الاثنين، 24 أبريل 2006

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
6 ème année, N° 2163 du 24.04.2006

 archives : www.tunisnews.net


الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: بـــــلاغ

لجنة ألمانيا لمساندة حركة 18 أكتوبر بتونس: تحركات من أجل توفير الرعاية الصحية اللازمة للسيد الحبيب اللوز

الوسط التونسية: الصحفي سليم بوخذير يسقط في حالة غيبوبة

المنتدى الاجتماعي التونسي يعقد جلسته التأسيسية اتحاد العمال المهاجرين التونسيين – باريس: معا ضد الليبراليّة الجديدة والاستعباد وسياسات الغزو والاحتلال الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات تعارض مشروع « عمل النساء نصف الوقت بثلثي الأجر » و تطالب بالتخلي عنه فورا علي كردي: آفاق حركة 18 اكتوبر من دولة الاستبداد إلى الدولة الفردانية نور الدين الخميري: الحبيب اللّوز رمز لتضحيات شعب واختبار لمصداقية نخبة حبيب أبو وليد المكني: ما بال أقوام يجهدون أنفسهم في تضييق ما وسعه الله ؟؟ القدس العربي: الجزائر تفرج عن 2200 مسلح استفادوا من عفو رئاسي الحياة: السعودية: رقابة الكترونية على المساجد رشيد خشانة: تحفظات النخب العربية لا زالت قـائـمـة القدس العربي: موريتانيا: الحكومة تنشر برنامجا إصلاحيا يتضمن تعديلا دستوريا وينظم تمويل الأحزاب ومشاركة النساء بالسياسة القدس العربي: خبراء اسرائيليون زاروا إيران:أذهلنا الفارق مع خطاب العداء العلني القدس العربي: اقترحوا تهريب المساعدات من مصر عبر الانفاق.. ونددوا بـ نشر الغسيل في الفضائيات القدس العربي: الزهار بالسعودية خاطب الشعب لا النظام

أبو يعرب المرزوقي: … وتعقيب آخر على رضوان السيد …

هاشم صالح: التنوير إرثٌ للمستقبل فلماذا فشل عند العرب!


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).

 

ما صحة الخبر ؟

 

 
تروج في أوساط واسعة سياسية وحتى شعبية إشاعة « إيقاف » أحد أعضاء الحكومة السيد عبد الرحيم الزواري ووضعه تحت الرقابة حسب بعض التعاليق بعد ان تم القبض عليه بالمطار محملا بمبالغ مالية هامة لمنعه من السفر إلى وجهة ما.

ورغم أن هذه الشائعة انتشرت بصورة واسعة جدا منذ أكثر من ثلاثة أسابيع فإن الحكومة لم تحرك ساكنا متناسية أنّه من حق الشعب الاطلاع على الحقيقة ومعرفة كل ما يتعلق بحياة أعضاء الحكومة التي تحكمه. وهذا وجه آخر من وجوه حرية الإعلام والصحافة التي في غيابها تصبح الإشاعة – صحيحة كانت أم خاطئة – نظاما للإعلام.

 

(المصدر: قائمة مراسلة حزب العمال الشيوعي التونسي  بتاريخ 24 أفريل 2006)

 

 

أنقذوا حياة محمد عبو أنقذوا حياة كل المساجين السياسيين الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين

33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف: 71.340.860 الفاكس: 71.351831   تونس في: 24 أفريل 2006 بــــــــلاغ

حاصر عدد كبير من أعوان البوليس السياسي المرتدين للزي المدني اليوم الاثنين 24/04/2006 في منتصف النهار مكتب الأستاذ محمد النوري لمنع اجتماع مقرر للهيئة المديرة للجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين و قد وقع منع الأستاذة سعيدة العكرمي الكاتبة العامة للجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين من دخول المكتب.

رئيس الجمعية الأستاذ محمد النوري


 

تحركات من أجل توفير الرعاية الصحية اللازمة للسيد الحبيب اللوز

 

مساهمة منها في التعريف بالوضعية الصحية للسجين السياسي و الرئيس السابق لحركة النهضة التونسية السيد الحبيب اللوز، قامت لجنة ألمانيا لمساندة حركة 18 أكتوبر بتونس بصياغة تقرير باللغة الألمانية تحت عنوان » نداء عاجل من أجل إنقاذ ما تبقى من بصر السيد الحبيب اللوز » انظر صفحتنا الألمانية.

 

ثم قمنا بمراسلة منظمة العفو الدولية و كل الفروع التابعة لها و الناطقة بالألمانية في كل من ألمانيا و النمسا و سويسرا، والتي يتجاوز عددها الخمسة و عشرين فرعا. كما قمنا بمراسلة العديد من المنظمات المهتمة بحقوق الإنسان في الدول الثلاث المذكورة.

 

راسلنا كذلك منظمة الصليب الأحمر و مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان. كما قمنا أيضا بمراسلة العديد من الصحف اليومية و الأسبوعية و عدد كبير من السياسيين و المهتمين بحقوق الإنسان في الدول الناطقة باللغة الألمانية.

 

نتمنى للشيخ الحبيب اللوز الشفاء العاجل و نطالب الحكومة التونسية بإطلاق سراحه و تمكينه من الرعاية الطبية اللازمة.

 

لجنة ألمانيا لمساندة حركة 18 أكتوبر بتونس

www.aktion18oktober.com

info@aktion18oktober.com

 


نــــداء إستغــاثة

 

 

 

إلى كلّ أحرار تونس ، إلى كلّ أبناءها الشّرفاء

إلى كلّ أحرار العالم ……..

 

أناشدكم التدخّل السّريع لإنقاذ حياة السيّد الحبيب اللّوز الرّئيس السّابق لحركة النّهضة التّونسيّة الذي يتعرّض اليوم داخل السّجون التّونسيّة لعمليّة إبادة كاملة وذلك بفقدانه إحدى عينيه ومهدّد بفقدان بصره كاملا مالم تتوفّرله الرّعاية الصحيّة اللآزمة

 

أملي فيكم كبير لوضع حدّ لهذه المأساة

 

أم معـــــــــاذ ـ ألمـــانيا

تاريخ النّداء 24.04.2006

 


الصحفي سليم بوخذير يسقط في حالة غيبوبة

الأثنين 24/04/2006
 
www.tunisalwasat.com  في خبر وردنا منذ حين من تونس ، دخل الصحفي التونسي المضرب عن الطعام سليم بوخذير اليوم في غيبوبة لمدة دقائق بأحد مراكز التحاليل الطبية بضاحية باردو بالعاصمة التونسية عندما كان يجري تحليلا للدم طلبه الطبيب المختص في أمراض الكلى و المسالك البولية الذي يتابع حالته منذ أن أصيب بوخذير بنزيف كلوي و تسربت كميات متواصلة من دمه إلى مجاريه البولية ، و قد فاجأت الغيوبة الصحفي بوخذيربالمخبر حيث سقط أرضا و أغمي عليه تماما فور أن أخذ الطبيب الصيدلي المحلّل كميات من دمه من اليد . و هرع الفريق الصحي للمخبر لإنجاد بوخذير من الغيبوبة بأن أدخلوا إلى فمه شيئا من السكر و الماء و هي كل المواد التي رافقت بوخذير منذ شروعه في إضرابه القاسي عن الطعام الذي بلغ اليوم يومه الواحد و العشرين . و قد طالبت الدكتورة مديرة المخبر الطبي بإيقاف إضرابه عن الطعام فورا و حالا بعد أن ساءت حالته جدا و ذلك حفاظا على حياته التي صارت في خطركبير الآن بعد كل هذا التدهور ، لكن بوخذير إمتنع بشدة و قال إنه لن يوقف إضرابه عن الطعام بقرار طبي و إنما بقرار سياسي من الحكومة التونسية يقضي بإعادته إلى شغله الذي وقع طرده منه بقرار رئاسي خفي لمعاقبته على آرائه و تمسكه بميثاق شرف الصحفي و دفاعه عن الحريات العامة . و إستفدنا من مرافق سليم بوخذير الدائم بالمنزل عضو لجنة المجتمع المدني التونسي الموسّعة للتضامن مع الصحفي التونسي سليم بوخذير، عبد الحميد أن سليم في حالة سيئة جدا و يعاني من آلام على مستوى الكلى و هو طريح الفراش ، و أضاف أن عددا من الشخصيات الوطنية حضرت لنقل سليم من المخبر و إعادته إلى المنزل في الحال للراحة و في مقدمتهم السادة نزيهة رجيبة نائب رئيس المرصد التونسي لحرية الصحافة و النشر و عبد الرؤوف العيادي العضو البارز في هيئة 18 أكتوبر للحقوق و الحريات و فتحي الجربي القيادي بحزب المؤتمر من أجل الجمهورية .كما تلاحقت الزيارات هذا المساء من قبل عديد الشخصيات الوطنية و الدولية على منزل سليم بوخذير بالعاصمة لشد أزره بعد أن ساءت حالته الصحية كثيرا ، إلى درجة أنه صار لا يقوى بسهولة على الرد على المكالمات الهاتفية . و طالبت أطياف المجتمع المدني التونسي بصوت واحد برفع الحكومة التونسية ليدها عن حق سليم بوخذير في العمل و التعبير و عبّرت عن انشغالها الشديد في تصريحات متتابعة أدلت بها عديد الشخصيات التونسية ل » الوسط « التونسية . * مظلمة كبرى.. و قال السيد عبد الرؤوف العيادي ل » الوسط  » إن ما بلغه الوضع الصحي لسليم بوخذير من تدهور هو أمر يجعلنا في خوف كبير على حياته و طالب الحكومة بايقاف ما تمارسه على بوخذير من ضغط و هرسلة متواصلة و بإعادته فورا لعمله دون قيد أو شرط لأن ذلك من حقه. و وصفت السيدة سهام بن سدرين وضع بوخذير الصحي بالخطير و قالت إن ما تعرض له من طرف السلطات التونسية هو مظلمة كبرى و لا بد من ايقافها فورا إحتراما للدستور و للمواثيق الدولية التي وقعت عليها الحكومة التونسية و تنص على حق التعبير . و قالت نزيهة رجيبة إنه من المؤسف و المؤلم جدا أن يضطر بوخذير على هذا الإضراب الخطير عن الطعام بعد أن أقفلت السلطات كل أبواب الأمل أو الاحتجاج في وجههه من ذلك باب القضاء الذي تمارس عليه استحواذها و طالبت باعادة بوخذير إلى عمله ب »الشروق  » فورا و ايقاف تجويعه و أي هرسلة من أي نوع تمارسها السلطات على هذا الصحفي الشريف عقابا له على حياده و تمسكه بأخلاقيات المهنة الصحفية . و عبرت اليوم منظمة « مراسلون بلا حدود  » في تصريحات أدلى بها مسؤولوها في باريس لوكالة « فرانس براس  » عن بالغ انشغال المنظمة و خوفها على حياة الصحفي التونسي سليم بوخذير التي صارت في خطر بعد التدهور الأخير و طالبت الحكومة التونسية برفع مظالمها عن هذا الصحفي في الحال . و تلقى اليوم الصحفي بوخذير أكثر من إتصال من مسؤولي المنظمة من باريس . كما تلقى اتصالات جديدة من قيادات الإتحاد الدولي للصحافيين من بروكسال و من وفد ايفيكس المتواجد حاليا في تونس و من نقابة الصحافيين الجزائريين . و ناشدت منظمات المجتمع المدني التونسي و المظمات الحقوقية الدولية بوخذير ايقاف اضرابه عن الطعام بعد أن ساءت حالته كثيرا لكنه عبّر عن عزمه عن مواصلة الإضراب حتى يسمع كل العالم عن حجم ما بلغته إستقالية الصحفي في تونس من حصار متواصل من الحكومة . * تضليل الحكومة و الرياحي .. و كانت الحكومة قد أقرت طرد بوخذير نهائيا من عمله بجريدة  » الشروق  » منذ 4 أفريل 2006 و قامت قوات البوليس السياسي بالزي المدني يوم 5 أفريل بمنع بوخذير من الدخول إلى « الشروق  » و إعتدوا عليه بالعنف مرارا و تكرارا يومها على مرأى و مسمع من الجميع ثمّ أجبروه بالقوة على العودة على متن سيارة أمنية إلى منزله حيث شرع في إضراب متواصل عن الطعام إحتجاجا على كل ما يتعرض له من إعتداءات على حقه في العمل و التعبير . و جاء طرد بوخذير من عمله على إثر نشره لشهادة عبر موقع « تونيس نيوز  » كشف فيها أن الحكومة هي التي تكتب المقالات القذرة التي تهاجم المعارضين التونسيين على أعمدة جريدة « الشروق  » و تنتهك أعراضهم و أن صحافيي « الشروق  » بريئين منها و طالب في الشهادة المنشورة برفع الحكومة ليدها عن حرمة و استقلالية جريدة خاصة و ايقاف استحواذها على هذه الجريدة بعد وفاة صاحبها . و قد أتى طرد بوخذير أيضا عقابا له على نشره لمقالات لاذعة انتقد فيها حكومة الجنرال بن علي على مواقع عديدة على الأنترنت ، كما قررت العقوبة التشفي بعقاب بوخذير بسبب تقاريره الساخنة التي ينشرها منذ شهر سبتمبر 2005 بموقع قناة « العربية  » على شبكة الأنترنت . و كانت الحكومة التونسية قد أنكرت في تصريحات مظللة أدلت بها إلى وكالة « رويترز  » منذ أيام أي علاقة لها بعقاب بوخذير ، كما أوعزت لشخص موال لها و هو المدعو عبد الحميد الرياحي بأن يقدّم نفسه في تصريح لوكالة  » رويتزر » على أساس أنه مدير جريدة « الشروق » في إطار تظليل الرأي العام الدولي ، بينما عبد الحميد الرياحي هذا هو ليس مدير جريدة  » الشروق  » و لا هم يحزنون و إنما هو مثل سليم بوخذير ينتمي إلى طاقم التحرير و ليست له أي صلاحيات إدارية ليقوم بفصل أي صحافي يعمل بالجريدة . و حيث أن مدير الجريدة الجريدة متوف و هو المرحوم صلاح العامري فإن من أطرد بوخذير من عمله هو الحكومة التي أرادت أن ترث بالقوة جريدة مات صاحبها ، و هو ما يعتبر إعتداء آخر خطير على القانون و على حرية الإعلام.

تقرير خاص بالوسط التونسية :   www.tunisalwasat.com

 

المنتدى الاجتماعي التونسي يعقد جلسته التأسيسية تحت شعار:

أن عالما أخر ممكن أن تونس أخرى ممكنة فلنساهم جميعا في بنائهما  
لقد شكل انعقاد الجلسة التأسيسية للمنتدى الاجتماعي التونسي أيام    22  و  23 أفريل الجاري حدثا هاما, جاء كتتويج لمجهود شاق ومضني تواصل لفترة طويلة من الزمن في مسار بناء المنتدى الاجتماعي التونسي كفضاء مفتوح للتفكير ونقاش الأفكار الديمقراطية وصياغة المقترحات وتبادل الخبرات والتنسيق منخرطا في المنتديات الإقليمية القارية والعالمية على قاعدة الانتماء لميثاق بورتو أليغري .
هذا وقد تواصلت الأشغال على امتداد يومين. حيث انعقدت الجلسة الافتتاحية بنزل أميلكار بحضور الجمع التأسيسي الذي ضم كل الفعاليات والمنضمات والعديد من الشخصيات المناضلة ضد العولمة الرأسمالية المتوحشة والمتبنية لميثاق بورتو أليغري إضافة للعديد من الضيوف من الداخل والخارج تلتها أمسية فنية قامت بأحيائها العديد من الفرق الملتزمة.
في اليوم الثاني توزعت الأشغال على خمس ورشات عمل وهي على التوالي:
* الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية للعولمة والحركات الاجتماعية بمقر الاتحاد العام التونسي للشغل * الشباب وحق الشغل بمقر الاتحاد العام التونسي للشغل * مسيرة النساء نحو المساواة بمقر الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان * الديمقراطية وحقوق الإنسان بمقر جمعية النساء الديمقراطيات * التضامن مع الشعوب وحركات التحرر العربية والعالمية من أجل العدل والسلم بمقر الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وقد تم تفكيك جملة هذه العناوين إلى مواضيع فرعية ستشكل مواضيع ورشات عمل للدورة الأولى للمنتدى الاجتماعي التونسي.
وفي الجلسة الختامية التي انعقدت في المساء تم تقديم ومناقشة تقارير اللجان ثم تم الاتفاق على
– إعلان تأسيس المنتدى الاجتماعي التونسي – تحديد سنة 2007 كموعد لعقد الدورة الأولى للمنتدى – تشكيل مجلس المنتدى المتكون من كل الفعاليات والمنضمات المساهمة في تأسيس المنتدى والذي بدوره سيفرز اللجنة التحضيرية للمنتدى الاجتماعي التونسي في كنف الشفافية. – بعث موقع على شبكة الأنترنات للتعريف بالمنتدى. وهكذا تحقق الحلم وتأسس المنتدى وجاء صفعة لكل المشككين في قدرة التونسيات والتونسيين على العمل المشترك   ألا أنه يبقى لزاما علينا مزيد دعم واحتضان هذا المولود الجديد حتى ينمو ويترعرع ويشتد عوده.
شكرا لكل من ساهم في هذا الانجاز الرائع وهذه المساحة الجديدة من الحلم .                                                                                                  سليم البلغوثي                                                                                                  ناشط في المنتدى الاجتماعي التونسي


اتحاد العمال المهاجرين التونسيين

معا ضد الليبراليّة الجديدة والاستعباد وسياسات الغزو والاحتلال

 

تنعقد اليوم الجلسة العامة التأسيسية للمنتدى الاجتماعي التونسي، تتويجا لحوار عميق بين مكونات الحركة الاجتماعية والمجتمع المدني في تونس، ونحن في اتحاد العمال المهاجرين التونسيين بباريس نحيي كل الاطراف التي عملت على انجاح هذا المسار راجين ان يتتوج قريبا بانعقاد المتندى الاجتماعي. ان المتندى الاجتماعي كما يعرّفه ميثاق « بورتو اليغر » بما هو فضاء لقاء مفتوح لتعميق التفكير والحوار الديموقراطي من اجل صياغة وتبادل مقترحات من أجل العمل ضد الليبراليّة الجديدة وضد هيمنة رأس المال على العالم يمثل حاجة أساسية للحركة الاجتماعية في تونس ، حتى تكون منفتحة على القوى التقدمية في العالم من أجل تبادل الخبرات على طريق بناء مجتمع بديل يكون الانسان فيه منطلق وغاية كل السياسات

 

إنّ الليبراليّة الجديدة التي تسعى جاهدة لاتمام سيطرتها على مقدرات الامم والشعوب وعلى ارادتها وحقها في تقرير مصيرها وأمام أزمة شرعيتها وقدرتها على بلورة نموذج مجتمعي للانسانية، لم تجد أمامها الا استعمال القوة من خلال احتلال العراق وممارسة الضغط على الدول التي تسعى الى بلورة سياسات اجتماعية بديلة – فينزويلا وأمريكا الجنوبية على سبيل المثال – كخيار لتكريس هيمتنها، والسيطرة على منابع النفط خدمة للشركات الاحتكارية العالمية عامة والأمريكية بشكل أخص. ان اللجوء للقوة والتلويح بها كلما تعلق الامر بمصالح رأس المال المعولم، دليل على عدم قدرة التوجه الامبريالي، الليبرالي الجديد على التفاعل مع الواقع العالمي ودليل على هشاشة هذا الخيار ومحدوديته.

 

ان الواقع الاجتماعي الذي تحاول السياسات اللبرالية الجديدة تكريسه وتعميمه تحت عنوان العولمة هو واقع التهميش والتراجع عن المكاسب الاجتماعية للعمال لصالح رأس المال والاحتكارات العالمية، بحيث أصبح تكديس الثروة في يد عدد صغير من اصحاب الامتيازات على حساب الناس الأكثر فقرا وهشاشة واقعا ملموسا في مجتمعاتنا في غياب سياسات تنموية تضع الانسان في رأس اهتماماتها وهو ما يضعنا جميعا اليوم، امام هذا التحدي، في معسكر القوى التقدمية من أجل تجميع قوانا ورسم طريق لعالم آخر أفضل وبناء بديل اجتماعي للعولمة

 

كما يبقى الاصلاح السياسي في الوطن العربي، والنضال من اجل بناء مجتمع عربي ديمقراطي مهمة مطروحة على كل قوى التقدم، كبديل للانظمة الديكتاتورية المدعومة من طرف القوى الامبريالية التي تراهن على الاستبداد من اجل الحفاظ على امتيازاتها ضد الخيارات الوطنية للشعوب متغاضية عن الاستعمال المنهجي للقمع وغياب اي فضاء مجتمعي تعددي، في تناقض مع الشعارات الكاذبة التي ترفعها من أجل تصدير « الديموقراطية » في توجه لا يختلف في جوهره عن مبررات الاستعمار في قرون مضت.

 

اننا ومن خلال موقعنا كمهاجرين، وانطلاقا من قناعتنا باننا نبقى جزءا لا بتجزء من مجتمعنا في تونس نصر باستمرار على أن يكون للمهاجرين من خلال منظماتهم وجمعياتهم الدور المهم الذي نرى أنهم قادرون على القيام به والمساهمة في الجدل الاجتماعي ولعب حلقة وصل مع القوى التقدمية والحركات الاجتماعية في العالم خاصة وان المهاجرين وحقوقهم خاضعان باستمرار لضغط السياسات الليبرالية الجديدة التي تعمل من أجل التضييق على حرية تنقل الانسان مقابل تأكيد حرية تنقل رأس المال عاملة على خنق الجماعات البشرية الأكثر فقرا داخل حدودها بعيدا عن « العالم المتقدم المتحضر ».ان مواصلة الطريق من أجل بناء المنتدى الاجتماعي التونسي، تحد حقيقي للحركة الاجتماعية والمجتمع المدني في تونس، سنعمل من جهنتا على رفعه، مساهمين بكل قوانا في دعم كل المبادرات الجدية على درب الحوار والعمل المشترك.

 

معا من أجل عالم آخر أفضل – لا للاحتلال الأمريكي للعراق – عاشت نضالات شعبنا العربي في فلسطين

 

عاشت نضالاتنا من اجل الديموقراطية والعدالة الاجتماعية

 

اتحاد العمال المهاجرين التونسيين – باريس

الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات تعارض مشروع « عمل النساء نصف الوقت بثلثي الأجر » و تطالب بالتخلي عنه فورا

أصدرت الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات بيانا بتاريخ 22 أفريل 2006 بإمضاء رئيسة الجمعية الدكتورة أحلام بلحاج تعارض فيها المشروع الذي أعلنه رئيس الدولة بمناسبة الاحتفالات بخمسينية الاستقلال و القاضي بتمكين النساء العاملات من ثلثي الأجر مقابل العمل نصف الوقت مطالبة السلطة بالتخلي عن هذا القرار فورا. و جاء في البيان أن الجمعية تواكب في الفترة الخيرة الأزمة الاقتصادية التي يواجهها المجتمع التونسي بصورة عامة و النساء بصورة مضاعفة. فلقد تضاعفت الضغوطات عليهن سواء تعلق ذلك بظروف العمل أو هشاشته أو بتوقيته أو بتدهور القدرة الشرائية للعائلة التونسية. فانعكس ذلك عليها في غياب المؤسسات و التجهيزات الاجتماعية و ارتفاع أسعارها إن وجدت إضافة إلى ظروف التنقل و غياب الوالدين لساعات طويلة. فانعكس ذلك على مردود الأطفال في المدرسة و على توازنهم النفسي و العاطفي و الجسدي في غياب المطاعم المدرسية و المرافق الترفيهية و الرياضية. زد على ذلك الأمراض الخطيرة التي تواجهها النساء و الناتجة عل كل هذه الظروف و عدم استقرار الأدوار داخل الفضاء العائلي. واستغرب بيان الجمعية أن يقع اتخاذ هذا القرار في ذكرى خمسينية مجلة الأحوال الشخصية و ما أتت به لتحديث و تطوير العائلة التونسية. و اعتبرت الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات في بيانها أنها إذ ترفض هذا القرار مبدئيا باعتباره ضرب في العمق لمبدأ المساواة بين الجنسين و عدم التمييز في العمل الذي تضمنته مجمل المواثيق الدولية سواء الصادرة عن منظمة العمل الدولية أو المتعلقة بحقوق الإنسان و بحقوق النساء و كذلك مجلة الشغل التونسية التي ذهبت حتى المعاقبة و لو رمزيا هذا التمييز فإنها تحذر من مغالطة النساء بمثل هذه الإجراءات التي من شأنها ان تعود بنا إلى الوراء و التي تعتبر أن المكان الطبيعي للنساء هو » البيت و تربية الأطفال ». كما اعتبرت الجمعية في بيانها أن هذه المقاربة الأبوية لعمل النساء تتنافى و مشروع تحديث المجتمع التونسي نحو المساواة و المواطنة الفعلية. و أضاف البيان أن الجمعية ترفض تحميل النساء كل متاعب العائلة عوضا عن الدولة و المجتمع و أن حق الشغل و التعليم للنساء حقوق لا يمكن التفريط فيهما باعتبارها المدخلين الأساسيين لاكتساح النساء التونسيات الفضاء العام و الخطوة الأولى في ممارسة مواطنتهن. و قد طالب البيان السلطة بالتخلي فورا عن هذا القرار كما دعا إلى فتح حوار وطني حول هذا الملف و بلورة البدائل مع النقابات و مختلف منظمات المجتمع المدني المدافعة عن الحقوق الإقتصادية و الاجتماعية و الثقافية كما المدنية و السياسية باعتبارها حقوق غير قابلة للتجزئة و التمييز لا من ناحية المفهوم و لا من ناحية الفئات المعنية بهذه الحقوق. مراسلة خاصة بالموقع الاثنين 24 افريل – نيسان 2006 مراسلة خاصة بموقع الحزب الديمقراطي التقدمي
  (المصدر: موقع الحزب الديمقراطي التقدمي بتاريخ 24 مارس 2006 )


آفاق حركة 18 اكتوبر من دولة الاستبداد إلى الدولة الفردانية

 
علي كردي

عرفت الدولة التونسية الحديثة، طيلة مرحلة الحكم البورقيبي، حالة من الاستبداد سيطر خلالها حزب الدستور على مؤسسات الدولة ومقدراتها. ورغم أن الحكم البورقيبي قد اضطر ابتداء من سنة 1981، تحت ضغط الأعطاب الداخلية التي أصابت نظامه السياسي، إلى جانب حالة التصدع داخل الحزب الحاكم، إلى الإقرار بالتعددية السياسية، والاعتراف ببعض الأحزاب السياسية مثل حركة الديمقراطيين الاشتراكيين، والحزب الشيوعي، وحركة الوحدة الشعبية، إلا أن هذا الاعتراف كان شكليا، إذ بقي الحزب الاشتراكي الدستوري وزعيمه بورقيبة ماسكين بخيوط اللعبة السياسية، ومستأثران بالدولة وشؤون المجتمع. وقد ظل الأمر على هذه الحالة إلى غاية رحيل بورقيبة بانقلاب أبيض قاده الجنرال زين العابدين بن علي صبيحة 7 نوفمبر من سنة 1987. لقد كان بورقيبة حاكما انفراديا ومتسلطا بكل المقاييس، ولكن بحكم ما كان يتمتع به من شرعية تاريخية، فإنه كان كثيرا ما يستعيض عن العنف المغلظ بسلطته الأبوية الدائمة الحضور. مع غياب الحضور الكاريزمي للزعيم المؤسس ظهر نمط جديد من الحكم يتمثل في الدولة الفردانية، بقيادة الجنرال زين العابدين بن علي، الذي أصبح يسيطر بذاته على مفاتيح السلطة، وصارت آلة الحكم وأجهزته كلها تحت إمرته، ولا يقيده إلا الإمكانات المادية للدولة وأجهزتها في الحركة والنفوذ. كما ضاقت دائرة الأفراد الممسكين بزمام الدولة، فزاد التضييق على خصومهم السياسيين، وزاد ميلهم لاستخدام العنف. وبذلك أصبحت أبسط المسائل السياسية والإجرائية خاضعة لسلطة البوليس والأجهزة الاستخبارية. وهكذا أصبح النسيج السياسي والجمعياتي في تونس خاضعا برمته للعبة الضبط الرقابي للمؤسسة الأمنية، التي يشرف عليها رأس الدولة. أما الحزب الحاكم فقد تلاشى دوره كحزب سياسي، وتحول دوره إلى مجرد لجان عسس ويقظة أمنية، أي مجرد ذراع رافد للأجهزة الأمنية وليس أكثر. كما تحولت الدولة من كونها تعبيرا عن جماعة، وأداة للحكم بين الناس، إلى التمركز حول شخص الحاكم، والتعبير عن مصالح نخبة ضيقة من بطانته، دونما اعتبار لمصالح المواطنين، فلم يبق وجود لقوى سياسية اجتماعية تتجاوز إرادة الدولة وهيمنتها. قانون التدافع: نهوض المجتمع المدني وتشكل حالة العصيان يقول المستشار طارق البشري « حين نجد دولة تجعل المواطنين في شتات داخل أوطانهم وفي عقر بلادهم، فلابد من تلمس بوادر الخروج من هذا الشتات، ولا مخرج من حالة الشتات إلا بتجاوز أوامر قيادة الدولة المشخصنة، دولة الفرد الواحد. وهذا التجاوز لا يتأتى بالمطالبات وبالتوجه لهذه القيادة المشخصنة بما يطالب به الناس من تجمع، إنما يرد بالممارسة »(1). وهكذا قامت حركة 18 أكتوبر كتعبير عن حالة الانسداد الذي انتهت إليه أوضاع البلاد، عندما أعلنت أحزاب تونسية معارضة، وممثلون عن جمعيات ومنظمات مستقلة، عن تكوين هيئة سياسية موحدة، للمطالبة بالحريات والإصلاح السياسي. وقد اعتبرت هذه المبادرة، التي تمثل حدثا سياسيا بارزا في تونس، ضم أغلب فصائل المعارضة التونسية الفاعلة، تتويجا للإضراب عن الطعام، الذي خاضته خلال شهر تشرين أول (أكتوبر) شخصيات سياسية وحقوقية، ممثلة لمختلف أطياف المجتمع المدني. لقد أسس هذا الحدث لأرضية تلاق بين الحركة الحقوقية المستقلة والحركة السياسية بمختلف توجهاتها والحركة النقابية، لبلورة فضاء وحركية وصوت للمجتمع المدني التونسي، في مواجهة الدولة الفردانية، من خلال الالتقاء حول ثلاث مطالب أساسية: حرية التنظيم والاجتماع حرية الصحافة والإعلام إطلاق سراح السجناء السياسيين فوراً وإصدار قانون عفو عام. توقعات العنف المضاد من قبل الدولة الفردانية كلما ازدادت حركة المجتمع المدني تماسكا وإصرارا من أجل تحقيق مطالبها المشروعة، كلما زاد احتمال استخدام آلة الدولة الأمنية، في محاولة لقمع أي حركة مخالفة في مهدها. إن استخدام عنف الدولة هنا هو الحل الجاهز دائما والسريع لمواجهة أي تحرك أو أي تجمع ولو في مهده، لإجهاض ما يتكون، ولردع ما هو في طريق التكوين. إذ إنه ليس مسموحا بوجود مشروع خارج إرادة الدولة الفردانية، ولا تُقبل حركة ذاتية لأي من التكوينات الأهلية، أو تُعطى أية مشروعية إذا كانت بعيدة عن هذا الفلك المركزي، أو معارضة لمشيئة الدولة الفردانية. وينتج عن ذلك ببساطة أن أي جهد يبذل لإيجاد تكوين أهلي ذي إرادة ذاتية فاعلة، وأن أي تحريك ذاتي شعبي سيقف بأصحابه في دائرة العمل غير المشروع من وجهة نظر الدولة الفردانية، وأن أي سعي في هذا الشأن يكون سعيا في مجال العصيان. وهذا ما يفسر الهجمة الشرسة من قبل السلطة، واستمرار انتهاج سياسة لا عقلانية عمياء. كيف نواجه عنف الدولة الفردانية؟ يقول غاندي: « إن الحاكم عندما يواجه الحركة الشعبية السلمية بالعنف يكون كمن يضرب الماء بسيفه ليقطعه، فالعنف لا يهزم الحركة السلمية مهما آذى رجالها ». ويعني هذا أنه يتعين أن يكون في حساب قادة حركة 18 أكتوبر توقع عنف الدولة، والإعداد للقدرة على مواجهة هذا العنف بإستراتيجية تتبنى عدم العنف، أي بتلقي ذلك العنف الذي تمارسه الدولة وأجهزتها باعتبارها أجهزة ليست سياسية، ولا تصدر عن تقويم سياسي تقوم به أو يقوم به قادتها، وإنما تصدر عن إرادة سياسية وقرار سياسي تملكه أجهزة التقرير في قمة الدولة الفردانية، وليس ثمة خصومة تقوم مع أجهزة الدولة، ولا مع العاملين فيها، والأمر يقتضي من قادة الحركة ونشطائها قدرا كبيرا من ضبط النفس ومن الاحتمال، ومن الاستعداد لتقبل العنف، دون رد عليه إلا بالتصميم على الحركة وعلى استبقائها مستمرة ومتنامية، وعلى استبقائها غير عنيفة، وأن يكون تحمل عنف الدولة دون رد عليه، مع الاستمرار في الحركة السلمية، أن يكون ذلك هو التكلفة والنفقة، التي تؤدى إلى الخروج من الطريق المسدود، الذي يظهر أنه لا خروج منه إلا بتلك الحركة. ولغاندي كلمة ذكية في هذا الشأن، فهو يقول: « سوف نتوقف عن لعب دور المحكوم، وإن الإنجليز مهما أعملوا العنف فنحن نعرف أنهم لن يستطيعوا أن يتحركوا خطوة واحدة للأمام ». وإذا كان هذا ما قاله غاندي بوصفه محكوما، فهو عينه تقريبا ما قاله هتلر بوصفه حاكما وطاغية، فهو يقول في كتاب « كفاحي »: إنه لا يمكن الاحتفاظ بأجهزة الحكومة عن طريق القوة وحدها. وميكافيللي يؤكد الظاهرة ذاتها في كتابه « الأمير »، على اعتبار أن القسوة كلما زادت ازداد نظام الحكم ضعفا، وأنه إذا لم يكن من سبيل أمام الحاكم لانتزاع الطاعة إلا بالعنف، فإن النظام يكون آخذا في الزوال، وعلينا أن نعي جيدا درسا في السياسة يتفق على إدراك ظواهره وعلى استخلاص عبرته، يتفق على ذلك غاندي في أقصى الحركة الشعبية السلمية الأخلاقية، وهتلر في قمة سلطة العدوان المسلح العنيف غير الأخلاقي، وميكافيللي في قلب العمل السياسي الذي لا يعرف من المبادئ إلا مصلحة الحاكم والدولة(2). (1) طارق البشري: حول شخصنة الدولة (2) نفس المرجع السابق

 
(المصدر: مجلة « أقلام أون لاين » الألكترونية، العدد السابع عشر، السنة الخامسة / أفريل – ماي 2006)
 


الحبيب اللّوز رمز لتضحيات شعب واختبار لمصداقية نخبة

نور الدين الخميري

 

ينتابني شعور قاص رهيب يمتزج بشديد المرارة وعمق الأسى وأنا أتابع أخبارا مؤكّدة حول الوضعيّة الصحيّة للسّجين السيّاسي التّونسي السيّد الحبيب اللّوز . خمسة عشرة سنة بأكملها مرت وكأن السيّد الحبيب اللّوز كتب عليه أن يعيش في زنازين معزولة عن عالم الإنسان يقاسم ظلمة السّجن وتعديات السجّان دون التمتع بمعانقة الأهل والولد والأحباب, ناهيك عن التمتع بحق عالمي مشروع وهو الحق في الصحة والعلاج.

 

عقد ونصف من المآسي والأحزان يمران على حياة أحد أبطال تونس وكأن لهذا الجرح الذي أصاب جسد الحرية وعشاقها قدرا في أن يضل ينزف دما إلى ما لا نهاية. تعذيب وتنكيل ,انتقام وتشفي…إنتهاكات وتعديّات مستمرة على كرامة الانسان وسلامته الجسدية , تلك هي مكاسب تونس وحصاد بلد الفرح الدائم. والملفت في ظل استمرار هذا النزيف أن تبقى الأطراف السياسيّة التونسيّة ولحد السّاعة حبيسة حسابات سياسيّة ضيّقة برغم فداحة الجريمة التي تقترفها السّلطة في حق الحرية وحقوق المواطنة الأساسية.

 

فواجع ومآسي.. وصيحات فزع تطلق من حين لآخر ومع ذلك يبقي المشهد السّياسي التّونسي على حاله ويبقى التّكذيب الرّسمي حاضرا في كل مناسبة من أجل طمس الحقائق. ولكن مهما كانت محاولات السّلطة الدعائية الفاشلة تبقى الشواهد الحيّة دليلا واضحا على عمق الجريمة وزيف الخطاب.

 

فقبل شهور حوكم الأستاذ المحامي محمد عبو بسبب مقال قارن فيه بين الواقع المأساوي في السّجون التّونسية و » أبو غريب  » العراق ,كما كان لإضراب الدّكتور منصف بن سالم عن الطعام من أجل رفع كل القيود المسلّطة عليه وتمكينه من حقوقه المدنيّة التي ضمنها الدّستور التّونسي وكل الأعراف والقوانين الدّولية بعد مأساة استمرت لأكثر من تسعة عشرة سنة وقعا خاصا في أوساط الدوائر الحقوقية والمنظمات الإنسانية العالمية . كما ساهم إضراب الجوع الذى يخوضه الصّحفي سليم بوخذير نتيجة فصله عن العمل لأسباب سياسيّة في تعرية خطاب السّلطة وما وصلت إليه حالة البلاد من انغلاق سياسي وانتهاكات صارخة لحرية التّعبير والصّحافة .

 

ان ما وصل إليه الوضع السّياسي التّونسي من تردي, وما الحالة الصحيّة للسّجين السياسي السيّد الحبيب اللوز الذى فقد إحدى عينيه ومهدد بفقدان بصره كلّيا ما لم تتوفر له الرّعاية الصحيّة اللازمة ,إلا إحدى المؤشرات الأخرى على قهرية وعنف وافلاس سلطة لم تعانق الحداثة والانسانية وروح العصر. لذا فإننا مدعوّون جميعا كقوى وطنية حيّة الى التنادي من أجل كسر جدار الصّمت واحتضان عمليّة التّغيير والنّضال السّلمي.

 

إنها مسؤولية كبرى أمام الجميع من أجل مواصلة النّضال حتى تغيير هذه الأوضاع وفرض احترام الكرامة البشرية والوطنية ,وإلاّ سيكون الصمت على تدهور الوضع الصحّي للسيّد الحبيب اللّوز وبقية المعتقلين السيّاسيّين التونسيّين دليل إدانة لبعض النخب كما دليل عجز وعدم فعالية لبعض هيئات مجتمعنا المدني.

 

نأمل أن تعمل طاقات المجتمع الحيّة متكاتفة على دفع السّلطة التّونسيّة للتراجع عن سياسة تدمير الإنسان وفي أقل الأحوال الإستجابة إلى مطالبه الأساسية الملحة.ولن يكون ذلك الا عبر النضال والكفاح المستمر الذي لابد أن تجتمع حوله كلّ مكوّنات الطّيف السيّاسي التّونسي.

 

نورالدين الخميري ـ بون ـ ألمـانيا 2006.04.24


 

ما بال أقوام يجهدون أنفسهم في تضييق ما وسعه الله ؟؟

حبيب أبو وليد المكني

 

لما استمعت بالصدفة إلى حوار قناة العربية مع الدكتور حسن الترابي بما فيه من تصريحات مثيرة كتبت مقالا في ضرورة الالتزام بمبدأ حرية الرأي و التعبير عند تناولنا هذه الآراء التي من حق كل منا أن يأخذ منها الموقف الذي يتناسب مع قناعاته الفكرية على سبيل الإطلاق .

 

كان الغرض هو المساهمة في التخفيف من حدة النقاشات التي ستدور حتما بين الفرقاء بما عساه أن يساعد الكثير في ضبط عنان أفراسهم ، فلا يقعون في الخطأ وهم في ساحة تنافس وتدافع ليس فيها للسذج و المغفلين مكان ، يشقون طريقهم في ارض وعرة لن تقبل فيها بضاعة مغشوشة و لن يعذر فيها جاهل بجهله أعنى سوق الحرية و الديمقراطية و حقوق الإنسان و ودولة الحقوق و المؤسسات .أردت أن أتقيد في مقالي باستحقاقات الخطاب السياسي و أنأى بنفسي عن الخوض فيما هو من شأن العلماء المسلمين و فقهاءهم . و أحسب أن من حقي أن أشارك في مثل هذا الحوار بما أظن أنني متمكن فيه دون أن يجبرني البعض عن التخلي عن صفتي الإسلامية أو يشكك في مرجعيتي الدينية علما بأن ثقافتي الشرعية كما أظن على الأقل ليست قليلة لكنني وصلت إلى قناعة مفادها أن لكل حقل رجاله ولكل سباق فرسانه .

 

كنت أعلم أن هناك جماعات متربصة تعتقد أن الله قد أعطاها توكيلا مفتوحا تستطيع به التصرف مع خلقه كما تريد فتدخل إلى الجنة من تشاء و تخرج من الأمة ما تشاء , بعد أن سيطرت عليها فكرة من النوع التي قال فيها : سيدنا علي ابن أبي طالب رضي الله عنه  » هذه كلمة حق يراد بها باطل  » أعني فكرة السياسة الشرعية « .إذ يبدو أن الأمر وبقدر كبير من الدقة ليس دعوة خالصة لوجه الله تعالي و لكنه تنافس سياسي مغلف بلحاف ديني كاشف وهم بذلك أحسن من يقدم الدليل على أن السياسة و الدين لا يجتمعان على الإطلاق وهي خدمة لا تقدر بثمن لخصوم الحركة الإسلامية بوجه عام .

 

و غير بعيد عن هذا الموضوع « السياسة الشرعية و فقه العقائد » و هما المدفعان العملاقان اللذان ذهب في ظن هؤلاء أنهم نجحوا في إنتاجهما في غفلة من مجلس الأمن الدولي… ؟؟، أريد أن اسرد واقعة لعلها تعيننا على الكشف عن أزمة هذا الفكر و عجزه عن إدراك الأولويات المطروحة علينا اليوم . لأنه يبحث عن سعر برميل النفط في كتب التاريخ و الفقه و يظن أنه سيفيد العالم ببحوثه تلك .

 

عندما كان أبناء الحركة الإسلامية في تونس يعيشون في المهاجر حالة من الضيق و الدوران تملي عليهم كل حين إعادة طرح الأسئلة التي لا تجد جوابا مفيدا ، قدم أحدهم ورقة ظن أنه بها قد وضع يده على بيت الداء التي بها سيفسر سبب المشكلة .قال : » إن الداء يكمن في العقيدة الأشعرية للحركة الإسلامية في تونس  » وإذا به يجعلنا نضيف إلى أسئلتنا التي كنا على وشك الإجابة عنها آلافا مثلها لن نستطيع الخروج برأي جامع حولها .

 

و لابد أن أنبه القارئ العزيز أن الإشارة هنا إلى العقيدة الأشعرية ليس بأي حال من الأحوال خروجا عن الموضوع ، فالجماعة يجعلون الأمر من أولوياتهم وهم بذلك يظنون أنهم يصححون المسار ليس للحركة الإسلامية التونسية فحسب ولكن أيضا عقيدة معظم المسلمين من أهل السنة و الجماعة و كذلك على الأرجح عقيدة الشيعة الإمامية التي لا تخرج كثيرا عن الأشاعرة . أي أن الجماعة تريد أن تتصدى لحل الخلافات التاريخية للأمة من خلال القضاء على ما يسمونه بالعقيدة الباطلة ؟؟ و لعل الأمر يصبح مستحيلا على الذهن عندما بعلم المرء أن من يطرح على نفسه القيام بهذه المهمة التي تشفق منها السماوات و الأرض يعيش منفيا في باريس أو أوسلو أو برلين ، مثقلا بهموم التحديات التي تواجهه وأسرته عاجزا أو يكاد عن حماية أبنائه من الذوبان في المجتمع الغربي … و الغريب أنه يخاصمنا و لا يترك فرصة إلا و شن اعتى الحروب علينا و نحن لا نطلب منه أن يتخلى عن رؤاه الفكرية بل نريد أن نوسع عليه حتى يعبر عنها بحرية بشرط أن يحترم أصول اللعبة فلا يخرق السفينة التي تقلنا جميعا و لا ينتهج أسلوب التجني و التسفيه و التظليل في حق مشائخنا و أصحاب الفضل علينا و ان ذهب في ظنه و ظننا أنهم قد أخطأوا في مسألة فهم قبل ذلك قد أجادوا في مسائل . وهذه قضايا نعتذر للقارئ الكريم عن التطرق إليها بإسهاب لأن المقام لا يسمح بذلك ،

 

فاليوم هناك كما توقعنا بالضبط حديث كثير عن الترابية والترابيين لأن التصريحات الأخير ة للدكتور حسن الترابي قد صدمت الرأي العام الإسلامي الذي لم يتعود على مثل هذه الأفكار ، فهي فرصة إذن أن نوجه مدافعنا نحو صدور إخواننا القدامى لتدمير حصونهم وائتلاف محصولهم و تعليق من تبقى منهم على المشانق بموجب أحكام قضائية طالما تغنينا بأنها موجهة باستمرار لمن قالوا: » إن ربنا الله ثم استقاموا  » . وليس الأمر في رأينا إلا دليلا على أن قيم الحرية بما هي حرية التعبير عن الرأي و حرية ممارسة الحق في التنظم والاجتماع لم تتجذر في نفوسنا بالقدر الكافي ، الحرية التي تسمح لنا بالتعبير عن مكنوننا دون خوف من سوط جلاد أو تطرف صاحب سجاد يطيل لحيته و يفضفض قميصه ولكنه يتلهف لإصدار الفتاوي التي بها سيكفر الناس من مسلمين و أهل كتاب ليستبيح بناتهم و أموالهم و أراضيهم ،و هذه طبعا من الانحرافات التي لا تدخل أبدا في باب حرية التعبير التي ندافع عليها و لكنها جرائم من واجبنا أن نقوم بواجبنا إلى جانب أمم الأرض في مكافحتها و إثبات براءة الإسلام منها .

 

و أعتذر للقارئ الكريم أنني اضطررت للإفصاح عن جملة من المواقف التي بها أرجو أن أكون قد ساعدته على فهم وإدراك المناخ التي يعمل فيه هذا الفكر الذي يريد أن يفرض نفسه علينا عنوة عن طريق اختطاف إسلامنا العزيز علينا ، وبعمل من أجل زيادة عزلتنا عن مجتمعنا بدعوى التقرب بذلك إلى الله ، فيشن هجوماته على مناضلي حركة 18 اكتوبر في تونس رجالا و نساء بإثارة النعرات الإيديولوجية تما ما كما يفعل الناطقون باسم نظام الإستبداد في تونس، متوهما أو الحرص الذي يبديه على نقاء العقيدة و واجب تنفيذ احكام الشريعة تعطيه الحق في التفتيش عن قلوب الناس و كشف خبايا نفوسهم ، و الأتعس من ذلك هو ما يمكن أن نعبر عنه بغلق باب التوبة أما م أصحاب العقول في الأمة وكأنهم يخشون منافستهم لهم على نفس الأرض التي يقفون عليها من مثل ما يقولونه عن أمثال الدكتور محمد عمارة أو الأستاذ المحامي    أحمد نجيب الشابي .

 

أننا إذن لا نصادر حق هؤلاء في التعبير عن آرائهم ما دامت آراء تطرح في الساحة الثقافية لتثري الحوار وتساهم في تنقية العقيدة و الحفاظ على التراث الإسلامي الذي هو محل فخرنا جميعا و لكننا لم نعد نقدر على البقاء مكتوفي الأيدي و نحن نشاهد كيف يتجرأ هؤلاء على اختطاف الإسلام و الإلقاء به في معارك لم نتهيأ لها إن كانت عادلة و لن نقبل بها إذا كانت ظالمة

 

و في الأخير فإني أوجه دعوة إلى هؤلاء لمناقشة بعض مبادئ التي أوردتها في مقالي السابق تحت عنوان  » تصريحات الترابي اختبار جديد لمبدأ حرية الرأي » وأجد أن ثمة فائدة من إعادة التذكير بها :

 

– الإقرار بمبدأ حرية التعبير كما نصت عليه مواثيق حقوق الإنسان الدولية

– الإقرار بحاجة الأمة لفرقة من الناس تقوم بمهام الدفاع عن هويتها

– الدفاع عن الهوية لا يتصادم أبدا مع مبدأ حرية الرأي

– رفع الوصاية عن المسلمين و الإقرار بأن الأمة قد بلغت سن الرشد

– الإقرار بحرية المعتقد كما تنص عليها المواثيق الدولية و الامتناع عن محاولة مصادرتها بأي شكل من الأشكال.

 

ونعتقد أنه لا توجد نصوص شرعية قاطعة الدلالة و الثبوت تتعارض مع هذه المبادئ بل الأمر في ظننا على العكس من ذلك تماما فالنصوص ترفع هذه المبادئ إلى منزلة القيم التي يجب على المؤمنين الدفاع عنها .

 

هذا هو ملخص دعوتنا بمناسبة صدور تلك التصريحات المثيرة للجدل ، وكان يسرنا أن يدلي الأستاذ نوفل إبراهيم و أمثاله بدلوه فيها بما يخدم مصلحته و مصلحتنا

نريد أن تكون هذه التصريحات مناسبة لتعميق مفاهيم الحرية و قطع خطوة جديد ة إلى الأمام في إرساء قواعد العمل بها في مجتمعاتنا الإسلامية ، و بريدها البعض فرصة لتصفية حسابات ضيقة مع رفقاء الأمس أو لحاجات أخرى ننأى بأنفسنا عن الخوض في ثناياها .

و للحديث بقية

 

حبيب أبو وليد بتاريخ 23.4.06


 

الجزائر تفرج عن 2200 مسلح استفادوا من عفو رئاسي

 

الجزائر ـ القدس العربي ـ من مولود مرشدي:

 

اعلنت السلطات الجزائرية امس الاحد انها افرجت عن 2200 مسلح من الجماعات المسلحة استفادوا من عفو تم اقراره في نهاية شباط (فبراير) الاخير.

 

وذكرت اللجنة الوطنية المكلفة بتطبيق ميثاق السلم والمصالحة الوطنية ان هذا الرقم يخص الاشخاص المعنيين باجراءات العفو التي بدأ العمل بها وفق مرسوم اصدره الرئيس عبد العزيز بوتفليقة اواخر شباط (فبراير) الماضي.

 

وتضمن القرار عفوا لصالح الاشخاص الذين انخرطوا في التنظيمات المسلحة واعتُقلوا، وفتح الباب ايضا امام المسلحين الذين ما زالوا في الجبال للاستفادة من هذه الاجراءات مقابل الاستسلام. ومنح قرار العفو مهلة تنتهي نهاية شهر اب (اغسطس) لعناصر الجماعة السلفية للدعوة والقتال والذين قدر عددهم بحوالي 800 لتسليم انفسهم مقابل الاستفادة من هذا القانون.

 

وكان وزير الداخلية يزيد زرهوني اكد بداية الاسبوع الماضي ان 85 مسلحا سلموا انفسهم منذ بداية العمل بهذا القانون.

 

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 24 أفريل 2006)

 

السعودية: رقابة الكترونية على المساجد

الرياض – فواز الميموني    

 

أعلن وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودي صالح آل الشيخ، عن بدء وزارته في فرض رقابة الكترونية على المساجد في الرياض، في خطوة سيتم تعميمها بعد ذلك على جميع المساجد السعودية عن طريق مشروع نظام المعلومات الجغرافي الالكتروني «جي آي إس».

 

وقال في تصريحات صحافية بعد رعايته حفلة إطلاق هذا المشروع في الرياض أمس: «إن المشروع يتيح إيجاد نظام كامل يتعلق بالمساجد، ومن ضمنه تصوير المسجد ومعرفة جميع محتوياته ومكوناته، كما يمكّن هذا النظام من رؤية الإمام والمؤذن داخل المسجد أثناء تأديتهما الصلاة»، مشيراً إلى أن هذا النظام «يمكّن المسؤولين في وزارته من معرفة حالات المساجد يوماً بيوم، وبدقة متناهية، من خلال هذه التقنية». وأضاف: «إنه بدأ فعلياً تنفيذ هذا المشروع في مساجد حي الملز (شرق الرياض)، وسيتم استكمال تغطية مساجد مدينة الرياض كافة خلال هذا العام، أو بحلول منتصف العام المقبل».

 

وسيشرع القائمون على هذا المشروع، بحسب ما أوضحوه لوزير الشؤون الإسلامية خلال لقائهم به أمس، في تنفيذ مرحلته الثالثة في المدن السعودية الرئيسية الواقعة في المناطق الإدارية الـ13، بنهاية العام المقبل، مشيرين إلى أنه سيتم تعميم المشروع على بقية مناطق ومحافظات السعودية منتصف عام 2008.

 

(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 24 أفريل 2006)


جدل حول افضل صيغة لوصول 20% من النساء الي المجالس البلدية والبرلمان

موريتانيا: الحكومة تنشر برنامجا إصلاحيا يتضمن تعديلا دستوريا وينظم تمويل الأحزاب ومشاركة النساء بالسياسة

نواكشوط ـ القدس العربي من عبد الله السيد

 

فيما يستعد الرئيس الموريتاني الانتقالي علي ولد محمد فال لجولات شرح لسياساته في الداخل هي الأولي منذ توليه للسلطة في الثالث اب/أغسطس الماضي، اعلنت الحكومة الانتقالية الموريتانية أمس الاحد خطوات جديدة علي طريق التهيئة للانتخابات حيث عرضت علي شركائها في الساحة السياسية اقتراحات خاصة بتعديل الدستور المقر في استفتاء العشرين تموز/يوليو 1991. كما عرضت اقتراحات تخص تمويل الأحزاب السياسية ودخول النساء المناصب الانتخابية والبطاقة الانتخابية الموحدة.

وأعلن حبيب ولد همت الوزير الأمين العام للرئاسة ورئيس اللجنة الوزارية المكلفة بالمرحلة الانتقالية في مؤتمر صحافي أمس أن الحكومة الانتقالية قدمت اقتراحاتها بعد تشاور معمق وطويل مع الأحزاب السياسية، مبرزا أنه تم الاتفاق علي زيادة عدد نواب الجمعية الوطنية ليصبح عددهم 95 بدل 81، وان الزيادة تناسب النمو الديمغرافي، حسب نتائج احصــــاء عام 2000.

وقال ان 31 نائبا من أصل 95 سينتخبون بالاقتراع النسبي.

وأشار رئيس اللجنة الوزارية المكلفة بالمرحلة الانتقالية الي أنه تم اجراء تعديلات علي طريقة الاقتراع من أجل ضمان المزيد من الشفافية والعدالة والانصاف بين مختلف التشكيلات السياسية التي ستتنافس خلال الانتخابات المقبلة.

وأضاف ولد همت أن الانتخابات التشريعية ستجري علي شكل لائحة وطنية للحصول علي 14 مقعدا في الجمعية الوطنية، وأن نظام الأغلبية سيشمل 42 دائرة انتخابية فقط.

وأوضح رئيس اللجنة الوزارية أن طريقة الاقتراع في انتخابات البلديات ستشهد تغييرا جذريا يتمثل في تطبيق نظام النسبية الكاملة لتجنب هيمنة أي حزب علي الادارة المحلية.

من جانب آخر أوضح المسؤول الموريتاني أن السلطات الانتقالية التي تتولي بنفسها مهمة التعبئة من أجل انجاح الاستفتاء حول مشروع تعديل القانون الأساسي، دعت كل الطبقة السياسية الي تعبئة المواطنين من أجل مشاركة صريحة ومكثفة .

وقال ولد همت أن التحدي الذي يجب رفعه في هذه المرحلة يتمثل في ضمان مشاركة كبيرة في الاستفتاء .

من جانب آخر أكد المسؤول الموريتاني خلال تطرقه لمسألة تمويل الأحزاب السياسية أن السلطات الانتقالية تواصل البحث عن حل توافقي داخل الطبقة السياسية لايجاد الآليات والطرق الأكثر ملائمة لتوزيع التمويلات.

تكلفة الانتخابات

وتبلغ تكلفة العملية الانتخابية الانتقالية 20 مليون دولار ولم تساهم الي غاية اليوم سوي منظمة الأمم المتحدة وفرنسا ومصر واسبانيا بقيمة 9 ملايين دولار.

وسينظم الاتحاد الافريقي والسلطات الانتقالية مائدة مستديرة غدا الثلاثاء في نواكشوط بهدف تكملة المبالغ الماليــــة المتبقية.

وأكد ولد همت أن الحكومة حرصت علي المحافظة علي توازن النظام الانتخابي بزيادة التمثيل النسبي مؤكدا ان ذلك يجب ان لا يفقد الاغلبية اهميتها التي هي العمود الفقري لهذا النظام .

واوضح في هذا الصدد انه لابد من التدرج لتحقيق ذلك بالانتقال من نظام كانت تهيمن عليه الاغلبية الي نظام اكثر تمثيلا ، مبرزا انه تم الاتفاق علي رفع النسبية الي الثلث وبقاء الثلثين للنظام الاغلبي.

واضاف ولد همت ان تحسنا مهما اضيف الي طريقة انتخاب المجالس البلدية بحيث سيتم تبني النسبية المطلقة في شوط واحد مؤكدا ان ذلك سيمكن الاحزاب التي حصلت علي 5 بالمئة من الحصول علي مقعد بلدي بشرط ان يتناسب ذلك مع القاســـم الانتخابي.

وبخصوص تمويل الأحزاب التي تعتبر مشكلة كبيرة أعلن ولد همت أن الحكومة قدمت للاحزاب اقتراحا يتعلق بآلية لتوزيع التمويل المقرر في قانون المالية 2006، قبل الانتخابات المقبلة، مبرزا أن الاحزاب السياسية لم تقدم رأيها حتي الان بهذا الشأن.

وقال اذا لم يتم التوصل الي هذه الآلية ستضطر الحكومة لانتظار نتائج الانتخابات المقبلة لتوزيع هذا الدعم .

وقال الوزير ان هناك دعما آخر غير نقدي مبرمجا في ميزانية المسلسل الانتخابي سيوزع من خلال خدمات خلال الحملات الانتخابية للاحزاب.

وبخصوص ولوج النساء الي المناصب الانتخابية، أكد ولد همت أن اقتراح الحكومة تضمن اجراءات تحفيزية واجبارية لوصول النساء للمراكز الانتخابية، موضحا ان هناك جدلا حول الصيغة الانجع للوصول الي هذا الهدف.

وقال في هذا السياق ان آليات قانونية ستوضع وتمكن من وصول 20 بالمئة من النساء الي المجالس البلدية والجمعية الوطنية، وانه لتحقيق ذلــــك سيتــــم تطبيق بعض الاجراءات التحفيزية والاجبارية.

وأشار الي ان الحكومة تبنت البطاقة الانتخابية الموحدة لكونها حققت نجاحا كبيرا في كثير من البلدان.

وكانت الحكومة الموريتانية قد عممت السبت التعديلات المقترحة في دستور العشرين تموز/يوليو 1991 والتي ستعرض في حزيران/يونيو المقبل علي استفتـــاء شعبي.

رئيس غير متحزب لفترتين

وتشمل هذه التعديلات تحديد الولايات الرئاسية في ولايتين مدة الواحدة منهما خمس سنوات، وعدم تمكن رئيس الجمهورية من تولي أي منصب انتخابي آخر أو رئاسة حزب سياسي.

ونصت المادة 29 من الدستور المعدل علي قسم يلتزم فيه الرئيس المنتخب بألا يدعم بصورة مباشرة أو غير مباشرة أية مبادرة من شأنها أن تؤدي الي اجراء مراجعة الأحكام الدستورية المتعلقة بشروط مدة أو تجديد مأمورية رئيس الجمهورية الواردة في المادتين 26 و 26 من هذا الدستور.

وتنص المادة 99 (جديدة) علي أنه لا يجوز الشروع في أي اجراء يرمي الي مراجعة الدستور اذا كان يطعن في كيان الدولة أو ينال من حوزة أراضيها أو من الصبغة الجمهورية لنظام الحكم أو من الطابع التعددي للديمقراطية الموريتانية أو من مبدأ التناوب الديمقراطي علي السلطة ومن لازمه المبدأ المحدد لولاية رئيس الجمهورية بخمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة .

واشتمل التعديل المقترح الغاء المادة 104 من الدستور السابق التي كانت تسمح بسريان مفعول قوانين سابقة يعتبرها نشطاء الساحة السياسية مخالفة للنظام الديمقراطي.

ونصت مادة دستورية جديدة هي المادة 102 علي أنه يجب تعديل القوانين السابقة للدستور عند الاقتضاء من اجل مطابقتها مع الحقوق والحريات الدستورية في أجل لا يتعدي 3 سنوات اعتبارا من تاريخ اصدار هذا القانون الدستوري.

وفي حالة عدم اجراء التعديلات المقررة في الفقرة السابقة في الآجال المحددة، يصبح باستطاعة أي شخص أن يدفع بعدم دستورية هذه القوانين أمام المجلس الدستوري، ولايمكن تطبيق الترتيبات المحكوم بعدم دستوريتها.

واضافة للاستفتاء الشعبي الخاص باقرار الدستور، تنوي الحكومة الانتقالية الموريتانية تنظيم انتخابات البلديات والتشريعية ومجلس الشيوخ والرئاسية قبل يوم 11 اذار/مارس 2007 لانهاء المرحلة الانتقالية التي انطلقت منذ الانقلاب العسكري الذي أطاح بنظام معاوية ولد سيد أحمد الطايع يوم 3 اب/أغسطس 2005.

 

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 24 أفريل 2006)

 

تحفظات النخب العربية لا زالت قـائـمـة

swissinfo  24 نيسان/أبريل 2006 – آخر تحديث 17:00     مرت الآن حوالي 40 شهرا على إطلاق الولايات المتحدة لمبادرة الشراكة الأمريكية مع الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المعروفة اختصارا باسم « ميبي ». ومع أن مشاريع الـ « ميبي » استهدفت فئات كثيرة ومتنوعة من النخب في العديد من البلدان العربية، إلا أنها لم تحقق بعدُ اختراقا ملموسا بسبب فقدان الثقة في السياسات الأمريكية. عندما سئل رئيس الحكومة الفرنسية السابق جان بيار رافاران خلال زيارة لتونس عما إذا كان بلده يشعر بالضيق من « مبادرة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا » الأمريكية المعروفة بـ « ميبي »، سخر علنا من البلدان التي قال إنها « تصوغ مشاريع للمنطقة من علياء مكاتبها الفخمة »، في نقد مباشر لأسلوب الأمريكيين في إدارة مشروع الشرق الأوسط الكبير. وعلى رغم أن رافاران ليس مشهورا بالذكاء، فإن المراقبين استلطفوا ملاحظته اللاذعة بالنظر للصدى الباهت للبرامج الأمريكية لدى المجتمعات الموجهة إليها. لقد حاول الأمريكيون على مدى السنوات الثلاث الماضية (انطلقت المبادرة في ديسمبر 2002) الوصول إلى فئات مختلفة تتراوح دائرتها من التلاميذ إلى سيدات الأعمال، ومن الأكاديميين والإعلاميين إلى التكنوقراط، ورصدوا موازنات ضخمة للـ « ميبي »، إلا أن حساب الحقل لم يطابق حساب البيدر. كما استخدموا وسائل متنوعة لبناء جسور مع المجتمعات المحلية. فأحيانا ينظمون ندوات وورشات تدريبية في بلدان المنطقة، وأحيانا أخرى يدعون وجوها مؤثرة من النخبة الاقتصادية والثقافية إلى المشاركة في برامج تُقام في الولايات المتحدة، وأحيانا ثالثة يلجأون إلى أسلوب الندوات بواسطة الفيديو لربط خطوط الاتصال بين الجانبين. رحلة إلى الفضاء ففي شهر أبريل من العام الماضي، كان ثلاثون تلميذا يتجمعون في قسم دراسي في مدرسة « هاري آيكلر » بنيويورك ليتخاطبوا عبر شاشة كومبيوتر كبيرة مع عشرين تلميذا في مدرسة جزائرية اجتمعوا في مكاتب وكالة الأنباء الجزائرية بحضور وزيري الإعلام والتربية لإدارة حوار حول رحلات الفضاء. وفي الشهر نفسه، أقامت « ميبي » ندوة في تونس بالتعاون مع المنظمة الأمريكية غير الحكومية « إنترنيوز » ندوة عن الصحافة الإلكترونية في تونس كانت الأولى من نوعها التي تطرقت لهذا الموضوع بمشاركة عشرات الإعلاميين والجامعيين والخبراء، وفي حضور غاري كبال الذي جعل من موقع AOL News أكبر موقع للأخبار على شبكة الإنترنت. غير أن مبادرة « ميبي » ركّـزت في شكل خاص على السيدات منذ بواكير نشاطها، إذ بدأت منذ سنة 2004 بدعوة أربعين من سيدات الأعمال الشابات (راوح سنهن بين 22 و30 عاما) اللائي أتين من 16 دولة من دول الشرق الأوسط إلى برنامج تدريبي في الولايات المتحدة، استمر أربعة أشهر وأمضين منه شهرا بين جامعتي ديوك وإموري، والأشهر الباقية في شركات أمريكية مثل فايزر وبوينغ وديملر كرايسلر ووالت ديزني. وكان منطق بولا دوبريانسكي، وكيلة وزارة الخارجية الأمريكية للشؤون العالمية واضحا في الكلمة التي توجهت بها للمشاركات في حفل التخرج، إذ قالت « إن سيدات الأعمال العربيات أصبحن الآن في وضع يمكنهن من العمل على محورين يشكلان دعامتين أساسيتين من مبادرة الشراكة مع الشرق الأوسط، هما الإصلاح الاقتصادي وتعزيز دور المرأة »، معتبرة أن التغيير « يأخذ مجراه بالفعل في عدة مواقع بالشرق الأوسط »، وأن السيدات « مستعدات لتكونن في الجبهة المتقدمة لتلك الحركة ». أما توماس فاريل، مساعد وزير الخارجية للبرامج الأكاديمية فكان أوضح، إذ خاطبهن قائلا « انقُلن القيم المستمدة من خبرتكن إلى الآخرين عن طريق استقطاب شخص واحد على الأقل إلى كل واحدة منكن ». ولم تمض أشهر قليلة حتى حلت مائتا سيدة عربية بتونس للمشاركة في برنامج للتدريب على مهارات القيادة في إطار مشاريع « ميبي »، لكنه لم يستمر سوى ثلاثة أيام وأشرفت عليه كل من بولا دوبريانسكي، وباتريشيا هاريسون مساعدة وزيرة الخارجية للشؤون الثقافية والتعليمية، وقدمت سيدات أمريكيات التدريب والخبرة لزميلاتهن العربيات خلال المؤتمر الذي ركز في الدرجة الأولى على كيفية إدارة المشروعات الاقتصادية وغير الاقتصادية بما يشمل النقابات والجمعيات على نحو « يعطي دفعة للديمقراطية ويعزَز مكانة المرأة ». ويمكن القول أن التركيز الأمريكي على السيدات يرمي لتشجيعهن على « أخذ أدوار قيادية في تحقيق الإصلاحات، خصوصا في المجال الاقتصادي ». ويعزو الأمريكيون ذلك التركيز إلى أنه « لا يمكن لأي مجتمع أن يكون ديمقراطيا حقا إذا ما كان نصفه محروما من حقوقه الشرعية، ولا يمكن لأي بلد تحقيق كامل قدراته الاقتصادية عندما يكون نصف شعبه مهمشا »، مثلما قالت دوبريانسكي التي أكّـدت أن أمريكا تستخدم مثل هذه المؤتمرات « لتشجيع دور السيدات القيادي بوصفه أحد عناصر التغيير، وهو تغيير ليس فقط من حيث تحديث البنى الاقتصادية للمساعدة على المنافسة في السوق العالمية، وإنما أيضا التغيير من زاوية تحطيم الحواجز التي تقف في طريق مشاركة المرأة في صنع القرار الاقتصادي في شكل كامل ». توسَع جغرافي لكن النشاطات لم تقتصر على النساء خلال الأشهر الأربعين التي مضت على إطلاق « ميبي »، بل استهدفت أيضا فئات كثيرة أخرى من قضاة وطلاب وإعلاميين وباحثين. كما أن دائرتها الجغرافية توسعت لتشمل بلدا مهما كان خارج مجال الحراك الأمريكي في المنطقة، هو ليبيا التي تم إدماجها عمليا اعتبارا من يوليو 2005، على رغم أن مجال المبادرة لم يشملها في مرحلة الانطلاق، وأتت زيارة توماس فاريل، نائب مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية للشؤون التعليمية والثقافية لطرابلس في تلك الفترة لتؤكد ذلك الإدماج في مسار « ميبي ». وأكد مدير المكتب الإقليمي لـ « ميبي » في تونس بيتر مولريان لسويس أنفو أن فاريل بحث خلال زيارته لليبيا الإجراءات المتصلة بقبول طلاب ليبيين في الجامعات والمعاهد العليا الأمريكية في التخصصات الطبية والهندسية والعلوم التطبيقية والحاسب الآلي، مما شكل نقلة في العلاقات الثنائية قياسا على القطيعة السابقة. وتطرق فاريل خلال المحادثات التي أجراها مع أكثر من عشرة مسؤولين ليبيين لآفاق تطوير التعاون على صعيد توسعة تدريس الإنجليزية في ليبيا وتبادل الزيارات العلمية والأكاديمية بين أعضاء هيئات التدريس في جامعات البلدين. وأفادت مصادر ليبية أن الجانبين يدرسان إبرام اتفاق للتعاون في المجالين، التعليمي والثقافي، سيعطي دفعة قوية للتعاون بين الجامعات والمعاهد العليا، خصوصا على صعيد تبادل الباحثين والمدرسين. ويوجد أحد المكاتب الإقليمية الثلاثة لـ « المبادرة » في تونس، وهو يغطي الجزائر والمغرب ولبنان ومصر بالإضافة إلى تونس، لكنه يدرس إمكانات توسعة دائرة عمله لتشمل ليبيا، بما في ذلك فتح فرع هناك. كما يسعى الأمريكيون إلى إدماج عناصر ليبية في نشاطات مكتب « ميبي » الإقليمي الموجهة إلى فئات الشباب والسيدات والقيادات الإدارية والنشطاء والإعلاميين. إلا أن الأمريكيين يتوجهون أيضا إلى شرائح أخرى في ليبيا، في مقدمتها النخب الاقتصادية والإدارية الشابة التي يسعون لإقناعها بتفوق النموذج الأمريكي على النموذج الأوروبي، وهم يؤكّـدون أنهم وجدوا لدى القيادات الجديدة، وخاصة الطلاب، إقبالا كبيرا على التعرف على التجربة الأمريكية ورغبة لافتة في متابعة الدراسات العليا والمشاركة في دورات تأهيل وتدريب في أمريكا. مقاربتان للإصلاح ويعكس هذا التوجه الأمريكي، كما جسّـدته تجربة « ميبي » في سنواتها الثلاث الأولى، المقاربة الجديدة المستوحاة من دروس تفجيرات 11 سبتمبر والتي تحاول التمايز عن المقاربة الأوروبية بالتوجه إلى النُخب المؤثرة في المجتمعات، بدل الاتكال على الحكومات أساسا. ويتجلى ذلك التباعد في حرص المسؤولين الأمريكيين الذين يزورون المنطقة على الاجتماع مع ممثلي منظمات أهلية، حتى لو كان بعضها غير مرخص له، وزعماء أحزاب معارضة، فيما يتحفظ المسؤولون الأوروبيون في الغالب عن عقد مثل تلك اللقاءات. ومن هذه الزاوية، فإن مبادرة « ميبي » أتت لتكريس هذا الخيار عن طريق شبكة واسعة من العلاقات والإمكانات المالية. وأكد سكوت كربنتر، مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية المكلف بمبادرة (ميبي) في تصريحات سابقة لسويس أنفو خلال زيارة لتونس، وجود اختلاف في الرؤيتين، الأوروبية والأمريكية، للإصلاح السياسي والاقتصادي في المنطقة. ورأت الناشطة النسائية التونسية المحامية بشرى بلحاج حميدة أن الأمريكيين أظهروا فعلا جسارة أكبر من الأوروبيين في التعاطي مع المنظمات الأهلية المحلية. لكنهم لم يقتصروا على توسيع مظلة المشاركين في مشاريعهم، بل ضخوا أيضا اعتمادات كبيرة لتمويل أهداف الشراكة. وفي هذا النطاق، خصص الكونغرس في السنتين الأوليين من عمر « ميبي » 253 مليون دولار لهذه المبادرة. لكن الرئيس بوش طلب من الكونغرس تخصيص 150 مليون دولار ضمن برامج المساعدات المالية الخارجية لسنة 2005 لتمويل المشاريع المدرجة في « المبادرة »، غير أن الغالبية في الكونغرس لم توافق سوى على نصف تلك الإعتمادات، فخصص قسم منها لتمويل برامج تستهدف قطاعات واسعة من الطلاب ورجال الأعمال والمدرسين ورجال القانون والمسؤولين الحكوميين والصحفيين والقضاة والأكاديميين وقادة المجتمع المدني في منطقتي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ويمكن أن تكون المشاريع التي يمولها « ميبي » صغيرة أو كبيرة الحجم، محلية أو إقليمية، فهي قد تقتصر على 10 آلاف دولار للمشروع الواحد، وقد تصل أيضا إلى 10 ملايين دولار. « احتلال عقول المسلمين » وعلى سبيل المثال، قرر « ميبي » تمويل سبعة مشاريع في مجالات مختلفة في تونس خلال السنة الجارية، ويراوح الدعم المقدم لها بين 100 ألف دولار ومليون دولار. لكن مكتب « ميبي » جابه صعوبات في إيجاد أطراف مستقلة تقبل بتلقي دعم أمريكي بسبب الصورة السلبية لسياسة الولايات المتحدة في البلد. وهذا أكبر تحدٍّ يواجه مبادرة الشراكة مع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لأن قطاعات واسعة من النخب تتحفظ على التعاطي مع الولايات المتحدة، وخاصة في ظل الإدارة الحالية. وفي هذا السياق، أظهرت دراسة نشرها معهد بروكينغز في واشنطن تحت عنوان « احتلال عقول المسلمين » أن سياسات الولايات المتحدة الرامية إلى كسب قلوب الشعوب المسلمة ونشر الإصلاح في العالم العربي، تقوم علي أسس خاطئة، ولن يكتب لها النجاح إلا إذا خضعت لتعديلات جذرية. وتناولت الدراسة التي أعدها الدكتور عبد الوهاب الأفندي، منسق برنامج الإسلام والديمقراطية بمركز دراسات الديمقراطية بجامعة وستمنستر في لندن، بالنقد والتحليل حملة الدبلوماسية العامة التي تقودها إدارة بوش من أجل تحسين صورة أمريكا في العالم، معتبرة أن هذه السياسة تنطلق من افتراضات خاطئة وتتبع أساليب خاطئة، وتواجه أزمة كبيرة بسبب شفافية آلية صنع القرار في واشنطن (المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 12 أكتوبر 2005). وبحسب الدراسة التي نشرها المعهد المعروف بقربه من قيادة الحزب الديمقراطي (يرأسه حاليا السفير السابق مارتن انديك)، فان سياسات الولايات المتحدة تجاه العالم العربي تنطلق من الزعم بأن الكراهية لأمريكا والإرهاب الموجه ضدها ينطلقان من وجود عقائد دينية متطرفة ومن الغيرة من نجاح أمريكا وتقدمها. والصحيح أن تسمى هذه السياسة سياسة مكافحة الاستبداد والطغيان، وهي سياسة مطلوبة لذاتها، خاصة وأن نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة واضح لا ينكر، وهي إما أن تسخر هذا النفوذ لدعم الاستبداد أو محاربته، والخيار الثاني هو الأفضل. ولكن الإشكال الذي يواجه السياسة الأمريكية هو، أولا فقدان المصداقية، وثانيا عدم الجدية في تطبيق السياسات، وهنا تجد الولايات المتحدة نفسها أمام حلقة مفرغة. فهي ترى أن تحسين صورتها في أعين العرب مرتبط بنجاحها في تحقيق الإصلاح الديمقراطي، ولكن نجاحها في دفع مسيرة الإصلاح رهن بمصداقيتها وتحسين صورتها. إضافة إلى ذلك، فإن الشفافية التي تحيط بالجدل الدائر في واشنطن حول السياسات تجاه المنطقة العربية، تجعل المواطن العربي على اطلاع كامل بالدوافع الأمريكية للتدخل في المنطقة، وهي دوافع لا تضع مصلحة هذا المواطن في المقام الأول، بل تضع اعتبارات المصالح الأمريكية أولا، والتوازنات الداخلية والدولية ثانيا، وهذا بدوره يفقد المواطن الثقة في السياسات الأمريكية. وبالمثل، فإن الدعاوى المتصاعدة من واشنطن حول ضرورة إجراء إصلاح ديني إسلامي، والطريقة المكشوفة التي تقوم بها الإدارة وأجهزة مخابراتها بالتدخل في أخص خصائص المؤسسات الدينية الإسلامية، وتدعم بها بعض التيارات الدينية والثقافية، كل هذه وصفة لما يعتبره البعض بأنه حرب دينية جديدة، ستكون لها عواقب مدمرة على العلاقات الأمريكية ـ الإسلامية. والأرجح، أن الإدارة الحالية، التي لا أمل لها بالعودة إلى سدة الحكم بعد الانتخابات المقبلة، لن تُقدم على مراجعة سياساتها لانتهاج أسلوب آخر في التعاطي مع شعوب المنطقة يقوم على الحوار الحقيقي بعيدا عن الدعاية والعلاقات العامة ومناورات المخابرات، مما يجعل مبادرة « ميبي » وسواها من المشاريع الموجهة للمنطقة تدور في حلقة مفرغة، على الأقل في الأمد المنظور. رشيد خشانة – تونس (المصدر: موقع سويس انفو بتاريخ 24 مارس 2006 )


 

خبراء اسرائيليون زاروا إيران:

أذهلنا الفارق مع خطاب العداء العلني

الناصرة – اسعد تلحمي    

 

أفادت صحيفة «يديعوت احرونوت» الاسرائيلية أمس ان ثلاثة مهندسين اسرائيليين عادوا الى تل ابيب، أواخر الاسبوع الماضي قادمين من طهران التي زاروها سراً، بناء لدعوة من جهة رسمية، للمساهمة في إعادة تأهيل بنى تحتية دمرها زلزال قبل سنوات. ونقلت الصحيفة عن الثلاثة ارتياحهم للاستقبال الذي كان من نصيبهم.

 

وقال المهندسون: «ذهلنا من البون الشاسع بين المواجهة العلنية بين اسرائيل وايران وبين عمق التعاون التجاري بين البلدين الذي يقدر بملايين الدولارات سنوياً. استقبلونا بحفاوة ولم نشعر للحظة واحدة بعدوانية تجاهنا».

 

وذكرت الصحيفة ان استعانة طهران بخبراء اسرائيليين جارية منذ 15 عاماً، وقالت ان الأمر يتم عبر استدعاء ايران شركة هولندية متخصصة في الهندسة، أحد أصحابها اسرائيلي، ثم تقوم الشركة بتجنيد خبراء ومهندسين اسرائيليين لتنفيذ العمل المطلوب». وأضافت ان نائب المدير العام لوزارة الزراعة في اقليم بوشهر زار اسرائيل قبل ثلاث سنوات ونصف السنة لفحص امكان تجديد عتاد زراعي استوردته ايران من اسرائيل.

 

وبحسب الصحيفة فإن المهندسين الاسرائيليين الثلاثة الذين عادوا للتو من طهران قدموا خدمات استشارية حول تدعيم جسور واعادة تأهيل بنى تحتية للمياه والصرف الصحي والشوارع، واضافت ان الاسرائيليين ابقوا جوازات سفرهم في هولندا ووصلوا الى طهران بواسطة بطاقات دخول خاصة لم يشر فيها الى جنسيتهم الاسرائيلية.

 

وقال رئيس الوفد الذي لم يكشف عن هويته وهوية المهندسين الآخرين أنهم غادروا هولندا الى دولة أخرى ومنها الى طهران حيث استقبلهم شخص يعمل مع حكومة ايران وتوجهوا نحو مدخل خاص حيث حصلوا على تأشيرات دخول خاصة أعادوها لدى مغادرتهم.

 

وأضاف رئيس الوفد انه ورفيقيه أقاموا في فندق ضخم محاذ لحي تقيم فيه الجالية اليهودية في ايران وأن رجل أمن رافقهم في كل خطواتهم وانهم زاروا المواقع التي أصابها الزلزال «حيث ظهر جلياً العمل الكبير الذي نفذته اسرائيل في البنى التحتية، خصوصاً في الجسور والشوارع الفوقية التي ضربها الزلزال». وتابع انهم وصلوا الى ايران يحملون خرائط بناء سبق لوزير البنى التحتية السابق ارييل شارون ان أرسل بعضها لايران، تشير الى أعمال نفذها الاسرائيليون في البنى التحتية في مواقع ضربها زلزال قبل سنوات». وزاد رئيس الوفد ان زيارته الأخيرة لطهران هي الخامسة منذ 15 عاماً، وقال ان ثمة ازدهاراً في العلاقات التجارية بين اسرائيل وايران في السنوات الأخيرة وفي مجالات مختلفة في مقدمها الزراعة.

 

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 24 أفريل 2006)

 


الفلسطينيون يستعينون بالنكات والزيت والزعتر في مواجهة الحصار وتأخر رواتبهم

اقترحوا تهريب المساعدات من مصر عبر الانفاق.. ونددوا بـ نشر الغسيل في الفضائيات

رام الله ـ القدس العربي ـ من وليد عوض:

 

يقابل الموظفون الفلسطينيون تأخر صرف رواتبهم بسبب الحصار الدولي المفروض علي حكومة حماس، باطلاق النكات علي اساس ان شر البلية ما يضحك .

وامام صعوبة تحويل الاموال المخصصة للحكومة الفلسطينية من الجامعة العربية في القاهرة الي البنوك العاملة في الاراضي الفلسطينية، تقترح احدي النكات ان يتوجه الموظفون علي دفعات من غزة الي مصر للحصول علي رواتبهم من مقر الجامعة مباشرة والعودة .

وبسبب الضغوط المفروضة عليها من عدة اطراف دولية، ترفض البنوك العاملة في الاراضي الفلسطينية صرف الاموال التي تلقتها الحكومة الفلسطينية من دول عربية.

ومن بين الطرق التي يتناولها الموظفون للحصول علي الرواتب، تهريب الاموال في اكياس خاصة من مصر الي غزة، بدل الاسلحة التي طالما تم تهريبها عبر انفاق. ومن النكات الاخري، ان موظفا توجه الي آلة الصرف بجانب احد المصارف، ووضع بطاقة الصرف الالكتروني، وبعد ان ادخل رقمه السري خرجت له رسالة الكترونية تقول لقد تم تحويل راتبك الي حسنات .

وفي نكتة اخري ان شخصا توجه الي ماكينة الصرف الآلي وبعد ان ادخل بطاقته، ظهرت ثلاثة خيارات: زعتر او ملح او زيت، في اشارة الي ما اعلنه رئيس الوزراء الفلسطيني اسماعيل هنية بأن الشعب الفلسطيني سيعتمد علي الزعتر والزيت والملح في مواجهة الحصار المالي.

كما يتذمر ابناء الشعب الفلسطيني من حرب الفضائيات التي يخوضها المتحاورون من ابناء جلدتهم علي شاشاتها، والتشهير ببعضهم البعض.

فأينما ذهبت، واينما جلست، وفي اية سيارة عمومية ركبت في الاراضي الفلسطينية تسمع بشكل دائم تذمر المواطنين من الشخصيات الفلسطينية التي تظهر علي شاشات الفضائيات العربية للتحدث عن الخلافات الفلسطينية الداخلية وكأنها هي المأساة وليس الاحتلال الاسرائيلي.

وينتقد المواطنون الحوارات التي يشارك فيها ضيوف فلسطينيون علي شاشات الفضائيات ليجرحوا بعضهم البعض امام ملايين المشاهدين .

وعبر العديد من المواطنين الفلسطينيين لـ القدس العربي امس عن عدم رضاهم عن تلك الحوارات التي يكون فيها المشاركان يدافعان عن وجهتي نظر مختلفتين.

ويري المواطنون بأن ذلك يدخل في اطار نشر الغسيل الفلسطيني الوسخ علي حد تعبيرهم علي شاشات الفضائيات العربية.

ودأبت العديد من الفضائيات العربية علي استضافة ضيوف فلسطينيين لبرامج حوار يكون فيها الضيفان يحملان وجهات نظر مختلفة حول الشأن الفلسطيني ويحاولان الدفاع عن وجهات نظرهم بتعرية مواقف بعضهم البعض بطريقة بدأ الشارع الفلسطيني ينتقدها بصورة كبيرة بل وينظر اليها بتقزز علي حد قول احد المواطنين.

وقال المهندس جمال الاسمر انه بات يحتقر كل فلسطيني يظهر علي شاشات الفضائيات العربية مقابل فلسطيني اخر ليتحدثا عن الشأن الفلسطيني مثل ديكين يتصارعان بصورة تسيء لابناء الشعب الفلسطيني المناضل .

اما المواطنة خديجة فلاح فقالت بانها تشعر بخجل شديد عندما تشاهد فلسطينيين يصرخون علي بعضهم البعض علي شاشات التلفزيون ، واضافت قائلة والله عيب عليهم .

 

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 24 أفريل 2006)

 


الزهار بالسعودية خاطب الشعب لا النظام

د. مضاوي الرشيد

 

تفتح جولة وزير الخارجية الفلسطيني محمود الزهار علي العواصم العربية من أجل انقاذ الشعب الفلسطيني من ضائقته الاقتصادية ملف موقف الزعامات العربية من قيادة تمثل ارادة هذا الشعب. فبينما يطوف الزهار علي هذه العواصم صاحبة الزعامات الفاقدة لشرعيتها يتمتع هو بتفويض الاكثرية الفلسطينية التي حسمت أمرها واختارت قيادتها نتيجة عملية انتخابات حرة ونزيهة. اعتذرت القيادة المصرية عن لقاء الزهار بالمستوي المطلوب دوليا والمتعارف عليه دبلوماسيا. عند مثل هذه الزيارات يقابل عادة الند بالند ولكن لم يحصل هذا في القاهرة ولكنه حصل في روسيا.

 

ما زالت القيادات العربية تتعامل مع حماس من موقف انتظر لنري عادة موقف الولايات المتحدة يكون الموقف الحاسم وهكذا حصل عندما امتنعت القيادة المصرية من مقابلة الزهار لتنضم الي فريق الناصحين علي صفحات الاعلام العربي والسعودي خاصة. الكل يدعو السلطة الفلسطينية للركوع وكأن الادارة الامريكية لم تكتف بقطع المساعدات بل هي تجند الصحافة العربية لتخلق الجو الذي يجعل الضحية مسؤولا عن عملية الاجرام والتجويع التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني كمكافأة علي ممارسة خياره الديمقراطي. استبقت الصحافة السعودية الزهار بنشر مقالات اشبه ما تكون بنصائح سلطانية تمهد الاجواء وترسل ذبذبات واضحة تنبئ بما سيسمعه وزير الخارجية في الرياض.

 

نصيحتنا للزهار ان لا يخاطب القيادة السعودية بل يجب عليه ان يخاطب الشعب لان موقف هذا الاخير كان منذ البداية موقف المساند الذي لا يقبل بالمزايدة او استغلال القضية الفلسطينية لمصالح سياسية بحتة. يجب علي الزهار ان يطلب تسهيل فتح حساب لمساندة الشعب الفلسطيني في احد بنوك الرياض وسيري بأم عينه النساء يأتين بحليهن وجواهرهن لمناصرة الشعب الفلسطيني في محنته الحالية. سيأتي الرجال من كل مدينة وقرية ليساهموا في انتشال السلطة الفلسطينية من مأزقها المالي الذي ترتب علي الموقف الامريكي والاوروبي الغاشم والمنحاز باتجاه اكبر آلة عسكرية عنصرية عرفها التاريخ والتي تمثلت بالدولة العبرية.

 

سيأتي هؤلاء بتبرعاتهم ليكفروا عن ذنوب قيادتهم وتخاذلها خلال اكثر من سبعة عقود. نذكر الزهار ان تصرفات الزعامات السعودية السابقة لا تزال ترسم الخطوط العريضة للمواقف الحالية من القضية الفلسطينية فقد رسم الآباء الخطوط العريضة وها هم الابناء يسيرون علي الطريق.

 

نذكر الزهار كيف ضغطت القيادة السعودية بايعاز من بريطانيا العظمي علي رجال فلسطين عام 1936 لانهاء الاضراب الذي شل فلسطين لعدة اشهر. ارسل وقتها اندرو ريان ممثل بريطانيا في جدة رسالة الي عبد العزيز بن سعود مفادها ان وقوف الملك السعودي الي جانب القلاقل في فلسطين هو بمثابة الوقوف مع الجانب المعادي لبريطانيا وهذا سيتعارض مع مشاعره الصديقة لبريطانيا العظمي. (رسالة 7/5/1936 ـ الخارجية البريطانية)، عندها رد يوسف ياسين مبعوث الملك السعودي وقال ان مليكه قبل بهذه المعادلة منذ البداية ولكنه سيضطر لبعض عبارات المجاملة في تعامله مع الحاج امين الحسيني. وفي نفس العام ارسل جلالته رسالة الي بريطانيا العظمي يطمئنها انه سيتعامل بطريقته الخاصة مع القبائل البدوية المحتشدة علي الحدود الشمالية كي لا تتجمهر وتثير حماس المنطقة مما قد يؤدي الي تدخل قبلي في سبيل مساعدة ابناء فلسطين. وفي لقاء مع مسؤول بريطاني آخر اعترف الملك أنه خنق مشاعره تجاه الشعب الفلسطيني بسبب صداقته لبريطانيا وسيظل يفعل كذلك من أجل استمرارية هذه الصداقة.

وان انتقلنا الي فصل آخر من فصول المأساة الفلسطينية عام 1947 ـ 1948 فسنجد مراوغات وشعارات واضحة.

 

فبينما رتبت وحدات صغيرة من الجيش السعودي لتذهب الي القاهرة وتغزو فلسطين تحت العلم المصري نجد ان المتطوعين من السعودية شدوا رحالهم لينضموا الي تلك المجموعة التي قررت ان تحارب تحت علمها هي. وما اكثرهم، جاء هؤلاء من الشمال والجنوب والشرق والغرب وسجل التاريخ وجودهم في معركة الشجرة والبردة وزرعين والمنارة وعكا وعيلبون وغيرها من المعارك. وان تساءلنا لماذا اتجهت الوحدات السعودية الرسمية الي القاهرة بينما كان عليها ان تتجه برا الي فلسطين سنضطر ان نفتح ملف الزعامات العربية المتصارعة علي الولايات المتحدة العربية الناشئة وهو ملف كبير لا يخفي علي ذوي البصيرة والذاكرة التاريخية. هذا تاريخ لم نشهده ولكننا قرأناه في أرشيف كبير لم يعد مغلقاً اليوم.

 

اما التاريخ الذي شهدناه فلا يبشر بسوابق تاريخية نفتخر بها. عام 1973 واسطورة المقاطعة النفطية لم تكن لتحصل لولا ان القيادات الوطنية الكويتية ونظيرتها السعودية وما اكثرها في تلك اللحظة الحاسمة ضغطت علي القيادة واجبرتها علي تفعيل سلاح النفط. ومن أجل بناء شرعيات جديدة تحت شعار الصلاة في القدس رضخت السعودية وحبست نفطها لمدة قصيرة جدا. وعندما جاء عصر المبادرات العربية كان النظام السعودي من السباقين منها مبادرة الملك فهد ومن ثم عبد الله.

 

علي خلفية هذه المواقف الرسمية ما علي الزهار الا ان يتجه بخطابه الي الشعب الذي يقطن هذه المنطقة. سيجد هذا الخطاب تفاعلا حقيقيا من قبل شرائح كثيرة في المجتمع السعودي. ستأتي كلها ليس طلبا لتكريس وتسجيل الموقف والمتاجرة بقضية فلسطين كما تعودنا في السابق وانما من منطلق المسؤولية والتضامن الحقيقيين اللذين لا يطلبان منصات اعلامية ولا كاميرات الصحافة لتسجل التضامن والنصرة.

 

يعلم الزهار ان الشعب السعودي لا يستطيع ان يتظاهر ويحتشد مسجلا غضبه لا في قضية فلسطين ولا في اي قضية تخصه هو. كذلك يعلم الزهار ان هذا المجتمع ليس بالمجتمع القوي اذ انه يفتقد لمؤسسات المجتمع المدني. هو محروم من التجمع ومن توزيع المناشير ومن العمل الجماعي. حرام عليه ان يتضامن ويغضب ان اجتاحت اسرائيل جنين ولكنه يتجمهر في ملاعب الكرة وامام سباق النياق والخيول ويتجمهر ايضا ليرقص رقصات العرضة السعودية ولكن اي تجمهر يخرج عن هذا السياق هو فتنة لهذه الأمة وتقويض لوحدتها المزعومة. ان تبرع هذا الشعب بماله للفلسطيني المنكوب هو مجبر ان يتبرع لصناديق يشرف عليها الامراء. فحتي العمل الخيري يحتاج الي الاشراف الاميري فلا يخرج اي عمل خيري شعبي الا من تحت هذه العباءة ولا تتبلور اي مبادرة شعبية الا بمباركة الجهات الرسمية.

اذا كان هذا الواقع الذي يعيشه السعودي تحت ظل هذا النظام قد يتساءل المرء ما فائدة توجيه الخطاب لشعب مقموع مفرغ من مفهوم المبادرة المستقلة المقيد ببريق الدولار او بسيف السلطة؟ هناك فائدة عظيمة من مخاطبة الشعب مباشرة وليس السلطة.

 

اولا: سيحرك هذا الخطاب المجتمع ويهز سكونه اذ ان طاقاته كبيرة ولكنه يعجز عن استغلالها. هناك ثروات لشرائح كبيرة ربما تضيق بها الحسابات البنكية. علّ هذه الشرائح تشعر بالمسؤولية والواجب تجاه من هو أقل حظاً وأسوأ حاضراً. لم يقسّم العرب في الماضي والحاضر مشكلة اكبر من مشكلة غناء الأقلية وفقر الأكثرية وحتي هذه اللحظة لم تجد الأقلية الغنية المتمثلة في الدول النفطية منظومة تمكنها من رفع مستوي الأكثرية الفقيرة دون ان تفقد سيطرتها علي ثروتها المحلية. هذه المعضلة والتي تنتظر الحل حتي هذه اللحظة ترتبت عليها مشاكل كثيرة فلا الدول الغنية حصنت نفسها من غضب الاكثرية ولا استطاعت الدول الفقيرة ان تنهض بنفسها دون مساعدات كانت عادة مرتبطة بالولاء المطلق للمتبرع الموظف والمستقبل للمهارات القادمة من الجوار الفقير. وقف النظام السعودي في وجه اي مشروع شعبي يتجاوز مؤسسات النظام وبذلك كرس عزلته عن المشروع التضامني المباشر مع القضية الفلسطينية الا ما كان ينظم وينسق له من قبل السلطات. عندها فقط يجند المواطن لمشاريع تصب في مصلحة الطبقة الحاكمة والتي تظهرهم بمظهر المناصر لقضايا العرب المصيرية.

 

ثانيا: توجيه الخطاب الي المجتمع السعودي مباشرة يدفعه الي اتخاذ خطوات للمساعدة دون ان تكون هذه الخطوات مرتبطة بشروط واملاءات تصب كلها في مصلحة من يلوح بالضغط الاقتصادي من أجل تسوية سياسية ربما لا تتوافق مع طموحات الناخب الفلسطيني وتوقعاته تجاه قضيته التي ضحي من أجلها ودفع الثمن الغالي. يجب ان توفر الدولة السعودية منصة حرة للزهار من أجل ايصال خطابه مباشرة وهذا لن يكون اختراقا للمجتمع السعودي وتجاوزا لقيادته بل هو تكريس لمبدأ المساواة مع ممثلي الادارة الامريكية في رحلاتهم المكوكية الي العاصمة السعودية وغيرها من المدن الكبري. فما هو حلال علي كارين هيوز مبعوثة بوش ليس حراما علي الزهار. خاطبت الاولي تلميذات سعوديات في مدارسهن مباشرة دون وساطة النظام فلماذا لا يتجول الزهار في مدارس السعودية ويشرح للطلاب المأزق الفلسطيني وتداعياته علي الحياة اليومية لكل فلسطيني. لماذا لا يأتي ومعه فيلم وثائقي عن المعاناة اليومية للفلسطينيين يعرضه علي شرائح مختلفة من المجتمع ام ان هذا التقارب هو حكر علي القنصليات الغربية التي تستعرض ثقافتها وفنونها علي عينة منتقاة من ما يسمي النخب السعودية؟

 

اذا كانت القنصليات هذه قد اخترقت المجتمع عن طريق الفنون والثقافة فلماذا لا يسمح للزهار ان يخاطب شعبا ربما لا يحتاج الي فيلم وثائقي او لوحات فنية.

 

كل ما يحتاجه الزهار هو ضوء اخضر يمكن المجتمع وشرائحه ان ترسل مساعدتها وتودعها في حساب مصرفي كما حصل في دول عربية اخري. المساعدات المباشرة تأتي دون رهان علي مبادرات معينة وضغط مفضوح من أجل القبول بها. هذه المبادرات تقسم القيادة الفلسطينية ولا توحدها. لذلك يجب علي هذه القيادة المنتخبة ان لا تخضع لسلطات متوارثة لا تمثل الا ذاتها وكراسيها او انظمة عاهدت نفسها ان تستمر في رفع الشعارات مجاملة لشعوبها الغاضبة والمتحسرة علي ثرواتها المهدورة والتي لم تحقق القوة السياسية والتي عادة ترتبط بالقوة الاقتصادية وتنتج عنها تلقائيا.

 

(*) كاتبة وباحثة سعودية، لندن

 

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 24 أفريل 2006)


 … وتعقيب آخر على رضوان السيد …

مقترحاتي لم تُفهم جيداً… ولست بصدد سدّ الأبواب

أبو يعرب المرزوقي     

 

أود الإدلاء بملاحظتين:

 

الملاحظة الأولى: كيف يتهمني رضوان السيد بأنني اكتفي بسد الابواب من دون اقتراح حل بديل في حين انني اعتبرت مؤسستي التواصي بالحق للاجتهاد التشريعي والتواصي بالصبر للجهاد التشريعي عمدتي الاجتماع المدني الحديث المشرع لذاته في كل ما ليس فيه نص حول اصناف القيم الخمسة أعني قيم الذوق والرزق والنظر والعمل والوجود واعتبرت الفقهاء يستشارون في ذلك بوصفهم ذوي خبرة في المعرفة بما فيه نص يمكن اللجوء اليهم لجوءنا الى ذوي الخبرة علهم يساعدون السلطة التشريعية التي تنتجها سلطة التواصي بالحق وتحميها سلطة التواصي بالصبر كما هو شأن كل المجتمعات الحديثة، فقيم المجتمع ليست أمراً سهلاً بل هي من اهم معاني الوجود التي يحميها المواطنون بالدفاع عنها وانتخاب من يشرع فيها باسمهم وبمقتضى اخلاق الامة وهي في هذه الحالة الاخلاق الاسلامية.

 

الملاحظة الثانية: لما دحضت نظرية المصالح والمقاصد لم يكن القصد التهديم فلا يوجد ما يستحق التهديم والصديق رضوان نفسه يعترف في هذا التقديم بأن هذين المهربين (المصالح والمقاصد) لم يقدما حلولاً بل ما ظل الباب مفتوحاً لما سماه الخلاء التشريعي في ما ليس فيه نص بل كان قصدي ان أشير الى اصلي استحواذ الفقهاء من حيث هم سلطة قضاء وإفتاء (قضاء تعبدي بين المرء ونفسه عندما يستشير الفقيه في ما له فيه تحير) على السلطة التشريعية التي هي فرض عين على كل المسلمين في ما يمكن فيه التشريع الجماعي كما هو شأن تشريعات العرف غير المعين نظام تشريعه وهو الغالب في مجال الذوق خاصة لأن الذائقة العامة تحدد كما يتحدد الادب الشعبي من دون مؤلف محدد وبمن ينوبونه تنويباً صريحاً من آليات الانتخاب كي يشرع باسمهم بمقتضى اخلاق الامة وهي في هذه الحالة مفروضة أخلاقاً اسلامية، كيف اذاً يفترضني أهدم ولا أبني؟ هل تراه يريد مواصلة اغتصاب الفقهاء لسلطة التشريع نظيراً لاغتصاب الأمراء سلطة التنفيذ فنبقى بين استبدادين، تشريعي باسم القياس على النص القياس الناقل مغالطة لقدسية المقيس عليه الى المقيس ومن ثم الواضع لسلطة روحية تقوم مقام الكنيسة في الديانة النصرانية وان في شكل خفي. ولما كان من بين النصوص نص طاعة اولي الامر وهم العلماء والامراء بات تأسيس سلطان الفقهاء مقدمة لتأسيس سلطان الامراء فيكون الاغتصاب الاول فاتحة تأسيس الاغتصاب الثاني. وكذلك كانت الحال طيلة القرون الاربعة عشر التي مرت.

 

(المصدر: ملحق تراث بصحيفة الحياة الصادرة يوم 15 أفريل 2006)

 

 

التنوير إرثٌ للمستقبل فلماذا فشل عند العرب!

هاشم صالح

 

تنظم المكتبة الوطنية في باريس، وعلى ضفاف نهر السين، معرضاً كبيراً على مدار ثلاثة اشهر (حتى آخر أيار) عن موضوع خطير هو التنوير الفكري الذي حصل في اوروبا ابان القرن الثامن عشر. لكن منظميه، وفي مقدمهم تزفيتان تودوروف، لا يعتقدون أن مشروع التنوير مضى وانتفى. على العكس انه لا يزال حاضراً وضرورياً لعالمنا المعاصر أكثر من أي وقت مضى. ويقول المشرفون عليه ان فكرة المشروع انبثقت قبل اربع سنوات بعد ضربة 11 ايلول الآثمة التي ذكّرت العالم بأن تنوير العقول اذا كان قد انتصر في العالم المتحضر فانه لم يبدأ بعد في العالم الآخر، أي العالم الشرقي وخصوصاً العربي الاسلامي. هذا من دون أن نتحدث عن العالم الروسي الصربي الارثوذكسي، او العالم الهندوسي، او العالم الصيني الكونفوشيوسي، الخ.

 

باختصار فان التنوير لم ينجح حتى الآن الا في اوروبا الغربية واميركا الشمالية، وإن كان قد حقق بعض الاختراقات في العوالم الاخرى. لكن حتى في العالم المتحضر الذي قضى على التعصب الديني كلياً، فان التنوير لا يزال يمثل ضرورة ملحة، وإن لسبب آخر. فالتسطيح الاستهلاكي للعالم، او تحويل العالم كله الى سلعة تجارية على يد العولمة الرأسمالية الكاسحة يهدد ايضاً القيم التنويرية التي ناضل من اجلها فلاسفة كبار ليس أقلهم: جان جاك روسو، فولتير، ديدرو، كوندورسيه، ليسنغ، كانط، هيغل، هولدرلين… الخ. فقيم العدالة الاجتماعية مهددة ايضاً في ظل هذا النوع من العدالة الجائرة التي حولت الانسان نفسه الى سلطة تجارية تباع وتشترى. وهذا مضاد تماماً للقانون الاخلاقي الذي نصّ عليه فيلسوف التنوير الاكبر ايمانويل كانط: ممنوع استخدام الانسان وسيلة لتحقيق هدف ما، او كرجل كرسي. وانما ينبغي النظر اليه دائماً كغاية في ذاته، ككرامة انسانية لا يمكن المتاجرة بها او احتقارها بأي شكل من الاشكال. هذا هو ملخص المبدأ الكانطي الذي يعتبر ان الاقتصاد خلق من اجل الانسان وليس الانسان من اجل الاقتصاد وتراكم الرساميل الى ما لا نهاية. بل ان العلم والتكنولوجيا وكل التقدم المادي والصناعي الذي حصل بعد عصر التنوير كان من اجل الانسان، لان الانسان هو ذروة الذرى وغاية الغايات.

 

لكن الرأسمالية المعاصرة انحرفت في ما بعد عن مبادىء فلسفة التنوير وأوصلتنا الى عالم مختل التوازن بسبب الغنى الفاحش من جهة والفقر الفاحش من جهة اخرى. وهذا مضادّ لفكر فيلسوف آخر كبير من فلاسفة التنوير هو جان جاك روسو الذي انفجر خطابه عن أصل الظلم واللامساواة بين البشر عام 1754 كالقنبلة الموقوتة.

 

معرض باريس ليس موجهاً فقط ضد الاصولية الاسلامية، وإن كان يستهدفها في الدرجة الاولى، انما هو موجه ايضاً ضد كل العتمات الاخرى التي تطبق على الجنس البشري اينما كانت. فمشروع التنوير الذي أسس الحريات الحديثة مدعو من جديد لتبديد عتمات الظلام المتراكمة منذ قرون عديدة في العالم الاسلامي: اي منذ القضاء على الفلسفة والفكر العلمي قبل ثمانية قرون. كما انه مدعو لتذكير الحضارة الغربية بانحرافها عن مبادئ هذا القرن العظيم الذي أسس الحضارة الحديثة كلها.

 

ولمناسبة تنظيم هذا المعرض الكبير عن التنوير ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، نشرت المجلات الفرنسية ملاحق خاصة ودراسات للتعريف به. نذكر من بينها مجلة « ماغازين ليتيرير » الشهرية، ومجلة « التاريخ » التي كتبت بالحروف العريضة على غلافها الخارجي: « فولتير، ديدرو، روسو: لقد اخترعوا الحرية! ». ونذكر ايضاً مجلة « تيليراما » ومجلات اخرى عديدة. الشيء الغريب العجيب هو اني لم أعثر على صدى فعلي لهذا المعرض في الجرائد العربية! أقول ذلك رغم ان المثقفين العرب موجودون في باريس بكثرة وكذلك الصحافة والصحافيين، ولكن يبدو انهم مشغولون بأشياء اخرى اجلّ قيمة.

 

لكن لندخل في صلب الموضوع الآن. ما الذي تقوله « المجلة الادبية » الفرنسية في افتتاحيتها العامة؟ تقول ما معناه: في عام 1784 طرحت احدى جرائد برلين على المثقفين هذا السؤال: ما هو التنوير؟ او ما هي الانوار؟ وقد رد على الاستفتاء العديد من مثقفي المانيا في ذلك الزمان منهم فيلسوفان مهمان: الاول موسى منديلسون. والثاني ايمانويل كانط. ركّز الاول على فعل التنوير نفسه وأعاد صياغة السؤال على النحو الآتي: ما معنى تنوير العقول أو تنوير الناس؟ وقال ان ذلك يعني نشر المعرفة العلمية او العقلانية الى اقصى حد ممكن ضمن حدود الاطار الاجتماعي.

 

اما رد كانط فكان اكثر راديكالية كما هو متوقع. ففي رأيه ان الانوار تعني الاستخدام الحر للعقل وتشكيل رأي عام مستنير في المجتمع. كما انه يعني انتقال الانسان من مرحلة القصور العقلي الى رحلة سن الرشد، والا فإنه لن يستطيع استخدام عقله بشكل حر. ولكن الكلام شيء والعقل شيء آخر. فالانسان مقيّد بالاصفاد، اصفاد الطائفة والتراث الديني، ولا يتجرأ تالياً على استخدام عقله بشكل شخصي وحر. لذا أنهى كانط خطابه بالعبارة الشهيرة: تجرأ على استخدام عقلك ايها الانسان! أي تجرأ على كسر قيودك وأصفادك، على التحرر من كل الاحكام المسبقة ذات الطبيعة الطائفية او المذهبية او الغيبية عموماً. تجرأ على ان تتحرر من كاهنك او شيخك او حتى مما ربّاك عليه أمك وابوك اذا لزم الامر. تجرأ للمرة الاولى في حياتك على ان تفكر بنفسك بدون وصاية من أحد عليك.

 

هكذا نلاحظ ان التنوير عملية صعبة جداً وليس من السهل التوصل اليه حتى لو حاولنا جاهدين. فهو ينطوي على حركتين: الاولى سلبية تدميرية، والثانية ايجابية تعميرية. في المرحلة الاولى ينبغي لك ان تتخلى عن كل ما تربيت عليه في طفولتك او قسم كبير منه وفي المرحلة الثانية ينبغي لك ان تنشئ محلها يقينيات جديدة قائمة على الفعل والمنطق فقط. انه يعني موتك وولادتك من جديد! يعني تحويلك الى أنقاض ولو للحظة ثم بناء قصر منيف متين على هذه الانقاض بالذات.

 

مهما يكن من أمر فان المناقشات التي شغلت فلاسفة التنوير في القرن الثامن عشر، اي قبل مئتي عام، لا تزال تشغلنا حتى اليوم، وخصوصاً في العالم غير الاوروبي الذي لم يشهد التنوير حتى الآن. أقصد بها تلك المناقشات العنيفة التي جرت بين العقل والايمان، او بين التعصب والتسامح، او بين الخصوصية والكونية، او بين الاستبداد السياسي والديموقراطية، او بين الشريعة الدينية وحقوق الانسان او بين العلمانية والنظام التيوقراطي الكهنوتي… الخ.

 

البروفسور دانييل روش احد المختصين الفرنسيين بعصر التنوير يقول لك ما يأتي: التنوير هو ثورة فكرية شاملة لم يشهد لها التاريخ مثيلاً من قبل. وقد بدأت في اوروبا قبل القرن الثامن عشر وبالتحديد بعد عام 1650، اي بعد منتصف القرن السابع عشر عندما تجرأ فلاسفة اوروبا للمرة الاولى على نقد الاديان وخصوصا الدوغمائية الكاثوليكية والدوغمائية البروتستانتية. وكان في طليعتهم هوبز، سبينوزا، لايبنتز، لوك، بايل ثم زعيمهم كلهم الذين خرجوا من معطفه: رينه ديكارت.

 

كان التنوير عبارة عن حركة طويلة، بطيئة، صبورة، ادت الى لغم كل العقائد التقليدية ونخرها من الداخل شيئاً فشيئاً، ثم اسقاطها وانشاء صرح الحضارة الحديثة على انقاضها. هذا هو التنوير في جوهره: حركة تفكيكية شاملة ذات جرأة مرعبة لا يكاد الاوروبي المعاصر ان يعرف معناها وموتها الآن لأنه ينعم بثمارها. انه يجهل ان اسلافه الذين قاموا بها كانوا يخاطرون برؤوسهم بكل بساطة، تماما كما يحصل الآن لكل مثقف نقدي في العالم العربي او الاسلامي.

 

فالتنوير يعني ايضاً التحرر من الرؤيا القديمة للعالم، وهي رؤيا قائمة على التفسيرات الغيبية والدينية للكون. انه يعني احلال الرؤيا العلمية او الفلسفية محلها. لكن المشكلة ان الرؤيا القديمة كانت راسخة في العقول منذ مئات السنين، وتالياً كيف يمكن التخلي عنها؟ كيف يمكن اقتلاعها؟ ومن يتجرأ على ذلك؟ انه لمجنون ذلك الشخص الذي يفكر في ذلك مجرد تفكير. لكن هذا ما فعله فلاسفة اوروبا الذين انخرطوا في اكبر مغامرة عرفها تاريخ الفكر البشري حتى الآن. وكانت نتيجة هذه المغامرة: كل الحضارة  الحديثة. لهذا السبب قلنا ان التنوير يعني اولاً التفكيك قبل التركيب والهدم قبل البناء.

 

اذ كيف يمكن ان تبني على ركام من الأخطاء؟ في هذا المعنى فالتنوير يشبه البلدوزر الذي اكتسح في طريقه كل شيء. ولهذا السبب فان المعارك التي خاضها مع رجال الدين كانت من العنف بمكان. وقد استخدمت فيه كل الاسلحة، المباحة وغير المباحة حتى انتصر طرف على طرف آخر.

 

لقد فكك فلاسفة التنوير كل القصائد الدينية لجميع الطوائف دون استثناء، ونزعوا القدسية عنها وكشفوا عن تاريخيتها وحرروا الناس من هيمنتها الرهيبة على العقول. وتالياً فالتنوير يعني في احد معانيه: نزع القدسية عن الاشياء لكي تبدو على حقيقتها. فبعد التنوير مثلاً لم يعد شخص البابا مقدساً ولا معصوماً. وبعد التنوير لم يعد الايمان بشكل اعمى وارداً ولا مقبولاً. وبعد التنوير سقطت كل التفسيرات القديمة للعالم وحلت محلها التفسيرات الفيزيائية او الطبيعية: اي تفسيرات غاليليو وديكارت وكيبلر وخصوصا نيوتن. عندئذ عاش الوعي المسيحي الاوروبي اكبر أزمة في حياته، أزمة كادت ان تودي به من الناحية النفسية. لكنه خرج منها سالما كأقوى ما يكون.

 

والدليل على ذلك كل هذه الحضارة الحديثة التي تبهر الأبصار في باريس وبرلين وروما ولندن ونيويورك وامستردام واستوكهولم… الخ.

 

فالأزمة التي لا تقتلني، تنعشني، تحفزني، تقويني. عندئذ انطلق الوعي الاوروبي للسيطرة على الطبيعة والعالم بعدما انتصر على نفسه في اكبر معركة شرسة تخوضها الذات ضد ذاتها. لا، لم يكن من السهل على الاوروبيين ان يتخلوا عن اقوال الآباء والاجداد والقديسين ورجال الدين ويعتنقوا أقوال الفيزيائيين والكيميائيين والبيولوجيين والفلاسفة الدهريين. لم يكن من السهل عليهم ان يتخلوا عن عقائد ويقينيات متجذرة في عروقهم ودمائهم مسيطرة على عقلياتهم منذ مئات السنين.

 

لماذا فشل مشروع التنوير العربي؟

 

العربي الوحيد الذي ساهم في هذا المعرض الكبير هو الباحث التونسي عبد الوهاب المؤدب، الكاتب والشاعر واستاذ الادب المقارن في جامعة نانتير، باريس العاشرة، بضواحي باريس. فقد قدم بحثاً مطولاً عن الجهة العربية، مثلما قدمت الباحثة آن شينغ بحثاً عن حالة التنوير في الصين، وكذلك فعل آخرون عن كيفية انتقال التنوير الى الهند، او اليابان، او افريقيا السوداء، او اميركا اللاتينية. وكل هذه المداخلات جمعت بين دفتي كتاب ضخم وثري يباع على هامش المعرض. فالتنوير ظاهرة كونية تخص البشر كلهم، وقد انتقل من اوروبا الغربية الى بقية النطاقات الحضارية الاخرى بعد الثورة الفرنسية، اي في القرن التاسع عشر. وكان له مصير فاشل او ناجح بحسب الظروف والمنعطفات والخصوصيات التاريخية. لكن من الواضح انه فشل في العالم العربي الاسلامي، او انه لم ينغرس في الارض الثقافية او العقلية الجماعية عميقا. والدليل على ذلك انتشار الحركات الاصولية بمثل هذا الزخم والقوة في شتى انحاء العالم العربي والاسلامي. ولهذا السبب فان عبد الوهاب المؤدب يخلع على دراسته العنوان الآتي: « الاسلام والتنوير: الموعد الخائب! »، او الموعد الذي لم يعط ثماره. وفيها يرى ان التنوير كحركة فكرية دخل الى ارض الاسلام بعد حملة نابوليون بونابرت على مصر عام 1798. فهذه الحملة احدثت صدمة استيقاظية عنيفة في كل انحاء الشرق العربي. لماذا؟ لأن الاسلام كان نائماً على التاريخ نومة أهل الكف منذ قرون. وفجأة يستيقظ على وقع سنابك الفاتحين ويكتشف مدى تأخره بالقياس الى اوروبا. ولم يكن من السهل على العالم العربي الذي يعتقد بأنه يمتلك الحقيقة المطلقة، اي الدين الوحيد الصحيح، ان يكتشف ان هؤلاء المسيحيين قد سبقوه في مجال العلم والتكنولوجيا وكل شيء. حقاً، لقد كان الاستيقاظ صعباً وعنيفاً. وبما ان قانون التاريخ منذ ابن خلدون على الاقل يقول ان المتأخر يقلّد عادة المتقدم، فان المسلمين بدأوا ينقلون عن اوروبا علومها وفلسفاتها. وهكذا ابتدأت تلك الحركة المشهورة باسم « التنظيمات » في الامبراطورية العثمانية على يد السلطانين محمود الثاني (1808 1839) وعبد المجيد الاول (1839 1861). لكن كان قد سبقهما الى محبة الحضارة الاوروبية والاعجاب بها والي مصر محمد علي باشا (1805 1849). وعندئذ حاول المثقفون المسلمون ان يقنعوا مواطنيهم بان الانوار الاوروبية لا تتعارض مع التراث الاسلامي او على الأقل مع أحد تياراته وتفسيراته. واستندوا بذلك الى نظرية ابن عربي (1165 1240) التي تجاوزت الحدود في الانفتاح على العقائد والاديان الأخرى. وهي النظرية التي تتلخص في الابيات الرائعة التالية التي قل نظيرها في التراث الاسلامي والتي يكفّره عليها الاصوليون من جماعة التوحيد والجهاد على مواقع الانترنت:

 

لقد صار قلبي قابلاً كل صورة

 

فمرعى لغزلان ودير لرهبان

 

وبيت لأوثان وكعبة طائف

 

وألواح توراة ومصحف قرآن

 

أدين بدين الحب أنَّى توجهت

 

ركائبه فالحب ديني وإيماني

 

هذه الابيات بحسب عبد الوهاب المؤدب تؤدي الى تحويل الاعتقاد القرآني الى اعتقاد نسبي من طريق اعطاء الصدقية لجميع الاديان والاعتقادات الاخرى بما فيها الاعتقاد الوثني! وهذا الانفتاح المدهش لابن عربي والذي لا يكاد يصدق، يصدم المسلم الارثوذكسي (اي الاصولي) في الصميم ويزعزعه من الداخل. لكن الايمان بوحدة الوجود على طريقة ابن عربي يجعل من السهل إقامة المصالحة مع فلسفة التنوير على طريقة سبينوزا مثلاً او حتى فولتير وروسو ومعظم فلاسفة اوروبا. وهذا ما دفع بالعديد من المسلمين المستنيرين الى تقبل الرسالة الماسونية كما فعل احد تلامذة ابن عربي الكبار الامير العظيم عبد القادر الجزائري (1807-1883).

 

ويرى المؤدب الذي ننقل هنا مع بعض التصرف أفكاره ان علماء المسلمين من أمثال محمد عبده (1849-1905) أعادوا للعقل احترامه في ارض الاسلام بعد طول غياب وانقطاع. وقد فعلوا ذلك لكي يواجهوا التحدي الحضاري لاوروبا، ويحققوا بعض المصالحة بين التراث الاسلامي وفلسفة التنوير الوافدة. وقد وصل الأمر بمفتي الديار المصرية الذي احتفلنا بمرور مئة عام على وفاته العام الماضي الى حد القول انه اذا نشب اي خلاف بين العقل والدين فان الكلمة الاخيرة ينبغي ان تكون للعقل. وهذا الموقف الجريء أزعج المحافظين جداً فاتهموه بالعمالة للانكليز! وهو الموقف نفسه الذي اتخذه ابن رشد قبل ثمانمئة عام، لكن من دون جدوى. فالنقل انتصر على العقل طوال عصور الانحطاط في كل العالم الاسلامي وشاعت مقولة: من تمنطق فقد تزندق! واصبحت الفلسفة تعني الكفر او الخروج على الاسلام.

 

يضاف الى ذلك ان الإمام محمد عبده أباح اللجوء الى البدعة اذا كانت مفيدة للمصلحة العامة (البدعة هي الاختراع الجديد الآتي من اوروبا). ثم أصدر بعض الفتاوى الجريئة الاخرى التي تبيح الفائدة في البنوك وتخلع المشروعية على سنّ الدستور اي دستور الحكم لأول مرة في الامبراطورية العثمانية. ومعلوم ان السلطان كان يحكم بشكل تعسفي مطلق قبل ذلك وبحسب نزواته. وقبل الإمام محمد عبده بزمن طويل اعترف احد فقهاء القاهرة ويدعى الزرقاني (1710) بانه ليس من الغريب ان تتأقلم القوانين مع الظروف المستجدة. وهذا يعني ان الشرع او التشريع لا ينبغي ان يكون جامداً أبدياً سرمدياً.

 

ثم استمرت حركة التنوير العقلاني في مصر بعد موت محمد عبده على يد قاسم أمين الذي نشر بين عامي 1898 و1900 كتابين يدعوان الى تحرير المرأة واختلاطها بالرجال ومساهمتها في التربية والتعليم وتطوير المجتمع ونزع الحجاب! لكن بعد مئة عام على ذلك التاريخ يريدون إعادة المرأة الى الحجاب ليس فقط في العالم العربي او الاسلامي وانما حتى هنا في فرنسا. فيا له من تراجع لحركة التنوير، يا له من فشل ذريع! كان قاسم امين يقول بما معناه: ان تحرير المرأة يعني تخليصها من الحجاب وتمتعها بالحرية والمساواة تماماً كالرجل. فمن يتجرأ على قول ذلك الآن في بعض البلدان العربية والاسلامية؟

 

بعدئذ ظهر الشيخ علي عبد الرازق (1888 1966) صاحب « كتاب الاسلام واصول الحكم » (1925)، وفيه يقول ان مفهوم الدولة الاسلامية لم يوجد قط في الماضي. فنظام الخلافة في أوج مجده أيام الامويين والعباسيين لم يولد شكلاً جديداً للحكم وانما استعار الشكل الذي وجده في البلاد المفتوحة موروثاً عن البيزنطيين والفرس. وهو نظام أثبت فاعليته الإدارية والعسكرية فاستعاره المسلمون من الحضارات السابقة وتبنّوه دون اي مشكلة. ويستنتج علي عبد الرازق من ذلك ما يأتي: اذا كان المسلمون الأوائل قد قلدوا الفرس والبيزنطيين فلماذا لا نقلّد نحن اليوم الاوروبيين في افضل ما أعطوه؟! في معنى آخر فاننا في حاجة الى دولة حديثة تستوحي النموذج الاوروبي المتولد عن عصر التنوير.

 

ويرى الشيخ علي عبد الرازق ان الشيء المهم في تجربة النبي محمد ليس القدرة العسكرية او السلطوية وانما الهداية الروحية والاخلاقية. فالاسلام رسالة الهية وليس نظاماً للحكم. انه دين لا دولة وكفى. وتالياً ينبغي ان ينفصل الدين عن الدولة لكي نشكل دولة حديثة لكل المواطنين وليس لأتباع دين واحد او مذهب واحد (الفرقة الناجية).

 

ثم جاء اخيراً مفكر التنوير الأكبر في القرن العشرين طه حسين (1889 1973) وقال ان مصر ساهمت من خلال الاسكندرية في تشكيل الثقافة الاغريقية، اي الاوروبية، ثم ذكّر مواطنيه بالدور الكبير الذي لعبته الفلسفة الاغريقية في تشكيل الثقافة العربية في العصر الكلاسيكي المجيد، عصر الرشيد والمأمون وسواهما. وتالياً لماذا كل هذا الفصل التعسفي بين الثقافة الاوروبية والثقافة العربية الاسلامية، لماذا نعتبر انه يفصل بيننا وبينهم سور الصين في حين اننا من معدن واحد واننا تفاعلنا مع بعضنا البعض اكثر من مرة، وقد اراد حسين بذلك ان يخلع المشروعية على الاستفادة من فلسفة التنوير والتفاعل الايجابي مع الحداثة الاوروبية. لكنهم لعنوه ورجموه واتهموه بالعمالة والخيانة الى درجة ان جان كوكتو عندما زار مصر في الاربعينات من القرن الماضي قال هذه العبارة الرائعة: مشكلة طه حسين انه يرى الى ابعد مما تستطيع مصر ان تتحمله! انه كثير على مصر والعرب. مثلما كان ابي عربي كثيرا عليهم، وكذلك ابن رشد، وابن خلدون، والمعري، وكل الخلاقين الكبار.

 

اربعة اسباب

 

وهنا يطرح السؤال نفسه: لماذا فشلت كل هذه المحاولات في تنوير العرب والمسلمين؟ لماذا لم تستطع نقلهم من عصر الظلمات والقرون الوسطى والتقوقع المرضي على الذات الى عصر الانوار والانفتاح والطفرة المعرفية الكبرى.

 

للجواب عن هذا السؤال يقول عبد الوهاب المؤدب ما معناه: ان الحالة الراهنة للمجتمعات العربية والاسلامية تثبت لنا ليس فقط ان التنوير لم يكن كافيا وانما كان مخيبا للآمال. بمعنى انه لم يستطع ان ينجح ويترسخ عميقا في الارض. ففي كل مكان نلاحظ هيمنة الاستبداد السياسي، والتعصب الديني والبؤس الاقتصادي وسوء التنمية، وانتشار العقلية الخرافية والظلامية في شرائح واسعة من الشعب بل وحتى من المثقفين. وكلها اشياء نجحت فلسفة التنوير في القضاء عليها في اوروبا. من هنا روعة التنوير وعظمة مشروعه فكريا وسياسيا. انه مشروع تحريري بكل ما للكلمة من معنى. وهناك ثلاثة اسباب ادت الى فشله في العالم العربي الاسلامي وانتصار الحركات الاصولية عليه واكتساحها للساحة كليا او بشكل شبه كلي:

 

السبب الأول ان سياسة التحديث التي اتبعت منذ ايام محمد علي قبل مئتي عام ركزت على نقل التكنولوجيا لا الفلسفة العميقة التي تقف خلف هذه التكنولوجيا بالذات. لقد اعتقدت انه في الامكان نقل التكنولوجيا والمحافظة على عقائدنا الخاصة كما هي من دون اي مراجعة نقدية. وبما ان اليابانيين فعلوا ذلك وانتصروا على روسيا بفضل سيطرتهم على التكنولوجيا الاوروبية مع محافظتهم على تراثهم وتقاليدهم فاننا اعتقدنا، او اعتقدت فئة من المثقفين العرب، انه ينبغي ان نقلدهم في ذلك لكيلا نفقد روحنا او اصالتنا. وفاتهم ان موقف اليابانيين هذا ادى الى الفاشية العسكرية لاحقا. لا ريب في ان زرع التنوير في مجتمع لم يستفد من المكاسب المادية والازدهار الاقتصادي الناتج من التكنولوجيا امر يصعب تصوره. لكن استيراد بلد ما للتكنولوجيا وحدها، لا يعني في الضرورة انتصار التنوير فيه. انه شرط ضروري لكنه ليس كافيا.

 

اما السبب الثاني لفشل التنوير في العالم العربي والاسلامي في مجمله فيعود الى الخوف من الفكر الراديكالي، اي الجذري العميق. لماذا الخوف؟ لأن هذا الفكر يدعو الى القطيعة مع الماضي الى الانفصال عن التراث المقدس. وفلاسفة اوروبا هم وحدهم تجرأوا على احداث القطيعة مع التراث المسيحي وإن بدرجات متفاوتة. اما المثقفون العرب فقد ارتعدت فرائصهم فزعاً امام هذه القفزة في المجهول، او في الفراغ، او في العدم. ورأوا فيها نوعا من الخيانة للذات التاريخية او للهوية الجماعية. لذا رفضوا الانخراط في مغامرة غير مضمونة العواقب. وهكذا وقفوا في منتصف الطريق، ولذلك لم يحسم اي شيء حتى الآن في العالم العربي.

 

اما السبب الثالث الذي ادى الى كبح مشروع التنوير وايقافه عند حده فيعود الى رد الفعل العنيف لحركة « الاخوان المسلمين » ضد الحضارة الغربية بدءا من اواخر عشرينات القرن الماضي. فقد شكلوا جبهة متزمتة متراصة وقوية ضد الانفتاح الفكري للامام محمد عبده، وعلي عبد الرازق، وطه حسين وكل مثقفي النهضة العربية. ثم جاء المال البترولي المتدفق بغزارة بعد صدمة 1973 لكي يعطي دفعة هائلة للحركات الاصولية والشعبوية الاكثر تخلفا، فراحت تهجم بعنف على كل ممثلي التنوير الفكري في العالم العربي الى درجة انك لم تعد تستطيع ان تذكر اسم طه حسين في بعض الجرائد والمجلات. يضاف الى ذلك التزايد الديموغرافي الهائل للسكان وتحويل التعليم من نوعي الى كمي، وكذلك نكبة فلسطين. تضافرت هذه العوامل كلها لقتل الفكر النقدي واغلاق العصر الليبيرالي العربي لمدة خمسين عاما على الاقل.

 

هناك سبب آخر ساهم في افشال التنوير في العالم العربي ولا يمكن ان نستهين به هو: التناقض الفاضح بين المبادىء المثالية المعلنة والسياسة الاوروبية الغربية على ارض الواقع بدءا من عصر الاستعمار في القرن التاسع عشر وانتهاء بمأساة فلسطين. وقد انتبه الى ذلك بشكل مبكر حمدان خوجة عام 1834: اي بعد اربع سنوات فقط من احتلال الفرنسيين للجزائر. وقال ما معناه: انهم بغزوهم للجزائر وسلبهم ارادة شعب بأكمله وجهوا ضربة موجعة الى مبادىء الثورة الفرنسية عام 1789

 

(المصدر: الملحق الثقافي لصحيفة النهار البيروتية بتاريخ 16 أفريل 2006)

وصلة الموضوع: http://www.annahar.com/cults/


Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.