في كل يوم، نساهم بجهدنا في تقديم إعلام أفضل وأرقى عن بلدنا، تونس
Un effort quotidien pour une information de qualité sur notre pays, la Tunisie. Everyday, we contribute to a better information about our country, Tunisia
|
TUNISNEWS
9 ème année, N 3388 du 01.09 .2009
archives : www.tunisnews.net
الجمعية الدولية المساندةالمساجين السياسيين:زياد الفرشيشي، المراقبة الإدارية.. أو السجن و ظلاله
سليم بوخذير:بعد « حنبعل »، « عليسة »..قناة تلفزية جديدة لشركة قريبة من صهر بن علي
كلمة:الحكومة تُواصل تسليط سلاح القرصنة على مدونة المختار اليحياوي وبريده
مجموعة من النقابيين الديمقراطيين : البيان التقييمي للمؤتمر الرابع و العشرون للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس
منير السويسي : إلى السيد محمد الميساوي رئيس مدير عام وكالة تونس إفريقيا للأنباء
السياسية:أخبـــــــار وكوالـــــــــــيس
عبد السلام الككلي:قراءة في أزمة نقابة الصحافيين
حبيب مقدم:لا للخنوع للسلطة…نعم للصراع المفتوح مع الطاغية
الصباح:الضغوطات النفسية أبرز الأسباب:عُشر النساء يعنفن أزواجهن!
الشعب:الرئيس التونسي يصدر أمرا بالإفراج عن الصيادين المصريين.. والفرحة تغمر أهالي كفر الشيخ
موقع البنك الدولي :قـطــاع الماء في تونس: التحديات والإصلاحات والاستثمارات
الصباح:الضغوطات النفسية أبرز الأسباب:عُشر النساء يعنفن أزواجهن!
قنطرة:حوار مع الممثِّل والمخرج التونسي، هشام رستم: مبدع … وطنه المسارح الأوروبية والعربية
محمـد العروسي الهانـي:مقترحات لدعم مجلس النواب وتطعيمه بعناصر جديدة لها اشعاعها ورصيدها الفكري والسياسي والنضالي
أربعون عاما على تولي معمر القذافي مقاليد الحكم في ليبيا:القذافي… عالم من التناقضات ورجل الأضواء والمفاجئات
توفيق المديني:تحديات ما بعد الانتخابات الأفغانية
د. فهمي هويدي:أجراس الخطر التي لا يسمعها أحد
عبد الباري عطوان:السلام الامريكي.. والغباء العربي
محمد فهد القحطاني:الجماعات الإسلامية
القدس العربي:جدل أمريكي بعد سحب دار مرموقة رسوم النبي من كتاب أكاديمي
ميشيل كيلو:هل ننهض دون فكرة جامعة؟!
صلاح حميدة:فــــــــي نقــــــد حمــــــــــــاس
الجزيرة نت:إسرائيل تعلن إحباطها مخطط لحزب الله لاغتيال أشكنازي
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows(
(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)
التقارير الشهرية لمنظمة « حرية وإنصاف » حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس
جويلية 2009
الحرية لجميع المساجين السياسيين الحرية للدكتور الصادق شورو الجمعية الدولية المساندةالمساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr تونس في 01 سبتمبر 2009
زياد الفرشيشي، المراقبة الإدارية.. أو السجن و ظلاله
نظرت محكمة ناحية بنزرت اليوم الثلاثاء2009.09.01 في القضية المعروضة على أنظارها عدد91347 والتي يحال فيها الشاب زياد بن حمادي بن عبد النبي الفرشيشي، بتهمة : « عدم الإمتثال لتراتيب المراقبة الإدارية » ، حيث قضت في حقه بشهرين سجن نافذة. وكان حُـكِم على زياد الفرشيشي بثلاثة سنوات سجن لتهم تتعلق بقانون 10 ديسمبر2003 المسمى » قانون مكافحة الإرهاب » وبعقوبة تكميلية ممثلة في سنتين مراقبة إدارية، وبعد أن أمضى عقوبة السجن بين أوت سنة 2005 وأوت سنة 2008، يَخضع الآن زياد الفرشيشي منذ ما يزيد عن العام إلى عقوبة تكميلية، يُجبر أمنياً بموجبها(وفق اجتهاد الأجهزة التنفيذية) على الإمضاء اليومي بمركز جرزونة للأمن الوطني، بعنوان المراقبة الإدارية. وقد سبق لرئيس مركز جرزونة للأمن الوطني أن وعد زياد الفرشيشي أن يجعل، بعد تمام السنة الأولى للمراقبة ا|لإدارية ، من الإمضاء اليومي إمضاءاً أسبوعياً ( وهو تخفيف يتمتع به جميع السجناء الشباب المسرحين من المحكوميين بالمراقبة الإدارية ، بعد أن يمضوا سنتهم الأولى من مراقبة الإدارية) ، وعند تمام السنة الأولى من المراقبة في شهر أوت 2009 ، تنكر رئيس المركز لوعوده، بل وتمسك بعدم تمتيع الشاب نادر الفرشيشي من إجراء التخفيف على نحو ما يتم مع باقي المسرحين ممن أتموا سنتهم الأولى مراقبة، وأعتبر بناء عليه حضور زياد الفرشيشي للإمضاء يوم واحد في الأسبوع لدى مركز الأمن الوطني بجرزونة مخالفة توجب العقاب، والجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين، تذكّرأن الأجهزة التنفيذية حين تُجبر السجناء المسرحين على الإمضاء اليومي في سجلات الحضور لدى مركز الأمن فإنها تمارس حقاً ليس لها، ثم هي تنهض إلى ممارسته دون ضوابط وتعدّ عقوبات بـ »مخالفات مفتعلة » بقصد تأديب السجناء المسرحين،من جهة ولقياس مستوى جاهزيتها الأمنية على ممارسة سلطة الإخضاع من جهة ثانية . والأمثلة التالية التي نعرضها توضح هذا المعنى : – فقد اُجبر السجين السياسي السابق حمدي الزواري ( كان قبل سجنه طالباً بكلية العلوم) بعد سراحه من السجن على الإمضاء مرة واحدة في الأسبوع، لكن صادف أن أحد أيام الإمضاء كان يوم عطلة رسمية وهو الأربعاء 2001.11.07 وحين حضر إلى مركز الأمن لم يُسجل عون الاستمرار حضور السيد حمدي الزواري بالدفتر، وفي الأسبوع الموالي وافق اليوم الأول من شهر رمضان فإنشغل في إعداد محل لبيع الألبان فأجّل الإمضاء لليوم التالي، وفي الغد تلقفه أعوان الأمن لدى وصوله إلى مركز الشرطة ووضعوا يديه في قيد الحديد بدعوى عدم تسجيل حضوره في الأسبوع الماضي والأسبوع الحالي، وصدر ضده حكم لمدة شهر سجن فأمضى شهر الصيام من رمضان 2001 بين جدران السجن وذلك بين (16 نوفمبر2001 إلى 16 ديسمبر2001). – وأمضى السجين السياسي السابق محمد الطاهر الكحيلي، 5 سنوات يتردد على مركز الأمن الراجع إليه بالنظر ليُمضي في سجلات الحضور بصورة يومية، بموجب قرار المراقبة الإدارية الصادر في حقه، وبعد تمام الـ5 سنوات فوجأ بالأمن السياسي يطالبه بالإستمرارعلى الحضور والإمضاء بسجلات الحضور، وحين رفض الإستجابة للطلب بحجة لأنه أنهى مدة العقوبة التكميلية، تم إيقافه، وإحالته على القضاء على وجه السرعة بتهمة مخالفة تراتيب المراقبة الإدارية، قبل أن يتمكن من إنابة محام للدفاع عنه وصدر ضده حكم بالسجن لمدة شهرين نافذة. – وفي أواخر شهر فيفري 2006 تم الإذن شفويا من قبل السلطات الأمنية بمنزل بورقيبة للسجين المسرح سامي بوراس بالقيام بزيارة إلى تونس العاصمة قصد شراء بعض المستلزمات ولكن حال مغادرته اُصدر في حقه منشور تفتيش لـ »مخالفته تراتيب المراقبة الإدارية » وتم إيقافه ومحاكمته في القضية رقم 23732 بتاريخ 08/03/2006 بمحكمة ناحية منزل بورقيبة و صدر في حقه حكم بشهرين سجنا. – أما السجين المسرح طارق ناجي الذي يقيم في مدينة توزر فقد اُذن له بالسفر إلى بنزرت لزيارة شقيقته التي تقيم هناك غير أن المسؤولين بمركز الأمن أنكروا بعد ذلك أن يكونوا قد أذنوا له ، فبعد إيقافه بمدينة بنزرت على الساعة الخامسة من بعد ظهر الاربعاء2008.06.11 في منزل شقيقته بحي الجلاء، بدأ مسلسل التشفي ،فاحتجز ليلة كاملة بمنطقة الشرطة ببوقطفة ثم تم نقله في الغد الخميس2008.06.12 إلى مركز الإيقاف ببوشوشة (تونس العاصمة ) حيث قضى ليلة أخرى وفي اليوم الموالي (الجمعة) تم نقله إلى مركز إيقاف بمدينة سوسة ومنها نقل إلى صفاقس ثم إلى سيدي بوزيد حيث قضى ليلته الثالثة بها وفي اليوم الموالي تم نقله إلى مدينة قفصه ثم إلى توزر ليقضي يومي السبت والأحد في مركز شرطة المدينة قبل أن يتم تحويله يوم الإثنين صباحاً إلى محكمة الناحية بتهمة مخالفة تراتيب المراقبة الإدارية فنال حكما بالسجن لمدة شهرين مع تأجيل التنفيذ، – أما السجين السابق الشاب منصف بن حبيب بن الطاهر السعيداني (المقيم ببئرمسيوغة- ضاحية بنزرت الجنوبية) فقد اُجبر على الإمضاء اليومي بسجلات الحضور منذ سراحه في أوت 2008 لدى مركز الحرس الراجع إليه بالنظر، وكان رئيس مركز الحرس المسمى عبد الله التليلي وأعوانه، يعملون على إجباره على الحضور في مواعيد غير قارة تتجدد كل يوم ، ولأن الشاب منصف السعيداني تأخر في إحدى الأيام… 5 ساعات…! عن الموعد المقرر للإمضاء على سجلات الحضور، تم إحالته بتهمة عدم الامتثال لتراتيب المراقبة الإدارية وقضت المحكمة في حقه بالسجن لمدة شهر ونصف قضاها كاملة.
لجنة متابعة السجناء السياسيين المسرحين
بعد « حنبعل »، « عليسة »..قناة تلفزية جديدة لشركة قريبة من صهر بن علي
سليم بوخذير مرة أخرى تمنح الحكومة للقريبين منها فقط ترخيصا بمحطة تلفزية ، فيما يُحرم جميع المخالفين لها من حق إنشاء أية وسيلة إعلام سواء مكتوبة أو سمعية أو مرئية . فقد أعلن سامي الفهري المشرف على ما يُسمى بشركة « كاكتيس » القريبة من صهر الرئيس التونسي ، أن هذه الشركة ستُطلق في 7 نوفمبر – تشرين الثاني 2009 قناة تلفزية إسمها « عليسة » . وقال الفهري في صفحته على موقع « الفايس بوك » الإجتماعي إن « 7 نوفمبر – تشرين الثاني هو الموعد الرسمي لإنطلاق بث قناة « عليسة تي .في. » التابعة لشركة « كاكتيس » على البث الرقمي الأرضي التونسي الذي ينطلق في هذا التاريخ » . وتابع الفهري : »ترقبوا « عليسة » مع أضخم البرامج العالمية بنسخها التونسية ضمن باقة تلفزتي » ، بحسب تعبيره . وجرت العادة أن تُعلن الحكومة بنفسها عن السماح بإنشاء قناة تلفزية جديدة، لكنّها لم تعلن إلى الآن . وتُعرف شركة « كاتيس » هذه في تونس بقرابتها من أحد أصهار بن علي البارزين ، وقد إستأثرت منذ أكثر من 3 مواسم بالقسط الأهم من برامج قناة « تونس 7 » الحكومية . ومع مساحات الإنتاج الوافرةالتي تُتاح لها ، تنال الشركة من برامجها ماشاء الله من عائدات الإشهار . وبقدوم « عليسة » ، يُصبح في رصيد تونس 3 محطات تلفزية كلها غير مستقلة و مُنحت إمّا للقريبين أو للموالين وذلك بعد قناة « نسمة » و »حنبعل » التي يُحاكي إسم القناة الجديدة إسمها . والشأن نفسه بالنسبة لتراخيص الإذاعات فكلها منحت إما للموالين للحكومة أو لأصهار بن علي صراحة . يحدث هذا ، فيما تنام في أروقة وزارة الداخلية في تونس عديد طلبات إنشاء صحف و محطات إذاعية او تلفزية مستقلة تقدم بها عديد المستقلين عن الحكومة وقع نسف حقهم في الإستجابة لطلباتهم لمجرد أنهم غير موالين للحُكم ، الأمر الذي يعكس حجم الوصاية الذي تمارسها الحكومة على الإعلام ورغبتها المتواصلة في إحتكاره من الألف إلى الياء.
(المصدر: « كلمة » (اليكترونية محجوبة في تونس) بتاريخ 31 أوت 2009)
الحكومة تُواصل تسليط سلاح القرصنة على مدونة المختار اليحياوي وبريده
سليم بوخذير إشتكى القاضي السابق والناشط الحقوقي والمدون المختار اليحياوي من إرتفاع وتيرة قرصنة شرطة الأنترنت في تونس لمدونته وصفحته على موقع الفايس بوك وعلى بريده الإلكتروني . وقال اليحياوي في إتصال ب »كلمة » إنّ قراصنة الأنترنت الخفيّين في تونس قاموا بقرصنة صفحته على الفايس بوك منذ السابع والعشرين من أوت الجاري ، أي في نفس اليوم الذي قام فيه الجنرال بن علي بتقديم ترشحه إلى ما تسميه الحكومة ب »الإنتخابات الرئاسية » . وتابع: »لقد أنشأت صفحة جديدة على الفايس بوك منذ يوميْن والأحد قرصنوها نهائيا بوسائلهم الإلكترونية غير الشرعية » . وقال اليحياوي : »حتّى مدونتي المحجوبة أصلا حاولوا قرصنتها ومازالوا يواصلون ، كما قاموا بقرصنة كل عناوين بريدي الإلكتروني وأنا حاليا ليس لي بريد إلكتروني واحد أستطيع فتحه بعد أن إستحوذوا على كلمات المرور السرية وغيّروها » . واليحياوي هو واحد من كثيرٍ من مناضلي حقوق الإنسان والمدونين والكتاب المستقلين الذين ما فتئ يُسلط سيف القرصنة على بريدهم الإلكتروني أو مواقعهم ، فقبل مدونات اليحياوي طال التخريب موقع « تونس نيوز » مرارا و تكرار وموقع « كلمة » و »الفجر نيوز » وغيرها من المواقع المحجوبة أصلا التي لا يريد لها النظام أن تعيش حتى لا تكشف صورتها الحقيقية القاتمة . من جهة أخرى ، تواصل المصالح الخفية للحكومة خطة قطعها لخدمة الأنترنت على عديد مناضلي حقوق الإنسان في منازلهم رغم سدادهم لمعاليم الإرتباط بالشبكة . يُذكر أن مصالح الحكومة في الخارج رفضت تمديد جواز سفر كريمة الأستاذ اليحياوي المقيمة في فرنسا، في إطار سياسة التنكيل العائلي التي يعرفها جميع المعارضين في تونس .
(المصدر: « كلمة » (اليكترونية محجوبة في تونس) بتاريخ 31 أوت 2009)
مجموعة من النقابيين الديمقراطيين : البيان التقييمي للمؤتمر الرابع و العشرون للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس الذي أغضب البيروقراطية النقابية
المؤتمر الرّابع والعشرون للاتّحاد الجهوي بصفاقس، جويلية 2009 مجموعة من النقابيين الديمقراطيين وثيقة تقييميّة احتداد الانعطاف نحو اليمين ومهام القوى الوطنيّة والدّيمقراطيّة
انفضّ المؤتمر الرّابع والعشرون للاتّحاد الجهوي بصفاقس معلنا بداية حقبة جديدة من النّضال ومطلقا سيرورة إعادة تشكيل المشهد النّقابي على قاعدة نتائج الانتخابات من جهة والتّحدّيات التّي تطرحها التّشكيلة الجديدة للمكتب التّنفيذي في علاقة بالمحطّات المنتظرة كالمؤتمر القادم للاتّحاد الجهوي لسنة 2013 والانقلاب المنتظر على الفصل العاشر من النّظام الدّاخلي للاتّحاد العام والمحطّات السّياسيّة لسنة 2009 وملف الحرّيات والدّيمقراطيّة ورهانات مختلف الأطراف داخل الحركة النّقابيّة بعلاقة بالنّضال الوطني والدّيمقراطي. لقد أفرز المؤتمر نتائج خطيرة بناء على التّحالفات التّي أنشئت والخلفيّة الفكريّة والسّياسيّة التّي استندت إليها وبيّن بما لا يدع مجالا للشّكّ أنّ الحركة النّقابيّة بالجهة مقبلة على حقبة صعبة إن لم تعي القوى السّياسيّة والنّقابيّة الدّيمقراطيّة المخاطر المحدقة بمصائر الطّبقة العاملة نظرا لتعزّز مواقع التّيّار المعادي للدّيمقراطيّة والمكرّس للايديولوجيا الاسلامويّة داخل المكتب التّنفيذي الذّي أفرزه المؤتمر الأخير. ذلك التّيّار المثخن بالفساد والمرتبط بخيوط شتّى بالسّلطة ومؤسّساتها والمدافع الشّرس على المفسدين والمرتشين والمخرّبين. ولعلّ أبرز ما يمكن تسجيله من ملاحظات قبل تناول المؤتمر من جميع وجوهه بالتّحليل والتّقييم يتمثّل في عزوف أغلب المترشّحين على التّعبير عن تصوّراتهم ومواقفهم من القضايا الشّائكة والتّي من أبرزها: · الفصل العاشر من النّظام الدّاخلي للاتّحاد العام ومسألة الدّيمقراطيّة النّقابيّة عموما واستقلاليّة المنظّمة · ملف الحوض المنجمي ومواقف المكتب التّنفيذي الجهوي المخزية منه وبصفة خاصّة تصدّيه المعلن للجنة التّضامن مع الحوض المنجمي ومنعه بالقوّة لممثّلين نقابيّين من الرّديّف من عقد اجتماع بالنّقابيّين بدار الاتّحاد الجهوي، · عمليّات التّجريد التّي شهدتها الحركة النّقابيّة في الفترة السّابقة، · المنشورين 83 و 84 الصّادرين عن النّظام الدّاخلي للاتّحاد العام، · ملفّ الفساد الذّي يتعلّق بالعديد من الأعضاء المعاد انتخابهم بالمكتب التّنفيذي للاتّحاد الجهوي وعدد من المسؤولين النّقابيّين المباشرين ببعض القطاعات وبصفة خاصّة تلك التّابعة لقطاعات الخدمات الاجتماعيّة… · ملفّ التّصرّف المالي في موارد الاتحاد الجهوي التّي بلغت حوالي 405 ألف دينار والتّي أنفق منها 168 ألف دينار بعنوان ‘منح ومساعدات اجتماعيّة’ و73 ألف دينار بعنوان ‘الصّيانة ‘ أي حوالي 60 % من مجموع الموارد قد ذهبت في الإعانات والصّيانة في حين تبقى عديدي المعتمديات دون مقرّات… · التّدخّل السّافر لاتّحاد الصّناعة والتّجارة بالجهة في الشّؤون الدّاخليّة للاتّحاد الجهوي و دعمه العلني والخفيّ لبعض المترشّحين وبصفة خاصّة بعلاقة بالتّصفية المرتقبة لعديد المؤسّسات التّابعة للقطاع الخاص والنّسيج منها على وجه التّحديد. · عزوف أعضاء المكتب التّنفيذي المتخلّي عن الرّدّ على تدخّلات النّوّاب واستفساراتهم وعدم توزيع التّقرير المالي عليهم. · احتفال التّيّار التّصفوي بـ’انتصاره’ على اثر صعود أحد ممثّليه للمكتب التّنفيذي وذلك بالمستشفى الجامعي الحبيب بورقيبة وخروج الكاتب العام للفرع الجامعي للصّحّة بدون محاسبة بعد ما قدّم بشأنه من ملفّات إدانة في علاقة بملفّ الفساد وتعاطيه مع شركة المناولة العاملة بمستشفيات الجهة.
1. ما قبل المؤتمــــــر تميّزت فترة ما قبل المؤتمر بالنقاشات التّي خاضتها بعض أطراف اليسار النّقابي ومجموعة من المستقلّين حول إمكانية تشكيل قائمة مستقلّة. وكان التّصوّر الذّي قاد هذه المناقشات قائما على أنّ الحركة النّقابيّة بالجهة بحاجة إلى قيادة مناضلة بديلة عن القيادة البيروقراطيّة المتفسّخة وأنّ هذا البديل لا بدّ وأن يعبّر عن نفسه وأن يراكم الخبرة والإشعاع الضّروريّين للحقبة القادمة. ولقد أبرزت هذه النّقاشات تقاربا كبيرا في تقييمات مختلف الأطراف فيما يتعلّق بالوضع النّقابي الجهوي من حيث الاختلال الكبير في موازين القوى بين الخطّ المناضل والخطّ البيروقراطي التّصفوي وانعدام الإمكانية الفعليّة لتصعيد بعض العناصر للمكتب التّنفيذي وأنّ الرّهان الأساسي يتمثّل في إقناع ممثّلي الطّبقة العاملة بالجهة بأنّ البيروقراطيّة ليست ‘قدرا’ بل هي ظاهرة يتحتّم تجاوزها لما فيه مصلحة الشّغّيلة ومصلحة منظّمتهم النّقابيّة. كما برز من خلال المناقشات اتّفاق كبير على تقييم أداء المكتب التّنفيذي الجهوي ومواقفه في القضايا المفصليّة التّي تهمّ الطّبقة العاملة وتمترسه المستمر خلف الشّعارات لضرب استقلاليّة المنظّمة ومزيد خنق الدّيمقراطيّة النّقابيّة والعبث باستقلاليّة المنظّمة وبصفة خاصّة تجلّيات هذا النّهج بعلاقة بالمحطّات النّضاليّة التّي شهدتها الجهة ومواقفه من القضايا الكبرى التّي تشغل النّقابيّين… كما تميّزت فترة ما قبل المؤتمر كالمعتاد بمناورات عديدة تتعلّق بالوافدين الجدد والمغادرين. ولعلّ أبرز نتيجة لذلك تتمثّل في قبول الكاتب العام للاتّحاد الجهوي ضمّ الكاتب العام للنقابة الجهويّة للتّعليم الثّانوي لقائمته من جهة وتسريب أخبار عن استحالة ضمّ الكاتب العام للفرع الجامعي للنّسيج بقائمة الكاتب العام للاتّحاد الجهوي. لقد محور التّكتلّ الصّلب من بين أعضاء المكتب التّنفيذي خطابه المعلن على عمليّة الاستبعاد (النّسيج) و(السّكك الحديديّة / لجنة النّظام) والاستقطاب (التّعليم الثّانوي) و (التّعليم الأساسي / لجنة النّظام) فاسحة المجال لبعض العناصر للتّرشّح كـ’مستقلّين’، أي من خارج القائمة الرّسميّة، خدمة لأهداف عديدة لعلّ أبرزها إضعاف بعض القطاعات انتخابيّا (التّعليم الثّانوي) وتعزيز التّحالفات الغير معلنة (التّعليم الأساسي / الصّحّة / النّسيج / الكيمياء والنّفط ) لتسهيل عمليّة ضرب مرشّحي كلّ من السّكك الحديديّة للجنة النّظام والتّعليم الثّانوي للمكتب التّنفيذي وإعادة تشكيل الخارطة النّقابيّة الجهويّة عبر فرض موازين قوى جديدة تتيح للتّيّار التّصفوي المدعوم بيروقراطيّا التّحرّك بسهولة أكبر.
2.الجلسة الافتتاحيّــــــة تميّزت الجلسة الافتتاحيّة للمؤتمر بحضور مكثّف من قبل أعضاء المكتب التّنفيذي للاتّحاد العام. وقد رفع أثناءها عديد النّقابيّين شعارات تتعلّق بالحوض المنجمي والحرّيات العامّة والفرديّة والشّراكة مع الاتّحاد الأوروبّي ووحدة مختلف الطّبقات والشّرائح الاجتماعيّة في النّضال الوطني والنّضال الدّيمقراطي… ولعلّ ما يجب التّأكيد عليه هو ما جاء في كلمة الأمين العام للاتّحاد من ضرورة تعديل النّظام الدّاخلي حتّى يتمكّن الكتّاب العامّون للنّقابات الجهويّة والفروع الجامعيّة من حضور مؤتمرات جامعاتهم ونقاباتهم العامّة بصفة آلية من جهة وإعلانه عن برنامج يستهدف ‘العناية’ بالنّقابات الأساسيّة في أفق مزيد ‘تأهيلها’.
3.المؤتمــــــــر تميّزت تدخّلات النّوّاب ببروز تصوّرين متناقضين تعلّقا، بالإضافة إلى التّقييم والمسائل المطروحة على الحركة النّقابيّة جهويّا وطنيّا وعالميّا، بمسائل إيديولوجية وسياسيّة. أمّا التّصوّر الأوّل فقد بلورته مداخلات عناصر التّيّار الوطني الدّيمقراطي وأنصاره الذّين استندوا في مداخلاتهم الى تقييمات معمّقة لأداء المكتب التّنفيذي كمجموعة وكأفراد مسؤولين عن أقسام بعينها داخل الاتّحاد الجهوي. فاستماتوا في فضح مظاهر الفساد التّي تشهدها المنظّمة عموما والاتّحاد الجهوي على وجه الخصوص. وأبرزوا بجرأة مشهودة المخاطر المحدقة بالحركة النّقابيّة والدّيمقراطيّة في ظلّ الهجمة الامبرياليّة المتعدّدة الأوجه. وأدانوا بوضوح الاتّفاقات المخزية فيما يتعلّق بالمفاوضات الاجتماعيّة وانخراط المكتب التّنفيذي في تمرير سياسات السّلطة في الملفّات الهامّة كالتّأمين على المرض والتّفويت في المؤسّسات والمنشات العموميّة والتّفويت في قطاعات الخدمات الاجتماعيّة من صحّة وتعليم ونقل وخدمات اتّصاليّة كما أدانوا التّدهور المستمر في تلك الخدمات وأبرزوا تعمّق الفوارق الطّبقيّة والجهويّة. كما أبرزوا تفشّي ظاهرة البطالة التّي نتج عنها مظاهر خطيرة كالمحسوبيّة والرّشوة والجهويّة. كما أدانوا المواقف المتواطئة للقيادات النّقابيّة تجاه تشريعات العمل وصمتها عن التّعديلات المتلاحقة لمجلّة الشّغل وخاصّة فصولها المتعلّقة بالانتداب التّي ستبلغ مداها بدخول ‘العمل بالإعارة’ حيّز التّطبيق بعد أن روّج منظّروا اللّيبراليّة داخل الحركة النّقابيّة لمفاهيم تضرب في العمق مفهوم العمل. ولقد قدّم مناضلو التّيّار الوطني الدّيمقراطي وأنصاره برنامجا متكاملا لنضال الطّبقة العاملة وعموم الكادحين للحقبة المقبلة بناء على تحليل علمي وملموس لأوضاع الشّغّيلة الرّاهنة والتّحدّيات المطروحة أمامها وطنيّا، قوميّا وأمميّا. لقد جاءت مداخلات التّيّار الوطني الدّيمقراطي وأنصاره منسجمة مع قناعاتهم الإيديولوجية والسّياسيّة المرتكزة على وفائهم للتّراث النّيّر للحركة النّقابيّة وإيمانهم العميق بتلازم النّضال الوطني والدّيمقراطي وأنّ مسؤوليّتهم النّضاليّة تحتّم عليهم الاصداع بالحقيقة للجماهير مهما كان الثّمن. فكان التّعاطف الكبير مع مداخلات هذا التّيّار التّي تفاعل النّوّاب مع البعض منه بالتّصفيق الحار. كما طالبوا النّوّاب بإصدار برقيّتين باسم المؤتمر واحدة تضامنيّة مع مساجين الحوض المنجمي والثّانية تطالب السّلطة بالإفراج عنهم فورا. أمّا التّوجّه الثّاني فقد تبلور من خلال المداخلات التّي أدانت في شقّ منها اجتهادا فرديّا لأستاذة قامت بإنتاج عمل مسرحي وظّف بشكل انتهازي لاستدرار تعاطف النّوّاب لبعض المترشّحين وتصدّت في شقّ آخر لإدانة الكاتب العام للفرع الجامعي للصّحّة (ملفّ الفساد الذّي بلغ المكتب التّنفيذي للاتّحاد الجهوي والمسؤول عن النّظام الدّاخلي بالمكتب التّنفيذي للاتّحاد العام والذّي دعي عديد النّقابيّين والنّقابيّات بالجهة لمشاهدة شريطا وثائقيّا يبرز الفساد الذّي أشاعه الكاتب العام للفرع الجامعي للصّحّة في القطاع) كما تصدّت لإصدار برقيّة تطالب بالإفراج الفوري عن مناضلي الحوض المنجمي. وممّا يلفت الانتباه أنّ النّاطقين باسم هذا التّوجّه قد صمتوا عن المطالبة بالشّفافيّة في المحاسبة الماليّة ومحاسبة المسؤولين عن الفساد سواء داخل المنظّمة أو خارجها وغيّبوا المسائل الاقتصاديّة والسّياسيّة وبصفة خاصّة تردّي الأوضاع المعيشيّة للجماهير الشّعبيّة وشموليّة الاستبداد السّياسي الذّي عمّ البلاد. بل نجده يتجرّأ على المطالبة بتغيير عنوان لائحة ‘الصّراع العربي الامبريالي الصّهيوني’ بلائحة ‘الصّراع الإسلامي الصّهيوني’. كما أنّ أصحاب هذا التّوجّه صمتوا عن الدّيمقراطيّة النّقابيّة من خلال إحجامهم عن تناول الفصل العاشر والمنشورين 83 و 84 السّيّئي الصّيت و عدم إدانتهم للتّجاوزات والخروقات المتكرّرة للنّظام الدّاخلي ومقرّرات سلطات القرار الجهويّة والمركزيّة على شاكلة ما أقدم عليه ‘محمّد شندول’ من دخول لمجلس المستشارين وإلغاء المكتب التّنفيذي للاتّحاد الجهوي لعديد مقرّرات سلطات القرار الجهويّة من قبيل تلك المتعلّقة بالتّضامن مع الحوض المنجمي. بالإضافة إلى إثارة مسألة ‘الحجاب’ (التّعليم العالي) والتّعدّيات على ‘الدّين الإسلامي ونبيّه’ والإفصاح عن مواقف معادية للغرب على قاعدة عنصريّة ودينيّة. لقد تبلورت من خلال هذه المداخلات الملامح الأساسيّة ، الإيديولوجية والسّياسيّة والنّقابيّة ، لتيّار أصولي معاد لنضال الطّبقة العاملة الوطني والدّيمقراطي متواطئ مع الاستبداد والفساد داخل المنظّمة وخارجها معتبرا أنّ معركته الرّئيسيّة هي معركة إيديولوجية وأنّ خصمه الرّئيس هم العلمانيّون واللاّئيكيّون الذّي دعا ضمنيّا لاستئصالهم من المنظّمة.
4.التّحالفات ونتائج العمليّة الانتخابيّة تشكّل تحالف لعبت فيه البيروقراطيّة الجهويّة والمركزيّة ومؤسّسات غير بعيدة عن السّلطة الدّور الرّئيس في ترتيبه كلّ من موقعه وكلّ حسب أجندته الخاصّة بهدف تعزيز الخطّ المعادي للدّيمقراطيّة داخل الاتّحاد الجهوي بعناصر يشهد تاريخها على تبنّيها وممارستها على مرأى من ‘الأمن’ ومن أعضاء المكتب التّنفيذي للعنف الرّجعي تجاه المناضلين النّقابيّين بهدف إقصائهم ،وان كان على مراحل. اذ لا يمكن اعتبار إسقاط مرشّح التّعليم الثّانوي ‘خيانة’ كما يروّج البعض لذلك بل هو النّتيجة المنطقيّة والحتميّة لما خطّط له ‘التّحالف’. ولئن كان التّاريخ سيسجّل في ذاكرة الحركة النّقابيّة بالجهة غداة المؤتمر الرّابع والعشرون فهو بالتّأكيد سيسجّل أنّ إحدى الكتل البيروقراطيّة التّصفويّة قد نجحت في بناء تحالف مرحلي قويّ من داخل قائمة الكاتب العام ونجحت بالتّالي في انجاز المهمّة الموكولة إليها في سدّ الطّريق أمام ‘العلمانيّين واللاّئكيّين’ وفسحه بالمقابل لأصوليّة مغرقة في الرّجعيّة لبلوغ المكتب التّنفيذي من جهة وترتيب أوضاع الاتّحاد الجهوي على ضوء التّغيّرات المنتظرة سواء بعلاقة بالمؤتمر القادم للاتّحاد الجهوي أو بعلاقة بالأوضاع داخل المكتب التّنفيذي ومؤتمر الاتّحاد العام القادم وبصفة خاصّة بعلاقة بالصّراع الطّبقي الذّي ستشهده الجهة في القادم من الأيّام على ضوء تصاعد الهجمة الرّجعيّة المتعدّدة الأوجه على الطّبقة العاملة.
5.الخاتمة لقد تشكّل الآن حلف مقدّس من رحم المؤتمر الرّابع والعشرون للاتّحاد الجهوي راهنت عليه السّلطة وراهن عليه رأس المال دائما باعتباره الخادم الوفيّ والحارس الأمين لمصالحهما. وهو تحالف يتطلّع إلى خدمة أجندة محدّدة بعلاقة بالتّحدّيات الاقتصاديّة والسّياسيّة التّي تواجهها السّلطة ولا تزال بعلاقة بالملفّات الكبرى التّي تمسّ حاضر ومستقبل الصّراع الطّبقي والنّضال الوطني والاجتماعي. فهذا التّحالف يشكّل زمرة من زمر الفساد والإفساد وهو الممرّر على الدّوام لمواقف السّلطة وأجندتها الاقتصاديّة والسّياسيّة والاجتماعيّة. وعناصر هذا التّحالف مستفيدة إلى أبعد الحدود من تفشّي الاستبداد داخل المنظّمة وخارجها بل لعلّها كانت وستظلّ ضالعة في إشاعة جوّ من الاستبداد الفكري والسّياسي التّكفيري. ولا أدلّ على ذلك من صمتها وتزكيتها لكلّ التّنقيحات التّي عرفتها قوانين المنظّمة والمناشير القمعيّة الصّادرة عن النّظام الدّاخلي كالمنشورين 83 و 84 السّيئي الصّيت الذّين عمل ممثّلوا ذاك التّحالف المشؤوم كلّ ما في وسعهم على عدم تضمينهما في اللاّئحة الدّاخليّة للمؤتمر أو صمته المريب عن تلك التّنقيحات التّي مسّت الدّستور وجملة التّشريعات الشّغليّة أو تشريعه للعنف المادّي تجاه المناضلين واستقوائه بـ’أصحاب العضلات المفتولة’ لقمع المخالفين وتأديبهم بل تبنّيه في حالات عديدة لممارسات عنفيّة أقلّ ما يقال فيها أنّها ‘بلطجة’ بكلّ ما في الكلمة من معني إذ ما يمكن أن نسمّي الاعتداء بالعنف و في الطّريق العام في خضمّ المسيرات والمظاهرات التّي قامت بها الشّغيلة بالجهة على شاكلة ما قام به وما سيقوم به الكاتب العام للفرع الجامعي للنّسيج في أكثر من مناسبة. انّه تحالف يأكل عناصره على موائد أعداء الشّغّيلة ويكدّسون الامتيازات والمكاسب الشّخصيّة نظير خدماتهم الجليلة للسّلطة ورأس المال… إن تحالفا بهذه الخطورة يتطلّب وعيا من كلّ القوى والفعّاليّات السّياسيّة التّقدّميّة والدّيمقراطيّة ليس داخل الاتّحاد الجهوي للشّغل فقط بل وعلى صعيد الجهة والقطر عموما إذ أنّ ذاك التّحالف لا يعدو أن يكون جزءا من خطّ ينشر الخراب والفساد على امتداد المنظّمة ويهيئ لانقلاب خطير على الدّيمقراطيّة وهو ما يستوجب البحث في خطّة نضاليّة لإسقاطه في أقرب الآجال عبر توحيد الممارسة النّضاليّة ورسم أرضيّة تقطع مع السّكتاريّة والعقليّة الفئويّة. إنها حقبة جديدة ستوضع فيها استقلاليّة المنظّمة وديمقراطيّتها ونضاليّتها على المحكّ. فلا تتأخّروا على رصّ صفوفكم لخوضها….
5 جويلية 2009 مجموعة من النّقابيّين الدّيمقراطيّين المصدر : منتدى » الديمقراطية النقابية و السياسية » الرابط : http://fr.groups.yahoo.com/group/democratie_s_p
تونس في 01 سبتمبر 2009 إلى السيد محمد الميساوي رئيس مدير عام وكالة تونس إفريقيا للأنباء
تحية احترام وبعد، – يرتكب كل إنسان في حياته أخطاء وتجاوزات سواء عن قصد أو غير قصد. – قد يرتكب « المسؤول » أو منظوروه، أخطاء وتجاوزات متفاوتة « الخطورة » والتداعيات. لكن: – أن يكون « المسؤول » مسؤولا عن وكالة أنباء « رسمية » مثل « وكالة تونس إفريقيا للأنباء ». – وأن تتكرّر وباستمرار -وفي أكثر من مناسبة- أخطاؤه وتجاوزاته، أو أخطاء وتجاوزات بعض منظوريه ممن فوّض إليهم صلاحيات وأسندهم امتيازات غير قانونية. – وأن يكون من بين هذه الأخطاء والتجاوزات ما يستوجب المساءلة والمحاسبة. – وأن يتضرر من هذه الأخطاء والتجاوزات -وفي أكثر من مناسبة- نفس الصحافي، أو حرمه التي تعمل معه (لسوء الحظ) في نفس المؤسسة. – وأن يرفض المسؤول استقبال الصحافي المتضرر في مكتبه والإصغاء إليه (بعد عدة طلبات، في هذا الشأن، من المتضرر). – وأن يرفض المسؤول الرد على الاتصالات الهاتفية المتكررة للصحافي المتضرر. – وأن تكون غاية الصحافي من وراء محاولات الاتصالات الفاشلة هذه ، إطلاع « المسؤول » على هذه الأخطاء والتجاوزات التي تضرر منها هو وحرمه. فإن ذلك: – يبعث على الشك والحيرة والتساؤل. – قد يدفع « الصحافي » إلى الاستنجاد بوسائل تبليغ أخرى لا يحبّذها « المسؤول ». – قد يدفع الصحافي إلى اجترار قائمة طويلة وعريضة بهذه الأخطاء والتجاوزات التي تضرّر منها هو وحرمه. – قد يدفع الصحافي إلى اجترار شكاوى بقية زملائه الصحافيين الساخطين على الإدارة الحالية والمحبطين من أدائها. – قد يدفع الصحافي (باعتباره صحافيا ومراقبا قبل أي شيء) إلى اجترار كلّ الأوساخ والعفن الذي صار يلطخ من الداخل الوكالة المسكينة، التي من المفروض أن تكون قمّة في النظافة. – قد يستعين بشهود ويدلي بوثائق لإثبات الأخطاء والتجاوزات. -قد يطالب بمساءلة ومحاسبة المسؤول أو منظوريه على ضوء ما هو متوفر من قرائن وأدلّة. لذلك: – على المسؤول التحلّي بالتواضع المطلوب والتحدّث مع الصحافي المسكين و »الزوالي » الذي ليس لديه للأسف « أكتاف ساخنة » مثل بعض زملائه الذين لا يحتاجون لمواعيد كي يستقبلهم الرئيس المدير العام للوكالة في مكتبه المبارك. – مع العلم أن استقبال المسؤول للمتضرر ليس منّة منه على الصحافي المسكين لأن الأخير ليس مشتاقا لرؤية « عرفه » بل لأن مسؤولية المسؤول توجب عليه الإصغاء إلى مشاغل جميع منظوريه. – لا يجب على المسؤول الاستخفاف بالصحافي أو الاعتداء على « صحفيّة » الصحافي بأيّ حال من الأحوال أو محاولة إسكاته (كما حاول أن يفعل ،دون جدوى، في وقت سابق). – يجب على المسؤول إصلاح ما سبّبه (هو أو منظوروه) من أضرار مادية ومعنوية للصحافي وحرمه ولبقية المتضررين من صحافيي وموظفي الوكالة خاصة. أرجو أن يصغي المسؤول إلى الصحافي المسكين الذي بدأ يشعر أنه صار هو وحرمه « مستهدفا » من قبل المسؤول وبعض منظوريه (وأتمنى أن يكون استنتاجي خاطئا). فإن لم يكن، فإنّ الصحافي سـ »يناضل » من أجل الدفاع عن نفسه وكرامته. وليعلم الجميع أننا في « دولة القانون والمؤسسات ». هذا الكلام لرئيس الدولة (أدام الله حفظه) وهو ليس للاستهلاك الخارجي كما يزعم دون حياء بعض « المسؤولين » بل هو للاستهلاك المحلي أيضا. منير السويسي صحافي بوكالة تونس إفريقيا للأنباء.
أخبار وكواليس
تهجّم على أحمد إبراهيم في صحيفة خليجيّة…تنافس في الفايس بوك بين الأحزاب السياسيّة…الزغلامي يستقيل من الوحدوي..وتساؤلات عن قائمات الشعبية و « ح د ش « التشريعيّة رئاسية2009 أكد الأمين الأول لحركة التجديد احمد إبراهيم انه لا مجال للانسحاب من الانتخابات الرئاسية وأنّ حركته تشارك من موقع نضالي في هذا الاستحقاق الانتخابي والسياسي الهام إلى جانب مشاركتها رفقة شركائها في جميع دوائر الانتخابات التشريعيّة. ترشّح ثالث للرئاسية يقدّم الأمين العام للاتحاد الوحدوي الديمقراطي الأستاذ أحمد الإينوبلي ترشّحه للانتخابات الرئاسيُة لسنة 2009 يوم الإربعاء 9 سبتمبر القادم ، ويُباشر الحزب حاليا استعداداته لهذا الموعد وتنظيم حضور مناضليه لدى المجلس الدستوري. قائمات وحدويّة صدر الإثنين 31 أوت بصفة رسمية عن الأمين العام الاتحاد الوحدوي بلاغ تضمّن قائمة برؤساء قائمات الوحدوي الديمقراطي للتشريعية المقبلة: عبد السلام بوعائشة (تونس1) ، نزار قاسم (تونس 2) ، نوال الهميسي ( منوبة) ، أحمد الغندور (أريانة) ، عبد الوهاب الإينوبلي ( جندوبة)، نور الدين بنخود (بن عروس) ، يوسف بوعلي ( سوسة) ، محفوظ الحاج عمر (المنستير)، محمد رضا السويسي (صفاقس1) ، علي الغضبان (صفاقس 2) ، فتحي الخميري (نابل) ، رياض الغجاتي (الكاف) ، إبراهيم حفايظية (قفصة) ، عادل العمري (القصرين) ، محمّد علي (توزر)، أبو العلاء غوار (زغوان)، كمال الساكري (سيدي بوزيد) ، عثمان عبدلي (قابس)، امحمّد السلطاني (تطاوين)، لطفي الوماني (المهدية) ، العربي مقايدي (باجة) ، عبد الوهاب مالوش (القيروان)، مصطفي لويز (بنزرت) ، عبد الفتاح الكحولي (سليانة) ، مدنين (الهادي شراد) وقبلي(محمّد الفالح). حضور شبابي حضور شبابي مكثّف من منخرطي منظمتي شباب التجمّع الدستوري الديمقراطي وطلبة التجمّع خلال حفل تقديم الرئيس زين العابدين بن علي لترشحه لدى المجلس الدستوري. انتظارات انتظارات داخل حركة الديمقراطيين الاشتراكيين بخصوص الطريقة الّتي سيتمّ بها تعيين أو اختيار رؤساء القائمات الانتخابيّة، مع تخوّف من أن يستفرد كبار وشيوخ الحركة بالمهمّة دون العودة إلى الجهات أو استشارتها. اتصال حديث وانترنات أنصار ومناضلي التجمّع الدستوري الديمقراطي وحزب الوحدة الشعبية وحركة التجديد من أكثر المستخدمين للتكنولوجيات الاتصالية الحديثة في عملهم الدعائي للانتخابات المقبلة وخاصة عبر الشبكة الاجتماعية الفايس بوك، وبدا ما يُشبه التنافس في هذا المجال بين مجموعات هامة من الشباب من حيث التوق إلى الابتكار وخلق فضاءات ومجالات للتعبير عن عمق الانتماء الحزبي. استقالة « وحدويّة » اتصلنا من السيّد عمار الزغلامي العضو في مجلس النواب وأحد مؤسّسي الاتحاد الديمقراطي الوحدوي بنص الاستقالة التالية: »أعلن استقالتي من الحزب لأنّ هناك انحرافا عن المسار الّذي أُسّس من أجله الحزب في 26 نوفمبر 1988 بدخول عناصر لا علاقة لها بأهداف هذا الحزب الّذي حصل على إذن سيادة الرئيس زين العابدين بن علي بعد التغيير المبارك كحزب لكلّ العائلة القوميّة في تونس. » الاستقالة تأتي في أعقاب إعلان المكتب السياسي عن قائمة رؤساء قائماته للإنتخابات التشريعيّة المقبلة والّتي لم تتضمّن اسم السيّد عمّار الزغلامي النائب عن الحزب في الفترة البرلمانية المنقضية 2004-2009 . تخلف فاستعمار فمقاومة ينظم فرع التجديد بالمهدية أمسية رمضانية يوم السبت 5 سبتمبر للتحاور مع الأستاذ على المحجوبي حول كتابه « العالم العربي الحديث والمعاصر: تخلف فاستعمار فمقاومة ». مقترحات مضاعفة بحسب ما يدور في كواليس التجمّع الدستوري الديمقراطي فإنّ المقترحات الّتي سترفعها لجان التنسيق للديوان السياسي والأمانة العامة للحزب بخصوص أعضاء القائمات الانتخابية للتشريعية المقبلة يجب أن تتضمّن على أكثر تقدير قائمات مضاعفة بها من 2 إلى 3 مقترحات. رئاسة قائمات تقرر توزيع رئاسة القائمات في دوائر تونس الكبرى في إطار حركة التجديد والمبادرة الوطنية من أجل الديمقراطية والتقدم بالتساوي بين الأطراف الأربعة المشاركة فيها . غموض في « الشعبية » برغم توضح الأمور في العديد من الأحزاب بخصوص القائمات الانتخابية للتشريعية القادمة فإنّ حالة من الغموض ما تزال تلفّ استعدادات حزب الوحدة الشعبية حيث لم يتمّ ترديد أيّة أخبار عن أسماء مقترحة أوممنوعة ، على أنّ بعض المصادر ترجّح أن يُحافظ النواب الحاليون والّذين ليست لهم مشاكل مع الحزب على رئاسة قائمات انتخابية ، علما وأنّ 3 نواب من جملة 11 نائبا غادروا الحزب خلال الفترة النيابية الفارطة وهم مصطفى بوعواجة وخديجة مبزعية وعبد الحميد بن مصباح ، في حين تبقى وضعية النائب السابق سهيل البحري غير واضحة ولا يستبعدُ البعض إمكانية حصوله على رئاسة قائمة. نزول للجهات مباشرة إثر تقديمه لترشحه للرئاسية قام السيّد محمّد بوشيحة بزيارة إلى جهتي القيروان وسوسة يومي السبت والأحد. مواجهة مفتوحة تشهد العديد من الوسائط الاتصالية وأساسا منها شبكة الأنترنات وعددا من القنوات التلفزية الفضائية مواجهة ساخنة جدّا بين وجوه سياسية تونسية من أنصار الوفاق وأنصار المنحى الراديكالي والمتطرّف وقد برز السيّدان منذر ثابت وبرهان بسيّس في الرد على جملة الاتهامات الموجّهة لمسار الإصلاح السياسي في تونس. مؤتمر الليبراليّة يُباشر الحزب الاجتماعي التحرري استعداداته للمشاركة في أشغال مؤتمر الليبراليّة الأمميّة المقبل والّذي سيتمحور حول ملف التربية والتعليم. جولة ساحلية يقوم الأمين العام للحزب الاجتماعي التحرري الأسبوع القادم بجولة ساحلية للاطلاع على استعدادات جامعات الحزب للانتخابات التشريعية القادمة. ترشح منتظر من غير المستبعد أن يتلقى المجلس الدستوري خلال الأيام القادمة ترشحا لرئاسة الجمهورية يتعلّق بمصطفى بن جعفر الأمين العام للتكتل من أجل العمل والحريات. تمويل الحملات الانتخابية لضمان التمويل القانوني للحملات الانتخابية بالنسبة للرئاسية والتشريعية صدر عن وزير الداخلية والتنمية المحلية قراران بالرائد الرسمي الأخير عدد 68 بتاريخ 28 اوت 2009 مؤرخان في 21 أوت 2009 يتعلقان بضبط كيفية صرف منحة المساعدة على تمويل الحملة الانتخابية للانتخابات الرئاسية والتشريعيّة. تنافس شديد جدّا حديث على تنافس شديد جدا داخل العديد من جهات الجمهورية بين مناضلي وإطارات التجمّع الدستوري الديمقراطي للحصول على ترشيح ضمن القائمات الانتخابية الّتي ستُرسل لقيادة الحزب ، بعض المعتمديات والّتي لها مقعد برلماني وحيد عرفت أكثر من 7 رغبات في الترشحّ وهو ما يُعسّر مهمّة الاختيار النهائي ناهيك وأنّ جلّ المتقدمين لعضوية القائمات الانتخابية للحزب الحاكم من الكفاءات والإطارات. ترأس قائمة معارضة نائبة معارضة سابقة في البرلمان تقوم هذه الأيام بمساع قصد التواجد على رأس إحدى قائمات المعارضة في التشريعيّة المقبلة وذلك بعد استحالة تجديد تلك الرئاسة مع حزبها بسبب الخلافات الّتي اندلعت منذ فترة سابقة وتجميد نشاطها بها. توتّر علاقات توتّر للعلاقات بين أمين عام لحزب معارض واثنين من أعضاء المكتب السياسي للحزب على خلفية رئاسة القائمات التشريعيّة ،العضوان يؤكدان أنّهما كانا محلّ حرمان من رئاسة قائمتين انتخابيتين والأمين العام للحزب يؤكّد أنّ المسألة محسومة من مناضلي الحزب وأساسا من الجامعات في الجهات واللجنة الوطنية للإعداد للانتخابات. حوار طلابي عاد الحديث من جديد على ضرورة الحوار بين مختلف المكونات الطلابية لتجاوز الإشكاليات العالقة منذ فترة والمتعلقة بانجاز المؤتمر 25 للاتحاد العام لطلبة تونس في أقرب الآجال بعد فوات الآجال القانونيّة.بعض المتابعين قالوا إنّ الإشكال العالق يهمّ المؤتمر المعلّق الّذي دعا إليه الأمين العام المتخلي عزالدين زعتور في نهاية العام الجامعي المنقضي. تهجم واستياء أثار مقال نشر بصحيفة قطرية من قبل صحافي يعمل بصحيفة تونسية معارضة امتعاضا شديدا لدى قيادة حركة التجديد وذلك لتضمنه تهجما مجانيا على أمينها الأول ومرشحها للانتخابات الرئاسية. لجنة إعداد من المنتظر أن تُعلن لجنة الإعداد للانتخابات في حزب الخضر للتقدّم عن حصيلة أعمالها في دراسة مقترحات الجهات حول رئاسة القائمات الانتخابيّة للتشريعيّة المقبلة، يُذكر أنّ الحزب أعلن في وقت سابق تطلّعه للمشاركة في جميع الدوائر الانتخابيّة. مجموعة القوماني تساؤلات حول ما إذا كانت مجموعة محمّد القوماني المنسحبة في وقت سابق من الحزب الديمقراطي التقدمي تعتزم المشاركة في الانتخابات التشريعيّة المقبلة وعن الإطار الممكن لذلك ، والتكهنات الموجودة تصبّ في احتمالين الأوّل التحاق المجموعة ومناصريها بالمبادرة الوطنية للديمقراطية والتقدّم الّتي تقودها حركة التجديد ، والثاني يتعلّق بإمكانية تقديم قائمات مستقلّة.
رفض مطلب التعقيب وإقرار حكم الاستئناف علمت « السياسية » أنّه تمّ رفض مطلب التعقيب في قضية الحوض المنجمي ، وقضت محكمة التعقيب « بقبول المطلب شكلا ورفضه أصلا » ، وبذلك يقع إقرار أحكام الاستئناف التي تراوحت بين 8 سنوات وشهر وسنتين مع تأجيل التنفيذ.وتتجه انتظارات وآمال الأهالي ومتابعي الملف إلى أن يشمل سيادة رئيس الدولة هؤلاء بعفو خاص بعد أن تمّ إسدال الستار على الملف من الناحية القضائيّة وهو ما من شأنه أن يُنهي بصفة كليّة هذا الملف. برنامج انتخابي أوشك حزب الوحدة الشعبية على الانتهاء من إعداد برنامجه الانتخابي للرئاسيّة والتشريعيّة القادمة، ومن المنتظر أن يكون الإعداد قد تمّ بعد التنسيق بين مختلف هياكل الحركة . مبادرة ديمقراطية من غير المستبعد أن تعقد اللجنة الوطنية للمبادرة الوطنية من أجل الديمقراطية والتقدّم اجتماعا قريبا لها للنظر في مدى التقدّم في الإعداد للانتخابات القادمة، وحديث عن بعض الخلافات على مستوى بعض الجهات في علاقة برئاسة القائمات التشريعيّة. حضور لافت وجوه وقيادات حزبيّة وسياسيّة عربيّة هامّة من ممثلي أحزاب ليبراليّة عربيّة متعدّدة منها أساسا التجمّع من أجل الثقافة والتنمية (الجزائر) وحزب الحركة الشعبيّة والاتحاد الدستوري (المغرب) ومنتدى الحرية (فلسطين) وحزب الغد والجبهة الديمقراطيّة (مصر) و حزب الوطنيين الأحرار (لبنان) والحزب الديمقراطي الليبرالي (السودان) بالإضافة إلى رئيس شبكة الأحزاب الليبراليّة العربيّة السيّد محمّد تامالدو شاركوا في الندوة الهامة الّتي نظمها الحزب الاجتماعي التحرري مؤخرا حول قضايا التنمية والهجرة في العالم العربي. إجازة في التكتل من المنتظر أن تنتهي قريبا الإجازة الّتي دخل فيها التكتّل الديمقراطي من اجل العمل والحريات وذلك في سبيل الإعداد للمشاركة المنتظرة للحزب في الانتخابات المقبلة. استعداد ووسائط إعلامية في إطار استعداده للاستحقاقات الانتخابيّة يستعد حزب الخضر للتقدّم لوضع تصور جديد لموقعه على الأنترنات ولصحيفة التونسي لسان حال. عودة عودة قوية للمنسّق العام لحركة الديمقراطيين الاشتراكيين السيّد محمّد مواعدة وذلك عبر إشرافه على عدد من مؤتمرات جامعات الحركة ،العديدون يقولون أنّ مواعدة ستكون له كلمة مهمّة بخصوص رئاسة قائمات الحركة في التشريعيّة المقبلة. هيئة قيادية عليا من غير المستبعد أن يستدعي أمين عام لحزب معارض هيئة قيادية عليا في الحزب للاجتماع قريبا وذلك لبحث النزاعات المتتالية على خلفية القائمات التشريعيّة،الأمين العام قد يجعل من هذا الموعد الحزبي شمّاعة لتعليق كلّ الخلافات والتنحي عن كل مسؤولية تجاه ما قد يجد في المستقبل. نظر في القائمات من المنتظر أن تكون اللجنة الوطنية المكلفة بإعداد مشاركة حزب الخضر للتقدّم في الانتخابات المقبلة قد اجتمعت أمس السبت بالعاصمة مع رؤساء الأقاليم وذلك للنظر في مدى تقدّم إعداد القائمات الانتخابية للتشريعيّة المقبلة والّتي أقرّ الحزب المشاركة في جميع دوائرها. إشادة وتنويه السيد كميل شمعون من حزب الوطنيين الأحرار لبنان قال خلال مداخلته في ندوة الحزب الاجتماعي التحرري حول قضايا التنمية والهجرة في العالم العربي : »أن ما تنعم به تونس من أمن و استقرار يستوجب منا جميعا شكر الرئيس زين العابدين بن علي الذي خلق ذلك المناخ ، وإن إقرار تونس لإحداث وزارة الشؤون الاجتماعية والتضامن والتونسيين بالخارج دليل على عمق التنمية لا مثل الكثير من الدول العربية التي تسمي وزاراتها بوزارات المغتربين ». تشكي ونفي نفت السلطة وجود أيّة تعطيلات لنشاط حركة التجديد وذلك ردّا على تصريحات أخيرة للأمين الأوّل للحركة السيّد أحمد إبراهيم الّذي قال أنّ بعض أنشطة الحركة تتعرّض للتضييقات والمنع في بعض الجهات الداخلية من البلاد. خصومات وتباينات قد تكون دائرة الخلافات والصراعات في طريقها للتعمّق داخل هيئة قيادية لحزب معارض على خلفية عدم التوافق في اختيار رؤساء القائمات الانتخابيّة ، الوضع الجديد وتّر العلاقة بين الأمين العام للحزب واثنين من أقرب المقربين إليه. تأكيد مشاركة أكّدت قيادة الحزب الديمقراطي التقدمي مؤخرا في اجتماع الكتاب العامين للجامعات عن عزم الحزب المشاركة في كلّ الدوائر الانتخابيّة خلال تشريعية 2009، وذكرت مصادر إلى أنّ الحزب قد يكون في اتجاه تعديل موقفه من الانتخابات الرئاسيّة. غموض وتباين ح د ش هي الحزب السياسي الوحيد الّذي لم يطرح إلى حدّ الآن مسألة القائمات الانتخابيّة ورئاستها وذلك لانشغاله بتجديد الهياكل الجهوية (الجامعات) ووجود الأمين العام للحركة في الخارج. نقابة ومؤتمر يقوم رئيس المؤتمر الاستثنائي لنقابة الصحافيين سامي العكرمي هذه الأيام بوساطة بين مكتبي النقابة المنحل والجديد وذلك قصد تسوية مسألة انتقال المقر بطرق هادئة ورصينة للمكتب التنفيذي الجديد. استشارات وانتظارات التجمع الدستوري الديمقراطي يعرف حاليا الاستشارة المحلية والجهوية حول أعضاء قائماته التشريعيّة المقبلة ، الكتاب العامون للجان التنسيق سيضبطون مقترحات الجهات ويوافون قيادة الحزب بها في غضون نهاية الشهر الجاري وذلك لاتخاذ الرأي الختامي بخصوصها من قبل الديوان السياسي. سلك ديبلوماسي حديث عن حركة قريبة في السلك الدبلوماسي قد تشمل 9 سفارات تونسيّة في الخارج إلى جانب عدد من القناصل. تقاعد وعودة عاد إلى تونس السفير الحبيب براهم وذلك بعد بلوغه سن التقاعد، السفير كانت له تجربة دبلوماسية مهمّة مع الأشقاء في ليبيا. (المصدر: موقع السياسية الإلكتروني ( تونس ) بتاريخ 1 سبتمبر 2009)
قراءة في أزمة نقابة الصحافيين
عبد السلام الككلي إن قرار السلطة خلق متاعب للنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين من أجل شل عملها في انتظار الظروف التي تمكن من الاستيلاء عليها قد اتخذ حسب ما تشير إليه كل الدلائل منذ 2008 إذ بدأت مناوءة المكتب الجديد منذ أخلت وزارة الإشراف بوعودها التي قدمتها للنقابة حديثة العهد في فيفري 2008 بتسوية الوضعية الإدارية للأعوان المتعاقدين بمؤسستي الإذاعة والتلفزة ومنذ قرر وزير الاتصال من طرف واحد مقاطعة النقابة وما تلا ذلك من حملة منظمة اثر تقرير 3 ماي 2008 حول الحريات الصحافية في تونس تتهم المكتب التنفيذي بعدم النضج وبخدمة أغراض غير صحافية. ولذلك فإننا نعتقد أن قرار الانقلاب أقدم بكثير مما يتصور البعض بل نعتقد أن هذا القرار لا صلة له تصورا وتخطيطا لا بمجموعة 17 و لا باللجنة التي أعدت للمؤتمر ولا بمقرراتها. تلك وسائل وأدوات لا غير. إن طرفي الصراع معلومان لدينا بدقة وهما غير متكافئين فأحدهما سلطة تملك المصائر، تتصرف فيها وتقودها كما تشاء وحيثما تشاء… والآخر تمثله إرادة الصحافيين النزهاء في بلد لا يزال التضامن النضالي فيه يسكن البلاغات والعرائض . تفاصيل الانقلاب و أطوره السابقة معلومة بدقة وليس من مقاصد هذه الورقة استعراضها ،و أطواره القادمة متوقعة، وفي حال حدوثها لن تفاجئ أحدا: أنجز المؤتمر بقوة الإغراء والتهديد ، لقد شاهدنا وما بالعهد من قدم مؤتمرات مثل هذه ولا عجب ،كان » قانونيا » في نظر القضاء رغم مخالفته الظاهرة لقانوني النقابة الأساسي والداخلي وليس من المستبعد أن يستولي الانقلابيون باللجوء إلى القضاء مرة أخرى على المقر لقطع الطريق أمام مؤتمر 12 سبتمبروهو ما تخوف منه رئيس النقابة الشرعية نفسه حين دعا السلطة في تصريحاته عقب مؤتمر 15 اوت الى عدم منع الشرعيين من عقد مؤتمرهم. أما الفضيحة الدولية ومهما كانت فداحتها فلا ندري إذا كانت تهم فعلا من تعودوا على الفضائح.. ولكن ماذا نحن مستخلصون من كل هذا؟. شعار أجوف« دولة القانون » إن الدرس الأساسي الذي يمكن أن نستخلصه من المحنة القاسية التي تعيشها النقابة الوطنية للصحافيين تتصل بالإفلاس منقطع النظير للخديعة الكبرى التي يريد البعض أن يقنعنا بصدقها داخليا وان يروج لها خارجيا إنها » دولة القانون « . وحين تنكشف الخديعة ينكشف معها بالتوازي حكم الاعتباط والفوضى وعدم احترام الحريات العامة والخاصة . إن أهمية هذه الحقيقة لا تكمن في ذاتها بل في نوعية الفاعلين الأساسيين في كشف الغطاء عن المستور . إننا مع التقريرين اللذين نشرتهما النقابة سنتي 2008-2009ومع التصريحات التي أدلى بها رئيس النقابة ناجي البغوري عقب الانقلاب إلى بعض الفضائيات العربية والأوروبية أمام إدانة منقطعة النظير، صريحة ،واضحة لا مداورة فيها ولا تردد « إن المسؤول عن الانقلاب هو التجمع الدستوري الديمقراطي، الحزب الحاكم، نفذه بواسطة مقربين منه للتغطية على الوضع المريض الذي يعيشه الإعلام التونسي » إن صدور هذا الحكم عن إعلامي ورئيس نقابة صحافيين يعطي لهذه الإدانة كل قوتها الرمزية وكل كفاءتها السياسية . ليس ناجي البغوري على حد علمنا منافسا سياسيا أو نصيرا لأي منافس سياسي إذ عبر بوضوح عن حياده حيال كل المتراهنين في الانتخابات المقبلة لم يشر ناجي البغوري بأصبع الاتهام إلى الحكم ليطالبه برفع يده والكف عن الهيمنة السياسية التي يمارسها ضد مجتمع بأسره، لو كان فعل، على استحالة الأمر، لكان للاتهام معناه . إننا على العكس من ذلك أمام رئيس نقابة أسست من اجل الدفاع عن منظوريها ولكن أيضا من اجل الدفاع عن حق التونسي في التعبير الحر إذا كان صحافيا وفي الإعلام الذي يحترم عقله إذا كان قارئا أو مستمعا أو متفرجا . وهذا بلا شك من صلب مشاغل النقابة كما ينصّص على ذلك قانونها الأساسي . ولكن هل تجوز الحرية في بلد تعدت فيه ناطحات السحاب القمعية على حد تعبير أحد المثقفين العرب كل الحدود السابقة وتكرست فيه صحافة لا تحترم عقل الانسان ولا تستحث تفكيره ولكن تسعى إلى شحنه وفق وجهة نظر واحدة؟ إنها تركة مريضة ورثناها عن النظام السابق وغذّاها النظام اللاحق حتى صارت عصية على التصفية . من هنا نحن نفهم الخوف الذي يشبه الرعب الذي استشعرته السلطة عقب صعود مكتب النقابة التي كانت في الواقع من صنع يديها اللتين أبعدتا المشروع ربما بتواطؤ مع المركزية النقابية عن الاتحاد العام التونسي للشغل تحسبا لكل » انحراف » قد يدعو إلى انقلاب عليها يصعب تنفيذه بنفس السهولة صلب المنظمة الشغيلة . لقد كان الانقلاب ثاويا في رحم المشروع. خططت السلطة في نظرنا منذ اللحظة الأولى لاسترجاع ما افتك منها .وكيف يمكن أن يكون الأمر على خلاف ذلك والإعلام في دولة الاستبداد السياسي هو الحجاب الكثيف تلبسه السلطة لتغطي استبدادها أو لتجمّله أمام أعين ناظريها؟ إن الإعلام المقيد التابع بشكل كامل تقريبا (عدا بعض مساحات حرية قليلة محاصرة من المطبعة إلى الأكشاك بل حتى إلى عقل القارئ نفسه إذ يمارس بعض موظفي الدولة قراءة جرائد المعارضة الديمقراطية كعادة سرية)جزء لا يتجزأ من نظام سلطوي استبدادي . فأن يطالب التونسي بحرية الإعلام معناه ببساطة أن يطالب بالكشف عن المستور وتعرية القبح ونشر الغسيل الوسخ أيضا،بل بمحاسبة المسؤولين إذا اقتضى الأمر ذلك . ان الإعلام سلطة رابعة تعديلية بين السلط الأخرى لا يتأتى عمل أي منها ولا يستقيم لها صلة في ما بينها إذا لم يكن الجهاز التنفيذي تحت عين الرقيب والجهاز التشريعي، كسلطة محاسبة ونقد ،على صلة باليومي وبمشاغل الناس كما يكشفها الإعلامي الذكي بل هل يستقيم للقضاء دور إذا كان صمت القبور يحمي الجناة ويمكنهم من رقاب الناس…؟ « حرية الإعلام » فلنتصور ببساطة النتائج الممكنة لدعوة مثل هذه ولنتخيل صحافيا أو مجموعة من الصحافيين يجعلون هدفا من أهدافهم ملاحقة الفساد واستغلال النفوذ وسرقة المال العام والصفقات المشبوهة ويجدون مساحات لذلك متاحة لكل الناس. ألن يفتح ذلك ثلمة مهما كان صغرها أمام رياح تغيير لا أحد له القدرة على التنبؤ بنتائجه؟ بل ألن يوسع ذلك آفاقا واعدة نحو دمقرطة هادئة للمجتمع ونحو إرساء حقيقي لدولة قانون حقيقية ؟ إن الذين انقلبوا على النقابة لم يفعلوا غير إجهاض حلم التحرر الذي يعيش في صدر كل صحافي يحترم نفسه و مهنته وحلم الحقيقة الذي يدفع أكثرنا إلى هجر وسائل إعلامنا للبحث عن إعلام آخر أجنبي قد نختلف قليلا أو كثيرا مع توجهاته لكنه يوفر » منبرا لمن لا منبر له » في بلاده وهو على أية حال أقل رداءة من بضاعتنا المحلية . ذلك هو الدرس البسيط الذي استخلصناه من الانقلاب على نقابة الصحافيين. عبد السلام الككلي جريدة الموقف بتاريخ 28 أوت 2009 المصدر : إعادة نشر منتدى » الديمقراطية النقابية و السياسية « الرابط : http://fr.groups.yahoo.com/group/democratie_s_p
بسم الله الرحمان الرحيم اللهم صلي على سيدنا أبا القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه الأخيار المنتجبين
لا للخنوع للسلطة…نعم للصراع المفتوح مع الطاغية
بقلم: السيد حبيب مقدم (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير ) انطلاقا من هذه الآية الكريمة أقول لكل أبناء الحركات والأحزاب السياسية بمختلف أطيافها وخلفياتها الفكرية والعقائدية والى كافة أبناء الشعب تونس الذين قلدهم الشعب أماله وأهدافه…… اذا لم تخافوا الله في شعبكم وفي كل أبنائه الذين قدموا أرواحهم في سجون هذه الزمرة الطاغية من أجل وطن حرا كريما أبيا وقدموا سنين طوال من حياتهم في سجون هذا الطاغية آملين في بناء وطن عادلا يرجع لنا عزتنا التي سلبها هذا النظام بعمالته وخيانته لأهداف شعبنا وأماله. اذا لم تكون تخافون الله فلنكن أحرارا ونهاب التاريخ الذي لن يرحم ولن يستثني أحدا بماذا ستواجهون الله وشعبكم يوم لا ينفع مال ولا بنون بماذا ستبررون للأجيال القادمة ماذا ستقولون لهم . كفاكم من الرهانات الفاشلة على تعقل هذا النظام لا تتيهوا بأبناء الشعب التونسي الى مظلات الحوار الزائفة كيف تراهنون على نظام تفنن في تهجير أبناء شعبنا وتشريدهم وأبدع في ايجاد طرق التعذيب لأبناء وطننا الذين رفضوا السكوت عما يحصل من تشويه لمجتمعهم وثقافتهم ودينهم وفكرهم نظام تلطخت يداه بدماء عشرات اذا لم يكن المئات من أبناء هذا الوطن وذنبهم أنهم صدقوا ما عاهدوا الله عليه . ألم تختبروا أسلوب هذا النظام في ادارة الصراع معكم التي تجاوزت كل الحدود والمعايير الدينية والأخلاقية والانسانية ماذا ننتظر ألم تهتك أعراض الرجال في سجونه من خلال أجهزته الأمنية التي منها فئة مستضعفة عيبها أن الجبن توطن في أعماقهم وفئة سلبت منها انسانيتها فأضحت كائنات مشوهة الى درجة أن سكنت فيها القيم الشيطانية . ماذا بقي في هذا الوطن الذي تتحدثون وتكتبون عنه ديننا انتزع من بين أيدنا ونحن واقفين نتفرج تارة نهمس وأخرى نبرر, عرض أبائنا واخوتنا وشبابنا ونسائنا هتك في السجون ثقافتنا كمسلمين وعرب بدلت وشوهت حريتنا والتي هي كل ما نملك قمعت و أرضنا أصبحت مرتعا للصهاينة ومخابراته بينما حرمت هذه الأرض على أبنائها … وهنا يقال لكم ماذا بقي من هذا الوطن الذي تتغنون به وأيضا يسألكم الشعب هل هناك وطن غير هذا نحن لا نعرفه اذا كان هناك وطن غير هذا فأخبرونا عنه لنشد الرحال اليه لعلنا نجد فيه ما سلب وسرق منا… تعالوا نعظم الله في أنفسنا دعونا نتوقف مع أنفسنا لنبحث على حقائقنا التي دفنت تحت ركام الشعارات السياسية الزائفة ونحاسب هذه النفس التى صدقت أن وسائل الكفاح والنضال التي تمارس اليوم ستوصل الى الهدف المرجو… لنقف صادقين أمام الله والشعب والتاريخ ونتجاوز كل الغايات والأهداف الحزبية الضيقة واضعين مصلحة الوطن والشعب أمامنا لنبحث صادقين عن فاعلية هذه الوسائل التي في حقيقة الأمر خدعنا بها هذا النظام بعدما أوجدها وجعلنا نصدق أننا نكافح وكفاحنا ستكون له نتيجة نحن نضعها . لنكون صرحين مع أنفسنا بعد أن تمكن هذا النظام من زرع الارهاب والرعب في قلوب الشعب التونسي ونجح في الفصل بينكم وبين الشعب الذي هو في واقع الأمر مخزون قوتكم الوحيد ماذا فعلتم في مقابل ذالك هل حاولتم البحث عن طرق التي من خلالها تستعيدون الرابطة بينكم وبين شعبكم . فاذا أردتم نيل المطالب فلابد أن توجدوا الوسائل الكفيلة لتواصل مع الشعب كل شرائح الشعب وأن لا تقتصروا على شريحة معينة…. وهنا ومن خلال تجربة السنين الطوال التي مرت وأنتم تكافحون معتمدين في ذالك على وسائل الاضرابات عن الطعام والمظاهرات التي لا يتعدى عددها أفراد هذا الحزب أو ذاك أو تلك النقابة أو مثيلتها لا تخدم الأهداف المرجوة بل تزيد النظام الحاكم قوة وغطرسة وأنا هنا لا أستنقص من هذه الوسائل انما ما أريد الاشارة اليه هو أن هذه الوسائل لا تخدم واقعنا الحالي ولا تتناسب مع توازن القوى بين المعارضة والسلطة بل الحراك الشعبي هو الذي يمكنه قلب كل موازين القوى في صراعنا مع هذه السلطة المتجبرة والمتغطرسة … وقبل هذا وبدل أن نضيع القدرات والطاقات والأهم الوقت الذي هو أهم شيء في هذه المعادلة وخاصة ونحن نشهد عملية الاستحظار التي يعيشها هذا النظام في كتابة المقالات المتنوعة التي في الكثير منها لا تلامس واقعتا وواقع شعبنا فلنحاول ايجاد الوسائل الكفيلة بايصالنا الى التواصل مع الشعب كل الشعب بجميع شرائحه وأطيافه لنتمكن بعد ذالك من تحريك مخزون قوتنا المتمثلة في الشعب .. وقبل تحريكه لابد أن نخرج الشعب ومن خلال تواصلنا معه وثقتنا بأهدافنا من دوامة الرعب والجبن الذي يعيشه وكذالك نخرج أنفسنا قبل ذالك من حالة الجبن والركود اللتين أبعدتنا عن هدفنا . فممارسة هذا النظام لكل هذا الحجم من القمع مستخدما وسائل الارهاب ومستغلا ضعف الشعب وخوفه ان دل فلا يدل الا على جبنه وضعفه وهشاشة بنائه . ويكفيه عار أن مجموعة من الشباب التي تتراوح أعمارهم بين السابعة عشر والثلاثون زعزعت كيانه وأطاحت بكل احتمالاته الى درجة كادت تدخل البلد في حالة طوارئ وعلى أثر ذالك تصادمت أجهزة الأمنية التي يتبجح بها على شعبه وهنا أذكر ردة فعل احد كوادر أمن الدولة التابعة » لوزارة الداخلية » عندما سألته قائلا: « آش تحبوا مني ليش رجعتوني من المطار؟ » فأجاب « نحب نعرفك » فقلت « أجهزتكم في سيدي بوزيد تعرفني جيدا » فرد غاضبا « جماعة سيدي بوزيد تعرف تعلاف وفي أخير طلعت ماتعرف شي » يقصد على الجماعات السلفية وهنا أقول له عرفتموني الآن… فهذه الطغمة التي تشكل الحزب الحاكم في بقائها في السلطة استخدمت الأجهزة الأمنية بجميع تشكيلاتها للمحافظة على بقائها في سدة الحكم وأغلب هذه الأجهزة في الأخير هي جزء من الشعب تعاني نفس معاناته وتعي تماما ضرورة زوال هذا النظام وهذا يظهر للجميع الا أن هؤلاء مثلهم مثل باقي مكونات الشعب التونسي تتوجه الى جهة المجهول آملة أن تجد مخلص ومنقذ يخرج هذا الشعب من المستنقع الذي فرض عليه . فهذه الدورة الانتخابية هي آخر دورة لهذا النظام الزائل المحتضر وعلى كل المعارضة التونسية أن تستغل حالت التخبط والهوان والافلاس الذي يعيشه هذا النظام مع أجهزته الأمنية … فكل المؤشرات تدل على زوال هذا النظام والسنوات القادمة انشاء الله ستكون كفيلة بالكشف لنا عن الصرعات والتفككات التي ستطال هذا النظام في أعماقه … وهنا لابد على جميع أطياف المعارضة وخاصة المنفية منها أن تنفض غبار سنوات الركود الجزء على الأقل وتجدد احياء الأهداف والغايات المشتركة بعيدا عن المصالح الشخصية والحزبية وتعيد أيضا بناء هياكلها وتنظيماتها من جديد لتتجاوز الانشقاق الداخلي تحضيرا للمرحلة القادمة لأنها وكما سيتبين للجميع ستكون مرحلة مغايرة تماما لسابقاتها . وآخرا وليس أخيرا: تعالوا جميعا الى كلمة سواء لأن الظروف التطورات التي يمر بها الشعب التونسي لا تتحمل كل هذا التجافي والصراعات الداخلية وحتى ان كان العمل الجماعي لا يمكن تحقيقه فلابد أن لا نقف بل نعمل ولو كان بشكل فرادي … وأخيرا: لا نحاول أن نتهرب من بعض المفاهيم مخافة أن يفقد ما نقوله أو نكتبه رونقه وجماله بل يجب أن نعمم ونكرس هذه المفاهيم في أنفسنا وفي شعبنا من قبيل (الطاغية الطاغوت الشيطان الغدة السرطانية……… ومثيلاتها) لان هذه المصطلحات والمفاهيم لديها انعكاس على نفوسنا وبالتالي تساعد شعبنا على ترتيب الأشياء واخيرا التفريق بين الحق والباطل الشر والخير الصحيح والخطأ وعلينا أن ننحت بأنفسنا مفاهيم جديدة ان أمكن ذالك… كتبت هذه السطور ولم يُكحل النوم عيني مند أكثر من 48 ساعة يتخللها تفكيرا طويل مصاحب لآلام واقعنا المؤمل تغيره……….
الرئيس التونسي يصدر أمرا بالإفراج عن
الصيادين المصريين.. والفرحة تغمر أهالي كفر الشيخ
غمرت الفرحة أهالى قريتى برج مغيزل وبرنبال فى كفر الشيخ، بعد قرار الرئيس التونسى زين العابدين بن على، أمس الأول، بالإفراج عن ٦٥ من أبنائهم الصيادين المحتجزين منذ أسبوع بسبب الصيد فى المياه الإقليمية التونسية، وجاء القرار بمناسبة رمضان. قال أحمد محيى الدين القاضى، والد «محيى الدين» أحد المفرج عنهم: «كنا عايشين فى نكد وحياتنا تحولت إلى جحيم بسبب اعتقال أولادنا فى تونس، لكن قرار الرئيس التونسى أسعدنا جميعاً، وقد اتصلنا بمحيى وقال إنهم سيسافرون من تونس غداً أو بعد غد بعد إنهاء بعض الإجراءات هناك»، مطالباً بعمل مشروع حقيقى لتنمية الثروة السمكية. وقال حسن عبداللطيف، عضو مجلس إدارة جمعية الصيادين ببرج مغيزل: «نرجو من الرئيس مبارك أن يكلف المسؤولين بمعرفة مشاكل الصيادين ببرج مغيزل بعيداً عن التقارير الوردية لأنه لا توجد أى تنمية للثروة السمكية، ومطلوب حماية الصيادين الغلابة من الحيتان الكبار الذين يسرقون الزريعة لحساب مزارعهم الخاصة مما يضطرهم إلى السفر للمهالك للإنفاق على أسرهم». وأعرب أحمد إسماعيل، سفير مصر فى تونس، عن تقديره العميق لقرار الرئيس التونسى بالإفراج عن مراكب الصيد الأربعة المحتجزة قبالة السواحل التونسية، وعلى متنها ٦٥ صياداً مصرياً بمناسبة شهر رمضان المبارك، وقال: «هذه الخطوة تعكس قوة العلاقات وعمق الروابط بين البلدين». وأضاف أن «الصيادين سيتوجهون إلى تونس العاصمة اليوم للتوقيع فى مقر وزارة الملاحة التونسية على إقرارات بعدم تكرار هذه المخالفات، ثم سيعودون إلى صفاقس ومنها إلى مصر»، مناشداً جميع الصيادين عدم تكرار مثل هذه التجاوزات ودخول المياه الإقليمية للدول المجاورة والشقيقة بصورة غير قانونية.
قـطــاع الماء في تونس: التحديات والإصلاحات والاستثمارات
يوليوز 2009 – تستعد تونس لمواجهة مشكلات كبرى خلال العقود المقبلة في قطاع المياه بسبب الطلب المتزايد على الماء وانخفاض مستوى التزويدات. وستواجـه المؤسسات أيضا مشكلات أكثر تعقيدا في التدبير. تواصل الحكومة تنفيذ الإصلاحات والاستثمارات المسطرة في برنامج إستراتيجيتها الذي تم الشروع فيه سنة 1999. وقـد وضعت برنامجا يغطي عشر سنوات (2001-2011) لدعم قطاع الماء يتمحور حول ثلاث ركائز: i) تدبير الماء والحفاظ بشكل مندمج على الموارد المائية؛ ii) الفاعلية الاقتصادية لاستعمال الماء في القطاع الفلاحي؛ iii) إعادة هيكلة المؤسسات وتعزيز القدرات في قطاع الماء. دعـم البنك الـدولي دعــم الاستثمارات في قطاع الماء بتونس. تـم التوقيع على اتفاق لمنح قرض بقيمة 30.6 مليون دولار أمريكي بتاريخ 28 مايو 2009 من أجل دعـم الاستثمارات في قطاع الماء بتونس. يـرمـي هـذا المشروع إلى: تشجيع تدبير المنشئات العمومية المائية الزراعية واستغلالها بشكل أكثر فاعلية من طرف المزارعين المشاركين؛ تحسين الاستفادة من الماء الصالح للشرب واستهلاكـه في الأسر التي تعيش داخل المدار القروي والتي لم تستفـد من الربط بشبكة المياه في بداية المشروع؛ تحسين جودة المعلومات التقنية وتوفـرها بما يضمن تنوير القرارات التي يتم اتخاذها في قطاع التدبير المندمج للموارد المائية. سيواصل المشروع دعـم الانتقال نحو التدبير المندمج للعرض والطلب وكمية ونوعية المياه والمياه السطحية والمياه الجوفية. كما سيواصل المشروع دعـم الاستثمارات الوطنية في قطاع سياسات الابتكار والاستثمارات المادية ودعم المؤسسات المحلية والجهوية والوطنية. الـتــمــويــل يمول المشروع كل من البنك الإفريقي للتنمية (BAD) والوكالة الفرنسية للتنمية (AFD). تبلغ الكلفة الإجمالية للمشروع 163 مليون دولار أمريكي، وسيتم تمويلها من خلال قروض (بقيمة 122 مليون دولار أمريكي) ومساهمة الحكومة التونسية (بقيمة 33 مليون دولار أمريكي) وإعانات من مصادر مختلفة (حوالي 7 مليون دولار أمريكي). بـلاغ صـحـفـي تصور استراتيجي حول قطاع الماء الصالح للشرب والتطهير في تونس بطلب من الحكومة التونسية، أعد البنك الدولي تصورا استراتيجيا حول قطاع الماء الصالح للشرب والتطهير في تونس أشرف على إنجازه فريق خبراء متعدد التخصصات. وقـد تناول هـذا التصور الجوانب المؤسساتية والتنظيمية والاقتصادية. من خلال تشخيص الوضعية الراهنة، تعرف التصور على مكامن الضعف والقوة في النظام واستعرض خيارات الإصلاحات التي تسمح بمواجهة التحديات وتقديم أفضل الخدمات بأقل كلفة للمستفيدين في الأحياء الحضرية وبالمدار القروي. لـقـد سمح هذا التصور الاستراتيجي باستخلاص المحاور الكبرى للإصلاحات التي تستحق أن تطور من خلال دراسات خاصة. مـعـطيات حـول قـطـاع الـماء فـي تـونـس تتوفـر تونس، وهي إحدى بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط، على موارد مائية لا تتجاوز 4680 مليون متر مكعب من الماء سنويا. تستعمل الزراعـة الشطر الأكبر من الموارد المائية رغم ارتفاع الحصة المخصصة للماء الصالح للشرب بشكل طفيف من 13.4% سنة 2010 إلى 17.7% سنة 2030. أما الحصص المخصصة للصناعة والسياحة فتظل جـد ضعيفة. في سنة 2006، بلغت نسبة تغطية المدار الحضري والمدار القروي بالماء الصلح للشرب والتطهير الحضري على التوالي: 100% و 91% و80.9%. مـعـطيات إقليمية حـول قطاع المـاء صدر منشور جديد للبنك الدولي بعنوان « الماء في العالم العربي: آفاق التدبير والابتكارات » (PDF)، يتضمن مجموعة متكاملة من الأفكار والتحليلات والتصورات حول طريقة تدبير الموارد المائية في الشرق الأوسط بشكل أكثر فاعلية وأكثر استدامة. يعالج هـذا المنشور قضايا متنوعة تتعلق بالماء مثل الانعكاسات المحتملة للتغيرات المناخية على الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وتكنولوجيا تحلية مياه البحر وفن التعامل الدبلوماسي في مجال المياه. المصدر: موقع البنك الدولي http://web.worldbank.org
الضغوطات النفسية أبرز الأسباب: عُشر النساء يعنفن أزواجهن!
تونس – الصباح يبدو أن الموازين انقلبت اليوم لتنقلب معها الادوار خاصة مع دخول العنف ضد الرجل من بابه الكبير في بعض المجتمعات العربية لتتلاشى بذلك ثقافة «سي السيد» ويصبح الرجل الذي كان مثالا للقوة والسيطرة على المرأة مضطهدا في ظل هيمنة ثقافة العنف لدى المرأة. 10% من النساء المتزوجات في تونس يعتدين بالضرب على أزواجهن و30% منهن يعتدين عليهم بالعنف اللفظي وذلك طبقا لدراسة اجتماعية حول العنف بين الأزواج في تونس ليتأكد بذلك تفشي هذه الظاهرة التي اعتبرها البعض دخيلة عن المجتمع التونسي. ملجأ من نوع خاص لم يعد تعنيف الرجل اليوم في تونس قائما خلف أبواب مغلقة لينشئ بذلك السيد العربي بن علي الفيتوري سنة 2002 ملجأ من نوع خاص يحتضن فيه الرجال الهاربون من بطش زوجاتهم وذاك نتيجة تجربة ذاتية مربها ليقرر في آخر المطاف انشاء هذا الملجأ. يؤكد السيد العربي الفيتوري ان الرجال الذين يلجؤون اليه عادة ما يتجاوز اعمارهم الخمسين وعادة ما يكون الرجل في هذه السن يبحث عن الهدوء والاستقرار والسكنية ليجد في هذا الملجأ القائم في الضاحية الشمالية للعاصمة وتحديدا في الكرم ملاذا له في ظل تفاقم المشاكل بينه وبين زوجته. كما يوضح السيد العربي أن السبب الرئيسي الذي يجعل الازواج المعنفين يلجؤون اليه هو تفاقم المشاكل وسوء التفاهم بين الطرفين وعدم قدرة البعض منهم على التحمل خاصة أنهم في سن حرجة فيحاولون الهروب الى الملجإ لتجاوز مشاكل لا يقدرون على مجابهتها. ضغوطات نفسية مما لا شك فيه ان ظاهرة تعنيف الرجال ظاهرة تهدد تماسك الاسر، وقد تكون ضغوطات الحياة اليومية والتغيرات الاجتماعية التي طرأت على المجتمع منها ظاهرة تسلط المرأة، من العوامل المؤدية اليه دون التغافل عن ازدياد التوتر في العلاقة بين الزوجين وغياب قنوات التواصل والحوار بينهم. وفي هذا الاطار يؤكد الدكتور عماد الرفيق اخصائي في علم النفس ان المرأة المعنفة لزوجها تعيش ضغطا كبيرا او حالة اكتئاب وتوتر نفسي شديد ما يوصلها الى درجة تعنيف زوجها، فالزوجة ان كانت تعيش في جو هادئ ومستقر لا تصل الى هذه المرحلة. ويرجع الدكتور عماد اسباب هذا التوتر الذي يؤدي الى العنف الى ظروف مادية صعبة او مشاكل عائلية او ضغط متواصل المدى مما يولد شبه انفجار نفساني داخل المرأة. ثم ان العوامل التربوية من العوامل الاساسية التي تدفع بالمرأة الى تعنيف زوجها، فالزوجة التي نشأت في بيئة تدعم ثقافة الضرب تكون هذه الثقافة موروثة بداخلها ويكون العنف في ذاك الوقت حالة عادية وتعتبرها وسيلة من وسائل الدفاع عن النفس لتنعدم بذلك اساليب الحوار بين الطرفين ويكون العنف لغة الحوار الوحيد. رأي علم الاجتماع لم يعد الرجل اذن مثالا للسيطرة وبسط النفوذ ولم تعد المرأة تهابه او تخشاه لتختلط وتتداخل الادوار بينهم ويصبح الرجل معنفا بعد ان كانت ثقافة العنف حكرا عليه. وفي هذا السياق يؤكد الدكتور بلعيد أولاد عبد اللّه باحث في علم الاجتماع ان ظاهرة تعنيف الزوجة لزوجها وان كانت موجودة لا يمكن اعتبارها ظاهرة متفشية. ويرجح اقدام المرأة على تعنيف زوجها الى اسباب مرضية بالاساس نتيجة معاناة الزوجة من بعض المشاكل النفسية التي تحول سلوكها الى امرأة عنيفة مؤكدا ان مصدر هذه السلوكيات هي تلك الضغوطات التي تعيشها المرأة في العمل والشارع ليكون الزوج بذلك مجالا لرد الفعل. ويبين الدكتور بلعيد ان هناك عوامل وراثية بالاساس لها علاقة بالبنية الاجتماعية تدفع بالمرأة الى العنف خاصة اذا كانت المرأة تريد اثبات ذاتها والسيطرة على الرجل لينتهي بذلك الى عنف متبادل بينها وبين زوجها. فيلم وثائقي ظاهرة تعنيف المرأة لزوجها في تونس ووجود ملجإ من نوع خاص يأوي المضطهدين والمقهورين من الرجال جعل المخرج التونسي فخرالدين سراولية يرصد هذه الظاهرة حيث انتهى مؤخرا من تصوير اول شريط وثائقي يحمل عنوان «الملجأ»، مدته 26 دقيقة وتدور احداث هذا الشريط حول قصة 5 شبان تونسيين تعرف عليهم في ملجإ الرجال المضطهدين في مدينة الكرم موضحا ان الهدف الاساسي من هذا العمل هو ابراز الآثار النفسية للرجال المعنفين. منال حرزي (المصدر: جريدة الصباح ( يومية – تونس) بتاريخ 01 سبتمبر 2009 )
حوار مع الممثِّل والمخرج التونسي، هشام رستم: مبدع … وطنه المسارح الأوروبية والعربية
يعد التونسي هشام رستم واحدًا من الممثِّلين العرب الأكثر تنوّعًا في الوقت الحاضر وله سجل فني حافل في عدد من الأدوار والبطولات، كما كان علية الأمر في الفيلم العالمي الأكثر رواجًا « المريض الإنجليزي » وكذلك في التلفزيون التونسي عن دوره كمفتِّش شرطة. مارتينا صبرا أجرت الحوار التالي معه في أثناء زيارته لمدينة كولونيا. السيِّد هشام رستم، هناك عدد قليل فقط من الممثِّلين ذوي الأصول العربية الذين يعملون مثلك بنجاح سواء في أوروبا أو في المنطقة العربية. فهل تشعر بوجود اختلافات عندما تعمل لصالح أعمال أوروبية وعربية؟
هشام رستم: لا أرى في المسرح أي اختلافات كبيرة، ولكن من دون ريب في السينما وفي التلفزيون. وفي تونس وكذلك في البلدان العربية يعرضون عليّ تقريبًا في كلِّ مرة دور الأرستقراطي ودور المواطن الوصولي؛ دور المحامي، أو مدير شركة أو الموظَّف الحكومي. وهذا يختلف تمام الاختلاف في أوروبا والولايات المتَّحدة الأمريكية وأستراليا. فهناك تختلف الأدوار التي يتم عرضها عليّ من بلد إلى بلد آخر. وعلى سبيل المثال في فرنسا يُقيم المرء للأصل أهمية كبيرة جدًا. وهناك لم يتسنَّ لي قطّ باعتباري تونسيًا أداء دور محام فرنسي. ولكن بدلاً عن ذلك وجدت نفسي مرة أخرى في دور « الأجنبي » – في دور شخص لبناني، أو أمريكي لاتيني، أو غجري. ومن ناحية أخرى أعمل في إنجلترا وإيطاليا في أداء أدوار أخرى. ما هي الأدوار التي أديتها وكنت تشعر معها بأكبر قدر من الراحة؟ رستم: التجارب المثرية جدًا بالنسبة لي كانت في عملي في الأفلام التاريخية التي صنعتها في بريطانيا وإيطاليا – « صلاح الدين » و »هانيبعل » مع هيئة الإذاعة البريطانية BBC، و »بومبي » مع قناة RAI. وهذه الأدوار وفَّرت لي متعة كبيرة، وذلك لأنَّني كنت أستطيع هنا توظيف تجربتي الغنية في المسرح. أنت أتيت من المسرح، ولكنَّك كذلك تعمل كثيرًا في السينما والتلفزيون. فكيف تستطيع التوفيق بين كلِّ ذلك؟ رستم: في العادة لا يستطيع المرء الفصل بينهما بشكل أساسي، وذلك فقط لأسباب اقتصادية. ولكن حسب رأيي فإنَّ الممثِّل الحقيقي هو في الدرجة الأولى ممثِّل المسرح. وفنيًا يعتبر المسرح أكثر تميّزًا وجاذبية. وفي السينما غالبًا ما يختفي الممثِّل خلف الشخصية التي يؤدِّي دورها. ولكن في المسرح يجب على الممثِّل أن يكون هو نفسه، كما أنَّ الممثِّل يخضع هنا للدور. تقوم الآن في تونس بأداء دور مفتِّش شرطة في عمل تلفزيوني. هل لديك نموذج مثالي لهذه الشخصية؟ رستم: نعم، فأنا أحب المفتِّش « ديرِّيك » كثيرًا، بطل المسلسل التلفزيوني البوليسي من ألمانيا. وهو يتمتع في تونس بشعبية كبيرة، كما أنَّه أيضًا قدوتي ونموذجي المثالي. وأنا أردت أن أخلق شخصية مماثلة. وقمت بتعديل السيناريو بالتعاون مع مؤلِّف السيناريو والمخرج، بحيث أنَّنا أوجدنا ديرِّيك – « مفتِّشًا » تونسيًا. وصحيح أنَّ المفتِّش ديرِّيك يعتبر لدينا في بعض الأحيان تعليميًا شيئًا ما، ولكن الجمهور لدينا يحب ذلك. تؤدِّي حاليًا في تونس دور البطولة في مسرحية، على الرغم من أنَّها ليست تاريخية إلاَّ أنَّها تشير إلى ابن خلدون، العالم الموسوعي الشهير الذي عاش في العصور الوسطى ويعتبر رائد العلوم الاجتماعية الحديثة، ويتم تخليد ذكراه في العديد من الأماكن في تونس. فعمّ تتحدَّث هذه المسرحية بالضبط؟ رستم: هذه المسرحية هي من تأليف الكاتب التونسي الشهير، عز الدين مدني. وأحداثها تدور في العام 2023؛ حيث يسافر مثقَّف اسمه ابن خلدون عائدًا لأوَّل مرّة إلى تونس بعد قضائه أعوامًا طويلة في المنفى. ولكن عند وصوله إلى البلاد تتم مصادرة كتبه وتراقبه المخابرات. وعندما يطلب ابن خلدون في آخر المطاف مقابلة الملك… أَتقول الملك؟ رستم: أجل، في هذه المسرحية لم تَعُد تونس جمهورية في العام 2023، بل مملكة. وإذن عندما يطلب ابن خلدون مقابلة الملك، يطلب منه الملك أن يصبح رئيسًا للوزراء. ويريد الملك أن يخلق وزنًا مضادًا للجماعات الدينية المتطرِّفة التي تعمل على احتلال الحياة السياسية وكذلك الثقافية. وفي البداية لا يريد ابن خلدون الخوض في الحياة السياسية، ولكن عندما يمنعه الإسلامويون من نشر كتبه، يقرِّر قبول العرض الذي عرضه عليه الملك. ومن بين أوَّل الإجراءات الرسمية التي يتَّخذها بصفته رئيسًا للوزراء قيامه بحملة لمحاربة الفساد. ويبدو كأنَّ هذه الحملة ستُحقِّق نجاحًا، ولكن عندما يعتقد أنَّه اقترب من الوصول إلى الهدف، يقوم الجيش بانقلاب عسكري. وهكذا يُحاصر البرلمان، وتصبح حياة ابن خلدون في خطر. وبمساعدة احدى الصحفيات التي تقع قليلاً في حبِّه، يحصل على جواز سفر مزوَّر، من أجل السفر إلى أوروبا.
لقد سبق لك القيام بجولات عبر دول عربية مختلفة، عرضت فيها هذه المسرحية وكنت تتجوَّل بها من جديد في تونس. فما الذي يثير إعجابك في هذه المسرحية؟ رستم: لقد اتَّفقت مع المؤلِّف، عز الدين مدني على ألاّ أؤدِّي دور ابن خلدون كشخصية تاريخية، بل أن نستخدم في عملنا التصوّرات والأفكار التي تتبادر للذهن عند ذكر ابن خلدون؛ أي التفكير النقدي، وحرّية الفكر. وأنا أمثِّل دور ابن خلدون باعتباره مثقَّفًا يعيش في يومنا هذا، ولا يمكن تصنيفه من الناحية السياسية باعتباره يمينيًا أو يساريًا، بل باعتباره معارضًا لبيئته، ولا يقبل بأي تسوية. وأنا أجد أنَّ هذا الموضوع وهذه المسرحية رائعان للغاية، وذلك لأنَّ الأمر يتعلَّق بقضايا عصرية سياسية مهمة؛ بالسؤال عن معنى الديمقراطية؟ وما معنى الانتخابات، عندما يكون الوصول إلى السلطة من خلال ذلك أمرًا ممكنًا بالنسبة للإسلامويين – الذين يعدّون معادين للديمقراطية ومعادين لليبرالية؟
بالنسبة لك ما هو أكبر التحدِّيات التي تواجه في الوقت الراهن ثقافة المسرح في تونس؟ رستم: بفضل الكثير من التأثيرات التي أتت من إيطاليا ومصر، وكذلك بفضل كبار المسرحين التونسيين، مثل علي بن عياد الذي ترجم من بين أعمال أخرى أعمال شكسبير إلى اللهجة التونسية، طوَّرت تونس في القرنين التاسع عشر والعشرين ثقافة مسرحية غنية جدًا. واليوم يعدّ التمثيل المسرحي في تونس من الثقافة الشعبية؛ وفي المدرسة الابتدائية يعتبر المسرح مادة إلزامية، وبإمكان طلبة الثانوية العامة تقديم مادة المسرح باعتبارها مادة أدائية (تكميلية)، كما أنَّ الدولة تتعامل مع دعم المسرح والفنون بصفة عامة باعتبارها من الخدمات العامة. ولكن هناك مشكلة خطيرة. وهي أنَّ الجيل التونسي الشاب الذي يتكلم بشكل أساسي اللغة العربية، يكاد لا يجد ترجمات مضبوطة للأدب المسرحي العالمي. وأعمال بيرتولد بريشت أو تشيخوف أو غيرهما من كبار الكتَّاب المسرحيين غالبًا ما تكون متوفِّرة فقط بترجمات مترجمة بدون عناية أو بترجمات قديمة. ونتيجة لذلك لا يستطيع تقريبًا الممثِّلون الشباب تمثيل أعمال من الأدب العالمي على المسارح المحلية. وهم يستخدمون المسرح من أجل معالجة موضوعات حياتهم اليومية والتعبير عن مشكلاتهم الشخصية.
بالتأكيد هذا ليس سيئًا… رستم: لا، فهذا مقبول من حيث المبدأ، وأنا لا أعارض ذلك. ولكن المسرح من دون القصص والأساطير الكبيرة مثل أوديب أو أعمال أخرى هو مسرح فقير.
كيف يستطيع المرء مواجهة هذا النقص في الترجمات المضبوطة؟ رستم: لدينا منذ عام 2008 مركز وطني للترجمة، من المقرَّر أن يتم فيه نقل الكثير من الأعمال بما في ذلك أعمال درامية مهمة من جميع أنحاء العالم إلى اللغة العربية. ولكن من المهم خاصة في الأعمال المسرحية المترجمة أن يكون هناك تعاون في العمل مع المخرجين. وهذا لا يتم على هذا النحو بسرعة وبسهولة. والآن أحاول مع بعض الزملاء الحصول على مساعدات مالية، وذلك لكي نتمكَّن من العمل في هذا المركز القومي للترجمة الأدبية.
السيِّد هشام رستم، أنت متزوج من امرأة فرنسية، ولديك كلّ من الجنسية التونسية والفرنسية. فما معني « الوطن » بالنسبة لك؟ رستم: لقد أثَّرت بي فرنسا كثيرًا؛ وهناك – أتممت دراستي الفنية، وكذلك أيضًا خطواتي الأولى باعتباري ممثلاً ومخرجًا، كما أنَّ أعزّ أصدقائي هناك، بالإضافة إلى حانتي المُفضَّلة. واليوم أذهب أربع أو خمس مرَّات في السنة إلى باريس. وهناك أتزوَّد بالطاقة الفكرية، وأستطيع إشباع حاجتي إلى الإبداع والحرية. وفي تونس زوجتي وأولادي، وأحفادي، والمسنّون من أقربائي. وفي تونس أنا بالمعنى العائلي في « وطني »، عند جذوري. ومن دون هذه الجذور سأشعر في باريس بالفراغ، ولكن أنا بحاجة أيضًا إلى الطاقة الفكرية والإبداعية التي « أمتلئ بها » في باريس.
أجرت الحوار مارتينا صبرا ترجمة: رائد الباش حقوق الطبع: قنطرة 2009 (المصدر: موقع « قنطرة » (ممول من طرف وزارة الخارجية الألمانية) بتاريخ 26 أوت 2009) الرابط:
http://ar.qantara.de/webcom/show_article.php?wc_c=367&wc_id=617
بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أفضل المرسلين الرسالة رقم 667 على موقع تونس نيوز الحلقة الثالثةامتنان وشكرلسيادة الرئيس
بقلـم : محمـد العروسي الهانـي مناضل دستوري – كاتب في الشأن الوطني والعربي والإسلامي
مقترحات لدعم مجلس النواب وتطعيمه بعناصر جديدة لها اشعاعها ورصيدها الفكري والسياسي والنضالي
أواصل على بركة الله تعالى الكتابة حول اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب وخاصة مجلس النواب فقد تحدثت في الحلقة الثانية حول دعم المجلس النيابي الجديد في انتخابات 25 أكتوبر 2009 بعناصر و وجوه مناضلة تحملت مسؤوليات هامة في سلك الولاة والمعتمدين. وقد ذكرت بعض الأسماء على سبيل الذكر لا الحصر ومن اللإخوة الذين تحملوا مسؤوليات جساما ونجحوا نجاحا باهرا في مهامهم السياسية والإدارية وأدوا الأمانة على الوجه الكامل وناضلوا من أجل دعم أركان الجمهورية وبناء الدولة العصرية ولهم رصيد وطني غزير وإشعاع ومساهمة فعالة وبارزة. وإن عدد هؤلاء الأخوة أكثر وأكبر وأعمق من الذين ذكرتهم في الحلقة الثانية رقم 666 بتاريخ 26/08/2009 رغم قناعتي بأن بعضهم يستحق الذكر لكن لاعتبارات تتعلق بالتوازن بين الولايات والجهات التي ينتمون إليها ومراعاة عدد المقاعد لكل دائرة أردت الاختصار في ذكر الأشخاص ولو أن دور بعض الذين لم أذكرهم هام ومفيد وبارز للتاريخ أورد بعض الأسماء حسب الجهات والولايات، وهم السادة : 1- محمد بن نصر والي المنستير سابقا. 2- صالح البحوري والي مدنين سابقا. 3- الطاهر بوسمة والي القيروان سابقا. 4 – عبد السلام القلال والي الكاف سابقا. 5 – مصطفى البوغازلي والي نابل سابقا. 6- محمد الصيد والي قابس سابقا. 7- وعبد الحق الأسود والي زغوان سابقا. 8- والطاهر حجل والي توزر سابقا. ومن المعتمدين البارزين الذين كانوا في السلك الأخوة: 1- الحسين التهامي معتمد أول سابقا. 2- الصادق السعيدي معتمد أول سابقا. 3- حسن الدرويش معتمد أول سابقا. 4 – محمد شعبان معتمد أول سابقا. 5- الهادي بن حسن معتمد أول سابقا. 6- ابراهيم جنيح معتمد. 7- محمد البقلوطي معتمد سابقا. 8- العربي خليع معتمد أول سابقا. 9- بلقاسم بوخريص معتمد سابقا. 10- محمد العروسي بن ابراهيم معتمد سابقا ويصادف اسمه اسمي مع فارق اللقب. والشريحة العاملة والمشعة والمناضلة والتي لها دور فاعل وحاسم لتغذية الروح وزرع القيم الروحية والمبادئ السمحاء. هي شريحة رجال الدين والأئمة هذه الشريحة أقترح بكل أمانة وصدق إدراج بعضهم ضمن قائمة التجمع الدستوري الديمقراطي للانتخابات التشريعية القادمة حتى تكون ممثلة في قبة البرلمان التونسي الذي نادى به المناضلون الأحرار في مظاهرة يومي 8 و9 أفريل 1938 منادين بحكومة وطنية وبرلمان تونسي منتخب والحمد لله تحقق هذا الطموح والنداء وتجسم فعلا. وأصبحت تونس حرة مستقلة منيعة ذات سيادة ولها حكومة وطنية وبرلمان تونسي ودستور من أعرق وأحسن دساتير الأمة العربية وأعمقها وأقدمها وقد ساهم في تحريره رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا. صدق الله العظيم. وبهذه المناسبة أقترح من صميم القلب والفؤاد أن تضم قائمات التجمع الدستوري الديمقراطي في انتخابات 25 أكتوبر 2009 لمعاضدة ومساندة سيادة الرئيس زين العابدين بن علي صاحب الأغلبية والشرعية الدستورية ورئيس أكبر حزب في شمال أفريقيا إشعاعا ونضالا وحركية وبرامج متقدمة في شتى مجالات الحياة العصرية مع المحافظة على الهوية والأصالة والتاريخ. وحتى يتسنى نجاح الفترة النيابية القادمة على أحسن الوجوه لدعم سياسة وتوجيهات الرئيس الكبرى والهادفة ويعتبر المجلس النيابي التشريعي أهم سلطة تشريعية في البلاد مشرعا للقوانين وترجمان للشعب. وأرجو أن تشمل القائمات على عناصر من رجال الدين أمثال السيد كمال عمران مدير إذاعة الزيتونة للقرآن الكريم وإمام الجامع الأعظم الأول جامع الزيتونة المعمور. وإمام جامع عقبة ابن نافع ونجل العلامة الشيخ محمد الفاضل بن عاشور والشيخ الكبير العلامة المختار السلامي المفتي السابق وبذلك يكون البرلمان الجديد يشتمل على كل الحساسيات الفكرية والسياسية والدينية والثقافية ونظيف الدكتور محمد الهاشمي الحامدي مدير قناة المستقلة ممثلا لجاليتنا بالخارج. وهو معتدل ويمثل الجالية في بريطانيا وصوته مسموع وأعتقد إذا تم العمل بهذه المقترحات سوف يكون أحسن وأعمق وأكبر مجلس نيابي منذ الاستقلال إلى اليوم بفضل ترابط الأجيال وأصحاب الخبرة. ملاحظة هامة : أكبر ميزة في دستورنا التونسي لسنة 1959 أنه أعطى حق حرية الرأي والتعبير للمواطن وصوته محترم وهذا شجعنا على تقديم الاقتراحات والمواطن له حق تقديم المقترحات في دولة القانون والمؤسسات وصوته مسموع والدستوري المناضل صوته مسموع أيضا مرفوعا وكما قال الرئيس بن علي إن التجمع لا يضيق صدره من الرأي الأخر مهما كان مصدره. وختاما أذكر بالسنة الحميدة التي سنها الرئيس في كل أول ليلة من شهر رمضان المبارك ليتوجه بكلمة للشعب التونسي وللشعوب العربية والإسلامية وهو أول رئيس عربي يقوم بهذا العمل النبيل وهو قادر على دعم المجلس النيابي بعناصر دينية معتدلة ترفع صوت الإسلام في قبة البرلمان في الداخل والخارج. وبذلك يتم الإصلاح في عهد التغيير ويشمل كل الميادين بما في ذلك تطور دور النائب في البرلمان ومقاييس اختياره. قال الله تعالى: » هل جزاء الإحسان إلا الاحسان » – {صدق الله العظيم}. محمـد العـروسـي الهانـي مناضل دستوري، معتمد متقاعد الهاتف: 22.022.354
أربعون عاما على تولي معمر القذافي مقاليد الحكم في ليبيا: القذافي… عالم من التناقضات ورجل الأضواء والمفاجئات
لقد فاقَ معمر القذافي الجميع تقريباً فيما يتعلق بطول فترة حكمه، إذ يحكم الآن فترة أطول مما حكم كل الحكام الطغاة في القرن العشرين، وفترة أطول من كافة الحكام العرب الآخرين، ومن كل سياسي منتخب ديمقراطياً في أي مكان من عالمنا. رودولف كيميلي يسلط الضوء على « ظاهرة القذافي ». عندما يحتفل قائد الثورة الليبية في الفاتح من سبتمبر/ أيلول بالذكرى الأربعين للثورة التي أزاحت الملك إدريس من عرشه بقيادة العقيد المجهول آنذاك البالغ من العمر سبعة وعشرين عاماً، فلن يستطيع أن ينافسه أحد في طول مدة الحكم سوى فيدل كاسترو الذي سبقه بعامين إلى دفة الحكم في بلده. غير أن القذافي لم يكن يوماً رئيساً بالمفهوم التقليدي أو زعيم حزب حاكم. ولكنه استطاع منذ أربعة عقود أن يجمع بين يديه كل الخيوط في ليبيا. لن تكون الدائرة التي سيحتفل القذافي في وسطها دائرة صغيرة، غير أنها لن تضم أولئك الضيوف المشهورين كما كان يأمل. الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، الذي أُعلنت مشاركته في الاحتفال على عجل، نفي حضوره الحفل. كما أعلنت ليبيا مشاركة الروسيين، ديمتري ميدفيديف وفلاديمير بوتين، غير أن الزعمين لم يؤكدا المشاركة في الاحتفال والشيء نفسه ينطبق على الملك الإسباني وقرينته. كل هؤلاء يخشون أن تقع عينهم على مقعد خلفي من مقاعد الضيوف يجلس عليه عبد الباسط المقراحي، منفذ اعتداءات لوكربي العائد إلى وطنه. ولكن في مقابل غياب أولئك، سيحضر عشرات من الرؤساء الأفارقة والرئيس الفنزويلي هوغو شافيز وعديد من عتاة مناهضة الإمبريالية.
الخروج من عنق الزجاجة… ومناهضة الإمبريالية هي الشيء الثابت في حياة العقيد الليبي، حتى وإن كان الزعيم الليبي قد هذّب تلك المناهضة حتى يعود إلى السيرك السياسي نجماً محتفى به من قبل « كلب رونالد ريغان المسعور ». لقد حقق القذافي تقدماً كبيراً على هذا الدرب. وها هي ليبيا تستعيد علاقاتها الجيدة مع الولايات المتحدة بعد أن رُفعت كافة العقوبات عليها منذ وقت طويل، كما أن رؤساء الحكومات الأوروبية لا ينفكون التوافد إلى خيمة القذافي. إنه الآن رئيس الاتحاد الأفريقي، ويشعر بالسعادة عندما يُطلق عليه « ملك ملوك أفريقيا ». بل إن ليبيا ترأس لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، كما أنها في الوقت الحالي عضو في مجلس الأمن. وفي الشهر المقبل سيسافر القذافي لأول مرة إلى نيويورك لحضور اجتماع اللجنة العمومية وإلقاء خطاب هناك.
بطل الاستفزازات والمفاجئات…. لقد بيّن عناق القذافي للمقراحي في أثناء استقباله له أن مشاعر الرجل الثوري المسن لم تتغير. ولم يفقد العقيد رغبته في الاستفزاز وما زال يحب المزايدة، حتى وإن كان يدفع تعويضات مقابل الاعتداءات. فهو منذ الحادي عشر من سبتمبر 2001 يضع في خدمة الأمريكان معارفه الجيدة الخاصة بالنشطاء العرب السريين، لأن الإسلامويين يريدون رقبته هو أيضاً. ولكن أمام مواطنيه لا يريد القذافي بأي حال من الأحوال أن يظهر في مظهر الدمية التي تحرك خيوطها بلاد الغرب. ولهذا يصور القذافي الأمور على نحو زائف: ألم يصدر في ليبيا حكم بالإعدام بحق الممرضات البلغاريات؟ ألم يتم الاتفاق بعد صفقة إطلاق سراحهم على أن يقضوا فترة العقوبة في وطنهم؟ ألم يتم استقبالهم استقبالاً بهيجاً من قبل رئيسهم وكبار الأوربيين بصفتهم ضحايا الظلم الليبي؟ « هل نحن حمير وهم بشر؟ »، هكذا علق القذافي علناً على الاستياء الذي أبداه الغرب عندما استقبلت ليبيا المقرحي باعتباره رمزا وطنياً. كل إنسان يعيش شمال البحر المتوسط أو غرب المحيط الأطلسي يعرف أن التشبيهات التي يستخدمها القذافي خاطئة. غير أنها تترك أثراً إيجابياً في ليبيا. ومثل القذافي انتهز ابنه سيف الإسلام فرصة استقبال المقرحي في سكوتلاندا والعودة به إلى الوطن لكي يرسخ صورته أمام الجمهور باعتباره خليفة والده وليضعف موقف أخيه ومنافسه المعتصم بالله.
قصة فشل….. القذافي يحسن توظيف الأحداث لخدمة أغراضه الدعائية بين أبناء شعبه.. لم تكن « الجماهيرية » التي أسسها القذافي وقضى نصف حياته على رأس السلطة فيها قصة نجاح. هذا البلد الذي لا يقطنه سوى ستة ملايين ونصف يصدر من البترول ما لا يقل عن السعودية، غير أن الفوارق هائلة بين البلدين في مستوى المعيشة والبنية التحتية والتنمية. لا أحد يموت من الجوع في ليبيا، هذا صحيح، ولكن الأجور في مستوى متدنٍ للغاية، أما البطالة بين الشبان فهي تقريباً القاعدة لا الاستثناء. لا أحد يكاد يجد عملاً سوى في القطاع الحكومي غير المنتج. أما دخل البترول فقد تم تبذير جزء كبير منه على مشاريع استعراضية ضخمة ومشتريات السلاح وشراء أصدقاء وهميين. لقد تبخر طموح قائد الثورة في أن يكون محرك الوحدة العربية. إذ وقّع القذافي نحو عشر اتفاقيات وحدة، مع دول مجاورة مثل مصر وتونس، أو مع دول لا تربطه معها حدود مشتركة مثل المغرب أو سوريا. ولكن سرعان ما انفكت عرى تلك الوحدة، إذ لم يرغب رئيس دولة عربي في القبول بأن يتولى القذافي قيادة البلد المتحد. ومن ناحيته فهو لم يكن في يوم من الأيام مستعداً لأن يلعب دوراً ثانوياً. أكثر من مرة كان القذافي على وشك الخروج من جامعة الدول العربية، فهو لم يقبل قط أن يرى أخوانه العرب يقدرون الإمكانات الحضارية والثقافية في ليبيا تقديراً متدنياً. كما أنه منذ توجهه إلى أفريقيا لا يريد أن يدرك أن الحلفاء الجدد لا يكنون الإعجاب سوى بنقوده. وبفضل القذافي يسكن اليوم البدو السابقون في بيوت خرسانية قبيحة، بها ثلاجات ويأكلون طعاماً مستورداً من الدرجة الثانية. وعما قريب قد يصبح الرومانسي الأخير الحالم بالصحراء الذي ما زال ينام في خيمة ويشرب حليب الناقة. (*) رودولف كيميلي خبير بشؤون الشرق الأوسط ومراسل صحيفة « زود دويتشه تسايتونغ » منذ سنوات طويلة. ترجمة: صفية مسعود حقوق الطبع: زود دويتشه تسايتونغ/ قنطرة 2009
(المصدر: موقع « قنطرة » (ممول من طرف وزارة الخارجية الألمانية) بتاريخ 1 سبتمبر 2009) الرابط:
http://ar.qantara.de/webcom/show_article.php/_c-492/_nr-963/i.html
ت
حديات ما بعد الانتخابات الأفغانية
بقلم :توفيق المديني شهد مسار«المصالحة» في أفغانستان ، الذي أطلق بعد الغزو الأميركي لهذا البلد من آسيا الوسطى ، و إسقاط نظام «طالبان»في نهاية سنة 2001،يوم الخميس 20 أغسطس 2009، التحدي الأكثر جدية ، مع إجراء الانتخابات الرئاسية تحت الاحتلال الأميركي و الأطلسي منذ ثماني سنوات . ويؤكد المحللون في الغرب على أن الحرب الدائرة في أفغانستان بين القوات الأميركية و الأطلسية من جهة وقوات حركة «طالبان» من جهة أخرى،متماثلة إلى حد كبير مع الحرب في فيتنام ، من أوجه عديدة ، كون المقاومة المسلحة في البلدين الآسيويين تواجه عدواً مشتركاً هو أميركا ، علما أن فيتنام و أفغانستان كلتاهما هزمتا قوتين استعمارتين أوروبيتين في حرب عصابات هما فرنسا و بريطانيا، قبل التدخل العسكري الأميركي. وتقول مجلة «فورين بوليسي»في مقالها : «أفغانستان اليوم هي فيتنام الأمس أخطاء تتكرر وحكومات بلا شرعية »: في الحالتين، كانت الحروب برّيّة في آسيا، بخطوط لوجيستية تمتد على طول يتخطى التسعة آلاف ميل، وتضاريس قاسية يخترقها القليل من الطرقات، مما ألغى المزايا الأميركية في القدرة على التنقل والقوة المدفعية. كما تكشف عناصر مهمة اخرى تشابها مفاجئا: حوالى 80 في المئة من السكان في البلدين كانوا يعيشون في المناطق الريفية، فيما تجاوزت الأمية نسبة التسعين في المئة. وفي الوقت الذي تتراخى فيه الديمقراطيات الغربية تحت وطأة شمس الصيف الحارقة، يتحدد قسم استراتيجي من التوازن العالمي في أفغانستان بسبب الانتخابات الرئاسية التي جرت مؤخرا، حيث تثير تدني نسبة المشاركة فيها التي لم تتجاوز 35 في المئة أسئلة حول شرعية المرشح الفائز، ولا سيما في ظل نجاح حركة «طالبان» في عرقلة الانتخابات الرئاسية ، الأمر الذي يقود إلى التشكيك بشرعية نتائجها. وبصرف النظر من الذي سيفوز في هذا الاستحقاق الانتخابي ،سواء الرئيس المنتهية ولايته حميد كرزاي ، حيث تشير عملية فرز أصوات الانتخابات عند نسبة 17 في المئة من عدد أقلام الاقتراع التي بلغ عددها 6200 ، على تقدمه بنسبة 43في المئة ،أم منافسه وزير خارجيته السابق عبد الله عبد الله الذي لم يحصل إلى حد الآن سوى 34 في المئة من الأصوات ، فإن الرئيس المقبل لأفغانستان سيواجه تحديات صعبة خلال المرحلة المقبلة. فالولايات المتحدة الأميركية التي تمارس هيمنة مطلقة على مسار الأحداث في أفغانستان منذ أحداث 11 سبتمبر 2001، أسهمت في خلق وعي قومي أفغاني حاد على مرّ سنوات الاحتلال –هو وريث ل«مملكة أفغانستان»التي عجزت القوى الامبراطورية الأوروبية على احتلالها. ثم إن الرئيس الأفغاني حميد كرزاي الذي يعتبر رجل أميركا ، قد بدأ ينتهج منذ سنة 2008 سياسة وطنية ، في محاولة منه لإيجاد قوى موازية للتأثير الذي تمارسه كل من واشنطن و لندن ، اللتين تعتبران بسبب تدخلهما المباشر قوتي احتلال في نظر الشعب الأفغاني.وقد استفادت من هذا الانفتاح الذي مارسه كرزاي ثلاث قوى إقليمية : روسيا و إيران و الصين ، الأمر الذي جعل الجيوبوليتيك الأفغاني متعدد الأقطاب. وتعتبر روسيا دولة آسيوية لها طموحات إقليمية مشروعة، إذ خاضت صراعاً مريرا ضدالإمبراطورية البريطانية للسيطرة على أفغانستان طيلة القرن التاسع عشر، ولكن من دون فائدة.و تحقق الغزو السوفياتي لأفغانستان في 27 ديسمبر 1979، ولكنه تحول إلى كارثة أسهمت في انهيار الاتحاد السوفياتي لاحقا. ويمكن لهذه الخريطة الجيوبوليتيكية الجديدة أن تسهم في إيجاد مخرج للأزمة الأفغانية ، التي يبحث عنها الأميركيون والحلف الأطلسي والأمم المتحدة، وذلك عبر فتح باب الحوار مع حركة «طالبان»، أو«المعتدلين »منها، الأمر الذي سيتطلب تدخل كل من المملكة العربية السعودية وباكستان. ولما كانت القومية الأفغانية تعتبر باكستان خصماً بسبب تدخلها المستمر في الشؤون الأفغانية،فإن المملكة السعودية نظراًلصداقتها لباكستان ،و مساندتها لنظام «طالبان»في السابق ، ومكانتها في العالم الإسلامي ، يمكن أن تلعب دور الوسيط، في ظل تعقد الجيوبوليتيك الأفغاني. فهل حان الوقت لانطلاق الحوار حول تحقيق السلام، والتحرر من النفاق الغربي؟ كاتب تونسي (المصدر: صحيفة البيان (يومية إماراتية) ، آراء و أفكار، الثلاثاء1سبتمبر2009)
أجراس الخطر التي لا يسمعها أحد
د. فهمي هويدي حين يصبح السؤال هو متى تغرق دلتا مصر، وليس هل ستغرق أم لا، فإننا حين نستخف بالمسألة ونقف متفرجين على ذلك الحوار بغير أي حراك، نرتكب جريمة لن تغفرها لنا الأجيال القادمة. (1) ثمة حالة من البلادة مهيمنة على مجمل التفكير المستقبلي في مصر، تثير الدهشة وتبعث على الحيرة. وقضية مصير الدلتا (عشرة آلاف ميل مربع يسكنها ثلثا أهل مصر وتزود البلد بـ60% من احتياجاتها الزراعية) تمثل بندا واحدا في قائمة قضايا المصير المهدد التي يبدو أنها لا تحتل ما تستحقه من اهتمام وجدية، فالمشكلة السكانية التي تتردد كل حين على ألسنة كبار المسؤولين، معروفة ومشهورة في كل الدراسات السكانية والاقتصادية منذ أكثر من أربعين عاما، ووصول عدد سكان مصر إلى ثمانين مليون نسمة بداية الألفية الجديدة ليس فيه أي مفاجأة. وارتفاع هذا الرقم إلى أكثر من تسعين مليونا في سنة 2020، لا يحتاج إلى عراف أو قارئ كف، لأن هذا تقدير ثابت في سجلات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. ورغم أن الأمر بهذا الوضوح فإن المسؤولين في الحكومة يتعاملون معه باعتباره مفاجأة لم تكن في الحسبان. ولا يكتفون بذلك، وإنما هم لا يكفون عن تقريع الشعب المصري واتهامه بعدم المسؤولية وقصر النظر، مع أن هذا الاتهام ذاته ينبغي أن يوجه أولا إلى الذين أحيطوا علما بالمشكلة منذ عقدين أو أكثر، ومع ذلك لم يتحسبوا لها ولم يحاولوا التعامل بجدية مع تداعياتها. نفس الشيء حاصل في موضوع آخر بالغ الخطورة هو مياه النيل، التي « اكتشفنا » هذا العام أننا يجب أن نقيم علاقات تعاون إيجابية مع دول حوضه، تحقق المصالح المتبادلة بين الطرفين، وقد أفاقت مصر على تلك الحقيقة حين اجتمعت دول الحوض في الكونغو خلال شهر أبريل/نيسان الماضي وبحثت عقد اتفاقية إطار جديدة، تتجاوز الاتفاقيات الثنائية التي كانت موقعة في الماضي، دون الأخذ في الاعتبار طلب مصر الحفاظ علی حقوقها التاريخية في مياه النيل، استيقظت مصر من سباتها، حين أدركت أن هناك خطرا يهدد شريان الحياة الرئيسي لها، في حين لم تتحرك طيلة السنين التي خلت لضمان الحفاظ على حقوقها، حتى بدا أن الحضور الإسرائيلي في دول حوض النيل أقوى من الحضور المصري. (2) الحديث عن احتمالات غرق دلتا النيل هو الذي قلب هذه المواجع، ذلك أننا فوجئنا ذات صباح بعنوان رئيسي في صحيفة « الشروق » (عدد 22/8) يقول: إن احتمال غرق الدلتا، يهدد بكارثة كاملة، وكانت تلك النبوءة ضمن عدة خلاصات انتهى إليها تقرير اللجنة الحكومية للتغير المناخي، التي يترأسها نائب الرئيس الأميركي الأسبق آل غور، وأبرزتها صحيفة «الغارديان» البريطانية، التي أكدت أن دلتا مصر بين أكثر ثلاث مناطق في العالم معرضة للغرق بسبب ارتفاع منسوب مياه البحار نتيجة ذوبان الجليد من القطبين جراء ارتفاع حرارة كوكب الأرض، توقع الخبراء أن تفقد مصر 20٪ من مساحة الدلتا خلال المائة عام المقبلة، في حال ارتفع مستوى مياه البحر المتوسط لمتر واحد فقط، أما السيناريو الأكثر تشاؤما فيضع في الاعتبار احتمال زيادة مستوى البحر لحده الأقصى المتوقع، مما يعني غرق الدلتا بالكامل -لا قدر الله- ووصول البحر المتوسط إلى الضواحي الشمالية لمدينة القاهرة. في عدد « الشروق » ذاته (22/8) علق على التقرير الدكتور سامي المفتي، خبير البيئة العالمي والأمين العام السابق لمركز بحوث الصحراء، إذ قال إن الملف مفتوح منذ التسعينيات، حين أشارت الدراسات إلى أن التغيرات المناخية أدت إلى ارتفاع درجة الحرارة في العالم بمعدل درجتين مئويتين، وهذا يعرض للغرق منطقتين هما دلتا النيل وبنغلاديش. وأضاف أن احتمالات مواجهة هذا الخطر في الدلتا لن تظهر قبل نحو ثلاثين أو أربعين عاما وإنه بحلول عام 2100 سوف يصل ارتفاع منسوب المياه إلى تسعين سنتمترا، وهذا من شأنه أن يغرق بعض المناطق في دلتا النيل. وتحدث الدكتور المفتي عن ضرورة تحرك الدولة لتدارك هذا الخطر والتحقق من مداه وحدوده. وشدد د.المفتي على أهمية أن يكون ذلك التحرك على مستوين، أحدهما محلي يشمل رفع مستوى الطريق الدولي الساحلي مذكرا بأن سور أبو قير الذي بناه محمد علي باشا حمى الدلتا من الغرق. المستوى الثاني إقليمي ويتمثل في الأخذ باقتراح قدمه في سنة 1990 خبير البيئة العالمي الدكتور عبد الفتاح القصاص، ودعا فيه إلى إقامة قنطرتين، إحداهما عند مضيق جبل طارق، والثانية عند باب المندب، لمنع تأثير ذوبان الجليد وتمدد المحيطات على البحر المتوسط والأحمر والأسود. الخبير الاستشاري الدكتور ممدوح حمزة، اتفق على أن هناك مشكلة خطيرة، وانتقد المبالغة في حجمها، ولديه مشروع دعا فيه إلى محاسبة قضائية للدول التي تسببت في ارتفاع درجة حرارة الأرض، ومن ثم سوء المناخ العالمي. وعلى رأس هذه الدول الولايات المتحدة وأستراليا والاتحاد الأوروبي، إذ اعتبر أن العالم العربي يدفع ثمن أخطاء دول أخرى هي المسؤول الأول عن الاحتباس الحراري، ولذلك طالب بأن تسهم تلك الدول في نفقات إنقاذ الدلتا من الغرق، وذكر أن لديه مشروعا للإنقاذ أعلنه في 2007، ينفذ على مراحل خلال عشرين سنة، كما نبه إلى أن الخطر الذي يتحدث عنه الخبراء، بدأت ملامحه تظهر في الأفق، ودلل على ذلك بأنه أثناء حفر الآبار في الدلتا لوحظ خروج مياه البحر منها، وهو ما يعني أن التهديد بغرق الدلتا ليس سطحيا فحسب، لأن تربتها ليست طينية فقط، ولكنها رملية أيضا، وعن طريق الحياة تنفذ المياه وتتسرب إلى باطن الدلتا. (3) الأمر ليس تهويما أو افتراضا فقط، لكن التهديد قائم ونذره لاحت بالفعل. ويبدو أن مصادر التهديد متعددة، آية ذلك أن جهات أخرى عدة ما برحت تدق أجراس التنبيه والإنذار، داعية الغافلين والنائمين للإفاقة من سباتهم العميق، خذ مثلا تلك الدراسة التي أعدتها الهيئة المصرية للاستشعار عن بعد، التي حذرت من احتمال اختفاء الأراضي الزراعية في مصر بعد نحو ستين عاما، إذا ما استمر التوسع العمراني العشوائي بمعدلاته الحالية المرتفعة، فقد ذكر الدكتور عباس زغلول رئيس شعبة التطبيقات الهندسية والمياه في الهيئة أن عمليات الرصد التي استخدمت الأقمار الصناعية أثبتت أن ثمة تراجعا مستمرا في مساحة الأراضي الزراعية، فمحافظة كفر الشيخ في شمال الدلتا تراجعت بنسبة 20٪ خلال العقدين الأخيرين، وفقدت منطقة شرق الدلتا نحو 34٪ في أراضيها الزراعية خلال الفترة ذاتها، أضاف أن بعض العلماء يتوقعون أن تخسر مصر بحلول عام 2050 نحو 17٪ من مساحة الدلتا نتيجة الزحف العمراني العشوائي على الأراضي الزراعية، الذي تمثل في الانتشار السرطاني للقرى والمراكز والمدن وتغوله المستمر على الأراضي الزراعية. ولا يرى أولئك الخبراء مناصا من إعلان الوادي والدلتا محمية طبيعية يحظر البناء عليهما، مع إعادة تخطيط وتقسيم خريطة المحافظات في مصر، بحيث تكون لكل محافظة مساحة من الظهير الصحراوي تسمح لها بالتمدد العمراني لصالح السكان أو مشروعات التنمية. خذ أيضا تلك الأجراس التي أطلقتها ورشة العمل التي عقدها في شهر يوليو/تموز الماضي مركز معلومات الأمن الغذائي التابع لوزارة الزراعة مع منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) التابعة للأمم المتحدة. إذ تحدث الخبراء فيها عن ارتفاع سلة الأغذية الأساسية بنحو 47٪ خلال السنوات الثلاثة الأخيرة. الأمر الذي أوصل نسبة الذين أصبحوا يصنفون عند الحد الأدنى من خط الفقر المدقع إلى 6٪، وهو ما أدى إلى تدهور وضع الأطفال أقل من خمس سنوات، حيث أصبحوا أكثر من يعانون من مشكلات نقص التغذية في مصر، حيث ارتفعت نسبة سوء التغذية من 18٪ سنة 2005 إلى 25٪ في سنة 2008. حسب تقدير خبراء « الفاو » فإن مستوى الاكتفاء الذاتي من الحاصلات الزراعية تراجع بشكل ملحوظ خلال السنوات الثلاث الأخيرة رغم الزيادة المستمرة في عدد السكان، فقد كانت نسبة الاكتفاء الذاتي من الحبوب في بداية السبعينيات 68٪، وهذه النسبة تراجعت في سنة 2006 لتصل إلى 62٪، مما جعل مصر المستورد الأول للقمح في العالم، كما انخفض الاكتفاء من اللحوم في الفترة ذاتها. من 95٪ إلى 74.9٪، بينما تراجع الاكتفاء الذاتي من الزيوت النباتية بنسبة 50٪. (4) لا وجه للمقارنة بين هذا التراخي الذي نلمسه في مصر وبين التعبئة واسعة النطاق الحاصلة في دول الاتحاد الأوروبي للحفاظ على البيئة ومواجهة آثار الاحتباس الحراري، ذلك أن من يطلع على الإجراءات الحازمة والاحتياطات التي اتخذت في دول الاتحاد لمواجهة احتمالات المستقبل, يدرك أن الفرق بين ما يحدث عندنا وعندهم هو عين الفرق بين الجد والهزل. يكفي أن تعلم مثلا أنه منذ ثلاثين عاما (سنة 1979) أصدرت المجموعة الاقتصادية الأوروبية أكثر من ثلاثمائة توجيه وتعليمة لحماية البيئة، الأمر الذي دفع الدول الأوروبية إلى تعديل نظمها وممارساتها التزاما بتلك التعليمات، حتى إنهم في فرنسا، واعتبارا من أول نوفمبر/تشرين الثاني عام 2006، أصبح من شروط بيع أي مسكن تقديم شهادة لتقييم أداء الطاقة، يقوم بتحريرها خبير يحدد قيمة استهلاك الطاقة المتوقع للمسكن، وهو أحد الإجراءات التي تقررت لمواجهة التغيرات المناخية، وهناك حملة واسعة النطاق في مختلف الدول الأوروبية لحث المواطنين على استخدام الدراجات في الانتقال بديلا عن السيارات لتخفيف التلوث والحد من استهلاك الطاقة، وقد حققت هذه الحملة نجاحات ملموسة في فرنسا وإنجلترا وهولندا والنمسا. إن المرء لا يستطيع أن يخفي دهشته وانزعاجه من تفشي عدم الاكتراث بالمؤشرات والإنذارات الخطيرة التي يتحدث عنها العلماء، خاصة بالدلتا ومستقبلها، بما يوحى بأن هذا الملف لا يمثل أولوية في تربية اهتمامات السلطة، وأرجو أن أكون مخطئا في ظني أن الانشغال بانتقال السلطة في مصر أصبح الشاغل الأساسي لأولي الأمر في البلد، الذي صرف الانتباه عن أمور كثيرة، بعضها -كما رأيت- يتعلق بمستقبل البلد ذاته. أدري أن مشكلات مصر كثيرة وثقيلة الوطأة، لكننا نفهم في السياسة أمرين، أولهما أن المشكلات ينبغي أن ترتب حسب أولوياتها، بحيث تحتل القضايا الحيوية والمصيرية رأس تلك الأولويات، الأمر الثاني أن من لا يستطيع أن يتصدى لحل مشكلات البلد، عليه أن يرفع يده عنها، بحيث يخلي موقعه لغيره لكي يجرب حظه في حلها، لكن الحاصل أن مسؤولينا الذين احتكروا السلطة في البلد فشلوا في ترتيب الأولويات وعجزوا عن حل المشكلات الكبرى، فلا هم رحموا ولا هم انسحبوا لكي تنزل رحمة الله على الخلق.
(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 1 أوت 2009)
السلام الامريكي.. والغباء العربي
عبد الباري عطوان يعكف مساعدو الرئيس الامريكي باراك اوباما على بلورة مبادرة سلام جديدة للصراع العربي الاسرائيلي، من المتوقع إماطة اللثام عنها اثناء انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في الثلث الاخير من شهر ايلول (سبتمبر) المقبل. السيناتور جورج ميتشل المهندس الحقيقي لهذه المبادرة يفضل العمل بسرية مطلقة، بعيداً عن وسائل الاعلام، لكن ما تسرب عن هذه المبادرة حتى الآن من تقارير يوحي بأنها سترتكز في معظم بنودها على مبادرة السلام العربية مع بعض التعديلات الجوهرية، اي اسقاط حق العودة وايجاد صيغة ‘ملتبسة’ لوضع القدس المحتلة بجعلها عاصمة للدولتين، اي ابقاء وضعها الحالي مع تغييرات تجميلية طفيفة. التدرج في التطبيق سيكون سمة المرحلة المقبلة، حيث من المتوقع ان يتم قلب المبادرة العربية، بحيث يصبح التطبيع مقدمة للانسحاب الاسرائيلي من الاراضي العربية المحتلة، تلبية لشروط بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي. وهذا ما يفسر الضغوط الامريكية المكثفة على الدول العربية، خاصة في منطقة الخليج والمغرب العربي، من اجل الاقدام على خطوات تطبيعية ‘أولية’ مقابل تجميد نتنياهو لتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية وليس القدس المحتلة، مثل فتح مكاتب تجارية، والسماح لطائرات ‘العال’ الاسرائيلية بعبور الاجواء العربية بكل حرية. ضغوط ادارة اوباما هذه يمكن ان تعطي ثمارها في الاسابيع المقبلة، ومن غير المستبعد ان نرى مصافحات واجتماعات وتبادل ابتسامات بين مسؤولين وزعماء عرب ونتنياهو على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، لكسر الجليد، تتلوها خطوات عملية دبلوماسية. التحضيرات في الجانب الفلسطيني تسير على قدم وساق في هذا الاطار، وبطريقة مدروسة بعناية فائقة، ووفق توجيهات امريكية اوروبية، بمباركة اسرائيلية غير مباشرة، بحيث يكون البيت الفلسطيني الداخلي مهيئاً للمبادرة الجديدة بشكل جدي ومتكامل. ‘ ‘ ‘ ويمكن تلخيص هذه التحضيرات في مجموعة من النقاط، جرى استقراؤها من تطورات الاشهر القليلة الماضية: ـ أولاً: اقدم السيد محمود عباس رئيس السلطة في رام الله على عقد المؤتمر العام لحركة ‘فتح’ و’انتخاب’ لجنة مركزية جديدة تضم أربعة من القادة الامنيين السابقين، وتستبعد معظم رموز الحرس القديم المعارض لنهج اوسلو، بطريقة او بأخرى، مع الاقرار بأن بعض الاعضاء الجدد يتمتعون بسمعة وطنية جيدة واستقلالية في الرأي، ولكنهم يظلون اقلية. ـ ثانياً: نجاح السيد عباس في عقد جلسة طارئة للمجلس الوطني الفلسطيني ‘بمن حضر’ من اجل استكمال شرعية اللجنة التنفيذية للمنظمة، بانتخاب ستة اعضاء جدد. واللافت انه تم اضافة ابرز شخصيتين مسؤولتين عن ملف المفاوضات الى عضوية اللجنة، وهما السيدان احمد قريع (ابو علاء) وصائب عريقات. وهذا يعني انهما سيتفاوضان في المستقبل على اساس خطة السلام الجديدة، ليس على انهما يمثلان حركة ‘فتح’، وانما باسم منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني. ـ ثالثاً: اعلان السيد سلام فياض رئيس الوزراء الفلسطيني عن خطته الجديدة لانجاز البنى التحتية للدولة الفلسطينية التي توقع قيامها في غضون عامين، وهذه البنى من شقين: الأول امني يتمثل في بناء قوات امن فلسطينية وفق المواصفات الامريكية وباشراف الجنرال الامريكي دايتون، ومباركة اسرائيلية أردنية مصرية فلسطينية. والثاني اقتصادي يركز على كيفية تحسين الظروف المعيشية لأهل الضفة الغربية بحيث ينسون الانتفاضة ويبتعدون بالكامل عن المقاومة باعتبارها مصدر عدم استقرار ومعاناة للمواطنين. ‘ ‘ ‘ ان اخطر ما نجح فيه المحيطون بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، وبتخطيط من قبل توني بلير ‘مبعوث السلام’ الاوروبي، هو حصر القضية الفلسطينية في ‘الضفة الغربية’ فقط واسقاط جوهرها الرئيسي، الا وهو ‘قضية اللاجئين’، وتحويلها الى مسألة اقتصادية صرفة محكومة بمعدلات الاحوال المعيشية لسكان الضفة. فالمقارنة لا تتم حالياً بين اوضاع الشعب الفلسطيني في ذروة انتفاضيته الاولى والثانية، او المرحلة التي سبقتهما وتمثلت في اطلاق الرصاصة الاولى عام 1965 عندما كانت الضفة الغربية والقطاع في أيد عربية، وانما المقارنة الآن بين كيفية تدهور الاوضاع الامنية والمعيشية في قطاع غزة تحت حكم ‘حماس’، وازدهارها في الضفة الغربية تحت حكم السلطة. الأوضاع في غزة متدهورة اقتصادياً، منضبطة امنياً، التدهور الاقتصادي بسبب الحصار الخانق الذي نسيه العالم بطريقة تآمرية متعمدة، والانضباط الامني جاء بسبب القبضة الحديدية لشرطة ‘حماس’، وشاهدنا بعض جوانبها في اقتحام مسجد ابن تيمية في مدينة رفح ‘لاجتثاث’ حركة انصار جند الله، بطريقة دموية غير مسبوقة، ومنع اي عمليات فدائية او اطلاق صواريخ من القطاع. اما الازدهار الاقتصادي في الضفة فمرده تدفق المليارات على السلطة من امريكا واوروبا والدول العربية، والاخيرة ‘تسخو’ في العطاء استجابة لتعليمات امريكية وليس تلبية لنداء الواجب. ولكن هذا الازدهار هو تطبيق حرفي لخطة نتنياهو، ومن قبله توني بلير لما يسمى بـ’السلام الاقتصادي’. وهو السلام الذي يعني عملياً نسيان ثوابت القضية الفلسطينية ولو بشكل مؤقت. السؤال الذي يرفض اي طرف الاجابة عليه هو كيفية وشكل الدولة الفلسطينية الموعودة في ظل وجود 249 مستوطنة اسرائيلية يقيم فيها نصف مليون مستوطن، علاوة على ستمائة حاجز اسرائيلي تحت ذريعة حفظ الامن؟ الجدل ‘البيزنطي’ الدائر حالياً ليس حول ما اذا كانت هذه المستوطنات شرعية او غير شرعية، وانما حول النمو الطبيعي فيها وما اذا كان هذا النمو شرعياً مقبولاً كلياً او جزئياً، والثمن الذي يجب ان يدفعه العرب ‘تطبيعاً’ مقابله. ‘ ‘ ‘ التطور الأبرز الآخر الذي يتبلور حالياً هو نجاح ‘الابتزاز’ الاسرائيلي في فرض شروطه، ليس على صعيد اسقاط حق العودة، و’تمييع’ قضية القدس المحتلة فقط، وانما بربط اي ‘تجميد مؤقت’ للاستيطان بفرض حصار بحري وجوي وأرضي يشل ايران كلياً، تجاوباً مع هذا ‘التنازل’ الاسرائيلي الكبير. اي مثلما جرى استخدام مؤتمر مدريد للسلام للتغطية على ضرب العراق وتدميره وحصاره عام 1991، يريدون ربط المبادرة الامريكية الجديدة للسلام بقضية المفاعل النووي الايراني. اي تفكيك هذا المفاعل بالحصار او العمل العسكري مقابل وعود، مجرد وعود بحل امريكي للقضية الفلسطينية وفق معادلة عدم إغضاب اسرائيل واسترضاء عرب الاعتدال. الربط هنا ليس بين مفاعل نووي اسرائيلي ينتج 300 رأس نووي حتى الآن، ومفاعل ايراني ما زال ‘جنيناً’ لم يولد بعد، وانما بين المفاعل الأخير وحزمة من التنازلات العربية عن ثوابت فلسطينية مقابل وعود بالتسوية، سمعنا الكثير مثلها في السابق، تبخرت تباعاً بعد تحقق الاهداف الامريكية من جراء اطلاقها. المشكلة الكبرى تكمن حالياً في ضعف معسكر الممانعة العربي، وتآكل معسكر الممانعة الفلسطيني، فسورية مشغولة حالياً في كيفية تحييد امريكا من خلال الانفتاح عليها واستقبال وفودها، والانشغال في ملف تشكيل الحكومة اللبنانية، وكأنه قمة الملفات الاقليمية المصيرية. اما حركة ‘حماس’ فباتت غارقة في ‘مصيدة’ قطاع غزة، وكيفية توفير لقمة العيش لمليون ونصف مليون فلسطيني، وفتح قنوات مع الغرب تحت عنوان اطلاق سراح الاسير الاسرائيلي شاليط. حركة ‘حماس’، وللأسف الشديد، لم تعد ترفع راية المعارضة بالقوة المتوقعة منها كحركة اسلامية مجاهدة، واساء اليها كثيرا احد اجنحتها الذي يسعى لاعتراف الغرب، ويجري اتصالات معه، بل ويشارك في مؤتمرات تضم اسرائيليين في جنيف للايحاء بان الحركة واقعية معتدلة يمكن التعامل معها وتسليمها الحكم. القضية الفلسطينية بشكلها الذي نعرفه موضوعة حالياً على مشرحة طبيب ‘التجميل’ الامريكي، لكي يعيد رسم ملامح جديدة لها، يقوم خبراء التسويق العرب، والفلسطينيين خاصة، ببيعه الى المخدوعين بالسلام الاقتصادي والأمن المنضبط والاقتصاد المزدهر في الضفة الغربية. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 1 سبتمبر 2009)
الجماعات الإسلامية
محمد فهد القحطاني الملاحظ على الساحة السياسية العربية أن الجماعات الإسلامية هي الأكثر توهجاً وحضوراً في الفعاليات السياسية والاجتماعية والثقافية، وحتى العسكرية النضالية في طول البلاد العربية وعرضها، قديما وحديثا على حد سواء، لا تلتفت يمينا أو شمالا إلا وتجد كوادرها ونشطاءها يتقدمون الصفوف. فعلوا هذا قديما في مواجهة الدكتاتوريات والحكم الفردي والنظام السلطوي الشمولي، وفعلوه حديثا في مواجهة التغريب والانهزامية والغطرسة الصهيونية الأميركية الحاقدة، والأمثلة كثيرة متعددة لا يعجز المراقب عن إثباتها منذ نهاية العشرينيات في مصر على يد الإخوان المسلمين، إلى عصرنا الحاضر على يد حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي الذين أذاقوا الصهاينة مر الشكوى، مرورا بجماعات وأحزاب إسلامية هنا وهناك قدمت التضحيات والشهداء، وتحملت السجون والإقصاء والإبعاد حتى أصبحت منارا يهتدي بها المناضلون والمؤمنون. وأثبتت أن العقيدة الدينية سلاح قوى لا يضعف ولا يلين، وأن الجماعات والأحزاب بأفعالها لا بأقوالها، وتنظيراتها وشعاراتها التي لا تغني ولا تسمن من جوع ساعة الحقيقة ووقت المواجهة. هذه الشعارات التي أصابت الأمة بالصداع من كثرة ما سمعتها من قيادات وزعامات الاتجاه العلماني على تعدد ألوانه وأشكاله من قومية ووطنية وبعثية واشتراكية، ولم تغن الشعوب العربية من الحق شيئا عندما وقعت الواقعة وسقطت بغداد تحت سنابك جيش المغول الجدد، واكتشفنا أن كل غثاء هذا التيار انما كان سرابا بقيعة يحسبه «المواطن العربي» ماء. ومع كل هذه التضحيات والصفحات البيضاء المشرقة من الجماعات الإسلامية، جماعات الأفعال والمواقف، أقول مع ذلك لم ترض عنها القيادات السياسية العربية الرسمية، ولم تشركها في الأمر، أو على أقل القليل السماح لها بالوجود الرسمي الشرعي على الساحة السياسية العربية، وإنما ذهبت هذه القيادات الرسمية بالغنيمة كلها، بدعوى أن هذه الجماعات الإسلامية لا تملك الشرعية، مع أن العكس هو الصحيح، فهل هناك شرعية سياسية أقوى من كون هذه الجماعات الإسلامية هي (المتحدث الرسمي) للغالبية العظمى من الشعوب العربية ولا ينبئك بصدق هذه المقولة- أفضل من الانتخابات الحرة النزيهة التي حدثت هنا وهناك في أقطار الوطن العربي. وهذا التجاهل من قبل القيادات العربية الرسمية لأقوى تيار شعبي عربي وأعني به تيار الجماعات الإسلامية، ليس تجاهلا رسميا فقط، وإنما يسانده ويدعمه ويصفق له الاتجاه العلماني الذي تَلَوَن تلوُن الحرباء، وغير جلده مع كل نظام؛ فهو اشتراكي بعثي ليبرالي ديمقراطي، سمك لبن تمر هندي، مناضل شرس عن حقوق الإنسان، إلا حقوق «إنسان» الجماعات الإسلامية، مؤمن أشد الإيمان بالتعددية السياسية الحزبية وتداول السلطة، بشرط ألا تصل إلى أيدي الإسلاميين، حتى لا تغضب الأقلية غير الإسلامية، مع أن التداول السلمي للسلطة يعني في أبسط تعريف له أنه حكم الأغلبية للأقلية وليس العكس. أو بدعوى عدم مشروعية قيام الأحزاب على أساس ديني، وهي مقولة غريبة عجيبة، حيث إنها ليست معروفة إلا في عقلية السلطة العربية، وأقرب دليل على قولي «الجارة» دولة إسرائيل التي تُعتبر الديمقراطية الحقيقية الوحيدة في الشرق الاوسط عند كثير من المحللين السياسيين الدوليين، فأنت عندما تقرأ أي كتاب عن الأحزاب السياسية في إسرائيل تجد فصلا كاملا يتكلم عن الأحزاب الدينية، وهي هناك بكثرة، إلى حد الغثاء، ومعروف للجميع أن حزب شاس حزب ديني حتى إن اسم الحزب يرمز إلى اليهودي شاس الذي عاش في المدينة المنورة أيام الرسول عليه الصلاة والسلام. وعبارة عدم مشروعية قيام الأحزاب على أساس ديني فوق أنها اختراع سياسي عربي رسمي، هي كلمة باطل يراد بها باطل؛ لأنها أولا تقوم على مرجعية فصل الدين عن الدولة، ومبدأ لا سياسة في الدين، هذا إذا أحسنا الظن بهذه المرجعيات، أما إذا تجاوزنا حسن الظن إلى ما هو أقرب للواقع المعاش فإنها تعني فصل الدين عن الحياة كلها، وثانيا يراد بها باطل، وهو حرمان الشعوب العربية من اتخاذ القرار، واختيار من يستحق الاختيار في نظر هذه الشعوب- ألا وهي الجماعات الإسلامية- التي قدمت تضحيات ومعاناة ومواقف بطولية مشرقة، شهد بها الأعداء والصهاينة قبل أن تشهد بها هذه الشعوب العربية التي لا ترى أحدا يستحق أن يقلد وسام السلطة، ويرفع شهادة المشروعية خيرا من هذه الجماعات الإسلامية، وقديما قال الفقهاء: «الغنم بالغرم والخراج بالضمان» أي لكل مجتهد نصيب، ومن يزرع يحصد. وفي الأخير دعوى عدم مشروعية قيام الأحزاب على أساس ديني تعتبر احتكار الحقيقة واعتماد رأي سياسي على حساب آراء أخرى متعددة في الموضوع، وفي الحقيقة هو قطع للطريق على أجدر الأحزاب «بالحياة» في الوطن العربي، وهذا ليس كلاما من عندي، وإنما هذا ما أثبتته كل الانتخابات الحقيقية في الوطن العربي. وفي الحقيقة أيضا إن الأحزاب العلمانية في الوطن العربي تعرف ذلك حق المعرفة، ولكنها تجحده؛ خوفا وهلعا من أن ينفض المولد من حولها، وتبور تجارة الكلام التي اعتادت أن تخدع بها الشعوب العربية في عصر الجاهلية الإعلامية، أما الآن فإن الشعوب أصبحت تفرق جيدا بين الزبد وما ينفع الناس، والسلام. ( المصدر: جريدة العرب ( يومية – قطر) بتاريخ 01 سبتمبر 2009 )
جدل أمريكي بعد سحب دار مرموقة رسوم النبي من كتاب أكاديمي
نيويورك ـ أ ف ب: أثارت دار نشر أمريكية تنوي اصدار كتاب عن الجدل الذي تسببت به رسوم كاريكاتورية تناولت المسلمين والنبي محمد، عاصفة من ردود الفعل بعدما قررت عدم أدراج هذه الرسوم الـ12 في الكتاب خشية ان يثير ذلك موجة عنف جديدة على غرار تلك التي اندلعت قبل بضعة اعوام. ويركز كتاب ‘الرسوم الكاريكاتورية التي هزت العالم’ المزمع صدوره في تشرين الثاني (نوفمبر) عن دار ‘يال يونيفيرسيتي برس’ على ردة فعل العالم الاسلامي على الرسوم الكاريكاتورية التي نشرتها في العام 2005 صحيفة ‘يلاندز – بوستن’ الدنماركية. وبعد تردد وممانعة، وافقت المؤلفة جيت كلاوسن الدنماركية المولد والاستاذة المحاضرة في العلوم السياسية في جامعة براندايس في ماساتشوستس على سحب الرسوم الكاريكاتورية من كتابها قيد الطباعة. وقالت كلاوسن لوكالة الصحافة الفرنسية (فرانس برس) في مقابلة عبر الهاتف ‘أنا شخصيا حزينة لأنني أشعر بان نشر الكتاب من دون صور خسارة له. من المؤسف كذلك ان يكون لدينا ظرف يرغم دار نشر اكاديمية على سحب هذه الصور’. وإضافة الى الرسوم الدنماركية، سحبت من الكتاب كذلك صور اخرى تتناول النبي محمد بينها صورة لوحة تعود للقرن التاسع عشر للرسام غوستاف دوري من مجموعته حول ملحمة ‘الكوميديا الإلهية’ للشاعر الايطالي دانتي. وتصور اللوحة النبي محمد في الجحيم. وصدر قرار سحب كل هذه الصور عن مدير دار ‘يال’ للنشر جون دوناتيتش بعد مشاورة ‘نحو عشرين’ من الخبراء الدبلوماسيين والجامعيين وفي مجال الاستخبارات. وقال دوناتيتش لوكالة ‘فرانس برس’، ‘لم اشعر بأن الامر يتعلق بالرقابة وانما تحول الامر الى مسألة امنية’، مضيفا انه كان قلقا على سلامة موظفي دار النشر. واوضح ‘شعرت ان الرسوم الكاريكاتورية والصور التي نتحدث عنها لا تمثل معلومات جديدة، وليس من الضروري اعادة نشرها اذا كانت مثيرة للمشاكل. ثمة اشخاص متأكدون من انها ستتسبب بأعمال عنف’. لكن كلاوسن غير مقتنعة بالحجج التي ساقها مدير دار النشر لسحب الرسوم من كتابها. واوضحت ان ‘طلب المشورة وجه الى خبراء الامن من دون ان تتوفر بين ايديهم نسخة من الكتاب، ومن دون ان يتسنى لهم الاطلاع على السياق الذي سيعاد نشر الرسوم فيه’. واضافت ‘اعتقد ان من الخطر جدا ازالة الرسوم في حين لم يحتج مسلم واحد على الكتاب، وقد عرض على بعض المراجعين المسلمين’. وكانت جامعة ‘يال’ المرموقة كشفت في منتصف شهر آب (اغسطس) ان بين الخبراء الذين استشارتهم نائب وزير الخارجية السابق جون نيغروبونتي والمؤلف والكاتب فريد زكريا. ونقل بيان اصدرته الجامعة لشرح الاسباب خلف سحب دارها للرسوم تحذيرا من مساعد الامين العام للامم المتحدة ابراهيم غمبري، جاء فيه ‘توقعوا اعمال عنف اذا ما نشرت اي رسوم للنبي. اتوقع بان ذلك سيسبب اعمال شغب من اندونيسيا الى نيجيريا’. واضاف البيان ان العنف الذي اثارته الرسوم الكاريكاتورية الدنماركية لا يزال مستمرا، مشيرا الى انفجار سيارة مفخخة خارج مقر السفارة الدنماركية في العاصمة الباكستانية اسلام اباد في حزيران (يونيو) 2008، ما اسفر عن مقتل ثمانية اشخاص. وتابع البيان ‘في اليوم التالي، اعلن تنظيم (القاعدة) مسؤوليته عن التفجير واصفا اياه بأنه انتقام من (الرسوم المهينة)’. لكن كلاوسن ترد هذه الحجج معتبرة انه ‘من السخف الاعتقاد بأن كتابا اكاديميا مخصصا للطلاب كدراسة حالة تتعلق بتأزم العلاقات الدولية يمكن ان يثير حربا اهلية في نيجيريا’. وقد اثارت خطوة ‘يال’ موجة استياء في الاوساط الادبية. ووصفها كريستوفر هيتشينز كاتب العمود في مجلة ‘فانيتي فير’ بأنها ‘ربما تكون الحلقة الاسوأ في مسلسل الاستسلام المتواصل للتطرف الديني، وخصصا الاسلامي، الذي يتفشى في ثقافتنا’. من جهته، عمد رضا اصلان الكاتب الخبير في الشؤون الاسلامية ومؤلف ‘لا اله الا الله: جذور الاسلام تطوره ومستقبله’، الى سحب تعليقه المشيد بالكتاب والمنشور على غلافه الخلفي في محاولة غير مجدية لاقناع ‘يال’ بالعدول عن قرارها. وقال اصلان ان خبراء ‘يال’ اساءوا فهم الجدل الاصلي، فالامر ‘لم يكن متعلقا بالرسوم الكاريكاتورية فقط، بل كان محاولة متعمدة من قبل الصحيفة الدنماركية لاستفزاز الاقلية المسلمة في الدنمارك، بهدف اجراء نوع من اختبار مواطنية عليهم. لقد نظر الى الرسوم الكاريكاتورية من قبل الجانبين على انه نوع من الجدال حول ما اذا كانت اوروبا مصابة برهاب الاسلام، وحول ما اذا كان للمسلمين مكان في اوروبا’. وتابع المفكر الاسلامي ان ‘الغضب تفجر بسبب العنصرية التي برزت في الرسوم واستفزازها المدروس للاقلية المسلمة والطريقة التي تم بها التلاعب بالرسوم لتقول ان اوروبا عنصرية. وانه لمن الخطأ الاعتقاد ان هذه الرسوم تملك القوة بمفردها للتسبب بهذه الازمة العالمية’. لكن زكريا اكد انه ‘على يقين ان نشر الكتاب مرفقا بالصور كان من شأنه اثارة العنف’. واوضح ‘اعتقد ان القرار صعب دائما عندما يتعلق الامر بتقييد حرية التعبير، لكنني اظن كذلك ان القرار الذي اتخذته (يال) هو الصائب’. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 1 سبتمبر 2009)
هل ننهض دون فكرة جامعة؟!
ميشيل كيلو كانت منطقتنا، عبر التاريخ القديم له، احد مراكز إنتاج الأفكار الجامعة. وباستثناء سنوات قليلة أعقبت عمليات اجتياح أجنبي كبرى اخترقتها، وعقود حديثة هي عقود عقم وقحط استبداديين، قتلت عقل الأمة وأضعفت قدرتها على الإبداع الفكري والروحي، فإن منطقتنا كانت مختبرا تاريخيا فريدا أمد العالم بزاد فكري/معرفي وأفكار جامعة، لولاها لما كانت هناك حضارة بالشكل الذي تعرفه البشرية وتعيشه اليوم. ومنطقتنا المعنية هي المنطقة التي توصف بالعربية، والتي مرت بأطوار متنوعة، عرفت خلالها قبائل وشعوبا ودولا وإمبراطوريات، ومرت بحقب حروب وسلام، وعاشت فترات تقدم وتراجع، مجاعات وازدهار، لكنها بلورت خلالها المفردات الضرورية لإنتاج المدنية ثم الحضارة البشرية، مثل التفكير المجرد: الأسطوري والديني والعلمي، واكتشاف الصفر – والحساب والرياضيات -، والأديان السماوية، وتدجين الطبيعة وأنسنتها، وصهر وتحويل المعادن، واختراع الزراعة والمهن والحرف، واللغة والكتابة، والدولة والإدارة، والتجارة والمدن، واكتشاف النار… الخ، مما جعلها حاضنة وموطن ما هو معروف من حياة بشرية في كل مكان وزمان، حتى ليمكن القول إنه لولا إسهامها لكان الإنسان مختلفا ومتخلفا كثيرا عما هو عليه اليوم. كانت مدنيتنا على الدوام مدنية الأفكار الكبرى، ‘الجامعة’، التي جعلت الإنسان أهلا للتطور والتقدم والنمو والابتكار والأمن، ومكنته من دفع الحياة دفعا حثيثا ومتواصلا نحو الأمام، ومن إنضاج شروط التقدم الإنساني، الذي انتقل إلى مناطق أخرى أضافت بدورها تفاصيل مهمة على المرتكزات المدنية والحضارية، الروحية (الفكرية والعملية) التطبيقية، التي وصلتها من منطقتنا، وقدمت قراءات ملائمة لما بلغها من ميراثنا الفكري والروحي، وحصلت عليه من أساليب وتقنيات عمل وعيش كانت قد نشأت عندنا. هذه السمة، التي ميزتنا في أطوار تاريخية متنوعة، أصابها وهن شديد أدى إلى ضياع جزء كبير منها في أطوار أخرى، وخاصة تلك التي بدأت مع القرن الثاني عشر، حين أدت عوامل متنوعة إلى ضياع قدرتنا على تطوير نظم معرفة وعمل، وتاليا قيم وأفكار جامعة، ودفعت بنا إلى السير في دروب تفكك وجمود حولتنا تدريجيا من ذات فاعلة في التاريخ والواقع إلى موضوع لغيرنا، فسقطنا شيئا فشيئا في قبضة قوى دهمتنا فاحتلت منطقتنا مباشرة أو هيمنت عليها من بعيد، وشرعنا نتخبط في مأزق لم يبق جانبا من جوانب وجودنا إلا وأصابه، أو يوفر نشاطا من أنشطتنا إلا وأضعفه وجمده، حتى صرنا ككرة تتقاذفها أرجل القوى الأجنبية، بما في ذلك الشديدة التأخر منها، التي انقضت علينا ودمرت ما عندنا من عمران وحضارة، واقتلعت الجدارة التاريخية والأهلية المدنية من صدور أناسنا، حتى صرنا حطاما مرميا في فراغ تاريخي/مجتمعي أفقدنا موهبة التفكير الخلاق، فرضخنا لمن هم أقل تقدما منا، ولمن استعاروا لغتنا وديننا كي يتسلطوا علينا ويحتلوا إرادتنا وعقولنا، فضلا عن أرضنا وموطننا. هذه الحقبة المديدة اتسمت بالافتقار إلى أفكار جامعة، فكان غيابها أبرز علامات سقوطنا. ومع أن قومنا استمروا خلالها في النظر إلى أنفسهم كمسلمين، وفي رؤية حياتهم ووجودهم بدلالة دينهم، فإن عقائدهم كانت مغايرة للمحمدية، دين الأفكار الجامعة، الذي انتشل العرب من العدم وجعلهم في مركز الكون، وأعاد لهم القدرة على إقامة نظم عيش وعمل وتفكير خلاقة، وابتكار وتبني قيم إنسانية تتخطاهم إلى بني البشر أجمعين، بغض النظر عن جنسهم أو لونهم أو مكانهم. بعد فترة عرفها العصر الحديث، هي فترة ما عرف بالمد الناصري، سادت فيها الفكرة القومية كفكرة جامعة حملت وجها إسلاميا، ونزوعا عداليا، ورؤى تحررية، ووعدا ديمقراطيا، وتطلعا شعبيا… انتكس الوطن العربي إلى طور ما قبل مدني على يد قوى هزمها العدو الإسرائيلي في حرب حزيران (يونيو) عام 1967، فلم تجد ردا على الهزيمة والعجز غير احتجاز مجتمعاتها في أطر سلطوية خانقة، حالت بينها وبين التمسك بأي نوع من الأفكار جامعة، بل وبأية أفكار عدا مزق فكرية مسبقة، مستعارة من أيديولوجيا شمولية طورها الاستبداد الديني والسياسي في العصرين الوسيط والحديث، لها مضمون تقليدي/رجعي معاد للإنسان، لكن النظام العربي حدثها قمعيا وتعبويا، فقضت على روح التجديد والإبداع لدى المواطن العربي، وأضعفت صلاته بالحياة، وأهليته العقلية والنقدية، وجعلته بيدقا في جمعات متصارعة/متقاتلة، تتربص كل واحدة منها بغيرها، بينما ضعنا وبتنا لا نعرف إن كنا عربا أم أعاجم، ننتسب إلى مجتمع واحد وموحد أم إلى جماعات متضاربة الرؤى والمصالح والأهداف، ونجهل إن كنا نعيش في دول تجمعنا وتحمينا أم في دويلات تفرض علينا كره الذات ومقت الصديق وبغض القريب!. ما الفكرة الجامعة التي تسكننا اليوم وتشكل إسمنتا يقوينا كأشخاص ويعزز مجتمعاتنا ويمتن أواصرها، ويزودنا بقدر من الشعور بالانتماء المشترك يجعل أمن وسلام وحرية كل واحد منا ضرورة لا غنى عنها لأمن وسلام وحرية سواه؟ هل هي الفكرة الدينية ؟ أم الفكرة القومية والوطنية، أم الاجتماعية ( الاشتراكية ) أم فكرة الحرية والتحرير، أم فكرة التقدم…؟ ليست هناك جاذبية شعبية حقيقية لأية واحدة من هذه الأفكار، لذلك ترانا نتخبط وقد وهنت روابطنا حتى صار من الصعب أن تصمد أمام أي تحد جدي، وغدت قاب قوسين أو أدنى من التفكك، واضطربت أسس حياتنا وتنافرت، فإذا هي صالحة للصراع والنزاع وليس للحوار والمسالمة، بينما تمسك بنا يد سلطوية ظالمة، تضعنا عن عمد على حافة الهاوية ومشارف الانهيار، لتقول لنا إنها هي وحدها تضمن بقاء مجتمعاتنا واستمرارها. بالمناسبة، فإن المطالبين بالديمقراطية يعتبرونها الفكرة الجامعة التي نحتاج إليها للخروج من أزمتنا ولتوطيد وحدة وتماسك مجتمعاتنا، في حال تعرضت نظمها الهشة لعدوان جبابرة العالم المتربصين، أو ماتت بضربة قاضية تأتيها من مكان ما، وغدونا عرضة للتفتت والاقتتال. الديمقراطية فكرة جامعة بوسعها قطع الطريق على احتمال كوارثي كهذا، فهي تقوي روح الإخاء لدى المواطنين، وتزيد قدرتهم على رد الأخطار، وهي لا تتعارض مع الفكرة الدينية أو القومية أو الاجتماعية أو الوطنية، وتوطد رغبة المواطن في حماية غيره بقدر ما يحمي نفسه، لحاجته إليه كشريك في الوطن والمصير، وكان الاستبداد قد جعل منه خصما وعدوا لا سبيل إلى التعايش معه بسلام واحترام. لكن الديمقراطية ليست بعد فكرة جامعة عند العرب، مثلما كانت الفكرة القومية في أواسط الخمسينات على سبيل المثال، أي قبل ضياع صفتها هذه بسبب إفشال (أو فشل) مشروع النهوض الناصري، ووقوع الفكرة القومية بين يدي خصومها. بخلو حياته من الأفكار الجامعة، يعيش المواطن العربي موزعا بين بؤسه المقيم وبدائله المستعصية، وبين طموحاته الكبرى وإمكاناته الهزيلة، وبين عجز نظامه وضعف مجتمعه، فهو كالتائه يكثر من التخبط، وهو يصاب بالخيبة واليأس، عندما يكتشف أنه لم يغادر ضياعه، وأن نجاته لا تبدو وشيكة. ليس الوطن أفضل حالا من المواطن، فهو يفتقر بدوره إلى فكرة جامعة تضع قدرات نظامه في خدمته، فيكون له لا عليه. لذلك نجد وطننا الكبير مفكك الإرادة تائها يتخبط بدوره في صحراء سياسات قاحلة، تتقاذفه أهواء ورغبات المتحكمين فيه، دون أن ينجح في إيقاف تدهوره أو بلوغ أي هدف من أهدافه، مع أنها غدت جميعها شديدة التواضع، ومستعصية إلى أبعد حد، في آن معا. لم يعرف التاريخ أمة نهضت بغير أفكار جامعة، أيقظتها وحفزت روحها ودفعتها إلى تغيير واقعها. إلى أن نبلور، نحن عرب هذا الزمان البائس والعصيب، أفكارا كهذه، ونطورها ونرسي عليها نهوضنا، سيتواصل سقوطنا في الهاوية، وسيتدحرج كل بلد من بلداننا بمفرده إلى قاعها، وإن لاحت في الأفق، بين حين وآخر، ومضات برق يوهمنا بعض حكامنا أنها ستبدد الظلمة، مع أنها لا تلبث أن تزيدها، بعد حين، حلكة وسوادا. إن أمة تفتقر إلى أفكار جامعة هي أمة في طور انحدار وسقوط. متى نعي واقعنا هذا، ونفهم أن الفكرة الجامعة ليست شعارات وأكاذيب، بل هي جهد فكري وروحي خلاق ومجدد تنتجه أمة مواطنين أحرار، لا نهضة ولا حياة لها بدونه! ‘ كاتب وسياسي من سورية (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 31 أوت 2009)
في نقد حماس
صلاح حميدة لا يخفى على أحد ماهية حركة حماس، ولا الدور الذي قامت وتقوم به في خدمة القضية الفلسطينية، كما لا يخفى على أحد حجم الهجوم والحصار والحرب الميدانية والاعلامية والفكرية التي تتعرض لها هذه الحركة، وكل متابع لما يجري على الساحة الفلسطينية لا بد من أن يقوم بدراسة الأداء الميداني والاعلامي والدعوي والمؤسسي لهذه الحركة على أرض الواقع، وتأثيراته الحالية والمستقبلية على القضية والشعب، وعلى الحركة نفسها. قفزت حركة حماس قفزات هامة في القيادة الفعلية للشعب الفلسطيني، وتزامن هذا مع تراجع غيرها من قوى ما يعرف بمنظمة التحرير الفلسطينية، ولا يجهل المتابع الدور الذي لعبته الحركة في المقاومة الفلسطينية، وكيف كان هذا الدور من أهم أسباب ولوجها قلوب الجماهير الفلسطينية وغير الفلسطينية. خاضت الحركة الانتخابات وفازت فيها، وشكلت الحكومات، وتعرضت للحصار والحرب بكل أشكالها، وليس انتهاءً بما جرى في رفح من المحاولة الانتحارية للانقلاب عليها في إعلان الطبيب عبد اللطيف موسى إمارته. هذا الإيجاز السريع لمراحل ولادة وقيادة حماس، يتخلله الكثير من الممارسات الميدانية والاعلامية للحركة، وهذه التجربة المميزة في المقاومة، ثم في الحكم تحت الحصار، كان لا بد من تقييمها وتحليلها من قبل المتابعين، وبالرغم من أن حركة حماس تحظى باحترام وإجلال كبير، إلا أنه من الواجب نصحها وتصويبها، بعيداً عن الهجاء والتصيد والتلبيس والغمز واللمز والمواقف المسبقة، ومن المهم أن يكون النقد بناءً بعيداً عن تبادل الاتهامات بين من يؤيد حماس، وبين من يخالفها، ولا بد من أن تسود سعة الصدر بين الجميع، حين يتم تناول هذا الموضوع. في نقد الأداء الميداني:- يكاد الباحث لا يجد الكثير عما يجب التحدث فيه قبل تجربة حماس في الانتخابات والحكومة، ولذلك سيوجه النقد لتجربة حماس في الحكومة، وتحديداً، الأداء الأمني للأجهزة الأمنية للحكومة، كان من الواضح أن أداء الحكومة تمّيز بالارتباك والتردد، وهذا قد يرده بعض الناس الى ما واجهته الحركة من أول يوم من إضرابات ومحاولات لهز الاستقرار الأمني والمجتمعي في المناطق التي تخضع لها، وحرص الحكومة على التعامل مع التجاوزات بعقلية عشائرية وفصائلية بعيدة عن التعامل الأمني البحت، وهذا فيه من الوجاهة ما لا يمكن رده، ولكن، بعد سيطرة حماس على غزة، كان لا بد من ضبط الأداء الأمني على الأرض، وتحديد أولوياته، فمثلاً، كل فترة من الزمن، يتم التعامل مع قضية إما عائلية، أو إجرامية، أوسياسية، أو كمثل محاولة إقامة إمارة عبد اللطيف موسى، وهذه الحالات تثبت بما لا يدع مجالاً للشك، أن هناك قصوراً حكومياً وأمنياً في التعامل مع هذه الظواهر السلبية في المجتمع، وتردداً في التعاطي معها. فمن الطبيعي أن تصل الأمور إلى الصدام المسلح مع هذه الأطراف في النهاية، لأنها تملك فكراً يؤدي في النهاية للصدام مع الجميع، وأعلنت أنها ستقضي على تجربة حماس في غزة، بل يعلن أقطابها ذلك على الملأ، وهنا يبرز الخلل الأمني الخطير في العقيدة الأمنية لهذه الأجهزة، فالحكومة في غزة مطالبة بتحديد آلية التعامل مع هذه الظواهر قبل أن تتفشى، ثم تضطر في النهاية للتعامل الأمني المسلح معها، والذي في النهاية تتحمل مسؤوليته أمام الناس والاعلام، وتعطي فرصة لمن يريد طعنها وتشويه صورتها فرصة ثمينة للنيل منها. ففي حالة عبد اللطيف موسى، كيف استطاع جمع كل هذا السلاح؟ والاستعداد للمعركة؟ وكيف يتدرب ويعد العدة لإعلان إمارته على أنقاض الحكومة الموجودة، والأجهزة الأمنية غافلة عن كل هذا؟ فمن المقبول أن تقوم حركة حماس والحكومة في القطاع بحواره لسنوات، ولكن من غير المقبول أن تتغاضى أو تصمت عن التسلّح والتدريب والإعداد من قبل جماعة، يعلنون أنهم سيقيمون إمارتهم مكان حكومة موجودة تقودها حماس، وعندما قدّم الرجل البندقية قامت الحكومة بالرد عليه، وكان ما كان، ولم ير أحد حواره على مر الوقت السابق، وأصبحت الحكومة هي الملامة في عرف الجميع، لأن الناس لا ترى الحوار، ولكن ترى إطلاق النار. وهذا عائد كما أسلفت، إلى الخلل الأمني العائد إلى التسامح مع هذه الظواهر، من ناحية السماح لها بالعسكرة بلا ملاحقة أمنية، فهؤلاء لا يريدون التسلح ليقاوموا الاحتلال، ولكن ليغيّروا واقع المشروع والتجربة التي تقودها حماس في القطاع، والسؤال هنا، لو أن الرجل لم يتعجّل إعلان إمارته مكان الحكومة القائمة، واشتد عوده أكثر، ثم خرج على الحكومة، فما هو حال الوضع الآن؟ وكم عدد القتلى والدمار الذي كان سيحدث؟ وبكم مسجد كان سيلوذ أتباعه، حتى يقولوا حماس تهاجم المساجد؟ وكم من الوسطاء كان سيقتل؟ وكم من الناس كان سيقتل أتباعه ثم تحمل حماس مسؤولية قتلهم؟. حسب فهمي البسيط، ومتابعاتي لما ينقل عن العمل الأمني في العالم أجمع، فالعمل الأمني هدفه إجهاض القلاقل قبل حدوثها، بل توقع حدوثها، ووضع الأسباب لمنع هذا الحدوث، فالمتابعة الأمنية الحثيثة والدراسة المعمقة، كلها تقود إلى خلق الظروف التي تمنع أو تجهض القلاقل، والعمل الأمني الفاشل، هو العمل الذي يتعامل مع القلاقل بعد ظهورها. في هذا الباب لا بد من الانتباه إلى أن الحصار المحكم على القطاع، والفقر المدقع هناك، إضافة للانسداد السياسي، داخلياً وخارجياً، والاستهداف الأمني والتحريضي على التجربة التي تقودها حركة حماس، له علاقة وثيقة بالظواهر العنفية التي تظهر بين الفينة والأخرى في القطاع، وبالرغم من أن هذا كله يؤخذ في الحسبان عند نقد الأداء الميداني لحماس في غزة، إلا أنه لا بد من تسليط الضوء على الخلل، والعمل على إصلاحه. في نقد الأداء الإعلامي:- بشكل عام، دخول الحركات الاسلامية المجال الاعلامي، دخول جديد، والقديم منه متواضع، وهم لا يزالون حديثي العهد بالاعلام، وبالنسبة لحركة حماس، فمن الواضح أنها تنبهت إلى دور الاعلام بعد فترة من انطلاقتها، ولكن إنشاء بنية حقيقية إعلامية لم يتم الشروع به إلا بعد أكثر من خمسة عشر عاماً من انطلاقتها، وتحديداً بعد الانجازات التي حققتها المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وما تلاها من الدخول في الانتخابات والمؤسسات، وافتقادها لمؤسسات إعلامية فاعلة، تنقل وجهة نظرها كما تريد هي للجمهور، ومن الواضح أيضاً أن هذه التجربة الوليدة، تعرضت للكثير من النوائب، كالاستهداف بالقصف، وقتل بعض الصحفيين واعتقال آخرين، إضافة للتضييق التقني والأمني والسياسي والمالي، كما أن اعتماد المؤسسات الاعلامية للحركة على الجيل الشاب حديث العهد بالعمل الاعلامي، وبالرغم من ميزاته الكثيرة، إلا أنه ينقصهم التجربة والاختصاص وغيرها من الأدوات اللازمة لتقديم أداء إعلامي مميز في ظل استهداف كبير، وفي ظل مراقبة وترقب لكل حرف يصدر عن الحركة ومؤسساتها وحكومتها. لا يمكن للمرء إنكار ما تقدمه تلك المؤسسات من أداء و معلومات لا يمكن أن تجرؤ أي مؤسسة إعلامية أخرى على تقديمها، في ظل الاستهداف الذي تتعرض له الحركة ومن يتعاطف معها، ولكن في الملمات والأزمات الداخلية، لم يكن الأداء كما يجب، وكما ظهر الأداء الأمني بقيادة المؤسسة السياسية متردداً، كان كذلك الأداء الاعلامي، فالناطقون الاعلاميون، والمؤسسات الاعلامية كانت مترددة في مخاطبة الناس ( خاصة في بداية الأحداث)، وأداؤها كان ضعيفاً، فعلى سبيل المثال، الناطق باسم الداخلية، في أكثر من مرة استعجل التصريح حول أحداث معينة بدون إحاطة كاملة بما يجري على الأرض، وهذا خلل واضح كان من المهم ألا يقع فيه، وكان له في تجربة سابقه خالد أبو هلال عبرة، فقد تعجل خالد أبو هلال في أحد المرات في التصريح حول ظروف إصابة مسؤول أمني كبير، ولامه الكثيرون وقتها على هذا التصرف، لأنه وقت الأزمات يجب أن تكون التصريحات مقتضبة، حدث كذا، ونحن بانتظار التحقيقات وما ستتمخض عنه، وعندما تتضح الصورة، تخرج وتقول ما تريد، ولكن لا تخلط التحليل بالوقائع على الأرض، أو بتحريات سابقة، تنتظر من التحقيقات تبيان فصولها كاملة، لأنه بمثل هذه الحالات، قد تقود التحقيقات إلى قضايا لم تكن لا التحريات، ولا التحليلات تضعها في الحسبان، وفي هذا الباب، لم يكن هناك أي لزوم لاستضافة وزير الداخلية في القطاع على الجزيرة ليلة أحداث رفح، فأن تأخذ تصريحات من أعلى الهرم الأمني قبل اكتمال التحقيقات ضرره أكثر من فائدته، وكان أفضل أن يترك الباب مفتوحاً لاكتمال التحقيق، وتجنب الاتهام المباشر لأطراف معينة. وبخصوص القضايا الكبرى التي تهز الرأي العام، يتساءل الكثير من المحللين عن عزوف الاعلام الاسلامي عن إعداد الأفلام الوثائقية حول تلك الأحداث؟ مع أن هذه الوسيلة لها أثر كبير يفوق تأثير المؤتمرات والمقابلات الصحفية، التي قد لا يتابعها الكثير من الناس، والتي قد تأتي مبتورة وغير مفصّلة، ولا تقوم بالدور المطلوب؟ وبالنسبة للتعامل مع الاعلام، لفت نظري حديث الدكتور يوسف رزقة عن اجتهادات إعلامية، وأنه ليس هناك وجود لمؤسسة إعلامية تخط إستراتيجية إعلامية، فالجبهة الشعبية القيادة العامة، لديها ما يعرف بالاعلام المركزي، ويوجد خطة إعلامية، أما حركة فتح، فقد سمعت أحد المحللين قبل فترة يقول، أن لديها ما يعرف أيضاً بالاعلام المركزي، الذي يتحكم بالمفردات والصياغة والترتيب للأخبار، وحتى يحدد مكان عناوين الصحف الرئيسية ومواضيعها. فالعمل الاعلامي الناجح يتم توجيهه من مختصين إستراتيجيين ولا يقاد هكذا باجتهادات شخصية، لأن هذه الاجتهادات قد تظهر – بغير قصد- وكأن هناك تعارضا وتناقضا، بالرغم من أنه غير موجود على سبيل المثال، فالكثير من الناطقين الاعلاميين لحماس لا يزال يقول حماس والسلطة، وهنا يقصد بالسلطة حركة فتح؟! فبالرغم من أن حماس هي السلطة عملياً بعد فوزها في الانتخابات، فهناك من لا زال يعيش شعور أنه خارج السلطة، وأن من هزم في الانتخابات هو السلطة، وهنا يظهر توافق غريب، ففتح لا زالت تعتبر حماس خارج السلطة، وأن فتح المهزومة في الانتخابات هي الشرعية، وبعض ناطقي حماس يعززون هذا المفهوم من حيث لا يدرون بترديدهم مصطلحات معينة!. أما فيما يخص (شقي الوطن) فقد درج على لسان الكثير من الساسة والاعلاميين جملة ( شقي الوطن) وهم هنا يقصدون الضفة وغزة، وهناك من يردد الشعار بدون أن يعرف تبعاته، فمثلاً اللاجئ، عندما يسمع هذه الجملة، يتساءل، هل أنا لقيط وطن، وهل فلسطين هي الضفة وغزة فقط؟. أما الخطاب المخصص لمحمد دحلان، فهناك تركيز كبير على دحلنة كل خطاب فتحاوي أو ممارسة فتحاوية ضد حركة حماس، و بالرغم من الدور الكبير للقيادي في فتح محمد دحلان في محاربة ومناكفة حماس، إلا أن اختزال الصراع بشخص معين فيه تسطيح، ودعاية له في نفس الوقت، أمام قاعدة فتحاوية لا تحب إلا من يعادي حماس، وبهذا تكون حماس تروج لعدوها وهي لا تعلم!. كما أن أي متابع لحال حركة فتح هذه الأيام، يستنتج بما لا يدع مجالاً للشك، أن الأكثر عداءً لحماس، هو الأوفر حظاً في قيادة الحركة! ولذلك هناك من يرى أن دحلان أكثر الناس فرحاً بالهجوم الاعلامي لحماس عليه، لأنه فاز في الانتخابات بسببه، ولم يحتج لأصوات قطاع غزة، ولذلك هناك من يرى أن حماس مطالبة بإعادة تقييم شاملة لطبيعة خطابها الاعلامي الموجه لحركة فتح ولقاعدتها. في نقد الاجتهاد:- بعض القضايا أثارت لغطاً في القطاع وخارجه، ومن أهم هذه القضايا، ما عرف بفرض أن تلبس المحامية غير المحجبة للحجاب أمام القاضي، وتخلعه عند خروجها ( هذا الأسلوب معتمد في المحاكم الشرعية في الضفة الغربية للمحاميات والمواطنات)، ومنها ما عرف بفرض زي مدرسي على الفتيات في المرحلة الثانوية، عبارة عن جلباب كحلي وإشار أبيض، وبعض القضايا الأخرى، وكان رد الحكومة على هذه القضايا الجزئية، بأنها ( اجتهادات من قضاة ومديري مدارس، وليست سياسة حكومية) ، يضاف إلى ذلك ما يطلق أحياناً من تصريحات ملتبسة لبعض الموظفين والمسؤولين الحكوميين. التعامل مع مثل هذه القضايا وفرضها، لا يتم في المؤسسات الحكومية، ولا من مدير ولا من غيره، ولكنه يتم بقرار مركزي من المؤسسات المختصة، بعد تقدير الأمور بشكل موسع، وليس أن يتخذ شخص ما قراراً، ثم يلزم الحكومة بالبحث عن تبريرات أو إلى نقض قراره الفردي، فالاجتهاد الشخصي ممنوع، إلا في الإطار الذي يحدده له الاجتهاد المؤسسي الجماعي. ولكن لماذا تقع حركة حماس مقاومة وسلطة في مثل هذه المطبّات؟ بالتأكيد هناك أسباب معلومة، وأخرى غير معلومة، أما السبب الرئيسي فهو غموض الأولويات، فما هي أولويات حماس؟ وما الذي تريده؟ وما الذي ستفعله فيما عرف بالمزاوجة بين المقاومة والسلطة؟ وهل ستنتظر حماس إلى ما لا نهاية حتى تتم المصالحة، وتبقى خياراتها متأرجحة؟ وهل حماس تقيم دولة إسلامية؟ أم هي حركة مقاومة تحت الحصار والاحتلال، فرض عليها إدارة أمور الناس في القطاع؟ وما هو المطلوب منها بمقتضى هذه الإجابات على هذه التساؤلات؟. في هذا الباب، هناك من يرى أن حماس مطالبة أن تخطو الخطوات العملية في تحديد خياراتها الاستراتيجية، فحركة فتح ومن معها، حددوا خياراتهم بشكل نهائي، وبدأوا بالخطوات العملية لتحقيق هذه الأهداف، وهي تتم الآن بشكل مطرد، وستجري الانتخابات في الضفة الغربية فقط، وستلقي حركة فتح بقطاع غزة نهائياً في حجر حماس، كما أعلن الكثير من قادتها عن رغبتهم في ذلك، ومن الواضح أن حركة فتح، فقدت الأمل في استعادة القطاع لنفوذها كما هي الضفة الغربية الآن، فاستعادة غزة – نظرياً – له ثمن مراضاة حماس، والتصالح معه، وهذا غير وارد في ظل الخيارات السياسية والالتزامات الأمنية التي اختارتها حركة فتح، وفي ظل التوازنات الاقليمية والدولية الحالية. ولذلك هناك من يرى أن حماس مطالبة بتوضيح وضعيتها الحالية، وخياراتها المستقبلية، وأنه على حماس أن تحدد أنها مشروع مقاومة يرتكز في قطاع غزة بشكل رئيسي، وأن هذا المشروع على هذه الرقعة من الأرض ليس دولة، ولا يمكن أن يكون دولة، ويرى بعض المحللين أن حماس مطالبة بالعمل على تسليم قيادة المؤسسات والوزارات الخدمية في غزة، لشخصيات وطنية عامة تحظى برضى واحترام كبير من المواطنين في القطاع، مثل جمال الخضري وناهض الريس وغيرهم من الشخصيات المقبولة شعبياً، وترك هذا الملف الخدمي في أيديهم، وأن تتفرغ الحركة لملفي الأمن الداخلي والدفاع والعلاقت السياسية الخارجية، فحسب الكثير من التحليلات، الحركة مقبلة على مرحلة صعبة، ولا بد من التحضر لها، وترك إدارة الحياة اليومية والشؤون الحيايتة للناس. أما فيما يخص منظمة التحرير الفلسطينية بمؤسساتها المختلفة، فالكثير من المحللين يعتبرون أن قطار إصلاحها، وفتح أبوابها أمام حماس والجهاد ومن معهما قد فات، وأن ما جرى مؤخراً في رام الله من عقد للمجلس الوطني بمن حضر، وتعديل اللجنة التنفيذية للمنظمة، والترويج الاعلامي لذلك من خلال القول أن المنظمة تستطيع السير ( بقدم واحدة) بدون أن تمثل فيها حماس ومن معها، يدل على أن القطار فات، وأنه على حماس أن تغادر ساحة التّردد في هذه القضية أيضاً، وأن تخطو – ومن معها- ساحة التردد وتبدأ الخطوات العملية في حشد الطاقات لكل القوى والشخصيات التي تم تهميشها وإغلاق الأبواب أمامها لولوج المنظمة، ويتوقع بعض المحللين أن تتم هذه الخطوات بالتزامن مع إعلان حركة فتح عن تنظيم انتخابات في الضفة الغربية بشكل منفرد بداية العام القادم. (المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام بتاريخ 31 أوت 2009 )
إسرائيل تعلن إحباطها مخطط لحزب الله لاغتيال أشكنازي
أعلنت سلطات الاحتلال الإسرائيلي يوم الاثنين، أنها أحبطت مخططا قالت إن « حزب الله » كان يهدف من خلاله إلى اغتيال رئيس أركان جيش الاحتلال، الجنرال جابي أشكنازي، قبل نحو شهر من الآن، فيما لم يصدر عن حزب الله تعليق ينفي أو يؤكد تلك الاتهامات. وبحسب ما أفادت وسائل الإعلام الإسرائيلية، وسمحت الرقابة العسكرية بنشره يوم الإثنين، فقد قامت أجهزة الأمن الإسرائيلية وفي مقدمتها « الشاباك » (المخابرات الداخلية) باعتقال راوي سلطاني وهو من فلسطينيي 48 قبل حوالي شهر، بعد أن تم تجنيده من قبل حزب الله. وأشارت إلى أن سلطاني تم تجنيده في المغرب لمراقبة تحركات اشكنازي وجمع معلومات عنه تمهيدا لتنفيذ مخطط لاغتياله انتقاما لاغتيال عماد مغنية، القائد العسكري لحزب الله الذي اغتيل في فبراير 2008 في تفجير سيارة بالعاصمة السورية دمشق على يد المخابرات الإسرائيلية، بحسب ما يؤكد حزب الله، فيما تنفي إسرائيل ذلك. وتضمنت لائحة اتهام قدمت يوم الإثنين إلى المحكمة المركزية في مدينة بيتاح تكفا ضد سلطاني في أعقاب السماح بالنشر « ارتكاب مخالفات ضد أمن الدولة، وتسليم معلومات لصالح العدو، والاتصال بعميل أجنبي، والتخطيط لارتكاب جريمة ». وجاء في لائحة الاتهام أنه أقام في صيف 2008 في المغرب في مخيم صيفي قامت بتنظيمه حركة التجمع الوطني الديمقراطي حيث تعرف على أحد عناصر « حزب الله » وهو حسن حارب الذي قام بتجنيده لصفوف الحزب، وقال سلطاني له إنه يتدرب في نفس غرفة اللياقة البدنية التي يتدرب فيها الجنرال اشكنازي وباستطاعته تزويد حزب الله بمعلومات عن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي. وذكرت لائحة الاتهام أن المشتبه فيه « كان يراقب حركات وسكنات الجنرال اشكنازي بهدف جمع المعلومات تمهيدا لتنفيذ عملية الاغتيال، وذلك كما يبدو رغبة من حزب الله في الانتقام لاغتيال قائدها العسكري عماد مغنية ». في نفس السياق، قال بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن سلطاني بقي على اتصال مع حزب الله عبر البريد الإلكتروني وموقع للتعارف الاجتماعي على الإنترنت بعد عودته إلى الأراضي المحتلة، وتوجه في ديسمبر 2008 إلى بولندا حيث قدم لعضو آخر من حزب الله معلومات جمعها عن اشكينازي وناقش معه السبل التي يمكن مهاجمته فيها. وجاء في البيان أن « حزب الله يواصل جهوده لتجنيد إسرائيليين للقيام بمهمات مسلحة »، مضيفا أن الحزب « سعى إلى شن هجمات انتقامية ضد كبار الشخصيات » منذ مقتل مغنية. من جانبه، نفى المحامي فؤاد سلطاني، والد المعتقل راوي، صحة الاتهامات، مشددا على أنه جرى تضخيم لائحة الاتهام لأسباب سياسية. وأضاف أن لائحة الاتهام تبدو خطيرة وأن ما حصل هو أن راوي كان يمارس الرياضة في المعهد ذاته الذي يتردد عليه اشكنازي, ولفت إلى أن راوي قد ترك المعهد منذ أكثر من عام. كما أشار إلى أن المعسكر الذي جرى تنظيمه في المغرب هو « معسكر عادي للشباب وكان من الطبيعي أن يلتقي مع شباب آخرين من دول عربية، حيث لم يكن بالإمكان معرفة إذا ما كانوا ناشطين مع حزب الله أو يتعاونون مع الشاباك ». وأوضح أن زيارة راوي لبولندا كانت بهدف زيارة شقيقه الذي يدرس هناك، وأن ما حصل هو لقاءات طلابية عادية ليس أكثر. كما نفى المحامي سلطاني أية علاقة مع حزب الله، ونفى وجود أي تخطيط لتنفيذ عمليات، مؤكد أن راوي لم يقم بتسليم معلومات.
(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 1 أوت 2009)