الاثنين، 9 نوفمبر 2009

TUNISNEWS

9 ème année, N 3457 du 09.11.2009

 archives : www.tunisnews.net

الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو

ولضحايا قانون الإرهاب


حــرية و إنـصاف:أخبار الحريات في تونس

منتدى » الديمقراطية النقابية و السياسية  » :في وقائع الجلسة الأولى لمحاكمة المناضل زهير مخلوف جريدة الشرق الاوسط :تونس تنافس واشنطن على تسلم الطرابلسي لمحاكمته في جرائم ذات صلة بالإرهاب  رئيس تحرير « الموقف » مدير تحرير « الطريق الجديد » رئيس تحرير « مواطنون:بلاغ سهام بن سدرين:من أجل حماية الصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان

موقع الحوار.نت:كلمة الحوار نت الحرّة: تسريح مساجين الحوض المنجمي في تونس أو لعبة القط والفأر

توضيح من حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي/تونس

طلبة تونس:أخبار الجامعة

وكالة أنباء رويترز:مسابقة لاختيار ملكة جمال تونس لعام 2009 صحيفة  الشعب :د.منصف المررزوقي:الانتخابات التونسية حلقة من مسلسل التأبيد والتوريث

الموقف :الانتخابات الرئاسية والتشريعية الأخيرة: قراءة في النتائج

مجلة « كلمة » :انتخابات التجمع والاشعاع العالمي

تونسي من ألمانيا: ردا على مقال: رسالة مفتوحة الى نصر الدّين السويلمي عبدالحميد: خفافيش الظلام

« العرب »:السياسة والدين: معضلتنا الحداثية (2 من 2)

« العرب »:باراك أوباما: الجبهات المشتعلة

توفيق المديني :هزيمة إدارة أوباما في معركة الاستيطان

صحيفة « القدس العربي »:حجة مدحوضة على نحو ظاهر

صالح النعامي :عباس إذ يحتج على إسرائيل بمكافأتها

صحيفة « القدس العربي »:الحروب السعودية: من الخفجي الى جبل دخان

(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivan : Affichage / Codage / Arabe Windows)To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


منظمة حرية و إنصاف

التقرير الشهري حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس

جانفي200
فيفري2009    
أفريل 2009     
جوان2009  https://www.tunisnews.net/20juillet09a.htm      جويلية 2009  https://www.tunisnews.net/23Out09a.htm   أوت/سبتمبر2009    

عاجل : فادتنا الجمعية التونسية لمقاومة التّعذيب أنّ فرقة مقاومة الاجرام إتّصلت بعائلة المناضل المختفي منذ 22-10-2009 محمد السوداني وأعلمتهم أنّه موجود بالسّجن المدني بالمرناقي JEMAI MOUEZ


الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف منظمة حقوقية مستقلة 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com *************************************************************************** تونس في 20 ذو القعدة 1430 الموافق ل 09 نوفمبر 2009 أخبار الحريات في تونس


1)    الناشط الحقوقي زهير مخلوف يعلق إضرابه عن الطعام: علق الناشط الحقوقي والصحفي زهير مخلوف المعتقل حاليا بسجن المرناقية منذ يومين إضرابه عن الطعام الذي شنه منذ 21 أكتوبر 2009 استجابة لطلب المحامين المدافعين عنه نظرا لتدهور وضعه الصحي خاصة وأنه مصاب بمرض السكري وأن بقاءه بحالة إضراب عن الطعام سيسبب له مضاعفات تعرض حياته للخطر، وقد زاره اليوم الاثنين 9 نوفمبر 2009 بالسجن المذكور الأستاذ أحمد نجيب الشابي ليطمئن على صحته وليحضر معه وسائل الدفاع. 2)    رؤساء تحرير  »صحف » معارضة يعقدون ندوة صحفية ويقررون الاحتجاب عن الصدور: انعقدت هذا اليوم الاثنين 9 نوفمبر 2009 ندوة صحفية بمقر  »حركة التجديد » شارك فيها رئيسا تحرير صحيفتي  »الموقف » و »مواطنون » ومدير تحرير صحيفة  »الطريق الجديد »، وقرروا احتجاب الصحف الثلاث لمدة أسبوع في إطار تحرك إنذاري جماعي للمطالبة بالتراجع عن التدابير الجديدة غير القانونية، وذلك احتجاجا على الإجراءات التضييقية غير المسبوقة المتمثلة في منع إدارات الصحف الثلاث من التصرف في النسخ التي تتسلمها من المطبعة، فقد  » أشعرت السلط مديري المطابع المعنية بالامتناع عن تسليم أي نسخة منها إلى أصحاب الصحيفة وأجبرت المطابع على التكفل بإيصالها رأسا إلى شركة التوزيع، مما يفتح الباب أمام التلاعب بالتوزيع واللجوء إلى الحجز المقنع ». 3)    حتى لا يبقى سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو وراء القضبان: لا يزال سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو وراء قضبان سجن الناظور يتعرض لأطول مظلمة في تاريخ تونس، في ظل صمت رهيب من كل الجمعيات والمنظمات الحقوقية، ولا تزال كل الأصوات الحرة التي أطلقت صيحة فزع مطالبة بالإفراج عنه تنتظر صدى صوتها، لكن واقع السجن ينبئ بغير ما يتمنى كل الأحرار، إذ تتواصل معاناة سجين العشريتين في ظل التردي الكبير لوضعه الصحي والمعاملة السيئة التي يلقاها من قبل إدارة السجن المذكور. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري

 
 


في وقائع الجلسة الأولى لمحاكمة المناضل زهير مخلوف: محاكمة 8 دقائق من حرية التعبير في الفضاء الافتراضي


هي قضية حق عام ككل القضايا، في محكمة ككل المحاكم. يحال فيها تونسي بتهمة الإساءة إلى الغير عبر الشبكات العمومية للاتصالات. هذا ما يقوله الإنسان لنفسه وهو يتجه صبيحة يوم الثلاثاء 3 نوفمبر2009 صوب المحكمة الابتدائية بمدينة قرمبالية من جهة نابل. غير أن ما يلاحظه ويراه هناك أمر يكذب جملة وتفصيلا هذا المعطى البسيط . لكأن المحكمة تحولت يومها بفعل فاعل إلى ثكنة عسكرية نصبت حولها المتاريس الحديدية وأغلقت منافذها بدقة وانتصب أمامها وفي أطرافها عشرات الأعوان بالزيين الرسمي والمدني وخضع الداخلون إلى قصر العدالة إلى عمليات التثبت من الهوية تعاونت على تنفيذها بدقة تونسية فرقة الإرشاد الجهوية على اليمين وفرقة امن الدولة على يسار الداخل واللتان لم تسمحا بتجاوز خط التفتيش الأول ( هناك أكثر من خط) لغير المحامين وبعض المتقاضين الحاملين لما يثبت حاجتهم إلى الدخول إلى المحكمة. أما الصحافيون فهم غير مرغوب فيهم اليوم في محكمة قرمبالية لان جهة غير معلومة قررت أن تكون الجلسات و دون سابق إعلام جلسات غير علنية. بل لقد أغلق المشرب الواقع قبالة المحكمة والذي تعوّد أن يستقبل المحامين والمتقاضين جنبا إلى جنب، ووقف أمام بابه من يعلم الزائرين، خاليي الذهن مما يقع، بنوع من الاندهاش المصطنع أن هناك أمرا عليّا صدر بإغلاق المحل. ما الذي يحصل إذن؟ وهل هناك محاكمة أخرى تجري هنا اليوم، المحالون فيها عصابات مافيا على الطريقة الصقلية أو إرهابيون قتلة قد تعمد مجموعة مدربة على السلاح إلى تحريرهم حال وصولهم من السجن إلى المحكمة الصغيرة الهادئة التي لا اعتقد أنها عاشت يوما كيومنا هذا ؟ لكن لا عصابات مافيا ولا إرهابيون ولا قتلة هو فقط زهير مخلوف يمثل أمام المحكمة. و مخلوف هو المناضل في الحزب الديمقراطي التقدمي ومرشحه في الانتخابات التشريعية الماضية عن جهة نابل والصحفي الجسور الغيور على جهته ووطنه والذي تجرأ على كشف الحقيقة التي تغطيها السلطة وراء مساحيق الدعاية الرسمية. ولا تسألنّ عن كيفية دخولي إلى قاعة الجلسة فهو أمر لا يحكى في ورقة مثل هذه . 1) في وقائع الجلسة غير العلنية أ) استنطاق المتهم بدأت الدائرة الجناحية المحاكمة باستنطاق المتهمين زهير مخلوف وصديق له يحال معه في نفس القضية ولكن بحالة سراح. وذكّرت المحكمة المظنون فيهما بان التهمة الموجهة إليهما هي تعمد الإساءة إلى الغير عبر الشبكات العمومية للاتصالات بموجب شكاية تقدم بها ضدهما عامل يشتغل بالحي الصناعي بنابل ادعى انه وقع تصويره، في شريط فيديو نشر على الانترنات، في حالة مزرية مما تسبب له في فضيحة و أدى إلى تشويه سمعته. وهي التهمة المنصوص عليها بالفصل 86 من مجلة الاتصالات والتي قد تصل فيها العقوبة إلى مدة تتراوح بين سنة وسنتين مع الخطية. وباستجواب المتهم الرئيسي في القضية وهو زهير مخلوف أكد انه لا يحال من اجل الأفعال المنسوبة إليه ولكن من أجل انتمائه الحزبي ومواقفه السياسية كمعارض في حزب معترف به ومرشح عن هذا الحزب في الانتخابات التشريعية الماضية ولكن أيضا من أجل أصداعه بالحقيقة وممارسة حقه كصحفي في التعبير عن الرأي وبالتنبيه عليه من لدن رئيس الجلسة بضرورة التقيد بأصل القضية وبما جاء بملف الإحالة دون زيادة أجاب المتهم بأنه يتمسك بما جاء في تصريحاته الأولى أمام الباحث الابتدائي ومفادها انه كان موجودا بالحي الصناعي بنابل برفقة شخصين وذلك للقيام بتقرير صحفي حول المشاكل البيئية بالحي المذكور فتقدم منه الشاكي واستفسره عن سبب تصويره الحي فاعلمه بكونه بصدد إعداد تقرير حول المشاكل البيئية بالحي المذكور. وأكد مخلوف أن الشاكي هو الذي سمح له بتصوير مقر عمله بمحض إرادته بل هو الذي وجهه إلى مشكل إيقاد الفرن بالمواد الجلدية المضرة بالبيئة والى مشاكل الصرف بالحي الخطيرة التي يعاني منها الحي كما أكد المتهم أن الشاكي هو الذي تعمد الدخول في الصورة كما أكد أن القصد من عمله لم يكن الترويج لصناعة الفخار على الطريقة التقليدية ولا المس من شخص العارض ولا تشويه سمعة جهته وبلده مثلما يدعي الشاكي. بل إن المشتكي بعد اطلاعه على شريط الفيديو والصور التي قام بنشرها على شبكة الانترنت الخاص بالحزب الديمقراطي التقدمي تعرف على مرافقه المحال معه وعلى مقر إقامته واتصل به واستفسره عن سبب نشر شريط الفيديو الذي التقط له وذهب في ظنه انه يسيء له وعند صد مرافقه له طلب منه تمكينه من رقم هاتف زهير مخلوف و مقر إقامته من اجل تهديده شخصيا و هو ما تم. و أضاف أن الشاكي اتصل به عشرات المرات من اجل ابتزازه بل و تهديده بالقتل أيضا كما أكد مرة أخرى أن الشكاية المرفوعة ضده من الخصم ليست إلا ذريعة للانتقام منه وهو ما تشهد عليه ملابسات التحقيق الذي اجري معه مشيرا إلى انه على خلاف ما ورد في محاضر البحث فان من تولى بحثه واستنطاقه هي فرقة الإرشاد بنابل و فرقة أمن الدولة بحضور أكثر من 80 عونا محيطين به من كل جانب، مما يزول معه أي شك حول الصبغة الكيدية السياسية للقضية.  ب) مرافعات لسان الدفاع لما كلف الشاكي محاميا للقيام بالحق الشخصي فقد اضطر لسان الدفاع إلى عدم إطالة الترافع في الأصل والمطالبة بالإفراج عن المتهم مستندين في ذلك إلى مطالب شكلية وإجرائية تلخصت في ما يلي : – تأسس التهمة على تصريحات الشاكي أكد لسان الدفاع أن التهمة مؤسسة على تصريحات الشاكي فقط والتي جابهها المتهم بالإنكار مشيرا إلى انه تولى تصوير مدعي الضرر بمحض إرادته ورضاه التام دون أي ضغط مهما كان نوعه كما أكد الدفاع أن المحجوز المتمثل في شريط الفيديو لا يوجد بالملف ما يفيد مضمونه كما أكد أن المحكمة واجهت المتهم بتصريحات الشاكي مما يثبت أنها لا معرفة لها به كما استغرب أن تحيل النيابة وتوجه التهمة دون أن تتطلع هي بدورها على مضمون الشريط خاصة و أن الركن الأساسي في التهمة الموجهة إلى المنوّب تقتضي ثبوت الإساءة من خلال التصوير وهو ما يتعين معه بالضرورة الاطلاع على الوضعية التي تم فيها التصوير بواسطة المشاهدة العينية لتقدير وجود الإساءة من عدمها وهو من مشمولات المحكمة كما طالب لسان الدفاع على أساس ذلك تمكينه من مشاهدة القرص المضغوط بحضور كافة الإطراف ( المحامون والمتهم وهيئة المحكمة ) وقد فوض ممثل النيابة العمومية الحاضر بالجلسة هذه المسالة لاجتهاد المحكمة دون إي اعتراض على ذلك. – بطلان الإجراءات إن إثارة الدعوى العمومية في مثل هذه القضايا يكون طبقا لأحكام الفصل 80 من مجلة الاتصالات الذي ينص على ما يلي  » تحال المحاضر للوزير المكلف بالاتصالات الذي يحيلها إلى وكيل الجمهورية المختص ترابيا للتتبع » وهو الإجراء الذي لم يقع احترامه في قضية الحال إذ أن النيابة هي التي تكفلت بإثارة الدعوى وهو ما يتجه معه الحكم بعدم سماع الدعوى لبطلان الإجراء غير أن المحامين أكدوا أنهم وبعد تجربة طويلة مريرة في محاكمنا وفي القضايا ذات الطابع السياسي لم يلاحظوا ومنذ عشرات السنين ولو مرة واحدة أن المحكمة تعمد إلى الحكم بعدم سماع الدعوى حتى ولو كان بطلان الإجراء اظهر من ظاهر. كما أنهم لاحظوا أن محاكمنا لا تستجيب كذلك في هذا النوع من القضايا إلى طلب لسان الدفاع الإفراج عن المتهم. وهو ما يثير الشك حول استقلالية قضائنا الذي تستعمله السلطة لقصد تصفية حسابات سياسية مع كل من تعتقد انه خصم لها. – الإيقاف التحفظي استثناء وليس قاعدة وبين لسان الدفاع أن الفعل المنسوب إلى المتهم لا يمثل خطرا على الأمن العام ضرورة أن الإيقاف هو استثناء على القاعدة إذ أن قضية الحال لا تعدو أن تكون نزاعا بين شخصين دون أن يكون الحق العام طرفا فيها إذ أن العديد من المتهمين المنسوب إليهم جرائم العنف و التحيّل والإضرار بأملاك الغير يحالون بحالة سراح دون أن يفقدوا حريتهم خاصة و أن المنوب دخل في إضراب عن الطعام منذ تاريخ إيقافه الموافق ل20 اكتوبر2009 وان حالته الصحية تستوجب خضوعه إلى المراقبة الطبية المباشرة سيما وان إدارة السجن تعمد في بعض الحالات إلى منع المحامين من زيارة منوبهم والاطلاع على حالته الصحية كما أكد الدفاع أن المتهم ليس من صنف المجرمين بل هو مناضل في حزب قانوني وقد ترشح في قائمة حزبه للانتخابات التشريعية الماضية وهو ألان يحاكم لأنه ببساطة قدم صورة لواقع مزر تعيشه صناعاتنا التقليدية بنابل ووضع أمام المشاهد التونسي مناظر التلوث والإهمال والإضرار بالبيئة لمدينة نالت بمنطق الدعاية الرسمية جائزة أنظف مدينة سنة2008. – وجه السلطة يختفي وراء القائم بالحق الشخصي وبالرجوع إلى مظروفات الملف اتضح أن الشاكي حرر شاكيته بتاريخ 8 أكتوبر 2009 وتم تقديمها إلى المحكمة بتاريخ 8 أكتوبر أيضا وإحالتها إلى مركز الأمن بنفس التاريخ. لكن يبدو كما أشار إلى ذلك أحد المحامين أن الباحث الابتدائي قد عمد إلى تغيير تاريخ إحالة الشكاية عليه وجعلها 9 أكتوبر عوضا عن 8 وواضح أن الالتجاء إلى هذا التزوير الظاهر بواسطة تغيير الرقم في ورقة الشاكية المقدمة إلى المحكمة والمحالة منها إلى شرطة المعمورة للبحث كان بقصد خلق نوع من التباعد بين تحرير الشكاية ووصولها إلى شرطة المعمورة. لما تمثله السرعة التي انتقل بها الملف وفي نفس اليوم من محكمة قرمبالية إلى المعمورة من شبهة اليد الخفية الظاهرة التي دفعت بالملف إلى أن يسير بسرعة الضوء على خلاف جل الشكاوى التي تسير بسرعة محاكمنا السلحفاتية،هذا إذا لم تركن في إحدى الزوايا المظلمة وهو ما يعني أن وجه سلطة وان حاول التخفي ظاهر بجلاء من وراء القائم بالحق الشخصي الذي من الأرجح انه وقع استعماله بقصد التشفي من رجل عرى الحقيقة وكشف المستور وهو ما لا يمكن للسلطة أن تسامحه عليه. وقد تمسك المحامون في القضية بطلب الإفراج عن المتهم وعرض المحجوز. وبعد الاختلاء قررت المحكمة رفض طلب الإفراج وتأجيل القضية إلى جلسة 24 نوفمبر2009. عارف البلدي (المصدر : منتدى » الديمقراطية النقابية و السياسية  » ) الرابط : http://fr.groups.yahoo.com/group/democratie_s_p

تونس تنافس واشنطن على تسلم الطرابلسي لمحاكمته في جرائم ذات صلة بالإرهاب

 


اعترض السجين التونسي نزار الطرابلسي لاعب كرة القدم السابق، على ظروف سجنه حاليا في بروج البلجيكية، وطالب بتعويضه بألف يورو يوميا عن كل يوم يقضيه داخل الحبس المعروف بإجراءات وحراسة مشددة، وخاصة بعد أن أصدرت محكمة لياج قرارا بعدم قانونية استمرار حبس الطرابلسي، في القسم الخاص بالمجرمين الخطرين، والذي يفرض عليهم إجراءات وحراسات مشددة، ولكن وزارة العدل البلجيكية استأنفت ضد القرار. وقال ملرك نيفي محامي الطرابلسي في تصريحات للتلفزة البلجيكية «في ار تي»: «يجب نقل موكلي إلى سجن عادي، وبالرغم من طلب وزارة العدل استئناف قرار المحكمة، إلا انه يجب على إدارة السجن تنفيذ الحكم الذي صدر، وسنرسل إخطارا قانونيا إلى إدارة السجن، لمطالبتها بتعويض ألف يورو عن كل يوم يقضيه موكلي في السجن الحالي، وحتى صدور قرار في طلب الاستئناف». إلى ذلك تقدمت تونس بطلب إلى بلجيكا لتسليمها الطرابلسي، لمحاكمته على جرائم ذات الصلة بالإرهاب، وتنفيذ عقوبة بالسجن لمدة 20عاما، صدرت ضد الطرابلسي في 20 يناير (كانون الثاني) 2005, من جانب محكمة عسكرية تونسية، لتورطه في شبكة إرهابية خارجية، وقالت وسائل إعلام بلجيكية إن فرص تسليم بلجيكا الطرابلسي إلى تونس ضعيفة، نظرا لأنه سبق أن جرت محاكمته عن نفس التهم أمام القضاء البلجيكي، ولا يسمح القانون البلجيكي بتسليم شخص لتنفيذ عقوبة على جرائم سبق معاقبته عليها. وفي أغسطس «آب» الماضي، كان الطرابلسي اضرب عن الطعام لفترة من الوقت في سجن بروج البلجيكي، بعد وقت قصير من وصوله إليه قادما من سجن لانتين، وجاء إضراب الطرابلسي احتجاجا على نقله من سجنه إلى سجن آخر معروف بإجراءاته الأمنية المشددة، وذلك حسب ما ذكرت محطة التلفزة البلجيكية «في تي ام» الناطقة باللغة الفلامنية «الهولندية». وكان الطرابلسي قد اضرب عن الطعام العام الماضي احتجاجا على نقله إلى سجن بروج. وجاءت تلك التطورات بعد وقت قصير، من كشف وسائل الإعلام البلجيكية، عن خطة لهروب الطرابلسي، الذي يقضي عقوبة السجن حاليا، لاتهامه في قضية، محاولة تفجير قاعدة عسكرية أميركية في جنوب بلجيكا، وعلاقته بتنظيم القاعدة. وذكرت وسائل إعلام في بروكسل بان مدير السجن الذي يوجد به الطرابلسي، سجل في أجندته يوم 31 من شهر يوليو «تموز» الماضي، انه لابد من تشديد الحراسة حول زنزانة الطرابلسي، عقب العثور على حزمة من السكاكين، في الطريق المخصص لترحيل السجين التونسي إلى قاعة المحكمة، للنظر في طلب واشنطن تسليمه إليها لتنفيذ أحكام قضائية، صدرت ضده في قضايا ذات صلة بالإرهاب، وهي ثلاثة أحكام احدها بالسجن مدى الحياة، والآخران كل واحد منهما يقضي بالسجن 15 عاما. وصدرت تلك الأحكام في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام قبل الماضي. وأكد مارك نيفي محامي الطرابلسي، ما أوردته تقارير إعلامية بلجيكية من تقديم السلطات الأميركية طلبا رسميا لتسلم الطرابلسي من بروكسل، وقال المحامي في تصريحات للإذاعة، انه بحث مدى قانونية الطلب الأميركي، وخاصة أن الوقائع التي استندت إليها الأحكام ضد الطرابلسي، التي أصدرها القضاء الأميركي، هي نفس الوقائع التي استند إليها الحكم، الذي أصدرته محكمة بروكسل في يونيو (حزيران)2004، وحصل الطرابلسي على عقوبة مشددة حسب القانون البلجيكي، وتساءل المحامي قائلا «هل يتوافق الطلب الأميركي لتسلم الطرابلسي مع قوانين ومواثيق أوروبا لحقوق الإنسان؟. وكانت محكمة الاستئناف في بروكسل قد أصدرت في التاسع من يونيو 2004 حكمها في دعوى الاستئناف التي تقدم بها 9 من الأصوليين الذين ينتمون لعدة جنسيات عربية وإسلامية وخاصة من شمال أفريقيا، ضد الأحكام الصادرة من محكمة بروكسل الجنائية العليا في 30 سبتمبر(أيلول) من عام 2003، بناء على الاتهامات التي وجهتها النيابة العامة لهم، ومنها التعاون مع تنظيم القاعدة والتخطيط لتنفيذ هجمات إرهابية في بلجيكا. وجاءت المفاجأة في قرار المحكمة بزيادة عقوبة السجن لبعض المتهمين، وأيدت المحكمة الأحكام الصادرة بحق باقي المتهمين ومنهم الطرابلسى (10 سنوات) . وسبق أن أعلنت السلطات البلجيكية عن رفع حالة التأهب الأمني في البلاد نهاية عام 2007 اثر اكتشاف محاولة لتهريب الطرابلسي من سجنه بمساعدة أشخاص من خارج السجن إلا أن الطرابلسي نفى ذلك. وجرى نقل الطرابلسي أكثر من مرة من سجن إلى آخر في عدد من المدن البلجيكية. عبد الله مصطفى    (المصدر: جريدة الشرق الاوسط بتاريخ 09 نوفمبر 2009 )

بلاغ: صُحف « الطريق الجديد »، »الموقف »و »مواطنون » تقرّر الامتناع عن الصّدور لمُدّة أسبوع

تتعرض صحف المعارضة الثلاث إلى إجراءات تضييقية غير مسبوقة تتمثل أساسا في منعها من التصرف في النسخ التي تتسلمها من المطبعة، إذ أشعرت السلط مديري المطابع المعنية بالإمتناع عن تسليم أي نسخة منها إلى أصحاب الصحيفة وأجبرت المطابع على التكفل بإيصالها رأسا إلى شركة التوزيع، مما يفتح الباب أمام التلاعب بالتوزيع واللجوء إلى الحجز المقنع. إن هذا الإجراء الجديد يشكل خرقا صارخا للعلاقة التجارية بين طرفين لا حق للسلطة بأن تتدخل فيها بأي شكل من الأشكال، خاصة أن تجربة هذا الأسبوع أثبتت أنها اتخذت من هذا الإجراء غطاء لحجب الجزء الأكبر من الكمية المطبوعة عن الأكشاك. وبهذا الإعتبار فإن التدابير الجديدة تشكل نيلا من حرية الصحافة وسعيا لإرباك صحف المعارضة وخنقها تجاريا كي تُضطر للتوقف من تلقاء نفسها. ونظرا لهذا التصعيد غير المقبول اجتمع رؤساء تحرير الصحف الثلاث للتشاور وقرروا ما يلي: أولا : رفض التدابير الجديدة واعتبارها غير ملزمة لصحفنا ثانيا : الإحتجاب لمدة أسبوع في إطار تحرّك إنذاري جماعي للمطالبة بالتراجع عن تلك التدابير غير القانونية ثالثا : متابعة التطورات والعودة للتشاور من أجل اتخاذ الخطوات التي يمليها الوضع بما في ذلك إمكانية اللجوء لأشكال أخرى من الإحتجاج إذا أمعنت السلطة في فرض الحصار التوزيعي على إحدى الصحف أو علينا جميعا. رابعا : المطالبة برفع كل أنواع التضييقات المفروضة على صحفنا بما في ذلك حرمانها من الإشهار واستثناء « مواطنون » و »الموقف » من التمويل العمومي ومن التعويض عن ورق الطباعة واللذين يشكلان حقا لصحافة المعارضة في كل المجتمعات الديمقراطية. تونس في 9 نوفمبر 2009 رئيس تحرير « الموقف » مدير تحرير « الطريق الجديد » رئيس تحرير « مواطنون

تونس في 09 نوفمبر 2009 من أجل حماية الصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان


تشهد البلاد مباشرة عقب الانتخابات حملة شرسة استهدفت العديد من الصحافيين الذين استبيحت سلامتهم الجسدية من طرف أعوان البوليس السياسي، وحريتهم عبر الاعتقال التعسفي أو التهديدات. كما طالت الحملة العديد من نشطاء المجتمع المدني عبر التهديد والاعتداء على حق التنقل داخل البلاد، وصاحب ذلك إجراءات استثنائية استهدفت غلق مقرات عدة جمعيات وأحزاب في وجه المناضلين والنشطاء، وقد صاحب ذلك كلّه حملة صحفيّة نالت من أعراضهم، والأخطر من ذلك أنّها وصلت حدّ التخوين في ما يُعدّ تحريضا على القتل. والملاحظ أنّ ما سلف وصفه من إجراءات قمعية، استهدفت ترويع النخبة المناضلة إنّما جاءت تنفيذا للتهديد الذي صدر من أعلى هرم السلطة قبيل الانتخابات والذي توعّد فيه بتتبع كل من يطعن في نزاهة الانتخابات. وبذلك فإنّ الأمر يصبح على غاية من الخطورة لكونه لا يُعدّ من قبيل التجاوزات التي يمكن أن تصدر عن فرق أو أفراد من مستويات دنيا وإنّما هي خيار « سياسي » في التعامل مع المنتقدين وظّفت له إمكانيات الدولة وأجهزتها. كلّ ذلك يجري في سياق حالة يمكن وصفها بحالة طوارئ غير معلنة في البلاد تتجلى في الحواجز الأمنية على الطرق وتعمّد عناصر البوليس إخضاع المواطنين للتثبت من الهوية، بما يكرّس وضع المواطن تحت وضع المشتبه به بشكل دائم، بما يشكل خرقا لمبدأ البراءة المكرس صلب دستور البلاد. ونعرض فيما يلي لبعض الحالات المسجلة خلال الحملة الأخيرة: الاعتقال التعسفي الحاصل في حق – زهير مخلوف يوم 20 أكتوبر 2009 بتهمة الإساءة للغير عبر شبكة الاتصالات العمومية بعد تلفيق قضيّة أحيل فيها يوم 3 نوفمبر على المجلس الجناحي بقرمبالية في ظل تدابير أمنية حالت دون مراقبة المحاكمة من طرف العموم، فيما يعد انتهاكا لعلانية الجلسة باعتبارها أحد شروط المحاكمة العادلة. – توفيق بن بريك يوم 29 أكتوبر 2009 بتهم ملفّقة منها الإضرار بملك الغير والاعتداء بالعنف الشديد ومن المنتظر أن يمثل أمام القضاء يوم 19 نوفمبر الجاري، وهو يقبع الآن بسجن المرناقية وقد منع محاموه من زيارته وإعداد وسائل الدفاع بالتعاون معه بالرغم من حصولهم على ترخيص قضائي في ذلك، بما يُعدّ انتهاكا صارخا بالمبدأ الذي يقتضي حق إعداد وسائل الدفاع. وجاء اعتقال بن بريك على خلفية عمله الصحفي ونشره عدة مقالات انتقد فيها السلطة، علما أنّه يعاني من مرض يخشى معه على تدهور صحته وتعريض حياته للخطر باستمرار اعتقاله. –  كما طال الاعتقال مجموعة متكونة من عشرة طلبة نقابيين على خلفية تحرك احتجاجي من أجل تمكينهم من حق السكن الجامعي العمومي، وقد نسب إليهم تهم منها الإضرار بملك الغير وتعطيل حرية الشغل. اختطاف صحفي والاعتداء عليه بالعنف الشديد تعرض الصحفي سليم بوخذير يوم 28 أكتوبر 2009 حوالي الساعة السابعة مساء إلى عملية اختطاف منظمة شارك فيها عدة عناصر من بينهم أحد أعوان البوليس السياسي الذي تعرف إليه. ثم تم الاعتداء عليه بالعنف الشديد في حديقة البلفيدير بالعاصمة والسطو على ملابسه وهاتفه المحمول وأمواله وأوراقه الشخصية وتهديده بالقتل بعد إشهار أحدهم سكينا ووضعها على رقبته. ولم يقف الأمر عند ذلك الحد حيث تعمد السلطات إلى تطويق منزله بواسطة العشرات من أعوان البوليس بالزي النظامي والمدني مانعين عليه الزيارات، ومروّعين أفراد عائلته. الاعتداء بالعنف الشديد الواقع من موظف عمومي –   تعرضت الصحفية سهام بن سدرين إلى الاعتداء بالعنف الشديد من قبل أعوان الشرطة في مناسبتين، يوم 20 أكتوبر 2009 داخل مقر الجامعة النسوية إلهام المرزوقي بالعاصمة ويوم 3 نوفمبر أمام محكمة قرمبالية من أجل منعها من الدخول. وقد تقدمت بعريضتي شكوى للقضاء في هذا الصدد. –       الاعتداء على حمة الهمامي وراضية النصراوي يوم 29 سبتمبر 2009 بمطار تونس قرطاج من قبل أعوان أمن المطار على إثر تصريحات أدلى بها الأوّل لقنوات فضائية (الجزيرة وفرنسا 24). –  كما حصل يوم 4 أكتوبر وضع مادة قابلة للانفجار بخزان الوقود لسيارة المحامي رؤوف العيادي لما كانت رابضة في المأوى التابع لمطار تونس قرطاج والواقع تحت حراسة شديدة. تهديدات ضد الصحفيين تعرض الصحفي لطفي حجي إلى التهديد والاعتداء بالعنف اللفظي في مناسبتين من قبل موظفي الشرطة بمطار تونس قرطاج يومي 29 و30 أكتوبر 2009 على خلفية تصريحاته عبر قناة الجزيرة. كما تعرض الصحفي معز الباي إلى الضرب من قبل الشرطة وافتكاك وثائقه وأدوات عمله في مناسبتين، الأولى في 6 أكتوبر بالعاصمة والثانية خلال الحملة الانتخابية بمدينة صفاقس. وتلقى الصحفي إسماعيل دبارة تهديدات صريحة بالضرب من قبل ثلاثة عناصر مجهولة قطعت عليه الطريق يوم السبت 31 أكتوبر 2009. محاصرة منزل الصحفي لطفي حيدوري وتهديده يوم 30 أكتوبر وإخضاعه للمراقبة اللصيقة طيلة أكثر من أسبوعين ومنعه من حضور ندوة صحفية بمقر حركة التجديد يوم 9 نوفمبر وتهديده في صورة العودة. محاولة اقتحام منزل الصحفي مولدي الزوابي ليل 29 أكتوبر وترويع أفراد عائلته عبر الشروع في تحطيب باب مسكنه. غلق إذاعة مستقلة على الانترنت تم مساء 22 أكتوبر اقتحام مقر إذاعة راديو 6 المستقلة التي تبث على شبكة الانترنت، وتم حجز معداتها ووضع الأختام على بابها، بتهمة البث الإذاعي دون ترخيص. وتجري جملة هذه الانتهاكات بعد إطلاق يد البوليس السياسي لتنفيذ إجراءات أخرى طالت الحق في التنقل (مثلما حصل مع نشطاء من مدينة بنزرت الذين منعوا من التنقل إلى المطار وحجزوا بالطريق السريعة يوم الجمعة 6 نوفمبر، والحق في الاتصال عبر الحرمان من خدمات الانترنت وقطع الاتصالات الهاتفية والتنصت عليها والمراقبة اللصيقة (علي بن سالم ومحمد النوري وعبد الكريم الهاروني وحمزة حمزة). ولا بد من ملاحظة أنّ جميع من جرى استهدافهم سبق لهم أن التجأوا إلى القضاء قصد التظلّم، إلاّ أنّ مساعيهم لم تأت بأي نتيجة تذكر بسبب وقوع القضاء تحت سطوة السلطة التنفيذية. ونذكّر أنّ القضاة المستقلّين لم يسلموا من الاعتداءات الكيدية دون أن يقع ردع الجناة بواسطة القضاء مثلما حصل مؤخرا للقاضية كلثوم كنّو الكاتبة العامة للمكتب التنفيذي الشرعي لجمعية القضاة التونسيين. إنّ هذه الحملة تتميّز عن سابقاتها كونها بطابعها الشامل والمنهجي وبلجوئها إلى أساليب من شأنها التجريد من جميع أشكال الحماية التي يوفرها القانون في ظلّ إخضاع كامل للقضاء وإلغاء وظيفته، مما يشرّع خشية المجلس أن تصبح حياة النشطاء والصحافيين معرضة لمخاطر شتى قد تصل حدّ التصفية الجسدية. وإزاء حالة اللاقانون التي يميّز الوضع وفقدان آليات الشرعية داخليا كما جرى وصفه سابقا، فإنّ المجلس يتوجه بنداء إلى السيد الأمين العام للأمم المتحدة قصد تفعيل آليات الحماية الأممية المتعلقة بالمدافعين وإيفاد بعثة لتقصّي الحقائق ميدانيّا لتبيّن حقيقة الوضع الموصوف وتقدير خطورته.   عن المجلس الناطقة الرسمية سهام بن سدرين

كلمة الحوار نت الحرّة

تسريح مساجين الحوض المنجمي في تونس أو لعبة القط والفأر


يطيب لأسرة الحوار.نت بداية بأن تزف أحر التهاني إلى كافة مساجين الحوض المنجمي بمناسبة إطلاق سراحهم بعد رحلة عذاب طويلة دامت عامين إلا قليلا كما نغتنم هذه الفرصة لنهنئهم على صمودهم.  خطوة في الاتجاه الصحيح وخطوتان في الاتجاه الخاطئ  معياران لا ينفك الناس عن نصبهما في مثل هذه المناسبات: معيار سياسي يراعي الظروف المحيطة سيما قوة السلطة المدججة بما هو غني عن الوصف من جانب وضعف دفاعات المجتمع من جانب آخر.. خطاب هذا المعيار لا يخرج عن دائرة تثمين مثل هذه الخطوة (إطلاق سراح مساجين الحوض المنجمي) فهي دوما خطوة إيجابية حتى لو كانت محدودة أو هي في الاتجاه الصحيح.. خطاب لا يملك غير ذلك بسبب ضيق الدائرة التي حشد فيها نفسه منذ البداية أو منذ بداية المراجعة على الأقل.. المعيار الثاني هو معيار الرؤية الشمولية من الخارج.. معيار يتمنع عن قربان المنطومة السائدة خوفا من فقدان بعض من رساميله المعنوية وأرصدته الشعبية أو خشية تطبيع أو تزكية لأوضاع ذات تركات ثقيلة وديون أثقل..  هل تسير البلاد في ظل الحكومة الحالية في الاتجاه الصحيح فعلا  الاتجاه الصحيح المقصود هنا من لدن كل الأطراف هو اتجاه الحريات والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والوحدة الوطنية ودعم الهوية الثقافية الوطنية للبلاد وما يقتضيه ذلك المشهد المتقدم من استحقاقات. ليس المطلوب بلوغ غايات الاتجاه وأهدافه البعيدة ولكن المطلوب هو مجرد السير في ذلك الاتجاه الصحيح ولو بوتيرة متأنية متراخية ولكن دون تراجعات وردات. هل تختلف إجابات الناس عن هذا السؤال: هل تسير البلاد ـ حتى في السنوات الأخيرة فحسب إذا أحكمنا بقوسين مطبقين على سنوات الجمر الحامية الطويلة ـ حقا في اتجاه دعم المناخ الديمقراطي: حرية سياسية وإعلامية وعدالة اجتماعية ووحدة وطنية وهوية عربية إسلامية؟  لا نظن أنّ التفاؤل يذهب بأهله أبعد من كون السنوات القليلة الأخيرة شهدت تراخيا للقبضة الأمنية الصارمة جدا أو قل بعبارة أحرى بالعدل: إعادة انتشار تلك القبضة الأمنية الصارمة انتشارا يفك الحصار الإعلامي عن السلطة على خلفية وجود مساجين سياسيين سلميين على امتداد ما يناهز عقدين كاملين.. الملف الإسلامي مثلا الذي بسببه تحولت البلاد إلى ثكنة عسكرية في حالة طوارئ منذ بداية التسعينات تحول تحولا كبيرا ومفاجئا نوعا ما بسبب نشوء صحوة إسلامية جديدة.. أما أعمدة المجتمع الأهلي من مثل رابطة حقوق الإنسان واتحاد الشغل وغيرهما فإن آلة القمع الشديد جدا كانت كفيلة بخنق تلك وابتلاع هذه ..  هي لعبة القط والفأر إذن  انتخابات بالكاد تزحزت نتائجها عن سخافات حزب البرافدا الشيوعي وذلك بعد 22 عاما كاملة من الهيمنة المطلقة على دواليب الدولة والمجتمع.. نتائج لم تكد تغادر منطقة التسعات الأربعة (؟؟,89).. الأنكى من ذلك: حملة ضارية ضد حرية الصحافة مباشرة بعد الفراغ من مغادرة منطقة التسعات الأربعة.. زهير مخلوف وتوفيق بن بريك وغيرهما.. في يم تلك الحملة الضارية يتنزل تسريح مساجين الحوض المنجمي ليعطي إشارة الانطلاق لموسم عنوانه: خطوة إيجابية عملاقة في الاتجاه الصحيح وبأعلى صوت.. أما ما تخفيه الأصوات فهو: ولكنها غير كافية وجبال من الأماني لاكتمال الخطوة.. فهل تكتمل الخطوة أم تتعثر أم تسير في الاتجاه المعاكس أصلا.. هي لعبة القط والفأر إذن.. ما يوهب باليمنى يسترد باليسرى..  بعيدا عن عواطف التفاؤل والتشاؤم .. سؤال لا بد من حسن طرحه وحسن الإجابة عليه: هل أنّ المشهد الديمقراطي في البلاد يتحسن أم يترنح أم يزداد سوءا حتى بحساب السنوات الأخيرة القليلة.. سؤال يتطلب نصب ميزان عادل للمشهد الديمقراطي بعيدا عن التشاؤم والتفاؤل وكذلك بعيدا عن تفصيل ديمقراطية تونسية خاصة على مقاس هذا أو ذاك لا تحتاج لدروس من أحد.. فيم العولمة التي يطوف حول أوثانها الناس إذن؟  ذلك سؤال ابتدائي لا بد منه… يليه سؤال آخر هو: كيف يتعاون الناس لتوسيع دائرة الحريات والديمقراطية في البلاد وما هو المتاح لذلك وما هي آلياته وخطابه ومؤسساته وكيف يتعاونون لتضييق دائرة القمع وضحاياه وخاصة في المجال الإعلامي والسياسي والفكري والنقابي والحقوقي والاجتماعي؟..  السؤال الأكبر والأهمّ من كل ما سبق هو: ما هي العلاقة الواجبة باللاعب الأكبر لكي تتم خطوات على ذلك الدرب وترسى لبنات.. أم أن تلك اللبنات معرضة دوما إلى عبث الرياح كمن يخط فوق رمال الصحراء رسومه.. أي: أيّ الحقول أولى بإرساء تلك اللبنات فيها حماية لها من عبث الرياح.. السياسة؟ المجتمع؟ التعليم والتربية؟ البناء الداخلي؟  بقيت كلمتان في هذا الميزان  الكلمة الأولى  ها قد أفرج عن مساجين الحوض المنجمي بعد رحلة عذاب طويلة ولكنها إذا قيست برحلة العذاب المخصصة للملف الإسلامي (حركة النهضة) فإنها تكون عشرها بالضبط ولكنها في الحقيقة رحلة عذاب واحدة: لا هوية وطنية دون عدالة اجتماعية ولا عدالة اجتماعية دون هوية وطنية.. ها قد أفرج عن مساجين العدالة الاجتماعية دفاعا عن الجوعى في الرديف وأم العرايس.. ولكن أين العدالة الاجتماعية التي من أجلها سجنوا ومات شاب واحد على الأقل وشردت عائلات ونكبت أخرى.. هل أغلق ملف العدالة الاجتماعية أم أنّ القضية كلها: شغب نقابي قال فيه القضاء كلمته ثم جاءت رحمة الرئيس حانية وكان السراح الشرطي.. وانتهت القضية فلا جوعى ولا محسوبيات ولا حركة ارتشاء كبيرة طالت وزراء وولاة ومسؤولين كبار في شركات قومية كبرى.. من مات فهو « جيفة قذرة » أو قضاء وقدر .. ومن سجن فقد تأدب والعصا لمن عصى..  تلك كلمة أولى يتحاشاها الخطاب الذي حشر نفسه في دائرة ضيقة مراعاة لظروف معروفة من انخرام الموازين بشكل غير مسبوق بين المجتمع والدولة.. سياسة رعاية الظروف المحيطة حكمة دون شك وحنكة ولكن الأكثر حنكة والأحكم هو مَن وضع تلك السياسة ذاتها ضمن المشهد التونسي بأسره.. ثم لتكن الحركة بحسب نتائج تلك العملية..  الكلمة الثانية  بعيدا عن تثمين تسريح مساجين الحوض المنجمي على أساس أنها خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح أو منقوصة أو غير ذلك.. بعيدا عن ذلك كله فإنّ الأولى هو تركيز التفكير من لدن الجميع في نقطة كبيرة مهمة هي أن مؤشرات مهمة ـ في الحقل الوطني ذاته وليس بالضرورة في الحقل الإقليمي أو الدولي ـ على درب تفعيل الحراك من أجل المطامنة من غلواء السياسة الأمنية الصارمة جدا التي بسطت أرديتها المخيفة على البلاد على امتداد عقدين كاملين .. مؤشرات داخلية مهمة بدأت تنهض.. أو قل إنّ زمن إنهاضها قد حان وحانت شروطه.. ليس أملا بعيدا لا في توبة نصوح ولا في زلزال شعبي ولكنه أمل جيل يتأهب لتسلم أمانة الإصلاح وقاطرته المتواصلة من جيل يتأهب لتدوين تجربته في قمطر لن يطويه التاريخ.. إنه زمن النقاط وليس زمن الضربة القاضية.. النقاط التي تفنى أجيال إثر أجيال على درب تحصيلها.. ورب جيل يصنع النقاط فيعقبه جيل يفرط فيها.. إنه زمن تخفيض سقف الطموحات عمليا لا شعوريا.. إنه زمن السلطة حقا وزمن الثروة حقا وزمن القوة حقا.. فمن شاء فليكرع من ذلك ليحيا ومن شاء فليزهد في ذلك ليموت.. إنه زمن جديد يتطلب رجالا جددا ومعالجات جديدة..  الحوار.نت www.alhiwar.net  (المصدر: موقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 09 نوفمبر 2009)

توضيح من حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي/تونس


نشرت صحيفة « العرب » في عددها الصادر يوم الاثنين 9 نوفمبر/ تشرين ثاني 2009 مقالا تحت عنوان  » بعد الاعتذار.. تونس تطالب بتعويضات فرنسية عن الحقبة الاستعمارية  » لكاتبه السيد محمد الحمروني. ويهمنا أن نوضّح أن المقال المذكور تضمن عدة معطيات غير دقيقة و مجانبة للحقيقة، منها: قال كاتب المقال: » واصل أحمد الإينوبلي الأمين العام لحزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي (عروبي معترف به) حملته التي أطلقها منذ ثلاثة أيام على فرنسا مطالبا إياها بالاعتذار عن حقبتها الاستعمارية لتونس. » ، والحال إن دعوة فرنسا للاعتذار للشعب التونسي عن حقبة الاستعمار كان دعا إليها الأمين العام للحزب في افتتاح الحملة الانتخابية الرئاسية والتشريعية لحزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي يوم 14 أكتوبر /تشرين أول ، وقد اهتمت عدة وكالات أنباء في وقته بهذه الدعوة من ذلك وكالة(يو بي أي) ووكالة الأنباء الصينية:(http://arabic.people.com.cn/31662/6784254.html). إن تجديد الأمين العام للحزب دعوته فرنسا للاعتذار يأتي في إطار تنفيذ قرارات آخر اجتماع للمكتب السياسي للحزب المنعقد يوم السبت  31 أكتوبر /تشرين أول 2009 وجاء في البلاغ الصحفي للاجتماع مايلي: » أولا: العزم على المثابرة والمضي قُدما في مزيد ترسيخ ثوابت الحزب وتعميق خياراته وتفعيل المبادرات التي أطلقها خلال الحملة الانتخابية، لإيمانه أن التحديث السياسي يتطلب من جميع الأطراف، الجدية والمسؤولية وتكريس التنافس البنّاء بين مختلف البرامج على أرضية وطنية « . وتعبر دعوة فرنسا للاعتذار للشعب التونسي  إحدى المبادرات التي  أطلقها  الحزب إلى جانب  دعوة الأحزاب السياسية وكافة مكونات المجتمع المدني في تونس لجعل يوم 1 أكتوبر/تشرين أول من كل سنة يوما  لمناهضة التطبيع في تونس  و الدعوة  إلى حوار وطني حول الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان للخروج من أزمتها الراهنة  و الدعوة إلي التخفيض في ساعات العمل بالنسبة إلى مدرسي التعليم الأساسي و الثانوي. وجاء  أيضا في مقال مراسلكم من تونس  » ويرى هؤلاء المراقبون أن هذه الدعوة التونسية تهدف إلى التخفيف من الضغوط الفرنسية على الحكومة التونسية، ودفع حكومة ساركوزي إلى الكف عن إطلاق مثل هذه التصريحات من خلال التلويح ببعض الورقات التي يمكن أن تستعملها تونس والتي قد تهدد المصالح الفرنسية في تونس ». إن مراسلكم من تونس لم يقدم أي استشهاد واكتفى بـ »هؤلاء المراقبون » مما يفقد كلامه المصداقية  إن حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي يرفض الاستقواء بالأجنبي   ويناهضه وهذا ثابت من ثوابته  لكنه في الوقت  يضبط أجندته على أساس خطه السياسي وقراءته للمشهد السياسي وليس استجابة لهذه الجهة أو تلك. عبد الكريم عمر عضو المكتب السياسي المكلف بالإعلام  

طلبة تونس WWW.TUNISIE-TALABA.NET أخبار الجامعة


الخميس 5 نوفمبر 2009 العدد السادس – السنة الرابعة –   بعد الإنتخابـــات …. القمع يتصــــــــــــــــــــــــــــــــــاعد ….   مداهمة مبيت طالبي : قامت قوات البوليس فجر يوم الأحد 1 نوفمبر 2009 (  حوالي الساعة الرابعة صباحا ) بمداهمة الحي الجامعي  » البساتين  » بمنوبة أين كانت تعتصم عشرات الطالبات منذ ما لا يقل عن ثلاثة أسابيع للمطالبة بإيوائهن في المبيتات الجامعية و قد ساندهم في ذلك عدد من الطلبة النقابيين …. و قد بلغ عدد الموقوفين 14 أحدهم تلميذ و يدعى أشرف المباركي و كان بصدد زيارة شقيقته المحرومة من السكن الجامعي أما عن القائمة الأولية للموقوفين فتضم كلا من : عبد القادر الهاشمي – محسن البناني – منذر التومي – نزيه القاهري – أنيس بن فرج – نبيل البلطي – عبد الوهاب العرفاوي – رفيق الزغيدي – الصحبي ابراهيم – رضا بن منصور – ضمير بن علية – طارق الزحزاح – عمر إلاهي – و قد أصدر وكيل الجمهورية بالمحكمة الإبتدائية بتونس يوم الثلاثاء 3 نوفمبر 2009 بطاقة إيداع بالسجن بحق 10 طلبة ممن تم القبض عليهم أثناء الهجوم على الإعتصام … من ناحية أخرى و بدعوة من الإتحاد العام لطلبة تونس دخل طلبة كلية الآداب بمنوبة في إضراب عام عن الدراسة كامل يوم الإثنين 2 نوفمبر كانت نسبة المشاركة فيه كبيرة جدا و قد تخلل الإضراب اجتماع عام ندد الخطباء فيه بالتدخل الهمّجي في المبيت الجامعي  » البساتين  » …   اقتحام كلية الآداب بمنوبة : شنّت قوات البوليس المتكونة من فرق التدخل و الحرس الوطني هجوما عنيفا على الطلبة المجتمعين يوم الثلاثاء 3 نوفمبر 2009 بساحة كلية الآداب بمنوبة مستعملة الهراوات و الحجارة في الإعتداء على الطلبة الذين كانوا يحضرون إجتماعا إخباريا حول الأحداث التي حصلت فجريوم الأحد بمبيت البساتين بمنوبة … و قد خلفت الهجمة البوليسية إصابات عديدة في صفوف الطلبة إلى درجة أن البعض منهم تم نقله بصفة استعجالية إلى المستشفيات كما تم تهشيم وبعثرة محتويات المشرب و مقرّ الإتحاد العام لطلبة تونس بالكلية … و قد طالت الإعتداءات الموظفين الإداريين والأساتذة وحتى عميد الكلية شكري المبخوت الذي أصيب بحجارة قذفها في اتجاهه أحد أعوان البوليس …. و على إثر هذه الأحداث الخطيرة تم تعليق الدروس في الكلية التي تم طرد الطلبة منها بعد محاصرتها بجحافل البوليس و أغلقت كل الطرقات المؤدية إلى الكلية ومنع الطلبة و المواطنون من سلوك الطريق المؤدية إليها …..   اعتقال الطالب محمد السوداني : اعتقل البوليس السياسي يوم الخميس 22 أكتوبر 2009 الطالب محمد السوداني – أصيل جهة المهدية – و الناشط في الإتحاد العام لطلبة تونس و قد انقطعت أخباره تماما بعد الساعة العاشرة مساء ذلك اليوم حيث كان رفقة صحافية فرنسية بأحد النزل بتونس العاصمة و كان محل رقابة من قبل عدد كبير من أعوان البوليس السياسي ….. و قد سبق إيقاف الطالب المذكور و إصدار حكم قضائي في حقه بالسجن مع تأجيل التنفيذ إضافة إلى أنه الآن محل تتبع في قضيتين جزائيتين بالمحكمة الإبتدائية بالمهدية و من غير المستبعد أن يكون أحد أسباب إيقافه الشهادات التي قدمها للمحطة الإذاعية الفرنسية  » آر تي آل  » التي حاورته حول قضيته و حول الوضع الطلابي عامة …. مع الملاحظة بأن الصحفيين الأجانب الذين يقدمون إلى تونس يخضعون إلى مراقبة لصيقة من قبل البوليس السياسي وهو يقتفي أثرهم أينما توجهوا ..   اعتقال الطالب وسام عثمان : قام البوليس السياسي على الساعة الرابعة و النصف من مساء يوم الأحد 25 أكتوبر 2009 ( في آخر يوم الإقتراع ) باعتقال الطالب وسام عثمان المرسّم بالمرحلة الثالثة بكلية الحقوق بتونس و اقتادوه إلى مركز الشرطة بنهج فلسطين حيث أطلقوا عليه وابلا من الألفاظ النابية و هددوه بخلع ملابسه و  » تعليقه  » و قد تركزت الأسئلة الموجهة إليه حول علاقته بالحزب الديمقراطي التقدمي و بمنظمة حرية و إنصاف و كذلك حول تبنيه للفكر السلفي و …. و لم يتم إطلاق سراحه إلا على الساعة الثامنة و النصف ليلا … و قد سبق للبوليس السياسي أن اقتحم منزل الطالب المذكور و التحقيق معه و حجز العديد من كتبه …   مضايقة مستمرة للطالب عبد السلام الطرابلسي : لم ينفك البوليس السياسي عن مضايقة السجين السياسي السابق الطالب عبد السلام الطرابلسي و ذلك منذ مغادرته السجن بعد أن قضّى فيه أربعة أشهر بتهمة عقد اجتماع غير مرخص فيه …. و قد تم استدعاء هذا الطالب – الذي يدرس بالسنة  الثانية إعلامية بالمعهد العالي للإعلامية بأريانة – العديد من المرات إلى منطقة الأمن بالعمران الأعلى و كان الإستدعاء يتم دائما بطريقة شفوية في خرق واضح للقانون و قد هدّده أعوان البوليس بإعادته إلى السجن إن لم  » يتعاون  » معهم أي أن يصبح مخبرا لهم في صفوف الطلبة لينضم إلى جحافل المخبرين المندسين في مختلف الكليات و المعاهد العليا ….   كلية الحقوق بالمركب الجامعي بتونس : إضراب و مساندة للناشط الحقوقي والصحفي زهير مخلوف … بدعوة من النقابيين الراديكاليين و المكتب الفيدرالي للإتحاد العام لطلبة تونس بكلية الحقوق أضرب الطلبة عن الدراسة يوم الخميس 22 أكتوبر 2009 لــ  » التضامن مع كل المحرومين من حريتهم أو الملاحقين من أجل آرائهم و مواقفهم  » و طالبوا بإطلاق سراح الناشط الحقوقي و الصحفي زهير مخلوف الذي لفّقت له قضية لإسكات صوته و منعه من مواصلة نشاطه الإعلامي المتمثل في تغطية العديد من المظالم و التجاوزات التي تحصل في المجتمع و بالخصوص ضد الأصوات الحرة …..   بسبب عدم تمكينه من مواصلة دراسته في السجن : الطالب جمال الملاخ يضرب عن الطعام …. دخل الطالب جمال الملاخ – الذي كان يزاول دراسته بالسنة الثالثة بمدرسة الطب البيطري في سيدي ثابت قبل أن يتم إيقافه و محاكمته بـــ 10 سنوات سجنا بموجب قانون 10 ديسمبر 2003 لــ  » مكافحة الإرهاب  » – دخل منذ يوم السبت 17 أكتوبر في إضراب عن الطعام للمطالبة بحقه في الدراسة …. و لئن استجابت رئاسة جامعة منوبة لطلب عائلة الطالب المذكور تمكين ابنها من اجتياز الإمتحانات بسجن المرناقية خلال السنة الجامعية الحالية 2009 – 2010 إلا أن الإدارة العامة للسجون أخذت تتلكأ في تنفيذ ما أقرته جامعة منوبة … يذكر أن الطالب جمال الملاخ قد قضّى إلى حد الآن ثلاث سنوات في السجن و قد أثر الإضراب الذي يشنه حاليا على حالته الصحية وهو يشكو من عديد الأوجاع ….    كلية العلو بتونس : طالب يعتدي على أستاذه …. قام يوم الإثنين 2 نوفمبر 2009 طالب يدرس بكلية العلوم بتونس بالإعتداء على أستاذه بسبب استيائه من العدد الذي أسنده له في الإختبار الذي أجراه و ذلك حسب ما أكدته مصادر طلابية … و قد أحيل الطالب المعتدي على التحقيق و في نفس الوقت أكد عميد الكلية حسن العمري أن الإدارة ستتخذ كل الإجراءات القانونية ضد الطالب …. و قد شن أساتذة كلية العلوم يوم الإربعاء 4 نوفمبر إضرابا عن العمل كامل اليوم احتجاجا على اعتداء الطالب على أستاذه …. و ما يمكن ملاحظته و تأكيده هو أن العلاقة بين الطلبة و عدد كبير من الأساتذة تتسم بالتوتر و الجفاف و حتى العدوانية في الكثير من المؤسسات الجامعية وهو ما يدفع إلى حصول مثل هذه الأحداث المؤسفة …   وزارة التعليم العالي تمتنع عن انتداب العدد الكافي من الأساتذة الذين تحتاجهم المؤسسات الجامعية : بالرغم من التزايد المطرد لأعداد الطلبة في مختلف الكليات و المعاهد إلا أن ذلك لم تصاحبه الزيادة الضرورية للأساتذة الجامعيين للقيام بمهام التدريس و التأطير و البحث و حتى من تم انتدابهم فإن نسبة هامة منهم كانوا من المتعاقدين …. و تشير إحصائيات نشرتها وزارة التعليم العالي و البحث العلمي في أفريل 2008 إلى أن عدد المتعاقدين بلغ 3508 من جملة 13404 مدرّس في التعليم العالي أي بنسبة 26،17 في المائة و من المنتظر أن تكون نسبة المتعاقدين في حدود 30 في المائة خلال السنة الجامعية الحالية 2009 – 2010 … و يفسر بعض المراقبين للشأن الجامعي اقتصارالوزارة على انتداب أقل عدد ممكن من الأساتذة الجامعيين – و أغلبهم من المتعاقدين – إلى حرصها على عدم الإضطرار إلى تسريح عدد كبير منهم انطلاقا من السنة الجامعية 2015 – 2016 التي ينتظر أن تشهد بداية الإنخفاض في عدد الطلبة كنتيجة مباشرة لتقلص عدد الولادات بشكل كبير منذ بداية التسعينات من القرن الماضي ….    الكــــاف : ارتفاع عدد الطلبة إلى 6700 خلال السنة الجامعية الحالية 2009 – 2010 …. أصبحت مدينة الكاف ( حوالي 57 ألف ساكن ) من أهم المدن الجامعية في البلاد و قد تطورعدد الطلبة الدارسين فيها بشكل كبيرففي حين لم يكن يتجاوزعددهم خلال السنة الجامعية 2001 – 2002 الــ 697 طالب يدرسون في مؤسستين جامعيتين فقط هما المعهد العالي للرياضة و التربية البدنية و المدرسة العليا للفلاحة أصبح عددهم خلال السنة الجامعية الحالية 6700 طالب( أي تضاعف عددهم عشر مرات ) و   يؤمّون سبع مؤسسات جامعية يتوزع الطلبة فيها على النحو التالي : 1- المعهد العالي للدراسات التطبيقية في الإنسانيات    : 1800 2 – المعهد العالي للإعلامية                                : 1700 3- المعهد العالي للدراسات التكنولوجية                  : 1250 4 – المعهد العالي للرياضة و التربية البدنية             : 1200 5 –  المدرسة العليا للفلاحة                                 : 550 6 – المعهد العالي لعلوم التمريض                         : 350 7 – المعهد العالي للموسيقى و المسرح                   : 200 و من المنتظر أن يتم خلال السنة الجامعية القادمة أو التي تليها إحداث المعهد العالي للعلوم التطبيقية و التكنولوجيا ليرتفع بذلك عدد المؤسسات الجامعية في الكاف إلى ثمانية ….   انفلونزا الخنازير : تسجيل 9 حالات جديدة في المعاهد الثانوية بصفاقس …. أصيب 7 تلاميذ و أستاذتهم و أحد أفراد عائلتها بفيروس إنفلونزا الخنازير خلال رحلة دراسية بمدريد عاصمة إسبانيا و ذلك في الفترة الفاصلة بين 17 و 24 أكتوبر 2009 و يدرس التلاميذ المصابون بأربعة معاهد مختلفة في مدينة صفاقس من بينها المعهد النموذجي …. و قد أثبتت التحاليل أن ثلاثة من بين التلاميذ المصابين يحملون الفيروس دون أن تظهر عليهم الأعراض السريرية للمرض ….   و في الختام : يقول الحقّ تبارك و تعالى : ( ولا تحسبنّ اللّه غافلا عمّا يعمل الظالمون )- من الآية 42 – سورة إبراهيم ( و سيعلم الّذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون ) – من الآية 227 – سورة الشعراء و يقول الرسول صلّى اللّه عليه و سلّم : ( اتّقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة ) – رواه البخاري و مسلم – ( اتّقوا دعوة المظلوم ، و إن كان كافرا ، فإنّه ليس دونها حجاب ) – رواه الإمام أحمد –

مسابقة لاختيار ملكة جمال تونس لعام 2009


تونس (رويترز) – شاركت 24 فتاة يمثلن جميع المحافظات التونسية يوم السبت في الحفل الختامي للنسخة الثانية عشرة لمسابقة ملكة جمال تونس وذلك في اطار تظاهرة أطلق عليها اسم المهرجان الثقافي للفتاة التونسية لعام 2009. وكانت المسابقة التي نظمتها جمعية تاج الفنية الثقافية التونسية قد انطلقت يوم الجمعة في خيمة كبيرة أقيمت بهذه المناسبة على ربوة قرطاج بالضاحية الشمالية للعاصمة. وقال المنظمون ان الجمال لم يكن المعيار الوحيد لاختيار ملكة جمال تونس لهذا العام. ولم يقتصر المهرجان على استعراض للفتيات الجميلات بل شمل كذلك مسابقات في الرسم والشعر وتصميم الازياء. وذكرت عايدة عنتر مديرة المسابقة أن الهدف هو اختيار الفتاة المثالية حسب معايير أخلاقية وجمالية محددة مسبقا في اطار الخصوصيات الثقافية للمجتمع التونسي الذي لم يعتد بعد على مسابقات ملكات الجمال. وقالت عايدة جبر « نحن أخذنا فكرة المسابقة وجعلناها تونسية تحترم أصالتنا وتحترم تقاليدنا وعاداتنا وديننا بالاخص. ولذلك لا يوجد لدينا في المسابقة تبرج بل لدينا بنات يتمتعن بأخلاق عالية وبنات بمستوى عالي وجامعيات. » وتراوحت أعمار المتسابقات بين 17 و26 عاما وخضعن لاختبارات في الشعر والرقص والثقافة العامة وعرض الازياء. وتكونت لجنة تحكيم المسابقة من 13 عضوا بينهم فنانون وصحفيون وممثلون ومصممون للازياء. وقال مختار العجيمي رئيس لجنة التحكيم « بالنسبة لمسابقة ملكة جمال تونس يلزمها الدعم ومزيد من الامكانيات خاصة وأننا في عصر العولمة وفي عالم القنوات التلفزية. كذلك يجب دخول المستشهر (الراعي) في مسابقة جمال تونس حتى نضيف للمسابقة أكثر. » وتوجت دنيا الرقيق من العاصمة التونسية بلقب ملكة جمال تونس لسنة 2009. كما اختار المنظمون اسناد لقب الوصيفة الى أربع مشاركات هن ألفة الحمروني عن محافظة قابس ومفيدة الحدايسي عن محافظة صفاقس ولندة الشريف من محافظة سليانة وعبير عمري عن محافظة باجة. وقالت دنيا الرقيق الفائزة بلقب ملكة جمال تونس لعام 2009 « سنعمل مستقبلا على مساعدة الاطفال المرضى وسنزورهم في المستشفيات كل أسبوع. هذا المشروع سنقدمه للعديد من الجمعيات وسنذهب الى هؤلاء الاطفال المرضى على الاقل مرة كل أسبوع لمساعدتهم. » ويقول المنظمون انهم يأملون تطوير المسابقة مستقبلا لتصبح مسابقة لاختيار ملكة جمال المغرب العربي والبحر المتوسط.
(المصدر: وكالة أنباء رويترز بتاريخ 09 نوفمبر 2009  )

د.منصف المررزوقي:الانتخابات التونسية حلقة من مسلسل التأبيد والتوريث


ندد المعارض التونسي ورئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية منصف المرزوقي بالانتخابات الرئاسية التى جرت مؤخراً في تونس، ووصفها بأنها « حلقة من مسلسل التأبيد والتوريث، لأن الرئيس زين العابدين بن علي لا يستطيع أن يخرج من السلطة نتيجة ارتكابه من الموبقات والجرائم والسرقات ما لا يسمح له بالخروج من السلطة إلا محمولاً على النعش أو مطروداً ». وشكّك المرزوقي، في حديث لتلفزيون « الحرة » الأميركي، في وعود بن علي المتعلقة بالديمقراطية وحقوق الإنسان وتشجيع الأحزاب، لأن « الديمقراطية الحقيقية لن تبنى في تونس إلا على أنقاض هذا النظام وبعد رحيل الدكتاتور وبعد نهاية نظام القمع والفساد والتزييف الذي ركّع تونس والتونسيين قرابة 20 سنة وأذلهم وسرق خيراتهم ». وأضاف « مباشرة بعد الانتخابات وقع الاعتداء جسدياً على الصحافي سليم بوخضير ووقع الاعتداء على الصحفية سهام بن سدرين واعتقال عدد آخر من التونسيين، والقمع في تونس ليس مسلطاً فقط على النخب، وإنما المجتمع كله أصبح محاصراً بالبوليس »، موضحاً أنه « عندما يتحدث بن علي عن الديمقراطية وحقوق الإنسان يدرك التونسيون أن الوضع سيزداد سوءاً على سوء، لأن قاعدة بن علي هي أقول ما لا أفعل وأفعل ما لا أقول، ولا أحد في تونس يهتم بهذه الوعود التي سمعوها منذ أكثر من 20 سنة ».   (المصدر : صحيفة  الشعب ( الناطقة باسم حزب العمل المصري) بتاريخ 9 نوفمبر 2009 )

الانتخابات الرئاسية والتشريعية الأخيرة: قراءة في النتائج


تتفرد الديمقراطية التونسية حتى بالمقارنة مع بعض الدول الأخرى القريبة منها جغرافيا أو من حيث درجة النمو بعزوفها  عن وجود المعارضة الحقيقية، بل بتطيرها منها  إذ أن هذه المعارضة كثيرا ما يطلب منها أن تكون مجرد ديكور لا أكثر،  تكتفي بتثمين اختيارات السلطة أو في أحسن الحالات  ببعض الانتقادات التي لا تمس غير الهوامش، بينما تفعل السلطة ما تشاء، تلك هي الحقيقة  التي لا مناص من وضعها صوب أعيننا إذا أردنا أن نقيم نتائج الانتخابات التي تقع في تونس كل خمس سنوات منذ الاستقلال سواء في صيغتها الوحدانية الأحادية التي استمرت إلى حدود سنة 1981 أو في صيغتها التعددية الشكلية من ذلك التاريخ إلى الانتخابات الأخيرة التي جرت في 25 أكتوبر الماضي. وبالفعل فقد أكدت النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية والتشريعية ا التي أُعلنت صباح 26 أكتوبر 2009، تواصل الهيمنة المطلقة التي فرضها التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم في تونس ومرشحه للرئاسية على الحياة السياسية التونسية. وكشفت النتائج أن المشهد السياسي باق على حاله رغم التراجع الطفيف في النسبة التي تحصل عليها مرشح التجمع الدستوري الديمقراطي، وهو تراجع رمزي أكثر منه فعلي يفسره على الأرجح  إرادة القطع  مع دلالات التسعين إذ انتقلت نسبة فوز مرشح الحزب الحاكم في الانتخابات الثلاثة الماضية من 99,91 % سنة 1999؛ إلى 94,49 % سنة  2004 إلى  62, 89’% هذه السنة. وقد يفسره أيضا على مستوى الأرقام المتحصل عليها من قبل مرشحي المعارضة الإدارية والديمقراطية إرادة التحكم في العشرة بالمائة المتحصل عليها من قبلهم تحكما يحقق مجموعة من الأهداف السياسية تتصل بلا شك بمجازاة المعارضين الإداريين مجازاة لا تمس بمبدأ الانتصار المطلق للمنتصر ولكنها تخلق ضمن المتنافسين الثلاثة تمايزا هو ضرب من المكافأة للبعض وعقوبة للبعض الآخر إذ تراوحت النسبة بين 5.01% و1.5 % مع الإشارة بطبيعة الحال إلى أن الحصول على نسبة  3 % فأكثر يؤدي إلى صرف النصف الثاني من المنحة المسداة لكل مترشح للرئاسية لمساعدته على تمويل الحملة الانتخابية كما جاء بالفصل 45 مكرر من المجلة  الانتخابية . ومهما يكن من حال فان هذا التراجع  لن يؤثر في المشهد السياسي العام في تونس ولا ينبئ بأي تغيير، لعظم البون الفاصل بين ما حصل عليه الرئيس بن علي من أصوات وبين باقي المرشحين الآخرين . هذا في ما يخص الانتخابات الرئاسية أما في ما يخص التشريعية فالأمر أكثر تعقيدا. يجب التنبيه أولا إلى أن الطريقة المعتمدة في احتساب المقاعد المخصصة  لمجلس النواب هي طريقة معقدة، ولا نخال كثيرا ممن يذهبون إلى صناديق الاقتراع قادرين على فهم تفاصيلها الرياضية. مع الإشارة إلى أن وسائل الإعلام التي تخصص كثيرا من وقتها للمترشحين لا تهتم لا قليلا ولا كثيرا بالناخب لتفسر له بشكل مبسط طريق احتساب صوته وهو الذي يقال له صباح مساء أن الانتخاب حق وواجب . أولا يجب أن نشير قبل قراءة النتائج الى أنه بداية من 1993 بدأ العمل بما يسمى بالكوتا  (القانون عدد /11893 المؤرّخ في 27 ديسمبر 1993)  أو المحاصصة أي تخصيص نسبة من المقاعد بشكل رسمي للمعارضة صلب مجلس النواب. وأدت هذه المحاصصة  الى اعتماد نظامين انتخابيين مختلفين سمحا بالمزج بين نظام القائمة الفائزة بأغلبية الأصوات و نظام التمثيل النسبي أي توزيع المقاعد على المستوى الدوائر الانتخابية الجهوية باعتماد الأغلبيّة وعلى المستوى الوطني باعتماد التمثيل النسبي للأحزاب التي لم تفز بأية قائمة من القوائم المتنافس عليها من قبل الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة  على المستوى الجهوي . وبطبيعة الحال يعطي نظام المحاصصة هذا، الانطباع بوجود إرادة من  قبل المشرع تمكين المعارضة حديثة النشأة والضعيفة  من التدرب على الحياة السياسية والتواجد صلب الهيكل الممثل للسلطة التشريعية في البلاد . غير أن التجربة أدت موضوعيا  إلى نتيجتين لا ندري أيهما الأسوأ : خلق  صعوبات داخلية  صلب أحزاب المعارضة وذلك بسبب تنافس المترشحين لا من اجل  انتصار حزبهم بل من اجل  حصولهم على رئاسة القائمة  التي يؤول إلى صاحبها المقعد الذي تحصل عليه الحزب المعارض وهو ما يفسر كثرة الاستقالات داخل المعارضة من قبل أولئك الذين لم يسعفهم الحظ بالحصول على رئاسة قائمة ، أما النتيجة  الثانية  فخلق تعدّديّة متحكّم فيها  تبرز المظهر الديمقراطيّ ولا ديمقراطية . وبالنظر إلى  انتخابات 2009 نلاحظ أن المجلس يعد 214 مقعدا على قاعدة ممثل عن كلّ 48700 ساكن، خصص منها سنة 2009 ، 53 مقعدا  للمعارضة على قاعدة النسبية. بينما يبقى 161 مقعدا  للقائمة الفائزة بالأغلبية. ويختار الناخبون في الدوائر الست والعشرين، قائمة المترشّحين كاملة دون إمكانية تغيير فيها، . أمّا على مستوى النتائج فنلاحظ أن كل مقاعد الدوائر ذهبت بنسبة مائة بالمائة إلى القائمات الفائزة وهي قائمات التجمع الدستوري الديمقراطي أي أن المعارضة حصلت على صفر من المقاعد سواء كانت أحزابا سياسية أو قائمات مستقلة. غيرأن القانون يكفل كما قلنا للمعارضة 53 مقعدا على قاعدة النسبية وتسمى هذه المقاعد بالقائمة الوطنية. وبقراءة سريعة لحصة أحزاب المعارضة من الكوتا  نصل بسهولة إلى أربع ملاحظات أ) دعم نصيب الأحزاب الإدارية الموجودة في البرلمان وهو أمر مفهوم إذ ارتفعت نسبة الكوتا من 20 بالمائة سنة 2004 إلى 25 بالمائة سنة 2009 ب) دخول الأحزاب الإدارية التي لم تكن ممثلة فيه ج ) تراجع نسبة مشاركة الحزب الوحيد الممثل للمعارضة الديمقراطية  د) إقصاء الأحزاب غيرالممثلة في مجلس النواب من غير الموالاة والقائمات المستقلة.  وهكذا تحصّل حزب حركة الديمقراطيين الاشتراكيين على أعلى تمثيل للمعارضة في البرلمان بـ16 مقعدا، يليه حزب الوحدة الشعبية بـ12 ثمّ الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ب9 ثمّ الحزب التحرري الاجتماعي ب8، فحزب الخضر للتقدم الذي يدخل مجلس النواب لأول مرة ب6 مقاعد في حين حصلت حركة التجديد على مقعدين أي بخسارة مقعد بالنسبة إلى الانتخابات الماضية. في حين لم يحصل التكتل والمستقلون على أي مقعد. ولا شك انه لا يمكن فهم هذه النتائج في منطقها الداخلي وبقطع النظر عن أي مرجعية أخرى إلا إذا وضع  الملاحظ في الاعتبار ثلاثة مقاييس للنجاح متظافرة ومرتبة ترتبيا منطقيا تفاضليا. 1) الموالاة 2) الوجود القانوني 3) الحضور في مجلس النواب قبل الانتخابات وبطبيعة الحال لا يمكن أن نثقل على قارئنا بعملية إثبات حسابية لصحة انطباق المقاييس المذكورة على النتائج المصرح بها غير انه يمكن للقارئ أن يتثبت بنفسه من ذلك بإسناد ضارب2 لمقياس الموالاة وهو مقياس حاسم، وضارب1 للمقياسين الثاني والثالث، الشيء الذي يمكنه من الحصول على متوسط لكل حزب يفضى إلى ترتيبه مع اعتماد مقياسين ثانويين إضافيين في حالة التساوي وهما الأقدمية في الوجود القانوني وحجم الحضور في المجلس قبل الانتخابات وكلاهما خاضع للضبط الكمي.لا شك انه بهذه العملية البسيطة  سيحصل في النهاية على ترتيب للأحزاب من حيث حجم الحضور في المجلس مطابق للترتيب الذي أفرزته العملية الانتخابية كما يمكنه فهم عدم وجود التكتل والمستقلين في المجلس إذا وضع في الاعتبار أن أقل نسبة تسمح بالدخول إليه هي  المتوسط 2 من 4 .  و أخيرا لا يسعنا في آخر هذه الورقة إلا أن نقول ما قاله احد الأحزاب المعارضة في بيانه التقييمي للانتخابات وهو أن الإصرار على إبقاء هيمنة الحزب الحاكم على جميع مظاهر الحياة السياسية والاجتماعية قد فوّت فرصة الإصلاح السياسي الذي كان يمكن أن تؤدي له هذه الانتخابات، وهو أمر يؤشر على نيّة لدى البعض في جعل الفترة المقبلة من حياة بلادنا مطابقة لما كانت عليه الفترة السابقة إن لم تكن أكثر انغلاقا. فقد جاءت النتائج المعلن عنها مخالفة لحقيقة موازين القوى السياسية في المجتمع، ، بل أتت لتكرّس سيطرة الحزب الحاكم والأحزاب الموالية للسلطة والقريبة منها، في محاولة لإحباط وتهميش المعارضة الوطنية والديمقراطية.                                                                          عبد السلام الككلي           (المصدر: الموقف بتاريخ 5 نوفمبر 2009 ) المصدر : إعادة نشر منتدى » الديمقراطية النقابية و السياسية  » الرابط : http://fr.groups.yahoo.com/group/democratie_s_p

انتخابات التجمع والاشعاع العالمي


دعيت لحضور أشغال مؤتمر « تجمعي » في بلاد « القورّة » حضره جمع من النخب  العلمية والأكادمية تعود أصول معظمهم إلى وطننا العربي! … يسمون أنفسهم أبناء التجمع الإسلامي في ألمانيا! … تنوعت المداخلات بين المؤتمرين وكانت أكثر جملة متكررة في المداخلات: « نحن أبناء التجمع » … شعرت بكثير من الفخر والإعتزاز! … وأنا أسمع تلك الجملة تتكرر في ربوع أوروبا،  من غير خوف أو طمع! … ذلك أن ما كان يحصل أمام عينيّ إنما هو ترجمة حقيقية للاشعاع المبهر لحزبنا الوطني الذي يقود بلادنا منذ عقود طويلة! … وكما سبق أن تنبه مذيعو أخبارنا إلى أن ما حدث في أوربا الشرقية من ثورات على الأنظمة البالية إنما كان بتأثير التغيير المبارك في تونس! … فإن ما حدث أمامي كان من تأثير « حزبنا »!   الغريب أن أبناء هذا « التجمع » ليسوا فقط من الأجانب وإنما فيه عدد من أبناء وطننا العزيز  من الذين يناكفون « تجمعنا » الحاكم  ولكنهم لا يستنكفون  هنا من قولهم بأنهم « ابناء التجمع »!   ودليل تأثر هذا « التجمع » بإشعاع « تجمعنا » وقيادته الحكيمة أن مؤتمره قد انعقد  في نفس اليوم الذي تحتفل فيه بلادنا بمرور 22 سنة عن التغيير! … أي أن هذا المؤتمر قد انعقد « يوم 7 نوفمبر 2009 » وقد وافق يوم سبت، ولمن لا يذكر نقول بأن « التغيير المبارك » قد كان يوم سبت! … مؤتمرهم هذا مؤتمر انتخابي لاختيار قيادة جديدة! …. وبلادنا قد أجرت انتخابات هذه الأيام وتحتفل بالتجديد « للعهد الجديد »!   أحد المشرفين على إنجاز هذا المؤتمر ـ وهو تونسي مناوئ ـ كان يعلن اعتزازه بانتمائه للتجمع! … ويشيد بإنجازات « التجمع » على الساحة الألمانية! … كنت كالأطرش في الزفة محتارا! … كيف يصنف هذا على أنه ألدّ أعداء « تجمعنا » وهو يعتز بهذا « التجمع »! … بل وزاد ليستشرف مستقبل « تجمعه » بعد انتهاء دورتهم هذه في سنة 2014 !! … عندها طارت سكرتي وعادت فطنتي ووجدت قوّة من داخلي تدفعني لأصيح من خلف القاعة في الجموع ـ التي لا يعرفني جلها ـ أن مستقبل تجمعنا » في سنة 2014 واضح! … ثم هتفت بكل جوارحي: « 2014 بن علي دورة سادسة » وكررتها! … الحق أنني هممت أن أصيح « الله وحد الله وحد بن علي ما كيفو حد ولكنني خشيت أن يصيبني نعل طائش قبل أن أنهي مهمتي …   وقد تمكنت من تنوير الجموع التي نُقلت لها تجربتنا واسم « حزبنا » دون أن تعلم!   ونجحت أنا « العبد الفقير، والنكرة المجهول » في إزاحة الغشاوة عن الأبصار التي لم تكن ترى إشعاع « تجمعنا » وريادته! … و تمكنت بفضل حبي وولائي من إنجاز عمل مهم لصالح زعيمنا و »تجمعنا »! حيث لم تنفض تلك الجموع النخبوية إلا وهي تعرف عن تجربتنا وقائدنا كثيرا مما لا يعرفه من أنفقت عليهم وكالة الإتصال الخارجي أموالا طائلة!   على هامش المؤتمر تجاذبت أطراف الحديث مع رئيس « تجمعهم » المنتهية ولايته! … قلت له هل سيجدد لك « أتباعك » لتواصل الإنجاز وترفع التحدي! … قال « لا يمكن فأنا قضيت دورتين في رئاسة التجمع وهو الحد الأقصى المسموح به حسب اللوائح والقوانين الداخلية »! … قلت : »لوكانت إنجازاتك مقنعة لأعضاء تجمعك لناشدوك الاستمرار ولغيروا لك اللوائح والقوانين »! … قال ـ وأحسب أنه متهكما »: « أنا لست رئيسكم بن علي »! … قلت : »طبعا لست! … ولن تكون! … لأن رئيسنا ماكيفو حد »!   ولم ينقض المؤتمر « التجمعي » إلا وأصر المؤتمرون على اختيار رئيس من أصل تونسي لواصل المشوار ويخطو بالتجمع خطوات على خطى التجمع!!   ما حيرني أن الرئيس « المخلوع » قد توجه للرئيس المنتخب وعانقه عناقا حارا متمنيا له التوفيق في قيادة « التجمع » حتى  2014! … وحيرتي مردها من أين لهم بهذا السلوك وهذه الروح في التداول!   صابر التونسي 8 نوفمبر 2009   (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 08 نوفمبر 2009)

ردا على مقال: رسالة مفتوحة الى نصر الدّين السويلمي

تونسي من ألمانيا.. حاج اكلوف2


الى السيد سالم سعيد العرفاوي إذا كنت غير داري بالشأن الألماني الرجاء الصمت واذا كنت تريد الرد فقط على شخص السيد  نصر الدّين السويلمي، لحقدك على تمتعه بالجنسية الألمانية وحقه في التمتع بطعم الإنتخاب الذي لم يجده في بلاد العمة ليلى.. ولأن قناعاتك الحزبية لا تتمشى مع السيد نصر الدّين السويلمي… فهذا شأنك!! أم أن تراوغ القراء وتتكلم في الشأن الألماني الذي لا جمل وناقة لك فيه لأجل تقليل وتقليل شخص السيد  نصر الدّين السويلمي فهذا يصبح شأني … بالنسبة لمقالك: رسالة مفتوحة الى نصر الدّين السويلمي بتاريخ  5 نوفمبر 2009 :((((ََََ قبل أن « تقرر من يحكم ألمانيا » كنتَ قد أجبتَ على بعض الأسئلة و شهدت و أمضيت على » .. أن أجوبتي وتصريحاتي على الأسئلة المطروحة صحيحة ومتناسبة مع توجهاتي الداخلية الحقيقية ولم أتعرض لصعوبات في فهم الأسئلة المطروحة ولو وقع ذلك فإني أستفهم ويوجد من يفهمني في السؤال وأعلمت بأن كل معطيات غير صحيحة مني يعد غشا ضد مصالح التجنيس في ألمانيا وذلك يمكن أن يؤدي إلى سحب الجنسية عني حتى بعد سنوات أخرى. » منقول. و هذه بعض هذه الأسئلة:  » السؤال الواحد والعشرون: هل يسمح القانون الأساسي حسب رأيك بتبديل الدين أو هجر الجماعة العقائدية السابقة أو يعيش الإنسان دون دين أصلا أو يغير دينه إلى دين آخر؟ ما هو موقفك لو عوقب إنسان بسبب تغيير دينه ـ مثلا بالحرمان من الميراث ؟ السؤال الثاني والعشرون: علمت أنّ أناسا من جيرانك أو من دائرة معارفك أو أصدقائك يخططون لعمل إرهابي أو بدؤوا فيه. كيف تتصرف؟ ماذا تفعل؟ (معلومة لطالب الجنسية: رئيس المجلس الاسلامي المركزي السيد نديم إلياس صرح يوم 15 جويلية المنصرم لقناة تسات دي أف الالمانية بعد تفجيرات لندن بأن التعاون مع السلطات الأمنية بالنسبة للمسلم « فريضة إسلامية وليست خيانة »). السؤال الثالث والعشرون: سمعت عن ضربات 11 سبتمبر و11 مارس بمدريد. هل أنّ الفاعلين في عينك إرهابيون أم مكافحون من أجل الحرية؟ أدل بتصريحك. السؤال الخامس والعشرون: ما هو موقفك من رجل في ألمانيا متزوج بامرأتين في الوقت نفسه؟ السؤال التاسع والعشرون: تصور أن ابنك البالغ جاءك وقال لك إنه ينتمي إلى طائفة « هوموسكسويال » ـ اللواطيون ـ الزواج من جنس واحد ـ ويريد بمحض إرادته أن يعيش مع ذكر آخر ـ عيشة جنسية ـ. كيف ترد الفعل؟  » منقول. بداية، موقفك من  » رجل في ألمانيا متزوج بامرأتين في الوقت نفسه » موضوع السؤال الخامس والعشرون، سيحرمك من أحد المشايخ و تبريكاته في هذه الأيام الطيبة..أما الإجابة على السؤال الثالث والعشرون، فستجعلك تراجع علاقاتك مع بعض المشايخ، اتفاقا مع تصريحاتهم و كتاباتهم في دول أخرى.. بقية الأسئلة تتعارض مع أماني أمك في تربية سوية لأولادك.. و إن عدت يوما إلى تونس يا نصرالدّين، فانتبه فأنت مطالب بنص القانون الألماني، بالتوافق مع الإجابات التي مكنتك من الجنسية، و خلاف ذلك « يمكن أن يحرمك منها حتى بعد سنوات.. » و كل تونسي و خصوصا زملائك في النضال سيكون لزاما عليهم التعامل معك على أساس إجاباتك على أسئلة طلب الجنسية الألمانية، أو على أنك رجل تكذب.. و لا تغضب كذلك نصرالدّين، إذا نعتك الناس بـ »المطورن »  فلقد حققت مرادك واخترت مقامك.. » » » » » » )))) وللرد على هذه المغالطات اقول اني حاصل على الجنسية الألمانية2007  ولم اخضع لهذه الأسئلة أوغيرها…والسيد  نصر الدّين السويلمي ربما ايضا حسب اعتقادي لم يخضع لهذا الإجراء بما انه يقطن في بون في ولاية شمال الراين  (وهذا شأنه).. للتصحيح ان مقاطعة بادن-فورتمبيرغ هي إحدى ولايات ألمانيا الستة عشر وهي الوحيدة التي اصدرت هذا الإجراء  في ١ جانفي 2006 وهو عبارة على أسئلة, هذه الأسئلة المشؤومة بالنسبة للمسلمين الذين يريدون الحصول على الجنسية الألمانية وهو عبارة على امتحان من30 سؤال تدخل في خانة استفزاز المسلمين وحولت هذه المقاطعة مناقشته في البوندستاغ لتعميمه على كافة ولايات ألمانيا الستة عشر لكن قبل برفض الأغلبية  في البوندستاغ بتاريخ 19جانفي 2006..وهناك ولايات أخرى أبدت موافقة على تبني هذا الإجراء ومع تزايد معارضة وضغط الجاليات المسلمة تراجعت هذه الأخيرة نذكر منها ولاية أو مقاطعة هسسن..وهذا الضغط من قبل الجاليات المسلمة أعطى أكله وقامت الولاية التي أصدرت هذا الإجراء في فيفري 2009 بإعفاء الطالبة المسلمون الذين نهوا تعليمهم بناجح في اختصاص الحقوق, العلوم السياسية والعلوم الإدارية… أقول للسيد سالم سعيد العرفاوي بأنه بنى حججه على المقال ( مقال  » تداعيات أحداث سبتمبر على الجالية العربية بألمانيا »  طه البعزاوي / ألمانيا، الحوار نت بتاريخ 5 ماي 2009 ) وهذا المقال تغاضى الكاتب طه البعزاوي والمترجم للأسئلة الأستاذ الهادي بريك على التطرق بأن هذا الإجراء ليس معمم على كافة الولايات (ولاية بادن-فورتمبيرغ  فقط) ولا ادري لماذا لكن المهم ان السيد سالم سعيد العرفاوي بنى إعتقاداته على هذا  الخطأ وأصبح خبير في الشؤون الألمانية ويشك في وطنية ونضال السيد  نصر الدّين السويلمي على أسئلة لم يقرأها حتى… وفي الختام أتشرف بإعطاء السيد سالم سعيد العرفاوي لقب  الرويبضة ‌الألماني ((تعريف: الرويبضة ‌الألماني هو الجاهل بالشأن الألماني ويتكلم في الشؤون الألمانية)).

خفافيش الظلام (*)


عبدالحميد

أعترف بأنّني لم أستطع الصمود أمام بعض السفهاء!… وما موضوعي هذا إلاّ دليل على عدم صمودي أمامهم!.. ويرجع ذلك بالأساس إلى أنّني جُبلت على كره السفهاء والتافهين وأهل السفه – بذات القدر الذي أكره به الظلمة – مهما كان مصدرهم!.. وأحسب أنّ كرهي لهم مشروع وله الكثير من المسبّبات!.. ألم ترَهُم يقذفون الرّسول صلّى الله عليه وسلّم بالحجارة في الطائف حتّى يدمون رجليه الكريمتين؟!.. ألم ترهم يضعون على كتفيه الشريفين سلى جزور وهو ساجد حتّى تأتي فاطمة رضي الله عنها فتزيله عنه؟!.. ألم ترهم يستغلّون كلّ هفوة أو تصرّف قد جانب بعض الصواب حتّى يهوّلوه ويضخّموه ليضربوا به رقاب بعض ببعض ويثيروا الفتنة النائمة ليزكموا أنوفهم بنتنها فينتعشوا في دنيا النتن!؟..   سلى الجزور الذي وضع على كتفي الرّسول صلّى الله عليه وسلّم أو الحجارة التي أدمت قدميه هي اليوم « نبزة » بلقب، أو اتّهام بباطل، أو تتفيه رأي دون مناقشته أو غيرها ممّا تخصّص فيه السفهاء وأجراء السفهاء.. فقد برز العصر في التوليد: ففي بعض البلاد تجد مثلا أكلة فول تتولّد منها أكلة ميّة فول (ماء فول).. وفي بلادنا تجد سفهاء يتولّد منهم (بدون ولادة) سفهاء السفهاء فيكثر سفهم وينتشر حتّى ليكاد الحكيم يغلق على نفسه فاه فلا ينبس ببنت شفة…   أحسب أنّه لا ضير من تنبيه هؤلاء وإرشادهم – إن كانت لديهم بصيرة – إلى بشاعة الجرم الذي يقترفونه، وتذكيرهم بأنّ الرّسول صلّى الله عليه سلّم لمّا أوذي بالسلى دعا على من آذاه: « اللهم عليك بالملإ من قريش.. اللهم عليك بعتبة بن ربيعة.. اللهم عليك بشيبة بن ربيعة.. اللهم عليك بأبى جهل بن هشام.. اللهم عليك بعقبة بن أبى معيط.. اللهم عليك بأبىّ بن خلف وأمية بن خلف » ولأنّه كان رسول الله ولأنّه كان صلّى الله عليه وسلّم مظلوما كذلك ومستجاب الدعوة، فقد رُؤوا جميعا مقتولين يوم بدر الكبرى… وقد أخبِرنا أنّ من الدعوات التي لا تردّ دعوة المظلوم… نبّه صلّى الله عليه وسلّم معاذا إلى ذلك فأوصاه: « واتقِ دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب »…   وقد هممت ذات يوم بالردّ المطوّل على معلّق على موضوع من مواضيعي، مال عقله إلى الطيش ولسانه إلى السفه، قد بذل كلّ ما عنده من شرّ ليسكتني ويلجئ قلمي إلى الانزواء وعدم منازلة الظالمين، غير أنّي احتسبت واسترجعت وتراجعت أخذا بالوصيّة الداعية إلى عدم الاكتراث بمثل هؤلاء « الخفافيش »، إذ أنّ مشاغبتهم تُكثِر من هرجهم… ولكنّي اليوم أنقض عزمي – للأسف – فأنير ما كتبت بهدف التنبيه إلى هذا التصرّف الذي لم تتقبّله نفسي… وقد كتبت من بين ما كتبت في تلك السانحة المحجوبة:…لقد كان كفرة قريش أكرم وأنبل من صاحبي (…) لمّا اقترحوا للرّسول صلّى الله عليه وسلّم « فوائد » إسكاته!… وقد كانوا أكثر منه جودا، فإنّهم لمّا أرادوا إسكاته صلّى الله عليه وسلّم والكفّ عن الدعوة إلى الدّين الذي جاء به، أغدقوا عليه التسويد (أن يكون سيّدا عليهم) أو المال أو المداواة (راجع السيرة)! وأمّا صاحبي (…) فقد حاول إسكاتي وثنيي عن قول كلمة حقّ أراها بالإرهاب ودون مقابل: فقد استعمل معي مفردات حديث شريف لو فقهه لما كحّل النومُ عينيه إلاّ قليلا أو أن يكون قاسي القلب!… وقد سبق أن استشهدت بذات الحديث أكثر من مرّة ووقفت عند خطورته ودعوت إلى فقهه والخوف منه، فقد جاء في مسلم ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: « إنَّ أَولَ النَّاسِ يُقْضَى يَومَ القِيَامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ، فَأُتِيَ بِهِ ، فَعَرَّفَهُ نِعْمَتَهُ، فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ. قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لأَنْ يُقَالَ: جَرِيءٌ! فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ في النَّارِ. وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ العِلْمَ وَعَلَّمَهُ، وَقَرَأَ القُرآنَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا. قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: تَعَلَّمْتُ العِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ، وَقَرَأتُ فِيكَ القُرآنَ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ لِيُقَالَ: عَالِمٌ! وَقَرَأتَ القُرْآنَ لِيُقَالَ: هُوَ قَارِئٌ؛ فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ في النَّارِ. وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ، وَأعْطاهُ مِنْ أصْنَافِ المَالِ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ، فَعَرَفَهَا. قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبيلٍ تُحِبُّ أنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلاَّ أنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ. قَالَ: كَذَبْتَ، ولكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ: جَوَادٌ! فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ في النَّارِ « …   والحقيقة أنّني أتعرّض هذه الأيّام (وهي أيام تسبق أيّامنا هذه، وتعود إلى تاريخ كتابة خطاب كثر حوله الحديث) إلى مناوشة من قبل بعض الساقطين التافهين (ولا يذهبنّ في خلد البعض أنّني بهذا أرفض الرّأي المخالف، أو أعنّف المقابل بالشتائم والسباب كما يُرَوَّج، فأنا لا أتحدّث عن الآراء ولكنّي أحكي عن التفاهات والسفاسف، وأنا لا أتحدّث عن سائر النّاس ولكنّي أحكي عن أفراد تولّوا أمر إسكاتي) تتمثّل في بعض هذه الملاحظات التي جاد بها صاحبي الذي بعد أن طمأنني على مصيري (كما في الحديث) يريد معرفة ما إذا كنت مخيّرا في ذلك أو مسيّرا، وقد غاب عن باله أنّ المسيّر لن يكون من مرافقي مجموعة « قد قيل! »، لأنّ الله تعالى قد رفع عن المؤمن الخطأ والنسيان وما استكره عليه!…، فيكون بذلك قد كذّب بآخر كلامه أوّله!..  أو من قبل قرّاء يتناولون كتاباتي المنشورة على صفحات تونس أونلاين مثلا فيسندون إليها أقلّ الأعداد المتاحة من طرف مسند الأعداد في الصفحة، وهم يحسبون أنّهم يحسنون بذلك صنعا أو أنّهم يمنّون النفس بإسكات صوت آلى على نفسه أن يقول كلمة يرى أنّها حقّ، منذ أوّل يوم بدأ الكتابة فيه، أي منذ أن كانوا هم بلا وجهة يتّبعون غير الوجهة التي تفرضها عليهم بطونهم أو مصالحهم الضيّقة التي لم تفلح في أن تؤسّس لديهم معرفة الصالح من الطالح أو معرفة الخير من الشرّ أو معرفة العدوّ من الصديق أو معرفة الرّجل من الديوث أو معرفة المروءة من الخسّة والدّناءة!…   والغريب أنّ هذه الملاحظات تكثر ويكثر حاملوها (هي بالفعل حمل يحمله صاحبه لأنّها تدافع عن الباطل) عندما أتصدّى لفساد بيّن أو عندما أنقد فعلا سيّئا أو عندما أتناول سيرة أسيء بذكرها إلى تونس والتونسيين الأحرار!… ما يجعلني كثير الظنّ بأنّها (الملاحظات) عميلة الشرّ في البلاد ومساندة الإفساد فيها، سلّطها عليّ جهل صاحبها وهوانه على الله ثمّ على النّاس!… فإنّي أؤمن إيمانا كاملا بأنّ الذي يدافع عن الباطل ويركب ركاب أصحابه لهو من أقلّ النّاس شأنا عند الله وعند عباده ومن أكثرهم وزرا إلاّ أن يتوب ويتداركه الله برحمته!…   وأخيرا، فاعلم صاحبي وغيرك من المتأذّين من صوتي وحضوري وكتاباتي وكثرة مداخلاتي، أنّني سأواصل على هذه الوتيرة، وربّما سأزيد من نشاطي بإذن الله تعالى، حتّى لا يبقى من أمثالكم قادر على مساندة الباطل أو متجرّئ على التجنّي على كلماتي وكلمات غيري من الصادقين المناصرين للحقّ وأهله ممّن يلاقون ما ألاقي، وهم من فضل الله كثر وفيهم وفي كثرتهم عزائي … وقولوا ما شئتم فإنّكم لن تكونوا أجرأ على الشرّ ممّن ألهمكم الدّفاع عنه!… ولكنّي أظلّ شديد الحزن على مصيركم… كثير الضيق بوجودكم… وأراني مشفقا على أحذيتكم، فما كان لها أن تكون دونكم لولا عجمة منعتها من أن تلبسكم!..      هذا وأعتذر في النهاية لمن يتمنّى عليّ عدم الردّ على أمثال هؤلاء!.. ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم… ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (*): خفافيش الظلام لأنّهم يعلّقون بأسماء مستعارة أو بكُنية، وقد كنت ممّن دافع عن وجود الأسماء المستعارة، ولكنّي لمّا دافعت كنت أدافع عن الاستعارة التي يأتي منها الخير وضربت أمثلة رامزة إليها!.. فحسبنا الله ونعم الوكيل…

السياسة والدين: معضلتنا الحداثية (2 من 2)


احميدة النيفر (*) إذا نظرنا إلى المشهد العربي، من عَلٍ، لم نتردد في القول بأن الظاهرة الإسلامية أصبحت حاضرة بصورة لافتة, قد تختلف تسميتنا لها، كما تتباين التقديرات الساعية إلى تحديد جذورها ومن ثم آمادها وكيفية التعامل معها، لكن حضورها الواسع أصبح محل اتفاق, إنها العودة القوية للخطاب الديني في الساحة العربية لجيل أو جيلين قادمين على الأقل، ذلك ما ينتهي إليه النظر العام للواقع العربي والذي لا يرى في تحولات الساحة الدولية إلا مؤشرات داعمة لهذا التوصيف. لكن هل هذا يعني أن «المياه عائدة إلى مجاريها» وأن ما حصل للعالم العربي في «غفلة من الزمن»، كما يرى البعض، من قطع مع الفكر الديني والقيم الإسلامية وإلغاء للحضور الدولي للأمة هو مجرد استطراد تاريخي سيتم إغلاق قوسيه اللذين فتحهما تيار التحديث الجارف؟ هل مشروع الحداثة العربية وما سعت إليه من فكر تجديدي أصبح كالأمس الدابر الذي كنسه أو سيكنسه خطاب الهوية الدينية المنتصر والقادر وحده على تقديم مشروع عربي متميز عزّ على الآخرين تحقيقه؟ أيدل هذا الوضع الغالب على أن الإسلاميين أصبحوا يمتلكون بدائل فكرية ورؤية حضارية تخوّل لهم فاعلية على المستوى الإنساني, أم أن مسعاهم لن يحقق سوى إصلاح جزئي لأنه مفتقد لجملة من الأبعاد من أهمها البعد الروحي الذي يطالب به الإنسان المعاصر استعادةً لثقته في ذاته ومصيره؟ ما يدعو إلى هذه التساؤلات هو الحرص على تجاوز التوصيف المقتصر على نظرة انطباعية تعميمية للظاهرة الدينية في العالم العربي, وهو في ذات الوقت تعبير عن قدر من الثقة والاهتمام بمستقبلها, إنه رهان ينطلق من ضرورة تشخيص موضوعي لطبيعة الظاهرة وتحديد خصوصياتها بالنسبة إلى ما سبقها من حراك باسم الإصلاح الديني الذي عرفه العالم العربي منذ أن وعت نخبة بتخلف المسلمين. نحن محتاجون إلى تجاوز هذه النظرة التعميمية للظاهرة الإسلامية الحالية والتي تكتسي طابعاً رد-فعلي في الأعم الغالب, لذلك فإن المطلوب هو النظر عن كثب إلى مختلف تشكلات الظاهرة مع ضرورة تحقيقها بالمقارنة بين مختلف أطوارها, مثل هذا التمشي سيجعلنا ندرك أننا أمام ظاهرة مختلفة في طبيعتها عما وقع تداوله منذ قرنين من الزمن من جهة وأنها مركبة من جهة ثانية. حين نقرأ مثلاً ما صرح به عبدالمنعم أبو الفتوح عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين في مصر خلال ندوة عن «مفهوم الحكومة المدنية لدى جماعة الإخوان المسلمين» نلمس فعلا أننا أمام رؤية غير نمطية لكنها لافتة للنظر, من بين ما جاء في ذلك التصريح قوله: «الإسلام القادم من بلاد البدو والذي وفد إلى مصر بعد تغييب الإخوان في السجون والمعتقلات جاء بأفكار وآراء غريبة تخالف روح الإسلام الباحث عن العدالة والحرية والمساواة، فلخص الإسلام في مظاهر كاذبة وخاض حربا من أجل جلباب قصير وقصص لا قيمة لها, متناسيا القضايا الكبرى». أضاف بعد ذلك القيادي الإسلامي أنه لا عقاب في الدين على «عدم تحجب» المرأة, وأن التشديد على هذه الأمور ربّى النفاق وأدى إلى التطرف منوها بأن الإسلام يصدر من القلب ولا يقتصر على المظاهر. لو قارنا هذا بما يكتب وما ينشر في المواقع الإلكترونية, أو ما يعلن عنه من مواقف سياسية واجتماعية مغايرة, لأدركنا بيسر أن الظاهرة الدينية مركبة, وهي لذلك حَرِيَّة بالدرس والتمحيص. حين نقرأ ما يكتبه جامعيون إسلاميون معاصرون عن قضايا الإيمان والعقيدة, وعن خصائص التصور الديني ثم نقارنه بالدلالات القرآنية لمسالك التوحيد كما قدمتها النماذج النبوية المختلفة, فلن نتردد في القول إن هناك بيننا من يعتقد إلى اليوم بوجود الفرقة الناجية, مقابل هؤلاء تطالعك أعمال مفكرين وكتاب من الداخل الثقافي الإسلامي بل ومن خارجه تعمل على إنتاج خطابات تاريخية واجتماعية باسم الإسلام تستند إلى مناهج حديثة ترى أنها الأقدر على تأسيس وعي معاصر يتحمّل به الإنسان أمانة التفكير الحر المبدع. مظهر ثالث من مظاهر هذا التداخل المركب تقف عليه حين تتابع المادة الإعلامية القادمة من أفغانستان وجارتها باكستان وما يكتنف أعمال المنتسبين إلى الظاهرة الإسلامية هناك من حرص موصول لا يفتر لمواجهة الغرب بكل الوسائل لما انتهوا إليه من أنه مصدر الفساد والدمار وكل الشرور. كل هذا التنوع المتداخل يؤكد ما يذهب إليه أكثر من متابع عندما يلح في السؤال عن الوجهة التي سيتخذها العالم العربي الإسلامي في هذا القرن بقوله: «أي مستقبل للإسلام؟». هذا ما دفع إحدى دور النشر العربية المعروفة بجديتها والتزامها إلى تخصيص كتاب في السنة الماضية عن «مستقبل الإسلام في الغرب والشرق… واحتمالات العلمنة والتدين», شارك في الكتاب مسلمان, كان الأول ينعى على المتشبثين من المسلمين بعالم من التصورات والفهوم والقيم التي لا تسهم في إنتاج الحداثة ويرى أن المستقبل في القراءة التاريخية والمقاصدية للنص القرآني. مقابل هذا يجيب المسلم الثاني أن هذا السعي لإدراك مستقبل الإسلام لا ينبغي أن يسقط في حتمية التطور على نمط الأنوار وما تلاها من مذهبية مادية ولا على ما عرفه الفكر الغربي في علاقته بالمؤسسة الكنسية. ما يرفضه هذا المسلم هو تمثل الحداثة بمنهج أسطوري-وثني أي إيديولوجي, وهو لذلك يعلن عن تفاؤله بمستقبل الإسلام مَصوغ بصيغة مختلفة عن تفاؤل محاوره, إنه يرى أن العودة إلى الدين ستكون من خلال عالم العقل المعاصر مما يجعل الإسلام أكثر الأديان انتفاعاً من هذه الفرصة التي يتيحها القرن الحادي والعشرون, يضيف إلى ذلك أنه لا شيء يجعل مستقبل الإسلام في العالم مجهولاً أكثر من العنف الذي يمارس ضد الأبرياء باسم الإسلام، في حين أن القرآن والسنة لا يسمحان إلا بالدفاع المشروع. ما يبرز من وراء هذه الحركية الضخمة وهذا التباين الفكري الذي يميز عالم العرب في تعاملهم مع الظاهرة الدينية هو عدم الوصول إلى اتفاق على إدارة الخلاف حول جملة من القضايا المصيرية في مقدمتها قضية الحداثة. من هنا يمكن أن تتضح طبيعة الظاهرة الدينية في تشكلها المعاصر ومنها تتجلى قدرتها على الفاعلية الحضارية, لذلك فإن من أهم الأسئلة التي ينبغي أن تقع الإجابة عنها هي: هل الحداثة مسايرة لنمط عيش غربي واقتباس لقيمه وفهم واستيعاب لعقليته أم أنها ليست تقليداً وأمراً معطى, بل هي اكتساب ناتج عن صراع فكري وحضاري بين القوى المتعددة في كل مجتمع وضمن كل ثقافة؟ هل هناك حداثة واحدة أم أن الحداثة الغربية هي نموذج من نماذج عديدة من الحداثات التي ينبغي لكل ثقافة أن تصل إليها بصراعها التاريخي بين قواها الداخلية؟ انطلاقاً من هذه القضية المركزية يمكن أن يظهر حوار ثقافي عربي شامل يعاد فيه ترتيب المنظومة الفكرية والثقافية بحيث تتمكن من فاعلية وتطابق مع الحضارة العالمية, من ثم تتحول البنية المركبة للظاهرة الدينية إلى آلية تفاعل بناء يعيد صياغة التناقضات الداخلية ليجعلها ثراء يتيح للمجتمع العربي أن يستعيد زمام المبادرة التاريخية والمشاركة الإيجابية في الحضارة أي تمثلها وفق متطلبات تحقيق الذاتية. (*) كاتب من تونس (المصدر: « العرب » (يومية – قطر) بتاريخ 5 نوفمبر 2009)

باراك أوباما: الجبهات المشتعلة


العجمي الوريمي (*) تطالعنا عمليات سبر الآراء كل أسبوع، بآخر النسب في ارتفاع أو انخفاض شعبية بعض الرؤساء ورؤساء الحكومات وزعماء المعارضة، فبين موعد انتخابي وموعد آخر يكون المؤشر الوحيد لشعبية الحكام ومعارضيهم هو استطلاعات الرأي، وهو تقليد ليس بدارج ولا هو راسخ في عاداتنا السياسية ولكنه في البلدان الديمقراطية والغربية بالتحديد مقياس لا تقاس به شعبية النجوم فقط بل سلامة القرارات والتوجهات والإصلاحات خاصة ما له صلة مباشرة بحياة الناس كالتشغيل أو التعليم أو التأمين الصحي.. وما له صلة بسياسة الدولة ومستقبل النظام مثل قرار الحرب أو اتفاقيات الوحدة أو المفاجآت الانقلابية في البلدان التي يعاجلها الفراغ السياسي أو التي لم تتضح فيها ولم تقنن أو لم تحترم قواعد وآليات وترتيبات تأمين الانتقال السلمي للحكم. ومن هذا حالها فغالبا ما تكون فيها السلطات متداخلة والعلاقات متشابكة والمصالح معقدة. وما معضلة التوريث إلا المظهر الخارجي لتلك التعقيدات. في البلدان الديمقراطية وأياً كانت حدة الأزمة السياسية فإن الانتخابات لا يمكن أن تأتي إلا بمن حاز ثقة أغلبية الناخبين لحظة الانتخاب ذاتها، فاتجاهات الرأي العام يمكن أن يؤثر فيها أو يعدل منها حادث عرضي أو خطاب في ختام الحملة الانتخابية أو مناظرة بين المتنافسين. إن الانتخابات تحتفظ بمفاجآتها وقد تأتي مخالفة لاستطلاعات الرأي ولكنها غالبا ما تكون مطابقة لها أو قريبة منها إذا ما أنجزت بدقة وصرامة ومهنية. وخلال العقود الأخيرة لم يحظ زعيم سياسي من الاهتمام الإعلامي العالمي ومن الحماسة والاستبشار بما حظي به الرئيس الأميركي من أصل إفريقي المرشح الديمقراطي باراك أوباما، فهو على التحقيق ظاهرة لافتة «ملأت الدنيا وشغلت الناس» ولعل ذلك ما جعل هيئة جائزة نوبل تمنحه جائزتها للسلام على الحساب قبل أن يشرع في تنفيذ برنامجه ووعوده. فهي جائزة بحجم الانتظارات من الرئيس الشاب وبحسب ما أظهره من أسلوب جديد أشاع التفاؤل والأمل. إن أوباما نظريا كما يصفه الإعلام الغربي هو الرجل الأقوى في العالم، ولا يتعلق الأمر بشخصه وإنما بموقعه على رأس أقوى دولة من الناحية العسكرية والاقتصادية والعلمية والتقنية.. بما يعني أن نجاحه في إدارة أزمات العالم العويصة أو فشله سينعكس على كامل البشرية أو على أقسام منها غير هينة لما يوجد من ترابط وتأثير متبادل بين قضايا شعوب الأرض قاطبة ويبدو أن من بين العوامل التي أعطت أوباما تلك الشعبية في الغرب وحتى في بعض بلدان العالم الثالث التقاطع بين بعض أولوياته وأولوياتهم وهو ما لا يبدو أنه حاصل بيننا وبينه رغم الخطابات التي توجه بها إلى العرب والمسلمين معلنا فيها رغبته في التعاون وفتح صفحة جديدة في العلاقات الأميركية مع العالم الإسلامي مبديا تفهما لهموم أمتنا. ولكن هل حقاً تتكلم شعوبنا وأوباما نفس اللغة وعلى نفس الموجة أم أن الكلمات في خطابنا وخطابه ليس لها نفس المدلول بما يجعل آمالنا في محو آثار مرحلة بوش الكارثية وهماً يحسن بنا أن نتخلص منه حتى وإن تسلحنا بالإيمان والتفاؤل وحسن النية والتزمنا بالواقعية والبراغماتية ومراعاة المصالح المشتركة؟ لقد استقبل المثقفون العرب وأبرز الأقلام الصحافية والكتاب عهد أوباما ووعوده بكثير من الشك والحذر ومنهم من هو مختص في السياسة الدولية وله معرفة بتفاصيل أوضاع المنطقة وبتاريخ العلاقات الأميركية العربية الإسلامية وبطبيعة المؤسسات الأميركية والسياسة الخارجية للولايات المتحدة رغم أن أي مواطن عربي وأي مسلم يمكن أن يعطيك رأيه في الإدارة الأميركية وكيفية تعاطيها مع القضايا العربية ومع الصراع العربي الإسرائيلي. والملاحظ أن حالة الشك والحذر لم تخفت ولم تتبدد حتى بعد أن استقر ساكن البيت الأبيض في منصبه وأخذ من الوقت ما يكفي للإمساك بالملفات العاجلة والعالقة كالملف الأفغاني والعراقي والفلسطيني والإيراني. حتى إن المفكر والباحث الفلسطيني منير شفيق الذي سبق أن كتب مقالات عديدة عن أوباما يذكر في مقال بداية هذا الشهر أن مشروع أوباما-ميتشل للتسوية هو «مشروع تصفوي للقضية الفلسطينية بكل ما تحمله الكلمة من معنى» كما أن المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران قد شكك في صدق نوايا الإدارة الأميركية من وراء دعوتها إلى الحوار المباشر مع إيران إذ ذكر هو الآخر في خطاب بمناسبة الذكرى الـ 30 لاحتجاز الطلبة الإيرانيين لموظفي السفارة الأميركية في طهران أن إيران ترفض أية مفاوضات تكون مفروضة النتائج سلفا معتبرا أن حوارا كهذا يشبه علاقة قوة بين الذئب والحمل. أما الملف الذي أثار حفيظة المسلمين من خطاب أوباما حتى قبل فوزه بالرئاسة فهو وعده بزيادة القوات الأميركية في أفغانستان بما يدل على أنه أخذ مسافة من سياسة سلفه في العراق ولو إلى حين وأمعن فيها في أفغانستان إلى أجل غير معلوم وبكلفة غير مقدرة. إن الدبلوماسية الأميركية جد نشطة وهي تتحرك بكامل ثقلها على كل المحاور والجبهات ولكنها لا تحقق تقدما يذكر وهي كما قال عنها وزير الخارجية السوري وليد المعلم تعود بعد كل جولة في المنطقة بمعطيات منقوصة أي لا تكفي للمساعدة في إيجاد الحلول لأنها لا تستمع إلى كل الأطراف ولا تقف من كل منها على نفس المسافة. إن ميتشل الديناميكي البشوش الذي يوزع الابتسامات بلا حساب لا يختلف كثيرا عن ديفيد وولش الهادئ المتكتم ذي النظرة الماكرة، فكل منهما متحيز إلى إسرائيل يضغط باتجاه التطبيع ويحشد المعارضة ضد حماس وينصت أو يملي تعليماته على معسكر الاعتدال العربي ويتجاهل أو يلوح بالتهديد لمحور الممانعة. منذ أسابيع كتبت شخصية أمنية مرموقة في دولة إقليمية ذات ثقل في المنطقة مقالا بإحدى الصحف الأميركية دعت فيه إلى تجاوز الخلافات وتنسيق الجهود في محاربة الإرهاب، وقد بدا للوهلة الأولى وكأنها تعبر عن أمنية في حين أنها على الأرجح تلمح إلى طور جديد من الفوضى الخلاقة على عهد باراك أوباما يمتد مسرحها من الصحراء الكبرى إلى آسيا الوسطى توزع فيها الأدوار بإحكام وتنشط فيها الدبلوماسية السرية لحلحلة الأوضاع، ولم لا تصفية القضايا، إذ سرعان ما دوت الانفجارات في بغداد وكابل وبيشاور وغيرها وأعلن الجيش الباكستاني خطة الهجوم الشامل على منطقة وزيرستان. وعد أوباما بإغلاق معسكر غوانتانامو والتحقيق في جرائم التعذيب وكشف الغطاء عن السجون السرية والدفع بالعملية السياسية في العراق إلى أقصى مداها وجلب الإسرائيليين والفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات.. ولكن يبدو أنه نسي أن ما تورطت فيه أميركا وجعل سمعتها في الحضيض وغذى مشاعر الكراهية تجاهها كان منطلقه غزو أفغانستان والانحياز اللامشروط لإسرائيل وعلى صعيد هذين الملفين لا تزال الإدارة الأميركية بعيدة عن تحقيق معادلة العدالة والسلام والمصلحة المشتركة. إن شعبية أوباما يمكن أن تتراجع داخل أميركا بسبب إصلاح النظام الصحي ولكن صورته وكامل مصداقيته يمكن أن تذهب بها الجبهات المشتعلة والمظالم المستمرة. إن ظاهرة أوباما قد يكون لها حظ في البقاء لكنها بكل تأكيد في سباق مع الزمن وفي حاجة إلى تعديل الاتجاه بعد أن تميزت بجدة الأسلوب. (*) كاتب من تونس (المصدر: « العرب » (يومية – قطر) بتاريخ 9 نوفمبر 2009)

هزيمة إدارة أوباما في معركة الاستيطان


توفيق المديني

الرئيس باراك أوباما في تناوله للصراع الفلسطيني- الاسرائيلي بدأ بالضغط على نتنياهو لإيقاف المستوطنات تمهيداً للتفاوض مع الفلسطينيين، لكنه اكتشف لاحقاً حدود قدرته في ممارسة الضغوط على نتنياهو، ليس بقوة اللوبي الاسرائيلي وكون الكونغرس الأمريكي صهيونياً أكثر من نتنياهو فحسب، بل لأن النظام الرسمي العربي والسلطة الفلسطينية لم ينهجا سياسة صلبة تدافع عن حقوقهم المشروعة بالشكل الصحيح.‏ وهكذا عجز أوباما عن ممارسة الضغوطات على اسرائيل من أجل إرغامها على وقف الاستيطان، وعاد يجرجر أذيال الهزيمة من معركة الاستيطان التي خسرها على مذبح حكومة نتنياهو الفاشية الموغلة في ذهابها بعيداً لجهة تكريس وقائعها الاحتلالية والتهويدية للضفة الغربية والقدس، الأمر الذي نجم عنه خيبة أمل كبرى قد تصل إلى حد الهزيمة.‏ ففي مواجهة هذا التوتر المستمر الداخلي والخارجي الذي يلوح في الأفق انتقلت السياسة الخارجية للرئيس أوباما من البحث الجدي عن بلورة خطة لتسوية الصراع الفلسطيني-الاسرائيلي، كان من المفترض أن يطرحها في الخطاب الذي ألقاه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ(64)، إلى التسليم بالأمر الواقع فيما يتعلق بالاستيطان.‏ وهذا ما أكدته جولة وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون لمنطقة الشرق الأوسط بمفهومها الأميركي الواسع، والتي تمتد من باكستان شرقاً إلى المغرب غرباً، لتقضي على ما تبقى من الصورة الوردية التي عملت ادارة الرئيس الأميركي باراك أوباما على إظهارها منذ أن استلمت مقاليد السلطة في الولايات المتحدة مع بداية عام 2009، ومن خلال الخطب الكبيرة التي ألقاها أوباما في اسطنبول وجامعة القاهرة، تلك الصورة الوردية التي تقول إن عهداً جديداً قد بدأ بين الولايات المتحدة والعالم العربي والاسلامي، يقوم على الاحترام المتبادل.‏ فها هي وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون تطلق تصريحاتها في اسرائيل التي تطالب الفلسطينيين بضرورة العودة إلى طاولة التفاوض مع حكومة نتنياهو من دون شروط مسبقة، وهو ما يعني التنازل عن شرط وقف الاستيطان الاسرائيلي في الضفة الغربية، ذلك الشرط الذي كانت الادارة الأميركية قد وضعته في بداية تحركها لاستعادة المفاوضات بين السلطة الفلسطينية والحكومة الاسرائيلية حول قضايا القدس والحدود واللاجئين والمياه والأمن والمستوطنات وهي قضايا فلسطينية حساسة.‏ لقد جاءت تصريحات هيلاري كلينتون لتؤكد أن ادارة أوباما رضخت للضغوط الاسرائيلية المضادة للتنازل عن شرط وقف الاستيطان، وهو ما يعني أن مرحلة جديدة بدأت قوامها ممارسة ضغوط شديدة على الفلسطينيين والعرب لدفعهم بالقبول برؤية الحكومة الاسرائيلية لاستئناف ما يسمى عملية التفاوض حول قضايا الحل النهائي، في الوقت الذي تستمر فيه هذه الحكومة الفاشية من تصعيد حملتها العدوانية لتهويد القدس، غير آبهة بالضغوط الأميركية التي لم تمارس أصلاً بالشكل الجدي والمطلوب.‏ علماً أن «مؤسسة المقدسي» الفلسطينية حذرت من مخطط وضعته بلدية الاحتلال الاسرائيلي في القدس لهدم 35 منزلاً فلسطينياً في شرقي المدينة المحتلة خلال الأيام المقبلة بزعم عدم الترخيص والبناء غير القانوني. وأشارت المؤسسة إلى أنها حصلت على وثيقة تم تسريبها من داخل البلدية الاسرائيلية تبين عدد المنازل الفلسطينية التي ستقوم بهدمها خلال الأيام المقبلة، مشيرة إلى أن المنازل المهددة بالهدم تقع في أحياء البلدة القديمة والثوري وبيت حنينا وجبل المكبر وأم ليسون وصور باهر ووادي الجوز وبلدة سلون وبلدة العيسوية ورأس العمود. وأضافت أن الوثيقة تشير إلى أن البلدية تعتزم هدم ما يزيد عن ستين منزلاً فلسطينياً في مدينة القدس حتى نهاية العام الحالي.‏ المحللون العرب المتابعون لقضايا الصراع العربي -الصهيوني يعتبرون أن ادارة الرئيس الأميركي باراك أوباما فقدت دورها كوسيط عقب التحول في موقفها إزاء نقطة تجميد الاستيطان، وخيبت آمال العديد من الفلسطينيين والعرب الذين كانوا يريدون أن تتخذ موقفاً حازماً من الاستيطان وتساهم في تحسين العلاقات مع العالم الاسلامي. وستعمد الادارة الأميركية إلى زيادة ضغوطها على الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي رفض الموقف الأميركي الجديد والذي يواجه مأزقاً حقيقياً في هذا السياق.‏ وعندما حضرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون (منتدى المستقبل) الذي عقد مؤخراً في مدينة مراكش المغربية، حاولت طمأنة العرب بعد أن أثارت غضبهم في نهاية الاسبوع الماضي من خلال تأييدها اقتراح رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الحد من الاستيطان.‏ ورغم تأكيد كلينتون أن الادارة الأميركية لا تزال تعارض الاستيطان معارضة تامة، فإن آرون ديفيد ميلر الذي كان مستشاراً لمفاوضات السلام في الشرق الأوسط في الادارات الأميركية السابقة يخالفها الرأي هذا، إذ صرح لوكالة (فرانس برس) أن (نتنياهو تفوق بمواقفه البارعة. لقد كسب مودة اليهود الأميركيين والادارة الأميركية) وقال المحلل في مركز (وودرو ميلسن انترناشونال سنتر فور سكولارز) في واشنطن إن نتنياهو وضع الرئيس الفلسطيني محمود عباس (في موقف دفاعي وقال لا لدولة عظمى من دون أي عواقب).‏ الرئيس الأميركي باراك أوباما يكرر التجربة عينها التي سلكها سلفه الرئيس جورج بوش عندما دعا إلى عقد (اجتماع دولي) في تشرين الثاني 2007 لتفعيل مسيرة التسوية في منطقة الشرق، ولكن المخفي كان أعظم من المعلن. فالسلطة الفلسطينية تعلم أن لا خيار أمامها للبقاء سوى المفاوضات. لأن اسرائيل أوقفت عملياً المفاوضات منذ عام 2000 فإنه لا معنى للحديث عن بقاء السلطة من دون مفاوضات، هذا حتى من دون الاشارة إلى الدور الذي لعبته سيطرة حماس على القطاع.‏ ورغم الحديث الفضفاض عن الحل الشامل فإن السلطة الفلسطينية لم تستفد من درس (أوسلو). فعلى مدار سنوات التفاوض الفلسطيني -الاسرائيلي منذ مؤتمر مدريد في خريف 1991 كانت الانتقادات الموجهة للسلطة الفلسطينية التي قامت على أساس اتفاقيات أوسلو وتوابعها أنها تخلت عن المقاومة بأنماطها عموماً، ووضعت السلاح جانباً. ولهذا السبب لم تحصد السلطة الفلسطينية التي كان ظهرها إلى الحائط، وهي تفاوض الكيان الصهيوني، سوى الاخفاق.‏ وتؤكد لنا تجارب حركات التحرر الوطني في العالم الثالث التي تفاوضت مع القوى الكولونيالية أنها التزمت بحكمة المزج الواعي أو المزاوجة بمعايير دقيقة بين العمل الميداني، بالمقاومة المسلحة أو المدنية أو بكلتيهما معاً، بحسب المعطيات الموضوعية، وبين آليات التفاوض السياسي وغير السياسي بلا تهافت أو استضعاف للذات.‏ لاشك أن الرئيس الأميركي باراك أوباما انهزم أمام جذرية وفاشية الموقف الصهيوني الذي يجسده رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو ووزير خارجيته ليبرمان، والحال هذه فهو سينساق مضطراً إلى أجندة نتنياهو التي تركز على المواجهة مع ايران، كغطاء لمساعيها لتصفية القضية الفلسطينية عبر تهويد القدس بالكامل واقتطاع ما تريد من الأراضي الفلسطينية وتجويع غزة والاستمرار في حصارها.‏  كاتب تونسي‏
  (صحيفة الثورة السورية،شؤون سياسية،الثلاثاء 10-11-2009)

حجة مدحوضة على نحو ظاهر


بيان رئيس السلطة الفلسطيني محمود عباس يوم الخميس الماضي بأنه لن يتنافس في الانتخابات القريبة القادمة على الرئاسة، استقبل في القيادة السياسية في القدس باستخفاف. وقال الناطقون الرسميون ان هذا شأن فلسطيني داخلي وان ليس لاسرائيل مصلحة في حمل عباس على التراجع عن قراره. ردود فعل اخرى في اسرائيل تناولت بيان عباس وكأنها حيلة دبلوماسية ترمي الى تشديد الضغط الامريكي على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. الحجة في ان التطورات السياسية في المناطق المحتلة ليست شأنا اسرائيليا هي حجة مدحوضة على نحو ظاهر. حكومة اسرائيل لا تشاهد الاحداث في المناطق من منصة المتفرجين. فمنذ 42 سنة وهي تلعب دورا رئيسا في ساحة الجيران. فشل المسيرة السياسية، هو الذي يعود لقيادة فتح، ساهم في انتصار حماس في الانتخابات التي اجريت في بداية 2006. سيطرتها على البرلمان وعلى حكومة السلطة الفلسطينية ادت الى سقوط قطاع غزة في يد الحركة التي ترفض حق وجود اسرائيل في الوجود. والنتيجة معروفة: وابل من الصواريخ على النقب، حملة ‘رصاص مصبوب’، تقرير غولدستون والهجمة الدبلوماسية على اسرائيل. السلطة الفلسطينية، بقيادة عباس ورئيس الوزراء سلام فياض، نجحت بفرض القانون والنظام في الضفة الغربية. رئيس الوزراء لا يفوت فرصة للثناء على مساهمتهما في الامن وبناء الاقتصاد في المناطق. من يضمن ان يتوفر بدلا من عباس زعيم براغماتي ذو قامة يمكنه ويرغب في ان يمنع سقوط المناطق ـ بما فيها الضفة الغربية ـ في يد حماس؟ حل الدولتين للشعبين، الذي تبناه رئيس الوزراء قبل نحو نصف سنة، يحتاج ايضا الى زعيمين. ليس لاسرائيل شريك فلسطيني افضل من عباس للتسوية السلمية. اذا كان نتنياهو قلقا بالفعل على مستقبل اسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية، فان عليه ان يتخذ على الفور خطوات تثني عباس عن قراره اعتزال الحياة السياسية: تجميد مطلق، حتى ولو كان مؤقتا للمستوطنات؛ الشروع في مفاوضات حثيثة على تسوية دائمة على اساس التفاهمات التي تحققت في الماضي؛ وتسهيلات اضافية على الحياة اليومية في المناطق. بديل الجمود المتواصل وسحب حل التقسيم، الذي يتماثل عباس معه، سيكون مصيبة لاسرائيل. أسرة التحرير هآرتس 8/11/2009 (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم  09 نوفمبر 2009)

عباس إذ يحتج على إسرائيل بمكافأتها


صالح النعامي وفق خطة متفق عليها سلفاً، ركز المتحدثون باسم سلطة رام الله وبعض فصائل منظمة التحرير على الجانب الشخصي في خطاب رئيس السلطة محمود عباس المتمثل في التعبير عن  » رغبته  » في الاستقالة، وذلك من خلال مطالبته بالعدول عن  » رغبته  » غير الصادقة، وتجاوزوا عمداً الحديث عن الاستخلاصات التي كان يتوجب على عباس الولوج إليها بعد تهاوي كل رهاناته على العملية التفاوضية مع الاحتلال حتى استحالت إلى ضرب من ضروب العبث والهزل المدمر. وحرص هؤلاء المرتزقة من المنافقين الذين يجيدون النفخ في كل الأبواق على تصوير عباس كـ  » حامي حمى المشروع الوطني « ، وأنه الوحيد الذي يصلح ليكون رجل المرحلة. ومن أجل حبك فصول المسرحية الهزيلة نظم عناصر الأمن بلباس مدني وبعض المنتفعين مسيرتين باهتتين لمطالبة عباس بالبقاء في منصبه، وذلك بنفس الطريقة العابثة التي يلجأ عليها بعض الحكام العرب عندما يريدون اعطاء الانطباع المضلل بأن الجماهير تلتف حولهم. من هنا فإن قراءة متأنية لخطاب عباس تفضي للإستخلاصات التالية: 1-  يمثل خطاب عباس إقراراً صريحاً لا لبس فيه بفشل برنامجه السياسي القائم على حل القضية الفلسطينية عبر المفاوضات، وهذا ما يضفي بالضرورة صدقية وشرعية على الخيارات الأخرى وعلى رأسها خيار المقاومة الذي سبق لعباس أن وصمه بـ  » الحقير « . فعندما شرعت منظمة التحرير في مسيرة  » أوسلو  » مع إسرائيل كان عدد المستوطنين الذين يقطنون الضفة الغربية وحدها بدون القدس 109 آلاف، والآن بعد 16 عاماً على  » أوسلو  » فإن عدد المستوطنين يبلغ أكثر من 300 ألف مستوطن. وفي ظل موقف إدارة الرئيس أوباما الذي عبرت عنه وزيرة الخارجية هيلاري كلنتون والذي أكدت فيه أن تجميد الاستيطان ليس شرطاً للشروع في المفاوضات، فإن هذا يعني إن إسرائيل ستواصل توظيف المفاوضات كمظلة لاستكمال المشاريع الإستيطانية والتهويدية حتى لا يعود هناك أرض يتم التفاوض بشأنها. 2-  هدف خطاب عباس الضغط على الإدارة الأمريكية لتغيير موقفها من الإستيطان ولدفع أوباما لتقليص مظاهر تحيزه لحكومة نتنياهو. ومن الواضح أن هذا الرهان في غير محله، ويتجاهل حقيقة الحراك الداخلي الأمريكي. فبعد عدة أشهر ستجرى انتخابات لاختيار جميع أعضاء مجلس النواب وثلث أعضاء مجلس الشيوخ، ويسعى أوباما لضمان وصول أكبر عدد من الديموقراطيين للمجلسين، حتى لا تستحيل حياته السياسية إلى جحيم في حال استعاد الجمهوريون أغلبيتهم في المجلسين. وبعد أن فاجأ الجمهوريون الجميع مؤخراً عندما فازوا في الانتخابات التي جرت لاختيار عدد من حكام الولايات، فإن أوباما بات يخرج عن طوره لاسترضاء اللوبي اليهودي حتى لا يتحقق السيناريو الذي يفزع منه الديموقراطيون. من هنا فإنه من السذاجة بمكان أن يتوقع أحد أن يمارس أوباما أي ضغط على نتنياهو لدفعه لتجميد الاستيطان، مع العلم أن نتنياهو أثبت قدرة على تحدي أوباما وإدارته. 3-  أن الرد على السلوك الأمريكي والإسرائيلي لا ينحصر بالتعبير عن الرغبة بالإستقالة حتى لو كانت هذه الرغبة صادقة، وهي غير ذلك. أن أحداً لا يتوقع من أبو مازن أن يدعو للعودة إلى خيار المقاومة المسلحة ضد إسرائيل، لكن في المقابل لا يمكن تفهم أن يعبر عباس عن خيبة أمله من السلوك الإسرائيلي وفي ذات الوقت يواصل تقديم الخدمات المجانية لحكومة نتنياهو ممثلة في مطاردة المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية واعتقال كل من يرتبط بحركات المقاومة، مع العلم أن الإعتقالات غير مرتبطة بالإنقسام الداخلي. فإلى جانب قادة ونشطاء حماس، فإن أجهزة عباس تعتقل وتعذب قادة وعناصر  » الجهاد الإسلامي « ، وسبق لها أن فككت المجموعات المسلحة التابعة لـ  » كتائب شهداء الأقصى « ، واشتبكت مع  » كتائب أبو علي مصطفى « ، وغضت الطرف عن قيام إسرائيل باقتحام أريحا واعتقال أمين عام الجبهة الشعبية أحمد سعدات من سجنه  وعدد من رفاقه. أن من المسلمات البديهية أن يتمثل الرد على سلوك إسرائيل والولايات المتحدة في وقف التنسيق الأمني مع قوات الاحتلال، ودعم صمود المواطنين الفلسطينيين على أرضهم، لا أن تتخلى سلطة رام الله عن هذه المسؤولية كما أتهمها بذلك القيادي في حركة فتح حاتم عبد القادر، مسؤول ملف القدس سابقاً في حكومة فياض، الذي استقال من منصبه تعبيراً عن احتجاجه على تواطؤ حكومة فياض مع ما تقوم به إسرائيل من جرائم في القدس. 4-  يقتضي الرد على السلوك الإسرائيلي الأمريكي العمل على انهاء الإنقسام الداخلي. ومن المضحك المبكي أن أحد الأسباب التي تعيق التوصل لاتفاق وطني هو إصرار عباس على ضرورة أن تلتزم أي حكومة فلسطينية بشروط اللجنة الرباعية سيئة الذكر، وهي: الاعتراف بإسرائيل ونبذ المقاومة بوصفها إرهاباً، والإلتزام بالإتفاقيات الموقعة بين إسرائيل، فهل يمكن تصديق  » غضبة  » عباس المفتعلة في الوقت الذي يعلن تشبثه بهذه الشروط. أن من يتشبث بهذه الشروط يكافئ في الحقيقة إسرائيل على تطرفها. بكل تأكيد أن حركة حماس مطالبة بخطوات مماثلة لإنجاح الحوار، لكن يتوجب على عباس أولاً تصحيح موقفه من الحوار والمصالحة. 5-  حتى لو كان عباس صادقاً في عدم ترشيح نفسه، فإن هذا لا يعني أنه سيتخلى عن المنصب، لأنه يعي أنه من المستحيل إجراء الانتخابات وفق المرسوم الذي أصدره، وبالتالي فهو سيقى رئيساً للسلطة بحكم الأمر الواقع حتى يتسنى إجراء الانتخابات إثر التوصل لتوافق وطني، وهذا احتمال يبدو بعيد المنال في الظروف الحالية. 6-  من أسف فإن عباس يحاول أن يعطي الإنطباع بأنه زاهد في السلطة، وهذا يتناقض تماماً مع سلوكه الذي يدلل على أنه يمكن أن يذهب بعيداً من أجل الاحتفاظ بكرسيه الهزيل. فكل من تابع أحدات المؤتمر العام السادس لحركة  » فتح  » والخطوات التي أقدم عليها عباس من أجل تكريس نفسه كزعيم أوحد للحركة، وضربه بعرض الحائط ميثاق منظمة التحرير عندما عقد المجلس الوطني لإستكمال أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بدون تحقق النصاب القانوني، كل ذلك يدلل على استلابه للكرسي. بإمكان عباس مخالفة كل هذه التوقعات السوداوية آنفة الذكر بإسدال الستار على خيار المفاوضات المدمر للقضية الوطنية، ومصارحة شعبه بالحقيقة والاعتراف بالأخطاء القاتلة التي وقع فيها في سبيل نهجه المدمر، ومحاولة معالجة هذه الأخطاء أو على الأقل تقليص تداعياتها، وعلى رأس ذلك انجازمصالحة وطنية شاملة.   طالع بقية المقالات على موقع صالح النعاميwww.naamy.net   بريد الكتروني Saleh1000@hotmail.com هاتف : 00970599404726

الحروب السعودية: من الخفجي الى جبل دخان


د.مضاوي الرشيد في عام 1990 احتل الجيش العراقي منطقة الخفجي فاستنجدت السعودية باكثر من 500 الف جندي امريكي. وطعمتهم ببعض العناصر الغربية والعربية. وفي عام 2009 دخلت القوات الحوثية جبل دخان بسرعة خاطفة فردت السعودية بقصف للشريط الحدودي مع اليمن. وبما ان الحرب لا تزال في ايامها الاولى فمن الصعب التكهن بتطورها ونهايتها. دخلت السعودية في سجال طويل مع مجتمعها. وانقسم الرأي حول الاستراتيجية السعودية في مرحلة غزو صدام عام 1991 بعد ان قطع النظام السعودي الطريق على دعوات صدرت من الداخل مطالبة باعطائها الفرصة في الدفاع عن الارض السعودية المحتلة خاصة التي تقدم بها بن لادن والجهاديون العائدون من افغانستان. ولم يكن بامكانها ان تستنجد بهؤلاء خاصة وان ذلك سيكسبهم شرعية على ارض السعودية. فآثرت الاعتماد على جيش من المرتزقة سواء العالمية اوالاقليمية والذي ادى الى تداعيات لا تزال السعودية تعاني منها ومن حالة الانقسام الذي رسخته في اطياف المجتمع وفعالياته. ان اي دولة تستنجد بقوى خارجية في حال تعرضها لعدوان خارجي لا بد ان تسخر شيئا من سيادتها وتنهك ميزانيتها وتدخل في علاقات خارجية تفرضها مرحلة الاستعانة بقوى خارجية. ولنا في تاريخ بريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية عندما استعانت بالقوة الامريكية لقهر المد النازي وصواريخه التي طالت مدنها عبرة. حيث انها لم تستطع التملص من تبعيات تلك المرحلة حتى اليوم. ولكن السعودية لا تعتبر ولا تتعلم دروسا من تجارب الدول وتاريخها وهي حتى هذه اللحظة تفضل ان تبقى محمية من قوة خارجية على ان تبني قوة محلية تحمي حدودها لاسباب كثيرة لا مجال لتعدادها هنا. اما اليوم فنحن بصدد وضع جديد حيث انها استعرضت عضلاتها وطائراتها المستوردة في الشريط الحدودي اليمني مما يجعلنا نطرح عدة اسئلة عن مغزى الاستراتيجية السعودية الجديدة هذه. تدخل اليوم السعودية مرحلة الحرب بالوكالة. فالولايات المتحدة مشغولة بورطتها الافغانية وربما آثرت الادارة الامريكية ان تنأى بنفسها عن التدخل المباشر في الحرب الحوثية اليمنية طالما ظلت هذه الحرب تطبخ على نار خفيفة فوجدت في السعودية خير أداة تنفذ المهمة. اما من جهة السعودية فهذه الحرب الدائرة في اقصى الجنوب الغربي فرصة ذهبية لضرب عدة عصافير بحجر واحد. اولا: الدخول في صراع محلي له ابعاد اقليمية تتعلق بعلاقة السعودية مع ايران المتهمة بالوقوف خلف التمرد الحوثي رغم انه من المؤكد وجود اطراف عربية قد تكون هي ايضا منخرطة في هذا الصراع ومن مصلحتها فتح جبهة على الحدود السعودية. لا تستطيع السعودية وحدها توجيه ضربة مباشرة الى ايران منافستها الوحيدة في المنطقة وتكتفي بدبلوماسية الضغط على واشنطن وتأمل ان تتصدر هذه وحليفتها اسرائيل مشروع تحجيم ايران في العالم العربي. وبعد فشل هذه الدبلوماسية السعودية نجدها مضطرة لان تتخذ قرارات بضرب المنطقة الحدودية مع اليمن مباشرة تحت ذريعة الدفاع عن ارضها. ثانيا: اكثر من اي وقت مضى تحتاج السعودية الى لفت انتباه شعبها الى عدو خارجي تصوره على انه يهددها في مرحلة تعاني السعودية من حالة غموض حول مصير قيادتها ومعارك هذه القيادة الداخلية وتأثيرها على الحكم. فملكها تجاوز عمره الثمانين وولي عهدها غائب منذ اكثر من سنة وامراء الوزارات المهمة ينتظرون توريث ابنائهم الذين يتصدرون ادارة هذه الوزارات تحت مظلة ابائهم وكلهم دخلوا مرحلة الشيخوخة المتأخرة. والصراع محتدم بين الجيل الثاني، آخره ما ذكرته انباء خارجية عن محاولات انقلابية تم على خلفيتها تغيير بعض الشخصيات التي يعتقد انها تورطت في هذه العملية. وبين الحين والآخر يستقيل امير من منصبه ويعين ابنه مكانه وآخرها استقالة المسؤول عن شؤون البلديات وتعيين ابنه مكانه. ورغم آليات استحدثت لمأسسة موضوع القيادة على اعلى مستوى الا اننا نجد هذه المؤسسات مجمدة وغير قادرة على احتواء التطاحن الحالي. فجاءت الحرب على الحوثيين لتسدل ستارا عازلا تختبئ خلفه هذه الصراعات الداخلية وتجيش الجميع لتجميد خلافاتهم في سبيل الدفاع عن ارض الوطن. وثالثا: ومنذ التصارع الحوثي ـ اليمني نجد السعودية واعلامها يستجدي مشاعر المواطنة والوطنية لتجييش المجتمع خلف مشروع التدخل السعودي في اليمن. وهذه فرصة ذهبية يستغلها النظام السعودي لصرف النظر عن مشاكله الداخلية العالقة ومنها معضلة التوريث على مستوى القيادة العليا ومشاكل اخرى تتعلق بفشل السياسة الخارجية السعودية في المنطقة العربية واستمرارية خطر القاعدة رغم مشاريع المناصحة والمواجهة المباشرة ومصادرة الاسلحة وتفكيك الخلايا الحية والنائمة. في هذا الاطار يصعب على المواطن السعودي التشكيك في الاستراتيجية السعودية الجديدة المنبثقة من التدخل المباشر في اليمن. وتتعالى الاصوات التي تخون وتشكك في الوطنية والالتفاف على مشروع ولي الامر الجديد وكيف ذلك بعد احتلال منطقة سعودية من قبل الحوثيين؟ لا بد لنا ان نجزم ان الصراع الحوثي ـ اليمني هو شأن داخلي يتعلق بالدولة اليمنية وصراعاتها الداخلية وليس شأنا سعوديا وان آثرت السعودية ان تدخل بطائراتها على الخط. وعلى السعودية ان تفكر اكثر من مرة في قضية الانزلاق في المستنقع اليمني بهذا الشكل العلني. ورغم انها كانت دوما طرفا ليس بالمحايد في القضايا اليمنية السابقة ومنها الوحدة في اليمن حين وقفت بثقلها خلف احد الاطراف على حساب طرف آخر ومشروع استقطاب الزعامات اليمنية القبلية والتلاعب بالنسيج الديني والاقليمي والقبلي اليمني الا ان ليس في مصلحتها تأجيج حرب يمنية جديدة. يجب ان لا تنسى السعودية ان لليمن امتدادا بشريا في السعودية ذاتها حيث الهجرة البشرية والترابط بين مجتمع اليمن الشمالي والجنوب السعودي قديم ويطال العمق السعودي ذاته. لن تستفيد السعودية من استعراض العضلات على مناطق نائية معدومة في اليمن وقد تكون ثارات اليمن القادمة خناجر جديدة تنذر بعواقب وخيمة. على ارض السعودية ذاتها. لقد اثبت المجتمع اليمني رغم فقره انه مجتمع اقوى من الدولة التي تحكمه رغم مركزيتها والاموال الطائلة التي تدعمها من الخارج. وربما تجربة القيادة السعودية مع مجتمعها الغني نسبيا والضعيف مؤسساتيا قد جعلها تتبع اسلوب الغطرسة في اليمن وتستقوي بثروتها والتي تعتقد ان بها تستطيع شراء الضمائر وتحويل مسيرة الشعوب وقياداتها. لن تستطيع السعودية تجفيف المستنقع اليمني بضربة خاطفة لان صراعات اليمن قديمة وعميقة ويصعب على السعودية السيطرة عليها رغم المحاولات السابقة المدعومة بالثروة والتي افتقدت الى حسن الادارة. وقد حاولت السعودية منذ عام 1934 احتواء اليمن ولكن الحرب اليمنية الحالية دليل قاطع على قصر النظر وسوء التصرف. بل ان الكثير من النقاط الساخنة اليمنية كانت تنفجر بدعم سعودي مباشر وغير مباشر. على السعودية ان تحل مشاكلها الداخلية العالقة بمنأى ومعزل عن حرب ضد فريق خارجي. فالوطنية التي يغزل نسيجها حاليا في السعودية على خلفية احتلال جبل دخان او غيره هي وطنية زائفة آنية لن تحل المعضلة السعودية الداخلية وستجد السعودية نفسها في مواجهة داخلية بعد ان يخمد دخان جبل دخان تماما كما حصل بعد صد العدوان العراقي على الخفجي منذ اكثر من 19 عاما. لن يحل الخطر الخارجي حقيقيا كان ام وهميا المشاكل العالقة في الداخل السعودي على مستوى القيادة او المجتمع وستطل هذه المشاكل برأسها مهما حاولت السعودية صرف النظر عنها آنيا. فالوطنية والالتفاف حول القيادة مشروع طويل لا يبنى على منظومة الخطر الخارجي الآني او صراع مع قوة اقليمية تنافس السعودية في اكثر من منطقة في العالم العربي. وبعد ان سقطت منظومة الصراع العربي الفارسي على ضفاف الخليج لن تنتشل صعدة وازقتها مشروع الوطنية السعودية من مأزقها. بل ستكشف هذه الحرب سلسلة من المناورات العقيمة والسياسة الاقليمية الفاشلة وستطال أبعادها العمق السعودي ذاته وليت قومي يستفيقون من سباتهم العميق. ‘ كاتبة واكاديمية من الجزيرة العربية (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم  09 نوفمبر 2009)

 

Home – Accueil الرئيسية

 

 

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.