TUNISNEWS
8 ème année, N° 2868 du 31.03.2008
السبيل أونلاين: التقرير الصحفي الأسبوعي الثاني عشر
يو بي أي: خسر دعوى قضائية فأضرم النار في نفسه
رويترز: نكهة مغربية تطغى على اختتام مهرجان الموسيقى التونسية
واس: المياه في تونس
فهمي هويدي: سيناريو قـرأتـه مـن قـبـل !!
عادل القادري: حول إلغاء عقوبة الإعدام : لا سلطة تشريعية بلا مبادرات نيابية
سليم الزواوي: التعديل الدستوري لترشحات رئاسة الجمهورية: خطوة أخرى في الاتجاه الصحيح
راشد الغنوشي: هل ستتصالح دول العرب مع شعوبها أم مع إسرائيل؟
مصطفى الكيلاني: الفكر الاجتهادي والسؤال المستقبلي
عبد الرزاق عبد الواحد: يا نـائي الـدار
محمد الطيب حمدوني: حرج على الأعمى!؟
مهاجر تونسي بإيطاليا «يفرّغ قلبـه» للأسبوعي: «السلطات الإيطالية اِفتكت مني عائلتي لـ«تربيتها» فتحوّل إبنيّ إلى قاتلين وزوجتي المسلمة اِرتدّت عن الإسلام!»
المصور: الأدوية الطبيعية في تونس: «الهندي» لتقوية جهاز المناعة و«الدّفلة» للقلب
مدونة « خيل وليل »: ندوة الطريق الجديد حول غرامشي: علاش غرامشي اليوم؟
الحياة: الجزائر: معلومات عن إحباط محاولة جديدة لاغتيال بوتفليقة
القدس العربي: المغرب يتنبي استراتيجية جديدة تجاه الحركة الإسلامية شبيهة بإستراتيجية مصر تجاه الاخوان المسلمين
قدس برس: إعلاميون عرب يؤسسون موقعاً هو الأول من نوعه لأخبار الدنمرك بالعربية
الجزيرة.نت: « كنت نصرانيا »: حكاية شابين مع الإنجيليين في الجزائر
ا ف ب: المحكمة الدستورية تعتبر الشكوى لحظر الحزب الحاكم في تركيا مقبولة
د. محمد نورالدين: «كهنة» الديمقراطية والعلمانية في تركيا
صبحي حديدي : من ماي لاي إلي حديثة : ثقافة المجزرة
عمرو حمزاوي: قراءة أوروبية لتحولات المجتمعات العربية
(Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (
(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)
أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين لا تزال معاناتهم وماساة عائلاتهم متواصلة بدون انقطاع منذ ما يقارب العقدين. نسأل الله لهم وللمئات من الشبان الذين اعتقلوا في العامين الماضيين ف رجا قريبا عاجلا- آمين
21- رضا عيسى
22- الصادق العكاري
23- هشام بنور
24- منير غيث
25- بشير رمضان
|
16- وحيد السرايري
17- بوراوي مخلوف
18- وصفي الزغلامي
19- عبدالباسط الصليعي
20- لطفي الداسي
|
11- كمال الغضبان
12- منير الحناشي
13- بشير اللواتي
14- محمد نجيب اللواتي
15- الشاذلي النقاش/.
|
6- منذر البجاوي
7- الياس بن رمضان
8- عبد النبي بن رابح
9- الهادي الغالي
10- حسين الغضبان
|
1- الصادق شورو
2- ابراهيم الدريدي
3- رضا البوكادي
4-نورالدين العرباوي
5- الكريم بعلوش
|
التقرير الصحفي الأسبوعي الثاني عشر – الجزء الأول
السبيل أونلاين – التقرير الصحفي
ردّ على المناداة بهوية تونس القرطاجية والفنيقية كتب استاذ علم الإجتماع محمود الذوادي بصحيفة الصباح التونسية بتاريخ 3 مارس 2008 حول مناداة البعض بالهوية الفنيقية والقرطاجية للشعب التونسي . يشير الكاتب إلى ان قضية الإنتماء الهوياتي للمجتمع التونسي الحديث طرحت منذ بداية الإستقلال على القيادة السياسية التونسية بقيادة الرئيس السابق الحبيب بورقيبة الذى اختلف مع جمال عبد الناصر المنادى بقوة لصالح الهوية العربية لكل الشعوب العربية . يؤكد الكاتب ان أسبقية حضور الحضارة القرطاجية والفنيقية على الأرض التونسية لا يعنى أسبقيتها في تحديد هوية المجتمع التونسي , فالعوامل المحددة والحاسمة اكثر لهويات الشعوب والأمم ليست العوامل المادية كالإرث المعماري ونوع الطعام والشراب واللباس بل العوامل الرمزية الثقافية مثل اللغة والدين والفكر والأساطير التى تحملها الحضارات البشرية عبر العصور . فلو كان الأصل العرقي هو العامل الحاسم في تكوين هوية الشعوب لما كان ممكنا تكوين أمم وشعوب تتألف من خليط من السلالات والأعراق البشرية المتنوعة والمتخلفة مثل الشعب التونسي او الأمريكي أو الفرنسي . ورغم اختلاف الفئات المكونة لتلك الشعوب وغيرها في ألوان بشرتها وانواع وألوان شعرها وقصر وطول قامتها , فإن أفرادها يعتبرون أنفسهم بطريقة عفوية وجماعية أنهم ينتمون إلى شعب واحد . فاللغة العربية والدين الإسلامي واللغة الفرنسية والدين المسيحي الكاثوليكي واللغة الأنكليزية والدين المسيحي البروتستانتي هي العوامل المحددة على التوالي لهوية المجتمع التونسي والفرنسي والأمريكي .
برهان بسيس وحق الشابي في الترشح للإنتخابات الرئاسية كتب برهان بسيس الناطق غير الرسمي بإسم السلطة التونسية في صحيفة الصباح التونسية بتاريخ 27 مارس 2008 معتبرا أن الشابي احتكر منفردا اعلان السخط والرفض لمشروع التعديل الدستوري الخاص بشروط الترشح للإنتخابات الرئاسية القادمة . واتهم الشابي بالتشنج وانه إختصر حزبه ( الذى يمكن له ترشيح غيره حسب بسيس ) في شخصه وان كل مشاريع هذا الحزب وتصوراته وبرامجه لا تساوي شيئا أمام رغبة الشخص في أن يترشح مهما كان الثمن ونسي أو تناسى الكاتب ما يحصل مع الرئيس الحالي بن علي الذى ظل على الدوام مرشح الحزب الحاكم دون غيره . واعتبر بسيس ان السلطة في تونس قوية وان الرئيس قوي وممسك بكل خيوط المشهد السياسي دون أن يذكر الوسائل التى يعتمدها الرئيس للسيطرة , وأضاف بأن الحزب الحاكم قوي أيضا بقدرته الخارقة على التعبئة ( عبر إستخدام وسائل الدولة طبعا ) وان هذه السلطة لا يمكن أن ترتجف خوفا من ترشح نجيب الشابي للرئاسة لكي تخصص له التفكير والمناورة في التشريع والقانون لكي تقصيه هو بالذات من السباق الرئاسي , ويعتقد بعض المراقبين أن السلطة تخشى من أن يحقق الشابي رصيدا شعبيا يحرجها بعد الإنتخابات المقررة العام القادم مع تأكيدهم على أن فوزه غير وارد على ضوء المحافل الإنتخابية التى حدثت في البلاد منذ عقود . واضاف بسيس متهما الشابي بأنه أحد بارونات السياسة الذى انتهى عهدهم لأنه انتهى عهد الإقطاع السياسي في تونس بحسب تعبيره , ولا شرعية رمزية إلا لمن كافح فجاء بالإستقلال أو أقدم بشجاعة وحقق الإنقاذ في إشارة لبورقيبة وبن علي . وأضاف ساخرا بأنه ما دام الشابي قد اعلن عن نفسه رمزا فإنه وبإعتبار انتهاء عهد الرموز يساند ترشحه لتقديم شهادته في مركز التميمي لأبحاث الذاكرة الوطنية .. !!!
صحفية جزائرية تكشف حقائق التنصير في الجزائر كتبت الصحفية الجزائرية فضيلة مختاري بصحيفة الشروق الجزائرية بتاريخ 30 مارس 2008 عن حقائق مذهلة تتعلق بأساليب المنصرين بالجزائر . ومن أهم الأساليب تقديم النصرانية كدين سلام والإسلام كدين ارهاب وأن المسلمين هم من أدخلوا الجزائر في عشرية الدم , وأن في المسيحية الأخطاء تغتفر وفي الإسلام الأخطاء تساوي جهنم وأن النبي عيسى عليه السلام صلب من أجل خطايانا نحن البشر . وكشفت الصحفية عن مواقع نشاط المبشرين التى تتركز في منطقة القبائل , كما كشفت بعض الأماكن التى تتحول يوم الجمعة إلى كنائس مستغلين تفرغ المسلمين للعبادة ليقوموا بآداء طقوصهم الدينية . وقد ذكرت الصحيفة أنه تم احصاء دخول أكثر من 250 شخص إلى النصرانية في الفترة الأخيرة منها عائلة بأكملها مكونة من الأب والأم والأبناء إلى الجدة والجد وذلك في منطقة البويرة . وكشفت الصحيفة ايضا أن كل من يذهب إلى الكنيسة بولاية بجاية يحصل على مبلغ مالي قدره 1000 دينار جزائري مقابل آداءه الصلاة يوم الجمعة لعدة أسباب منها ضمان توافد المتنصرين الجدد في مثل هذا اليوم بالذات كدلالالة على تركهم الإسلام .
موقع أنترنت يقرر ايقاف بث شريط معاد للإسلام حسب وكالة الأنباء الفرنسية التى نشرت الخبر بتاريخ 29 مارس 2008 فقد قرر المشرفون على موقع LiveLeak البريطاني إيقاف بث فيلم « فتنة » لصاحبه النائب الهولندي المتطرف Geert Wilders وذلك بسبب تهديدات وجهت للمشرفين على الموقع المذكور يوم الجمعة الماضي . وعبر مشرفو الموقع عن حزنهم لإيقاف البث معتبرين أن أمن العاملين في الموقع أهم عندهم من حرية التعبير مؤكدين أنهم تلقوا تهديدات جدية لم تترك أمامهم خيار آخر غير إيقاف بث الشريط . علما بأن موقع Youtube لا يزال يبث الشريط المسيء للإسلام . وقد عبّر الوزيرالأول الهولندي عن إدانته لبث هذا الشريط كما أدان الشريط ايضا الأمين العام للأمم المتحدة , في حين دعا مسؤولون داخل الجالية الإسلامية بهولندا العالم الإسلامي إلى الهدوء والرد المسؤول على الإستفزازات الموجهة للإسلام والمسلمين كما عبرت الكثير من الأوساط الإسلامية عن تجاهلها للشريط الذى أكد مراقبون أنه كان ضعيفا جدا على كل الصعد سواء من الناحية التقنية أو من ناحية السيناريو والإخراج , وعبر أحد ممثلو الجالية الإسلامية في هولندا أن اليميني المتطرف لم يحسن إتقان الكذب على الإسلام . من جهتها أصدرت الرابطة الإسلامية شريط تحت إسم » المفتنون » ظهر فيه النائب الهولندي المتطرف إلى جانب وزير الحرب الصهيوني باراك .
شعارات عنصرية تهدد المسلمين بالقتل في أسلو كتبت الصحفية النرويجية Diama Badi بصحيفة Dagbladet بتاريخ 30 مارس 2008 عن الشعارات التى بدأت تغزو بعض جدران بعض الأحياء التى يقطنها الأجانب بمدينة أسلو النرويجية. ومن ضمن تلك الشعارات » أقتلوا المسلمين » , “ النرويج للنرويجيين » . وخلال الأسبوع المنقضي كانت العديد من الجدران بشارع Welhavens gate بأسلو مملوءة بالشعارات العنصرية . يقول ابراهيم أحد سكان المنطقة أنه خلال الست سنوات الأخيرة حصلت حملة الشعارات 20 مرة على الأقل ولكن هذه المرة زادت مضامين الشعارات حدة اذ تضمنت تهديدات بالقتل . واكدت الصحفية انها حاولت الإتصال بشرطة المنطقة لمعرفة رايها في الحادث غير أنها لم تحصل على أيّ تعليق .
الإتحاد العام لطلبة تونس يعقد مؤتمره خلال الشهر المقبل كتب نجيب سامي بصحيفة Le Temps بتاريخ 29 مارس 2008 أن المؤتمر 25 للإتحاد العام لطلبة تونس سيعقد أيام 25 و26 و27 أفريل 2008 في كلية العلوم ببنزرت وذلك حسب المكتب التنفيذي للمنظمة النقابية الطلابية المنعقد بتاريخ 27 مارس الماضي . وسيعقد المؤتمر تحت شعار » من أجل إتحاد في خدمة الطلاب وجامعة في خدمة الأمة » . ويحاول المؤتمر القادم توحيد كل التيارات داخله خصوصا أولائك المنتسبين إلى بعض المجموعات اليسارية المنسحبة خلال فترة الإعداد للمؤتمر . وقد قرر المكتب التنفيذي تجميد نشاط منير خير الدين امين مال الإتحاد في انتظار قرار المؤتمر بشأنه .
تدهور ظروف إعتقال الصحفي سليم بوخذير كتبت لويزا توسكانا Luiza Toscana في نشرية » تونس نيوز » الإكترونية – القسم الفرنسي – عن الظروف القاسية التى يعرفها الصحفي سليم بوخذير منذ الزج به في السجن المدني بصفاقس. فما انفك الصحفي بوخذير يحتج على ظروف السجن التى يعيشها من ضيق الغرفة وغياب التهوئة والإنارة وانقطاع المياه المتكرر . وخلال الزيارة التى قامت بها زوجته يوم 28 مارس الماضي علمت منه أن ظروف سجنه قد ازدادت سوءا وأصبح يجد مشاكل في التنفس ناتجة عن اصابته بالربو .
السبيل أونلاين , بتاريخ 31 مارس 2008
الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات دعــــــوة
يسعد الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات دعوتكم لحضور اللقاء الذي تنظمه حول كتاب وسيلة تمزالي الذي نشر بقاليمار في 2007 :
» التربية الجزائرية » من الثورة إلى العشربة السوداء
يقوم بتقديمه كل من لطيفة لخضر و لطفي المدني وذلك يوم الجمعة 4 إفريل 2008 على الساعة الخامسة بمقر الجمعية. عن الهيئة المديرة الرئيسة
خديجة الشريف 67، شارع الحرية 1002 تونس – ص ب 107 حي المهرجان 1082 تونس Tél: (216)71831135 Fax: (216)71831525 Email : femmes_feministes@yahoo.fr
خسر دعوى قضائية فأضرم النار في نفسه
تونس – يو بي أي: لم يتملك شيخ تونسي في السبعين من عمره نفسه عندما خسر دعوى قضائية فعمد إلى سكب البنزين على جسده وأضرم النار فيه. وذكرت صحيفة »الصريح« التونسية المستقلة أمس إن هذا الشيخ سبق له أن رفع قضية إلى المحكمة لاسترداد ملكية منزل كان منذ سنوات محور خلاف بينه وبين أحد أقاربه. وأشارت الى أنه فوجئ بالحكم النهائي الذي أعلنه القاضي, حيث جاء معاكسا لما يريد, عندها أصيب بصدمة كبيرة جعلته يضرم النار في نفسه. وقد تمكن عدد من الجيران من إخماد النار التي أتت على جزء كبير من جسده, ونقله الى المستشفى, حيث يرقد حاليا في قسم العناية المركزة. (المصدر: صحيفة « السياسة » (يومية – الكويت) الصادرة يوم 31 مارس 2008)
نكهة مغربية تطغى على اختتام مهرجان الموسيقى التونسية
تونس (رويترز) – منح خمسة من أبرز نجوم الاغنية في المغرب العربي الفرصة للجمهور التونسي لتذوق نكهة الموسيقى المغاربية من جديد حينما اجتمعوا مساء الاحد لأول مرة ضمن حفل اختتام مهرجان الموسيقى التونسية. وشارك في حفل اختتام مهرجان الموسيقى بقصر الرياضة بالمنزه ثلة من النجوم المغاربة يتقدمهم الجزائري ايدير والمغربي عبد الهادي بلخياط. وانتشى الجمهور بملاقاة نجوم المغرب العربي الذي شدوا ببعض من اغانيهم المعروفة بحضور وزير الثقافة التونسي محمد العزيز بن عاشور. وتم اثناء الحفل توزيع الجوائز على فنانين تونسيين شاركوا في مسابقة المهرجان الذي بدأ يوم الخميس الماضي. نال الجائزة الاولى وقيمتها 12 الف دولار الفنانة غزوة ابراهيم عن أغنية « انا لاأنام » بينما حصلت مروى قريعة على الجائزة الثانية وقيمتها 10 الاف دولار عن أغنية « اول حب ». وانطلق الحفل بوصلات للموسيقي الليبي حسن العريبي الذي قدم بعض أغاني من موسيقى « المألوف » الليبية قبل ان يصعد المغربي بلخياط على المسرح وسط تفاعل الجمهور. وبدا بلخياط منتشيا وهو يردد أغنيته الشهيرة « يا بنت الناس انا فقير ودراهمي معدودة.. انما عندي قلب كبير بحر شطئانو ممدودة ». ويعتبر بلخياط أحد اشهر فناني المغرب واشتهر منذ بداياته في السبعينات بعدة اعمال يحفظها الجمهور العربي مثل « محبوبي » « قطار الحياة ». وقالت سنية مبارك مديرة المهرجان ان « الهدف من هذا الحفل هو الاحتفاء بالاغنية المغاربية وتكريم هؤلاء النجوم الذي قبلوا تقديم المساندة للفنانين التونسيين ». ونقلت الفنانة التونسية نبيهة كروالي الجمهور الحاضر الى لون تراثي من الجنوب التونسي مقدمة باقة من اغانيها من بينها « هز عيونك و »اش عجبك فيها » قبل ان يلهب نجم السهرة ايدير المدرجات عند صعوده على المسرح. وايدير من قرية ايت الحسين بالقبائل الجزائرية وهو الوجه الأبرز للاغنية الامازيغية وأصبح يتمتع بصيت عالمي واشتهر بعدة اغاني. وغنى ايدير « فافي نوفا » وهي الاكثر رواجا بين جمهوره و »ازوا » قبل ان تختتم معلومة بنت الميداح من موريتانيا الحفل. (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 31 مارس 2008)
تونس – واس – افادت دراسات متخصصة ان درجة ترسب النيترات فى المياه بمناطق الشمال التونسي تتجاوز الـ80 ملغ في اللتر الواحد وهى تفوق الدرجة المسموح بها التى تتراوح بين 45 و50 ملغ في اللتر. واشارت الى ان ترسب الملوحة كذلك يثير اشكالا في بعض المناطق التونسية حيث لاينبغى ان تتجاوز النسبة في مياه الشرب 5ر1غ للتر الواحد . ووفق الدراسات فإن نصيب الفرد من المياه في تونس يبلغ 450 مترا مكعبا في السنة وسيكون في حدود 315 مترا مكعبا عام 2030 بسبب الزيادة الديمغرافية المنتظرة / 13 مليون ساكن عام 2030 / وبسبب محدودية الموارد المائية لتونس . وتتوزع استعمالات المياه في تونس بنسب متفاوتة بين مياه الشرب والاستهلاك الفلاحي والصناعي والسياحي .. وتحظى الفلاحة بالنصيب الاكبر في استهلاك المياه كما يشهد الاستهلاك الصناعي زيادة متواصلة ستصل الى 7 في المائة عام 2030م . (المصدر: وكالة الأنباء السعودية (واس) بتاريخ 31 مارس 2008)
سيناريو قـرأتـه مـن قـبـل !!
فهمي هويدي
في تونس أيضا « ترزية » قوانين وليس في مصر وحدها، بل في كل بلد « ترزية » برعوا في ابتكار الأساليب التي تفـصـّل القوانين على قد الحكام وهواهم، لكننا لابد أن نعترف لمصر « بالريادة » في هذا المجال، حيث تدل مختلف الشواهد على أننا علمناهم « الحياكة » فصاروا على دربنا، لكنهم لم يسبقونا، حتى الآن على الأقل. قبل يومين أعلن الرئيس التونسي ـ زين العابدين بن علي ـ الذي يحكم بلاده منذ عشرين عاما عن تعديل للدستور، يفتح الباب لترشيح أكثر من واحد للانتخابات الرئاسية التي تجري في العام القادم. كان رجال الرئيس « بن علي » في حزب التجمع الدستوري الديموقراطي، الحاكم، قد قاموا بتعديل الدستور ليسمح بانتخاب الرئيس عدة مرات، بدلا من مرتين، ويتحدث هؤلاء عن ضرورة ترشح الرئيس « بن علي » للانتخابات المقبلة، ولكنه لم يعلن رسميا عن قبوله لمطلبهم، الأمر الذي جعل الحزب يناشده في كل مناسبة أن يعلن قراره بهذا الخصوص. وهي الحيلة التي خبرناها ونعرفها جيدا، وطبقت في اليمن العام الماضي، وبمقتضاها يظل الرئيس متمنعا ـ وكأنه متردد في خوض الانتخابات ـ وكلما طالت فترة صمته وتمنعه كلما ازداد إلحاح الأعوان على ضرورة ترشحه، وفي نهاية المطاف، وقبل إغلاق باب الترشح بيوم أو بعدة ساعات، يعلن الرئيس أنه استجاب لمطالب الجماهير ونزل على رغبتهم، وقرر الترشح وفاء للعهد الذي قطعه على نفسه منذ لحظة ميلاده بأن يظل خادما للشعب حتى آخر رمق. في مناسبة الذكرى السنوية الثانية والخمسين لعيد الاستقلال، ألقى الرئيس التونسي خطابا دعا فيه إلى إدخال تعديل دستوري يتيح لزعماء الأحزاب المرخص لها ترشيح زعمائها للانتخابات الرئاسية …. ويشترط الدستور في صيغته الراهنة أن يكون المرشح مدعوما من ثلاثين نائبا أو رئيس بلدية .. وهو شرط غير متاح إلا للتجمع الدستوري الديموقراطي الحاكم، الذي يسيطر على 80% من مقاعد البرلمان. وفي خطابه الأخير، تحدث الرئيس « بن علي » عن دعوته إلى توسيع التعددية السياسية، وتعميق الديموقراطية، ومن ثم اقتراحه فتح باب الترشيح أمام جميع رؤساء الأحزاب الشرعية المجازة، دون التقيد بشرط الحصول على تأييد 30 نائبا منتخبا، وأن يكون قد مضى عامان على شغله منصبه في الحزب، ومن بين التعديلات الأخرى التي اقترحها الرئيس التونسي خفض سن الاقتراع إلى الثامنة عشرة، وهو ما سيسمح باشتراك نصف مليون شاب تونسي في الانتخابات القادمة، ومن التعديلات أيضا دعوته إلى تخصيص ثلاثين في المائة من مقاعد البرلمان والمجالس المحلية للنساء. بدا واضحا من التعديلات المقترحة، أن الرئيس « بن علي » لم يضع قيودا إلا فيما يخص المرشحين لرئاسة الجمهورية، في حين فتح الباب على مصراعيه لمشاركة الشباب، وشجع كثيرا مشاركة المرأة في البرلمان والبلديات، ومن ثم كان السؤال الذي أثارته التعديلات المقترحة هو: لماذا اشترط أن يكون المرشح المنافس على رئاسة الجمهورية رئيس حزب منتخبا، وأن يكون قد قضى سنتين في منصبه؟ لم يكن أحد من المتابعين للشأن السياسي بحاجة لأن يبذل جهدا لمعرفة الإجابة التي يعرفها الجميع، ذلك أن المرشح العنيد الذي يمكن أن يشكل منافسا قويا للرئيس « بن علي » هو الزعيم المعارض أحمد نجيب الشابي، الذي كان أمينا عاما للحزب الديموقراطي التقدمي حتى شهر ديسمبر 2006، لكنه تخلى عن منصبه لقيادة جديدة في الحزب. وفي الشهر الماضي، أعلن الشابي عن عزمه ترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية المقبلة. وبدأ بالفعل حملته الانتخابية لحشد التأييد لصالحه، حتى إنه كان في جولة بجنوب البلاد لهذا الغرض، حين ألقى الرئيس « بن علي » خطابه، من ثم فإنه اشترط أن يكون المرشح المنافس في الانتخابات الرئاسية في موقع رئاسة الحزب، أدرك الجميع أن هذا الشرط وضع خصيصا لإقصاء الشابي، وفتح الباب لمرشحين آخرين ضعاف يمكن أن يصبحوا أصفارا إلى جانب الرئيس « بن علي ». حين شاهدت المصفقين يهللون لمقترحات الرئيس « بن علي » ويمتدحون عزمه على توسيع الديموقراطية في تونس، قلت إن هذا السيناريو قرأته من قل. وأن مشاهد الفلم مقتبسة بالكامل، لم يتغير فيها سوى أسماء الممثلين وأظن أنني لست وحيدا في ذلك. (*) كاتب ومفكر من مصر (المصدر: صحيفة « الدستور » (مصر) بتاريخ 24 مارس 2008)
التعديل الدستوري لترشحات رئاسة الجمهورية: خطوة أخرى في الاتجاه الصحيح
وضع خطاب رئيس الجمهورية بمناسبة الاحتفال بعيد الاستقلال النقاط على الحروف بخصوص الانتخابات الرئاسية القادمة منهيا بذلك جدلا عقيما حول سناريوهات الترشح لرئاسة الجمهورية، جدلا جنح أصحابه إلى تحويل أحلام اليقظة الى ما يشبه الواقع الافتراضي في عملية استباقية و ان تمت مسرحتها بعناية فقد أفضت بأصحابها و المراهنين عليها الى نوع من القفز في الفراغ. لا نريد أن ننزل القانون الاستثنائي المزمع اقراره لتنظيم الانتخابات الرئاسية في سياق سجالي مع أطراف نتمنى أن تعيد حساباتها على ضوء معطيات الواقع السياسي و ما يحفل به من امكانيات و فرص لمزيد اثراء تجربة الانتقال الديمقراطي التي تشق طريقها في بلادنا بثبات و تدرج و مسؤولية، فالقانون الجديد و ان بدا في تصور البعض ساحقا لطموحاتهم الشخصية، فإن المصلحة الوطنية تقتضي نكران الذات أمام الصالح العام خصوصا و ان فحوى القانون الجديد واضح في توجهه نحو توسيع دائرة المشاركة في الانتخابات الرئاسية لتشمل شخصيات و وجوها تعتبر نفسها الأكثر حسما و جذرية في معارضة النظام و مواجهة السلطة. يفترض بالمعارضة الجادة و المسؤولة، أن تثمن مبادرة رئيس الجمهورية لفتحه الباب من جديد على المنافسة في الانتخابات الرئاسية و لتوسيعه لمجال المشاركة أمام من طالبوا يوما ما بتنحيته عن الحكم، هذا السلوك الديمقراطي من لدن أعلى هرم السلطة يعزز من ثقتنا في المسار الاصلاحي و التمشي العقلاني الذي يجعلنا مطمئنين الى أننا نتقدم كل يوم خطوة في الاتجاه الصحيح رغم مفاعيل الضغط الذي تحدثه قوى الشد الى الوراء من أجل تحريف المسار عن خطه أو الرجوع به إلى الخلف. نعم قد لا يكون القانون الجديد و في وجه من الوجوه معبرا عن الاقصى من مطالب التحول الديمقراطي و ذلك بالقياس الى تجارب انتخابية في هذه البلاد أو تلك، و من هذه الزاوية يمكن التطلع الى صيغ أفضل تؤمن مشاركة أوسع، و هذا الطموح الى الأفضل و الأكمل بلا شك قاسم مشترك بين كل القوى الديمقراطية في بلادنا، غير أن الاشتراك في المثال الديمقراطي لا يمنع من الاختلاف في كيفيات تحقيقه و الاجتهاد في توخي الاستراتيجيات و تحديد الوتائر و المراحل التي تقربنا منه. انطلاقا من هذا الاعتبار المبدئي يتعين أن نتحرك بكل فاعلية و تفاؤل مع جميع الاطراف لانجاح المناسبة الانتخابية القادمة، و ليس لنا من مقياس النجاح سوى مزيد التقدم في مراكمة الاصلاحات السياسية و توطيد أركان التحول الديمقراطي المنشود عبر توسيع المشاركة السياسية أمام الفئات الاجتماعية و الشرائح الشبابية و عبر مد الجسور بين الأحزاب السياسية و الفاعليات المدنية و بين الكتل الجماهيرية الغارقة في لامبالاتها و عدم اهتمامها بالشأن العام. ان التعديلات المزمع ادخالها على المجلة الانتخابية بخصوص شروط الترشح لرئاسة الجمهورية أو بما يتعلق بتخفيض السن القانوني للناخبين الى 18 سنة، تضاف إليها التطورات المرتقبة في المجال الاعلامي كل ذلك يوفر مناخا عاما يبدو أكثر تلاؤما مما سبق لخوض تجربة انتخابية واعدة بأن تكون أكثر استقطابا للاهتمام و أوفر استجابة لشروط المنافسة الجادة و ذات المصداقية. لقد توضحت الآن و بصفة مبكرة معالم الاطار القانوني الذي ستجري في سياقه العملية الانتخابية، كما تبينت للرأي العام عناوين الأطراف المرشحة نظريا للمشاركة في التنافس على رئاسة الجمهورية، هذا الوضوح المبكر أي قبل عشرين شهرا من الموعد الانتخابي، من شأنه أن يمنح الوقت الكافي لجميع الاطراف حتى تعد نفسها تنظيميا و برنامجيا من أجل الاستثمار الجيد لمناسبة يتوقعها الجميع أن تكون بمثابة انتقال نوعي بعد تراكمات اصلاحية على الصعيد السياسي و خبرات ميدانية في عمومها ايجابية في الحقل الانتخابي. من جهتنا في حزب الوحدة الشعبية، لقد تلقينا بايجابية المبادرة التشريعية التي تقدم بها رئيس الجمهورية لتوسيع دائرة التعددية في الانتخابات الرئاسية القادمة، هذه المبادرة التي تأتي منسجمة و معززة لاجراءات سابقة نحت منحى ترسيخ و تطوير النسيج التعددي في صلب المجالس المنتخبة و الأطر الاستشارية، و لعل في هذه المكاسب المتحققة بما هي نتائج مباشرة و ملموسة لسياسات الحوار و التوافق ما يدعم صواب منهجنا التفاعلي و خطنا التوافقي و ما يحفز ارادتنا على مزيد المساهمة في ملحمة النضال الجماعي لتطوير بلادنا و التقدم بمجتمعنا. سليم الزواوي مقال صحفي من جريدة الوحدة التونسية
حول إلغاء عقوبة الإعدام :
لا سلطة تشريعية بلا مبادرات نيابية
يتابع الرأي العام المصير المنتظر للمبادرة التشريعية الهامة والجدية (شكلا ومضمونا) التي تقدم بها مؤخرا (4 مارس الجاري) نواب من المعارضة بلغ عددهم 25 نائبا في مجلس النواب قصد إلغاء عقوبة الإعدام في تونس، وقد أتت تتويجا لحراك حقيقي متراكم في صلب النخبة التونسية الحقوقية والسياسية والإعلامية بلغ أوجه سنة 2007. ولئن كان يمكن إيجاد بعض المبررات والذرائع القانونية أو السياسية لعدم قبول مبادرات نيابية سابقة فإن رفض المبادرة الأخيرة أو بالأحرى تجميدها يثير في اعتقادنا أكثر من نقطة استفهام مشروعة حول تطور أداء البرلمان التونسي. وهنا يجدر التذكير قصد التصحيح أن المبادرة النيابية الأخيرة ليست الأولى أو الثانية كما تردد في بعض وسائل الإعلام، فقد تم تقديم عديد المبادرات النيابية من نواب المعارضة منذ أول برلمان تونسي تعددي سنة 1994 نذكر منها على الأقل ثلاث مبادرات إلى جانب المبادرة التي تقدم بها في جانفي 1995 اثنا عشر نائبا يمثلون أحزاب المعارضة الأربعة الممثلة بالبرلمان آنذاك (الوحدة الشعبية والتجديد والوحدوي والديمقراطيين الاشتراكيين) لتنقيح بعض فصول المجلة الانتخابية. ولكنها جميعا لم تر النور و وئدت في المهد. فالمبادرة التي تقدم بها سنة 2001 نواب ينتمون إلى حزب الوحدة الشعبية لتنقيح مجلة الصحافة اصطدمت بنص دستوري صريح (الفصل 28) يمنح أولوية النظر إلى المشاريع الرئاسية، وكان ثمة بالفعل مشروع رئاسي لتنقيح قانون الصحافة تمت المصادقة عليه. أما المبادرة النيابية من أجل سن قانون للعفو التشريعي العام والتي تقدم بها نواب من حركة التجديد سنة 2006 فقد اصطدمت بحاجز سياسي سميك باعتبار أن السلطة لا تعترف أصلا بوجود مساجين سياسيين في تونس كما أنها تعتبر أن العفو العام الصادر سنة 1988 يبقى كافيا. ولكننا لا نرى في المبادرة التشريعية الأخيرة لإلغاء عقوبة الإعدام، أي مبرر مقنع للوقوف أمام تمرير المشروع الذي أمضى عليه خمسة وعشرون نائبا ينتمون إلى مختلف أحزاب المعارضة الممثلة بالمجلس، خصوصا والجميع يعلم أن رئيس الجمهورية لم يمض على تنفيذ أي حكم من أحكام الإعدام منذ قرابة خمسة عشر عاما وقد أعرب عن كرهه الشخصي لهذه العقوبة، وإن كان البعض يرى أن إصدار حكم الإعدام ثم عدم تنفيذه قد لا يقل قسوة وتعذيبا عن تنفيذ الحكم نفسه بالنسبة إلى المحكوم عليهم وقد نال فعلا من عقول بعضهم. وربما يمكن التخمين حول الموانع الرسمية أمام إلغاء عقوبة الإعدام في تونس وتلخيصها في عائقين، الأول ظرفي مرحلي يتمثل في مواجهة موجة « الإرهاب » الأخيرة و يبدو أن ما وقع فيه بعض الحقوقيين والسياسيين عندنا بالتركيز على حالات بعينها من أحكام الإعدام صدرت في إطار ما يعرف بقانون الإرهاب وتشكيكهم في توفر ظروف المحاكمات العادلة للمعنيين بتلك الأحكام قد يدفع السلطة (بل دفعها فعلا) إلى التمسك بموقفها المحافظ والمتحفظ إزاء إلغاء عقوبة الإعدام بصفة عامة حتى لا تعطي باعتقادها أي إشارة غير حازمة قد يساء فهمها ممن يتهمون بقلة الفهم وهؤلاء بدورهم يتمسكون أيضا بعقوبة الإعدام من منطلقات يعتبرونها « دينية ». المانع الثاني قديم متجدد ولا يبتعد كثيرا في مبرراته عن مانع تشريع المساواة في الإرث بين الجنسين. وهو يعود من جهة إلى محاولة ترك أثر ما لتمسك التشريع التونسي بشيء من التشريع الإسلامي مع تغليف ذلك بعنصر الرأي العام. وربما يستند من جهة ثانية إلى رغبة في المحافظة على نوع من التجانس الإقليمي العربي بالنسبة إلى بعض القوانين مع مراعاة مشاعر بعض الأنظمة الشقيقة كما حدث بالنسبة إلى المساواة في الإرث خلال العهد البورقيبي، فباسثناء جيبوتي لا أحد من الأقطار العربية ألغى عقوبة الإعدام، والمنطقة العربية هي من أكثر مناطق العالم تخلفا في هذا المجال الحقوقي. ومع ذلك، وبلغة المتفائلين يمكن القول، إن تفاعل الخطاب الرئاسي الأخير بمناسبة عيد الاستقلال وعيد الشباب مع هذا الموضوع لا يغلق الباب تماما أمام الأمل المعقود من العدد المتنامي للمطالبين والمطالبات في تونس بإنهاء آخر عقوبة وحشية ضد حقوق الإنسان، وإن كان المطلوب في نطاق مجلس النواب نفسه أن يكون لمكتب المجلس (ورئيسه وجميع أعضائه من الحزب الحاكم) رحابة الصدر القانونية اللازمة والكافية بما يسمح به النظام الداخلي للنظر في مشاريع القوانين المعروضة من جميع النواب بما فيهم نواب المعارضة، وهنا لا بأس من التذكير بالفصل التاسع من ذلك النظام الداخلي الذي ينص على أن « يتلقى رئيس المجلس مشاريع القوانين الواردة من رئيس الجمهورية ومشاريع القوانين التي يعرضها النواب ويسهر على تسجيلها بدفتر الضبط حال اتصاله بها. كما يوجه رئيس المجلس الى كافة النواب نصوص المشاريع . ويحيلها مع الوثائق الملحقة بها في آن واحد إلى اللجان ذات النظر وفقا للفصل 33 من هذا النظام الداخلي. ويعلم رئيس المجلس السلطة التنفيذية بالمشاريع المعروضة من النواب ». والمطلوب تطبيق هذا النص بحذافيره. لا أكثر ولا أقل، ولتعترض الأغلبية البرلمانية المنتمية إلى التجمع الدستوري الديمقراطي بكل صراحة وشفافية إن شاءت على مشروع القانون المقترح ولها الحق في ذلك، ولتنس ما شاءت من شعارات ترفعها دائما حول حقوق الإنسان والارتقاء بها وترسيخها ونشر قيمها، ولها أيضا الحق في ذلك، والأكيد عالميا أن إلغاء عقوبة الإعدام ينتصر لأول حق من حقوق الإنسان وهو الحق في الحياة. ولكن المهم أن يتم عرض مشروع القانون على الجلسة العامة ولا يبقى في أدراج مكتب الضبط أو مكتب المجلس أو رئيسه أو إحدى لجانه. أما دون ذلك فلن يكون للسلطة التشريعية عندنا أي قيمة مضافة إذا ما اقتصرت على النظر والمصادقة فقط على المشاريع التي تعرضها عليها السلطة التنفيذية. خصوصا وأن نظامنا السياسي ليس نظاما برلمانيا تنبثق فيه الحكومة من صلب المجلس. ولا هو بالنظام الرئاسي الذي يمتلك فيه البرلمان بالأساس السلطة التشريعية رغم الفصل 18 من دستورنا الذي ينص على أن « يمارس الشعب السلطة التشريعية بواسطة مجلس النواب ومجلس المستشارين أو عن طريق الاستفتاء ». وأملنا الأوسع من قبول المبادرة النيابية الأخيرة المتعلقة بإلغاء عقوبة الإعدام، هو تعزيز مكانة البرلمان التونسي ودوره وصورته في الداخل والخارج وتفعيل مسارنا الديمقراطي عموما، باتجاه بعض النماذج الديمقراطية المتقدمة التي لا تقتصر على فاعلية المبادرات النيابية بل تجاوزتها إلى مستوى قبول المبادرات الشعبية من عموم المواطنين. عادل القادري (جريدة الوحدة)
هل ستتصالح دول العرب مع شعوبها أم مع إسرائيل؟
راشد الغنوشي (*) منذ تمكنت الدول الكبرى من غرز الخنجر المسموم في قلب أمة العرب تخلصا من العبء اليهودي النفسي والاجتماعي، وتعويقا لكل محاولات النهوض والتوحد في المنطقة، ومنعا حتى من تواصلها الجغرافي، مذ ذاك احتل موضوع الصراع مع هذا الكيان القضية المركزية التي تتمحور حولها الصراعات والتحالفات وتتمايز على أساس الموقف منها الصفوف، ويستدل من خلال الجهة التي ترفع هذا اللواء على موقع القيادة الفكرية والسياسية في الأمة. لقد تتابع منذ النكبة تساقط أنظمة متهمة بالخيانة وقامت أخرى بديلا عنها رافعة لواء تحرير فلسطين، ملأت الدنيا وشغلت الناس لدهر بأهازيج التحرير، حتى إذا اختبرت في الميدان فخابت ارتحل الناس عنها بأحلامهم إلى الحركة الوطنية الفلسطينية التي حملت الراية على خلفية توجهاتها اليسارية العلمانية، فسارت بالقضية أشواطا، بلورت الشعور الوطني الفلسطيني وأحيت لديه وفي الأمة آمال التحرر. ونجحت في طرح القضية على الصعيد العالمي وفي المحافل الدولية مدرجة إياها ضمن قضايا التحرر الوطني من الاستعمار، وكانت تضحياتها جساما، إلا أن تحولات دولية وإقليمية حصلت منذ أواخر الثمانينيات زلزلت الأسس التي قامت عليها المنظمة، فتداعت قوى إسنادها، فانكشف ظهرها. وهذا ما دفعها بشكل متسارع إلى أخطر تحول، من مشروع واضح للتحرير، على غرار كل قوى التحرر في العالم، إلى مشروع غائم لشبح « دولة »، لا يزال يتقلص حتى انحصر في كانتونات معزولة لا تعدو كونها جملة من السجون، على رأسها سلطة حارسة، وظيفتها الأساسية القيام على أمن المحتل وتقويض كل شكل من أشكال المقاومة. وهكذا تحول جيش التحرير إلى شبكة أمنية ضخمة يتولى الاحتلال وحلفاؤه تدريبها وتسليحها وتمويلها للقيام بوظيفة الحراسة، يقاس استحقاقها للدعم والتمويل بمدى نجاحها في تقديم الحماية للاحتلال ومستوطناته السرطانية -دائبة التمدد- وتقويضها لكل مشروع أو محاولة للمقاومة. وعلى قدر ذلك يحدد الاحتلال نوع الامتيازات التي تقدم لرؤسائها وأسرهم في التنقل وفي فرص الإثراء ولو من طريق استيراد الإسمنت لبناء المستوطنات. كان من الطبيعي في مناخ صعود صحوة الإسلام ووصول المشروع الوطني بقيادة منظمة التحرير إلى حالة الانسداد التام واستشراء الفساد في القادة أن تنتقل راية التحرير إلى الأيدي المتوضئة التي فجرت الانتفاضة الأولى والثانية وأفصحت تربيتها الإيمانية عن مستويات فدائية أسطورية عززتها خبرات تقنية راقية، نجحت في تطوير أدوات للمقاومة هزت ولا تزال دولة الاحتلال وشعبها وجيشها « الذي لا يقهر » في العمق. لقد غدا الأمر في فلسطين على قدر كاف من الوضوح، التمايز بين قوى المقاومة والتحرير يتقدمهم الإسلاميون في حماس والجهاد، وبين جماعات وشخصيات كانت لها يوما ما ريادة في المقاومة إلا أنها تحولت بفعل التطورات الحاصلة إلى رصيد من أرصدة الاحتلال. حسمت أمرها مع المقاومة، لا تتردد في وصم بطولاتها بالعبث، متخذة من التصدي لها للفوز بكلمة استحسان من مسؤول أميركي ولو من الدرجة العاشرة، ومن التفاوض مع العدو والبحث معه عن تسوية، أي تسوية، غاية المنى ومصدر الشرعية الأعلى، مولية دبرها شيئا اسمه المقاومة أو العالم العربي. فالمستقبل هناك مع الغرب وإسرائيل! مفارقة عجيبة: يحدث هذا التهالك بحثا عن أي تسوية بينما تتفاقم أزمة الراعي الأكبر للكيان الدخيل، في العراق وفي أفغانستان وفي لبنان وفلسطين وفي الصومال وفي إيران، بفعل تصاعد قوى المقاومة ودفعها الدولة العظمى والقوى المرتبطة بها إلى أفدح الأزمات النفسية والاقتصادية والسياسية والعسكرية. كما تتفاقم أسباب تأزم دولة الاحتلال بما حققته المقاومة في لبنان وفلسطين من إطاحة بأهم مقومات وجود الكيان الدخيل، أعني قدراته الردعية التي أرهب بها جيوش العرب. وبدل أن ينعكس ذلك على صاحب القرار العربي فيجرؤ على رفع عينه في وجه الضغوط المسلطة عليه ويستعيد ما فرط من استقلال قراره كما فعلت دول أخرى في العالم: روسيا والصين والهند ودول أميركا اللاتينية مستفيدة من نجاح حركات مقاوماتنا في كسر شوكة قوى الهيمنة الدولية، لم نر لا سلطة عباس ولا دول العرب قد أفادت شيئا من إنجازات المقاومة، لا على صعيد العلاقة مع الكيان الدخيل صمودا في وجه إغراءاته وابتزازاته، ورفضا لضغوط حماته الغربيين لصالح التطبيع معه، ولا على صعيد دعم المقاومة الباسلة. بل الذي حدث هو على الضد من ذلك تماما أنه بقدر ما صمدت المقاومة أكثر وطورت إبداعاتها التقنية والعملية، فحلقت عاليا في سماء الفداء والإنجاز وعشق الأوطان بقدر ما ازدادت دول العرب تهالكا على التطبيع مع الكيان اللقيط، سرا إذا ما أمكن الجهر، مكررة وردها الذي أدمنت عليه: استجداء السلام ممن تأسس كل فكره وتاريخه وثقافته على الحرب والتدمير. ولولا الانتفاضات المتتالية والأعمال الفدائية البطولية التي أحبطت مشاريع الشرق أوسطية وكل التسويات الخادعة لكان اليوم علم المعرة والخزي لا يرفرف في ثلاث عواصم عربية فقط بل فيها كلها. شرعية التحرير والشرعية الديمقراطية: تعيش الدول العربية أزمات متفاقمة معظمها يرتد إلى أزمة الشرعية، بمعنى التوافق بين الحاكم والمحكوم، فالأحزاب التي حكمت باسم شرعيتها المستمدة من قيادتها لحركة التحرر من الاستعمار قد استهلكت بعد نصف قرن من الحكم الفردي الفاسد بقايا تلك الشرعية. وتحت ضغط المطالبات بالتغيير الديمقراطي قبلت بمسوح مفضوحة من الديمقراطية، معوّلة على الأجهزة الأمنية مصدرا فعليا للشرعية فتضاعفت في العقدين الأخيرين أعداد وميزانيات رجال الأمن في بلد مثل تونس ومصر ما لا يقل عن ستة أضعاف، مما لا يتحمل الاقتصاد الوطني عبء النهوض بتكاليفه. فكان لا مناص من الدعم الأجنبي المالي والأمني باعتبار أن الوظيفة الأمنية لهذه الأنظمة قد تحولت إلى جزء من الوظيفة الأمنية الدولية ومصالحها في هذه المنطقة: إسرائيل والنفط. لقد كانت اتفاقيات « كامب ديفد » التي نقلت مصر من دولة مواجهة للصهيونية إلى جزء من نظام دولي يحمي إسرائيل، في حاجة ماسة من أجل فرضها على شعب مصر وحمايتها، إلى التمويل، فلم يكن صدفة أن تتلقى مصر مليارات الدولارات من الولايات المتحدة ثمنا للتنازل عن جزء من السيادة وعن دورها القومي. ذلك التنازل الذي يلقى مقاومة شعبية متصاعدة تقتضي مواجهتها جيشا من الأمن لحراسة النظام وتنازلاته السيادية. وكل ذلك يحتاج إلى تمويل. ولنفس الغرض يتلقى الأردن من الولايات المتحدة كذلك مقابلا سنويا للدور الدركي الذي يقوم به بكل إخلاص في حماية الاحتلال. كما تلقى نظام القمع في تونس من القروض والهبات ما فاق أي دولة أخرى بحساب عدد السكان، فكان أول شريك يقبل في النادي الأوروبي، وذلك في أوج سنوات القمع ضد الإسلاميين وحقوق الإنسان. وهكذا تتفاقم أزمة الشرعية في الأنظمة العربية سواء منها تلك التي استندت إلى شرعية التحرر من الاستعمار أو تلك التي استندت إلى شرعية تحرير فلسطين بعد أن أجمعت كلها على الاعتراف بالكيان الصهيوني ووقفت على أعتابه تعرض عليه السلام الذليل، معلنة أن السلام هو خيارها الإستراتيجي الوحيد. وترجمة ذلك الصريحة إعلان الاستسلام. وهل لمن أعلن أنه محكوم عليه بالسير في طريق واحد خيار؟ إنه ليس للعاجز عن الحرب لاسترداد حقه من حظ غير الاستسلام. نظام عربي مطحون وطاحن: والمشكل أن النظام العربي مطحون بين غطرسة أميركية صهيونية لا تقبل بغير الاستسلام الكامل، وبين شعوبه التي يشتد التحامها بحركات المقاومة وقد جربتها، فوثقت بها، فراهنت عليها في استعادة الكرامة المنتهكة والأرض السليبة. وهكذا يزداد وضع الأنظمة التي طبّعت مع الكيان الصهيوني حرجا، كلما تصاعدت وتيرة المقاومة ردا على وحشية الاحتلال المتنمر، فيشتد غليان الشارع وضغوطه من أجل حمل الأنظمة على تمزيق الراية الصهيونية وتطهير البلد من رجسها بينما الأنظمة عاجزة عن ذلك وقد قبضت الثمن وتخشى أن يكلها النظام الدولي لنفسها ولشعوبها. وبدل أن تستجيب لضغوط شعوبها تلجأ إلى طحنها، استجابة للإرادة الدولية. ولا يختلف حال الأنظمة التي لم تطبع كثيرا فهي ما تفتأ تحوم حول الحمى مقتنصة كل مناسبة للتعبير عن حسن نواياها تجاه دولة الاحتلال وصدقها فيما تعهدت به من استعداداتها التطبيعية غير المحدودة لولا أن الظروف غير مناسبة. فترى هذا يلتمس مصافحة يد صهيونية في ردهات الأمم المتحدة والآخر يختطف قبلة في جنازة والثالث ينفض الغبار عن أجداث يهودي توفي في الزمن الغابر، فيقيم له مزارا، والرابع يتغطى بغطاء الأمم المتحدة لدعوة شارون لمؤتمر ينعقد في بلاده. كلهم يحومون حول الحمى والمشكل في دولة الاحتلال أنها من البخل والغطرسة والاحتقار لهم أن تضن عليهم بورقة توت تستر ماء وجوههم تجاه شعوبهم، فتقبل برد فتات من الحق المضيّع. ومما يزيد وضع هذه الأنظمة سوءا أنها فشلت في الاستعاضة عن شرعية التحرير بشرعية الديمقراطية، وهو فشل يبدو محتما، ما دامت هذه الشعوب الواقعة في منطقة القلب من العالم: عبرها يتم التواصل، وفي أرضها ترقد الطاقة التي تحرك دواليب الحضارة، وفي القلب فرض الكيان الدخيل بالحديد والنار، ما دامت هذه الشعوب في تقسيمها مصلحة دولية. فأي تحول ديمقراطي يطلق طاقات هذه الشعوب المكبلة والمحروسة بأضخم الأساطيل ليس من شأنه إلا أن يفرز أنظمة تستهدف بالضرورة حرق الخطوط الحمراء: توحيد هذه الشعوب، في دولة أمة على غرار كل القوميات الكبرى ويضع حدا لنهب الثروات ويلتحم بمشروع تحرير فلسطين. وكلها خطوط حمراء دوليا. وعلى الضد مما أنتجته التحولات الديمقراطية في أوروبا الشرقية التي أنجبت مواليد تشبه آباءها الغربيين الرأسماليين فإن أي تحول ديمقراطي في منطقتنا ليس من شأنه إلا أن يلد أنظمة تستهدف خرق خطوطهم الحمر، وهو ما يجعل النضال الديمقراطي في المنطقة يواجه إرادة دولية وميزان قوة متغلبا. وما حدث في فلسطين نموذج مصغر لما يمكن أن يحدث في أي قطر عربي، مما لا تزال السياسة الدولية وامتدادها الإقليمي في هم من البحث عن سبل احتوائه حتى لا تتكرر هذه السابقة. الغرب ليس إلها: وليس ذلك يعني حكما بالفشل الأبدي على عملية التحول الديمقراطي في المنطقة ما دامت مواجهة بإرادة دولية بسبب ما تهدف إليه بالضرورة من توحيد لأمة العرب وحسن توظيف لثرواتها في مشروع نهضوي وتحرير لفلسطين، وكلها خطوط حمراء. فالغرب بزعامة الولايات المتحدة ليس إلها لا راد لقضائه وإلا ما تحررت شعوب وانهزم احتلال. وليس بعيدا عنا ما تتخبط فيه الجيوش الأميركية والصهيونية والأطلسية، وهي أعظم جيوش العالم، من خسائر واختناقات على يد المقاومة الإسلامية المتصاعدة. وسينتهي الأمر لا محالة بانسحاب كل أجناد الاحتلال من أرض العرب والمسلمين واعتراف الغرب بأنه ليس إلها، فيقبل بشريعة العدل في علاقته بشعوبنا بدل شريعة القوة والغطرسة، ويقبل بحق شعوبنا في الديمقراطية على غرار كل شعوب الأرض. وعندها تحكم شعوبنا بأنظمة تختارها بإرادتها الحرة فتنجز طموحها القومي في التوحد الذي تأخر -على طريق الوحدة الإسلامية والإنسانية- وتميط عنها رجس الاحتلال الصهيوني كما فعلت بعد 200 سنة مع أسلافه الإفرنج وتستعيد سيادتها على ثرواتها لتوظفها في خدمة مشروعها النهضوي. وهكذا يبدو جليا تفاقم أزمة النظام العربي أزمة الشرعية وما تولد عنها من أزمات، بعد أن تآكلت شرعية التحرر من الاستعمار، وبعد أن فقد الاستظلال بشرعية تحرير فلسطين متهافتا على التطبيع، وبعد أن فشل في الاستعاضة عن ذلك بشرعية الديمقراطية بفعل ما يعمر شعوب هذه المنطقة من طموحات غير مقبولة دوليا. وهذا يجعل المعادلة التي تحكم هذه المنطقة مختلفة عن المعادلة التي تحكم مناطق إسلامية أخرى مثل تركيا، سواء أحكم هناك الإسلاميون أم العلمانيون، الوضع مختلف كالموقف من إسرائيل ومن الحلف الأطلسي ومن النظام الرأسمالي.. فهل الإسلاميون المتولهون بالنموذج التركي مستعدون لتقديم تنازلات مماثلة ثمنا للحكم؟ إن النظام العربي يبدو في مأزق لا مخلص منه، فهو غير قادر، بسبب تصاعد وعي شعوبه والتحامها أكثر فأكثر مع حركات المقاومة، على الاستجابة الكاملة لما هو مطلوب منه دوليا من تطبيع ومن فتح كامل للأسواق أمام النهب الدولي الذي أخذت ثمراته المرة تتكثف غضبا شعبيا وبطالة ونضوبا للموارد الأساسية للعيش بما ينذر بمجاعات وانتفاضات لا تبقي ولا تذر. كما أن النظام العربي غير قادر على مصالحة شعوبه بالاستجابة لمطالبها في دعم المقاومة وفي الحريات العامة وفي العدل الاجتماعي وفي تحقيق دولة الأمة، مع أن تلك الاستجابة لو أقدم عليها هي التي ستجدد شرعيته المستهلكة فيواجه الضغوط الخارجية المسلطة عليه من أجل تقديم المزيد من التنازلات. وفي المحصلة هو أقرب إلى الاستجابة إلى ضغوط الخارج منه إلى ضغوط الداخل، وفي ذلك مصرعه. أليس ما يأتيه عباس من رفض للجلوس مع هنية، بينما يتهالك على الجلوس مع جزاري شعبه حتى قبل أن تجف أياديهم من دماء شعبه، نموذجا للسياسات المتبعة لدى إخوانه من الحكام العرب في رفض التصالح مع شعوبهم وحركاتها المعارضة الجادة وعلى رأسها الحركات الإسلامية، بينما هم يتهالكون سرا وجهرا على التطبيع. ستظل القضية الفلسطينية معظم هذا القرن محور الصراع الإقليمي والدولي ومجال الاختبار لكل القوى والأيديولوجيا والتحدي الأكبر أمام النظام العربي المتهافت على أي تسوية. وقد يقبل عند تعذر التسوية بأي هدنة أو تهدئة تفكك الضغوط الشعبية المتصاعدة، إذ ليست تلتقي قوى أمتنا حول قضية مثل هذه القضية المباركة الدائبة على فرز ونبذ عناصر الفساد في الأمة وتجميع وتصعيد قوى المقاومة والصلاح. (*) كاتب تونسي (المصدر: ركن « المعرفة » بموقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 30 مارس 2008)
الفكر الاجتهادي والسؤال المستقبلي
تونس ـ مصطفى الكيلاني 1ـ مدخل الى راهن التفكير في الاجتهاد يواصل هذا المبحث اعمالاً سابقة (1). الا ان القصد من استئناف التفكير في الموضوع الاجتهادي هو محاولة المزيد من توضيح المفاهيم وإثارة بعض القضايا ذات الصبغة الاجرائية في ضوء الوقائع الكونية الراهنة والتغيرات التي شهدتها مجتمعاتنا الاسلامية وما ينتظرها من تحديات في المستقبلين القريب والبعيد. فهل الاجتهاد فكر ام منهج عام يختلف من عصر الى آخر، ومن سياق واقع الى سياق واقع مجتمعي مغاير ام فكر ومنهج معاً؟ وكيف نعمل على تحرير العمل الاجتهادي (اي عمل اجتماعي) من مسبق المفاهيم المسقطة على وقائعنا العربية والاسلامية الراهنة بمشترك الفعل المعرفي والممارسة الديموقراطية العامة اللذين لا يقطعان مع التراث بتعلّة ضرورات التحديث ولا يتورطان في ماضوية منغلقة على ذاتها تناصب العداء لمجمل مشاريع التحديث الراهنة والممكنة مستقبلا؟ هذه الأسئلة وغيرها يراد بها في مثل هذا المقام تجزيء القضايا بدافع محاولة الخروج من فخاح عديدة لعل من أهمها: أ ـ الانزياح بالموضوع الاجتهادي من مجال البحث التاريخي، وتاريخ الأفكار تحديداً، ليتحول هذا الموضوع الى ظاهرة سجالية فحسب تفقده صفة الارتباط بالأصل الواحد والمنهج المتعدد على امتداد تاريخ الاجتهادات القديمة والحادثة. ب ـ حصر الموضوع الاجتهادي في قضايا معرفية هي أقرب الى الاطلاق منه الى التعيين، لا تستجيب لسياقات مجتمعية محددة او الزج بهذا الموضوع في حيز الأداء بذرائعية، وان استجابت في الظاهر لشروط القديم والحديث، فهي تكتفي بالاجراء الحيني دون التوسل بنظر مرحلي واستراتيجي بعيد المدى يستفيد من مختلف الآراء والتجارب الاجتهادية السالفة والحادثة. ب ـ حصر الموضوع الاجتهادي في قضايا معرفية هي اقرب الى الاطلاق منه الى التعيين، لا تستجيب لسياقات مجتمعية محددة او الزج بهذا الموضوع في حيز الأداء بذرائعية، وان استجابت في الظاهر لشروط القديم والحديث، فهي تكتفي بالاجراء الحيني دون التوسل بنظر مرحلي واستراتيجي بعيد المدى يستفيد من مختلف الآراء والتجارب الاجتهادية السالفة والحادثة. ج ـ تحويل الموضوع الاجتهادي عند النظر والممارسة معاً الى فعل نخبوي لا يخص الا القلة من العلماء (الفقهاء) او الاستهانة بالمعرفة الاجتهادية كي يصبح بمقدور الجميع، وأي كان دون استثناء، والاشتغال عليه واصدار الفتاوى على عواهنها ليرتبك الحق الجماعي في فهم مقاصد الاجتهاد وتلتبس معرفته. فكيف الالتزام، اذن، بواحدية الأصل في تناول موضوع الاجتهاد والتعدد المنهجي في اداء هذا الأصل استجابة لمختلف الوقائع والسياقات؟ 2 ـ الاجتهاد باعتباره منهجاً يستند في الأساس والمرجع الى معرفة ليس الاجتهاد في القديم والحديث نظرية، بل هو منهج. أما اساس المنهج، استناداً الى اصل الاشتقاق اللغوي فهو جهد يبذله الفقيه الفرد « باستفراغ الوسع لتحصيل ظن بحكم شرعي »، على حد عبارة التهانوي (2). كما يعرف الاجتهاد بكونه مكملا للنص، وليس منفصلا عنه، فاذا حدث ذلك كان شذوذاً (3). فاذا اقررنا صلة المنهج بالأصل، من قبيل التواصل بين النقل والعقل امكن تطوير المنهج واثراؤه بجديد المعارف والعلوم والمهارات، قصد الخروج بالاجتهاد من حال « التعطل »، بلغة محمد عابد الجابري، ومن « الانغلاق » او الاغلاق، خاصة ونحن نعلم ان العمل الاجتهادي حر فردي دون نفي لاشتراط معرفة الأصل، اي النص والحديث ومجمل تاريخ الاجتهادات بقطع النظر عن اختلاف المذاهب (4). كذا الاجتهاد فكر وعمل، اذ هو ضرب من الاشتغال النظري المشروط بالحاجة الى التشريع العملي. أما توقفه فهو يعود الى اسباب يجملها محمد عابد الجابري في أربعة: ضيق الدائرة المعرفية، وتغلب الطابع الاجرائي، وتراجع العقل مع هيمنة المعرفة النقلية، وفصل العلوم النقلية عن العلوم العقلية (5). الا ان سبباً خامساً، في تقديرنا، لم يذكره الجابري، ولعله الأهم او الذي لا يقل اهمية عن الأسباب الأربعة المذكورة، وهو شرط اشتغال العقل في صلته بالنقل ومفاده الديموقراطية المعرفية، اذ كيف يمارس العالم الفقيه او الفقيه العالم دوره في الاجتهاد ان لم يشرك اصحاب مختلف الاختصاصات المعرفية في اثراء الفكر الاجتهادي بحرية يسمح بها مفهوم الاجتهاد ذاته الذي لا يتقيد في الاسلام بمؤسسة. وانما هو عمل فردي لا ينفصل عن الجماعة، وعمل حر مسؤول يستفيد من المؤسسة سواء كانت سياسية أو معرفية؟ فان غاب الشرط الخامس الذي نقترح التفكير فيه راهناً ومستقبلاً اتصف العمل الاجتهادي بالظرفية وخطر « التعطل » أو الاستمرار في التعطل، ان خضع لهيمنة المؤسسة الرسمية وغير الرسمية في هذا الاتجاه او ذاك. فخروج ماهية الاجتهاد عن المؤسسة، عوداً الى الأصل، يمثل الصفة ونقيضها، اي الحرية في اتجاه، ان اتقنا الربط بين المسجد والدولة والمؤسسة العلمية البحثية المختصة والمجتمع، وبين الفقيه العالم والحاكم والباحث العالم في مختلف المجالات الخاصة بالاجتهاد والحافة به وعامة المسلمين وكافة المنتمين الى المجتمع، بقطع النظر عن مختلف انتماءاتهم السياسية والايديولوجية. كما يمثل في الاتجاه الآخر نقيض الحرية حينما تلتبس الوظائف المتغايرة فيتدخل كل طرف في مهام الطرف الآخر، وتضيع المعرفة الاجتهادية لغياب الثقافة النقلية والعقلية الدقيقة والعميقة واطلاق الفتاوي بذرائعية عملية تختصر الجهد المعرفي في قرارات وأوامر حينية، والقياس على الحاضر والمستقبل بوقائع وحقائق قديمة تجاوزها تاريخ الاجتهادات والأفكار والمجتمعات واستفحال الجهل الخاص بعلوم هذا العصر الذي ننتمي اليه وحصر الاستشراف في انماط جاهزة من التفكير لا تفي بالحاجة الى مواكبة الوقائع الكونية الجديدة لفهم وقائعنا والعمل على تغييرها في الاتجاه الذي يخدم مصلحة الفرد والمجتمع والأمة على حد سواء. 3 ـ ثقافة المجتهد بين الماضي والحاضر وبناء على السالف تختلف ثقافة المجتهد بين الماضي والحاضر، فكما اقترنت ثقافة الاجتهاد في الماضي بثقافة العصر أو العصور التي كانت فان المجتهد اليوم مضطر، بغية تحصيل الكفاءة النقلية والعقلية، لمواكبة جديد العلوم الانسانية والتجريبية والتكنولوجية دون التفريط في الأصل ممثلاً في علوم الدين. ولا يخص موضوع التحيين المعرفي، هنا مستويي الكم والتنويع فحسب، بل يستدعي استراتيجيا جديدة للنظر والتأويل كي لا نظل سجناء مقولات جاهزة متكررة نسقطها على مختلف المواقف. والوقائع والوضعيات، وذلك بتحديد السؤال وموقعته في حيز وجودنا الراهن: اي عقل نبتغي اليوم؟ وأي اجتهاد نريد؟ وليس بامكان مراجعة استراتيجيا الفكر الاجتهادي اليوم دون الاحالة على ثنائية النقل والعقل باعادة النظر في مواطن الاشتراك بينهما والاستفادة الرصينة منهما، كان ينظر الى النقل بالاضافة الى فكرة الاصل على كونه يمثل بالمفهوم الانتروبولوجي مخزوناً للثراء المعرفي القيمي المرجعي، والى العقل على كونه الأداة الفعالة لتوسيع افق النظر والاداة العلمية القادرة على فهم الوقائع لتغييرها نحو الأفضل الذي يعود بالفائدة على الفرد والمجموعة. وبهذا التوجه نحو تحرير النقل والعقل من مسبق المفاهيم نوسع في الآن ذاته من آفاق المعنى الروحي ونعمق معرفتنا للوضع باجتهاد جديد راهني ومستقبلي لا يقطع مع التراث، بل يسعى الى تحيين الحادث والعمل على تغييره. 4 ـ العمل الاجتهادي وضرورة الاستفادة من المؤسسة ونتيجة عدم ارتباط الاجتهاد بالمؤسسة في الاصل انتصاراً لحرية الفرد المجتهد تتأكد الحاجة اليوم الى تثبيت هذه الصفة مع الاستفادة من المؤسسة التي لا تعني، هنا، علامة تقييد، بل اطاراً علمياً وتنظيمياً واشرافياً يحفز على انجاز ما يلي، تقريباً: أ ـ اعادة قراءة المتراكم من البحوث القديمة في الاجتهاد. ب ـ قراءة المتراكم من البحوث المعاصرة في الاجتهاد. ج ـ المقارنة بين محصل البحوث السالفة ومحصل البحوث اللاحقة، وان تعسر ضبط محصل البحوث اللاحقة التي تمثل وجوداً متحركاً يستدعي التوثيق الدقيق والقراءة والتحليل والتأول. د ـ استقدام عديد الاختصاصات البحثية ذات الاتصال المباشر بالاجتهاد، كعلم الاسلام (Islamologie)، « تاريخ الأديان المقارن » وعلوم اللغة والاقتصاد والسياسة والاجتماع والتاريخ والنفس والطب والتكنولوجيا من اتصال وغيره والجماليات… أما القصد من العمل الاجتهادي ـ المشروع فهو التوصل الى: أ ـ معرفة المتكررات والمتغيرات في بنية العقل الاسلامي. ب ـ معرفة الأسباب الكامنة وراء التأخر الاسلامي والتعثرات الراهنة. ج ـ احداث خطة اجتهادية تقوم على فهم مواقعي للذهن الاسلامي، وذلك بتحديد مختلف القضايا الخاصة بالأخلاق والتمثلات النظرية والعلمية واعادة تأويل النص الديني بأسئلة وجودنا الراهن واستقراء مختلف الملفوظات من تشريعية وفكرية ونقدية وغيرها، مع توصيف قضايا الثقافة والمثاقفة باعتبار أن الموضوع الاجتهادي، وان تحدد بخصوصية وجودنا الراهن، فهو يتنزل ضمن سياق أعم، هو الوجود الانساني الذي يشتمل على كيانات ثقافية مختلفة تستدعي الفهم الخاص والفهم المتبادل معاً. 5 ـ الاجتهاد وتاريخ الأفكار، أو ما بين النص والتأويل لا يمكن تلخيص الاجتهاد من هيمنة المؤسسة، أي مؤسسة، ومن مسبق المفاهيم ونماذجها المتكررة وفوضى التدخل باسم الحرية الفردية وغيرها إلا بالنظر اليه علي كونه فكراً له تاريخه المتمثل تحديداً في تاريخ الأفكار الاجتهادية. وبهذا التخصيص نخلص الدين من هيمنة القراءة الواحدية والاجتهاد من مفهوم التماهي مع الدين، كالذي انتهجه نصر حامد أبو زيد عند تعريف الدين بقوله: « هو مجموع النصوص المقدسة الثابتة تاريخاً في حين أن الفكر الديني هو الاجتهادات البشرية لفهم تلك النصوص وتأويلها واستخراج دلالاتها (6) وبهذا الحد يتحرر مفهوم الاجتهاد من الاطلاق بواحدية التأويل ليكتسب صفة التعدد والنسبية والاختلاف، ان قارنا بين اجتهاد وآخر، على أن لا يفهم الاختلاف هنا، على كونه غياباً للمعرف والنسق والمنهج، كأن يشتغل الجميع على الاجتهاد، دون استثناء، آن ثبوت المعرفة الاجتهادية او انتفائها ليتماثل بذلك العلم والجهل، الانفتاح والانغلاق. كذا ننتقل بالفكر الاجتهادي من ثقافة الواحد المتعدد، ومن اللاهوت الى الوضع(7). إن الاجتهاد عند الاحالة على تاريخ الأفكار « اجتهادات » بدءاً بـ « الاجتهاد الفقهي »، ومروراً إلى « الاجتهاد الكلامي »، ومنه إلى « الاجتهاد الصوفي » « فتعطل » الاجتهاد طيلة قرون، ثم إحياء فكر الاجتهاد خلال المنتصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي، كأن نذكر، دون حصر، كلا من خير الدين التونسي ورفاعة الطهطاوي وجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ومحمد رشيد ضيا وعلي عبد الرازق، ووصولاً الى الاجتهاد المعاصر بأسئلة ومواضيع جديدة، هي من هذا العصر وإليه. واذا الاجتهاد فكر متعدد له أطواره المختلفة، نتيجة الالتزام المبدئي والمرجعي بالنص الديني الواحد، مع اختلاف التأويلات. كذا يتحدد مسار فكر الاجتهاد بقراءة الوقائع استناداً إلى النص الديني، وباعتماد المنهج التأويلي القائم على فكرتين اساسيتين، حسب بنسالم حميش، وهما « الظاهر والباطن (8). فتتحدد ماهية الفكر الاجتهادي بالأيديولوجيا دون الانزلاق في « القيمية » و »الاختصار » و »التعميم » اذ المقصود بالإيديولوجيا، هنا، مختلف مواقع التفكير، بمنظور الائتلاف والاختلاف، « في الحياة واخذها بعين الجد من حيث جذورها وقضاياها القصوى ». (9). 6 ـ الاجتهاد باعتباره خطاباً وحينما ننتقل من الفكر الاجتهادي الى الخطاب الاجتهادي تتحدد « ملفوظية » الاجتهاد بمدى « ادائيته » استناداً إلى اشتراطات المبحث العلمي الاسلامي (Islamologique) المنهجية التي تجوّز الاستفادة حسب محمد أركون، من علم النفس التاريخي وعلم الإناسة (Anthropologie) آن إحالة المُدون على الشفوي، والمنكشف على المحتجب، والذاكرة علي المخيال، فالنص الديني، وتحديداً النص القرآني على وجه الخصوص، هو الأساس المرجعي لأي فكر أو عمل اجتهادي، وهو نص يحيل على ثقافة المشافهة التي هي ثقافة العصر الذي ينتمي اليه وينفتح على ثقافة التدوين، بما يتضمنه هذا النص ذاته من علامات مرجعية واقعية وامكانات قرائية وتأويلية عن طريق سؤال الربط بين « قراءة الأمس » و »قراءة اليوم » (10). وكما سعى بنسالم حميش الى انتهاج طريق الإيديولوجيا للتفكير في ظاهرة الاجتهاد اختار محمد اركون سبيلاً آخر يبدو، في تقديرنا، أوسع أفقاً وأوضح منهجاً في تعقب اشتغال هذا الفكر حينما حوله من معمم فكريته الى ادق سماته الانتروبولوجية باعتباره خطاباً ينبني على ملفوظ له نظامه اللغوي الخاص ودلالاته وأبعاده الرمزية، ويستدعي القراءة لتعقب البعض من المعنى المختفي والنظر الى البعض الآخر على كونه مشروعاً دائماً للقراءة واعادة القراءة. اما القصد من هذا النهج الذي يسعى إلى الاستفادة من علم النفس التاريخي، والأنتروبولوجيا الثقافية فهو التنقل في « المواطن المظلمة والمجهولة من تاريخ المجتمعات البشرية ومن علم نفس المعرفة » (11). واذا دراسة الظاهرة الاسلامية، « تستدعي في البدء والمرجع البحث في الظاهرة القرآنية » اما الواصل بينهما في مشروع محمد أركون الاجتهادي فهو البحث في المعنى (الحقيقة)، وذلك بتحرير المعرفة من وهم المعرفة، والتأويل من مسبق المعنى عند انتهاج النقد الحديث للعقل مع الاستفادة من « العمل التفسيري » المنجز للقرآن دون البقاء في دائرته المغلقة، بل تجاوزه الى انجاز الفعل التاريخي وتمثل مختلف الوسائل لمعالجة اسباب « التأخر التاريخي » مقارنة مع تقدم الفكر الغربي الذي قطع أشواطاً في نقد العقل المنغلق على ذاته بالكانطية والهيجلية واضافات المباحث اللسانية والسيميائية الحديثة. كذا يتلازم فكر الاجتهاد وظاهرة الخصاب ضمن دائرة القراءة والتأويل لتحقيق « الانبعاث الفلسفي » على أسس أنتروبولوجية، ذلك ان الموضوع الاجتهادي يستلزم توسيع مجال البحث بنقد الفكر السالف وتنزيل الظاهرة الدينية في سياق لا ينحصر في دين واحد أو طائفة واحدة، بل هو من مشمولات الأنتروبولوجيا الدينية عامة، تلك التي تحرر التيولوجيات والفلسفات من اجترارها « للقيم » المحصورة بدين واحد وبمسار تاريخي واحد وبقدر طائفي واحد… » (12). 7 ـ راهن الفكر الاجتهادي والاسقاطات الإيديولوجية، أو في المقاصد الأخرى للتأويل. ان البحث في الظاهرة الاجتهادية خارج منظومة الفكر الديني باسم الحداثة او تغييب الظاهرة في أنماط من التفكير الجامدة تفضي الى نتجة تقريبية واحدة مفادها نفي الخصوصية الثقافية واختصار الموضوع الاجتهادي في خطاب شعاراتي تبعاً لهذا الاتجاه او ذاك، و »بحداثوية » مسقطة على الذات من الخارج أو « بماضوية » تحتجب بالقصد وراء سلفية باهتة تختصر الحاضر والمستقبل في وقائع ومواقف قديمة تجاوزها تاريخ المعرفة والوجود الفكري والجمعي على حد سواء. لذلك لا امكان لتطوير فكر الاجتهاد المعاصر بالتأويلين المذكورين، اذ التأويل الحداثوي يسعى الى تشويه الواقع المعرفي لراهن الوجود، والتأويل الماضوي يحرص بصفة واعدة أو لا واعية على نفي التاريخ ومسار تحولات المعرفة الاجتهادية. فنحتاج، بناء على السالف، الى ثقافة اجتهادية حديثة تقوم على فهم دقيق للتراث وفكر نقدي تحديثي نير يموقع الاسئلة والقضايا في سياق الذات الثقافية المتصالحة بدءاً مع مختلف عناصر كيانها السالف والحادث والمنفتحة على الآخر بمفهوم الغيرية المخصبة ذاخل الذات وبالمواقع الأخرى الحافة بها. « فالتحديث » أو « الاصلاح » لا يكون، اذن الا من داخل المنظومة ذاتها، تبعاً لمنظور هشام جعيط الاستراتيجي لهذا الشأن، اذ « لا يجب أن يتم الاصلاح على حساب الدين، بل يقع في نفس الوقت بواسطة الدين وفي الدين ومستقلاً عنه (13)، وذلك لاعتبار الدين عنصراً عميق الوجود والفعلية في بنية الشخصية، ومن الخطأ اختصاره في مقولات جاهزة أو تهميشه. كذا يستدعي الفكر الاجتهادي خطاباً حداثياً بمنظور هذا العصر، خطاباً ينبني على مفهوم النص المتعدد الذي يحيل على متراكم ازمنة لا تتحدد بمجتمع او عصر واحد. كما يسعى الى ربط المدون بالشفوي واللاحق بالسابق والمعيش الذهني. فلا بد لرسم ملامح هذا الخطاب التحديثي، في نظر محمد اركون. من اعادة تفسير النص القرآني لضرورات البحث اليوم في « الظاهرة الاسلامية » التي هي مجموع نصوص وعبارات مختلفة بمدلول التناص (intertextualit?). ولئن ثبت فشل التوفيق بين التراث الاسلامي والفكر الأوروبي لاحداث فكر اجتهادي معاصر فان العمل على انشاء « اجتهاد جديد » يقتضي تفادي الاسقاط باخضاع الواقع لمسبق المعنى الديني أو لمقولات الفكر الغربي الجاهز، وذلك بانتهاج سبيل ثالث يضع اسساً اخلاقية وجمالية وعلمية تستوحى من النص القرآني ومن العلوم الانسانية والتطبيقية حيث مراجع القوة المادية، وذلك للاستفادة من مختلف الدروس الحديثة، كالتأويلية، (Herm?neutique) وعقلانية الفائدة والفعل. وكما وصل الأجداد بين النقل والعقل بأسئلة العصر الذي كانت تتأكد حاجتنا الى الصلة الحميمة بينهما. فاذا غلبنا المعقول على المنقول، حسب منظور علي حرب، عاد المنقول على شاكلة « مكبوت (14) ليتعاظم بذلك سلطان الوهم واللا ـ معقول، كما يؤدي تغليب المنقول على المعقول الى جمود الفكر وبذلك يتعطل فكر الاجتهاد تماماً. فكيف نعيد، اذن للمعقول والمنقول تواصلهما الوثيق بدافع الاستجابة لحاجات وجودنا الراهن؟ وما حدود النقل والعقل؟ لقد أمكن للمفكرين في التراث العربي الاسلامي الاجابة عن سؤال ما يصل ويفرق بين المنقول والمعقول، كالفارابي والغزالي وابن طفيل وابن رشد… آن الاحالة على الكتاب والسنة ودروس الفلسفة الأغريقية لاستنباط الأفكار الجديدة آنذاك. كما يتحدد النهج العام، بالنسبة للفكر الاجتهادي اليوم بالرجوع الى الأسئلة القديمة، ولكن بمساءلات وسياقات جديدة كالتفكير في « لا معقولية العقل » و »معقولية النقل » بدلالة العقل الاسلامي، قديمة وحديثه، كي نعود الى الزمن الراهن؟ (16). وللاجابة عن هذا السؤال تستدعي « الوضعية الراهنة » المؤرخ وعالم الاجتماع لفهم أوجه الاختلاف « للتوجيه الفعال » وإنشاء « الهندسة الاخلاقية » (17). بديهي، اذن، ان يختلف تأويل النص القرآني في الدراسة التاريخية والأنتروبولوجية عن تأويله في البحث الاخلاقي والفلسفي. إلا ان الجامع بينهما عند الاشتغال الوظيفي المختلف والمشترك هو الفكر الاجتهادي عامة. 8 ـ الفكر الاجتهادي والمستقبل كيف يتدارك الفكر الاجتهادي اليوم والفكر العربي الاسلامي بصفة أعم تأخره التاريخي؟ كيف نؤول او نتأول لنجتهد؟ وكيف نجتهد لنفعل بتغيير « تقاليدنا الثقافية » بلغة فضل الرحمن، قصد تجذير وعينا للحياة؟ كيف نرسخ معرفتنا الأخلاقية والجمالية والعلمية اليوم ضمن بنية عقلية تستقدم محصل الخبرة في التراث وتواكب آخر نتائج الثورات العلمية والتكنولوجية في عالمنا اليوم؟ ان الفكر الاجتهادي موضوع مستقبلي ايضاَ وفي الأساس على أن يفهم المستقبل، هنا، على كونه يمثل البعض الآخر المختفي من وجودنا الراهن، وباعتباره « مستقبلاً لماض » تبعاً لمنظور التأويلية التاريخية لدى رينهارت كوزيلاك (Reinhart Koselleck) فعند تحديد الاختلاف بين الماضي والمستقبل أو بلغة الأنتروبولوجيا بين التجربة والانتظار يُمكن فهم شيء ما قد يكون « الزمن التاريخي » لدى كوزيلاك (18)، هذا الراهن، منطق الذات المتسائلة المستفهمة القارئة المتأولة بموضوع فكرنا الاجتهادي. كذا يتّضح « مستقبل الماضي » باعتباره مستقبلاً يتحدّد بمدى فهمنا للماضي في ضوء مساءلتنا الراهنة. وإذا التفكير في المستقبل بالماضي لا يعني القياس على التجربة الماضية قصد تكرارها، ذلك أن أي تجربة حينما تحدث فمآلها الانقضاء حتماً، وما سيحدث يختلف حتماً عن سابقه، وإن أحال على هذا السابق بغية الاستضاءة به على ما يكون وما قد يكون في المستقبل، كالذي يصل بين الاجتهادين القديم والحديث للتفكير في اجتهاد راهنيّ ومستقبلي. إن المستقبل، بهذا المنظور، مشروع تنبثق سماته المبدئية من الحاضر في ارتباطه العميق بالماضي، كأن يختص السؤال المستقبلي بدءاً بمراجع الفكر الاجتهادي ومختلف اتجاهاته ومتعدّد سياقاته المعرفية والتأويلية وراهنية قضاياه ونظره الاستشرافي بدافع الحرص على فهم الوقائع المجتمعية والقومية والكونية الجديدة. ولا يمكن إنجاز هذه المهام النظرية والإجرائية، القرائية التأويلية والاستشرافية دون الإحالة على العناصر الثلاثة الآتية: أ ـ المعرفة تستدعي مختلف حقول البحث الخاصة بالاجتهاد والقريبة منه، كعلم الحديث بإعادة قراءة النص الديني والاستفادة من مختلف التأويلات السابقة، وكالفلسفة وعلوم التاريخ والاجتماع والنفس والإناسة (الأنتروبولوجيا) والسياسة والجغرا ـ سياسة والاقتصاد… على أن تتحدّد المشاغل المشتركة، بالموضوع الاجتهادي. ب ـ المؤسسة، إذ في غياب المؤسسة الاجتهادية بالمنظور الأصولي قديماً لا بد من منظومة تفتح مختلف الحقول المعرفية على بعضها البعض وتسهر على التخطيط المرحلي والاستراتيجي لأداء هذه الوظيفة. ويُشترط لتوفير الإطار التنظيمي والإشرافي والتسييري استقطاب الكفاءات المعرفية المختصة في الموضوع الاجتهادي. كما تستدعي هذه المنظومة توفير الإمكانات الإدارية والمالية وذلك لن يكون إلا بإسهام الدولة/ الدول العربية والإسلامية ومنظّمات المجتمع المدني والأفراد المهتمّين بالموضوع ومراكز البحوث الأكاديمية المختصة. ج ـ الديموقراطية، وهي الضامن لحرية التفكير والبحث في الاجتهاد، ولإسهام النخب المثقفة في مجمل العمل الاجتهادي، كأن تحفز الدولة/ الدول على هذا العمل وتُشجع على التفكير الجديد النيّر الذي لا يقطع مع الأصول ولا يكتفي بقياس الحاضر على الماضي، بل التجذّر في الحاضر بأسئلته المصيرية، وذلك للاقتداء بدروس ماضي الفكر الاجتهادي وجديد الأفكار والعلوم والمهارات في ثقافات الأمم المتقدّمة بوعي اجتهادي جديد يتأسّس على « مستقبل الماضي » في سياق راهني يُعيد طرح القضايا واستنباط الجديد منها بدافع الرغبة في الفهم بالتأويل، والتأويل للفهم، وذلك قصد الخروج من واقع التخلّف العربي والإسلامي الى واقع جديد يستعيد به الفكر الإسلامي صحّته وحركيّته وإبداعيّته وإشعاعه الكوني. هـوامـش: 1 ـ كأن نشير على سبيل المثال لا الحصر الى بحثنا « الاجتهاد والتأويل بين واحدية الأصل وحقيقة التعدّد المنهجي في الفكر العربي المعاصر »، مجلة « الفكر العربي المعاصر »، العددان 114 ـ 115، خريف ـ صيف 2000، وهو الفصل الثاني من الباب الثاني من كتابنا « القيمة والاختلاف »، مقاربات فكرية، تونس: دار المعارف للطباعة والنشر، 2004. 2 ـ عليّ بن عليّ التهانويّ، « كشّاف اصطلاحات الفنون »، استنبول: دار قهرمان للنشر والتوزيع، الطبعة الرابعة 1984. » في اللغة استفراغ الوسع في تحصيل أمر من الأمور مستلزم للكلفة والمشقّة، ولهذا يُقال اجتهد في حمل الحجر ولا يُقال اجتهد في حمل الخردلة… » السابق، ص 197. 3 ـ السابق. 4 ـ « لا أحد في الإسلام يملك سلطة » إغلاق « باب الاجتهاد، لا الحُكّام، ولا الفقهاء، فليس في الإسلام كنيسة ولا أي مؤسسة تملك سلطة « إغلاق » أو « فتح » « باب الاجتهاد ». محمد عابد الجابري، « وجهة نظر: نحو إعادة قضايا الفكر العربي المعاصر »، المغرب ـ لبنان: المركز الثقافي العربي، 1992 ص 56. 5 ـ السابق، ص 55. 6 ـ د. نصر حامد أبو زيد، « الخطاب الديني، رؤية نقدية، نحو إنتاج وعي علمي بدلالة النصوص الدينية »، لبنان: دار المنتخب العربي، 1992، ص 131. 7 ـ مصطفى الكيلاني، « القيمة والاختلاف، مُقاربات فكرية »، تونس: دار المعارف، 2004، ص 127. 8 ـ « إن وجوه التأويل في تاريخ الإسلام الإيديولوجي قد تشكّلت حول جدلية الصراع بين الظاهر والباطن. فأهل الظاهر يعتقدون أن التأويل إن هو إلاّ الاحتكام الى الآيات أو الأثر كمخزون من القرائن الدالة في حد ذاتها والقائمة مقام البراهين… أما أهل الباطن ودُعاة العقل فإنهم يُجمعون على أن القرائن النصية أو السمعية لا تُفيد ولا يمكن للاستدلال أن يقوم مكتفياً بها… » بنسالم حميش، « التشكّلات الإيديولوجية في الإسلام » الثقافية الكائنة بين نظام المعقولية الخاصة بالمجتمعات التي لا كتابة لها… وبين الممارسة المنطقية الاستدلالية الخاصة بـ »العقل الكتابي؟ ». محمد أركون، « من الاجتهاد الى نقد العقل الإسلامي »، لندن ـ بيروت: دار الساقي، 1991 ص 56 ـ 57. 9 ـ السابق، ص 209. 10 ـ « كيف يُمكن أن نجعل قُرّاء اليوم يتحسّسون مسألة الاختلافات النفسية واللغوية والاجتماعية ـ الثقافية الكائنة بين نظام المعقولية الخاصة بالمجتمعات التي لا كتابة لها… وبين الممارسة المنطقية الاستدلالية الخاصة بـ »العقل الكتابي؟ ». محمد أركون، « من الاجتهاد الى نقد العقل الإسلامي »، لندن ـ بيروت: دار الساقي، 1991 ص 56 ـ 57. 11 ـ السابق، ص 56. 12 ـ « تُحرر التيولوجيات والفلسفات من اجترارها للقيم المحصورة بدين واحد وبمسار تاريخي واحد وبقدر طائفي واحد… ». محمد أركون، « من فيصل التفرقة الى فصل المقال: أين هو الفكر الإسلامي المعاصر؟ »، ترجمة هاشم صالح، لندن ـ بيروت: دار الساقي، ط1، 1993، ص 46. 13 ـ هشام جعيط، « الشخصية العربية الإسلامية والمصير العربي »، لبنان: دار الطليعة، ط1، 1984، ط2، 1990، ص122. 14 ـ علي حرب، « التأويل والحقيقة (قراءات تأويلية في الثقافة العربية) »، لبنان: دار التنوير، ط1، 1985، ص122. 15 ـ السابق. 16 ـ فضل الرحمان، « الإسلام وضرورة التحديث، نحو إحداث تغيير في التقاليد الثقافية »، ترجمة ابراهيم العريس، لندن ـ بيروت: دار الساقي، ط1، 1993، ص14. 17 ـ السابق، ص17. 19 ـ s?mantique des *Reinhart Koselleck, « le futur pass?, contribution ? la temps historiques », Paris: Editions de l’?cole des hautes ?tudes en sciences sociales, 1990, p11. « ` 19 قدمت هذه الورقة في ملتقى « الاجتهاد » الذي عُقد في الجزائر على هامش معرض الكتاب الجزائري. (المصدر: صحيفة « المستقبل » (يومية – لبنان) الصادرة يوم 31 مارس 2008)
يا نـائي الـدار
عبد الرزاق عبد الواحد
لا هم يلوحون …لا أصواتهم تصل لا الدار، لا الجار، لا السّمّار، لا الأهل وأنت تنأى، وتبكي حولك السّبل ضاقت عليك فجاج الأرض يا رجل! سبعين عاما ملأت الكون أجنحة خفق الشّرار تلاشت وهي تشتعل لا دفّاتك، ولا ضاء الظّلام بها طارت بعمرك بينا أنت منذهل ترنو إليهن مبهورا..معلّقة بهنّ روحك، والأوجاع، والأمل وكلّما انطفأت منهنّ واحدة أشاح طرفك عنها وهو ينهمل! سبعون عاما.. وهذا أنت مرتحل ولست تدري لأيّ الأرض ترتحل! يا نائي الدّار..كلّ الأرض موحشة إن جئتها لاجئا ضاقت به الحيل! وكنت تملك في بغداد مملكة ودار عزّ عليها تلتقي المقل واليوم ها أنت.. لا زهو، ولا رفل ولا طموح، ولا شعر، ولا زجل لكن هموم كسير صار أكبرها أن أين يمضي غدا..أو كيف ينتقل! يا ليل بغداد..هل نجم فيتتبعه من ليل باريس سكران الخطى ثمل الحزن والدمع ساقيه وخمرته وخليله شوقه..لو أنها تصل إذن وقفت على الشّطآن اسألها يا دجلة الخير، أهل الخير ما فعلو؟ أما يزالون في عالي مرابضهم أم من ذراها إلى قيعانها نزلوا؟ هل استفزّوا فهيضوا فاستهين بهم عهدت واحد أهلي صبره جمل! فأيّ صائح موت صاح في وطني بحيث زلزل فيه السّهل والجبل؟ وأيّ غائلة غالت محارمه وما لديه على إقصائها قبل؟ يا دجلة الخير بعض الشر محتمل وبعضه ليس يدرى كيف يحتمل! خير الأنام العراقيون يا وطني وخيرهم إنّ أقسى مرّهم عسل! وخيرهم أنهم سيف.. مروءتهم غمد له..والتّقي، والحلم، والخجل وهم كبار..مهيبات بيارقهم شمّ خلائقهم..خيّالهم بطل لا يخفضون لغير الله أرؤسهم ولا ينامون لو أطفالهم جفلوا فكيف أعراضهم صارت مهتكة وحولهنّ ستور الله تنسدل؟ وكيف أبوابهم صارت مشرعة لكلّ واغل سوء بينها يغل؟ وكيف يا وطن الثّوار داس على كلّ المحارم فيك الدّون والسّفل؟ أهؤلاء الذين الكون ضاء بهم وعلّموا الأرض طرّا كيف تعتدل ومن أعانوا، ومن صانوا، ومن بذلوا ومن جميع الورى من مائهم نهلوا دمائهم هذه التّجري؟..هياكلهم هذي؟؟..أقتلى بأيدي أهلهم قتلوا؟ تعاون الكفر والكفّار يا وطني عليهمو..ثمّ جاء الأهل فاكتملوا ! يا ضوء روحي العراقيون..يا وجعي وكبريائي..ويا عيني التي سملوا أنتم أضالع صدري..كلّما كسروا ضلعا أحسّ شغافي وهو ينبزل فكيف تجرؤ يا أهلي بنادقكم على بنيكم ولا تندى لكم مقل؟ وكيف تسفح يا أهلي خناجركم دما بينكم ولا ينتابها شلل؟ وكيف يا أهلنا..ليس في حرب العدا خلل بل بعضكم بعضا هو الخلل لا تكسروا ضلعكم أهلي فما عرفت أضلاع صدر لكي تحميه تقتتل فديتكم انتم الباقون..راحلة هذي المسوخ كما آباؤهم رحلوا فلا تعينوا عليكم سافحي دمكم كي لا يقال أهاليهم بهم ثكلوا صونوا دمائكم، فيوما من قذارتهم كلّ العراق بهذا الدّمّ يغتسل!
(المصدر: صحيفة « مواطنون »، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 54 بتاريخ 19 مارس 2008 )
حرج على الأعمى!؟
أن تنبش قبري
واحرق عظامي
فقد خنت بلادي
أكلت ثمارها
ولم أزرع شجرة
استنشقت الرّحيق
ولم أرع زهرة
رضعت نخاعها
وعند الفطام خذلتها
ويح عقوقي
عماني جشعي
سرقت راتبي…
قسوت على بلدي
فلا تستغرب
فجلّ العابرين قراصنة وكلّ الماريّن جراد وإن رأيت يوما من ينبش قبرا أعذره، لا تؤاخذه فقد تركناها بورا فاحرثها، وازرعها وعلّم أبناءك حبّ البلاد وإن سألوك عنّي لا تبتئس، ولا تخجل واقرأ وصيّتي على الأعمى حرج محمد الطيب حمدوني ـ سيدي بوزيد
(المصدر: صحيفة « مواطنون »، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 54 بتاريخ 19 مارس 2008 )
مهاجر تونسي بإيطاليا «يفرّغ قلبـه» للأسبوعي:
«السلطات الإيطالية اِفتكت مني عائلتي لـ«تربيتها» فتحوّل إبنيّ إلى قاتلين وزوجتي المسلمة اِرتدّت عن الإسلام!»
** «حاولت إعادة عائلتي إلى بيتي فأطردوني من التراب الإيطالي» ** «هذا ما جنته عليّ «إيطاليا» وثقتي كبيرة في السلطات التونسية لتسوية وضعيتي» ** «ابني الأكبر (18 سنة) في السجن والأصغر (16 سنة) في الإصلاحية» الإسبوعي ـ القسم القضائي: وقائع هذه القضية ليست من وحي الخيال ولا هي أحداث او حلقات مسلسل تراجيدي بل هي معاناة مهاجر تونسي شاءت الأقدار أن يعيش كل هذه الأحداث التي تراوحت بين الفرح والألم.. بين السعادة والوئام والفراق والبكاء. جاءنا الشريف الى مقر الصحيفة يمسك بما تبقى له من ذكريات الماضي القريب.. اوراق إدارية إيطالية ووثائق تونسية وصور لطفليه.. ذكريات.. ألم ومعاناة «هذا ما تبقّى لي بعد أكثر من عقدين من العمل في إيطاليا.. لقد خسرت عائلتي.. تاهت زوجتي.. وضاع طفلاي وصرت شبحا لذلك المهاجر المكافح الذي ضحى بالغالي والنفيس من أجل ضمان مستقبله ومستقبل أفراد عائلته.. وتكوين ذاته وتربية طفليه.. لقد ضعت.. إني أموت في اليوم ألف مرة.. إني أحتضر.. ارجوكم ساعدوني.. أبلغوا ندائي وصوتي الى كل من يهمه أمر مهاجر تونسي «ولد عايلة».. انشروا حكايتي بما فيها من ألم وفرح وحيرة وبكاء.. هكذا بدأ المهاجر التونسي الشريف بن بلقاسم الماجري (أصيل منطقة الجريصة بالكاف والقاطن حاليا بأحواز العاصمة) حديثه إلينا عن معاناته قبل ان تدمع عيناه ويظل يقلب وثائقه تارة وينظر الى صورتي طفليه تارة أخرى.. هجرة الى إيطاليا وتعلق بالأرض ولد الشريف بمنطقة ريفية بمعتمدية الجريصة من ولاية الكاف يوم غرة سبتمبر ..1951 نشأ في عائلة معوزة، وفيرة العدد لم يواصل دراسته وألتحق بالضيعات الفلاحية حيث ظل يعمل لمساعدة عائلته ولكن طموح هذا الشاب وأحلامه كبرت فقرر عام 1985 الهجرة الى إيطاليا.. وفعلا سافر بطريقة شرعية وأستقر بمنطقة سالارنو حيث عثر على مواطن شغل في الضيعات الفلاحية ورغم الأجر الزهيد الذي كان يتقاضاه فإنه نجح بفضل عزيمته في توفير لقمة العيش وادخار بعض الأموال التي كان يرسل جزء منها الى عائلته في تونس. زواج واستقرار وفي نهاية الثمانينات قرر الشريف الاستقرار فأقترن بفتاة من بلده غاية في الجمال والأخلاق واحتفل بزواجه ثم عاد الى إيطاليا للعمل والكد والجد تاركا زوجته في مسقط رأسه ويوم غرة جوان 1990 جاء ابنه البكر «ق» الى الحياة ليضاعف من أجواء السعادة للعائلة ويوم 13 جانفي 1992 جاء الأبن الثاني «ث» ليؤنس شقيقه وكبرت بالتالي عائلة شريف وكبر الطفلان لاحقا ودخلا المدرسة. هجرة جماعية إلى إيطاليا أنتهى الفصل الأوّل من حكاية شريف في نهاية التسعينات وحمل معه الفرح والسعادة التي كانت تعيشها الأسرة وحلّ الفصل الثاني وهو الجانب المظلم من عمر المهاجر التونسي. يقول الشريف: «قررت في اواخر التسعينات اصطحاب زوجتي وابني الى إيطاليا حيث تمكن الطفلان «ق» و«ث» من تعلم اللغة الإيطالية بسرعة وانضما الى المدرسة حيث تحصلا على أفضل النتائج وكانا من بين الأوائل.. كانت عائلتي تنعم بالأستقرار و«ربي ساترنا» الى ان جاء اليوم الذي قلب حياتي رأسا على عقب». اختفاء مفاجيء وأضاف المهاجر المسكين الذي كانت عيناه تدمعان مع كل كلمة ينطق بها: «ذات يوم من شهر أكتوبر 2000 فوجئت لدى عودتى من العمل بغياب زوجتي وابني فأعتقدت في البداية أنهم خرجوا في فسحة ولكنهم تأخروا الى أن علمت بأن السلطات ببلدية إيجولي قامت بنقلهم الى كنيسة بمنطقة سالارنو هي بمثابة الملجأ.. تساءلت وسألت عن سبب نقلهم الى الكنيسة فأعلموني بأن نقلهم الى ذلك الملجا مؤقت بسبب ظروف عيشهم داخل المنزل.. أعلمتهم بأنهم يعيشون في استقرار والطفلان وفرت لهما كل المستلزمات حتى أنهما تحصلا على أفضل النتائج في الدراسة فأشعروني بأن المرشدة الأجتماعية بينت ان معاملتي قاسية للطفلين وتربيتي لهما لا تتماشى مع حقوق الطفل.. أعلمتهم بأنني تونسي مسلم لنا تقاليدنا في تربية الأطفال ولنا خطوط حمر لا يجب الأقتراب منها ولكنهم تجاهلوا حديثي وظلت كل محاولاتي عاجزة عن إعادة عائلتي الى البيت». تغيير كلي وانهيار أخلاقي يواصل الشريف سرد وقائع مأساته التي حوّلته الى رجل منهك نفسيا ومحطما فقال: «بعد ثلاثة أشهر من المحاولات واللقاءات بمسؤولين تونسيين وإيطاليين سمح لي بزيارة عائلتي داخل الكنيسة فكانت المفاجأة في انتظاري يوم اللقاء.. غابت الأخلاق عن إبني.. صدمت مما رأيت.. لم أصدق ما حدث لعائلتي تساءلت هل هذه هي الأخلاق التي يريدونها في إيطاليا، هل بتشجيع الأطفال والنساء على التدخين نعتبر انفسنا قد حافظنا على حقوقهم.. لم ألتزم الصمت.. صرخت بأعلى صوت.. هذا حرام.. حرام ما أنتم بصدد فعله.. لقد حطمتم عائلتي.. لقد حكمتم على طفلي بالأنحراف.. ألتقيت لاحقا رئيس محكمة سالارنو وطلبت منه عدم التدخل في شؤون عائلتي.. أعلمته بأن طفلي اصبحا يتناولان لحم «الحلوف» ويدخنان ورجوته أن يعيدهما لي لأعيدهما الى الجادة ولكنه تجاهلني ورفض لاحقا مقابلتي». صدمة ثانية وأزمة قلبية تواترت السنوات وحرمت من رؤية أبني اللذين ضحيت بالغالي والنفيس من أجلهما الى ان استدعاني أعوان مركز الشرطة بباتيبالي وكان ذلك سنة …..2006 توجهت الى المقر الأمني وبوصولي كانت فرحتي كبيرة برؤية «ق» و«ث» ولكن فرحتي تلاشت شيئا فشيئا بعد اكتشافي لتدهور أخلاقهما إذ كانا يدخنان ويحمل كل واحد منهما قرطا في أذنه كما علمت بأن نتائجهما الدراسية سيئة جدا أردت أحتضانهما والعودة بهما الى المنزل ومحاولة إصلاحهما ولكن الأعوان رفضوا وقرروا إعادتهما الى أمهما في الملجأ فأصبت داخل المركز بأزمة قلبية وسقطت مغشيا عليّ ولم أفق الا بعد 25 يوما من الغيبوبة.. لأقف على صدمة ثانية الابن قاتل وأضاف: «كنت في البيت أتابع الأخبار عندما شاهدت صورة ابني «ق» عند الإعلان على وقائع جريمة قتل إثر تصفية حسابات بين مروجي مخدرات وبمزيد التدقيق علمت ان ابني واصل انحرافه وانغمس في عالم المخدرات الى ان وقع خلاف بينه وبين مروج إيطالي فقام بقتله وألقي القبض عليه وهو اليوم رهن الإيقاف أما الأبن الأصغر «ث» فقد أودع بمركز لإصلاح الأحداث إثر تورطه في محاولة قتل». وتساءل محدثنا: «هل بتشجيع إبني على الأنحراف حافظت إيطاليا على حقوق الطفل؟ وهل بأفتكاك الأبناء من آبائهم نحافظ على حقوقهم وتوازنهم النفسي والأخلاقي..!؟ لقد حاولت حفظ ماء الوجه والبحث عن طريقة جديدة للمّ شمل عائلتي ولكن صدمة ثالثة تلقيتها عقبتها رابعة. يقول شريف: «لقد علمت ان زوجتي ارتدت عن الإسلام واعتنقت المسيحية وصارت تحمل سوارا به شعار الصليب في عنقها.. قبل ان اكتشف ربطها لعلاقات مع إيطاليين وفي آخر مرة شاهدتها تتمشى مع إيطالي فثارت ثائرتي باعتبارها مازالت زوجتي فألتحقت بهما وأعتديت على مرافقها بالعنف فتقدم بقضية ضدي». في الأثناء قمت بإنابة سبعة محامين دفعة واحدة للدفاع عني وعن ولدي وهو ما جلب انتباه الصحافة الإيطالية التي تحدثت عن مأساتي وطالبت بدراستها ولكن السلطات الإيطالية قامت في نهاية مارس 2007 بأتخاذ قرار طردي من التراب الإيطالي وتم ترحيلي في بداية أفريل الفارط الى تونس.. عدت الى هنا إنسانا محطّما.. بلا عمل، بلا زوجة، بلا أبناء.. المستقبل يتراءى لي مظلما.. أتصلت بمصالح وزارة الخارجية والمسؤولين للتدخل ومساعدتي على العودة لإنقاذ طفلي ومباشرة عملي وإسترداد حقوقي ولكن.. لاحياة لمن تنادي (!!). صابر المكشر (المصدر: صحيفة « الصباح الأسبوعي » (أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 31 مارس 2008)
الأدوية الطبيعية في تونس:
«الهندي» لتقوية جهاز المناعة و«الدّفلة» للقلب
تعرف صناعة الادوية على مستوى العالم توجها جديدا يقوم على استخراج مواد مقاومة للامراض من الاعشاب والمواد الطبيعية بعد أن أثبتت عدة اختبارات الاضرار التي تتسبب فيها المواد الكيميائية المستخدمة في غالبية الادوية المتداولة حاليا. ولأن التداوي بالاعشاب الطبية منتشر في بلادنا ويعتبر من التقاليد القديمة التي توارثتها الاجيال جيلا بعد جيل، فليس من الغريب أن يهتم الباحثون التونسيون بهذا الموضوع ويعملون على استخراج مواد طبيعيية من هذه الاعشاب يمكن إدماجها في صناعة أدوية قادرة على معالجة الامراض الجديدة التي عجز الدواء الكيميائي عن القضاء عليها. وفي هذا الاطار تعمل مجموعة من الباحثين في القطب البيوتكنولوجي بسيدي ثابت على استخراج مواد من بعض النباتات المعروفة في بلادنا كنبتة «الهندي» والتي أثبتت التجارب الاولية احتواءها على مواد قادرة على تقوية جهاز المناعة وتؤخر شيخوخة الخلايا الحية إضافة الى مقاومة الجراثيم المختلفة. أما نبتة «الدفلة»، فقد أثبتت التجارب قدرتها على تقوية القلب وحمايته من الامراض التي تتهدده. ولم يهمل الباحثون التونسيون التوابل التي نستغلها في إعداد الطعام، إذ برهنت تجاربهم، التي مازالت في بدايتها، على وجود زيوت في نبتتي «الكمون» و «التابل» ذات تأثير إيجابي على صحة الانسان. كما يعمل الباحثون على استغلال فضلات الفلفل والطماطم التي تلقي بها مصانع المصبرات والتي تضر بالبيئة، وفي هذا الاطار تمكنت الكفاءات التونسية من استخراج مواد طبيعية قادرة على تعويض الملونات الكيميائية المستعملة بكثرة في صناعة المواد الغذائية والتي تعتبر مصدرا من مصادر الاصابة بمرض السرطان، وقد عبر عدد كبير من مصنعي المواد الغذائية عن رغبتهم في استغلال هذه الملونات الطبيعية في منتوجاتهم. ويتم الاستئناس في هذه الابحاث بما ورد في العادات والتقاليد من طرق المداواة بالاعشاب، إذ أن خبرة كبار السن في هذا المجال تعد مرجعا أساسيا للباحثين. ورغم أن هذه الابحاث مازالت في بدايتها فإنها أعطت إشارات إيجابية في ما يتعلق بمعالجة بعض الامراض المستعصية كالسيدا والسرطان وذلك اعتمادا على مواد مستخرجة من أعشاب طبية تنمو على أرضنا، فقد أثبتت التجارب العلمية أن تربة تونس وبيئتها زوّدتا النباتات الطبية بمواد طبيعية نادرة لا يمكن للنبتة نفسها أن تنتجها لو زرعت في بلد آخر، وهو الامر الذي من شأنه أن يجذب اهتمام مخابر الادوية العالمية بأعشابنا ويجعلها سلعة مطلوبة في السوق العالمية مما يدفع رؤوس الاموال الى الاستثمار في هذا القطاع الواعد وخلق فرص عمل أمام خريجي الجامعات. (المصدر: صحيفة « المصور » (أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 30 مارس 2008) الرابط: http://www.almoussawar.com/
ندوة الطريق الجديد حول غرامشي: علاش غرامشي اليوم؟
بقلم: أزواو سومنديل آوراغ في صفوف اليسار التونسي القريب من الحركة الشيوعية عموما و حتى النخبة الفكرية، ثمة برشة حنين ة نوستالجيا لشخصية غرامشي المثقف و المناضل الإيطالي اللي اهتم بصورة خاصة بمسألة الثقافة و دور المثقف و تحديد النظرية كذلك لمفهوم المثقف العضوي اللي ينتمي للحركة السياسية اللي مهمتها قيادة الطبقة العاملة. من ذلك من حين لحين تتلم ندوة فكرية حول غرامشي و تبدا المداخلات متاع البعض من المهتمين بتاريخ الحركة الشيوعية العالمية و الا المهتمين بالجوانب الثقافية مسرصطين الواحد وراء لاخر في برشة رتابة و اللي هذا بوريقاتو و الناس كينهم ما فيبالهمش بما هو معمول بيه في ميدان التواصل الجديد (توة أكثر من 20 عام) من نوع الداتا شو و أجهزة البث و الاقتضاب في الكلام و الاعتماد على الصورة المبثوثة على الشاشة، بالطبيعة، على شرط أنه تكون المداخلات مطبوعة و موزعة بالمسبق و الناس خذات وقتها باش تقراها و تنجم تعلق و تناقش بصورة مركزة. محل الشاهد في الواقع موش هذا يا مّا موش بعيد عليه. في الجمعة اللي فاتت نظمت جريدة الطريق الجديد ندوة حول غرامشي حضروها عدد لاباس بيه من المهتمين سوى بالنضال ضمن الحركة الديمقراطية التقدمية و الا اللي يهمهم الجوانب الفكرية و التاريخية لغرامشي. الحاجة اللي تجلب الانتباه هو غياب الناس العاملين في الحقل « الثقافي » و الا المهتمين بيه، و هذا كيف العادة، و الله لا تقطعلنا عادة، الأكيد انه أغلبيتهم يامّا في المزار و الا في الأوسكار، و بما أنه نهار جمعة ينجمو زادة يكونو البعض منهم ما زالو في صلاة الجمعة. ما نحكيش على الشبيبة و هذايا ما هوش جديد زادة أخطى الكعيبتين المعروفين، أغلبية الحاضرين ريوسهم كي القنارية المنورة ما ثمة كان الشايب و خوه. في عشوية تعدّاو قريب العشرة متداخلين و كانك من المناقشين ما يفوتش عددهم حتى هومة الحارتين. القصد متاعي موش التقليل من أهمية الندوة بقدر ماهو غيرة على أنه كيف انظمو حاجات من ها النوع، نعطيوهم ما يستحقوا من الجدية و المصداقية و خاصة المحتوى اللي عندو صلة بأوضاعنا و مشاغلنا و ما يقعدشي تعصبين كرش ما بين الجماعة اللي بلغتهم الدعوى و قعدو ثمّة ثمّة من هاك العام ما زادوش تقدمو بفكرهم و ابحاثهم و اتكهيبهم على متحولات بلادنا و بلاد الدنيا. اللي يغيض هو انو ما يحصلش من اللمة استفادة جديدة على ضو ما أضافوه مفكرين أخرين على كتابات و تفكير غرامشي من أمثال روبرت كوكس(Robert Cox) و ما عطاه من تحيين و أبعاد جديدة لمفهوم الهيمنة ضمن ما يسمّى بالمقاربة الغرامشية الجديدة(l’approche néo-gramscienne ) المعروفة « بالسياسة الشاملة » (politique globale ) و اللي تحولت فيما بعد 1981-2001 بالنظريات النقدية (théories critiques ) في صلب الجدل القديم الداير ما بين مختلف النظريات سوا منها النظرية التقليدية (la théorie traditionnelle) متاع أدورنو و هوركهايمر (Adorno et Horkheimer ) و الا المهتمة بالإقتصاد السياسي العالمي(l’EPI) على ضوء مقاربات التيارت الأرثودوكسية(Waltz, Krasner, Ruggie, Nye et Keohane) القضية هاذي متاع الانفصام على تطور الفكر الغرامشي في العالم و تكيّفو بالتحولات السياسية اللي حدثت من بعد الحرب العالمية الثانية تخبي انفصام أكبر و أهم للمفكرين التوانسة و العرب عموما لعلاقة ال » الثقافة العالمة بالثقافة الشعبية » من شيرة و إصرارهم و اعتقادهم أنو بلداننا وصلت إلى درجة من الانسجام و التوحيد السياسي و الاجتماعي بمفهوم المواطنة، بما يلزمو من اعتراف والشرعية المتبادلة بين النخبة الحاكمة و المجتمع اللي قدرت على توليد مفهوم الثقافة و المثقف والثقافة الوطنية، في حين اللي الواقع يأكد نهار بعد نهار اللي لا وجود لأي دليل مقنع و جازم لها الشيء هذا ، و أنه ما يُسَمَّى بأجيال النخب المثقفة ما هي إلا حلقات منفصلة على بعضها من سلسلة ما بينها حتى رابط و ما هيش قادرة أنها توَلّد ثقافة ثابتة تنفذ للمجتمع و تطورو، و الا باش تتوالد فيما بينها. المسألة اللي تحير أكثر فأكثر هو اقتناعنا ببرشة مسلمات و عدم وجود لحيرة و تساؤلات فكرية هامة و خطيرة على واقعنا الاجتماعي و بعدنا كل يوم أكثر على الواقع المعيش المتحول بسرعة مذهلة، وكأنه ثمة خوف لمواجهة ها الواقع المتردي، و دازينها اللي يقري يقري، و اللي يعمل في أطروحة يبحث، و اللي يجري في جرة ضمان خبيزة قال اشنوة يعمل في الثقافة. و العزوزة هازها الواد وتقول العام طهمة، في وقت اللي شبابنا و مجتمعاتنا قاعدة فريسة ساهلة للبلعان من طرف الهيمنة الثقافية الشاملة اللي جاية من الغرب و من الشرق. (المصدر: مدونة « خيل وليل » التونسية بتاريخ 31 مارس 2008) الرابط: http://khilwelil.blogspot.com/2008/03/blog-post_31.html
الجزائر: معلومات عن إحباط محاولة جديدة لاغتيال بوتفليقة
الجزائر – محمد مقدم كشفت مصادر متطابقة لـ «الحياة» أن عنصراً في «تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» قتلته قوات الأمن الجزائرية مساء أول من أمس في ولاية وهران، كان يعد لتنفيذ عملية انتحارية تستهدف الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة خلال زيارة لغرب البلاد مقررة بعد أسابيع. وكانت وهران شهدت مساء السبت عملية أمنية واسعة لتوقيف اثنين يشتبه بانهما «انتحاريان». وأشارت المصادر إلى أن مقتل احدهما، محجوب محمد (25 عاماً)، في حي سيدي الهواري الشعبي، «جاء بعد أربعة أيام كاملة من الرصد والمتابعة لتحركاته»، لافتة إلى أنه «كان في مهمة تنفيذ عملية كبيرة في الولاية». وأفادت النتائج الأولية للتحقيقات الأمنية أن محمد «كان ينشط ضمن سرية تابعة لمنطقة الشرق» في تنظيم «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي»، تحديداً على مستوى ولاية باتنة (400 كلم غرب العاصمة). ولفتت إلى أن هذه السرية «هي نفسها التي كان ينشط فيها الانتحاري بلزرق الهواري الذي فجر نفسه في وسط حشد من المواطنين كانوا ينتظرون الرئيس بوتفليقة في باتنة» في أيلول (سبتمبر) الماضي، بعدما طارده أحد رجال الشرطة لتوقيفه. وتبين أن محجوب محمد يقيم في الحي نفسه الذي كان يقيم فيه الانتحاري الهواري، وينتمي إلى «العرش» (القبيلة الأمازيغية) نفسها. وأفادت المعلومات أن قيادة «القاعدة» أوفدت محمد لتنفيذ عملية انتحارية في ولاية وهران أو إحدى الولايات القريبة منها خلال زيارة بوتفليقة. لكن الأجهزة الأمنية تتحفظ عن كشف تفاصيل المحاولة وظروف تنفيذها، وإن أشارت إلى أن «التحريات في شأن أفراد شبكة الدعم والإسناد التي كان يفترض أن تسهل مهمته بدأت، ويُتوقع توقيف غالبية أفرادها خلال أيام». وعمدت السلطات إلى تعزيز التدابير الأمنية على تنقلات رئيس الجمهورية في الولايات، كما قلصت «كثيراً من الأنشطة غير الضرورية»، بسبب مخاوف أمنية. لكن إصرار بوتفليقة على مواصلة نشاطاته بشكل عادي وضع أجهزة الأمن في حرج شديد دفعها إلى غلق مداخل الطريق المؤدية إلى قصر الرئاسة، وتشديد إجراءات تفتيش مستقبلي الرئيس في الزيارات الميدانية. (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 31 مارس 2008)
المغرب يتنبي استراتيجية جديدة تجاه الحركة الإسلامية شبيهة بإستراتيجية مصر تجاه الاخوان المسلمين
مدريد ـ القدس العربي من حسين مجدوبي: بدأ
وكشفت الصحافة المغربية والدولية أن هناك استراتيجية تصعيد واضحة ضد هذا التنظيم الذي يتزعمه عبد السلام ياسين. ومن ضمن الاجراءات التي اتخذتها الحكومة ان راسلت مختلف محافظات المغرب بمذكرة تنص علي نهج سياسة تضييق ضد أنشطة العدل والاحسان غير المرخص لها، علما بأنها لا تحصل علي تراخيص بأنشطتها. ميدانيا، يتجلي بوضوح في مدي تطبيق هذه المذكرة التي تعود الي شهور خلت، حيث جري اعتقال قرابة ستة آلاف شخص حتي الآن، ثم الافراج عنهم بدون متابعة أو بمتابعة قضائية. ويكشف موقع العدل والاحسان في شبكة الانترنت أنه منذ تصعيد السلطات لتعاملها مع العدل والاحسان، جري اعتقال قرابة ستة آلاف ـ أكثر من 800 يتابعون أمام القضاء. وتقول مصادر من هذا التنظيم منذ سنتين كانت أنشطتنا أكثر بكثير والاعتقالات محدودة، والآن وإن كانت أنشطتنا قد قلت فالاعتقالات قد ارتفعت بشكل كبير . وثاني هذه الاجراءات الحكومية ان الاعتقالات كانت في مجملها تشمل الرجال ونادرا ما كانت تمس النساء، إلا أنه في المدة الأخيرة بدأت تمس النساء مباشرة و بصورة كبيرة. فخلال الأسبوعين الأخيرين جري اعتقال أكثر من مئة امرأة في كل من مدينتي أسفي جنوب البلاد ووجدة شرق البلاد، ونقلت السلطات الجميع الي مراكز الشرطة لاستنطاقهن ولاحقا الافراج عنهن. ويبدو أن الاستراتيجية الجديدة بدأت تمتد الي حزب العدالة والتنمية الذي يتزعم المعارضة في المغرب. في هذا الصدد، يعتبر منع الأمين العام للحزب سعد الدين العثماني من إلقاء ثلاثة محاضرات بإقليم سراغنة (وسط البلاد) خلال الأيام الأخيرة بمثابة خطاب قوي موجه لهذا الحزب الذي يرغب في لعب دور سياسي في البلاد. وتكشف مصادر سياسية في الرباط لا يمكن لأي محافظ ولاية التجرؤ علي منع أمين عام لحزب ما خاصة من معيار ثقيل مثل العدالة والتنمية إذا لم تكن هناك توصيات واضحة صادرة من وزارة الداخلية ومفادها التضييق علي العدالة والتنمية . ويتساءل المراقبون حول كيف كانت تتعامل الحركة الاسلامية مع هذه الاستراتيجية الجديدة؟ تنظيم العدل والاحسان يستمر في مسيرته دون إبداء أي اهتمام كبير بهذه الاستراتيجية، فزعماء الحزب ومن ضمنهم فتح الله أرسلان، الوجه البارز بعد عبد السلام ياسين، يري أن التنظيم مستمر في خططه ولن يسقط في الاستفزاز ، في حين يدرك حزب العدالة والتنمية أن هذه الاستراتيجية ترمي الي تحجيمه وسط المشهد السياسي المغربي. في هذا الصدد، يقول محمد يتيم أحد أبرز زعمائه في حوار مع جريدة التجديد الأسبوع الماضي نوجد الآن، أمام منطق جديد إعادة هيكلة الخريطة السياسية لصالح تحجيم وتقزيم دور الحركة الاسلامية ولكن دون استئصالها . وأضاف يتيم ان تصرف النظام المغربي بعد انتخابات 7 ايلول/سبتمبر يصب في إعادة التحكم في الخريطة السياسية وإحداث توازن حتي لا تميل الكفة لصالح الحركة الاسلامية، ربما تخوف النظام من تزعم حزب العدالة والتنمية المشهد السياسي يفسر المعطيات الجديدة التي بدأت تبرز في الساحة . ويبقي الرأي السائد لدي الخبراء أن هذه المقاربة جديدة هي أشبه باستراتيجية النظام المصري في تعامله مع حركة الاخوان المسلمين. والاستراتيجية المصرية تقوم علي ثلاث نقط، الحد من تأثير الاخوان المسلمين وسط المجتمع المصري، جعل الاعتقالات بالخبر العادي أمام الرأي العام، وأخيرا اللجوء الي العنف لجعل قاعدة الحركة في التفكير في الاعتدال ومراجعة أطروحاتها وإعادة فتح مجال الحوار معها بما في ذلك المشاركة السياسية. ونجحت هذه الاستراتيجية بشكل كبير رغم القاعدة الكبيرة لهذه الحركة التي أسسها حسن البنا في بلد النيل. ويبدو أن النظام المغربي بدأ ينجح نسبيا في استراتيجيته، فقد جعل أخبار اعتقال ومحاكمة أعضاء العدل والاحسان بالخبر العادي جدا الذي لم يعد يثير أي اهتمام إعلامي كما كان في السابق، ولكن يبقي تقزيم الحركة الاسلامية ودفعها الي مراجعة مواقفها هو التساؤل المعلق الذي ستجيب عنه الأيام المقبلة. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 31 مارس 2008)
إعلاميون عرب يؤسسون موقعاً هو الأول من نوعه لأخبار الدنمرك بالعربية
كوبنهاغن – خدمة قدس برس أشاد إعلامي فسطيني في الدنمرك بأداء الإعلام العربي في تقديم فهم صحيح ومتوازن لتداعيات نشر الرسوم الكارتونية المسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، ولقضايا الأقليات المسلمة في الدنمرك بشكل عام. وأوضح مدير ورئيس تحرير موقع أخبار الدنمرك باللغة العربية، نضال أبو عريف، في تصريحات خاصة لـ « قدس برس »، أنّ انطلاق موقع أخبار الدنمرك باللغة العربية قد مثّل نقطة مهمة في بلورة الصورة عن وضع المسلمين في الدنمرك، وقال « لقد استطاع موقع أخبار الدنمرك باللغة العربية الذي تأسّس في 18 كانون الثاني (يناير) الماضي بجهد ذاتي من القائمين عليه، أن يقدم صورة متكاملة عن أوضاع الدنمرك، ولا سيما ما يتصل منها بالجالية العربية والأقلية المسلمة بلغة عربية وبمهنية إعلامية ». وتابع أبو عريف « كان موقعنا هو الأول الذي نقل خبر إعادة نشر الرسوم الكارتونية المسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم في شباط (فبراير) الماضي، والاعتقالات التي شهدتها مدينة أوغوس، وقد تعاملنا مع كل ما تبع ذلك من تداعيات بمهنية إعلامية عالية نقلنا فيها مختلف وجهات النظر بموضوعية تامة »، وفق توضيحه. ونفى أبو عريف أن يكون استخدامهم للغة العربية في إعلام يتحدث عن قضايا الدنمرك أي مؤشر للانحياز على حساب الموضوعية، وقال « نحن نعمل كموقع إخباري، وقد أعطينا مساحة لقادة الرأي داخل الأقلية المسلمة في الدنمرك أن تشرح بنفسها رؤيتها لواقعها ولكيفية تعاملها مع التحديات الواقعية التي تعاشها، كما أننا ننقل بموضوعية تامة رؤية الحكومة الدنمركية لذات القضايا، ونحن نتعامل معها من هذه الزاوية: أي الزاوية الإعلامية المهنية »، على حد تعبيره. ولفت أبو عريف الانتباه إلى أنّ موقع أخبار الدنمرك باللغة العربية قد استطاع أن يرسخ أقدامه كمصدر أساسي للخبر لدى الجالية العربية في الدنمرك أولاً ولدى المهتمين بأوضاع المسلمين في الدنمرك ثانياً، وقال « لقد استطعنا بحمد الله في فترة وجيزة أن نرسخ موقعنا كمصدر إعلامي عربي في الدنمرك للجالية العربية أولاً وعلاقة بعضها ببعض، ثم لنقدم صورة لواقع هذه الجالية للمهتمين بالشأن العربي والإسلامي في الدنمرك، وتابع « يزور موقعنا الإخباري www.akhbar .dk يوميا أكثر من خمسمائة زائر، وهذا ليس أمراً هيناً » بالنسبة لتجربة ناشئة، كما قال. من جانبه؛ أكد مدير التحرير في موقع أخبار الدنمرك، ناصر السهلي، في تصريحات خاصة لـ « قدس برس »، أنّ الهدف الأساسي من تجربة هذا الموقع الإعلامي العربي الأول من نوعه في الدنمرك، هو ترسيخ منبر إعلامي عربي يعنى بشؤون العرب في الدنمرك، وقال « نحن نعمل على أن يكون هذا الموقع الإعلامي باللغة العربية مرجعاً أساسياً ليس فقط لأخبار العرب في الدنمرك بل وأيضا لأخبار الدنمرك، وقد تمكنّا في فترة وجيزة من حيازة اعتراف إعلامي ورسمي بنا، ذلك أنّ موقعنا موجود على الصفحة الرئيسية لموقع وزارة الخارجية الدنمركية، وهذا اعتراف إعلامي رسمي بنا نعتز به، ونرجو أن يتراكم ليتحوّل إلى مؤسسة إعلامية عربية قائمة بذاتها في الدنمرك »، وفق ما ذكر. (المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال (بريطانيا) بتاريخ 31 مارس 2008)
« كنت نصرانيا »: حكاية شابين مع الإنجيليين في الجزائر
تسعديت محمد-الجزائر عندما كان محند أزواو يحضر للثانوية العامة في 1995, كانت بلاده الجزائر تعرف حينها ظروفا صعبة اصطلح عليها هنا بعشرية الحمراء, وشعر بفراغ روحي وفكري فلجأ إلى الفكر الغربي ومنابعه, وكثيرا ما تأثر في قراءاته بكلمات من الإنجيل أثرت فيه بعمق. يتذكر أزواو أنه أحس برغبة في قراءة الإنجيل، لم يكن ينوي التنصر, لكنه اتصل بأسرة نصرانية من أصل جزائري في قريته, ومن هنا بدأت عملية الإقناع بتخدير العقل والتركيز على العواطف وزرع الإحساس بعبء الذنوب وخشية الموت على معصية.. « سعوا إلى أن يغرسوا بداخلي الشعور بأمل الخلاص عبر اتباع تعاليم الإنجيل » يقول أزواو للجزيرة نت. « كنت نصرانيا » حكى أزواو في كتاب « كنت نصرانيا » قصته مع التنصير, وقارن بين النصرانية والإسلام, لكنها أول مرة يدلي فيها بشهادته للصحافة, ويحكي قصة نشاط الطائفة الإنجيلية الخمسينية التي تقف وراء التنصير في الجزائر, وتسعى لهدم أي تقارب إسلامي مسيحي حسب قوله. حفظ أزواو الإنجيل عن ظهر قلب, لكنه يقول اليوم إنه عندما بدأ يقرأه بالعقل لا بالعاطفة اكتشف عدة تناقضات, فخاض مجددا رحلة بحث في المسيحية ليزداد شكه, ويعود إلى الجذور ويقرأ في الدين الإسلامي وينهل من عدة كتب, ثم ينطلق بعد انقشاع الضباب -حسب قوله- إلى من كان سببا في اعتناقهم النصرانية ليعيدهم إلى دين التوحيد. بدأت فضولياً العيد شمومة من وهران في غرب الجزائر.. شاب آخر له قصة مع التنصير بدأت عام 2002 مع الفضائيات المختلفة, حيث جذبته برامج قنوات مسيحية تتحدث عن المحبة والتفاؤل والسلام. يتذكر العيد أنه كمسلم عانى فراغا روحيا شديدا، فقرر الاتصال فضولياً بأحد البرامج, وتمكن من ربط علاقة بإنجيليين في أوروبا, وتلقى اتصالا للاطمئنان على أحواله, واستمرت المكالمات الهاتفية لعام. يقول العيد إنه أحيل فيما بعد على إنجيليين بالجزائر, وفي العاصمة توطدت علاقته بأحدهم، شجعه على الدراسة, وقد كان حينها يحضر للشهادة الثانوية العامة. كثيرا ما أخبره هذا الإنجيلي بأنه يصلي له ويعطيه مقاطع من الإنجيل لترديدها في الامتحان, حدثه عن المسيح ونصحه بالمسيحية خلاصا, ثم اتصل به شخص آخر من مدينته عام 2003، ودعاه لحضور مخيم صيفي بوهران. اللقاء الأول وقع لقاؤه الأول مع العالم الجديد حين تعرف على مركز « بيت الرجاء » وهو مدرسة لتلمذة وتكوين الخدام المسيحيين تنشط علنا. حضر مخيما يشرف عليه المركز أزيد من مائة بينهم جزائريون. يقول إنه عندما رأى ذلك الحشد في المخيم الذي أطلق عليه اسم « مخيم حديثي الإيمان » لم يعد يشعر بالحرج, وتشجع أكثر عندما سمع شهادات بعضهم وتجربتهم مع التنصير. امتد المخيم أسبوعا دراسيا حضره أجانب أشرفوا على التوجيه, وتأثر العيد بجو الصلاة والترانيم وتمجيد الرب واعتقد أنه سيحظى بالحياة الأبدية « وكيف أرفض محبة الله؟ » يقول اليوم. وافق العيد على تعميده أثناء المخيم, وبما أنه رسب في امتحان الثانوية العامة تابع دراسة الدين المسيحي داخل « بيت الرجاء » لسنة وحظي بمنحة شهرية ونظام داخلي وتحصل عام 2004 على شهادة تخرج. سؤال واحد ألقيته على مسامعه « لماذا إذن العودة إلى الإسلام؟ » فأجاب ببساطة « نادتني فطرة التوحيد وحقيقته ». (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 30 مارس 2008)
المحكمة الدستورية تعتبر الشكوى لحظر الحزب الحاكم في تركيا مقبولة
انقرة (ا ف ب) – قال نائب رئيس المحكمة الدستورية التركية عثمان باكسوت ان المحكمة الدستورية اعتبرت الاثنين ان الشكوى التي تطالب بحظر حزب العدالة والتنمية الحاكم في البلاد مقبولة. واعلن باكسوت الذي كان يتحدث امام عدد من الصحافيين في ختام اجتماع للقضاة المحكمة الدستورية انهم قرروا القبول في الشكل شكوى المدعي العام في محكمة التمييز والتي تطالب بحظر حزب العدالة والتنمية المنبثق من تيار اسلامي بتهمة القيام بنشاطات تتعارض والعلمانية. واتخذ القرار باجماع القضاة ال11 الاعضاء في المحكمة. وقررت غالبية من القضاة ان تشمل المحاكمة رئيس الدولة عبد الله غول وهو من الكوادر السابقين في الحزب الحاكم كما اعلن باكسوت من دون مزيد من التفاصيل. وهذا القرار يطلق رسميا محاكمة الحزب الذي يحكم البلاد منذ العام 2002. وكان المدعي عبد الرحمن يلشينكايا تقدم في 14 اذار/مارس الحالي بطلب لحظر حزب العدالة والتنمية امام المحكمة الدستورية. وتطالب المطالعة المطولة من 162 صفحة ان يتم حل حزب العدالة والتنمية وان يمنع 71 من كوادره بينهم رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان من ممارسة العمل السياسي لمدة خمسة اعوام. وستدرس المحكمة الان الشكوى في الاساس. وامام حزب العدالة والتنمية مهلة شهر قابلة للتمديد لتقديم دفاعه الاول. ويتهم يلشينكايا حزب العدالة والتنمية بانه اصبح « بؤرة انشطة تتعارض والعلمانية ». وادى طلبه حظر الحزب الحاكم الى توتر بين المدافعين الكبار عن العلمانية وانصار الحكومة المؤيدين لمزيد من الحريات الدينية. ويؤكد حزب العدالة والتنمية المنبثق عن التيار الاسلامي انه ابتعد عن الاسلام السياسي ويعتبر نفسه حزبا « ديموقراطيا محافظا ». اما الاوساط المؤيدة للعلمانية والنافذة جدا في صفوف الجيش والقضاء وبعض الادارات فتتهم الحزب الحاكم بانه يريد سرا اسلمة البلاد التي يدين 99% من سكانها بالاسلام ولكنها تعتمد نظاما علمانيا. (المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية (أ ف ب) بتاريخ 31 مارس 2008)
«كهنة» الديمقراطية والعلمانية في تركيا
د. محمد نورالدين (*) دخلت الأزمة السياسية في تركيا مرحلة جديدة وحساسة تضع الجميع أمام خيارات حاسمة في اتجاه الحل السلمي أو الصراع المفتوح على كل الاحتمالات. ولا شك ان الاحداث التي شهدتها تركيا خلال الأشهر بل الأسابيع الأخيرة كانت مليئة بالدلالات ومترابطة بصورة غريبة، من السماح للحجاب في الجامعات، إلى اعتقال قيادات في منظمة ارغينيكون التي تقف وراء اغتيالات وتحريضات سياسية وامنية ضد حزب العدالة والتنمية، وصولا إلى مطالبة المدعى العام حظر حزب العدالة والتنمية ومنع قياداته وفي مقدمتهم رئيسه رجب طيب اردوغان كما رئيس الجمهورية عبدالله غول من العمل السياسي. أمام قرار القوى العلمانية المتشددة « اعدام » حزب العدالة والتنمية، ولا سيما زعيمه اردوغان، باتت تركيا أمام كباش مصيري يتوقف عليه مستقبل الصراع السياسي بل اسس النظام السياسي. ومما ظهر خلال الأيام الأخيرة يؤكد ان الانتخابات النيابية والديمقراطية ليست،كما في الديمقراطيات الغربية، المحدد الأساسي للصراع في تركيا. وقد حاول حزب العدالة والتنمية ان يخترق هذا الخط الأحمر عندما تحدّى ونجح في اللجوء إلى الشعب عبر استفتاء يتيح انتخاب الرئيس من الشعب مباشرة وليس من البرلمان الذي قد يتعرض لضغوطات مراكز قوى متعددة. ومن الدعوى التي رفعها المدّعى العام لحظر الحزب وهو في السلطة يتضح ان آليات العمل الديمقراطي في تركيا لا تخضع للآليات الغربية ولا تحترم الارادة الشعبية. فكيف يحق لمجموعة قضاة ان يتلاعبوا بالإرادة الشعبية ويكون لهم ايضا حق تفسير مفاهيم فكرية مثل العلمانية ليطلعوا بعد ذلك ويقولوا، على الأرجح، ان حزب العدالة والتنمية انتهك العلمانية لمجرد انه دافع عن حق المحجبات في دخول الجامعات؟. مع ذلك يتكشف يوما بعد يوم ان اصلاحات حزب العدالة والتنمية خلال السنوات الأربع-الخمس الماضية لم تفلح في حسم الصراع لصالح الديمقراطية. ويتبين مرة اخرى ان مركز القرار الفعلي لا يزال في ايدي المؤسسات غير المنتخبة مثل الجيش والقضاء والمحكمة الدستورية. وانه باستطاعة اي حزب ان يصل إلى السلطة وبغالبية كبيرة لكنه لا يستطيع الاستمرار فيها اذا تجاوز الخطوط الحمر المرسومة من قبل « كهنة » العلمانية والكمالية. ومثال الحزب الديمقراطي في الخمسينيات واضح. اذ رغم بلوغ اصواته ارقاما قياسية قارب الـ55 في المائة على امتداد عشر سنوات انتهى زعيمه عدنان مندريس على حبل المشنقة. واليوم يواجه حزب العدالة والتنمية التجربة نفسها فرغم انه اكتسح للمرة الثانية الانتخابات النيابية فإنه يواجه خطر الاغلاق بسبب ادعاء المدعى العام الذي يريد بشحطة قرار المحكمة الدستورية ان يمحوه من المعادلة السياسية بمن في ذلك رئيس الجمهورية عبدالله غول وزعيمه رجب طيب اردوغان. ويبدو ان التحصن بالديمقراطية الشعبية من جانب حزب العدالة والتنمية لا يعني شيئا للقوى المعادية له. وكم تبدو غريبة تلك النصوص الدستورية التي تمنع تعديل بعض مواد الدستور إلى الأبد التي تفوق بـ « قدسيتها » حتى نصوص القرآن الكريم لجهة التفسير. فمثلا منع تعديل البند المتعلق بالعلمانية وصل إلى حد منع اي تفسير آخر غير الذي وضعه العلمانيون انفسهم. وبالتالي فإن العلمانية بالنسبة لكهنة العلمانية الأتراك تعني منع ارتداء الحجاب في المؤسسات الرسمية والمدارس والجامعات.ولذلك هم يطالبون اردوغان بالتراجع عن التعديل الدستوري الذي اقر مؤخرا ويسمح بارتداء الجامعيات الحجاب. ومثل هذا التفسير يعني ببساطة ان فرنسا مهد العلمانية في العالم ليست علمانية لأنها لا تمنع الحجاب في جامعاتها.والأمثلة على ذلك كثيرة. الأخطر من كل ما سبق ان ذهنية الانقلابات العسكرية لا تزال قائمة رغم بدء مفاوضات العضوية مع الاتحاد الأوروبي. فإذا فكّر اردوغان باللجوء إلى الشعب لاستفتائه بشأن منع اغلاق الأحزاب اعتبرت الدعوة لذلك استفتاء على العلمانية وهذا لا يجوز. وفي حال مضى اردوغان في خيار الاستفتاء كان الجواب عليه من قبل القوى غير المنتخبة التهديد بانقلاب عسكري. هكذا بكل بساطة وكأن سبعين مليونا من الناس ليسوا سوى برغش ولا رأي لهم في كل الموضوعات. ان المقايضة المطروحة الان على اردوغان بالتراجع عن السماح للحجاب في الجامعات مقابل منع حظر الحزب هي اهانة للإرادة الشعبية واحتقار للديمقراطية. وفي الواقع ان الدفاع عن الحجاب لم يكن يوما فقط لدافع ديني بل ايضا دفاعا عن الحرية الفردية. كما ان معارضة اغلاق حزب العدالة والتنمية ليست سوى دفاع عن الديمقراطية تماما مثل معارضة الدعوى المقامة لإغلاق حزب المجتمع الديمقراطي الكردي. تواجه تركيا امتحانا مهما وتواجه تجربة حزب العدالة والتنمية تحديا صعبا.لكن الدفاع عن قيم الحرية والديمقراطية تستحق المواجهة ضد كهنة القرون الوسطى من الكماليين. (المصدر: صحيفة « الشرق » (يومية – قطر) الصادرة يوم 31 مارس 2008)
من ماي لاي إلي حديثة : ثقافة المجزرة
صبحي حديدي (*) مرّت قبل أيام قليلة الذكري الأربعون لمذبحة ماي لاي ، التي نفّذتها قوات أمريكية نظامية في فييتنام ضدّ المدنيين العزل، وأسفرت عن مقتل قرابة 500 شيخ وامرأة وطفل، وانطوت علي ارتكاب فظائع بربرية كالإعدام الجماعي والإغتصاب واللواط والتمثيل بالجثث. هنا مثال واحد، عن واقعة رواها أحد الجنود الأمريكيين في وصف ما فعل زميله: أطلق النار علي الصبيّ من المسدس الرشاش، فأخطأه. ضحكنا جميعاً. نهض واقترب ثلاثة أو أربعة أقدام، فأخطأ الهدف ثانية. ضحكنا من جديد. وعندها مضي حتي صار فوق رأس الصبيّ، وضغط علي الزناد . هذه واحدة من سلسلة اعترافات وشهادات موثقة، جاءت في تقرير لجنة التحقيق العسكرية الرسمية التي ترأسها الجنرال وليام بيرز. التوقف عند هذه الذكري يثير سلسلة دلالات، بينها أنّ عشرات الأصوات الأمريكية التي ترتدي اليوم أقنعة الطهارة، وتحضّ علي تجريد حملات صليبية ضدّ مَنْ تصنّفهم في خانة الإرهاب ، عشوائياً وكيفما اتفق، هي ذاتها الأصوات التي لم تكتف بالسكوت عن مجرمي الحرب منفّذي مجزرة ماي لاي فحسب، بل حاولت تبريرها ومباركة أبطالها طيلة أسابيع، قبل انكشاف الحقائق علي النحو المروّع المعروف. آنذاك، كانت هذه الأصوات قد صاغت مواقفها في رأي قيل إنه وطني ، يرفض تجريم المقاتل الأمريكي الذي ذهب إلي فييتنام من أجل توطيد الحرية ودحر الشيوعية، وفي المقابل يردّ الاتهام إلي الأمريكيين الحمر أو اليساريين أو حتي الليبراليين الذين يثيرون عواصف في فناجين، ويبالغون في وصف حادثة عسكرية طبيعية تماماً وإن كانت مؤسفة بعض الشيء، فيحوّلونها إلي مجزرة! الدلالة الثانية تدور حول أكذوبة شفافية التحقيق في أهوال مثل هذه، وبالتالي نزاهة القضاء، في الديمقراطيات الغربية. فبعد أن قاتل الصحافي الأمريكي الشهير سيمور هيرش، بأسنانه قبل لسانه وقلمه، لكشف أستار مذبحة ماي لاي ؛ وبعد انقلاب الصدمة الأولي إلي حركة أمريكية جماعية تنطوي علي احتقار السياسة الخارجية الأمريكية، إسوة باحتقار ما يُسمّي الذات الوطنية الأمريكية التي تغطّي هذه السياسة؛ وبعد أن قالت الصور الفوتوغرافية والإعترافات الشخصية الكلمة الأخيرة الرهيبة في واقعة أريد لها أن تغرق إلي الأبد في ظلام دامس… بعد ذلك كله، جري تشكيل لجنة تحقيق، أحالت تقريرها إلي القضاء، فلم يعثر القضاة الأشاوس إلا علي مذنب واحد هو الملازم وليام كالي، تمّ سريعاً تحويله إلي كبش فداء وحيد. وشهود العيان أكدوا أنّ كالي أمر اثنين من جنوده بإطلاق النار علي 60 من المدنيين العزّل، وحين تردد الجنديان في تنفيذ الأمر، تناول كالي رشاشه الآلي وأجهز بنفسه علي الحشد، وكان علي مبعدة عشرة أقدام فقط من ضحاياه. ولأنّ الدليل صار أكثر من دامغ وصارخ، فقد أصدرت المحكمة حكماً بالسجن المؤبد علي وليام كالي، ثم أطلقت سراحه بعد ثلاثة أيام لأنه استأنف الحكم بدعم مباشر من الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون. فيما بعد، قضي كالي ثلاث سنوات في الإقامة الجبرية، ثم أطلق سراحه نهائياً في عام 1973. ولكي لا تغيب صلة الماضي بالحاضر المعاصر، كان عدد من المحققين العسكريين قد كُلّفوا بإجراء تحقيقات ميدانية حول شكاوي (صدرت عن جنود أمريكيين، وليس عن الضحايا!) حول سوء معاملة الجيش الأمريكي للمدنيين وأسري الحرب الفييتناميين. وكان بين هؤلاء ضابط برتبة رائد، سوف ينضوي دون إبطاء في صفّ المؤمنين ببراءة الجنود، وإيجاد مبرّر وطني لوحشيتهم؛ ولسوف يصبح ذات يوم رئيساً لهيئة الأركان في حرب الخليج 1991، ثمّ زيراً للخارجية في حرب احتلال العراق 2003 : الجنرال كولن آرثر باول! دلالة ثالثة تتصل بموقف الرأي العام الأمريكي، المساند عموماً لطبول الحرب متي وكيفما قرعها البيت الأبيض والبنتاغون، وأياً كانت الرموز الوطنية التي تدغدغها تلك الطبول. وكما تأخر الأمريكيون كثيراً في استيعاب كارثة التدخل العسكري في فييتنام، وإدراك الندوب التي ستظل عالقة عميقة الغور، كذلك تأخروا في استيعاب آثار انقيادهم الأعمي خلف الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن في حملاته الصليبية، حسب عبارته هو نفسه، ضدّ أفغانستان والعراق (وإيران، قريباً؟)… وأمّا الدلالة الأهمّ فهي ذلك الإنجذاب الأمريكي، الجَمْعي الهستيري، الشعبي وليس الشعبوي فقط، نحو قراءة المذابح الجماعية بوصفها سيناريوهات لا مفرّ منها، أو لا غني عنها، في سبيل تأديب العصاة و كارهي أمريكا و الإرهابيين ، إلي آخر لائحة هذه المسمّيات الزائفة. ألم يصفّقوا لمشاهد مجزرة بلدة حديثة العراقية، التي شهدت في خريف 2005 سقوط 24 مدنياً عراقياً، بينهم نساء وأطفال، برصاص جنود الإحتلال الأمريكيين؟ ولولا ما كشفته أسبوعية تايم الأمريكية حول هذه المجزرة، علي غرار كشوفات سيمور هيرش بخصوص ماي لاي ، هل كانت رئاسة الأركان ستشكّل لجنة تحقيق حول ما أسمته الـ الحادث ، ليس أكثر؟ ألم تكتف المحكمة العسكرية بتوجيه الإتهام إلي ثمانية من الـ مارينز ، ثمّ أسقطت التهمة عن خمسة منهم حتي تاريخه، والبقية علي الطريق؟ وكيف يمكن أن لا تنشأ، ثمّ تترعرع وتضرب بجذورها، ثقافة أمريكية كاملة تختلق غطاء وطنياً لأيّ وكلّ مجزرة ارتكبتها، أو سوف ترتكبها القوّات الأمريكية، في أيّ وكلّ غزواتها العسكرية؟ (*) كاتب سوري مقيم بباريس (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 31 مارس 2008)