الحرية لسجين
العشريتين الدكتور الصادق شورو
وللصحافيين توفيق بن بريك وزهير مخلوف
ولضحايا قانون الإرهاب
المرصد الوطني لحرية الصحافة والنشر والإبداع :مراقبة الانترنت، الحرب الخاسرة
اللجنة التونسية لحماية الصحافيين:القائمة الأولية للصحافيين المشاركين في إضراب الجوع التضامني مع الزميلين بن بريك و مخلوف
حــرية و إنـصاف:أخبار الحريات في تونس
السبيل أونلاين:الناصر العياري يطلق نداء إستغاثة لرفع المظلمة المسلطة عليه
المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين :نــــعــــي
المرصد التونسي:اطلاق حملة وطنية للتشهير بأعداء العمل النقابي
رئيس الحملة الدولية لحقوق الإنسان في تونس علي بن عرفة لـ «العرب»:حملة بقيادة الشيخ القرضاوي للإفراج عن صادق شورو
البديل عاجل:على هامش محاكمة بن بريك: القضايا المفبركة علامة من علامات إفلاس الدولة
تصريح صحفي : من المكلف بالاعلام في حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي حول تصريحات وزير الثقافة الفرنسي
ابراهيم بلكيلاني:قراءة في مقالي الاستاذ البلدي و الدكتور النجار و الدعوة إلى الصدق و الحلم
الحزب الديمقراطي التقدّمي :دعــــــــوة
د منصف المرزوقي:بخصوص حنفي ولد دهاه
صـابر التونسي:توضيح ورفع التباس
الصباح:مراجعة الأجور بين جولتي مفاوضات مطلب جديد للشغالين
الجزيرة.نت:تونس تسرع وتيرة الخصخصة
سفيان الشورابي:على الشاشة
الأسبوعي:الأمن يحقّق في مخلّفات حفل أحمد الشريف بصفاقس
الصباح:جريمة بشعة في جندوبة مريض نفسي يجهز على والدته ويحاول قتل والده بساطور
فتحي العابد :رحلة الموت
محمد العروسي الهاني:كفوا عن قول الزور و البهتان يا اهل الشك و التنكر
السبيل أونلاين:فرنسا..النقاش حول الهوية الوطنية يتركز على الهجرة والإسلام
السبيل أونلاين:بعد نجاح مبادرة المآذن..حزب الشعب السويسري يفشل في حظر الحجاب
توفيق المديني:النفطية العالمية والعودة إلى العراق
مرسل الكسيبي:مقايضات غير وطنية وفوضى خلاقة شاملة بأيادي عربية …
عصام العريان:النظام المصري في مواجهة أحرار العالم
مركز الدراسات الاشتراكية:جداره الفولاذي انتزع الصدارة من إسرائيل.. مبارك شرطي الإمبريالية الأول في المنطقة
القدس العربي:تصاعد الاحتجاجات على بناء مصر للجدار الفولاذي.. احراق صور مبارك بالاردن ومحاصرة سفارة القاهرة بلبنان
الجزيرة نت:ترحيب بوقف صحف الدانمارك للرسوم
(Pourafficher lescaractèresarabes suivre ladémarche suivan : Affichage / Codage / ArabeWindows)To read arabictext click on the View then Encoding then Arabic Windows)
منظمة حرية و إنصاف
التقرير الشهري حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس
جانفي2009
https://www.tunisnews.net/17fevrier0a.htm
فيفري2009
https://www.tunisnews.net/15Mars09a.htm
مارس 2009 https://www.tunisnews.net/08avril09a.htm
أفريل 2009
https://www.tunisnews.net/15Mai09a.htm ماي 2009 https://www.tunisnews.net/15Juin09a.htm
جوان2009 https://www.tunisnews.net/20juillet09a.htm جويلية 2009 https://www.tunisnews.net/23Out09a.htm أوت/سبتمبر2009
https://www.tunisnews.net/15Octobre09a.htm
أكتوبر 2009
https://www.tunisnews.net/22nov09a.htm
نوفمبر 2009
https://www.tunisnews.net/31Decembre09a.htm
المرصد الوطني لحرية الصحافة والنشر والإبداع مراقبة الانترنت، الحرب الخاسرة
أوت 2009
تنبيه هذا التقرير يهدف إلى رصد الانتهاكات التي تمارس من قبل أجهزة الدولة على الانترنت في تونس من مصادرة وحجب ومراقبة وغيرها. وكما أنّ من قام بإعداده من غير المختصّين، فإنه يتوجّه لجمهور غير مختصّ؛ فالمرصد يسعى أساسا إلى فضح الآليّات الحكومية للمصادرة وتقنياتها المستعملة، ولكن أيضا إلى مساعدة التونسيّين المدافعين عن الحرّيّات في التسلّح بأدوات المعرفة والحماية ضدّ مختلف الهجومات التي يتعرّضون لها سوى على بريدهم الالكتروني أو على مستوى إمكانيّات الإبحار الحرّ على الشبكة. كما أنّ جهودنا تتجه أيضا إلى تشجيع التونسيين على ممارسة مواطنة فاعلة قصد تجاوز الآثار السلبيّة للتهميش، خاصّة بالنسبة للشباب الذي يمثّل الشريحة العمريّة الأكثر استعمالا للانترنت. المحتويات تنبيه…………………………………………………………………………………………………. 2 المحتويات……………………………………………………………………………………………. 3 1- ملخّص التنفيذي………………………………………………………………………………… 5 2- توصيات…………………………………………………………………………………………. 8 3- مدخل: وسائل الإعلام في مجتمع مغلق……………………………………………………….. 9 مشهد إعلامي فقير رغم التعدّديّة الظاهريّة……………………………………………………. 10 4- انترنت وآليّات المصادرة……………………………………………………………………… 12 شبكة عصرية تغطي كامل البلاد……………………………………………………………….. 12 إنترنت، الوسيط الإعلامي البديل……………………………………………………………….. 13 جهاز قانوني ردعي…………………………………………………………………………….. 14 قرار وزير الاتصالات بتاريخ 22 مارس 1997…………………………………………….. 14 قانون عدد 38-98 بتاريخ 2 جوان 1998 المتعلّق بمجلّة البريد…………………………….. 15 قانون عدد 1-2001 المؤرّخ في 15 جانفي 2001………………………………………….. 15 قانون عدد 83-2000 الخاصّ بالمبادلات والتجارة الالكترونية……………………………… 16 قانون 10 ديسمبر 2003 حول الإرهاب……………………………………………………… 16 قانون توجيهي عدد 13-2007،………………………………………………………………. 16 أمر عدد 2638-2008 مؤرخ في 21 جويلية 2008………………………………………… 16 أمر عدد 2639-2008 مؤرخ في 21 جويلية 2008………………………………………… 16 5- شرطة أنترنت على مقاس إتساع الشبكة…………………………………………………….. 17 تقنيات المصادرة………………………………………………………………………………… 18 فرز المحتوى…………………………………………………………………………………. 18 مراقبة واعتراض البريد………………………………………………………………………. 19 من يصادر وماذا يصادر؟………………………………………………………………………. 21 6- المراكز العموميّة للأنترنت، مراقبة لصيقة…………………………………………………… 24 معطيات حول مستعملي المراكز العمومية للانترنت……………………………………………. 24 رقابة لصيقة وتضييق للفضاء عبر الغلق الإداري……………………………………………… 25 تسجيل المستعملين……………………………………………………………………………… 26 القضاء يتدخل كلما عجز بوليس الانترنت………………………………………………………. 26 7- المراقبة خارج التراب التونسي……………………………………………………………….. 27 هجومات على مواقع واب المعارضين المسكّنة في الخارج……………………………………. 27 مراقبة وصلات المعارضين المقيمين في الخارج………………………………………………. 28 إختراق فضاء المدوّنات المعارضة……………………………………………………………… 29 8- الخلاصة………………………………………………………………………………………. 30
1- ملخّص التنفيذي أصبحت تونس معروفة على النطاق العالمي بوصفها إحدى أكثر الدول ممارسة للحجب والمصادرة في الانترنت بصفة متواترة ومنهجيّة، وذلك منذ انعقاد القمّة العالميّة لمجتمع المعلومات في نوفمبر 2005. حتّى أصبح التحدّي الإعلامي القضيّة الأكثر حضورا في الفضاء التونسي المغلق. إذ لم تكتف السلطات بخنق الصحافة والوسائط السمعيّة-البصريّة، بل تمادت إلى محاصرة هذه الوسيط الإعلامي الجديد المتمثل في الانترنت. فجنّدت جيشا من الأعوان لدى وزارة الاتصال لملاحقة مستعملي الانترنت في تونس ومراقبة نشاطاتهم. ورغم التعدّد الظاهريّ، فإن المشهد الإعلامي التونسي بقي فقيرا، إذ أنّ حرّية إصدار الصحف أو البث التلفزي أو الإذاعي الحرّ مصادرة كلّيّا، فمنذ سنة 1987 لم تمنح رخصة النشر لأيّ وسيلة إعلام مستقلّة. ولئن كانت تونس تفخر بأنها البلد الأول عربيّا وإفريقيّا في الربط بالشبكة المعلوماتية، إذ تعدّ رسميّا أكثر بلدان شمال إفريقيا ارتباطا بالشبكة بمعدّل نفاذ 4,12%؛ فإنها مع ذلك تعدّ البلد الإفريقي الوحيد الذي يمنع الارتباط بالشبكة عبر الأقمار الصناعيّة بالنسبة للخواصّ، كما أنّ شبكة بالهاتف القارّ تبقى حكرا على المزوّد الرسمي « اتصالات تونس ». لقد شهدت الانترنت إقبالا منذ سنة 1999، حيث وجد فيها الشباب والمعارضون منفذا على العالم وفضاء موازيا يمكن أن يمارسوا فيه مواطنتهم بحرّيّة. لكنّ السلطة التي فوجئت بهذا الاجتياح غير المنتظر، قامت بتطوير أدواتها القانونية والمادّيّة لإحتواء الشبكة العنكبوتيّة في شباك مصادرتها ورقابتها. فبعثت جهازا أمنيّا مختصّا في المعلوماتيّة « يسهر » على « الأمن الفكريّ » للتونسيّين. إذ تعدّ تونس من أوائل دول المنطقة في إرساء قوانين تعتبر من أكثر القوانين المنظّمة للأنترنت ردعيّة وقسوة. هذه القوانين لا تعتبر رديئة في ذاتها، ولكنها تشترك في منح صلاحيّات واسعة جدّا وسلطات غير محدودة للإدارة العموميّة مع تضييق هامش الدفاع المتروك للمواطن. كما أنّ إمكانيّات ضخمة وظّفت من أجل مراقبة نشاط الانترنت. فقد وضعت السلطات مخططا بحيث تقع المراقبة على عدّة مستويات وتسمح بالفرز والمصادرة « صلب المحول و الموزع الرئيسي » نفسه للشبكة. الأمر الذي حوّل الانترنت في تونس إلى شبكة ربط داخليّ محدودة « إنترانت – Intranet » ممتدّة على مستوى البلاد. هذا الصنف من المصادرة يطرح إشكالات خطيرة تتعلق بالمساس من الحريّات الفرديّة وحماية الحياة الخاصّة التي يفترض أنها محميّة بموجب الفصل التاسع من الدستور، إلى جانب القانون المتعلّق بحماية المعلومات ذات الطابع الشخصي. والرقابة على الانترنت كلّية بسبب إحكام قبضة المزوّد بالجملة لخدماتها -الوكالة التونسية للانترنت- على جميع خطوط الشبكة ومساراتها في تونس. وفي حقيقة الأمر فإنّ الوكالة التونسية للأنترنت ليست إلاّ ستارا لجهاز خفيّ مرتبط مباشرة بوزارة الداخليّة وبرئاسة الجمهوريّة يمارس في الخفاء عمليّات المراقبة والمصادرة التي يشكّل فرز المحتوى بإستعمال برمجيّات الفرز على غرار « ويبسونس » Websense و »سمارت فيلتر » Smartfilter التقنية الرئيسيّة المستغلّة فيها من قبل هذا الجهاز لحجب المواقع. وتبقى مراقبة واعتراض الرسائل الالكترونية تشغل الحيّز الأكبر من نشاطه. ولتحقيق هذا الغرض يوظّف تقنية المراقبة اللّصيقة للحزمات ( ‘Deep Packet Interception ‘ DPI) المستعمل حاليّا لمراقبة البريد الاكتروني والربط الصوتي على الانترنت VoIP (مثل السكايب). لقد غدا من الدارج والمعتاد لدى المدافعين عن حقوق الإنسان أو الصحفيين المستقلّين أن يُقطع الربط بالشبكة أو أن تُغلق بوّابات الخدمات الرقمية أو أن يختفي بريد الكتروني أو يُعاق تحميل ملفّ مرتبط به، بعد أن كانوا قد خبروا أشكال المصادرة الأخرى. هذه الوضعيّة دفعت ثلاثة منظّمات غير حكوميّة أن تطلق صيحة فزع في سبتمبر 2008 من خلال بيان مشترك أصدرته. من يصادَر و ماذا يصادَر؟ لا يسلم أحد من هوس المراقبة إبتداءا من المعارضين السياسيين إلي الجمعيّات المستقلّة وحتّى الوزراء مرورا بالفاعلين الاقتصاديّين إلي منخرطي الحزب الحاكم والنقابات والجامعات وإنتهاءا إلي البعثات الديبلوماسية. أمّا المحتوى المصادر، فهو عادة ما يكون مواقع حقوق الإنسان ومواقع أحزاب المعارض و مواقع المعلومات الخاصة وسائل تجاوز الحجب والإبحار المقنّع (الإبحار الآمن) ومواقع الترجمة الآليّة وبعض مواقع الموسوعات مثل بعض صفحات موسوعة ويكيبيديا ومواقع إيواء الفيديو مثل « يوتوب » و »دايلي موشن » والشبكات الاجتماعية مثل « فايسبوك » وصولا إلي المواقع الإباحيّة. وتخضع الفضاءات العموميّة للأنترنت Publinets بدورها إلى رقابة مشدّدة وإلى كراس شروط مجحفة. فمسيّر الفضاء « يلتزم بالسهر على أن يكون محتوى الصفحات المشاهدة من قبل الحريف مطابقا للمعايير المرخّص فيها من قبل الوكالة التونسية للأنترنت، كما أنه مطالب « بالمراقبة عن بعد لمحتوى البريد الالكتروني لحرفائه ». ومنذ بدايات 2009، أعادت السلطة تفعيل إجباريّة التعريف بالهوّيّة لمستعملي الانترنت قبل الشروع في الإبحار في الفضاءات العموميّة؛ وقد فرضت الوكالة التونسية للأنترنت على جميع أصحابها إستعمال برمجيّة Publisoft الذي يمكّن من مراقبة نشاط زوّار الأنترنت مباشرة، بحيث تتمكن أجهزة الدولة من معرفة المواقع التي يزورها كلّ مستعمل والتعرّف على هوّيته وذلك بشكل فوريّ. هذه المراقبة اللصيقة أدّت إلى الحدّ من إنتشار الفضاءات العموميّة للأنترنت بسبب الغلق الإداري الذي ضرب نصفها في ظرف 4 سنوات. حتّى أصبحت الوكالة التونسية للأنترنت تتجنّب اليوم الإعلان في صفحات موقعها عن عدد الفضاءات العمومية للأنترنت في تونس. ولا تكتفي شرطة الأنترنت بمراقبة التونسيين في تونس، إنما جنّدت كلّ إمكاناتها لتطال يدها نشاط التونسيين خارج تراب البلاد. فضاعفت الهجومات على المواقع المعارضة المأويّة في الخارج (أي جميع مواقع المعارضة لأن مزوّدي الخدمات التونسيين يرفضون تسكينها لديهم )، كما تقوم أجهزتها بمراقبة خطوط ربط المعارضين بالخارج وبريدهم الالكتروني بالالتجاء إلى خدمات وسطاء وبإرسال جواسيسها لنفاذ الفضاء التدويني. يمكننا الجزم أنّ الاستثمارات الموظّفة في عمليّات مراقبة الانترنت بلغت حجما ضخما، تتقاسم أعبائها ميزانيّات وزارة الاتصال ووزارة الداخليّة والوكالة التونسية للاتصال الخارجي ورئاسة الجمهوريّة. ويرى العديد من الملاحظين أنّ هذه الاستثمارات كانت ستعود بالفائدة العظمى على المجموعة الوطنية لو وظّفت في مشاريع مثمرة، وأنها كانت ستسمح باستيعاب ثلث نسبة بطالة الشباب التونسي المعطّل من حاملي الشهادات العليا. كما لا يسع المرصد إلاّ أن يشير إلى الدور السلبيّ الذي لعبه الشريك الأوروبيّ من خلال المساندة المطلقة لسياسة النظام التونسي هذه والتي يسوّقها تحت شعار الأمن ومكافحة الإرهاب ودعم الاستقرار في المنطقة.
2- توصيات إن مرصد حرية الصحافة والنشر والإبداع يطالب الحكمومة التونسية بالسهر على: 1. إحترام التزاماتها الدوليّة وخاصّة المتعلّقة بحريّة التعبير (الفصل 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وكذلك الميثاق الخاص بالحقوق المدنية والسياسية). 2. تأسيس كلّ التشريعات المتعلّقة بتداول ونشر المعلومات على الانترنت على مبدأ حرية التعبير كما عرّفها الفصل 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. 3. إحترام الفصل التاسع من الدستور التونسي الذي ينصّ على ضمان حرمة المسكن وسرّية المراسلات وحماية المعطيات الشخصيّة، والكافل لعدم اعتراض مراسلات المواطنين. 4. إيقاف كلّ شكل من أشكال المصادرة والرقابة على المعطيات المتداولة على الانترنت والمتعلّقة بحرية التعبير، والعمل على ألاّ تكون مسألة « تنظيم الانترنت » حجّة لتقنين محتوى الانترنت بشكل تعسّفي. 5. إلغاء جميع القوانين الخانقة للحرّيات وخاصّة تلك التي تجعل من مزوّد تقني للانترنت مسؤولا عن المحتويات المشاهدة من قبل المستعملين، ورفع كلّ القيود المفروضة على المراكز العمومية للانترنت. 6. العمل على أن يكون إتخاذ كل قرار متعلق بقانونيّة محتوى موقع ما من عدمها من أنظار السلطة القضائية وحدها والتي ينبغي أن تكفل احترام مبادئ العدالة والاستقلالية. 7. وضع تكنولوجيات المعلومات والاتصال في خدمة تطوير وتنمية المواطنة والكفّ عن تجريم الإبحار على الانترنت. 8. ضمان حرّيّة النشر للمحتويات المكتوبة والصوتية والمرئيّة على الانترنت دون أيّ قيود قانونيّة أو إداريّة. 9. أن تكون الانترنت فضاء عامّا عالميّا مفتوحا ومتاحا للجميع دون تمييز أو قيود. 10. إتاحة إمكانية الولوج إلى هذا الفضاء بكل الوسائل بما في ذلك الربط بالأقمار الصناعيّة.
3- مدخل: وسائل الإعلام في مجتمع مغلق منذ إنعقاد القمّة العالميّة لمجتمع المعلومات في نوفمبر 2005، تكشّفت تونس لدى الرأي العام العالمي بأنها إحدى الدول التي تمارس الحجب بشكل واسع ومنهجي على الانترنت. فخلال هذه القمة، لم يتمّ إحترام الإطار الدولي والخارجي للقمّة المنعقدة تحت لواء الأمم المتحدة، إذ مورس الحجب على نطاق واسع على موقع القمة نفسه، وتمّت مصادرة تقرير لمنظّمة العفو الدوليّة ومنع من التداول، كما تعرّض صحفيّون أجانب إلى الاعتداء[1]، إضافة إلى استمرار حجب المواقع ذات المحتوى النقدي؛ لكن وبالأخصّ قطع البث المباشر على القناة الوطنيّة للخطاب الإفتتاحي لرئيس الكنفدرالية « صمويل شميد » المشارك في تنظيم القمّة، وذلك في اللحظة التي أشار فيها إلى أنّ « الأمم المتحدة ما زالت تجمع بين أعضائها دولا تسجن المواطنين لا لشيء إلاّ لأنهم إنتقدوا السلطة على الأنترنت أو في الصحافة… لذلك أنتظر أن تشكّل حرّية التعبير وحرية المعلومة المواضيع المركزية خلال هذه القمة. » وقد أعلنت السيدة كاترين تروتمان، النائبة في البرلمان الأوروبي المشرفة على بعثته إلى القمّة، يوم 13 ديسمبر 2005 خلال الجلسة العامّة المخصّصة لتقييم القمّة العالميّة لمجتمع المعلومات في البرلمان الأوروبي أنه « لا يمكن قبول ما جدّ من حوادث خطيرة أحاطت بالقمة ومسّت من حريّة الصحافة وحرّية التعبير وحرية الاجتماع بل وحتى من الأشخاص، إضافة إلى ما تعرّضت له بعثتنا، وخاصّة إفساد أشغال ورشة حقوق الإنسان. فهي ممارسات متنافية مع التعهّدات التونسية المبرمة في اختتام القمّة، وأيضا مع اتفاق الشراكة الذي أخلّت به من جانبها الحكومة التونسية ». لكن رغم هذه التصريحات، فإنّ حالة فقدان للذاكرة أصابت الشركاء الصناعيّين الأوروبّيّين وإستعادت تونس موقعها كـ »دولة مثال في التعاون الأورومتوسّطي »[2] وتحيّى من أجل إنجازاتها في مجال حقوق الإنسان من قبل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي أعلن خلال زيارته لتونس في أفريل 2008 أنّ « فضاء الحرّيّات يتطوّر »، في تجاهل تام لما أجمعت عليه كل التقارير التي نشرتها المنظّمات التونسية والدولية غير الحكومية[3] من تضييق متزايد لهذا الفضاء. في هذا المجتمع المغلق، يغدو التحدّي الإعلامي هو القضيّة الأولى. إذ لم تكتف السلطات التونسية بمحاصرة الصحافة ووسائل الإعلام المرئية والسمعيّة، بل إمتدّت حملة مطاردتها لهذه الأداة الإعلامية الجديدة: الأنترنت. فتمّ تجنيد جيش من الأعوان (أكثر من 400) صلب وزارة الاتصال لتتبّع مستعملي الأنترنت ومراقبة إبحارهم.
مشهد إعلامي فقير رغم التعدّديّة الظاهريّة في بلد بلغت فيه عبادة الشخصيّة من الدرجات أن تحوّلت الحياة اليوميّة لرئيس الدولة موضع إهتمام لدى وسائل الإعلام أشبه بالطقوس، يمكننا أن نفهم لماذا لا ينتقد بن علي من أجل تحويله وسائل الإعلام إلى أدوات دعاية تمجّد إنجازاته. أمّا بالنسبة لشركائه الغربيّين، فإنه يسوّق مشهدا إعلاميّا « متحرّرا وتعدّديّا » بحصيلة 265 صحيفة ومجلّة وقناتي تلفزيون و3 محطات راديو خاصة. لكنّ حقيقة هذه الواجهة هي أنّ من بين الـ265 صحيفة، لا يوجد غير ثلاثة ناطقة باسم أحزاب معارضة (تتعرّض ثلاثتها للتضييقات)، ولا توجد من بينها واحدة مستقلّة؛ فالصحف المستقلّة تمّ القضاء عليها منذ سنة 1990 بعيد وصوله إلى سدّة الحكم. وبالنسبة للقنوات التلفزية ومحطات الراديو الخاصّة، فجميعها على ملك أشخاص قريبين لبن علي، وقد تمّ منح تراخيصها في ظلّ تعتيم كلّي حول شروط الترخيص. إنّ حرّيّة نشر الصحف أو بثّ محتويات تلفزية أو إذاعية حرّة مصادر كلّيا. فمنذ سنة 1987 – تاريخ وصول بن علي إلى الحكم – لم يمنح ترخيص بالنشر لأيّ وسيلة إعلام مستقلّة، باستثناء جريدة « مواطنون » – لسان حال حزب معارض – رأت النور سنة 2007. ولعلّ ما حصل لراديو كلمة في جانفي الفارط أبلغ مثال عن إتساع صدر السلطات العموميّة لأيّ صوت ناقد. ففي حين كان هذا الراديو يبثّ على الأنترنت وعلى الأقمار الصناعيّة من خارج تونس، تمّت محاصرة مقرّه من قبل الشرطة[4]، وإيقاف صحفييه، ومصادرة أجهزته، وتشميع المحلّ الذي كان يؤوي الأستوديو، وملاحقة مديرته قضائيّا من أجل « الاستعمال الممنوع لموجات الراديو »[5]، والتحقيق لا يزال جاريا. أمّا بالنسبة للصحفيّين، فإنهم يلاحقون بشكل منتظم ويتعرّضون لضغوط عدّة بحيث تطغى لديهم المصادرة الذاتية وتسيطر على إنتاجهم عند اشتغالهم في وسائل الإعلام الرسميّة أو القريبة من السلطة؛ ومن يعملون منهم لصالح وسائل إعلام أجنبيّة فهم يتعرّضون للتضييق بشكل دوري، ومحرومون من بطاقة الصحفي، وفي بعض الأحيان يتعرّضون للاعتداء الجسدي أو للاعتقال. إنّ أجلى مثال عن إرادة السيطرة على هذا القطاع لدى السلطة وعلى ضيق صدرها بكلّ صوت نقديّ حتى ولو كان معدّلا هو محاولة الإنقلاب الذي تعرّضت له النقابة الوطنيّة للصحفيّين مؤخرا.[6]
4- انترنت وآليّات المصادرة شبكة عصرية تغطي كامل البلاد تعتدّ تونس بكونها البلد العربيّ والإفريقيّ الأوّل الذي يرتبط بالشبكة. فمنذ سنة 1991، إرتبطت تونس بالأنترنت عبر المعهد الجهوي لعلوم الإعلاميّة والإتصالات IRSIT. وسنة 1993، تمّ بعث الشبكة الوطنيّة للبحث والتكنولوجيا RNRT بهدف ربط مراكز البحث التونسية. ثمّ سنة 1996، بعثت الوكالة التونسية للأنترنت ATI من أجل التطوير التقني للشبكة ولعب دور عامل Operateur أنترنت. وتعتبر الوكالة الخاضعة لإشراف وزارة التكنولوجيات والإتصال، المزوّد بالجملة للأنترنت في تونس. لم يمكّن الخواصّ من الرّبط بالشبكة إلا في نهاية سنة 1997 عن طريق مزوّدين خاصّين في العاصمة. اليوم أصبح عدد المزوّدين الخواصّ 5 موزّعون على كامل تراب الجمهورية يضاف إليهم 6 مزوّدين سابقين للقطاع العمومي. تعتبر تونس رسميّا البلد الأكثر إرتباطا في شمال إفريقيا بنسبة نفاذ Taux de pénétration 4,12%. وحسب إحصائيات وزارة الاتصالات، فإن نسبة نفاذ الأنترنت للعائلات بلغت 3,36 سنة 2007. كما أنّ الشبكة الوطنيّة للألياف البصريّة تغطي كامل تراب البلاد على شكل حلقات SDH مرتبطة بمحوّلات متعددة الخدمات. أمّا الواصلات مع الشبكات الدوليّة فيؤمنّها الربط بكوابل بحريّة للألياف البصرية مرتبطة بأوروبا وكذلك بواسطة الربط عبر الأقمار الصناعية. ومع ذلك فمن المفيد أن نذكّر بأن تونس هي الدولة الإفريقية الوحيدة التي تمنع الربط عبر الأقمار الصناعية للخواصّ[7] الذي يجرّمه ويعاقب عليه قانونها. لقد بقي الهاتف القارّ حكرا على شركة إتصالات تونس، علما بأن شبكة الهاتف القارّ، التي تمّت رقمنتها كلّيّا منذ سنة 1999، تعدّ 1,2 مليون منخرط، أي بمعدّل كثافة إتصاليّة تقدّر بـ25 خطّا لكلّ 100 ساكن. أمّا خطوط الأنترنت عالية التدفّق ADSL فهي تقدّم على شكل عروض مشتركة بين إتصالات تونس ومزوّدي خدمات الأنترنت الخواصّ من خلال سعات تتراوح من 256 كليوبايت/ثانية إلى 2048 كيلوبايت/ثانية. كما عرفت تونس تطوّرا في حقلها المعلوماتي خلال السنوات الأخيرة، هذا الحقل الذي بلغ 472000 وحدة سنة 2004. وقد أعلنت الوكالة التونسية للأنترت سنة 2009 عن 305,960 منخرطا[8]، منهم 262,986 يتمتعون بربط عالي التدفق وعن 2.960,000 مستعمل انترنت من بين 10 ملايين ساكن بلغت نسبة التعلّم بينهم 74,30% ؛ وبالإضافة إلى الإشتراكات الخاصّة، نجد المراكز العمومية للأنترنات المسماة Publinets التي ظهرت منذ أواخر سنة 1998؛ حيث كانت البلاد تعدّ 200 مركز وكانت الدولة تعتزم بعث 400 آخرين مع نهاية سنة 2001.
إنترنت، الوسيط الإعلامي البديل منذ سنة 1999، إكتسحت الانترنت من قبل شريحة الشباب والمعارضين الذين وجدوا فيها نافذة تطلّ على العالم وفضاء بديلا تجد فيه كلمة المواطنة تعبيرتها الحرّة، بحيث عرفت الشبكة التونسية حالة غليان حقيقيّ. وكان موقع « تكريز » أوّل المواقع الذي أحدث ضجّة متميزة ، هذه المجلّة الالكترونية التي وقع إسكانها في بلد بأمريكيا الشمالية ،كانت قد أطلقت سنة 1998 من قبل طالبين؛ وقد كانت في البداية مجرّد نشرية إلكترونية عرفت نجاحا حقيقيّا ,تحوّلت سنة 2000 إلى منتدى واسع الشعبيّة لدى الشباب المتخفّي و المتمرّد على المحرّمات. في هذه السنة عمدت الوكالة التونسية للأنترنت إلى منع الوصول إليه و تصفحه من داخل البلاد التونسية وقد إختفي هذا الموقع جراء الحصار بعد فترة قصيرة من الزمن. وفي أوت 1999، أطلق المجلس الوطني للحريات بتونس CNLT، الذي تمّ رفض طلب تسجيله كمنظمة مستقلّة قبلها بقليل، موقعه ومنتداه وقد سكّنا بالخارج ببلد بأمريكا الشمالية ، ليتحوّل بدوره إلى فضاء للحوار واسع الشعبيّة، ويتمّ حجبه أيضا بعد زمن قصيرمن إطلاقه. كما إزدهرت مواقع المعارضين المنفيّين؛ ففي ماي 2000 أطلقت « تونس نيوز » ttp://www.tunisnews.net“ نشرتها الالكترونية التي عرفت ذروة نموّها ونجاحها سنة 2003. وفي أكتوبر 200، ظهرت للوجود مجلّة » كلمة » الإلكترونية إثر رفض ترخيصها، ليتمّ حجبها أيضا بعد أسابيع من إطلاقها. وفي جويلية 2001، بعث زهير اليحياوي موقع تونيزين TUNeZINE. هذا الموقع ستتبلور من خلاله ثورة الشباب خارج كل الأطر السياسية والجمعياتيّة. لقد تمّ إيقاف زهير اليحياوي في جوان 2002 لما كان في المركز العمومي للأنترنت الذي يشتغل فيه، ثم حوكم بسنتين سجنا نافذة من أجل « نشر أخبار زائفة »، ولم يقع إطلاق سراحه إلاّ في نوفمبر 2003. توفّي زهير في مارس 2005 بعد أن عانى الأمرين من الملاحقات و المضايقات الدائمة له من قبل مصالح الشرطة. وتوقف موقعه بعد وفاته بمدة قصيرة . لتتواصل بعده المحاولات لإحياء تجربته التي أثرت في جيل بأكمله على غرار « الإفاقة التونسية » Reveiltunisien ثمّ لاحقا » نواة »nawaat.org في 2004. هذه المواقع ستتحوّل إلى ما يشبه الحاضنة التي سيترعرع فيها من جديد المجتمع المدني التونسي الذي عانى من حصار من نار خلال عشريّة كاملة قبلها. من جهتها قامت السلطة التي فوجئت بهذا المدّ الغير المنتظر، بتطوير إجراءات وترتيبات قانونيّة ولوجستية على المقاس من أجل الإبقاء على الشبكة العنكبوتيّة في شباك المصادرة والرقابة. فبعثت للغرض جهاز شرطة للمعلومات « يسهر » على « الصحّة الثقافية للتونسيين ».
جهاز قانوني ردعي إنّ ممارسة المصادرة على الأنترنت تتمّ في ظلّ منظومة واسعة من القوانين والتراتيب الإدارية، حيث تمتاز تونس بين دول المنطقة بأسبقيّتها في تطوير أكثر قوانين الأنترنت قسوة وردعيّة. وليست كلّ هذه القوانين سيّئة في ذاتها، لكنّ معضلتها أنها تمنح جميعا صلاحيّات تقديريّة غير محدودة للإدارة العموميّة، مضيّقة في نفس الوقت من إمكانيّات الإعتراض المتاحة للمواطن الذي يجد نفسه دائما عاجزا عن التظلّم من استغلال نفوذ الإدارة واسعة الصلاحيّات ومدركة لحصانتها. وسنورد بعضا من هذه التشريعات.
قرار وزير الاتصالات بتاريخ 22 مارس 1997 « المتعلّق بالموافقة على كرّاس الشروط الضّابط للشروط الخاصّة بوضع وإستغلال الخدمات ذات القيمة المضافة في مجال الاتصالات من نوع إنترنت ». يعتبر هذا النصّ أكثر النصوص جورا في الترسانة القانونيّة المتعلّقة بالأنترنت، حيث يجعل من مزوّد الخدمات مسؤولا عن المحتوى المتصفّح من قبل الحرفاء، وملزما بإبلاغ المتدخل العمومي (الوكالة التونسية للانترنت) بالقائمة الاسميّة لمنخرطيه. فالفصل 9 ينصّ على ما يلي: « يتحمّل المدير الذي يعيّنه مزوّد الخدمات، طبقا للفصل 14 من الأمر عدد 501 لسنة 1997 المشار إليه أعلاه، والذي يجب أن يقدّم اسمه للمتدخل العمومي المعني، المسؤوليّة حول محتوى صفحات وموزّعي الواب التي يقوم بإيوائها في أنظمته، طبقا لأحكام مجلّة الصحافة المشار إليها أعلاه. » ويضيف: « يلتزم المدير بضمان مراقبة دائمة لمحتوى الموزّعين المستغلّين من قبل مزوّد الخدمات حتى لا يقع تمرير معلومات مخالفة للنظام العامّ والأخلاق الحميدة » ! إضافة إلى كون المدير ملزما « بمدّ » المتدخل العمومي المختصّ بقائمة اسميّة ممضاة ومحيّنة لكلّ المشتركين، وذلك في مفتتح كلّ شهر (الفصل 8).
قرار وزير الاتصالات المؤرّخ في 9 سبتمبر 1997 بضبط شروط استعمال الشفرة فى استغلال الخدمات ذات القيمة المضافة للاتصالات ونص القرار على ضرورة حصول كل مزود يرغب فى استقبال أو إرسال معلومات مشفرة على رخصة مسبقا تؤهله لاستخدام الشفرة، وللحصول على الترخيص يجب تقديم استمارة مخصصة لهذا الغرض بالإضافة إلى مجموعة المفاتيح المتعلقة بالتشفير محل الطلب، وإذا حصل على الموافقة فلا يمكن لمزود أو مستعمل الخدمة استعمال الشفرة إلا فى الأغراض والحدود المذكورة فى الرخصة، مع احتفاظ وزير المواصلات بحق سحب رخصة التشفير فى أى وقت إذا اقتضت ذلك حاجيات « الدفاع الوطنى » أو « الأمن العام » يضبط هذا القرار شروط استعمال التشفير في استغلال الخدمات ذات القيمة المضافة للاتصالات. ويلزم مزوّدي خدمات الانترنت بالحصول على ترخيص من وزارة الانصالات من أجل استعمال التشفير: « على كلّ مزوّد أو مستعمل لخدمة ذات قيمة مضافة للاتصالات يرغب في استقبال أو إرسال معلومات مشفّرة على الخدمة، الحصول مسبقا على رخصة تؤهّله لوضع واستغلال الشفرة (الفصل 2)، وتمنح رخصة إستعمال الشفرة على خدمة ذات قيمة مضافة للإتصالات إلى مزوّدي أو مستعملي الخدمة من قبل الوزير المكلّف بالمواصلات… بعنوان شخصيّ ولا يمكن إحالتها للغير إلاّ بترخيص من الوزير المكلّف بالمواصلات (الفصل 4) ».
قانون عدد 38-98 بتاريخ 2 جوان 1998 المتعلّق بمجلّة البريد تسمح مجلّة البريد لإدارة البريد بمصادرة كل إرساليّات بريديّة أو إلكترونيّة بموجب « الإخلال بالنظام العامّ »، فالفصل 20 ينصّ على أنه : » لايمكن قبول المراسلات التي لا تستجيب إلى الشروط الواردة بالاتفاقيات الدولية المصادق عليها وكذلك بالنصوص القانونية والترتيبية الجاري بها العمل أو المراسلات التي من شأنها المساس بالنظام والأمن العامين. » وينصّ الفصل 21 على أنه » في حالة العثور على المراسلات المنصوص عليها بالفصل 20 من هذه المجلة لاتسلم إلى المرسل إليه ولاترجع إلى المرسل، وتتولى السلط المختصة مصادرتها طبقا للتشريع الجاري به العمل ».
قانون عدد 1-2001 المؤرّخ في 15 جانفي 2001 يمكن إعتبار الهيئة الوطنيّة للإتصالات هيكلا قضائيّا مختصّا للنظر في النزاعات المتعلّقة بـ: – الربط البيني للخطوط والنفاذ إلى الشبكات؛ -شروط الإستعمال المشترك للبنى التحتيّة المتوفّرة. (الفصل 67) لكنّ جلساتها سريّة (الفصل 69). وتنظّم هذه المجلّة معايير إحالة إمتيازات الإتصالات – والتي إلى حدّ الآن تعدّ حكرا على الدّولة – إلى الخواصّ، وتضع – في الأثناء – كلّ نشاط بثّ أو إستقبال أو إستغلال لأيّ من معدّات للإتصال، تحت رقابة وزيري الدفاع والداخليّة (الفصل 52 و56). كما أنشئت « وكالة وطنيّة للذبذبات » و »مجلس وطني للإتصالات ». ليصبح منذ ذلك الوقت كلّ استغلال لإذاعة بدون ترخيص من الوكالة موجبا للعقاب بخمس سنوات سجن (الفصل 62)، في الوقت الذي كانت فيه الإذاعات قبل ذلك غير خاضعة للإذن المسبق. ويعاقب بنفس العقوبة الآنفة كلّ شخص يرتبط بشبكة الأقمار الصناعيّة (وذلك من أجل كلّ الاستعمالات مثل الهاتف) بدون الحصول على رخصة الوكالة (الفصل 82) أو يستعمل وسائل أو خدمات تشفير (الفصل 87). قانون عدد 83-2000 الخاصّ بالمبادلات والتجارة الالكترونية بموجبه بعثت « الوكالة الوطنية للمصادقة الالكترونيّة » قانون 10 ديسمبر 2003 حول الإرهاب القانون عدد 75-2003 الخاصّ بدعم المجهودات الدوليّة لمقاومة الإرهاب ومنع غسيل الأموال. « تعامل جرائم التحريض على الكراهية أو التعصب العنصري او الديني معاملة الجريمة المتصلة بالارهابية مهما كانت الوسائل المستعملة لذلك » (الفصل 6)[9]. إن ما يجب ملاحظته في هذا السياق, أنه منذ 2004، أصبح هذا القانون الأكثر إستعمالا في معاقبة الجرائم المتعلّقة بالإبحار على الأنترنت والدخول إلى مواقع محرّمة. قانون توجيهي عدد 13-2007، المتعلّق بالاقتصاد الرقمي؛ هذا القانون يتعلّق أساسا بإمكانيّة قيام الدولة والجماعات المحلّيّة والمؤسسات والمنشآت العموميّة على إبرام إتفاقات شراكة عبر طرق تفاوض مباشر. الفصل 3: يمكن للدولة والجماعات المحلّيّة والإدارات والمؤسسات العمومية أن تعهد في مجال الاقتصاد الرقمي إلى مؤسسة أو عدّة اقتصادية القيام بكامل نشاطها أو بجزء منه أو المساهمة في إنجاز مشاريع ذات أهمّية اقتصادية في هذا المجال. الفصل 4: يتمّ في إطار الشراكة بين القطاع العامّ والقطاع الخاص في مجال الاقتصاد الرقمي إبرام إتفاقيات عن طريق التفاوض التنافسي الذي يعتمد على مبدأ المساواة في معاملة المشاركين والشفافية في المعاملات. أمر عدد 2638-2008 مؤرخ في 21 جويلية 2008 المتعلّق بتحديد شروط التزويد للخدمة الهاتفيّة بواسطة الانترنت. أمر عدد 2639-2008 مؤرخ في 21 جويلية 2008 المتعلّق بتحديد شروط وآليّات إستيراد وتسويق وسائل وخدمات التشفير عبر شبكات الاتصال.
5- شرطة أنترنت على مقاس إتساع الشبكة لقد رصدت تونس إمكانيّات ضخمة لمراقبة نشاط الأنترنت. فقد وضعت بنية هندسيّة بحيث تتم المراقبة على عدّة مستويات لضمان الفرز صلب محولات رئيسية للأنترنات. (backbone) لقد حوّل المزوّدون العموميّون التونسيّون منذ البدء شبكة الانترنت إلى شبكة داخلية مغلقة تمتدّ على كامل البلاد. فمن المفروض، حين يرسل شخص طلبا من جهازه، أن ينتقل عبر محوّلات ربط حتّى يبلغ هدفه، لكن في تونس،يمررهذه الإستعلام على جدار ناريّ ضخم يقوم بالفحص والتدقيق ،ليحول الطلب المرسل إلي طريق مغاير، فيمرّ عبر مصفاة تحلّله وتقرّر إن كان من المسموح له مواصلة الطريق أم لا؛ فإذا كان مسموحا به، يتمّ إرساله إلى محوّل ربط موجود خارج التراب التونسي، وتتمّ الاستجابة له بشحن الصفحة المطلوبة. أمّا إن كان الطلب مسجّلا في القائمة السوداء، فإنّ رسالة خطأ هي التي ستظهر للمستعمل معلمة إيّاه أنّ الصفحة المنشودة غير موجودة. إنها الرسالة الشهيرة 404 (صفحة غير موجودة Page not found)، التي تأتي لتعوّض رسالة العرقلة، والتي سخر منها مستعملو الانترنت التونسيّون بأن أعادوا تسميتها « عمّار 404″.[10] هذا الصنف من المصادرة يطرح حتما قضايا خطيرة متعلّقة بالحرّيّات الشخصيّة وبحماية الحياة الخاصّة التي يفترض أنها محميّة بموجب الفصل التاسع من الدستور الذي ينصّ على أنّ: » حرمة المسكن وسرية المراسلة مضمونتان » بالإضافة إلى القانون الأساسي عدد 63 لسنة 2004 المتعلّق بحماية المعطيات الشخصيّة والذي ينصّ فصله الأوّل على أن: » لكل شخص الحق في حماية المعطيات الشخصية المتعلقة بحياته الخاصة بإعتبارها من الحقوق الأساسية المضمونة بالدستور ولا يمكن أن تقع معالجتها إلا في إطار الشفافية والأمانة وإحترام كرامة الإنسان وفقا لمقتضيات هذا القانون ». هذه الاستعدادات القانونية تتناقض كليّا مع حقيقة الوصاية التي تمارسها شرطة الانترنت على المواطنين التونسيين بأن تقرر في مكانهم المحتوى الذي يليق بهم تصفّحه وما هو ممنوع. وقد غدت مراقبة الأنترنت والسيطرة على الإبحار كلّية بفضل هذا الغلق الممركز الذي يقوم به شكلا المزوّد بالجملة لخدمات الانترنت (الوكالة التونسية للانترنت)؛ وفي الحقيقة ليست الوكالة التونسية للانترنت من يقوم بالمراقبة، ولكن جهاز آخر مرتبط مباشرة بوزارة الداخليّة وبرئاسة الجمهوريّة يعمل في ظلّ تعتيم كلّي وتلعب الوكالة دور ستار له. لم تكن هذه الوضعيّة لتعجب الشركات الأجنبية المنتصبة في تونس والتي ترغب في التمكن من استعمال الشبكات الخاصّة الافتراضيّة VPN والارتباط بالشركات الأمّ وتقاسم مواردها باستعمال التشفير والمصادقة من أجل حماية الشبكة الإفتراضية من المتسللين. وقد كان على هذه الشركات أن تنتظر سنة 2005 حتى تتمكن من استعمال VSAT وهو شبكة خاصّة للإتصالات عبر الأقمار الصناعيّة من أجل تبادل المعطيات بين مقرّها المركزي وفروعها؛ لكن شبكة « فيسات » VSAT، الذي إقتنته إتصالات تونس منذ 2001 بثمن تجاوز مئات الآلاف من الدولارات، لم يدخل أبدا حيّز العمل وتمّ تجميده بشكل مقصود؛ لتفوز في الأخير « ديفونا » Divona عن طريق « بلانات » Planet بإمتياز إستغلاله في إطار خوصصة قطاع المواصلات. علما وأن « ديفونا » تحوزها « بلانيت »، أكبر مزوّدي الأنترنت على ملك سيرين مبروك، إبنة الرئيس بن علي.
تقنيات المصادرة فرز المحتوى من السهل تقنيا فرز الإتصالات بالأنترنت عبر تحليل جزء من طلبات الحرفاء من جهة، وإجابة الموزّعات من جهة أخرى. وهي تقنية تعتمد على سكويد SQUID، وتتمثل في تمرير جميع طلبات صفحات الواب على نقطة مراقبة مكلّفة بالسماح أو بالمنع للطلبات. فإذا تمّ الفرز بمقارنة طلب الحريف بقائمة للطلبات المسموح، فإن ذلك يسمّى القائمة البيضاء؛ أمّا إذا تعلّق الأمر بقائمة للمواقع الممنوعة، فإننا حينئذ بصدد الحديث عن قائمة سوداء. أمّا مقارنة إجابة الموزّعات بقائمة شرطيّة (عبارات دالّة، …) فتخضع لتقنية ما يطلق عليه فرز المحتوى. وتستعمل السلطات التونسية أداتين لهذا الغرض هما وابسنس Websence وسمارتفيلتر Smartfilter. ويقع تحيين قاعدة بيانات عناوين المواقع يوميّا. كما أنّ برمجيّات أخرى صينيّة المصدر يقع إستعمالها حاليّا. · الكيلوجر (مسجلات المفاتيح) أو تسجيل ضغطات الأزرار على لوحة المفاتيح تسجلّ خلسة جميع ما يقع نقره على لوحة مفاتيح حاسوب ما، وترسل هذه المعطيات إلى المصدر. ويمكن زرع هذه البرمجيّات عن بعد عبر شبكة أو عبر بوّابة خلفية (حصان طروادة) أو فيروس أو عبر صفحة واب تستعمل بروتوكول أكتيفيكس[11]، وهي تتطلب بالتالي ولوجا حقيقيّا للآلة من أجل إستقبال المعطيات المجمّعة. وتسجّل أغلب هذه البرمجيّات أسماء التطبيقات الجارية وتاريخ وساعة الإطلاق إضافة إلى نقرات الأزرار المرتبطة بهذه التطبيقة. · أحصنة طروادة والفيروسات: تقوم شرطة الانترنت كذلك بإرسال أحصنة طروادة مجهّزة ببرمجيّات من نوع البوّابات خلفيّة (Backdoor). وغالبا ما يكون هذا البرنامج مخفيّا في ملفّ تنفيذي على غرار الفيروسات ويمكن أن يحمل أسماء ملفّاتكم. وحين يتمّ تشغيله، فإنّ حصان طروادة يزرع داخل الجهاز بوّابة خلفيّة تسمح بالولوج إلى حاسوبكم طالما كنتم مرتبطين بالانترنت.
مراقبة واعتراض البريد تستعمل حاليّا تقنية المراقبة المعمّقة للحزمات) Deep Packet Inspection – DPI) لمراقبة الرسائل والمكالمات على الانترنت (VoIP). وتعتمد هذه التقنية علي تحويل وجهة خطّ سير الحزمات؛ يمكن لهذه الأداة وبشكل مباشر أن تجمّع (تسجيل المعلومات بغرض تحليلها) وأن تلتقط 10 جيغابايت في الثانية. وتعتمد لذلك على التقاط رسائل بعينها مستهدفة من خلال عنوان بريد إلكتروني أو عنوان إنترنت IP أو – كما في حالة VoIP- من خلال رقم هاتف معيّن. ولكي تحقّق هذه الغاية أنشأت شرطة الانترنت عنوان مراقبة؛ بحيث يعمل البرنامج على استنساخ كلّ بريد إلكتروني مرسل أو متقبّل للشخص موضوع المراقبة، وإرسال النسخة إلى صندوق المراقبة. ·اختفاء البريد وعرقلة الملفّات المرتبطة: منذ سنة 2008، خبر المدافعون عن حقوق الإنسان والصحفيّون المستقلّون تجربة تقنية جديدة من تقنيات اعتراض البريد، تقنية لم يعد مستغلّوها يحرصون على التخفّي وعلى العمل عن بعد. حين تفتح صندوق الرسائل، فإن قائمة الرسائل الواردة سيظهر على الشاشة، لكن ما إن يضغط الشخص على الرسالة المطلوبة، فإنها تختفي أو يعوّضها بريد غير مرغوب فيه يتحّدث عن حالة الطقس أو يدعوك إلى موعد غراميّ أو يتهمك باللاّوطنيّة. ومن جهة أخرى، حين ترسل بريدا وتحاول أن تربط به ملفّا، فإنّ الربط يلغى. كما يحدث أحيانا أن يتمّ إرسال البريد لكنّه لا يصل أبدا إلى هدفه. ·كما لا يستبعد إستعمال الأجهزة الأمنية لوسائل متقدمة أخري في الهكرحيث أنه قد إتضح جليّا إمكانية تحكمها و سيطرتها المباشرة أو الغير المباشرة علي الشبكات العنكبوتية القطرية مما خوّل لها التحكم و القيام بعديد العمليات الأمنية ,مثال علي ذالك طريقة عمل ما إصطلح علي تسميته ب HTTP Session hijacking(البرامج التي تسهل القيام بهذه العمليات متاحة في النات منها مثلا برنامج Hamster ) لهكر حسابات أشخاص موجودين علي نفس الشبكة,و هنا وبحكم أنّ هذه الشبكات العنكبوتية هي شبكات داخلية تقع تحت تصرفهم فإنه بالإمكان إلتقاط (حصص الولوج ) الكوكيز المارة بالشبكة „ HTTP Session hijacking » لحواسيب معينة تكون أرقامهاIP معروفة سلفا ليقع إستغلالها(الكوكيز) مباشرة ,و إستخدامها للدخول الى حسابات أصحابها, سواء حسابات البريد التراسلي أو حسابات مواقع واب دون الحاجة لمعرفة كلمات السر. هذه الوضعيّة دفعت بثلاثة جمعيّات مستقلّة هي الرابطة التونسيّة للدفاع عن حقوق الإنسان والجمعيّة التونسيّة للنساء الديمقراطيّات وجمعيّة نساء تونسيّات من أجل البحث والتنمية، لإطلاق صيحة فزع في سبتمبر 2008: « إننا معطّلون بشكل كبير في عملنا منذ أشهر. لم يعد ممكنا الدخول إلى بريدنا الالكتروني، وحين نتمكّن من ذلك تختفي رسائلنا أو تصبح غير مقروءة وتبتلع. ورغم العديد من التشكّيات ومن التثبّت لدى إدارات الانترنت والمواصلات، فإنّ العرقلة تستمرّ لبريد جعيّاتنا الالكتروني وبريدنا الخاصّ: ولا يتعلّق الأمر لا بمشاكل تقنيّة ولا بمشاكل ربط بالشبكة، ولكن، وبكلّ وضوح، بالرقابة المسلّطة على المجتمع المدني التونسي المستقلّ. ونحن نرفض هذا الشكل المشجوب للمصادرة الذي يعرقل نشاطاتنا اليوميّة. وندعو كلّ شركائنا ليأخذوا بعين الاعتبار وضعيّة الانغلاق هذه ويتفهّموا تأخّرنا المتكرّر في الرّدّ ». ·قطع الربط بالانترنت: هناك طريقة أخرى جرّبتها غالبيّة المنظّمات المستقلّة وخاصّة مرصد حرية الصحافة والنشر والإبداع والمجلس الوطني للحريات في تونس، تتمثّل بكلّ بساطة في قطع الربط بالأنترنت من طرف الخادم العمومي « إتصالات تونس »، رغم كون المشترك يدفع اشتراكه بانتظام. وقد تمكّنت هاتان المنظّمتان التين تتشاركان نفس المقرّ من الحصول سرّا على كشف وثيقة التشكّيات المرفوعة لمزوّد خدمات الانترنت (انظر الوثيقة في الملحق)؛ هذه الوثيقة تبيّن تواريخ التشكيات المقدّمة من قبل المشترك طوال تسعة أشهر من سنة 2008، والتي تضمّنت 16 عشر شكاية بسبب قطع الاتصال؛ ليقوم المزوّد برفع تقريره إلى اتصالات تونس والذي يتضمّن العبارة التالية: « مودم متزامنة ولا يمكن الدخول إلى انترنت » « Modem synchro et pas de connexion » أو « لا يوجد تزامن » « pas de synchronisation »؛ ليقوم المشغّل العمومي للهاتف القارّ إمّا بتجاهل الطلب وإبقاء القطع، أو بإعادة الربط ليقطعه من جديد. ·عرقلة منافذ الخدمات: بعض الحقوقيّين أو المعارضين عرفوا بدورهم تجربة الصفحة البيضاء رغم وجود ربط شغّال و حيّ بالأنترنت، بحيث لا يمكن الدخول إلاّ إلي صفحات محدودة في حين تعلن صورة شاهد الربط عن تدفّق عاديّ. إضافة إلى غلق منافذ خدمة تحميل الملفّات FTP (المنافذ رقم 20 و21 و22) وإخضاعه إلى ترخيص مثلها مثل المنافذ المخصصة للاتصال المؤمّن (المنفذ 443 مثلا). ·طريقة أخرى تتمثل في إعطاء عنوان إي بي IP قارة لمجموعة من الأشخاص (شخصيّات من المعارضة وجمعيّات مستقلّة) بعد التعرّف على عنوان الماك الخاصّ بهم (عنوان فيزيائي صلب بطاقة الربط الالكترونية في الحاسوب، معرّف عالميّا)، وهكذا يتمّ إخضاعهم لمراقبة خاصّة من قبل جهاز مختصّ، مثال ذلك الدكتور أحمد بوعزي الجامعي والقيادي في الحزب الديمقراطي التقدّمي، الذي أصدر بلاغا يوم 25 ماي 2009 يتعلّق بتحويل وجهة خطّ ربطه بالانترنت، وهذا جزء من تصريحه: « منذ منتصف شهر جانفي 2009، تباطأ خطّي بشكل جليّ، لم يعد بإمكاني فتح بريدي الالكتروني، استعمال خدمات الدردشة أو تحميل الملفّات أو التمكّن من الدفع الالكتروني المؤمّن بل وحتّى الدخول إلى فايسبوك. وقد كشفت تشكياتي لدى مزوّد الخدمات الذي تعاقدت معه أن خطي لم يعد مرتبطا لديه، وقد علمت بأنني أصبحت مرتبطا بمزوّد آخر مجهول الهويّة ثبّت عنواني الإي بي على الرقم 41.231.48.2 الذي لا ينتمي إلى أيّ مزوّد معروف. في حين أنني أدفع اشتراكي لشركة اتصالات تونس مقابل ربطي بمزوّد الانترنت الذي تعاقدت معه وضمان تدفّق 2 ميغابايت في الثانية؛ والشركة المعنيّة لا توفّر لي ما دفعت من أجله، بل الأدهى، تحوّل وبشكل غير قانوني ربطي على مزوّد مجهول ليغلق في وجهي أغلب خدمات الانترنت المعتادة… على إثر هذه الهجومات كاتبت مدير اتصالات تونس ثمّ وزير تكنولوجيات الاتصال، لكن بدون نتيجة؛ ممّا اضطرّني إلى اللجوء للقضاء. وقد قدّم محاميّ شكوى لدى وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس ضدّ اتصالات تونس يوم 13 ماي الفارط ».
من يصادر وماذا يصادر؟ إنّ هوس المراقبة لا يستثني أحدا؛ إبتداءا بالمعارضين والجمعيّات المستقلّة وصولا إلى الوزراء مرورا بالفاعلين الاقتصاديّين وأعضاء الحزب الحاكم ومديري المنظّمات الوطنيّة والنقابيين والجامعيّين والمسؤولين الجهويّين والسفارات ومختلف إطارات مصالح و مكوّنات الأمن وحتّى السبر العشوائي بين المواطنين العاديّين. بقيت البعثات الديبلوماسية حتى موفّى سنة 2007 تشتكي من المراقبة وإعتراض بريدها وعرقلة بعض المواقع التي إعتادت زيارتها. لكن منذ ذلك التاريخ، إستطاعت تلك البعثات بدورها الإشتراك في خدمات الربط بالقمر الصناعي VSAT الذي يعفيها من المرور عبر الطريق الإجباري للوكالة التونسية للانترنت. وتؤكّد الحكومة التونسية في خطابها الرسمي أو في وثائقها الإشهارية على كون « حرية الدخول إلى انترنت حقيقة في تونس… فبعض المواقع من بين أكثرها نقدا للحكومة ومن بينها مواقع منظّمات حقوق الإنسان متاحة للمواطنين التونسيين »[12] ورغم ذلك تؤكّد العديد من الدراسات والتقارير العكس تماما. ففي 2006، قابلت بعثت تحقيق من الشبكة الدولية لتبادل المعلومات حول حرية التعبير IFEX وزير المواصلات الذي إعترف بعرقلة بعض المواقع الإباحيّة والإرهابيّة لا غير. وفي تقريرها لسنة 2007[13] أكّدت مجموعة مراقبة حالة حرية التعبير في تونس Tunisia Monitoring Group التابع لإيفاكس أنّ « ممثليها (تونس) أكّدوا لنا حقيقة العرقلة المنهجية للأنترنت، لكنهم أشاروا إلى أن مصادرة المواقع السياسية أو الإعلاميّة يمكن تفسيرها من خلال المحتوى الإرهابي أو المحرّض على الكره الذي تتضمّنه هذه المواقع المعنيّة. لكنّ موظّفي الدولة عجزوا عن تسمية أيّ إجراءات قضائية أو إداريّة كانت تسمح بشكل شرعيّ بالإعتراض القانوني على مثل هذه التوصيفات ». ويمكن لحجب المواقع ألاّ يكون كلّيا، وإنما جزئيا، بحيث يكون الموقع متاحا، لكن الصفحة المحتوية على معلومات عن تونس يقع حجبها، ممّا يتيح للسلطات أن تؤكّد أن الموقع غير محجوب، وهو ما يحمل جانبا من الصحّة وجانبا من الخطأ. وقد تعرّض تقرير نشرته [14]Opennet initiative (ONI) سنة 2005 لذكر 4 أصناف للمحتوى المحجوب: مواقع حقوق الإنسان، المواقع السياسية للمعارضة، المواقع الإباحيّة وأدوات تجاوز الحجب والإبحار الخفيّ. ويجب أن نضيف اليوم مواقع الترجمة الآليّة وبعض مواقع الموسوعات مثل ويكيبيديا (ليس جميع الصفحات)، ومواقع إيواء الفيديو مثل يوتوب ودايلي موشن، ومؤخرا الشبكات الاجتماعيّة على غرار الفايسبوك. ويجدر بنا التوقف قليلا عند ظاهرة الفايسبوك الذي عرف إنتشارا واسعا وأصبح ظاهرة حقيقيّة في المجتمع التونسي؛ ففي أوت 2008، تمّ حجبه، ثمّ إعادة فتحه بعد 15 يوما بتدخّل سريع من الرئيس بن علي وعلى إثر موجة من الاحتجاجات والاستنكار[15] مسّت كامل المجتمع حتّى الشرائح المسيّرة؛ وقد تضاعف عدد مشتركي الفايسبوك إثر غلقه في ظرف شهر واحد (من 28000 إلى أكثر من 60000)، وهو مستمرّ في الانتشار بشكل واسع، ممّا دفع بعض المقرّبين من السلطة، مثل الشهير عماد الطرابلسي – الذي أدين مؤخّرا من قبل المدّعي العمومي بأجاكسيو[16] من أجل المشاركة في سرقة يخت – إلى إستعمال هذه المنصّة لإطلاق حملة إشهارية من أجل فتح فضائه التجاري العملاق « بريكوراما ». وفي هذا السياق، من المفيد قراءة هذا التعليق الساخر لصحفي، نشر على موقع شبه رسمي عند غلق الفايسبوك في سبتمبر 2008، لكي نفهم حجم هذه الظاهرة وعمقها: « ربّما وجب أن نفكّر في حصر استعمال البريد الالكتروني بشكل جذري على المحترفين وحدهم. والأفضل من ذلك: يمكن فتح مكاتب مختصّة لكتّاب محلّفين يرسلون مكاننا المراسلات المستعجلة. ممّا يتيح فرص عمل تستوعب عطالة أصحاب شهائد العربية والفرنسية… فلنضحّى بكامل شبكة الانترنت العالميّة، إذا استلزم الأمر، ما دامت سلامتنا تتطلّب هذا الثمن. »[17] هذه الحلقة التي قدّمت مسألة المصادرة على الأنترنت في الفضاء العام، تمّ استغلالها أيضا من قبل مداهني النظام لدعوته إلى مزيد مراقبة الأنترنت وإلى إعتماد إجراءات أكثر تضييقا، مثلما فعل برهان بسيس، الذي يعمل في الوكالة التونسية للاتصال الخارجي أو وكالة الإشهار الرسمي « … لكي نتفادى سوء الفهم والمزايدات، من الضروري الآن مزيد تقنين القطاع وخاصّة في علاقة بالمراقبة والعرقلة التي ينبغي إجراؤها… فمن حقنا ومن واجبنا أن نراقب هذه الطريق السريعة… وأن نقننها من خلال قانون… أعتقد أن التفكير في منظومة قانونية لتأطير هذه الإشكاليات قد أصبح من الضروريات الملحة تجنّبا لكل مظاهر الإلتباس أو المزايدة خاصة حين يتعلق الأمر بمسائل الرقابة والحجب المطلوب ممارستها في سياق عقد قانوني واضح… من حقّنا أن نراقب الفضاء الافتراضي بل من واجبنا ذلك تجاه طريق سيارة… وهو ما لا يمكن أن يتحدّد وينظم إلا عبر قانون واضح لتنظيم قواعد السّير والتجوال في هذه الطريق السيارة… ».[18]
6- المراكز العموميّة للأنترنت، مراقبة لصيقة المراكز العمومية للأنترنت Publinets هي فضاءات للأنترنت يمكن للأشخاص أن يبحروا من خلالها في الشبكة العنكبوتية. هؤلاء تتمّ مراقبتهم بشكل لصيق ويخضعون إلى كرّاس شروط قاس. فالفصل 12 فقرة 5 من القرار عدد 2481 المؤرخ في 10 ديسمبر 1998 لوزير المواصلات المحدّد لكرّاس شروط المراكز العمومية للانترنت، ينصّ على أنّ تسجيل أو طباعة وثائق منزّلة أو مرسلة يجب أن يتمّ عرضه على مسيّر المركز أو التقني الذي يعوّضه وألاّ يحتوي الحاسوب المستعمل على قارئ أقراص ليّنة؛ كما ينصّ أيضا على ضرورة أن يحرص المسيّر على أن يكون محتوى الصفحات التي يتصفّحها المستعمل خاضعة للمعايير المسموح بها من قبل الوكالة التونسية للأنترنت؛ وأن يحرص على مراقبة محتوى البريد الالكتروني لحرفائه عن بعد.
معطيات حول مستعملي المراكز العمومية للانترنت حسب دراسة أعدّها سامي بن ساسي[19] سنة 2004 حول الإقبال على مراكز الأنترنت، فإنّ معدّل مدّة استعمال جهاز حاسوب مرتبط بالانترنت ساعة وأربعون دقيقة. ويبقى 18% من الشريحة المدروسة من بين مستعملي الانترنت أقلّ من ساعة، في حين يبقى 67% منهم ما بين ساعة واثنتين، و15% أكثر من ساعتين. وتشمل الشريحة المدروسة 40% موظّفين و56% طلبة وتلاميذ و4% معطّلين. ويتمتّع 64% من المستجوبين بمستوى جامعي يتراوح بين البكالوريا زائد سنة والباكالوريا زائد خمسة سنوات، في حين قام 3% منهم بدراسة جامعية لأكثر من 5 سنوات، بينما 29% مستواهم الدراسي التعليم الثانوي، و4% ابتدائي. أمّا معدّل نسبة العودة إلى المراكز العمومية للانترنت فقد قدّرته الدراسة بأربع مرّات في الأسبوع. ويزور 62% من المستجوبين بشكل دوري نفس المركز. ويقدّر معدّل سعر ساعة الانترنت ب 1,35 دينار (دولار واحد). ومن بين المستجوبين، يوجد 24% سنهم دون العشرين سنة و64% بين العشرين والثلاثين و12% أكبر من ثلاثين سنة. أمّا أصغر شخص فله من العمر ست سنوات، في حين يبلغ أكبر المستجوبين 50 سنة. وتتركّب الشريحة المستجوبة من 70% ذكور و30% إناث. يقطن 83% منهم على بعد مساو أو أقل لكيلومتر واحد من المركز الذي تمّ استجوابهم فيه. وقد صرّح 20% من المستجوبين بقيامهم بنشاطات بحث على الانترنت، في حين ذكر 44% أنّ نشاطهم يتركّز على عمليّات التواصل المباشر (الدردشة)، و28% لا يستعملون سوى البريد الالكتروني، بينما 4% يستعملون الألعاب، و4% يرفضون الإعلان عن نشاطهم الرئيسي في الانترنت.
رقابة لصيقة وتضييق للفضاء عبر الغلق الإداري يتقن الشباب جيّدا لعبة الالتفاف ويتمكنون دائما من تجاوز حلقات الشرك؛ وقد تعدّدت المحاكمات من أجل « الإرهاب » والتي لم ترتكز على أدلّة غير تنزيل ملفّات تمّت رغم أنف المصادِرين؛ الأمر الذي أزعج السلطات ودفع بوزارة المواصلات لتكثيف عمليّات التضييق والضغط على أصحاب الفضاءات العمومية للانترنت الذين تفترض مسؤوليتهم على محتوى الصفحات المعروضة من قبل حرفائهم. ولم تكف زيارات التفقد التي يجريها المراقبون لرفع جداول التصفّح على الحواسيب؛ الأمر الذي حدا بالسلطة سنة 2004 لزرع جواسيس في مساحيج التخديد (Routeurs) للخوادم مرتبطين مباشرة بالوكالة التونسية للانترنت. وتعتمد التقنية الأكثر استعمالا على تفعيل إدارة تقارير النشاط logs عند إدخال الرابط. وحين يكون هذا مفعّلا على مسحاج التخديد، فإن كل ربط مطلوب من قبل أيّ مستعمل يقع تسجيله في ملفّ، أين سنجد عنوان الإي بي الخاصّ بالمستعمل وتاريخ وساعة الطلب وعنوان الموقع المطلوب تصفّحه. ورغم كلّ هذه التضييقات فإنّ الرقابة بقيت عاجزة، إذ واصل الشباب رغم كل شيء دخولهم إلى المواقع المحرّمة. الأمر الذي حذا بالسلطة إلى اعتماد سياسة متعمّدة للحدّ من مساح المراكز العمومية للانترنت، فأغلق العديد منها؛ وتمّت مؤاخذتها على سماحها للمعارضين والحقوقيين باستعمالها؛ أمّا التعليلات المقدّمة فهي على سبيل المثال غياب ممرّ خاصّ بالمعوّقين، كما وقع في مدنين. البعض الآخر من مسيّري المراكز العمومية كما في صفاقس (مع سليم بوخذير) وجرجيس (مع عبد الله الزاوري) يتمّ تشجيعهم على الاعتداء المادّي على هؤلاء المستعملين الذين يحتجون على حرمانهم من حق الدخول أو يجرون معاينة عن طريق عدل تنفيذ؛ لكن العدالة تلاحق الضحية بدل الجاني بتهمة عرقلة نشاط تجاري أو التشهير كما هو الحال مع عبد الله الزواري.[20] بلغ عدد المراكز العمومية للانترنت في تونس سنة 1999 200 مركزا، وكانت الدولة تخطط لبعث400 مركز جديد في موفّى جوان 2001. لكن في جوان 2002 كان عدد هذه المراكز 306؛ يتواجد نصفها في تونس الكبرى. وفي 2009 أطلق السيد سمير سحنون رئيس الغرفة الوطنية النقابية لمراكز الانترنت صرخة فزع: « أصحاب مراكز الانترنت الذين يغلقون محلاّتهم في تزايد مستمرّ. فمن بين 400 محترف في القطاع منذ أربع سنوات، بالكاد يوجد اليوم 200 وربما أقلّ »[21]. لقد أصبحت الوكالة التونسية للأنترنت اليوم تحجب من صفحات إحصائياتها عدد مراكز الانترنت التي غدا المساح المعلوماتي مفتقرا إليها بشدّة.
تسجيل المستعملين منذ مطلع سنة 2009، فعّلت السلطات من جديد إجباريّة الاستظهار ببطاقة تعريف بالنسبة للمستعملين قبل الإبحار؛ وقد قامت الوكالة التونسية للانترنت بفرض استعمال برمجيّة تدعى Publisoft في جميع مراكز الانترنت، بحيث تتمكّن من التعرّف أيّ مستعمل يحاول أن يدخل كذا موقع. هذه البرمجيّة تلزم المستعمل بالاشتراك بعد تقديم بطاقة تعريفه بحيث تدوّن معطياته الشخصية في قاعدة البيانات الخاصة بالبرنامج ويتحصّل الحريف بالمقابل على معرّف دخول وكلمة سرّ يحتفظ بهما، ويصلحان للاستعمال في جميع المراكز العمومية ولا يمكنه الدخول إلى الانترنت إلا من خلالهما. هذا البرنامج مرتبط مباشرة بالوكالة التونسية للانترنت التي تتمكّن بذلك من التعرف في نفس اللحظة على المستعمل وعلى مكانه والمواقع التي يزورها. ولقد حاول عدد كبير من أصحاب مراكز الانترنت التملّص من استعمال هذا البرنامج، واضعين في اعتبارهم الوقع السلبيّ على حرفائهم الذين سيترددون كثيرا في الإبحار تحت الرقابة الصارمة لبوليس الانترنت. وقد تعذّروا أحيانا بتباطؤ الأجهزة الذي يسببه استعمال هذا البرنامج. ولقد قام المراقبون أثناء عمليّات الزيارة الروتينيّة بتثبيت البرنامج بأنفسهم على الخادم؛ ثم في مرحلة ثانية، أصبح وبكلّ بساطة الغلق ينتظر من لا يشغّل البرنامج، كما حدث مع عديد المراكز في العاصمة وخاصّة مركز المرسى الذي تمّ غلقه بطريقة عنيفة من قبل الشرطة تحت أنظار الحرفاء في مارس 2009 (انظر صورة الغلاف). القضاء يتدخل كلما عجز بوليس الانترنت دائما ما تنطلق وتنتظم عمليّة « صيد الإرهابيين » في الانترنت؛ فكثيرا ما تكون أدلّة الإدانة في القضايا المتعلّقة بشباب متهم بالإرهاب معلومات منزّلة على خازن معلومات صغير أو قرص ليزر (انظر تقرير المجلس الوطني للحريات بتونس بعنوان « القضاء الاستباقي » أو تقرير مجلس احترام الحريات وحقوق الإنسان والجمعية التونسية لمناهضة التعذيب حول التعذيب في تونس.
7- المراقبة خارج التراب التونسي رأينا كيف أن هوس المراقبة يشمل كامل التراب التونسي، لكنّ بوليس الأنترنت لا يكتفي بمراقبة التونسيّين في تونس، وإنما يجنّد كل إمكاناته من أجل توسيع دائرة فعله لتشمل التونسيّين خارج التراب التونسي. إذ يقوم هذا الجهاز بتوجيه الهجومات ضدّ مواقع الواب الخاصّة بالمعارضين والمسكنة في الخارج (علما وأنّ جميعها كذلك بسبب رفض مزوّدي الخدمات في تونس إيواء هذا الصنف من المحتوى)، ويراقب بريدهم الألكتروني وإتصالاتهم ويرسل جواسيسه لإختراق فضاء التدوين.
هجومات على مواقع واب المعارضين المسكّنة في الخارج من النادر أن تجد موقع واب أو مدوّنة لمعارض في الخارج لم تتعرّض لعمليّة قرصنة دمّرت أرشيفه أو عطّلته لأيّام. فخلال السنة المنقضية تعرّضت العديد من المواقع للهجومات، نذكر على سبيل المثال الموقع الإعلام الأكثر شهرة تونس نيوز، وكذلك كلمة تونس وتونيزيا واتش، أو مواقع المعارضة التونسية مثل PDPinfo موقع الحزب الديمقراطي التقدمي وCPRtunisie موقع حزب المؤتمر من أجل الجمهورية أو بعض المدوّنات مثل الصحوة التونسية Reveiltunisien ونواة Nawaat. وتعتبر قرصنة موقعي النهضة www.nahdha.org والحزب الديمقراطي التقدّمي www.pdpinfo.org المأويّين في الخارج من أكثرالمواقع وتيرة تعرض للهجمات خاصة في السنوات الأخيرة بهدف التشويه و التدمير ونذكر ما حدث في أوائل سنة 2008 حيث كانتا هدفا لنفس الأسلوب في الإعتداء وكان قد نجح المخترق/ين في السيطرة علي هذه المواقع لفتراة وجيزة من الزمن و قام/وا بلصق صور دخيلة معلنة للهكر . (انظر طبعات الشاشة في الملحق) نوع آخر من الهجمات العنيفة يتمثل في إستغلال ثغرات برمجية في بعض المواقع التي تستعمل غالبا برمجيات حرة ذات مصدر مفتوح للقيام بغرس أكواد ضارة و دخيلة علي صفحاتها, فعند زيارتها من قبل رواد هذه المواقع تحمل أوتوماتيكيا علي حواسبهم و تقوم بدور تدميري أو تجسسي …. و نذكر أنه قد تعرض موقع البي دي بي أنفوpdpinfo لهذا الإعتداء وكذلك موقع تونس أون لاين Tunis-online الذي كان له موعد مع هذا النوع من القرصنة في تاريخ 29 ماي 2009إمتدت لمدة تزيد عن 15 يوما إستطاع التخلص منها بتطهير ملفات مجلته من هذه الأكواد الخبيثة . وقد تعرّض موقع كلمة تونس الجديد، و الذي أعيد إنشاؤه ليقاوم و ليتصدي بشكل أفضل لهجومات القراصنة، يوم 24 أفريل 2009 و لمدة تزيدعن 4 دقائق إلى أكثر من 380 محاولة قرصنة إعلامية من نوع القوّة الغاشمة Brutt_force[22] والمسمّاة أيضا التعريف بالإكراه (أنظر طبعة الشاشة في الملحق) في محاولة للكشف بصورة آليّة على كلمة سرّ المشرفين للولوج إلى لوحة التحكّم، لكن محاولاتهم المتعدّدة باءت لحسن الحظّ بالفشل. وحسب مختصّ في الإعلاميّة والاتصالات: « غالبا ما تكون هجومات القوّة الغاشمة سريعة لكي لا تنبّه مشرفي الموقع، ولا تتجاوز عادة الدقيقتين في الأقصى، وهو زمن كاف لكسر كلمة سرّ الموقع المقرصن. »
مراقبة وصلات المعارضين المقيمين في الخارج لم ينج من براثن رقابة شرطة الأنترنت التونسية حتى المعارضون المقيمون بالخارج. وقد لجأت لذلك إلى خدمات الغير الذين يمكن أن يكونوا أجهزة استخبارات مختصة (تبادل خدمات)، طلبة تونسيون مغرر بهم مقيمون بالخارج (زبونية أو تهديدات على الجواز) أو بكل بساطة تقتني خدمات قراصنة أجانب يعوّضونها في المراقبة. أمّا الآليّات فهي تقليديّة، يمكن أن يتعلّق الأمر بنشق الحزمات packet Sniffing أو باختلاس العنوان على الشبكة ARP spoofing؛ هاته الناشقات هي برمجيّات يمكنها التقاط المعلومات المنقولة في شبكة خاصّة، وتسمح بتصفّح سهل للمعطيات غير المشفّرة، ويمكنها بالتالي اقتناص كلمات المرور أو كلّ المعطيات التي تنقل بشكل عادي. ويمكن للمتسلل، لا فقط أن يتابع المعطيات المتداولة، ولكن أيضا أن يخزّنها لتحليلها لاحقا؛ كما يمكنه إعاقة مرور معطيات معيّنة ويلعب بالتالي دور المراقب الذي يفرز المحتوى المرسل والمتقبّل من عنوان الإي بي المختلس. وفي حالة إختلاس عنوان الآ إر بي ARP spoofing أو تسميم عنوان الآ إ ربي ARP poisoning، فإن القرصان يعوّض بشكل ما الضحيّة ويتحصل على المعلومات الخارجة من حاسوبها أو الموجّهة إليه، بعد أن يؤكّد عنوانه الفيزيائي MAC adresse (بصمته المعلوماتية) من خلال عنوانه على الشبكة IP. « وهي تقنية مستعملة لمهاجمة كلّ شبكة داخلية تستعمل صيغة تصريف العنوان ARP، والحالات الأكثر إنتشارا هي شبكات إيذرنات Ethernet والشبكات اللاسلكية ذات الموجات قصيرة التردّد Wi-Fi. هذه التقنية تسمح للمهاجم بتحويل وجهة سيّال الاتصال المارّ عبر الشبكة الداخليّة، ليتمكّن بالتالي من الإصغاء إلى المعطيات المبثوثة ومن تشويهها ولكن أيضا من إختلاس عنوان إي بي أو عرقلة التبادل. ويتمّ اختلاس عنوان الإي بي بإرسال حزمة آ إر بي يصوغها القرصان إلى الجهاز « أ »، لكي يرسل حزماته بدوره إلى المهاجم « ج »، في الوقت الذي كانت موجّهة إلى الضحيّة « ب ». وبنقس الطريقة، يرسل المهاجم « ج » حزمة آ إر بي مفبركة إلى الضحيّة « ب » لكي ترسل إليه حزماتها بدل توجيهها إلى الجهاز « أ ». وفي الأخير، على القرصان أن يوجّه حزمات « أ » إلى « ب » والعكس بالعكس لكي لا ينقطع الربط. ويتمكّن القرصان بهذه العمليّة من رؤية المعلومات التي تمرّ بدون تشفير بين الجهازين » (ويكي). ويمكن أن نذكر في هذا السياق الإعتداء الذي تعرّضت له سهام بن سدرين في مقر سكناها بالنسماء والتي لم تعد تستطيع الدخول إلى بريدها الإلكتروني و كذلك إلي بعض من صفحات الواب المحجوبة التي هي محجوبة في تونس مثل موقع مراسلون بلا حدود أو الصحيفة اليوميّة الجزائرية الوطن وذلك طوال عدة أشهر ما بين سبتمبر 2008 وفيفري 2009.
إختراق فضاء المدوّنات المعارضة تستعمل تقنية أخرى لملاحقة وتشويه المعارضين تتمثل في إختراق المنتديات والمواقع التي ينشئونها أو ينشطون فيها مع تقمّص هوّية معارض شديد النقد وأحيانا مقذع فاحش السباب تجاه ممثلي النظام. وبعد أن يدفع ثمن بطاقة الدخول، يبدأ التحامل على الشخصيات المعارضة بتشويه سمعتها وضرب رصيد الثقة فيها. هذه الطريقة كثيرة الاستعمال لدى المخابرات التونسية التي نجحت في تجنيد الأقلام الصفراء في المهجر التي تنجز لحساب السلطة الأعمال القذرة. هؤلاء يتدخّلون في منتديات المعارضة،ولكن لديهم أيضا مواقعهم الخاصّة؛ وفيما يلي بعض المواقع المكلّفة بهذه المهمّة: بلادي، سامي بن عبد الله، كلمة حرّة…الخ.
8- الخلاصة إنّ غياب الشفافية في التصرّف بالمال العمومي لا يسمح لنا على وجه الدقّة بقياس حجم الميزانية المرصودة في تونس وفي الخارج من قبل السلطات العموميّة من أجل مراقبة الأنترنت وحجب كلّ معلومة يمكن أن تعكس صورة سلبيّة على ممارسات المسؤولين السياسيين التونسيين. لكنّ ما هو ثابت أنّ إمكانيّات هائلة تمّ توظيفها في مراقبة الأنترنت، وزّعت بين ميزانيّات وزارة المواصلات ووزارة الداخلية ووكالة الإتصال الخارجي ورئاسة الجمهورية. ويرى الكثير من الملاحظين أنّ هذه الإمكانيات الهامّة كانت ستعود بالنفع على المجموعة الوطنيّة لو تمّ إستثمارها في مشاريع منتجة وكانت ستساهم في إستيعاب بطالة الشباب التونسي من أصحاب الشهائد بما لا يقلّ عن الثلث. كما لا يجب أن ننسى الإشارة إلى دور الشركاء الأوروبيين في الدعم اللامشروط لهذا النهج السياسي الذي يتوخّاه النظام التونسي والذي يسوّغه بإسم الأمن ومقاومة الإرهاب وبالاستقرار في المنطقة. لكنّ أهمّ ما تنبغي الإشارة إليه، هو أنّ هذه الحرب الضروس مشرعة الأسلحة البشرية والمادّية والتي تمّ حشدها من أجل غلق الأنترنت في وجه المستعملين ومراقبة بريدهم في إعتداء صارخ على حياتهم الشخصيّة، هي في النهاية حرب خاسرة منذ بدايتها لأنّ الوسائل التكنولوجيّة المستعملة في تجاوز الحجب والمصادرة تتطوّر بنفس السرعة التي تتطوّر بها شراك المصادرة، لتجعل من هذه الأخيرة عديمة الفاعليّة. [1] اعتداء السلاح الأبيض كان ضحيّته الصحفيّ كريستوف بولتانسكي من « ليباراسيون »؛ صحفيّو RTBF (راديو بلجيكا باللغة الفرنسية) نالوا بدورهم نصيبهم من الاعتداءات وتم احتجاز شريط لهم؛ أمّا فريق التلفزة الفرنسية TV5 فقد قرر الرحيل كردّ فعل على المراقبة الأمنية اللصيقة التي حاصرتهم. [2]رومانو برودي الرئيس السابق للهيئة التنفيذيّة للاتحاد الأوروبي خلال زيارته الرسميّة لتونس في غرّة أفريل 2003. [3] http://cpj.org/reports/2008/09/tunisia-oppression.php; http://cpj.org/reports/2009/04/10-worst-countries-to-be-a-blogger.php; http://www.rsf.org/article.php3?id_article=30272; http://campaigns.ifex.org/tmg/IFEXTMGreport_April2007_The_Siege_Holds.pdf; [4] http://cpj.org/blog/2009/02/tunisias-radio-kalima-raided-shuttered-staffers-ha.php [5]انظر تقرير الدفاع الذي أعدّه محامو راديو كلمة : http://www.olpec-marsed.org/fr/News-file-article-sid-8.html [6] http://mena.ifj.org/en/articles/ifj-condemns-orchestrated-campaign-against-union-of-journalists-in-tunisia?format=print ; http://campaigns.ifex.org/tmg/ [7] انظر: http://www.rfi.fr/actufr/articles/075/article_42639.asp [8]
http://www.ati.tn/fr/index.php?id=90&rub=27 [9]الفصل 5 و الفصل 6:ألغيا بموجب أحكام القانون عدد 65 لسنة 2009 مؤرخ في 12 أوت 2009 يتعلق بتنقيح وإتمام بعض أحكام القانون عدد 75 لسنة 2003 مؤرخ في 10 ديسمبر 2003 المتعلق بدعم المجهود الدولي لمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال. [10]http://www.letemps.com.tn/pop_article.php?ID_art=19839 [10] [11]وقد كان بعض القراصنة يستعملون هذه الطريقة للتسلل إلى حواسيب الآخرين، ورغم أنّ المتصفّح يرسل تحذيرا للمستعمل كلما دخل إلى الصفحات التي تستعمل الأكتيفيكس إلاّ أنّ القراصنة (وكنت منهم) وجدوا طريقة لتجاوز هذه العقبة. [12]ATCE http://www.tunisiemedias.com/references/internet.html [13]http://campaigns.ifex.org/tmg/IFEXTMGreport_April2007_The_Siege_Holds.pdf [14] http://opennet.net/studies/tunisia [15]Tous contre la censure de Facebook en Tunisie [16] http://www.kalima-tunisie.info/fr/News-file-article-sid-13.html [17]http://www.webmanagercenter.com.tn/management/article.php?id=46326 [18] http://www.assabah.com.tn/pop_article.php?ID_art=14204 [19] Les publinets de Tunis, Une analyse microéconomique, NETSUDS, n° 2, août 2004 [20] http://www.rsf.org/article.php3?id_article=7866 [21] Tunisia Today [22] انظر ويكيبيديا:
http://fr.wikipedia.org/wiki/Attaque_par_force_brute
عن المرصد الوطني لحرية الصحافة والنشر والإبداع
اللجنة التونسية لحماية الصحافيين
القائمة الأولية للصحافيين المشاركين في إضراب الجوع التضامني مع الزميلين توفيق بن بريك وزهير مخلوف
تونس في 4 – 1 2010
تواصل السلطات التونسية سياسة التنكيل بالزميلين المعتقلين توفيق بن بريك وزهير مخلوف وبعائلتيهما وذلك على خلفية نشاطهم الإعلامي. وعلى الرغم من النداءات المتكررة، الوطنية والدولية، المطالبة بالإفراج عنهما ورفع الضيم المسلط عليهما، فان السلطات تمعن في تجاهل كل تلك النداءات، مثلما تمعن في انتهاكها للأعراف والقوانين التي تضمن للصحافيين حقهم في التعبير عن آرائهم وأداء رسالتهم دون التعرض لأي انتهاك. ولا زالت السلطة تتعامل باستخفاف ولا مبالاة مع الوضعية الصحية الحرجة للزميلين وتغض الطرف عن التقارير والملفات الطبية التي تؤكد على التدهور الخطير لصحة الزميل بن بريك مما قد يعرض حياته للخطر. وبناء على الدعوة التي كانت وجهتها اللجنة التونسية لحماية الصحافيين في بيانها الصادر يوم 28 ديسمبر 2009 لخوض إضراب جوع جماعي وذلك يوم 5 جانفي 2010 تضامنا مع الزميلين ومع عائلتيهما وللمطالبة بإطلاق سراحهما فورا ودون أي شروط ، فقد أعلن الصحافيون الموقعون أسفله عن مشاركتهم في هذا الإضراب وفيما يلي القائمة الأولية بأسمائهمء في إنتظار نشر القائمة النهائية مساء الغد :
– الطاهر العبيدي ( صحفي – باريس) . – الفاهم بوكدوس (قناة « الحوار التونسي ») . – محمد الفوراتي (صحيفة « الشرق » – قطر) . – سلمى الجلاصي (صحيفة « الشعب ») . – المولدي الزوابي (موقع وراديو « كلمة ») . – معز الجماعي (موقع وراديو « كلمة ») . – لطفي الحيدوري (مراسل وكالة « قدس برس أنترناشيونال » للأنباء) . – عمر المستيري (موقع وراديو « كلمة ») . – زهير لطيف (صحفي ومنتج تلفزي – بريطانيا) . – إسماعيل دبارة ( مراسل موقع « إيلاف ») . – محمد الحمروني (صحيفة « الموقف ») . – سليم بوخذير (مراسل صحفي مستقل) . – محمد معالي (صحيفة « الشعب ») . – أسرة تحرير « الفجر نيوز » الإلكترونية . – زكية الضيفاوي (صحيفة « مواطنون ») . – سفيان الشورابي (صحيفة « الطريق الجديد ») . – محمد مزام (راديو « 6 ») . – سمير جراي (راديو « 6 ») . – لومنبا المحسني ( راديو Galère Marseille – فاتن حمدي (موقع وراديو « كلمة ») . – عبدالله الزواري (موقع « الحوار نت ») . – إسماعيل الفالح (صحيفة « مواطنون ») . – الهادي الرداوي ( « موقع وراديو « كلمة ») . – بثينة الزغلامي (صحيفية مستقلة) . – لطفي حجي (مراسل قناة « الجزيرة ») . – معز الباي (موقع وراديو « كلمة ») . – عبد الباقي خليفة (صحفي مستقل) . – عمار عمروسية (مراسل صحيفة « البديل » الإلكترونية) . – محمود الذوادي (صحيفة « الصحافة ») . journalistprotect@gmail.com *اللجنة التونسية لحماية الصحافيين
قائمة النشطاء الحقوقيين المشاركين في إضراب الجوع تضامنا مع الصحافيين تونس في 4 – 1 2010
تعلم اللجنة التونسية لحماية الصحافيين عن تشرفها بمبادرة عديد الشخصيات الحقوقية الوطنية داخل تونس وخارجها بمساندة بادرة إضراب الجوع الذي دعت لخوضه يوم 5 جانفي 2010 وترحيبها برغبتهم في المشاركة التضامنية في هذا الإضراب ، وفيما يلي قائمة السيدات والسادة الحقوقيات والحقوقيين المشاركين مع التنويه إلى أننا أدرجنا الأسماء حسب توقيت إعلان المشاركة :
– خميس الشماري ( ناشط حقوقي) . – العياشي الهمامي ( محام وناشط حقوقي) . – جمال الجاني (جمعية « حقوق الفرد ، المغرب – كندا « ) . – علي بن عرفة (منسق الحملة الدولية من أجل حقوق الإنسان بتونس) . – عدنان الحاجي ( نقابي) . – عفاف بن نصر (ناشطة حقوقية) . – محمد بن سعيد (الرابطة التونسية لحقوق الإنسان – فرع بنزرت) . – ياسين البجاوي (ناشط حقوقي وعضو الحزب الديمقراطي التقدمي) . – د. المنصف المرزوقي (رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية) . – عبد الرؤوف العيادي (نائب رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية وعضو المجلس الوطني للحريات ) . – أحمد بوعزي (رئيس لجنة الدفاع عن زهير مخلوف) . – راضية النصراوي (رئيسة جمعية مناهضة التعذيب) . – كمال الجندوبي (رئيس الشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان) . – جلال الماطري (إتحاد التونسيين بسويسرا) . – محمد بن هندة (إتحاد التونسيين بسويسرا ) . – محمد الهادي حمدة (عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي ) . – السيد المبروك ( ناشط حقوقي ) . – عمر القرايدي (عضو منظمة « حرية وإنصاف ») . -الأستاذ عبد الوهاب المعطر (محام وناشط حقوقي ). – محمد الطرابلسي (لاجئ سياسي – باريس) . – سيد الفرجاني (ناشط حقوقي – بريطانيا) . – محمد العيادي (ناشط نقابي وحقوقي ) . – رشيد النجار ( ناشط نقابي وحقوقي ) . – إيمان الطريقي (محامية وناشطة حقوقية ) . – سمير ديلو (محام وعضو هيئة 18 أكتوبر ) . – رضا الصولي (عضو الحزب الديمقراطي التقدمي ) . – سامي السويحلي (كاتب عام النقابة الوطنية لأطباء الصحة العمومية) . – نزار عمامي (النقابة الوطنية للبريد) . – عادل غزالة (الكاتب العام للجامعة التونسية لنوادي السينما) . – حليمة الجويني (عضو الهيئة المديرة لجمعية النساء الديمقراطيات) . – عبد الرحمان بلعوجة (عضو جامعة توزر للحزب الديمقراطي التقدمي) . – شوقي الطبيب (محام وناشط حقوقي) . – أنور القوصري (عضو الهيئة المديرة للرابطة التونسية لحقوق الإنسان) . – محمد النوري (رئيس منظمة « حرية وإنصاف ») . – شكري رجب (ناشط حقوقي) . – محمد زار (ناشط حقوقي) . -المنذر الشارني (جمعية مناهضة التعذيب) . – محمد عبو (المجلس الوطني للحريات) . – غزالة محمدي ( عضو الحزب الديمقراطي التقدمي) . – نزار بن حسين (الحزب الديمقراطي التقدمي) . – وسام الصغير (الشباب الديمقراطي التقدمي) . – ناصر العويني (محام وناشط حقوقي) . – عبد الرزاق الكيلاني ( رئيس فرع تونس للمحامين) . – علي النفاتي (ناشط حقوقي) . – علي بن سالم ( رئيس جمعية قدماء المقاومين ورئيس فرع الرابطة التونسية لحقوق الإنسان ببنزرت) . – مسعود الرمضاني (رئيس فرع الرابطة التونسية لحقوق الإنسان بالقيروان) . – سليم ساسي (شاعر) . – أمية الصديق (ناشط حقوقي- باريس) . – عبد الرحمان الهذيلي (عضو الهيئة المديرة للرابطة التونسية لحقوق الإنسان) . (المصدر: موقع زياد الهاني الإلكتروني بتاريخ 4 جانفي 2010 )
الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس، في 18 محرم 1431 الموافق لـ 04 جانفي 2010
أخبار الحريات في تونس
1)الحكم بسجن السيد لطفي داسي مدة شهر واحد: أصدرت الدائرة الجناحية السادسة برئاسة القاضي فوزي الجبالي في جلستها المنعقدة اليوم الاثنين 04 جانفي 2010 بالمحكمة الابتدائية بتونس حكمها في القضية عدد 32454 وذلك بسجن السيد لطفي الداسي مدة شهر واحد من أجل جمع أموال بدون رخصة طبق الأمر الصادر بتاريخ 8 ماي 1922. وتجدر الإشارة إلى أن السيد لطفي الداسي تم اعتقاله على خلفية توزيعه لمبالغ مالية على أهل مدينة الرديف إثر الفيضانات الأخيرة وقد كان تلقى هاته الأموال من جمعية مرحمة التي لا علاقة لها بحركة النهضة، بل هي جمعية قانونية تنشط في مختلف بلدان العالم ومقرها الرئيس بمدينة بون الألمانية، وخلال استنطاقه في الجلسة السابقة أكد السيد لطفي الداسي بأن غايته الأساسية هي مساعدة أهالي الرديف ولا علاقة لهاته المساعدات بأي نشاط سياسي لحركة النهضة، كما يلاحظ أن عمل هاته الجمعية هو عمل قانوني يهدف إلى مساعدة الضحايا وليست له أية خلفيات سياسية. 2)حتى لا يبقى سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو عيدا آخر وراء القضبان: لا يزال سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو وراء قضبان سجن الناظور يتعرض لأطول مظلمة في تاريخ تونس، في ظل صمت رهيب من كل الجمعيات والمنظمات الحقوقية، ولا تزال كل الأصوات الحرة التي أطلقت صيحة فزع مطالبة بالإفراج عنه تنتظر صدى صوتها، لكن واقع السجن ينبئ بغير ما يتمنى كل الأحرار، إذ تتواصل معاناة سجين العشريتين في ظل التردي الكبير لوضعه الصحي والمعاملة السيئة التي يلقاها من قبل إدارة السجن المذكور. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري
الناصر العياري يطلق نداء إستغاثة لرفع المظلمة المسلطة عليه
السبيل أونلاين – تونس – خاص
للإستماع للتسجيل الصوتي مع ناصر العياري – الرابط : http://www.assabilonline.net/Audio/nacer-ayari-fin.wma بعد تعرض المواطن ناصر العياري إلى الإعتداء والتعذيب الشديد من طرف الفرقة العدلية بنابل مما خلف له كسورا مضاعفة في رجله ، وتقدمه بشكوي إلى وكيل الجمهورية تم فيها سماع الشهود ولم يقع إتخاذ أي إجراء آخر جديد في شأنها ، في حين عمد أعوان الفرقة المعتدية إلى تحريف واقعة الإعتداء وذلك بتهديد العياري والشهود وإجبارهم على التصديق علي رواية حادث المرور المفتعلة من طرفهم ، ومن جهة أخرى حاولت فرقة المرور بنابل إقناع الضحية بتبني رواية حادثة المرور وأوحوا إليه بأنه سيجني تعويضات مالية هامة ، وأمام إصرار الناصر العياري على الرفض وتتبع الجناة ، إلتجىء المعتدون إلى شتى وسائل الضغوط عليه التى طالت أفراد أسرته . وقد تمّ حرمان العائلة من الحصول على دفتر العلاج مما تسبب في تدهور الوضعية الصحية لوالد ناصر العياري الذي كان يعاني من مرض خطير ومزمن يستوجب متابعة صحية ليس بوسع الأسرة تغطية تكاليفها ، وإنتهى الأمر إلى وفاة والده بتاريخ 01 ديسمبر 2009 . ولا زالت عائلة العياري محرومة دون بقية العائلات في الحي الذي يقطنه من المساعدات الإجتماعية التى وزعت في مناسبة الإنتخابات الماضية على جميع المعوزين في المنطقة لممارسة مزيدا من الضغوط على العائلة ومعاقبة الناصر بعد إصراره على عدم إمضاء محضر الحادث الوهمي . وما إنفك أعوان فرقة المرور بنابل من ملاحقة الضحية تارة بالهاتف وأخرى بالتردد عليه في بيته والإلحاح عليه لإمضاء محضر حادث المرور . ونتيجة لكل هذه الضغوطات التى وصلت إلى حد التهديد بتلفيق تهم كيدية ضده والشهود في حادثة الإعتداء توجه الناصر العياري بنداء إلى رئيس الجمهورية لردع المعتدين ووضع حدّ لهاته التجاوزات الخطيرة التى مست من كرامته ومن حرمته الجسدية وضيقت عليه أسباب العيش الكريم ، وإلى المنظمات الحقوقية لمساعدته في رفع المظلمة المسلطة عليه .
بالتعاون مع الأستاذة إيمان الطريقي – والناشط الحقوقي سيد المبروك – تونس
(المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس) ، بتاريخ 04 جانفي 2010 )
المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين
نــــعــــي
ينعى المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين عميد الصحفيين التونسيين الزميل الصحفي الكبير توفيق بوغدير الذي غادرنا يوم السبت 2 جانفي 2010 بعد مسيرة مهنية حافلة امتدت حوالي الثمانين عاما، عرف خلالها بالمهنية المتميزة والتواضع ودماثة الأخلاق. وكانت للزميل الفقيد الذي عايش جماعة تحت السور وتفاعل معهم، مساهمات أدبية قيمة في الكتابة المسرحية والقصة القصيرة. وقد تولّـت جمعية الصحفين التونسيين في ظل رئاسة الزميل فوزي بوزيان ومن خلال تقديم متميّـز للزميل سفيان بن فرحات، تكريم الزميل توفيق بوغدير في غرة ماي 2007 في مقرها، تعبيرا منها عن تقدير عموم الصحفيين التونسيين له، وفي إطار مبدئها الذي أقرته بأن الصحفي لا يتقاعد. ولا يسعنا بهذه المناسبة الأليمة إلاّ أن نتقدم بتعازينا الحارة إلى عائلة الفقيد وإلى عائلة الصحفيين الموسعة. وعزاؤنا الوحيد أن ذكرى الفقيد ستبقى حيّة بما خلّفـه من أثر لن يمحوه الزمن. عن المكتب التنفيذي الرئيس ناجي البغوري
المرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية تونس في 04 /01 / 2010
اطلاق
حملة وطنية للتشهير بأعداء العمل النقابي
مثلت حادثة الاعتداء بالعنف الشديد على عمال ونقابيين معتصمين في مصنع فلورتاكس بصفاقس يوم 17 / 12 / 2009 انتهاكا خطيرا للحق النقابي , لكن الاعتداءات على النقابيين والعمال في الواقع كثيرة وتحدث كل يوم وان كانت بدرجات متفاوتة في الشدة والخطورة , ولهذا اقتنعنا في المرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية بعد وقائع الاعتداء في صفاقس بضرورة التحرك للتشهير بمرتكبي هذه الاعتداءات وأعداء العمل النقابي عموما ولو في الحدود الدنيا وبما نملكه من إمكانيات بسيطة لمنع تكرر مثل هذه الاعتداءات . لهذا نطلق هذه الحملة الوطنية للتشهير بأعداء العمل النقابي وسيقتصر تحركنا في البداية على رصد وتوثيق شكلين فقط من الانتهاكات والاعتداءات ضد العمال والنقابيين هما : -1 رفض الاعتراف بالحق النقابي والتضييق على النقابيين وصولا الى طردهم التعسفي – 2 الاعتداء بالعنف على عمال او نقابيين أثناء تحركات نقابية – عمالية ونظرا لانغلاق كافة الفضاءات الإعلامية العمومية وعدم إمكانية احتضانها لإخبار وتقارير الحملة سيقتصر وجود حملتنا على الفضاء الافتراضي من خلال موقع أو مدونة تخصص لهذا الغرض فقط دون غيره, توثق فيها أشكال الاعتداءات مع ذكر أسماء المعتدين ومن يدفعهم إلى ذلك من مؤسسات أو شركات عمومية أو خاصة أو أفراد مع إصدار تقارير شهرية وسنوية محينة ومفصلة. إن نجاح الحملة مرتبط أولا بمدى انخراط العمال والنقابيين فيها وذلك بالإبلاغ عن الانتهاكات والاعتداءات الواقعة عليهم, كما هو مرتبط أيضا بمدى التفاف كل نشطاء المجتمع المدني والمواطنين حولها لتوفير كل وسائل الضغط اللازم وإسناد النقابيين والعمال في التصدي لكل الاعتداءات والانتهاكات. إن التشهير بالمعتدين هو الخطوة الأولى لمواجهتم لكنها ليست كافية لهذا علينا التفكير بأشكال أخرى أكثر فاعلية تفرض على المعتدين الاعتراف بالحق النقابي والتراجع عن أسلوب الاعتداءات ويؤكد المرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية انه وان كان صاحب المبادرة في إطلاق هذه الحملة فهو منفتح على جميع التصورات والأفكار والمقترحات لان هدف الحملة هو مصلحة عمال تونس ونقابييها بدون استثناء. جميعا من اجل التصدي للانتهاكات ضد العمال والنقابيين. جميعا من اجل فرض الحقوق والحريات النقابية عن المرصد المنسق محمد العيادي — المرصد التونسي للحقوق و الحريات النقابية Observatoire tunisien des droits et des libertés syndicaux
رئيس الحملة الدولية لحقوق الإنسان في تونس علي بن عرفة لـ «العرب»: حملة بقيادة الشيخ القرضاوي للإفراج عن صادق شورو
2010-01-04 حاوره: محمد الحمروني نجحت «الحملة الدولية لحقوق الإنسان في تونس» في حشد عدد كبير من العلماء وقادة الرأي في تونس والعالم الإسلامي؛ للمطالبة بـ «وقف المحنة التي يتعرض لها الدكتور صادق شورو وإطلاق سراحه». وشارك في هذه الحملة عدد كبير من العلماء، يتقدمهم فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والدكتور محمد مهدي عاكف المرشد العام للإخوان المسلمين، والشيخ فيصل مولوي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والشيخ راشد الغنوشي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين. كما ساهم في هذه الحملة من الشخصيات الدولية الدكتور عبدالسلام البلاجي المفكر الإسلامي المغربي، والدكتور إبراهيم السنوسي القيادي في حزب المؤتمر الشعبي بالسودان، والدكتور بشير نافع الباحث في التاريخ الحديث. وفي هذا الحوار مع الأستاذ علي بن عرفة منسق «الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس»، تحاول «العرب» إلقاء مزيد عن الضوء على هذه المبادرة وطبيعتها والنتائج المتوقعة لها. و»الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس» منظمة حقوقية مستقلة تأسست عام 1998 على يد مجموعة من النشطاء الحقوقيين اللاجئين في بريطانيا؛ بهدف الدفاع عن حقوق الإنسان والحريات الأساسية في تونس. وتعتمد الحملة في مبادئها على المواثيق والعهود الدولية لحقوق الإنسان، وتتميز بتركيزها على التحركات الميدانية مثل الاعتصامات والإضرابات عن الطعام؛ من أجل تنبيه الرأي العام الوطني والدولي للمظالم والانتهاكات ضد حقوق الإنسان في تونس.
ما طبيعة وأهداف الحملة التي أطلقتموها مؤخرا من أجل إطلاق الشيخ الصادق شورو؟ – بدأت الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس منذ أسبوعين تقريبا هذه الحملة، عبر تنظيم اعتصام أمام السفارة التونسية في لندن، وإصدار عريضة وطنية تطالب بوقف سياسة الانتقام والتشفي ضد الدكتور صادق شورو، وإطلاق سراحه فورا دون قيد أو شرط. ونجحت الحملة في جمع المئات من التوقيعات للنشطاء السياسيين والحقوقيين التونسيين وعلى رأسهم قيادات المعارضة والمجتمع المدني في تونس، كما نجحت في إقناع مجموعة من العلماء والمفكرين وقادة الرأي في الأمة وعلى رأسهم فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي بإصدار نداء للسلطة من أجل الإفراج عن الدكتور شورو، والعمل على بعث روح الوئام والمصالحة الوطنية بما يخدم مصلحة تونس والأمة. كما قامت الحملة بإصدار تقرير تحت عنوان « الحرية لمانديلا تونس »، تضمن تعريفا بالدكتور والمحنة التي تعرض لها، وموقف أغلب المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية من هذه المظلمة.
لماذا أطلقتم لقب « مانديلا تونس » على الشيخ الدكتور شورو؟ – استحق الدكتور صادق شورو لقب « مانديلا تونس » بالنظر إلى طول محنته التي تعد أطول فترة يقضيها سجين سياسي تونسي في السجن منذ انتصاب الحماية الفرنسية وعلى امتداد تاريخ تونس الحديث، بالإضافة إلى شجاعته في تحمل أمانة الدفاع عن الحريات في تونس، وإن تطلب ذلك عودته إلى سجن لم ينته من نفض غباره عنه بعد، وهي تجربة لا نعلم إن كان مانديلا نفسه سينجح في الصمود فيها لو قدر له معايشتها، فالمكوث في السجن قهرا مهما طالت مدته، أيسر من العودة إليه بعد 18 سنة من السجن، منها 14 سنة في سجن انفرادي. وللعلم فإن الدكتور حاصل على الدكتوراه في الكيمياء من كلية العلوم بتونس، وهو أستاذ في كلية الطب إلى حين اعتقاله عام 1991، وهو أيضا عضو لجنة البحث العلمي بالمركز الجامعي للبحث العلمي بتونس، وعضو بنقابة التعليم العالي للاتحاد العام التونسي للشغل، بمعنى أنه ثروة علمية ومعرفية كان الأجدر الانتفاع بها بدل إلقائها في السجن لمدة تقارب العقدين من الزمن.
ولكن السلطة تقول إن شورو مدان بجرائم حق عام وهي لا تعترف بكونه سجينا سياسيا، وإنه حظي بمحاكمة عادلة شفافة وعلنية؟ – لا، هذا غير صحيح، فالدكتور اعتقل في 17 فبراير 1991 في إطار حملة استئصالية شنتها السلطة ضد حركة النهضة، وكان حينها رئيسا للحركة، وتم الاحتفاظ به سرا لفترة طويلة دون أن يعلم أحد من عائلته عن مكان احتجازه، وتعرض لتعذيب شديد لحمله على الاعتراف بسيناريوهات أمنية تهدف لتوريطه وحركته في استعمال العنف للوصول إلى السلطة. وفي يوم 28 أغسطس 1992 مثل مع 265 قياديا من حركة النهضة أمام المحكمة العسكرية بتونس العاصمة، التي حكمت عليه بالسجن مدى الحياة، وقد أجمعت المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية على عدم عدالة المحاكمة؛ لعدم توفر الحد الأدنى من شروط العدالة، فقد انتزعت الاعترافات تحت التعذيب. وتميزت ظروف اعتقاله بالقسوة البالغة، إذ تعرض لأنواع شتى من التعذيب حمل على إثرها إلى المستشفى أكثر من مرة، وهو في حال خطرة يتهدده الموت، وخضع للسجن الانفرادي لمدة 14 سنة، وهي عقوبة لا قانونية، بل تندرج ضمن سياسة الانتقام والتشفي التي يتعرض لها السجناء السياسيون في تونس، وقد كان للدكتور الصادق النصيب الأوفى باعتباره سجينا سياسيا وقياديا إسلاميا. وحتى عندما أطلق سراحه العام الماضي لم يمكث سوى 27 يوما ليعاد إلى السجن من جديد؛ بسبب رفضه الخضوع للمضايقات التي يتعرض لها السجناء السياسيون المسرحون، حيث منع من التعبير عن رأيه في وسائل الإعلام واستقبال الضيوف في بيته الذي خضع للمراقبة الأمنية على مدار الساعة، ورابطت أمام بيته ثلاث سيارات للأمن، ومع ذلك اتهم بالاحتفاظ بجمعية غير مرخص لها!!
هل تعتقدون أن حملتكم حققت الأهداف المرسومة لها؟ – نحن وإن لم ننجح إلى حد الآن في إطلاق سراح الدكتور صادق شورو نظرا لتجاهل السلطة لكل هذه النداءات التي تحب الخير لتونس، فإننا نقدر أن هذا الجهد كان له صدى إعلامي طيب، ذكّر بمحنة الدكتور، ونبه الرأي العام الوطني والدولي إلى المظلمة المتواصلة لأكثر من عقد ونصف، وأملنا كبير أن يبادر كل أصحاب الضمائر الحية ممن يستطيعون التخفيف من هذه المعاناة إلى التحرك بالقدر المستطاع، وإذا كان الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، فإنه كذلك يحاسبها على تقصيرها لأنها مسؤولة على قدر الاستطاعة.
(المصدر: صحيفة « العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 4 جانفي 2009) الرابط http://www.alarab.com.qa/details.php?docId=112565&issueNo=747&secId=15
على هامش محاكمة بن بريك: القضايا المفبركة علامة من علامات إفلاس الدولة
أصدرت إحدى الدوائر بالمحكمة الابتدائية بالعاصمة، يوم 26 نوفمبر الماضي حكما يقضي بسجن الكاتب والصحفي اليساري المستقل توفيق بن بريك لمدّة 6 أشهر نافذة من أجل العنف والقذف والاعتداء على ملك الغير. إنّ السلطة، رئيسا وحكومة وبوليسا وقضاء ووسائل إعلام، تزعم شديد الزعم أن بن بريك « المتهور »، « المتجبّر »، « المتغطرس »، « اعتدى » على « مواطنة مسكينة »، قادتها « الأقدار » إلى اعتراضه « صدفة » في يوم من أيام شهر أكتوبر الماضي، فـ »ضربها » و »سبّها » و »شتمها » و »كسّر مرآة سيارتها ». ومما يؤكد « صحة » روايتها هو أنها استظهرت بـ »شهادة طبية » تمنحها راحة بخمسة عشر (15) يوما، كما أنها أحضرت « شهودا » على ما « حصل لها ». وبما أننا في تونس « موطن الطاهر الحداد ومجلة الأحوال الشخصية » أي بعبارة أخرى « موطن الريادة في حماية حقوق المرأة »، وبما أننا أيضا في « دولة القانون والمؤسسات » فإنه لا يمكن أن تمرّ « جريمة » « الصعلوك » توفيق بن بريك دون عقاب، ولا يمكن لهذا الأخير أن يتحصّن بصفته « الكاذبة » (حسب الصحافة الرسمية وشبه الرسمية والخاصة) ككاتب وصحفي ليدوس قوانين البلاد، فالجميع في تونس، والكلام هنا لبن علي، يوم تجديد تنصيبه لرئاسة مدى الحياة، يقع التذكير بها وتأكيدها مرة كل خمس سنوات عبر مهزلة انتخابية، « متساوون أمام القانون بقطع النظر عن انتماءاتهم الفكرية والسياسية » (12نوفمبر 2009). وبطبيعة الحال ينبغي أن يكون المرء مغفّلا، ونحن لا نعتقد أن تونس ما زال فيها مغفّلون كثيرون، بعد الثورة الإعلامية التي أحدثتها الفضائيات وشبكة الانترنت، حتى يصدّق الاتهامات الموجهة إلى توفيق بن بريك وكلام بن علي المعسول حول المساواة أمام القانون وحول استقلالية القضاء التونسي إنّ بن بريك أوقف بسبب المقالات التي كتبها والمقابلات الصحفية التي أجراها، بمناسبة المهزلة الانتخابية، مع عدد كبير من رموز المعارضة السياسية والمدنية ونشرها في وسائل إعلام أجنبية. وقد اتسمت هذه الكتابات بنقد حادٍّ لنظام بن علي ورفض شديد لسطوه المستمر على إرادة الشعب التونسي. وكان من بين تلك الكتابات حوار صحفي خيالي مع بن علي حول كيفية تصريفه لشؤون البلاد خلال هذه الفترة الطويلة من حكمه. وحول تمسّكه بـ »الكرسي » بعد أن كان وعد بوضع حد للرئاسة مدى الحياة. فبركة القضايا: سياسة ممنهجة ليس بن بريك هو الوحيد الذي وقع في هذه الفترة ضحية التلاعب بالقانون والقضاء ولفّقت له قضية حق عام من طرف السلطة وبوليسها، على خلفية سياسية، فـزهير مخلوف الناشط الحقوقي وعضو الحزب الديمقراطي التقدمي اعتقل وحكم عليه بثلاثة أشهر سجنا وخطية مالية بـ:6 آلاف دينار، على خلفية تحقيق مصور أجراه حول تردّي الحالة البيئية بالمنطقة الصناعية بنابل وانعكاسات ذلك السلبية على حياة السكان. كما أن عددا من ناشطي الحركة الطلابية (14) هم الآن بالسجن بسبب التحركات التي قادوها أو شاركوا فيها دفاعا عن حق الطالبات والطلاب في السكن الجامعي (مبيت منوبة بالعاصمة). وقد أحالهم البوليس بتهم حق عام، أصبحت معتادة في قضايا الطلاب، وهي « السكر والعربدة في الشارع والاعتداء على الأخلاق الحميدة » وقد صدرت في شأنهم أخيرا أحكام قاسية وصلت إلى ثلاث سنوات وشهر سجنا. ومن بين ناشطي الحركة الطلابية المعتقلين أيضًا، يوجد الطالب محمد السوداني (الذي أطلق سراحه أخيرا) والذي اختطف بالعاصمة يوم 22 أكتوبر إثر لقائه مع صحفيتين فرنسيتين. وقد تعرّض لتعذيب وحشي وأحيل بتهمة « السكر والاعتداء على الأخلاق الحميدة، وحكم بـ:4 أشهر سجنا. في انتظار ما سيصدر ضده من أحكام في قضايا أخرى على خلفية نشاطه النقابي. وبالإضافة إلى هؤلاء المناضلين والمناضلات المعتقلين يمكن إضافة حالتي حمّه الهمامي الناطق الرسمي باسم حزب العمال الشيوعي التونسي ومدير جريدة « البديل » المحظورة، وراضية النصراوي، المحامية ورئيسة الجمعية التونسية لمقاومة التعذيب، الملاحقين بتهم لم تتضح بعد، على خلفية تصريحاتهما لوسائل إعلام عربية (الجزيرة، قناة الحوار اللندنية) وأجنبية (فرنسا 24 الناطقة بالعربية…)، تعرّضا فيها للأوضاع في تونس وانتقدا ظاهرة الفساد والتزوير الانتخابي وانتهاك الحريات وحقوق الإنسان. ومحمد بن سعيد الناشط الحقوقي ببنزرت الذي اكتشف أخيرا أنه ملاحق من أجل » الاعتداء على الأخلاق الحميدة… » ولا بد من الإشارة إلى أن عددا من الناشطين والناشطات « دفعوا بالحاضر » دون أن تلفّق ضدهم قضايا حق عام. فالصحفي سليم بوخذير اختطف قرب مقر سكناه بباردو، على إثر تصريح للـ »بي بي سي » ونقل في سيارة مجهولة إلى حديقة البلفيدير بالعاصمة حيث اعتدى عليه مختطفوه اعتداءً وحشيا خلّف له أضرارًا جسدية، ونزعوا له أدباشه وسلبوه وثائقه الشخصية قبل أن يتركوه طريح الأرض وشبه عار. كما تعرّض الناشط الحقوقي عمر المستيري للاختطاف من أمام مكتب الأستاذ عياشي الهمامي بالعاصمة وزجّ به في سيارة « للنقل الريفي » واعتدي عليه بالضرب وألقي به خارج العاصمة في منطقة غير آهلة بالسكان. ولكن ظاهرة افتعال قضايا الحق العام ضد المناضلات والمناضلين ليست جديدة حتى تنطلي على الرأي العام الداخلي والخارجي، بل هي ظاهرة قديمة قدم نظام بن علي الذي وصل إلى السلطة في 07 نوفمبر 1987. لقد كان بورقيبة دون أي شك، حاكما مستبدا، دكتاتورا، ولكنه كان واضحا، لا يتصنّع الديمقراطية مثل خلفه، ولا يدّعي « صيانة حقوق الإنسان في معناها الشامل ». كان « ثبّت الله أجره » يحيل ، في أغلب الأحيان، معارضيه بتهم ذات طابع سياسي، سواء كان ذلك أمام « محكمة أمن الدولة » التي أنشأها لهم خصّيصا في عام 1968، أو أمام المحكمة العسكرية أو المحكمة العليا التي أنشأها لمحاكمة رجالات نظامه ولكنّ التاريخ لا يعيد نفسه، وإن حصل ذلك ففي شكل مهزلة، وهو ما كان « قدر » بلادنا. فعندما افتكّ بن علي السلطة من سلفه، عن طريق انقلاب أبيض، صرّح في بيانه « الفَجْري » قائلا: « لا ظلم بعد اليوم »، كما أنه « وعد بتحقيق الديمقراطية » و »إعادة الاعتبار إلى مبادئ النظام الجمهوري »، ومنها « علوية القانون والمساواة أمامه واستقلالية القضاء ». ولكن، « الله يرحمك يا راجل أمي الأول » كما يقول المثل الشعبي. إن القمع السياسي لم يتواصل في « العهد الجديد » فحسب، بل إنه اشتدّ، حال انتهاء بن علي من « إعادة ترتيب البيت »، وخلافا للعهد القديم، أي عهد بورقيبة، أصبح معارضو نظام الحكم غالبا ما يساقون إلى المحاكم كـ »مجرمي حق عام » يتهمهم بالعنف والتزوير واستهلاك مخدرات والانتماء إلى عصابة مفسدين »، الخ. إنّ من أشهر القضايا المفبركة، تلك التي شملت الأمين العام السابق لحركة الديمقراطيين الاشتراكيين محمد مواعدة. لقد اتُهِم هذا الأخير بـ: »العمالة للنظام الليبي » و »تسلُّم مبالغ مالية منه تقدّر بـ 6 آلاف دولار ». وحكم عليه بقرابة 11 سنة سجنا. وقد لفّقت هذه القضية ضد مواعدة على خلفية الرسالة المفتوحة التي وجهها إلى بن علي في سبتمبر 1995 والتي انتقد فيها أوضاع الحريات ببلادنا. ومن المضحكات المبكيات، أن محمد مواعدة نسى اليوم كل ذلك، وانتقل إلى صف جلاده، يمدحه ويسبّح باسمه، « ويخوّن » كل الذين دافعوا عنه بالأمس وأنقذوه من التعفن بالسجن، ومن بينهم على وجه الخصوص زميله بالمكتب السياسي آنذاك، الحقوقي خميس الشماري الذي أودع السجن بسببه وحكم عليه بخمس سنوات، قضى منها قرابه العام. ومن بين ضحايا القضايا المفبركة أيضا نذكر الأمين العام السابق للاتحاد العام لطلبة تونس، والقيادي في « الحزب الاشتراكي اليساري » والمترشح أخيرا للانتخابات التشريعية نوفل الزيادي. فقد اتهم هذا الأخير في عام 1993 باستهلاك المخدرات على خلفية مواقف المنظمة الطلابية النضالية وأعتقل وحكم عليه بعام سجنا. وها إنه اليوم هو أيضا يلتحق بأحزاب الموالاة ويتهجّم على رموز المعارضة المستقلة بنفس ما كان يتهجّم به عليه في « السنوات الغابرة ». وإلى جانب محمد مواعدة ونوفل الزيادي فقد افتعلت السلطة قضايا حق عام ضد حمّه الهمامي (1992، 1994) والناشط الحقوقي نجيب الحسني (1994) ومحمد عبو (2005) وزكية الضيفاوي (2008)، الخ. وكانت التهم في هذه القضايا تتراوح بين « الاعتداء بالعنف » و »التزوير والتدليس » و »الاعتداء على الأخلاق الحميدة »، الخ. ولم يشمل افتعال القضايا المناضلين السياسيين والحقوقيين فحسب، بل طال رموز من ميادين أخرى، فخلال العام الحالي افتعل البوليس قضية حق عام للاعب كرة القدم الشهير طارق ذياب، على خلفية رفضه مصافحة وزير الشباب والرياضة، عبد الله الكعبي، بمناسبة نهائي كأس تونس (2008). أقصي طارق ذياب من منصبه كنائب رئيس للترجي الرياضي التونسي وأحيل على المحكمة بتهمة « محاولة إرشاء عون أمن » وحكم عليه بالسجن مع تأجيل التنفيذ وخطية مالية. كما أنه افتعل قضية حق عام ضد الفكاهي الهادي أولاد باب الله على خلفية « سكاتش » قدمه أمام جمهور ضيّق، ولكنه انتشر عبر الهاتف الجوّال. وقد أثار في هذا السكاتش موضوع الفساد في صلب « العائلة الحاكمة ». اعتقل الفنان واتهم بـ »مسك مخدّر » وبـ »حيازة عملة مزيّفة » وكاد « أن يذهب في داهية » لولا التعبئة المحليّة والدولية التي أنقذته من البقاء سنوات في السجن. وهكذا فإن ما يحصل اليوم لتوفيق بن بريك وغيره من رموز الحركة الديمقراطية، إنما يندرج ضمن تقليد ممنهج سار عليه بن علي منذ اعتلائه السلطة. ولا يخفى على أحد أن الهدف من هذه السياسة هو أولا: الإيهام بأن الحريات وحقوق الإنسان « مصانة ومحترمة » في « العهد الجديد » وأن لا أحد يُضْطَهَدُ من أجل آرائه وأنشطته الفكرية والسياسية والحقوقية والنقابية. ثانيا: تشويه سمعة المناضلات والمناضلين في مختلف الميادين وتقديمهم إلى الرأي العام على أنهم « مجرمو حق عام »، لا هم تحرّكهم مبادئ وقيم نبيلة ولا هم يسعون إلى تحقيق أهداف سامية، وإنما هم « أشخاص يتستّرون بالدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان » لـ »الارتزاق والنيل من حقوق الآخرين والاعتداء عليهم وتشويه سمعة تونس » لذلك لا يتوقف بن علي ووزراؤه عن التصريح بأنه « لا وجود لمساجين سياسيين في تونس » وبأن الذين تطلق عليهم المنظمات الحقوقية المحلية والإقليمية والدولية هذه الصفة هم « مساجين عاديون، تورّطوا في قضايا حق عام عادية، وطبّق عليهم القانون كما يطبّق على أيّ مواطن وتمتعوا بكافة ضمانات المحاكمة العادلة » وبعبارة أخرى فإن هذه المنظمات إذ تدافع عن « مجرمي حق عام » قد أصبحت هي أيضا « منظمات غير جادة ومناوئة ومتآمرة على تونس » وعلى « ما تحقق لها من إنجازات عظيمة في العهد الجديد ». العداء للحرية والديمقراطية وراء افتعال القضايا إنّ لجوء ين علي إلى مثل هذه الأساليب في التعامل مع معارضي نظامه، ينبغي البحث عن أسبابه في معاداته للحرية والديمقراطية أي في عقليته الاستبدادية. لقد ورث بن علي نظاما استبداديا، كان هو ذاته ساهم في بنائه وتركيزه، بل إنه كان طوال السنوات التي سبقت اغتصابه للسلطة على رأس أجهزته البوليسية (وزارة الداخلية) وتولى بنفسه إدارة أهم الحملات القمعية التي استهدفت الحركات السياسية والنقابية والطلابية، الخ. وما أن أصبح على رأس الدولة، حتى حافظ على نظام الاستبداد بأجهزته القمعية وقوانينه ومؤسساته الجائرة التي عمد إلى تدعيمها وتقويتها أكثر من ذي قبل. ومن هذا المنطلق رفض بن علي وما يزال وجود أحزاب وجمعيات ومنظمات مستقلة في تونس، كما رفض وما يزال أن يكون للجماهير الشعبية نشاط حر ومستقل للتعبير عن آرائها والدفاع عن مصالحها وطموحاتها. وإذا كان لا بدّ من وجود أحزاب وجمعيات ومنظمات، تأقلما مع الأوضاع الدولية الجديدة، فلا يمكن أن تكون غير كيانات ديكورية، لتجميل الاستبداد، على غرار أحزاب الأينوبلي ومنذر ثابت ومحمد مواعدة ومنجي الخمّاسي ومحمد بوشيحة، تسبّح دائما بحمد صانعها ومُرْشيها « الضامن في استمرار وجودها ». كما ينبغي البحث أيضا عن تلك الأسباب في الطابع البوليسي البارز لنظام بن علي. كان بورقيبة قمعيا وكان يعتمد في قمعه على جهاز البوليس، ولكن هذا الجهاز كان تحت إمرته هو وتحت إمرة حزبه الذي كان له نسبيا حضور إيديولوجي وسياسي. أما مع بن علي فقد تغيّر الوضع إذ أصبح جهاز البوليس يسيطر سيطرة كلّية على أجهزة الدولة، كما أصبح الحزب (التجمع) الدستوري مجرّد جهاز في خدمة البوليس السياسي، لا وجود فيه لأية حياة فكرية وسياسية بل إنه « يراقب » و »يبلّغ » لقد تكيّف الجميع مع العقلية البوليسية السائدة ومع أساليب العمل والتصرّف المرتبطة بها، علما وأن بن علي ذاته، كما سبق أن أشرنا إلى ذلك، لم يأت من خارج جهاز البوليس، بل من داخله وهو الذي أعاد تنظيمه وعزز دوره ليكون في خدمة نظامه وفي خدمة الأقليات التي تسنده وتنتفع منه. كان بورقيبة ،الدكتاتور، يجادل خصومه، في خطبه. يجادل أتباع الحزب الدستوري القديم، والحزب الشيوعي التونسي واليوسفيين و »أفاق » و »العامل التونسي » ومناضلي الاتحاد العام لطلبة تونس والقوميين، ناصريين وبعثيين، ويحاول إظهار أنهم « على خطأ » بينما هو « على صواب ». وكان يبرر القمع الذي يسلّطه نظامه عليهم بـ »ضرورة الحفاظ على الوحدة القومية » و »تجنّب كلما من شأنه أن يعيق أو يعرقل مجهودات التنمية »، وهي كلها بالطبع ذرائع لا أكثر ولا أقلّ، لتبرير الحكم الفردي المطلق ولكن الرجل لم يخرج على الأقل عن مجال السياسة. أما بن علي فإن مرجعيته المخابراتية – البوليسية لا مكان فيها لنقاش الأفكار والمواقف والنظريات بل هي تستند في الأساس إلى الكذب والخداع والدسائس والتشويه والعنف والمناورة « كأدوات عمل » (ماعون خدمة) للإيقاع بالخصوم وسحقهم. وقد حوّل بن علي بعد وصوله إلى الحكم هذه الأساليب البوليسية إلى سياسة دولة في التعامل مع المجتمع ومع المعارضة بصفة خاصة. إنّ المعارض وفقا لهذا المنطق، هدف للسحق والمحق بتلك الأساليب مجتمعة. لذلك ليس من الغريب أن يلاحظ المراقب غياب أي جدل فكري أو سياسي في خطاب بن علي وفي الخطاب الرسمي بشكل عام، غياب أي محاولة للردّ على الحجة بالحجة، والموقف بالموقف والنظرية بالنظرية. إنّ المنطق السائد هو المنطق التسلّطي في كل الاتجاهات: « قرّرنا… » « أذنّا بـ…. » « وجّهنا تعليماتنا إلى…. » « أمرنا بـ….. » وحين يتعلّق الأمر بالمعارضة، فالخطاب لا يخرج عن معجم « الجريمة » و »الانحراف » و »الارتزاق » و »الخيانة ». وعند الاقتضاء تلصق برموزها وبمناضلاتها ومناضليها قضايا حق عام ويزجّ بهم في السجن وينكّل بهم أكثر حتى من مجرمي الحق العام. ثقافة سياسية هابطة إنّ الحملة التشويهية التي تشنّها صحافة العار والتعليمات أو صحافة « المجاري » كما نعتها بعض الإعلاميين، المموّلة أو المدعومة من نظام الحكم (الحدث، كلّ الناس، الصريح، الشروق، الإعلان، لابراس، la presse، قناة حنبل الخاصة، إذاعة موزاييك…) تمثّل الوجه الآخر للأساليب البوليسية التي ذكرناها. إنّ وسائل الإعلام هذه تأخذ التعليمات مباشرة من البوليس السياسي أو من بعض أحفاد « غوبلن » (مسؤول الدعاية النازية) القابعين وراء مكاتبهم بالقصر أو بوكالة الاتصال الخارجي وفي العديد من الأحيان فإن البوليس السياسي هو الذي يكتب المقالات والتعاليق التشهيرية التي تمررُ في وسائل الإعلام المذكورة إما دون توقيع أو بتوقيع أسماء مستعارة أو بتوقيع أشباه الإعلاميين العاملين فيها. كما أن البوليس السياسي هو الذي يوجّه القائمين على تلك الصحف والإذاعات والقنوات التلفزية ويمدّهم بالمعطيات المختلقة أو المحرّفة انطلاقا من التنصت على المكالمات الهاتفية ومراقبة البريد العادي والبريد الالكتروني، ليستعملوها كمادة في حملاتهم المرذولة. وقد وصلت الحملة التي شنّتها وسائل الإعلام بمناسبة المهزلة الانتخابية الأخيرة، على رموز أحزاب المعارضة والجمعيات والمنظمات المستقلة وعلى عدد من الشخصيات، مستوى غير مسبوق من الانحطاط الذي يعرّي الطبيعة المتخلفة والموغلة في الرجعية للثقافة السياسية، إن صحّ أن نسمي ذلك ثقافة، للقائمين على النظام الذي يحكمنا. إذا كان الاستبداد ظاهرة عربية بالأساس في عالمنا اليوم، فإن ما يميّز النظام التونسي عن بقية الأنظمة العربية الاستبدادية الأخرى من المحيط إلى الخليج، هو هبوطه بالسياسة إلى الحضيض وحصر الكلام فيها في حدود النصف الأسفل من الجسم فتونس « موطن الطاهر الحداد ومجلة الأحوال الشخصية » و »الرائدة في الدفاع عن حقوق المرأة » هي البلد العربي الوحيد، حسب علمنا، الذي لا رَدَّ فيه على المناضلات في مختلف المجالات السياسية والحقوقية والنقابية والثقافية، وعلى مواقفهن وأنشطتهن إلاّ بكونهن « عاهرات » و »بائعات هوى » و »شاذّات جنسيا » و »سحاقيات »، الخ. وإذا تمّ « الارتقاء » بمستوى الجدل معهن فإنهن يوصفن « بالخائنات » و »المرتزقات » و »الصهيونيات » مع العلم أن هؤلاء المناضلات هنّ ممّن يحضون في العالم باحترام وتقدير كبيرين لثقافتهن ومعارفهن الواسعة وتفانيهن في خدمة القضايا العادلة لشعبهن وللشعوب العربية والإنسانية جمعاء. كما أن تونس هي البلد العربي الوحيد، حسب علمنا أيضا، الذي لا ردّ فيه على المناضلين السياسيين والحقوقيين وعلى المثقفين والمبدعين المستقلين إلاّ بكونهم « مثليين » و »طَحـّ… » و »معربدين »، الخ. وإذا تمّ الارتقاء بالجدل معهم،فإنهم ينعتون بـ »العمالة » و »الخيانة ». وإذا كان المناضل يحمل إعاقة أو عيبا جسديا، فإنه يُعيَّرُ به، رغم أنّ « سيادته » ما انْفكّ « منذ التغيير يغمر بعطفه وعنايته الموصولة المعوقين » !!! لكن المعاق، يكفّ على ما يبدو، عن أن يكون إنسانا، حالما يرفض التسبيح بحمد « السلطان » ويبدي معارضة له، كما أنّ « العناية الموصولة به » تتخّذ شكلا آخر!!! إنّ تحوّل الأساليب المخابراتية البوليسية إلى نمط من الأخلاقيات العامة الرسمية في « العهد الجديد » بمثل هذه السهولة ودون كابح أو معارضة من داخل السلطة، إنما يعكس بعض التحولات في مستوى القاعدة الاجتماعية لهذه السلطة. فالتحولات الاقتصادية التي شهدتها تونس خلال الربع قرن الأخير، أدت إلى مزيد تفكّك النسيج الاقتصادي المحلي وتفسّخه بسبب الخوصصة التي تمثل العمود الفقري لـ »النيوليبرالية » الرأسمالية التابعة في بلادنا، وهو ما أتاح الفرصة لأقليات جشعة كي تضع يدها على خيرات البلاد وثرواتها بتواطؤ مع الشركات والمؤسسات والدول الأجنبية. وترتبط هذه الأقليات رأسا بالقصر. فهي تتركب من أفراد العائلة ومن الأقرباء والأصهار والأصدقاء. وقد تطوّرت إلى درجة أنها أصبحت هي الحاكم الفعلي للبلاد وما الحكومة المكوّنة في الأساس من تكنوقراط وبيروقراط سوى واجهة لتصريف الشؤون اليومية للحكم. وتحمل هذه الأقليات مواصفات العصابات المافيوزية التي لا تقيم وزنا إلاّ لتكديس الأرباح بكل الوسائل، عن طريق النهب والعنف والضغط والابتزاز والتحيّل والإرهاب والترهيب والغش والتزوير. وهكذا فقد توافقت أخلاقيات « القاعدة » مع أخلاقيات « القمة » لـ »تثمر » النظام البوليسي المافيوزي الذي يحكم بلادنا ويفقّرها حسًّا ومعنى حسب العبارة الشهيرة لابن أبي الضياف في وصفه لـ »لإيالة التونسية »، في عهد البايات الجهلة الظالمين المستبدين، لذلك لا غرابة أن تصاب الحياة الفكرية والسياسية ببلادنا بالجدب والتصحّر، ويسود الظلم والاضطهاد ويعامل كل من يعارض نظام بن علي أو ينتقده كـ »مجرم حق عام » وتلفّق له التهم، ولا غرابة أيضا في أن يصاب مجتمعنا بأزمة أخلاقية وقيمية عميقة ما انفكت تفتح الأبواب لرياحٍ عدة من التطرف الديني إلى الانحلال والتفسّخ التام. إفلاس الدولة إنّ فبركة قضايا الحق العام ضدّ المعارضين وأصحاب الرأي المخالف بشكل عام، كما يحصل اليوم لتوفيق بن بريك وزهير مخلوف وناشطات وناشطي الحركة الطلابية المسجونين وحمّه الهمامي وراضية النصراوي الملاحقين، وكما حصل لغيرهم في السابق، وهم كثر، إنما يؤشّر بشكل واضح لإفلاس الدولة البوليسية في بلادنا. ومن مؤشرات هذا الإفلاس المرتبطة مباشرة بظاهرة افتعال القضايا ومعاملة المعارضين كـ »مجرمين » يمكن ذكر ما يلي: أوّلا: غياب دولة القانون، إنّ الدولة في تونس اليوم لا هي تحكم بالقانون ولا هي يتحكّم فيها القانون. إنّ بن علي، الحاكم الفردي المطلق، الدكتاتور، هو القانون. يتلاعب به ويطوّعه كما يشاء لخدمة مصلحته ومصلحة الفئات التي تسند نظامه من جهة ولتشريع العسف والظلم المسلّط على الشعب وعلى القوى السياسية المعارضة ومكوّنات المجتمع المدني المستقلة من جهة أخرى.إنّ القانون يشهر في وجه الفقير والضعيف والخصم والمعارض الذي لا يصطف وراء الاستبداد. أما « الأقوياء والأثرياء » المتنفّذون، فهم فوق القانون، ينهبون ويستغلّون ويسرقون ويبتزّون ويعتدون ويرتكبون ما يرتكبون من جرائم اقتصادية وسياسية دون حسيب أو رقيب. إنّ « التعليمات » هي التي أصبحت تعلو على كلّ القوانين، وهي التي تحكم سلوك الإداري وعون البوليس والجمارك، كما تحكم سلوك القاضي وموظف البنك وغيرهما. وقد وصلت الحالة إلى درجة من التدهور جعلت الناس يطالبون حتى بتطبيق القوانين الموجودة على سوئها وتخلّفها، ومع ذلك فإن السلطة لا تتقيّد بها، خصوصا إذا كانت تنصّ على بعض الحقوق للمواطنين. وفي هذا المناخ القائم على العسف (L’arbitraire) انتشر الارتشاء والابتزاز والمحسوبية في كافة المستويات. إنّ كلام بن علي، في خطاب تنصيبه أمام البرلمان يوم 12 نوفمبر 2009 عن « المساواة أمام القانون »، في إشارة منه إلى توفيق بن بريك وزهير مخلوف وكافة المناضلات والمناضلين، ضحايا القضايا المفبركة، هو كلام ديماغوجي، وإذا كان له من دلالة فهي تأكيد مسؤولية بن على المباشرة في فبركة هذه القضايا التي ديسَ فيها القانون مرتين، الأولى عند الافتعال أو الفبركة التي تمثل في حدّ ذاتها جريمة والثانية عند عدم احترام حق الضحايا في الدفاع عن أنفسهم والزج بهم في السجون بصورة تعسّفية. إنّ دولة الاستبداد ودولة القانون ضدّان لا يلتقيان، شرع الأولى الجور والتعسف وشرع الثانية الحق. ثانيا: غياب دولة المؤسسات: إنّ ما يميز الوضع في تونس اليوم، هو ما يمكن أن نسميه « خصخصة » (Privatisation) مؤسسات الدولة ومنها في موضوع الحال المؤسسة الأمنية والمؤسسة القضائية اللتان تحوّلتا إلى مجرد مؤسستين لحماية المصالح الخاصة، الضيقة، والأنانية لـ »العائلات المتنفذة » على حساب مصالح الشعب والمجتمع بأسره. فجهاز البوليس مثلا على ضخامته واستهلاكه لقسط كبير من ميزانية الدولة، لا يوفر الأمن للمواطن، لأنه لا يهتم بأمنه وأمن المجتمع، بقدر ما يهتم بأمن بن على ونظامه. وكمثال على ذلك يمكن أن يتعرّض أي مواطن، في هذا الظرف الذي تفاقمت فيه الجريمة، للاعتداء في قلب العاصمة وفي وضح النهار دون أن يجد عون أمن ينجده. ولكن يكفي أن يرفع مواطن صوته للاحتجاج أو أن يوزّع منشورا أو بيانا حتى يجد نفسه مطوّقا بالعشرات من أعوان البوليس السري المنتشرين في كافة أنحاء المدينة. وإلى ذلك فإن البوليس ذاته يسهم مباشرة في انعدام الأمن للمواطن، لأنه هو الذي يحمي أحيانا العصابات الإجرامية ويقتسم معها الغنيمة. وهو الذي يعتدي ويبتزّ وينهب ويساوم دون حسيب أو رقيب. ولا يسلم من كلّ هذا لا المعارض ولا المواطن العادي. إنّ البوليس يستبدّ بالمواطن العادي لأنه مغلوب على أمره، لا قانون ينصره ولا « أكتاف » ولا « معارف » تحميه. كما أنه يستبدّ بالناشطات والناشطين في مختلف المجالات، لإن حرماتهم الجسدية والمعنوية مستباحة له ، ففي قضية بن بريك مثلا افتعل البوليس القضية من أولها إلى آخرها، كلّف المرأة المعنيّة التي تتعامل معه بكلّ تأكيد، باعتراض بن بريك ومخاصمته والاعتداء عليه وتقديم شكوى ضده. ولما أوقف بن بريك حرر له البوليس محضرا « يعترف » فيه بارتكاب « الجريمة » وأمضى عليه مكانه، وأحاله على المحكمة. ونشرت صحافة العار مقالات تزعم فيها أنّ بن بريك « اعترف ووقع » فكيف تدافع عنه المنظمات الحقوقية؟ « حاميها حراميها » هذا ما يمكن أن ينطبق على جهاز البوليس في بلادنا الذي لا رادع له ولا رقابة عليه. وعندما يصبح الأمر كذالك، لا يبقى للقانون والمؤسسات معنى أو وزن في المجتمع ويفتح الباب على مصراعيه أمام الفوضى، أمام حكم « العصابات ». وليس من الغريب والحالة تلك أن يطلق الناس على البوليس في تونس تسمية « بوليس بن علي » أي البوليس الذي ينفّذ تعليمات بن علي ويحميه ويحمي نظامه، مكان تسمية « البوليس التونسي » التي كانوا يطلقونها عندما كانوا يظنّون أنّ البوليس يسهر على أمنهم وأن لا ولاء له إلاّ « للدولة والقانون » وليس لشخص الحاكم. أما المؤسسة القضائية، فقد تحوّلت أكثر من أي وقت مضى إلى مجرّد إدارة تابعة للسلطة التنفيذية وخصوصا للبوليس السياسي، لا دور لها غير حماية مصالح الطغمة الحاكمة وتشريع القمع المسلّط على الشعب وعلى المعارضة، السياسية وقوى المجتمع المدني المستقلة. فلا أحد يمكنه أن يشكّ اليوم في أن بن علي شخصيا هو الذي يقرر الإدانة في القضايا ذات الطابع السياسي كما في القضايا « الحساسة » التي تتعلّق بتصفية الحسابات في مجال الأعمال، وفي أي مجال آخر. ولا يقوم القضاء إلاّ بإعطاء تلك الإدانة صبغة قانونية عبر محاكمات تداس فيها أبسط مبادئ العدل. وما حصل هذه الأيام من مهازل في محاكمات بن بريك ومخلوف ونشطاء الحركة الطلابية يبيّن أن نظام بن علي لم يعد يعير أهمية حتى لأبسط الشكليات، وأن بلادنا تسير نحو الهاوية بخطى حثيثة. لو كان القضاء يتمتّع بأدنى درجات الاستقلالية لما أوقف هؤلاء جميعا ولما أحالهم على المحاكم، بل لكان أطلق سراحهم وفتح بحثا حول من لفّق ضدهم القضايا مهما كان مركزه، ليقع تتبّعه ومعاقبته. ولكن هيهات ففاقد الشيء لا يعطيه! لقد قضى بن علي على كلّ نزعة استقلالية لدى القضاء التونسي. ويمثّل الانقلاب على مكتب جمعية القضاة المنتخب في أواخر 2004 والذي أظهر عبر مواقفه، رغبة في تحرير القضاء من حالة التبعية المطلقة للسلطة التنفيذية خير مثال على معاداة بن علي لاستقلالية القضاء ولمبادئ العدل بشكل عام. ومن البديهي أنّ قضاء تابعا كهذا، في خدمة « السلطان » وليس في خدمة الحق والقانون، من المنطقي جدّا أن يتحوّل إلى وكر للفساد. فالقاضي يعمل وفقا « للتعليمات » حتى يحصل على امتيازات. والسلطة التنفيذية تغض الطرف عن حصوله على رشاو من المتقاضين، لتستعمل ذلك للضغط عليه، ومزيد إخضاعه ليكون لعبة بيديها. وتستمرّ الحلقة المفرغة، ويستمرّ معها انهيار المجتمع. ثالثا: دولة بلا أخلاق (sans Ethique) إنّ الدولة التي تفتقد أعمالها إلى شرعية القانون والمؤسسات وتتحوّل أجهزتها إلى أوكار للظلم والفساد، لا تختلف في شيء عن العصابات الإجرامية، بل إنّ الدولة التي ترعى وسائل إعلام كـ »الحدث » و »كل الناس » و » الصريح » و »حنبعل »… وغيرها وتكافئ أصحابها بالمال والأوسمة على قدر فحشهم وكذبهم وافترائهم، لا يمكنها ان تأتمن على المجتمع وعلى تطوّره لأنها عاجزة عن المحافظة على أي توازن أو استقرار فيه، كما أنها عاجزة عن السهر على تربية أفراده على قيم وأخلاق عالية وعن توفير مدرسة وجامعة راقيتين يحظى فيهما العلم والمعرفة بالمكانة التي تليق بهما وثقافة تسمو بالنفس وتنأى بها عن الغرائز الوحشية وتزرع فيها القيم الإنسانية، قيم المحبة والتضامن وحب الغير واحترامه، الخ. إنّ الاستبداد في بلادنا لم يطوّر غير قيم « تدبير الراس » والأنانية والرّشوة والانتهازية والعنف والعدوانية واللهث وراء إشباع الغرائز. وإذا كانت كل هذه المظاهر لازمة من لوازم النمط الاقتصادي الاجتماعي النيوليبرالي المتوحّش الذي يكرّسه نظام الحكم، فإنّ الطابع الاستبدادي لهذا النظام عمّقها، لأنه يعمل باستمرار على قمع مظاهر المقاومة التي يبديها المجتمع، فإذا كانت البرامج التعليمية تقتل الروح النقدية لدى الناشئة، وإذا كانت المنظومة التربوية تعلّم التلميذ أو الطالب أن مستقبله ليس في العلم والمعرفة، بل في « تدبير الراس » حتى عن طريق الغش، وشراء الشهائد، أو المنصب بالمال، وإذا كانت وسائل الإعلام، تتحدّث بلغة « المجاري » وإذا كان « حاميها حراميها » فأي مستقبل لهذه البلاد إذا لم يقع التصدي للانهيار؟ لا يمكن لأحد أن يستغرب استفحال الأزمة الأخلاقية ببلادنا. كما لا يمكن لأحد أن يستغرب احتلال مجتمعنا المرتبة الأولى عربيا في فحش اللسان وبذاءته. إنّ الاستبداد من جهة والقيم والأخلاق النبيلة من جهة ثانية ضدّان لا يلتقيان، فهو لا يتطوّر إلاّ في مياه آسنة، أما هي فلا تنتعش إلاّ في ظل الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية. في الختام إذا كان علينا أن نناضل بشكل مباشر من أجل إطلاق سراح بن بريك ومخلوف وكافة الطلبة المعتقلين، ومن أجل كفّ التتبعات ضد حمّه الهمامي وراضية النصراوي وجلول عزّونة ومحمد بن سعيد وغيرهم، ومن أجل وقف الاعتداء على الإعلاميين والنشطاء السياسيين والحقوقيين ورفع الحصار عن مقرات الأحزاب والجمعيات المستقلة وعن صحافتها وأنشطتها، فإنه لا ينبغي أن يغيب عنّا لحظة واحدة المهمة الأساسية، والجوهرية، التي تفرض نفسها على كل الديمقراطيين، وهي مهمة القضاء على الاستبداد. فمن دون ذلك لا أمل في قيام دولة القانون والمؤسسات والديمقراطية، وبالتالي لا أمل في وضع حد بشكل نهائي للجور والعسف. إنّ الدولة الديمقراطية الحقيقية هي « الدولة الأخلاقية » الوحيدة، إن جاز التعبير، لأن الدولة التي تكون تعبيرا عن إرادة مواطناتها ومواطنيها فتكفل لهم حريتهم وحقوقهم وتضمن لهم بصورة فعليّة أسباب العيش الكريم ويكون لهم عليها سلطة الرقابة والمحاسبة، ليست مضطرة إلى الكذب عليهم ومخادعتهم وتضليلهم وقمع طموحاتهم، وحتى إذا صدر سوء تصرّف عن مسؤول أو جهاز ما فإن الدولة الديمقراطية توفّر لمواطناتها ومواطنيها إمكانية محاسبة المذنب ومقاضاته. والدولة الديمقراطية هي أيضا الدولة الوحيدة القادرة على توفير الأمن والطمأنينة لمواطناتها ومواطنيها لأن أمن النفوس وطمأنينتها يكمن فيضمان المساواة والحريات والحقوق والعدل حتى أنّ المواطنة/المواطن الذي يشعر بالحيف والظلم يعرف أنه قادر على استرجاع حقه مهما كان المركز الاجتماعي أو السياسي لخصمه، كما يعرف أنّ الدولة ذاتها خاضعة في تصرفاتها للقانون وليست طليقة اليدين، تتصرف في مواطناتها ومواطنيها كرعايا أو قطيع. وأخيرا، وليس آخرا، فإنّ الدولة الديمقراطية، هي الوحيدة التي تستعيد فيها السياسة مكانتها، لا بوصفها حقًّا لكل المواطنات والمواطنين فحسب، بل بوصفها أيضا الوسيلة التي يقع عبرها التنافس والصراع من أجل إيجاد الحلول المناسبة لمشاكل المجتمع، فتكون مجالاً للسجال والجدال بين وجهات النظر الفلسفية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية المختلفة. لقد أفقد الاستبداد السياسة في بلادنا كلّ معنى، لا بحرمان التونسيات والتونسيين من حقهم في ممارستها فحسب، بل كذلك بـ »تعهيرها » و »ترذيلها ». ح. ب. ع. أستاذة علم اجتماع
(المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 4 جانفي 2010)
حزب الإتحاد الديمقراطي الوحدوي
تصريح صحفي من المكلف بالاعلام في حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي حول تصريحات وزير الثقافة الفرنسي
على خلفية تصريحات السيد فريدريك متيران وزير الثقافة الفرنسي في تعليقاته على مبادرة الإتحاد الديمقراطي الوحدوي بطلب اعتذار فرنسا أمام الشعب التونسي وتعويضه عن آثار الحقبة الاستعمارية وبالنظر لما تضمنته تلك التعليقات من مواقف فإننا ومن منطلق وطني وباعتبارنا معنيون مباشرة بالمبادرة وبحسن تفعيلها نوضح ما يلي: قال السيد فريدريك متيران إنّ النقاش حول المبادرة هو نقاش « تونسي تونسي وأن فرنسا لم تتلقّى شيئا رسميّا وإنّ تونس بلد قوي وناضج وأكبر من هذه النقاشات والمجتمع التونسي قادر على تجاوز هذه المواضيع » وبالنّظر لما في هذا القول من إيحاءات عنصرية وتهميش للمبادرة واستبلاه للضّمير الوطني من خلال الضرب على وتر أن « تونس أكبر من النقاش حول هذه المبادرة وهي قادرة على تجاوز مثل هذه المواضيع » فإننا نستغرب مثل هذه التصريحات ونعتبرها دون المسؤولية التي يجب أن يتحلى بها وزير الثقافة في الحكومة الفرنسية ونشدّد على ما يلي: 1– إن مبادرة الإتحاد الديمقراطي الوحدوي تعبّر بالفعل عن إرادة الشعب التونسي ولذلك تم التجاوب معها وطنيا ومغاربيا وعربيا وإذا كانت فرنسا لم تتلقّ شيئا رسميّا بعد فإنه كان أجدر بالسيد الوزير أن يكتفي بقول ذلك دون التمادي في الحكم على المبادرة ومحاولة المسّ من مشروعيتها أو الإستهانة بها وإصدار رد مسبق عنها. 2– دعوة فرنسا للاعتذار والتعويض عن حقبة الاستعمار ليست بدعة غير مسبوقة في العلاقات الدولية حيث أن فرنسا بالذات تشترط على تركيا الاعتذار من الأرمن كمقدّمة لقبول عضويتها في الإتحاد الأوروبي واليابان سبق أن اعتذرت للصّين وإيطاليا اعتذرت من ليبيا وأوروبا المسيحية اعتذرت لليهود وللعدو الصهيوني وعن المحرقة النازية التي ما تزال موضوع جدل بين المؤرّخين. 3 – إنّ اعتبار السيد فريدريك ميتران الجدل القائم حول المبادرة نقاشا تونسيا تونسيا ودعوته المجتمع التونسي لتجاوز مثل هذه المواضيع يعدّ تدخّلا سافرا في الشأن الوطني يتطلّب الردّ الرّسمي والشعبي كما يعبّر عن نزعة استعمارية تتعالى عن حقائق التاريخ وترفض التعامل باحترام مع مطالب الشعوب.. 4 – إنّ تصريحات السيد فريدريك ميتران ما كان لها أن تتخذ هذا المنحى الإستفزازي لولا مراهنات حكومته على طابور الفرنكوفونية الذي سعى منذ صدور المبادرة إلى التكالب ضدّها و محاولة قطع الطريق عليها وتشويهها بالرّغم من التجاوب الكبير الذي وجدته على المستويين الوطني والعربي. 5 – إننا في الإتحاد الديمقراطي الوحدوي نمضي قدما لتفعيل هذه المبادرة وحشد التأييد الشعبي والرسمي لها إلى جانب كلّ القوى الوطنية من أجل فرض علاقات دولية جديدة تقوم على الإنصاف والإحترام والمصالح المتبادلة بعيدا عن التبعية أو الهيمنة أو الوصاية. عبد الكريم عمر عضو المكتب السياسي المكلف بالإعلام
بسم الله الرحمن الرحيم
قراءة في مقالي الاستاذ البلدي و الدكتور النجار و الدعوة إلى الصدق و الحلم
كتبه ابراهيم بلكيلاني ( النرويج) مع انتهاء عام و بداية آخر ، تكثر الدراسات و المقالات التقييمية . و هي عادة اعلامية في مثل هذه الفترات .فتجد فيها سجلا و عملية تأريخية لأحداث السنة المنقضية و هي عادة ايجابية . و من مجمل الدراسات و المقالات يمكن أن نكوّن صورة تقييمية أشمل و تفتح آفاق القارئ و المتتبع للأحداث على مساحات جديدة لم يكن له أن يدرك كنهها لو لم يتسع اطلاعه . و في أحايين كثيرة تجد في ما ينشر في هذه الفترات ما من شأنه أن يكون مقدمات أساسية في التفكير في المستقبل و مقاربة في تجاوز سلبيات المرحلة السابقة . و لم تكن نهاية عام 2009 و بداية عام 2010 بمنأى عن ذلك . فقد احتضنت بعض المواقع الاعلامية التونسية لورقتين هامتين ، تعتبران الأبرز في الاهتمام بهما تقريظا و نقضا . و نعني بهما :
1. قراءة في المشهد السياسي التونسي للأستاذ الفاضل البلدي : و الذي ركز فيه على المسائل التالية : ·أنه في كتاباته السابقة كان معنيا بالتحقيق في كسب الذات و مسؤوليتها دون اتهام الآخر و تحميله المسؤولية . ·أن المقصد الأساسي : أ-هو الاصلاج و التقويم و التطوير . ب-المشاركة في صناعة الوعي و شحذ الهمم و تجرئة الشباب · عدم اعفاء نفسه من المسؤولية . · التأكيد على استمراريته في حمل الهم العام وهم « الحساسية الاسلامية » · التأكيد على حقه و مسؤوليته في تقويم تجربة حركة النهضة و نقلها إلى الجيل الجديد . · الدعوة إلى الاعتراف بالخطأ و المغامرة و عدم حسن التقدير و أن القيادة هي مسؤولة بقصد أو بغير قصد عن جميع الآلام . · أما توصيفه للمشهد السياسي ، فيرسمه كالتالي : أ- نظام يقوم على قوة أمنية ضاربة تمتلك العدد و العدة . ب-مواطنون يجهلون حقوقهم و يؤثرون السلامة و تربية على الخضوع و الخنوع الممتد في الزمن . ت-شبكة من المصالح و المنافع تأكدت و تقوًت مع الزمن و استفادت من النظام الجديد (تحالف المال و السياسة) . ث-غياب المعارضة و تفكيك المكونات الاساسية في المجتمع و المعارضه في توصيفه تتوزع بين : ·نخبة مستقيلة . ·أحزاب و منظمات ضعيفة ،منهوكة ، هرمة . 2. خارطة الطريق للمرحة المقبلة للدكتور عبدالمجيد النجار : 1- شعار خريطة الطريق : » تونس عزيزة قوية بجميع أبنائها دون استثناء » 2-فرضيات خارطة الطريق : بنت هذه الورقة رؤيتها على مجموعة من الفرضيات وهي : 2.2.1.استحالة أن تكون المرحلة المقبلة شبيهة بالسايقة تأسيسا على أ-السياق الجمهوري و التزاماته الدستورية ب-متطلبات جيل الشباب ت-اكراهات العولمة و بناء على ما تقدم يرى بأنه » لا يمكن للسلطة أن تسلك في الإدارة السياسية والاجتماعية في المرحلة القادمة ذات المسالك التي سلكتها في المراحل السابقة دون تطوير » 2.2.2.العالم الثالث يتغير بسرعة نحو الديموقراطية الحقيقية 2.2.3.حجم التحديات توجب الحاجة إلى كل قوى المجتمع و أطره في المشاركة في مواجهة التحديات دون استثناء أو اقصاء لأي منها . 3-توصيف الواقع : 2.3.1.السلطة : أ- هي التي تملك المفاتيح الفاعلة ب- هي المسؤولة مسؤولية أولى عن الماضي و المستقبل 2.3.2.المعارضة : أ-تتحمّل بعض المسؤولية عن العهدين ب-متشرذمة و موزعة بين : ·صفوية نخبوية ·مختصرة مطالبها في مطلب الحرية دون مقترحات تفصيلية . ·معارضة داعية لإزاحة النظام عن سدة الحكم. و كحكم عام فالمعارضة لم تكن المحامي الناجح في الدفاع عن مطالبها . 2.3.3.حركة النهضة : أ-مسؤوليتها عن الماضي والمستقبل أكبر من مسؤولية غيرها من قوى المعارضة . ب-فشل في تحقيق الأهداف القريبة و البعيدة . ت-سيادة » ثقافة المظلومية » و ارتهان للماضي في مقابل غياب التفكير في المستقبل ث-عطالة في الفعل و الاكتفاء بالانجازات الكلامية . ج-انتهاج نهج المغالبة و التحشيد و الذي لم يجن إلا تكريسا لثقافة الهدم و عطالة في البناء المستقبلي . ح-عجز عن التقويم الذاتي . 4-أسس التجاوز في الخارطة : 2.4.1. إعادة تحديد مفهوم و دور المعارضة : المعارضة المشاركة أو المعارضة الآمنة الفاعلة 2.4.2. التغيير في أساليب الدفاع في اتجاه ما يقنع الخصوم . 2.4.3. المراجعة الصادقة مع الذات 2.4.4. الالتقاء على كلمة المصلحة الوطنية العليا 2.4.5. حركة حوارية عقلانية جادة 2.4.6. تقديم السلطة لاجراءات ممهدة في التجاوز . 2.4.7. الوفاق الوطني الشامل . 3. ملاحظات أولية : احتوت الورقتين أفكارا عديدة تمس الشأن الوطني العام ، و هما دليل على الحيوية و أن الأمل معقود على استمرارية الحوار الهادئ و البناء دون غمط و لا قدح في النيات . و مما أكدته الورقتان : 1- ان عزة الوطن و وحدته و رقيه فوق كل الاعتبارات . 2- أن الاختلاف في الرأي و الرؤى و بالتالي حق المعارضة ، سنة من سنن الحياة و هو حق انساني و حق دستوري وطنيا . 3- ان التحديات التي يواجهها و من المحتمل أن يواجهها الوطن يوجب مشاركة جميع قوى المجتمع في مواجهتها و رفعها . 4- ان حركة النهضة مكون أساسي من مكونات المجتمع التونسي و مكسب وطني . و قراءة تجربتها شأن وطني عام و من حق الجميع المشاركة في التقويم . 4. خطوات التجاوز : اتفقت الورقتان على خطوتين أساسيين ، في تقديرهما أنهما الأساسيتان في تحريك الركود السياسي و هما : 1- اجراءات ممهدة من طرف السلطة لشيوع مناخ مناسب من الحوار و التدافع . 2- تقويم ذاتي ، شامل ، صريح و علني من حركة النهضة للمرحلة السايقة. لكن أي الخطوات أسبق ، لم تصرح الورقتان بذلك . و لم تقدما تحديدات واضحة للإجراءات الممهدة المطلوب اتخاذها من السلطة . مع أنهما أطنبا في تحديد ملامح التقويم المطلوب من حركة النهضة . و السؤال الذي يطرح نفسه ما هي المحفزات التي من شأنها أن تدعو النهضة أو السلطة إلى المبادرة في اتخاذ خطوات متبادلة ؟ و ما هي الاجراءات المحددة المطلوبة منهما لإعادة الثقة بين الطرفين ؟ و الإجابة عند السلطة و النهضة فقط . و ما كل هذه المقالات و التعليقات إلا أنها تسعى إلى تحريك الركود و تحفيز عقلي للخروج و المبادرة إلى الإجابة . 5. محاذير : من نقاط ضعف الورقتان و أبرزها هي: أ- معاودة تكريس الاستقطاب الثنائي ب-تصوير أزمة المشهد السياسي و كأنه أزمة بين السلطة و النهضة فقط. ت-حصر الحلول في اتجاهين أحدهما تقوده السلطة و الآخر تقوده النهضة . ث-تغييب الحديث عن الأسباب الحقيقية التي غلّبت الملامح و السمات الحالية للحركات الاحنجاجية و أبرزها : · اشكالية الهوية و مآلات رؤى السلطة و المعارضة لها . · بنية الدولة الحديثة و النزعة الأمنية المهيمنة . · التدخل الخارجي و الاستقواء به . · مآلات التحديث و العصرنة على بنية المجتمع و قدرته على الفعل مستقلا عن الدولة . ج-ان عقلية التركيز على البدء بالتقويم الذاتي ، هو مسكون بالتجربتين المصرية و الليبية مع الجماعات المسلحة . و هذا فيه حيف بحق حركة النهضة فهي أولا ليست مثيلة لتلك الجماعات و ثانيا أن المشهد الديني في تونس لا يوجد فيه علماء يقومون بدور التقريب و التصويب من الناحتين ، مع أن مآلات و آثار التوتر في العلاقة بين السطة و النهضة مشابه لما آلت إليه هناك . 6. القراءات و التعليقات : للأسف الشديد لا زالت بعض القراءات و التعليقات تنحو مناحى غير مفيدة ، و تسعى إلى مصادرة حق القول و التفكير . فقيمة احترام الأفكار التي أكد عليها العلامة محمد الطاهر ابن عاشور و قيمة الحرية التي ينى عليها العلامة محمد الخضر حسين مشروعه الاصلاحي ، نراهما أكثر غيابا في الخلف . مع أن صورة الحوار القائم هي صورة مشرقة في الحوار بين الأجيال على رغم ما يعتريها أحيانا من غبش و تجاوزات لفظية . و كما يقول العلامة محمد الخضر حسين » في الشباب شجاعة ، و في الشيوخ تجارب ، فإذا صدرت شجاعة شباب الأمة من آراء شيوخها الحكماء ، فلا جرم أن يكون لها الموقف الحميد و الأثر المجيد » و يقول أيضا رحمه الله » في كل خصلة فاضلة شرف و خير ، و لكل خصلة فاضلة أثر في سعادة الجماعة ، و قد تتفاوت هذه الخصال بكثرة الحاجة إليها ، و من الخصال التي تكثر مواضع الاحتياج إليها صدق اللهجة ، فلا غنى للجماعة من أن يكون فيها صدق و حلم « .
الحزب الديمقراطي التقدّمي 10 نهج ايف نوهال – تونس دعـــــــــوة
يتشرف الحزب الديمقراطي التقدّمي بدعوتكم للمشاركة في الحوار الذي سيقدّم خلاله الخبير الاقتصاديّ الأستاذ حسين الديماسي محاضرة تقديميّة حول « عوامل تفاقم البطالة وآفاق مواجهتها » وذلك يوم الجمعة 8 جانفي 2010 بالمقرّ المركزي للحزب الديمقراطي التقدّمي بالعاصمة على الساعة الرابعة مساء.
بخصوص حنفي ولد دهاه
د منصف المرزوقي سيبقي الصحفي الشاب حنفي ولد دهاه في الزنزانة بموجب قرار تعسفي حتى بعد قضاء الحكم الظالم بستة أشهر سجن لتصديه للانقلاب على النظام الديمقراطي في بلده موريتانيا . ويعكس هذا التمديد في العقوبة ضغينة دكتاتور ديمقراطي آخر لم يقبل أن يتصدى له الشرفاء أمثال حنفي وأن يقولوا له أنت لم تنقلب فقط على أول نظام ديمقراطي حقيقي في موريتانيا وإنما نزلت بصورة بلدنا من القمة التي وصلتها بفضل تجربة الانتقال السلمي ، ناهيك عن كونك اغتلت حلما عربيا بأن تتكرر التجربة الموريتانية في كل مكان فيصل العرب برّ النجاة من الاستبداد دون دفع الضريبة الباهظة من الدم والدموع. مرة أخرى تطرح قضية حنفي إشكالية صراع المثقف ضدّ الدكتاتور… أي صراع القلم ضدّ السيف أي صراع الفكر ضد الغريزة… أي صراع القيم ضد المكيافيلية …أي صراع الحق ضد القانون… أي صراع الشرعية ضد القوة…… أي صراع التمدّن ضدّ التوحش… أي صراع الإنسان ضد الآدمي. علمنا التاريخ القوانين السرمدية التي تحكم مثل هذا الصراع . 1- لا يهنأ صاحب سيف باستبداده لأن هناك دوما موسى وراء كل فرعون 2- لا يهنأ صاحب قلم بمبادئه لأن هناك دوما فرعون وراء كل موسى 3-الحرب بينهما سجال وربما أبدية 4- المنتصر في المعارك فرعون ، لكن موسى هو دوما من يربح الحرب والدليل على ذلك ظهور الأديان والفلسفات والقوانين وكلها نتاج قلم قلّم الكثير من سلطة السيف.. آه ثمة من يقول السيف أصدق أنباء …لينظروا للذي صدقت أنباؤه وسيجدون أنه كان دوما مجرد ناطق باسم القلم. …أنظروا لما بقي من المغول الذين كان لهم أمضى السيوف ولم يكن لها قلم وقارنوا بين نجاحهم ونجاح العرب. . 5- الآلام التي يتكبدها صاحب القلم معروفة تملأ أجمل صفحات ملاحم البشرية ، لكن آلام صاحب السيف أكثر غموضا والمسكين لا يستطيع من فرط الكبرياء التعبير عن وجع جروح غائرة وهو يرى في مرآة عدوه مدى بشاعة صورته التي يحاول إخفائها تحت الأقنعة والمساحيق مهمتنا ليست مواساة الدكتاتوريين فهم من يتحملون مسؤولية الخوف الذي يعيشون فيه وكل تبعات الرعونة والغباء والكبرياء والنرجسية المرضية ومسؤولية ما سيلحق أسماءهم من وصمة وخاصة مسؤولية الآلام الباهظة التي يلحقونها بالمجتمع وهم لا يتواصلون في الحكم إلا بالمحتشدات والمنافي والشقاء العام. مهمتنا دعم أبطال معركة تحررنا ، لذلك لا يجب أن يكون حنفي الجندي المجهول وإنما الجندي الأزلي الذي يمثلنا على جبهة محددة في الزمان والمكان ونمثله نحن على بقية الجبهات . هو الآن أسير حرب يقاسي كل ما يقاسيه الأسرى. تذكروه . تجندوا له. دافعوا عنه هو الذي يناضل لتواصل الحرية تقدمها في العالم وإسقاط آخر معاقل الاستبداد التي هي للأسف وحتى للعار أراضينا الجدباء من نواق الشط إلى الدمام . ****
توضيح ورفع التباس
صـابر التونسي كتب أحد التونسيين المهتمين بمشكلة المدرسة التونسية بقطر مقالا بعنوان: رئيس منظمة التربية والأسرة يصف الجالية التونسية بقطر بالغربان و 100 ألف دينار كلفة الزغرودة في المدرسة التونسية بالدوحة نشر المقال في « تونس نيوز » بتاريخ 1 جانفي 2010، وقد اختار صاحبه توقيعه باسم « صـابر التونسي »، بداية احتملت أن يكون الأمر مجرد خطأ حصل من الإخوة في تونس نيوز، وقد راسلتهم لإصلاح الخطأ وحتى لا ينسب لي كلام غيري أو جهده، لكن رد الإخوة في « تونس نيوز » فاجأني حيث أعلموني أن صاحب المقال أراد توقيعه باسم « صـابر التونسي » ولم يكن الأمر خطأ منهم، وعرضوا علي ـ إن أردت ـ كتابة توضيح ورفع إلتباس. وأود أن ألفت انتباه السادة قراء تونس نيوز ومن له اهتمام بالموضوع أنه لا علاقة لي بالمقال المذكور، وأنه كان على كاتبه أن يختار توقيعه باسم غير هذا الإسم إن كان لا يستطيع تحمل تبعات التوقيع باسمه الحقيقي! وذلك لأن اسم « صابر التونسي » معروف منذ سنين لقراء « تونس نيوز » و »كلمة » و »الحوار نت » وغيرها من المواقع والمنتديات. وقد نشر لي مقال بنفس الصفحة ونفس التاريخ مع المقال المذكور ولم يفصلهما إلا بضع سطور. فرجاء من صاحب المقال أن يصحح الخطأ ولا يتمادى فيه، لأنه لا يمكن اعتبار الأمر مجرد « صدفة » فمادام الرجل يتابع تونس نيوز ويكتب ويرسل لها فهو يعرف أن هناك شخص معروف يكتب باسم صابر التونسي. وأعتقد أنه على الإخوة في تونس نيوز بعد هذا التوضيح أن ينبهوا المعني بالأمر عبر بريده الذي أرسل منه المقال المذكور ليوضح الأمر وحتى لا يتكرر. (طـه البعزاوي) 4 جانفي 2010 ألمانيا
مراجعة الأجور بين جولتي مفاوضات مطلب جديد للشغالين
دعا المجتعون في الندوة التقييمية للجولة السابعة للمفاوضات الاجتماعية بالقطاع العام والتي نظمها الاتحاد العام التونسي للشغل مؤخرا بتوزر تحت إشراف الأمين العام عبد السلام جراد إلى تحديد الموعد الرسمي لصدور البلاغ المشترك لجولات المفاوضات المقبلة والعمل على أن يحترمه الطرف المقابل مع الحرص التام على إدراج تشخيص واضع لواقع المؤسسات العمومية ومستقبلها في مقدمة البلاغ المشترك إضافة للتنصيص صلب نفس البلاغ على مراجعة الأجور بين كل جولتين تفاوضيتين كلما لاح اختلال بين الأسعار والمقدرة الشرائية بهدف تعويض كل تدهور يحصل في هذا الصدد. التحكم في وتيرة الإضرابات كما دعا الحاضرون بالندوة إلى التحكم في وتيرة الإضرابات وفي مدتها بطريقة تؤدي إلى تسريع التفاوض والعمل مستقبلا على تقليص حجم الفوارق في الزيادات وغيرها بين مختلف الأصناف خلال الجولة المقبلة من المفاوضات فضلا عن العمل على بعث مؤسسات عمومية في القطاعات الواعدة التي ينفرها القطاع الخاص دعما للتشغيل وخاصة بالمناطق والجهات الداخلية… ودعا الحاضرون كذلك إلى إنشاء مؤشر أسعار نقابي حقيقي وواقعي يواجه مؤشر الأسعار الرسمي الذي لا يماثل واقع سلة المستهلكين. مشروع جبائي نقابي وكان ملف الجباية حاضرا بقوة في تدخلات المشاركين من خلال الدعوة إلى إعداد مشروع نقابي قائم على دراسات وأسس علمية لطرح الملف بصفة تخفّف العبء عن الأجراء وتحقق العدل الاجتماعي بين مختلف قوى الإنتاج… وتمت الدعوة كذلك إلى تحيين السلم الجبائي اعتمادا على مؤشر التضخم واعتماد الحط الجبائي الآلي على منحة الأجر الوحيد والأطفال قيد الدراسة… وإعداد أهداف قابلة للقيس طبقا لمؤشرات واضحة بمناسبة الجولة التفاوضية المقبلة حتى يكون تقييم النتائج الحاصلة على أسس علمية. التنصيص على الانتدابات وطالب المشاركون بالتنصيص على نسبة معيّنة من الانتدابات ضمن مواطن شغل قارّة بمناسبة الجولة التفاوضية المقبلة حفاظا على ديمومة القطاع العام باعتباره استثمارا ضامنا للتعديل الاقتصادي للبلاد مع التأكيد على إدماج المنتديين في إطار تربصات إعدادية للحياة المهنية… ونادى الحضور بالشروع في مراجعة النظام الأساسي العام للمؤسسات العمومية 78/85 لتيسير وتسريع التفاوض في القوانين الأساسية مع الدعوة كذلك إلى إدراج كيفية تطبيق الملاحق التطبيقية درءا للمشاكل التي تنجم عند المرور إلى تنفيذ الاتفاق. توازن وتضمّنت توصيات الندوة التقييمية التي خصّصت للوقوف على السلبيات والاستعداد للجولة المقبلة من المفاوضات التأكيد على ضمان التوازن بمناسبة المفاوضات المقبلة بين الزيادات في الأجور والزيادات في الأسعار… وتمّت فيها الدعوة إلى ضرورة سعي الهياكل النقابية الجهوية إلى الحضور في هيئات الحوار الجهوية لما لها من تأثير مباشر على معالجة مسألتي التشغيل والتنمية ومردودها على تحسين مستوى الشغالين جهويا والنهوض بأوضاعهم.
خير الدين العماري (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 04 جانفي 2010)
تونس تسرع وتيرة الخصخصة
ستقوم تونس خلال العام الحالي بخصخصة 12 مؤسسة عامة كليا أو جزئيا، بخطوة ترمي لدعم القطاع الخاص, وتسريع وتيرة نموها الاقتصادي. وقالت اللجنة الحكومية العليا للخصخصة بموقعها على الإنترنت إنها وضعت خمس مؤسسات صناعية ومثلها بقطاع الخدمات واثنتين من شركات القطاع الزراعي على لائحة الشركات المزمع خصخصتها خلال هذا العام. ويشمل برنامج الخصخصة الشركة التونسية لصناعة الحديد عبر إدخال مستثمر إستراتيجي طرفا في رأس مالها بناء على طلب عروض دولية. وقررت الحكومة أيضا إدراج الشركة التونسية للملاحة بسوق الأوراق المالية من خلال طرح 25% للاكتتاب العام. وسيجري بيع 20% من الشركة الوطنية لتوزيع البترول إضافة لبيع 68% من رأس مال الشركة التونسية للسكر. وخلال العام الماضي خصخصت واحدة فقط هي الشركة التونسية لصنع السيارات. وفي قطاع الخدمات سيجري فتح رأس مال الشركة التونسية لإعادة التأمين في إطار اكتتاب عام لزيادة رأس المال. وفي إطار عمليات الخصخصة الجديدة, سيطرح رأس مال شركتي « تأمينات سليم » والإيجار المالي التابعتين لبنك الإسكان للاكتتاب العام ضمن عملية لزيادة رأس المال. وستدرج شركة « عقارية الشارع » بالسوق البديلة, كما ستقوم الحكومة ببيع حصتها بفندق « سوسة بالاس ». وستشمل عمليات الخصخصة شركات بقطاع الزراعة منها التونسية لتربية الدواجن والتنمية الزراعية بمحافظة سليانة. ومنذ 1987- تاريخ تولي الرئيس الحالي زين العابدين بن علي السلطة- وحتى نهاية 2009, خصخصت الحكومة 219 مؤسسة عمومية بقيمة إجمالية بلغت 5.9 مليارات دينار (4.45 مليارات دولار). وتسعى تونس لتسريع الخصخصة مع مضيها قدما في تحرير اقتصادها، في مسعى منها لتتبوأ موقعا متقدما شمال أفريقيا من حيث جذب الاستثمار الأجنبي. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 4 جانفي 2010)
على الشاشة
تونس ــ سفيان الشورابي تناقلت وسائل الإعلام التونسية أخيراً، خبر إطلاق فضائية خاصة جديدة، يملكها أحد رجال الأعمال. وذكرت صحيفة «الأسبوعي» التونسية أنّ طارق البشراوي (الصورة) حصل على رخصة البث النهائية، ويُتوقع أن تنطلق محطة «ت ت 1» خلال شهر آذار (مارس) المقبل. ولعلّ بثّ القناة لثلاث سنوات على الإنترنت كان كافياً لمعرفة توجهاتها السياسية. إذ يبدو أن البشراوي طمأن أصحاب القرار في تونس إلى أنّ محطته لن تتناول أي موضوع يعتبر من المحرّمات بالنسبة إلى النظام التونسي. وأكد البشراوي أن مقر قناته سيكون في إحدى ضواحي العاصمة تونس بينما تقع استوديوهات التصوير في محافظة زغوان (60 كم جنوب العاصمة). كما افتتح أربعة مكاتب للقناة منها مكتبان في تونس العاصمة ومكتب في مدينة صفاقس وآخر في باريس. ويُتوقّع أن تبثّ «ت ت 1» على القمرين الصناعيين «عربسات» و«هوتبيرد». وأشار البشراوي إلى أن عملية الكاستينغ ستجري ابتداءً من شهر شباط (فبراير) المقبل. وشدد على أن قناته لم تتلقّ أي تمويل أجنبي وأنه فضّل التعويل على إمكاناته الذاتية بدل الدخول في شراكة مع رجال أعمال آخرين، وذلك من خلال إنشاء شركة Tunisie-média.com لإنتاج البرامج والمنوعات. كما ستدخل القناة في صيغ تعاون مع كل من القنوات الفرنسية «تي أف 1» و«القناة الخامسة» و»أم 6» و«راديو وتلفزيون العرب» وباقة قنوات «روتانا» الخليجية. (المصدر: صحيفة « السفير » (يومية – لبنان) الصادرة يوم 4 جانفي 2009 )
الأمن يحقّق في مخلّفات حفل أحمد الشريف بصفاقس
شهدت سهرة الفنان أحمد الشريف بمناسبة الاحتفال بدخول السنة الميلادية الجديدة ليلة الجمعة الماضي والتي أقيمت بأحد قاعات أفراح علي بابا بصفاقس حالة من الفوضى والهستيريا، إذ انطلق الحفل داخل القاعة التي اكتراها متعهد حفلات بصفة طبيعية في حدود الساعة العاشرة ليلا وبأمل يحدو الجميع في قضاء سهرة ممتعة مع الفنان المحبوب أحمد الشريف، لكن مرت الساعة تلو الأخرى ولم يحل بعد ركب النجم المنتظر، بل حتى وجبة العشاء لم يتم توزيعها رغم ارتفاع أسعار التذاكر التي تراوحت بين 50 و200 دينار وهو ما تسبب في أولى موجات الاحتجاج من قبل الحاضرين وصل إلى حد إقدام أحد الحرفاء على قلب الطاولة وكسّر الصحون والأواني، هذه الاحتجاجات لم تخفت حدتها إلا مع وصول الفنان أحمد الشريف بعد الساعة الثانية فجرا فقدم وصلة غنائية لم تتجاوز مدة 45 دقيقة على الرغم من أنه الفنان الرئيسي والوحيد الذي سيحيي السهرة حسب البرنامج المعلن عنه، ثم انسحب من أحد أبواب القاعة الخلفية تاركا الجمهور في التسلل يتخبّط في حالة من الهيجان والفوضى التي كادت أن تتحول إلى كارثة حقيقية لولا الوقفة الأمنية الحازمة. وقد علمنا أن السبب الرئيسي لفشل الحفل يعود إلى عدم التزام المنظم بتسديد كامل المستحقات المالية الخاصة بالفنان أحمد الشريف وبصاحب المطعم المكلف بإعداد وتوزيع وجبة العشاء، إضافة إلى بقية المشاركين وذلك قبل بداية السهرة أو حتى أثناءها. وللبحث عن تفاصيل أكثر اتصلنا هاتفيا بمتعهّد الحفل فهد السلامي فأفادنا أنه تم استنطاقه من طرف الجهات الأمنية والتي أوضح لها أن مساعده استحوذ على جانب من عائدات التذاكر وقيمتها 13 ألف دينار مما منع من تسديد مستحقات أحمد الشريف وقد فنّد هذا المتعهد الشائعات التي تحدثت عن بعض التجاوزات للفنان أحمد الشريف مضيفا »لقد حضر هذا الفنان في الموعد المحدّد وغنى -مجانا- احتراما لجمهوره وأريد أن أشير إلى جزئية هامة وهي أن طبّاخا أحضر المأكولات لكن الندلاء رفضوا توزيعها لأنهم لم يتقاضوا أجورهم« وختم حديثه بالقول إن الأمن وجّه استدعاء لمساعده اليوم للتحقيق معه. (المصدر: « الصباح الأسبوعي » (أسبوعية – تونس) بتاريخ 4 جانفي 2010)
جريمة بشعة في جندوبة مريض نفسي يجهز على والدته ويحاول قتل والده بساطور
سجّلت بعد ظهر أمس الأوّل السبت جريمة فظيعة بمنطقة البطاح الريفية التابعة لولاية جندوبة راحت ضحيتها امرأة في الخامسة والستين من عمرها تدعى شهلة قضقاضي على يد ابنها الذي يصغرها بنحو أربعين عاما.وعمد المشتبه به الى الاجهاز على والدته ومحاولة قتل والده (75 سنة) عندما حاول طلب النجدة من أحد الأقارب للتصدي له. إيقاف الابن وقد سارع أعوان فرقة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني بطبرقة ورجال مركز الحرس الوطني بفرنانة بالتوجه على عين المكان حيث تمكنوا من السيطرة على الابن واقتادوه الى المقر الأمني فيما نقل الأب إلى مستشفى فرنانة ومنه إلى مستشفى جندوبة حيث احتفظ به. وبالتوازي أشعر المحققون السلط القضائية بالواقعة فتحوّل حاكم التحقيق وممثل النيابة العمومية بابتدائية جندوبة إلى موقع الجريمة حيث أجريا المعاينة الموطنية بحضور السلط الامنية قبل الاذن برفع الجثة وإيداعها بمصلحة الطب الشرعي. بوادر مرض نفسي وحسب ما توفر من معطيات فإن المشتبه به ظهرت عليه قبل نحو عام علامات الاضطراب النفسي ما دفع بعائلته إلى عرضه على طبيب مختص فوصف له أدوية للعلاج بعد أن بيّنت الفحوصات إصابته بمرض نفسي وعصبي. وحاول الوالدان قدر المستطاع العناية بابنهما لمساعدته على الشفاء غير أن بعض النوبات العصبية ظلّت تنتابه بين الحين والآخر ولكن الاسرة ظلّت واقفة الى جانبه لتهدئته غير أن المرض حوّل الابن الشاب (25 سنة) بعد ظهر يوم السبت إلى عدوّ. أجهز على أمّه أحد أقارب أطراف الجريمة أعلمنا في اتصال به أنّ الابن الذي كان مثالا لطيبة القلب والسلوك السوي انتابته يوم الواقعة اضطرابات عصبية حوّلته في لمح البصر إلى قاتل إذ استغلّ انفراده بوالديه المسنّين وتسلّح بساطور ثمّ ولج غرفة كانت والدته جالسة أو ممدّدة فيها وانهال عليها بالطعنات فتفطّن والده المسن للجريمة فأطلق عقيرته بالصراخ طالبا النجدة من أحد أقاربه ولكن الابن هاجمه وسدّد له طعنات في الرأس والساق قبل أن ينجح بعض الأقارب في تهدئته. الإصابات البليغة التي لحقت بالام أدّت الى وفاتها بينما يقيم الأب حاليا بمستشفى جندوبة في حين تتواصل التحريات مع الابن في انتظار عرضه على لجنة من الاطباء. صابر المكشر (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 04 جانفي 2010)
بسم الله الرحمان الرحيم رحلة الموت
يمكن أن أقول ولله الحمد أنا الوحيد الذي يستطيع التعبير عن شعوره بعد تلك الرحلة التي كادت أن تكون ثمنها حياتي.. كنت أعمل صيادا للسمك، وعادة ما تكون رحلاتنا البحرية خارج المياه الإقليمية.. ومن الطبيعي أنه كلما بعدت مناطق الصيد وطالت أيام الرحلة، كلما ازداد الخطر علينا من قبل الأحوال الجوية من تقلبات وأمواج عارمة.. رغم أننا في البحر الأبيض المتوسط ولسنا في قلب المحيطات الواسعة التي يكثر فيها التيارات البحرية الهائجة والإعصارات.. وفي أحد الأيام من شهر ديسمبر خرجنا في رحلة الصيد، وبعدنا كثير عن المياه الإقليمية لبلدنا، والتي لم يسبق لنا أن ابتعدنا مثل تلك المسافة.. كنا جمعنا كثيرا من السمك بمختلف أنواعه وكنا عشر صيادين في السفينة بما في ذلك القبطان فرحين بما آتانا الله. ولا أخفيكم رغم أنني أعمل في مجال صيد السمك منذ عشر سنوات ولكني وجدت في تلك الرحلة في نفسي شيئا من الخوف والقلق، مالم أجده في الرحلات السابقة.. وكنت معتادا على أدعية السفر التي أدعوا بها في كل رحلة، وأن يرجعنا الله بالسلامة إلى أهلنا اللذين ينتظرون عودتنا وأيديهم على قلوبهم.. قضينا في قلب البحر سبعة أيام بلياليها هي الأكثر في سفرات عملنا، كنت ليلة الثامن بينما شباكنا في قاع البحر أقرأ كتيب كنت قد اشتريته قبل إبحاري عن قصة مثلث برمودا.. وكيف أنه لغز من ألغاز الطبيعة التي احتار الناس في حله منذ مئات السنين.. ولا يزال حتى الآن رغم الإفتراضات الكثيرة هو أحد غرائب الطبيعة الذي يتحدث عنه البحارة والصيادون.. وتحيط به هالة من الدهشة والغموض. ذاك المثلث الممتد بين الأطلنتي والأطلسي، حيث ابتلع بداخله مئات السفن، بل وحتى الطائرات دون أن يترك أي أثر، ولم يستطع أحد حتى الآن أن يفسر بشكل مؤكد سر هذا الإختفاء الغريب. وكأنه حديث عن الحكايات الخرافية والأساطير الأولية وقصص العهود الغابرة.. وكنت أقرأ أن الفارق يبقى هو أن مثلث برمودا حقيقة واقعية لمسناها في عصرنا هذا.. ويفسر الكاتب كيف أن مثلث برمودا يعتبر التحدي الأعظم الذي يواجه جيل هذا العصر والجيل القادم، باعتبار الموقع الجغرافي لهذا المثلث، أي غرب المحيط الأطلنطي تجاه الجنوب الشرقي لولاية فلوريدا بالولايات المتحدة الأمريكية، وكيف تأخذ شكل مثلث يمتد من خليج المكسيك غربا، إلى جزيرة ليورد من الجنوب ثم برمودا، تلكم الثلاثمائة جزيرة صغيرة، ثم من خليج المكسيك وجزر باهاما. وقد عرف مثلث برمودا بهذا الإسم في سنة 1954 خلال حادثة اختفاء خمس طائرات انطلقت من قاعدة « لوديرديل » بولاية فلوريدا الأمريكية في مهمة تدريبية على بعد 160 ميلا شرق القاعدة و40 ميلا شمالا وكانت تأخذ شكل المثلث قبل اختفاءها وهي تحلق في السماء.. ومن وقتها أصبحت هذه المنطقة تعرف بهذا الإسم، وقبل ذلك سميت هذه المنطقة بعدة أسماء منها: « جزر الشيطان، مثلث الشيطان ». ونقطة الإختفـاء في هذا المثلث تكون في « بحر سارجاسو » حيث اشتهر بغرابته، وهي منطقة كبيرة تتميز مياهها بوجود ما يسمى بـ »سارجاسام » (نوع من الحامل)، يطفوا على السطح على هيئة كتل كبيرة تعوق حركة الملاحة، وقد اعتقد « كريستوفر كولومبو » عندما مر بهذه المنطقة في أولى رحلاته أن الشاطئ أصبح قريبا إليه.. وقد أطلق عليه الملاحون أسماء عديدة منها « بحر الرعب »، وذلك لما شاهدوا فيه من رعب وأهوال أثناء رحلاتهم. وقد بدأت ظاهرة الإختفاء في برمودا لأول مرة سنة 1850م حيث اختفت في تلك السنة أكثر من خمسين سفينة لم يستطع طاقمها إلا بعث رسائل لا يفهم منها شيء، وأولها السفينة الأمريكية « انسرجنت » التي كان على متنها 340 راكبا، بل حتى الغواصة « إسكوربيون » 1868م اختفت وعلى متنها 99 عسكريا، ثم تلت بعد ذلك السفينة العملاقة والمشهورة « تيتانيك » 1912م وعدد أفرادها الذين فقدوا حوالي 1525 فردا حسب مايذكره الكاتب.. رغم أن الأغلبية تعرف أنها اصطدمت بجبل ثلج، وكيف أن هذه الإختفاءات كانت تقع مابين شهر نوفمبر وفيفري من السنة الميلادية الجديدة.. وكيف أن أجهزة القياس في الطائرات أثناء مرورها فوق المثلث تضطرب وتتحرك بشكل عشوائي.. وكذلك بوصلة السفينة، مما يدل على وجود قوة مغناطيسية أو قوة جذب شديدة وغريبة.. انتهت صفحات الكتاب ولكن رياح وعواصف مثلث برمودا لم تبارح خيالي، بل أطلقت العنان للخيال الفكري وكأنني داخل تلك العواصف والأمواج، أصارع وأفكر في حل للنجاة ولساني لم يكف عن الدعاء أن ينقذنا الله وأن يبعدنا عن تلك المياه التي لم يدخلها أحد وخرج حيا.. كانت ليلتها قارصة البرودة لكن بحرها هادئ هدوء غير مألوف في البحر، حتى أن السفينة وكأنها واقفة على رصيف الميناء.. استغربنا ذلك الهدوء.. وإذا بذلك الهدوء بعد ساعات قليلة يصبح إعصارا بحريا.. لم نرى له مثيل في حياتنا.. وبدأت السفينة تهتز من قوة الأمواج والرياح.. ونحن لا ندري ماذا نفعل.. حاولنا الإتصال بأقرب السفن إلينا لنجدتنا ومحاولة مساعدتنا في التعرف على طريق الحياة والإبتعاد عن ذلك المكان، وكيفية الخروج من تلك العاصفة. بعد حوالي ساعة ونصف وقعت الواقعة.. حيث مزقت السفينه تمزيقا، وصارت قطعا في قاع البحر.. بدأت أتضرع إلى الله بالدعاء المشهور: يا من يجيب المظطر إذا دعاه ويكشف السوء.. يا من يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء.. فدعوت بها الله كثيرا، وتذكرت قول الله عز وجل: « هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي البَرِّ وَالبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ المَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ » صدق الله العظيم. وبدأت أراجع نفسي وأسترجع سنوات عمري وأسأل: أغاضب أنت علي يا ربى؟ لا تأخذني بعملي وعاملني بفضلك ولطفك وكرمك، إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي العيش أو الموت.. أقولها بصوت خافت أحيانا، وأصرخ بأعلى صوتي أحيانا أخرى، وأصبحت في سباق مع الزمن، كل دقيقه لها وزنها وقدرها، فلا أدري أتكون الدقيقة ألأخيرة في عمري أستغفر بها ربي وأشتري بها رضاه والحياة الخالدة.. سبحت لمدة ليلة كاملة وثلثي اليوم التالي متتالية.. وأنا بين الدعاء والرحمة واللطف.. مرتديا سترة النجاة. أخذ مني الإرهاق كل مأخذ ووصلت إلى نقطة الإستسلام.. اشتدت علي القشعريرة فدعوت الله أن يخلصني من هذا الكابوس وناجيت ربي أسأله يارب لم يعد لي من قوة فقد يكون من الأفضل أن تأخذني إليك برحمتك. تذكرت أهلي وزوجتي وأولادي، فدعوت لهم.. وأحسست براحة عميقة عندما استحضرت معنى أن الغريق في الجنة.. فأصبحت أرى نعيم الجنة في الموت وأعيش جحيم الماء في الحياة.. وحمدت الله على هذه الموتة وأنني لم أمت موت الفجاءة حيث لا وقت للمراجعة والإستغفار.. وفي هذه الآونة سمعت صوت محرك سفينة.. أخذت أصرخ وأستجمع كل قواي.. وإذا بها زورق حرس الحدود أخبرتهم عن مكان وجودي طائرة مراقبة المياه.. اقتربوا مني وأخبروني بأني ناج بإذن الله.. حالما صعدت الزورق سجدت لله طويلا رغم عدم استطاعتي التحرك.. فقال أحدهم: أتركوه يسجد لله.. وباغتني النوم وأنا ساجد لله.. وتسألني اليوم: كيف نجوت؟ أقول لك: إن الله أراد بي لطفا وخيرا عظيما يوم كتب الأرزاق والآجال واختار لي أسمي بسابق علمه.. وكيف أبى الله إلا أن يكون أرحم من قلوب الرحماء، وأن يكتب لي النجاة.. تذكرت قول الله تعالى: « وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لاّ إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ » الآية 88 من سورة الأنبياء. اليوم فقدت جميع رفاقي في العمل ومالها من تبعات.. لكني أحس براحة داخلية وصرت أكثر رضا بقضاء الله وقدره.. فتحي العابد كتبت بحمد الله في شهر ديسمبر 2009
و الصلاة و السلام على اشرف المرسلين بقلم: محمد العروسي الهاني الرسالة 714
مناضل كاتب في الشأن الوطني و العربي و الإسلامي
كفوا عن قول الزور و البهتان يا اهل الشك و التنكر
تعليقا على مقالات المؤرخ الأستاذ خالد عبيد حول اغتيال الشهيد فرحات حشاد الصادرة بجريدة الصريح
اطلعت و شاهدت و سمعت روايات عجيبة و غريبة و من اكبر البدع في القرن الواحد و العشرين. فقد شاهدت يوم الاثنين 28/12/2009 بقناة الجزيرة حوار حول ظروف اغتيال الشهيد فرحات حشاد رحمه الله يوم 5 ديسمبر 1952 بضاحية رادس الجنوبية. و قد استغربت استغرابا شديدا من تعليق العميل الفرنسي الجلاد و المشارك في عملية اغتيال الزعيم النقابي المرحوم فرحات حشاد رحمه الله و هو يتحدث في قناة الجزيرة بوقاحة و قلة حياء و بدون خجل و يصرح بكل برودة دم بأنه قد خطط و سهر على تنفيذ عملية الاغتيال القذرة بحقد و كراهية على الزعماء الفذاذ و الرموز الكبار و الأبطال العظماء أمثال فرحات حشاد. و بعد أن خلا لهم الجو و اطمئنوا على إبعاد و سجن الزعماء و في طليعتهم الزعيم المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة و بعد ان تأكد غلاة الاستعمار ان الزعيم النقابي و الوطني و الدستوري عوض الزعماء و ملاء الفراغ و الساحة و أصبح زعيما سياسيا لامعا و وعد و عاهد الزعيم الحبيب بورقيبة على مواصلة النضال و تنفيذ الخطة التي رسمها الحزب الحر الدستوري بزعامة و قيادة الزعيم الحبيب بورقيبة. و أكد فرحات حشاد رحمه الله العهد في الزيارة التي أداها إلى الزعيم بورقيبة و هو في السجن بطبرقة عام 1952 اثر اعتقاله يوم 18 جانفي 1952 من طرق السلطات الاستعمارية الفرنسية و هو الاعتقال الثالث بعد محنة 1934 و محنة 1938 و الهجرة إلى القاهرة عام 1945 حتى 1949 . و قد فرح الزعيم بورقيبة بوعد و تصميم أخيه فرحات حشاد في النضال الوطني و رفيق الدرب الذي لبى النداء و أسس الاتحاد العام التونسي للشغل يوم 20 جانفي 1946 لنصرة و مشاركة الحزب الحر الدستوري التونسي في الكفاح الوطني ضد الاحتلال الفرنسي. و قد كان الزعيمان بورقيبة و حشاد على خط واحد و يعملان معا من اجل الحصول على الاستقلال و السيادة و لدحض الاحتلال من الوطن. و كان هذا القاسم المشترك بينهما و شاركا معا في ندوات عالمية و دولية جنبا لجنب دفاعا عن القضية الوطنية. و كان بورقيبة رحمه الله يعول على رفيقه الشهيد فرحات حشاد في كل القضايا الوطنية. و هذه العشرة الحميمة جعلت الدستوريين و النقابين يعملان معا باحترام و تقدير و ثقة في القلوب و النفوس كاملة لا لبس فيها و لا غموض. و عندما زج بالزعيم الراحل الحبيب بورقيبة رحمه الله في السجن يوم 18 جانفي 1952 واصل الزعيم النقابي فرحات حشاد قيادة الحزب و النشاط السياسي و النقابي.. و نجحت خطة الزعيم بورقيبة.. و صعد المناضلون الجبال لمقاومة الاستعمار الفرنسي يوم اغتيال زعيمهم المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة.. و واصلوا المقاومة المسلحة التي اعد لها العدة الزعيم منذ سنة 1951.. و خاصة اثر مذكرة 15 ديسمبر 1951 المشهورة ..التي بعثت بها من فرنسا الاستعمارية إلى أبطال و رموز الحزب. و تحركت القيادة.. و فهمت الاطراح.. و تجولت في أنحاء البلاد لتهيئة المعركة الحاسمة التي سماها المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة بمعركة الربع الساعة الأخيرة.. و تحدى الاستعمار و جبروته و عتاده و سلاحه و جيوشه و عساكره و أمنه و قاعدته العسكرية ببنزرت.. و تحول يوم 15 جانفي 1952 إلى مدينة بنزرت.. و عقد اجتماع شعبي جماهيري و أعلن الثورة و المقاومة ضد الاستعمار. و عندما شعرت فرنسا بخطورة الوضع عمدت حالا لاعتقال الزعيم فجر يوم عيد الثورة 18 جانفي 1952 و شرع الحزب في تنظيم المظاهرات و المسيرات الحاشدة. و كانت أول مظاهرة انطلقت من مدينة ماطر يوم 19جانفي 1952 و تلتها معارك و مظاهرات بسوسة و طبلبة و الوردانين و القيروان و المكنين و قفصة و صفاقس و حمام الأغزاز وبئر دراسن ببني خلاد و قليبية و الحامة و تزركه و غيرها من مدن و قرى البلاد التونسية و عمليات تخريب للسكك الحديدية و الكهرباء و النقل و الهاتف و غيرها. و عمليات أخرى لتصفية غلات الاستعمار من المعمرين الكبار الباطشين و العابثين و بعض من قادة الجيش الفرنسي الكبار أمثال الكولونيل دوروان بسوسة douroine و أخرى ببئر دراسن ببني خلاد وقتل أعوان من الجندرمية بجهة قفصة. و عندما توسعت العمليات و المعارك و الغضب الشعبي و المقاومة.. و توسعت رقعت المعارك في كل أنحاء البلاد.. و قامت الثورة المباركة بدورها الفاعل.. و زعزعت و حيرت أركان الاستعمار الفرنسي.. و أصبحت المقاومة في كل مكان و موقع و مدينة و في الريف و الجبال و الصحراء.. فكرت فرنسا الاستعمارية في تأسيس عصابة خطيرة أطلقت عليها اسم اليد الحمراء. و هذه العصابة البغيضة كان يمولها و يساندها غلاة الاستعمار و المتشددين و أصحاب المنافع و المناصب و الضيعات الكبرى و المعمريين الفرنسيين المنتصبين بالبلاد التونسية يأكلون ثمارها و يقتلون أبنائها. و الوحيد الذي استيقظ و هو في سن 24 هو الزعيم الشاب الحبيب بورقيبة الذي ضحى بمستقبله و مهنته و صحته و زوجته و ابنه الوحيد متوكلا على الله سبحانه و تعالى.. و اخذ بالأسباب و ناضل من اجل تونس.. دفاعا عن حرمتها و كرامتها و عزتها.. و حقق الله على يديه النصر المبين.. و النجاحات الباهرة.. و كان اول من فضح الاستعمار و ألاعيبه و ترهاته. ينبغي علينا ان نتذكر هذا النضال الوطني الذي قام به زعيمنا الذي كان بالمرصاد لفضح نوايا و اعمال المخربين. و خططت هذه العصابة الإجرامية التي كان هدفها تصفية رموز الحركة الوطنية الذين لم تلحقهم يد البطش و الظلم بالسجون فعمدت كرد فعل للانتقام من الرمز الخالد فرحات حشاد و اغتالته في وضح النهار بضاحية رادس يوم 5/12/1952 و الزعيم الحبيب بورقيبة في السجن منذ 18/01/1952 أي قبل عملية الاغتيال ب 11 شهرا. ثم اغتالت بتخطيط محكم مع عملاء الاستعمار و الخونة التونسيين الزعيم الشهيد الهادي شاكر يوم 13 سبتمبر 1953 بجهة نابل و كان الاغتيال مدبرا من طرف عناصر ذكرهم التاريخ.. و اغتالته يد الغدر و الخيانة والإجرام بتعاون مع عملاء الاستعمار الفرنسي الذين ستبقى اللعنة تلاحقهم إلى يوم القيامة.. و هم نالوا جزائهم في الدنيا قبل فاتورة الآخرة. و ان الرعيم بورقيبة فضح و كشف مخططات العملاء بعد الاستقلال و اقتصت العدالة من الطغات. و كان علينا اليوم ان نتوجه الى العملاء من غلات الاستعمار منددين باعمالهم الاجرامية و اغتيالاتهم ايام الحركة الوطنية لا ان ننبش بطرق ملتوية و بعقلية عقيمة و احقاد دفينة. و المثل يقول: حدثني علي نحبو حتى بالكذب ? وقد واصلت اليد الحمراء أعمالها القذرة و اغتالت الأخوة أولاد حفوز من خيرة أبناء المنطقة في وضح النهار.. لماذا لم نسمع من تحدث على اغتيال الشهيد الهادي شاكر بنابل.. و لم تسمع بضجيج على اغتيال اولاد حفوز و غيرهم من المناضلين الشرفاء.. هذا اقوله حتى يدرك كل وطني غيور ان وراء هذه الضجة خلفيات سياسية و احقاد.. لماذا.. الله و رسوله اعلم بالنوايا و بدون تعليق.. نرجو الكف عن هذه الشطحات و الترهات و نترك زعيمنا نائما في قبره حتى ساعة الحساب. قال تعالى: انك ميت و انهم ميتون ثم انكم عند ربكم يوم القيامة تختصمون صدق الله العظيم. و قد واصلت العصابة أعمالها الإجرامية الانتقامية. و قد كان لهذه الاغتيالات و الغدر الاستعماري اثره العميق في أوساط الشعب. و غضب الشعب التونسي و صمم على مواصلة المقاومة حتى أدرك أحرار فرنسا العقلاء أن هذا البطش و رد الفعل لا يجدي نفعا. فجنحت فرنسا إلى السلم و التفاوض السلمي. و قدم منداس فرانس رئيس الحكومة الفرنسية يوم 31 جويلية 1954 إلى تونس من اجل الإعلان على مبدأ تقرير المصير و منح تونس الاستقلال الداخلي. و فعلا قبل الحزب الحر الدستوري التونسي مبدأ التفاوض. و وافق الزعيم الرمز الحبيب بورقيبة -و هو في المنفى بفرنسا- على مبدأ التفاوض الند للند. و تم إمضاء وثيقة الاستقلال الداخلي يوم 3 جوان 1955 اثر عودة الزعيم الخالد الحبيب بورقيبة الى ارض الوطن يوم غرة جوان 1955 إلى ميناء حلق الوادي معززا مكرما. و استقبلته الجماهير المائجة الغفيرة كأمواج البحر شيبا و شبابا.. قائدا و زعيما.. و رمزا و محررا للوطن.. بعد كفاح مرير و نضال طويل.. و سبعة عشر عاما من السجون و المنافي و الغربة.. و بعد اقل من 9 أشهر.. بعبقرية القائد الأوحد.. تحقق الاستقلال التام يوم 20 مارس 1956 .. و أصبحت تونس حرة مستقلة منيعة ذات سيادة.. و واصل الحزب الأمانة و الرسالة التاريخية التي بدأها عام 1934 و دعمها فرحات حشاد و الهادي شاكر و أولاد حفوز بدمائهم الطاهرة الزكية و كل الشهداء و الشرفاء و الأبطال و الزعماء و الرموز.. وتم بناء الدولة العصرية و مؤسساتها على يد الزعيم الذي خطط للاستقلال و السيادة.. و واصل بناء الدولة.. و حرر المرأة.. و راهن على التعليم و الصحة و الكرامة للإنسان.. و أسس النظام الجمهوري العتيد دون رجعة أو انتكاسة.. و عبّد طريق الحرية و الكرامة.. و حرر الإنسان من العبودية و الجهل و التخلف و الخصاصة.. و رحل على الدنيا مطمئنا على تونس.. و قال كلمته المشهورة: لا أخاف اليوم على تونس من خصومها و أعداء الأمس و لكن أخاف عليها إلا من أبنائها و صدق بورقيبة. اليوم بعض من أبنائها يصدقون كلام عميل و إجرامي بغيض متطرف يريد زرع الفتنة و زعزعة نظامنا. و بعضهم راح يصدق كلام العملاء الأجانب.. و هذا و الله اكبر عار عليهم.. إن يذكروا زعيمهم بنعوت لا تليق و هو ميت رحمه الله. و كما قال المؤرخ خالد عبيد في مقالته بجريدة الصريح يوم 02 جانفي 2010 كفى ذكر الزعماء بهذه الترهات و الشكوك و أقوال الزور و البهتان و لتترك زعمائنا هانئين في قبورهم بعد أن تعبوا علينا في الدنيا و لم يتركوا حجرة و لا شجرة و لا بستان و لا دنيا و عاشوا لغيرهم. و اليوم بعد رحيلهم نتحامل عليهم و نرميهم بالخيانة. و الله حرام عليكم. و اكرر ما قاله خالد عبيد أتحداكم و أتحدى العميل و العملاء و المشككين و الانتهازيين و الطامعين و المتنكرين و أصحاب القلوب المريضة و الخيال المريض بان ما ذهبتم إليه هو سراب في سراب.. و إساءة لا مثلها إساءة.. غفر الله لكم و سامحكم الله و التاريخ .. و نقول لكم كفوا و كفى و كفى.. ما صرحتم به من زور و افتراء و بهتان و إساءة لمن عاش من أجلكم و ضحى لفائدة أبنائكم في وطن حر مستقل و دولة عصرية يحترمها العالم شرقا و غربا.. لا لثروتها و نفطها و خيراتها بل من اجل بورقيبة و نضالات بورقيبة الذي يستحق جائزة نوبل للسلام و هو جدير بذلك.. و يا ليت كل التونسيين يدركون هده المعاني النبيلة مثل الاخ الاستاذ خالد عبيد.. و يا ليت صحفنا التونسية تدرك عبقرية هذا الزعيم و تنوه به.. او على الاقل تكف عن الإساءة و نشر اقوايل الزور و البهتان.. فالعالم كله يحترمنا من اجل الوفا. و ذكر الرمز بالخير او العالم يضحك علينا اذا تنكرنا لهذا الرمز. و هذا ما قلته بصريح العبارة يوم 29 جويلية 1996 بدار الحزب امام الاخ محمد جغام وزير الداخلية عندما هاجم احدهم الماضي المجيد و نبش التاريخ بأسلوب لا يليق. قلت امام الملاء ان من تنكر لبورقيبة فسيأتي يوم و يتنكر للرئيس بن علي.. و من كان وفيا لزعيم بورقيبة قسيكون وفيا غدا لرئيس بن علي.. و هذه سنة الله في خلقه.. نتمنى ان يتغلب العقل على العاطفة و الحق على الباطل و النور على الظلمات قال تعالى: قل جاء الحق و زهق الباطل ان الباطل كان زهوقا. صدق الله العظيم قال الله تعالى: إن بعض الظن إثم.. و لا تجسسوا و لا يغتب بعضكم بعضا. صدق الله العظيم . و كفى و كفى تحامل على الزعيم و سوء الظن و الافتراءات الكاذبة زورا و بهتانا. محمد العروسي الهاني مناضل بورقيبي اصيل و لن تموت البورقيبية و بورقيبة لن يموت ذكره ان شاء الله
فرنسا..النقاش حول الهوية الوطنية يتركز على الهجرة والإسلام
السبيل أونلاين – فرنسا – خاص قال وزير الهجرة والإندماج في فرنسا ، إيريك بوسون اليوم الإثنين 04 جانفي ، أن النقاش حول الهوية الوطنية الذي إنطلق بتاريخ 02 نوفمبر 2009 ، لا يتركز على موضوع الهجرة والإسلام . في حين أكدت أطراف فرنسية أن النقاش الدائر حول « الهوية الوطنية » تركز بالأساس على « النقاب » والإسلام في فرنسا وهو ما يخالف تقييم الوزير . وأضاف الوزير الفرنسي : » ركز بعض المراقبين على بعض الإنحرافات المعزولة في النقاش ، ولم يستطيعوا رغم ذلك إخراجه عن دائرة الجمهورية ، والرسوم الكاريكاتورية التى صورته على أنه عنصري لم تتوفق في ذلك ، فمواضيع الهجرة والإسلام مثّلت أقل من ثلث المساهمات التى تلقاها موقع الإنترنت الرسمي المتعلق بالنقاش ، وذلك حسب تحليل مؤسسة تي أن اس سوفريس » ، حسب تعبيره . ولكن هذا التفائل الذي يبديه بيسون لا يقاسمه فيه حتى بعض أعضاء حزبه الحاكم ، فالناطق بإسم « التجمع من أجل الحركة الشعبية » دومينيك بيليي إعترف بأن النقاش لم يكتمل ولا يجب أن يتركز على موضوع الهجرة وطالب بتطويره ، وقال : » لا يجب حصر النقاش حول موضوع الهجرة ، فعلينا البحث عما يقربنا ، والنظر إلى المستقبل المشترك ، والبحث في ما يمكن أن يجمع الفرنسيين » حسب تعبيره . يزيد سباق مفوّض « التنوع وتكافؤ الفرص » ، أكد مرة أخرى أن الهوية الوطنية الفرنسية لا يمكن أن تؤسس ضد الإسلام ، وأشار إلى أن النقاش لم يقع التحضير له كما يجب ، وطالب بوضع تصور محدد له وقال: »هناك أمر لا نستطيع أن نقدم عليه ولا يمكن لنا أن نقوم به … أعتقد أنه لا يمكن لنا بناء هوية هذا البلد ضد أقلياته ، ولا يمكن لنا بناء هوية هذا البلد ضد الإسلام ، يجب أن تكون هذه المكونات ضمن الهوية الوطنية أو لا يمكن لنا أن ننجح » ، حسب تأكيده . فرونسوا بايرو رئيس »الحركة الديمقراطية » إعتبر من جانبه أن النقاش حول الهوية ليس من أولويات فرنسا . أما الناطقة بإسم حزب الخضر جميله سونزوغني فقالت أنها لا تصدق ما يقوله وزير الهجرة والإندماج بيسون ، فهي لديها حصيلة مختلفة عن حصيلة الوزير من خلال معايشتها للنقاش حول الهوية الفرنسية وقالت : » كثير من كبار السن والنشطاء من الحزب الحاكم نفسه، ومناضلي اليسار ، ونشطاء المنظمات والكثير من الشباب الفرنسي ، يتركز نقاشهم في الاجتماعات أساسا على قضايا النقاب والدين الاسلامي » ، حسب تأكيدها . (المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس) ، بتاريخ 04 جانفي 2010 )
بعد نجاح مبادرة المآذن..حزب الشعب السويسري يفشل في حظر الحجاب
السبيل أونلاين – زوريخ – خاص رفض اليوم الإثنين 04 جانفي 2009 ، برلمان كانتون زويرخ شمال سويسرا بألغبيه ساحقة مقترح تقدم به « حزب الشعب » الذي وقف خلف مبادرة حظر بناء المآذن في سويسرا ، لحظر الحجاب في مدارس الكانتون . حيث صوت 104 ضد المقترح بينما وافق 64 صوتا . وتضمن المقترح إلزامية مشاركة التلاميذ المسلمين في حصص رياضة « الجيمناستيك » خلال شهر رمضان . وقالت صحيفة « لوماتان le matin » السويسرية الناطقة بالفرنسية ، أن أغلب نواب برلمان كانتون زويرخ ، إعتبروا أن هذه المقترات تجعل إندماج أبناء المسلمين أكثر صعوبة ، بينما تذرعت متحدثة بإسم « حزب الشعب » باربارا شتاين مان بأن تركيا تمنع الحجاب في المدارس . وبهذا التصويت تكون الأغلبية قطعت الطريق أمام « حزب الشعب » المتهم على نطاق واسع بأنه عنصري ويعادي الأجانب وعلى رأسهم الأقلية المسلمة ، ويريد عزل سويسرا عن محيطها الأوروبي . وكان الحزب المذكور الذي تثير مواقفه الكثير من الجدل في سويسرا وخارجها ، قد نجح في تمرير مبادرة لحظر المآذن ، في 29 نوفمبر 2009 ، حيث حازت في التصويت على نسبة فاقت 57 بالمئة . (المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس) ، بتاريخ 04 جانفي 2010)
النفطية العالمية والعودة إلى العراق
توفيق المديني رغم استمرار العنف الدموي في العراق ، والفساد المستوطن ، ومسيرة الانتظار حتى يتم إقرار قانون النفط، وهشاشة النظام السياسي ، والتشكك بشأن نتائج الانتخابات التشريعية المقررة يوم 7 مارس 2010، فإنه مع كل ذلك، أخذت الشركات النفطية الاحتكارية العالمية طريقها إلى بغداد بغية الفوز بعقود جديدة لتطوير إنتاج حقول النفط المكتشفة سابقاً. ومن بين هذه الشركات نجد، شركة «إكسون موبيل »الأميركية الأكبر في العالم، وشركة«توتال» الفرنسية، وشركة «ت.ن.ك.ب.ب.» البريطان-الروسية، وشركة النفط الوطنية الصينية، وشركة«بتروناس» الماليزية، وشركة «لوك أويل»البروسية التي اشترت قبل سنوات شركة« غيتي أويل» الأميركية بمنشآتها التي تشمل 1400 محطة في الولايات المتحدة، إضافة إلى خزانات ومصانع تكرير . بعد الإخفاق في المناقصة الأولى ، نهاية يونيو 2009، نظمت وزارة النفط العراقية جولة المناقصات الثانية في 11ديسمبر الماضي. وقد أرست صفقات سبعة من حقول النفط المعروضة للتطوير، إضافة إلى صفقات من المناقصة الأولى ، يمكن أن تأخذ العراق مجتمعة إلى قدرة تمكنه من ضخ 12 مليون برميل يومياً. وحصلت هذه الشركات الأجنبية على مبالغ تتراوح ما بين 1،4 دولار إلى دولارين (قبل الضريبة) عن إنتاج كل برميل إضافي، بينما يتراوح سعر برميل النفط الخام في الأسواق العالمية ما بين 70 إلى 75 دولارا. الحرب الأمريكية على العراق كانت من أجل نفطه, بوصفه سببا أكيدا ورئيسا ووحيدا في هذه الحرب. و منذ انهيار الاتحاد السوفياتي و انتهاء الحرب الباردة أصبح النفط هو المحرك الأول و الأساس في سياسة الأمن القومي الأمريكي. فالنفط و الأمن القومي الأمريكي يسيران معا و الولايات المتحدة لا يمكن أن تسمح لنفسها بأن تكون بعيدة عن السيطرة على ثاني أكبر مخزون نفطي في العالم و هو العراق. أما بالنسبة للاحتكارات النفطية الأجنبية, الأطراف الفاعلة في المأساة العراقية, سواء كانت أنكلوسكسونية ,أو روسية , أو فرنسية, أو صينية , فإنها كلها كانت تنتظر بفارغ الصبر مرحلة ما بعد صدام , بوصفها مرحلة إعادة توزيع الحصص, أو اقتسام الكعكة العراقية. إن مصلحة الاحتكارات النفطية مفهومة, لأن العالم كان على الدوام و لا يزال متعطشا للنفط . ففي العقد المقبل, سوف يستهلك العالم نحو 20 % من النفط الخام أكثر من الاستهلاك الحالي( من 77 مليون برميل يوميا إلى 90 مليون برميل يوميا), و سوف يكون العراق المصدر الأساس الذي لا غنى عنه. فالبلد يمتلك 115 مليار برميل من احتياطي النفط ثاني أكبر احتياطي عالمي. و يؤكد الخبراء أن يكون المخزون الحقيقي للنفط في العراق أكبر من ذلك بمراحل عديدة , إذ إن الإمكانات النفطية الحقيقية في البلاد لم تكتشف بعد بسبب دخول العراق في حروب متصلة (إيران و الكويت) و عقوبات اقتصادية لسنوات عديدة. فمنطقة الصحراء الغربية للعراق المحاذية للمملكة العربية السعودية و الأردن ما زالت أرضا بكرا من كل تنقيب عن النفط فيها. وحسب تقديرات المعهد الفرنسي للنفط , وهو مؤسسة أشرف على تكوين عدد من المهندسين العراقيين, فإن الأحواض الرسوبية لهذا الشريط يمكن أن تحتوي لوحدها على 200 مليار برميل من النفط الخام. وهناك معلومات متداولة لدى الأميركيين تتحدث عن أن المخزون العراقي من النفط يبلغ 400 مليار برميل ، علماً بأن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي كان قد أشار قبل فترة إلى الرقم المذكور هذا . إن اللجوء إلى استخدام التكنولوجيا الحديثة للتنقيب عن النفط يمكن أن تغير المعطيات كثيرا, إذ إن العراق ما زال يستخدم التكنولوجيا التي تعود إلى مرحلة الستينيات من القرن الماضي. وبما أن النفط العراقي يعد من بين أقل الدول تكلفة في العالم فهذا يجعله أكثرها رغبة عالميا. ورغم اكتشاف 73 حقلا حتى الآن , فإن 24 حقلا فقط هي التي تنتج فعلا. و عموما فإن حوالي 2000 بئر فقط هي التي تم حفرها في العراق (أما العدد المنتج منها حاليا فهو في حدود 1500 إلى 1700 بئر) هذا مقارنة مع حوالي مليون بئر في تكساس مثلا. و يأتي غالبية النفط العراقي الخام من أكبر حقلين في البلاد هما الرميلة و كركوك. ويقع حقل الرميلة في الجنوب و يمتد إلى مسافة قليلة داخل الأراضي الكويتية ويشتمل على حوالي 663 بئرا و ينتج ثلاثة أنواع من النفط هي: البصرة العادي, والبصرة المتوسط, والبصرة الثقيل. أما حقل كركوك الذي اكتشف لأول مرة في عام 1927 فيحتوي على 337 بئرا. وتقع حقول النفط العراقية المهمة على طول الحدود مع إيران , من المنطقة الكردية في كركوك و الموصل في الشمال و حتى منطقة البصرة في الجنوب مرورا ببغداد في الوسط. قبل الغزو العراقي للكويت وصل الإنتاج النفطي العراقي في يوليو عام 1990 إلى 3،5 مليون برميل يوميا . و لفترة الأشهر الأحد عشر الأولى من عام 2002, كان إنتاج العراقي يتراوح في حدود 2،02 مليون برميل يوميا نزولا من حوالي 2،45 مليون برميل يوميا في عام 2001, و2،69 مليون برميل يوميا في عام 2000. ولقد بلغ الإنتاج الشهري للنفط العراقي أدنى مستوى له في شهر أبريل 2002 بحدود 1،2 مليون برميل يوميا, ووصل أعلى مستوى له في فبراير بحدود 2،5 مليون برميل يوميا. فالعراق ليس بمقدوره الآن إنتاج أكثر من 2،5 مليون برميل يوميا أو 2،8 مليون . و هذه لا تشكل سوى نسبة 3 % من حاجة السوق العالمية, و هي النسبة عينها التي تنتجها بالكاد نيجيريا. تقول دراسة عراقية أعدت عام 1996: إن كلفة المشاريع الضرورية لزيادة قدرة إنتاج النفط العراقي يمكن أن تبلغ 35 مليار دولار لكي تتحقق زيادة تصل إلى 3،5مليون برميل يوميا. لكن مصادر أخرى تقدر هذه التكاليف بنحو7 مليارات دولار خلال مدة أدناها ثلاث سنوات و يصبح العراق مصدرا ل3،5 مليون برميل يوميا. و تضيف هذه المصادر أن زيادة أخرى على هذه التكاليف بقيمة 20 مليار دولار يمكن أن تجعل العراق قادرا على إنتاج 6 ملايين برميل يوميا حتى عام 2015.ويجمع الخبراء أن إعادة تأهيل الحقول العراقية لكي تصل إلى مستوى إنتاج يصل إلى 10ملايين برميل يوميا بعد انقضاء 8 سنوات , يتطلب ضخ 20 مليار دولار كاستثمارات في البنية الأساسية النفطية, لاسيما أن الحقول العراقية تتميز بقربها من سطح الأرض و بالتالي قلة تكلفة الإنتاج و تحقيق عائدات ضخمة مهما كان سعر النفط في الأسواق العالمية. و منذ التأميم لم تتغير بنية الصناعة النفطية العراقية. و كان الحفاظ على هذه البنية بعد الحرب قد أعاق تطور قطاع الصناعة النفطية العراقية. والحال هذه فإن التكاليف الضخمة لإعادة تأهيل الصناعة النفطية العراقية , و إعادة إعمار العراق , و تحقيق الإقلاع الاقتصادي , سوف تحد من هامش مناورة الموازنة لأية حكومة عراقية مستقبلية . (المصدر:صحيفةالشرق (يومية-قطرية) ، راي بتاريخ 4 جانفي 2010)
مقايضات غير وطنية وفوضى خلاقة شاملة بأيادي عربية …
كتب مرسل الكسيبي*-صحف+الوسط التونسية: تطورات الوضع الميداني في الأسابيع الأخيرة على أكثر من محور عربي واسلامي توحي بأن الأجواء مهيأة فعليا من أجل اعادة تقسيم خارطة المنطقة وفتح بؤر توتر جديدة قد تمهد لسقوط دول عربية تحت دائرة الاحتلال أو الوصاية كما حدث نهايات القرن التاسع عشر أو مطلع الألفية الميلادية الثانية … ننطلق ابتداء من اليمن فالبلد بات مفتوحا وبشكل خطير على تدخل عسكري خارجي ومباشر في ظل تهيء المناخ الداخلي لجبهات ثلاث أضعفت من سلطان الدولة … تمرد الحوثيين في محافظتي صعدة وعمران وماجاورهما من أقاليم , مع تحركات سياسية ميدانية واسعة وجماهيرية في الجزء الجنوبي ضد الحكومة , وتفاعلات القصف لبعض نتوءات تنظيم القاعدة في بعض المناطق الأخرى …, جبهات أو محاور ثلاث تنذر بأن الساحة اليمنية باتت قاب قوسين أو أدنى من حرب داخلية واسعة سوف لن تخدم استراتيجيا الا الطامعين في السيطرة على منافذ البحر الأحمر ومضائقه الهامة على الصعيد الدولي … حرب خلاقة أخرى قد تكون مقدمة الى تفتيت اليمن السعيد وتحويله الى صومال ثاني يحيل جزءا من خارطة الجزيرة العربية الى برميل نار مشتعل لن يستفيد منه الا الطامحون الى اضعاف سلطان ماتبقى من الدولة العربية الحديثة .. لن أعود الى جوهر الأزمة اليمنية أو لنقل جوهر أزمة الدولة العربية , فتقاسم السلطة وتوسيع دائرة المشاركة السياسية والانفتاح على مطالب النخبة والمجتمع ولامركزية الدولة والاعتراف بتنوعات واختلافات تركيبة الفضاء الاجتماعي , هي بلا شك وقاية رئيسة لاحتواء أية أعراض سياسية أو اجتماعية يمكن أن تتحول مع عامل الزمن الى خليط كيميائي يهدد بنسف منجزات الدولة … لعبت اليمن قبل سنوات بحيوية شعبها وشجاعة قرارها الرسمي دورا متقدما في مؤازرة قضايا الأمة وعلى رأسها قضية فلسطين , وكانت في ذلك صنعاء الى جانب عدن قاطرتان تحتضنان اكتضاض وازدحام المشاغل العربية والاسلامية الطارئة … لم ينظر البعض الى هذا الدور اليمني بكثير من الارتياح , ولم تكن التجربة الديمقراطية اليمنية في التداول المعلن على السلطة بين حزبيها الرئيسين محل ارتياح بعض دول الجوار , حتى نظرت بعض دول الريع النفطي بعين يسودها القلق الى الرئيس عبد الله صالح … وبالمقابل كانت الجماهير العربية والاسلامية تنظر بكثير من الارتياح الى هذا الأخير على اعتبار أنه مثل رجل الوحدة بين شطري اليمن , بل انه الرجل الذي أسس لفقه التعايش بين الحزب الحاكم وأكبر حزب اسلامي معارض متمثلا في التجمع اليمني للاصلاح … تواصل اليمن على عهد الأخير مع السودان المحاصر , واحتضن قوافل اللاجئين الصوماليين بمئات الالاف رغم ضعف امكانات الدولة الرسمية , كما فتح أبوابه للأشقاء الفلسطينيين من أجل تنشيط وتعزيز مسارات المصالحة الوطنية وتعضيد خيار الممانعة , بل ان الجميع يدرك بأن للرئيس علي عبد الله صالح الكثير من المواقف العربية والاسلامية المشرفة , لولا التمديد له في السلطة على اثر نداءات حزبية انتقلت الى الساحة الجماهيرية لتشكل نقطة مغالطة تاريخية سرعت ببداية التمرد على أساس مذهبي وانفصالي واخر ذي دوافع سياسية في ظل تعاظم أسهم الاتهام للرجل بالاصرار على البقاء في السلطة وتوريثها لواحد من أبنائه القادة بجهاز الحرس الجمهوري… اشكال يمني وعربي بامتياز , يلخص بفشل الدولة العربية الحديثة في تأسيس أنظمة سياسية تقوم على حكم القانون والمؤسسات وعلى التداول السلمي على السلطة من خلال ترسيخ نظم ديمقراطية تؤمن بالاخر المغاير في الفكرة والنهج في اطار احترام القانون والدستور المنبثقان من رحم التأييد الجماهيري المفقود … الان وبعد مرور سنوات على التمديد وفي ظل تعاظم الشكوك حول خيارات التوريث , أصبح اليمن السعيد في جزء من مساحته الجغرافية الواسعة بلا سعادة ! , بات اليمن بلا ايمان يماني ولاحكمة يعرف بهما أهله في الاثار أو العصور القديمة … الكل يعرف ملكة سبأ ويقرأ عنها في القران الكريم , فالمرأة كانت تترأس مملكة عظيمة حفلت بها اثار اليمن وكتب المؤرخين , ولعل أبرز مايخلده عنها القران الكريم هو ايمانها وتسليمها في ديبلوماسية لسليمان وجنوده , بعد أن ضربت المثل في الايمان وترفعت عن مغانم واغراءات السلطة في مقابل حفظ مملكة وتأمين شعب وترسيخ عرى الايمان ونشر قيم الفضيلة على مساحات مملكتها … اليمن يقف اليوم حزينا بلاسعادة أمام قوافل مئات الاف اللاجئين المتدفقين من مناطق صعدة على الحدود السعودية حيث تفرقت بهم السبل وضاقت بهم الأرض بما رحبت , وهو اليوم بلد يعمر بعض محافظاته ومديرياته الخراب والألغام والجثث المترامية بين بنيان دمرته قذائف البر والجو … حالة يمنية تتلقفها بعض الوسائل العربية بمزيد من الرقص وهز الصدور والخصور بين كل نشرة ونشرة , فالأمن العربي لم يعد قوميا بل هو أمن بعض الأنظمة القطرية أو لنقل صدقا هو أمن الحاكم العربي في حله وترحاله وسربه وسرباله في أحسن الحالات …! وحينئذ يصبح اليمن في ظل غياب الحكمة وضياعها بين شعاب الجبال والاحتكام لمنطق السلاح من الحاكم والمحكوم في طريقه الى اعلان الوداع حتى يأذن الله بعودة العقل العربي الى رشده وثقافة العصر المدنية في حل النزاعات الداخلية بمزيد من ضبط النفس والحوار على أسس شورية ديمقراطية … هذه اليمن , في طريقها نحو فوضى خلاقة قد تسفر في ضوء تدخل الخارج في شأن الداخل عن تقسيم اليمن من جديد على أسس تخدم طموحات اقليمية أو دولية لاتريد لليمن السعادة ولاالوحدة ولاالحكمة … وفي فضاء اخر ليس بالبعيد , كانت مصر ولاتزال حاضنة نظرية الأمن القومي العربي في بعدها الجغرافي الموسع من المحيط الى الخليج , أو من مراكش الى البحرين كما يحلو للاخوان في المغرب العربي انشاد ذلك , وهاهي اليوم تختزل أمنها القومي في بناء جدار فولاذي عازل بسمك نصف متر وعمق ثلاثين متر على طول حدودها مع قطاع غزة .., ليصبح الأمن القومي المصري باعراب بعض حكامها , احكاما للطوق على الشعب الفلسطيني وتجويعا له ومحاولات لكسر ارادته في بناء دولته الحرة المستقلة …, مع ذر للرماد في العيون من خلال مفاوضات ماراطونية بين الفصائل الفلسطينية تحت شعار توحيد الصف الوطني الفلسطيني … تفتقت العبقرية الرسمية في مصر على اختصار القضية الفلسطينية في نضال العرب والعالم الاسلامي والقوى الخيرة في العالم من أجل ادخال بعض قوافل الغذاء أو سيارات الاسعاف عبر معبر رفح بطرق جغرافية معقدة لم يسبق لها مثل في التاريخ …, في حين أن الأصل في العملية النضالية بأبعاد الأمن القومي الشامل كانت ولابد أن تتجه نحو ايقاف سرطان الاستيطان وتحرير الشعب الفلسطيني من الجدار الاسرائيلي العازل في الضفة كما وضع حد نهائي لعملية تهويد القدس وطرد سكانها العرب الأصليين مسلمين ومسيحيين … لم يعد حديث الجماهير العربية والاسلامية ووسائل الاعلام الدولية بفضل هذه العبقرية الرسمية المصرية الا عن جدار العار الفولاذي واختزلت القضية الفلسطينية في الحديث عن غزة وموضوع الحصار , في حين أن غزة لاتمثل جغرافيا أقل من 2 بالمائة من كامل مساحة فلسطين … صحيح أن سكان غزة هم عمق استراتيجي وهام لفلسطين , ولكن هل يعقل أن يتحول الحديث من فلسطين بكامل أبعادها التاريخية والحضارية والدينية والانسانية الى الحديث فقط عن تحرير غزة من الجدار أو فتح بعض المعابر في مقابل تناسي بقية التراب الفلسطيني وهموم شعبه فوق أرضه أو في الشتات …؟! معادلة رسمية مصرية كانت نتيجة طبيعية لضرب حركة كفاية والاعتقالات المستمرة في صفوف حركة الاخوان واجهاض طموحات الاصلاح لدى شباب حركة 6 أبريل .., أو لنقل انها أسوأ مقايضة لعينة تحصل بين خياري الاستمرار في السلطة بكل الأثمان وبين رفع اليد من بعض القوى الدولية عن نظام حسني مبارك وطموحاته المستميتة في التمديد والتوريث … حالة عربية ثانية ستفتح الواقع المصري على غليان داخلي غير محسوب العواقب , في ظل تهاوي ورقة التوت وانكشاف عورة رسمية لم يعد يشفع لها الا الاستنجاد بالخارج من أجل مواجهة الداخل !… ثمن تدفعه اليوم مصر دولة وشعبا ورصيدا حضاريا من خلال تراجع دورها على الصعيد الاقليمي والدولي , ومن خلال تحولها الى حارس معابر وباني جدر فولاذية , في مقابل استجداء العطف الخارجي من أجل البقاء صورة مشوهة بهيبة هرم خوفو , أو محنطة توت عين خامون …! وحينئذ فان مصر بعظمتها التاريخية والحضارية ومحاولاتها المتكررة للنهوض أصبحت في واقع لايختلف كثيرا عن الواقع اليمني , غير أن الفارق هو البون الشاسع في الرصيد والامكانات بين البلدين , مع نقطة اختلاف هامة وبارزة وهي أن المقاومة في مصر جماهيرية ومدنية في مواجهة كوارث الانفراد بالسلطة , في حين أن التململ اليمني في وجه الدولة قد أخذ طريقه الى أسوأ المسالك في معرفة أحوال الممالك عبر الاحتكام الى شوكة النار والسلاح ! … واقع عربي بعنوان فوضى خلاقة … , فوضى لن تكون حتما نهاية التاريخ , غير أن الثابت هو أن جذورها قابلة للعدوى والانتشار مااستمر اصرار الأنظمة على قمع الشعوب وتجاهل أصوات النخب وممارسة خيارات الاقصاء بدل اكراهات ومغانم العدل والحرية … انقسامات تستثمر هنا وهناك , وتجلب احتلالا ووصاية هنا وهناك , وتجر خرابا ودمارا على دول وشعوب , عسانا نتعلم أن الحضارة لاتشرق شمسها من الشرق الا حين يصبح الانسان والعدل سيان يتجاوران في الأرض بعمق الخارطة العربية وماأحاط بها من دول العمق الانساني … كتبه مرسل الكسيبي بتاريخ 3 ديسمبر 2010 *كاتب واعلامي تونسي . (المصدر:موقع الوسط التونسية بتاريخ 3 جانفي 2010)
النظام المصري في مواجهة أحرار العالم
عصام العريان (*) بينما أقف على فرشة الجرائد صباح الاثنين، أتصفح العناوين عقب صلاة الفجر، إذا بحديث يتناثر عن تظاهرة ليلية أمام السفارة الفرنسية فى القاهرة استمرت من العاشرة مساءً حتى الثالثة قبل الفجر، وأنهم ما زالوا معتصمين وأغلقوا الطريق، وأن المتظاهرين هم من الأجانب جميعاً رجالاً ونساءً وشباباً من جنسيات متعددة، غالبيتهم فرنسيون. وكانت معظم الهتافات للشعب الفلسطيني ولغزة وأهل غزة الذين يعيشون حصاراً قاتلاً منذ 3 سنوات، وتشارك فيه مصر الآن بقوة ببناء جدار فولاذي تحت الأرض لمنع تهريب الغذاء والدواء والحاجات الأساسية. سألت أحدهم: هل استخدم البوليس العنف والقوة أو ألقى القبض على بعض المتظاهرين؟ فتبسم ضاحكاً، وقال: هل يقدر على ذلك؟ إنهم أجانب! وتذكرت الحماية التى كان يضفيها الاحتلال البريطاني على الرعايا الأجانب في مصر، الذين تمتعوا بحريات واسعة وكانت لهم محاكم خاصة قبل إلغائها. وتذكرت أكثر تاريخاً أبعد، عندما تذرع البريطانيون بحادثة اعتداء على «مالطي» بالإسكندرية فتقدمت قواتهم وأساطيلهم لاحتلال مصر الذي دام سبعين عاماً. والظاهر أنه لم يرحل بالكامل عام 1954 أو حتى عام 1956، بل حلّ مكانه احتلال أجنبي من لون آخر ونوع جديد: مرة سوفياتي ومرة أميركي، حيث ترابط كتيبة كاملة من المهندسين الأميركيين لتنفيذ الجدار الفولاذي العازل، وتمر كتائب أخرى دورياً لتفقد الأمور على الجانب المصري من الحدود مع فلسطين، ونسمع عن زيارات دورية لبرلمانيين من دول متعددة تفتش على الحدود لتطمئن إلى قيام مصر بمهماتها المتفق عليها، وتنفذ الاتفاقية الاستراتيجية التي وقعتها تسيبي ليفني مع كوندليزا رايس قبل مغادرة الأخيرة وزارة الخارجية، وفي آخر يوم عمل لها. يومها قالت مصر إنها ليست طرفاً في الاتفاقية وغير ملزمة بها، والظاهر أن ذلك كان كلاماً فى الهواء، وأن مصر لا تستطيع اليوم أن تقول: لا. ورحت أعيد تذكر ما قرأته في الصحف وتابعته على الفضائيات، فتبين لي أن هناك قافلتين قدمتا من مختلف أنحاء العالم للتضامن مع غزة في ذكرى الحرب التي مرت عليها سنة، وقتلت 1400 شهيد، منهم أكثر من 300 طفل، ودمرت القطاع بالكامل واستخدمت الأسلحة المحرّمة دولياً كالفوسفور الأبيض والقنابل العنقودية وغيرها. جاؤوا من البر والبحر والجو، واحتشدوا في القاهرة أو تسللوا فرادى إلى العريش أو على الحدود يريدون الوصول عبر رفح المغلق إلى غزة لإعلان تضامنهم مع صمود المقاومة في وجه الاحتلال، ليعلنوا أن هناك إنسانية ما زالت باقية، وقلوباً حيّة تتألم من أجل الإنسان لأنه إنسان، بغض النظر عن معتقداته أو موقفه السياسي. حضروا من أكثر 50 دولة، يمثلون حوالى ربع سكان العالم، لا يتحدّون مصر ولا سيادتها ولا يهددون أمنها القومي، بل يتحدون العدوان والهمجية الصهيونية. يتظاهرون أمام السفارة الصهيونية في لندن وكأنهم يؤكدون أن القرار ليس في القاهرة بل في تل أبيب ليست هذه المرة الأولى، بل هذه قافلة (شريان الحياة 3) وسبقتها قافلتان، يرأسها النائب الجريء البريطاني، جورج غالاوي الذي تحدى في بلاده رأي حزبه «العمال» ورئيس الوزراء «توني بلير»، واحتفظ بمقعده رغم خروجه من الحزب وترشحه مستقلاً، ثم أسس حزب «الاحترام» ليظل محتفظاً بمقعده، ومعه منظمة «تحيا فلسطين» المنظم الرئيسي للقافلة. ها هو غالاوي يتلقى جواباً عن سؤال طرحه عليّ في لندن عندما التقينا في برنامج «قناديل في الظلام» الذي يقدمه محيي الدين اللاذقاني الكاتب المعروف، على قناة (ANN)، حيث سألني على الهواء وبين الفواصل: لماذا لا تتحدون أيها المصريون والسياسيون هذا النظام المستبد؟ هو الآن أمام المحاولة التى لا أشك بأنها ستنجح، لكن فليتأمل قدر المعاناة التي يلقاها مع النظام القمعي الذي لا يستطيع اعتقاله ولا ضربه ولا سحله على الأرض، ولا تلفيق قضية تزوير له، ويضع فقط العراقيل في وجهه هو وزملاؤه. لا أشك بأن قافلة «شريان الحياة 3» ستصل إلى غزة، كما وصلت قافلتان من قبل، وكما وصلت قافلة أميال من الابتسامات، ولكن بعد لأي، وجهد جهيد تبذله وساطة تركية محمومة. أمّا هؤلاء الذين تظاهروا في القاهرة أمام سفاراتهم، فلهم شأن آخر، ليس معهم إعلام كاف إلا (BBC)، ولا يتحدون النظام كما فعل غالاوي، بل بذلوا الكثير من الوقت للتفاوض الهادئ مع النظام في مصر وممثليه الدبلوماسيين في الخارج، وممثليه الشعبيين في الداخل، وعندما وصلوا إلى طريق مسدود اضطروا اضطراراً للتظاهر في قلب القاهرة أو التسلل فرادى إلى العريش كما نقلت الصحف. ينادون «الحرية لغزة»، والظاهر أنهم يجب أن ينادوا أولاً بـ«الحرية لمصر»، وإذا منعهم النظام من الوصول إلى غزة، فسيعودون إلى بلادهم لينضم إليهم العشرات والمئات والآلاف ليتظاهروا أمام السفارات المصرية، ينددون بالقمع والمنع والعنت، وعندها لن يجد أزلام النظام الإعلاميون حجة بأن هناك من يسعى لتشويه صورة مصر ودور مصر، لأنهم هم الذين قدموا الدليل الناصع الذي لا يقبل الشك، والبرهان القوي على تواطؤ مصر في حصار غزة ومنع المساعدات الإنسانية عن شعبها. اليوم يتظاهرون أمام السفارة الصهيونية في لندن يطالبون بمرور قافلة شريان الحياة، ويا له من عار كأنهم يؤكدون أن القرار ليس في القاهرة بل في تل أبيب، هل وصلنا إلى هذا القاع؟! ها هو النظام المصري أمام تنظيم دولي حقيقي جديد. والغريب أنه ليس على رأسه د. عبد المنعم أبو الفتوح ولا يضم أحداً من الإخوان المسلمين. وها هو النظام المصري يواجه تظاهرة عجيبة للنشطاء الفرنسيين والإيطاليين والأميركيين وقليل من الهنود، في قلب القاهرة، ويغلقون أحد أهم شوارعها ويعتصمون من أجل المرور إلى غزة! ولم ألحظ في التظاهرة لا د. حمدي حسن نائب الإخوان ولا د. محمد البلتاجي الأمين العام لكتلة الإخوان، ولا حتى جورج إسحق أو عبد الحليم قنديل. يقف النظام اليوم، وقوات بوليسه وأدوات قمعه عاجزة عن التعامل مع هذه الظاهرة الإنسانية. فإذا أغلق الحدود البرية والبحرية، فكيف يقوم بفرز القادمين في الطائرات وليس لديه قوائم بأسماء سكان العالم الذين تحرك مشاعرهم وقلوبهم إنسانية عظيمة ورحمة يقدمها الله في قلوب العباد، وقد خلت من قلوب حكامنا الرحمة وافتقدوا الإنسانية. يا له من موقف عجيب: هل يقدر النظام المصري على قمع أحرار العالم؟ لقد وضع النظام رجال الخارجية أمام موقف عصيب، فقد استمعت إلى حديث السفير حسام زكي باسم الخارجية المصرية يتكلم بعصبية ولغة غير دبلوماسية إطلاقاً، على عكس العهد به، يتهم هؤلاء المتضامنين بأنهم تسللوا إلى مصر بتأشيرات سياحية لا لممارسة نشاط سياسي، وكأن هناك الآن تأشيرات سياسية للتظاهر أو لزيارة المحاصرين في غزة. ويتهمهم بأنهم وضعوا السفير الفرنسي بالقاهرة في وضع حرج، وأنه لا يستطيع أن يفعل شيئاً، ويصمم بقوة على أن السلطات المصرية لن تسمح بمرور هؤلاء المتضامنين مع أهل غزة. إلا أنه تدارك الأمر بقوله إنهم رفعوا مذكرة إلى السيد الرئيس، في إشارة إلى السلطة العليا التي يمكن أن تجب كل السلطات، وهذا يدل على أن التضامن مع غزة وأهلها ضد العدو الصهيوني بات أمر أمن قومي يحدده الرئيس بنفسه، لا استراتيجية ثابتة درجت عليها مصر طوال أكثر من ستين عاماً، حاربت فيها 4 حروب أو أكثر من أجل فلسطين. (*) عضو مكتب الإرشاد في جماعة الإخوان المسلمين بمصر (المصدر: « الأخبار » (يومية – بيروت) بتاريخ 4 جانفي 2010)
جداره الفولاذي انتزع الصدارة من إسرائيل.. مبارك شرطي الإمبريالية الأول في المنطقة
3 يناير 2010 الناشر: مركز الدراسات الاشتراكية جاءت ممارسات النظام المصري تجاه القضية الفلسطينية خلال عام 2009 لتكون مكملة للسياق الذي فرضته ما أطلق عليه المسيرة السلمية التي بدأها السادات بتوقيع اتفاقية كامب ديفيد، ولتضحض بما لا يدع مجالاً للشك أي أوهام أو أكاذيب تجاه مشروع السلام العربي الإسرائيلي الذي قام النظام المصري بدور الراعي العربي الأول له، وها هو ما انتهينا إليه، جداراً عازلاً تبنيه الحكومة المصرية في باطن الأرض لتشديد الحصار أكثر وأكثر على قطاع غزة وسط تبجح غير مسبوق للنظام المصري في الرد على الاعتراضات إزاء عملية البناء، منع قافلة شريان الحياة من المرور إلي قطاع غزة حتي الأن مع التذرع بحجج واهية حول إصرار منظمي القافلة على عدم اتباع الإجراءات اللازمة للمرور عبر الأراضي المصرية، إنحياز كامل لحركة فتح وللسلطة الفلسطينية في مواجهة حماس والتي رغم كل تناقضاتها لا تزال تمثل الحجر الذي سقط في طريق مسار التسوية الاستسلامية الذي كانت تسير فيه القضية الفلسطينية بقيادة فتح. إن مسار التسوية السلمية الذي بدأه النظام المصري أدى في النهاية إلى التطابق التام بين ما يريده النظام الإسرائيلي وما يقوم النظام المصري بالمساهمة في تنفيذه بالفعل، ألا وهو خنق حركة حماس داخل قطاع غزة بعدما فشلت الألة العسكرية العسكرية الاسرائيلية في تدميرها أثناء العدوان على غزة في ديسمبر2008/يناير 2009، ففي مثل هذه الأيام منذ عام شنت إسرائيل هجومها على قطاع غزة الذي أسفر عن مقتل 1400 فلسطيني وإصابة أضعاف هذا الرقم من مدنيين القطاع بالأساس، الهجوم لم يأت إلا لتدمير حماس وإزالتها بالقوة العسكرية من القطاع بعدما مثلت عائقاً أمام تصفية القضية على أيدي قادة فتح والسلطة الفلسطينية، ورغم الدمار الذي لحق بالقطاع إلا أن الحرب لم تقض على حماس، فجاء الدور على النظام المصري كي يدخل في جولة أخري من الضغط على الحركة مستغلاً في ذلك حاجة حكومة حماس لأموال إعادة الإعمار التي حاولت الحكومات الأوربية والعربية -بتبرعها بهذه الأموال- أن تزيح عنها بعض العار من جراء المشاركة في المجزرة سواء فعلاً أو قولاً أو صمتاً، فبدأت المساومات، أموال إعادة الإعمار في مقابل تخلي حماس عن السلطة في غزة، أموال إعادة الإعمار في مقابل الاعتراف بإسرائيل وقبول ما تطرحه أياً ما كان، في مقابل قبول ورقة المصالحة المصرية دون طرح أي تعديلات عليها أو انتقادات لها، ورقة المصالحة التي تكرس لعودة الأمور إلي « نصابها الصحيح » والذي من وجهة نظر الحكومة المصرية -ويتفق معها في هذا السلطة الفلسطينية وإسرائيل بالطبع- يعني عودة الأوضاع إلي ما كانت عليه قبل فوز حركة حماس في أخر انتخابات تشريعية وقبل سيطرتها العسكرية على قطاع غزة بعد ذلك. القضية هنا ليست في الدفاع عن استمرار حماس في السلطة في غزة، ولكن فيما وصل إليه النظام المصري من تدني وتماهي في ممارساته مع النظام الإسرائيلي، فالنظام يقوم بتجويع فلسطينيي القطاع بالفعل وليس حركة حماس فحسب، يساوم على كل شيء، بدءً من أموال إعادة الإعمار إلي المساعدات الإنسانية المرسلة من الشعوب. النظام المصري يضغط بقوة غاشمة من أجل تصفية حركة حماس والتي رغم كل تناقضاتها التي ساهمت في حصارها داخل القطاع إلا أنها مثلت طوال الفترة الماضية حجر العثرة الذي وقف في طريق الأجندة التي جاء بها محمود عباس والتي تحمل في طياتها تسوية مجحفة مع الكيان الصهيوني تسقط كل حقوق الشعب الفلسطيني، مجحفة حتي من وجهة نظر حل الدولتين، فهي تسقط حق عودة اللاجئين وتقنن وضعية المستوطنات الصهيونية التي تلتهم مساحات شاسعة من أراضي الضفة وتسقط حق الشعب الفلسطيني في القدس كعاصمة له وتجعل سيادة الشعب الفلسطيني على أرضه معدومة تقريبا بسبب السيطرة الاسرائيلية على كل المنافذ وبسبب أيضاً تمزيقها أوصال الضفة الغربية بمئات المعابر ونقاط التفتيش والحواجز الأمنية. النظام المصري والسلطة الفلسطينية ومن يقفون خلفهم ممن يوصفون بمعسكر الاعتدال يدفعون بكل قوتهم في طريق هذه التسوية للتخلص من القضية الفلسطينية برمتها وليصبح ممكنا بعدها فتح كل قنوات التطبيع مع إسرائيل علنا وبلا حرج، فضلاً عن اعتبار المعركة مع حماس بغرض تصفيتها جزء من المعركة مع إيران والتي يخوض ما يسمي بمعسكر الاعتدال -وعلى رأسهم مصر- حرباً ضدها بالوكالة عن الولايات المتحدة الأمريكية. النظام المصري لديه أيضاً معادلتة الخاصة، فمنذ مجيء أوباما إلي البيت الأكبر وبعد زيارته إلي مصر أصبح واضحاً أن الإدارة الأمريكية الجديدة ستحتاج إلى خدمات النظام المصري في المنطقة بشكل متزايد، فهناك المواجهة مع النظام الإيراني، وهناك حصار حماس بغرض تصفيتها ليصبح ممكناً بعدها الاستمرار في مسار التسوية والانتهاء من القضية الفلسطينية إلي الأبد، فضلاً عن مواجهة ما يستجد في المنطقة من بؤر مناوئة للهيمنة الأمريكية، وفي المقابل تخفت تماماً حدة الانتقادات الموجهة للنظام المصري من قبل الإدارة الأمريكية فيما يخص قضية الديموقراطية والتغيير، وهذا ما يحتاجه النظام في الوقت الحالي، أن يأمن تماماً جانب الإدارة الأمريكية أثناء إعداده وتنفيذه لمشروع توريث السلطة. إن ما نحن أمامه اليوم هو أدني درجات التردي الذي وصل إليه مبارك وعصابته الحاكمة، فهناك شعب يجوع بفعل الحصار الذي يفرضه عليه، وقضية عادلة على وشك أن يتم تصفيتها، ومصالح صهيونية وإمبريالية يتم مناصرتها علنا ودون مواربة، إن ما يمثله النظام الحاكم من أذى وفساد أصبح يمتد إلي خارج حدود مصر ليشمل شعوب مجاورة لا ذنب لها في عمالة مبارك ونظامه وتبعيته للإمبريالية، إن الدور الذي يقوم به مبارك ونظامه اليوم أصبح يكفل له أن ينافس بجدارة على لقب شرطي الإمبريالية الأول في المنطقة مثله في هذا مثل نظام الشاه رضا بهلوي في إيران قبيل الإطاحة به على يد ثورة شعبية في 1979 بل هو أشد قبحاً، فهل نرى نهاية مبارك ونظامه على يد ثورة مصرية تطيح بشاه مصر. (المصدر: موقع الدراسات الإشتراكية- مصر- بتاريخ 3 جانفي 2010 )
http://www.e-socialists.net/node/5191
تصاعد الاحتجاجات على بناء مصر للجدار الفولاذي.. احراق صور مبارك بالاردن ومحاصرة سفارة القاهرة بلبنان فتاوى واغان و’سب دين’.. واتهامات للنظام بـ ‘تلطيخ سمعة البلد’
عواصم ـ ‘القدس العربي’: بدأت دائرة الاحتجاج على بناء مصر جدارا فولاذيا على حدودها مع قطاع غزة بالاتساع حيث تظاهر عشرات الأردنيين امس الاحد بالقرب من السفارة المصرية في عمان احتجاجا على بناء الجدار. كما نظمت الجماعة الإسلامية في لبنان اعتصاما أمام مقر السفارة المصرية في بيروت شاركت فيه مجموعة من علماء الدين استنكارا لبناء جدار فولاذي على الحدود مع قطاع غزة، واصدر الشيخ حافظ سلامة، قائد المقاومة الشعبية بالسويس ابان حرب 1973 بيانا، وصلت ‘القدس العربي’ نسخة منه استنكر فيه اغلاق الحكومة المصرية لمعبر رفح، وعدم السماح لقوافل الاغاثة الاسلامية. واتهم سلامة النظام المصري بـ’تلطيخ سمعة مصر في العالم كله’ ببناء الجدار. وقال ميسرة ملص رئيس لجنة الحريات في نقابة المهندسين الأردنيين إن الاعتصام الذي دعت إليه النقابات المهنية وأحزاب المعارضة وشارك به نحو 150 شخصا هو احتجاج على مصر لأنها تكمل ‘هذه الحلقة (الحصار الاسرائيلي) من خلال تعميق الجدار على بوابة غزة’. وهتف المتظاهرون بشعارات تندد بالحكومة المصرية وأحرقوا صورة للرئيس حسني مبارك طبعت عليها نجمة داود الإسرائيلية. وكانت قوات الأمن الأردنية أغلقت منافذ الشوارع المؤدية إلى السفارة المصرية في عمان، ومنعت الوصول إليها واضطر المتظاهرون للجوء لطرق ترابية مجاورة لحواجز الشرطة. ورفع المعتصمون في بيروت الشعارات المنددة ببناء الجدار وبفتوى علماء أزهر مصر، وأقاموا جدارا حديديا حول السفارة، في خطوة رمزية لرفض حصار غزة بالجدار الفولاذي. وطالب رجال الدين الذين شاركوا في الاعتصام مصر بوقف بناء الجدار، وقال ممثل الجماعة الاسلامية الشيخ أحمد العمري: ‘لا نرضى لمصر ان تكون في هذا الطريق، نرفض ان تكون مصر في صف التآمر على شعبنا في غزة’. ودعا الشعوب العربية والاسلامية الى مواصلة تحركها لوقف حصار أهل غزة ، مؤكدا على فتوى حرمة بناء هذا الجدار. وتوالت ردود الفعل في ارجاء العالم العربي وتراوحت بين الفتاوى المؤيدة والمحرمة، والاغاني المستنكرة لبناء هذا الجدر. وجاءت الفتوى السعودية التي اطلقها الدكتور يوسف الأحمد أستاذ الشريعة في جامعة الإمام محمد بن سعود، بحرمة بناء هذا الجدار، لما فيه من ‘ظلم لشعب غزة المسلم’، كأول رد شرعي من السعودية تجاه الجدار. وقال د. الأحمد في فتواه التي نشرت على موقع ‘نور الإسلام’ بعنوان ‘حكم الجدار الفولاذي المصري لهدم أنفاق غزة’ إن ‘بناء الجدار حرام لما فيه من ظلم كبير للمسلمين في غزة ومحاصرتهم وخنقهم، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قوله: (إن امرأة دخلت النار في هرة حبستها حتى ماتت جوعا، لا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض). فكيف بحبس شعب مسلم بأكمله؟!’. وتأتي هذه الفتوى التي تحرم بناء الجدار متفقة مع فتاوى سابقة لعدد من العلماء البارزين، من بينهم العلامة الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والشيخ عبد المجيد الزنداني رئيس جامعة الإيمان في اليمن، وبعض شيوخ الأزهر الشريف. وكان مجمع البحوث الإسلامية التابع للازهر أيد بشكل رسمي موقف الحكومة المصرية بناء جدار فولاذي مع قطاع غزة لمنع التهريب، وقال بيان للمجمع انه يؤيد بـ’الإجماع’ بناء الجدار الفولاذي على الحدود مع الأراضي الفلسطينية. وجاء البيان بعد موافقة 25 عضواً من أعضاء المجمع في اجتماع عقدوه الخميس برئاسة الشيخ محمد سيد طنطاوي، شيخ الأزهر، ‘على حق الدولة في أن تقيم على أرضها من المنشآت والسدود ما يصون أمنها وحدودها وحقوقها’. وانتقد المجمع معارضي الجدار بقوله ‘ان الذين يعارضون بناء هذا الجدار يخالفون بذلك ما أمرت به الشريعة الإسلامية’. وكان المتحدث الرسمي باسم الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين في البرلمان المصري قد أعلن انهم سيقومون برفع دعوى قضائية ضد الرئيس حسني مبارك وعدد من الوزراء للمطالبة بوقف بناء الجدار. وكانت الكتلة البرلمانية لنواب ‘الإخوان المسلمين بمجلس الشعب المصري طالبت بإجراء تحقيق برلماني مع أعضاء بالحزب ‘الوطني’ اتهموهم بـ’التطاول على الدين وسبهم بالأم والأب’، خلال اجتماع لجنة الدفاع والأمن القومي لمناقشة عدد من طلبات الإحاطة حول بناء الجدار العازل بين مصر وقطاع غزة. وفي احدث واغرب رد فعل على الجدار، يعد الفنان الفلسطيني من مدينة غزة إسلام أيوب أغنية تحمل رسالة احتجاج إلى الحكومة المصرية معاتبا إياها على بناء الجدار. ويعد أيوب أغنيته على شكل ‘فيديو كليب’ يتضمن صورا للجدار الفولاذي، ومن كلماتها ‘مصر إيه القصة.. احكوا يا مصريين.. بدكم تخنقونا.. نروح على مين.. غزة هالمقبورة والناس تعبانين.. بيكفي اليهود ارحمونا يا مصريين’. وتضيف الأغنية ‘بدهم يبنوا جدار.. جدار من حديد.. الدعم من أمريكا وإسرائيل أكيد’، وتؤكد أن غزة لا تهدد أمن مصر حيث تقول كلماتها ‘إحنا مش أعداء.. ولا إحنا غاصبين.. إحنا أهالي غزة.. ناس محاصرين’. وتنتقد الأغنية ضخ الغاز المصري لإسرائيل في مقابل منعه عن غزة، فتقول ‘قالوا عن الجدار.. هذا أكبر إنجاز.. بدهم يحرمونا.. عدوي ياخذ غاز.. عدوي ياخذ غاز’. وقال أيوب إن ‘هذه الأغنية صرخة مدوية باسم الناس المحاصرين في غزة لأشقائنا المصريين ليوقفوا بناء الجدار ويعملوا جاهدين لوقف الحصار وإنهاء معاناة أهلها’. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 04 جانفي 2010)
ترحيب بوقف صحف الدانمارك للرسوم
رحبت عدة جمعيات إسلامية بالقرار المفاجىء الذي اتخذته أكبر ثلاث صحف دانماركية بعدم إعادة نشر الرسوم المسيئة للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، واعتبرته خطوة بالاتجاه الصحيح. وقال رئيس المجلس الإسلامي الدانماركي « نحن نثمن هذه الخطوة نعتبرها بمثابة صفحة جديدة من قبل أجهزة الإعلام، لأن تجدد الأزمة لن ينفع الدانمارك أو المسلمين، المهم الآن هو التطلع إلى الأمام والبحث عن الطرق الأنسب لمعالجة التداعيات السلبية التي تركتها هذه الرسومات على العلاقة بين الدانمارك ومسلميها ». وشدد عبد الحميد الحمدي في تصريح للجزيرة نت على ضرورة أن تخرج الجالية الإسلامية بالدانمارك من عزلتها وتتواصل مع جميع فئات المجتمع « وفي نفس الوقت أن تنبذ أي عمل إجرامي تحت حجة الدفاع عن مقام النبوة ». في الاتجاه الصحيح بدوره اعتبر الإمام عبد الواحد بيدرسن من المجلس المشترك لمسلمي الدانمارك أن هذه خطوة بالاتجاه الصحيح. وأضاف « لاشك أن هذا القرار يدل على أن الصحف الدانماركية بدأت تفكر بعقلانية أكثر في هذه القضية، هذا شيء لم نلحظه من قبل وأنا أتمنى أن تكون هذه الخطوة بداية لعلاقة أفضل بين المسلمين وأجهزة الإعلام ». وأضاف بيدرسن الذي لعب دورا بارزا في قضية الرسوم على مدار الأعوام الأربعة الماضية « الجميع له الحق في التعبير عن آرائه، ولكن هذا يجب أن يحدث في إطار يضمن احترام مبادئ وقيم ومعتقدات الأقليات، وأنا سعيد أن الصحف الدانماركية فهمت ذلك ». وقال « من المهم أن تقوم أجهزة الإعلام بنقل صورة كاملة للجمهور الدانماركي وألا تندفع وراء ردود الأفعال أو تقوم بترديد الخطاب اليميني المتشدد، وأنا على ثقة بأن هذه الطريقة المثلى للحفاظ على علاقة احترام متبادل ». ووجه بيدرسن خطابه لمسلمي الدانمارك، وطالبهم بضرورة تجاوز قضية الرسوم ومحاولة النظر للمستقبل رغم أنها ستبقى بأذهانهم عشرات السنين. و قال « يجب أن نتعلم من رسولنا الكريم أهمية الصبر ونتذكر ردة فعله في حادثة الطائف، من الضروري أن يعمل مسلمو الدانمارك على وضع هذه القضية خلفهم وتصحيح ما حدث في السابق ». ويأتي هذا الترحيب بعد أن أعلنت الصحف الدانماركية الكبرى عدم رغبتها في إعادة نشر الرسوم. وأوضح رؤساء تحرير الصحف الثلاثة أن قرارهم يعود إلى عدم رغبتهم في تعريض حياة الناس للخطر. تصريحات مفاجئة وجاء هذا الترحيب بعد تصريحات وصفت بالمفاجئة لصحفيين دانماركيين. وقال يورن ميكيلسن رئيس تحرير صحيفة اليولاند بوسطن، أكبر الصحف انتشارا « نحن نعترف بأن الوضع الأمني قد تغير ونحن نقف أمام تهديدات واضحة، وهذا يؤثر بطبيعة الحال على قرارنا ». وشدد ميكيلسن الذي نشرت صحيفته الرسوم عشرات المرات على مدار الأعوام الأربعة الماضية على ضرورة التفكير « بواقعية ». بدورها قالت لزبيث كنودسن، رئيسة تحرير جريدة البيرلنسكه تيذنه ثالث أكبر الصحف إنها لا ترى أي مبرر صحفي لإعادة نشر الرسوم. ترتيبات أمنية وفي سياق آخر أعلنت المخابرات الدانماركية نيتها توفير حارس شخصي لحماية الرسام كورت فيسترغارد على مدار الساعة، وأنها تعمل على البحث في طرق جديدة لتأمين محل إقامته وتراجع جميع الترتيبات السابقة. كما أشارت المخابرات إلى أن الصومالي منفذ الهجوم على منزل فيسترغارد له علاقات مع بعض المنظمات « الإرهابية » ولكن الدلائل المتوفرة تشير إلى أنه خطط لتنفيذ الهجوم بشكل فردي وبدون أي تكليف من أحد. هذا وكشفت وسائل إعلام دانماركية عن تكاليف مالية ولوجستيكية باهظة صرفتها الشرطة الدانماركية على حفظ الأمن بالمنطقة التي يقع فيها مقر صحيفة اليولاند بوستن وبيت الرسام، وتجاوزت ملايين الكرونات وأكثر من ثلاثين ألف ساعة عمل
(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 4 جانفي 2010)