TUNISNEWS
9 ème année, N 3324 du 29 .06 .2009
حــرية و إنـصاف:أخبار الحريات في تونس
السبيل أونلاين:ماذا تريد السلطة من منع منظمة حرية وانصاف من عقد مؤتمرها؟
المجلس الوطني للحريات :تصعيد وانتهاكات بالجملة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان
هند الهاروني:بلاغ عاجل 9
شوقي بن سالم:توضيح
اللجنة الوطنية لمساندة النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين :دعما لكل اشكال المصالحة بين الصحفيين
النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين:بــــلاغ إلى كافة الزميلات والزملاء
النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين:بـــــــــلاغ
منتدى » الديمقراطية النقابية و السياسية « :كلمة النقابة الأساسية بالكباريه : ماذا ينتظر المعلمون من مؤتمر نقابتهم العامة
نقابيون تقدميون:ضدّ المُحاصصة الجهويّة في مؤتمر النقابة العامّة للتعليم الأساسي
سفيان الشورابي :حق العودة الى تونس… دون التعرض لإعتداء
المنظمة الدولية للمهجرين التونسيين: بيان نعي وتعزية
حافظ الغريبي:من المهجر إلى المخفر
النفطي حولة :نعم لعودة المغتربين
شهاب:إلى الأخ الصّابر صابر التونسي مع التحيّة
د ب أ:تونسية تنتحر حزنا على وفاة مايكل جاكسون
عادل القادري:كتاب جديد لمنتدى التقدم
وزير الشؤون الدينية يردّ على استفهامات «الأسبوعي»
احمد عبدالله:تلبية النداء الحج والذعر والإنفلونزا
جيلاني العبدلي:تونس: وطن وبوليس ورشوة
خالد شوكات:الصوفية.. التأويل الإنساني للإسلام
رويترز:الصليب الأحمر: المدنيون في غزة غارقون في الفقر بعد الحرب
رويترز:محكمة مغربية تدين ثلاث صحف بتهمة المس بكرامة الزعيم الليبي
عبدالله اسكندر:برقع فرنسا وبرقع « طالبان »
الحوار.نت :كلمة حرة :هل بدأت إيران تتغير؟
محمد المثلوثي:إيران: الثورة، ومحاولات الالتفاف
أيوب أيوب :الثورة في إيران : دروس الماضي تخيم على الحاضر
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (
(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)
أطلقوا سراح جميع المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 3 رجب 1430 الموافق ل 26 جوان 2009
أخبار الحريات في تونس
1)قائمة عائلات مساجين الرأي ضحايا قانون الإرهاب اللادستوري التي منعت من حضور ندوة العفو التشريعي العام التي دعا إليها الحزب الديمقراطي التقدمي مساء يوم الجمعة 27 جوان 2009 : عائلة ماهر بزيوش – عائلة غيث الغزواني – عائلة خالد العرفاوي – عائلة محمد منصف البغدادي – عائلة محمد بن محمد – عائلة طارق الهمامي – عائلة رمزي بن سعيد – عائلة رضوان الفزعي – عائلة نضال بولعابي – عائلة الناصري – عائلة هشام السعدي – عائلة كريم العياري – عائلة أنيس الهذيلي – عائلة سليم الجبيب – عائلة نوفل ساسي – عائلة محمد أمين ذياب – عائلة زياد عبيد – عائلة علي القلعي – عائلة حمدي العبييدي. ولم يكتف أعوان البوليس السياسي بمنع العائلات من الحضور بل اعتدى على العديد منها بالدفع كما حصل لوالدة ماهر بزيوش ووالدة كريم العياري ووالدة محمد المنصف البغدادي ووالدة أنيس الهذيلي. 2)تواصل الاضراب عن الطعام بمختلف السجون التونسية: يواصل مساجين الرأي ضحايا قانون الإرهاب اللادستوري إضرابهم المفتوح عن الطعام لليوم الثامن على التوالي للمطالبة بإطلاق سراحهم. عن المكتب التنفيذي للمنظمة حرية وإنصاف الرئيس الأستاذ محمد النوري
ماذا تريد السلطة من منع منظمة حرية وانصاف من عقد مؤتمرها؟
السبيل أونلاين – مراسلة خاصة قامت السلطات الأمنية ليلة الجمعة 26 جوان ، وكامل يومي السبت والأحد 27 و 28 جوان ، بمحاصرة كامل أعضاء المكتب التنفيذي لمنظمة « حرية وانصاف » ، وسخّرت لذلك عشرات السيارات والدراجات النارية وأكثر من 100 عون سري لمراقبة ومتابعة أعضاء المنظمة وشلّ حراكهم حتي لا يعقدوا الجسلة العامة السنوية ، وهي محاولة يائسة من السلطة التونسية لقمع حرية التنظم في البلاد . لقد أرادت منظمة « حرية وإنصاف » ، منذ تأسيسها بتاريخ 01 أكتوبر 2007 ، أن تعمل في إطار القانون وعبّرت عن ذلك واقعيا بالإعلان عن أعضاء هيئتها التأسيسية ، وإرسال مطلب إلى والي تونس للحصول على التأشيرة القانونية للنشاط ، ثم عقدت مؤتمرها الأول في شهر أفريل 2008 ، وأعلنت عن إسم رئيسها وأسماء أعضاء مكتبها التنفيذي ، وأرسلت رسائل مضمونة الوصول للسلط المختصة تعلمها بتفاصيل ما أفرزه المؤتمر من قرارات وهياكل ، وهدفت المنظمة من وراء كل ذلك وبشكل واضح العمل في إطار قوانين البلاد بعيدا عن السرّية ، وقد تمسّكت « حرية وانصاف » و منذ إنبعاثها بالنضال من أجل تكريس حق التنظم ، والحق الشرعي في الدفاع عن حقوق الإنسان في إطار إحترام القوانين ودستور البلاد . ولكن السلطة التونسية اليوم تحاول منع المنظمة من عقد جلستها العامة وتريد إجبارها على الدخول في نفق العمل السرّي المحفوف بالمخاطر ، ولكن من الواضح أن ارادة أعضائها تأبى حشرها في هذه الزاوية ، و ستعقد المنظمة جلستها العامة عاجلا أم آجلا مهما حاولت السلطة ، وستعلن عن هيئتها الجديدة وعن برامجها وإستراتجيتها لترسيخ علنيتها وشرعية وجودها الواقعي والقانوني ، وستخوض « حرية وانصاف » المعركة القانونية للحصول على التأشيرة ، ولن يمنعها رفض الوالي قبول المطلب ولا التدليس الذى حصل في البريد حتى لا يصل الملف إلى مقر الولاية ، عن مواصلة خوض نضالها القانوني لدى المحكمة الإدارية . ان تنوّع محاصرة العمل الحقوقي بتونس بتسخير القضاء وزرع الدخلاء مثلما وقع للرابطة ، أو بالإغلاق التعسفي مثلما حدث للمجلس الوطني للحريات ، أو بإعتماد أساليب الترهيب بالإعتداءات البدنية مثلما حصل ضد رئيسة الجمعية التونسية لمناهضة التعذيب ، أو المحاصرة والمراقبة البوليسية اللصيقة مثل ما يحدث هذه الأيام ضد منظمة حرية وانصاف . كل ذلك لن يثني النشطاء الحقوقيين بتونس عن القيام بدورهم كاملا تجاه الإنتهاكات الواسعة التى تمارسها السلطة ، ولن يثني الجمعيات والمنظمات الحقوقية بتونس عن مواصلة النضال من أجل حقها في التنظم القانوني . الإمضاء : عضو ناشط في منظمة حرية وانصاف – تونس (المصدر : السبيل أونلاين ، بتاريخ 29 جوان 2009)
تونس في 29 جوان 2009 تصعيد وانتهاكات بالجملة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان
يعبّر المجلس الوطني للحريات عن عميق انشغاله لتصعيد حملة الاعتداءات التي تشنّها السلطات التونسية في الفترة الأخيرة على المدافعين عن حقوق الإنسان. · فمنذ بداية الأسبوع المنقضي يرابط أعوان البوليس السياسي أمام منزل السيد خميس الشماري ومنع من استقبال نشطاء حقوقيين بدعوى وجود قائمة في من يسمح لهم بذلك. ·كما فرض يوم السبت 27 جوان عشرات من عناصر البوليس السياسي يستخدمون سيارات ودراجات نارية حصارا على منازل كلّ أعضاء المكتب التنفيذي لمنظمة « حرية وإنصاف » ومقرات عملهم وتم ملاحقتهم في جميع تنقلاتهم. ·وتمّ في نفس اليوم فرض حراسة أمنية على منزل الأستاذة راضية النصراوي رئيسة الجمعية التونسية لمناهضة التعذيب بواسطة العناصر المشبوهة التي سبق تورطها في اقتحام مسكنها. وقد رابطت هذه العناصر بشكل استفزازي قرب البناية. · ولاحق أعوان بالزي المدني الناشط الحقوقي زهير مخلوف في جميع تنقلاته منذ الصباح الباكر، وكان قد تم تهشيم البلّور الأمامي لسيارته خلال فترة مراقبته قبل أسبوع. · وكان يوم الثلاثاء 23 جوان قد شهد سلسلة من الاعتداءات بالضرب والإهانة على المحامين عند عودتهم من ندوة حقوقية تونسية للمغتربين حول حق عودة المهجّرين السياسيين، وقد تم الاعتداء على عبد الرؤوف العيادي وراضية النصراوي وسمير ديلو في مطار تونس قرطاج وعلى عبد الوهاب معطر في مطار صفاقس. ·كما تواصل صحيفة « الحدث » الخاصة المدعومة من الحكومة قذف المدافعين عن حقوق الإنسان مستهدفة في أعدادها الأخيرة الأستاذ محمد عبّو والسيدة سهام بن سدرين الناطقة الرسمية باسم المجلس الوطني للحريات. بل تم تهديد محمد عبّو بالسجن في أحد المقالات. وفي نفس السياق تلقى يوم السبت 27 جوان مكالمة عبر رقم هاتف فرنسي من مجهول قام بشتمه وإعادة مضمون المقال المذكور. · يشار أيضا إلى أنّ نائبة رئيس المرصد الوطني لحرية الصحافة والنشر والإبداع نزيهة رجيبة تلقت قبل بضعة أسابيع مكالمة شبيهة حيث قام مجهول بالتطاول عليها وشتمها. ·وفي يوم 16 جوان تلقى المحامي بجندوبة رابح الخرايفي إثر نشره شهادات تعذيب لحرفائه، تهديدا صريحا من أحد ضباط الأمن بغلق مكتبه. ·ويذكّر المجلس الوطني للحريات بتواصل الحراسة الأمنية على مقرّه بالعاصمة ومنع أعضائه من الدخول منذ 5 أشهر كاملة. إنّ المجلس الوطني للحريات إذ يستهجن بشدة الحصار المفروض على جميع المدافعين والانتهاكات التي تعرضوا لها، – يعتبر أنّ ما تعرضوا له هو أحد أشكال سياسة العقاب والتنكيل التي تنتهجها السلطات بشكل منظم مع المدافعين عن حقوق الإنسان. كما تسعى من خلالها إلى شلّ أنشطتهم الداخلية والعمومية ومنعهم من التواصل مع الفضاء العام. – يطالب الحكومة التونسية باحترام تعهداتها الدولية في هذا المجال وخاصة الإعلان الأممي الخاص بحماية المدافعين عن حقوق الإنسان.
عن المجلس الناطقة الرسمية سهام بن سدرين
بسم الله الرحمان الرحيم و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين
بلاغ عاجل 9
الإثنين 29.06.2009 نفس الوضعية : المراقبة المشددة أمام بيتنا ما تزال متواصلة 24س/24س دون انقطاع بعدد من السيارات و الأعوان بالزي المدني.
توضيح
سألني الكثير من الأصدقاء عن مآل قرار تجميد نشاطي في حزب الوحدة الشعبية وعن الخيارات التي باتت متاحة لي للدفاع عن حقي إزاء الظلم الذي تعرضت له من قبل أغلب أعضاء المكتب السياسي صحبة السيد عبد الحميد بن مصباح النائب البرلماني وعضو المكتب السياسي السابق. وبقدر ما أثلج صدري سؤالهم عن أحوالي فإني أتقدّم إليهم بهذا التوضيح احتراما مني لهم: دون إعادة ما سبق قوله حول أسباب قرار التجميد باعتباره كان عملية تصفية حسابات شخصية فقد سعى أحد الوجوه الإعلامية ممن يتمتعون بالسمعة الطيبة والمصداقية إلى تقريب وجهات النظر بيننا وبين الامين العام للحزب لطيّ صفحة هذا الاختلاف ووجد منا كلّ التفهم والرغبة في العودة إلى صفوف الحزب في أيّ موقع كان. وتعبيرا منا عن حسن نيتنا قام السيد عبد الحميد بن مصباح بطرح القضية المدنية التي رفعها أمام المحاكم لابطال قرار التجميد ولم أنشر شخصيا قضيتي أمام المحمكة لابطال نفس القرار وكتبنا رسالة إلى أعضاء المجلس المركزي للحزب طلبنا فيها بإعادة النظر في قرار التجميد إمّا برفعه لأنه بني على باطل أو إعادة الاجراءات التي يفرضها النظام الداخلي للحزب. وقد أبدى الأمين العام للحزب استعداده للمصالحة وطيّ صفحة هذا الملّف وتعهد أمام هذا الوجه الاعلامي بذلك. وقمنا بايداع الرسالة في مكتب الأمين العام للحزب قبل يومين من انعقاد المجلس المركزي الاخير للحزب ولم تكن لنا شروط مسبقة بل كنا أكثر وضوح إذ أعلمنا الأمين العام للحزب باستعدادنا للنضال في الحزب من أيّ موقع كان وأنّه ليست لنا مطالب من أيّ نوع. لكن وخلال انعقاد المجلس المركزي للحزب فوجئنا بتنصل الأمين العام للحزب من وعده وانكر أن يكون تلقى الرسالة قبل يومين من انعقاد المجلس. والحقيقة أنّ تنصل الأمين العام من وعده لم يفاجئني فقد خبرته منذ سنوات طويلة وخبرت مناوراته التي يعتبرها عبقرية سياسية. والحقيقة أيضا أنّ ما قام به لا يستدعي تعليقا خاصة إذا علمنا أنّ الأمين العام للحزب يسيتعد لخوض غمار انتخابات ديمقراطية شرطها الأخلاقي والسياسي الاول التعهد بالالتزامات والوعود. لكن فاقد الشيء لا يعطيه؟ لقد عبرت دائما ورفيقي السيد عبد الحميد بن مصباح عن تمسكنا بالنضال السلمي والديمقراطي في حزبنا حزب الوحدة الشعبية وعن استعدادنا للمصالحة وإغلاق هذا الملف. ونعبر اليوم عن استعدادنا أيضا لمواصلة النضال حتى استرجاع حقنا بكلّ الوسائل السياسية والقانونية والاخلاقية والإعلامية. ونحن نترك لأنفسنا حقّ اختيار التوقيت المناسب لكشف الحقائق والآليات المناسبة لانجاز ذلك. وختاما أشكر كلّ الأصدقاء والرفاق الذين ما زالوا يعبرون عن تضامنهم معنا. شوقي بن سالم عضو المجلس المركزي لحزب الوحدة الشعبية مجمد بقرار غير قانوني
اللجنة الوطنية لمساندة النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين
تونس في 29 / 06 / 2009
دعما لكل اشكال المصالحة بين الصحفيين
عقدت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين جلسة عامة يوم 26 جوان 2009 وقد حضرها عدد كبير من الصحفيين إضافة إلى ممثلين عن الاتحاد الدولي للصحفيين , كما حضرها بعض أعضاء اللجنة الوطنية لمساندة النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين ويهم اللجنة أن تعبر بعد هذه الجلسة عن : – تبنيها الكامل لكل ما جاء في اللائحة العامة الصادرة عن النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين بعد الجلسة العامة بتاريخ 26 /06 / 2009 خاصة الدعوة الى وحد ة الصف والالتفاف حول النقابة والمصالحة والتمسك باستقلالية النقابة. – تثمينها لروح المسؤولية العالية التي تحلى بها الصحفيون بتغليب لغة الحوار والنقاش الديمقراطي ورغبتهم في تجاوز الأزمة الراهنة . – تدعو كل الصحفيين التونسيين إلى مزيد الالتفاف حول نقابتهم وحمايتها من أي تدخل حفاظا على استقلاليتها ونجاعتها وهي تحث كل الصحفيين إلى البدء في خطوات فعلية في عملية المصالحة . – تعتبر أن نقابة وطنية للصحفيين التونسيين قوية ومستقلة هو مكسب وطني ودعامة أساسية في سبيل تكريس إعلام شفاف تعددي ومستقل ولهذا تؤكد اللجنة مواصلة دعمها ووقوفها إلى جانب نقابة الصحفيين والتزامها بالدفاع عن استقلاليتها رفقة كل نشطاء وهيئات المجتمع المدني . عن اللجنة المنسق محمد العيادي
النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين Syndicat National des Journalistes تونس في 27 جوان 2009
بــــلاغ إلى كافة الزميلات والزملاء
الرجاء من كافة الزميلات والزملاء الذين لاحظوا وجود أخطاء في قائمات الانخراط أو عدم إدراج أسمائهم أو عدم وجودها ضمن قائمة العضوية المطلوبة (عضو عامل أو عضو منتسب)، التقدّم بطعن في أجل أقصاه 15 يوما، من تاريخ تعليقها قبل أن تصبح القائمة نهائيّة. كما يهمّنا أن نوضّح أنه في صورة ثبوت خطأ في الانخراط أو في طبيعته، فانّ مجرّد الإشعار الكتابي لدى كتابة النقابة أو لدى المكلف بالنظام الداخلي، يصحّح آليا الخطأ. المكلّف بالنظام الداخلي منجي الخضراوي
النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين تونس في 29 جوان 2009 بـــــــــلاغ
تناول المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين خلال اجتماعه الدوري ليوم الاثنين 29 جوان 2009 آخر المستجدات بالقطاع وفي صلب النقابة. وعبّر المكتب عن اعتزازه بما أظهره عموم الصحفيين من التفاف حول نقابتهم ودفاعهم عن وحدتها واستقلاليتها. ويؤكّد بهذه المناسبة التزامه الكامل بالدعوة التي سجلتها الجلسة العامة في لائحتها لـ«انتهاج أسلوب الوفاق والمصالحة للخروج من الأزمة الراهنة حفاظا على وحدة الصف الصحفي واستقلالية النقابة مع تثمينهم دعوة ممثلي الاتحاد الدولي للصحفيين إلى وحدة الصحفيين التونسيين ورغبتهم في الإشراف على أي مسعى للمصالحة». ولتوفير مناخ أفضل من شأنه الدفع بالمصالحة المطلوبة والمرجوة، قرّر المكتب التنفيذي تأجيل الاجتماع المقرّر للمكتب التنفيذي الموسّع المزمع عقده يوم 30 جوان إلى موعد لاحق، والشروع في إجراء حوار مع كلّ الأطراف المعنية. وإذ يمدّ المكتب التنفيذي يد الحوار من أجل تغليب مصلحة الصحفيين وهيكلهم النقابي فإنّه يدعوهم إلى الدخول في حوار جدّي ومسؤول على قاعدة استقلالية النقابة واحترام قوانينها. كما تلقى المكتب يوم الجمعة 26 جوان 2009 مراسلة من الزميل الحبيب الشابي يؤكد فيها استقالته من عضوية المكتب التنفيذي بعد أن كان قد وجه في وقت سابق استقالة غير موقعة. وإذ يعبر المكتب عن أسفه لورود هذه الاستقالة فسينتظر الأجل القانوني المحدد بالفصل 48 من النظام الداخلي قبل إقرارها واتخاذ الإجراءات اللاحقة التي توجبها. عاشت نضالات الصحفيين التونسيين عاشت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين عن المكتب التنفيذي الرئيس ناجي البغوري (المصدر: موقع زياد الهاني الإلكتروني ( تونس ) بتاريخ 29 جوان 2009)
كلمة النقابة الأساسية بالكباريه : ماذا ينتظر المعلمون من مؤتمر نقابتهم العامة
تونس في 26/06/2009 الأخ رئيس المؤتمر أيها الإخوة المؤتمرون تحيّة النضال و الصمود هذه كلمة النقابة الأساسية بالكباريه اتلوها نيابة عن إخوتي أعضاء النقابة و الحزام النقابي بجهتنا لان مؤتمر نقابتنا العامة العادية الثالث والعشرون ينعقد والمعلمون محرومون من حقهم في الاجتماع في مقرات عملهم (المدارس ) وبالتّالي حرموا من إبداء أرائهم، انتظاراتهم، و مقترحاتهم من هذه المناسبة الهامة. لتقييم مسيرة قطاعنا خلال المدة النيابية المنقضية لا بدّ من الاحتكام إلى مدى وعي هذا القطاع أي نحن بواقع قطرنا من علاقات شغلية و نمط المدرسة التي نشتعل فيها و مقدرتنا الشرائية ومدى استقلاليّة المنظمات الجماهيريّة عن علك السلطة القائمة. إن هذه الأخيرة تنتهج و مازالت سياسة معادية لمصالح أوسع الفئات الشعبية و خاصة الأجراء و العاطلين و المعطلين عن العمل فالارتفاع الجنوني للأسعار و التدهور المستمر للقدرة الشرائيّة التي لم تقدر الزيادات الهزيلة على ترقيعها – و تفشي ظاهرتي البطالة المكثّفة و غلق المؤسّسات و طرد العمال و ضرب ما تبقى من بعض المكاسب كحق الشغل القار و الحق في العلاج و التعليم كلّها ظواهر تتفاقم يوم بعد يوم شأنها شأن قمع الحريّات العامّة و الفرديّة و التضييق على كلّ توجه نقابي مناضل و إيقاف و محاصرة نشاط الجمعيّات المستقلّة ( الرابطة التونسيّة للدفاع عن حقوق الإنسان – جمعيّة القضاة – منظمة العفو الدوليّة … نقابة الصحافيين…). لقد تجسدت هذه السياسة بكثافة في تعامل وزارة التربية و التكوين مع المعلمين سواء تعلّق الأمر بكرامتهم و مطالبهم الأساسيّة التي تجاهلتها و رفضت الاستجابة لها أو بمحاولة الاستفراد و فرض الأمر الواقع في خصوص الملفات الكبرى للسياسة التعليميّة ( التوجّهات العامة- الأمر المنظّم للحياة المدرسيّة- مجلس المؤسسة- البرامج و المناهج….) إن الهجمة التي شنتها و مازالت وزارة التربية على النقابيين تندرج في إطارها العام ضمن توجّه الرأسماليّة المعولمة في ضرب العمل النقابي المناضل ليسهل لها حلّ أزمتها الاقتصادية و الماليّة على حسابات المكاسب الاجتماعيّة على محدوديتها التي حققتها الطبقة العامة بفضل نضالاتها. إحقاقا للحق لقد أحكم نواب المؤتمر 22 لنقابتنا العامة المنعقد يومي 19 و 20 ماي 2005 تبويب المطالب المهنيّة (24). كما كان لقطاعنا موعد يوم 10 نوفمبر 2005 لمناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني, و رفضا لزيارة وفدا من هذا الأخير لبلادنا بمناسبة القمة العالميّة للمعلومات. هذه المحطّة النضاليّة بيّنت الحس القومي للمعلمين و استعدادهم للنضال ضد مشاريع السلطة على جميع الأصعدة. ولمّا رأت سلطة الإشراف تجنّد المعلمين لتحقيق مطالبهم عمدت للالتفاف على هذه المطالب بالمماطلة و التأجيل عند التفاوض كما سعت عمليّا لضرب بعض المكاسب. و برغم تنفيذ القطاع لأربع إضرابات ناجحة و اعتصامات و احتجاجات أمام الإدارات الجهويّة و وزارة التربية إلا أن الحصيلة كانت دون المأمول. إن عوامل عديدة أدّت إلى هذا الوضع منها ما هو عام متعلّق بالسياسة المنتهجة في بلادنا و المكرّسة لنهج القمع في التعاطي مع المطالب الشعبية و عوامل أخرى خاصة متأتية من السياسة النقابية المتبعة من قبل الاتحاد العام التونسي للشغل الذي قبل منذ مؤتمر سوسة 1989 الانخراط في سياسة المشاركة و تزكية كل المشاريع الكارثية على الفئات الشعبية التي كرست ميدانيا رغم معارضة منخرطيه ( الزيادات الهزيلة في الأجور كلّ 3 سنوات – التفويت في القطاع العمومي للخواص- تعليم الكفايات- التأمين على المرض- نظام التقاعد – تحوير مجلة الشغل – مرونة التشغيل …). لقد تمكنت البيروقراطية النقابية كذلك من فرض قوانين لا ديموقراطية أخضعت بها هياكل المنظمة و جعلتها تحت رحمتها و صادرت بها كل استقلالية في القرار القطاعي. فالمكتب التنفيذي للاتحاد هو المتحكم في كلّ قرار ( يحدّد موعد الهيئات الإدارية – يوافق على الإضرابات – يلغي القرارات عبر رفض عضو المكتب التنفيذي المشرف على الهيئة الإدارية الإمضاء على لائحة الإضراب- يعارض عقد مجلس وطني قطاعي كلّ ما دعت الحاجة ….) كما أن القيادة النقابية تتفاوض باسم القطاع أحيانا و تجري اتفاقيّات دون الرجوع إلى النقابة العامة و فرض سياسة الأمر الواقع عليه ( تعويض مبلغ منحة العودة المدرسيّة المقدّرة بما يساوي مرتبا شهريّا ب: 180 د على 3 أقساط دون الرجوع إلى هياكل القطاع ,محاولة فرض وجهة نظر الوزارة للحركة …). وفي الوقت الذي كان على المكتب التنفيذي أن يتخذ موقفا مساندا عمليا لنضالات قطاعنا عمل بطريقة أو بأخرى على تهميش هذه النضالات و إرباك عمل النقابة العامة : ·إهدار شهرين في فترة الذروة النضاليّة بعدم إعادة توزيع المسؤوليات داخل مكتب النقابة العامة اثر شغور منصب الكاتب العام. · غلق جريدة الشعب في وجه كل إعلام مناضل و نزيه خاص بالقطاع ( عدم تغطية اظراب 29 ماي 2007 – الاعتصامات …) . ·سحب التفرغات و إسنادها على قاعدة الولاء. ·عدم التنديد بالهجمة الشرسة لجهاز البوليس لمّا اقتحم دار الاتحاد الجهوي للشغل بالقصرين وما تعرّض له المعلمون من عنف وقمع كما لم يقم تتبّع و إيقاف الجناة. ·مساءلة النقابة العامة من طرف قسم النظام الداخلي عن مدى مسؤوليتها عن المواقف التي عبّر عنها النقابيون من التعليم الأساسي أثناء التجمعات الاحتجاجيّة. ·إحالة عضوين من النقابة العامة على لجنة النظام . وكان الرد من النقابيين الديمقراطيين للقطاع يوم 09 جويلية 2007 المناهضين للبيروقراطية و نهجها التعسفي واضحا بالالتحام بنقابة عامة مناضلة. و لكن لمّا ركن المعلمون إلى الراحة تحرّكت بعض الوجوه من الجهات لتكرّم الأمين العام و تقدّم له صكّ الولاء ناسية أنّه لا ولاء إلا للقطاع ومناضليه. هذا الإرباك وليّ الذراع قاد نقابتنا العامة صاغرة لإمضاء اتفاقيّة 08 أوت 2007 ولكنّه لم يقد العديد من المناضلين إلى الكف عن النضال رغم إحالة أكثر من 50 مناضل من القطاع على لجنة النظام بل نجد أسد التعليم الأساسي الأخ المناضل عدنان ألحاجي و رفاقه يأخذون زمام المبادرة و يلتحمون بشعبهم العاطل و المعطّل و المحروم من حقه في الثورة الوطنيّة فأطّروا النضالات و الاعتصامات و فاوضوا السلطة و حققوا المكاسب. و لمّا أحرجت قيادة الاتحاد الجهوي بقفصه ( العفنة) سعت إلى تجريد عدنان لتقدّمه قربانا للسلطة. لم يكلّف المكتب التنفيذي للاتحاد عناء الدفاع عن المطالب الشرعيّة لأهالي الرديّف و المتلوّي و أم العرايس أو المطالبة بسراح مساجين الحوض ألمنجمي الآّ بعد افتضاح تواطئه و تخلّفه عن مواقف منظّمات حقوقيّة و أحزاب في القطر و خارجه. خلال هذه السنة 2008-2009 كان نشاط نقابتنا العامة مقتصرا على تطبيق الاتفاقيّات الحاصلة مع وزارة التربية رغم التلكؤ و المماطلة و التسويف. أيها المؤتمرون: تبين من السرد الخطي التاريخي لنشاط نقابتنا العامة و من ورائها أكبر قطاع في الاتحاد العام التونسي للشغل أنّه لا يكفي أن نحسن تبويب المطالب و التجنّد لتحقيقها بل لا بد من تكريس الديمقراطية النقابية ( عبر العودة إلى القواعد…) و الحرص على استقلاليّة القرار القطاعي لذلك لا بدّ من رفع الصوت عاليا من أجل : ·رفع التجريد عن كلّ نقابيي القطاع و تجنّب رفع هذا السيف في وجه المناضلين فالمفروض أن يجرّد من لا يلتزم بقرارات الهياكل المسيّرة ( عدم المشاركة في الإضرابات, دخول احد أعضاء المكتب التنفيذي مجلس المستشارين متجاوزا قرارات الهيئة الإدارية الوطنية …) و المنحرفين عن ثوابت المنظمة في الدفاع عن الشغّالين و التواطؤ مع أعداد الحركة النقابيّة. (رمز الفساد في قفصة وفي سليانة سابقا , ….) ·إرسال برقيّات – الآن – قبل رفع أشغال المؤتمر إلى رئاسة الجمهورية و وزارة العدل و حقوق الإنسان من أجل إطلاق سجناء الحركة الاحتجاجيّة بالحوض ألمنجمي و خاصّة زملائنا الثمانية. ·عند الإفراج عنهم لا بدّ من التعويض عن ما لحقهم من ظلم و قمع ومن ثمّ إرجاعهم إلى سالف أعمالهم. ·في صورة عدم إطلاق سراح زملاءنا و إرجاعهم إلى عملهم ضرورة إقرار إضراب بيوم عمل للمطالبة بذلك. ·إرسال برقيّة مساندة لنقابة الصّحفيّين في معركة الاستقلاليّة. مهنيّا بالنّسبة للحقّ النّقابي نرى لا فائدة من عقد اتّفاق حوله لأنه معترف به قانونيّا و تضمنه مختلف المواثيق الدّوليّة و كلّ تفاوض حوله هو تضييق في مجاله (انظر الاتّفاق النهائي للوظيفة العموميّة 03 افريل 2009) لذلك على الهياكل النّقابيّة الأساسيّة والجهويّة فرض هذا الحقّ في المدارس و تكريسه على أرض الواقع مثلما هو الشّأن في عديد الجهات. ·مراجعة القانون الأساسي بما يحافظ على المكاسب و إدراج كل ما يتعلّق بحياة المعلّم المهنيّة ضمنه (الحركة النظامية-الخطط الوظيفية…) ·إحداث رتبة معلّم تطبيق أوّل فوق الرّتبة. ·إحداث رتبة أستاذ أوّل للمدارس الابتدائية. ·الزيادة في المنحة البيداغوجيّة. ·جعل منحة العودة تقدّر بمرتّب شهري يتمتّع بها المعلّمون المباشرون و غيرهم. ·القيام بفحوصات طبيّة شاملة على جميع المعلّمين بالمدارس في مفتتح كلّ سنة دراسيّة تشمل التّحاليل اللاّزمة – ضغط الدّم – الأمراض الخاصّة بالمهنة (التّآكل العضوي المفصلي…) شأن القطاعات الأخرى. ·إقرار 30 سنة عمل فعلي بالفصل كافية للتّقاعد لأنّ مهنتنا شاقّة و مصنّفة عالميّا شاقّة بعد المناجم. صيانة المؤسّسات التّربويّة و صرف ميزانيات لتعهّدها:أصبحنا نشتغل في مؤسسات يتعهدها السقوط قي كل حين(عدم توفر قواعد السلامة المهنية). داخلياّ ·إعداد أيام دراسية لمراجعة القانون الأساسي. ·إعداد أيام دراسيّة حول الّسياسة الّتربوّية. ·إحداث موقع واب على شبكة الأنترنات و جعلها متاحة لجميع الّزملاء لتنشيط الأفكار و الآراء حول الّشأن الّنقابي و الّتربوي بكّل حّرية و ديمقراطية. ·جعل نشريّة « المرّبي » شهرّية و منتظمة الّصدور مع تشريك الهياكل القطاعية الجهوّية. (المصدر : منتدى » الديمقراطية النقابية و السياسية « ) الرابط :http://fr.groups.yahoo.com/group/democratie_s_p
ضدّ المُحاصصة الجهويّة في مؤتمر النقابة العامّة للتعليم الأساسي
يستعدّ قطاع التعليم الأساسي لخوض فعالياّت مؤتمره الثالث و العشرين، وكعادته يشُدّ إليه أنظار الجميع: منخرطين وهياكل، منظّمات وقوى سياسية. ولكن هذه المرّة ليست كسابقاتها فالمشهد المألوف الذي أنتجتهُ أسباب موضوعيّة وتراكمات طيلة العقود الماضية لم تعد مألوفة. فارتفاع وتيرة الحملة الانتخابية أثناء الهيئة الإدارية الأخيرة- 02/05/2009 – وبعدها لمؤشّر ساطع على أن المعركة الانتخابية ستكون حاسمة في تاريخ القطاع. وما تَدافع السّنياروهات المعقولة و غير المعقولة لتركيبة الهيكل القادم إلاّ شاهد صادق على أهمّية وخطورة ما يُعَدُّ للقطاع ، الذي يتمتّع بأهميّة كبرى في تركيبة الإتحاد العام التونسي للشغل وكذلك في خارطة النسيج القطاعي و الوطني .. وأمام كل هذا يبدو المشهد هذه المرّة غير طبيعي، وتبدو فيه موازين القوى غير واضحة وتبدو المواقف وتفاصيل الاستحقاق الانتخابي القادم غير جليّة. و مع ذلك فإنّ هذا الاستحقاق، وتجاوزاً لنتائجه النقابية يبقى شديد الأهميّة إذا ما نظرنا إليه من زاوية أنّه يمثّل فرصةً حقيقيّة لإنقاذ القطاع مماّ أصابهُ من وهنٍ وضعفٍ وتفريط في مكاسب ناضل المعلمون طويلاً لتحقيقها. و لإرساء ثقافة نقابيّة مُمانعة تُحصّن المستقبل وتسند خياراته وتدعم القرار الحرّ المستقلّ لابدّ من الإجابة الحاسمة حول تطلّعات المعلّمين وانتظاراتهم وآليّة تحقيقها. ونجيب بكلّ وضوح وصرامة : واهم- وبدُون استثناء- من يظنّ أنه يستطيع نقل مشاريعه ومعاركه السياسية من ساحات العمل الميداني المتعارف عليها إلى داخل الإتحاد العام التونسي للشغل بحُجّة انسداد الأفق السياسي بالبلاد. ومن يريد أن يقنع نفسه بعكس ذلك فهو لا يفعل أكثر من محاولة تغطية فشله وإفلاسه ، ويتهرّب من دفع ضريبة الفعل السياسي المباشر. و لكن في المقابل نقول إن الإطار النقابي المستند إلى خلفيّة سياسية يظلُّ الأقدرُ والأكْفأُ على حماية مصالح منتخبيهِ. ومن ينادون بعدم تسْييسِ العمل النقابي بتعلّة أنّ ما لحق القطاع مؤخّراً هو بفعل ذلك نقول لهم : ألم يلحق الضّررُ القطاع من خلال بقايا هيكلٍ مهشّم ومحاصرٍ ؟ ألم يتم من خلال الاتفاقيات المشؤومة التي أتت في 01/11/2006 و 08/08/2007 برعايةٍِ من أُبُوّةٍ ساذجة وبعناية من بيروقراطيّة متواطئة ؟ ألم يحصل ذلك نتيجة تحويل قطاع التعليم الأساسي إلى ساحة لتصفية حساباتٍ لا مصلحة للقطاع فيها لا من قريب ولا من بعيد ؟ . بالرّغم من ذلك يتمادى هذا المنطق السّقيم والانتهازي في غيّهِ وغطرستهِ محاولاً الإمساك بناصية القطاع بدعوى إنقاذهِ من المأزق الذي يتخبّطُ فيه فراحوا يحيكون المكائد والمؤامرات لمصادرة قراره الحُرّ وجعله ضعيفاً مستكيناً منسجماً مع مصالحهم الضيّقة فجادت قريحتهم الفذّة بالحلّ السّحري لأوجاع قطاعنا « اليتيم » كما يزعمون والمتمثّل في المُحاصَصة الجهويّة من خلال تحالف يتمّ بين الجهات التي عوّدتنا باستنفار وحشد قواعدها لحماية حصّتها « التاريخيّة » من المنظمة . هكذا يفكّر خيار المحاصصة الجهوية فلا صوت يعلو على عقليّة الغنيمة والمنصب . إن مشروع المحاصصة الجهويّة قد أصبحت مشاريعه مكشوفة وغاياته مفضوحة مهما حاول التّخفيّ وستر الوجه القبيح لأهدافه التي ترمي إلى الإجهاز على القطاع. لذلك نقول لهم: حساباتكم مغلوطة فللقطاع رجال صادقون يؤمنون بدوره النضالي ورسالته الساّمية ،مستعدوّن للتضحية بالغالي والنّفيس حتى يبقى قطاع التعليم الأساسي قطاعا حُراّ مناضلاً تقدّمياًّ، و متمسّكون بوحدته قواعد وهياكل ضدّ المحاصصة الجهويّة ، ضدّ الوصاية و »وضع اليد » على قرار القطاع ، ضدّ تحويل القطاع إلى ساحة لتصفية الحسابات نيابة عن السلطة أو من يَنُوبُ عنها . لكلّ ذلك نؤكّد ، من جديد ، على أهمّية المناسبة النقابية القادمة رغم انحدار الوعي النقابي والسياسي لأطراف كانت ترفع شعارات ثوريّة وصارت تلعق من عرق الشغاّلين بعد أن تمّ استدراجها فانكسرت طوعاً ولفظها خيار المُمانعة المُجذِّرِ لاستقلالية القطاع ونضاليّته ضدّ المُتَقَوْقِعينَ تحت عباءة المركزيّة أو الجهة أو القبيلة… عاش قطاع التعليم الأساسي صامداً ومُقاوماً للدّسائسِ والمرتزقة.عاش خيار الممانعة والاستقلالية لا لتدجين التعليم الأساسي وسلطات قراره. نقابيون تقدميون
حق العودة الى تونس… دون التعرض لإعتداء
تم يوم الثلاثاء 23 حزيران\يونيو الجاري الاعتداء بالعنف على النشطاء الحقوقيين راضية النصراوي وعبد الرؤوف العيادي وعبد الوهاب المعطر وسمير ديلو عند عودتهم من العاصمة السويسرية جنيف حيث حضروا مؤتمر تأسيس المنظمة الدولية للمهاجرين التونسيين. اعتداء مثّل رد بليغ على تكوين منظمة تعمل على الضغط من أجل العفو على اللاجئيين السياسيين المنفيين عن بلدهم تونس سفيان الشورابي تم الاعتداء في مطار تونس قرطاج الدولي. المحامي عبد الرؤوف العيادي طرح أرضا وركل من قبل عدة أعوان مما تسبب له في جروح بركبته وتمزيق ثيابه أمام جمع من المسافرين. كما تم لي ذراع المحامية راضية النصراوي وتكسير هاتفها الجوال وإصابتها بخدوش في معصمها. وكان الاثنان اخضعا قبل ذلك لتفتيش بدني مهين. كما تعرض المحامي عبد الوهاب المعطر لنفس المعاملة بمطار صفاقس (500 كم جنوب العاصمة تونس) وتم الاعتداء عليه وتهشيم نظاراته الطبية وتسبب جره إلى غرفة المطار بتمزيق ثيابه. وقد تعمد أعوان الديوانة التونسية بحضور خمسة من أعوان الشرطة السياسية بعثرة حقيبة المحامي سمير ديلو خلال عملية التفتيش وتلويث محتوياتها بمواد تنظيف كما تم احتجازه قرابة الساعة بعد رفضه الخضوع للتفتيش الجسدي. وقد ندد المجلس الوطني للحريات بتونس في بيان حصلت « منصات » على نسخة منه بهذه الاعتداءات وطالب بفتح تحقيق لمعرفة المتسببين بتلك الاعتداءات واحالتهم إلى القضاء. وكانت مجموعة من الحقوقيين التونسيين قد حضرت مؤتمر تأسيس المنظمة الدولية للمهجرين التونسيين الذي انعقد يومي 20 و21 حزيران\يونيو الجاري بجنيف. وقد شارك في المؤتمر ما لا يقل عن 150 تونسيا منفيا بسبب أنشطتهم السياسية المعارضة. وأطلق المؤتمرون ما يسمى « حق العودة » بهدف تأسيس منظمة دولية تعمل على تسهيل عودة المنفيين والمهجرين التونسيين إلى بلادهم. وطالب المؤتمرون وفقا للبيان الصادر عنهم بـ « عودة شاملة لا تستثني أحدا منهم، وأن تضمن لهم الحق في التنقل والإقامة »، وممارسة ما سموه « حقوقهم العقائدية والسياسية، وحريتهم في مواصلة نضالهم السلمي من أجل ما يرونه مصلحةً عامةً، بكل الوسائل المشروعة التي يضمنها الدستور والقانون ». حق العودة… إلى تونس فكرة تنظيم المؤتمر كما يقول نور الدين الختروشي منسق مبادرة حق العودة « تبلورت منذ عام تقريبا منذ أن تم اتخاذ قرار تفعيل ملف عودة المهجرين التونسيين بطريقة منهجية ومنظمة من أجل استعادة حقنا في عودة آمنة وكريمة وشاملة للجميع ». وقال العضو المؤسس للمنظمة لطفي الهمامي أن « موضوع المهجرين في تونس ليس مرتبط باللحظة الراهنة فقط بل هو موضع له جذوره وله مخلفاته من الضحايا الذين لا بد من رد الاعتبار لهم منذ العهد البورقيبي وهم يمثلون اتجاهات سياسية وإيديولوجية وفكرية عبر مراحل مختلفة ». وأضاف « أن خارطة التوزع السياسي لهؤلاء تغيرت خلال السنوات الأخيرة لحكم الواقع المتغير، ففيهم من ترك الشأن العام، وفيهم من غيّر انتمائه السياسي، وفيهم من أعلن عن استقلاليته عن التنظيمات السياسية، وفيهم من التحق بصف النظام التونسي، وفيهم من عقد اتفاق مع الجهات الأمنية التونسية لترتيب عودته وقد عاد ». ودعا الهمامي السلطة التونسية أن تقر حق العودة بشكل شمولي أي أن يتمتع به الجميع دون شروط مسبقة ودون تفرقة أو تمييز وذلك عبر اصدار عفو تشريعي عام يقر بحق الجميع في العودة. وتتحدث التقارير الإعلامية عن تواجد أكثر من 700 لاجئ سياسي تونسي موزعين على مختلف بلدان العالم ينتمي غالبيتهم إلى حركة النهضة الإسلامية التي كانت عرضة لشتى أنواع التضييقات منذ اشتداد الحملة الأمنية الموجهة ضدها منذ سنة 1992. ويعرب معظم المنفيين قسريا عن تخوفهم من إلقاء القبض عليهم فور عودتهم الى بلدهم الأصلي. وذكر أحد الأعضاء المؤسسين الهادي بريك أن المنفيين التونسيين حاليا هم « مجموعة من المواطنين حوكموا غيابيا بالسجن النافذ أو خرجوا من السجن بعد نفاد عقوباتهم ففروا خوفا من تجدد الملاحقة ضدهم أو فروا من البلاد للسبب ذاته أي الخوف على حياتهم وحرياتهم وكراماتهم بسبب علاقات قديمة مع المحاكمين أو المساجين ». تونس لكل التونسيين؟ غير أن وزير العدل التونسي بشير التكاري ذكر في ندوة صحفية عقدت مؤخرا أن « تونس لكل التونسيين أينما كانوا » وقال : « حق العودة مكفول بحكم الدستور وهذه مسألة لا يمكن المساومة فيها أو المساس بها ». وأضاف الوزير: » التونسيون الموجودون بالخارج والذين يعتبرون أنفسهم مبعدين ويتحدثون عن حق العودة، نقول لهم تونس مفتوحة لكل التونسيين دون استثناء، ومن صدرت بحقهم أحكام فإنهم إما وقد انقضت العقوبة بمرور الزمن أو أن عقوبتهم لم تنقض بعد وهو ما يستلزم إجراءات قضائية في الاعتراض ». الصحافي المقرب من الحكومة خالد الحداد كتب من جهته موجها حديثه إلى المشاركين في المؤتمر في رسالة بدت كأنها مبطنة بغاية التقليل من نجاح المؤتمر » دعوا الماضي بكل ما فيه، وانظروا إلى المستقبل، ورأيي أن يتم الحديث عن مبادرة جديدة هي « واجب العودة »، بعيدا عن البحث عن واجهات حقوقية لأغراض سياسوية أو توظيف مآلات وأحكام قضائية وجزائية قديمة لاستحقاقات سياسية وانتخابية منتظرة، إذ لا أحد بقادر أن يفتك من أيّ كان « حقّ العودة » ، فـ »تونس لكل التونسيين » كما ينص على ذلك الدستور الذي نحتفل جميعا هذه الأيام بالذكرى الخمسين لإعلانه وكما لا ينفك سيادة رئيس الدولة على تأكيد ذلك في كلّ مناسبة. » في انتظار حل حقيقي الصحافي التونسي المقيم بالعاصمة القطرية الدوحة بسام بونني قال لـ »منصات » : أن مجرد وجود هذه المنظمة يمثل نقطة سوداء في تاريخ البلاد لكن أرجو أن لا تكون المنظمة مجرد حركة أو مجرد تجمع وبيان لا يسمن ولا يغني من جوع. فالمسألة طالت ويجب حلها بصفة نهائية » وتساءل » كيف يحرم المواطن من حق العودة إلى بلده خاصة أننا نعلم جيدا الظروف التي رافقت مغادرتهم البلاد » مستشهدا بما تعرض له عميد المنفيين نورالدين القفصي الذي لم يعد إلى تونس منذ أكثر من 47 عاما بعد اتهامه بالضلوع في الانقلاب الذي دبر لبورقيبة عام 1962. المنظمة اذن طرحت مسألة سياسية في غاية من الإحراج بالنسبة للحكومة التونسية التي عادة ما تنفي وجود لاجئين سياسيين مغتربين، غير أن الهالة الإعلامية التي صاحبت تكوين المنظمة الدولية للمهجرين التونسيين والمساندة الكبيرة التي حظيت بها من قبل أحزاب المعارضة المستقلة من داخل البلاد تتطرح على السلطة السياسية إلزامية التعاطي مع هذا الملف بنضج أكثر وربما حله بصورة نهائية تخدم مصلحة الجميع. (المصدر: موقع منصات الإلكتروني بتاريخ 29 جوان 2009)
بيان نعي وتعزية.
علمت المنظمة ببالغ الأسى والأسف صباح هذا اليوم نبأ وفاة المرحوم بوبكر عطية أحد التونسيين المهجرين المقيمين في السويد. وبهذه المناسبة الأليمة فإن المنظمة تتقدم بأحر التعازي إلى عائلة الفقيد وشقيقه المقيم بتونس الأخ المنجي عطية. كما نسأله سبحانه أن يتغمده بواسع رحمته وإنا لله وإنا إليه راجعون. عن المنظمة. الرئيس : نور الدين الختروشي. باريس في 29 جوان 09
من المهجر إلى المخفر
حافظ الغريبي يبدأ مهاجرونا في مثل هذه الفترة من كل سنة في التدفق على بلادنا بأعداد هامة تقدّر بمئات الآلاف، وككل سنة يساهم البعض من هؤلاء المهاجرين بكمّ لابأس به في المخالفات المرورية المرفوعة على طرقاتنا صيفا إضافة إلى مساهمتهم في حوادث الطرقات وارتكابهم جنحا وحتى جنايات مختلفة… وككل سنة وبعد تمضيتهم لأسابيع محدودة يغادر البعض الديار تاركا وراءه قضايا جارية تستوجب إصدار ملحوظات أو مناشير تفتيش أو تتحوّل إلى أحكام صادرة غيابيا بخطايا تتحوّل بدورها إلى جبر بالسجن إذا لم يتم تسديدها، هذا إضافة ـ طبعا ـ إلى أحكام غيابية بالسجن لم يقع الاعتراض عليها. وفي فترة تغيبهم عن أرض الوطن، تواصل المنظومة الإجرائية القيام بدورها الآلي دون تمييز بين مهاجر ومقيم إلى أن يأتي اليوم الموعود ويحلّ ركب المفتش عنه بإحدى المواقع الحدودية ويقدّم هويته فيكتشف أنه مطلوب للعدالة أو أنه موضوع منشور تفتيش وأنّ الإجراءات تقضي بإيقافه فورا وإحالته على الجهات الأمنية الصادر عنها منشور التفتيش أو على القضاء ليبتّ في أمره… والحال أنه كان خالي الذهن مما يحصل بل الأمرّ أن يكون مرفوقا بأبنائه القصّر أو زوجته الأجنبية، رغم أنّ المسألة تستوجب في بعض الحالات تسديد معلوم خطية بسيطة فقط. وعلى اعتبار أنّ الأوضاع تختلف من حالة إلى أخرى إذ هناك من هو محلّ حكم بخطية ومن هو محل حكم بالسجن إما غيابيا أو حضوريا ومن هو محلّ ملحوظة تفتيش أمنية لدى باحث البداية فإن المنطق يفرض ألا تعامل كل الأصناف بنفس المعاملة إذ بإمكان سلطة الإشراف أن تبادر بوضع وكيل مقابيض بالحدود لمن تخلّد بذمته خطية لكي يسددها في الإبان وبإمكان شرطة الحدود أن تستشير السلط القضائية المختصة فورا لتحصل منها على قرار بالسراح المشروط مع ضرورة التقدم في أقرب الآجال الى الجهات المعنية لتسوية ما تعلّق بذمة المطلوب من قضايا وإن رأت ذات السلط أن القضية تستوجب الإيقاف الفوري فتأذن حينئذ لشرطة الحدود بذلك.. وتبقى من الحلول الممكنة كذلك حجز جواز السفر إلى حين تقديم ما يثبت تسوية الوضعية. المهم أن لا تتحوّل حرارة الاستقبال الى «حمّى استقبال» وأن تتوفر لأبنائنا العائدين من المهجر ظروف تأخذ بعين الاعتبار كونهم كانوا غائبين عن أرض الوطن وهو ما يجعل من شبه المستحيل تبليغهم استدعاءات الحضور الى المحاكمة أو لباحث البداية أو إعلامهم بالخطايا المسلطة عليهم. ويبقى في اعتقادي أنه من الضروري التنسيق بين مختلف الوزارات المعنية بهذه الوضعيات ولم لا إصدار منشور مشترك في الغرض يوضح مختلف الإجراءات العائدة بالنظر لكل جهة، حتى لا يتحّول صيف العائدين من المهجر إلى مأساة لا مسؤولية لهم فيها.. هذا ويبقى أن نشير أن كل هذه التسهيلات المطلوبة لا يجب أن تعني للمهاجر أنه فوق القانون أو أنه سيكون في مأمن من العقاب إن استوجب ما أتاه عقابا، فعليه أن لا ينسى أنه سيغادر بعد مدة تطول أو تقصر البلاد وأنه سيتم إيقافه إن لم يسو وضعيته إزاء القانون. ختاما دعوتنا ملحة للآلاف من المهاجرين كي يتحلوا بالسلوك الحضاري عند قيادة عرباتهم وأثناء ممارستهم لحياتهم اليومية… وليعلموا أن عودتهم لبلادهم في إجازة لا تعني أنهم في إجازة حتى من احترام قوانين البلد الذي يكنّ لهم كامل الاحترام.
(المصدر: صحيفة « الصباح الأسبوعي » (أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 29 جوان 2009)
النفطي حولة – ناشط نقابي وحقوقي –بتاريخ: 29 جوان 2009 لعل ما تغنى به الفنان القدير مارسال خليفة في أغنية : أحن الى خبزأمي وقهوة أمي أكبر دلالة على حب الوطن والأمة . فرمزية الحنين للأم في الأغنية واضحة لا غبارعليها . فهل بعد حنين المغتربين الى وطنهم وبلادهم وقريتهم ومشيختهم ومسقط رأسهم والحي الذي ولدوا فيه وترعرعوا فيه من حنين أشد وطئا وتأثيرا من حنان الأم وعطفها على أبنائها وبناتها ؟. فالمغتربون والمهجرون والمبعدون قصرا عن أوطانهم تجدهم دائما يحلمون بالعودة مهما بلغت بحبوحة العيش لديهم من رفاهية ومهما تمكنوا من ثراء مادي فاحش ومهما بلغوا من مراتب علمية أو دينية أو مناصب سياسية أو اقتصادية أو اعلامية أو اجتماعية أو ثقافية . فالحنين الى الوطن الأم لا يعوضه لا الغناء ولا الثراء ولا الرفاهية . فهو ليس كمثله شيء في الحنية والدفىء ماعدا ما تغمرنا به عاطفة الأمومة . فهذا الشعور الانساني النبيل يتدفق من روح كل بني آدم كما يتدفق الماء من النبع الصافي .فحتى الحيوانات تميل غريزيا الى نفس المكان الذي ألفته وتعودت على العيش فيه . فما بالك بالانسان الذي كرمه الله على جميع مخلوقاته .ان ما يعاني منه المهجرون قصرا من ابعاد وحرمان عن وطنهم هو نفسه الذي يعاني منه كل من أبعد تعسفا وظلما عن أمه الحنونة العطوفة . فهذا مبدأ لا حياد عنه وهو قيمة انسانية واجتماعية ومدنية وحضارية مهما اختلفنا في الفكر والايديولوجيا .ذلك لأن الوطن للجميع مهما اختلفت آراؤهم فهو الحاضنة الأساسية لكل أبناء تونسنا العزيزة . فصدره يتسع لكل أبناء الوطن مهما كانت عقيدتهم أو لونهم أوعرقهم أو آرائهم . فالواجب الوطني يدعونا الى طي صفحة الماضي والسماح للمغتربين بالعودة الى وطنهم .فيكفي ماعانوه هؤلاء المغتربون من حرمان لمدة عشرين عاما أو يزيد. فيكفي ما تحملوه من غربة وهم بعيدون عن الأهل والأحبة والأقارب .أليسوا من أبناء هذا الشعب حتى يعاملون بهذه القسوة ؟ أليسوا من أبناء هذا الوطن حتى يعانون الاقصاء والابعاد والتهجيبر ؟ . فالأم تحن لأبنائها وكذلك الوطن .
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى الأخ الصّابر صابر التونسي مع التحيّة
شهاب في غمرة حديثه عن مؤتمر العودة أورد الأخ العزيز صابرالتونسي في مقاله الذي نشرتة تونس نيوز نقلا عن مجلة كلمة بتاريخ 27 جوان 2009 قولا لا أظنّ أنه يقصده حيث قال : » باسم الله وباسم المنفيين افتتح المؤتمر » وهذا طبعا والأخ صابر يعلم ذلك جيّدا قول غير مقبول إذ من المقرر عند المسلمين أنّهم لا يقرنون مع الله أحدا عند ذكره سبحانه ولو كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم لا في بسملة ولا في غيرها ولأن القصد لا يمنع النقد وجب التنبيه. ولعلّ الأخ صابر أخطأ من شدة فرحه بالمؤتمر والرحلة إلى المؤتمر كخطإ صاحب البعير في حديث التوبة المعروف. حيّاكم الله
تونسية تنتحر حزنا على وفاة مايكل جاكسون
تونس – د ب أ – انتحرت فتاة تونسية في مدينة المنار الراقية الواقعة شمال العاصمة تونس حزنا على وفاة ملك البوب الأميركي مايكل جاكسون. وقالت صحيفة « لوكوتيديان » التونسية الناطقة بالفرنسية اليوم الاثنين على موقعها في شبكة الانترنت إن الفتاة التي أصيبت بالحزن الشديد إثر الإعلان عن وفاة جاكسون اختلت بنفسها في غرفتها وقضت يوما كاملا في سماع أغاني النجم الأمريكي ثم شربت كمية كبيرة من الأدوية تسببت في وفاتها. ويحظى مايكل جاكسون بشعبية كبيرة في تونس. وقد ازدادت شعبيته منذ أن أقام في السابع من تشرين الاول(أكتوبر) سنة 1996 حفلا خيريا تاريخيا- كان الأول من نوعه في أفريقيا- في ستاد المنزه في العاصمة تونس حضره 65 ألف من عشاقه. ولم يتقاض مايكل جاكسون أجرا عن إقامة الحفل إذ عاد ريعه إلى « صندوق التضامن التونسي » الذي يمول مشاريع خيرية وتنموية في تونس.
(المصدر: وكالة الأنباء الألمانية د ب أ بتاريخ 29 جوان 2009)
كتاب جديد لمنتدى التقدم
ينظم منتدى التقدم « حفل استقبال » بمناسبة صدور الكتاب الجديد للمنتدى بعنوان » مقاربات تقدمية في الثقافة والدين والمجتمع » وذلك يوم الأربعاء غرة جويلية 2009 على الساعة الخامسة مساء بمقر جريدة « الوحدة » (7 نهج النمسا ـ تونس). ويحتوي الكتاب سلسلة اللقاءات الفكرية التي انعقدت في إطار منتدى التقدم لحزب الوحدة الشعبية على امتداد سنة 2008 بمشاركة الأساتذة عبد الجليل التميمي (الذاكرة الوطنية) وصلاح الدين الجورشي وصالح الزغيدي وناصر الصردي (واقع الجمعيات الثقافية في تونس) وبرهان بسيّس وعبد الرحمان كريّم (المثقف والسياسي) وألفة يوسف (حدود تأويل النص الديني) ورجاء بن سلامة (الحجاب والعلمانية) وحفيظة شقير (المرأة والمشاركة السياسية) وعبد المجيد الصحراوي والحبيب قيزة (تحديات الحركة النقابية في عصر العولمة) ومحمد شيحة وسامي السويحلي (المنظومة الصحية والتأمين على المرض) وعبد الجليل البدوي (واقع القطاع العام في تونس). وهو يعكس العديد من اهتمامات النخبة والمجتمع المدني التونسي بمختلف مكوناته وما يشغلها من قضايا في شتى المجالات ولا سيما منها الثقافية والاجتماعية. وهذا هو الكتاب الثاني الذي يصدر عن منتدى التقدم بعد الكتاب الأول الذي صدر السنة الفارطة بعنوان » رؤى تقدمية في الديمقراطية والتنمية وحقوق الإنسان » .
عادل القادري
وزير الشؤون الدينية يردّ على استفهامات «الأسبوعي»
من يقرّر تأجيل الحجّ…ومتى…وهل يمكن أن يكون السفر للحج عملا آثما؟ ردا على أسئلة «الأسبوعي» حول الجهة المخوّل لها قرار تعليق الحج أو تأجيله إذا ما تواصل شبح انتشار مرض إنفلونزا الخنازير وغياب العلاج الناجع له، خاصة بعد أن أكد مفتي الديار المصرية على سبيل الذكر ضرورة أن يكون القرار جماعيا وبالتنسيق بين علماء الأمة وفقهائها أي بمعنى هل سيكون القرار تونسيا منفردا أم جماعيا بين الدول الإسلامية؟ وما هي المؤشرات الكبرى التي يمكن على ضوئها أن نستنتج أن موسم الحج أقرب للتأجيل؟ أفاد السيد بوبكر الأخزوري أن عملية التنسيق والتواصل مستمرة والتشاور دائم مع عدد من الدول كالسعودية وغيرها حول الحج لدراسة الاحتمالات المتوقعة.. كما أن لجنة الحج التونسية التي تمثل عديد الهياكل تتابع المستجد في الموضوع بشكل دقيق وحيني، ولا يمكن اتخاذ أي قرار إلا بعد التروي والتأكد من نجاعة الحل المتوصل إليه مستشهدا بمقولة «لا يمكن أن تجتمع الجماعة على ضلالة».. معرجا في ذات الوقت إلى أن تونس لها علماؤها وجهابذتها القادرون على الحسم في مثل هذه المسائل وغيرها.. ولكن يبقى الوقت غير مناسب وسابق لأوانه للحسم في إقرار الحج أو تعليقه.. لذلك ستنطلق اليوم عملية الفرز لترشحات الحجيج وتمتد إلى غاية بعد غد الأربعاء 1 جويلية 2009، وسيخضع من حالفه الحظ في عملية الفرز إلى فحص طبي ثان دقيق، كما ستكون هناك متابعة صحية دقيقة لكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة لأنهم الأكثر عرضة للعدوى بالمرض حسب رأي الأطباء.. أما بالنسبة إلى رأي الوزير شخصيا ـ وليس رأي اللجنة – يمكن الحفاظ على نفس القائمة التي حالفها الحظ في عملية الفرز للسنة القادمة إذا ما تقرر لاحقا تأجيل حج هذا العام.. وبخصوص استفهام «الأسبوعي» حول إمكانية أن يكون الحج عملا آثما إذا تعمّد المرء القيام به ولم يلتزم بفتاوى حرمة السفر وعدم جوازه من وإلى البلدان الموبوءة التي صدرت عن أكثر من دار إفتاء؟ قال الوزير «في هذه الحالة لا أقول» آثما «وإنما أقول عملا غير جائز».. واختتم الأخزوري بالإشارة إلى إمكانية ضرب موعد آخر حول ذات الموضوع في الأيام القليلة القادمة.. سفيان السهيلي (المصدر: صحيفة « الصباح الأسبوعي » (أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 29 جوان 2009)
تلبية النداء الحج والذعر والإنفلونزا
لندن- احمد عبدالله هل يجوز لـ’نكتة سمجة’ ان توقف فريضة مقدسة كفريضة الحج هذا العام؟ وماذا عن العام المقبل؟ والذي بعده أيضا؟ اعتبرت استراليا انفلونزا الخنازير « نكتة سمجة »، وقررت أن ترفع من مطاراتها أجهزة الفحص الحراري التي استخدمت لعزل المسافرين الذين يشتبه بتعرضهم للإصابة. هذه « النكتة السمجة » ما تزال شغلا شاغلا لبعض المسؤولين ورجال الدين. حتى ان بعضهم أفتى أو كاد يفتي بالغاء موسم الحج درءا للمخاطر المحتملة من تعرض الحجيج للمرض. حج بيت الله الحرام أقدس من أن يمنع بقرار أو فتوى. فهذه فريضة يفترض أن يُترك أمرها لمن استطاع اليها سبيلا. على مدى الزمان كان الحج ينطوي على مخاطر. رحلة الحج كانت، قبل اختراع السيارة والطائرة، رحلة عمر يقضي المسافر فيها أشهرا طويلة، يمر خلالها بمدن وبلدات، ويحط رحاله بين قبائل مستقرة وأخرى متنقلة. وفي كل محطة من محطات تلك الرحلة العظيمة كان يمكن للحاج أن يتعرض لمخاطر ليست الأمراض سوى أقلها شرا. ومع ذلك، فقد كان مئات الآلاف، يأتون من كل فج عميق الى بيت الله ليطوفوا من حوله، ولتأخذهم تلك النشوة الساحرة بالقول: « لبيك اللهم لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك لبيك ». و »لبيك » نداءً يأخذ من الحاج شغاف قلبه. وهذا أعمق من أن تحول دونه مخاطر. آلاف الحجاج كانوا يقضون في الطريق الى بيت الله. وكانوا يعرفون أنهم ما أن انتووا عليها، فان نعمتها صارت تحيط بهم، وصلوا أم لم يصلوا. حجاج اليوم تأتيهم النعمة من سبيل أسهل. وسهولة السبيل نعمة أخرى. فهم يسافرون بوسائل نقل حديثة ومريحة. ويمرون بطرق آمنة. وتحيط بهم، عندما يصلون الى الأراضي المقدسة، رعاية كريمة وتنظيم اختبرته السنوات. وهناك مئات الآلاف ممن تجندهم المملكة العربية السعودية لخدمة الحجاج، وتوفير متطلبات رعايتهم، وحمايتهم، ولجعل أدائهم للشعائر عملا يأخذ من القلب شغافه، إيمانا ورحمة. الآن، ماذا بشأن « النكتة السمجة »؟ لا حاجة للسؤال عما إذا كان يجوز، في الأصل، لنكتة سمجة ان تترك أثرا على هذه الفريضة المقدسة. فالجواب بيّن لكل من له بين أضلاعه قلب. ولكن هناك ما يحسن النظر اليه بالعقل أيضا. آخر احصاءات منظمة الصحة العالمية تقول ان عدد المصابين بانفلونزا الخنازير بلغ 70000، وقضى منهم 311 شخصا. وهو ما يعني ان عدد ضحايا الفيروس « اتش 1 أن 1 » أقل عمليا من عدد ضحايا أي مرض فيروسي آخر، بمن فيهم الذين يصابون بالانفلونزا العادية التي يصاب بها كل البشر. اولئك الـ70000 هم من جملة عدد سكان، في 145 بلدا، يصل الى 4 مليارات نسمة. وهي نسبة تعني أن العدد الذي يحتمل إصابته من بين كل مليوني نسمة (هم عدد الحجاج السنوي) هو 35 شخصا. صحيح أن الاكتظاظ الشديد بين الحجاج يمكن أن يضاعف عدد الإصابات، إلا انه لن يكون كبيرا. أما نسبة الوفيات المحتملة فلسوف تظل أقل من نسبة الوفيات الذين يقضون في الحوادث المعتادة خلال موسم الحج. على مر السنوات، كان هناك ما يتراوح بين 100-250 حاج يقضون سنويا في تلك الحوادث. وعلى مر الأعوام، كانت السلطات السعودية تتخذ المزيد من الإجراءات الوقائية والإرشادات والوسائل لتوفير الأمن لحجاج بيت الله الحرام. ويمكن للمرء أن يحسب أن هذه السلطات تنشغل اليوم، كما لم تنشغل من قبل، في بحث وسائل الحماية الضرورية للحيلولة دون تفشي المرض، ولتوفير الرعاية للمصابين المحتملين. العبء سيكون كبيرا من دون أدنى شك. إلا انه واحد آخر من الأعباء التي يجدر بالسلطات السعودية أن تتحملها برباطة جأش. في عام 2004 قضي في واحدة من أسوأ حوادث الحج 244 حاجا. ولكن السنوات التالية شهدت تراجعا متواصلا في تلك الحوادث. وفي العام الماضي كانت هناك 17 حالة وفاة. سلسلة من الاجراءات الوقائية، والإرشادات حول كيفية التعامل مع المرض، يمكن ان تساعد الحجاج على ممارسة شعائرهم من دون ذعر. ليس من المنطقي لنكتة سمجة ان تحوّل موسم الحج الى رهينة. هذا المرض لن يزول من الوجود على أي حال، ويجب قبوله كما تُقبل غيره من الأمراض. قبول الذعر أمام نكتة سمجة هذا العام يرسي سابقة تجعل من السهل إلغاء موسم الحج في العام المقبل، والذي بعده، وبعد الذي بعده أيضا. على الدوام كان حجاج بيت الله الحرام يتجشمون العناء من اجل الحج. وعلى الدوام كانوا يواجهون مخاطر. وهذا المرض واحد منها، لا أكثر. ويجب قبوله على هذا الأساس. وكلما قللت السلطات من ذعرها الخاص، كلما كان أفضل. (المصدر: موقع ميدل إيست أونلاين (بريطانيا) بتاريخ 29 جوان 2009)
تونس: وطن وبوليس ورشوة
جيلاني العبدلي عندما تنتشر ظاهرة القمع تخلق بيئة مناسبة لبروز ظاهرة الرشوة وسرعان ما تنشأ بين هاتين الظاهرتين علاقة تلازم وتفاعل ويتكاملان في نخر جسد المجتمع فينهكانه ويشلان قدراته على النهوض وتحسس سبل العيش الكريم. وعموم التونسيين يكتوون يوميا ويتلظون بنار هاتين الظاهرتين اللتين أطبقتا على حياة المواطنين في جميع مناحي حياتهم بسبب انفراد التجمع الدستوري الديمقراطي(الحزب الاشتراكي الدستوري سابقا) لأكثر من نصف قرن بالحكم ومصادرته لجميع الحريات الفردية والجماعية وتحكمه بمصادر المعلومات ووسائل الإعلام وهيمنته على السلطات الثلاثة. وقد لعب جهاز البوليس دورا محوريا في إدارة القمع وتغذيته والاستفادة منه كما ينبغي في تحقيق الرغبات المادية والطموحات المهنية ومع ذلك بقي بعيدا عن نقد الكتاب والسياسيين كما لم تحظ ظاهرة الرشوة بالاهتمام المطلوب وبقيت مسألة هامشية يتم التطرق إليها بصفة عرضية وحتى الكتابات القليلة التي تناولت بالنقد هذين الموضوعين لم تنجح في جعلهما محوري الساعة وبالتالي لم يحظيا بأولوية في الفكر والممارسة وبقيت يد البوليس طويلة ويد المرتشين ممدودة. إن إخضاع البوليس كجهاز قمعي للنقد وفضح الرشوة كمرض مستشر أمران في غاية الأهمية ولا بد أن يلقيا الاهتمام اللازم وأن يحظيا بأولوية مطلقة نظرا لما لهما من آثار مدمرة على حاضر التونسيين ومستقبلهم. ومن هذا المنطلق أجد في نفسي دافعا قويا إلى الكتابة في هذين الأمرين من خلال عرضي لشهادات عايشتها شخصيا في محطات مختلفة من حياتي فرسمت في ذهني صورة قاتمة وخلفت في نفسي آثارا مؤلمة عسى في مساهمتي المتواضعة دعم لجهود غيري في الضغط على السلطات التونسية وإحراجها من أجل فتح باب الإصلاح السياسي كمدخل للإصلاح الشامل الذي ينشده التونسيون جميعا وسيكون عملي ضمن فصلين مستقلين الأول ينصب على جهاز البوليس التونسي والثاني يتركز على ظاهرة الرشوة. الفصل الأول: شهادات على البوليس البوليس التونسي مؤهل كما يجب للقمع ومهيأ له، وهو يقوم بهذا الدور داخل المجتمع بتفان غريب، بل إنه لحريص على الظهور في عيون الناس بالشدة والعنف ليزرع فيهم الخوف الدائم، حتى ينظروا إليه بصفة مواطن استثنائي يطال كل شيء ولا يطاله أي شيء، وحتى لا ينظروا إليه بصفة مواطن عادي وموظف يقوم كغيره بمهامه في إطار القانون والمصلحة العامة، حتى أنه يكون باستمرار ظالما لغيره، مبتزا له، متجاوزا للقانون، متعاليا، متعالما، عنيفا في اللفظ والحركة، ويجد ذلك من المقومات الأساسية للشخصية الأمنية. وما سأعرضه على القراء من شهادات من صميم حياتي الشخصية ومعايشاتي اليومية لدليل ساطع على ذلك، بل إنذار بمدى خطورته على عموم المواطنين، وأعتقد أن آلافا من التونسيين عايشوا وقائع شبيهة متعلقة بجهاز البوليس، ولكن أنى لهم أن يحدثوا بها أو يكتبوا عنها وهم يستبطنون الخوف ويستشعرون خطر الاستبداد في كل لحظة ولهم في أهاليهم أو أقاربهم أو أجوارهم أوأصدقائهم أو زملائهم أمثلة لأشخاص وقعوا ضحايا بين مخالب البوليس دون ذنب وكان مصيرهم مصيرا مشؤوما. – يتبع –
الصوفية.. التأويل الإنساني للإسلام
خالد شوكات ليست الأديان في جوهرها إلا طرقا إلى الله لمن أدرك، طرق متساوية، أي واحد سلكت حقا فقد وصلت، غير أن السطحية تعمي البصائر، و تواضع العرفان مفض بالضرورة إلى تشوه الإيمان، و من حيث أن الأديان رسائل رحمة ومودة ومسح على معاناة البشر، أضحت بفعل عمى القلوب وانحراف العقائد وهوى الأنفس، رحى الحروب وبيانات القتل ومطية الأحقاد والضغائن. والإسلام طريق عظيم إلى الله، و قد أدرك مسلمون عظماء المسؤولية الملقاة على عاتقهم في الدفاع عن النسخة الإنسانية لهذا الدين، الذي بعث نبيه رحمة للعالمين، و وعوا مبكرا خطورة ربط العقيدة بالسلطان و طموحات الملك العربي الصاعد في البدء، وتصوفوا، فقيل أنهم من أهل « الصفة » فقراء رسول الله (ص)، الذين لبسوا الصوف و اعتصموا بالتوحيد ونبذوا اللهث وراء أموال الفيء والخراج وجواريه الحسان. كما قيل عن متصوفة الإسلام الأوائل، أنهم من طلب الحكمة، أي أصل الضوء لا ظله الذي يخدع عموم الناس، و « صوفي » اللفظ الإغريقي، الذي كان للعرب فضل نقله عبر الحواضر الأندلسية إلى الغرب، و « من يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا » كما جاء في القرءان الكريم »، والحكمة أيضا مرادفة من مرادفات الفلسفة، أو إحدى غاياتها على الأقل. وقيل سابقا الحكيم بمعنى الفيلسوف، كما قيل المتكلم أحيانا. و قال أهل الفكر، أن الصوفية ظاهرة إنسانية، موجودة في كافة العقائد تقريبا، السماوية منها والأرضية، التوحيدية منها والتأملية، وهي موجودة بالفعل لا باللفظ، فهي اعتقاد وسلوك، أما رأيي فالصوفية ليست سوى « التأويل الإنساني للعقيدة المحمدية » في مقابل تأويلات أخرى قومية وطائفية وسلفية سطحية، و لهذا فقد وجدت معالمها في سائر العقائد والأديان الأخرى، فما من دين إلا و له تأويل إنساني كما سلف. ومن أصول الإنسانية في صوفية الإسلام، نأي المتصوفة بأنفسهم عن الحكم والسلطان، و رأيهم غير المعلن شبيه برأي حواريي السيد المسيح (ع) وسيدهم « أن ما لقيصر لقيصر و ما لله لله »، وفي المبدأ مظهر عظيم للإنسانية يعلم أن مرام الأديان توحيد الله ومحبة خلقه، لا إغراق اسم الله في تفاصيل حياة البشر اليومية وصراعاتهم الأرضية. أما أصل الإنسانية الثاني عند المتصوفة المسلمين، فهو اعتبارهم الدين وسيلة لا غاية، ومن ذلك سعتهم للبشر جميعا باعتبارهم « عيال الله » وباعتبار الإسلام ملكا للبشرية جمعاء لا للمسلمين فحسب. وقد بلغت السعة الإنسانية عند شيخ الإسلام إبن عربي الحاتمي الأندلسي، مبلغها، عند قوله أبياته المشهورة: لقد صار قلبي قابلا كل صورة…فمرعى لغزلان ودير لرهبان وبيت لأوثان وكعبة طائف…وألواح توراة ومصحف قرآن أدين بدين الحب أنى توجهت…ركائبه فالحب ديني وإيماني وقد دفع متصوفون مسلمون حياتهم ثمنا لنظرة السعة الإنسانية هذه، وواجهوا مصيرهم البائس بشجاعة مبهرة، على أيدي أعوان السلطان وزبانية الفكر السطحي الضيق، وكان في مقدمة شهداء الصوفية الحسين بن منصور الحلاج خلال القرن الرابع الهجري، حيث شنقه المتعصبون من أهل السنة بعد اتهامه ب »القرمطة » وزعم اعتقاده بحلول اللاهوت في الناسوت، بينما كان الحلاج داعية عظيما لنظرية وحدة الوجود، وهي في عمقها نظرية في العشق الإلهي تقول بذوبان العاشق في المعشوق وتوحده المعنوي والروحي معه، وفي للأمر سند في القرءان، فقد نفخ الله في الإنسان من روحه، أفلا يكون من الله. وفي نظرية الناي للمتصوف العظيم شاعر القرن الثالث عشر، مولانا محمد جلال الدين الرومي، صاحب المثنوي المعلقة الإلهية، بيان لفكرة وحدة الوجود التي قال بها عديد العشاق، أن نفس الحزن الذي في نغم الناي، إنما مرده شوق جارف للشجرة التي قطع منها، وأن نفس الحزن في النفس البشرية وانشدادها إلى التوحيد، إنما مرده حنين الفرع للأصل أيضا. ومن مظاهر العشق الإلهي تدفق عشق البشر للبشر وحنوهم على بعضهم ورأفتهم بضعافهم وتكميدهم لجروح مرضاهم و أخذهم بيد عصاتهم و ضاليهم، فكلما ارتقى المرء سلم محبة الله، كلما ارتقى سلم محبة خلقه والتماس العذر لهم وصبره على أخطائهم وتجاوزاتهم وعدم المسارعة إلى الحكم عليهم، فهو مقلب القلوب، وكم من هاجر عاد إلى الحضرة الإلهية متألقا، فغفر له ما تقدم وتأخر من ذنبه. و الصوفية إنسانيو المذهب، اجتهدوا في تفسير القرءان وتأويله، وفي فهم أحاديث الرسول (ص) على نحو يتفق مع فهمهم لجوهر الدين الكامن في المحبة، ومن الأمر وقوفهم عند الآيات المحكمات، وتضييقهم على آيات الحكم والقتال لكونها عوارض في السيرة النبوية، كما تطرأ كل العوارض التي قد تترك أثرا جانبيا لكنها أبعد من أن تلمس الدرر المكنوزة و خبايا القلوب المليئة بالوجد والعقول المتألقة بالعرفان. وقد تصالح المتصوفة مبكرا مع الجمال و مظاهره، ومنها الفنون، التي عدت وسائل يرتقي بها المريد إلى مدارج العرفان، وآلات تسخر لتكسير الجدران المضللة والنفاذ إلى جواهر الأمور وإثبات الحجة والبيان. وولع الصوفية بالموسيقى والشعر والأدب وسائر نتائج الإبداع المرققة للقلوب و المهدئة للنفوس المرهقة، لا حد له. يقول حجة الإسلام أبو حامد الغزالي، الذي انتهى بعد التيه إلى الصوفية، أن الإيمان نور قذف الله به في صدره، صدره هو لا صدر غير، وقد أسس الغزالي في رأيي لقاعدة أن الإيمان اجتهاد شخصي غير قابل للنسخ أو التصدير، وأن المؤمن الحق هو من عشق الذات الإلهية فأشفق على خلق الله، ولم تحدثه نفسه بغير المحبة، وأدرك أنه من الضعف بمكان، فيستنكف أن يدعو غيره أو يزعم هديه..فلا هادي إلا الله. و الصوفية اليوم يجاهدون أنفسهم، ويجهدونها ليكون الإسلام في خدمة الناس دينا ورسائل محبة إلهية، لا رسائل موت وقتل ودمار، وكأن الله عز وجل محتاج إلى سفك دم خلقه وتعذيبهم..حاشاه تعالى وتقدس اسمه، فله المشرق وله المغرب، والأرض شمالا والأرض جنوبا، تسجد بين يديه آمنة.. والقول للشاعر الألماني « قوته » عاشق النبي (ص).
(المصدر: موقع « إيلاف » (بريطانيا) بتاريخ 28 جوان 2009)
الصليب الأحمر: المدنيون في غزة غارقون في الفقر بعد الحرب
جنيف (رويترز) – قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر يوم الاثنين إن 1.5 مليون فلسطيني يعيشون في قطاع غزة في فقر متزايد وليست لديهم القدرة على اعادة بناء حياتهم بعد ستة أشهر من الغزو الاسرائيلي للقطاع. وقالت اللجنة الدولية للصليب الاحمر ان القيود الصارمة التي فرضتها اسرائيل على الاستيراد تقف حائلا أمام جهود اعادة البناء التي تقوم بها الجهات المانحة التي تعهدت بتقديم 4.5 مليار دولار. وهناك عجز في الادوية الاساسية ويوشك نظام المياه والاصاحة في القطاع على الانهيار. وطالبت المنظمة الانسانية السلطات الاسرائيلية برفع القيود والسماح باستيراد قطع الغيار وانابيب المياه ومواد البناء الى داخل قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس والذي دمرته الهجمة الاسرائيلية التي استمرت من 27 ديسمبر كانون الاول الى 18 يناير كانون الثاني. وقالت اللجنة الدولية للصليب الاحمر في بيان « ستظل أحياء غزة خاصة تلك التي تأثرت بشدة بالغارات الاسرائيلية تبدو كمركز زلزال عنيف مالم يسمح بدخول كميات كبيرة من الاسمنت وحديد التسليح ومواد البناء الاخرى الى القطاع من أجل اعادة البناء. » وقصفت القوات الاسرائيلية ثم احتلت غزة من أجل القضاء على المتشددين الذين يطلقون الصواريخ على جنوب اسرائيل. وتقول منظمة حقوقية فلسطينية ان 1417 شخصا من بينهم 926 مدنيا قتلوا الى جانب عشرة جنود وثلاثة مدنيين اسرائيليين. وقالت اللجنة الدولية للصليب الاحمر ومقرها جنيف ان العديد من سكان قطاع غزة « يهون أكثر فأكثر في حالة من اليأس » حيث مازال الالاف منهم يفتقرون الى المأوى اللائق بعد أن دمرت مساكنهم وممتلكاتهم. ووصلت المستشفيات الى حالة مزرية ولم يعد كثير من معداتها صالحا ويحتاج الى صيانة بعد انقطاعات الكهرباء اليومية. وقال تقرير اللجنة الدولية للصليب الاحمر « نظام الرعاية الصحية في غزة ليس قادرا على تقديم العلاج الذي يحتاجه العديد من المرضى الذين يعانون من أمراض خطيرة. والمأساوي أن عددا منهم ليس مسموحا له بمغادرة القطاع في الوقت المناسب للحصول على الرعاية الصحية في مكان اخر. » وتقول المنظمة الانسانية التي تدير مركزا طبيا لاعادة التأهيل في غزة ان ما بين 100 و150 شخصا فقدوا أطرافهم في العملية العسكرية ينتظرون الحصول على أطراف صناعية. وأضافت اللجنة الدولية للصليب الاحمر « حقيقة أن خدمات المياه والاصاحة قد تنهار في أي لحظة تثير المخاوف من أزمة صحية عامة كبيرة. » وقالت اللجنة في تقريرها ان 69 مليون لتر (ما يعادل 28 حمام سباحة أولمبي) من الصرف الصحي المعالج جزئيا أو غير المعالج بالمرة تلقى كل يوم في البحر المتوسط لعدم القدرة على معالجتها. وأدى الانهيار الاقتصادي في قطاع غزة نتيجة للحصار الى وصول نسبة البطالة في أبريل نيسان الى 44 بالمئة والى « زيادة كبيرة في نسبة الفقر. » ويعيش أكثر من 70 بالمئة من سكان غزة في فقر حيث يتدنى دخل أسرة مكونة من تسعة أفراد الى أقل من 250 دولار شهريا. وقال أنطوان جراند رئيس بعثة الصليب الاحمر في غزة وقوامها 109 أفراد « مستويات المعيشة المتدنية سيكون لها اثر سلبي على صحة ورفاهة السكان على المدى الطويل. واشد المتأثرين هم الأطفال الذين يمثلون أكثر من نصف سكان غزة. » وتعقد لجنة التحقيق في غزة يومي الأحد والاثنين جلسات استماع علنية بشأن تحقيقات الأمم المتحدة في مزاعم بارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة وجنوب إسرائيل. ومن المقرر أن تستمع هيئة التحقيق التي يرأسها مدعي الأمم المتحدة السابق لجرائم الحرب ريتشارد جولدستون الى شهادات في جنيف في يوليو تموز. (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 29 جوان 2009)
محكمة مغربية تدين ثلاث صحف بتهمة المس بكرامة الزعيم الليبي
الرباط (رويترز) – أدانت محكمة مغربية يوم الاثنين ثلاث صحف مغربية وأمرتها بدفع ما مجموعه 372 ألف دولار لليبيا بعد نشرها مقالات انتقدت فيها نظام حكم الزعيم الليبي معمر القذافي. وقضت المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء بتغريم « المساء » و »الجريدة الاولى » و »الاحداث المغربية » وهي صحف مستقلة 100 ألف درهم (12.4 ألف دولار) لكل منها كما حكمت على مدير جريدة المساء وصحافي بها بأداء غرامة مليون درهم لجبر ضرر الطرف المدعي. وكان « مكتب الاخوة العربية » التابع للسفارة الليبية بالرباط قد أقام دعوى قضائية على الصحف الثلاث متهما اياها بالحط من كرامة الزعيم الليبي. وأدانت المحكمة الصحف بتهمة « المس بشخصية وكرامة رئيس دولة ». وانتقد دفاع الصحف الثلاث الدعوى وقال انها لا تتطابق مع متطلبات القانون المغربي. وقالت نقابة الصحافيين المغاربة انها « اول مرة في تاريخ المغرب يرفع فيها ممثلو دولة أجنبية دعوى ضد الصحافة المغربية بموجب الفصل 52 من قانون الصحافة » المغربي الذي يعاقب على « المس بصفة علنية بشخص رؤساء الدول وكرامتهم ووزراء الشؤون الخارجية للدول الاجنبية ». وأضافت ان « هذا الفصل يتضمن عبارات فضفاضة تسمح بالمتابعات والعقوبات على نشر مجرد ما يعتبر من قبيل التحليل أو النقد المباح. » وقال محامي الصحف الثلاث عبدالرحيم الجامعي في اتصال هاتفي مع رويترز « هذا الحكم غير عادل بالمرة هذا ما يمكنني قوله. » وقال فريق دفاع الصحف انه سيستأنف الحكم. وكانت هذه القضية قد أثارت انتقاد عدد من الهيئات الحقوقية المحلية والاجنبية وانتقدت « الرابطة الليبية لحقوق الانسان » في وقت سابق دعوى السفارة الليبية ضد الصحف الثلاث وقالت ان « أحدا لم يسمع بعد بتقديم السفارات الليبية في الدول الاوروبية وأمريكا الشمالية بشكاوي مثل التي ينظر فيها القضاء المغربي » ضد الصحف الثلاث. وأضافت أن الزعيم الليبي أطلقت عليه في الصحف الايطالية أثناء زيارته لايطاليا في وقت سابق هذا الشهر « أوصاف مهينة لا تقارن بما كتبته الصحف المغربية.
(المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 29 جوان 2009)
برقع فرنسا وبرقع « طالبان »
عبدالله اسكندر لمناسبة كلام الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عن ارتداء النساء «البرقع» في بلاده، ثارت ثائرة كثيرين في بلادنا. وراحوا يصرخون، في الفضائيات والمقالات، تنديدا بالمؤامرة على المسلمين والاعتداء على حرياتهم. وأُستحضر «مديرو مراكز أبحاث» وهمية وفضائية، بدلاً من حاملي الـ «د.» الذين لم يعد للقبهم اي معنى، ليتحدثوا عن الحريات والديموقراطية وحقوق المرأة الخ… على نحو يكاد يكرر حرفيا، وعلى نحو مبتذل، بيانات الحركات الاصولية ومتفرعاتها. وليثبتوا جهلهم، ليس فقط بعلوم الاجتماع والحضارات والثقافات والعالم المتمدن، وانما ايضا بما يُفترض انهم علماء فيه، اي الزي الاسلامي للنساء. ثمة مسألة فرنسية – فرنسية تتعلق بالمظاهر الخارجية للانتماء الديني، ومنها ارتداء الحجاب للطالبات في المدارس الرسمية، والقلنسوة للطلاب اليهود والصلبان الكبيرة للطلاب المسيحيين. لم تكن الادارة الفرنسية موفقة في اختيار كيفية التعامل مع هذه المسألة، وأثار هذا التعامل جدلا كبيرا اخترق الطبقة السياسية الفرنسية، قبولا او رفضا. لكن هذه المسألة التي استغلتها في حينها الحركات والتنظيمات الاصولية الاسلامية تظل مادة لجدل فرنسي داخلي. وهذا موضوع آخر. ما يهمنا هنا هو معنى هذه الردود على واقعنا. فأن تخلط هذه الحركات نفسها، جهلا او عمدا، بين الحجاب والبرقع الذي تحدث عنه ساركوزي بالاسم، فهذه المأساة الكبيرة لدى هؤلاء الذين يعملون واجهات للحركات الاصولية. فهم لم يميزوا، وقد لا يميز وعيهم، بين الحجاب والنقاب والبرقع، ودلالات كل من هذه الازياء. فيخلطون في ما بينها، جهلا او عمدا، من اجل تأكيد «المؤامرة» على الاسلام وتسعير التحريض والكره والتعبئة ضد الآخر. وهي الاستراتيجية التي تشكل المشتل الذي نبتت فيه نواة الارهاب الذي ضرب في الغرب كما في البلدان الاسلامية. وهي الاستراتيجية التي تبرر للارهاب استمراريته. لقد هبّ «مديرو مراكز الابحاث» الوهمية والفضائية للتنديد بمنع البرقع في فرنسا، بذريعة ان هذا المنع يمس حرية المرأة المسلمة. وتجاهل هؤلاء الجهابذة ان البرقع هو الزي الذي فرضته «طالبان»، وفروعها، في المناطق التي تسيطر عليها بقوة السلاح، في افغانستان وباكستان، وبؤر آمنة في غير بلد. ومع فرض البرقع مُنعت النساء من حقوقهن الاولية والبديهية. مُنعن من تلقي العلم ودُمرت مدارسهن وأحرقت وجوههن بالاسيد وجُلّدن عنوة في الشوارع. ولم نسمع هؤلاء الجهابذة يدافعون عن حق المرأة المسلمة، في ظل استبداد «طالبان» وفروعها، ولم ينددوا بالتعرض لإنسانيتها على هذا النحو الهمجي. وهن ما زلن يتعرضن الى هذه الممارسات حتى الآن في مناطق سيطرة «طالبان» وفروعها، من دون ان يرى هؤلاء ان ثمة تعرضا لحرية المرأة المسلمة ولحقها في الحياة الكريمة! وهنا جوهر مشكلة الحركات الاصولية وابواقها، من فضائيات وكتبة وباحثين في «المراكز» الوهمية. وهي تلك الازدواجية الفظة في المعايير والمقاييس. فللحركات الاصولية والمتطرفة حق مطلق على المرأة وحرية مطلقة في تدمير انسانيتها. لكن اي محاولة للفت النظر الى هذه الممارسات تصبح مؤامرة على الاسلام. وقد يكون الامر مجرد وجهة نظر يرددها بعض فروع الحركات الاصولية في الفضائيات وعلى الانترنت، لكن الطامة الكبرى انهم يتوجهون الى جمهور عريض يتلقى، بحكم واقع الحال، من دون اي قدرة على التمييز، خصوصا ان مدعي الدفاع عن الاسلام يحملون ألقابا لا تقبل النقض. اذ يكفي احدهم ان يضيف كلمة من نوع ابحاث او دراسات او استراتيجية الى جانب اسم «مركزه» الوهمي حتى يُخيل الى المستمع او القارئ ان هذا «المدير» يتمتع فعلا بحد ادنى من مواصفات البحث والعلم والتجرد والانفتاح الفكري. وليس مجرد بوق «فرزه» تنظيمه، او حركته، لتغذية افكار الكره والحقد، والتي نسمعها في بيانات «طالبان» وجذرها الاصلي وفروعها المنتشرة في الفضائيات. وليس المدافعون عن البرقع في فرنسا سوى واجهة لفارضيه بالقوة في افغانستان وباكستان.
(المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 28 جوان 2009)
كلمة حرة
هل بدأت إيران تتغير؟
تلك هي خلاصة الإستشراف الأروبي في أعقاب المظاهرات التي شهدتها العاصمة الإيرانية وبعض المدن الكبرى في إثر إعلان فوز أحمدي نجاد بولاية رئاسية ثانية دعما للتوجه السياسي الراديكالي المحافظ في شقيه الديني ( ولاية الفقيه ) والسياسي الخارجي ( إمتلاك القوة النووية ولو لأغراض سلمية من جهة فيما يعتبر تهديدا جديا ضد الإحتلال الصهيوني في فلسطين فضلا عن تقدم إيران من جهة أخرى ـ وعلى إمتداد ثلاثة عقود كاملة من 1979 حتى 2009 ـ كل القوى في الدنيا ـ برغم فارسية قوميتها وشيعية مذهبها ـ على خط دعم المقاومة الفلسطينية ضد الإحتلال الصهيوني بكل معاني الدعم المعروفة وغير المعروفة فضلا عن دعم المقاومة في لبنان .. خلاصة أروبية ليست بمنأى عن الحقيقة .. بدأت إيران تتغير .. خلاصة أروبية مفهوم إتجاهها المتطلع إلى تخلي إيران عن خطها السياسي المقاوم للصهيونية ولقوى الإستكبار الدولية في العالم.. خلاصة أروبية قد يصدق نبأها.. رغم أننا نريد لإيران أن تتغير في إتجاه آخر .. أما تغيرها ـ لا قدر الله ـ في الإتجاه الأروبي تخليا عن دعم المقاومة في لبنان وفلسطين وقوى التحرر ـ رغم سياسة إنتقائية مذهبية شديدة في خصوص دعم قوى التحرر خارج الدائرة اللبنانية والفلسطينية ـ ذاك تغير يسوؤنا دون ريب .. نريد لإيران أن تتغير في إتجاهات أخرى داخلية من مثل التخفيف من وطأة وحمأة العنصرية المذهبية الدينية الشديدة التي وصلت حد التبشير بالشيعية الجعفرية الإثنا عشرية في بلدان سنية بالكامل مما يثمر قطعا إضطرابات داخلية وتشويشات ليست الأمة في محل تحملها اليوم.. هما تغيران منالهما عسير لا بد له أن يمر بمخاضات بل بحروب طاحنة في الحقول الإجتماعية والفكرية والسياسية .. تغيران مطلوبان .. تغير منا .. وتغير من إيران .. أما تغيرنا المطلوب فهو الإتساء بالديمقراطية الإيرانية .. وأي فخر يمكن أن ينسب للشيعة الإيرانية ( الجعفرية الإثنا عشرية تحت سلطان ولاية الفقيه ) أكبر من الفخر الديمقراطي الذي يقتبس من التجربة الأروبية الحديثة في التغيير الديمقراطي حكمته منزوعة من ردائها الفلسفي .. العاقلون يقرون بأن المذهبية السنية ( بما فيها الأباضية والظاهرية) أليق بإحتضان ذلك التحول الديمقراطي وإستيعاب آلياته بسبب أن المذهبية السنية بمنأى عن ولاية الفقيه التي من المفترض أن تحجز شيئا أو تقيد آخر أي بسبب سماحة المذهبية السنية ـ في أصلها لا في بعض تطبيقاتها الجائرة الظالمة ـ مقارنة بالمذهبية الشيعية وخاصة الجعفرية الإثنا عشرية منها إستثناء للزيدية.. ذلك تغير منا مطلوب ولكن دونه عقبات بل حروب طاحنة يجب إعلانها إجتماعيا وفكريا وسياسيا.. حروب سداها القلم ولحمتها اللسان بعيدا عن التهارج البهيمي أو ما يأتيه الإسلاميون اليوم في الصومال إستنانا سيئا بأسلافهم في أفغانستان .. أما التغير المطلوب منهم ـ إيران ـ فهو ما أشير إليه آنفا أي تهذيب سلطان ولاية الفقيه ـ وهي في محل مراجعات متوالية من عدد من قادة الفكر الشيعي من مثل المرحوم مهدي شمس الدين وآخرها المرجع اللبناني المعروف حسين فضل الله وغيرهما .. تهذيب ذلك السلطان لإستيعاب التعدد المذهبي الإسلامي أو العدول عنه إلى سلطان الأمة مبدأ الإسلام في السياسة. والحقيقة أن إيران بمنهجها الديمقراطي الفريد في المنطقة العربية والإسلامية ـ إلا قليلا من تركيا وغيرها ـ حين تجمع بين سلطان ولاية الفقيه مذهبيا ودينيا وبين الديمقراطية الغربية ( شكلا وآلة) فإنها مهددة ( يجدر وضع كلمة مهددة بين معقفين) برجحان كفة الديمقراطية على كفة ولاية الفقيه أو رجحان المطلب السياسي ( حريات وحقوق) على المطلب المذهبي الديني .. إذا كان ذلك كذلك فإن منتهى التحليل الأوربي ( حتى لو كان إستشرافه في الإتجاه السلبي) ليس بمنأى عن الحقيقة.. يبدو أن إيران بدأت تتغير فعلا .. ولكن إلى أي إتجاه وما هي الإنعكاسات المنتظرة لذلك التغيير وما هو دور العرب والمسلمين فيه وما هي وتيرته المحتملة .. الأهم من كل تلك الأسئلة هو سؤال واحد خطير كبير : ما هي إنعكاسات ذلك التغيير الإيراني على القضية المركزية الأم لأمة العرب والمسلمين والأحرار في الدنيا كلهم : قضية الإحتلال في فلسطين وبعضه في لبنان.. نحتاج لعقل خلدوني يرصد فلسفة التغير الإجتماعي في إيران. الحديث عن إيران هو حديث عن أكبر قوة مذهبية دينية إسلامية منتظمة ضمن دولة قومية كبيرة عددا وعدة فضلا عن مكانها الجغرافي والتاريخي والأهم من كل ذلك : أثرها البالغ جدا إن بالسلب أو بالإيجاب على أمة العرب والمسلمين وأروبا وأمريكا … بكلمة : الحديث عن إيران ليس حديثا عن الكويت أو إمارة من الإمارات العربية المتحدة أو كازاخستان .. الحديث عن إيران ـ سيما عندما تتأهب للتغيير ـ هو حديث عن أكبر قوة إقليمية على جميع الجبهات تقريبا وهي قوة مؤثرة بما يجعل رصد تحولاتها مهمة المصلحين والمهتمين بالشأن العربي والإسلامي والدولي ..إيران هي محط أنظار أوربا كلها وأمريكا كلها من جهة .. وهي محط أنظار الصين كلها والهند كلها ونمور آسيا كلها .. من جهة أخرى .. أما عندما يختزل الحديث عن إيران في الجانب المذهبي الديني أو الجانب السياسي أو الإقتصادي أو النووي .. عندما يختزل بالمنظار المذهبي السني المقابل أو بالمنظار السياسي الإستبدادي العربي المقابل أو بالمنظار الإقتصادي التابع المرتهن المتذيل لمصارف العولمة المتوحشة أو بالمنظار العربي المخزي الذي يصمت عن حق إسرائيل في إمتلاك القوة النووية حتى لو إستخدمتها ضد الأبرياء العزل في حرب غزة المنصرمة بينما يكون ذيلا تابعا مقطوعا من أذيال إدانة أروبا وأمريكا لإيران لأجل الملف النووي .. عندما يختزل الحديث عن إيران في تلك الجوانب الحسيرة الضيقة.. عندها تكون بوصلتنا معطوبة قطعا.. عندنا يختل ميزان الأولويات عندنا إختلالا فاحشا.. عندنا نرهن مصيرنا وقوانا بيد المحتل .. عندنا يصدق علينا المثل العربي : كمستجير بالرمضاء من النار.. ورمضاء إيران دون شك عند العقلاء ـ أما السفهاء الرويبضات فلا حق لهم في الحديث في أمر العامة ـ أهون علينا ألف ألف مرة من نار أوربا وأمريكا والصهيونية التي توجه أروبا وأمريكا معا في قضايانا المركزية العظمى من مثل قضية فلسطين المحتلة .. نحتاج بكلمة إلى عقل تحليلي لا عقل وصفي فهذا يتقمصه الشعراء والأدباء أما ذاك فيلتحف به المصلحون الكبار تحليلا لأسباب العمران التي أفضت إلى هذا التغيير هنا أو ذاك الإنحدار هناك أو تلك النهضة هنالك.. أسباب التغيير في إيران مفهومة. 1 ــ صمود نظرية ولاية الفقيه في علاقة نكاح ( أو قل نكاح متعة بسبب أن الشيعة يبيحون نكاح المتعة إبتداء دون لجوء إلى ضرورة أو حاجة أو غير ذلك).. صمود نظرية ولاية الفقيه في علاقة متعة مع آليات ووسائل النظرية الديمقراطية الغربية ( وليس فلسفتها بطبيعة الحال) هو صمود كان يجب أن يوضع له حد بسبب أسباب التغيير ذاتها أو بسبب قانون السنن نفسها. هو صمود يمكن أن يولد ويعيش ويترعرع في كنف التوقي من عدو خارجي أحسن الخميني تصويره عندما أنتج نظرية تصدير الثورة وظل يحشد المجتمع كله فضلا عن الدولة بمؤسساتها الديمقراطية ( ولكن تحت سلطان ولاية الفقيه ) من أول يوم حتى مماته ضد ذلك العدو الخارجي المتربص بالبيضة والعرض : أمريكا وإسرائيل وأروبيا وغير ذلك.. عندما تصمد نظرية ولاية الفقيه تحت ظل تلك الشروط الداخلية المتوثبة للتصدي والصمود في وجه عدو متربص بالديار .. عندها يفهم الأمر.. أما عندما تغيب مادة الحشد أو تخفت وتبهت أو تطرأ ضدها معارضات ( ربما من أسباب ذلك كذلك غياب القائد الفذ الملهم أي غياب الفقيه الولي الذي يمسك ببوصلة الإتجاه الإستراتيجي العام مذهبيا وشرعيا ودينيا وسياسيا وحضاريا ودوليا).. عندما يغيب ذلك المناخ الداخلي أو يخفت صوته.. عندها يكون قد آن أوان تخلخل نظرية ولاية الفقيه ولكن لصالح من؟ طبعا لصالح شريك نكاح المتعة أي : مخلفات ومؤثرات وإنعكاسات وفعاليات التجربة الديمقراطية الغربية.. كثير من الناس ـ بمن فيهم الإسلاميون ـ يغفلون عن مؤثرات الإقتباس حتى لو كان ذلك الإقتباس محاطا بكل أسباب الشرعية الأصولية والفقهية المعروفة وهو ما يسمى بالقياس المرسل.. ليس معنى ذلك تحريم الإقتباس توقيا من مخلفاته الفكرية وفعله مع الأيام والعقود في النفوس ـ مناط تغير الواقع بصريح القانون القرآني المحكم » إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم » ـ ولكن معنى ذلك هو : يجب على المصلحين الكبار رصد تلك المخلفات منذ بداية الإقتباس وحسن توقعها والتمهيد لإمتصاص تلك المخلفات النفسية والإجتماعية منذ أول يوم.. أما الإطمئنان إلى نكاح متعة ـ سيما بين مذهب شعيي صارم في ولائه الديني وبين آلة غربية في الحكم والتداول والإدارة ـ دون حسن قراءة المخلفات والإنعكاسات حتى يرن جرسها بمثل ما رن في إيران ـ لأول مرة بعد ثورة الخميني ـ في العاصمة طهران ومدن أخرى كبرى .. الإطمئنان إلى ذلك دون حسن قراءة ذلك أو دون الإعداد لذلك.. هو حكم على نكاح المتعة بالإنفصال قبل حلول موعد الإنفصال المحدد.. 2 ــ فعل وأثر الثورات الإعلامية الموارة الهدارة المائجة كفيلة بتغيير الأرض كلها وليس إيران وحدها لا يصمد أمامها شيء إلا عقيدة راسخة ثابتة تتميز بالوسطية في بنائها وبالمعقولية والتعليل والمقاصدية والمقارنة والجدلية في وسائلها.. أما دون ذلك فإن الكلمة سلاح بتار لا يصمد في وجهه شيء أبدا وهو السلاح الذي إعتمدته الأديان سيما الدين الإسلامي فغير به الدنيا في غضون أعوام قليلة جدا.. فما بالك إذا كانت تلك الكلمة يعيش على صداها ونبضها صاحب الحدث سواء كان فاعلا أو مفعولا به مع كل إنسي وجني فوق البسيطة بل في سماء غلافها الجوي البعيد في اللحظة ذاتها نبضا بنبض كلمة وصورة ورسما ودما أحمر قانيا.. هذا كذلك تحول حديث في البشرية غفل عنه كثيرون منا.. وليست إيران من الدول التي تصدت لتلك الثورات الإعلامية الهادرة المائجة ورغم ذلك كان لها فيها أثر معروف ..فما بالك بالدول التي تحاول عبثا التصدي ضده تلك الثورات الإعلامية .. هذه تصدق فيها قصة المتصدي للطاحونة الهوائية ذات المروحيات العملاقة تقطع كل ما يتقحم فلكها كائنا ما كان ومن كان .. قصة جميلة جدا أدرجت لنا في برنامج السنة الخامسة من التعليم الإبتدائي ( الأساسي ).. إيران بعد تعلق الأبصار بالفضائيات وعالم الأنترنت على مدى سنوات طويلة ورغم إستيعابها بتحضر راق لذلك التحول الإعلامي الهدار ما ينبغي لها أن تصمد في وجه ذلك الإعصار وهي تمسك بقانون ولاية الفقيه وحملات تشويه إعلامية لا طاقة لها بها ولا حد لها تنتجها آلة الإعلام الغربية سيما الصهيونية والأروبية والأمريكية كما تنتج الحنفية ماء لا ينضب .. 3 ــ من عجائب الأقدار الرحمانية الغلابة أن عشرية 1979 ـ 1989 شهدت أكبر حدثين في القرن الميلادي المنصرم : عام 1979 تحطم شرطي أمريكا في الخليج العربي تحطما شنيعا بآلة ثورة شعبية كانت هي الأخيرة حتى أيامنا هذه وربما ستظل كذلك حتى إيذان آخر قد يمتد عقودا أو قرونا وعلى أنقاض تلك الخسارة الصهيونية الأمريكية الغربية الشنيعة نشأت أول قوة شيعية جعفرية إثنا عشرية في عنفوان قوتها حتى إنها تحدت الأمة كلها والدنيا كلها بوضعها في ثاني بند من دستورها كونها دولة شيعية إثنا عشرية .. ذلك هو الحدث الأكبر ثم تلاه بعد ذلك مباشرة وفي غضون عشرية واحدة الحدث الثاني الذي هز العالم هزا عنيفا أي سقوط الإتحاد السوفيتيي ومن ورائه الإستقطاب الدولي الثنائي ومن خلف ذلك كله النظرية الشيوعية.. معنى ذلك هو : أن إيران ترشحت للتحدي الدولي ( ومنه التحدي العربي والإسلامي كله تقريبا) في زمن ترشحت فيه أمريكا للتحكم في مصائر الناس بعد سقوط الدب الروسي.. معن ذلك هو : ترشح إيران للدور السوفييتي السابق ولكن في مناخ دولي منخرم جدا وفي مناخ عربي رذيل جدا وفي مناخ إسلامي ( تركيا وغيرها) أشد رذالة.. معنى ذلك هو : مهمة إيرانية صعبة جدا و عسيرة جدا فإذا نجحت وصمدت عشرية واحدة فلا يعزى نجاحها سوى إلى عوامل داخلية تشد من وحدتها الداخلية وشفافيتها الإدارية وديمقراطيتها السياسية.. وذلك هو الذي كان بإرادة منه سبحانه.. معنى ذلك هو : صمدت عوامل الصمود الداخلية على مدى ثلاثة عقود كاملة برغم سقوط الكفيل الشيوعي لحركات التحرر ضمن لعبة الإستقطاب الدولي الثنائية وبرغم نظرية ولاية الفقيه التي ليس من المناسب ـ في بدائه الأمور ومنطلقاتها الأساسية الفكرية والفلسفية وليس في تطبيقاتها البراغماتية العملية ـ إنكاحها بالتجربة الديمقراطية وبرغم تجند العالم كله ضد تلك الثورة الناشئة من عرب وعجم ومسلمين وعالمانيين فضلا عن الأعداء الخارجيين المعروفين.. معنى ذلك هو : مناخات الصمود الداخلي الإيراني لم تسعفها الظروف الدولية التي رشحتها لإحتلال العدو القديم الذي يجابه الترسانة الأروبية والأمريكية أي الإتحاد السوفييتي.. 4 ــ كل ما سبق ما يجب أن يحجب عنا أن الذين يصنعون التغيير الإيراني ( إذا صحت الأطروحة الأروبية برغم رجحان ذلك وعدم إبتهاجنا له ) وفي الحقيقة يصنع لهم ولا يصنعونه.. ما يجب أن يحجب عنا حقيقة عمرانية إجتماعية بسيطة وهي أن الذين يصنع لهم هذا التغيير الإيراني اليوم لا علاقة لهم بالثورة الإيرانية إذ ولدوا بعدها بعشرية وولد بعضهم في أيامها الأولى.. ليسوا هم أبناء جيل التأسيس الثوري الإيراني.. هذه أجيال ولدت في بلاد تحاربها مشارق الشمس ومغاربها من عرب وعجم وغربيين ومسلمين.. هذه أجيال بعيدة عن لحظات التأسيس والأجيال البعيدة عن لحظات التأسيس كثيرا ما ترى الواقع والآفاق بعيون أخرى.. من حقها أن تراها بعيون أخرى ولكن ليس من حقها أن ترسم ذاكرة التاريخ لتنتصب المعادلة صحيحة قوية : المستقبل = تاريخ + حاضر. بـــكـــلــــمــــــة … 1 ــ يبدو أن إيران فعلا بدأت بالتغير بعدما إعتلج التغير في أحشاء رحمها الإجتماعي لسنوات طويلة ولكنه تغير نخشى عليه أن يكون في الإتجاه الأروبي أي إتجاه التخلي عن دعم المقاومة اللبنانية والفلسطينية وليكن ذلك لحساب المذهبية الشيعية الدينية إذ ليس هناك في السياسة من يصطاد لغيره كما يقول المثل الشعبي ومن حق الخاسر أن يربح ومن حق الدافع أن يجني أما أن يدفع الدافع من عرق جبينه ثم يهدي كسبه وثمرة عمله إلى غريمه فذلك أمر لا تفعله حتى أشد الحيوانات حمقا.. ولكن الأحمق منا حقا هو من يطمح إلى ذاك أو يحلم به أو يشنع عليه.. 2 ــ إذا كان لإيران أن تتغير بحسب منظورنا ولصالح الأمة حاضنتها الأولى والأخيرة فإن الأحرى بها والأجدر أن تتغير في نظامها الديني أي مواصلة لمراجعة نظرية ولاية الفقيه لحساب ولاية الأمة وهي ولاية نجحت في إدارتها على المستوى السياسي بإنتهاجها النهج الديمقراطي الحقيقي الذي تتأخر عنه بلداننا العربية والإسلامية ( إلا قليلا جدا) يوما بعد يوم.. ليس المطلوب كما ينادي ويحلم السذج منا التخلي من إيران عن مذهبها الشيعي فذلك حقها الشرعي والطبيعي ولكن المطلوب هو التخفيف من وطأة وحمأة ضجيجه وطاحونته المهددة للعالم السني بتدخلات سافرة تلغي الوحدة الإسلامية وتخصمها خصومة كبيرة.. 3 ــ إذا بدأت إيران بالتغير فعلا فإن أسباب تغيرها معروفة مفهومة بدأت من سوء حظها حين تلازم صعودها في إستعراض شعبي رهيب مهيب عام 1979 رغم أنوف أمريكا وحلفائها في الأرض مكرهة متعبة.. تلازم ذلك مع سقوط راعي الكيانات التي تلتقي معه في معاداة الخيار الأمريكي في المنطقة أي الإتحاد السوفيتيي.. أسباب بدأت بسوء الطالع ذلك ثم تواصلت بالإحتفاظ بنظرية ولاية الفقيه في نكاح متعة مع الديمقراطية الغربية وكل ذلك تزامن مع ثورات إعلامية هدارة موارة لا تبقي ولا تذر تكشف المخبوء حتى لو كان في بيت النوم.. محصلة كل ذلك بطبيعة الحال جيش لجب من أعداء إيران في دنيا العرب والعجم والمسلمين والغربيين ظل يحارب إيران ليل نهار صباح مساء.. دون أن ننسى أن إيران ذاتها إرتكبت من الأخطاء القاتلة داخليا وخارجيا ما لا يجنبها مصير تغير قد تتغير به إيران حقا وفعلا وصدقا تغيرا إستراتيجيا كبيرا.. أخطاء كبيرة قاتلة من مثل تهديد الخليج العربي من خلال الخلاف حول جزر طنبه الصغرى والكبرى ومن خلال التبشير الشيعي عقبا لنظرية تصدير الثورة التي إعتمدها الخميني ومن خلال إزدواجية في المعايير مشينة من مثل دعم أنظمة حكم عربية والغة في الإستبداد والتطبيع ومحاربة الإسلام من مثل النظام التونسي لجني مضاربات إقتصادية وفسح المجال أمام التشيع في المنطقة .. وأخطاء أخرى كبيرة كثيرة.. كل ذلك مهد للتغيير الداخلي في إيران.. وأسباب أخرى وسنن أخرى يضيق عنها هذا المجال.. ولكن يبقى السؤال الإستراتيجي الأخطر : إذا صدقنا فعلا إمكانية تغير إيران في غير إتجاه دعم قضايانا العربية والإسلامية ( قضية المقاومة في لبنان وفلسطين وليس غيرها تقريبا) إذا صدقنا ذلك فهل نطرح هذا السؤال المخيف حقا : هل يمكن لكيان صمد في وجه آلة الحرب الدولية ثلاثة عقود كاملة وزاد على ذلك بأن أخذ ببعض أسباب الوحدة الداخلية ( الديمقراطية وليس غيرها في الحالة الإيرانية) .. هل يمكن لذلك الكيان ـ مطلقا وليس التجربة الإيرانية إلا مثالا في صورة الحال ـ أن يصمد في وجه العدو الخارجي ولكن لا يمكن له أن يصمد في وجه التغيرات الداخلية ( الإتجاه الإصلاحي ومطالبه في الحالة الإيرانية والتي تصل حد التبرم من إنشاء القوة النووية الإيرانية بل إلى حد التبرم من مواصلة دعم المقاومة بمثل ما نقل من ذلك أكبر إعلامي عربي مطلع على الشأن الإيراني أي فهمي هويدي) .. إذا كان تطور الأوضاع الداخلية في أي كيان حكومي أو شعبي يمكن أن يصل إلى هذا الحد من فرض التغيير ( بقطع النظر عن أكذوبة تزييف الإنتخابات الإيرانية الرئاسية الأخيرة بسبب أن الفارق بين المرشحين كبير جدا ( 30 بالمائة) من جهة وبسبب أن الديمقراطية في إيران بحسب ما فهمنا خيار إستراتيجي وحاجة داخلية لا يمكن الإنقلاب عليها بهذه السرعة وبهذا الحد الكبير جدا من التزييف الذي لا نظير له إلا في الدكتاتوريات العربية ) .. إذا كان تطور الأوضاع الداخلية في أي كيان حكومي أو شعبي يمكن أن يصل إلى هذا الحد من فرض التغيير داخليا بعد ما فشل خارجيا .. فإنه ليؤكد القاعدة الذهبية الإصلاحية العظمى : صون الوحدة الداخلية بصون أسبابها هو صمام الأمان ضد كل تغير غير مرغوب فيه.. أجل. يمكن لك أن تسطر قاعدة إجتماعية في التغيير والإصلاح : قد يعجز عنك عدوك وهو يحاربك لعقود وقرون ولكن قد لا تعجز عن نفسك أن تمزقها فتقدمها لعدوك هدية على طبق من ورد وذهب كما يقولون.. وعندها تخسر مرتين.. وأشد الخسارات ما كان داخليا.. إن في ذلك لعبرة وما كان الحدث الإيراني ـ إذا صح تغيره ـ إلا مثالا في التاريخ والتاريخ خير معلم لمن أراد الإستبصار والإعتبار.. (المصدر: موقع « الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 29 جوان 2009)
إيران: الثورة، ومحاولات الالتفاف
21 جوان 2009
محمد المثلوثي عندما يبدأ مرجل الثورة في الغليان، عندما يكشر المضطهدون عن أنيابهم، عندما تكسر البروليتاريا حاجز الخضوع والخوف، عندما تبدأ صور الحرائق و »أعمال الشغب » بتشويش صورة إيران « المتماسكة والمتوحدة ضد الاستكبار العالمي »، عندما نرمي، نحن المعذبون في الأرض، حصاتنا في مستنقع السلم الاجتماعية، عندما تبدأ حصون النظام الاجتماعي الذي يدفننا يوميا بالحياة بالتداعي للسقوط، عندما تتداعى تلك الوحدة الوهمية بين الذئب والقطيع، عندما تسقط « وحدة الوطن » بين الأغنياء والفقراء ويتعرف كل طرف على مصالحه المتناقضة وغير القابلة للمصالحة مع الآخر، عندما تتداعى أسطورة إيران « الداعمة للمقاومة » وتظهر على حقيقتها كمعتقل ضمن بقية معتقلات الاستغلال الرأسمالي، تلك المسماة « أوطان » أو « دول »، عندها، تبدأ آلة الالتفاف بابتداع أحابيلها، وتبدأ الأحزاب اليمينية واليسارية بمحاولة الركوب على الأحداث وتوجيه النقمة البروليتارية وجهة « الإصلاحات الديمقراطية »، وجهة « معارضة الديكتاتور »، وجهة « المطالبة بانتخابات شفافة »، وجهة « تحوير الدستور »، وجهة « سن العفو التشريعي العام »، وجهة « سن قانون حرية الصحافة »، وجهة « حرية التظاهر السلمي »…الخ، وعندما تتجه الجماهير البروليتارية نحو تدمير ما يدمرها (مراكز البوليس، الثكنات العسكرية، مقرات الأحزاب…) وعندما تتوجه هذه الجماهير أيضا نحو تحقيق حاجاتها بالقوة والعنف وتقتحم كنائس النظام الرأسمالي (البنوك، المغازات العامة، مخازن الأغذية والملابس…) فان كل آلة الدعاية البورجوازية تسارع بإدانة العنف، والدعوة إلى التظاهر السلمي، وهو ما يعني وضع أعناقنا تحت سكين أعدائنا، وإتاحة الفرصة للسفاحين ليقوموا بمهمتهم بلا مقاومة. وبينما نقيم نحن الكرنفالات السلمية البائسة، معتقدين أن ذلك سيقدم خطوة في اتجاه خلاصنا، تكون آلة القمع قد ذبحت إخواننا « الإرهابيين » و »عملاء القوى الأجنبية » و « الفوضويين » و « مثيري الشغب » ممن رفضوا أن يموتوا ببلاهة في استعراضات مشهدية لا تصلح إلا كمادة إشهارية في القنوات الفضائية و وكالات الأنباء. على عكس ما تحاول تصويره وسائل الإعلام، فان الانتفاضة الحالية في إيران لم تكن أبدا شيئا مفاجئا. فالبروليتاريا الإيرانية لم تنفك طيلة العقود السابقة عن محاربة أعدائها الطبقيين، فالمظاهرات والمصادمات مع قوات النظام لم تنقطع وإن بأشكال ومستويات ودرجات متفاوتة. ولعل الفترة الأخيرة قد شهدت العديد من الأحداث كانت تعبيرا عن حالة الغليان التي يعيشها الشارع الإيراني نتيجة احتداد الأزمة الاقتصادية وتهديدها لقوت الشغالين ودفع آلاف مؤلفة أخرى إلى جحيم البطالة والتهميش. ولقد حاول النظام الإيراني استيعاب حالة الغضب هذه من خلال تنظيم الانتخابات التي نجحت نسبيا في جر العمال وراء الاستقطاب الثنائي بين ما يسمى بالإصلاحيين والمتشددين، وهو ما يفسر الإقبال الكثيف خلال هذه الانتخابات، حيث انجرت الجماهير فعليا وراء وهم التغيير الديمقراطي. لكن المدقق في الجو الذي ساد يوم الانتخابات، والحمى التي أصابت الشارع، والكثافة غير العادية للإقبال، فانه وكأنما وباء من النقمة والغضب المكتوم قد حول الجماهير البروليتارية إلى آلة غير قابلة للضبط والمراقبة. وكانت إشارات الانفجار الاجتماعي لا تخطئها العين. ولقد كان الإعلان عن نتائج الانتخابات كأنه انفلاق لبالونة فارغة عرت المكب وأيقظت الجماهير من غيبوبتها لتصفعها بالحقيقة المريرة التي حاولت أن تغمض العين عنها: إن طريق الانتخابات لا يؤدي للخلاص. اندلعت الاضطرابات بشكل عفوي، وبدون أن يكون للإصلاحيين أية يد فيها. لا بل أن حجم الاحتجاجات و عنفيتها وتوسعها إلى العديد من المناطق كان قد فاجأ الجميع، ولم يكن في نية موسوي وباقي المعارضة سوى تقديم بعض الطعون إلى المجلس الدستوري حول خروقات في العملية الانتخابية. لكن، وفي اليوم الثاني من الاحتجاجات، ومع بروز طابعها الجماهيري الواسع وتجاوزها لكل الأطر التقليدية وكسرها لما يسمى بالخطوط الحمراء وتحولها إلى مواجهات دامية، بعد سقوط أكثر من سبعة قتلى وأكثر من خمسين جريحا، والتعاطف المنقطع النظير الذي لقيته هذه الاحتجاجات في الأوساط العمالية، سارع موسوي وأنصاره إلى تنظيم مسيرة (سلمية) حاملين الرايات السوداء والخضراء تعبيرا عن الحداد على القتلى الذين سقطوا بالأمس وعن مساندتهم للمرشح الإصلاحي. ولقد طلب موسوي من المحتجين التظاهر في مسيرات سلمية وصامتة، وشارك بنفسه في واحدة منها، ورفض المشاركة في مسيرة يوم السبت لأنها غير مرخص فيها. في المقابل واصلت الجماهير الغاضبة تحركاتها، حيث أسفرت مصادمات يوم السبت التي لم يشارك فيها جميع أطياف المعارضة على أكثر من سبعة عشر قتيلا وأكثر من خمس مائة جريح، في أعنف مصادمات تشهدها إيران منذ انتفاضة 1978. إضافة لذلك فان الشعارات التي كانت ترفعها الجماهير لم تكن مطابقة للمطالب التي يرفعها موسوي وبقية المعارضة. ففي حين يطالب موسوي بإعادة الانتخابات، فان البروليتاريا المنتفضة كانت ترفع شعارات ضد النظام « الإسلامي » نفسه، مثل شعار « إلى متى ننتظر القيامة، اليوم هو القيامة »، كذلك فإن أحد الشبان قام بتفجير المقر الرمزي لضريح الخميني، هذا الخبر الذي حاولت وكالات الأنباء التقليل من شأنه وحاولت العديد من الروايات الرسمية أن تصور الأمر ك »عمل إرهابي »، أو مؤامرة لمنظمة مجاهدي خلق، أو المخابرات البريطانية. كذلك قام المحتجون بإحراق (من مركز إلى سبعة مراكز بولس، تتضارب الأنباء في هذا الصدد) كل هذا يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن أهداف المنتفضين لا يربطها أي رابط مع مطالب المعارضة، وأن ما تحاول تصويره وكالات الأنباء وتقديمها هذه الانتفاضة باعتبارها صراعا بين السلطة والمعارضة، بين نجاد وموسوي… إنما هو محاولة للالتفاف على هذه التحركات وجر الجماهير العمالية وراء هذا القطب البورجوازي أو ذاك. لكن إذا كانت هذه الانتفاضة بالفعل ليست ضد هذا الفصيل السياسي أو ذاك، بل ضد النظام الرأسمالي في كليته وبكل مكوناته، فان قدرة البروليتاريا على مواصلة انتفاضتها من أجل تحقيق مصلحتها الطبقية الخاصة، باستقلال عن كل الأحزاب بيمينها ويسارها، وقدرتها على قطع الطريق أمام كل محاولات الاستيعاب البورجوازي تبقى ليست محكومة بالطاقات الذاتية للبروليتاريا الإيرانية، وقدرتها على بناء تنظيماتها الطبقية المستقلة فقط، بل بالوضع العالمي ودرجة تطور الصراع بين البروليتاريا والدولة العالمية لرأس المال، ودرجة التضامن الأممي بين البروليتاريين في كل أصقاع العالم وقدرتهم على تجاوز الدعاية الإيديولوجية للإعلام البورجوازي والتعرف على نضالات إخوانهم على حقيقته كجزء من نضال طبقة البروليتاريا العالمية من أجل التخلص من نظام البؤس الرأسمالي العالمي. إن نضالات البروليتاريا في إيران ليست صراعا بين المحافظين والإصلاحيين، وليست من أجل العودة إلى مستنقع الانتخابات والديمقراطية البورجوازية، كما أنها ليست ضد الملالي الإسلاميين، ولا هي احتجاج على هذا الحيف أو ذاك، هذا الظلم أو ذاك، إنها نفس النضالات التي يخوضها العمال في كل مكان، في اليونان، في الصين، في المغرب، في تونس، في بوليفيا، في الهند، في نيجيريا، في الغابون، في فرنسا وألمانيا وتركيا والعراق وفلسطين… من اجل نفس الأهداف: ضد الملكية البورجوازية، ضد عبودية العمل المأجور، ضد المنافسة الرأسمالية، ضد سلطة المال وآلهة المردودية الاقتصادية التي باسمها يتم التضحية بكل شروط الحياة البشرية على هذا الكوكب. إن هذا النظام الرأسمالي المتفسخ يوحدنا ضده. فلنتوحد ضد كل ما يفرقنا. عاشت نضالات البروليتاريا في إيران، عاشت نضالات البروليتاريا في كل مكان. محمد المثلوثي المصدر : منتدى » الديمقراطية النقابية و السياسية « الرابط : http://fr.groups.yahoo.com/group/democratie_s_p
وجهة نظر:
الثورة في إيران : دروس الماضي تخيم على الحاضر
أيوب أيوب لا يمكن للبروليتاريا الإيرانية أن تحقق أي تقدم في الانتفاضة الحالية التي تخوضها، بدون العودة إلى أهم دروس الموجة الثورية 1978-1979، بل يمكن اعتبار انتفاضة اليوم هي بشكل من الأشكال عملية ثأر تاريخية من الثورة المضادة التي قادها الخميني سنة 1979، وكأنما التاريخ يمنح فرصة إضافية للجماهير المسحوقة لاستخلاص العبر وتجاوز الأخطاء القديمة. فالأعداء لا يزالون، برغم تغير الديكور والأسماء، هم أنفسهم الممسكون بآلة القمع. وكل ما ناضل ضده أجيال الفقراء في السبعينات لا يزال ماثلا، وإن بأسماء جديدة، فالاستغلال الطبقي لجمهور العمال قد تفاقم، وتوجيه كل منتجات عرقهم في النزعة العسكرية والتسلح باسم « محاربة الاستكبار »، والقمع وإرهاب الدولة من الباسيج إلى الحرس الثوري إلى المحاكم الإسلامية، كل ذلك يزداد حدة من يوم إلى آخر. فهل يقدر العمال على تجاوز الإعاقات التي منعتهم في السابق من الإجهاز على الدولة والنظام الرأسمالي؟ وما هي أخطاء الماضي، وكيف السبيل إلى تجاوزها؟ نزعة ضد-الإمبريالية خنجر في خاصرة البروليتاريا: لقد مثلت انتفاضة البروليتاريا الإيرانية التي انطلقت بشكل حاسم منذ خريف 1978أهم وأعظم الانتفاضات العمالية التي شهدتها المنطقة، فلقد عمت موجة من المظاهرات والمصادمات أهم المدن الإيرانية، كذلك قام العمال بإنشاء تنظيماتهم الطبقية المتمثلة في مجالس الشورى في المصانع، وشل الإضراب العام كامل البلاد في أكتوبر 1978 بما جعل رئيس الحكومة شابور باختيار، وفي محاولة يائسة لإنقاذ النظام، يجبر الشاه على الهروب بشكل مذل، وإعلان استعداده إلى تنظيم انتخابات عامة والقيام بجملة من الإصلاحات على الدستور وقوانين الانتخاب والصحافة والسماح بتشكل الأحزاب. لكن البروليتاريا لم تبلع الطعم الديمقراطي وواصلت احتجاجاتها التي بدأت تأخذ شيئا فشيئا طابعا مسلحا انتفاضيا عنيفا، وبدا أن الحلول التقليدية لامتصاص الغضب الجماهيري المستعر لم تعد تنفع، ولم تقدر أحزاب المعارضة التقليدية بيمينها ويسارها على استيعاب الحركة، فلقد كان الحريق الثوري قد وصل إلى درجة غير قابلة للمصالحة مع نظام اجتماعي أثبت لا إنسانيته ومعاداته للعمال، وهو ما جعل هؤلاء يندفعون نحو السجون التي تم اقتحامها وخلع أبوابها وطرد الحراس الذين انضم جزء كبير منهم إلى صفوف المحتجين وتم تحرير كل السجناء، كذلك هاجمت الجماهير مراكز البوليس السري (السافاك) والثكنات العسكرية وأقامت تآخيا لا مثيل له مع الجنود بما جعل تلك الآلة الأسطورية لخامس جيش في العالم تتهاوى كقصر من الرمل، وقام المنتفضون بالاستيلاء على مخازن الغذاء والملابس وتم توزيعها على الجماهير، والأهم من كل ذلك قيام البروليتاريا بكل فئاتها (عمال، طلبة، بطالين…) بتشكيل ميليشيات مسلحة في أغلب مناطق البلاد، وتم توزيع الأراضي على الفلاحين الفقراء. فلم يكن كل يوم يمر إلا وتسجل فيه الجماهير المسحوقة خطوة جديدة في اتجاه القضاء على النظام الرأسمالي القائم. هكذا نرى كيف أن الثورة الاجتماعية كانت بالفعل في طريقها لتدمير دولة الشاه، وما كان من الممكن إيقافها بالوسائل التقليدية (قمع، نشر الأوهام الديمقراطية، تغيير بعض وجوه الحكومة…) لكل ذلك فإن الثورة المضادة لم يكن لها أن تشق طريقها بدون أن تلبس لبوس الثورة نفسها وبدون أن تتخفى بشعارات الثورة وتحاول التغلغل في المنظمات التي كانت قد أنتجتها البروليتاريا الثائرة. ولقد عملت هذه الثورة المضادة كل جهدها من أجل زرع الأوهام في صفوف الجماهير المنتفضة محاولة حرف الصراع الطبقي عن أهدافه الحقيقية وتحويله وجهة الصراعات بين الكتل البورجوازية في الداخل وبينها وبين أقطاب رأس المال العالمي التي كانت تتوحد من جهة ضد البروليتاريا وتتصارع من جهة أخرى من أجل ضمان ترجيح كفة أحد حلفائها في الداخل. ولعل أخطر الأسلحة وأمضاها بيد الثورة المضادة كانت إيديولوجيا الأنتي- إمبريالية. فبينما كان يمين الثورة المضادة بقيادة الخميني يرفع شعار « الحرب ضد الاستكبار العالمي »، وكان الخميني نفسه يدعو إلى وحدة المعارضة، وأن « كل دخول في تفاصيل الخلافات من شأنه أن يضعف المعارضة »، فإن يسار الثورة المضادة كان هو أيضا يبث الأوهام حول الجبهة التقدمية ضد الإمبريالية الأمريكية وحليفها نظام الشاه، لا بل أن أحزابا « شيوعية » مثل حزب تودة قد أعلن مساندته لحكومة الخميني والدخول معها في الجبهة ضد التدخل الأمريكي. ولقد شكلت الحادثة الاستعراضية التي قام بها أنصار الخميني باقتحام السفارة الأمريكية واحتجاز بعض الرهائن فيها، حيلة خبيثة من أجل حرف الأنظار وجر العمال وراء مشاريعهم الرجعية المعادية للثورة التي يتكلمون زورا باسمها. أحزاب اليسار كانت تجاهد من أجل إقناع العمال الثائرين بأنه عليهم أن لا يفجروا الصراع ضد الرجعية الدينية طالما لا تزال تقف في صف ضد الإمبريالية. وهذا ما أضفى الشرعية الضرورية لمثل هذه الجبهات البورجوازية المعادية للثورة. لقد عملت إيديولوجيا الأنتي- إمبريالية دورا حاسما في تدجين البروليتاريا وراء أولائك الذين سوف يقودون مجزرة الثورة المضادة ودفع العمال في محرقة الحرب البورجوازية (الحرب العراقية الإيرانية) التي كان إعلانها بمثابة إعلان عن الهزيمة الأخيرة للثورة، وما كان لهذه الإيديولوجيات أن تتغلغل في صفوف الثورة لولا مساهمة الأحزاب والتيارات اليسارية داخل وخارج إيران وتزكيتها للجبهة ضد الإمبريالية. هذه الإيديولوجية مازالت إلى يومنا هذا سلاحا فتاكا بيد البورجوازية في مواجهة الانتفاضات العمالية، وان الأحزاب والأطراف الماركسية اللينينية و الماوية والتروتسكية التي لا تزال ترفع هذه اليافطة المضللة تثبت تناقضها مع البرنامج التاريخي للبروليتاريا. وتجربة ثورة 1978-1979 في إيران دليل تاريخي على هذا الدور المضاد للثورة الذي ما انفكت تقوم به هذه الأحزاب حتى وإن توشحت بالشيوعية والعمالية. إن البروليتاريا الإيرانية المنتفضة اليوم لا يمكن لها أن تنتصر بدون الحسم مع إيديولوجيا الأنتي- إمبريالية التي عاش على تغذيتها نظام الملالي نفسه، كذلك بدون الحسم مع كل أنواع الجبهات: الجبهة ضد الديكتاتورية، الجبهة ضد الفاشية، الجبهة ضد الرجعية الدينية، الجبهة من أجل الحد الأدنى الديمقراطي…الخ فالبروليتاريا ليس لها من جبهة سوى وحدتها الطبقية المستقلة عن كل البرامج البورجوازية مهما كانت راديكاليتها. وإن الإيديولوجية الجبهوية لا تعني سوى التخلي عن البرنامج التاريخي المستقل للبروليتاريا. إن الأسوأ بالنسبة للبروليتاريا في مواجهة قطبين رجعيين هو الاصطفاف وراء أحدهما. عندما يسلم العمال أسلحتهم: إن قوة الثورة الإيرانية 1978-1979 لم تقف عند حد المظاهرات والمصادمات وتشكيل المجالس العمالية (مجالس الشورى) بل تجاوزتها نحو خلق ميليشيات ثورية مسلحة تشكلت أساسا من العمال والجنود الذين اصطفوا إلى جانب الثورة ومن الطلبة والبطالين، كذلك من الفلاحين الفقراء الذين بدؤوا بالانضمام بكثافة إلى إخوانهم المنتفضين في المدن. ولقد مثلت عمليات مداهمة مراكز البوليس والثكنات العسكرية وإفتكاك الأسلحة (الخفيفة منها خاصة) وتوزيعها بكثافة على عموم الجماهير الثائرة، إضافة لمحاصرة فلول النظام التي كانت تحاول إعادة التجمع حول عناصرها الأكثر ثقة، ومنع إعادة تنظيم قوات القمع التي تفسخت تحت ضربات الثوار والانسحابات الجماعية المكثفة، فإنها كانت تقطع الطريق أمام الثورة المضادة وكل محاولات التأطير البورجوازي، وتخلق حالة من الانفلات يصعب لجمها والالتفاف عليها بالوسائل التقليدية، وهذا ما أفزع ليس البورجوازية المحلية بكل فصائلها السياسية فقط، بل كل النظام الرأسمالي العالمي، بما دفع دولا مثل فرنسا وبريطانيا (معاقل العلمانية واللائكية) إلى احتضان الخميني (الزعيم الديني المتشدد) والضغط على رئيس الوزراء شابور باختيار من أجل السماح له بالعودة إلى إيران في مشهد استعراضي، صورها كعودة المنقذ وقائد الثورة، وإضفاء حالة من القداسة على موكبه، مستعملة في ذلك أحدث تقنيات الدعاية. وفور عودته، عين الخميني مهدي باذرخان مؤقتا رئيسا للوزراء بدل شابور باختيار، وكان يسمي الحكومة التي عينها « حكومة الله » وقال « بما أنني عينته، فيجب أن يطاع » و » كل عصيان عليها، هو عصيان الله » وقام بتشكيل ميليشيات مسلحة تحت إسم « الحرس الثوري » قامت بمهاجمة الميليشيات الثورية التي أنشأها العمال، وأعلن الخميني الجهاد على الجنود الذين لم يسلموا أسلحتهم. ومنذ تلك اللحظة بدأت حملة التصفية الدموية للبروليتاريا المسلحة. كل هذا طبعا لم يمنع أحزابا يسارية عديدة في الداخل (مثل حزب تودة) من التحالف مع الحكومة الجديدة، كما لم يمنع عديد الأحزاب والأطراف والشخصيات اليسارية في الخارج من مباركة « الثورة الإسلامية »، وابتداع مقولات من نوع « الإسلام الثوري » أو « الإسلام التقدمي » من أجل حشد مساندة البروليتاريا العالمية، لا مع إخوانهم من البروليتاريا الإيرانية المنتفضة، بل مع جزاريهم. لذلك فإن ما يصطلح على تسميته اليوم، في الأوساط اليسارية، بالثورة الإيرانية 1979 هي في الواقع الثورة المضادة التي قادها الخميني بتزكية يسارية، بينما نتحدث نحن عنه هنا هي الموجة الثورية التي بدأت في الواقع منذ نهاية 1977 ووصلت ذروتها في أواخر 1978 وشهدت هزيمتها بداية من 1979 وانتهت بجر البروليتاريا الإيرانية إلى الحرب العراقية الإيرانية 1980 التي راح خلالها أكثر من مليون من البروليتاريا من الطرفين. صحيح أن البروليتاريا الإيرانية لم تذعن بسهولة للثورة المضادة إلى حدود 1980 وقاومت كل الذين حاولوا نزع أسلحتها. لكن للأسف فإن قطاعات كبيرة من العمال وتحت تأثير إيديولوجيا الأنتي-إمبريالية والجبهوية، كانت قد سلمت نفسها لمنظمات الحرس الثوري، لتتحول هي نفسها إلى مشاركة في المجزرة العظيمة ضد العمال وتنقاد كالقطيع وراء جزاريها في الحرب البورجوازية القذرة. إن هذا الدرس التاريخي المهم، والذي دفع العمال من أجله آلافا من الشهداء والمعتقلين والمشردين والمغربين، يلقي بظلاله على الانتفاضة الحالية، حيث بدأت بعض المجموعات البروليتارية المسلحة بالظهور، وبدأ العمال يواجهون إرهاب الدولة بإرهابهم الثوري. الدرس له وجهان، الأول أن البروليتاريا عندما تسلم أسلحتها لأي كان، حتى وإن كان باسم الثورة (الحرس الثوري) إنما هي تقدم بذلك عنقها لسكين الثورة المضادة. والثاني هو أن استعمال الأسلحة في حد ذاته ليس تعبيرا عن ثورية الحركة، وأن السلاح إذا لم يرتبط ببرنامج ثوري فإنه يقود البروليتاريا حتما إلى الحرب ما بين البورجوازيات، وهذا يعني تصفية ثورتها وتصفيتها كطبقة. على عكس دعاة المسيرات السلمية والمرخص فيها، أولائك الذين يريدون للعمال أن يصطفوا مكتوفي الأيدي أمام آلة إرهاب الدولة، والقبول بدور الضحية، أولائك الذين يساهمون بوعي أو بغير وعي في تجريد البروليتاريا من أسلحتها وتجريم كل من يرفع بندقيته في وجه جلاده، على عكس دعاة الثورات المخملية، أو ما يسمى بالعصيان المدني، أولائك الذي يحاولون إقناع البروليتاريا بإمكانية التخلص من بؤسهم عن طريق التجمعات المليونية ضد هذه الحكومة أو تلك، أو من أجل فرض استقالة هذا السفاح أو ذاك. على عكس كل هؤلاء فإنه على البروليتاريا أن تشهر حقدها الطبقي بكل ما يتاح لها من وسائل العنف. وعليها أن تنوع من أشكال نضالها بحيث تستغل نقاط ضعف عدوها وتتجنب نقاط قوته. فمسيرة من العزل مهما كانت ضخامتها هي عرضة للقمع الوحشي ولسقوط عدد كبير من القتلى والجرحى ويسهل السيطرة عليها من طرف البوليس أو الجيش، بينما المواجهة في مجموعات صغيرة سريعة الحركة يمكن أن يلحق أكثر الأذى بقوات القمع ويقلل من الخسائر في صفوف البروليتاريا المنتفضة. وإن مهاجمة مركز بوليس أو ثكنة عسكرية أو مخزن أغذية وملابس هو أكثر جدوى من التحلق الأبله أمام مبنى البرلمان منتظرين رصاصة طائشة تثقب الرأس. لكن في مقابل ذلك وجب التنبيه إلى أن استعمال أكثر الوسائل عنفية لا يعني الثورة، وان البندقية ليست دليلا على الثورية، فالسؤال الذي يجب أن تطرحه البروليتاريا على نفسها في كل محطة من محطات انتفاضتها: إلى أين نسير؟ ماهو مضمون حركتنا؟ ما هو برنامجنا؟ في غياب البرنامج الثوري، الهزيمة في الأفق: إن الثورة ليست مسألة أشكال، أو شعارات وخطابات، بل هي موضوع ممارسة فعلية في الواقع. والسؤال الذي يطرح من أجل نجاح الثورة ليس تدبيج البرامج الشكلية « الثورية »، بل هو، هل تتحول الانتفاضة إلى حركة شاملة موحدة ومتضامنة تهدد النظام الاجتماعي القائم؟ هل باشرت البروليتاريا فعليا في الاستيلاء على الملكية الخاصة وتحويلها إلى ملكية جماعية، بإدارة جماعية؟ هل باشرت بالقضاء على العمل المأجور وتعويضه بالنشاط الجماعي الإنساني الحر؟ هل باشرت في تشكيل تنظيماتها الطبقية المستقلة؟ هل باشرت بتنظيم إرهابها الثوري في مواجهة إرهاب الدولة البورجوازية؟ هل باشرت بتلبية حاجاتها الإنسانية في مواجهة قانون القيمة والتبادل والمردودية الاقتصادية؟ هل باشرت بتوجيه الإنتاج وجهة تلبية حاجات تطور الثورة وتوسعها؟ هل دمرت السجون والمعتقلات والمحاكم وكل أجهزة القمع؟ هل دمرت كنائس رأس المال من مصارف وبنوك وبورصات، وهل قامت بإحراق الصنم الاجتماعي الأكبر: النقد؟ فالثورة إذا، هي مجموعة مهام تاريخية واقعية، إما أن تكون البروليتاريا قد خطت خطوة في اتجاه إنجازها، وهذا سيعني أن الثورة تتقدم، وإما أن البروليتاريا تعجز عن أداء ذلك، وهذا سيعني توقف الثورة وفسح المجال للثورة المضادة لتجر العمال وراء برامجها: العفو التشريعي العام (بدل تحطيم السجون)، تنظيم انتخابات ديمقراطية (بدل هدم البرلمان على رؤوس تلك الطفيليات البيروقراطية)، تنقيح الدستور (بدل إلغائه نهائيا والى الأبد)، تغيير الحكومة (بدل تدمير الدولة البورجوازية برمتها)، تأميم الشركات والقطاعات الاقتصادية الكبيرة (بدل إلغاء الملكية الخاصة بما فيها تلك المتنكرة بعباءة الدولة)، الرفع في الأجور (بدل إلغاء العمل المأجور نفسه)، سن قانون ضريبي تصاعدي (بدل إلغاء الضرائب)، إلى غير ذلك من الإصلاحات البورجوازية التي تزداد راديكاليتها براديكالية الثورة التي تواجهها، وقد تقدم البورجوازية على تنازلات انتحارية مؤقتة من أجل إيقاف الثورة لتتراجع عنها بمجرد إحكام القبضة على البروليتاريا وتجميد حركتها الطبقية المستقلة. إذا، فإن الثورة هي موضوع قدرة البروليتاريا على السير في طريق تحقيق برنامجها التاريخي الثوري، وهذا يستوجب من العمال استخلاص الدروس التاريخية من تجاربهم السابقة وعدم السقوط في المزالق والأخطاء المدمرة التي سقطوا فيها سابقا. فعدم تملك البروليتاريا لبرنامجها التاريخي سوف لن يعني سوى الهزيمة المحققة. والبروليتاريا الإيرانية اليوم، وبالنظر إلى وضعها الذاتي، وبالنظر أيضا لواقع التوازن الطبقي على المستوى العالمي، فإنه يبدو للأسف أنها دخلت المعركة وهي لا تحمل أدنى فكرة عن طبيعة برنامجها، ولا يبدو أنها قادرة مؤقتا على التحرك من خارج الأرض البرنامجية لأعدائها. إضافة لضعف التضامن الأممي بين العمال، بحيث أن معركة تندلع في هذا القطر أو ذاك، في هذه الجهة أو تلك مازالت للأسف لا تجد التجاوب الكافي من بقية القطاعات العمالية، بما يسمح للبورجوازية العالمية بمحاصرتها والتعتيم على حقيقة حركتها وأهدافها، ففي الجرائد كما في القنوات التلفزية دائما هناك صراع وهمي للتسويق: بين الإصلاحيين والمتشددين، بين الجمهوريين والفاشيين، بين الديمقراطيين والإسلاميين، بحيث أننا، إذا ما صدقنا ما تقوله آلة الدعاية البورجوازية، فليس هناك صراع طبقي أبدا، وليس هناك حرب طبقية بين فقراء وأغنياء، بين مستغلين ومستغلين. لكن هل أن عدم جاهزية البروليتاريا للمعركة الفاصلة، وعدم توفر الوضع الموضوعي الملائم للانتصار، يعني أنه على العمال أن لا يدخلوا المعركة، أو أن يصطفوا وراء الإصلاحات البورجوازية؟ طبعا لا، فتملك البروليتاريا لبرنامجها التاريخي ليس موضوع « نقل الوعي » من طرف « الأنتلجنسيا الثورية » إلى العمال، كما أنه ليس مثلما يروج الماركسيون المذهبيون والإيديولوجيون بشتى مشاربهم، أن الثورة لا تنتصر إلا بعد اكتمال الوعي بها من طرف كل أفراد طبقة البروليتاريا. فالبرنامج الثوري ليس موضوعا مدرسيا يمكن لأي كان حفظه أو تلقينه للآخرين، بل هو مراكمة تاريخية لا تمثل الثورات والثورات المضادة المتعاقبة، كذلك المعارك الجزئية، وحتى تلك اليائسة منها، سوى حلقة من حلقاته وسطر من سطوره الدامية. خاتمة، أو حزب « شيوعي » آخر في ركاب الثورة المضادة: لا يمكن أن نختم نصنا هذا بدون قول كلمة فيما يدبجه الحزب « الشيوعي » العمالي الإيراني بمناسبة الانتفاضة الحالية، وهو في الواقع تجسيد لما ذكرناه من قدرة الثورة المضادة على التنكر في أكثر الشعارات بريقا. لننظر لآخر البيانات التي أصدرها هذا الحزب: قام حميد تقوائي ليدر الحزب الشيوعي العمالي الإيراني، اليوم ، بمكاتبة رؤساء الدول والأمين العام للأمم المتحدة نيابة عن جماهير إيران طالبا من جميع الحكومات « القطع الفوري للعلاقات السياسية مع الجمهورية الإسلامية في إيران، وغلق جميع سفاراتها وقنصلياتها وضمان طردها من الأمم المتحدة وبقية المنظمات العالمية ». واستمرت رسالته بالقول: » إن الأحداث الأخيرة في إيران تصرح بكل وضوح بان الحكومة الإسلامية ليس لها مطلقا أية شرعية. إنها لا تمثل الجماهير في إيران بأي شكل من الأشكال. في هذا المنعطف الحرج من الأوضاع السياسية في إيران، ندعوكم إلى التوقف عن منح الشرعية والدعم للنظام. إن نهاية النظام الإسلامي ستساعد على قصم ظهر حركة الإسلام السياسي على صعيد عالمي وانبثاق فجر جديد للجماهير في إيران والعالم ». الحزب الشيوعي العمالي الإيراني هكذا، فإن الزعيم الشيوعي العمالي حميد تقوائي، وبدل أن يتوجه للبروليتاريا العالمية ودعوتها لمؤازرة انتفاضة إخوانهم في إيران، وجد بدل ذلك أنه من الأنفع التوجه بالخطاب لمن؟ لرؤساء الدول والأمين العام للأمم المتحدة. ولماذا؟ ليس من أجل فضح تآمرهم، هم أيضا، على العمال الإيرانيين، كما ليس من أجل تبيان أنهم يقمعون « شعوبهم » بمثل ما تفعل الحكومة « الإسلامية »، بل من أجل دعوتهم « لقطع العلاقات السياسية مع الجمهورية الإسلامية ». وما الهدف من ذلك؟ إنه ليس التخلص من النظام الرأسمالي بل من أجل « قصم ظهر حركة الإسلام السياسي » وهذا ما من شأنه أن يساعد على « انبثاق فجر جديد للجماهير في إيران وفي العالم » برعاية بانكيمون وأوباما وبقية « رؤساء الدول » الديمقراطيين. ونقدم للقارئ المطالب التي يرفعها هذا الحزب بمناسبة هذه الانتفاضة، باعتبارها نموذجا لما تحدثنا عنه من المطالب (أو الإجراءات) الإصلاحية التي من شأنها بالفعل قطع الطريق أمام أي إمكانية لانفلات ثوري حقيقي: 1- إطلاق سراح جميع السجناء السياسيين (بدل النضال من أجل تحطيم السجون وتحرير كل إخواننا بمن فيهم ما يسمون بسجناء الحق العام) 2- تحديد المسؤولين عن قتل الجماهير والمتنفذين ومحاكمتهم بشكل علني (بدل تحطيم المحاكم البورجوازية) 3- إلغاء حكم الإعدام (بدل إلغاء كل القوانين البورجوازية التي لا تعدو أن تكون سور تعبير حقوقي عن واقع القهر الطبقي الموجه ضد العمال) 4- إلغاء الحجاب الإجباري والفصل على أساس الجنس (الجندري) (بدل النضال من أجل تحرير المرأة ورفيقها الرجل من ربقة العمل المأجور) 5- حرية التعبير غير المشروطة والمقيدة وحرية التنظيم والإضراب والتظاهر (بدل فرض التعبير والتنظيم والإضراب وكل أشكال النضال البروليتاري بالقوة) 6- تحديد الحد الأدنى للأجرة بمليون تومان (بدل النضال ضد الملكية الخاصة والعمل المأجور) إن تقديمنا لهذه العينة من المطالب التي يطرحها حزب يسمي نفسه شيوعيا، ومقابلتها بالبرنامج التاريخي للبروليتاريا يبين بكل وضوح الافتراق البرنامجي بين مثل هذه الأحزاب وبين حركة البروليتاريا، كما يبين أن خطر الثورة المضادة لا يكمن في الخارج، بل إن خطرها مبثوث في صفوف العمال، أو ممن يتكلمون باسمهم. وإذا ما أرادت البروليتاريا الإيرانية الانتصار فعليها أن لا تكتفي بالحسم في أعدائها الظاهرين، بل أيضا في الإصلاحية المتخفية بلباس الشيوعية والثورية. أيوب أيوب (المصدر : منتدى » الديمقراطية النقابية و السياسية « ) الرابط : http://fr.groups.yahoo.com/group/democratie_s_p