الاثنين، 16 يناير 2006

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
6 ème année, N° 2065 du 16.01.2006

 archives : www.tunisnews.net


قدس برس: كبير الحاخامات اليهود في تونس يزور تل أبيب لأول مرة 

إيلاف: إمتعاض المغاربة والموريتانيين من احتكار تونس للمنصب الصباح الأسبوعي: تحديد التزامات الإدارة تجاه المواطن أخبار تونس: عودة الوفد الرسمي للحجيج التونسيين من البقاع المقدسة الصباح الأسبوعي: صوفية صادق… سعاد محاسن وزهيرة سالم أدّيـْـن مناسك الحج القدس العربي: تونيزيانا تستأثر بـ40 بالمئة من سوق الهاتف الجوال بتونس الصباح الأسبوعي:  خمسينية الاستقلال :معرض ضخم في قصر المعارض بالكرم وصور ووثائق نادرة تعرض لأول مرة
 العربية.نت: عجوز تونسي يقتل زوجته بسبب « سحر » أفقده قدرته الجنسية
العربية.نت: منظم حفلات تونسي يقرر الحجر على أجر كاظم الساهر بمهرجان الدوحة

مرسل الكسيبي: ولتونس حزبها السري .. العقبة الكبرى أمام أي إصلاح

الهادي بريك: إذا كنت لا محالة ظالما فأجتنب مرتعين وقع في الثالث

د. منجية السوائحي: فتاوى القتل المخفي

 

نوفل المعاوي: حركة النهضة التونسية: الهجمة على التيار السلفي, هل هي عرض لحرب بالوكالة؟ (1 من 2)
توفيق المديني: مرحلة جديدة من التشكيك في الكيان الصهيوني د. خالد شوكات : عن الضغوط الأمريكية على سوريا!  جمال العرفاوي: أسد بلا مخالب
صالح بشير: لماذا لا يحقّ لإيران أن تمتلك السلاح النووي؟
برهان غليون: تـفـجـيـر الـعـالــم الــعــربــي   مطاع صفدي: مأزق المعارضة بين الوطنية المهددة والديمقراطية المؤجّلة المبروك بن عبدالعزيز: الإسلاميون والانتخابات العربية


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows )

To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).

 

افراج
 

لقد افرج اليوم 16/01/2006 على السيد ادريس النويوي من سجن ايقافه و حضر للدفاع عنه الأساتذة الأساذ رابح الخرايفي و الهادي المناعي و سعيد المشيشي

و سوف لن يلتحق بمنزله الكائن بحمام بورقيبة ، لأن هناك قضية اخرى متعلقة به لدى محكمة صفاقس هذا ما ذكره المتهم عند حديثه مباشرة مع الإستاذ رابح الخرايفي

المحامي 


كبير الحاخامات اليهود في تونس يزور تل أبيب لأول مرة

 

الناصرة (فلسطين) – خدمة قدس برس

 

قالت الإذاعة العبرية إن حاييم بيتان الحاخام الأكبر للجالية اليهودية في تونس بدأ الليلة الماضية زيارة رسمية إلى تل أبيب، وذلك بعد شهرين تقريباً من زيارة سيلفان شالوم وزير الخارجية الإسرائيلي المستقيل إلى تونس مسقط رأسه

 

وذكرت الإذاعة أن هذه الزيارة التي تعد الأولى من نوعها التي يقوم بها الحاخام الأكبر للجالية اليهودية تمت بموافقة السلطات التونسية. وقالت إن الحاخام بيتان سيعقد مؤتمرً صحفيا مشتركا مع النائبين سيلفان شالوم وإيلي يشاي.

 

وبحسب ما نشر فإن هذه الزيارة تهدف إلى « توثيق أواصر الصداقة بين أبناء الجالية اليهودية التونسية والإسرائيليين المنحدرين من أصل تونسي ».

 

يذكر أن عدد الجالية اليهودية في تونس الآن يقدر بنحو ألف نسمة.

 

(المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال بتاريخ 16 جانفي 2006)

وصلة الخبر: http://www.qudspress.com/data/aspx/d45/16725.aspx

 


إمتعاض المغاربة والموريتانيين من احتكار تونس للمنصب

اتحاد المغرب العربي يستبدل بولعراس ببن يحيى

سكينة اصنيب من نواكشوط    حل الحبيب بولعراس الأمين العام لاتحاد المغرب العربي بالعاصمة الموريتانية نواكشوط في زيارة هي الأخيرة له بصفته أمينا عاما للاتحاد قبل أن يخلفه الحبيب بن يحيى وزير الخارجية التونسي السابق أمينا عاما جديدا لاتحاد المغرب العربي الذي أسس عام 1989 ويضم خمس دول هي موريتانيا والمغرب والجزائر وتونس وليبيا ويوجد مقره بالعاصمة المغربية الرباط. ومن المتوقع أن يجري الحبيب بولعراس خلال هذه الزيارة مباحثات مع المسؤولين الموريتانيين حول الأوضاع الحالية والمستقبلية للاتحاد، وسيستعرض حصيلة ما أنجز طوال فترة توليه رئاسة الأمانة العامة للاتحاد.   وطبقا لمصادر ديبلوماسية فان بولعراس يروم من زيارته تهدئة خاطر الموريتانيين بعد استياء نواكشوط غير الرسمي من احتكار تونس لمنصب الأمين العام للاتحاد في إشارة إلى إصرار التونسيين على فرض الحبيب بن يحيى وزير الخارجية التونسي السابق مكان الحبيب بولعراس المستقيل.   وكانت مصادر ديبلوماسية موريتانية أبدت رغبتها في أن يتم تدوير المنصب بدل التعيين واحتكار المنصب من طرف دولة واحدة وهو نفس الموقف الذي تبنته أوساط ديبلوماسية مغربية والتي كانت تأمل بأن يتمخض عن اجتماع وزراء خارجية اتحاد المغرب العربي في طرابلس مؤخرا اعتماد صيغة جديدة لتولي منصب الأمين العام.   وتغذي الحصيلة الهزيلة لنشاط الأمانة العامة التي بقيت عند تونس منذ تأسيس الاتحاد عام 1989، تمرد المغاربة والموريتانيين على رئاسة تونس للاتحاد، معتبرين أنها فشلت في عقد قمة مغاربية منذ آخر مرة التأمت فيها بتونس عام 1994، إلا أن آراء أخرى ترى في هذا القول ظلما كبيرا لتونس، لأن اتحاد المغرب العربي يعيش أزمة منذ العام 1995 بسبب الخلاف الحاد بين المغرب والجزائر بشأن النزاع حول الصحراء ودعم الجزائريين لجبهة البوليساريو المسلحة، وهو خلاف يفوق قدرة التونسيين على حله واقناع الأطراف بالاجتماع.  وقد برر الحبيب بولعراس استقالته لـ »أسباب صحية » لكن بعض الأوساط تؤكد أن فشله المتكرر في جمع القادة المغاربيين في قمة كان الدافع الرئيسي للاستقالة.   وقد تم تعيين وزير الخارجية التونسي الأسبق الحبيب بن يحيى أمينا عاما للاتحاد المغاربي لمدة ثلاث سنوات خلال اجتماع وزراء الخارجية في العاصمة الليبية طرابلس قبل أسبوع، ويتوقع أن يبدأ الأمين العام الجديد الذي تولى حقيبة الخارجية التونسية لعشر سنوات عمله في الأول من فبراير (شباط) المقبل.   (المصدر: موقع إيلاف بتاريخ 16 جانفي 2006)  

في منشور صادر عن الوزارة الأولى

تحديد التزامات الإدارة تجاه المواطن

 تونس – الاسبوعي   تنفيذا للبرنامج الرئاسي وخاصة النقطة المتعلقة بإدارة تخدم المواطن وتهيئ لاقتصاد جديد تم وضع جملة من الالتزامات تعتبر قاسما مشتركا بين المصالح الادارية العمومية خصوصا منها التي لها علاقة مباشرة بالعموم وتم تضمينها بمعلقة نموذجية .   وجاء في منشور صادر مؤخرا عن الوزارة الاولى استعراض أهم الالتزامات المتحورة خاصة حول :   -توفير القبول الحسن لكل مواطن وإرشاده وتوجيهه للحصول على الخدمة الادارية في أفضل الظروف وايلاء عناية خاصة للمواطنين ذوي الاحتياجات الخصوصية.   – الرد على كل المكالمات في حينها اذا توفرت عناصر الاجابة او في اجل اقصاه 24 ساعة اذا استوجب الموضوع مراجعة المصالح المختصة لتقديم إجابة دقيقة.   – الرد على كل بريد الكتروني في اجل لا يتجاوز 48 ساعة.   – الرد على كل بريد موجه للادارة في اجل اقصاه 21 يوما من تاريخ وصوله الى الادارة المعنية بإسداء الخدمة مع تحليل على اجابة وفقا لمقتضيات التراتيب الجاري بها العمل.   ولابراز الالتزامات المذكورة لدى الادارة والمتعاملين معها تمت دعوة كل المصالح  العمومية من إدارات وبلديات ومنشآت عمومية اى امضاء المعلقة من قبل رئيس الهيكل المعني ووضعها في اطار وتعليقها بكل فضاء استقبال تابع للمصلحة وبأماكن بارزة وواضحة للعموم مع دعوة كافة الاعوان الى تنفيذ الالتزامات الواردة بها بكل حزم ودقة وكذلك وضع نظام دقيق لمتابعة معالجة البريد والمكالمات الواردة من المتعاملين مع الادارة .   علما بأنه تمت دعوة كل الادارات والبلديات لاتخاذ التدابير اللازمة لتحسيس أعوان الإدارة بأهمية هذه الالتزامات ومتابعة تنفيذها.   أبو أكرم   (المصدر: صحيفة « الصباح الأسبوعي » الصادرة يوم 16 جانفي 2006)  

حرم رئيس الجمهورية تكرم ثلة من الأطفال المبدعين

  في إطار التظاهرات التي تقام بمناسبة اليوم الوطني للطفولة أكرمت السيدة ليلى بن علي حرم رئيس الجمهورية ثلة من الأطفال الذين تالقوا في الملتقيات الوطنية و الجهوية للأطفال المبدعين التي أقيمت في هذا الاطار.   واطلعت السيدة ليلى بن علي بالمناسبة على عينات من إبداعات هؤلاء الاطفال والمتصلة بمجالات الإعلامية والعلوم والرسم والموسيقى والآداب والرياضة معبرة عن تشجيعها لهم ومثمنة ما يحظون به من رعاية وتأطير لمواصلة ابداعاتهم وتيسير اندماجهم في مختلف الانشطة العلمية والثقافية والرياضية المتصلة بالطفولة.   وتولت حرم رئيس الدولة تسليم جوائز لهوءلاء الاطفال وهم :   محمد علي العيارى ( نادى الشبان والعلم بمجاز الباب)   مريم الونيسي ( نادى الاطفال بالمدرسة الوطنية للادارة)   نسرين خليفاتي ( نادى السباحة ببن عروس)   سليمة السيد ( المركز الوطني للاعلامية للطفل المعوق)   نورشان الجوادى ( نادى الموءانسة والفنون بدار الاتحاف بسليانة)   ليلى الشريف ( قرية الاطفال س و س سليانة)   (المصدر: موقع « أخبار تونس » الرسمي بتاريخ 16 جانفي 2006)  


تنكيس الإعلام في تونس لمدة ثلاثة أيام حدادا على المغفور له أمير دولة الكويت

  قرر الرئيس زين العابدين بن علي تنكيس الإعلام الوطنية على المباني والإدارات والأماكن العمومية وسفارات تونس بالخارج لمدة ثلاثة ايام حدادا على المغفور له امير دولة الكويت الشقيقة الشيخ جابر الاحمد الصباح.   وكان الرئيس زين العابدين بن علي قد عبر في برقية تعزية وجهها الى ولي عهد دولة الكويت الشيخ سعد العبد الله سالم الصباح عن بالغ تاثره لفقدان المغفور له امير دولة الكويت الشيخ جابر الاحمد الصباح.   (المصدر: موقع « أخبار تونس » الرسمي بتاريخ 15 جانفي 2006)


عودة الوفد الرسمي للحجيج التونسيين من البقاع المقدسة

   

وصل بعد ظهر اليوم الى تونس الوفد الرسمي للحجيج التونسيين الذى تراسه السيد ابو بكر الاخزورى وزير الشوءون الدينية والفوج الاول للحجيج التونسيين وذلك بعد اداء مناسك الحج.   وافاد السيد ابو بكر الاخزورى فى تصريح ادلى به لدى حلوله بالمطار ان الحجيج التونسيين قد ادوا مناسكهم فى ظروف عادية مبرزا الاجراءات والتدابير الرئاسية التى اقرت لفائدتهم والتى شملتهم فى كافة مراحل الحج منذ تحولهم الى البقاع المقدسة وحتى عودتهم الى ارض الوطن.   ولاحظ انه بفضل الرعاية الموصولة التى شمل بها الرئيس زين العابدين بن علي تمكن الحجيج من تجاوز المصاعب التى اعترضتهم اثناء اداء مناسكهم .   وجدير بالذكر ان عدد الحجيج التونسيين خلال الموسم الحالي بلغ زهاء 8500 حاج وحاجة.   (المصدر: موقع « أخبار تونس » الرسمي بتاريخ 15 جانفي 2006)

عجوز تونسي يقتل زوجته بسبب « سحر » أفقده قدرته الجنسية

تونس – يو بي أي   أقدم شيخ تونسي في الثمانين من عمره على نحر زوجته بغرس عود زيتون في رقبتها ظناً منه أنها سحرته حتى أفقدته قدرته الجنسية. وفي تفاصيل الجريمة التي نشرت تفاصيلها صحيفة « الشروق » التونسية المستقلة, أن شيخا في عقده الثامن من سكان ريف محافظة المهدية, 200 كيلومتر شرقي تونس العاصمة, عمد إلى غرس عود زيتون سبق أن شحذه بسكين في رقبة زوجته العجوز ما أدى إلى وفاتها.   واعترف الشيخ التونسي أثناء التحقيق بأنه أقدم على هذه الجريمة لأن زوجته العجوز سحرته حتى أضحى عاجزا جنسيا, مؤكداً أنه كان يتمتع بصحة جيدة على الرغم من تقدمه في السن, وأنه كان يباشر زوجته القتيلة بشكل طبيعي, إلى أن أصبح عاجزا في الآونة الأخيرة, وأن زوجته وراء ذلك لأنها « ملت معاشرته جنسيا ».   وأضاف أن شكوكه توجهت مباشرة نحو زوجته القتيلة التي قد تكون هي من « دست له السحر في الأكل », عندها قرر الانتقام منها, خاصة وأنها كانت تصفه بالمتصابي, وبالطاعن في السن.   وفي يوم الحادث نشب خلاف لسبب تافه بينه وبين زوجته, فواجهها بشكوكه, ولكنها لم تعره اهتماما, عندها التقط عود زيتون وشحذه بسكين, وانتظر عودتها من الحقل، ثم غرس العود في رقبتها بكل ما أوتي من قوة إلى أن سقطت أرضا, حينها تركها تنزف وغادر المنزل.   وكثيراً ما ترتكب مثل هذه الجرائم المرتبطة بالسحر والشعوذة, خصوصاً في الأرياف, إذ أشارت صحيفة « أخبار الجمهورية » الأسبوعية التونسية في عددها الأخير إلى أن القضاء التونسي أدان مؤخرا مشعوذا تسبب بمقتل رجل وابنه حرقا بدعوى طرد الجان.   (المصدر: موقع العربية.نت بتاريخ 15 جانفي 2006)

تونيزيانا تستأثر بـ40 بالمئة من سوق الهاتف الجوال بتونس

تونس ـ يو بي آي: قالت المجموعة المصرية اوراسكوم تليكوم الناشطة في مجال الهاتف الجوال ان المشغل الثاني للهاتف الجوال بتونس الحامل للعلامة التجارية تونيزيانا الذي تشرف عليه بات يستأثر بنحو 40 بالمئة من سوق الهاتف الجوال في تونس.   واوضحت المجموعة في بيان الجمعة علي موقعها الالكتروني ان عدد المشتركين في شبكة تونيزيانا وصل في نهاية شهر ايلول (سبتمبر) الماضي الي 2 مليون مشترك، أي بنسبة نمو تجاوزت 126 بالمئة مقارنة مع نفس الفترة من عام 2004 والتي استقرت فيها نسبة تواجدها في السوق التونسية في حدود 29 بالمئة.   واضافت ان تطور نسبة عدد المشتركين في خدمات شبكة تونيزيانا ساهم في جعلها تحتل المرتبة الخامسة اقليميا علي مستوي المؤسسات والشركات التابعة لمجموعة اوراسكوم والمنتشرة في المنطقة،اي بعد كل من بنغلاداش (903 بالمئة) والعراق (269 بالمئة) والجزائر (152 بالمئة) وباكستان (143 بالمئة). واشارت بالمقابل الي ان تونيزيانا تحتل المركز الاول بين المؤسسات التابعة لها علي مستوي رقم المعاملات الذي بلغ لغاية آخر شهر ايلول (سبتمبر) الماضي 43.75 مليون دينار (33.14 مليون دولار)، أي بنسبة زيادة في حدود 245 بالمئة، مقابل زيادة بنسبة 124 بالمئة في العراق، و44 بالمئة في الجزائر.   يشار الي ان مؤسسة تونيزيانا التابعة لمجموعة اوراسكوم بدأت نشاطها في تونس خلال شهر آيار (مايو) من عام 2002 باستثمارات بلغت 454 مليون دولار، دفعت علي قسطين آخرها كان خلال شهر ايلول (سبتمبر) 2004، علما وان عقدها يمتد علي 15 سنة قابلة للتجديد 5 سنوات أخري.   (المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 14 جانفي 2006)

 

صوفية صادق… سعاد محاسن وزهيرة سالم أدّيـْـن مناسك الحج

 

عندما بلغنا الخبر لم نصدقه بل سعينا للتأكد منه من أكثر من مصدر ومن أكثر من جهة حتى لا نورد خبرا زائفا لكنه كان الحقيقة نعم صوفية صادق ونوال غشام وسعاد محاسن وزهيرة سالم أدين مناسك الحج هذه السنة على غرار كبار الفنانين والفنانات المصريين الذين لا يتخلون عن عمرة ولا عن حج.   ولئن تحولت كل من سعاد محاسن وزهيرة سالم من تونس بغاية أداء مناسك الحج فإن صوفية صادق تحولت للبقاع المقدسة من فرنسا رفقة الجالية التونسية هناك في حين نزلت نوال ضيفة على شقيقها في السعودية ومن هناك أدت مناسك الحج .   لكن هذا لن يمنع جميعهن من مواصلة نشاطهن الفني إذ تتحول صوفية مباشرة من السعودية إلى مصر لتصوير كليب مع طوني قهوجي وتستعد من الآن لحفل قرطاج الصائفة المقبلة.   (المصدر: صحيفة « الصباح الأسبوعي » الصادرة يوم 16 جانفي 2006)

 خمسينية الاستقلال

معرض ضخم في قصر المعارض بالكرم وصور ووثائق نادرة تعرض لأول مرة

تونس – الاسبوعي   أدركت الاستعدادات لتنظيم الاحتفالات بالذكرى الخمسين للاستقلال خطواتها الاخيرة بعد أن استقر الامر على إقامة معرض ضخم في قصر المعارض بالكرم تشارك فيه جميع الوزارات ومؤسسات الدولة الدستورية والتشريعية والادارية.   وسيكون المعرض بمثابة المحطة التاريخية الهامة التي تكشف عن مختلف المراحل والاحداث بدءا من الاستقلال مرورا بمرحلة تكوين الدولة العصرية وتحول السابع من نوفمبر وصولا إلى مستهل الألفية الثالثة وتحديدا في سنة 2006.   وقد سبقت الاستعدادات لإقامة المعرض التاريخي المقرر لشهر مارس المقبل، أشغال ماراطونية في مختلف الوزارات والمؤسسات حيث تشكلت منذ شهر سبتمبر 2005 لجان فنية في جميع هياكل الدولة لإعداد كتب وثائقية وتجميع الوثائق النادرة والصور التذكارية التي جسمت المحطات المضيئة في تاريخ تونس.   وأفضت أعمال هذه اللجان إلى إعداد كتب تؤرخ للسلط التشريعية والتنفيذية والقضائية وما تخللها من أحداث وتقلبات وما طرأ عليها من تطورات وتحولات أسست لانظمة جديدة في المؤسسة القضائية والسلطة التشريعية بدءا من النواة الأولى التي انبعثت في المجلس القومي التأسيسي مرورا بتركيز مجلس الامة وتغيير التسمية بعد ذلك إلى مجلس النواب وما شكله دخول نواب الأحزاب المعارضة في الانتخابات التشريعية في سنة 1994 من حدث سياسي بارز وصولا إلى تأسيس غرفة تشريعية ثانية أطلق عليها تسمية مجلس المستشارين في سنة 2005 وجمعت ممثلين عن مختلف الشرائح المهنية والقطاعية إلى جانب بعض أسماء المعارضة ليكون عملهم بمثابة المكمل لعمل مجلس النواب في العمل التشريعي والرقابة على القوانين التي تعدها السلطة التنفيذية.   وستساهم المؤسسات الدستورية في المجلس الدستوري والمحكمة الادارية ودائرتي المحاسبات والزجر المالي وكذلك الهياكل الاستشارية كالمجلس الاقتصادي والتشريعي بدورها في إثراء المعرض الضخم بالوثائق والكتب والصور  والاشرطة الوثائقية إلى جانب ما ستعرضه مؤسسات الارشيف الوطني والمكتبة الوطنية والمطبعة الرسمية ووكالة إحياء التراث والمعالم الاثرية وغيرها من المؤسسات التي تهتم بالجانب التاريخي والاثري كمعهد الحركة الوطنية من وثائق تاريخية هامة جدا ونادرة في الآن نفسه قد لا يتسنى للمواطن التونسي العادي الاطلاع عليها أو رؤيتها في غير هذه المناسبات.   وسيقدم التجمع الدستوري الديمقراطي المساهمة الاكبر في المعرض الضخم الذي سيقام بقصر المعارض بالكرم بما توجد في خزائن أرشيفه من وثائق هامة وصور نادرة تؤرخ للحركة الوطنية ورجالاتها.   وعلمنا من مصادر متعددة أن المعرض سيمسح تقريبا كامل فضاء قصر المعارض بالكرم وستثبت فيه شاشات عملاقة وحواسيب تمكن من عرض الاشرطة الوثائقية والصور المجسمة للمكاسب والانجازات وتتوقع بعض الاطراف أن المعرض سيكون الأضخم والأكبر من نوعه في تاريخ المعارض التونسية.   (المصدر: صحيفة « الصباح الأسبوعي » الصادرة يوم 16 جانفي 2006) 


بسبب إخلاله باتفاقات سابقة معه

منظم حفلات تونسي يقرر الحجر على أجر كاظم الساهر بمهرجان الدوحة

تونس- سليم بوخذير   قال منظم حفلات تونسي انه وجه طلبا قانونيا الى مهرجان الدوحة السنوي للاغنية، ليباشر اجراءات الحجر على اجر الفنان العراقي كاظم الساهر مقابل حفله بالمهرجان المبرمج مساء اليوم الجمعة 13–1–2006  للوفاء بديونه المستحقة إليه.   وقال منظم الحفلات لسعد بلغايب للعربية.نت انه « استنفد كل الوسائل الحوارية للحصول على مستحقاته المالية من كاظم الساهر التي حكمت له بها المحكمة في تونس »، ولذلك قرر اللجوء الى « التنفيذ عن طريق الحجر على الاجر » اليوم الجمعة.   وأمد بلغايب العربية.نت بنسخة من الحكم الذي اصدرته المحكمة الابتدائية بالعاصمة التونسية في 4-12-2004م والذي قضى بان  » يسدد الفنان كاظم الساهر لبلغايب مبلغا قدره 36 الف دولار امريكي، مع تحميل المصاريف القانونية للتبعات عليه، وذلك تعويضا له على الضرر المادي بسبب اخلاله بتعهداته معه ».   وقال بلغايب إن نسخة من محضر تسليم الحكم وقلت إلى كاظم الساهر بتاريخ 14-10-2005، ولكنه ومدير أعماله تصرفا وكأنهما لم يعلما بالحكم وتهربا من تسليمه المبلغ المحكوم له به ».   و كانت ابتدائية العاصمة التونسية اصدرت حكمها المذكور ونصت فيه على حق المدعي في  امكانية اللجوء  الى التنفيذ جبرا في حالة امتناع الطرف الثاني عن التنفيذ  بصورة  ودية. ويشار إلى أنه توجد بين تونس وقطر اتفاقية للتنفيذ المتبادل الاحكام القضائية.   وفي ضوء اصرار المتعهد التونسي على تنفيذ الحكم الذي بحوزته جبرا في مهرجان الدوحة الغنائي، تبدو القضية مؤهلة لتثير ضجة تلقي بظلال كبيرة على دورة هذا العام من المهرجان.   و يعود خلاف بلغايب مع  كاظم الساهر الى عام 1998، عندما تعاقد معه الفنان العراقي على ان يحيي 3 حفلات من تنظيمه بمهرجانات قرطاج والحمامات وجربة التونسية، ثم لم ينفذ كاظم تعهده، وراح يتعاقد مباشرة مع ادارات المهرجانات المذكورة دون وضع اعتبار للعقد الموقع بينهما ».   (المصدر: موقع العربية.نت بتاريخ 13 جانفي 2006)

 

ولتونس حزبها السري .. العقبة الكبرى أمام أي إصلاح

 

مرسل الكسيبي (*)

 

reporteur2005@yahoo.de

 

سؤال طالما طرحته علىالنفس وعلى قادة الشأن العام في تونس وعلى المهتمين به , لماذا يقف التاريخ عندنا فيتونس ولا نرى توجها فاعلا باتجاه الإصلاح السياسي الشامل أو حتى المصالحة الوطنيةالجادة؟

 

والجواب جاء أحياناقاطعا من قبل البعض بأن أولياء الأمر لا يرغبون في الإصلاح مخافة ما يحمله هذاالإصلاح من مقتضيات الإعلام الحر ودينامكية فعلية للأحزاب والهيئات الأهليةوالاعتراف بفساد حقبة سياسية كاملة من تاريخنا المعاصر وما يترتب عن ذلك من إعادةالاعتبار إلى الضحايا الأحياء من حقبة سنوات الرصاص على حد تعبير أشقائناالمغاربة.

 

البعض الآخر أضاف حجةأخرى لا أظنها تخفى على الكثيرين ,مسألة الفساد المالي وما يشكله من عبء على بعضالحاكمين في تونس ,حيث أن الإصلاح بما يعنيه من انفتاح إعلامي وإعادة اعتبار لقوىالمجتمع المدني يمكن أن يتولد عنه كشف للمستور في زمن الحديث عن شفافية الأنظمةكشرط أساسي لتوصيفها بالديمقراطية أو عكس ذلك

 

ولعله لا يخفى عليوعليكم بأن لسان الإعلام الحر سوف لن تضبطه بعدها أحزاب ولا هيئات بما أنه يفترض فيرجال الإعلام المصداقية والشفافية والموضوعية

 

ومما يحضر بداهة فيذهن الكثيرين من المراقبين للساحة الوطنية أن ملف التعذيب في حقبة التسعيناتوما بعدها من سنوات استهللنا بها الألفية الجديدة ,يظل أكبر الملفات الجاثمة علىصدور المعارضين لأي نفس إصلاحي أو تصالحي وأقصد بذلك البعض من الرسميين من رجالاتالدولة الذين تحوم حولهم شبه التورط في جرائم تعذيب كثيرا ما تحدثت عنها تقارير أشهرالمنظمات العالمية الضالعة في مباشرة قضايا حقوق الإنسان.

 

ولا ريب في أن كثيرين يحاولون تفسير الأمر على أنه مؤامرة خارجية تدور طواحينها على أجساد التونسيين وأشواقهم نحو الحرية وهو ما أراه في تقديري مبالغة لا أتصور بأنها إطلاقا تجسد عين الحقيقة , وان كنت أقر بأن للبعد الخارجي في الشأن التونسي مساحة كبرى من التأثير والتوجيه

وحينئذ يبرر الكثيرونالأمر على أنه محض أزمة داخلية تتشابك خيوطها داخل الأجهزة الرسمية ,دون الإشارة منبعيد أو من قريب إلى خيوط الحزب السري الذي يشكل وجوده داخل أجهزة الحكم ومؤسساتهأكبر عقبة في وجه الإصلاح المنشود

 

ما الذييجعلنا نعتقد في وجود حزب سري ؟

 

المتأملفي نسق الخطاب السياسي التونسي وكذلك نسق الخطاب والمشهد الإعلامي القائم ,يتأكدبأن مايجري في البلد له أكثر من دلالة وخلفية

 

ولربمايكون من الأجدر التذكير بأن ثمة جملة من المسارات والسياقات التي تضبط هذا الأداءوتوجهه في منتهى القصدية ولعل أبرزها ما يلي:

أولاالإصرار على الظهور بمظهر الاستواء والاكتمال السياسي وعدم الرغبة في الحديث عنالنقائص والثغرات

ثانيا-الابتعاد التام عن ذكر أي جسم معارض جاد, ومحاولة توصيف الخصومبالخونة والعملاء والمتاجرين بسيادة البلد

ثالثاالحديث عن الديمقراطية التونسية وكأنها حقيقة لا ينبغي المجادلة فيها أو المساسبهيبتها أو التشكيك ولو يشكل خفي أو جزئي في مصداقيتها

رابعا-التأليه الإعلامي الرسمي للقائمين على شؤون البلاد وخصوصا شخص رئيسالجمهورية وحرمه ,بحيث أنهما باتا أمرا مقدسا لا يمكن المساس به أو نقده أو مجردالإشارة إلى طبيعته البشرية

خامسا-يمكن ملامسة محظور أو ممنوع في الخطاب السياسي والإعلامي ألا وهوالإشارة إلى البعد الأخلاقي أو التربوي لبعض المشكلات التي يعاني منهاالمجتمع

سادسا-هناك عقدة تجاه كل ما هو إسلامي,حيث يعمد القائمون على الأمر إلى تجنبملامسة هذه المواضيع أو التطرق إليها بشكل جذري ومنصف في خطابهم السياسي أوالإعلامي ,بل إن هناك حرصا على تعويم ألفاظ الانتماء العربي والإسلامي أو محاولةللصقها باللاحداثة والظلامية والرجعية والإرهاب أحيانا أخرى

سادسا-هناك حرص عجيب ومحير ومريب في المشهد الإعلامي التونسي في التعامل معكيان المرأة ,حيث تعمد اغلب الصحف والمرئيات الى الاستعمال الرخيص لجسد المرأة فيمشاهد لم نتعودها سابقا في ما خلا من سنوات الثمانينات أو السبعينات أو ربما حتىالتسعينات ,ولعل مشاهد الإثارة والإغراء الجنسي والإباحية الملبسة بعناوين فنيةوجمالية وربما معاني فلسفية تجعلنا جميعا أمام عقل مدبر لما يبث في فضائية تونسسبعة أو قاعات السينما أو ربما ما أنتج من أفلام سينمائية عديدة اتسم الكثير منهابجرعة لم يسبق لها مثيل من المشاهد الجنسية المباشرة

سابعا-الخطاب السياسي الرسمي في تونس يتسم بكثير من التشنج والتوتر والرفضوالتصلب في التعامل مع قضايا اللباس الشخصي, ففي الوقت الذي تدعو السلطة بشكل رسميكل أبناء الشعب وموظفي القطاع العام إلى إحياء اليوم الوطني للزي التقليدي وتفرضفيه على الموظفين ارتداء زي معين ,فإننا نجدها في الوقت نفسه تحارب اللباس الساتروالشرعي للنساء التواقات إلى الالتزام بشرائع الإسلام وقيمه ,بل إنها لا تجد حرجا فيارتكاب محظور يجعل منها استثناء في محيطها العربي والإسلامي عبر تطبيقها الصارمأحيانا للمنشور اللادستوري المشهور ب108

ثامنا-هناك إصرار على عدم الاعتراف بصفة المساجين السياسيين , وتكرار ممجوجلوصفهم بمرتكبي الجرائم العامة ,في الوقت الذي تعترف فيه كبرى دول العالم سواء منالاتحاد الأوربي أو الولايات المتحدة الأمريكية بصفتهم السياسية التي لا غبار عليهاأمام السيل العارم والجارف من تقارير أشهر المنظمات العالمية والوطنية لحقوقالإنسان

تاسعا-كل وسائل إعلام عالمنا المعاصر تسمي الأحزاب والهيئات بمسمياتهاالحقيقية , ولا يضير في ذلك إن كانت الدولة وممثلوها يختلفون أو يتفقون مع هذهالهيئات والأحزاب,إلا في تونس فإعلامنا الرسمي لم يذكر يوما ما اسم حماس أو الأخوانالمسلمين أو ربما حركة الإصلاح الوطني الجزائرية أو العدالة والتنمية المغربية أوحتى التركية ,وهو ما يؤكد أن هناك عقدا سياسية مقصودة ومبرمجة في الخطاب الإعلاميوالسياسي الرسمي

عاشرا-هناك حرص على إحياء الطرق الصوفية والفولكلورية والتهريجية الميتةوإظهارها بمظهر الممثل للدين والمتدينين ,في مقابل عزل وتهميش آخر من تبقى من علماءومشائخ الزيتونة ,ولعلني أشير في هذا السياق إلى استبعاد ذوي الكفاءة العلميةوالعملية من أمثال المشائخ خليف والسلامي وبلخوجة أمد الله في أعمارهم, ولعلنيأستغرب تمام الاستغراب مثل هذا الأمر ولاسيما إذا علمنا بأنهم متموقعون في هياكلدينية رسمية تحظى بشرعية الدولة

 

 

ولاأطيل هنا في توصيف الخطاب الإعلامي والسياسي الرسمي إذ أنني أحسب أنه قد بات مكشوفاومفضوحا من قبل الكثيرين ولكن يهمني في خضم هذا التحليل الإشارة إلى أننا فعلا أمامحزب سري غير باد للعيان ,وأحسب أنه بات مسؤولا عن تغذية عقد النظام تجاه جملة منالقضايا السياسية والفكرية والثقافية

 

المعلوم لدى الجميع أنه بات بإمكاننا تفهم مبررات الانغلاق السياسيالذي تعيشه البلاد في وضع مخالف ومعاكس لما جار به العمل في المنطقة المغاربية منإصلاحات وتغييرات نشهد أخبارها ونلحظها على مدار الأشهر والسنوات الأخيرة, ولعلنيأكون في مقدمة هذا المقال قد فصلت في بيان هواجس القائمين على الأمر عند تناولهملقضايا الإصلاح ,ولكن ما لا يفهمه كثير من التونسيين والتونسيات هو السر القائموراء هذه المعاداة لهوية البلاد وعمقها الحضاري ببعديه العربي والإسلامي ,حيث أنهليس من المفهوم بمكان سر هذا العداء في منطقة عربية ومغاربية لا تحمل مثل هذا الجفاءومثل هذه الفوبيا (Phobie) تجاه هوية المنطقة وانتمائها التاريخي والفكري والنفسيوالحضاري

 

إننا فعلا أمام سؤال محير يمكن الإجابة عليه ولو جزئيا بالعودة إلىبعض المعطيات.

 

كيف تحول الاختراق الايديولوجي والسياسيالى حزب سري ؟

 

على خلفية ما وقع في أواسطالثمانينات ونهاياتها من نمو سريع للتيار الإسلامي الحركي في تونس ,اتجهت تقديراتبعض القوى اليسارية المعادية للهوية الإسلامية من منطلق عقدي إلى ضرورة التحركباتجاه تفعيل حركة الديمقراطيين الاشتراكيين كحزب منافس له هياكله المنظمة داخلالبلاد ,قصد التصدي آنذاك لما عرف بحركة الاتجاه الإسلامي ,وعلى خلفية موقفالمستيري الرافض لهذا الأمر والذي كان آنذاك على رأس هذه الحركة ,اتجهت النيةوالممارسة بعد تاريخ السابع من نوفمبر سنة 1987 إلى إعادة رسم الاستراتيجيات والخططعلى أرضية جديدة استعملتها بعض قوى اليسار الأيديولوجي المعادي لعقيدة البلاد ,حيثكان النظام في تونس آنذاك يبحث عن قوى سياسية تسنده بشرعية مدنية ,وهو ما وجده فيشخصيات ومجموعات نخبوية سرعان ما تسلقت السلم الهرمي للحزب الحاكم لتشكل بذلك جزءارئيسيا ونافذا في رسم سياسات الدولة المعادية لعقيدةالشعب

 

ولئن توزع اليسار للأمانةوالتاريخ بين مجموعات وهيئات لازم البعض منها الحيادية أو الاستقلالية في علاقتهبأجهزةالدولة ,إلا أن بعضه الآخر وجد نفسه موزعا على ضوء هذا الاختراقالكبير بين مؤسسات القصر الرئاسي ووزارات السيادة والتأثير ومواقع كثيرة لصناعةالقرار,وهو ما خوله فعلا تمرير خطاب المواجهة مع الجناح الإسلامي المعارض وتيسيره في ريبة وصمت كثير من قوى المجتمع المدني المعارض والذي يقف بدوره على مساحة واسعةمن الولاء الثقافي والفكري لجناحه النافذ فيالسلطة

 

ومع اشتداد حالة المواجهة العامةبين الجهاز الأمني وحركة النهضة التونسية ,أصبحت تونس أمام حالة فراغ إطاري عامملأه أصحاب القناعات العلمانية المتطرفة ,حيث تمكنت مجموعات متطرفة من وضع مضمونتربوي سياسي للحزب الحاكم تحت مسمى خطة تجفيف الينابيع ,وأخرى استهدفت قطاع التعليمتحت مسمى إصلاحه ,لتتطور الأمور بعد ذلك من صراع ظاهره حزبي وأمني إلى صراع جوهرهأيديولوجي وعقدي

 

 

وإذا كان خروج بعض أطراف مناليسار الفاعل الى العلن على شاكلة معارضة احتجاجية تذمرت تصاعديا من تقليص مساحاتالحرية وتصاعد وتيرة القمع قد أحرج فعلا ما سمي باليسار الانتهازي المتمترس بالسلطةوأجهزتها البوليسية ,إلا أن هذا الإحراج أو الغطاء السياسي عبر الصمت سابقا علىمناكر التعذيب لم يكن ليرفع نهائيا الشرعية عن هذه الأطراف المخترقة لجهاز التجمعالدستوري الديمقراطي ,حيث ظل بعضها متموقعا إلىاليوم في منصب مستشار رئاسي ووزير أو مسؤول سياسي كبير داخل أجهزة الحزب أو مديرلمصلحة إعلامية حساسة تصنع الرأي العام وربما مواقع هامة في جهاز الأمن الداخليمما جعل هؤلاء يشكلون حزبا سريا داخل أجهزة التجمع الدستوري الديمقراطي وأجهزةالدولة والأمن بشكل عام.

 

ولذلك فان تونس اليوم تجد نفسهااليوم وبكل صراحة وبدون مجاملات يمارسها الكثيرون, تجد نفسها أمام عقبة كؤود فيمسيرة الإصلاح ,حيث تشكل الايديولوجيا المتطرفة اختراقا لمؤسسات الدولة وهياكلها,مما يعسر على البلد الانخراط في مشروع إصلاحي بعيد عن الصراع الحاد للإيديولوجيات ,ولعل النظرة المثالية للأمور تجعل المراقب فقط أمام سياق زمني من أجل تحقيق المرادالاصلاحي ,والحال أنالدولة تعيش أزمة حزبها السري الذييسير الأمور من وراء حجاب ولا أظن أن خروجه من المنتظم السياسي الرسمي سيكون بمجردضغط فاعل باتجاه الانفتاح العام ,حيث سيظل هؤلاء المتمترسون بالايديولوجيا صخرة فيوجه المصالح الكبرى للبلاد ما داموا يعتقدون أن صندوق الانتخابات سوف لن يفرز إلاقوى متماهية مع مشروع عقدي وديني يعيش حالة غير مسبوقة منالاضطهاد.

 

(*) كاتب واعلامي مستقل

14-01-2006

الرابع عشرمن ذي الحجة  1426 هجري


إذا كنت لا محالة ظالما فأجتنب مرتعين وقع في الثالث

    الحلقة الثانية   

تحصل لدينا إذن بأن الظلم ثلاثة أصناف كبرى أعلاها الذي سماه القرآن الكريم  » إن الشرك لظلم عظيم  » وقبل إستعراض الصنف الثاني في هذه الحلقة الثانية نتوقف قليلا مجددا عند أكبر أنواع الظلم وهو الشرك الاكبر بولي النعمة الاكبر ورسالة ذلك التوقف يمكن إجمالها في التالي:   لو فككت الانسان لتعرف مواطن القوة والقيادة والتوجيه فيه لادركت بيسر بأن الانسان جهاز يقوده عقل وقلب وليس ما دون ذلك سوى جنود في كتيبة تسمع وتطيع وذلك معناه ومقتضاه أن المسؤول عن الانسان هو عقله وقلبه وليس أطرافه ولا حواسه ولا غرائزه ولا حتى روحه ونفسه وذوقه وعاطفته وسوق ذلك هنا معناه ومقتضاه أن الظلم الصادر عن غرفة القيادة في الانسان ـ العقل والقلب ـ هو الظلم الاكبر والجرم الاعظم . هل يشرك الانسان بولي نعمته العظمى بعقله وقلبه أم بحواسه وغرائزه وأطرافه ؟ وبأي من تلك المكونات يؤمن به ؟ غرفة القيادة هي التي تختار الشرك ظلما أو الايمان عدلا. السؤال الثاني هو : هل تشرك غرفة القيادة تلك في الانسان ظلما عن بينة علمية أم عن جحود بعد إستيقان  تقديما لمصلحة شخصية؟
لم كان الشرك الاكبر إذن ظلما أكبر لا يغفر غدا ولا يحقق لصاحبه اليوم سوى العذاب النفسي لفرط ولوغه في ظلم نفسه وولي نعمته العظمى والناس ؟
الجواب : لان مظهره الخارجي يسمى شركا أي تعددا في الالهة المعبودة بدون إخلاص ولكن حقيقته هي الجحود بعد كامل الاستيقان إيثارا لمصلحة شخصية على حساب مصالح الناس في الامن المرقوب من لدن عضو في مجموعتهم . ولان الشرك فعل عقلي وعمل ذهني وليس ممارسة ميدانية بالاساس ومن تمام العدل وكمال القسط أن يعاقب العقل الذي هدي إلى كل خير بكل وسيلة فعرف ثم ضعف أمام مغريات غرائزه فجحد بالحقيقة التي شهدها بأم عينيه بمثل ما قال إبراهيم عليه السلام الذي لم يشهد بأم عينيه خلق السموات والارض ولكنه صرح بذلك لانه شهد ذلك بأم عقله وعيني قلبه  » … الذي فطرهن وأنا على ذلكم من الشاهدين « .
في دنيانا يعاقب رؤوس الناس لانهم تحملوا القيادة وكذلك في الدين ـ الاسلام ـ يعاقب رأس الانسان لانه تحمل القيادة والانسان مرؤوس من عقله وقلبه .
خلاصة هذا التوقف القصير تكملة للظلم الاكبر ـ الشرك الاكبر ـ هي أن الشرك الاكبر ظلم أكبر لا يغفر غدا ولا ينعم به صاحبه ولا الناس من حوله بأمن بسبب كونه ظلما ينتهك حرية العقل الذي به كرم الانسان وإستخلف وإستأمن وعلم وإستعمر وذلك عملا بسنة  » الجزاء من جنس العمل  » فإذا علم العقل ليقود مسيرة الانسان إلى العدل والكرامة ثم جحد إيثارا لمصلحة شخصية فليس أنسب جزاء له وأعدله وفاقا سوى أن يعد ظلما أكبر يعذب صاحبه مرتين : هنا وهناك. الظلم الاكبر إذن نشاط عقلي وحركة ذهنية قبل أن تنسلك عدوانا في الارض لذا وجب تقديم العبادة العقلية في الخير كله على العبادة السلوكية تماما كما تقدم طاعة القلب على طاعة الجارحة وتماما كما يجب تجنب العدوان العقلي على حرية الانسان في التفكير قبل تجنب ما دون ذلك منه.  

2 ــ ظلم لا يترك أبدا : وهو ظلم الناس مطلقا :

النوع الثاني من الظلم هو ما أسموه ظلما لا يترك أبدا أي لا يترك دون عقاب أبدا وهو ظلم الناس. الانسان في هذه الدنيا إما أن يظلم نفسه أو يظلم ربه أو يظلم غيره من الناس وليس وراء ذلك كائنا يمكن ظلمه إلا العجماوات والمرافق التي يمكن إدراجها ضمن ظلم الانسان لغيره .  

حقيقة إسلامية يغفل عنها اليوم أكثر المسلمين :

تلك الحقيقة التي خصص لها الوحي قرآنا كريما وسنة نبوية نداءات كثيرة وتهديدات كبيرة هي أن الحملة الاسلامية على الظلم مهما كان مصدره إسلاميا أو غير إسلامي هي أشد حملة مطلقا فهي أشد من الحملة على الكفر بكل معانية . ربما لا توازي الحملة على الظلم من لدن الاسلام سوى الحملة على النفاق الاعتقادي الاكبر عندما يكون النفاق حركة داخلية تتحصن بقانون المواطنة الكاملة وتغرز أنيابها في الليل الدامس في جسم الامة الامنة الغافلة غفلة المؤمن لا غفلة اللاهي ولا غفلة الامن من مكر العدو . لا بل لو رجعت إلى القرآن الكريم لالفيت بأن الحملة على الظلم أشد من الحملة على النفاق . لا تكتمل صورة تلك الحقيقة كاملة حتى تستيقن من خلال القرآن الكريم بأن الحملة على الظلم لا تستثني مسلما ولا كافرا ولا مؤمنا ولا ملحدا ولا ضعيفا ولا قويا ولا برا ولا فاجرا . يمكن لك أن تسوق مثالا واحدا كافيا على ذلك وهي قصة اليهودي المتهم بالسرقة ظلما من لدن بعض الناس من المسلمين في مجتمعه ودولته عليه السلام ولما كادت التحقيقات أن تضله عليه السلام ليقاد من اليهودي البرئ نزل الوحي الصادق كعادته دوما يبرئه ويشن حملته الضارية على ظلم المسلمين لليهودي .  

ظلم الناس في الدنيا يفضي بأخلص المؤمنين إلى النار إفلاسا روحيا وجزاء وفاقا :

يكفي أن تستعرض الحديث الصحيح عن المفلس الذي قال فيه عليه السلام  » هو من جاء ربه يوم القيامة بإيمان وصلاة وصيام وزكاة وحج وقد ضرب هذا وأكل مال ذاك … فيأخذ هذا من حسناته فإن فنيت تطرح عليه سيئات ذاك ثم يطرح في النار « . أليس ذلك أكبر دليل على كون حملة الاسلام على الظلم للناس مطلقا دون نظر إلى معتقداتهم وأديانهم ضارية شنيعة شرسة تصل إلى حد إبطال مفاعيل الايمان والعبادات ومن ثم طرح الظالم في النار وقد كان في الدنيا من خيرة المؤمنين والمصلين والصوامين والمنفقين والطوافين والبكائين وليس له من ذنب سوى أنه إمتهن كرائم الناس وإعتدى على حرماتهم ويستوي في ذلك أن يكون المعتدى عليهم كفارا ملاحدة لا يؤمنون بإله ولا ببعث سوى أنهم مسالمون أو وقع العدوان عليهم دون ظلم منهم ؟  

ظلم الانسان لا ينقسم في الاسلام إلى ظلم سياسي وإقتصادي وإجتماعي بل يظل ظلما :

كثيرا ما لا يحتفظ بعض الناس بالتركيز العقلي فيهم إلى حين إستكمال عرض قانون ما ثم تطبيقه على مشاهد مختلفة ومن ذلك مثلا إغفال المسلمين اليوم لاصل قوله عليه السلام  » إن الله كتب الاحسان على كل شئ  » والتركيز على جزء واحد صغير من ذلك الاحسان الذي ضرب له عليه السلام مثلا لا يريد منه سوى تفهيم الناس علاقة النظرية بالتطبيق وذلك حين أشار في تتمة حديثه إلى الاحسان إلى الذبيحة . ومن أمثلة عدم إحتفاظ الناس بتركيزهم العقلي ما نحن بصدده الان وهو أن التقسيم المعاصر من لدن الناس للظلم إلى ظلم سياسي ومالي وغير ذلك لا يعني قصر صفة الظلم على هذا دون ذاك أو التهوين من ذلك وتهويل هذا . النتيجة العملية لعدم التركيز العقلي ذاك هي أن الظلم السياسي اليوم لا يقبل أكثر الناس أن يسمى ظلما بالمعنى الصحيح للكلمة بإعتبار أنه  لا يخص الانسان فردا بل جماعة وحاضرا يوميا بل مستقبلا قريبا . كثيرا ما تؤدي الامثلة وشروحاتها إلى غير ما وضعت له حتى لتجدك تؤكد كما بدأت عودا على كون الظلم مثلا لا ينقسم ولكن تقسيماته تصلح مادة لضرب الامثلة والتعاون على الاصلاح ولا أعرف سوى أن الاطفال الصغار لا يصلح معهم سوى منهج التفتيت والتمثيل والتصوير والتجزئة والافراد حتى يشبوا فيقووا على جمع تلك الاجزاء بعضها إلى بعض وتكتمل الصورة الحقيقية عندهم وهم شباب . أما حين يؤدي ذلك المنهج إلى ضد ما وضع له عند الكبار فتلك أزمة عقلية كبيرة .  

أشد أنواع ظلم الانسان للانسان ـ الضرب الثاني من الظلم الذي نحن بصدده ـ ثلاثة :

  1 ــ ظلم الراعي المستأمن لرعيته ولو كان يرعاهم غلبة وقهرا : وذلك لكونه قادرا على ظلمهم بما تملك به من قوة مادية وثقة بينه وبينهم وأمن من نقمتهم ولعل فيما قص علينا عن فرعون وهامان وجنودهما لدليلا على ذلك وكذا عن النمرود وأصحاب الاخدود ولقد قال عليه السلام محذرا من ذلك  » من بات غاشا لرعيته حرم الله عليه الجنة  » وكذلك لكون ظلم الراعي المستقوي بملكه للناس يورثهم ذلة وشركا وعزوفا عن العمل ورضى بالدون وبحثا عن مسالك التزلف والنفاق ويغري الناس بعضهم ببعض فتتمزق الوحدة الداخلية بينهم ويعرضهم ذلك بالجملة إلى جشع العدو . ولا يبرر ذلك بكونه غلبهم وقهرهم بعصبية ما أو ورثهم كما يورث المتاع فإذا ملكهم بذاك ثم ظلمهم فقد غدرهم مرتين وكان يمكن لغدرته الاولى أن تمحوها الاخرى لو سار فيهم بالعدل والامان .   2 ــ ظلم الغني للفقير : وذلك لكون كلاهما مبتلى في إمتحان الحياة بصاحبه ولكون للفقير حقا معلوما  في مال الغني وليست الزكاة سوى حد محدود في ذلك ف » في المال حق سوى الزكاة  » كما قيل ويزداد ذلك الحق لو كان الغني والفقير يرتبطان برباط جوار أو رحم أو صداقة أو رفقة أو ما إلى ذلك وليس هنا باب تفصيل حقوق أولئك جميعا من آية أصحاب الحقوق كما سماها العلماء . ويستوي في ذلك أن تكون تلك الحقوق عينية أو كفائية أو منصوص عليها نصا بالشريعة أو مستنبطة بالاجتهاد منها لان المحاسب يوم القيامة هي طوية القلب هل علمت بحالة فلان أم جهلت فإن علمت كيف تصرفت ؟ ويدخل في ذلك بطبيعة الحال ظلم المؤجر لاجرائه وصاحب العمل لعماله ولا يحاسبون يوم القيامة على إمتثالهم أو عدم إمتثالهم لقانون وضعي ظالم سايرهم على ظلم الناس . من يحمل عنهم الوزر يومئذ ؟ كل نفس بما كسبت رهينة.   3 ــ ظلم داخل الاسرة : وذلك لكون الاسرة مملكة صغيرة يمكن عادة للقوي فيها وهو الزوج عادة أن يتعدى على حقوق زوجته وخاصة حال الخصام والطلاق من متاع وذرية دون كبير رقابة من مجتمع وقانون سيما في أوضاع معروفة ولذلك أبت الشريعة إلا أن تضبط ضبطا موقوفا محددا منصوصا كل تفاصيل الحياة الاسرية ماديا ومعنويا إذ لو تمزق شمل الاسرة تمزق شمل المجتمع وإنقطع النسل وعم الخراب بدل العمران وكذلك لقطع دابر ظلم يتأتى في العادة من لدن الذرية عند شبابهم وكبر سنهم ضد من رباهم وحملهم وأرضعهم فتضيع المروءة ويندثر البر ويموت الحياء وتنتحر الفضيلة في الناس ويضيع المسنون بين دور لا ترحم وبيوت خربت من الحنان والحب والايثار . ولذلك رعى الاسلام الرحم رعاية لا نظير لها وجعل الجنة تحت أقدام الامهات وحرم من الجنة عاق وقاطع رحم .   فبالخلاصة إذن فإن النوع الثاني من مراتع الظلم الوخيمة هو ظلم الناس .   ظلمان شنيعان لا يحسن بك وبي سوى الابتعاد عن حماهما لا تقع فيهما أبدا أبدا أبدا وهما ظلم ولي نعمتك سبحانه بالشرك الاكبر وظلم الناس الذين إبتلاك بهم سبحانه لتعيش معهم ففيهم القوي الذي تخشاه وتخاف جانبه وفيهم الضعيف الذي تزدريه وتسخر منه ولو في قلبك وفيهم الغني الذي تطمع في ماله ورضاه والفقير المدقع الذي تتأفف من حضوره وسؤاله وفيهم الرحم الذي قد يسئ إليك يوما أو تشتبك معه في خصومة وفيهم الرفيق والصديق من يلائمك ومن لا يلائمك وفيهم أهل بيتك سيما الوالدة التي حملتك في بطنها فما شقيت بك ثم وضعتك كرها وأرضعتك لبنا سائغا والوالد الكريم الذي حدب عليك طويلا حتى شببت غضا طريا وفيهم الزوجة التي أطعمتك الود والرحمة .   ظلمان شنيعان يخران بك دون أدنى مبالاة في قعر جهنم يوم القيامة إياك إياك من قربان حماهما: ظلم ولي النعمة بالشرك به وظلم الناس سيما الضعفاء منهم ومن هم تحتك فيما ترى بأي وجه فإن دعوتهم عليك بظهر الغيب ليس بينها وبين الرحمان حجاب قد ينتصر لها بين طرفتي عين أو يؤجلها إلى يوم عتيك فيخزيك بالامراض والاسقام حتى تقول يا موت زر فلا يعودك حتى تقضي وما تقضي . وإلى لقاء تال في حلقة ثالثة أخيرة من سلسلة  » إذا كنت ظالما لا محالة فإجتنب مرتعين وقع في الثالث  » وتتناول ثالث أنواع الظلم  وهو ظلم النفس وهو ظلم  لا يبالي به الرحمان سبحانه سيما لمن لزم الاستغفار فبادر بالاستغفار .   الهادي بريك / ألمانيا


 
 

فتاوى القتل المخفي

د. منجية السوائحي*        يقول الله تعالى: »ياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين »(الحجرات:6).
نشرت مواقع إلكترونية يحتكرها الإسلاميون السياسيون تهما باطلة يتهمون بها كل من يخالفهم في رؤيتهم الظلامية للمرأة وقراءاتهم الرجعية للتراث والهدف من وراء آرائهم ومواقفهم قمع الفكر وتكميم الأفواه وإسكات الأقلام وخاصة منها المدافعة عن الدين الإسلامي والتي تذب عنه وتدفع كل تشويه وكذب يستغله الإسلامفوبييون من جراء تصرفات وتصريحات فئة منغلقة لا يهمها الدين إلا كآلية لتحقيق منافع دنياوية رخيصة.ولا يهم ما يلقاه المسلمون والعرب من معاناة نتيجة لنظرتهم القاصرة للدين. من هذا المنطلق نشر على صفحات تونس_برس وقدس_ برس بتاريخ 29ديسمبر 2005 على لسان شيخ النهضة كلاما لا أساس له من الصحة يتهمني فيها أني اعتبرت عمر بن الخطاب رضي الله عنه العدو الأول في التاريخ للمرأة وأن الحجاب ليس من الإسلام حسب مشاهدته لبرنامج القناة اللبنانية ANB يوم 27/12/2005. وقد اقتضب كلمات من قولي مجزأة ليحكم دسائسه. وهي تهمٌ لا أساس لها من الصحة للأسباب التالية: التهمـة الأولـى: عمر عدو المرأة (جملة مقتطعة)
وحقيقة الأمر أن النقاش دار في الحصة التلفزية بفنيات الصحافي القدير برهان بسيس حول حقوق المرأة في الإسلام فبينت أن الإسلام أعطى للمرأة حقوقا هي ثورة جريئة في زمن كانت فيه المرأة تُورَثُ فأصبحت تًرثُ، وذكرتُ أن عمر ابن الخطاب الذي قيل عنه عدو المرأة لكثرة تشدده معها احترمها من خلال مواقفه هذه: « خطب عمر رضي الله عنه فقال:ألا لا تغالوا في صدقات النساء فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله لكان أولاكم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أصدق قط امرأة من نسائه ولا بناته فوق إثنتي عشرة أوقية. فقامت إليه امرأة فقالت: يا عمر يعطينا الله وتحرمنا؟ أليس الله سبحانه وتعالى يقول: « وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا »؟ فقال عمر: أصابت امرأة وأخطأ عمر، وفي رواية فأطرق عمر ثم قال « كل الناس أفقه منك يا عمر » (الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج5 ص66). مثال آخر يدل على إكرام الصحابة للمرأة نأخذه كذلك من مواقف عمر.خرج عمر بن الخطاب يوما ومعه الناس فمر بعجوز فاستوقفته فجعل يحدثها وتحدثه فقال له رجل: يا أمير المؤمنين حبست الناس على هذه العجوز؟ فقال: ويلك أتدري من هي؟ هذه امرأة سمع الله شكواها من فوق سبع سماوات هذه خولة بنت ثعلبة التي أنزل الله فيها « قد سمع الله….. »الآية، والله لو أنها وقفت إلى الليل ما فارقتها إلا لصلاة ثم أرجع إليها » (من كتاب نساء حول الرسول ص 244 لعاطف صابر شاهين). بهذه الآثار وضحت أن عمر بن الخطاب أكثر الناس صعوبة مع المرأة وقرها وأجلها مما يؤكد أن الإسلام دين حقوق المرأة فأين هذا مما نسمع ومما نقرأ اليوم من فتاوى متخلفة ضد المرأة لا أصول لها من الدين. هل هذه شتيمة لعمر يا مغفلين أو هي مدح له؟ التهمـة الثانيـة: زعم الشيخ أني قلت أن الحجاب ليس من أصول الإسلام وهو موروث إغريقي وروماني وعرفته الديانة اليهودية والمسيحية. وهو لم يفهم مقصدي فأنا قدمت دراسة تأريخية لظاهرة غطاء الرأس وهو بحث لا يقدر عليه إلا الأكاديميون الموضوعيون وليس متيسرا لكل من هبّ ودبّ. ولذلك استغرب الرجل من هذا البحث واختلق التهم الكاذبة وكذبه يأتي من حيث أنه أول كلامي تأويلا يخدم كرهه للمرأة والصواب أني بينت أن الإسلام لم يضع لباسا موحدا للمرأة في كل بلاد الإسلام وإنما وضع قاعدة الحشمة والستر ولكل بلد أن يختار زيه اللائق به تحت هذه القاعدة. كما بينت أن كل إنسان حر في لباسه شريطة أن لا يتخذ اللباس للتفكير والتصنيف. فأين الخلل وقد ذكر هذا الكلام ابن حجر العسقلاني ومفسر تونس الجليل محمد الطاهر ابن عاشور. ومن أراد التوسع وتصحيح معلوماته فليعد إلى مقالي « معركة وهمية في الإسلام اسمها الحجاب والسفور » منشور في المجلة الإلكترونية شفاف الشرق الأوسط، وسيتأكد من أن عمر ابن الخطاب ضرب الجواري بالدرة لأنهن لبسن الحجاب وقال لهن أتردن أن تتشبهن بالجرائر. فكيف يضرب عمر المرأة على فرض من الله؟ فلماذا لم يضربهن على أداء الصلاة؟ وبما أن العصر اليوم ليس عصر جواري ولا حرائر، فالحكم العام للباس هو التعفف والاحتشام وليس فرض الحجاب. فالمفهوم السياسي لتنظيم جماعات اسلاموية تميز به بين النساء المنضويات تحت لوائهم عن غيرهن من المسلمات وغير المسلمات اللاتي لسنا تحت لوائهم. وهكذا تتضح الأمور ويظهر عُوار من كذب وغباء من صدق كلامه وأيده دون أن يتأكد من الخبر الصحيح. التهمة الثالثة:
أن كل من اتبع منهجا عقليا رصينا يجمع بين النقل والعقل في قراءة القرآن الكريم يتهم بإرضاء الغرب هذا الغرب الحاقد على الإسلام حسب تعبيرهم. وهي في رأيي هرطقة شيوخ في السن وكلام غير صحيح لما يلي: 1-     إن الغرب ليس في حاجة لمن يرضيه لأنه يمتلك زمام الأمور ويسير العالم كما يريد وهو قادر على إرضاء نفسه بطرقه الخاصة التي أسسها لشعبه ومن أهمها حرية الرأي والديمقراطية وحرية العبير فليطمئن هؤلاء المساكين. 2-     أسأل الآن من ينام في أحضان الغرب ويأكل من فتاة موائده ويتشبث بتلابيبه لتجري المياه تحت الجسور مهما كان ثمنها ولو كان بيع الوطن وبيع الإسلام والمسلمين؟ 3-     من ينعم بديمقراطية الغرب ثم يعتبره دار كفر من باب الجحود وما هو سر هذا التناغم المفاجئ بينكم وبين الغرب ألستم ورقة ضغط وبئس الوضعية. 4-     هل الدين ملك لشخص أو لجماعة فوضها الله ممثلة عنه في الأرض حتى تنصب نفسها حكما على أقوال الناس وكتاباتهم على حد علمي المتواضع أنه لا واسطة بين الإنسان وربه في الإسلام وأن الاختلاف في الرأي حق مشروع في الإسلام وأن صكوك الإيمان والكفر من شأن الخالق وحده 5-     أين كان هؤلاء الجماعة ومقال الحجاب منشور منذ 6 سبتمبر 2004 وبرنامج القناة اللبنانية يبث منذ حوالي أربعة أشهر فلماذ استفاقت الجماعة في نهاية شهر ديسمبر من 2005.ما شاء الله على متابعة الأحداث.
أريد أن أنبه في هذا المقال أن الهدف منه توضيح الحقائق لقرائي الأعزاء ولمشاهدي البرامج التلفزية التي أشارك في نقاشاتها وليس الرد على تلك الأكاذيب لأنها لا تستحق الرد.
ولا يفوتني أيضا أن ألفت الانتباه إلى أن التهم التي وجهت لشخصي عن طريق اقتطاع جزء من الكلام عمل مقصود فهو رسالة تحريضية تفهم بين السطور Coded message الغرض منها التحريض على القتل من أجل الفكر حيث يرسل الخبر للأتباع ويترك لهم التصرف. ونحن نفهم هذا الأسلوب الترميزي لهذه العصابات. ومن هنا أتهمهم بالحث على قتلي مثلما فعلوا مع نصر حامد أبو زيد وسعيد الكحل ومنى طلبة وعفيف الأخضر وغيرهم. ما أختم به أن مثل هذا التصرف الأرعن لن يثنيني عن القول أو الكتابة كباحثة أكاديمية لها رؤيتها الخاصة. وهذا هو صلب عملي الذي أقوم به أم أن الذي يؤدي عمله يعرض نفسه للتهديد بالقتل.  أنا لست إمامة ولا داعية، أم أن شيخ النهضة اختلطت عليه الأمور فلم يعد يفرق بين الباحث الأكاديمي وبين الإمام والداعية .
nfzimzin@yahoo.fr * أكاديمية-تونس  للتعليق على هذا الموضوع « Abdallah » <jomni@gmx.net>    Date: Mon, 16 Jan 2006 21:26:12 +0100     الآن فهمت رسالتك يا دكتورة! لماذا جعلت نفسك طابورا خامسا لعصابة 7 نوفمبر باسم البحث العلمي وإن مقالك يشتم منه القتل الفكري أو على الأقل التحريض على القتل .
  أتمنى أن يُنشر تعليقي ولا يُصنصر عليه (المصدر: موقع شفاق الشرق الأوسط  بتاريخ 13 جانفي 2006)

http://www.metransparent.com/texts/mongia_saouhi_coded_messages_arabic.htm


 
حركة النهضة التونسية:

الهجمة على التيار السلفي, هل هي عرض لحرب بالوكالة؟ (1 من 2)

نوفل المعاوي ـ كاتب تونسي   الواقع أننا أمام مسرحية غير مضحكة تخوضها قيادة نهضة المهجر, لإقناع حلفائها اليساريين والعلمانيين ببراءتها من الخطاب الإسلامي, نظرا لأنها متهمة باستمرار بازدواجية الخطاب, وقد وجدت في الحرب العالمية ضد الإسلام تحت عنوان محاربة الوهابية والسلفية والإرهاب… فرصتها لركوب الموجة وإقناع الحكومات الغربية باعتدالها وتميزها وأهليتها لخوض الحرب بالنيابة، وأن تغييبها عن الساحة التونسية تسبب في انتشار السلفية التي تفزع منها الحكومات الغربية, وهو الخطاب الذي تردده الحركة منذ سنوات,   كثرت المؤشرات منذ صدور ما عرف بتقرير » مؤسسة راند » عن التيارات الإسلامية وما تلاه من تصريحات ومواقف عن توجه أمريكي يطبخ على نار تستعر يوما بعد يوم لاستعمال ما يسمى بـ »التيارات الإسلامية المعتدلة »، أو ما وصفها التقرير بالتيارات الإسلامية الحداثية, كحزب العدالة والتنمية في تركيا والمغرب والإخوان المسلمين في البلاد العربية « الجناح الحداثي من الإخوان المسلمين » من أجل احتواء لهيب الغضب والرفض للغطرسة الغربية والأمريكية المتصاعدين في العالم الإسلامي وفي طليعتهما ما يعرف بالتيارات السلفية, وقد سبق لبعض كتاب موقع العصر أن كتب عن التوصيات الأخيرة لمجموعة حل الأزمات الدولية التي يقع مفقرها ا لرئيس في بروكسيل التي أوصت « الأردن خاصة والدول العربية عموما بضرب التيار السلفي الجهادي من خلال التيار الإسلامي « المعتدل » ممثلا بجماعة الإخوان المسلمين » {1}، والتي سبقتها تصريحات مادلين أولبرايت قبل أشهر، عندما قالت إن الولايات المتحدة الأمريكية تتجه اليوم لتسهيل وتمكين الإسلاميين من السلطات لا حرصا على الحريات وتنفيذا للديمقراطية أو احتكاما لصناديق الاقتراع وإرادات الشعوب العربية, وإنما لمواجهة « المد الإسلامي المتطرف » بـ »المد الإسلامي المعتدل »{2}.   وبعد النتائج المرتفعة نسبيا التي حصل عليها الإخوان المسلمون في الانتخابات المصرية الأخيرة، والتي يرى عدد من المراقبين أنها لم تكن لتحصل لولا ضوء أخضر من النظام المصري ـ بقطع النظر عن أعمال البلطجة التي لجأ إليها في الأخير حتى لا تخرج النتائج عن الحدود المرسومة لهاـ تحت وطأة ضغوطات الإدارة الأمريكية, التي يحرجها الوضع المصري المتكلس، وهي التي دخلت المنطقة في حملتها الجديدة حاملة شعار الإصلاح والديمقراطية إلى جانب شعار محاربة الإرهاب, فكانت هذه الهدية المحدودة لجماعة الإخوان المسلمين في مصر اختبارا لحسن أداء الإخوان استعدادهم للانخراط في اللعبة بما يخدم المصالح الأمريكية في المنطقة، بما عرف عن الإخوان من براغماتية, وتلك هي الطريقة الأمريكية التي لا تسمح لقطار الديمقراطية أن يتقدم في العالم الإسلامي والعالم الثالث إلا بمقدار ما يخدم مصالحها أو على الأقل لا يعرقلها…   فهل ضمن هذا الإطار, تتنزل تصريحات المكتب السياسي لحركة النهضة التونسية النارية الأخيرة, ضد تيار الدعوة السلفية المتنامية في تونس والشباب السلفي المعتقلين؟. ففي حوار أجرته مجلة  » كلمة » اليسارية التونسية {3} مع أهم أعضاء المكتب السياسي لحركة النهضة المقيمين في باريس, أطلقت الجماعة العنان لتهجمات نارية على التيار السلفي المتنامي في تونس, و الذي صور في شكل غول متنامي يأكل الأخضر واليابس أو بتعبير أحد المواقع الالكترونية المقربة من نهضة المهجر « ينتشر كالنار في الهشيم »، حتى ليخيل للقارئ غير المطلع بأن مساجد تونس وشوارعها قد صارت مكتظة بلحى السلفيين الكثة, وبالنساء المنقبات كما يزعمون، وخاصة عندما ينبري محمد بن سالم عضو المكتب السياسي لحركة النهضة, للزعم بأن السلطات التونسية تتشدد مع الخمار في حين تطلق العنان للمنتقبات! قائلا بالحرف الواحد: « ويحدث اليوم في تونس أن من ترتدي الخمار مقموعة ممنوعة، أما التي ترتدي النقاب فمسموح لها بالدخول والخروج بدون مشاكل, حتى تعطي الصورة الكريهة للإسلام وللإسلاميين بشكل عام »!، وهو قول أقل ما يقال فيه إنه باطل, يعرف ذلك كل من يعيش في تونس أو يزورها ولكنها الحزبية العمياء عندما تكشر عن أنيابها, ثم يمضي المتحدث قدما, ففي جواب له عن سؤال الصحفية اليسارية سهام بن سدرين, عن تفسيره لما سمته بالظاهرة السلفية الجديدة ورأيه في هذه الحركات، علل أسباب تنامي المد السلفي في السنوات الأخيرة في تونس بـ »إغلاق المساجد أمام الدعاة الحقيقيين وأمام المشايخ الحقيقيين »…. « ولهذا وجدت المشارب الأخرى نفسها أكثر حرية في العمل السري ». وقد لا يتمالك القارئ التونسي المطلع من الضحك من قول محمد بن سالم « المشايخ الحقيقيين »، ذلك لأن حركة النهضة المعروف عنها أنها بعيدة عن العلم والعلماء، وليس فيها عالم واحد, بل ولا طالب علم واحد معتبر, بل هي حركة سياسية بحتة, وقد لا يوجد مثيل لها بين بقية تنظيمات الإخوان المسلمين في البلاد العربية في خلوها من العلماء وطلاب العلم, وتسييسها المفرط على حساب الأبعاد الأخرى للدعوة الإسلامية ،وهذه هي السمة الأبرز للتيار الترابي في البلاد العربية {نسبة إلى حسن الترابي}. فعن أي مشايخ خياليين يتحدث الأخ أبن سالم؟!   وقد عايشت تلك الفترة التي يتحدث عنها بن سالم في تونس سواء من داخل حركة النهضة ناشطا فيها أو من خارجها, ولا أعلم عن وجود مشايخ ودروس علمية تقدمها الحركة في المساجد, بل كنا مجاميع من القصاصين نلقي دروسا عامة في المساجد, دون تأهيل علمي شرعي، بل كان أحدنا يأخذ الكتاب ليقرأ منه ويفسره بما تجود به قريحته وثقافته العامة عليه من هنا هناك، والهدف هو نقد النظام واستقطاب الناس للحركة, « وذراعك يا علاف » كما يقول المثل التونسي, يعني « ابذل شطارتك على كيفك وكما تقدر ».   أما عن العمل السري، فحركة النهضة هي التي أدخلت العمل السري إلى ساحة الدعوة في تونس, ثم بعد أن يهاجم من يسميهم بالسلفيين المتشددين ويتهم السلطة بتشجيعهم، ينتقل إلى من يسميهم بالسلفيين المهادنين للسلطة, ليقع في خلط عجيب، بقوله: « وكذلك السلفيون المهادنون الذين ليست لهم مشكلة مع الدكتاتورية بل يخدمونها, خاصة وأنهم يكفرون المعتدلين, فنحن بالنسبة لهم مثلكم تماما خارجون عن الدين ». والمعلوم عن هذا التيار الذي يتكلم عنه بن سالم أنه متهم من مخالفيه بالإرجاء أي التميع في التكفير, ولكن بن سالم يخلط كما هو وضح توددا إلى مخاطبته اليسارية ومن وراءها التيارات اليسارية التي تحالفت معها النهضة في الآونة الأخيرة تحت شعار حركة 18أكتوبر…   ثم يمضي قدما في تناقض واضح, ليقول مباشرة بعد هذه الفقرة التي يتحدث فيها عمن يسميهم بالسلفيين المهادنين للسلطة والذين يخدمونها, بأن هؤلاء السلفيين في السجن الآن!، « والآن في السجن في تونس وحسب ما روى لنا المحامون عن المقابلات التي تتم مع هؤلاء، فهم يجعلوننا كفارا لا نفهم في الدين »، ولكن ما لم ينتبه إليه محمد بن سالم حتى يكون كلامه متناسقا، هو كيف يكون السلفيون المهادنون للسلطة والخادمون للدكتاتورية في السجن!.   الواقع أننا أمام مسرحية غير مضحكة تخوضها قيادة نهضة المهجر, لإقناع حلفائها اليساريين والعلمانيين ببراءتها من الخطاب الإسلامي, نظرا لأنها متهمة باستمرار بازدواجية الخطاب, وقد وجدت في الحرب العالمية ضد الإسلام تحت عنوان محاربة الوهابية والسلفية والإرهاب… فرصتها لركوب الموجة وإقناع الحكومات الغربية باعتدالها وتميزها وأهليتها لخوض الحرب بالنيابة، وأن تغييبها عن الساحة التونسية تسبب في انتشار السلفية التي تفزع منها الحكومات الغربية, وهو الخطاب الذي تردده الحركة منذ سنوات, بل تعمل على اتهام الرئيس بن علي بأنه يشجع « السلفيين المتشددين منهم والمهادنين »، وأنه لا حل لإنقاذ تونس من الوقوع في براثن السلفيين الذين يكادون يملؤون الشوارع!، إلا الاستنجاد بخدمات حركة النهضة « المعتدلة »، بالضغط على بن علي لإعادتها إلى الساحة السياسية في تونس, حتى تؤدي دورها المرسوم!!.   أما الدكتور عبد المجيد النجار, الذي يعد أهم منظري الحركة بعد راشد الغنوشي, فهو الذي كتب لها ما سمته « الرؤية الفكرية والمنهج الأصولي لحركة الاتجاه الإسلامي »، وهو الوثيقة التي طفحت بنزعة اعتزالية مغالية في موقفها من علاقة النص بالعقل, وما تسميه بمنطقة الفراغ في الشريعة الإسلامية{4}… فقد فاجئ المراقبين بهجمته على التيار السلفي دون تحفظ، خاصة وأن الحركة تتبنى خطابا مغايرا عند لقائها بالعلماء وطلاب العلم هناك, وقد انبرى الدكتور النجار الذي عمل بالتدريس لبضع سنوات في جامعة العين في الإمارات وجامعة قطر, ليقول عن هؤلاء الشباب السلفيين بأنهم « يأخذون أفكارهم من خارج تونس, من الخليج ومن غير الخليج »، والعجيب أنه يقول هذا في مهاجمة إخوانه المسلمين من شباب الدعوة في حين ينسى أن الإسلام نفسه جاءنا من تلك البلاد، بل يتناسى من أية بلاد جاءتنا أفكار مخاطبته اليسارية!! ويتناسى أن شيخه راشد الغنوشي قد قام بانقلاب على منهج الحركة العقدي والفكري مباشرة بعد قدومه من زيارة للسودان مكث فيها فترة في ضيافة حسن الترابي سنة1981، ليعود وقد طلق الفكر الإخواني القديم الذي كان قد جلبه من سوريا أثناء دراسته هناك. ويتبنى منهج حسن الترابي الذي يصفه في كتبه الحريات العامة في الدولة الإسلامية بالإمام المجدد‍ {5}. ثم يمضي النجار قدما, ليعبر عن ضيقه بالتوجه العلمي الشرعي لجيل الصحوة الجديد في تونس القائم على تنقية مصادر التلقي, ليعتبر ذلك عيبا متحسرا على الأيام التي كانت حركته مهيمنة على الساحة قائلا: « عندما كانت الحركة الإسلامية ـ أي حركته فقط رغم أنه كانت هنالك جماعات أخرى وأعمال أخرى دعوية لا تنتمي لحركته ـ موجودة كان الكثير ممن تنزع نفوسهم إلى التدين تحتضنهم الحركة الإسلامية, وهي بطبيعتها منفتحة لأن الأتباع ينشئون على مطالعة الكتب الدينية والفلسفية… »، والواقع الذي شهدته كأحد أعضاء حركته سابقا أن الاهتمام بكتب العلم الشرعي كان معدوما، وأن التوجه كان مقتصرا على المطالعات الفكرية والسياسية, خاصة كتابات محمد الباقر الصدر وعلي شريعتي, ومرتضى مطهري, وكتابات ما يسمى بالمتنورين والتجديديين ككتب حسن الترابي الذي يعد الأب الروحي لقيادة حركة النهضة الحالية.   وبعد، فماذا يقول المرء المسلم أمام هذا الخطاب الحزبي المتطرف و المتهافت, أيعقل أن يتهجم المكتب السياسي لحركة « إسلامية » على أبناء الصحوة الجديدة المعتقلين في تونس ويتهم السلطة بتشجيعهم، لمجرد اختلافهم مع حركته ورفضهم لمنهجها, في حين يقيم الدنيا ولا يقعدها على الحريات في تونس, حتى وصل الأمر براشد الغنوشي زعيم الحركة إلى خوض إضراب جوع من مكتبه في لندن, تضامنا مع الناشطة الشيوعية المتطرفة راضية النصراوي زوجة زعيم حزب العمال الشيوعي المتطرف عندما كانت تعلن الإضراب عن الطعام في بيتها، مطالبة بإطلاق سراح زوجها, ثم خاض راشد الغنوشي إضراب جوع آخر مطالبا بإطلاق الناشط الشيوعي المتطرف توفيق بن بريك, والذي كافأه بسيل من الشتائم المقذعة بعد ذلك في حوار أجرته معه قناة المستقلة!. فهل يعقل أن تكيل حركة » إسلامية »، بمكيالين فتكيل الشتائم لمخالفيها المسلمين وتضرب عن الطعام من أجل الشيوعيين المتطرفين. بل لنفترض أن هؤلاء الشباب فيهم تعجل وضعف في فقه الواقع, وهو أمر لا نخالف فيه, فهل هكذا تكون معالجة الأمور!.   مع العلم بأن حركة النهضة في المهجر بقيادة راشد الغنوشي لم تصدر بيانا واحدا في التنديد بالاعتقالات والمحاكمات الظالمة التي تعرض لها هؤلاء الشباب, في حين لا تكف عن إصدار البيانات كلما تعرض شيوعي أو علماني يجاهر بعداوته لحكم الشريعة, بل قلبت الحركة الدنيا ولم تقعدها عندما اعتقل النظام منذ سنوات عناصر تنظيم شيعي متطرف كان عناصره قد تلقوا تدريبات عسكرية في الخارج وكانوا يتهيئون لأعمال خطيرة تمس أمن البلاد, في بلد لا توجد فيه طائفة شيعية, وهو ما عرف بتنظيم « حركة الأنصار الشيعي ».   أما الشباب السلفيون الذين اعتقلوا في تونس وذاقوا الأهوال من التعذيب لمجرد تفكيرهم في السفر للجهاد في العراق والكثير منهم اعتقل لمجرد ارتباطهم بعلاقات مسجدية مع من فكر في السفر إلى العراق, فالحركة تندد بهم وتحرض عليهم, مع العلم أن التحقيقات أثبتت أن الأمر يتعلق بشباب في العشرينات, متحمس ومتحرق على الإسلام وعلى حال الأمة بعد الهجمة الأمريكية على العراق دون أن يكون لهم تنظيم أو تكون معهم قطعة سلاح واحدة، وذلك باعتراف المحققين ومنهم قاضي التحقيق.   والعارفون بتاريخ الحركة و كواليسها يتذكرون الانشقاق الكبير الذي شهده الجسم الطلابي للحركة بعد زيارة الغنوشي للسفارة الأمريكية في تونس في صائفة 1985, للتهنئة بالعيد القومي الأمريكي, بدعوى أن أوراق اللعبة في يد أمريكا, وأنه علينا أن نثبت للأمريكان أننا لسنا مثل الخميني الذي كان يرفع شعار « الموت لأمريكا » في تلك الفترة .. ومن رموز ذلك الانشقاق مهدي مبروك القيادي السابق في « الاتجاه الإسلامي » وعضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي اليساري, حليف حركة النهضة اليوم في ما يسمى بحركة 18 أكتوبر …. وهو حزب يشبه حزب التجمع المصري في عديد من الجوانب.   الهوامش:   {1} أنظر, طارق ديلواني ـ الأردن … ضرب السلفية الجهادية بالإخوان لمحاربة التطرف! ـ موقع العصر   {2} المرجع السابق   {3} العدد 39 من مجلة  » كلمة  » و قد نشر الحوار موقع نهضة نت، وهو الوقع الرسمي لحركة النهضة, وموقع تونس نيوز بتاريخ 23 ديسمبر 2005.   {4} من مؤلفاته التي تربى عليها مثقفو الحركة في تونس كتاب  » ابن تومرت, تجربة في الإصلاح »، وهو الذي اعتبر فيه ابن تومرت مدعي المهدوية المبتدع والسفاح ومحارب عقيدة أهل السنة في بلاد المغرب مصلحا!!   {5} أنظر مقال « قصة الإعلان » للشيخ خميس الماجري في موقع تونس نيوز, والذي تناول فيه الشيخ وهو أحد المؤسسين للحركة وقيادي سابق فيها، الانقلاب الذي أحدثه الغنوشي في منهج الحركة العقدي والفكري مباشرة بعد عودته من زيارة للسودان مكث فيها في ضيافة حسن الترابي.   (المصدر: مجلة العصر الألكترونية بتاريخ 15 جانفي 2006)


 

مرحلة جديدة من التشكيك في الكيان الصهيوني

توفيق المديني (*)   مع إحتمال غياب رئيس الحكومة أرييل شارون من المسرح السياسي بعد أن تعرّض لأزمتين دماغيتين في فترة زمنية قصيرة خلال أسبوعين ونصف ،أعيد إدخاله على أثرهما  إلى المستشفى لتلقي العلاج ، سيجعل من الصعب عليه العودة إلى منصبه حتى وإن تجاوز بسلام العلاج الطبي واستعاد عافيته.وأكثر من ذلك، حتى وإن شُفي، سيجد صعوبة بالغة في اقناع الجمهور بقدرته على أدائه مهامه لأربع سنوات أُخرى.فهل إن نهاية عهد شارون الذي وصل إلى نهايته المأساوية ،سيفتح مرحلة جديدة من التشكيك عند العرب حول مستقبل عملية السلام؟   ليست هذه المرة الأولى ، التي يتعرض فيها مسلسل عملية السلام الذي انطلق منذ عام 1991، إلى أزمة حقيقية، بالنظر إلى التعقيدات البنيوية الملازمة له.فعندما صعد شارون إلى سدة رئاسة الحكومة الصهيونية ، في فبراير عام 2001،اعتقدت  السلطات العربية أنه من الصعب أن يوجد محاورا أسوأ منه في الكيان الصهيوني.بيد أن المفارقة الآن تكمن ، أنه مع غياب شارون  من المسرح السياسي ، أصبحت الحكومات العربية متخوفة من عودة جديدة لرئيس الوزراء الأسبق بنيامين نتنياهو إلى رئاسة الحكومة ، وهي العودة التي سوف يسعى من خلالها زعيم الليكود لتحريك الحزب إلى ناحية يمين الوسط.   وبالمقابل ، ليس شارون في نظر الحكومات  العربية رجل سلام ،فهو يظل الرجل الذي أمر وأشرف على ارتكاب مذابح صبرا و شاتيلا عام 1982. و هو الرجل أيضا الذي قام بزيارة استفزازية للحرم القدسي الشريف في شهر سبتمبر عام 2000، الأمر الذي أشعل  شرارة الانتفاضة الفلسطينية الثانية .ويظل شارون في الذاكرة الجمعية العربية، الرجل الذي وضع الرئيس الفلسطيني الراحل عرفات في عزلة تامة في المقاطعة برام الله، و نجح في جعله منبوذا من القوة العظمى الرئيسة الفاعلة في الشرق الأوسط ألاوهي الولايات المتحدة الأمريكية.   بعد خمس سنوات من ترؤسه الحكومة الصهيونية محققا قدرا كبيرا من الاستقرار، استطاع آرييل شارون أن  يحظى خلالها بشعبية كبيرة في أوساط المجتمع الصهيوني، التي أحبته، و أرادت  الحفاظ عليه لولاية اضافية، بحسب كل الاستطلاعات،أن يقوم بعملية انسحاب أحادية الجانب  من قطاع غزة. وبعد أن تعززت مكانة شارون على المستويين الداخلي و الدولي ، في أعقاب التنفيذ الناجح لفك الارتباط أصبح  قادة العالم، و حتى بعض القادة العرب  الذين تحفظوا عنه في السابق،مقتنعين  أنه الرجل الوحيد القادر على تحقيق التسوية السياسية أو تنفيذ انسحاب آخر من المناطق الفلسطينية. لكن تغيير القيادة سيحول السياسة الصهيونية إلى لغز كبير، وسيثير بالطبع قدراً كبيراً من القلق والإرباك في العالم،لا سيما عند مجمل البلدان العربية وكذلك عند الفلسطينيين، الذين يتساءلون الآن إن  كانوا سيدفعون الثمن عبر توسع المستوطنات في الضفة الغربية،ووأد إنشاءالدولة الفلسطينية.   وينبع هذا التخوف من الأسباب التالية:   اولا: إن تدهور الوضح الصحي لشارون ترك الكيان الصهيوني في وضع حكم غريب وهش، إلى أن يقوم الوزير ايهود أولمرت بمقام رئيس الحكومة الانتقالية. فهذا الرجل القريب من شارون ، و البالغ من العمر 60 عاماً يترأس الآن الحكومة الانتقالية عشية الانتخابات التشريعية.وكان وفائه لزعيم اليمين الكلاسيكي الصهيوني، و دعمه غير المشروط لشارون عقب الانسحاب من غزة، قد جعلا منه رجلا سياسيا من الصف الأول.بيد أنه ليس مؤكداً أن تكون له الكاريزما و القوة السياسية الكافيتين لكي يفرض نفسه زعيما لحزب كاديما، عبر تعويضه لشارون.فهو فوق ذلك ، مطالب أن يخوض معركة ضد منافسين محتملين لرئاسة حزب كاديما: وزيرة العدل الحالية تزيبي ليفني  ، المرأة الأكثر تأثيرا في محيط شارون ،ووزير الدفاع شاوول موفاز،وهما مؤديان للإنسحاب من بعضالأراضي في الضفة الغربية  من أجل المحافظة على الطابع اليهودي لدولة « إسرائيل ».   ثانيا:  بصرف النظر عن الزعيم البديل لحزب  كاديما، الذي يفتقد للمؤسسات ومن دون جهاز عمل،فإن المعركة لن تكون سهلة..فحزب كاديما تم خلقه كتشكيلة سياسية من قبل رجل واحد ومتمحورة حول شارون، الذي استقطب رجالا و نساء قدموا من آفاق سياسية متنوعة.وغياب شارون ، سيظهر  على الملأ غياب البرنامج السياسي القادر على تجميع أصوات الناخبين ،المتعاطفين معه  . وكان شارون قد تعمد الغموض بشأن مقاصده السياسية في حال تمت إعادة إنتخابه من أجل كسب مزيد من الأصوات من اليمين و اليسار. وفي كل الأحوال فإن الحزب سيشهد هبوطا متواصلا إلى ان ينتخب رئيسه ثم سيقرر البرنامج السياسي الذي سيضعه رئيس الحزب في قوته وشعبيته. ويقف الحزب أمام مهام صعبة لاقناع الجمهور بقدرته على الاستمرار في نهج شارون من خلال برنامج عمل سياسي يواصل طريق شارون وطروحاته الامنية والاجتماعية.   ومن المشكوك فيه، أن ينتخب شيمون بيريز الذي جسد القطيعة مع حزب العمل والتحق بحزب شارون،   رئيسا لحزب كاديما . هناك كتلة كبيرة من الليكود التي انضمت للحزب تأييدا لشارون وترى بأولمرت المرشح الافضل والمناسب لرئاسة الحزب ،أما اذا حصل بيريز على الرئاسة فذاك يعني ليس فقط إضعاف الحزب وتراجع شعبيته انما تفكيكه لانسحاب الكثيرين من اعضائه ممن يريدون اولمرت رئيسا قادما للحكومة الصهيونية.   ثالثا: إن الكتلة الانتخابية من اليمين، التي انضمت إلى حزب كاديما، بعد الانشقاق الذي حصل في حزب الليكود، يمكن أن تعود ثانية إليه ،لاسيما  أن العديد من عناصر الليكود التي سارعت بالانضمام إلى « كاديما » من المرجح أن تراجع نفسها، وتعود إلى قواعدها. و سيستفيد زعيم حزب الليكود الجديد بنيامين نتنياهو، الذي تراجع إلى المرتبة الثالثة في الخريطة السياسية الصهيونية بعد إنشاء حزب كاديما، من عودة  هذه القواعد المحملة بما تعتنقه من أفكار هي في حقيقتها على يسار أيديولوجيات الليكود، ووقتها قد يجد « الليكوديون »أنفسهم أمام مراجعة واقعية لكثير من أفكارهم ».    و من جانب آخر،فإن الناخبين من يسار الوسط الذين أيدوا شارون عقب انسحابه من غزة، و انضموا لحزب كاديما، يُخشَى  منهم أن يتركوا هذا الحزب الذي أصبح فاقدا لعموده الفقري.و يمكن لحزب العمل أن يستفيد منهم ، لتاجيل سقوطه الحالي، الذي تتنبأ به استطلاعات الرأي.   (*) كاتب تونسي مقيم بدمشق   (المصدر: صحيفة الخليج الإماراتية الصادرة يوم 16 جانفي 2006)

عن الضغوط الأمريكية على سوريا!

 

د. خالد شوكات (*)   شاركت يوم الثلاثاء 3 يناير 2006، في حلقة من برنامج الاتجاه المعاكس لقناة الجزيرة القطرية، خصصت لموضوع الضغوط الأمريكية على سوريا بحجة الديمقراطية، وبالنظر إلى طبيعة البرنامج واختصار وقته إلى ما يقارب الخمسين دقيقة، أضحى من المستحيل على المشارك تقريبا بيان رأيه على الوجه الأكمل – أو حتى شبه الأكمل-، ناهيك إذا كان المشارك يدافع عن وجهة نظر لا تروق لمقدم البرنامج العزيز الدكتور فيصل القاسم، وتمنحه الحق من التحول من مدير للحوار إلى خصم فيه. وتقديرا مني لأهمية الأفكار التي سجلتها مسبقا لإفادة المشاهد بها، ولم تسنح لي الفرصة لطرحها، ارتأيت تقديمها للقراء الأعزاء، تعميقا للنقاش في موضوع راهن ما يزال يثير الكثير من الحبر والجدل والاهتمام، وتطلعا للاستفادة من ملاحظاتهم وتعليقاتهم، وفي ما يلي موجز لهذه الأفكار في النقاط التالية:   • إن اتهام الولايات المتحدة الأمريكية بالازدواجية، لا يجب أن يحجب عنا ممارستنا كعرب ومسلمين لصور صارخة من هذه الازدواجية، وخصوصا فيما يتعلق بالعلاقة مع واشنطن، فنحن إن تدخلت الولايات المتحدة في شؤوننا قمنا بالاحتجاج الصارخ عليها، وإن لم تتدخل قمنا أيضا بالاحتجاج عليها لأنها لا تقوم بواجباتها كقوة عظمى أولى في العالم، ومتهمة باستمرار بالسكوت عن أنظمة ديكتاتورية محسوبة عليها، أو لها معها علاقات وثيقة. هل يجب أن تتدخل الولايات المتحدة في الشؤون العربية أو لا يجب أن تتدخل؟ ذلك سؤال يجب أن تجري الإجابة عليه وفق معيار واحد، حتى لا ننهى عن فعل ونأتي مثله.   • لقد قيل أن النظام السوري مضغوط ومغضوب عليه حتى يوافق الهوى الأمريكي في قضايا جوهرية كعملية السلام مع إسرائيل والمسألة اللبنانية ومشروع الاندماج في الاقتصاد العالمي، والبين أن النظام السوري كما أبرزت تحركات قادته طيلة الأشهر الماضية، والوساطات المصرية والسعودية والقطرية التي ما انفك يبتعثها، يرغب في موافقة الهوى الأمريكي، غير أن الولايات المتحدة فيما يبدو هي التي لا ترغب في هذه المسايرة، وتريد أن تعالج الموضوع بأكبر قدر من الوضوح والمبدئية.   • قبل أسابيع من الحلقة المذكورة التي شاركت فيها، انصب هدف برنامج الاتجاه المعاكس على اثبات أن ايران الإسلامية ما هي إلا عميلة مخلصة للولايات المتحدة، وأنها تتقاسم الأدوار معها في العراق للسيطرة على هذا البلد العربي، وتمزيق أوصاله والتلاعب بهويته القومية العربية ( والأكراد بحسب هذه النظرية ليسوا إلا عربا متنكرين في أزياء كردية)، فيما بدت إيران في الحلقة التي شاركت فيها محط غضب أمريكي ورائدة في التصدي للمشروع الأمريكي الصهيوني المعد للمنطقة، ولست أدري كيف يمكن التوفيق بين الرؤيتين، وأيهما أولى بالمشاهد أن يأخذ بها، إيران العميلة المتآمرة مع أمريكا على العراق، أم إيران الموجودة في خانة واحدة مع سوريا في مواجهة الغضبة الأمريكية الجائرة؟   • خطاب التصدي للولايات المتحدة ومقاومتها، قد يكتسب بعض المصداقية إذا ما انطلق من دول كعراق صدام أو ليبيا القذافي أو سوريا الأسد، باعتبار هذه الدول مصنفة نظريا كأعداء لواشنطن، أما أن ينطلق هذا الخطاب من قطر، فإن الأمر يظهر نشازا إلى حد كبير، وعلى كل من تحدثه نفسه باتخاذ موقف ثوري في مواجهة الولايات المتحدة، أن لا ينسى أنه إنما يمارس وظيفته في التعبير عن رأيه بكل حرية، لأنه موجود في قطر، المحمية الأمريكية، وأنه لو لم يكن في مجال محمي أمريكيا لما تمكن أبدا من ممارسة آدميته – للأسف الشديد-.   • ومثل هذا الموقف الذي عليه كثير من المثقفين العرب، إنما يذكر بتلك النكتة الشهيرة التي جمعت بين أمريكي وسوفيتي أيام الحرب الباردة، حيث فاخر الأمريكي بقدرته على سب رئيس بلاده أمام البيت الأبيض، فما كان من الروسي إلا أن أجابه بأن بمقدوره سب الرئيس الأمريكي أمام البيت الأبيض في الكرملين أيضا. وإني لأسأل الصديق فيصل القاسم إن كان قادرا على إعداد وتقديم برنامج كبرنامجه في تلفزيون سوريا الأسد أو عراق صدام أو ليبيا القذافي باعتبارها رموزا للمواجهة والتصدي، وما إذا لم يكن ممنونا لقطر المحمية الأمريكية لأنها قدمت له فرصة للتألق الصحفي؟   • ولقد سألت الدكتور فيصل القاسم بعد الحلقة المذكورة، عن عدد البرامج التي ألغيت بفعل تدخل أنظمة عربية لدى النظام القطري أو إدارة القناة، مقارنة بالبرامج التي ألغيت بفعل تدخل واشنطن، فلم تكن إجابته منكرة لحقيقة أن عددا كبيرا من البرامج قد حذفت لأنها ستغضب قادة عربا، فيما لم يلغ برنامج واحد منذ تأسست الجزيرة لأن الإدارة الأمريكية رأت فيه مسا بمصالحها، على الرغم من كل ما قيل من قصص مضحكة عن تخطيط الرئيس بوش لقصف مؤسسة إعلامية واقعة أصلا في حماه. إن سب الولايات المتحدة الأمريكية غير مكلف البتة، بينما سب الأنظمة العربية المستبدة مكلف جدا، وإن للأمريكيين سقفا أخلاقيا وأعرافا وتقاليد في احترام الإعلام الحر، لا توجد بكل تأكيد عندنا، وخصوصا عند أنظمتنا العتيدة. وللأسف فإن الجزيرة تقع – بوعي أو بدونه- في شرك التعويض عن الشعبية بسب الولايات المتحدة، لعجزها عن مواصلة نهجها في إثارة فضائح وجرائم الأنظمة العربية المستبدة.   • وكما يلوم الدكتور فيصل القاسم المثقفين العرب الذين يسبون سوريا ومن قبلها العراق أو ليبيا وفقا للأجندة الأمريكية، فإن عليه أيضا أن يلوم أؤلئك الذين يسبون الولايات المتحدة صباحا مساء في حين هم أعجز على أن يوجهوا أتفه الملاحظات أو الانتقادات إلى الأنظمة المستبدة التي يعيشون تحتها. إنني احترم كثيرا أؤلئك المثقفين الذين لديهم قدرة على انتقاد الولايات المتحدة وفي نفس الوقت معارضة الدكتاتورية في بلادهم، لكنني لا يمكن أن أكن الاحترام نفسه لأبطال من ورق في مواجهة أمريكا و أقزام تبع وصغار في مواجهة حكامهم الطغاة والظلمة.   • ولعله من المناسب جدا في هذا السياق، التذكير بممارسة خبيثة ما فتئت الأنظمة العربية تقوم بها، عندما تعمل على تشجيع بعض مثقفيها –أو غض الطرف عنهم- للنيل من الولايات المتحدة، في حين تقوم بجمع ما نشر من سباب وشتائم في ملفات يجري إطلاع الإدارة الأمريكية دوريا عليها، من باب تحذيرها من خطر برامج المعارضات العربية على المصالح الأمريكية، واقناعها بأنها وحدها – أي الأنظمة القائمة- القادرة على ضمان هذه المصالح، وأخذ موافقتها على الاستفراد بهذه المعارضات وتلقينها دروسا لن تنساها.   • إنني أدرك جيدا أن الولايات المتحدة لا تحظى بشعبية كبيرة في العالم العربي والإسلامي، وأن الدفاع عن علاقات وثيقة وجيدة معها تبدو مغامرة غير مضمونة من الناحية السياسية، غير أنني قررت قبول التحدي ومواجهة الرهان عندما دعيت للمشاركة في الاتجاه المعاكس، وذلك من منطلق تحمل المسؤولية، فالمثقف والسياسي الصادق مع نفسه ومع شعبه، يجب أن لا يعمل بمفهوم « الجمهور عايز كده »، وعندما تقتضي الحالة معارضة التفكير العام في قضية ما، فيجب أن لا يتردد لهثا وراء أرباح شعبوية راهنة، وتضييعا لمصالح عامة استراتيجية ودائمة.   • لقد كانت قناعتي ولا تزال مستمرة، بأن النظرية التي تقول بأن « أمريكا لا يمكن إلا أن تضمر لنا شرا »، نظرية باطلة تكذبها وقائع وأحداث كثيرة، وأن عدم تطابق وجهات نظرنا مع وجهات النظر الأمريكية حيال القضية الفلسطينية مثلا، لا يجب أن تفضي إلى الاعتقاد بأن وجهات النظر أو المصالح بين العالم العربي والولايات المتحدة لا يمكن أن تلتقي أبدا. والرأي الثابت عندي أن تحقيق الديمقراطية في العالم العربي، مصلحة عربية أمريكية مشتركة، على الرغم من كل ما يمكن أن يضمره البعض على هذه الضفة أو تلك من كراهية وعداء لهذا المشروع.   • إن الناظر في الشأن التركي أو الماليزي أو الاندونيسي أو البوسني، سيتأكد بلا ريب أن الولايات المتحدة ليس لديها مشكلة في نهضة وتقدم وديمقراطية المسلمين، تماما كما أن المتأمل في الحال العربي، سيلاحظ أن الدول العربية التي تربطها علاقات وثيقة بالولايات المتحدة، في وضع تنموي وسياسي وحقوقي أفضل من تلك التي دارت من قبل في الفلك السوفيتي، وظلت ترفع خديعة وخبثا وكذبا شعارات قومية وجهادية وثورية، في حين كانت عمليا جمهوريات رعب وخوف وفساد.   • وعلى نحو ما سبق أن كررت مرارا في شأن النظام السوري، وما يزال هذا النظام بسلوكه الأرعن يثبت صدقيته، فإنه ليس أسهل من إسقاط ذريعة الديمقراطية التي يقال أن الولايات المتحدة تتحجج بها، وذلك بأن يسرع الرئيس بشار إلى إصلاحات سياسية ودستورية، ترفع الضيم عن شعب مقهور محكوم بالحديد والنار والاستخبارات اللعينة منذ ما يقارب الأربعة عقود، وتحقق وحدة وطنية حقيقية بين مختلف أبناء الشعب السوري، قادرة على إلحاق الهزيمة بكل قوة خارجية تخطط للشر والعدوان على البلد، غير أن يقيني – وليته يكون كاذبا- يحيلني إلى حقيقة مغايرة، مفادها أن الضغوط الخارجية ستتخذ مجددا، كما اتخذت اسرائيل، تعلة لتكميم كل الأفواه المنادية بالديمقراطية، وأن الرهان الرسمي السوري سيظل إلى آخر رمق مركزا على تسوية ما مع الولايات المتحدة. وإن القول لجار، بأن التسوية مع الولايات المتحدة لن تنفع حتى إذا ما نجح النظام السوري في الحصول عليها، وليس من سبب لذلك إلا لأن الشعب السوري قد أراد الحياة وأنه لابد من أن يستجيب القدر.   (*) كاتب المقال تونسي، مدير مركز دعم الديمقراطية في العالم العربي –لاهاي.   (المصدر: موقع إيلاف بتاريخ 15 جانفي 2006)   

أسد بلا مخالب

بقلم جمال العرفاوي   ليلة الوقوف على عرفة تحولت المملكة العربية السعودية إلى محج سياسي للرئيس السوري بشار الأسد، الذي انتقل إليها على عجلة من أمره، بعد أن التقى قبل ساعات معدودات مبعوث الملك عبد الله إلى دمشق السيد سعود الفيصل. لم يجد الرئيس السوري الذي رافقه في هذه الزيارة وزير خارجيته فاروق الشرع، الوقت الكافي لتغيير ملابسه، ووفقا لما وزعه التلفزيون السوري من صور عند اللقاءين : لقاؤه بسعود الفيصل في دمشق ولقاؤه بالعاهل السعودي في الرياض كان يرتدي خلالهما ذات البذلة وذات ربطة العنق مما يوحي بأن الرئيس السوري كان على عجلة كبيرة من أمره وهو الحريص دوما على أناقته وترتيب هندامه. لم تفلت أية معلومة عن اللقاءات الثلاث التي أجراها الأسد في كل من دمشق والرياض وشرم الشيخ أين التقى الرئيس حسني مبارك –على عجل أيضا-. ولكن الزيارات المتسارعة أكدت على أمر لا يطاله شك وهو أن الخناق اشتد حول رقبة الهرم في سوريا، وهو ما تطلب منه أن يقوم بتلك الزيارات المكوكية لدولتين عربيتين خلال نصف يوم.
 
فالملك عبد الله الذي أوفد وزير خارجيته إلى دمشق أراد أن يحصل على أجوبة مباشرة لأسئلة مباشرة أيضا من قبل الرئيس السوري دون سواه، قبل أن تفتح له أبواب الرياض، التي ظلت موصدة لأشهر عدة أمامه لا بل ان الصدود السعودي خلال فترة الجفاء تحول إلى ضغط مباشر عليه. وذلك عبر فتح القنوات الإعلامية المحسوبة على السعوديين أمام النائب المتمرد عبد الحليم خدام، مما حول الرياض من الداعم الوحيد المتبقي على الساحة الدولية إلى مطرقة وسندان بالنسبة للسوريين.
ما الذي حدث أو سيحدث حتى تتسارع الخطى وتعقد قمم مكوكية خلال سويعات ؟ كل ما هو متداول الآن في الشأن السوري ذلك التهديد الذي بات يمثله الرجل القوي في النظام السوري عبد الحليم خدام، خاصة وأن أقطاب المعارضة السورية في المنفى ولعل أبرزهم جماعة الاخوان المسلمين الذين لم يظهروا أي اعتراض صريح في التعامل معه بل أنهم رفعوا الشعار المعروف -وان كان على استيحاء- « عدو عدوي صديقي ».
كما أن « رجل المختارة » وزعيم الدروز في لبنان وعراب حركة الـ14 من آذار، وليد جمبلاط م يدخر فرصة إعلامية واحدة لاطلاق سهامه نحو حكام دمشق. حتى انه ضم صوته إلى صوت خدام الداعي إلى إسقاط النظام في سوريا. … وأمام هذه الاوضاع التي ترافقت ودعوة لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الحريري، للأسد للوقوف أمامها وجد هذا الأخير نفسه محشورا في الزاوية. وبدا جليا أمامه أن الوصول إلى قارب النجاة يمر عبر طريق الرياض-شرم الشيخ، ولكن العبور إلى هناك -وهذا ما شرحه له سعود الفيصل في دمشق- يتطلب الاستظهار بعدة تأشيرات دخول.
ولعل أولها تأشيرة الالتزام الكامل بالتعاون مع لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الحريري. بما في ذلك مثوله أمامها ولو بطرق ملتوية تحفظ ماء الوجه، ويتم التداول الآن في إمكانية أن يقع الاستجواب كتابيا في مرحلة أولى وفي مرحلة ثانية بواسطة رئيس اللجنة بمفرده، وان لزم الأمر خلف ستائر بروتوكولية، كأن تستبدل كلمة استماع أو استجواب بكلمة لقاء. أما التأشيرة الثانية فتقضي بأن يتوقف السوريون صراحة عن التدخل في الشأن اللبناني. وترجمة مثل هذا الكلام يعني الانقطاع عن دعم « حزب الله » والتنظيمات الفلسطينية المحسوبة على سوريا والمتمركزة في لبنان.
وان كنا لا نعلم إن كان الرئيس السوري قبل بهذه الشروط أو قبل ببعضها وتفاوض حول البعض الآخر، ولكن ما هو معلوم أن الرياض فتحت أبوابها أمامه خلال سويعات، وكذلك صدرت التعليمات لكل الوسائل الإعلامية المحسوبة على السعوديين بالتوقف عن التعاطي مع تصريحات خدام ومشتقاتها. حتى أن حديثا كان مبرمجا لزعيم المختارة وليد جنبلاط مع قناة « العربية » ألغي لأسباب « فنية » في آخر لحظة. وهو ما يشير أن الرئيس بشار سار في الطريق الكفيل بحل أكثر من عقدة وبتغيير موازين التحالفات في المنطقة وخارجها.
ففك الارتباط بين دمشق و »حزب الله »، سيعني بالضرورة فك الارتباط بين دمشق وطهران، وهذا لا يريح القوى العظمى فحسب وإنما كذلك السعوديين الذين أعربوا في أكثر من مناسبة عن ريبتهم من تنامي النفوذ الايراني في المنطقة وخاصة في قضايا مفصلية فلسطينيا وعراقيا ولبنانيا، ولا يخفى على احد أن السوريين ومنذ اندلاع حرب الخليج الأولى لعبوا ولا زالوا دور الجسر المتقدم للايرانيين في المنطقة. وتفكيك هذا الجسر سيربك مصالح ايران فلسطينيا ولبنانيا وسيحرمها من عدة أوراق في مواجهة « شيطانها الأكبر » الولايات المتحدة الأمريكية.
كما أن القاهرة تجد هي الأخرى مصلحة في أي تحول سوري عن طهران، إذ أن دورها في إدارة الصراع الاسرائيلي-الفلسطيني كثيرا ما يصاب بالتشويش والإرباك جراء التدخل الايراني -بالوكالة السورية- في الشأن الفلسطيني.
ولكن مرة أخرى ماذا ستعني كل هذه التنازلات للنظام السوري الذي ظل ولطول عقود يمني أهل الشام وأتباعهم بالتوازن الاستراتيجي مع اسرائيل تمهيدا لتحرير الأراضي العربية المغتصبة ؟ وهل يستطيع أن يقنعهم الآن أن البحث عن تثبيت « توازن النظام » وتأجيل « المعركة » هو ضرورة قومية ؟
إن شعار « التوازن الاستراتيجي مع اسرائيل » وكذلك شعار « القدس أولا والجولان ثانيا » و »لا شيء يعلو فوق صوت المعركة » دفع من أجله السوريون وغير السوريين من العرب الغالي والثمين طوال عقود طويلة، تأجلت خلالها خطط التنمية واختنق الاقتصاد. أما الحديث عن التنمية السياسية والديمقراطية فإنه مؤجل إلى يوم الدين. كما أنه من الصعب التخلي عن هذه الشعارات التي ظلت ولا تزال البنزين الذي يحرك دواليب النظام البعثي.
فماذا اختار الأسد إذا، « المواجهة » التي أعلنها خلال آخر خطاب ألقاه في جامعة دمشق ؟ وهو خيار قد يكون محفوف بالعواقب الوخيمة ؟ أم إنه اختار الدخول في حلبة المساومات وهو لا يمتلك فيها الأوراق التي كانت بين يدي « الأسد » الراحل.
فاستحقاقات هذه المرحلة تختلف عن استحقاقات ما قبل الـ11 من سبتمبر وعن مرحلة الحرب الباردة. لقد تفكك الاتحاد السوفياتي وانسحبت اسرائيل من جنوب لبنان، وانسحبت سوريا من لبنان كله، وواشنطن تسعى للسيطرة على الجميع بدءا بالعراق.
فما تريده أمريكا واضح المعالم : التنازل عن هضبة الجولان وفك الارتباط مع ايران وتوابعها في لبنان والتوقف عن أي دعم للفصائل الفلسطينية المغردة خارج « سرب أوسلو » والقبول بالحلول والمشاريع الأمريكية في العراق السابقة والقادمة وأخيرا اعطاء دور أكبر للسنة في سوريا.
وخلاصة القول يمكن الجزم الآن أن الأسد استطاع ان يجد في الرياض وشرم الشيخ مشروع قارب نجاة، إلا أن هذا القارب بلا « بوليصة » تأمين ومحركاته محدودة الصلاحيات.


لماذا لا يحقّ لإيران أن تمتلك السلاح النووي؟

صالح بشير (*)       هل يحق لإيران امتلاك السلاح النووي؟   من حيث المبدأ، وقبل الإجابة عن هذا السؤال، يجدر التنويه بأن عالما أمثل هو عالم خال من أسلحة الدمار الشامل. لكننا بطبيعة الحال لسنا في عالم من ذلك القبيل، بل أن المُثل المُفارِقة والنقية، لا حيّز لها إلا في أذهان الأفلاطونيين. وهي، إن وُجدت، ربما كان من الأجدى والأسلم أن تظل حيث هي، لأنه كلما صير إلى محاولة تنزيلها في تاريخ البشر، كانت الحصيلة كارثة، على ما برهنت التجربة وأمعنت منذ سحيق الأزمنة.   هل يحق إذاً لإيران امتلاك السلاح النووي؟ نظرياً، من ناحية، وواقعيا من ناحية أخرى، نعم… أو ربما كان من الأجدر والأصح القول إن الحجج التي درج المعترضون على سوقها لإنكار ذلك «الحق» على الجمهورية الإسلامية، قاصرة في الغالب، من الناحية العقلية وبصرف النظر عن النفور الذي يستثيره نظام الملالي لدى الكثيرين، عن الإقناع أو عن دحض ادعاءات طهران في هذا الصدد.   ذلك أنه لا يستقيم، دون الوقوع في تهمة الكيل بمكيالين الشهيرة، حرمان إيران مما هو متاح للهند وباكستان، بل حتى لكوريا الشمالية، ناهيك، بطبيعة الحال عن إسرائيل. كان يتوجب الحؤول دون تحوّل القارة الآسيوية، وجنوب غربها تخصيصا، مجالا لسباق التسلح، واتقاء نشوء تلك الكيمياء البالغة التفجر، والناجمة عن التقاء النووي بالنفط بالأصولية في تلك الأرجاء… وأما وأن ذلك لم يتحقق، وأن القوى الكبرى التي انتدبت نفسها مسؤولة على أمن العالم قد سجلت في ذلك الصدد إخفاقا، فإنه يتعذر صرف إيران، كدولة ترى نفسها كبيرة ومؤثرة، أقلّه على صعيد مجالها الإستراتيجي المباشر، عما قد تراه حقا سياديا لا جدال فيه، وترى حرمانها منه، على العكس من بلدان أخرى في الجوار القريب أو الأقل قربا، غبنا وإجحافا، أو أن عملية الصرف تلك لا يمكنها أن تُنجز إلا بفعل قوة، إنتقائية طبيعةً، وليس استنادا إلى معايير موضوعية وحيادية، تواضعت المجموعة الدولية على اللجوء إليها في مثل هذه الحالات كما على طرق ووسائل إنفاذها.   حتى الإشارة إلى الطبيعة الإيديولوجية لنظام طهران قد لا تُغني في هذا الصدد. إذ يبدو أن إيرانيين كثراً، من غير أنصار سلطة الملالي القائمة حاليا، لا يعترضون على مساعي تلك السلطة في المجال النووي، رغم مناصبتهم لها العداء في مجالات أخرى كثيرة. وهو موقف يعود في بعض أوجهه إلى مشاعر وطنية، بقدر ما يعود، حسب اجتهاد بعض الأوساط، إلى التمييز بين النظام من جهة، وبين الدولة والكيان من جهة أخرى، يرى في السلاح النووي عنصرا من عناصر مناعة هذيْن، حتى وإن تحقق على أيدي نظام يمجّه ويمقته. هذا، بطبيعة الحال، ناهيك عن أن حجة التعصب الإيديولوجي للسلطة الراهنة لا تبدو كافية. صحيح أن البرنامج النووي الإيراني قد وجد في الرئيس الحالي، محمود أحمدي نجاد، ذلك الطالب الأبدي الذي يلقي التصريحات، وهو رئيس دولة، على عواهنها كما كان يفعل في المهرجانات الخطابية «الجماهيرية» والانتخابية، أسوأ محام يرافع عنه، يغذي المخاوف، الحقيقية أو المدعاة، لكل من يساوره قلق حيال مساعي إيران النووية، ولكن يمكن لأي نصير لنظام الجمهورية الإسلامية أن يواجه مثل تلك الحجة بالقول بأن السلاح النووي إنما يضطلع بوظيفة ردعية، وأن فاعليته، بهذا المعنى، إنما تتمثّل في عدم استخدامه، وأن الطبيعة الإيديولوجية لنظام من الأنظمة لا ترشحه، بمفردها، لاحتمال اللجوء إلى ذلك السلاح في يوم من الأيام، وبأن القوة الوحيدة التي استخدمت السلاح الذري، للمرة والأولى والأخيرة (حتى الآن) في التاريخ البشري، إنما هي الولايات المتحدة، وهي كما هو معلوم، دولة ديموقراطية، بل زعيمة العالم الحر، ومسؤولة، ولم تكن واقعة تحت سلطة بعض الموتورين المتعصبين.   ونحن لا نشير إلى ذلك من باب الترويج لـ»حق» إيران المزعوم في امتلاك السلاح النووي، بل من باب السعي إلى تبيان كيف أن القوى الكبرى المعترضة على مساعي الجمهورية الإسلامية في ذلك الصدد، إنما تجني، في هذه الحالة، ثمار لبس وانتقائية في سياستها الرامية إلى منع انتشار أسلحة الدمار الشامل، وسلوكها مسلكا يتغاضى عنها ويتسامح في بعض الحالات، لتعاطفٍ أو لحسابات استراتيجية، ويبدي صرامة في بعض الحالات، لنفور ولحسابات استراتيجية أيضا، فإذا هي سياسة غير مبدئية، لا تتوخى معايير مسلّماً بها يُجمع عليها العالم، وإذا هي تالياً، سياسة ضعيفة متهافتة، يمكن لأي موتور أو ديماغوجي أن يفضح تناقضاتها.   لذلك، فإن أفضل الحجج ضد سياسة إيران النووية لا تتمثل في تلك التي يسوقها العالم الغربي، الولايات المتحدة وأوروبا، بل في تلك التي قد يسوقها، بل يجب أن يسوقها، العالم الإسلامي، في بلدان المنطقة على وجه التحديد. فما لا شك فيه، بالنظر إلى راهن المنطقة تلك وإلى طبيعة النوازع التي تعتمل فيها، والتي لا ينكرها إلا مكابر أو من يحل أمانيه منزلة الوقائع، أن قنبلة إيران النووية، إذا ما قُيض لها أن ترى النور، ستكون حكما «قنبلة طائفية»… واقع الشرق الأوسط والخليج لا يمكنه، في طوره الراهن، إلا أن يرشح بشيء من هذا القبيل ومن هذه الطبيعة.   لذلك، وبالنظر تكرارا إلى واقع الاحتقان الطائفي الماثل والمعلوم الذي لا يجدي التستر عليه، فالأرجح أن تكون القنبلة النووية الإيرانية «قنبلة شيعية» (على منوال الوصف الذي أُطلق في وقت من الأوقات على نظيرتها الباكستانية، بأنها «قنبلة إسلامية»)، قد تتوجسها مكوّنات سكانية بعينها وقد تستقوي بها أخرى، عابرة للأوطان في الحالتين، من منطلق طائفي في المقام الأول، فتكون بذلك عنصر توتير بالغ الخطورة على الصعيد الإقليمي (يفوق بكثير خطرها المزعوم على إسرائيل، المتمتعة بالحماية وبوسائل الرد). وهو ما قد يؤدي إلى بروز استقطابات جديدة وإلى تصليب تلك الاستقطابات، وإلى بلوغ من يتوجّس خطرها الأقصى في سعيه إلى الاحتماء، وفق احتمالات سوء لا مفر منها، لعل أقلها دراماتيكية، على فداحته في ذاته، نشوء ضرب من استقطاب ثنائي، طرفاه إيران وباكستان، ينتظم نصاب المنطقة على أساسه، توترا مقيما…   هذا ما قد يكون أبرز مخاطر القنبلة الإيرانية، إلا لمن أعمى بصيرته العداء لأميركا وإسرائيل مهما كان العداء ذاك مشروعا، فاصطفّ إلى جانب طهران فقط نكاية بواشنطن وتل أبيب.   (*) كاتب تونسي مقيم  بإيطاليا   (المصدر: ملحق « تيارات » بصحيفة الحياة الصادرة يوم 15 جانفي 2006)

تـفـجـيـر الـعـالــم الــعــربــي

  

برهان غليون (*)   لم تكن حقبة العولمة حقبة سعيدة بالنسبة للعالم العربي، لا ككتلة ولا كأقطار متفرقة. فقد كان عليه أن يتحمل أكثر من جميع المناطق الأخرى القسط الأكبر من أعباء إعادة بناء النظام العالمي الجديد الأحادي القطبية، وما ارتبط ولا يزال يرتبط به من صراعات دموية ومنازعات اقتصادية وإستراتيجية.   ويمكن القول بالإجمال إنه وإن تمكنت بعض الدول على المستوى الفردي من تحقيق بعض المكاسب الاقتصادية المؤقتة، إلا أن العالم العربي ككل قد خسر على طول الخط جراء بروز ديناميات العولمة الراهنة التي تجسدت آثارها الرئيسية في تعميق الفجوات ومكامن النقص والتناقضات التي كانت موجودة من الحقبة السابقة، وفي أحيان كثيرة تفجيرها.   من هذه الفجوات، الفجوة الإستراتيجية التي تشير إلى تراجع شروط الأمن الخارجي بالمعنى القومي أو الإقليمي والوطني القطري على حد سواء. فمما لا شك فيه أن العالم العربي قد شهد تدهورا خطيرا في هامش استقلاله ومبادرته القومية، أي الشاملة. وهو ما يتجسد في إغلاق أفق بناء تكتل سياسي عربي يضمن الأمن الجماعي ويؤكد مشاركة العرب في تحديد سياسة إقليم الشرق الأوسط ومستقبله.   فمنذ الآن أصبحت مشاريع الشرق الأوسط الكبير أو الشراكة المتوسطية التي تقسم البلاد العربية بين متوسطية وغير متوسطية، هي الوحيدة المطروحة على جدول العمل الإقليمي، من دون أي أمل بالتحقيق الجدي أيضا. وفي المحصلة غياب أي أفق للتكتل الحقيقي سواء أقام على أسس التقارب العربي أو التقارب الإقليمي، بين البلدان العربية.   كما شهد العالم العربي تدهورا خطيرا أيضا في ميدان الأمن الوطني الخاص بكل بلد عربي. وهو ما يعكسه انهيار التفاهم العربي وتفجر النزاعات العربية العربية والحروب الأهلية التي فتحت البلدان العربية أمام التدخلات الخارجية ووسعت من دائرة انتشارها ورقعتها مع تحويل العالم العربي إلى ساحة واحدة للحرب العالمية على الإرهاب وبالتالي للحرب الإرهابية. وهكذا فقد العالم العربي عنصري الأمن والاستقرار اللذين لا غنى عنهما في أي تنمية إنسانية، بما في ذلك التنمية الاقتصادية.   وشهد عصر العولمة العربي أيضا تعميق علاقة التبعية التي حاولت الحركة الوطنية والقومية السابقة عمل المستحيل من أجل قطعها وضمان الاستقلال الوطني وتأكيد السيادة الشعبية. فالعالم العربي يعتمد اليوم في استمرار أمن دوله ونظمه السياسية واستقراره الاقتصادي وتأمين حاجاته التقنية والعلمية والصحية والثقافية، بل في بقاء دوله نفسها أو بعضها، على ما يتلقاه من دعم خارجي أو من حماية أو وصاية أجنبية.   فقد نشأت الدول العربية في حضن النظام الاستعماري القديم وسعت فور الخروج من تحت السيطرة الأجنبية إلى الانضواء تحت راية منظمة إقليمية هي الجامعة العربية. وبالرغم من أن هذه المنظمة لم تتسم بالكثير من الفعالية السياسية ومن باب أولى العسكرية، فإنها قدمت للشعوب العربية مظلة إقليمية عززت من هامش مبادرتها الوطنية كما شكلت منتدى سمح للدول العربية بمناقشة خلافاتها والتوصل إلى تسويات لا ترقى إلى درجة الحلول للنزاعات ولكنها تفضى إلى تخفيف التوترات والحفاظ على مظهر الإجماع العربي.   وقد جاءت حركة الوحدة العربية في الستينات وما ارتبط بها من قوة شعبية لتعزز الشعور بالمصير المشترك لدى المجتمعات العربية وتقوي الانتماء لمجموعة واحدة كبرى ذات مصالح متقاربة، ولها مصلحة في العمل المشترك، وربما تكوين كتلة إقليمية مؤثرة في وقت ما. وقد شكل التعاون في المسألة الفلسطينية نوعا من الصدقية لهذه الكتلة القائمة بالقوة إن لم يكن بالفعل.   بيد أن إستراتيجية الوحدة العربية لم تستطع أن تتغلب على عوامل السيطرة الخارجية التي كانت ترمي إلى منع نشوء تكتل، بل حتى تحالف عربي فعال، ضد إسرائيل. وقد تحقق لها ذلك عندما وقعت القاهرة على اتفاقية كامب ديفد عام 1979، والتي استعادت بموجبها سيناء المحتلة، من دون أي اعتبار لمصير الأراضي العربية المحتلة الأخرى، وفي مقدمها فلسطين والأراضي السورية.   وبالرغم من الصدع الذي هز الجامعة، فإن الحاجة إلى التكاتف في وجه الضغوطات الخارجية دفعت الدول العربية، من منطلقات براغماتية، إلى التمسك بالمنظمة الإقليمية التي أصبح وجودها وحده يشكل نوعا من الحماية الشكلية للدول، تجاه الخارج وتجاه الداخل أيضا، بما يؤمنه لكل منها من هامش مبادرة خارجية ومن أداة للضغط والحماية والمفاوضة الجماعية لصالح هذه الدولة أو تلك.   وهكذا بدل أن تكون قاعدة مشروع تكتل عربي مطلوب لدرء المخاطر الأمنية وخلق سوق اقتصادية واسعة ضرورية للدخول في عصر العولمة أصبحت الجامعة العربية إحدى الأدوات الرئيسية التي تملكها الدبلوماسيات العربية لتأكيد وجود الدولة الوطنية وانغلاقها.   هكذا، منعت الضغوط والتدخلات الخارجية من بناء أي إطار للأمن الجماعي العربي، فبقيت اتفاقية الدفاع العربي المشترك ورقة ميتة كما دفنت المنظمة العربية للصناعات العسكرية في مهدها.   وبدل الانطلاق من الجامعة العربية التي كانت تمثل قاعدة جاهزة للعمل العربي نحو بناء تكتل إقليمي يسمح باستيعاب تغيرات ميزان القوى الدولي ويضمن للعالم العربي وبلدانه المختلفة هامشا ضروريا للمناورة الإستراتيجية، اتجهت الحكومات العربية منذ الثمانينات في اتجاه العمل الفردي المنفصل، وأخفقت جميع محاولاتها في التوصل إلى صيغة لتطوير النظام الإقليمي العربي، بما في ذلك الصيغ الاقتصادية المحض كما حاول تجسيدها مؤتمر الاقتصاديين العرب الذي عقد في عمان عام 1980 تحت شعار التنمية العربية.   وفي سياق هزيمة الحركة القومية العربية والحكم بالتجميد والعجز على النظام الإقليمي العربي المجسد في الجامعة العربية سوف ينهار التفاهم العربي السابق، حتى في حدوده الشكلية وتبرز من ورائه تناقضات المصالح وبرامج العمل الخاصة.   وهكذا سيترافق دخول العالم العربي في عصر العولمة بسلسلة من الحروب الخارجية والعربية العربية والأهلية التي ستقوض صدقية الدول العربية وتدمر أسس استقرارها الإستراتيجية.   وفي مقدمة هذه الحروب الحرب الإسرائيلية المستمرة لابتلاع الأراضي المحتلة وتحطيم المقاومة الفلسطينية واللبنانية التي ستبلغ ذروتها في محاصرة العاصمة اللبنانية بيروت من قبل القوات الإسرائيلية عام 1982، وتكبيدها القوات السورية المتواجدة فيها هزيمة عسكرية جديدة.   وبالإضافة إلى حروب ليبيا جنوب الصحراء وحرب الصحراء الغربية التي سممت حقل العلاقات المغاربية ثم الحروب الداخلية العديدة التي فجرها التنافس بين الدول العربية على احتلال موقع متميز في القضية الفلسطينية، لن يمض وقت طويل حتى تفجرت عام 1979 الحرب العراقية الإيرانية التي دامت ثماني سنوات، في إطار التفاهم مع الدول الصناعية الغربية على كبح جماح الثورة الإيرانية الإسلامية والحد من آثارها وعواقبها الإستراتيجية على المنطقة النفطية.   وقد شق الموقف من هذه الحرب الرأي العام العربي شعوبا وحكومات على حد سواء. لكن الضربة القاضية للنظام العربي ستأتي من العراق البعثي بعد احتلاله لدولة الكويت، وإعلانه قرار إلحاقها بالعراق وضمها إليه.   فلم تقوض هذه الحرب والقرارات التي تبعتها الأسس التي قامت عليها الجامعة العربية وتعمق الشك بنجاعتها وشرعية الرهان عليها فحسب، وإنما عززت إرادة الدول الصناعية في بسط سيطرتها المباشرة على المنطقة، بما في ذلك اختراق المنظومة الأمنية الوطنية في البلاد العربية.   وقد جاء تصويت أغلبية دول الجامعة العربية على القرار الذي اتخذته قمتها لدعم الحرب التي قررها التحالف الدولي ضد العراق عام 1991 لينهي أسطورة العمل العربي المشترك ويؤكد السير الحثيث للبلدان العربية نحو خيار التدويل.   وهذا ما أكدته، في الأشهر التالية، مسارعة دول الخليج العربية إلى توقيع اتفاقيات التعاون العسكري والحماية المتبادلة مع الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة.   ومنذ هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 في واشنطن ونيويورك، والرد الأميركي عليها باحتلال العراق عام 2003، وما تبعه من التفكيك المادي لدولته ومؤسساتها، فقد العالم العربي سيطرته على شؤونه الأمنية وتحول إلى منطقة نفوذ مباشر ودائم للقوى الأطلسية.   وفي هذا الإطار طرحت الإدارة الأميركية الجمهورية على لسان الرئيس جورج بوش مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي يهدف إلى تكريس هذا الوضع وإعادة بناء المنطقة تبعا لحاجات العولمة الإستراتيجية والعسكرية، أي إلى إدخال دول غير عربية في التكتل المنشود، وفي مقدمها إسرائيل التي شكلت الحاجة إلى مقاومة توسعها محور البناء الإقليمي العربي، ومن وراء ذلك تصفية فكرة العروبة نفسها كحامل لمشروع إقليمي مستقل وإلغاء أي أمل لها في أن تستعيد المبادرة الإستراتيجية في المنطقة بما تمثله من نزعة استقلالية وأجندة وطنية خاصة ومصالح متناقضة مع المصالح الأطلسية، خاصة في ميدان النفط وضمان أمن إسرائيل وتطمينها على مستقبلها.   وما حصل هنا في الواقع على صعيد النظام الإقليمي لا يتنافى مع معطيات التاريخ، تاريخ العولمة، ولكنه يصب فيه. فما عجزت عن تحقيقه البلاد العربية سوف يتحقق تبعا لحاجات العولمة، لكن هذه المرة تحت الوصاية الأميركية ولخدمة أهدافها الإستراتيجية معا.   فبدل الخروج المنظم والواعي نحو إستراتيجيات إقليمية وعالمية تحترم مصالح الشعوب ووشائج القربى التي تجمع بينها، كما كان عليه الحال في أوروبا، شهد العالم العربي خروجا تبعيا وإكراهيا معا مفروضا بالقوة السياسية والعسكرية كان من نتيجته تعريض المجتمعات للحروب والنزاعات الدموية، وانتزاع سيادة البلدان الفردية وإلحاقها بنظام الهيمنة الدولية الذي يستجيب لمصالح السيطرة الخارجية.   فبقدر ما أخفقت البلدان العربية في التكيف إراديا مع حاجات العولمة الإستراتيجية، وجدت نفسها ضحية الإستراتيجيات البديلة أو المناوئة التي استخدمت معطيات العولمة ذاتها وحاجاتها من أجل فرض إعادة تركيب المنطقة من وجهة مصالحها الخاصة فحسب، أي إعادة فتح الحدود في ما بينها حسب حاجات الأجندة الأميركية، حارمة المنطقة وبلدانها معا من الاستقلالية الإستراتيجية التي تضمن استقرار التوازنات الإقليمية بعيدا عن التدخلات الخارجية المستمرة والمفاجئة، كما تضمن المشاركة في القرارات الجماعية المتعلقة بمصير المنطقة ومصير شعوبها.   ويشكل هذا الاختراق الواسع للمنطقة من قبل الإستراتيجيات الدولية، وحرمان الدول من سيادتها واستقلال قرارها، تحديا كبيرا للمجتمعات العربية التي تطمح إلى الاستفادة من فرص العولمة في سبيل ترسيخ قاعدة الاستقرار وتحقيق التكتل الإقليمي من أجل التكامل وخلق شروط الازدهار لجميع السكان، لا في سبيل ضمان تدفق الموارد الطبيعية والبشرية والرساميل للخارج.   وبالمقابل إن ما حصل بالفعل في إطار العولمة هو تدويل المنطقة من جهة وإخضاعها لحاجات الحرب العالمية على الإرهاب التي أصبحت البوصلة الوحيدة للإستراتيجية الأميركية العالمية بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول.   وهي الحرب التي تدور رحاها بالدرجة الرئيسية في البلاد العربية وتتحول أكثر فأكثر إلى حرب الدول العربية والحكومات الرسمية على مجموعات الإرهاب التي تمثل هي نفسها تعبيرا عن الأزمة الخطيرة التي تعيشها حركة المواجهة العربية وما وصلت إليه من انسداد.   فهي تتحول بشكل من الأشكال إلى حرب أهلية عربية إسلامية. ويشكل تجريد المنطقة العربية من مشروعها الخاص ووضعها تحت الوصاية، باسم الكفاح ضد الإرهاب العالمي وتدمير أسلحة الدمار الشامل ونشر الأمن والديمقراطية، جزءا من أجندة العولمة الأميركية، ويدخل في باب تدويل الأمن والسياسة العربيين.     لكن، لم يضمن تدويل قضايا الإستراتيجية والأمن الوطني في البلاد العربية المزيد من الأمن، ولا ساهم في تحقيق الاستقرار. لقد فجر بالأحرى الأزمة العميقة التي تعيشها المجتمعات العربية والتي ساهمت الضغوط الغربية القوية والمتواصلة في تفاقمها والمد في أجلها، من خلال منع أي تكتل إقليمي إستراتيجي عربي، والإبقاء على توازن قوة يخدم مصالح الحفاظ على الأمن والاستقرار في إسرائيل، من دون أن يأخذ بأي اعتبار مصالح الحفاظ على الأمن والاستقرار في البلاد العربية.   وهكذا كانت نتيجة هذه العولمة الإستراتيجية زيادة الإنفاق العسكري لدى الدول العربية، لكن مع تفاقم سوء الأوضاع الأمنية، وتدهور قدرات الدول على الاحتفاظ باستقرارها وضمان الحد الأدنى من استقلال قراراتها الوطنية.   مما يعني أن مزيدا من النفقات العسكرية قد قاد، بالعكس تماما مما ينتظر منه، إلى المزيد من التبعية والاختراقات الخارجية. فقد بلغت نسبة الإنفاق العسكري لدول عربية ما بين 12 و13% من الناتج المحلي بين 1995 و1999.   هذا مع العلم أن بلدانا عربية عديدة تخفي حجم نفقاتها الدفاعية الحقيقي بسبب تحويل القطاع العسكري إلى قطاع اقتصادي حافل بالمؤسسات والشركات التي تشكل بؤرة للفساد ومصدرا لتحقيق المغانم السريعة للنخب الحاكمة.   (*) كاتب ومفكر سوري   (المصدر: ركن « المعرفة » في موقع الجزيرة.نت بتاريخ 11 جانفي 2006)  

مأزق المعارضة بين الوطنية المهددة والديمقراطية المؤجّلة

مطاع صفدي (*)   تظل المجتمعات قبل الصناعية غير واعية لدلالات التكوين المدني لافتقارها إلي البني المؤسسية، وسيطرة التماثلية علي مختلف قطاعاتها بحيث يصعب تمييز أدوار تعددية ما بين وحداتها السكانية. فالكل والواحد لهما طبيعة متشابهة. وليس ثمة ظهور للفرديات المستقلة. وبالتالي من الخطأ إطلاق التوصيف الحداثوي علي الحياة السياسية العامة الذي يميز بين اتجاهات اليمين واليسار والوسط، أو يساعد علي إنشاء أحزاب بمعني الكلمة، متنافسة علي أساس برامج وتوجهات موضوعية، ومتباينة تعددية في أهدافها. لذلك لا يمكن النظر الي المتغيرات، من ضمن سياق يتمتع بمقدمات محددة، ويؤدي الي نتائج متوقعة أو متصورة. فالاختلاف بين حال وأخري لا يخضع لقانون واضح. وكثيراً ما تقع التحولات العامة، بشكل عابر أو مفاجيء، كأنها نوع من الصُّدف الطارئة، غير قابلة للتحليل العقلاني، وإنما يضطر الفهم أن يلجأ الي مجرد التسويغ والتبرير،دون أن يكون ذلك متطابقاً بالضرورة مع منطق الأهداف كما هي.   هكذا مثلاً سيطرت فكرة الاشتراكية علي معظم دول العالم الثالث بعد فوزها بالاستقلال الوطني مباشرة، وكأنما كانت مجتمعاتها ناضجة التكوين الطبيعي، ما بين البرجوازية والبروليتاريا، وهو الوضع الذي لا يمكن أن تصل اليه إلا المجتمعات الصناعية، وبعد تطورات بنيوية في علاقات الإنتاج عبر فترات تاريخية متتابعة تتطلب أجيالاً من المتغيرات وحالات الوعي المصاحبة لها. هذا الوهم وما يشبهه كذلك من الأدلجات المجلوبة الأخري، فتح الطريق أمام قيام الدولة الشمولية التي استحوذت علي مختلف خطوط التطور، وأخضعتها لنماذج من التكييف والقولبة، المضادة غالباً لطبيعتها، والمتجاهلة لواقعها وإمكانياتها التي تخصها. مثل هذه الإكراهات الفوقية المفروضة علي الدويلات الطرية العود، ساهمت موضوعياً في إحباط مستقبلها التنموي الذاتي، وحرفته عن مساراته الأصلية. وجعلت مجتمعاتها ذات الطبيعة الهلامية عرضةً لقولبات قسرية تخترعها الفئات الحاكمة كيما يتاح لسلطاتها الإمساك بمختلف مفاتيح التطور، ومفاصل التكوينات المستجدة، ووضع خطوط الحراك الاجتماعي تحت رقابتها الأمية والجاهلة المتجاهلة لأبسط معطيات الواقع وظروفها المتغيرة تلقــائياً. فتـــأتي تدخلاتها الطائشة لتفسد مقدماً كل خمـــائر التقـــدم النوعي والتاريخي الذي تنادي به وتنتـــظره ما يســمي بالطلائع المثقفة المخضرمة والمعــاصرة لمرحلة الاستقلال ما قبلها وما بعدها.   إنه قانون التطور المجهض بإيقاعاته الثابتة والمتشابهة بين مختلف دويلات العالم الثالث تقريباً، ومن بينها خاصة الكيانات العربية التي عانت جلّها من صدمة الانحلال المبكر؛ وقد فاجأها منذ خطوات البدايات الاولي الخاطئة. وهو الوضع الذي مهّد لظهور دولة القمع من جهة، كما ساعد من جهة أخري في دعم ركائزها وتسليط أجهزتها الامنية، وتغلغلها في العمق من أنسجة المجتمع، ومفاصل هيكليته العامة، وفتح كل الأبواب أمام اختراق شبكية الفساد بأشكاله العامة. وامتد سريعاً الي مختلف مؤسسات الحكام والمحكومين معاً. صار التسلط والفساد توأمين يكتسحان معاً كل الساحات، يشكلان الفعالية الرئيسية المتحكمة ببقية الفعاليات، والموظفة أولاً لحسابها.   ما يقال عن انهيارٍ لتجارب العالم الثالث وانتكاس مختلف المشاريع التنموية الجادة، وضياع ثرواتها الوطنية مجدداً، وانحسار أدوارها السياسية المعقودة عليها آمال شعوبها، في مجال الصراعات الدولية ومتغيراتها المصيرية، إنما يعود أولاً لتبديد فرص النهوض الحقيقية الكثيرة التي تتحمل مسؤوليتها التاريخية أنظمة الاستبداد والفساد التي اختطفت جميع مبادرات العمل والفكر والتنظيم وعزلت شعوباً كاملة عن المشاركة في تسيير أبسط شؤونها العامة، وكَبَحَتْ إرادة التغيير بكل وسائل العنف المادي والمعنوي. والمثال النهضوي العربي بخاصة يأتي في مقدمة هذه القصة البائسة، التي لم تنهض خلال فصولها الدرامية، إلا أسوأ قوي الاستغلال والتسلط والنهب العام والخاص. فالمحصلة السياسية المرة لانهيار مشروع النهضة الثانية المعاصرة لم تتجسد فقط في إنتاج أردأ أنظمة الحكم المعروفة في تاريخ التطور الحضاري وحدها، ولكنها، وهذه هي النتيجة الأفجع، أجهضت نشوء المجتمع المدني بأبسط خصائصه الإنسانية والحقوقية والثقافية.   فما تَسَلَّمَتْهُ الأجيال الصاعدة اليوم ليس سوي حطام نهضةٍ أصابتها الشيخوخة وهي لم تفارق طفولتها الأولي بعد. عقائدها ارتدادية نحو عهود التكايا والزوايا وصراعات الملل والنحل. ثقافتها أمية القراءة وضحالة الإبداع، وسيطرة مطلقة للصور السمعية البصرية وشائعاتها العابرة، واقتصادها، ثروات فاحشة محتكرة في أيدي أمراء السلطة والعشيرة والحزب، ويتداولها فقط سماسرة الداخل والخارج، بينما يعمّ العوز والفقر وأشباهه غالبية الناس. آفاق العمل مسدودة أمام أجيال الشباب في أكثر أصقاع العالم الثالث، وتحديداً في أقطار العرب والإسلام، حتي في بلاد شيوخ النفط وأمرائه. فالبطالة هي صنو الجهالة، وبهما معاً تزدهر شعائر الخرافة والتعصب أو بدائُلها: العنفُ والإرهاب والهلوسة الغيبية. اما التداعيات السياسية فمحصورة بين أرباب السلطان وحواشيهم. لا شأن في خيارات الدولة وقراراتها العليا لأحد. وقد يخيّل للحاكم المستبد أن إرادته المطلقة سارية المفعول فيما يخصّ بلدَه، وفي كل مكان آخر. يبلغ غرور العربدة والنّزق الانفعالي بالمتسلطين حدَّ الاستهتار بأولويات المباديء المنظمة للعلاقات الدولية ومصالح أقرانهم الأقربين، جرياً علي عاداتهم في احتقار شعوبهم والاستهانة بردود أفعالهم علي تحدي الغيّ السلطاني واللصوصية العلنية الوقحة.   لم يعد لمعظم الأنظمة العربية ما يدعم (شرعيتها) سوي مدي العنف الطغياني الذي استخدام أسوأ وسائله المباشرة المجلوبة من أظلم عهود البربرية. فالقتل الفردي والجماعي، المادي أو المعنوي، هو الحل الأسرع والأفعل للإجهاز علي المعارض، الذي يُعتبر في عداد المنافس المهدّد لملكيات المتسلطين اللامحدودة. وعندما اختنقت جذوة النهضة في مهدها، وانحرفت جميع مشاريع التنمية الإنسانية والاجتماعية عن غاياتها العامة، لتغدو مجرد صفقات فوقية لأهل السلطة وحدهم، تضاعف من ثرواتهم الفاحشة ومن نفوذهم، وتقوّي من مواقعهم ضد بعضهم بعضاً أولاً؛ في هذه الحالة الاستثنائية الشاذة من تطور الاجتماع الإنساني، لن تغطي ساحة العمل العام سوي تلك الفصائل، من سماسرة السلطة والمال أولاً، تسرح وتمرح بحماية عسس الأمن والقمع، فتصبح مسألة التكوين السياسي، وظهور منظمات حزبية حقيقية، وبروز هيئات معارضة تعتمد مناهج معرفية واضحة، وتمارس حقوقاً طبيعية أولية في طرح الأفكار، وممارسة الحوارات والنقاشات العلنية، تصير هذه المسألة من أصعب المداخل الضرورية للإفراج عن نواة المجتمع المدني المطمورة تحت حطام النهضة المجهضة.   ولكن حينما يحدث أن تقع صدمة الاعتراض المداهمة، ومن الجهة أو المكان غير المنتظر، من الخارج الإقليمي المجاور والدولي الأبعد، ثم تتصاعد المداهمة الي مستوي التهديد البنيوي بانهيار الكيان، ودون التمييز بين حكامه ومحكوميه، بل أكثر من ذلك، عندما تحس فطرة الشعب المضطهد أنه هو المقصود المركزي من هجمة الدمرقطة الزائفة الأجنبية، وبحجة الاقتصاص من مسؤوليه المدانين أصلاً من قبل شعوبهم، بتاريخ طويل غاصٍّ بأنواع الارتكابات كلها، فكيف يمكن توقع الموقف من هذا المأزق الأخطر، هل سيرتد الشعب المعذب الي مجرّدِ فعل غرائزيّ، قد يجمع داخل شرنقة (الوطنية) بين أعداء الأمس واليوم بين الضحايا وجلاديهم معاً، وتحت شعيرة التضامن الارتكاسي الذاتي ضد التهديد الأجنبي؟ أم أن الموقف من المأزق المصيري سوف يكشف حقيقة أعمق مطمورة تحت هذه المسْرَحَة الصارخة للعبة الداخل / الخارج، فتنطلق المعارضة الشرعية من صميم الوطن المقموع ككل، مفسحاً للمرة الأولي، لولادة المجتمع المدني دفعة واحدة، ومن خلال هذا الفعل الواحد الشامل الذي هو المعارضة النهضوية، وليس السياسوية فحسب، وضد الإماتة الذاتوية المديدة، وبحراسة العدو الواحد، بجناحيه علي حديّ الوطن نحو الذات ونحو الآخر.   إنه العدو الواحد المعروف والمكشوف دائماً، وقد حانت لحظة محاسبته، وليس هناك من يحاسبه ويمانعه تاريخياً مصيرياً سوي انبعاث المعارضة تحت شارة النهضة المدنية الممنوعة دائماً.   (*) مفكر عربي مقيم في باريس   (المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 14 جانفي 2006)
 


الإسلاميون والانتخابات العربية

تونس – المبروك بن عبدالعزيز (*)      ليس هناك ادنى شك في ان الدول العربية وشعوبها قادرة، على عكس ما يروج البعض، على إدارة انتخابات حرة وديموقراطية وفي كنف روح المسؤولية.   وقد جرت في الآونة الأخيرة انتخابات جيدة ومقبولة النزاهة في كل من العراق والأراضي الفلسطينية، وقبل ذلك في المغرب والكويت، إلا انه وللأسف الشديد لا تزال غالبية الدول العربية تتحايل على اجراء انتخابات نزيهة وشفافة بشتى الوسائل كالإقصاء والتزوير والبلطجة.   ان الخوف من صعود الأحزاب الإسلامية شيء تجب دراسته على حدة، ولا يجب ان يبقى سيفاً مسلطاً في وجه الحرية السياسية وسبباً لإبقاء الديكتاتورية وما يتبعها من فساد يهلك اجيالاً بكاملها. ولقد اثبتت التجربة ان الإسلاميين المعتدلين افضل من بقاء الديكتاتورية في جميع الأحوال. وهذا الخوف، الذي تجلى بوضوح بعد فوز حركة حماس في انتخابات الضفة الغربية، مصدره خارجي اكثر منه داخلياً لأن الداخل هو الذي أنتج الحركات الإسلامية.   على الغرب ان يبحث جدياً عن اسباب العلاقة السيئة التي تنشأ مع الإسلاميين او الوطنيين في المنطقة العربية، فهذا الأمر له مسببات وجذور عميقة، وهي ليست بالضرورة نابعة من نطاق الإسلام او الدين عموماً. بل اهمها يتلخص في القضية الفلسطينية وفي كيفية التصرف في الثروات الطبيعية للدول العربية وإزاحة مخلفات الاستعمار والغزو الثقافي الغربي. ومن الغباء ان يكون الخوف على نشاط السياحة مثلاً سبباً لمنع الأحزاب الإسلامية من المشاركة السياسية. ولم نسمع مثلاً عن تأثر السياحة التركية المعروفة على اثر وصول إسلاميين الى السلطة.   ان مشكلة الديموقراطية في المنطقة العربية تتلخص في ان الدول الأوروبية الكبرى، وخصوصاً العلمانية منها، لا تريد صعوداً للإسلاميين، اضافة الى ان اميركا ستشترط مستقبلاً الاعتراف بإسرائيل لتكوين ومشاركة الأحزاب العربية. وكلنا يفهم لماذا لم تعرقل اميركا مشاركة الإسلاميين في الانتخابات العراقية، فقد كانت تبحث عن حل مشرّف للخروج من المأزق العراقي، وبالطبع مع شرط عدم تعرّض حليفتها اسرائيل لأي خطر آني قد ينتج من تلك الانتخابات.   (*) بريد إلكتروني   (المصدر: ركن بريد القراء بصحيفة الحياة الصادرة يوم 14 جانفي 2006)

Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.