه الضوابط ـ عند أصحاب هذا الرأي ـ فإذا كان هذا الأسلوب يغيظ الكفار، ويسمع صوت الأسرى المظلومين والمهضومين والمنسيين إلى العالم، ويحيي قضيتهم، ويساعدهم على نيل حقوقهم، فهو أمر مشروع، بل محمود. الترجيح والرأي المختار:
والذي تطمئن إليه النفس هو الرأي الثاني؛ لأن أدلة الفريق الأول كلها غير مسلمة بناء على فهم طبيعة الإضراب والدافع إليه وما يبتغى من ورائه، وكذلك فهم طبيعة الانتحار والوقوف على مفهومه. فالانتحار وسيلة يلجأ إليها الإنسان ليتخلص من حياته بسبب سوء معيشة أو ضيق في الرزق أو موقف قوي صدم مشاعره فلا يجد منه مُخلصا سوى إزهاق روحه وقتل نفسه، فهو هارب من الحياة لغير غاية. أما المضرب فصاحب قضية، مجاهد بنفسه، مدافع عن وطنه، يبتغي تحرير الأرض، والدفاع عن العرض، ودحر العدو وردعه، ورفع الظلم ومنعه. وكل أدلة الفريق الأول تَرِدُ على المجاهد في سبيل الله، والمقاتل في المعركة؛ لأن هذا جهاد وهذا جهاد، كما ترد على العمليات الاستشهادية، فليس الإضراب ـ بناء على مفهومه ـ قتلا للنفس بل جهاد بها، وليس إلقاء بها إلى التهلكة بل إلقاء بها إلى الجنة، وليس في الإضراب شبه بوصال الصوم المنهي عنه؛ لأن نظام الإضراب يقوم على شرب ماء ممزوج بملح على الأقل، وليس فيه ما يتنافى مع حفظ النفس؛ لأن النفس تذهب فداء للدين، ورتبة الدين قبل رتبة النفس في نظام كليات الضروريات في مقاصد الشريعة التي من المعلوم أن اللاحق فيها خادم للسابق.
وينبغي أن تراعى المصلحة في هذا النوع من الجهاد، بمعنى أننا لا نترك وسيلة أقوى أثرا، وأعظم نتيجة من الإضراب ثم نتركها ونتخذ الإضراب وسيلة، وأن نكون على يقين من أن هذا الأسلوب سيكون له تأثير ودوي عالمي، وانتشار للقضية وتسميع بها، وأن هذه الوسيلة سوف ترفع ـ بلا أدنى شك ـ الظلم الواقع عليهم أو بعضه على الأقل، كل هذا ينبغي أن نراعيه قبل البدء في هذا العمل حتى يتحقق فيه معنى الجهاد والمقاومة، وينتفي عنه معنى الانتحار وتعذيب النفس المنهي عنه شرعا.
وربما أضفت إلى أصحاب الرأي الثاني أن المضرب إذا بلغ الموت، وتحقق أن موته سيكون له أثر مؤكد في قضيته العادلة التي أضرب من أجلها، فلا إثم عليه، بل هو عند الله شهيد؛ لأنه مجاهد بنفسه، لا فرق بينه وبين من يفجر نفسه في أعداء الله، فهذا جهاد وهذا جهاد، ولينصرن الله من ينصره، إن الله لقوي عزيز،
والله أعلم
http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?pagename=IslamOnline-A
rabic-Ask_Scholar/FatwaA/FatwaA&cid=1122528623308صدور مصنف ضخم عن حقوق الانسان وكتاب يشرح مواد الاعلان العالمي لحقوق الانسان
كتاب يؤرخ للاستقلال على ذمة العموم ومعرض وثائقي ضخم بشارع بورقيبة
كل التفاصيل عن منحة التربص للمحامين المتمرنين وكيفية صرفها
في مداخلة رشيقة:
السيد رشيد صفر يحمل على قانون فرنسي «يمجد» الاستعمار !
في مداخلة رشيقة القاها في الجلسة المسائية لمجلس المستشارين عرّج السيد رشيد صفر (عضو المجلس) على عديد المسائل التنموية والاقتصادية وكذلك على جهود الحكومة لتفعيل الاستثمار.
مداخلة السيد رشيد صفر لم تكن احتقارية فقط.. بل كانت سياسية أيضا اذ عبّر عن عميق استيائه الشخصي من إقدام البرلمان الفرنسي وفي حضور عدد قليل من النواب على المصادقة على قانون ذي فصل واحد يقرر ادراج ما أسموه الجانب الايجابي للاستعمار الفرنسية في دروس التاريخ التي يتلقاها التلاميذ الفرنسيون في المدارس والمعاهد الفرنسية….
وشدد على انه كان من الاجدر ان يعبّر المشرّع الفرنسي عن الندم والاعتذار عمّا قام به الجيش الفرنسي والمستعمرون الفرنسيون من استغلال فاحش لخيرات الشعوب المستعمرة ومن قتل وسفك دماء ذهب ضحيته مئات آلاف البشر في الدول التي خضعت للاحتلال الفرنسي.
وقد لاقى هذا الموقف تأييدا كبيرا من عديد المستشارين المستقلين.
(المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 13 ديسمبر 2005)
عندما تتمكن حمّى الاستعمار.. من الجسد الفرنسي !
عبد الحميد الرياحي
من الحمّى ما يشلّ.. ومن الحمّى ما يقتل.. ومن الحمى ما ينطفئ الى الأبد..ومنها ما يخبو ليفتك بصاحبه ولو بعد حين.
ويبدو أن حمّى الاستعمار او بالأحرى الاحتلال هي من هذا الصنف الأخير.. إذ خبت ما يربو عن النصف قرن لتظهر أعراضها وتستبدّ مجددا بالجسد الفرنسي فيعاوده الحنين الى تلك الحقبات الكريهة التي استعبدت فيها فرنسا شعوبا عدة ونهبت خيراتها وامتصت عرق أبنائها وقتلت وشردت بالآلاف ودمرت مدنا بأكملها على رؤوس أصحابها…
ولقد خلنا أن فرنسا وهي منشأ القيم الكونية الخالدة من حرية وعدالة ومساواة قد تخلصت نهائيا من موروث الحقبة الاستعمارية العفنة بما فيها من قهر واذلال واستعباد وقتل وتنكيل بالبشر… كما حسبنا أن فرنسا وهي التي تتظاهر في السنوات الأخيرة بمعارضة نزعات التفرّد والأحادية التي استبدّت بـ»الحليف» القابع وراء المحيط انما تفعل ذلك انتصارا للحق ونضالا من أجل قيام نظام عالمي متعدد الأقطاب تتمتع فيه المنظومة الأممية بموقع المرجع الحقيقي والضابط الفعلي لإيقاع العلاقات الدولية… فإذا بها تفعل في الواقع «دفاعا» عن «حقها» في كعكة ثروات المستضعفين في الارض وقد جيّش حليفها الامريكي الجيوش وحرّك الأساطيل للفوز بها وحده…
هذه الاستنتاجات ليست مجانية.. بل انها تستند أولا الى تبدّل ملحوظ في مواقف فرنسا من عديد القضايا وفي طليعتها القضايا العربية ـ في العراق ولبنان وسوريا ـ تحديدا حيث باتت فرنساتشرّع للفوضى القائمة ولا تتردد في التطوع بتقديم خدماتها لاستهداف سوريا او تركيع الشق الوطني الرافض للهيمنة الامريكية والصهوينية في لبنان… ولأن هذا التبدّل لم يكن تكتيكيا، بل يشي بحقيقة الحمّى التي سكنت الجسد الفرنسي فإن البرلمان الفرنسي لم يتردد ولم يتخلّف في كشف ا لمستور… حيث أقرّ أواخر الاسبوع الماضي قانونا يقع في فصل واحد يقرر «ادراج الجانب الايجابي للاستعمار الفرنسي في دروس التاريخ التي تلقى في المدارس والمعاهد الفرنسية»…
هكذا بلا حياء ولا حرج… بدل الاعتذار عن فظاعات الحقبة الاستعمارية بما فيها من نهب واستعباد وبما فيها من تقتيل وتعذيب للمناضلين والأبرياء وبما فيها من تدمير للمدن وتجهيل للأجيال… بدل الاعتذار عن كل هذه الفظاعات كما تنتظره الشعوب التي كانت خاضعة للاستعمار.. وبدل الدخول في مفاوضات جدية وحقيقية لدفع التعويضات المجزية عن الأضرار والمآسي التي لحقت بكثير من الشعوب مازالت تعاني منها الى يوم الناس هذا… بدل كل هذا فإن البرلمان الفرنسي اي الطبقة السياسية الحاكمة في فرنسا بما فيها من أحزاب وشخصيات ورموز تصم آذاننا بالحديث عن ديمقراطية وحريات وحقوق انسان مزعومة، لا يجد حرجا في المصادقة على قانون بائس يمجّد «ايجابيات» الاستعمار الفرنسي وكأن الاحتلال بما ينجرّ عنه من مآس يمكن أن يكون ايجابيا… وكأن الاستعمار البغيض الذي يستهدف البشر والحجر والشجر يملك «جوانب مضيئة» وجب الحفاظ عليها وتغذيتها من خلال غرسها في عقول تلاميذ وشباب فرنسا…
ان هذا القانون البائس وعلاوة على أنه يكشف الى اي درجة تسكن حمى الاستعمار الجسد الفرنسي، وعلاوة على ما يتضمنه من استهتار بمشاعر مئات ملايين البشر ممن خضعوا للاحتلال الفرنسي في كل القارات.. علاوة على كل هذا فإنه يكتسي خطورة حقيقية تتمثل في مضمونه التبريري للاحتلال كفعل «له ايجابيات» وفي مضمونه التبشيري بجهة كونه دعوة صريحة وتشريعا لاحتلال الدول المستضعفة بهدف «تمكينها» من «ايجابيات الاستعمار» الفرنسي وفق مضامين هذا القانون.
نحن نذكر أن عديد المنظّرين منذ حملات نابليون وحتى تلك الحملات التي شهدها القرن التاسع عشر قد شكّلوا القاعدة الفكرية التي استند اليها الاحتلال الفرنسي وغلّف بها اطماعه الاستعمارية البغيضة والتي كانت تبرّر الاحتلال بـ»نشر قيم الرجل الأبيض ونشر أنوار العلم والمعرفة».. ونحن نذكر والتاريخ يذكر حجم الفظاعات والمآسي التي ارتكبت في كل الدول التي دنستها جيوش الاحتلال الفرنسي.. وما أشبه اليوم بالبارحة.. حيث يردّد منظرو الاستعمار المباشر الجديد لنشر قيم الديمقراطية والحرية وحقوق الانسان وفق وصفات جاهزة أعدت في مخابر وعقول هواة وعتاة الاستعمار.. وقد شهدنا كيف اكتوى العراق الشقيق بلعنة هذه «الوصفة الاستعمارية الجديدة».. فهل أن فرنسا تريد بدورها ركوب القاطرة الأخيرة هي الأخرى متطوعة بذلك لـ «نشر قيم الثورة الفرنسية» لدى «مستعمراتها القديمة»؟ وهل هو من قبيل المصادفة أن تتم المصادقة على هذا القانون الفرنسي البائس بعد أسابيع قليلة من حديث صحيفة «لوموند» في احدى افتتاحياتها عن تونس على أنها «مستعمرة فرنسية قديمة» هكذا بلاحياء ولا خجل؟!
لكل هؤلاء نقول فقط: انظروا قبل كل شيء الى المستنقع الذي يغرق فيه الأمريكيون في العراق وتذكروا جيّدا مستنقعات فيتنام والجزائر وغيرها قبل أن تعصف بكم نعراتكم الاستعمارية فتقذفكم علينا مجدّدا؟ ولا تنسو أن حكاية استقبال جحافلكم بالورود والزغاريد ما هي الا من قبيل الكذب والكذب يورد المهالك.. والدليل واضح وصارخ أمام الجميع.
آخر الكلام، هل فكّر النواب الفرنسيون انهم ينسفون قيم الجمهورية الفرنسية ويتنكرون لمبادئ وشعارات يرفعونها وصنعت لهم مكانا في ذاكرة الانسانية وهم يصادقون على هذا القانون؟ وهل فكروا في حجم الاساءة والاستفزاز الذي يمثله لمئات ملايين البشر ينتظرون من فرنسا الاعتذار ولمَ لا التعويض ولا يستحقون مثل هذا الاستهتار بهم وبمشاعرهم وبذاكرتهم الوطنية؟
(المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 13 ديسمبر 2005)
هل من أجل هذا اختلف المختلفون في اتحاد الكتّاب التونسيين؟
أحمد عامر
شهدت السنوات الاخيرة حضور الصراعات الى حد العنف وغياب الادب في اتحاد الكتاب التونسيين.. اختلافات تولدت عنها خلافات حادة تفرعت عنها «اقصاءات» و«اتهامات» وقضايا عدلية و«احكام».. و«تعليقات».. كل ذلك على مرآى ومسمع من رجل الشارع الذي يرى في الاديب الكاتب شاعرا
كان او روائيا او قاصا او ناقدا صاحب مثل عليا ومبشرا على الدوام بعوالم الخير والسلام والحرية لكن ما حدث في اتحاد الكتاب وخاصة في السنتين الاخيرتين سيما ما حصل امام مقر الاتحاد اي في شارع باريس من مشادات والفاط مستهجنة قلب الصورة وجعل رجل الشارع يشعر بالمرارة والاسى لانه لا يتصور ان الادباء يصدر منهم ما صدر وعندما سأل وجاءه الجواب انهم هم اصحاب الفعلة اندهش وأسف فمن اجل ماذا حصل كل هذا؟
أنا لا اتّهم احدا ولا انتصر لهذا على ذاك.. لكنني مقابل هذا احترم الادب هذه الكلمة القيمة اذ لا شيء في دلالتها غير رفعة الاخلاق واحترام الغير والتحلي بالسلوك الحسن.. واحترم هيبة الكاتب والكتابة وهذا الاتحاد العريق منبر الكلمة الصادقة والمواقف الثابتة والحراك الحي من اجل أدب فاعل ومؤثر ينتصر لقيم الحق والحرية والسلم.. أدب ينوّر ويقود ويبشّر.. أدب يتطور ويطوّر.. ادب يتفاعل مع محيطه.. أدب في قلب المستجدات والاحداث.. ادب وقلق حائر.. أدب لا يقر له قرار.. أدب يتجاوز.. يجدد آلياته ويسابق العصر فهل يا ترى من اجل هذه الطروحات اختلف المختلفون في اتحاد الكتاب؟
هل تراهم اختلفوا من اجل ادب تونسي فاعل ومؤسس سيما ونحن منذ الستينات عندما جاءت «الطليعة» فعلا بالجديد شكلا ومضمونا.. هذا الجديد الذي كما هو معلوم تجاوز الادب الى المسرح والسينما والرسم والموسيقى تقوقعنا ولم تظهر عندنا موجات او حركات تجديدية اخرى في المشهد الادبي.. فهل اختلف المختلفون عن رتابة حياتنا الادبية وسباتها.. هل تراهم.. اختلفوا حول اسباب كثرة الشعراء وندرة الشعر.. حتى اضحت المجموعات الشعرية تصدر صباحا مساء وكأنها بلاغات.. هل تراهم اختلفوا حول ضمور القصة وانهيار سلطة النقد وجفاف الرواية..
انا لا اتهم احدا لكن لا اتصور انهم اختلفوا حول ما ذكرت ولو اختلفوا حول هذه الاشكاليات لاعطوا للاتحاد دوره الريادي ولارتقوا به ولجعلوه مهابا.. ولتقدموا الى الامام بحركتنا الادبية التونسية..
ربما لا اعلم ما يعلمون لكن الذي اعلمه انهم تراجعوا بالاتحاد واسقطوه في دوامات فارغة وجعلوا منه حلبة صراع هامشي لا يغني ولا يسمن من جوع.. فهل يعقل ان يعتدي اديب على اديب بالعنف في مقر الاتحاد بدسيسة من هذا ونميمة من ذاك.. هل وصل الامر الى هذا الحد؟..
والآن.. تعالوا الى المستقبل.. فالاتحاد مقدم في الايام المقبلة على مؤتمره الذي اتمنى له النجاح والتوفيق والخروج بهذه المنظمة من عنق الزجاجة وانقاذها مما تردّت فيه..
هذ المؤتمر مطروح عليه قبل كل شيء ان يكون نقلة نوعية وطيّا نهائيا بلا رجعة لصفحة الماضي ونسيان ما حصل نسيانا كليا..
مطلوب من المؤتمر احتضان الادباء رغم اختلافاتهم في منظمتهم.. مطلوب منه اعادة الهيبة للاتحاد وفتح ابواب الحوار الحر والمسؤول والواعي.
ان الآمال المعقودة على المؤتمر القادم اكبر من اي وقت مضى فهو فعلا ينبغي ان يكون مؤتمر انقاذ وتأسيس وفعل.
(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 13 ديسمبر 2005)
تونس والمقاربة حول حقوق الإنسان
برهان بسيس
احتفلت بلادنا بذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تبنته المجموعة الدولية في سياق وقفة ضمير ومراجعة لإرث الانتهاكات الفظيعة الذي التصق بالرصيد البشري إبّان الحرب العالمية الثانية.
وأطلق هذا الإعلان زخم حركة حقوق الإنسان العالمية التي تدرّجت من استلهام تطلع الشعوب المستعمرة نحو التحرر إلى مواكبة طموح هذه الشعوب نحو تقدم وتنمية ورفاه وكرامة تقيها سطوة التخلف الاقتصادي والاستبداد السياسي.
أنجزت هذه الحركة مستندة إلى تراث فكر التقدّم والأنوار مكاسب مهمة لفائدة الأفراد والشعوب ومثلت مرجع حماية ودفاع عن المضطهدين والمظلومين في مختلف بقاع العالم في مرحلة تصاعدت فيها مختلف أشكال الإنتهاك لحقوق الإنسان الأساسية.
والحقيقة فإن مسار حركة الدفاع عن حقوق الإنسان لم يكن معزولا في مستوى هيكلته ومراجعه وتحرّكه عن طبيعة وسياق العلاقات الدولية السائدة والمناخ الدولي المتقلب منذ استقطاب الحرب الباردة إلى حدود الخريطة الدولية الراهنة التي تنفرد فيها الولايات المتحدة بأهمّ أوراق السيطرة والنفوذ.
إن رؤية تقديسيّة مثالية لعمل منظمات حقوق الإنسان وجمعياتها تعزلها عن مجرى الصراع السياسي وتجاذب المصالح وتناقض المراجع ولعبة النفوذ والإحتواء تبدو قاصرة عن استيعاب دقة هذا الحقل وحساسيته خاصة في مناخات العولمة المستقرة بصخب النقاش حول معاني العالمية والسيادة والكونية والوطنية.
لا شيء خرج عن التوظيف ودائرة الاستغلال والتوجيه السياسي بما في ذلك الأهداف والغايات النبيلة التي تملكها مرجعية حركة حقوق الإنسان العالمية إلى درجة أصبحت فيها هذه المرجعية التبرير الإيديولوجي الجديد لإحدى أبشع مظاهر الإنتهاك لحقوق الإنسان وهي الإستعمار بألوانه الأكثر عنفا ووحشية، ذاك الذي يسري اليوم في صيغته الجديدة باسم نشر قيم حقوق الإنسان وفرض احترامها.
لا شك أن هذه القضايا تحتاج إلى مزيد التفكير حولها تماما بمثل ما تستحق أصداؤها وانعكاساتها وامتداداتها في ساحتنا الوطنية الداخلية ذات الإهتمام ودواعي التفكير.
فتونس التي كانت رائدة كأوّل بلد عربي يشهد نشأة منظمة اختصاص تعنى بمجال الدفاع عن حقوق الإنسان تتعامل مع تجربتها من منطلق رؤية خاصة لمعنى العمل في هذا المجال وخصوصيته المتصلة بضمان جديته ونجاعته وبقائه ضمن دائرة الأهداف النبيلة لحركة حقوق الإنسان وعدم الإنسياق وراء طابع التوظيف السياسوي المباشر الذي عادة ما يمثل عنصر الإرباك والخلط المهدّد لأيّ مجهود سويّ ومتوازن في هذا المجال.
لم تسلم المقاربة التونسية من النقد الذي غالبا ما يرميها بشبهة التضييق على نشطاء حقوق الإنسان ومنظماتهم في انسياق مقصود وراء أحكام قيمة سياسوية جاهزة لا تنظر لعمل حقوق الإنسان إلا من زاوية قدرته على التصادم مع الدولة ولا تقيّم استقلاليته المطلوبة إلا من جهة تناقضه مع النظام ورفضه له بل وأحيانا تناقضه مع مفهوم وقيم الدولة الوطنية ذاتها.
كلما فتح نقاش حول التعاطي التونسي مع هذا الموضوع إلا وتعالت الأصوات مشيرة إلى وضعية الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان مختزلة كل مجهود التنظم الجمعياتي الحقوقي في وضعية هذه المنظمة وانعكاس خلافاتها الداخلية على آدائها في تجاهل تام لجهد ونشاط مئات الجمعيات العاملة في مجال حقوق الانسان من موقع التطوع المدني لخدمة فئات مختلفة من الطفولة المحرومة إلى أصحاب الإعاقة ومن نساء الريف إلى الشباب العاطل عن العمل.
نظرة التعالي السياسوي لا تعير اهتماما لعمل مثل هذه المنظمات مادامت خارج دائرة «الكنيسة الإيديولوجية» الناطقة باسم حركة حقوق الإنسان «الطاهرة، الصافية المستقلة».
عمل مئات الجمعيات في أوساط مراكز الأيتام والطفولة المشرّدة والمعوقين والعاطلين عن العمل وفتيات الريف وسكان المناطق المحرومة لا يعني شيئا في نظر سدنة الكنيس الحقوقي الذين يحتكرون شرعية الفرز والتعيين والتسمية للمناضل الحقوقي بخلفية التقسيم السياسي والتصنيف الإيديولوجي.
لقد اختارت تونس أن تكون مقاربتها لحقوق الإنسان أشمل وأوسع من أن يقع حصرها في دائرة سياسية ضيقة لا يمكن لها رغم أهميتها وقيمتها أن تستوعب أبعاد منظومة حقوق الإنسان الكثيفة والمتعددة تلك التي تهم حاجات الإنسان الأساسية في الصحة والسكن والتعليم والتنمية والشغل والرفاه تماما بمثل حاجته لحرية التعبير والتنظم السياسي.
إن حركة تكتفي بوضع نفسها في زاوية مغلقة من الإهتمام بالشأن الحقوقي من منطلق التماس مع اختصاص الأحزاب السياسية تحكم على نفسها بالمحدودية وتنتهي موضوعيا إلى ما آلت إليه اليوم وضعية أعرق منظمة حقوق إنسان عربيا وإفريقيا منخورة بوقع صراع المصالح السياسية وحسابات المد والجزر لمبارزة سلطة سياسية في مهمة ليست هي أصلا مهمتها ولا اختصاصها.
لقد أكد الرئيس بن علي في خطابه في ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أهمية تعدد الابعاء في المقاربة التونسية لحقوق الانسان التي تتحرك ضمن مناخ إقليمي ودولي دقيق وحساس وتتجوّل بين الأولوية السياسية والأولوية الاقتصادية والاجتماعية في فعل يبحث عن التوازن وبإرادة تضع مصالح الوطن فوق كل اعتبار بما يضع هذه المقاربة خارج الدائرة الضيقة للديماغوجيا السياسية كمجرد خطاب وشعارات للتعبئة انما كمنهج عمل ومراكمة تدريجية تقرأ أخطاءها لتتجاوزها وتفهم مكاسبها لتطوّرها بجهد التطوّع الخالص لرجال ونساء يعملون بصمت دون ضجيج أو استجداء لتعاطف دولي أو استدراج لتجاوز يضخّمونه للدعاية والمغالطة، رجال ونساء لا تعنيهم حسابات السياسة حين يخصصون جهدهم لفائدة طفل مشرد أو رضيع يتيم أو أسرة معوزة أو شاب عاطل عن العمل في فهم راق ومدني لمعنى حركة حقوق الإنسان وثراء مضامينها.
(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 13 ديسمبر 2005)
تعقيبا على زياد كريشان: … هذا صوت الصامتين
بقلم جمال العرفاوي المقال المطول الذي وجهه الزميل زياد كريشان الى السيد زكرياء بن مصطفى في شكل رسالة، عبّر بكل موضوعية ودون تشنج عن كل ما يختلج في صدور الغالبية العظمى من الاعلاميين الذين اختاروا طوال كل هذا الوقت طريق الصمت والحياد، وهما من اخطر الخيارات في وقتنا هذا الذي رفع فيه طرفا الخلاف في بلادنا السلطة والمعارضة الراديكالية شعار »ان لم تكن معي فأنت ضدي» حتى ان بعض الاصوات ارتفعت مؤخرا وعبر احدى مواقع الانترنات التونسي للقول »الان حان فرز المواقف» وكذلك لم يتردد احدهم في التهجم على احدى المشاركات في ندوة حول العلمانية بانها مناضلة الربع الساعة الاخير» وانها »كانت تابعة للنظام». اما الاطراف الاخرى فقد كانت على نقيض هذه المواقف الى حد التطرف في موالاتها لخيارات النظام، والحال انها مطالبة بدور آخر غير دور المرآة العاكسة او الببغاء. فالسيد كريشان وضع اصبعه على اكثر من داء دون ان يسقط في دائرة الموالين الى حدّ التطرف او المعارضين الى حد الجحود. فهو اختار اخطر المواقع وقد لا يظفر برضاء اي من الطرفين ولا اعتقد انه يسعى الى ذلك ـ فحسب فهمنا لما جاء في مقاله فهو يدعو الى ان يقوم السياسي بدوره وكذلك الاعلامي دون ان تتداخل الادوار او تشتبك. واعتقد ان هذا الطريق الاصوب للخروج من الحالة السلبية لاعلامنا ولأحزابنا في ظل اختلاط مرضي لكل الادوار، اذ بات كل »عابر سبيل» لديه رأي وموقف في مجال السياسة وكذلك الاعلام. الجميع ينشطون في السياسة وفي الاعلام او في الاثنين معا. هكذا دون ضوابط او اطر واضحة. وكانت النتيجة صفرا فهؤلاء لم ينجحوا في تحريك الجمود السياسي او تكسير التكلس الاعلامي، وذلك بسبب ان كل واحد منا يدعي انه يمتلك الحقيقة وقادر على تحديد وصفة الشفاء. سوف اترك هنا التعقيب على ماجاء في مقال الزميل كريشان في الشق الذي تحدث فيه عن اوضاع الاحزاب في بلادنا الا اني اود ان اخوض في المسألة الاعلامية التي خاض فيها زميلنا بشكل مطول، اذ اني اعبر عن مساندتي لما جاء فيها خاصة مسألة تحرير الاعلام تحريرا كليا وترك الحاجة لمنطق السوق. الا اني اود هنا ان اضيف بل اتمنى على من بيدهم سلطة القرار الا يعيدوا التجربة السابقة تجربة »التدوير» في عملية اختيار المسؤولين على المؤسسات الاعلامية العمومية بل ان يتوقفوا مطوّلا امام كل تجربة ويتعاطوا مع الموضوع بالمنطق الحسابي البسيط ارى منطق الربح والخسارة. وبالتالي ان يحددوا السلبيات والايجابيات في تجربة هؤلاء وكذلك عن مدى دورهم في وصول اعلامنا للحالة التي نعيشها الآن. وكذلك البحث في الاسباب التي منعتهم من ممارسة صلاحياتهم، خاصة وانهم جزء من الماكينة الرسمية التي ما فتئت تدعو منذ سنوات الى ضرورة النهوض بالقطاع الاعلامي. اما النصيحة الاخيرة واعتقد انها الاهم فان الاعلام في عصرنا هذا لم يعد منطق اختيار المسؤولين عنه يخضع للموالاة بل للكفاءة اولا واخيرا. (المصدر: القسم العربي لمجلة « حقائق »، العدد 1041 بتاريخ 8 ديسمبر 2005)
القضاة في مؤتمرهم الاستثنائي: التنافس.. الكواليس..
شكل عدد الحضور مفاجأة للبعض فيما كان في نظر البعض الآخر امرا متوقعا. ذلك ان النسبة فاقت ما كان منتظرا. وفيما كان للحضور اكثر من معنى في نظر المترشحين وخاصة اولئك الذين كانوا وراء هذا المؤتمر ـ بما يعني في نظرهم فشل المقاطعة التي لوح بها المتعاطفون والمناصرون للسيد احمد الرحموني ورفاقه ـ غاب التنافس الفعلي والقائمات خلال هذا المؤتمر الاستثنائي وجاءت اللائحة الصادرة عنه لتترجم فصول الازمة التي شهدتها الجمعية لكنها لم تخل من بعض المواقف على غرار »تحقيق المصالحة بين جميع منخرطيها والعودة الى منهج الحوار».. انتهى هذا المؤتمر الاستثنائي ليترافق معه الحديث عن مرحلة اخرى هي مرحلة ما بعد المؤتم. اختلفت التقديرات بين الحاضرين بخصوص عدد المؤتمرين. تداولت بعض الارقام لكنها تجاوزت كلها الالف. حاول البعض تسويق ضعف ذلك العدد في محاولة للتدليل على رغبة القضاة في القطع مع ازمة يختلف القضاة الى وقت قريب في مناحي حلها. الحضور الذي وصف بالهام وبالغير المتوقع الذي ضم المتقاعدين قد يكون حسم عديد الامور وقد رأت فيه بعض الاطراف الحاضرة خلال ذلك المؤتمر معطى مهما بالرغم من ان اغلب الحضور من محاكم تونس الكبرى، فالبعض من العناصر الفاعلة راهنت على هذا الحضور. وقد بدا السيد خالد عباس رئيس اللجنة المؤقتة المكلفة بادارة شؤون الجمعية نفسه منتبها لهذا الحضور في كلمته والذي وصفه بالمكثف و»خير دليل على التفافكم حول جمعيتكم ورفضكم لاي تحرك من اي جهة كانت». لقد حاول عباس في كلمته توضيح عديد المسائل والخيارات التي انتهجتها اللجنة والرد على بعض الاتهامات كالقول بأن »اللجنة المؤقتة المنبثقة عن الجلسة العامة الخارقة للعادة منصبة وان انقلابا حصل داخل الجمعية». ولم تغيّب اللائحة الصادرة عن هذا المؤتمر بدورها الاشارة الى هذا الحضور الذي وصفته بالمتميز، »وما هو الا تفنيد قاطع لكل محاولات التشكيك في المسار التصحيحي للجمعية من بعض الجهات، وتعبير صادق عن الغيرة التي يكنها كل القضاة لجمعيتهم، ورفض كل توظيف وتدخل في شؤونها…»
رسائل عديدة في المقابل حاول القضاة التأكيد عليها من خلال حضورهم وكلماتهم واحاديثهم الجانبية او معنا. فقد حرصوا على التأكيد انهم نخبة معتدة بنفسها وبرز ذلك بالاخص في كلمة رئيس المؤتمر، لقد حاول الجميع التأكيد على انهم الاقدر على حل اي اشكال وانه لا احد يمكن ان يعطيهم الدروس وانهم الاقدر علي المسك بزمام امورهم. وتأتي مواقف القضاة تلك بعد ان طالتهم عديد الانتقادات والاتهامات على خلفية الازمة التي عرفتها الجمعية، في المدة الاخيرة، الامر الذي لم يعجب القضاة الذين وجدوا في تلك الاتهامات صيغا من التجني عليهم.
غياب القائمات والتنافس
ففي الوقت الذي ظهر فيه جليا حجم التعبئة والحضور، لم يبرز ما يؤشر على تنافس انتخابي كما عهد القضاة ذلك حتى وان كان الحضور اقل خلال مؤتمراتهم السابقة. غابت القائمات التي كانت تذكي ذلك التنافس، وان غابت حتى التحركات الانتخابية، فان كل ذلك لم يلغ اقرار البعض بحصول هذا التنافس بالرغم من غلبة اللون الواحد تقريبا على اغلب المترشحين البارزين في ظل غياب الرحموني ورفاقه من المكتب السابق عن هذا السباق الذي فضلت المجموعة الاخيرة تعمد مقاطعته رغم ما تردد عن حضور بعض المؤيدين والمناصرين للسيد الرحموني ورفاقه ردهات الاشغال دون ان يدلي بعضهم باصواتهم وهوامر لم نتأكد منه بصفة قطعية. المقاطعة والغياب كلمتان ترددتابقوة خلال هذا المؤتمر، لكن الاستنفار والتعبئة كانتا لهما الكلمة الحاسمة، في وقت جرى فيه الحديث عن حضور بعض المؤيدين والمساندين للسيد الرحموني كما اسلفنا.
كان لافتا للنظر منذ البدء في عملية التصويت ان بعض الاسماء مرشحة اكثر من غيرها للفوز بعضوية المكتب التنفيذي للجمعية بالرغم مما تداول عن تكافؤ الفرص بين الجميع سواء الذين كانت لهم تجربة في ادارة الجمعية او الجديد منهم خلال هذا المؤتمر الاستثنائي. وكان من بين هذه الاسماء السادة خالد عباس وحسين بالحاج مسعود وشكري بن صالح ومحمد العادل بن اسماعيل ورياض الغربي وهي الاسماء التي توجه لها مسؤولية »الالتفاف على الجمعية». لقد ساد اعتقاد بأن هذه الاسماء لن تفوز بيسر كما اعتادت في المؤتمرات السابقة التي ترشحت خلالها. لكن النتائج جاءت لتعيد نفسها وليحوز مرة اخرى خالد عباس باعلى الاصوات، يليه حسين بالحاج مسعود الذي تحصل على اعلى الاصوات خلال المؤتمر الاخير. وتفوز كامل المجموعة المذكورة على ثقة المؤتمرين. وبرأي من التقيناهم من القضاة فان النتائج تكشف عن ثقة في بعض الوجوه التي اختبرها القضاة طيلة سنوات من حياة الجمعية. وبرأي آخرين فان هذا الاختيار ينبع من رغبة القضاة في اعادة ترتيب اوضاع الجمعية حسب رايهم بعناصر ذات المام وتجربة عميقة باحتياجات الجمعية. ولم يفوت نص اللائحة تأكيد القضاة على دعوة »المكتب التنفيذي المنتخب الى الانصراف الى معالجة الملفات المتصلة بمشاغل القضاة وفتح قنوات الحوار مع الجهات المعنية تحقيقا لمصالح القضاة». وغير مستبعد في هذا الاطار ان يعود التفاوض بين الجمعية ووزارة العدل حول بعض الملفات التي تهم القضاة.
بعد الحسم
في المجتمع المدني وفي الاوساط السياسية التي شككت في المسار التصحيحي للجمعية مازالت تداعيات الازمة والمؤتمر الاستثنائي تحتل صدارة النقاشات بالرغم من حسم القضاة عبر ذلك الموعد واختيارهم لتشكيلة يعتبرونها الاقدر على قيادة الجمعية على مدار عام. ولعل من بين المسائل التي يتم ترديدها في تلك الاوساط السياسية والحقوقية هو منع اعضاء المكتب التنقيدي السابق على رأسهم السيد احمد الرحموني من حضور اشغال الاتحاد الدولي للقضاة. وقد اعتبر احد المسؤولين في وزارة العدل ردا على سؤال »حقائق» حول هذه المسألة ان اشغال الاتحاد الدولي للقضاة هو منتدى جمعيات وليس افرادا. باعتبار ان احمد الرحموني فقد مسؤوليته بالجمعية. وكان المؤتمرون قد وجهوا رسالة الى هذا الهيكل القضائي الدولي ضمّنوها شرحهم للاسباب التي ادت الى عقد الجلسة العامة الخارقة للعادة ليوم 3 جويلية الفارط وما تمخض عنها من قرارا داخل الوسط القضائي وخارجه تبدو مرحلة ما بعد المؤتمر المرحلة التي تثار بشأنها الشواغل فبالنسبة للقضاة يتحدث هؤلاء اكثر من اي وقت على الالتزام بواجب الحياد والتحفّظ وكأنهم بذلك يردون على خيارات سابقة تظلّ في النهاية محل اتّفاق تتفاوت درجاته فيما بينهم، كما يتحدث القضاة كما اسلفنا بثقة على انهم الاقدر على معالجة قضاياهم وان ما يحصل داخل جمعيتهم هو شأن داخلي، ولا يخفي القضاة كما جاء في تقييم اللجنة الذي تلاه خالد عباس مع بداية اشغال المؤتمر دخول بعض الاطراف »الذين يدعون بكونهم لسان الدفاع عن الحريات وحقوق الانسان» في النيل والمس باعراض القضاة وسمعتهم. وهو ما شكل بالنسبة لمن التقيناهم تطاول عليهم.
لكنه في المقابل يبدو المشهد السياسي المتحفز لما يعيشه القضاة في جمعيتهم غير متردد قبل انعقاد المؤتمر في التأكيد على مقاطعة القضاة لمؤتمرهم الاستثنائي وهو امر لم تؤكده وقائع المؤتمر ـ ويبدو ان قناعة القائمين على هذا المشهد مازالت تنظر الى القطاع ضمن الرؤية السياسية لقطاع يفلت في غالب الاحيان من ذلك التوجّه. اما بخصوص احمد الرحموني ورفاقه فان الاخبار المتداولة من داخل قاعة المؤتمر تفيد بأن هناك نية لسحب القضية المقرر النظر فيها يوم26 من الشهر الجاري في خطوة نحو المصالحة المنشودة التي صيغت في اللائحة الصادرة عن المؤتمر او تلك التي تداولتها ألسنة رموز القضاة، لكن ذلك قد لا يكون بالأمر الواضحة معالمه في الوقت الحاضر خاصة وان السيد الرحموني ورفاقه مازالوا مقتنعين بأن ما حصل لهم غير مبّرر.
عدد الاصوات
ـ خالد عباس: 1034صوتا ـ حسين الحاج مسعود:791 صوتا ـ شكري بن صالح: 650 صوتا ـ طارق براهم: 573 صوتا ـ محمد عادل بن اسماعيل: 564 صوتا رياض الغربي: 421 صوتا عدنان الهاني: 393 صوتا الحبيب غربي: 319 صوتا (داخل الجمهورية) وكيل رئيس المحكمة رئيس فرعها بالكاف خالد المبروك: 294 صوتا رئيس المحكمة الابتدائية بتوزر.
توزيع المسؤوليات
خالد عباس: رئيس حسين الحاج مسعود: نائب رئيس شكري بن صالح: أمين مال طارق براهم: كاتب عام أعضاء: السادة: محمد عادل بن اسماعيل، رياض الغربي، عدنان الهاني، الحبيب الغربي وخالد المبروك.
الشاذلي بن رحومة
(المصدر: القسم العربي لمجلة « حقائق »، العدد 1041 بتاريخ 8 ديسمبر 2005)
نواب التجمع… نواب المعارضة:
التداخـل والتمايـز
حقائق
مع المصادقة على ميزانية الدولة لسنة 2006 يكون الشوط الاول والرسمي من الحوارات البرلمانية بين اعضاء الحكومة من جهة والنواب التجمعيين والمعارضين من جهة أخرى قد قطعت خطوة هامة في اطار دفع التعددية والاحترام المتبادل والانفتاح على الرأي الآخر.
هذا الرأي الآخر والذي يضرب في الاتجاه المعاكس سوف لن يضرّ بواقع الحوار البرلماني بل يغذيه ويميز السبل لتونس التعددية داخل قبّة البرلمان في انتظار فسح مجالات اخرى للاختلاف والتواصل والحوار في المجتمع.
هذا الحوار البرلماني لم يخرج عن طبيعته الوفاقية والاخذ بعين الاعتبار مصلحة البلاد وتطلعات ابنائها وما الجدل بين نواب المعارضة ونواب التجمع الا لبنة من اجل دفع تطور البلاد في مجالات السياسة والاقتصاد والتنمية عامة، هذه التنمية التي ترتبط بالتمشي الديمقراطي وتغذيته. لقد تحدث النواب في كل المجالات وطرحوا كل الاسئلة خاصة تلك الاسئلة الحارقة حول التشغيل الذي يشغل بال نواب الجهات والمديونية والجباية اذ طالب نواب المعارضة خاصة باحكام ضبطها كما تساءل النواب عن الاعلام ودوره في هذا الظرف بالذات وعن الصحة وانفلونزا الطيور وقضية الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان.
كل القضايا طرحت دون محظورات ولا احترازات والملفت للنظر في هذه المداولات الخاصة بالميزانية دقة طرح القضايا عند بعض نواب التجمع وفتحهم لهامش الحرية في عدة اشكاليات تهم المؤسسات الاقتصادية وديمومة عملها والحياة الاجتماعية والاهتمام بأمن المواطن . وبالمقابل ورغم تميز تدخلات عدد هام من نواب المعارضة في حركة الديمقراطيين الاشتراكيين وحركة التجديد خاصة فان نوابا آخرين من عائلات المعارضة لا تزال ترفع الشعارات اكثر منها في طرح مسائل دقيقة وذلك من قبيل شعار حرية الاعلام او الديمقراطية في المطلق او استغلال فضاء مجلس النواب للحديث عن موقع هذا الحزب او ذاك او دوره في الخارطة السياسية وقربه او بعده من السلطة.
لكن وان حصلت اخطاء او تراوحت تدخلات النواب بين الدسامة ودونها فإن دورات أخرى من المجلس النيابي كفيلة بتطوير آداء النواب ومسكهم لملفات الحوار…
(المصدر: القسم العربي لمجلة « حقائق »، العدد 1041 بتاريخ 8 ديسمبر 2005)
التلفزة في حاجة الى ثورة ثقافية…
رضا الملولي
قد يتساءل البعض منّا عن سبب عزوف نسبة غير هيّنة من المواطنين عن متابعة برامج التلفزة الوطنية؟! هل يعود ذلك الى المضامين المعروضة ام الى الاستخفاف بوعي المشاهد؟ واذا ما افترضنا جدلا أن هذه المضامين لا يستسيغها عدد هائل من المواطنين، فبالامكان ان يجد ضالته في القنوات الاخرى ومع ذلك يظلّ حريصا على الالتفات الى المنتوج المرئي المحليّ! مهما كانت المبرّرات والدّوافع فإنّ حرص المشرفين على التلفزة على الارتقاء بذائقتنا الموسيقية من خلال المزود وأثناء فترة الانتخابات الرئاسية والتشريعية الفارطة لا يعادله الاّ حرص من نوع آخر من قبل النخب والمهتمين بالشأن السياسي الوطني على مقاطعة التلفزة واعتبارها خارج الجغرافيا الوطنية.. نفس الشيء يتكرّر أثناء قمة المعلومات حيث تم اتحافنا بمقطوعات موسيقية صامتة واخرى من فصيلة المالوف واستغرق بث هذه المقطوعات زمنا معقولا نعتبره كافيا لبث لقاءات او برمجة متصلة بالحدث الكوني الذي احتضنته بلادنا مؤخرا، هنا مرّة أخرى تنتابك الحيرة وتجد تفسيرا لعدم الاقبال على برامج التلفزة باعتبارها خارج التاريخ هذه المرّة. لكن لماذا الحرص على عدم الاضافة، فكل من يتولى مسؤولية الاشراف على هذا الصندوق العجيب يكتفي بنزعة المجهود الادنى مع الحرص على الاقتداء بالسلف الصالح وهو يرمز في هذا المجال البقاء اطول مدة ممكنة دون اضافات تذكر.
هل اصبحت البلاد عاقرا حتى لا تتحول التلفزة الى واجهة للتعددية الفكرية والسياسية بالبلاد؟! هل طلبنا من التلفزة ان تكون فاعلا سياسيا حتى يخاف المشرفون على حظوظها من كل نبرة مخالفة كما يخاف الفطيم على ثدي امّه؟! كلّ ما طلبناه منها ومنذ سنوات طويلة أن لا تستخف بالمواطن وتكون في مستوى الارادة السياسية للسيّد الرئيس وفي حرصه الدائم على تجذير الحسّ المدني والارتقاء بوعي المواطن التونسيّ..
فهل تلقت ادارة التلفزة قائمة بالممنوعات ومنها عدم مواكبة حدث القمة وتقديم الاجتهادات والاضافات الممكنة في هذا المجال؟! هل يملك المشرفون الحاليّون على مقدراتها خطوطا حمراء اضافية، غير مدرجة في قوانين البلاد مثل الدفاع عن مكتسبات البلاد والابتعاد عن هتك الاعراض والثلب وصيانة المؤسسات الدستورية والدفاع عن قيم النظام الجمهوري ورموزه؟!! نعتبر ان التلفزة في حاجة الى ثورة ثقافية حقيقية تطال العقول حتى يستقيم الاداء وتكون التلفزة سندا فعليا للتغيير ومرتكزاته… هي في حاجة الى روح تحررية تجمع بين ثوابت المشروع الاجتماعي القائم على المساواة والمدنية وبين الروافد الفكرية والسياسية المختلفة الداعمة لهذا المشروع منذ انطلاقته سنة 1987.
التلفزة كوسيلة من وسائل التبليغ الجماهيري اذا ما استفحلت داخلها البيروقراطية وكفّ العقل عن ان يكون المحرّك لشرايين الانتاج داخلها يحوّلها الى اداة طيّعة للاستكانة والخوف غير المبّرر من السّراب وتتحوّل بفعل ذلك كل فكرة الى معول للهدم بعيدا عن الاجتهاد وتنمية ملكة الخلق والابتكار داخلها. ولانغالي اذا ما اكّدنا على ان تدعيم المسعى التحرري منطلقه وسائل الاعلام الجماهيرية التي بامكانها ان تعدّل التقييمات السائدة وتدفع المواطن الى الاعتزاز بما هو محليّ. ومنذ أيام قليلة همس لي قيادي من حزب معارض بأنّ التلفزة (صنصًرَت) جزءا من استجواب اجرته معه يتصل بالموقف من القرار الرئاسي الاخير ـ المتصل بتكليف رئيس الهيئة العليا لحقوق الانسان بمهمّة الاستماع الى مشاغل الاحزاب ومكونات المجتمع المدني التونسي، حيث ثمّن القرار المذكور واستدرك معدّدا بعض النقاط التي يراها ذات اولوية. لكن هذا الاستدراك حذفه مونتاج التلفزة. لماذا؟ لا اجابة بامكانها اقناعك سوى حرص البعض على ان يكون من يتم استجوابهم منحدرين من نفس الرحم وقاطنين بنفس الحيّ ويتنفسون نفس الهواء ولم لا يفكرون بنفس الطريقة… وهذا مستحيل بطبيعة الحال!
نحن مطالبون بدعم مكتسبات بلادنا والسيّر بخطى حثيثة نحو الآفاق القصوى للحداثة والمدنية التي تعني القطع مع التواكل والانتهازية وتقديم الافكار الكفيلة باثراء الحياة العامّة وتلك مسؤوليتنا جميعا حُكّامًا ومحكُومين وَمَنْ لم يفهم ذلك فإنّه معنيّ قبل غيره بتغييرما يعتمل داخله حتى يتمكن من فهم شروط المواطنة والمسؤولية. على التلفزة ان تكون في طليعة الواعين بهذه الشروط وما دون ذلك سراب وعدم قدرة على فهم مستلزمات التغيير…
(المصدر: القسم العربي لمجلة « حقائق »، العدد 1041 بتاريخ 8 ديسمبر 2005)
«الجزيرة» .. لحظة فارقة في العصر الأمريكي
منذر بالضيافي
لا يختلف اثنان في كون قناة »الجزيرة»، قد أحدثت هزة في المشهد الإعلامي , لا العربي فقط، وانما أيضا الدولي . فقد استطاعت ان تتحول الى ظاهرة، شغلت الصغير قبل الكبير، الكل يتساءل عن هويتها، عمن يقف وراءها، علاقتها باسرائيل والولايات المتحدة ؟ تعددت الأسئلة و الاستفسارات عن و حول القناة »اللغز». في المستوى العربي، وتمكنت من التأسيس الى ثقافة اخبارية تقوم على أساس شعار مركزي: »الراي..و الراي الاخر». كما كانت وراء بروز حالة من العدوى الايجابية، تمثلت في توالد أو تناسل عدد من الفضائيات الاخبارية سواء تلك الناطقة بلغة الضاد أو بلغات أخرى.. بل إنها أجبرت و دفعت الخارجية الأمريكية على بعث قناة اخبارية موجهة للراي العام العربي قناة »الحرة»، ثم حذت مؤخرا حذوها ال بي بي سي , والتي أعلنت رسميا عن بعث قناة اخبارية بالعربي.
الان و هنا، وبعد مرور 9 سنوات، تحولت قناة »الجزيرة» من قطر الى لحظة فارقة في الاعلام المرئي، الى شبكة اعلامية: قناة للرياضة، قناة للأطفال وقريبا قناة دولية.. بالاضافة الى موقع متميز على شبكة الأنترنات. لكننا نختلف مع الكثير مما تبثه، ولا نسبغ عليها هالة من القدسية، ففي أحيان كثيرة تتحول المادة الاخبارية أو التوثيقية المقدمة الى محاكمة للأشخاص أو الأنظمة، أو أن تدخل طرفا في صراع داخلي في هذا القطر أو ذاك .. فتغيب المهنية و تحضر الضوضائية والصياح والصياح المعاكس. كما أنه لايزال هناك خلاف على طريقة تغطية الشأن الفلسطيني، على خلفية كون القناة فتحت الشاشة على مصراعيها للمتحدث الاسرائيلي، وبالتالي مكنته من النفاذ الى الوعي والادراك العربيين, وهي بذلك كرست أكثر مظاهر التطبيع مع عدو العرب . كما أن سكوتها عن الشأن القطري أفقدها البعض من صدقيتها, فهي التي سكتت عن طرد الاف القطريين من ديارهم بغير وجه حق, و هي التي لم تكلف نفسها ولو في مناسبة واحدة مغادرة مقرها بميل أو ميلين لانجاز تحقيق عن ظروف عيش المارينز في أكبر قاعدة لهم في المنطقة، في المقابل قفزت »الجزيرة» من قطر الى بغداد للفوز بالسبق الاعلامي في بغداد وتركت مصدره وراءها في القاعدة الأمريكية على أرض الدوحة. لقد صامت »الجزيرة» من قطر عن خلفيات السياسة الخارجية لدولة قطر، وهي سياسة في حاجة الى المعالجة و المقاربة الاعلامية على أساس »الراي.. والراي الاخر». »قطرية» أو محلية القناة جعلتها تضحي بمهنيتها وبرز ذلك جليا في تعاطيها مع الشأن السعودي، فقد أستعملت من قبل مالكيها أمراء قطر في الاساءة الى المملكة ورموزها.
من الاعتراضات البارزة على »الجزيرة»، كونها فتحت المجال واسعا للتيار الديني »الاخواني» و»الجهادي»… وهو ما جعلها تحظى بالسبق في عرض أشرطة بن لادن وزمرته، بالاضافة الى نشرها لأفكار وتوجهات الفكر الاخواني من خلال تمكينها لأحد رموزه من الظهور المستمر عبر برنامج صاحب ولايزال القناة منذ ولادتها. بعد هذا العرض، نعود الى مربط الفرس، الى الخبر الذي شغل الدنيا ولايزال، والذي سربته الصحيفة البريطانية »دايلي ميرر» و الذي كشفت فيه عن نية الرئيس جورج بوش العام الماضي قصف مقر قناة »الجزيرة» في قطر على خلفية تغطيتها للهجمة الأمريكية على الفلوجة. ودون البحث في جدية أومصداقية مثل هذه التسريبات، فانها صبت في المقام الأول في صالح القناة (لمستهدفة) وزادت في جماهريتها و كذلك نجوميتها و نجومية العاملين فيها, ومثلت شهادة تفوق وحرفية اعلامية صيغت بفكر وجهد عربي، واعلان عن مدى أهمية الاعلام في التأثير على الراي العام في تشكيل ذوقه ونظرته للأشياء.وتأكيد على اصرار أمريكا على تثبيت هيمنتها على الماكينة الاعلامية العالمية، من ذلك أن ادارة بوش لم يتسع صدرها لصوت مغاير أو مختلف، برغم تأكيدها المستمر على أنها راعية الحقوق و الحريات.
وفي انتظار التثبت من التسريبات ومدى صدقية مانشر، فان سيناريو قصف القناة يعد مجرد التفكير فيه من الكبائر على حد تعبير الفقهاء، ولا يمكن للعالم الحر أن يقبله أو يسكت عنه، وهو مشهد ذكرني بيوم قرر فيه موسيليني سجن الفيلسوف والمعارض الايطالي غرامشي ومقولته الشهيرة »أسكتوا هذا العقل عن التفكير», انها عودة للفاشية لو يثبت بالفعل أن بوش الزعيم الذي يقود العالم يتصرف بمنطق »البلطجة» على حد تعبير الأخوة المصريين.
(المصدر: القسم العربي لمجلة « حقائق »، العدد 1041 بتاريخ 8 ديسمبر 2005)
قصة المناضل الذي شارك في حرب 48 بفلسطين والذي تحوّل الى ممثل مشهور سافرت الى فلسطين وخضت معركة الكفاح المسلح ضد اسرائيل سنة كاملة والدي كان يناديني بـ «الكاراكوز» ويعطيني «طريحة» بعد كل حصة تمارين أهم الأعمال التي شاركت فيها «ضحية الواجب» و«فتح باب المقدس» و«طارق بن زياد» و«الحاج كلوف» و«ألف كذبة وكذبة» و«مجنون ليلى» كنت من الأوائل الذين دعتهم التلفزة وشاركت في اول فيلم تونسي سنة 1966
في حفل للنواب الفائزين حضره ممثلون عن الأقباط والحكومة
إخوان مصر يتعهدون بمواصلة الإصلاح ومحاربة الفساد وتعديل الدستور
القاهرة ـ قدس برس – من محمد عرفة
تعهد نواب جماعة الإخوان المسلمين الـ 88 الفائزون في انتخابات البرلمان المصري، بالتركيز علي محاربة الفساد، والسعي للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، في أجندتهم في البرلمان الجديد. كما تعهدوا بالعمل علي تعديل الدستور لإزالة قيود الحياة السياسية المصرية، وتقييد سلطات رئيس الدولة.
فيما دعا المرشد العام للإخوان المسلمين محمد مهدي عاكف نواب الإخوان الجدد الي تحمل المسؤولية الكبيرة الملقاة علي عاتقهم، والقيام بواجبهم كوكلاء عن الأمة، وعمن انتخبوهم، باعتبار أن ذلك أمانة في أعناق نواب الأمة الجدد .
وأكد كل من عاكف، والدكتور محمد سعد الكتاتني، زعيم كتلة الإخوان الجديد في البرلمان، في حفل استقبال للنواب الجدد، في احد الفنادق بضاحية مدينة نصر، شرق القاهرة، مساء الأحد الماضي، أن نواب الإخوان سوف يسعون للتعاون مع الجميع، لما فيه صالح الوطن، وخير المواطن، الذي منح صوته لهم.
وتمني الكتاتني أن يغير الحزب الوطني من طريقة تعامله مع المعارضة، وأن يرتب أوراقه، لأن الإخوان يمثلون 20 في المئة من المجلس، وهو ما يمنحهم الحق في التعبير عن الجماهير التي اختارتهم، كما قال.
وتزامن هذا مع اختيار أعضاء الكتلة البرلمانية لنواب الإخوان المسلمين بالبرلمان المصري الدكتور محمد سعد الكتاتني، النائب عن منطقة بندر المنيا، جنوب مصر، رئيسا للكتلة البرلمانية للإخوان، بدلا من الدكتور محمد مرسي، الذي خسر في الانتخابات، كما اختاروا حسين محمد إبراهيم، نائب الإسكندرية، نائبا لرئيس الكتلة، والدكتور حمدي حسن، نائب الإسكندرية، متحدثا رسميا باسمها، والدكتور محمد البلتاجي، نائب شبرا الخيمة، شمال القاهرة، سكرتيرِا عاما للكتلة.
حضور سياسي متنوع
وقد حضر الحفل، الذي أقامه الإخوان، للتعريف بأعضاء البرلمان الجدد، حشد كبير من الإعلاميين والصحافيين، وأعضاء في الأحزاب السياسية المصرية، وأقباط، وممثل من الحزب الوطني الحاكم، هو الدكتور حمدي السيد، نقيب الأطباء، الذي نسق معه الإخوان في الانتخابات، وألقيت كلمات ترحيب بالنواب الجدد، ونصائح لهم، كما نوقشت التجاوزات، التي وقعت في الانتخابات، والتي وصفها مرشد الإخوان بأنها تزوير .
وفي هذا الإطار أكد الدكتور عزيز صدقي، رئيس وزراء مصر الأسبق، والمنسق العام للجبهة الوطنية المصرية من أجل التغيير، علي أهمية وعظم حجم المسؤولية الملقاة علي عاتق نواب الإخوان المسلمين في مجلس الشعب الجديد في مصر، منوها بالدور الوطني، الذي تلعبه الجماعة.
وطالب صدقي نواب الإخوان وكل الوطنيين الشرفاء بالقيام بأعباء المرحلة القادمة، ومسؤولياتها في البرلمان الجديد، مشددِا علي قضيتي الإصلاح السياسي، ومواجهة الفساد في مصر.
كما أكد المفكر القبطي الدكتور رفيق حبيب، علي ثقة الأقباط، وسائر المجتمع المصري في نواب الإخوان الجدد في مجلس الشعب المصري، في التصدي لمشكلات المواطنين ومطالبهم، في مواجهة السلطة المستبدة وممارساتها .
وطالب النواب الجدد بتحمل تبعات مسؤولية الدور الوطني، الذي هم بصدد الاضطلاع به .
وقال مرشد الجماعة محمد مهدي عاكف في كلمته لنواب الإخوان الجدد إنكم مطالبون بالانحياز للحق، أيا كان مصدره، فنحن الآن في المعارضة، وليس معني ذلك أننا نعارض للمعارضة، ولكن مفهومها لدينا أنها المعارضة الراشدة، التي تعارض ما يتنافي مع المصلحة العامة، وتقف مع ما يتوافق معها .
وحدد عاكف مجموعة من المهام، التي تنتظر النواب الجدد ومجلس الشعب الجديد، وهي: أولاِ العمل علي تعديل الدستور نحو المزيد من الحريات السياسية، وتقييد سلطات رئيس الدولة، وإلغاء القوانين المقيدة للحريات، وتحقيق التداول السلمي للسلطة . وقال عاكف إن هذا المجلس مرشح لاقتراح تعديل الدستور، فاعملوا علي أن يكون الدستور المعدل نابعا من إرادة الشعب، معبرِا عن نبضه وآماله .
وأضاف أن من أولي مهام المجلس الجديد السعي لإصدار قانون السلطة القضائية المعطل، منذ عقد ونصف، ومراقبة الأداء الحكومي، بشكل فعال، والتصدي للإسراف والفساد ، وأن النواب الجدد من الإخوان مطالبون بـ الرقابة الدقيقة علي أعمال الحكومة، والتصدي للإسراف والتبذير، ومكافحة الفساد، ومطاردة المفسدين حتي يتم تقديمهم الي العدالة، وتشديد العقوبات عليهم . وطالب مرشد الإخوان النواب الجدد بضرورة إعطاء الأولوية القصوي لإصلاح الحالة الاقتصادية والاجتماعية في مصر، بما في ذلك حالة التعليم، ومستوي معيشة المواطن، مؤكدا في كلمته علي صعوبة القيام بهذه المهمة.
رئيس الكتلة يتعهد بملاحقة المفسدين
من ناحية اخري، وفي أول تصريح صحافي له، أكد الدكتور محمد سعد الكتاتني، رئيس الكتلة البرلمانية لنواب الإخوان المسلمين، أن نواب الإخــــوان يحملون في أجندتهم للدورة الجديدة كثيرِا من القضايا، أبرزها محاربة الفساد في كافة القطاعات بمصر، وتعقب هـــــذه القضايا وفضحها، والدفع الي محاسبة المسؤولين عنــــها ، مشــــيرِا الي أن نسب الفساد بمصر تهدد الاستقرار، مثلما تهدد أي خطط تنمية بشرية وسياسية.
وأكد في تصريحات نشرها موقع إخوان أون لاين التابع للجماعة أن قضايا الإصلاح السياسي تعد من أبرز الموضوعات، التي ستستمر كتلة الإخوان في تناولها، خاصة وأن هناك عددا كبيرِا من القوانين البارزة، التي من المنتظر أن يناقشها البرلمان الجديد، وسيكون لها تأثير واضح علي شكلِ الحياة السياسية، كقانون حرية الصحافة، والنقابات المهنية، وتعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية، إضافة الي القوانين الاقتصادية، كقانون تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر، وغيره من القوانين الاقتصادية .
وقال الكتاتني إن نواب الإخوان الجدد يعتزمون تنفيذ برامجهم الانتخابية بحذافيرها، وبرنامج الجماعة الانتخابي العام، وعلي رأس بنوده الإصلاح السياسي في مصر، وما يتضمنه من تعديل للدستور، وإفساح المجال للحريات السياسية، واحترام حقوق الإنسان، بجانب مواجهة مشكلات المجتمع الاجتماعية والاقتصادية ، حسب تعبيره.
(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 13 ديسمبر 2005)
في مكة: قمة اسلامية في غياب ممثلي الأمة
د. عبدالوهاب الافندي (*)
القمة الاسلامية الطارئة التي انعقدت في مكة المكرمة في السابع والثامن من كانون الاول (ديسمبر) الجاري حملت دلالات رمزية هامة بانعقادها في المدينة التي كانت مهبط الوحي ومهد الرسالة الاسلامية، وقد جاءت هذه القمة في فترة تعتبر اكثر العصور الاسلامية قتامة منذ أيام الغزو المغولي، حيث تواجه الأمة اخطاراً داخلية وخارجية تهدد وجودها ومستقبلها.
وقد تم الاستشهاد بهذه الظروف كمبرر للدعوة لهذه القمة الاستثنائية في الزمان والمكان. وفي كلمته التي افتتح بها المؤتمر تحسر العاهل السعودي الملك عبد الله ابن عبد العزيز علي الطريقة التي تداعت بها حضارتنا المجيدة من مراقي العز الي سفوح الوهن وكيف عاث فكر العقول المجرمة مفسدا في الأرض وكيف تحولت امتنا الواحدة بشموخها وكبريائها الي كيانات مستضعفة . واضاف الملك عبد الله قائلا: انني اتطلع الي امة اسلامية موحدة وحكم يقضي علي الظلم والقهر، وتنمية مسلمة شاملة تهدف الي القضاء علي العوز والفقر كما اتطلع الي الوسطية التي تجسد سماحة الاسلام، واتطلع الي مخترعين وصناعيين مسلمين وتقنية مسلمة متقدمة والي شباب مسلم يعمل لدنياه كما يعمل لآخرته دون افراط او تفريط .
والملفت في هذا الخطاب وفي القمة التي دعا لها هو الاعتراف من القائمين علي امور الأمة بأن حصاد مسؤوليتهم كان تمزق الأمة ووقوعها ضحية العوز والفقر والتخلف والهيمنة الاجنبية. وأهم من كل هذا اعتراف الحكام بأن حكمهم ظلم وقهر، واعرابهم عن الأمل في ان يتجلي الظلم، وينقشع التطرف.
وكان من المنتظر ان يدرس مثل هذا المؤتمر الذي جمع كل الزعماء بعناية وتدبر السبب في هذا التدهور، وتحديدا المسؤولية عنه من اصحاب المسؤولية الأولي عن شؤون الأمة، ويخرج بقرارات تغير الحال. ولعل اضعف الايمان في هذا المجال كان تأكد اعتراف الحكام الواضح بمسؤوليتهم عن الاوضاع، علي الاقل فيما يتعلق بالظلم والقهر الواقع علي شعوب الأمة والتعهد بالكف عنه. واذا لم يكن هناك اقتراح بالتنحي عن دور المسؤولية اعترافاً بالفشل، فعلي الاقل كان ينبغي ان يكون هناك تعهد او ابداء نية للكف عن تعويق من يجتهدون لتدارك ما يمكن تداركه، وخاصة من قبل منظمات المجتمع المدني وغيرها من الساعين للاصلاح. فمشكلة هؤلاء المسؤولين هي انهم لا يعملون ولا يدعون غيرهم يعملون.
البيان الختامي للقمة الموسعة ببلاغ مكة احتوي كثيراً من التمنيات حول سيادة الفهم الوسطي للاسلام وحلول التسامح والحوار والتعددية محل التكفير والتطرف. وفي حقيقة الأمر فان هذا كان القصد من عقد المؤتمر، اي وضع ثقل الدول الاسلامية وراء الاعتدال الاسلامي لخدمة غرضين: الأول مساعدة الولايات المتحدة في حربها علي الارهاب، والثاني دعم شرعية الانظمة القائمة ضد المهددات التي يري البعض انها تأتي من شيوع الغلو في التدين.
ولا شك ان شعور قادة الدول الاسلامية بالحاجة الي موقف جماعي ضد الغلو والتطرف هو في حد ذاته تعبير عن الأزمة. ذلك ان الكل يعرف ان المتطرفين هم قلة معزولة جلهم من الشباب والاحداث. واذا كانت مثل هذه المجموعات الصغيرة المعزولة اصبحت تشكل تهديدا للدول بحيث تنامي الشعور بأن الدول بمفردها تعجز عن التصدي لها حتي تطلب الأمن في الكثرة، فان هذا في حد ذاته يشير الي خلل كبير، عنوانه هشاشة الأنظمة وفقدانها للشرعية.
الاشكال اذن لا يعالج باصلاح مجمع الفقه الاسلامي او اطلاق الشعارات حول وسطية الاسلام، فاذا كانت الشكوي هي ان شباب في العشرينات من العمر اصبحوا ينصبون انفسهم للفتيا في أمور الدين، وتعجز المؤسسات الدينية الكبري عن مقارعتهم الحجة بالحجة هي دليل علي افلاس هذه المؤسسات والانظمة التي تقف وراءها. اذ فقد العلماء والمؤسسات المصداقية لانهم تلوثوا بفساد الحكام، وشاركوا في تبرير واقع الفشل ودعم من خذلوا الأمة في كل مضمار.
اذن بداية الحل يكون في اصلاح حال الانظمة، ودعم شرعيتها التي تشكو من ارتباط الحكومات بالفشل في كل ميدان كما جاء في خطاب الملك عبد الله: الفشل في توحيد الأمة والدفاع عن مقدساتها، الفشل في التنمية ومحاربة الفقر، الفشل في الحفاظ علي سمعة الاسلام والمسلمين عالمياً. وفوق كل ذلك جعل العالم الاسلامي آخر حصون القهر والظلم والتخلف. فهل احتوت توصيات بلاغ مكة علي معالجة لهذه القضية علي الاقل علي مستوي التمنيات؟
عبثاًً ينقب الباحث في البلاغ، وخاصة في القسم المعنون في المجال السياسي عن اي تعهد يلامس لب هذه الأزمة، وفي الحقيقة فان الذي يقرأ هذا الجزء قد يتوهم ان هذه قمة لا تعني المسلمين. ففي هذا القسم توصيات موجهة الي الاسرائيليين والأرمن والقبارصة والولايات المتحدة، وحديث عن احتلال العراق وفلسطين الخ، وعن الارهاب وكل ما ليس له علاقة بالمسؤولية السياسية للمجتمعين.
هذا التهرب من المسؤولية والتخفي وراء تظلمات المسلمين من غيرهم تمثل لب المشكلة. فليس هناك حديث هنا عن الفشل المدهش للدول الاسلامية امام دول أصغر واقل شأناً، مثل ارمينيا واسرائيل، ولا عن كون مصدر الظلم والقهر (وأيضاً العجز) بالنسبة لمعظم المسلمين هو حكوماتهم، وليس الاجانب.
انه لمن المخيب للآمال، وان لم يكن مستغرباً، ان تضيع هذه الفرصة للتصدي لمشاكل الأمة من قبل قادتها. ذلك ان هذا الظرف الحرج الذي تمر به الأمة كان ينبغي ان ينبه اكثر الناس غفلة الي ان استمرار الأمور علي ما هي عليه لم يعد ممكنا. ولكن الذي حدث للأسف هو العكس، حيث ان هذه القمة تمثل علي ما يبدو الوقفة الأخيرة للنظام القديم، بصورة تذكر بوقفة ملوك الاندلس الخاسرة ضد الزحف الكاثوليكي في غرناطة.
زعماء العالم الاسلامي، بدلا من ان تثير فيهم الأزمة يقظة ومحاولة لتدارك الأمور، فانهم سعوا بالعكس الي استغلال الأزمة لتثبيت الاوضاع علي ما هي عليه، ووصم معارضي حكمهم بالارهاب والتطرف لركوب الموجة العاتية الآتية من امريكا، والهروب الي الامام من متطلبات الاصلاح والتغيير.
ولعل احد ابرز دلائل هذه الأزمة المتفاقمة هو ان الجمع الذي احتشد في مكة الاسبوع الماضي كان يفتقد الصفة التمثيلية للأمة الاسلامية. فليس هناك زعيم عربي واحد انتخبه شعبه في انتخابات حرة ونزيهة، بل بالعكس ان الشعوب ترفض هؤلاء الحكام، وهم بالمقابل يتعاملون معها كحكومة احتلال، تشتبه في كل نشاط حر مهما كانت دوافعه ومنطلقاته، وتعتبر ان الأصل في اي نشاط تعليمي او خيري او تنموي ـ ناهيك عن النشاط السياسي ـ هو انه مؤامرة ضد السلطة حتي يثبت العكس. وبالتالي تقف الشرطة والأجهزة الامنية بالمرصاد لأي نشاط شعبي، وتجرم اصحابه وتعرض الشلل علي الأمة.
والأمر لا يختلف كثيرا في الدول الاسلامية خارج العالم العربي، حيث لا يكاد يوجد بين زعمائها من انتخب بحرية الا في حفنة من الدول، مثل مالي والسنغال او (بكثير من التحفظ) اندونيسيا وبنغلاديش ـ واذا كان جل الزعماء هم في واقع الأمر في حالة حرب مع شعوبهم، فانه كان لا بد لمؤتمر مثل هذا ان يكون مجلس حرب ضد الامة الاسلامية وشعوبها ـ واذا كان هذا هو الحال، فانه ليس مستغربا ان يتجه بعض الشباب الذين يعانون من الاحباط الي العنف والارهاب، بل المستغرب هو قلة من سلكوا هذا الطريق.
زعماء الأمة الاسلامية اتبعوا سنة اخوانهم العرب في التهرب من مسؤولياتهم عبر عقد القمم، مثل قمة تونس حول اصلاح قبل عامين، والتي اعطت الانطباع بان الزعماء العرب يحتاجون الي اذن الجامعة العربية قبل ان يكفوا عن انتهاك حقوق مواطنيهم. وفي حقيقة الامر فان معظم الاصلاحات الضرورية لا تحتاج لعقد اجتماع قمة، بل بالعكس لن يكون هناك نجاح لأي قمة ما لم تتم المعالجات التي تجعل من يحضرون القمم يعكسون آراء ومطامح شعوبهم. وما لم يحدث هذا فلن يكون الفرق لو رأس القمة شارون او من ينوب عنه.
(*) كاتب وأكاديمي سوداني مقيم في بريطانيا
(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 13 ديسمبر 2005)