الاثنين، 4 أبريل 2011

Home – Accueil

فيكليوم،نساهم بجهدنا فيتقديمإعلام أفضل وأرقى عنبلدنا،تونس Un effort quotidien pour une information de qualité sur notre pays, la Tunisie. Everyday, we contribute to a better information about our country, Tunisia

TUNISNEWS 10ème année, N°3968 du 04.04.2011  

archives : www.tunisnews.net


كلمة:تراجع الإحتياطي التونسي من العملة الصعبة

الجزيرة نت:برلسكوني بتونس لبحث أزمة الهجرة

يو بي أي:برلسكوني ينهي زيارة لتونس دون التوصل إلى إتفاق بشأن ملف الهجرة غير الشرعية

حركة النهضة تتضامن مع حركة الاحتجاج الشبابي

ممثلو المجتمع المدني لـ «الأسبوعي»:قلة التأشيرات مقابل كثرة الأحزاب تربك تعديل مسار العملية السياسية

الأسبوعي:ملف في صلب الموضوع(1)هل مجلة الأحوال الشخصية فعلا مقدسة؟

الأسبوعي:أحزاب متخوفة من الاجندات السياسية الاجنبية التمويلات الخارجية ورأس المال السياسي أكبر تهديد للديمقراطية

جمال الفرشيشي:رغم الدعوات بإبعادها عن الخطاب السياسي المساجد تتسيس .. و«تتحزب»

المشهد التونسي:وفق تسريبات جديدة لويكيليكس، النّهضة: نحن من تحتاجُ لهم أمريكا

المشهد التونسي:طارق الكحلاوي:دفن ملف القناصة بهذه الشاكلة لن يساهم في الاستقرار

الأسبوعي:ملياردير تونسي مات في ظروف غامضة.. شقيق «المخلوع» في قفص الاتهام و109 مليارات «مدفونة» في بلجيكا

 د. محمد الهاشمي الحامدي:أفكار للمستقبل عن الحرية السياسية والعدالة الإجتماعية

أبناء تونس في قطر:  السّفارة في العمارة ! عفوا في المدرسة

الجزيرة نت:جائزة نوبل للسلام للشعب التونسي

العربي القاسمي:جرائم بورقيبة بحقّ تونس … لا لعودة البورقيبية

يسري الساحلـــــــــــــــــــــي:الشعب في مواجهة أعدائه

علي بدوان:الأحزاب والنخب وثورات الشارع العربي

علــــي شرطـــأني:ماذا عن العلاقات السورية الإيرانية؟

يو بي أي:منظمة ‘أطباء بلا حدود’ تنقل 71 جريحا ليبيا إلى مدينة صفاقس التونسية

الجزيرة نت:أبناء القذافي يروجون لديمقراطية بدونه

موقع ويكليكس:الشرق الأوسط كما يراه الموساد

د. مخلص الصيادي:سوريا : الأثمان المرتفعة للتغيير

مضاوي الرشيد:الولايات السعودية المتحدة


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivan : Affichage / Codage / Arabe Windows)To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)  


تابعوا جديد أخبار تونس نيوز على الفايس بوك
الرابط

http://www.facebook.com/pages/Tunisnewsnet/133486966724141



تراجع احتياطي تونس من العملة الصعبة إلى ما قيمته 12.087 مليار دينار تونسي. وقال البنك المركزي في بيان صدر إثر اجتماع إدارته الأسبوعي أن السبب يعود إلى ارتفاع المبادلات التجارية مع الخارج وانخفاض العائدات السياحية والاستثمارات الأجنبية وتراجع الإنتاج الصناعي. ونبه البنك المركزي إلى مخاطر انتقال الآثار السلبية والصعوبات التي يمر بها الظرف الاقتصادي العالمي إلى الاقتصاد التونسي وتعمق عجز الدفوعات الخارجية وفقدان الحيوية الإقتصادية الداخلية نتيجة عدم استعادة القطاعات الاقتصادية نشاطها في أجل معقول.  
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 03 أفريل 2011)



وصل رئيس الوزراء الإيطالي سلفيو برلسكوني اليوم في زيارة خاطفة إلى تونس سيناقش خلالها سبل مكافحة الهجرة غير الشرعية في ظل تواصل تدفق أعداد كبيرة من التونسيين إلى بلاده بعد ثورة 14 يناير/ كانون الثاني التي أطاحت بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. وكان في استقبال برلسكوني ووزير داخليته روبرتو ماروني بمطار تونس قرطاج الدولي رئيس الوزراء المؤقت الباجي قائد السبسي. وسيلتقي الضيف الرئيس المؤقت فؤاد المبزع ثم يغادر بعد مؤدبة غداء ومؤتمر صحفي. وكان برلسكوني قال بتصريح نقلته وكالة أنسا الإيطالية للأنباء إنه سيتحول إلى تونس « ليرى إذا كانت حكومة غير منتخبة وضعيفة قادرة على تجنب مزيد من الرحلات التي تنطلق من سواحلها ». ولم يرد أي رد رسمي تونسي تجاه هذا التصريح، لكن مسؤولا تونسيا قال شريطة عدم الكشف عن هويته لوكالة الصحافة الفرنسية « سنتناقش معه (برلسكوني) مباشرة عندما يكون هنا ». من جهته سيلتقي ماروني نظيره التونسي الحبيب الصيد الذي عين مؤخرا خلفا لفرحات الراجحي. ويتعرض برلسكوني لضغوط تطالبه بالتحرك للتصدي لموجة المهاجرين التي غمرت جزيرة لامبيدوسا منذ ثورة تونس ووترت العلاقة بين البلدين. موجة هجرة واستقبلت لامبيدوسا الجزيرة السياحية الصغيرة التي تبعد نحو 250 كلم عن السواحل التونسية نحو 22 ألف مهاجر سري منذ بداية العام الحالي. وكان ماروني زار مع وزير الخارجية فرانكو فراتيني تونس قبل عشرة أيام لبحث الأزمة. وتعهدت روما بتقديم قروض لتونس بقيمة 80 مليون يورو لمساعدتها على مكافحة الهجرة السرية. وهدد وزير الداخلية الإيطالي تونس الاثنين الماضي بترحيل وافديها إلى لامبيدوسا بالقوة إذا لم تعمل السلطات التونسية على منع إبحار قوارب المهاجرين من سواحلها. وتسبب سقوط بن علي في حالة من الانفلات الأمني بالبلاد. ورغم أن الحكومة الانتقالية تعهدت ببذل مزيد من الجهد للتصدي لها، فإن الغرب انتقد تراخي الحكومة المؤقتة في التعامل معها. ويقول مراقبون إن معظم المهاجرين التونسيين الذين يصلون إيطاليا يطمحون إلى بلوغ فرنسا حيث تعيش جالية تونسية كبيرة.             (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 04 أفريل 2011)



تونس, تونس, 4 (UPI) — أنهى رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني اليوم الإثنين زيارة قصيرة إلى تونس بدون التوصل إلى إتفاق مع السلطات فيها حيال كيفية معالجة ملفة الهجرة غير الشرعية،وخاصة مسألة ترحيل المهاجرين التونسيين في جزيرة »لامبيدوزا » الإيطالية.
وقال مصدر رسمي تونسي في أعقاب المحادثات التي أجراها سيلفيو برلسكوني مع الرئيس التونسي المؤقت فؤاد المبزع، ورئيس الحكومة التونسية المؤقتة الباجي قائد السبسي،إنه »لم يتم الإعلان عن أي إتفاق بين تونس وروما بشأن الهجرة غير الشرعية ».
غير أن برلسكوني أعلن خلال لقاء صحفي قصير أنه إتفق مع المسؤولين التونسيين على تشكيل « لجنة تقنية مشتركة بين البلدين لبحث ملف الهجرة غير الشرعية وإيجاد حلول مناسبة لهذه الظاهرة ». وأعلن أن وزير داخليته روبرتو ماروني سيعود غدا الثلاثاء إلى تونس ليرأس الوفد الإيطالي في هذه اللجنة التي ستبحث أيضا « الحلول المناسبة لترحيل المهاجرين التونسيين غير الشرعيين الذين يوجدون حاليا في جزيرة « لامبيدوزا »،بشكل حضاري ويحترم رغبة هؤلاء المهاجرين ».
وتقدر السلطات الإيطالية عدد المهاجرين التونسيين غير الشرعيين الذين وصلوا إلى جزيرة « لامبيدوزا »،منذ الإطاحة بنظام الرئيس التونسي المخلوع بن علي في الرابع عشر من يناير الماضي،ولغاية الأسبوع الماضي، بنحو 20 ألفا، بينهم نساء وأطفال.
وقال برلسكوني إن « المهاجرين غير الشرعيين مازالوا يتدفقون على لامبيدوزا ،حيث وصلها بالأمس نحو 800 مهاجر قادمين من السواحل التونسية،ما يعني ضرورة إيجاد حل لهذا الموضوع الخطير ». وبحسب رئيس الوزراء الإيطالي،فإن غالبية المهاجرين التونسيين الذين يوجدون حاليا في « لامبيدوزا »،يرغبون في الإنتقال إلى دول ناطقة بالفرنسية في الإتحاد الأوروبي مثل فرنسا وسويسرا و بلجيكا ». وكشف في السياق أن قمة إيطالية-فرنسية ستعقد الأسبوع المقبل لبحث هذا الموضوع،أي « التسونامي البشري الخطير » ،على حد وصفه.
وكان رئيس الوزراء الايطالي قد وصل في وقت سابق إلى تونس في زيارة قصيرة تعد الأولى من نوعها منذ الإطاحة بنظام الرئيس زين العابدين بن علي في الرابع عشر من شهر يناير الماضي. ورافق سيلفيو برلسكوني في هذه الزيارة التي تأتي على وقع تداعيات ملف الهجرة غير الشرعية الذي تحول إلى ما يشبه الكابوس الأمني بالنسبة إلى السلطات الإيطالية.  

(المصدر: وكالية يو بي أي (يونايتد برس إنترناشيونال) بتاريخ 4 أفريل 2011)

 

بسم الله الرحمن الرحيم

  مساء الجمعة غرة افريل تجمع أمام المسرح البلدي بالعاصمة مئات من الشباب المناضل في تعبير سلمي عن سخطهم على سياسات حكومية تتحدى أهداف الثورة في تصفية مؤسسات الاستبداد ورجاله ، إذ تم التصريح لأحزاب  تقودها رموز العهد السابق بدل محاكمتهم وتنصيب آخرين في مواقع قيادية وعودة البوليس السياسي إلى النشاط بدل اعتقالهم وإحالتهم على القضاء وعدم الجدية عموما في ملاحقة من نهبوا أموال الشعب وسلخوا جلوده وناشدوا المخلوع أن يواصل عهده البغيض بل تنصيب بعضهم في مجلس  تحقيق أهداف الثورة.. لقد احتشدت قوات القمع ووحدات البوليس السياسي ومنهم ملثمون في مواجهة الشباب الثائر المحتج مستخدمين الهراوات والغازات السامة والرصاص المطاطي مانعين الشباب من الوصول إلى ساحة القصبة لتنظيم اعتصام ثالث، ولاحقوهم وشردوهم في ترجمة أمينة لاستعادة ما يسمونه بهيبة الدولة وتعني انتهاك كرامة المواطن . إن حركة النهضة إزاء ما تعرض له شباب الثورة من قمع يصادر حقا أنجزه شباب الثورة بدماء شهدائهم حق التظاهر تعبر عن شديد استنكارها للعودة لأساليب القمع المعهودة عن المخلوع وتعبر عن تضامنها الكامل مع حقهم المشروع في الاحتجاج السلمي وتحذر الحكومة من التمادي في الالتفاف حول أهداف الثورة عودا إلى أساليب ورجال العهد البائد.     راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة التونسية


ممثلو المجتمع المدني لـ «الأسبوعي»: قلة التأشيرات مقابل كثرة الأحزاب تربك تعديل مسار العملية السياسية


كيف يمكن للجمعيات ومنظمات المجتمع المدني ان تعدل المسارات السياسية في تونس في ظل قلة التأشيرات ونقص تمثيلها في الهيئات الرسمية وسيطرة الاحزاب على مجرى العملية السياسية؟ سؤال طرحته «الاسبوعي» على عدد من ممثلي المجتمع المدني فكانت هذه اجاباتهم كالآتي: تكتل جبهوي « بات من الضروري اليوم ان يفتح لنا المجال للمشاركة في رسم مستقبل تونس السياسي من خلال مناقشة الملفات المطروحة في الهيئة العليا لحماية اهداف الثورة والاصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي بالتعاون مع ممثلي المجتمع المدني فيها » هكذا استهلت رجاء بصلي الكاتبة العامة لجمعية جيل تونس الحرة (والتي قدمت مطلب الايداع عقب الاطاحة بالمخلوع ولم تحصل على التأشيرة الى اليوم) حديثها عن هذه النقطة، وطالبت بان تعمل المنظمات والجمعيات على التكتل في عمل جبهوي للدفع في اتجاه توعية المواطن الذي تغيب عنه الثقافة السياسية نتيجة ممارسات العهد السابق والعهد البورقيبي الذين دفعا بالتونسي الى الاستقالة من الحياة العامة وهو ما جعله الى اليوم غير متمكن من المفاهيم السياسية. واضافت : »حتى نضفي النجاعة على دور المجتمع المدني في احداث التوازن بين المصلحة السياسية العامة والأهداف السياسية الضيقة، وجب على الحكومة المؤقتة ان تفتح باب الحوارالمباشرمع مختلف حساسيات المجتمع المدني لنقطع مع العمل السياسي في الخفاء الذي يحرك الاعتصامات والاحتجاجات خصوصا في ظل تواجد جمعيات ومنظمات في مختلف جهات البلاد بما يسمح بتأطير الشعب الثائروايصال صوته دون اللجوء الى الاحتجاجات ». سلطة مضادة  وبين سفيان الشورابي رئيس جمعية الوعي السياسي وعضو الهيئة العليا لتحقيق اهداف الثورة والانتقال الديمقراطي ان تعدد الاحزاب السياسية في تونس الانتقالية يعد امرا ايجابيا وصحيا من اجل اتاحة الفرصة للتونسيين للمشاركة السياسية لكنه انتقد وزارة الداخلية التي جمدت تراخيص عديد المنظمات والجمعيات المدنية على حد تعبيره وقال: «ان غياب التأشيرات القانونية لنشاط المجتمع المدني قد يعرقل انخراط التونسيين في الحياة العامة خصوصا في ظل المطالب الشعبية المتنامية لحماية الثورة ومكاسبها».كما بين ان الجمعيات والمنظمات المدنية تمثل سلطة مضادة حتى لا يحتكر حزب بعينه السلطة وقال في هذا الخصوص: «ان المجتمع المدني المستقل والقوي هو صمام الأمان للحماية من أي انخرام في المسار السياسي المستقبلي». وطالب بان تأخذ الجمعيات والمنظمات المدنية مكانة ابرزفي المشهد الوطني حتى يتم تغليب المصلحة العامة على المصالح الحزبية السياسية الضيقة». واستند محدثنا فيما ذهب اليه الى مثال جد في اجتماع الهيئة العليا لحماية اهداف الثورة والمتعلق باستماتة الاحزاب في الدفاع عن شكل الاقتراع المتمثل في خيار القائمات بما يخدم مصالحهم الذاتية على حد تعبيره فيما يدافع ممثلو المجتمع المدني على الخيارالوسطي الذي يمزج بين الاقتراع على القائمات والاشخاص وقال: « في ظل ضعف تمثيل المنظمات والجمعيات فانه من المرجح ان يتم تغليب المصالح الحزبية الضيقة بخصوص القرارات والتوصيات التي ستصدرها الهيئة العليا لحماية اهداف الثورة والاصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي »  الحسم في النقاط الخلافية من جانبه قال عبد الوهاب الهاني رئيس حزب المجد والناطق الرسمي باسم الشبكة الدولية للحقوق والتنمية وممثلها لدى الامم المتحدة انه «ليس من المعقول ان تواصل السلطة القائمة اعتماد التضييقات على حرية التنظم في وقت يفترض فيه ان يتم تشجيع المبادرات الوطنية وحل الجمعيات والمنظمات التي لها ارتباط بالنظام السابق واقتصر دورها على تلميع صورة النظام السابق والدعاية له ». وقال محدثنا: « المطلوب الآن ان تكتسب الهيئات واللجان الوطنية القائمة الاجماع الوطني من خلال المنتظم المدني وتشريكه في اتخاذ القرار ».وبين ان مؤسسات المجتمع المدني بامكانها ان تقدم وجهة نظر مستقلة ومعتدلة ليكون لها دور تعديلي للمسارات السياسية العامة في البلاد انطلاقا من انها الوحيدة المؤهلة لفتح الحوار بين مختلف الاحزاب للحسم في النقاط الخلافية وتقريب وجهات النظر ».  الحبيب وذان (المصدر: جريدة « الصباح الاسبوعي » الصادرة يوم 04 أفريل 2011)


ملف في صلب الموضوع(1) هل مجلة الأحوال الشخصية فعلا مقدسة؟


ملف من إعداد منية العرفاوي كانت مجلة الأحوال الشخصية منذ إصدارها محل جدل وموضع نقاشات طويلة بين مؤيد لجرأتها وحداثتها وبين متحفظ على بعض فصولها ممن اعتبرها خرجت عن روح الشريعة الاسلامية.. وطوال عقود كانت بعض فصول المجلة محلّ شد وجذب من أكثر من طرف.. ورغم أن المجلة لم تكن بمنأى عن أي جدل في كل منعرج سياسي تدخل فيه البلاد ناهيك وأن حركة النهضة في ندوة صحفية سنة 1985 ابان التخبّط السياسي التي كانت تعيشه البلاد انذاك طالبت بتنظيم استفتاء حول أحكام مجلة الأحوال الشخصية «المنافية للاسلام» ولكنها تراجعت عن دعوتها بسبب ردّة الفعل القوية للأوساط الديمقراطية.. وفي نوفمبر 1988 أمضت الحركة على الميثاق الوطني الذي أكّد مبدأ المساواة بين المواطنين رجالا ونساء دون تمييز «بسبب الدين أواللون أوالرأي أوالانتماء السياسي».. وبعد الثورة اتجه الاعلام التونسي الى سبر الاراء «النهضوية» حول ذات المسألة وكان الناطق باسم الحركة قد صرّح  في وقت سابق- لـ»الأسبوعي» بأن الأحوال الشخصية مكسب حضاري لا يمكن التفريط فيه ولا يمكن التراجع عن النصّ القاضي بمنع تعدّد الزوجات لأن المجلة ـ حسب قوله ـ كانت اجتهادا فقهيا بالأساس وبالتالي هي لا تناقض الشريعة.. وقد تبنى تقريبا زعيم الحركة نفس الموقف باعلانه أن التحفّظ على أحكام التبني لا يعني الرجوع عن المجلة التي تبقى مكسبا يستدعي المحافظة عليه.. غير أن الأستاذ عبد الفتاح مورو في مداخلته عبر قناة «نسمة» الفضائية أكّد أن المجلة ليست مقدسة بما يعني امكانية مراجعتها واعادة النظر في بعض نصوصها كما أكد حزب التحرير الذي رفض مطلبه في الحصول على تأشيرة أن منع تعدد الزوجات منافي للشريعة ويجب الرجوع فيه.. ومن هذا المنطلق طرحت «الأسبوعي» سؤالا. هل أن مجلة الأحوال الشخصية فعلا مقدسة؟ واستطلعت في نفس السياق آراء جمعيات وأحزاب مهتمة بالجدل القائم.  
رجاء الدهماني:المجلة منقوصة وتتطلب تدعيم المكاسب لا يمكن أن نطرح النقاش حول مجلة الأحوال الشخصية دون أن نعير اهتماما الى الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات اللا ئي لهنّ مواقف واضحة ومعلنة من المجلة فهن يطالبن بمراجعتها من منطلق مبدئي يتمثّل خاصّة في تكريس المساواة على أساس المواطنة وليس على أساس الجنس.. الأسبوعي اتصلت برجاء الدهماني عضو بالجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات التي كان لنا معها لقاء تعرّفنا فيه عن قرب على مواقف الجمعية.. حول قدسية المجلة والى أي مدى تقبل المراجعة تؤكّد رجاء الدهماني «لئن مثلت مجلة الأحوال الشخصية منذ الإعلان عنها في 13 أوت 1956 انتصارا للعقل الحداثي وأهم أسباب تحرر التونسيات.. وهي كذلك مكسب حضاري تحقّق للمرأة التونسية وتراكم تجربة فكر اصلاحي تونسي أصيل امتدّ لسنوات وعقود ماضية.. لكني اعتقد كعضوة بالجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات أن المجلة مازالت منقوصة ولا بدّ من دعمها وتدعيم مكاسبها أكثر خاصّة على مستوى المساواة بين الرجل والمراة. وحول الجدل الحالي تقول محدّثتنا» أعتقد أن اليوم المناضلة الحقيقية هي لإرساء قيم المساواة وتفعيلها في الواقع ورغم المكاسب التي تحقققت للمرأة هذا لم يمنع بشكل نهائي أنها مازالت عرضة للحيف الاجتماعي وللمارسات السلطوية للرجل أي كان موقعه.. أخ أو أب أو زوج.. فالمرأة التونسية لتنعتق نهائيا من القيود التي تكبلها وتحاصرها لا بدّ أن تكون هناك ضمانات قانونية جدية ولعلّ ابرز هذه الضمانات المساواة والتي يجب أن تكون على أساس المواطنة وليس الجنس.. »  
التصدّي لمحاولات المساس بالمجلة  تضيف محدثتنا « ونحن نذكر جميعا كيف تصدّت لجنة المرأة التي ساهمت في تركيزها جمعية نساء ديمقراطيات رغم أنه لم يكن معترفا بها انذاك  صلب الرابطة التونسية لحقوق الإنسان لحملة الحركة الإسلامية ضد مجلة الأحوال الشخصية ولمناداتها لاستفتاء حولها سنة 1985..  ومنذ الاعتراف القانوني بالجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات سنة 1989 فأنها أعلنت مناداتها بالمساواة التامة والفعلية بين النساء والرجال والتصدي لكل أشكال التمييز والعنف ضد النساء في ظل فصل تام بين الدين والدولة…  وبقيت مناضلات الجمعية في مختلف لجان العمل فيها اللواتي يناضلن لابراز مظاهر التمييز والحيف الاجتماعي ضد النساء مناديات بتعديل مجلة الأحوال الشخصية على أسس المساواة وبرفع التحفظات على الاتفاقيات الدولية حول حقوق النساء وبالمساواة في الإرث. كما نادين بتحديد سياسة عامة للدولة ضد التحرش الجنسي والعنف مهما كان مأتاه والتعريف بظاهرة تفقير النساء وهشاشتهن الاجتماعية خاصة في ظل العولمة ومسؤولية الدولة في حمايتهن. كما نطالب باحترام الديمقراطية وتحرير الحياة السياسية وإطلاق الحريات. فرسالتنا التي نسعى اليها دوما هي العمل على ارساء حقوق إنسانية كونية دون تحفظات من أجل المساواة في الحقوق والفرص بين الجنسين ومن اجل العدالة الاجتماعية وتمكين النساء لاستقلاليتهن ومن أجل الحريات الفردية والعامة ومن أجل الديمقراطية . ». مالك كفيف:الثورة السياسية لا بد أن تعقبها ثورة اجتماعية للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان مواقف معلنة من مجلة الأحوال الشخصية فهي تثمنها في نواحي كثيرة وكذلك تنادي بمراجعتها بما يستجيب لروح المواطنة وأدبيات الحداثة وكذلك في التزام كامل بالاعلان العالمي لحقوق الانسان والاتفاقيات الدولية..«الأسبوعي» اتصلت بالدكتور مالك كفيف عضو الهيئة المديرة للرابطة.. حول أبرز النقاط التي تطالب الرابطة بمراجعتها في مجلة الأحوال الشخصية أكّد الدكتور مالك كفيف « أن الرابطة أعلنت ذلك مرارا وتكرارا أنها مع مراجعة أحكام المجلة بما يكفل المساواة التامة بين المواطنين بقطع النظر عن الجنس» ويضيف دكتور كفيف»بحكم مرجعية الرابطة التونسية الحقوقية كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية التي تنصّ على ضرورة احترام الحقوق الأساسية للإنسان بقطع النظرعن لونه وجنسه ومعتقده.. وتقرّ خاصّة المساواة بين الجنسين وهي اتفاقيات صادقت على بعضها تونس أو تفاعلت معها ايجابيا ومنها اتفاقية إلغاء كل أشكال التمييز ضد المرأة غير أن هذه الاتفاقيات لم تخلو من التحفظّات التي تبرّر عموما بالخصوصية الثقافية والحضارية للبلاد لذلك مازلنا نلتزم بقوانين وضعية داخلية تناقض الاتفاقيات الدولية والدستور الذي ينصّ صراحة على المساواة بين المواطنين. وهنا المواطنون المقصود بهم نساء ورجالا.. فالمواطنة حق مطلق للمواطن في وطنه دون التنصيص على جنسه ذكرا كان اوانثى.. »  
مع التعديل الايجابي وحول مدى قدسية المجلة وهل أنها قابلة للمراجعة والتعديل أكّد محدثنا « بالطبع المجلة باعتبارها مجهودا بشريا فهو قابل للمراجعة والتعديل فهي ليست منزلة من السماء.. لكن لا بدّ من أن يكون التعديل في الاتجاه ايجابي حتى ينعكس داخل الأسرة وبالتالي داخل المجتمع.. فنحن نلاحظ أن مكتسبات الموروث الاجتماعي من الناحية التشريعية لم يقع تفعيلها عمليا فمثلا لو أخذنا قانون الشغل الذي يساوي في فرص التشغيل  بين الذكر والأنثى الا أنه عمليا عند النظر في نسبة النساء اللواتي يتحمّلن مسؤوليات مهنية هامة نجدها قليلة مقارنة بالرجال كذلك فان نسبة المشاركة النسائية في الحياة السياسية ما زالت نسبة محتشمة جدّا مقارنة مع ما وصلت اليه المرأة من مستوى علمي ومعرفي.. » ويضيف »وهنا نتساءل اذا كان الدستور يقرّ المساواة بين المواطنين فكيف لا يجيزها في بقية القوانين الوضعية بالرغم من أن الدستور أعلى درجة من القوانين الأخرى ». ورغم أن اتفاقية تسبق القانون الداخلي من حيث الزاميتها فاننا نلاحظ أننا في تونس مازلنا لا نلتزم باتفاقيات دولية صادقنا عليها وعن ذلك يقول دكتور كفيف «في كلّ الحالات مدى تطبيق الاتفاقيات الدولية هو محلّ نظر مع الدولة المصادقة فكل أربع سنوات كل دولة مطالبة بتقرير مدى انجازها لكن مكوّنات المجتمع المدني من حقها تقديم تقرير مضاد وهنا يجب لفت نظر الدولة المصادقة إلى النقائص إن حدثت لتداركها. وبالتالي اذ كنّا نتحدّث عن مراجعة فلا بدّ أن تكون في اتجاه تعزيز حقوق المساواة والمواطنة التي صادقنا على اتفاقيات تتعلّق بها.. لأنه بإمكاننا المحافظة على مقاصد الشريعة الأساسية وتطبيق الاجتهادات دون الخروج عن الموروث الثقافي والحضاري فتطوير التشريعات يكون انجازا لمقاصد الشريعة. وهنا كذلك لا بدّ أن نشير أن المراجعة للأحكام الوضعية ضرورية لأنه من الطبيعي والمنطقي أن كل ثورة سياسية لا بدّ أن تعقبها ثورة اجتماعية.. لكن مكتسبات المجلة لا يمكن مراجعتها في إطار العودة للوراء… »     الحبيب بوعجيلة:في كل منعرج سياسي «المجلة» كانت محل جدل من البديهي أن تكون مراجعة التشريعات والقوانين الوضعية شأنا سياسيا وبما ان المشهد السياسي تؤثثه وتصنعه الأحزاب السياسية بعد الثورة فانه من الطبيعي أن نسبر اراء بعض الأحزاب لتبدي مواقفها فيما يتعلّق بمجلة الأحوال الشخصية خاصّة فيما يتعلّق حاليا بالزجّ بها في الجدل السياسي القائم وما مدى قدسيتها وهل أنها قابلة للمراجعة وفي
 
أي منحى ستكون هذه المراجعة؟ « الأسبوعي »التقت الحبيب بوعجيلة أحد قيادي حزب الاصلاح والتنمية واستطلعت اراءه ومواقف حزبه حول الاشكاليات المعروضة.. حول الجدل الذي أثير مؤخرا حول مجلة الأحوال الشخصية أفادنا الحبيب بوعجيلة «بقطع النظر عن قراءة النوايا في خصوص من يثير اشكالية الموقف من مجلة الأحوال الشخصية لا بدّ أن نفهم أنه بالرغم من المفهوم السياسي والبعد الاجتماعي لثورة 14 جانفي بما أنها ثورة كرامة وحرية الا أن طرح قضية الاحوال الشخصية يبدو مفهوما لاعتبارين الأوّل هو أن الثورة أنطقت مجتمعا صامتا غاب فيه الحوار لأكثر من عشرين سنة وهذا المجتمع اعتملت فيه اشكاليات وأسئلة بمعزل عن النخبة وأثارتها الجماهير. فالثورة فتقت عليها كل التساؤلات من علمانية واستعمالات المساجد.. وهي قضايا في الظاهر قد لا تكون لها علاقة مباشرة بالثورة لكنها في الحقيقة من جوهر الثورات. في كل منعرج سياسي شهدته البلاد وضعت مجلة الأحوال الشخصية موضع جدل وبعد 7 نوفمبر كان نقاش الأحزاب انذاك متعلقا بنفس الأمر.. وهذا في رأيي أمر طبيعي لأنه لا ننسى أن المجلة المذكورة عند صدورها سنة 1956 مثلت صدمة للعالم العربي والاسلامي فلأوّل مرة تصدر مجلة تحرّر المرأة بصورة شجاعة وفيها جراة غير مسبوقة.. وهذا لا يعني اضفاء القداسة فهي بالنهاية عمل بشري قابل للمراجعة لكن يجب التنبيه الى أنها اجراء اجتماعي وثقافي مهم أحدث رجة وتحوّل الى كسب كبير». هناك من يتصوّر أن الثورة تبيح لنا إعدام كل ما اكتسبه المجتمع في عهد ما قبل الثورة لنؤسس من جديد ومن هنا أتفهّم تخوّف النخبة المنتصرة لقيم الحداثة وأتفهّم تخوّفها من أن الحرية التي أتاحتها الثورة يمكن أن تدفع الى وضع مكاسب البلاد الحداثية بين قوسين »  
الدفاع عن المكاسب يتموقع في المشهد الحالي فريقان فريق يستبسل في الدفاع عن المجلة كمكسب حضاري خارج اللعبة السياسية ومكسب ينادي بالتعديل أو المراجعة حسب أفكاره وخلفيته الايديولوجية وعن ذلك يقول محدّثنا «المشكل أن قسطا كبيرا لا يحسن الدفاع عن هذه المكاسب ويحوّلها الى مسألة استقطاب سياسي باعتبار أن الانحياز لمكاسب الحداثة ليست «ايديولوجية» وليست «عقيدة» فاذا حوّلناه الى شعار يتمذهب حوله فريق مقابل فريق أخر يسيء لمكاسب الحداثة أكثر ممّا يخدمها وهنا أعتبر أن الجدل حول المجلة يجب أن يتخذ مدخلا أخر فالمجلة في كلمة هي مكسب  لتاريخ المجتمع التونسي والثقافة التونسية وأنا أعتبر أن بورقيبة رغم شجاعته في اقرار هذه المجلة لم يكن في حقيقة الأمر الاّ زعيم راكم وواصل مجمل المكاسب الحداثية المتأصّلة في تربية المجتمع التونسي والمتناغمة مع المسار التقدّمي  لتاريخ الثقافة التونسية.. ولم نشهد انذاك الاّ مقاومة صغيرة لبعض جيوب المحافظة.. وبالتالي هذه هي تونس التي لها أوّل دستور (دستور قرطاج) الذي فضّله ارسطو على دستور اسبرطة وكذلك تونس الغاء الرقّ في عهود متقدمة من الحداثة وكذلك دستور 1861 او ما يعرف بعهد الأمان في كلمة تونس الاعتدال.. »  
خلع الابواب المفتوحة تثير مراجعة المجلة  توجّس البعض وخشيتهم من أن تركب أطراف بعينها على الحدث وتمرّر ما شاء لها من برامج «رجعية» غير أن موقف محدثنا من ذلك يبدو مختلفا اذ يقول « لست خائفا على مجلة الأحوال الشخصية ولست قلقا على مدنية الدولة وبالتالي اعتبرها كسياسي معارك مغلوطة وخلع  الأبواب المفتوحة رغم تفهمي لتخوّفات البعض ممّا يبرز لدى الفئات الشعبية من روح محافظة لا أفهمها على أنها روح مناضلة في شخصية التونسي لكن ناتجة عن سنوات منع الجدل والحوار. عبد الرحمان الكواكبي في كتابه «طبائع الاستبداد» لديه فصل في الاستبداد والدين يبيّن فيه أن المظاهر الغريبة في التديّن والقائمة على الانغلاق والتعصّب هي نتيجة لاستبداد يعني كلّما اتسع مناخ الحرية استطاعت هذه الحرية أن تحمي نفسها وتتمكّن دائما من محاصرة كل مظاهر الانغلاق والتعصّب أي هي على فكرة ليست دينية فقد يتحوّل التعصّب باسم ايديولوجية شمولية تدّعي أنها تمثّل العلم المطلق. وأدعو المثقفين الشاعرين بتاريخية هذه الثورة أن ينشغلوا باستحقاقات الانتقال الديمقراطي وكلما أنجحنا مسار الانتقال سنجد أن مكاسبنا الحداثية تكون في مأمن من كل مظاهر الارتداد. حداثة البلاد ليست شعارا لكن نحميها بخلق مناخ ديمقراطي عندها لن يتجه المجتمع الى استقطابات مزيفة مثل الدين والعلمانية.. البطالة والحرية والفساد.  
الالهاء وغياب الحلول الكثير من المتتبعين للشأن السياسي يرون أن اثارة الجدل حول المجلة حاليا هي طريقة للالهاء وصرف النظر عن الأمور الجوهرية التي لا تمتلك الأطراف المثيرة للجدل حلولا لها وعن ذلك يقول بوعجيلة «الهاء وفقدان الحلول لتحديات الواقع الحقيقية يدفع الى طرح مشكلات مزيفة لكن أنا كمثقّف ومتابع للشأن الفكري في البلاد أقول أن الاستبداد لم يطل فقط في العهد السابق الحريات الأساسية بقدر ما أثّر أيضا على الحراك الثقافي في البلاد. وجزء من هذا الحراك يتعلّق بالشأن الديني، فالنظام السابق روّج سنوات طويلة لخطاب ديني رسمي باهت وسطحي  ومنحاز الى دعاية سياسية فجة وهو ما ترك الشباب وفئات عديدة من الشعب مدفوعين الى البحث عن منابع اشباع روحي وعقائدي في فضائيات ولدى رموز دينية تم التسويق لها مما جعل التديّن التونسي معروف بوسطيته واعتداله يشهد انزياحا نحو مظاهر غريبة في الاعتقاد ولهذا السبب اعتبر اليوم أن من بين المهام المطروحة على أهل الثقافة والسياسة الانتباه الى مسألة الاصلاح وتطوير رؤية سيادة خطاب ديني ينتصر للمقاصد التنويرية والتحررية في الاسلام . جليلة الغضباني:تعدد الزوجات.. « و لن تعدلوا » أنا كإمرأة أرفض التعديل في أحكام الإرث.. حزب التحالف الوطني للتنمية للسلم والنماء من الأحزاب الجديدة على الساحة السياسية والذي ينصّ في بيانه التأسيسي على استثمار القدرات الأساسية للشعب في معالجة أزماته و زيادة فاعليته في التنافس بين الأمم لتحقيق العدالة والنّماء والسلم الاجتماعي والرفاه للجميع..واعتبارا  لكون منطلقات الحزب الفكرية هي الاعتزاز بالهوية العربية الاسلامية لبلادنا والايمان بثقافة التسامح والاعتدال ومنهج الوسطية وحق الاختلاف كما يؤكّد البيان على أن الحزب يؤمن بمبادىء الحرية والكرامة كما نصّت عليها الشرائع السماوية والاعلان العالمي لحقوق الانسان .. »الأسبوعي» اتصلت بالأستاذة جليلة غضباني وهي عضو مؤسّس بحزب التحالف الوطني للسلم والنماء لتعرض موقفها وموقف حزبها من الجدل القائم اليوم حول مجلة الأحوال الشخصية والتي يحاول بعضهم حشرها في حلبة الصراع الحزبي والايديولوجي القائم..  
مجلة الأسرة وليست مجلة المرأة اختلفت الآراء وتباينت حول منشإ مجلة الأحوال الشخصية في تونس هل انها ناتجة عن اجتهاد فكري حداثي أو هي كانت نتيجة لاجتهادات فقهية لم تهمل روح الشريعة بقدر ما استلهمت منها عن ذلك تقول الأستاذة الغضباني «بالنسبة لمجلة الأحوال الشخصية في تونس كمكسب حضاري وتاريخي فانها لم تأت من فراغ بل تطوّرت مع مجموعة من الأفكار منذ صدور كتاب الثعالبي في 1905 «الروح التحررية للقران «والذي أفرد فيه المرأة بمحور كامل ..كذلك نجد كتاب الطاهر الحدّاد» امرأتنا بين الشريعة والمجتمع» وبالتالي كانت النظرة الاصلاحية من داخل المنظومة الدينية ..فالعادات والتقاليد التي كبّلت المجتمع لعقود هي التي حرمت المرأة من ممارسة أبسط حقوقها انذاك وليس الدين الاسلامي..والفكر البورقيبي الذي أسهم في وضع المجلة المذكورة كان لديه قراءة حداثية لا تخرج عن السياق الديني فمنع تعدّد الزوجات كان اجتهادا فكريا للدين الاسلامي فالله اشترط لتعدّد الزوجات العدل ورغم ذلك نفي العدل بقوله تعالى «لن تعدلوا»فهذه الاستحالة مثّلت مخرجا دينيا وبالتالي كان الاجتهاد بالمنع اجتهادا جريئا منطلقه ديني..ويجب أن نلفت نظر الجميع بأن الادعاء كون مجلة الأحوال الشخصية ليست مجلة المرأة بل هي مجلة الأسرة التونسية..فالمجلة قد تكون برزت في وقت كان هناك حيف ما زال مسلّطا على المرأة غير أن ذلك لا يعني أنه كان بمعزل عن شواغل الأسرة فواجب الانفاق موكول في المجلة على الرجل والمرأة متى كانت لها موارد كذلك رغم أنه دينيا الرجل هو من يتولّى الانفاق ضرورة كذلك لا نجد التنصيص على الانفاق بين الزوجين فقط بل هو انفاق الفروع على الأصول والعكس بالعكس..  
اختيار الورثة والمساواة في الارث على الرغم من أن الكثير من الأطراف المتجادلة متفقة مبدئيا كون تعدّد الزوجات قد يحتمل القول بأنه ناتج عن اجتهاد متطوّر لروح الشريعة الاسلامية وبالتالي لا تناقضها فان أحكام الارث وبالرغم من كونها غير مضمّنة بالمجلة لكن ملحقة بقانون مفرد ومضمنة بالمجلة فان الجدل يثار حول الارث خصوصا اقرار المساواة في الميراث بين الذكر و الأنثى وبالتالي ترك القاعدة الشرعية و»للذكر مثل حظ الانثيين»..الأستاذة الغضباني تقول «نحن كحزب وسطي معتدل نؤكّد على تمسّكنا بالهوية العربية والاسلامية فانه لا نخالف أحكام الشريعة الصريحة والواضحة في هذه المسألة..وأنا كامرأة كذلك أرفض التعديل في أحكام الارث «فتلك حدود الله لا تقربوها» لكن أقول اذا كنّا وجدنا مخرجا اجتهاديا فكريا فقهيا لمنع تعدّد الزوجات فانه قد نجد باجتهاد فكري لا يخرج عن سياق الفقه مخرجا لهذا أيضا..وأنا أعتقد أن بتطوّر وعي المواطن التونسي بقطع النظر اذا كان رجلا او امرأة بامكانه أن يجد مخرجا لهذا الوضع بدون الضجيج المثار وبدون مخالفة القواعد الشرعية فبامكان الورثة اختيار المساواة في الارث بعد التوزيع الشرعي للتركة فلا شيء يمنعهم من ذلك.. »  
ليست مقدسة.. وحول سؤالنا لمحدّثتنا ما اذا كانت مجلة الأحوال الشخصية مقدسة تجيب «بالنسبة لأي نصّ قانوني ليس هناك قدسية..فالقانون الوضعي قابل للمراجعة لكن طرح المراجعة اليوم في هذه الفترة الانتقالية طرح سابق لأوانه وقد يطرح صدامات نحن في غنى عنها..فواقع تونس اليوم يفرض التفاف كل الأطراف حول القضايا الجوهرية وخصوصا الأطياف والأحزاب السياسية هي مطالبة باهتمام بما هو أهمّ بمستقبل تونس وليس التلاعب بمكتسباتنا الحضارية والثقافية والاجتماعية  وطرح بدائل مغلوطة ..ولا بدّ أن يلتزم الجميع بالتفكير في مصلحة الوطن وليس في مصلحة ذاتية شخصية هدفها دعاية أو استقطاب أو تنفير هذا الطرف أو ذاك فنحن اليوم نحتاج بشدة أن نتكاتف وتتعاضد جهودنا لانجاح المسار الانتقالي الديمقراطي والوصول بتونس الى برّ الأمان كبلد يتمسّك بهويته الثابتة وبمكتساباته الحداثية.. »  (المصدر: جريدة « الصباح الاسبوعي » الصادرة يوم 04 أفريل 2011)


أحزاب متخوفة من الاجندات السياسية الاجنبية التمويلات الخارجية ورأس المال السياسي أكبر تهديد للديمقراطية


في الوقت الذي يزداد فيه الحراك السياسي، بدأ الحديث عن اجندات اجنبية لبعض الاحزاب السياسية. وفي ظل تزايد هذا الحراك تردد مؤخرا ان احزابا عريقة واخرى جديدة تلتزم بتنفيذ اجندات سياسية لبعض القوى التي لها مصالح اقتصادية واستراتيجية في تونس. في الوقت الذي يزداد فيه الحراك السياسي، بدأ الحديث عن اجندات اجنبية لبعض الاحزاب السياسية. وفي ظل تزايد هذا الحراك تردد مؤخرا ان احزابا عريقة واخرى جديدة تلتزم بتنفيذ اجندات سياسية لبعض القوى التي لها مصالح اقتصادية واستراتيجية في تونس. وابدى بعض السياسيين والمتابعين للوضع السياسي التونسي تخوفهم من هذه المعطيات وما يمكن ان ينجر عنها من تمرير اجندات سياسية اجنبية قد تعرقل الانتقال الديمقراطي المنشود وتبقي ثورة الحرية والكرامة التونسية في سقف لا يتعدى المطلبية الاجتماعية. «الاسبوعي» فتحت هذا الملف وأثارته مع عدد من ممثلي الاحزاب السياسية التونسية. قال عبد الفتاح كحولي عضو المكتب السياسي للاتحاد الديمقراطي الوحدوي «نحن نرفض التمويل الاجنبي رفضا مطلقا وما اشيع عن ان حزبنا تلقى او يتلقى تمويلات اجنبية لا اساس له من الصحة وهي اشاعات مغرضة يروجها مندسون في السياسة التونسية»، واكد ان حزبه يصرّف اعماله بتمويلات ذاتية من اعضائه في ظل توقف التمويل العمومي للاحزاب. واكد محدثنا ان التمويل الاجنبي للاحزاب السياسية التونسية يدفع في اتجاه الضغط من اجل املاء اجندات وبرامج سياسية على مقاس بعض الدول «المانحة» المحتملة وليس على مقاس ما تقتضيه الظرفية السياسية التونسية. وقال في ذات السياق «اما رؤوس الاموال او ما يمكن ان نطلق عليه رأس المال السياسي فإنه يفضي الى تشويه البرامج السياسية الحزبية اذ ان رؤوس الاموال تؤثر بشكل مباشر في الافكاروتدفع في اتجاه تشويه نتائج الانتخابات المقبلة سواء في المجلس التأسيسي اوالرئاسية والتشريعية اذ ان الكفة قد ترجح لفائدة شخصيات ثرية او احزاب مدعومة برأس مال سياسي داخلي اوخارجي». وبين محدثنا ان الجهات «المانحة» المحتملة سواء الداخلية اوالخارجية تعمل على فرض اجندات سياسية بعينها تخول تحقيق مصالحها بما يقصي الديمقراطية التي تتأسس على البعد الوطني.  
وللحكومة نصيب من جانبه قال حمة الهمامي الناطق الرسمي باسم حزب العمال الشيوعي «ان المبادرة التي اقترحناها والقاضية بالتمويل العمومي للاحزاب السياسية التونسية تسد الباب امام التدخلات الاجنبية في الاجندا السياسية التونسية»، ونبه الى ان قبول بعض الاحزاب تمويلات اجنبية من شأنه ان يجهض العملية الديمقراطية المنشودة في البلاد معتبرا انها اكبر خطر سيواجهه المشهد السياسي في تونس. وطالب الهمامي بمراقبة حازمة حتى تتم عملية الانتقال الديمقراطي في كنف الشفافية وحتى لا يتم تعويض تزوير الادارة والبوليس لنتائج الانتخابات بتزوير جديد اساسه رأس المال السياسي» على حد تعبيره. وقال المتحدث »ان قوى اجنبية على غرارأمريكا والاتحاد الاوروبي تتدخل في الشأن السياسي التونسي عبرالزيارات المكوكية وضخ تمويلات باسم مساندة الديمقراطية وهو في حقيقة الامر تدخل يهدف الى حصر الثورة التونسية في سقف معين لا يتجاوز اصلاح النظام السابق لأن أي تحول ديمقراطي حقيقي لفائدة الشعب سيضر بمصالحها في تونس » واردف الهمامي قوله: «ان فرنسا وايطاليا واسبانيا لها حضوراقتصادي هام في بلادنا وتعمل على غرارامريكا على ان تبقي تونس في الفكرالاقتصادي والجيوسياسي للدول الغربية والدفع في اتجاه التطبيع مع اسرائيل وان تبقى تونس حدودا متقدمة لمقاومة الهجرة السرية وما يسمى بـ « الارهاب » « واعلن الهمامي ان حزبه على غرار عدد من القيادات في جبهة 14 جانفي ضد الهبات التي قبلتها الحكومة التونسية المؤقتة وقال في هذا السياق «ليس مطلوبا من هذه الحكومة ان تثقل كاهل تونس بهبات واموال اجنبية لأنه في نهاية الأمر (القط لا يصطاد لله) وهذه الهبات لها خلفيات خطيرة وتهدف الى تمرير املاءات سياسية خارجية في السياسية التونسية ».  
الاجندات الاجنبية تمر من هنا « نحن لم نتلق بل لم يعرض علينا أي تمويل اجنبي وما اشيع عن حزبنا في هذا الخصوص هي مجرد اكاذيب »هكذا رد منصف المرزوقي رئيس حزب المؤتمر من اجل الجمهورية على سؤالنا وطالب المنظمات والاحزاب التونسية بان تعول على تمويلاتها الذاتية اوالعمومية وقال: »ان التمويلات الأجنبية تهدف الى التأثير على القرارالوطني لفائدة المصالح الاجنبية » وبيّن ان الانتشار السريع للثورة التونسية عبرالعالم جعل الدول تراقبنا باهتمام بالغ. وقال في سياق متصل «ثمة دول عربية استبدادية تحاول ان تعرقل الانتقال الديمقراطي» دون ان يسميها. ورفض المرزوقي تسمية الأحزاب التي قد تكون تلقت تمويلات اجنية وبرر ذلك بان هذا المعطى قد يكون اشاعة مغرضة في ظل غياب الحجة، لكنه في المقابل اكد تلقي ما اسماها بـ «الأحزاب الكرتونية» لأموال من الدكتاتور. وطالب رئيس حزب المؤتمر من اجل الجمهورية بان يتم الكشف عن التمويلات التي تلقتها الأحزاب التي كانت تشارك في البرلمان السابق. وبين المرزوقي انه يحق للمنظمات والجمعيات التونسية ان تتلقى تمويلات اجنبية شريطة ان تكون من المجتمع المدني وليس من الدول. واعتبران الهبات الأجنبية لتونس تعتبرامرا طبيعيا بين الدول وقال :»لكن يجب على الحكومة التي تقبل الهبات ان تكون حكومة قوية بشرعيتها وهذه الأخيرة هي الوحيدة المؤهلة لقبول الهبات وتوزيعها على الشعب بطريقة عادلة». واضاف في سياق متصل « التمويلات الأجنبية للأحزاب امرمرفوض باعتباران الأجندات السياسية الأجنبية تمرمن هنا ».  
غياب الحجج وفي الوقت الذي اعلن فيه حاتم الشعبوني عضو امانة حركة التجديد ان حزبه يلتقي مع الأجانب الذين يزورون تونس ويتساءلون عن دورالأحزاب في الثورة والانتقال الديمقراطي مضيفا ان حزبه انتهج سياسة التقشف مما مكنه من المحافظة على اعتمادات مالية هامة يصرّف بها اعماله الآن مبينا ان احزابا اخرى لم تحصل على منح من الدولة في العهد السابق وتتحرك الآن باموال لم يستبعد ان تكون اجنبية، قال عادل الشاوش عضو الهيئة السياسية للتجديد « ان الذين تحدثوا عن تلقي حزبنا اموال اجنبية هم اشخاص متحاملون ولديهم خلفيات ايديولوجية، والآموال التي حصل عليها التجديد في العهد السابق كانت من المال العام وليس من الدكتاتور ». واعلن الشاوش جاهزية حزبه للمحاسبة المالية مطالبا بالشفافية المطلقة في اموال الاحزاب القديمة منها والجديدة. وقال « لا اؤكد لكن يتردد ان عددا هاما من الاحزاب السياسية التونسية قد تحصلت على اموال اجنبية لكن الحجج تغيب الآن… وهو امرلن يتمكن مسؤولو الأحزاب من اخفائه عندما يحين موعد المحاسبة والمكاشفة ». واكد محدثنا ان دولا لها مصالح هامة في تونس تتابع الوضع وتحاول التدخل من اجل احلال الاستقرار في المنطقة واعتبرذلك امرا مقبولا ومتعارفا عليه في الشأن السياسي الدولي واضاف: «لكن نرفض رفضا قاطعا التدخل الأجنبي في الشؤون السياسية الداخلية ونرفض أي اموال من الخارج حتى لا يصبح هذا الأخير طرفا في العملية السياسية الداخلية التونسية». وبيّن من جهة اخرى ان التمويلات الأجنبية لن تؤثر في مجرى العملية الانتخابية ونتائجها معتبرا ان التونسي يميزبين البرامج النابعة من الروح الوطنية التونسية وغيرها من الأجندات الأجنبية المسقطة في برامج الأحزاب.  الحبيب وذان (المصدر: جريدة « الصباح الاسبوعي » الصادرة يوم 04 أفريل 2011)


رغم الدعوات بإبعادها عن الخطاب السياسي المساجد تتسيس .. و«تتحزب»


فتحت ثورة 14 جانفي المجال امام كل التيارات الفكرية والسياسية منها و الدينية للعمل بحرية, ولعل العدد الجملي للاحزاب الذي سجلته الساحة السياسية في بلادنا  هو أكبر دليل على اهمية هذا الحراك، فاختلفت بذلك المنابر و تعددت فمن مكونات الخارطة السياسية في تونس من اتخذت من الميادين ملاذا لها لتبليغ مواقفها ومنها من استغلت فرصة تواجدها في وسائل الاعلام لتبليغ صوتها؛ فيما اختار شق آخرالمساجد ليتماهى خطابه بين الديني والسياسي. وقد اثارانتهاج الدعاة والائمة المراوحة بين الدين والسياسة مستغلين المنابر تباينا في المواقف بين مؤيد لهذا النهج و مدافعا عنه و بين رافض له. في المقابل اجمع العديد من خطباء يوم الجمعة والايمة الذين يلقون دروسا يومية في عدد من المساجد على انه من الضروري ان لا تتدخل الدولة في الدين مثلما كان معمولا به في العهد السابق حيث كانت المواضيع تفرض خدمة لتوجهات نظام بن علي. ففي احد مساجد العاصمة دعا الخطيب الى عدم المس بالمساجد منبها من خطر تسييس الخطاب الديني واستغلاله من قبل السلطة . كما طالب وسائل الاعلام بالتزام الحياد والكف عما اسماها «بالفتنة عبرالدعوة الى تيار سياسي معين والمس من تعاليم الدين الاسلامي» . ورغم ان وزارة الشؤون الدينية قد دعت في بلاغها الصادر مؤخرا الايمة الخطباء الى ضرورة الالتزام في خطبهم باخلاقيات الخطاب الديني وباداب المساجد التي تقوم على الموعظة الحسنة والراشدة ودرء المفاسد والابتعاد عن النيل من اعراض الناس.  وعند سؤال بعض رواد المساجد بعد خطبة يوم الجمعة عن موقفهم من مسالة اتخاذ الخطب منحى سياسيا. قال رائد وهو موظف بالقطاع العام حضراحدى الخطب :» لا ارى أي ضرر من التحدث عن السياسة يوم الجمعة لأن الفضاء الوحيد الذي يسمح للتيارالديني بنشرمواقفه من عدة مواضيع يومية للتونسي هو المسجد و يوم الجمعة حيث يكون عدد الحاضرين بالعشرات.» وفي نفس السياق ركزاحد الخطباء في حديثه على العلاقة التاريخية  بين المسلمين و اليهود منبها اياهم بان «جيش المسلمين سيعود».  لا لتسيس الخطاب لقد اوصت وزارة الشؤون الدينية كذلك بتحييد المساجد وعدم التعرض في فضاءاتها لكل ما من شانه التدخل في توجيه الحياة السياسية والاكتفاء بالجانب الديني في خطبهم والابتعاد عن الدعوة الى التحزب واشاعة الفتن واستغلال بيوت الله لغايات خارجة عن مشمولاتها. وهو ما استجاب له ائمة كثر في مساجد منتشرة في اكثر من ولاية مركزين خطابهم على مسائل فقهية وعقائدية لا غير دون تسييس كالتركيز على مواضيع الجنة و النار و الدور الحقيقي للمسلم الحق في هذا الظرف الذي تعيشه بلادنا. واكد لنا عديدون انه من غير المعقول ان يقع استغلال المساجد لتمريرافكار سياسية تخص بعض الشخصيات الاسلامية الممثلة لاحزاب اسلامية سياسية او تلك التي تنوي انشاء حزب. تصرفات اخرى..    لم تكن منابرالمساجد يوم الجمعة منذ فترة زمنية ليست بالبعيدة بمنأى عما اسماها البعض «بالكتائب الديقاجية» حيث عمد افراد من المصلين بعزل أئمة و نصبوا آخرين دون العودة اواعلام الجهات الحكومية المعنية وبمرور الايام تقلصت هذه الظاهرة بشكل كبير . ولا يمكن لاي كان ان يقلل من شان المساجد و دورها الحيوي و الكبير في تاطيرالمصلين على المستويين الديني او حتى السياسي (ان وجد في بعضها) في ظرف حساس وصعب تعيشه بلادنا وهوما يضع الائمة و الدعاة امام مسؤولية جسيمة امام الله ثم التاريخ لتوجيه الناس نحوالوجهة الصواب بشكل يتماشى و امن تونس وعزتها دون الحياد او المساس من الشريعة . في المقابل فان بقية التيارات السياسية مطالبة بدورها بالعمل من اجل مصلحة هذا البلد دون تخوين اوتكفير  جمال الفرشيشي (المصدر: جريدة « الصباح الاسبوعي » الصادرة يوم 04 أفريل 2011)



كشفت وثائق صادرة عن السفارة الأميركية في تونس، ضمن تسريبات «ويكيليكس» الأخيرة عن علاقة جيدة جداً تربط بقايا حزب النهضة الإسلامي التونسي في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي بالبعثة الدبلوماسية الأميركية. زيارات متبادلة بين الطرفين، وتشديد من قادة النهضة على تمثيلهم الإسلام المعتدل، وهو، برأيهم، الحل للديموقراطية في المنطقة، وتونس تحديداً .لكن تبدو المفارقة كبيرة بين ما يعلنه النّهضويّون حول سياسات الولايات المتّحدة و بين ما تكشفه هذه الوثائق من علاقة وطيدة تجمعهم بها. ذلك أنّ الكثير من مناصري حزب النّهضة يكتبون في منتديات إلكترونية عدّة أنّ السلطة، في أيام حكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، كانت تلاحقهم وتضطهدهم بناءً على طلب أميركي. فالولايات المتحدة لا تريدهم أن يصلوا إلى السلطة، رغم أنّهم يمثلون «الإسلام المعتدل الذي سيحقق العدل والمساواة والديموقراطية». لكنّ مجموعة من برقيات السفارة الأميركية في العاصمة التونسية تشير إلى أنّ العلاقة بين الحزب والسفارة كانت متقدمة.
كذلك يبدو من الوثائق الاهتمام الأميركي الدائم بما يفعله الإسلاميون ونشاطهم السياسي، فموظفوها لا يوفرون أيّاً من زوارهم السؤال عن الناشطين الإسلاميين على الساحة السياسية، وقوتهم الفعلية على الأرض وحقيقة مشاريعهم.
ففي وثيقة تعود إلى 23 ماي تتناول الوضع في البلاد بعد الانتخابات المحلية بداية الشهر نفسه، يؤكد أحد أعضاء حزب التجديد (الشيوعي سابقاً) أنّ حزب النهضة الإسلامية لا يزال فاعلاً على هامش المعارضة القائمة ويستهدف الشباب الذين يترددون إلى المساجد. ويقول السفير الأميركي في تونس، وليم هادسون، الذي كتب البرقية، إنّ المعارضة العلمانية أدركت أهمية ذلك، واتصلت بالإسلاميين ومن ضمنهم فلول حزب النهضة في البلاد. وقد اعترف رئيس الحزب التقدمي الديموقراطي، نجيب الشابي، للسفير بأنّه التقى أعضاء من النهضة خارج تونس، أخيراً. وأسرّ زعيم حزب التجديد آنذاك محمد حرمل، بأنّه لا يستبعد اتخاذ بعض الترتيبات مع الإسلاميين لتعزيز نشاطات حزبه. لكن انتهازية الشابي وحرمل، دفعتهما إلى تحذير السفارة من التعامل مع الإسلاميين، أياً كانوا، «في العراق أو أيّ مكان آخر»، وانتقدوا «المكاسب السياسية التي ينالها الشيعة في العراق». ولم يقتصر التحذير من الإسلاميين على هؤلاء، بل وصل الى الجمعية التونسية للنساء الديموقراطيات خلال اجتماع في يوم 9 فيفري 2006 مع أحد الموظفين في السفارة. إذ قالت إلهام بلحاج وحفيظة شقير من الجمعية، إنّ القبول بحكومة إسلامية يعني «استبدال ديكتاتورية بأخرى». ورأتا أنّ الوضع مشابه مع من يطلقون على أنفسهم لقب «مسلمين معتدلين».
وفي وثيقة أخرى، تعود ليوم 29 نوفمبر 2005 ، بعنوان «انقسام ثنائي للإسلام في تونس»، يتحدث السفير وليم هادسون عن وضع الإسلام في تونس، ويعرض تزايد التديّن في البلاد وتاريخ العلاقات بين السلطة والحركات الإسلامية. ويبدو من هذه الوثيقة، أنّ العلاقة بين السفارة وأعضاء حزب النهضة الإسلامي المنحلّ جيدة، اذ تستعين بهم السفارة للمعلومات. ففي هذه الوثيقة المذكورة، يقول السفير إنّ أحد أعضاء الحزب السابقين اشتكى لأحد الموظفين السياسيين في السفارة من أنّ المجموعات السياسية الإسلامية لا تهتمّ سوى بالنشاطات السياسية والتحالفات. وأضاف عضو النهضة أنّ الله والدين غير مهمّين لهؤلاء، أي أنّهم ليسوا أفضل من القيادة السياسية الحالية في البلاد.
ويبرز الاهتمام الأميركي بموضوع الإسلام في تونس أيضاً في وثيقة تعود ليوم 22 مارس 2006 التي تنقل وقائع طاولة نقاش عقدت يوم 8 مارس، مع بعض ناشطي المجتمع المدني، فيعود الحديث دائماً إلى وضع الإسلاميين وقوّتهم.
ويبدو من بعض الوثائق أنّ شخصاً كزياد الدولالتي، وهو اليوم عضو المجلس التأسيسي للنهضة، كان صديقاً للسفارة، وعلى جدول الزوار الدائمين. زائر يسعى ما في وسعه للترويج لحزبه ولشخصه على أنّه يمثل الإسلام المعتدل.
وعلى غرار الدولالتي، يحاول أعضاء الحزب السابقين الترويج لأنفسهم على أنّهم يمثلون الإسلام المعتدل الذي تبحث عنه الولايات المتحدة في المنطقة. ففي وثيقة تعود لـ18 أوت 2006 تتناول ردود الفعل التونسية على حرب جويلية 2006 في لبنان، يلتقي المستشار السياسي في السفارة مع زياد الدولاتلي، والناشط في المجتمع المدني صلاح الدين الجورشي، الذي قال إنّه ترك النهضة لخلافات معهم. قال الاثنان للمستشار إنّ الحرب في لبنان ودور الولايات المتحدة في مساندة اسرائيل قوّيا حزب الله ومجموعات متطرفة أخرى، كما عززا التوجه لدى الشباب التونسي إلى التماهي أكثر مع أفكار مجموعات جهادية مثل «القاعدة» عوض مجموعات «غير عنفية ومعتدلة من النهضة». ويضيف السفير إنّ الاثنين يطلقان على نفسيهما وصف «مسلمين معتدلين».
في الخامس عشر من آب 2006 عقد لقاء بين الإسلاميين التونسيين المعتدلين والمستشارين السياسي والاقتصادي والضابط السياسي في السفارة. وفي برقية في 21 أوت يرسل نائب رئيس البعثة في تونس ديفيد بالارد تفاصيل ما دار في اللقاء، الذي أعدّه بناءًا على طلب التونسيين، رضوان مصمودي، وهو أميركي من أصل تونسي يرأس مركز دراسة الإسلام والديموقراطية في واشنطن. شارك في الاجتماع سعيدة عكرمي، الأمينة العامة للرابطة الدولية لدعم السجناء السياسيين، صلاح الدين الجورشي، صحافي وناشط في المجتمع المدني وعضو سابق في حزب النهضة، وزياد الدولاتلي وهو من مؤسسي الحزب، وقضى 15 عاماً في السجن. وتوضح البرقية أنّ الإسلاميين المعتدلين، كما تسمهيم مع بعض التحفظات، إذ ترفق هذه العبارة بمزدوجين كأنّها تلقي المسؤولية بالتسمية على آخرين، أرادوا مقابلة ممثلين عن السفارة «لإعادة فتح حوار في «القضايا المشتركة». ونكتشف أنّ العلاقة بين الطرفين و«الحوار» بينهما يعودان إلى الثمانينيات وتوقف «الحوار» بعد الحملة الحكومية على الحزب وحلّه وزجّ قادته في السجن. وتضمّن هذا الحوار القديم لقاءَات مع أعضاء من الكونغرس زاروا تونس».
المحاورون الإسلاميون رأوا أنّ تونس مثال للإصلاح الديموقراطي في الشرق الأوسط. وقال الدولاتلي إنّ «كون تسعين في المئة من التونسيين علمانيين يشجع على عملية تطوير ديموقراطية حقيقية». محاوروه الأميركيون لم تقنعهم هذه الفكرة، وعبّروا عن ذلك في البرقية، وخصوصاً أنّها تأتي من «إسلامي». وسخروا من ادعائه أنّ حزب النهضة حصل قبل حلّه على ستين في المئة من أصوات المقترعين (انتخابات 1989)، فيما لم تتعدّ النسبة الحقيقية، وفق بالارد، الذي كتب البرقية، الثلاثين في المئة في أفضل الحالات.
التونسيون حاولوا إقناع موظفي السفارة بأنّ التعاطي معهم يصبّ في مصلحة واشنطن كي تعيد الثقة والصدقية لنفسها في الشرق الأوسط، وهي تحتاح الى نموذج ناجح عن الديموقراطية في المنطقة. الدولاتلي، الأكثر تحمساً للتعاون مع واشنطن على ما يبدو، حاول خلال الاجتماع الترويج لبلاده على أنّها الأنسب لتحقيق هذا النموذج، وليس العراق. وقال إنّ من الجيّد أن يكون هناك بديل من «البن لادنية».
وطلبت المجموعة، التواقة ربما إلى اعتراف أكبر قوى امبريالية في العالم، بضع «خدمات» من السفارة. أهم هذه الخدمات زيارة ممثل عن البعثة الدبلوماسية الأميركية لحمادي الجبالي، أحد قادة حزب النهضة، وهو «إسلامي معتدل» كما قالوا، لأنّه ممنوع من مغادرة محافظة سوسة. إلى ذلك، طلبوا إدراج أسماء بعض الإسلاميين المعتدلين على لوائح زوار السفارة والزيارات التي تنظّمها للولايات المتحدة من وقت لآخر. يقول بالارد في البرقية إنّ السفارة سعيدة لمبادرة المجموعة إلى الاتصال بها، لكنّها لا تأمل تغييراً كبيراً في المستقبل مثلهم، ويقول إنّها (البعثة الأميركية) واعية لدوافع المجموعة إلى الاتصال بها، وخصوصاً بعد تصريح دولالتي عن الستين في المئة.
نفّذت السفارة بعض الخدمات المطلوبة، وزارت الجبالي في إقامته الجبرية، فزار أحد الموظفين السياسيين في السفارة الجبالي في 31 أوت 2006 في منزله في سوسة، لأكثر من ساعتين. ما لفت نظر الضابط أنّه على عكس كل من يلتقيهم من المجتمع المدني والمعارضة، لم يشتك الجبالي من السياسات الأميركية في لبنان، وإسرائيل والعراق. الجبالي، الذي قال إنّ راشد الغنوشي هو قائد النهضة، أكّد أنّ النهضة في تونس هو نفسه كما في أوروبا. وككل الحركات الإسلامية في حضرة الأميركي، قال الجبالي إنّ النهضة، بما هو حزب، يريد أن يدخل تدريجاً إلى السياسة التونسية، ولا يريد دولة إسلامية. وكما يفعل الجميع، انتقد الجبالي الأحزاب الإسلامية الأخرى التي تعتقد أنّها تملك «الحقيقة الإلهية، ولا تتقبل النقد». الجبالي، رداً على ملاحظة موفد السفارة أنّه يبدو علمانياً، قال إنّه يفصل ممارسته للدين عن الحياة العامة. وأضاف أنّ المسلمين المعتدلين كلّهم يفكرون مثله، ويرفضون العنف. إجابات الأميركي كانت حاضرة لتذكّره بتفجير مناصرين للحزب فنادق في الثمانينيات. ولم يصدق الموفد ما قاله الجبالي عن أنّه ممنوع من العمل، وعن التضييقات بحقه، نظراً إلى بيته المؤثث جيّداً وبذخه في استقبال الضيف. كذلك تطرق الجبالي إلى التطرف الإسلامي الحالي مقارناً بين عناصر النهضة المنفتحين والشباب التونسي المتديّن والمتطرف جداً، نتيجة القمع. وكذلك لمنع النهضة من ترويج أفكاره المعتدلة.
قد لا يكون جميع الناشطين في حزب النهضة، قبل حلّه، والذين بقوا أوفياء لنهجه بعد حظره «أصدقاء» للسفارة الأميركية في تونس، لكن مما لا شك فيه أنّ فاعلين في الحزب، وأهمّ رموزه والمتحدثين باسمه «حاوروا» الأميركيين لسنوات طويلة، طمعاً باعترافهم، ورغبة منهم ربما بتكرار تجربة العراق. فإذا قررت واشنطن قلب الطاولة على صديقها (السابق) بن علي، فالنهضاويون كانوا جاهزين، دوماً وأبداً، لمباركة ذلك وحكم البلاد، وخصوصاً أنّهم، كما كرروا، «معتدلون»، وهو «النوع الإسلامي» المفضّل للأميركيين. رابط المقال: http://www.machhad.com/?p=628 (المصدر:موقع المشهد التونسي اللإلكتروني(تونس) بتاريخ 4 أفريل2011)



طارق الكحلاوي 1 في حوار مع جريدة “الصباح” صدر اليوم 3 أفريل أعلن أخيرا الوزير الأول المؤقت عن موقف السلطة الرسمي من موضوع القناصة و هو ببساطة أن الملف “أغلق تماما”، مبني على المجهول حيث لا نعرف من أغلقه. فيما يلي السؤال و جواب قائد السبسي: هناك موضوع القناصة الذي يؤرق قسما كبيرا من الشعب التونسي، خصوصا أنه يتعلق بشهداء سقطوا برصاص هذه المجموعات… (مقاطعا)… من قال لك ذلك؟ هذه معلومات نشرتها الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني، وأعلن عنها رسميا… عندما حصلت تلك الاحداث، تم القبض على عديد الأشخاص وأودعوا السجن، والبلاد خالية اليوم من القناصة.. أنا أتحدث عن ملف القناصة خلال الاحداث التي تلت الثورة… حكومتي ليس لها مفعول رجعي، ومسؤوليتي تبدأ من لحظة دخول للوزارة الأولى، فإذا كان ثمة قناصة لم يقع القبض عليهم فأرجو أن تعلمي بذلك.. واذا كان هناك قناصة موجودين في البلاد حاليا فدلني عليهم.. لقد سألت كل الاطراف الداخلية والدفاع وغيرهما حول هذا الموضوع، لكن الملف أغلق تماما، ومن تم العثور أو القبض عليه موجود حاليا في السجن، وأعني هنا من قتلوا في تالة والقصرين وغيرها… الحوار الذي بدأ بمقدمة غير حرفية بالمناسبة تمدح الوزير الأول (الذي “تفضل” من منح نصيب من وقته المزدحم و غير ذلك من الحشو) و تنتمي لعصور خلت لتعكس بذلك ضرورة اعادة رسكلة بعض الصحفيين القدامي سأل فيه الصحفي سؤال القناصة لكن من غير الواضح إن أصر على تلقي تفاصيل أكثر من جواب الوزير. من بين تلك التفاصيل التي ينتظر الكثير من التونسيين و ليس عائلات الشهداء فقط أجوبتها بحرقة هي مثلا: بالنسبة للقناصة قبل 14 جانفي: لا يخصون فقط القصرين و تالة بل أيضا مدنا و مناطق أخرى. هناك في أقل الاحوال ثلاثة تقارير الاول للامم المتحدة و الثاني لمنظمة العفو الدولية و الثالث لمنظمة “هيومان رايتس واتش” (سنتعرض اليه أسفله) يفصلون هذا الموضوع و اتساعه ليشمل مختلف مدن البلاد. أين و متى تم القبض عليهم اذ لا توجد أية اشارة لذلك لا اعلاميا و لا رسميا؟ هل تمت محاكمتهم؟ إلى أي أجهزة أمنية ينتمون و من أصدر الاوامر؟ ما هي أسماؤهم؟ نفس الاسئلة تنطبق على قناصة ما بعد 14 جانفي و الصراع الذي حدث بين اجهزة مختلفة في البلاد و الذي لا نعرف تفاصيله الى الان و خاصة ان كان في سياق انقلاب و انقلاب مضاد داخل السلطة. بالمناسبة يجب التذكير هنا أن جواب قائد السبسي سبقه “توضيح” من مدير اقليم الحرس الوطني صدر في جريدة البيان يوم 28 مارس ينفي فيه وجود قناصة أصلا طيلة الاحداث في القصرين و أن الأمر مجرد “اشاعة”. جريدة البيان يوم 28 مارس 2011 المعضلة أن أبناء تالة خاصة من عائلات الشهداء متيقنين ليس فقط من وجود قناصة مسؤولين عن قتل ابنائهم بل أيضا من أسمائهم مثلما ينقل مراسلو “المشهد التونسي” في زيارة قاموا بها منذ حوالي الاسبوع: 2 نعم بلا شك فإنه وفقا للقانون التونسي مقاربة هذا الموضوع ستكون صعبة و تحتاج تحريا دقيقا. إذ أن في هذا القانون توجد من جهة شروط مضبوطة لاطلاق النار لكنه من جهة أخرى يسمح بذلك بشكل يمكن أن يتعدى على حقوق التظاهر بما يوحي بلادستورية القانون، و هو ما يطرح امكانية اغييره في المستقبل. لكن ذلك نقاش غير مجدي بالنسبة لمحاسبة افعال الماضي بما انها تمت في ظل القانون الحالي. و ينظم القانون التونسي بمقتضى الفصلين 20-22 من قانون عدد 4 لسنة 1969 مؤرخ في 24 جانفي 1969 المتعلق بالاجتماعات العامّة والمواكب والاستعراضات والمظاهرات والتجمهر، استخدام الأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون، حيث تنص على أنهم قد يلجأون إليها فقط إذا لم تكن هناك أية وسيلة أخرى للدفاع عن “المكان الذي يحتلونه أو المنشآت التي يحمونها أو المراكز أو الأشخاص الذين عهد إليهم بحراستهم أو إذا كانت المقاومة بكيفية يستحيل التغّلب عليها بصفة أخرى إلا باستعمال الأسلحة”. و إذا رفض المتظاهرون “التفريق” على الرغم من التحذيرات التي أعطيت لهم، على أعوان إنفاذ القانون اتباع الإجراءات التالية من أجل تفريقهم: 1)  الرش بالماء أو المطاردة بالعصي 2)  الرمي بالقنابل المسيلة للدموع 3) طلق النار عموديا في الفضاء لتخويف المتجمهرين 4) طلق النار فوق رؤوس المتجمهرين 5) طلق النار صوب أرجلهم وفقط إذا “عمد المتجمهرون إلى بلوغ مقاصدهم بالقوة رغم استعمال جميع الطرق المنصوص عليها بالفصل 21″ آنذاك “أعوان الأمن يطلقون عليهم النار مباشرة”. و قد علقت منظمات حقوقية على هذا القانون بأنه يوفر فرصة أكبر للشرطة التونسية لاستعمال الطلق الناري بقصد القتل مقارنة بمدونات قانونية أخرى. و على سبيل المثال كانت منظمة “هيومان رايتس واتش” قد أصدرت تقريرا يوم 29 جانفي من هذا العام داعية الحكومة الى فتح تحقيق في اعمال قتل المتظاهرين خلال الانتفاضة معتبرة ذلك “أولوية مستعجلة”. و قارنت في هذا السياق بين القانون التونسي و القواعد الدولية لاستخدام القوة المميتة من طرف الموظفين المكلفين بتنفيذ القانون كما هو مدون في مدونة قواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، والمبادئ الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون. و استنتجت المنظمة أن “لدى القانون التونسي معيار أدنى من مدونة قواعد السلوك، بشأن الظروف التي يمكن استخدام القوة المميتة في ظلها. في حين أن مدونة السلوك تنص على أنه “لا يجوز استخدام الأسلحة النارية القاتلة عن قصد إلا عندما يتعذر تماما تجنب ذلك من أجل حماية الأرواح”، يسمح القانون التونسي لموظفي إنفاذ القانون باستخدام القوة المميتة لحماية مواقعهم أو المباني.” و هنا يجب أن نشير الى أن القانون التونسي لسنة 1969 مأخوذ في الأصل من قانون فرنسي قديم تمت وراثة مواده، مثلما هو الحال في كثير من المواد المتعلقة بالحريات العام، من القوانين الفرنسية في الفترة الاستعمارية و بالتحديد من قوانين صدرت سنتي 1881 و 1938 و التي لم تعد مستعملة في فرنسا الآن. إذ يمكن لشرطي فرنسي الآن عصيان الاوامر الموجهة اليه اذا كان فيها خرق واضح للشرعية كما ان استعمال اسلحة ردعية خفيفة لتفريق المظاهرات  تلقى الكثير من الجدل فما بالك الاسلحة النارية. و يجدر بالذكر أن آخر تطبيق للقوانين الفرنسية التي تسمح باطلاق النار على متظاهرين كان بداية الستينات ضد الجزائريين المطالبين بالاستقلال. غير أن “هيومان رايتس واتش” استنتجت أيضا أنه حتى لو تقيدنا بالقانون التونسي فإن هناك مؤشرات قوية على خرقه من قبل الامن التونسي. إذ تقول في تقريرها أنه “لم تعمل الشرطة في معظم الأحيان حتى على الالتزام بمقتضيات القانون التونسي فيما يتعلق باتباع الاجراءات المتدرجة وغير القاتلة التي حددها القانون قبل فتح النار باتجاه أجزاء من أجسام المتظاهرين، استنادا الى شهادات جمعتها هيومن رايتس ووتش. وهذا يتضمن شهادات من شهود عيان قالوا إن أعوان الشرطة أطلقوا النار عليهم بدون تحذير، وكذلك أدلة طبية تُفيد أن العديد من المتظاهرين تلقـّوا طلقات نارية في الظهر أو في الرأس.” و عرضت المنظمة في تقريرهها شهادات ميدانية على ذلك. 3 إن العدالة الانتقالية في تونس لن تكون أمرا استثنائيا في التجارب الانتقالية نحو الديمقراطية و هي خطوة تبدو شديدة الارتباط بعملية الانتقال الديمقراطي ذاتها حسب تجارب تاريخية سابقة، بها تترسخ العملية الديمقراطية ذاتها. و ينقل “المركز الدولي للعدالة الانتقالية”، المؤسسة الدولية المتخصصة في هذا الموضوع، عددا من الخطوات المترابطة و المتزامنة التي تضمن حدوث عدالة انتقالية سلسة بدون الوقوع في التشفي أو في الخطابات الممجوجة. و هذه الاجراءات المتزامنة تمثل مقاربة شاملة و تتمثل فيما يلي: الملاحقات القضائية التي تركز عادة على “الحيتان الكبيرة”، و لجان تقصي الحقائق، و برماج التعويضات المعنوية و المادية، و العدالة التي تركز على الاضطهاد الذي تعرضت اليه النساء بشكل خاص، و اصلاحات النظام الأمني، و جهود حفظ الذاكرة بما في ذلك من خلال إنشاء متاحف للذاكرة القمعية. و يؤكد هنا “المركز” أن أي تركيز على اجراء من بين هذه الاجراءات دون غيرها سيؤدي الى فشل عملية العدالة الانتقالية. و لا يتم التغافل في هذه الرؤية على الخصوصيات السياسية و ضرورات التسويات التي تفرضها اي مرحلة انتقالية لكن ذلك لا يتعارض حسب التجربة مع مقاربة ناجعة و حقيقية لتطبيق العدالة الانتقالية. و هذه النقطة تحديدا أي التوازن بين الضرورات السياسية و ضرورة تطبيق العدالة الانتقالية لا يبدو واقع الحال في التجربة التونسية حتى الآن، إذ يبدو أنه يتم إعطاء الأولوية للتسويات السياسية في الكواليس على حساب العدالة. 4 تبدو تصريحات قائد السبسي عمليا متجاهلة لـ”لجنة تقصي الحقائق” فيما يخص “التجاوزات و الانتهاكات” التي تم الاعلان عنها من قبل حكومة الغنوشي. و ليس من الواضح في هذا السياق اين وصلت أعمال هذه اللجنة باستثناء تصريحات بعض اعضائها المتقطعة و بشكل فردي لوسائل الاعلام (مثلا تصريحات صلاح الدين الجورشي الى التلفزة “الوطنية” الاولى في احد البرامج أخيرا). و يذكر أن المرسوم الرئاسي الصادر يم 18 فيفري الماضي حدد في فصله الاول ما يلي: “تحدث هيئة عمومية مستقلة تدعى “اللجنة الوطنية لاستقصاء الحقائق” لتقصي الحقائق في التجاوزات والانتهاكات المسجلة خلال الأحداث التي شهدتها البلاد التونسية خلال الفترة الممتدة من 17 ديسمبر 2010 إلى حين زوال موجبها.” و رغم أن هذه اللجنة لن تتقصى انتهاكات نظام بن علي قبل 17 ديسمبر الا ان ذلك لا يعني عدم اصدار مرسوم آخر للجنة ثانية تهتم بذلك. كما تم أيضا تحديد عملها في الفصل الثاني بأنها “تلقي شكاوي المواطنين الذين كانوا ضحية تجاوزات تعرضوا لها مباشرة أو تعرض لها ذويهم خلال الفترة المذكورة بالفصل الأول أعلاه،” و أنه يمكن لها “الاطلاع على جميع الوثائق الإدارية أو الخاصة التي لها علاقة بالوقائع المطلوب تقصي الحقائق في شأنها والتي يطلب رئيس اللجنة من الجهة الموجودة في حوزتها هذه الوثائق تسليمها إليه،”و “استدعاء كل شخص طبيعي قصد الاستماع إليه إذا كان من شأن شهادته إنارة اللجنة فيما يتعلق بالوقائع المطلوب تقصي الحقائق في شأنها ويوجه رئيس اللجنة إلى الشخص المعني دعوة تتضمن جميع البيانات اللازمة التي تمكن من تقييم أسباب الشهادة المطلوبة ومداها.” و مهمتها الأساسية تقديم تقرير الى الرئيس المؤقت و الوزير الأول لكن أيضا “لا تحول أعمال اللجنة دون التوجه إلى السلطة القضائية المختصة قصد تتبع مرتكبي التجاوزات والانتهاكات موضوع هذا المرسوم”. و من الغريب أنه برغم كل هذه الضوابط و برغم أن اللجنة لم ترفع تقريرها بعد الى أي من السلط الرسمية فإن الحكومة قررت عبر الوزير الأول إنهاء الموضوع. أغلقت السلطة الملف بدون شفافية و بدون محاسبة و بدون أي تعامل اعلامي رسمي. تم التعامل مع أحد أهم ملفات هذه الثورة، و الذي كان أحد عوامل تأجيجها و في النهاية اسقاط بن علي أي قتل الناس العمد في الشوارع، بذات الطريقة القديمة أي التلفيق و الغموض و ربما الصفقات في الكواليس الخلفية من خلال ترضية هذا الطرف او ذاك. سيتحجج كل هؤلاء بضرورة “حماية الاستقرار” لتبرير هذا الاسلوب في دفن ملف القناصة. لكن المؤكد أن ذلك لن يقوم إلا بمزيد الدفع بهذا الملف نحو التوظيف السياسوي و تركه بؤرة للتوتر. و هذا بمعزل عن بقية الملفات من انتهاكات اخرى مثل التعذيب و اقتحام المنازل و غيرها. إن الطريقة القديمة التي تتتسامح مع التجاوزات و تتجاهلها و تدفنها في الغموض لحماية الاستقرار هي جزء من النظام القديم. و من ثمة ستقوم بتقويض أي نظام قادم إن لم يتم التعامل معها بحكمة. و على حكومة قائد اسبسي ألا تتفاجئ إن رجع هذا الموضوع بقوة في الاسابيع او الاشهر القادمة و يتحول الى ارضية للاطاحة بها و بالتالي لوضع من عدم الاستقرار. فالاستقرار لن تحميه إلا الشفافية. رابط المقال: http://www.machhad.com/?p=657 (المصدر:موقع المشهد التونسي اللإلكتروني(تونس) بتاريخ 4 أفريل2011)


عماد الطرابلسي وصخر الماطري حاولا اقتسام الغنيمة ووزير سابق طلب رشوة بـ 200 مليون ملياردير تونسي مات في ظروف غامضة.. شقيق «المخلوع» في قفص الاتهام و109 مليارات «مدفونة» في بلجيكا


اتصل بنا صديق عائلة مهاجر تونسي بلجيكي ليروي لنا تفاصيل تعرض لها صديقه المدعو عبد النور بن سعد بادي من مواليد 1946 والذي توفي سنة 1991 في ظروف غامضة ووجهت حينها أصابع الإتهام الى امرأة تربطها علاقة بمنصف بن علي شقيق الرئيس المخلوع ولكن الغموض ظل قائما إلى اليوم. يقول محدثنا: »هاجر صديقي الى بلجيكا سنة 1982 ونجح في الحصول على عمل هناك بشركة طيران مختصة في صنع قطع غيارالطائرات وشيئا فشيئا ربط العديد من العلاقات مع رجال أعمال من كافة أنحاء العالم وتمكن من ولوج عالم الأعمال وبفضل حنكته تمكن من جمع ثروة طائلة تعد بالمليارات  
زيارة فوفاة مفاجئة  « وفي سنة 1991 قدم الى تونس مثلما اعتاد كل سنة لزيارة عائلته المقيمة بمنطقة السيدة بالعاصمة»-يتابع محدثنا-»وبعد حوالي شهر فوجئت عائلته بخبر وفاته في ظروف غامضة بمنزل إمرأة بالمنار… وبعد وفاته اتصل بي أفراد عائلته وسلموني توكيلا مفوضا منهم للتكفل بموضوع ثروته المتمثلة في  109 مليارات كان تركها بأرصدته البنكية والبريدية فباشرت الموضوع واتصلت بعدة أطراف منها حورية بن علي شقيقة الرئيس السابق عن طريق موظف لها فقال لي اطمئن وبعد مدة اتصل بي وأخبرني أنه لا يستطيع مساعدتي ثم اتصلت كذلك بوزير سابق فطلب مني أن أسلمه 200 ألف دينار مقابل أن يتدخل لفائدتي قصد سحب الـ 109  مليارات فرفضت مقترحه ثم اتصلت بمدير أعمال صخر الماطري صهر الرئيس السابق الذي التقيته بمقهى بقرطاج درمش فطلب مني أن أسلمه الوثائق اللازمة وبعد مدة اتصل بي وطلب مني أن أسلمه نسبة 25 بالمائة من المبلغ المسحوب فاستجبت لطلبه وبعد ذلك أرسلني الى ابن شقيقته وهو محام فطلب مني هذا الأخير أن أسلمه توكيلا وأخبرني قائلا « الـ 109 مليارات موجودين ولكن المطلوب منك أن تسلمني توكيلا نيابة عن الورثة لسحب فرفضت وبعد مدة اتصل بي مدير أعمال صخر الماطري وخاطبني قائلا:» نحن السلطة العليا والزين أي بن علي من فوق ونحن من لوطى». وأكد محدثنا أنه قبل الثورة بأسبوع أرسل له عماد الطرابلسي صديقه وأخبره أن الملف الخاص بالهالك عنده وأنه مستعد لمساعدته على سحب الأموال التابعة للهالك مقابل تسليمه نسبة 50 بالمائة من المبالغ المسحوبة فرفض ذلك حسب تصريحاته. ولاحظ أنه تعرض الى مضايقات عديدة بسبب سعيه لكشف حقيقة وفاة صديقه وكذلك لإصراره على سحب المبلغ المالي الذي تركه بأرصدته البنكية والبريدية  لتسليمها لعائلته التي تعاني من الفقرالمدقع .  
ابتزاز فإفلاس وأكد أنه في سنة 2004 وبينما كان يسير بأحد الأنهج بمنطقة أريانة التحق به شخص على متن دراجة نارية وأصابه بآداة صلبة في رأسه، وفي مناسبة ثانية وبينما كان موجودا بشركته أقبل عليه شخصان وزعما أنهما حريفان ثم وقبل أن يغادرا مكتبه أخبراه أنهما سيسلمانه مليارين مقابل أن يصرف النظر عن الموضوع فرفض فدفع حسب ذكره الثمن غاليا وتعرضت شركته الى الإفلاس جراء المآمرة التي حبكتها ضده العائلة المالكة باعتبار ان أحدهم مورط في هذه الجريمة وهو منصف بن علي وصديقته. زوجة المخلوع على الخط وأكد محدثنا أنه أراد تصدير 900 طن من التمر و مليون ونصف لتر من زيت الزيتون الى مملكة بروناي ولكن تدخلت ليلى بن على واستولت على الصفقة التجارية كما تعرض عدد من أصدقائه الى المضايقات فمنهم من حرق محله التجاري ومنهم من تعرض الى التهديد بالقتل لأنه كان لدى كل واحد منهم نسخة من الملف الخاص بصديقه الهالك.  صباح الشابي (المصدر: جريدة « الصباح الاسبوعي » الصادرة يوم 04 أفريل 2011)



بقلم: د. محمد الهاشمي الحامدي كاتب وإعلامي تونسي   تقف تونس أمام فرصة تاريخية عظيمة أتاحتها لها ثورة الحرية والكرامة، وهي ثورة توجت كفاح آلاف التونسييين والتونسيات من مختلف المدارس الفكرية والسياسية خلال العقود القليلة الماضية.   أمام بلادنا فرصة تأسيس نظام سياسي واجتماعي جديد، قائم على إرادة الشعب ورضاه، بحيث تكون الدولة معبرة عن إرادة الشعب لا عدوة له. أما من قبل الثورة فقد كانت الدولة متسلطة على الشعب، تحكمه بالقمع والتخويف، وكان النظام الإجتماعي منحازا للأقلية، مهمشا لأغلبية كبيرة من الفقراء والمحرومين.   أمام بلادنا فرصة تأسيس نظام سياسي جديد يقوم على احترام مبادئ حقوق الإنسان وكفالة الحريات الفردية والجماعية لجميع التونسيين، ونظام اجتماعي جديد يعبر عن رؤية ثورية للعدالة الإجتماعية، تكفل التوزيع العادل للثروة الوطنية وتضمن تكافؤ الفرص أمام جميع التونسيين من بنزرت إلى بن قردان.   من هنا تأتي أهمية أن يحافظ التونسيون جميعا على حالة التعبئة العامة التي يعيشونها منذ ديسمبر الماضي، وأن يتحلوا باليقظة، وأن يصمموا على وصول سفينتهم إلى بر الأمان، والأمان هنا هو تحقيق هذه الأهداف السياسية والإجتماعية العظيمة.   وبالإضافة إلى اليقظة، والمثابرة، نحتاج جميعا إلى إثراء الساحة الوطنية بالأفكار التي ترسم ملامح المستقبل، والإجتهادات التي تقدم أجوبة على تساؤلات عامة الناس. ولا ضير في كثرة الإجتهادات وتعددها، لأن النقاش الحر حولها سيسهم على الأرجح في بلورة استراتيجية وطنية تلتقي حولها أغلبية التونسيين. وفي هذا السياق أقدم بعض الأفكار والإقترحات.                                                                                           من الأفضل عدم التمديد في فترة الحكومة المؤقتة   أولا: من مصلحة بلادنا عدم التمطيط والتمديد في فترة الحكم المؤقت، لأن ذلك يضيع علينا مصالح اقتصادية كبيرة، ويزيد من الإضطراب الأمني، ولأنه قد يغري أنصار الديكتاتورية بالعودة إلى مراكز النفوذ من جديد. لذلك من الأفضل أن يقبل الجميع بتنظيم انتخابات المجلس التأسيسي في 24 جويلية المقبل رغم أن للمنادين بالتأجيل مبررات وجيهة ومعقولة أيضا.   نظام سياسي غير مؤقت بعد 24 جويلية   ثانيا:  لذات الأسباب في الفقرة السابقة، ليس من المصلحة أن ننهي ولاية الحكومة المؤقتة الحالية عند انتخابات 24 جويلية لندخل في عهد حكومة مؤقتة جديدة. ذلك أن صياغة دستور جديد، ووصياغة القوانين الأساسية المتفرعة عنه، أمر قد يستغرق من ستة أشهر إلى ثلاثة أعوام حسب تجاربنا السابقة. لذلك، فإنني أدعو التونسيين إلى انتخاب مجلس تأسيسي تكون له ولاية تتراوح مدتها من ثلاث سنوات كحد أدنى إلى خمس سنوات كحد أقصى. وأقترح أن يختار المجلس التأسيسي في جلسته الأولى عقب انتخابه رئيسا للجمهوية يشكل حكومة قوية تتفرغ منذ اجتماعها الأول إلى خدمة مصالح الشعب. وفي هذه الفترة، يقوم المجلس التأسيسي بوظيفتين أساسيتين: صياغة الدستور والقوانين الرئيسية المتفرعة عنه، ومراقبة أداء رئيس الجمهورية والحكومة التي شكلها. ثم تتم العودة إلى الشعب في انتخابات جديدة، طبقا للدستور الجديد، بعد ثلاث سنوات على الأقل من تاريخ انتخاب المجلس التأسيسي.   اقتراحات تخص الثورة الإجتماعية   ثالثا: تحتاج بلادنا إلى ثورة اجتماعية حقيقة، تنهي عهود التهميش والظلم، وتؤسس لعدالة اجتماعية حقيقة تلبي تطلعات الأغلبية الساحقة من الناس في كل تراب الجمهورية. ويمكن تحقيق ذلك بما يلي:   1 ـ توفير الضمان الصحي والعلاج المجاني لجميع المواطنين على نفقة الدولة والغاء الحاجة نهائيا إلى دفتر العلاج بكل ألوانه.   2 ـ منح العاطلين عن العمل، من ذوي الشهائد الجامعية ومن غير ذوي الشهائد، منحة شهرية قدرها مائتا دينار (200 د ت) مقابل عملهم يومين لصالح المجموعة الوطنية في حدود ولايتهم، بحيث لا يبقى في بلادنا بعد الثورة رجل أو امرأة لا يلقى قوت يومه. وللعلم فإن هذه المنحة ليست مجرد تبرع للعاطلين عن العمل، وإنما هي أجر مقابل عمل مفيد سيقومون به في ولايتهم، بحسب ما يرتبه بشكل مفصل ديوان التشغيل في الجهة. كما أن الأموال التي ستنفق في هذا الباب، ستعود بالنفع على الإقتصاد الوطني، لأنها ستنفق في الاسواق التونسية.   3 ـ عقد مؤتمر وطني للتشغيل بمشاركة الإتحاد العام التونسي للشغل وجميع الأطراف الأخرى ذات العلاقة، مؤتمر ينتهي إلى صياغة استراتيجية تفتح فيها كل الأبواب الممكنة للتشغيل في جميع أنحاء البلاد.   4 ـ جعل أسبوع العمل خمسة أيام فقط، من الإثنين إلى الجمعة، ومنح جميع العاملين في القطاعين العام والخاص إجازة أسبوعية من يومين. وسيسمح هذا النظام باستفادة أكبر من نظام المنحة الشهرية للعاطلين عن العمل.   5 ـ إنشاء ديوان للمظالم يتم توظيف العديد من خريجي القانون والحقوق فيه، ينظر في شكاوى المواطنيين بحق الدولة في العهد السابق أو بعده، ويبت فيها في فترة لا تتجاوز عاما واحدا.   6 ـ صياغة استراتيجية وطنية لإصلاح النظام التعليمي في البلاد، وضمان الحفاظ على مجانيته، وذلك بمشاركة نقابات التعليم وخبراء التربية وجميع الأطراف المعنية بالموضوع في المجتمع، لأنه لا تقدم لبلادنا أو لأي بلاد في العالم من دون نظام تعليمي متقدم ومتفوق.   7 ـ تنظيم مؤتمر وطني للفلاحة، يشارك فيه جميع أهل الإختصاص بغرض الخروج باستراتيجة متفق عليها لتعزيز دور هذا القطاع في تنمية الإقتصاد الوطني والمساهمة في حل مشكلة البطالة وزيادة دخل البلاد من العملة الصعبة.   8 ـ إنشاء معرض دائم  للمشاريع الإستثمارية في جميع ولايات البلاد، بحيث تتولى كل ولاية دراسة المشاريع الإستثمارية فيها، وعرضها على المستثمرين التونسيين والأجانب، وتسويقها بكل الوسائل، وخاصة عبر مواقع جذابة ومغرية في شبكة الإنترنت.                             9 ـ إنشاء وزارة تهتم بشؤون العمال التونسيين في الخارج، وترعى مصالحهم في تونس وفي البلدان التي يقيمون بها، وتسهل لهم فرص الإستثمار في الإقتصاد الوطني، وتمنحهم ذات الإمتيازات الممنوحة للمستثمرين الأجانب الذين يقدمون للإستثمار في بلادنا.   10 ـ تمكين جميع من تجاوز الستين من العمر من حق التنقل في وسائل المواصلات العامة مجانا.   11 ـ نقل العاصمة من تونس إلى القيروان، لتقريب الإدارة المركزية من الأغلبية الساحقة من المواطنين، وتخفيف الأعباء المرورية والبيئية والصحية عن مدينة تونس، والتمهيد لقيام اتحاد اقتصادي مغاربي ناجح تكون القيروان عاصمته المقبلة بإذن الله.   وسيسمح تبني هذا المشروع بقيام حركة اقتصادية ضخمة، توفر فرص عمل لآلاف التونسيين، وعقود بناء وتطوير للكثير من الشركات الوطنية التي تعمل في ميادين المقاولات وتأثيث المكاتب وتجهيز النظم الإدارية والمعلوماتية للإدارات العمومية.   12 ـ من الضروري أن تبنى كل الخطط التنموية على أساس متين من سيادة القانون، والمساواة بين جميع المواطنين، وشن حرب لا هوادة فيها على الفساد والواسطة والرشوة في جميع مرافق الدولة.   * * *   وأختم بما كتبته آنفا في بدايه هذه المقالة: إننا نحتاج جميعا إلى إثراء الساحة الوطنية بالأفكار التي ترسم ملامح المستقبل، والإجتهادات التي تقدم أجوبة على تساؤلات عامة الناس. ولا ضير في كثرة الإجتهادات وتعددها، لأن النقاش الحر حولها سيسهم على الأرجح في بلورة استراتيجية وطنية تلتقي حولها أغلبية التونسيين. ــــ (لندن: 31 مارس 2011)



في ظلّ الحركة الثقافية و السّياسية وأجواء الديمقراطية و الحرية استمتعت الجالية التونسية بالدوحة بعرض مسرحي لم يتّفقْ النقاد على تصنيفه!؟ إنّه عرض لا يرقَى إلى مستوى المأساة و لا ينتمي إلى الملهاة ، بل هو عرض هَجين طالما غُيّب أبطالُه ،عرض طريف ليس بمعنى الهزل أو التميّز بل هو شاذّ غير محمود  يتيم بمعنى وحيد معزول كوحدة الجالية التونسية في قطر ، هذه الجالية المعروفة برُقيّها و كفاءة أفرادها، تحظى بكلّ التقدير و الاحترام في دولة قطر ، هذه الجالية تجد نفسها مهضومة الحق ، مغيبة الجانب ، و ممّن ؟ من السّفارة ممثّلة في شخص القائم بالأعمال (السيد) كمال الكيلاني ، هذه السّفارة التي تبذل كلّ ما في وسعها لتهميش الجالية و بثّ الفرقة بين أفرادها . هل من مجيب عن هذه التساؤلات: لماذا لا تفتح سفارتنا العزيزة في الأعياد و المناسبات الدينية و الوطنية أبوابها لكل أفراد الجالية حتى يتبادلوا التهاني و يُحْيوا هذه المناسبات في أجواء تونسية تخفّف عنهم وطأة الغربة و آلامها ؟ لماذا تحتفل السفارة بذكرى الاستقلال خاصّة بعد الثورة دون أن تدعو الجالية التي تعدّ قرابة عشرة آلاف تونسي و تونسية و تكتفي بدعوة بعض « المثقّفين » على حدّ تعبيرها في إحدى الصحف القطرية ؟ هل تُختزل الجالية في بعض الأشخاص المقرّبين لغاية في نفس يعقوب أو لمصلحة مشترَكة غابت عن البعض لكنّها صارت مكشوفة و مفضوحة عند جلّ أفراد الجالية ؟؟؟؟ هل دور السّفارة إهانة التونسي في بلاد الغربة ؟ هل دورها بوليسي لترهيبه و إذلاله ؟ هل دورها زرع الفتنة بين أفراد الجالية ؟ هل دورها التمييز و التفرقة ؟ هل هي سفارة أم مكتب ضبط لاستخراج بعض الوثائق ؟ هل دورها مساعدة الجالية على حلّ مشاكلها أم تعميقها ؟ ألم نجتزْ بعد مرحلة تعالي المسؤول و تسلّطه ؟ هل المسؤول في خدمة الشعب أم الشّعب في خدمة المسؤول ؟؟؟؟؟؟؟؟؟      ذات عام ، ذات يوم ، كان للجالية التونسية في الدوحة حُلم جسّده أبناؤها الكرام ليتحوّل حقيقة ماثلة أمام أعينهم ، مدرسة تساعد على استقرار أسرنا و استمرارها و تضمن مستقبل أبنائنا ،كبرنا و كبرت المدرسة التي كانت عنوانا لهويّتنا و منهلا للعلم ، فالكثير من الأولياء يحيّون العلم كلَّ صباح مع أبنائهم ، هذه المدرسة لم تكن مؤسّسة تربويّة تعليمية فقط بل كانت متنفّسا يلتقي فيه أبناؤنا مع بعضهم البعض و كانت بمثابة الأسرة لنا جميعا ، تجسّدت فيها كلّ معاني التّكافل و الألفة  و لكن ،هرمنا و هرمت هذه المدرسة التي تحولت إلى جحيم يومي و كأس من العلقم يتجرّع مرارته الوليّ و التلميذ و المربِّي على حدّ سواء منذ أن تبنّتْها المنظمة التونسية للتربية و الأسرة . هذه المنظمة الدخيلة على المدرسة التونسية بالدوحة أثبتت عدم أهليّتها و عدم نزاهتها كما أنها لم تقدّم أية إضافة للمدرسة بل عكّرت أوضاعها و أثّرت سلبا في سيْرها و ما حرصُها على تبنّي المدرسة إلاّ للحفاظ على ما تدرّه عليها من موارد ماليّة و مصالح خاصّة باستغلال  أموالها و الولي يدفع ثمن غربته ليتكبّد كلّ المصاريف النّاجمة عن سوء تصرّف المنظمة في موارد المدرسة . فأين سمعة تونس من كلّ هذا ؟ أين هيبة الدولة التونسية حين تتورّط السفارة في عمليات غير نزيهة و تتواطأ ضد الجالية مع ادّعاء الحياد الظاهر ؟ هل فكّر المنسق العام  في هيبة الوطن حين قال للشرطة القطرية مدّعيا أنّ الجالية ستشاغب و ستخرج في مظاهرات و تقتحم المدرسة ؟  أين نحن ؟ و في أي زمن ؟ ألم تصلنا بعد نفحات ثورة 14 جانفي ؟ الثورة بمعناها البنّاء ، من أجل الحرية و الكرامة ، من أجل إرجاع الحقوق إلى أصحابها  من أجل حرمة الوطن و المواطن ؟؟؟ ما معنى أن تُصْدر وزارة الخارجية التونسية مذكّرة موجّهة للسفارة التونسية بقطر تلزمها بأن تبقى محايدة بين المنسّق العام والجالية التونسية ؟ ما فهمناه أنّ الوزارة  لا تهتمّ بأمر 10000مقيم و1500تلميذ ، و تساند المنسّق العام الذي يسيِّر مدرسة لا يؤهِّله مستواه التعليمي و البيداغوجي لتسييرها بل كان معتمِدًا على علاقاته المقرّبة من الرئيس المخلوع و ليلى الطرابلسي .  فمنذ انتهاء مهام سعادة السفير الدكتور أحمد القديدي   و نظرا لمحاولة بعض الأطراف عرقلة انتخابات مجلس إدارة المدرسة  والإبقاء على هذا الوضع الكارثي الذي تعيشه المدرسة التونسية بالدوحة حفاظا على مصالحها و دعما للمنسق العام و المتصرف المالي مقابل بعض الخدمات المتبادلة ، و بعد لقاءات عديدة بين أبناء الجالية لتدارس الوضع ، و بعد الاتصال بالجهات الرسمية في تونس و في قطر التي أوصت بضرورة انتخاب مجلس إدارة المدرسة في التاريخ المحدد سلفا وفق المناشير الرسمية للسفارة عدد 79 و 80 فإنه تقرّر إجراء هذه الانتخابات في موعدها المحدد يوم السبت 2 أفريل 2011 في مقر المدرسة التونسية بالدوحة ، أصرّ المنسق العام على رفض فتح أبواب المدرسة لاحتضان هذه الانتخابات كما جرت العادة في كلّ مدارس الجاليات الأخرى و كما نصّت عليه المناشير الصادرة عن السفارة في هذا الغرض و المراسلة الموجَّهة إلى السلطات الأمنية القطرية بهدف تأمين هذه الانتخابات التي استخف بها المنسّق العام و ماطل و سوّف ليستفرد بالرأي و القرار الذي يتنافى و المصلحة العامة و تمادى في تجاهله للأولياء و تغييبهم و الاستخفاف بهم .     علما و أن المجلس الأعلى للتعليم بدولة قطر يفرض على كل مدرسة خاصة مجلس إدارة يكون منتخبا من الجالية ودوره الإشراف على تسيير كل شؤون المدرسة. ولا يتدخل المجلس الأعلى للتعليم في انتخاب هذا المجلس الذي  يعتبر من شؤون السفارة والجالية. يوم 2 أفريل ، موعد الانتخابات ، وجدت الجالية التونسية بدولة قطر أبواب مدرستها موصدة لمنعهم من انتخاب مجلس إدارة المدرسة كما سبق و أعلن عنه في مراسلة سعادة السفير للجالية، أمّا ما لم يكن متوقّعا فهو أن يصل التنسيق بين المنسق العام و القائم بأعمال السفارة إلى درجة بعْث غرفة عمليات في مقر السفارة خارج أوقات الدوام الرسمي لصياغة مراسلات جديدة تُلغي مراسلات السفير و ترفع الغطاء الأمني عن أبناء الجالية لتوريطهم في وضع غير قانوني أمام سلطات بلد الإقامة حتى أنّ المراسلة الموجّهة إلى أمن العاصمة قد أرسلت إلى إدارة المدرسة يوم الانتخابات 2 أفريل على الساعة الثامنة و 27 دقيقة ، أي قبل بداية الدوام الرّسمي للسفارة ممضاة من القائم بالأعمال كمال الكيلاني الذي يدّعي ملازمة الحياد كما طلبت منه وزارة الخارجية مُصرّا على اعتبار ما قام به سعادة السفير د أحمد القديدي خطأ إدارياًّ مردُّه قلّة خبرته. هل جماعة القرار في السفارة شريكة في مصّ دماء الجالية؟ هل يتحول التونسي إلى رقم سهل حالما يغادر أرض الوطن ؟ هل دور السفارة هو جعْل الغربة غربتين ؟ هل كُتب علينا أن ندفع ثمن غربتنا لنُهان من أبناء وطننا ؟    نناشد وزير الخارجية التونسية أن ينظر في ملف المدرسة التونسية بالدوحة و أن يكلّف أعوانه من الصادقين و الشّرفاء بنفض الغبار عنه حتى يتنفس أبناؤنا هواء نظيفا و يتطلعوا إلى مستقبلهم أصحّاء بنفوس و أجساد سليمة. نرجو عناية خاصّة و مركّزة فالوضع طارئ و لا نريد له أن يضطرّ إلى الإنعاش كما لا نريد أن يتحوّل إلى ما لا تحمد عقباه ، علمًا و أنّ اللّجوء إلى الإعلام أو القضاء الخارجي متيسّر و في المتناول لكنّنا نستبعده وقتيا حرْصا منّا على تألّق تونس و إشعاعها و ثقة منا في حسن إصغائكم و تفهّمكم .  و نظرًا لتعكّر الأوضاع في المدرسة و تدهورها ( لا تغترّوا بما يقوله المنسّق العام عن نتائج المدرسة و تفوّق التلاميذ فهو أمر تميّزت به المدرسة منذ نشأتها و ليس فضلا يعود لمنظمة التربية و الأسرة )  نطالب بـ : – أن ترفع المنظمة التونسية للتربية و الأسرة يدها عن المدرسة التونسية بالدوحة. – محاسبة المنسّق العام ممثّل المنظّمة في الدوحة ( محمد الشعار ) و محاسب المدرسة و كلّ من ثبت تورّطه في ممارسات مخلّة.  – على وزارة التربية التونسية أن تتحمّل مسؤولية هذه المدرسة بالإشراف عليها شأنها شأن مدارس الجاليات الأخرى في ليبيا و إيطاليا علما و أنّ المدرسة التونسية بالدوحة لها مواردها المالية الخاصّة . – الاستعانة بممثّلَيْن عن الجالية عند التحقيق في ملف المدرسة و الممارسات المشبوهة التي تورّطت فيها منظمة التربية و الأسرة. السّاكت عن الحقّ شيطان أخرس فلا تخرسونا و لا تخذلونا . فكّروا فينا كما نفكّر فيكم لأننا نحبّ البلاد كما لا يحبّ البلاد أحد و نحن تونسيون مثلكم . عاشت تونس حرة مستقلة . و لا عاش في تونس من خانها .
أبناء تونس في قطر    



يُحسب للثورة التونسية الريادة في الثورات العربية فهي بمثابة المصباح الذي أشعل طريق الحريةالشائك أمام بلدان لطالما عانت من أنظمة قمعية لم تأخذ بعين الاعتبار آراء أبنائها وتفكيرهم وحتى في بعض الأحيان آدميتهم. فجسد الشاب العشريني محمد البوعزيزي المحترق شكل الشرارة التي أخرجت ثوار العالم العربي للمطالبة بالحرية، والكل اصطف خلف شعار الثورة التونسية الذي أصبح أشهر من نار على علم « الشعبيريد إسقاط النظام ». ولهذا كله دعت حركة اللقاء الإصلاحي الديمقراطي بتونس شعوب العالم وكل المنظمات والأحزاب والجمعيات إلى دعم طلب ترشيح الشعب التونسي لنيل جائزة نوبل للسلام لهذا العام. وقالت الحركة في عريضة موجهة إلى شعوب العالم « يمثل الاستبداد السبب الرئيسي للتخلف السياسي والاقتصادي للمجتمعات، ولقد ظلت شعوب العالم الثالث، والعربية منها بالخصوص، تعاني من وطأة هذه اليد القابضة على الحريات والدافعة للتخلف والفقر والسقوط، حتى خرجت مجتمعات كلها منالتاريخ على وقع استبداد سياسي جائر وظالم ». وأضافت العريضة « مثلت الثورة التونسية هذه الفتحة المباركة نحو الانعتاق والتحرر والخروج من بوتقة الاستبداد، ودفعت الثمن باهظا عبر شهدائها البررة من أجل تثبيت قواعد جديدة داخل مجتمعها على أساس الحرية وحقوق الإنسان، حماية للمواطن حتى يعيش مواطنته كاملة دون إقصاء أو تهميش ». وخلصت العريضة إلى أن الثورة التونسية شكلت بوابة مفتوحة لحركات الشارع العربي وانطلاقة لثوراته من الخليج إلى المحيط، وكان الربيع العربي ولا يزال يخطو خطواته نحو منازل السلام. ويعود الفضل -بحسب العريضة- إلى الشعب التونسي الذي شكل المحرك الأساسي لهذا الدفع عبر ثورته الشبابية السلمية التي عكست حبه للسلام والعيش الكريم.  
(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 3 افريل2011)



يوما بعد يوم يطلع علينا أنصار الرّاحل بورقيبة غير المأسوف عليه بنعيق من التّمجيد يصمّ الآذان والغرض من وراء ذلك لم يعد يخفى على أحد وهو استغلال هذه الفترة الإنتقالية لبعث البورقيبية المشؤومة من جديد والتّمكين لها في السّاحة التّونسية وقد كنت ذكرت في مقال سابق أنّه يمكن أن نرى يوم 6 أفريل إحياء لذكرى وفاة بورقيبة وأنّ المتنفّذين الحاليين في تونس يحاولون ربح الوقت وغزو أكثر ما يمكن من مواقع النّفوذ والقرار وأخذ أقصى ما يمكن من المسافة عن نظام بن علي ولسان حالهم يقول أنّ فترة هذا النّظام الدّكتاتوري النّهّاب لا تمتّ بأي صلة إلى بورقيبة ونهجه السّياسي تمهيدا للعودة إلى السّاحة السياسية تحت يافطة شرعية التّحرير وبناء الدّولة الحديثة!!!
من أين جاء بن علي؟ ألم يكن لفترة طويلة سفيرا لدى نظام بورقيبة؟ ألم يكن لفترة طويلة مدير الأمن في نظام بورقيبة وطارد الطّلبة في الشّوارع وقتل عثمان بن محمود وغيره من أبرار تونس؟ ألم يكن وزيره الأوّل قبل أن ينقلب عليه؟ أم تراهم تناسوا كلّ هذا ويريدون أن يوهموا النّاس بعذرية كاذبة لنظام بورقيبة …
 أليس بورقيبة هوّ الّذي بدأ حياته السّياسية بالإنقلاب على حزب الثّعالبي ذو الأصول والتّوجّهات الإسلامية … ثمّ انتهى بنفس المصير حيث انقلب عليه خادمه وتلميذه الألمعي و كما تدين تدان؟ أليس بورقيبة هو من كان يحارب الهويّة العربية الإسلامية حيث نزع « سفساري » المرأة التّونسية وأصدر المنشور 108 سيّء الذّكر لمنع الحجاب وانتهى في آخر حياته بأن طلّق السّيدة وسيلة بن عمّار رفيقة دربه فأهانها بذلك أيّما إهانة وانكشف زيفه وهو الّذي يتشدّق بتحرير المرأة؟
 أليس بورقيبة هو من كان يقول باستمرار بأنّ مكانة تونس مع الغرب وليس مع العرب وهو الّذي أوقف التّعليم الزّيتوني وأفطر أمام الملأ في رمضان ليحثّ النّاس على الإفطار بتعلّة أنّ الصّوم يؤثّر سلبا على الإنتاجية وأصدر قانون المساجد وحاصر الدّعاة وزجّ بهم في السّجون وألغى نظام الأوقاف لوضع اليد على كلّ المؤسّسات الإسلامية؟
أليس بورقيبة أوّل من اعترف، وبشجاعة الجبناء المنهزمين، بمشروع تقسيم فلسطين وأقرّ للصّهاينة المحتلّين بشرعيتهم الكاذبة على أرض فلسطين المقدّسة وشرخ بذلك شرخا بليغا في الصّف العربي؟
أليس بورقيبة هوّ الّذي أجرم في حقّ اليوسفيّين قبل اليساريّين و الإسلاميّين فصفّى منهم من صفّى وأقصى من أقصى ونفى من نفى وسنّ بذلك المحاكمات السياسية التي عانى منها وما يزال الطّيف السّياسي التّونسي؟ أليس بورقيبة من لجأ إلى محاكم أمن الدّولة لتصفيّة خصومه السّياسيّين وإسكاتهم وأنشأ « سبّاط الظّلام » مكان التّعذيب وقتل الخصوم في تونس وسنّ بذلك سنّة ستلحق له اللّعنات في قبره كلّما أنّت ضحيّة من ضحايا التّعذيب وسيبوء بإثمها إلى يوم الدّين؟
حريّ بالمتنفّذين حاليا في تونس إن كان لهم معنى للوفاء أن يكونوا أوفياء لدماء شهداء ثورة الكرامة الّتي لولاها ما كانوا اليوم ليكونوا في مواقع القرار ولظلّ الباجي قايد السّبسي وأعوانه في موضع الظّل الّذي حشرهم فيه بن علي المجرم. أولى بهم أن يعبّروا عن وفائهم للوطن وأن يعملوا ما في الوسع ليعمّ الأمن والعدل والتّنمية ولينصف الشّباب والمسحوقون وينعموا بنتائج ثورتهم المجيدة.
محاولة العودة إلى السّاحة السّياسية تحت اليافطة البورقيبية لعبة سخيفة ومحاولة يائسة للإلتفاف على مكاسب الثّورة وكان أولى بممثّلي ومخرجي هذه المسرحية الرّديئة الهابطة، إن كان لهم باع في السّياسة والوطنية، أن ينأوا بأنفسهم عن الإرتباط بالبورقيبية وأن يدخلوا المعترك السياسي ببرامج و أطروحات مفيدة للبلاد والعباد فبورقيبة ليس بطلا ولن يكون بما اقترف في حقّ الوطن والوطنيّين، فكفّوا أيديكم عن مكاسب الثّورة وكفّوا غدرا وتدبيرا بليل لخنق الشّعب واللّعب بمقدّرات البلاد.
إنّ سياسة إعادة الإنتشار والتّموقع لجيوب الرّدة وأعداء الثّورة وتسلّلهم إلى مواقع النّفوذ وتوسّلهم بالكولسة وربح الوقت لتكريس سياسة العصا الغليظة تحت شعار هيبة الدّولة وهو شعار حقّ أريد به باطل، كلّ هذه الأساليب لن تخدع يقظة الشّعب التّونسي وسيكون لها بالمرصاد ويبطلها جميعا ولن يسمح بعودة النّظام البورقيبي بأيّ وجه من الوجوه ولا يحيق المكر السّيء إلاّ بأهله و دم الشّهداء أعظم من أن يُلتفّ عليه و أيقونة تونس التي أضاءت بهذا الدّم لن يستطيع أحد أن يطمس نورها.
لقد اتّضح طريق التّحرّر وانطلقت القافلة ولن تقف إلاّ عند دولة يسودها قانون عادل مترجم لإرادة الشّعب وطموحاته ويحكمها رجال ونساء وطنيّون لا همّ لهم سوى خدمة البلاد وإسعاد الشّعب وليس النّهب والقمع والتّسلّط.
 العربي القاسمي / نوشاتيل ـ سويسرا في 4 أفريل 2011



الرابع عشر من جانفي2011 كانت ليلتي و حلم حياتي…أن يفرض شعب أعزل (إلا من إيمانه بالحرية و الكرامة) إرادته على حاكمه المستبدّ فيرميه خارج تراب تونس و خارج صفحات التاريخ فقد كان هذا حلما لم أتمنى أجمل منه…و لنكون صادقين مع أنفسنا فإن هذه القصة  الجميلة التي لم تروها شهرزاد لم تنته يوم 14 جانفي لكنها بدأت يوم 14 جانفي…نحن الآن في الأيام الأولى من الأشهر الأولى من السنة الأولى للحرية…هذه الحرية التي لها أنصار و لكن لها أيضا أعداء…أنا لن أتحدث هنا عن هؤلاء الأعداء لأن أشخاصهم لا تعنيني بقدر ما سأهتمّ بأساليبهم لإجهاض الثورة أو على الأقل التقليل من آثارها الكارثية عليهم و على مصالحهم.
نبدأ مع أساليبهم خلال أحداث الثورة و تحديدا يوم الجمعة 17 ديسمبر 2010 حينما قام محمد البوعزيزي بإشعال النار في جسده و الغضب في صدور شباب الجهة. أسلوب التعاطي الرسمي كان حينها التعتيم المطلق على الأحداث و كالعادة إرسال جحافل من قوات الأمن و الشرطة طبعا ليس لتقنع بالحجة و الموعظة الحسنة. هذا الأسلوب لم يعط ثماره كما كل مرة فالتجأ القوم إلى الإعتراف بما يحدث واصفين إياه « بالحادثة المعزولة » مع إصدار بيانات شحيحة في كلماتها تصف ما يجري ب »اعتداءات ملثمين » و « عصابات مفسدين » إلى غير ذلك من النعوت المستمّدة من قاموس 7 نوفمبر الوطني.
أطل علينا بعد ذلك رئيس الجمهورية متوعدا « بكل حزم » الفقراء و المهمّشين بالردع الحاسم إلا أنه أغفل أمرا هاما وهو أنّ هؤلاء الشباب لم يعد لديهم ما يخسرونه ثم إن التعامل الأمني العنيف معهم بلغ أشدّه و ليس هناك أشدّ من القتل فبماذا يتوعّد الرئيس؟ حمّل الرئيس السابق المسؤولية في تضخيم الأحداث إلى وسائل الإعلام الأجنبية المغرضة وهو يقصد خاصة قناة الجزيرة التي شهدت حملت شرسة من الأقلام البنفسجية. فشل الخطاب في تهدئة الأنفس و الأوضاع فأطلّ الرئيس مرة أخرى جاعلا من القانون الفيصل بينه و بين الشباب المنتفض (ماذا كان الفيصل قبل الخطاب إذن!!!) و واعدا بإيجاد 300 ألف فرصة عمل خلال عامين وهو أمر ربما يعجز عنه آدم سميث نفسه لو عاد للحياة..طبعا لم ينجح الخطاب الثاني و لم تنجح معه محاولات تشويه الانتفاضة بتركيز »التلفيزيون النوفمبري » على عمليات السطو على البنوك المشكوك في تنفيذها من قبل ميليشيات الحزب الحاكم.فشل إذن خطاب الوعيد و خطاب الوعد و إتسعت رقعة الإحتجاجات و كان لا بد من خطاب ثالث مختلف هذه المرة حيث أطلّ الرئيس -الذي بدا مهزوزا- ليخاطب الشعب بلغة دارجة ركيكة معلنا أنه لا رئاسة مدى الحياة ( الطريف أن أول خطاب لبن علي حمل عبارة لا رئاسة مدى الحياة و آخر خطاب له حمل نفس العبارة مع فاصل ب23 سنة) و متحدثا بأسلوب » أبوي » فاشل لم ينجح في إستدرار العواطف و حتى الذين خرجوا « إبتهاجا » بهذا الخطاب فقد كان أغلبهم تجمعيين مدفوعي الأجر.
اليوم الموالي شهد هروب زين العابدين بن علي إلى السعودية, يومها بدأت الثورة و بدأ أعدائها في أساليبهم الملتوية لمحاولة إجهاضها أو على الأقل ترويضها.
أولى المحاولات و أكثرها إنتشارا كانت عبر سلاح الإشاعات, كلنا يتذكر صبيحة يوم 15 جانفي و إشاعة الماء المسموم ثم جاءت حكايات القرى التي ستهاجم قرى أخرى أو الأحياء التي ستسطو على أحياء أخرى و قد ساهمت هذه الإشاعات في بث الفوضى الأمنية و إثارة البلبلة و الذعر في صفوف المواطنين و زاد انسحاب عناصر الأمن من الشوارع بصفة شبة كلية في توتير الأجواء إلا أن الشعب التونسي كان أكبر من الإشاعات و كوّن لجان الأحياء الشعبية التي سهرت على حماية الممتلكات الخاصة و العامة في مشهد لا يمحى من الذاكرة.
الأسلوب الثاني كانت التركيز على الهاجس الأمني بتسخير مجموعة من صغار المجرمين للقيام بأعمال سطو ونهب و أحيانا عمليات حرق طالت عددا من المؤسسات الخاصة و العامة و البنوك. كما تكاثرت عمليات « البراكاج » في محاولة يائسة لجعل الحرية مقترنة بالتسيّب الأمني و الفوضى فتكون المعادلة إما أمن بلا حرية أو حرية بلا أمن مع إطلاق بعض الألسن الخبيثة لمقولة « الشعب التونسي همجي و لا يستحق الحريّة و السبيل الوحيد للتعامل معه هي العصا ». الشعب التونسي الذي إستنشق عبير الحرية رفض أن يعود إلى الزنزانة و يعيش كأنه في حديقة حيوانات يوفّر لنا فيها السجّان المأوى و المأكل و الأمن (و لكن دون نسمات الحرية) …..تشكّلت على الفور لجان حماية الثورة المحلية للسيطرة على الأوضاع و إبعاد شبح الفوضى.
الأسلوب الثالث كان اللعب  بفزّاعة التطرّف الديني فخرج علينا أقوام لحيتهم طويلة و جلبابهم قصير ليغلقوا المواخير و يقوموا بمظاهرة أمام   كنيس يهودي.. الإشارة كانت واضحة أن البديل الوحيد للتجمعيين هو « المتزمّتين المتطرفين » الذين سيقضون على بصيص الحريّة التي كانت موجودة في زمن بن علي فنتمنى عودته.. هذه اللعبة لم تنطل أيضا.. الشعب التونسي أدرك أنّ الماخور الأكبر هو التجمع الدستوري
الديمقراطي و أنّه من الغباء أن نهتمّ بالبغاء و ننسى البوليس السياسي وقد سمحت يقظة ووعي الشباب في مواصلة تسليط الأضواء على القضايا المصيرية و تجنب الخوض في هذه السفاسف. الأسلوب الرابع كان اللعب على الفتنة الطائفية و هكذا تحوّلت قضية مقتل قس بجهة أريانة إلى قضية رأي عام و صدر بيان وزارة الداخلية قبل استكمال التحقيق ليتّهم من وصفهم بالمتطرفين بالقيام بهذه الجريمة التي تشبه في كثير من تفاصيلها الجرائم الطائفية التي تحدث في العراق. كانت هناك محاولة بالإيحاء أنّ هذه الجريمة ذات بعد ديني طائفي إلا أن التحقيق كشف أنها جريمة عادية تخفي وراءها فضائح أخلاقية و مالية. لا ندري لماذا لم تقم وزارة الداخلية إلى الآن بإجراء تحقيق حول بيانها الأول الذي كاد يشعل لهيب فتنة دينية و كيف تسمح لنفسها أصلا بتوجيه الاتهام لجهة معيّنة دون استكمال البحث. فشلت خطة التخويف من الفتنة الطائفية و قبرت للأبد بل زادت قيم التسامح و الإخاء ترسّخا و تجذّرا بين أفراد المجتمع.
الأسلوب الخامس كان افتعال قضايا بغية تمزيق وحدة الصفّ و زرع بذور الإختلاف و الشقاق فكانت القضية القديمة الجديدة اللائكية و الإسلام. بدأ طرح هذا الموضوع عبر « الفايس بوك » من طرف مجموعات تثير الشك و الريبة في أهدافها و نواياها ثم إنتقل الجدال الذي احتدم من المجال الإفتراضي إلى الواقع حيث شهدنا تنظيم مظاهرات لهذا الطرف أو ذاك. الحقيقة أن المشهد يوم 14 جانفي أمام وزارة الداخلية كان غاية في الروعة و محملا بأكثر من معنى… الذين وقفوا أمام الوزارة سيئة الذكر حينها كانوا من مختلف الأعمار و الأطياف..وقف الشيخ مع الطفل و المرأة مع الرجل و المحجّبة مع التي لا ترتدي شيئا يذكر..وقفوا كلهم أمام عدوّ واحد..أمام الإستبداد..و نحن بأمسّ الحاجة من جديد إلى هذه الوقفة.  
الأسلوب السادس كان التخويف بإنهيار الإقتصاد التونسي.هذا الأسلوب هو الأكثر خطرا لأنه يرتدي رداء الخوف على مستقبل تونس و العمل من أجل صالحها. تباكى العديد خوفا على الإقتصاد التونسي من الانهيار و الحقيقة أن الإقتصاد التونسي كان منهارا منذ زمن بن علي رغم كل المساحيق التجميلية و لم نر أحدا  حينها حتى محمد الغنوشي نفسه يقول كلمة حول هذا الموضوع.. فجأة أصبحت حماية الإقتصاد التونسي من الإنهيار هي المطلب الرئيسي و هذه كلمة حق أريد بها باطل فقد خرج الشعب صارخا طيلة أكثر من شهر « خبز و ماء و بن علي لا » …إستعادة الإقتصاد التونسي لعافيته لا تمرّ عبر التخلي عن المطالب المشروعة و لا عن طريق تقديم تنازلات تمسّ حريتنا و كرامتنا..أين رجال الأعمال الذين وعدوا قبل الثورة بتوظيف آلاف الخريجين الشبان فلينجزوا الآن ما وعدوا…عودة الحياة الإقتصادية تحتاج إلى وقت و إلى صبر و إلى تضحية و إلى تكاتف جميع الجهود و خاصة إلى روح وطنية تجعل تحقيق مصلحة تونس أولى من تحقيق الأرباح.
لا ندري ماذا بقي من الأساليب الملتوية و الحيل القذرة في جراب هؤلاء؟ أيا كان الأمر فالسفينة التي تخوض الآن عباب البحر بعد 23 سنة من الركود ستواصل مهما كانت الأنواء إبحارها إلى ميناء السلام…ركب من ركب و غاب من غاب….  
يسري الساحلـــــــــــــــــــــي



علي بدوان تخلف عن حركة الناس دور لا يمكن إنكاره.. ولكن ركوب الموجة وتجاوز التخلف الجواب بالطبع لا تخلف الأحزاب يفرض البدائل كشفت الأحداث الأخيرة والهبات والانتفاضات الشعبية النوعية التي عمت ولا تزال تعم العديد من الأقطار والبلدان العربية في تونس ومصر وانتقالاً إلى ليبيا واليمن, عن هشاشة حضور وفعل وتأثير مختلف الأحزاب التقليدية في الخريطة السياسية العربية وفي مجتمعاتها المحلية. كما كشفت عن غياب كبير -أو تواضع حضور- لدور النخب الفكرية والسياسية في اللحظات التي سبقت اندلاع الحراكات الشعبية. فما هي حقيقة الحال، وهل كان الزلزالان التونسي والمصري يتسمان بالعفوية التامة دون أي تأثير من أحزاب المعارضة وقواها السياسية والاجتماعية ومختلف النخب ذات الشأن العام، وهل ركبت الأحزاب التقليدية -المعارضة وغير المعارضة- موجات السخط الشعبي وانتفاضات الشارع، أم إن في الأمر تبسيطا للواقع، وسذاجة في قراءة التحولات إياها؟. تخلف عن حركة الناس في البداية، يمكن للمراقب الحيادي، ولمتتبع أحوال البلدان العربية أن يسجل الكم الهائل من الملاحظات على دور وفاعلية وتأثير الأحزاب التقليدية وغير التقليدية العربية المحسوبة على صفوف المعارضة، أو على صفوف الائتلافات الحزبية مع الحزب الحاكم (كما كان الحال في تونس على سبيل المثال)، وتخلفها عن حركة الناس والشارع الشعبي العربي، واندغامها في إطار بنى الأنظمة حتى كادت تفقد هويتها السياسية والفكرية. وهو ما بان واضحاً في اللحظات الأولى من اندلاع شرارات الانتفاضات المتتالية في بعض البلدان العربية، حيث كشفت تلك الانتفاضات عن ضعف المعارضات التقليدية وعدم قدرتها على تحريك الشارع وقيادته نحو التغيير والإصلاح، وعجزها عن المبادرة والنزول بالناس إلى الميدان بشكل كبير وبزخم مؤثر يتجاوز نزول بضع مئات من أعضاء تلك الأحزاب أو أنصارها كما جرت العادة. كما يمكن للمراقب والمتابع، أن يسجل الكم الكبير من الملاحظات على مسار تلك الأحزاب وعلى أوضاعها الداخلية، والأمراض التي ابتليت بها، وترهل قياداتها وتشابهها بشكل كبير مع الأحزاب الحاكمة، وعدم تبنيها لبرامج واضحة للإصلاح، والابتعاد عن جيل الشباب الحامل الأساسي والمحرك لأي تغيير محتمل، فضلاً عن صراعاتها الداخلية التي أوجعتها على الدوام، وقزمت أداءها، ودفعتها نحو التكلس والتقوقع في معظم الأحيان، لتصبح بناها ومؤسساتها التنظيمية بعيدة عن الديمقراطية الحقيقية في تبادل المواقع القيادية والهيئات التنظيمية. فهناك في المنطقة العربية أحزاب معارضة -أو في إطار تحالف مع السلطات المحلية- كالفصائل الفلسطينية مثلاً ومنها اليسارية على وجه الخصوص، ما زال أمينها العام جاثماً في موقعه القيادي منذ أربعة عقود ونيف، وهناك أحزاب عربية يسارية، انتقلت زعامتها التاريخية التي امتدت لعقود طويلة من الأب إلى الزوجة ثم إلى الابن، بالرغم من أدبياتها التي تضج بالحديث عن الديمقراطية الداخلية في بنيتها، وعن الديمقراطية مع شعبها، وعن مساعيها من أجل دمقرطة حياة بلدانها. وقد دفعت تلك الأزمات العديد من الأحزاب العربية -المعارضة وغير المعارضة- إلى الانشقاقات والتناسل الهندسي (كالفطريات) مع سيادة الاستبداد الداخلي في بناها وفي شرايين حياتها وسيرتها، وفي مسار وآليات اتخاذ القرار فيها، على يد قيادة جعلت من الحزب إمارة محكمة الإغلاق، يجتمع فيها الناس حول شخص واحد، يأمرهم وينهاهم بما يشاء وبما يجب، وليس لهم إلا أن يسمعوا ويطيعوا ويلتزموا بأمره، عبر سنوات من التسيير الفردي، والهيمنة الشخصية على يده ومعه مجموعة ضيقة لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة، وهو ما أضعف من حضورها وتأثيرها في نهاية المطاف في الشارع وبين الناس، وحولها إلى أحزاب متواضعة، أو إلى أحزاب « الديكور الديمقراطي » في حضرة النظام السياسي الرسمي في بلدانها بأحسن الأحوال. دور لا يمكن إنكاره.. ولكن لكن في المقابل لا يمكن إلا لجاحد ومتحامل، اتخاذ طريق الإنكار الكامل والتام، بالرغم من كل الملاحظات الجوهرية والأساسية، لدور وفعل وتأثير القوى والأحزاب المختلفة والنخب السياسية والفكرية -خصوصاً المعارضة منها- في مصر وتونس واليمن والبحرين والمغرب… التي هيأت وعملت على شحذ الهمم، ومراكمة عملية تعبئة الشارع والناس خلال سنوات طويلة من عملها ووجودها على الأرض، وعلى رفع منسوب الاحتقان في وجه الأنظمة الطاغية التي ارتكبت كل الآثام والمفاسد داخل بلادها، وانحازت في خطها السياسي الخارجي (اللاوطني) نحو التواؤم مع ما يريده الغرب وخصوصاً الولايات المتحدة بالنسبة لعموم قضايا المنطقة وعلى رأسها القضية الفلسطينية، ومسائل التسوية في الشرق الأوسط. ومن هنا، فإن الحديث عن عفوية الزلزال الشعبي العربي المتواصل في العديد من بلدان العالم العربي، وخروج « المارد الشعبي » من قمقمه في تونس والقاهرة وبنغازي وصنعاء والمنامة, أمر صحيح جداً من حيث المعنى العام، لكنه لا يعني البتة تغييب أدوار جميع تلك الأحزاب والقوى والنخب المقصودة بجرة قلم تغييباً كلياً. فهي وإن كانت بأغلبها تغط في سبات عميق بفعل القمع من جهة وبفعل الترهل من جهة ثانية، لكن قسماً منها كان يعيش حالة من الحراك المتواصل في التأسيس لنهوض الشارع العربي، ولا ننسى في الوقت نفسه أن معظم أحزاب المعارضة العربية بكافة تلاوينها الفكرية والأيديولوجية، تعرضت بشكل عام لقمع شديد، ولحملات تنكيل متواصلة في مختلف بلدانها، ووصلت الأمور إلى حدود حظر نشاط وعمل غالبيتها، ومنعها من العمل العلني، بل وملاحقتها وزج قادتها وكوادرها في المعتقلات وتحت شروط قاسية من العسف والتنكيل، وهو ما أدى بها إلى النزول تحت الأرض والعمل بشكل سري. هذا ما حدث تاريخياً خلال العقود الثلاث الماضية مع حركة الإخوان المسلمين في مصر على سبيل المثال، ومع حركة النهضة في تونس، ومع العشرات من الأحزاب القومية واليسارية المحسوبة على التيارات الماركسية في هذين البلدين العربيين وفي عموم بلداننا العربية. ركوب الموجة وتجاوز التخلف وبالطبع، يفترض في المتابع الجيد، والرصين في قراءته للوقائع، أن يلحظ الفوارق والتخوم، وأن يميز في القراءة والمتابعة بين أحزاب عربية معارضة اشتقت خيارات العمل الوطني الديمقراطي في بلدانها وفق برامج تغيير إصلاحية على أساس السعي نحو المشاركة، وخوض معارك الانتخابات الديمقراطية في النقابات والجمعيات والمؤسسات وحتى الانتخابات البرلمانية، تحت عنوانها المباشر أو تحت أي عنوان آخر، وبين أحزاب عربية معارضة -وهي قليلة العدد على كل حال- اشتقت طريق المواجهة والصدام المسلح المباشر مع أنظمة بلدانها واختارت خطاباَ سياسياً وحتى فكرياً متطرفاً، أوصلها إلى حدود المواجهات المسلحة مع أجهزة الأمن والقوات المسلحة في بلدانها، فضاعت مطالبها الديمقراطية المحقة في مجرى سياسات التطرف وخطاب التصادم الهدام في بيئة عربية رسمية متخمة بأنظمة القمع وأجهزة الأمن المستنفرة على الدوام، وانتهى بها المطاف لتصبح أحزابا محظورة بشدة في مناخ أنظمة لا تقبل المساومة معها، ولا تقبل الحوار مع قوى تتبنى أشكالاً عنفية من العمل في سعيها للتغيير. وعلى كل حال، فإن العفوية في اندلاع ثورتيْ مصر وتونس، وامتداد شرارات اللهيب باتجاه أكثر من قطر عربي، لا يعني البتة أن الشارع هب ونهض من دون مقدمات، أو من دون عملية « نفخ » مستمرة لـ »سعارات » الصراخ الداخلي الذي يلخص تناقضات الوضع الداخلي في كل بلد من البلدان المقصودة وعلى كل مستوياته الاجتماعية والمطلبية والسياسية. فالنفخ الداخلي اليومي، وفي اختزانه التراكمي لسعار التناقضات، جاء بكل الأحوال على أيدي النخب السياسية والفكرية وعلى أيدي رجالات وشخصيات القوى السياسية، وبفعل موجات الإعلام الجديد وتقنياته التي كسرت كل الحواجز والسدود، والتي أبدع الشبان في استثمارها في سياق تحشيد الناس وتحرضهم للانتفاضة على واقعهم القائم، وعلى المظالم السائدة. فالانتفاضة الفلسطينية الكبرى الأولى على سبيل المثال، انطلقت نهاية عام 1987 بعد حادثة الدهس الشهيرة للعمال الفلسطينيين في منطقة جباليا بقطاع غزة، التي قامت بها سيارة عسكرية للاحتلال، فهل كانت انطلاقتها نتيجة الحادث فقط…؟. الجواب بالطبع لا فهي انتفاضة عفوية في انطلاقتها، حيث لم يكن لأحد أن يحدد زمان ومكان شراراتها الأولى، إلا أن الاحتقان كان قد أخذ مداه الواسع، وعموم القوى الفلسطينية -بتفاوت بين أدوار وفعل وتأثير فصائلها- كانت قد ساعدت على مراكمة وتخليق مناخات الانتفاضة، بفعل نشاط كوادرها ومؤسساتها وحتى عملها الفدائي المقاوم داخل فلسطين. وفي مثال آخر، فإن حركة الإخوان المسلمين في مصر، وبالرغم من الحظر الرسمي لها، ومعها بعض الأحزاب الناصرية القومية، كانت تعمل على الدوام على تحريك مناخات الشارع المصري، وتثير حراكات هامة لم تهدأ لحظة واحدة خلال العقود الثلاثة الماضية، وهو ما جعل من قادتها والعشرات من كوادرها، زواراً دائمين لغرف التحقيق وزنازين الاستخبارات والجهات الأمنية المصرية، وقد ساهمت تلك الحراكات في مراكمة التعبئة العامة في الشارع المصري، وفي نفخ « سعارات » الاحتقان بين الناس جراء المظالم والمفاسد الواقعة. من هنا، فإن نظرية « ركوب الموجة » عبارة عامة نسبية تمس معظم القوى والنخب، ومع ذلك فإن حركة الشارع تفترض بالضرورة تجاوز حالة التخلف عنها من قبل بعض القوى والأحزاب، وتفترض عليها أن توائم دورها وبرنامجها وفعلها مع برنامج الشعب المطروح على الملأ. تخلف الأحزاب يفرض البدائل إن تخلف الأحزاب العربية المعارضة عن حركة الشارع العربي بشكل عام، نتيجة البطش والقمع والتنكيل الذي هشمها وهشم دورها في مختلف بلداننا العربية، ونتيجة حياتها الداخلية التي عاشتها في أجواء غير صحية تفتقر للحد الأدنى من الديمقراطية الداخلية، دفع نحو صعود التيارات الشابة، التي بدأت الآن تبلور نفسها بنفسها ضمن إطارات وتجمعات مختلفة في مصر وتونس وليبيا وغيرها، في مجموعات كبيرة من الشباب وصغار السن، وخصوصاً خلايا الجامعات والمعاهد العليا إضافة إلى حديثي التخريج، ولتسبق أحزاب المعارضة، التي وجدت نفسها تلحق بالانتفاضة وحركة الناس (وهو أمر جيد على كل حال). ومن هنا، فإن انتفاضتيْ مصر وتونس، وليبيا الآن, واليمن وغيرها غداً، والتي أشعل لهيبها مئات الآلاف من الشباب الفتي، في سن الحلم والتوهج، وشارك فيها الملايين من أبناء الشعب بمختلف طبقاته وفئاته، دشّنت عهد الثورات الشعبية في القرن الحادي والعشرين، عهد الثورات التي لا تنتظر الأحزاب التقليدية المعارضة وغير المعارضة على حد سواء، فهي جاءت محمولة على حامل اجتماعي غير تقليدي، حيث لم يكن هذا الحامل الطبقة العاملة أو طبقة الفلاحين، مثلما حدث في بعض نماذج الثورات الشيوعية، ولا القوات المسلحة مثلما يحدث عادة في الانقلابات العسكرية. أخيراً، إن على الأحزاب العربية التي تدعي وتقدم نفسها باعتبارها رافعة لحركة الناس، ولأهداف الشعب، أن تعيد الاعتبار لذاتها، وأن تغادر أسباب تخلفها الذاتية وغير الذاتية. كما عليها أن تدرك أن من يريد التواؤم مع حركة الشارع عليه أن يكون في قلبها، وألا يعيش حياة نائية في جزيرة روبنسون كروزو، ولا أن تكون نجما طارقاً يعبر عباب السماء، بل يفترض فيها أن تعيد الاعتبار لذاتها حتى تكون وليدة التاريخ والجغرافيا، تعيش أطوار مجتمعاتها، وتعيش على أرض الواقع الذي تتوالد فيه كل يوم بنى سياسية وفكرية يتقدمها جيل الشباب. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 04 أفريل 2011)



فوضع النظام السوري هو جزء من الفوضى التي أحلها ظلم نظام الخلافة العثمانية والإستعمار البريطاني الفرنسي المتحالف مع الحركة الصهيونية والداعم والراعي لها، ومع الحركة القومية العربية المستخف بها والخاذل لها من قبل، والتي حلت بالعراق حديثا أكثر من حلولها بالمنطقة في أي وقت مضى، والتي كان طرفاها الرئيسيين الإحتلال الأمريكي والإحتلال الإيراني بالعراق، والإحتلال الصهيوني والنفوذ الأمريكي الغربي، والنظام الرسمي العربي الإسلامي المتخاذل بالمنطقة العربية وبالعالم الإسلامي. هذه الفوضى التي يلتقي فيها النظام الإيراني بأمريكا قائدة قوات الإحتلال الغربي الإستعمارية الغازية للعراق ، والتي يلتقي فيها النظام الرسمي العربي بنظام البيت الأبيض الأمريكي في مستوى ما يروج، على أن نظام ما يسمى بـ » الصحوات  » بالعراق، والتي ليست أكثر من مجموعات من المرتزقة المأجورين، هو من صناعة النظام العربي، والمدعوم أساسا من النظام الأسري العضوض بالمملكة العربية السعودية. هذه الفوضى التي من المفروض أن تلتقي فيها إيران صاحبة النفوذ الأكبر بالعراق، من خلال حكومة نوري المالكي وحكومات الإحتلال الإيرانية الهوى والتوجه الطائفي المذهبي التي سبقتها، ومن خلال الأحزاب الإيرانية في الجنوب خاصة، إضافة إلى ما يسمى بالتيار الصدري، ومن خلال النفوذ الكاسح لميليشياتها التي هي المكون الأساسي كذلك لما يسمى بالجيش العراقي والشرطة العراقية ذات الهوى والتوجه الطائفي الشيعي المذهبي الجعفري، وذات التدريب والتكوين الأمريكي الغربي، بالنظام العربي صاحب مشروع ما يسمى بـ » الصحوات « ، وهي جهات وأطراف ومكونات كلها خادمة اليوم للمشروع الأمريكي الإيراني، وهادمة للمشروع الوطني العراقي، ومواجهة للمقاومة في حركة التحرر والتحرير العربية الإسلامية، لإقامة المشروع العربي الإسلامي. هذا المشروع الذي مازال مبكرا القول أنه يمكن أن يكون النظام الإيراني ضمنه، وهو النظام الذي يبدوا ومن خلال مؤشرات ودلائل كثيرة مازال مصرا وببساطة على بناء مشروعه القومي الفارسي الطائفي المذهبي المستقل، الذي يعمل على فرضه بالعالم وعلى المنطقة العربية خاصة. وهي المنطقة التي ظلت دائما وللأسف الشديد الأسهل أن يفرض عليها أي طرف غريب عنها ودخيل عليها مشروعه، تماما كما تعمل أمريكا والغرب عموما على فرض المشروع الغربي الصليبي، وكما يعمل الكيان الصهيوني على فرض المشروع الصهيوني اليهودي. هذا المشروع الذي هو في النهاية مشروع المقاومة وحركة التحرر والتحرير العربية الإسلامية، وهو المشروع الذي ليس ثمة من هو أوضح فيه وأجدر بتمثيله بالعراق المحتل غير قوى المقاومة الشريفة وهيئة علماء المسلمين برئاسة الشيخ العالم المجاهد حارث الضاري، والذي ليس ثمة من هو أوضح فيه وأجدر بتمثيله بالمنطقة العربية وبالعالم الإسلامي غير قوى ومكونات مختلف تنظيمات الحركة الإسلامية في حركة المقاومة والتحرر والتحرير العربية الإسلامية في مختلف أوطان شعوب أمة العرب والمسلمين وفي العالم هو المشروع الذي لا يؤمن به النظام الرسمي العربي والإسلامي عموما، ولا تؤمن به النخبة العلمانية اللائكية العبثية منها والتقليدية العدمية في أوطان شعوب أمة العرب والمسلمين ولا تقبل به وتحاربه، كما لا تقبل به القوى الغربية الصهيونية الدولية وتحاربه.     
هذه الفوضى التي تريدها وتديرها أمريكا وقوات التحالف الغربي الغازية لتبرر بها استمرار وجودها كقوات احتلال، ويريدها النظام العربي الرسمي لتبقى كذلك أمريكا، وليبرر وجودها بمواصلة محاولة فرض النظام والإستقرار في المنطقة، ولتكون حامية للعروش الآئلة للسقوط مما يمكن أن يهدد وجودها واستمرارها في الوجود، وهي التي كانت أمريكا ترعبها بفزاعة نظام صدام حسين، والتي استمرت ترعبها بالنظام الإيراني الذي لم يستطع أن يهدىء من روع هذه الأنظمة، وأن يجعلها تطمئن إليه وتثق به، وتريدها إيران وتدعمها بقوة وتلتقي فيها مع أي كان ممن له وجود ودور في العراق وتأثير على مجريات الأمور فيه، حتى تنتهي الضغوطات عنها في ما يخص برنامجها النووي، والتي قد لا تصبح في حاجة إليها عند تفجير أول قنبلة نووية لها. وهي التي تتسابق مع الزمن في ذلك الإتجاه، وهي التي يعتبر النظام السوري كذلك أنها في صالحه حتى لا تتخلص أمريكا من هذا الوحل وتجبره عما تريد إجباره عليه، ولتنتهي به إلى الإحتواء أو الإطاحة به كما أطاحت من قبل بنوريقا وبميلوسوفيتش وبالمللى عمر وبصدام حسين عسكريا، وهو الذي يوفر بالداخل كنظام استبدادي وراثي طائفي علماني وعلوي نصيري، كل أسباب الإطاحة به في الوقت الذي تقرر أي جهة قادرة على إسقاطه ولها مصلحة في ذلك فعل ذلك.
فإذا كان ما يلتقي فيه نظام البعث لآل الأسد في سوريا مع نظام الثورة  » الإسلامية  » الشيعية هو مناهضة المشروع الأمريكي والصهيوني في المنطقة، وإذا كانت إيران تستجمع كل أسباب القوة وتعمل على توفير المزيد منها للتمكين لمشروعها الأمبراطوري الفارسي عبر الشيعة والتشيع والتشييع وإثارة النزعة الطائفية في المنطقة، فإن النظام السوري لا يقدم شيئا للمشروع القومي العربي، ولا يمكن أن يكون ذلك ممكنا ولا صحيحا ولا حقيقيا من خلال علاقة مماثلة مع إيران، لأن الأصل في هذه العلاقة أن لا تكون إلا علاقة صراع خاصة في العراق، ولكن لا وجود لهذه العلاقة هناك، بما يجعل النظام السوري ليس أكثر من خادم للنظام الإيراني وللمشروع الأمبراطوري الصفوي الإيراني، من حيث يريد أو لا يريد ومن حيث يشعر أو لا يشعر ومن حيث يقصد أو لا يقصد. ولأن المنزع الطائفي كان غلابا، فإن حلفاء وأعوان وأتباع إيران في العراق هم من العرب الذين أصبحوا كافرين بالعروبة وبالقومية العربية على المعنى الذي اكتوت بنيرانه المنطقة العربية والأمة العربية من خلال الحركة القومية العربية والنظام القومي العربي وعلى رأسها نظام البعث في العراق، وقد كان ولاءهم لإيران على أساس الطائفة والمذهب، وليس للنظام القومي العربي العلماني على أساس العلمانية والإشتراكية والقومية والعروبة.
فإذا كان النظام السوري حريص على عروبة العراق ووحدته، فإن النظام الإيراني يعمل ضد عروبة العراق، ولصالح الطائفية وفارسية إيران، وضد وحدة العراق، ولصالح الإنقسام والفيدرالية، وضد الوحدة العربية ولصالح الوحدة الشيعية. وبذلك تكون العلاقة ضد مصالح سوريا وعلى حساب سوريا، وربما تكون مؤقتا كذلك فقط لصالح الطائفة العلوية ولحسابها.
وإذا كانت سوريا جادة فعلا في ما تزعم وما تعلن أنها جادة فيه ومعلنة له، فإن كل المعطيات والحقائق والوقائع تؤكد أن ذلك الزعم وذلك الإعلان  باطلان وغير صحيحين. 3- المكاسب من خلال العلاقة بلبنان :
إن المتأمل لخارطة المنطقة العربية من العالم الإسلام يجد أن إيران التي، وإن كانت تتوسط هذا العالم،  ليست ضمن الأقطار المكونة لهذه المنطقة كما هو معلوم. وبالمنطق القومي، ليست ولا يمكن أن تكون ضمن النسيج الإجتماعي القومي العربي بمختلف أقلياته العرقية والطائفية والأثنية. وبذلك كانت في عهد الشاه، ومن منطلق قومي فارسي، وفي ما كان قبله من العهود، ضمن القوى المناهضة لسكان المنطقة العربية ولأنظمتها، وخاصة الأنظمة القومية في الدولة القطرية ذات الطبيعة القومية العربية. وكانت ضمن الحلف الغربي الأمريكي الصهيوني. وكانت منغلقة على نفسها اجتماعيا، مكتفية بالحفاظ على طبيعة العنصر الفارسي، والطبيعة القومية الفارسية لشعبها، ولم يكن لها، انطلاقا من طبيعتها تلك، طموح في الإمتداد للخارج، ولا لتتخلل ولا لتتداخل نسيج أي مجتمع من المجتمعات من حولها، لأن نظام الشاه، بحكم طبيعته العلمانية لم يكن يعتمد العنصر الطائفي في الإنفتاح على العالم العربي الإسلامي من حوله. وكانت قياداتها سواء القومية الفارسية الشاهنشاهية أو الفارسية الإسلامية الطائفية المذهبية الجعفرية، قيادات عدوانية ذات ميول توسعية على المستوى الجغرافي، ومؤمنة إيمانا راسخا بسيطرة العنصر الفارسي على كل مرافق وتفاصيل الحياة، وبالسيطرة الكاملة له حتى في مناطق الأقليات العرقية والدينية والمذهبية الأخرى، سواء تلك التي كانت، وبصفة طبيعية ضمن الإمتداد الجغرافي لأرض فارس القديمة، أو تلك التي تم ضمها بعد ذلك وفي مراحل مختلفة وفي ظروف مختلفة ولأسباب وغايات وأهداف مختلفة، لتكون مشمولة بخارطة إيران الحالية، كالمناطق الكردية ومنطقة الأهواز العربية وغيرها…
وبعد سقوط النظام، أصبحت إيران استنادا إلى طبيعة نظام الثورة  » الإسلامي « ، تطرح نفسها على أنها دولة ضمن العالم الإسلامي الذي أصبحت تعتبر أنه محيطها الطبيعي وامتدادها الجغرافي والبشري الحيوي، لأنها بإسقاط نظام الشاه العلماني تكون قد خرجت من ضيق الأفق القومي الفارسي إلى رحابة الأفاق الإسلامية، وخرجت من المشروع القومي الفارسي الضيق، إلى المشروع الصفوي الطائفي الأرحب الذي يمكن أن تأخذ فيه امتدادها إلى ما لا نهاية له في العالم.
وهي اليوم ومن خلال :
1- ما تمتلكه من قوة تعمل باستمرار وباطراد على الزيادة فيها وتعزيزها. 2- ضعف وفساد وتخلف النظام العربي غير المتجانس ولا المتصالح مع بعضه ومع جماهير شعوب المناطق أو الأقاليم أو الأوطان التي له عليها إشراف وسيطرة وإدارة خاصة. 3- القدرة على الإستقطاب الإعلامي الذي حققت فيه نجاحا كبيرا وذهبت في ذلك أشواطا، بخلفيات ولحسابات استراتيجية كثيرة، بتبنيها خطابا متحديا ومناهضا للوجود الأجنبي في المنطقة العربية، وإظهار عدم قبولها بهيمنته عليها، مقابل الإلحاق الكامل للنظام العربي وللنخب العلمانية واللائكية ثقافيا وسياسيا واقتصاديا والإحتماء به والفرار له.      
4- هذا الوجود الأجنبي الغربي الأمريكي والصهيوني الذي استطاعت إيران أن توظفه لصالح مشروعها الأمبراطوري القومي الطائفي المذهبي.  – وهي التي لم يكن تفاعلها معه بتلك الطريقة حرصا منها على إنهائه، ولكن توظيفا له في خدمة ذلك المشروع.
– وهي التي لا يمكن أن تكون جادة يمكن وصادقة في حرصها على مناهضة الوجود الأجنبي لتخليص وتحرير المنطقة منه إلا لتحل محله، ولتكون الهيمنة لها عليه بدل هيمنته، معتبرة أن ذلك من حقها التي هي أولى به. وهي المنطقة التي لها سبق تاريخي، خاصة من قبل الطيف القومي العربي، في القبول بالتحالف مع العدو الإستعماري البريطاني والفرنسي للإنفصال عن الكيان الإسلامي الشرعي، بعد أن آلت القيادة من خلال خطة الخلافة إلى الأتراك، الذين ظلموا وجاروا مثل ما ظلم وجار غيرهم من العرب كذلك من قبل من خلال نفس الموقع، وهم من كانوا مسلمين سنة وليسوا شيعة.
وإذا كان ذلك قد حصل في حق أولئك وانتهوا بالمنطقة إلى وضع أسوأ مما كان عليه، وقد انتهى فيه الحكم بنظام الشريعة حتى بصيغة الملك العضوض الظالم، وأحلوا محله أنظمة تقليدية أسرية عشائرية، وقبلية وفردية مستبدة، وأنظمة علمانية مغشوشة مناهضة للإسلام نفسه ومعادية له، فضلا على نظام الشريعة الإسلامية المطعون في وجوده أصلا نصا وتاريخا. فكيف يمكن أن تقبل ويقبل أهلها بهيمنة فارسية طائفية شيعية ومذهبية جعفرية؟ وكيف لا تكون هذه الأنظمة غير حليف للأجنبي؟ وكيف يقبل السنة عموما بما فيهم الرافضون للوجود الأجنبي الغربي والصهيوني والمتحالفة معه الأنظمة الفاسدة والمتقاربة منه بالعالم الإسلامي بنظام طائفي تكفيري يعلم الجميع أنه سيكون الأسوأ على المنطقة إذا قدر له أن يحل محل الأجنبي، وهو الذي بهذه الصفة القومية والطائفية والمذهبية التكفيرية أجنبي كذلك.    
     – ثم لأنه المدخل والمبرر لنشاطها الطائفي في المنطقة العربية وفي العالم الإسلامي.
– وهي التي يظل العالم الإسلامي كله جاهلا أو متجاهلا لها لو لا ملف الوجود الأجنبي والصهيوني.
ولذلك فإن إيران هي أحرص من يكون على الوجود الصهيوني والغربي الأمريكي وبقائه، أو تسجيل أي وجود وحضور له، لأنها من خلالهما ومن خلالهما فقط استطاعت تستطيع في ظل والواقع والوضع الراهن للمنطقة وللأمة وللعالم، أن تظهر أنها وحدها المناوئة والمعادية له،  والمساندة للمقاومة، وتعمل على تخليص وتحرير المنطقة منه. وتستطيع العمل وبمبرر صحيح أن تأخذ امتدادها في المنطقة وفي العالم الإسلامي..في عالم أصبحت فيه شعوب الأمة محاطة بالأعداء من كل مكان، بدءا بالأنظمة السياسية التقليدية منها والعلمانية المغشوشة، ومرورا بقوى الهيمنة الدولية الغربية والصهيونية العالمية، وانتهاء بالدعاية الفارسية الطائفية المذهبية التي حذقها النظام الإيراني، مستفيدا من :  
أ- الجهل بالإسلام الصحيح الذي تكرسه النخبة المتغربة التكفيرية الفاسدة والأنظمة المستبدة. بـ – ومن الغباء وضعف الوعي السياسي لدى الفئات الواسعة من المسلمين. ج- ومن العداء الكبير والرفض الواسع للوجود والهيمنة الأمريكية والغربية والصهيونية من خلال تلك النخبة ومن خلال تلك الأنظمة من طرف شعوب أمة العرب والمسلمين.                          ومن خلال ما تبديه من رفض لوجود الكيان الصهيوني بالمنطقة وعلى أرض فلسطين المحتلة والدول العربية المجاورة لها، تعمل إيران على أن يكون لها دور في قيادة أمة العرب والمسلمين على قاعدة البعد القومي الفارسي والطائفي الشيعي والمذهبي الجعفري، مثلما كان للعرب من قبل وللأتراك من بعد.
فكل المؤشرات تفيد أن إيران تعمل اليوم ليس للدفاع عن مصالحها ومجالها الحيوي فقط، ولكن لتكون لها اليد الطولى ولها الهيمنة على العالم العربي تحديدا.
هذا العالم الذي جعل منه أهله من النخب العلمانية والتقليدية والأنظمة المكونة منها والداعمة لها، منطقة غير قابلة إلى حد الآن إلا لتكون منطقة لهيمنة الآخر الأجنبي عليها، قوميا وطائفيا ومذهبيا وتاريخيا وحضاريا.. لهذه الظروف ولهذه الأسباب، وللطبيعة الإسلامية التي ظهرت بها إيران على العالم وعلى أمة العرب والمسلمين، أصبح لها قبولا، ليس من طرف الأقليات الطائفية الشيعية فقط، ولكن من طرف الكثير من مكونات مجتمعات شعوب المنطقة العربية خاصة، خصوصا في ظل الإنقسام الخطير الذي أوجدته فيها الأنظمة العلمانية والنخبة التغريبية التكفيرية المكونة والداعمة لها، ومن خلال النفوذ الأدبي والفكري والسياسي والإقتصادي والعسكري للغرب الصليبي الصهيوني الإستعماري العنصري، وفي ظل التخطيط الإيراني لذلك بدعم مالي كبير وإعلامي وأدبي ومعنوي، مع القابلية الكبيرة التي يؤكدها مثل هذا الدعم للعنصر البشري في المنطقة العربية للتأثر وللإستجابة للإستقطاب، مثلما استقطب الغرب الليبرالي المثقفين العرب والمسلمين ونجح في فرض مشروعه الثقافي العلماني بقوة السلاح أولا، ثم بقوة الإعلام والتعليم والدعم المادي السخي والدعاية السياسية ثانيا، ومثلما استقطب الشرق الشيوعي النخبة في العالم العربي والإسلامي وأحاطها برعاية مادية وإعلامية وسياسية وأدبية ومعنوية حتى أصبحت طرفا له من النفوذ ما لا يستطيع أن ينكره عليه أحد، وسط فراغ للفكر الإسلامي ونبذ للثقافة العربية الإسلامية الأصيلة في مرحلة أولى، ووسط قمع شديد للحركة الإسلامية حاملة هذا المشروع الثقافي العربي الأصيل المتطور في مرحلة ثانية. (يتبع)                                                                                         علــــي شرطـــأني



تونس, تونس, 4 (UPI) — رست اليوم الإثنين في ميناء مدينة صفاقس التونسية الواقعة على بعد نحو 270 كيلومترا جنوب تونس العاصمة، باخرة تابعة لمنظمة « أطباء بلا حدود » الإنسانية على متنها 71 جريحا ليبيا من المعارضة أصيبوا خلال المواجهات الدامية في مدينة مصراتة الليبية. وتم نقل هؤلاء الجرحى على متن سيارات إسعاف إلى عدد من مستشفيات المدينة التونسية لتلقي العلاج،وذلك في عملية إنسانية تم تنظيمها بالتنسيق مع الهيئة الجهوية للهلال الأحمر التونسي. وبحسب الفريق الطبي الذي رافق هؤلاء الجرحى من مدينة مصراتة، فإن إصاباتهم متفاوتة الخطورة منها 3 حالات حرجة جدا يخضع أصحابها حاليا للتنفس الإصطناعي، وإصابتين إثنتين خطيرتين، إلى جانب 18 حالة صعبة جراء التعرض لإصابات بالرصاص وشظايا قنابل. ولم يستبعد حلمي مكاوي منسق الطوارئ لمنظمة « أطباء بلا حدود » إمكانية رحلات بحرية أخرى بإتجاه مدينة مصراتة الليبية لإجلاء الجرحى والمصابين، واعتبر أن ذلك يبقى رهن الإمكانيات المتوفرة والظروف الملائمة. ولكنه أشار في تصريحات للصحافيين إلى أن منظمة « أطباء بلا حدود » سبق لها أرسلت إلى مدينة مصراتة الليبية تجهيزات طبية وجراحية تمكن من إجراء 300 عملية جراحية، إلى جانب كميات من الأدوية. وكانت سفينة تركية قد نقلت قبل يومين 250 مصابا من مدينة مصراتة الليبية (200 كيلومتر شرق طرابلس) التي تعتبر ثالث أكبر مدن ليبيا، التي تحاصرها منذ عدة أيام القوات الموالية للعقيد معمر القذافي.
 
(المصدر: وكالية يو بي أي (يونايتد برس إنترناشيونال) بتاريخ 4 أفريل 2011)



ذكرت مصادر دبلوماسية أن سيف الإسلام القذافي كان قد روج سرا لخطة سلام يسلم بموجبها والده العقيد معمر القذافي السلطة، ويضع ليبيا على طريق ديمقراطية دستورية، ويتقلد فيها الابن زمام الأمور في البلد مؤقتا. وقالت المصادر إن الفكرة ناقشتها شخصيات بارزة في طرابلس، ورغم ذلك نبهت إلى أنه لا القذافي ولا الثوار في بنغازي بدوا مستعدين لقبول هذه الخطوة. وأضافت أن هذا هو الموقف المبدئي، لكن ليست هناك مباحثات حاليا. وقالت تايمز البريطانية إن الخطة، التي تأتي عقب زيارة إلى لندن قام بها محمد إسماعيل أحد معاوني سيف القذافي، تشير إلى أن أعضاء في الدائرة الداخلية للقذافي يدرسون خياراتهم. وفي سياق متصل أيضا كتبت نيويورك تايمز الأميركية أن اثنين من أبناء القذافي على الأقل يقترحان حلا للصراع الليبي يقضي بتنحية والدهما جانبا لإفساح المجال للتحول إلى ديمقراطية دستورية تحت قيادة سيف الإسلام. وقالت الصحيفة إن الثوار أصروا على تغيير جذري لحكم القذافي الذي دام أربعين عاما. ومن غير الواضح ما إذا كان العقيد قد وقع على هذا المقترح المدعوم من قبل نجليه سيف والساعدي، رغم أن شخصا مقربا منهما قال إن الوالد بدا مستعدا للمضي قدما في الأمر. وأضافت أن المقترح يفتح نافذة جديدة لآليات أسرة القذافي في وقت يعتمد فيه العقيد، الذي له سبعة أبناء، كثيرا عليهم. وبعد تخلي أقرب مؤتمنيه عنه وهو وزير الخارجية موسى كوسا وعزلته بسبب عقود من محاولات الانقلاب والتطهيرات الداخلية صار القذافي يعتمد على أبنائه مساعدين مؤتمنين وقادة عسكريين. كما أن هذه الفكرة تذكّر بالخلافات الطويلة بين أبنائه. فبينما يميل سيف والساعدي نحو انفتاح سياسي واقتصادي على النمط الغربي يعتبر معتصم وخميس من المتشددين. والأخير يقود مليشيا مخيفة تركز على قمع الاضطراب الداخلي. ومعتصم، وهو مستشار للأمن القومي وله مليشياه الخاصة، كان يعتبر منافسا لسيف في السباق على خلافة الوالد. لكن الساعدي يؤيد بقوة الخطة. وقالت نيويورك تايمز إن المقترحات هي أحدث دليل على أن حكومة القذافي ربما تشعر بالضغط الذي استمر أسبوعين بسبب الضربات الجوية لقوات الحلفاء التي ضاءلت بشكل كبير من أفضلية معدات مليشيات القذافي.            المصدر:تايمز+نيويورك تايمز (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 04 أفريل 2011)



قدمت برقية دبلوماسية أميركية صادرة في أغسطس/آب 2007 من السفارة الأميركية في تل أبيب، تقريرا مطولا عن اجتماع أميركي إسرائيلي تضمن رؤية رئيس الموساد الإسرائيلي آنذاك مير داغان للوضع في الشرق الأوسط وإيران. داغان عبّر للوفد الأميركي الذي ضم وكيل وزارة الخارجية وليام بيرنز والسفير الأميركي في تل أبيب ريتشارد جونز، عن قلقه من المستقبل وقال إن إسرائيل ترى نفسها في محيط يشهد تغيرا متسارعا، وفي منطقة يرتبط مصير كل بلد فيها بمصير الآخر. داغان استعرض للوفد الأميركي رؤيته للوضع في دول الطوق، وقال إن الأردن نجح في التغلب على التحديات التي فرضها وجود كل من حماس والإخوان المسلمين، خاصة وأن الأخيرة موجودة على خارطة البلاد السياسية. وعبر رئيس جهاز الموساد السابق –والذي كان في الخدمة وقت كتابة البرقية- عن رؤيته للوضع في مصر وقال إن هذا البلد مشغول في من يخلف الرئيس المصري وقتها حسني مبارك. « رجل شجاع » أما عن سوريا ولبنان، فقال إن إسرائيل تنظر إلى هذين البلدين ولا ترى سوى حالة من عدم الاستقرار، لكنه أشاد برئيس الوزراء اللبناني في ذلك الوقت فؤاد السنيورة ووصفه بأنه « رجل شجاع ». داغان حث الوفد الأميركي على توخي الحذر في دعم وتقوية حكومة السنيورة لأن ذلك من شأنه التأثير على الوضع في سوريا والعراق، خاصة وأن هناك شعورا معاديا لسوريا بين سياسيي لبنان أساسه شخصي أكثر منه سياسي. وعن تركيا، تنقل البرقية عن داغان قلقه من تزايد نفوذ « الإسلاميين » وتساءل « إلى متى سيبقى العسكر (الذين يعتبرون أنفسهم حماة هوية تركيا العلمانية) صامتون؟ ». وفي الشأن الإيراني، رأى داغان أن إيران في طريقها نحو التغيير، حيث هناك خلافات بين أنصار هاشمي رفسنجاني والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، بالإضافة إلى الوضع الاقتصادي وحالة عدم الاستقرار المتزايدة نتيجة التوتر في أوساط الأقليات الإيرانية، وأن على الأميركيين والإسرائيليين استغلال ذلك إذا أرادوا رؤية التغيير في إيران. داغان أشار إلى اختلاف وجهات النظر بين إسرائيل والولايات المتحدة بشأن السقف الزمني لحصول إيران على القدرات النووية، ونبه إلى أن الموساد لا يتعامل مع الأمر من وجهة نظر تقنية، بل يأخذ بنظر الاعتبار تصميم النظام الإيراني على النجاح في هذا المسعى. وحث رئيس الموساد (في ذلك الحين) الوفد الأميركي على ضرورة تضافر الجهود لمواجهة الطموح النووي لإيران وقال: « التهديد واضح، حتى لو اختلفنا حول السقف الزمني. إذا أردنا تأجيل حصولهم على القدرات النووية، فعلينا استثمار الوقت والجهد بأنفسنا ». نقاط ضعف إيران البرقية تنسب إلى داغان قوله للأميركيين إن إيران لديها « نقاط ضعف » يجب استغلالها، حيث تصل البطالة إلى أكثر من 30% وفي مناطق معينة تصل إلى 50% بين الشباب الذين تراوح أعمارهم بين 17 وثلاثين عاما. نسبة التضخم في إيران تصل إلى أكثر من 40% والناس بدؤوا يتذمرون من دعم منظمات غير إيرانية مثل حماس ويقولون إن على الحكومة استثمار المال الإيراني في إيران بدلا من الخارج. وتورد البرقية حث داغان للأميركيين على زيادة وسائل الإعلام الناطقة بالفارسية وعدم الاقتصار على خدمة راديو صوت أميركا باللغة الفارسية، وطلب منهم الانفتاح في هذا الموضوع على أذربيجان ودول شمال إيران وعدم الاقتصار على دول الخليج في هذا الشأن، لأن ذلك من شأنه زيادة الضغط على الحكومة الإيرانية. بيرنز ردّ على داغان –بحسب البرقية- أن إيران في صلب تركيز الولايات المتحدة، ليس بسبب برنامجها النووي فقط، بل لأنها تدعم الإرهاب والمليشيات الشيعية في العراق. وفي ما يتعلق في العراق، قال داغان إن الحال سينتهي بهذا البلد إلى حالة من الضعف، حيث سيتحول إلى بلد فدرالي يتألف من ثلاثة كانتونات واحد للأكراد وثان للسنة وثالث للشيعة. دور روسي سلبي وعبر داغان عن استيائه من ما سماه دور روسيا « السلبي للغاية » في المنطقة، وقال إن الوضع يحتاج إلى تدخل دولي، وضرب الوضع في الأردن مثالا حيث يستضيف الأردن أكثر من مليون لاجئ عراقي مما فرض تغييرات على المجتمع الأردني، ودفع الحكومة الأردنية إلى إيجاد صيغة جديدة للعلاقة مع المملكة العربية السعودية تجلت بزيارة الملك السعودي عبد الله إلى الأردن. وعن منطقة الخليج العربي، تبين البرقية أن داغان عبّر عن قلقه من تزايد نفوذ إيران وتغلغلها في هذه المنطقة. وتنسب البرقية إليه قوله إن دول الخليج بدأت تأخذ احتياطاتها لمواجهة إيران عن طريق محاولاتها زيادة قدراتها الدفاعية. داغان عبر عن دعمه للحوار الأمني الخليجي وانخراط الولايات المتحدة فيه وتزويدها دول الخليج بالمعدات العسكرية، لكنه أشار إلى صعوبة جمع هذه الدول تحت مظلة واحدة لمواجهة التهديد الإيراني، حيث أن بعضها لا يرى الأمر من منظور إقليمي.             المصدر:موقع ويكيليكس (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 04 أفريل 2011)

 


د. مخلص الصيادي
المشهد العام لحركة الشارع السوري
منذ انطلاقة الاحتجاجات الشعبية في سوريا، قبل أكثر من اسبوعين والمشهد لم يتغير، مظاهرات واحتجاجات تتسع يوما إثر يوم، يكون يوم الجمعة يوما مركزيا فيها، حيث يجتمع الناس في صلاة الجمعة، وقوافل الشهداء يزداد عديدها، حيث تواجه قوات الأمن هذه الاحتجاجات بالعنف واطلاق النار، ويمارس الشبح المتخفي دوره في قنص المتظاهرين وإيقاع المزيد من الشهداء.
واستنادا الى خطاب الرئيس السوري بشار الاسد في مجلس الشعب يوم الأربعاء 30 / 3 جاء تصاعد العنف وسقوط المزيد من الشهداء، وتوسيع دائرة الاعتقالات أمرا متوقعا، فالرئيس أعلى راية الأمن على راية الاصلاح، وأعلن استعداده للمواجهة بأكثر من الاستعداد لاطلاق عملية الإصلاح، لذلك فإن هذا التصعيد يوضع حتما في خانة النظام وأجهزته، وبالتالي فإن مسؤولية ما يقع من عنف يقع أولا وقبل كل شيء على عاتق السلطة السياسية وأجهزتها.
إن هذا لايعني نفي وجود مسؤولية لجهات أخرى في تصعيد العنف، ـ فهذا احتمال ممكن ـ لكن حينما تقرر أعلى قيادة سياسية في البلد أن المسألة الأمنية هي الهم الرئيسي، فإنها بذلك تعطي أجهزتها الأمنية على مختلف مسمياتها إشارة الانطلاق في قمع المتظاهرين، وفي ظل سيادة قانون الطوارئ فإن عملية القمع  تصبح لاحدود لها، ولا ضوابط، وهو ما نراه بوضوح الآن، بل إن المشهد الأمني يزداد تعقيدا مع تصريحات المسؤولين الأمنيين في سوريا عن وجود قناصة يتمركزون على أسطحة بعض الأبنية ويستهدفون برصاصهم المحتجين، وكذلك عناصر الأمن.
 إن هذه التصريحات تنذر بالكثير الكثير لأنها  إن كانت تعبر عن حقيقة واقعية، فإنها تكشف عن قوى خفية لها القدرة على ارتكاب مثل هذه الجرائم، ولا تستطيع يد الأمن السورية ـ وهي يد مشهود لها ـ أن تصل اليها، إن الحديث عن بلطجية في تفسير هذه الحالة، (مستعيرين في ذلك المشهد المصري)، لايبدو كافيا لتفسير هذا الأمر، بل يبدو الأمر أقرب الى وجود قوى أو عصابات مسلحة رديفة تعمل على إرهاب المواطنين، لمنعهم من الاستمرار في الاحتجاجات، ولايقاع الرعب بين صفوفهم بارتكاب جرائم قتل أسود لا حدود له ولا مبرر له.
لقد كان مخيبا لآمال الكثيرين أن تقتصر رؤية الرئيس السوري على الجانب الأمني، وأن يقصر التفكير بالاصلاحات وطبيعتها على الحزب الحاكم وأدواته، فيصبح بذلك الخصم هو الحكم، وتضيق دائرة الأمل بالانتقال الى نظام سياسي جديد، وبطريقة جديدة لم يشهدها بعد أي إقليم عربي في هذه المرحلة، مرحلة الثورات الشعبية. ثورة الشعوب وطرق التغيير
حتى الآن قدمت ثورات الشعوب العربية طريقين رئيسيين للتغيير :
** طريق أول: شقته الإرادة الشعبية بالمظاهرات السلمية، التي ووجهت بقمع دموي من النظام، لكن هذه الإرادة بقيت ثابتة على مسارها السلمي، وقدمت أبهى نموذج حضاري في تمسكها بسلمية التحرك، وفي تمسكها بإدارة عالية الفعالية لهذا التحرك، وكانت تونس ومصر نموذجا هذه الثورة، وتنضم الآن تدريجيا لهذا النموذج اليمن، وإذا كانت سلمية التحرك الشعبي هي سمة هذه الثورات فإن السلمية هنا صفة للتحرك الشعبي وحده، وليس لتحرك أجهزة السلطة وأدوات القمع التي تمتلكها، فما حدث في تونس وفي مصر وما زال يحدث في اليمن لايغيب عن نظرنا ويكفي أن نتذكر أن عدد شهداء الثورة الشعبية السلمية في مصر  تجاوز الثمانمئة شهيد، سقطوا على أيدي أجهزة الأمن، وفي عمليات القنص، ويوم غزوة الحمير، ولقد استطاعت الجماهير بصبرها من جهة وبانحياز الجيش لها من جهة آخرى أن تحقق النصر، وأن تفرض على النظام الهزيمة، وأن تضع بلدانها على طريق التغيير الذي لايزال يحتاج الى حراسة ومتابعة.
 وجاء رفض الجيش أن يكون أداة النظام في مواجهة الشارع والتزامه الحياد أولا، ثم انحيازه الى جانب الشعب أخيرا عاملا حاسما في انتصار الارادة الشعبية، وفي توقف حجم التضحية الشعبية عند الحدود التي وصلت اليها.
** وطريق ثان: هو الآن أمام ناظرينا تمثله ليبيا حيث لم تستطع القوى الشعبية فيها أن تحسم الأمر بالتظاهر الشعبي السلمي، ولعبت عوامل كثيرة ـ ليس هنا مجال الحديث عنها ـ دورا في تحولها الى استخدام للسلاح، وما لبثت القوى الخارجية أن صارت العنصر الأهم في مسار حركة التغيير هذه، فطغت بذلك على صوت التحرك الشعبي، وكلما مر يوم ارتبطت الحركة الداخلية  اكثر بالعامل الخارجي وارتفع أكثر صوت قوى ليبية خارجية لها برامجها وارتباطاتها، على قوى التغيير الداخلية، وصارت قوات الأطلسي جزء من المعركة، وفي هذا حرف لمسار حركة التغيير.
 ولا شك أن تمسك الزعيم الليبي بأوهامه، وبعثه للعلاقات القبلية والمناطقية دفاعا عن نفسه ونظامه، والعنف المبالغ فيه الذي واجه به حركة الشارع الليبي قد ساهم مساهمة فاعلة في هذا التطور، كما ساهم فيه  امتناع النظام العربي عن تقديم العون للثوار، ومسارعة شطر من هذا النظام الى الاشتراك مع القوات الدولية في العمليات العسكرية ضد قوات الزعيم الليبي، وهي عمليات كيفما نظر اليها لاتعدو أن تكون عدوانا عسكريا مباشرا. وهذا الطريق مدمر لارادة التغيير الشعبية، فالشعوب العربية المتطلعة الى طي صفحة النظم المستبدة، والفاسدة، لاترغب أبدا استبدالها بالمستعمر، أو يكون النظام   المتولد عن ثورتها مرتبط بالقوى الخارجية بحكم أن انتصارها اعتمد على هذه القوى، وبالتالي يصبح عليها دفع الثمن من حرية النظام الجديد، ومن ثروة الشعب أمر لابد منه. ويرسم هذا الطريق أول مظاهر هزيمة الثورة الشعبية:
** فهي لم تصبر في تحركها الشعبي، وسارعت في الانحياز الى السلاح. **ولم تصبر في معارك السلاح، وسارعت الى طلب العون الخارجي. **وبحكم طبيعة قوتها، ومسار المعارك على الأرض لم تستطع ـ وهي عاجزة بالحتم ـ أن تجعل حدود التدخل الخارجي بحدود رغبتها وحاجتها، فكانت بذلك مدخلا للقوى الاستعمارية في العودة الى بلادها. إن الحديث عن الثورة الشعبية في ليبيا بات موضع شك، بعد أن تداخلت القوى،وارتفع صوت السلاح، وصدرت القرارات الدولية التي شرعت التدخل العسكري، وبات التحرك الشعبي هو الأضعف بين كل العناصر المؤثرة في تطور الوضع في الساحة الليبية، وقدم هذا التطور خدمة جليلة لنظام القذافي المتأله والفاسد، فصار كأنه المدافع عن ليبيا في مواجهة قوى تدخل خارجي تدعم حركة تمرد داخلية، بعد أن كانت الصورة أنه نظام مستبد فاسد يواجه ثورة شعبية تريد الانعتاق والحرية.
**سوريا وطريق التغيير
إن سوريا تفتقد الكثير من خصائص الطريق الأول الذي تحقق في مصر وتونس، وتسير اليمن باتجاهه، عوامل كثيرة يتصل معظمها ببنية النظام السوري، وبنية المجتمع السوري، وتاريخ الصراعات التي شهدتها سوريا على مدى نحو خمسة عقود، تجعل تصور أن يأتي التغيير في سوريا على هذا النحو غير متيسر، بل يكاد يكون مستحيلا. وسوريا لاتحتمل تغييرا في النظام على نحو ما يجري في ليبيا، لأسباب كثيرة يتصل بعضها بالموقف الوطني الثابت لقوى المعارضة الحقيقية داخل سوريا، التي ترفض مثل هذا السبيل، لأن مثل هذا النموذج الملتبس والمشوه، مدمر لسوريا الشعب والدولة والوطن، ولن يستفيد منه غير المعسكر المعادي لبقاء سوريا كيانا موحدا، ولبقاء سوريا جزءا من الأمة العربية، وهنا تبرز المصلحة الاسرائيلية الأمريكية واضحة، كما تبرز مصلحة القوى الطائفية والشعوبية والتقسيمية داخل سوريا، وخارجها. كما يتصل سقوط هذا النموذج في التغيير بالجغرافيا السياسية لسوريا، وبالسياسات والتحالفات التي أقامها النظام السوري على مدى العقود السابقة، فليس سهلا على القوى الخارجية أن تفعل في سوريا ما تفعله الآن في ليبيا.
والسؤال هنا : هل لسوريا طريق آخر في التغيير؟!
إن البحث عن الطريق السوري للتغيير يجب ان ينطلق من توكيد حقيقة اساسية باتت واضحة للعيان، وهي أن التحرك الشعبي في مختلف المحافظات السورية ما زال متمسكا بالطابع السلمي، وكلما سقط شهداء اكثر في هذه التحركات الشعبية، ظهر التمسك اوثق بهذا السبيل، أي أن حركة الشارع توفر في استمرارها المدخل الطبيعي لوجود طريق سوري خاص للتغيير. لكن صناعة طريق التغيير لا يرتبط فقط بارادة الشارع والمتظاهرين، وإنما بعوامل أخرى أكثر أهمية في صنع طريق التغيير، وهنا يبرز دور قوى المعارضة وأحزابها، كما ييرز دور السلطة وقياداتها وقواها، ليس صعبا على المراقب أن يعرف أن حركة الشارع السوري ليست وليدة قرار أحزاب المعارضة، وليست هي التي صنعت هذا التحرك، لكن مما لاشك فيه أنها بحكم طبيعتها التنظيمية قادرة على مد هذا التحرك الشعبي بطاقة منظمة مهمة جدا لاستمرار هذا التحرك، ولوصوله لأهدافه.  
إن الفساد والاستبداد هو ما صنع ثورة الشارع السوري، كما صنع كل ثورات الشارع العربي، وقد انفجرت هذه الثورة في سوريا عند لحظة محددة ونتيجة سلوك محدد من أجهزة السلطة القمعية، التي حركها الخوف من امتداد الثورة الشعبية الى سوريا فسارعت الى قمع غير طبيعي وغير مبرر لحركة صبية وفتيان في درعا، وكانت هذه الشرارة الكبرى لاطلاق هذه الاحتجاجات، لقد جاء فعل اجهزة الأمن ليفجر مرجلا من الغضب كان ضغطه يزداد يوما اثر يوم، بسبب الفساد غير المحدود ، والاستبداد غير المحدود ايضا، ومظاهر التمييز غير المحدودة ايضا. إن أحزاب المعارضة وتجمعاتها، وشخصياتها قادرة على التاثير في خضم هذه الحركة ولولم تكن صانعتها، ومن بوادر الطريق السوري للتغيير أن هذه جميعا قالت كلمتها بالتمسك بالطريق السلمي للتغيير، ولم تكن هذه الكلمة جديدة، فقد اعلنت دائما هذا الموقف، لكنها عندما جددت تمسكها بطريق التغيير السلمي ووقعت على وثيقة أو بيان »العهد الوطني »، فإنها فعلت هذا بعد أن سقط عشرات الشهداء إن لم يكن مئات الشهداء برصاص قوات الأمن في العديد من المدن والبلدات السورية. إن العهد الذي وقع عليه كل اطياف المعارضة السورية بما تمثله اشخاصهم، وبما يمثلون من أحزاب وهيئات، إنما يوفرون بذلك سبل ولادة الطريق السوري للتغيير، لكنهم لايقررونه، لقد وضع الشارع السوري بتمسكه بسلمية التحرك، ووضعت قوى وشخصيات المعارضة السورية بتوقيعها على  » العهد الوطني » مسؤولية التطورات اللاحقة في عنق النظام السوري، فأصبح الأمر كله في اطار المسؤولية المباشرة للنظام ولمكوناته، ومراكز القرار والقوة فيه.   دور النظام السوري في ولادة الطريق السوري للتغيير   من المهم تأكيد مسؤولية النظام تجاه تطورات الوضع في سوريا، لأنه هو المالك لأجهزة القوة، والدولة، وهو المسؤول عن تحريكها واستخدامها، ولأن الشارع والمعارضة قدما في مواقفهما وتمسكهما بسلمية التحرك وأدانتهما لكل مظاهر الفعل والقول الطائفية والعنفية والعشوبية أكبر دعم ممكن لأي قوى تريد فعلا إخراج سوريا من المأزق الذي تعيشه، بأقل الخسائر، وبأكثر فاعلية.
إن التغيير لابد أن يحدث في سوريا، هذا أمر لاشك فيه، ومدخل الطريق السوري الخاص للتغيير أن تقتنع القيادة السورية بهذه الحقيقة، وأن تقتنع بأن مواجهة رياح التغييرليس من  شأنهأن يدمرها هي وما تمثل فقط ، وإنما من شأنه أن يدخل المنطقة في مرحلة خطرة جدا قد لا تكون قادرة على تحملها، وستكون نتائجها كارثية على مستويات عدة، فالتغيير الآمن هو السبيل لمستقبل آمن للشعب السوري، ولسوريا، والمنطقة .
وفي مواجهة الرؤية التي طرحها الرئيس السوري في خطابه الأخير والتي أعلى فيها الشأن الأمني على ما سواه، تحدد المدخل الأول، والشرط اللازم لولادة الطريق السوري للتغيير، ويتمثل هذا المدخل في أن تنعكس الآية لدى القيادة السورية، اي أن تعود لرؤية الأمر على حقيقته، فالعمل على مواجهة الاستبداد والفساد هو الطريق الآمن، وهو طريق سلامة الوطن، وهو طريق محصن تجاه كل المخاطر. ولن يكون تعديل هذه النظرة بالأمر الهين، وهنا قد نستعير ببعض التجاوز المصطلح الذي استخدمه محمد حسنين هيكل بشأن « القوة الناعمة »،
إن النظام السوري، ليس فقط أجهزة أمن، وحزب، ومؤسسات تابعة له، وهذه كلها تدفع النظام لاعتماد الحل الأمني أولا واخيرا، ولتوليد اصلاحات سياسية ودستورية لاقيمة حقيقية لها ، ولكن النظام السوري، كأي نظام بل واكثر من اي نظام تدعمه قوى  » ناعمة  » تتمثل في مجموعة من رجال الدين، والمثقفين، وزعماء مناطق وعشائر، وتكوينات دينية وطائفية وعرقية، ومجموعات من التجار والصناعيين واصحاب المصالح الذين لايهتمون كثيرا بالظهور لكن كانوا دائما اصحاب تأثير حقيقي في مسار النظام.
إن هؤلاء مدعوون بحكم المسؤولية التاريخية تجاه الوضع الراهن لسوريا ومستقبلها لممارسة دروهم تجاه القيادة السياسية السورية، لاعادة تصويب الرؤية، ولاعتماد منهج صحيح في التعامل مع الوضع الراهن، وهناك مصلحة مباشرة لهذه القوى في تحقيق ذلك، بل إن تقاعسهم عن القيام بهذا الدور سيدفع الأمر الى دروب مدمرة للجميع. على هذه القوة وهي موضع ثقة وثقل في بنية النظام أن تعمل على :
1ـ دفع القيادة السياسية السورية الى التخلي عن منهج الأمن والقوة في مواجهة احتجاجات الشارع السوري، والتعامل مع هذه الاحتجاجات باعتبارها تعبير عن مطالب حقيقية ومشروعة، ومحاسبة مرتكبي عمليات قتل المتظاهرين.
2ـ ودفعها الى الاقتناع بأن التغيير لايمكن أن يكون عبر البناء السياسي الراهن للنظام والمتمثل في حزب البعث وجبهته، وأنه لابد من اعتبار الشعب السوري كله اداة التغيير. والبحث عن الحلول من خلال الشعب نفسه وليس من خلال الحزب. 3ـ الوصول مع القيادة السياسية الى قناعة حقيقية بأن كل ما يتصل بمفاهيم الحزب القائد، واحتكار السلطة، وسياسات تبعيث التعليم والقضاء والجيش ، وكل المفاهيم القديمة لابد من التخلص منها في أي عملية تغيير حقيقية.
4ـ أن الاستهداف الحقيقي لعملية الاصلاح يجب أن يكون ولادة مجتمع سوري جديد، بدستور جديد، يمثل عقدا اجتماعيا جديدا يلتقي عليه السوريون، وتعود من خلاله السلطة الى الشعب وخياراته، عبر صناديق الاقتراع، وعبر الحريات المصونة، وعبر القضاء المستقل، وتصبح كل قوى الدولة خادمة لهذا الشعب منفذة لارادته، حافظة لحقوقه، وحامية لها. 5ـ وأن طي المرحلة السابقة لايمكن أن يتحقق إلا بإجراء مصالحة عميقة وجذرية وحاسمة، يكون هدفها بناء المستقبل، وزيادة الترابط الوطني، وتمكين سوريا من القيام بواجبها على مختلف الصعد القومية والاقليمية والانسانية بإشراق حقيقي وبقوة حقيقية.   إذا كان التغيير في سوريا حقيقة قادمة لامناص منها، فهل يمكن أن نرى طريقا سوريا مميزا لهذا التغيير؟.  سؤال يبقى معلقا على مسار تطور الأحداث في المستقبل، وتبقى المسؤولة الرئيسية في توفير جواب عليه تقع على قوى السلطة الظاهرة والخفية. الخشنة والناعمة على حد سواء.
3 / 4 / 2011  د. مخلص الصيادي

 



مضاوي الرشيد (كاتبة واكاديمية من الجزيرة العربية)
 
مقال نشر في القدس العربي بتاريخ 04-04-2011 دخل النظام السعودي بالفعل مرحلة افول نجمه في العالم العربي منذ بداية القرن الواحد والعشرين وقد افلتت بعض الشعوب العربية من مرحلة الحقبة السعودية خاصة في لبنان وفلسطين والعراق ومؤخرا في مصر والتي كانت حجر الاساس في المد السعودي الذي هيمن على المنطقة تحت مظلات مختلفة ومتعددة منها الثقافي والاعلامي والديني والسياسي والاقتصادي. مرحلة الافول هذه دفعت النظام الى ان يولي وجهه شرقا نحو دويلات الخليج الصغيرة وجنوبا باتجاه اليمن فيدفع بثقله خلف مشروع جديد يختلف تماما عن مشروع مجلس التعاون الخليجي والذي يقرب ان يصل الى عامه الثلاثين. الحراك السعودي الحالي يحاول ان ينتشل النظام السعودي من عزلة فرضتها عليه سياسات خارجية مكنت الانظمة القمعية العربية على حساب المجتمعات وقضاياها الحية من القضية الفلسطينية مرورا باحتلال العراق والموقف السعودي المعروف منه ناهيك عن الحرب على لبنان وغزة والتي جرت النظام الى مهالك الوقوف جنبا الى جنب مع المعتدي ضد المعتدى عليه. استطاعت كل هذه المواقف ان تحسر الحقبة السعودية وتجعلها مرتبطة برجعية لم تعرفها المنطقة العربية في تاريخها الماضي وبما ان الحقبة السعودية ارتبطت بالبترودولار لم تصمد امامها سوى ارادة الشعوب وليس النفوس الضعيفة التي دفعها العوز والحاجة والاقتصاد المتردي الى ركوب المركب السعودي وتمجيده. السعودية اليوم ليس لها من الخيارات سوى الاتجاه الى الخليج بدوله الصغيرة والتي تهتز رعبا من خطر ايراني وفوبيا وتشنج واحتقان بدت ملامحه واضحة وصريحة. تستغل السعودية اليوم هذا الخوف الحقيقي او الوهمي من اجل تثبيت هيمنتها على المشيخات الخليجية وخاصة تلك التي نعتقد انها تربطها بها اواصر القرابة والقبيلة والجوار والمصالح الاقتصادية المشتركة. فترتفع اصوات تنادي وتهتف مستنجدة بعلاقات وهمية اسرية لتغطية فرضية سياسية تتمثل في هيمنة واضحة وصريحة من الشقيقة الكبرى على تلك الصغرى والتي بسبب الفوبيا فيها انعدمت قدرتها على استيعاب حالة الخوف المرضية التي قد اصابتها. ورغم ان ثلاثة من هذه الدول تتمتع بمستوى معيشي افضل بكثير من الداخل السعودي وثروات هائلة وصناديق سيادية الا انها تبقى سياسيا ضعيفة ومرتبكة غير قادرة على تحويل القدرة الاقتصادية الى قوى سياسية حقيقية ليس لان حجمها وتعداد سكانها لا يسمح لها بذلك بل لان تركيبتها لم تتطور لتكسب قوى بالمجتمع خلفها فالكويت وقطر والامارات تعتبر دولا اقتصادية قوية ولكنها سياسيا ضعيفة امام المد السعودي والذي قد يلتهمها ويبتلعها او يحولها الى ولايات سعودية. وتتميز دولة واحدة كالبحرين بالضعف السياسي والاقتصادي معا لذلك لم تستطع ان تصمد امام ثورتها الشعبية دون استحضار القوات السعودية تحت مظلة درع الجزيرة كغطاء لتدخل سعودي سافر في شأن محلي بحريني. وبعد ان اعطت الولايات المتحدة الامريكية الضوء الاخضر لهذا التدخل وقايضته بتدخلها تحت مظلة الشرعية الدولية والناتو والجامعة العربية في الشأن الليبي نجد ان هيمنة السعودية على البحرين قد اكتملت وتوجت بوجود آلة عسكرية سعودية في ازقة المنامة وقراها حيث تتم عملية حجر وتطويق لمعظم شعب الجزيرة الصغيرة. فكانت البحرين اول غنيمة سعودية على خلفية انحسار تأثيرها في الفضاء العربي الفسيح رغم انها تحاول جاهدة ان تحتل بقعة على خارطة شمال افريقيا حاليا من خلال تبنيها لثورة ليبيا وربما يكتشف ثوار ليبيا بعد فوات الاوان معنى التدخل السعودي في شأنهم الداخلي ويدفعون ثمنا باهظا تماما كما يدفع شعب البحرين في المرحلة الحالية. اما الكويت فقد بدأت بالفعل التململ من الثقل السعودي خاصة وانه دوما يدخل من باب مساندة الحكام على حساب المجتمع ومن باب اخطر بكثير وهو باب الطائفية البغيضة. لا تسلم اي بقعة في العالم ان امتدت اليها اليد السعودية الخارجية وقد بدأت تتضح ملامح التأزم والتشنج الطائفي ليس فقط بين السعودية وشرائح من المجتمع الكويتي بل بين الكويت والبحرين بسبب تصعيد الخطاب الطائفي السعودي وتفشيه في اذاعات وقنوات اعلامية وجرائد محلية تخلت عن كل معطيات الوطنية والانتماء الى الارض لتحقن المجتمعات بحقن البغضاء والاقتتال الطائفي وان كانت هذه الدول الخليجية قد تمكن منها داء الفوبيا الايرانية الا ان الواقع يعكس ان الخطر الحقيقي يأتي من التصعيد الطائفي وخاصة ان هذه الدول لم تكن يوما ما متجانسة على المستوى الشعبي بل هي بوابات خليجية ومرافئ اقتصادية لها باع طويل بالاتجاه نحو البحر واقتصاده مما ادى الى موزاييك اجتماعي قبلي ديني وعرقي مختلف ومتباين لو قدر له ان يتطور لكان نمطا مشرفا من انماط العولمة البشرية وانصهار الاجناس والاعراق بدلا من ان يصهر بالقوة ويعجن بالعنف حتى يغطي تعددية كانت في الماضي من عوامل القوة والابداع وليس الضعف. ستأتي مرحلة الهيمنة السعودية مصحوبة بعنف ثقافي وحقيقي على الارض ناهيك عن عنف ديني يختزل سكان الخليج بمنظومات لم تصلح ولم تحتو التعددية في داخل الجزيرة العربية ناهيك عن شواطئها الفسيحة والتي احتضنت في الماضي ثقافات وابداعات اقتصادية من صيد اللؤلؤ الى السفن الشراعية التي ابحرت الى شرق آسيا وسواحل افريقيا. اما قطر وان كانت اليوم تتصدر عملية انتقائية لدعم الثورات العربية من خلال اعلامها القوي الا انها تظل تتوجس من الهيمنة السعودية والتي ربما تكون قطر قد اجلت تفعيلها الى المستقبل لكن المواجهة قد تحدث خاصة وان السعودية تستطيع ان تقصم ظهر قطر من خلال اللعب على وتيرة القبلية تماماً كما حدث عندما تأزمت العلاقة مع الشقيقة الكبرى وربما ان القواعد العسكرية في البحرين وقطر تمثل حماية ليس من ايران، وانما من المد السعودي المرتقب تماماً كما كانت البحرية البريطانية في مطلع القرن العشرين تمثل ضمانة لمشيخات الخليج ضد المد السعودي المتكرر على المرافئ الخليجية. وتبقى عمان كحالة خاصة اذ انها اضعف اقتصادياً من السعودية لكنها تبقى سياسياً اقوى بكثير خاصة وان مفهوم الدولة فيها له بعد تاريخي عميق يرتبط بثقافة دينية تختلف تماماً عن السعودية وقد تنجو عمان من المد السعودي رغم ضعفها الاقتصادي بسبب ارثها الحضاري التاريخي وتطور مفهوم الدولة شعبياً واجتماعياً رغم انها حالياً قد تكون في مرحلة انتكاسة سياسية. سيظل ارثها القديم جاهزاً للتفعيل عند اي خطر يهدد امنها وسيكون هذا الارث هو صمام الامان الذي سيعود اليه المجتمع عند تعرض الدولة لاي هزة وستتدارك عمان الخطر القادم من الخارج والداخل تماماً كما تداركته في العصور القديمة. ويبقى اليمن رغم ضعفه الاقتصادي صرحا لا يمكن ابتلاعه بالسهولة التي يعتقدها البعض فهو يشترك مع عمان في ارث الدولة القديمة ومفهومها وتأصلها في مجلدات ضخمة وملفات قديمة قدم شعبها. هذا الارث لم يكن ارث مئة او مئتين سنة بل هو مرتبط بحضارة قديمة سبقت الاسلام ومن ثم تمت اعادة صياغته خلال القرون الاسلامية. ورغم ان المساعدات الاقتصادية واستقطاب النظام السعودي لشرائح قبلية وغير قبلية والتلاعب بنسيجه الديني خلال العقود الماضية معروف ومؤصل الا ان النظام السعودي لم يستطع حتى هذه اللحظة ان يدخل اليمن في منظومة الولايات السعودية المتحدة ويظل اليمن كما عمان المعادلتين العصيتين في المخطط السعودي بتركيبة النظام السعودي الحالية ومقاومته لاي اصلاح سياسي حقيقي في الداخل يظل مشروع ولاياته المتحدة مشروعاً مشبوهاً يحمل في طياته الكثير من المخاطر والانزلاقات وان كان هدفه الاول والاخير حماية عروش تدين له بالولاء والتبعية الا ان تبعياته الاجتماعية والسياسية والثقافية ستكون اكثر هدماً وسلبية. ومنها أولا: تمزيق المجتمعات الخليجية الصغيرة بفتنة طائفية خاصة وان المخطط السعودي يتمثل باجهاض اي تحرك سياسي تحت ذريعة انه ينبثق من الطائفة الشيعية تماماً كما حصل في البحرين متجاوزاً بذلك ان الاكثرية السكانية في البحرين هي اكثرية شيعية تحكمها اقلية سنية. ورغم ان ولاء الشيعة في الخليج لدولهم وليس لايران تماماً كما هو حال الشيعة بالكويت حيث انهم اثبتوا انهم من اكثر الشرائح ولاء لحكام المدينة تماماً كما هو الحال في عمان حيث تتمتع الشريحة الشيعية برخاء اقتصادي ومناصب مهمة ويظل ولاؤها لدولتها وليس لعنصر خارجي وهكذا كانت وستظل كذلك. اما في دول اخرى فسيجد المد السعودي فسحة في ثاني المخاطر وهو الانزلاق امام التعصب القبلي واثارة نعراته من خلال طوابير تجيشها يد النظام السعودي ضد مجتمعها والذي احتضنها منذ قديم الزمان. فالقبلية كالطائفية هي اسلحة سعودية تحركها يد النظام وموارده الاقتصادية وثالثاً سيكون للمد السعودي اثر خطير وهو يتعلق بتطور المجتمع المدني الخليجي حيث ان دخول السعودية على الخط سيعيده الى الوراء فيتقهقر الاصلاح في هذه الدول تماشياً مع الحالة السعودية والتي لا تقبل ان تكون نشازاً في الجزيرة العربية بل تفضل ان تكون النمط المعتمد والقدوة السيئة. لا تخاف السعودية من شيء اكثر من خوفها ان تتطور دول الخليج سياسياً وتنمو تجاربها فينفتح عليها باب من ابواب جهنم تصيب عدواه الداخل السعودي. ومن هذا المنطلق جند النظام السعودي نفسه لخنق مبادرات اصلاحية سياسية في دول كالكويت منذ فترة طويلة ناهيك عن دعم اكثر الشرائح رجعية على حساب القوى الوطنية وجعلها كطوابير يكون ولاؤها للشقيقة الكبرى على حساب ولائها لمجتمعها وظروفه الخاصة وان فرحت الشرائح الحاكمة بالدعم السعودي الا ان اي دعم خارجي يأتي على حساب مصالح المجتمعات وليس في مصلحتها في نهاية المطاف. ‘ كاتبة واكاديمية من الجزيرة العربية http://www.madawialrasheed.org/index.php/arabic/more/251/ — 

 

أعداد أخرى مُتاحة