الاثنين، 14 نوفمبر 2011

11 ème année, N°4155 du 14.11.2011


سمير بن عمر:الى الحداثيين جدا.. جدا … و الوطنيين جدا .. جدا ….. المتباكين على …. زيارة أمير قطر

د محمد الهاشمي الحامدي:بيان توضيحي حول أسباب تأجيل عودتي إلى تونس

كلمة:الاتحاد الأوروبي يمنح تونس مساعدات جديدة

كلمة:عبد الرؤوف العيادي: سنستغني عن لجنة مكافحة الفساد بعد تشكّل الحكومة

كلمة:ندوة خاصة بارشيف البوليس السياسي بتونس

رئيس حركة اللقاء الاصلاحي الديمقراطي:زيارتي إلى الشيخ صالح كركر..دروس على رمال متحركة

ناجي الحجلاوي:إنتاج المعنى وعقم التّقبّل

الصباح:تخصّ الحملة الانتخابية:دائرة المحاسبات تبدأ في التثبت في الحسابات البنكية للأحزاب والقائمات المستقلّة

الصحافة:مشروع النظام الداخلي للمجلس الوطني التأسيسي:ضبط نظام داخلي لإحكام توزيع الأدوار وتيسير مهمة المجلس

كلمة:سجال: هكذا نمّى التشريعُ الفسادَ الإداري والتخلف وهدر المال العام

بناء نيوز:بناء نيوز تفتح ملف الفساد في وكالة الاتصال الخارجي

بناء نيوز:العيّادي والصغيّر يدعوان لتفكيك المنظومة الديكتاتوريّة السابقة وتحقيق المحاسبة

الصباح:في ندوة شارك فيها ممثلون عن 8 أحزاب سياسية جدل حول مهام الحكومة المقبلة ومفهوم المشاركة السياسية

الصباح:في منتدى الثورة.. كمال مرجان يدعو للمصارحة والمصالحة لا يمكن لثلاثة أحزاب تكوين حكومة ائتلافية

صالح عطية:ملفات لا بد أن تفتح

رياض حجلاوي:المواطن والإدارة وحقوق المواطنة

كريم السليتي: »الحداثيون » في تونس: دروس مُرّة… بعد انتخابات حُرّة

يسرى بن ساسي:نحن والوقت

رويترز: صحف تونس تحتفل « بتحقق حلم » الترجي في التتويج ببطولة افريقيا بعد 17 عام

هسبريس:المغرب يطلب رسميا من السلطات التونسية التحقيق في أحداث رادس

التونسية:مصدر مسؤول من وزارة الداخلية يوضح:فئة من الجماهير المغربية كشفت عوراتها واعتدت على عقيد من الأمن التونسي..وقامت بتهشيم تجهيزات بمطار تونس قرطاج

«الصحافة» ترافق دورية أمنية ليلية في سيدي حسين:خمـر وسرقـة وخـلـع.. واحتراف في عالم الانحراف

علي عبد اللطيف اللافي:حماس » ومأزق البحث عن بديل لدمشق كمقر لمكاتبها وقياداتها في الخارج »

ياسر الزعاترة:عن الممانعة والاعتدال ومشهد المنطقة المركب

سويس إنفو:بين إيران وإسرائيل.. لعبة « بُـوكِـر » ثنائية وخطِـرة

د. فهمي هويدي:هل تعلق عضوية سوريا؟

رأي القدس:لماذا تراجعت اخبار ليبيا؟


Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivan : Affichage / Codage / Arabe Windows) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


تابعواجديد أخبارتونس نيوزعلى الفايسبوك

الرابط

http://www.facebook.com/pages/Tunisnewsnet/133486966724141

 



علمت  » التونسية  » أن النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية قد قضت بإحالة محام من هيئة الدفاع عن البغدادي المحمودي الوزير الأول السابق الليبي لسبب تهجمه على رجل امن قبل يوم امس بمناسبة احالة البغدادي المحمودي على دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس في إطار النظر في مطلب تسليمه إلى السلطات الليبية الجديدة.

(المصدر: صحيفة « التونسية » الإلكترونية(تونس) الصادرة يوم 13 نوفمبر 2011)



على اثر ما تداولته وسائل الإعلام الوطنية حول دعوة أمير دولة قطر لحضور الجلسة الافتتاحية للمجلس الوطني التأسيسي ، يهم حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي أن يذكر بموقفه المبدئي الثابت بأنه يرفض أية وصاية على الشعب التونسي و يناهض كل أنواع التدخل الخارجي في الشأن الوطني و استقلالية القرار مهما كانت طبيعة هذا التدخل و مأتاه . وأن يعلن للشعب التونسي ما يلي: ·استغرابه الشديد لدعوة أمير دولة قطر بالذات لحضور جلسة افتتاح المجلس الوطني التأسيسي و يتساءل عن الدوافع و المبررات الكامنة و راء هذه الدعوة المشبوهة : هل هي إعلان لتبعية النظام الجديد لدولة قطر أم أنها عرفان بالجميل لدورها في تشكيل المشهد السياسي التونسي من خلال ما رصدته من مال سياسي لجهات معينة كان فيصلا في تحديد نتائج الاستحقاق الانتخابي.
·يحذر حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي الجهة الداعية من تبعات هذه الدعوة و ما تمثله من خطورة على استقلالية القرار الوطني و يذكر أن أمير دولة قطر متورط في التطبيع مع الكيان الصهيوني و في خدمة مصالح هذا الكيان في المنطقة إلى جانب مصالح القوى الاستعمارية الكبرى.
·يدعو حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي أعضاء المجلس الوطني التأسيسي مهما كانت انتماءاتهم و توجهاتهم لرفض حضور أمير دولة قطر في الجلسة الافتتاحية مهما كانت المبررات و الدوافع وأن لا ينسوا أنهم منتخبون من الشعب للتعبير عن إرادته ..وأن الشعب التونسي حر و متمسك باستقلاله الوطني و لا يقبل المقايضة وانه لا ثمن يضاهي دماء شهداء الاستقلال و الثورة. ·يدعو حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي كافة الحساسيات السياسية و المنظمات الوطنية إلى التصدي لدعوة أمير دولة قطر لحضور الجلسة الافتتاحية للمجلس الوطني التأسيسي ..كما يثمن عاليا مواقف كافة الأطراف الممثلة بالمجلس الوطني التأسيسي وغيرها من القوى الوطنية التي بادرت بالتعبير عن رفضها لهذه الدعوة عاشت تونس حرة مستقلة لا صوت يعلو فوق صوت كرامة تونس الأمين العام احمد الاينوبلي

<



اتفقت الأحزاب السياسية الممثلة في المجلس التأسيسي اثر مقابلة مع الرئيس المؤقت فؤاد المبزع أمس على تحديد يوم الثلاثاء 22 نوفمبر الجاري موعدا للجلسة الافتتاحية للمجلس التأسيسي كما تقرر أن يحتضن المقر السابق لمجلس النواب بباردو أشغال المجلس التأسيسي. كما وقع الاتفاق على أن يتضمن الأمر الذي سيصدره رئيس الجمهورية المؤقت لدعوة الأعضاء لحضور الجلسة الافتتاحية، بعض التراتيب التنظيمية، بما يؤمن حسن سير الجلسة الافتتاحية. وقد حضر هذا الاجتماع كل من ممثلي حركة النهضة وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات والحزب الديمقراطي التقدمي والقطب الحداثي الديمقراطي وحزب المبادرة وحزب آفاق تونس والبديل الثوري.
من جهة أخرى علمنا أنه تم خلال الاجتماع طرح فكرة العدول عن دعوة عدد من الزعماء و الرؤساء و الشخصيات الدولية لحضور جلسة الافتتاح فيما أكد الأمين العام لحركة النهضة و مرشحها لرئاسة الحكومة حمادي الجبالي لإحدى الإذاعات الخاصة حضور أمير قطر مع جملة الزعماء و الرؤساء و هو لا يشكل في نظره تدخلا في الشؤون الداخلية للبلاد .
من جهته قال السيد حمة الهمامي في تصريح صحفي نشرته إحدى المواقع الالكترونية ان حزب العمال و مناظليه لا يرحبون بهذه الزيارة لعراب المشاريع الأمريكية و الصهيونية في الوطن العربي مؤكدا ان الشعب التونسي الحر ليس في حاجة لعملاء أمريكا و الكيان الصهيوني. من جهته أكد السيد المولدي الفاهم في اتصال هاتفي مع راديو كلمة أن الحزب الديمقراطي التقدمي لا يرحب بزيارة أمير قطر إلى تونس و أن الأمر قد يصل إلى مقاطعة الجلسة الافتتاحية للمجلس التأسيسي. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – تونس)، بتاريخ 13 نوفمبر 2011)

<


الناطق الرسمي لحركة النهضة لم نوجه الدعوة باسم تونس إلى أي جهة كانت لحضور الجلسة الافتتاحية للمجلس التأسيسي


أكد نور الدين البحيري الناطق الرسمي باسم حزب «حركة النهضة» أن رئيس المجلس الوطني التأسيسي الذي سيتم اختياره يوم 22 نوفمبر الجاري، هو المسؤول عن توجيه الدعوة للشخصيات الأجنبية من الدول الشقيقة والصديقة لحضور جلسة خارقة للعادة يتولى هو تحديد موعدها وتنعقد مباشرة بعد الجلسة الافتتاحية لأشغال المجلس. وأوضح في تصريح لـ (وات) عبر الهاتف أن هذه الجلسة الافتتاحية سيحضرها فقط أعضاء المجلس التأسيسي، وفق ما أكده أمس السبت رئيس الجمهورية المؤقت، لدى إشرافه على الاجتماع التنسيقي الذي حضره ممثلو الأحزاب الممثلة في المجلس. وبخصوص ما تم تداوله مؤخرا من أن «حركة النهضة» دعت أمير دولة قطر لحضور الجلسة الافتتاحية، أوضح نور الدين البحيري أن «الحركة» منضبطة بالأعراف الدبلوماسية «ولن توجه الدعوة باسم تونس إلى أي جهة كانت»، باعتبار أن الدعوة الرسمية هي «من صميم اختصاص السلط الرسمية» أي المجلس الوطني التأسيسي. وأضاف البحيري أن حزب «حركة النهضة» يشرفه أن يحضر كل أصدقاء تونس هذا «الاحتفال»، بمناسبة انتخاب أول مؤسسة دستورية «تولد من رحم الثورة التونسية»، بما من شأنه أن يعزز أواصر الأخوة والصداقة بين الدول الشقيقة والصديقة لتونس. (المصدر: جريدة « الصحافة » (يومية – تونس) الصادرة يوم 13 نوفمبر2011)

<



كتبه الاستاذ المحامي سمير بن عمر حزب المؤتمر من اجل الجمهورية نقلا عن الاستاذ …المحامي نبيل اللباسي بتصرف تتواصل الحملة المحمومة ضد قطر حتى بلغني ما صرح به بعضهم من أن زيارة الأمير القطري وصمة عار ومن أنهم سينزلون للشوارع لمنع ذلك؟؟ لو قالوا أنهم يرفضون زيارة ساركوزي لأنه أيـّد نظام الطاغية بن علي لآخر لحظة ودعمه بالمال والسلاح لقتل شعبه، لتفهمت ذلك، رغم أني مع تجاوز الماضي ومع كل من رغب في استدراك خطأه.ـ لكن قطــر؟؟ـ … من كانت قناتها صوت ثورتنا الهادر وكانت منابرها الوحيدة مفتوحة لاستقبال المعارضين لنظام الطاغية لما يناهز خمسة عشرة عاما؟ لا يمكن أن نؤمن بالديمقراطية وبحق الشعوب وكرامة الانسان وأن نبكي في الآن ذاته على طواغيت كأمثال القذافي وبشار،، ونسخر من دماء شعوبهم التي سالت ولا زالت تسيل أنهارا. ونكيل السب لقطر لأنها دعمت ثوراتهم كما دعمت ثورتنا.ـ لا يمكن أن ندعو جهات أجنبية حتى تقطع عن بلادنا التمويل لشل اقتصاد البلاد ومعاقبة شعبنا لأنه لم ينتخب اليسار الفرنكفوني ،، ولما تفشل الخطة بفضل تدخل قطر، نسب أمير قطر وننزل للشوارع ونلعن زيارته؟؟ . ما نعلمه ، أن قطر لم تتدخل في الشأن التونسي لا قبل الانتخابات و لا بعدها و لم ترسل قنابل مسيلة للدموع لنظام بن علي و لا عرضت أن ترسل بوليسها لقمع الثورة التونسية و إنقاذ عرش المخلوع المتهاوي . ألم يكن من الأولى لأدعياء الحداثة الذين بلعوا ألسنتهم و كسروا أقلامهم عندما تدخلت الخارجية الفرنسية في الشؤون الداخلية التونسية في قضية قناة نسمة أو عندما أزبد و أرعد كل من ساركوزي و جوبيه عقب إعلان نتائج الانتخابات و هددا الشعب التونسي بشر العقاب ، أن يخرجوا للتظاهر ضد زيارة ساركوزي أو هيلاري كلينتون ؟ !!!! ، أم أن الوطنية تحضر و تغيب . يبدو أن أدعياء الحداثة و الوطنية المزيفة مازالوا لم يستوعبوا دروس الانتخابات …. و لن يستوعبوا
 
توفيق الغربي
نقلا عن صفحات الفايس بوك

<



اتصالات مثيرة للجدل تتم حاليا بين حركة النهضة ودولة قطر، فبمجرد فوز الحركة في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي، حزم زعيمها أمتعته وحط الرحال في قطر. وفيما كان المحللون منشغلين بتحليل أبعاد هذه الزيارة، سرت معلومة حول دعوة أمير قطر لحضور افتتاح أشغال المجلس التأسيسي. فما سر هذه الاتصالات المثيرة للجدل بين طرفين يثيران الجدل أصلا؟ نحن إذن أما طرفين أولهما حركة النهضة التي تجد دعم بعض التونسيين ومعارضة البعض الآخر تماما كما ينظر إليها الأجانب المهتمون بالشأن التونسي، وثانيهما دولة قطر التي تحيّر العالم بدورها المزدوج فهي تنادي بنصرة العرب والمسلمين وتجعل من « السيلية » قاعدة عسكرية أمريكية لضرب أي دولة عربية إسلامية، وهي تدافع بشدة عن حزب الله وحركة حماس وتمد يدها للإسرائيليين بل لا تجد حرجا في بناء الوحدات الاستيطانية، وهي التي تسخر امكاناتها المالية والعسكرية والإعلامية لتلعب دورا إقليميا يفوق حجمها، فلماذا تتقرب منها حركة النهضة والحال أن التونسيين (إسلاميون وعلمانيون) يكادون يجتمعون على رأي واحد معارض للسياسة القطرية؟ حاول البعض الدفاع عن حركة النهضة فربط هذا التقارب المحرج بدواعي اقتصادية، وبرره شق آخر بأسباب قضائية وهي إقناع القطريين بتسليم بعض المطلوبين للعدالة التونسية وعلى رأسهم صخر الماطري صهر الرئيس المخلوع. وقد بحثنا في موقف رسمي في هذا المجال فلم نجد أهم من تصريح للأستاذ نور الدين البحيري الناطق الرسمي لحركة النهضة ذكر فيه أن الثورة التونسية عززت علاقات تونس بكل الدول وأن قطر واحدة من الدول الشقيقة، لكن الرأي عندنا أن هذه التبريرات والأهداف المفترضة لا ترقى إلى قيمة الاتصالات بين الطرفين مما يعني وجود أهداف أخرى سنحاول تبيينها لكن علينا قبل ذلك وضع حركة النهضة في إطارها السياسي والايديولوجي. فهذه الحركة ذات توجه إسلامي ولهذا استقطبت التونسيين المعادين للائكية والمتمسكين بهويتهم ودينهم كما كسبت في العالم تعاطف العديد من الشعوب والحركات وحتى الأنظمة. وبما أنها تملك القدر الكافي من الخبرة السياسية فقد تفطنت إلى أهمية معارضي هذا التوجه فالتونسيون المتعلقون بالحداثة لا يرضون بحكم سلفي يعيدهم إلى القرون الغابرة، والدول الائكية المؤثرة (الدول الغربية عموما) لن تقبل بالتعامل مع حكم إسلامي رجعي ولهذا بادرت الحركة منذ أشهر إلى توزيع الرسائل المطمئنة فأكدت أن ايديولوجيتها لا تتعارض مع الحداثة، وأنها تسير على النهج التركي، وأعلنت عدم سعيها لتطبيق الشريعة الإسلامية ولا لإباحة تعدد الزوجات ولا للحد من مكاسب المرأة حتى إنها وصفت مجلة الأحوال الشخصية بالثورية، كما أكدت احترامها للحرية الشخصية (في الملبس والمظهر) وحرية المعتقد وأشارت إلى أنها لن تستجيب لدعوات قاعدتها في غلق الحانات وتقييد السياحة… هذه الرسائل طمأنت نسبيا معارضي الحركة والمتخوفين من حكمها ولكنها أثارت بالمقابل حيرة الإسلاميين المؤثرين في الدول الخليجية والشرق الأوسط لأنهم كانوا يحلمون بأن تكون تونس باكورة الدول التي تعود إلى هويتها الإسلامية. لسائل أن يسأل بعد هذا كله عن علاقة قطر بالمسألة، فنجيب بأن هذه الدولة الصغيرة جدا من حيث المساحة وعدد السكان استطاعت بازدواجية مواقفها أن تجمع العالم بتناقضاته وتناقض مصالحه، فهي عضو فاعل ضمن دول الخليج العربي وهي حليف مهم للولايات المتحدة وصديق وفيّ لفرنسا واسرائيل وكل الدول المؤثرة في المنطقة بل في العالم إلا الأنظمة التي تقرر الدول العظمى إسقاطها (مثل نظام العقيد الليبي الراحل ونظام بشار الأسد). فالرسالة الأولى من تقارب النهضة مع قطر هي طمأنة الإسلاميين في الخليج والشرق الأوسط عموما بعدم تخليها عن مبادئها الكبرى وعدم ميلها نحو اللائكية. والرسالة الثانية طمأنة الغرب وإقناعهم بأن مراهنتهم على الإسلام المعتدل في محاربة المتشددين الإسلاميين أفضل من المراهنة على الأنظمة الديكتاتورية وما عليهم إلا إعطاء الفرصة لإثبات هذه الجدارة. للتذكير لم تتردد حركة النهضة فور الإعلان عن نتائج انتخابات المجلس التأسيسي عن توضيح جانب من سياستها الخارجية فقد أعلنت أنها تعتبر جميع دول العالم دولا صديقة باستثناء إسرائيل التي أبقتها في موقع العدو، ولا نعلم ــ للأمانة ــ إن كان للموضوع الإسرائيلي هامش في اتصالاتها بقطر المقربة جدا من إسرائيل. عادل العبيدي (المصدر: موقع المصدر الإلكتروني ( تونس ) بتاريخ 13 نوفمبر2011)

<


بيان توضيحي حول أسباب تأجيل عودتي إلى تونس


بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على نبينا محمد المبعوث رحمة للعالمين  
بيان توضيحي حول أسباب تأجيل عودتي إلى تونس لندن في 13 نوفمبر 2011 تجاوزت حملة الثلب والتشويه والتجريح بحقي شخصيا، ثم بحق تيار العريضة الشعبية للحرية والعدالة والتنمية كل الحدود. وقد تجلت هذه الحملة مجددا في مساء الجمعة 11 نوفمبر 2011 قبيل ساعات من الرحلة التي كنت أنوي العودة فيها لأرض الوطن من خلال أخبار بثتها بوجه خاص وكالة تونس افريقيا للأنباء (وكالة الأنباء الرسمية في تونس وتعرف اختصارا باسم وات)، والقناة الوطنية التلفزيونية، فهم منها بشكل واضح التجريح المتعمد في شخصي والتشجيع على الإنشقاق والإنقسام في صفوف تيار العريضة الشعبية للحرية والعدالة والتنمية. وبالإضافة إلى هذه الحملة، سجلت باستهجان وبأسف شديدين حالة الإقصاء السياسي التي فرضتها أغلب القوى السياسية الفائزة بمقاعد في انتخابات المجلس التأسيسي على تيار العريضة الشعبية للحرية والعدالة والتنمية.
تم إقصاؤنا عمدا من كل المشاورات الخاصة بترتيب الوضع السياسي الجديد، وتم تبرير ذلك بتصريحات سياسية غير مسؤولة عكست روح التعالي على إرادة الشعب والإستهتار بها وعدم القبول بمبدأ احترام حق الإختلاف الذي يعتبر عنصرا أصيلا من عناصر النظرية والتقاليد الديمقراطية.
ثم جاءت الطامة الكبرى في حملة الإقصاء هذه يوم السبت 12 نوفمبر 2011 عندما أقصى الرئيس المؤقت للجمهورية ممثلي تيار العريضة الشعبية للحرية والعدالة والتنمية من حضور اجتماع تنسيقي لتحديد موعد الجلسة الأولى للمجلس التأسيسي. وقد تم هذا الإقصاء بموافقة ضمنية وبمباركة عملية من بقية الكتل التي شاركت في الإجتماع، والتي لم تبد أي اعتراض على تغييب العريضة الشعبية وإقصائها رغم أنها القوة الثالثة في المجلس التأسيسي بأصوات مئات الآلاف من شباب تونس وفقراء تونس ومفجري الثورة التونسية في شمال البلاد ووسطها وجنوبها.
وكما قال لي أحد نواب العريضة الشعبية صباح اليوم، فإن هذه الممارسات الإقصائية من الأحزاب السياسية ومن الرئيس المؤقت، تكشف عن نظرة احتقار، أو كما عبر عنها حرفيا: (حقرة شديدة)، للعريضة الشعبية ورئيسها وأنصارها في كل أنحاء البلاد.
إن حملة الثلب والتشويه والإقصاء الإعلامي والسياسي التي أتعرض لها شخصيا، ويتعرض لها معي تيار وأنصار العريضة الشعبية للحرية والعدالة والتنمية، هي الأسوأ من نوعها منذ استقلال تونس عام 1956. وهي تعبر عن استهانة كبيرة غير مقبولة أخلاقيا وسياسيا بمبادئ حقوق الإنسان وبإرادة قطاع كبير وواسع من الشعب التونسي منح ثقته لتيار العريضة الشعبية ورئيسه، ومازال يعبر عن هذه الثقة في أكثر من مناسبة بقوة ووضوح.
لا يقبل أخلاقيا أن نتعرض لكل هذا « العقاب » لمجرد فوزنا بالمركز الثالث في الإنتخابات.
لقد دفعتني هذه الوقائع والتطورات الواضحة وضوح الشمس إلى اتخاذ القرار المؤلم بتأجيل العودة لأرض الوطن لتجنب المساهمة بأي شكل من الأشكال في تصعيد أجواء التوتر والإحتقان الناجمة عن سياسة إقصاء العريضة الشعبية وأنصارها ورئيسها.
ذلك أن منهجي في السياسة كان دائما، وسيبقى دوما بإذن الله، منهج غاندي في السياسة، منهج الدفاع عن الحق والعدل والحرية بقوة وتصميم من جهة، ومن جهة ثانية اعتماد مبدأ الكلمة الطيبة وتحمل الأذى والظلم من أجل المصلحة العليا للبلاد، والرفض القاطع في كل الأحوال لمنهج العنف ولمنهج الرد على الظلم بالظلم أو الرد على السيئة بالسيئة.
لقد دخلت الإنتخابات بالعريضة الشعبية وكل ما أسعى إليه وأعمل من أجله هو سن دستور ديمقراطي في البلاد وتوفير خدمة الصحة المجانية لكل تونسي، ومساعدة العاطلين على العمل بمنحة البطالة، وكبار السن بحق التنقل المجاني، وعمالنا في الخارج بإنشاء وزارة لهم، بالإضافة إلى إرساء العدل وإنشاء ديوان المظالم وديوان الزكاة واستخدام عائدات الزكاة في محاربة الفقر والخصاصة. صغت هذا البرنامج واستلهمته من تعاليم الإسلام ومن التجربة البريطانية في الديمقراطية والسياسة الإجتماعية. هذه أهدافي وهذا منهجي السلمي الذي لن أحيد عنه بعون الله.
وإنني أعلن اليوم أنني مازلت أفكر في تحديد موعد جديد للعودة، وأطلب قبل ذلك، وبشكل علني:
1 ـ أطلب من الرئيس المؤقت للجمهورية اعتذارا واضحا لا لبس فيه موجها بشكل مباشر لأنصار العريضة الشعبية في كل أنحاء البلاد وللشعب التونسي، على إقصاء ممثلي العريضة من حضور اجتماع الكتل الفائزة في المجلس التأسيسي والذي أشرف عليه الرئيس المؤقت شخصيا.
كيف يقبل تونسي أن تشارك في الإجتماع قوائم فازت بثلاث مقاعد فقط وتقصى العريضة الشعبية التي فازت في الأصل بـ28 مقعدا، منها ثلاث مقاعد في ولاية سيدي بوزيد وحدها، ومقعدان في ولاية القيروان لوحدها؟
2 ـ أطلب من القوى السياسية الرئيسية الفائزة معنا في انتخابات المجلس التأسيسي، وفي مقدمتها أحزاب حركة النهضة والمؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل، أن تدين عملية إقصاء العريضة الشعبية من اجتماع 12 نوفمبر، كما أطلب منها أن تتبرأ علنيا وبشكل واضح من حملة الثلب والتجريح والتشويه الظالمة والشرسة التي يتعرض لها تيار العريضة الشعبية ورئيسه، وأطلب منها أيضا أن تنهي وبشكل فوري حالة الإقصاء السياسي التي تفرضها على تيار العريضة الشعبية للحرية والعدالة والتنمية، وتعترف به وتقبل بالحوار معه في الأمور المتصلة بمستقبل الوضع السياسي الجديد في البلاد وبكل ما يقود إلى تعزيز الوحدة الوطنية والتجربة الديمقراطية ويخدم المصلحة العليا للبلاد.
3 ـ أطلب من التلفزة الوطنية التونسية ووكالة الأنباء التونسية الرسمية التقدم باعتذار علني ورسمي إلى أنصار العريضة الشعبية في كل أنحاء الجمهورية على الحملة المغرضة التي تزعمتها المؤسستان، للتشجيع على الإنشقاق والإنقسامات في صفوف تيار العريضة ولترويج الإتهامات الباطلة في حق رئيس تيار العريضة الشعبية بوجه خاص وعدم إعطائه وإعطاء تيار العريضة حق الرد. ويكفي أن يعلم الرأي العام التونسي والدولي في هذا الصدد، أن التلفزة الوطنية التونسية لم تستضفني ولو مرة واحدة منذ 14 جانفي إلى اليوم، بالرغم من الفوز الكبير الذي حققته العريضة الشعبية في الإنتخابات، ولم تستضفني قبل 14 جانفي أيضا ولو مرة واحدة، أذكر هذا من باب التوضيح.
ويكفي أيضا أن يعلم الرأي العام أن هاتين المؤسستين حاولتا وصمي بالفساد بناء على خطاب مؤرخ يوم 11 ديسمبر 2009، هو في مضمونه وسام شرف لي ولقناة المستقلة وللإعلاميين التونسيين والعرب، لما تضمنه من دعوة لحوار جريء وشفاف بين الحزب الحاكم سابقا ومعارضيه من الإسلاميين والقوميين واليساريين بالإضافة إلى رابطة حقوق الإنسان والصحافة المستقلة. تعمدت وكالة الأنباء التونسية الرسمية والتلفزة الوطنية التونسية نشر الخبر بطريقة توحي بتورطي في الفساد، من دون أن تقوم التلفزة ولا الوكالة بقراءة الوثيقة أو نشرها علنا أمام الرأي العام، ومن دون إعطائي فرصة الرد والتوضيح وقراءة الوثيقة بنفسي على الناس.
أريد وضع حد لأسوء حملة تجريح وتشويه منذ استقلال البلاد 1956، حملة ظالمة وشرسة يتعرض لها تيار سياسي وطني، ومواطن بسيط يعيش منفيا خارج بلاده منذ ربع قرن.
وسأنتظر وأراقب ردود فعل الرئيس المؤقت، والأحزاب الفائزة في الإنتخابات، ومؤسستي وكالة تونس افريقيا للأنباء والتلفزة الوطنية، على هذه المطالب العادلة والمشروعة التي تضمنها هذا البيان.
وسأعلن عن تقييمي للموقف يوم الأحد المقبل 20 نوفمبر 2011 إن شاء الله، وأتخذ القرار المناسب، بعد التشاور مع إخواني وأصدقائي أنصار العريضة الشعبية، وذلك في ضوء ما سيصدر من ردود أفعال على مطالبي التي أعلنتها في هذا البيان.
وقبل الختام أنبه الشعب التونسي إلى أن هناك حملة أخرى شرسة تستهدف العريضة الشعبية وتسعى لسرقة أصوات الشعب التونسي في الإنتخابات، من خلال ممارسة ضغوط وإغراءات مختلفة على نواب العريضة الشعبية في المجلس التأسيسي. أطلب من بني وطني أن لا يتأثروا إذا سمعوا بانشقاق نائب، أو عشرة نواب، أو أكثر، فجميع التونسيين، والناس في العالم، يعرفون أن تلك الأصوات التي منحت خلال الإنتخابات إنما منحت للعريضة الشعبية تحديدا، ولمؤسسها ورئيسها.
كما أطلب من جميع التونسيين عدم تصديق الأخبار والإشاعات الكاذبة التي تروجها بعض وسائل الإعلام ضدي وضد العريضة الشعبية، وعدم الإلتفات إليها ولو للحظة واحدة، لأنها لا تستحق الرد، وهي جزء من الحملة الظالمة التي تريد معاقبة الشعب التونسي على تصويته للعريضة الشعبية وثقته بصاحبها.
وختاما أذكر نفسي والجميع بقول الله تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (١١) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ)ٌ12) (سورة الحجرات) وأذكر نفسي والجميع بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
لا تحاسدوا ، ولا تناجشوا ، ولا تباغضوا ، ولا تدابروا ، ولا يبع بعضكم على بيع بعض ، وكونوا عباد الله إخوانا ، المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره ، التقوى هاهنا – ويشير إلى صدره ثلاث مرات – بحسب امريء من الشر أن يحقر أخاه المسلم ، كل المسلم على المسلم حرام : دمه وماله وعرضه .
صدق الله ورسوله صلى الله صلى الله عليه وسلم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. (انتهى البيان)

<



أكد مفوض الاتحاد الأوروبي المكلف بالسوق الداخلية و الخدمات « ميشال بارني » أمس عزم الاتحاد الأوروبي تقديم مساعدات مالية لتونس في شكل منح وقروض بقيمة إجمالية قدرها 3.4 مليار يورو خلال السنتين القادمتين. و قال المسؤول الأوروبي بعد لقاء عقده أمس مع الوزير الأول في الحكومة المؤقتة أن الاتحاد الأوروبي سيقدم 400 مليون يورو كمساعدات فيما سيقدم 3 مليارات يورو كقروض ستخصص لدفع التنمية و إيجاد فرص عمل جديدة لمكافحة البطالة في تونس.
وكان بارنيي قد وصل إلى هنا اليوم في زيارة لتونس لإجراء محادثات مع كبار المسؤولين حول علاقات الشراكة بين الاتحاد الاوروبي وتونس وافاق تدعيمها في ضوء نتائج انتخابات المجلس التأسيسي الأخيرة والإعداد للمرحلة الانتقالية الثانية القادمة في تونس.
يذكر أن الاتحاد الأوروبي أعلن في نهاية سبتمبر عن تخصيص 157 مليون يورو لإنعاش الاقتصاد التونسي الذي شهد تراجعا في خضم الثورة التونسية والإطاحة بنظام زين العابدين بن علي في 14 جانفي 2011. وتعهد الاتحاد الاوروبي في جوان الماضي بتجديد سياسته تجاه بلدان الجوار المتوسطي وبتوقيع حزمة جديدة من الاتفاقات التجارية معها. وتامل تونس في الحصول على مرتبة « الشريك المميز » مع الاتحاد الاوروبي الامر الذي كان تعثر بسبب غياب الحريات في عهد بن علي. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – تونس)، بتاريخ 13 نوفمبر 2011)

<



أفاد السيد عبد الرؤوف العيادي الأمين العام المساعد لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية أمس، أن حزبه يرى أن لا ضرورة لبقاء لجنة تعنى بتقصي الفساد ومكافحته بعد تشكل الحكومة المقبلة وانعقاد المجلس التأسيسي باعتبار أن هياكل الدولة والمنظومة الديمقراطية التي سيتم إرساؤها ستحول دون عودة الفساد وستعمل على محاسبة المتورطين فيه. كما انتقد العيادي في تصريح أدلى به لراديو كلمة في هامش ندوة حول الانتقال الديمقراطي، انتقد استعمال السيد عبد الفتاح عمر رئيس لجنة تقصي الحقائق حول الفساد والرشوة عبارة « انتشار ثقافة الفساد » في وصفه لواقع النظام السابق، حيث أكد العيادي أن في هذه العبارة تهوين من خطورة ما اقترفه رموز النظام السابق، وتحميل للشعب أجمع مسؤولية الفساد الذي استفحل في مؤسسات البلاد، وشدد على ضرورة محاسبة كل المتورطين، وأن لا حديث عن مصالحة دون محاسبة.
وكانت كلمة قد أوردت سابقا خبرا يتعلق بسعي السيد عبد الفتاح عمر وعدد من أعضاء لجنة تقصي الحقائق للحصول على موافقة الحكومة القادمة على إنشاء لجنة دائمة لمكافحة الفساد ويتمتع أعضاءها بالحصانة. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – تونس)، بتاريخ 13 نوفمبر 2011)

<



افتتحت أمس السبت بأحد نزل العاصمة أشغال الندوة الخاصة بأرشيف البوليس السياسي و التي ينظمها مختبر الديمقراطية ومركز التحكم الديمقراطي في القوات المسلحة بجينيف (DCAF)تحت عنوان « أرشيف البوليس السياسي من تحديات الانتقال الديمقراطي » و التي تستمر اليوم الأحد بحضور السيد الأزهر العكرمي الوزير المكلف بالإصلاحات بوزارة الداخلية الذي من المنتظر أن يتقدم بمقترحات تهدف إلى حماية الأرشيف . و تهدف هذه الندوة تهدف إلى توعية المجتمع المدني و أصحاب القرار وزعماء الرأي بوجود أرشيف البوليس السياسي و إثارة نقاش حول مسألة التصرف المؤسساتي في الأرشيف بتونس و اقتراح خارطة طريق لأعضاء المجلس التأسيسي المرتقب . (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – تونس)، بتاريخ 13 نوفمبر 2011)

<



التاريخ جزء من الحاضر ولو كان بعنوان الأمس… ومن نسي تاريخه أو تناساه فقد نسي جزء من كيانه، وعاش مزيفا أو مغشوشا وإن حاول الترقيع والتلفيق… بدأت زياراتي للشيخ صالح منذ سنوات لما أصابته جلطة أقعدته طريح الفراش ولا يزال، كتبت حين ذاك وفاء ورحمة وأخوة مقالا « الدكتور صالح كركر الرجل المبتلى » عبرت فيه عن هموم مشتركة وعاطفة جياشة ووجدان يتألم…
كانت تلك الزيارات في سنوات الجمر حيث لا رفيق ولا صديق إلا من رحم ربك وهم قليل.. وكانت الأخوّة تعاني الظلال والخطوات المتعثرة…
فرغم اختلاف الرؤى والتصورات، فإن بعد الأخوة يبقى الأصل الثابت مهما تنوعت الأغصان وتعددت الفروع. والأخوة تركيبة إيمانية وتعبيرة حضارية بامتياز، ألم تُبنى المحطة الإسلامية الأولى وهي تنطلق في بناء حضاري رفيع وممتد، على لبنة الأخوّة، لقد كانت دعوة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وهو يطمئن إلى منزله في المدينة بعد مغادرته لمكة أن آخى بين المهاجرين والأنصار..ولن يكتب لأي مشروع سياسي أو حضاري يلتحف المرجعية الإسلامية أن ينجح في تنزيلاته إذ لم يستوعب درس الأخوة باعتباره المنزل الأول والعتبة الأولى لنجاح البناء!
كان اللقاء الجديد مع الشيخ في أثناء الحملة الانتخابية، وكانت زيارة رد جميل ومصافحة، ورد اعتبار لشخص ساهم من زاويته، اختلفنا معه أو اتفقنا، على تراكم المد الثوري وفكر المقاومة الذي ولّد بعد حين نقطة التحول الثورية… رفضت الحديث عن هذه الزيارة في إبانها حتى لا تحشر في إطار الحملة والتوظيف السياسي وحتى تبقى خالصة لوجه الله تعالى…
كان لقاء وديا..الشيخ يسمع أكثر مما يتحدث، أدب وإرهاق، ولكن الإرادة حسمت الموقف، والعزيمة على البقاء والتواصل تناطح السحاب، قبول بالقضاء وتقبل لأحكام القدر…من يعرف الدكتور صالح أيام عنفوانه وصولاته الفكرية والسياسية يناله العجب حد البكاء وهو يرى هذا الجسد وقد أنهكه المرض وحدد دائرة الفعل والتفاعل…
تجاذبت معه بعض الأحاديث حول تونس وأهلها وحالها، استمع كثيرا ابتسم في بعضها وعلق برحمة وألفة « ان شاء الله ما ثم كان الخير… »
قبل مغادرتي البيت، قولة أثرت فيّ كثيرا ودرس بالغ أحمله في جعبتي ولا أنفرد بحمله لثقله أولا ولحلاوته ثانيا… كلما سألت عن حاله إلا وأجاب الذِّكْر الذِكْر… يتحدث الشيخ عن ذكر الله فقد بقي اللسان رغم صعوبة النطق رطبا بذكر الله.. ولن نفلح ونحن نعبر بحر السياسة بظلالها وكهوفها إذا لم يبق هذا الحبل المتين مع السماء، ليس السياسي حجرة صماء ولهث متواصل وراء المنزلة والحقيبة والمكانة الرفيعة، ولكنه صفحة فعل وتفاعل وأخلاق وقيم وعلاقة قوية مع السماء…
هذا الدكتور صالح كركر، ابن الحركة الإسلامية التونسية، كلمات قصيرة، تعبيرات مقصرة أردتها من خلال هذه الرواية المقتضبة، حتى نلامس ولو على حياء قيم الوفاء والمروءة وفضيلة الأخوة…
لكم أعجبني في حركة اللقاء الإصلاحي الديمقراطي التي ننتمي إليها قول أحد المنتمين إليها وهو يتحدث عن الحركة بنعتها بمجتمع اللقاء، وهي قولة معبرة عما نأمل فيه داخل هذه الحركة من وجوبية الأخوة كقاعدة صلبة يتحرك فيها القول والفعل، ويمثل أعلى مستوى الممارسة الصائبة والسلوك الحسن، حتى تكون رسالة اللقاء لأبناء الوطن، في مشروعه المجتمعي، رسالة المجتمع الصغير الناجح، للمجتمع الكبير الصالح… إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
تلك هي زيارتي القصيرة لهذا الشيخ المبتلى، أيام في حياة فرد وجماعة مع رجل كريم ممتحن، ورسالة قيم وأخلاق تحمل عنوان الأخوة والوفاء ولو على رمال متحركة. ملاحظة: سننزل فيديو لهذه الزيارة في القريب بعد معالجة العطب الحاصل إن شاء الله.
نوفمبر 2011 *رئيس حركة اللقاء الاصلاحي الديمقراطي www.liqaa.net

<



ناجي الحجلاوي لقد دأب أهل اللّغة على استعمال المثل وتوخّي المجاز لإنتاج المعنى بأكثر الوسائل بلاغة، والله قد صرّف في كتابه للنّاس من كلّ مثل، ولنا في هذا السّبيل أسوة حسنة فيما نهجه ابن المقفّع في كتابه كليلة ودمنة وما جرّ عليه هذا الكتاب سوأ لولا أنّه صرّح بما أراد في رسالة الصّحابة وانتقل بالكتابة من الإشارة إلى العبارة. ومازالت اللّغة تحتال على اللّغة باللّغة لتحقّق المراد وتنال المقصود، وفي هذا الإطار تندرج فقرة قصيرة حرّرها المهندس نبيل الحجلاوي على خلفيّة الحوادث الأليمة الّتي شهدتها مدينة سيدي بوزيد وقد ضرب فيها مثلا، واعتبر أنّ مَثَل فريق الجيش الّذي لم يتصدّ للأيادي الآثمة الّتي أحرقت الأخضر واليابس من المرافق الحيويّة كمثل الفئران الّتي تتطالّ من جحورها ولم يقل إنّ أفراد الجيش فئران وشتّان بين التّعبيرين. وليس المقصود بالعبارة الّتي استعملها الضّحيّة المعتقل الحطّ من قيمة الجيش الوطني وإنّما القصد أن يربو بشأن الجيش الوطني أن يكون فاعلا لما تفعله الفئران، فوجه الشّبه المتمثّل في الإحجام عن الفعل هو المراد، وعلى أيّة حال فإنّ المعنى الّذي أنتجه المثل المضروب ألغاه عقم التّقبّل، إذِ فُهم كلامه على أنّه سبّ. فأحيل نبيل الحجلاوي فورا إلى مركز الشّرطة حيث وجّهت له تُهم لا قِبَل له بها مثل توزيع المناشير والتّحريض على الفوضى والاعتداء على موظّف أثناء عمله ثمّ أُحيل على المحكمة العسكريّة بمدينة صفاقس، وقد حكمت هذه المحكمة بشهرين نافذين. وأمام هذا الأمر تصدّت ثلّة من المحامين الشّرفاء الّذين نذروا حياتهم إلى الدّفاع المستميت على الكلمة الحرّة وعلى قيمة الحرّية الّتي لا تتجزّأ، وكانت جلسة تبعث على النّخوة والاعتزاز بمناصرة الحقيقة والذّود عنها، ذكّرتنا بجلسات عديدة غصّتْ بها محاكمات الرّأي في مطلع الثّمانينات. وهذه الثّلة من الأساتذة المحامين الكرام هم: ء الأستاذ مبروك قسنطيني، ناشط سياسيّ وحقوقي، الممثّل لمنظّمة حريّة وإنصاف بصفاقس. ء الأستاذ شوقي عبد النّاظر عضو جمعيّة المحامين الشّبان وعضو بمنضّمة حريّة وإنصاف. ء الأستاذة كلثوم بدر الدّين ناشطة سياسيّة وحقوقيّة. ء الأستاذ حسين الحجلاوي ناشط سياسي وحقوقيّ. ء الأستاذة بسمة المناصري ناشطة سياسيّة وحقوقيّة. ء الأستاذ أحمد المعالج ناشط سياسي وحقوقي، عضو بمنضّمة حرّيّة وإنصاف. وبناء على البلاء الحسن الّذي أبلاه هؤلاء الأساتذة في الكشف عن وجه الحقيقة، فقد تمكّنوا من إسقاط تهمتيْن لا حجّة تشهد بهما. مازالت مسيرة إنتاج المعنى قائمة من أجل الوقوف على آثار الحقيقة ومحاصرة اللّبس ومقاومة الفهم الخطأ وذلك عبر المرحلة الاستئنافيّة الّتي ستتمّ بالمحكمة العسكريّة بتونس العاصمة وحول هؤلاء الأساتذة المكوّنين لهيأة الدّفاع المذكورة أعلاه تكوّنت لجنة وطنيّة تساندها وتشدّ على أياديها وتقف إلى جانب السّجين المظلوم وهي لجنة مفتوحة على كلّ القوى الحيّة والمناضلين الشّرفاء وأعضاء هذه اللّجنة إلى حدّ الآن هم: ء الأستاذ عبد السّتّار بن موسى: رئيس الرّابطة التّونسيّة للدّفاع على حقوق الإنسان. ء الدّكتور زهيّر بن يُوسف: رئيس الرّابطة المساعد ء الأستاذ عبد الوهّاب معطّر، ناشط سياسيّ وحقوقي ء الأستاذ عمّار عيدودي، ناشط سياسيّ ونقابي. ء الأستاذ مبروك كرشيد، ناشط سياسي وحقوقي. ء الأستاذ خالد اعواينيّة، ناشط سياسي وحقوقي. ء الأستاذ محمّد سعيد حمّادي، ناشط سياسي وحقوقي. ء لمين بوعزيزي جامعي و ناشط سياسي وحقوقي. ء عطيّة عثموني عضو منظمة العفو الدّولية و ناشط سياسي وحقوقي. ء محجوب النّصيبي نقابي وناشط سياسي وحقوقي. ء زهير الجويني وناشط سياسي وحقوقي ونقابي. ء فتحي بالحاج، الرّابطة العربيّة لحقوق الإنسان، وناشط سياسي. ء. فوزي العبدولي ناشط حقوقي

<


تخصّ الحملة الانتخابية

دائرة المحاسبات تبدأ في التثبت في الحسابات البنكية للأحزاب والقائمات المستقلّة


انطلاقا من يوم غد الاثنين تاريخ إعلان الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عن النتائج النهائية للعملية الانتخابية التي جرت بتاريخ 23 أكتوبر المنقضي ذكرّت دائرة المحاسبات الأحزاب والقائمات المستقلة التي خاضت انتخابات التأسيسي بإيداع حساباتها البنكية وقائمات الدفوعات والمقابيض وكافة التظاهرات التي تمت إلى كتابة الدائرة او إلى الغرف الجهوية في كل من صفاقس وقفصة وجندوبة وسوسة لمعاينتها.
وحدد تاريخ إحالة النسخ الأصلية من القائمات المذكورة مرفوقة بكشف حساب بنكي وحيد مفتوح بعنوان الحملة الانتخابية لكل قائمة مستقلة وكل حزب في اجل أقصاه ثلاثون يوما من تاريخ التصريح بالنتائج النهائية للانتخابات.
كما علمت « الصباح » أن دائرة المحاسبات ستصدر اثر إعلان الهيئة العليا للنتائج النهائية بلاغا تدعو فيه الأحزاب والقائمات التي ترشحت للانتخابات إلى إيداع كافة الوثائق المطلوبة منهم إلى كتابة الدائرة وستضع على ذمتهم أرقاما هاتفية مجمعة لتمكينهم من المعلومات اللازمة.
وحسب المقرر العام لدائرة المحاسبات الشاذلي الصرارفي فان بعض القائمات المستقلة المترشحة لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي قامت بإيداع حساباتها البنكية وقائمات في التظاهرات التي أقامتها أثناء الحملة الانتخابية إلى دائرة المحاسبات.  
جهاد الكلبوسي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 13 نوفمبر2011)

<


مشروع النظام الداخلي للمجلس الوطني التأسيسي: ضبط نظام داخلي لإحكام توزيع الأدوار وتيسير مهمة المجلس


(وات) أكّد عدد من خبراء القانون الدستوري من الاعضاء المؤسسين لمركز تونس للقانون الدستوري من أجل الديمقراطية ضرورة إكساب هياكل المجلس التأسيسي الذي يستعد قريبا لعقد جلسته الافتتاحية، التنظيم الملائم الذي يتيح لهذه المؤسسة المنتخبة الاضطلاع بمهامها على الوجه الأكمل.
وبيّنوا في ندوة عقدها أمس الأوّل بالعاصمة مركز تونس للقانون الدستوري بالتعاون مع مدرسة الدكتورا بكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس تمحورت حول موضوع «النظام الداخلي للمجلس الوطني التأسيسي» ما للجلسة الافتتاحية للمجلس وما ستعرفه من انتخاب لرئيس ونائبين له من أهمية بالغة في ضمان افضل انطلاقة لعمله وتعبيد أولى المسالك الصحيحة للانتقال الديمقراطي الذي يريده الشعب. 27 فصلا :
وفي هذا الإطار أوضح رئيس المركز الاستاذ قيس سعيد أنه لم يكن هنالك في تونس اهتمام بالنظم الداخلية للمجالس النيابية لعدة اسباب أهمها أن تركيبة هذه المجالس كان يطغى عليها لون حزبي واحد. وقدم سعيد مشروع نظام داخلي للجلسة الافتتاحية للمجلس مكونا من 27 فصلا ضمنه اقتراحاته المتعلقة بانتخاب رئيس المجلس من قبل النواب بعيدا عن المحاصصة السياسية التي تتم خارج اسوار المجلس باعتماد التصويت السري كما هو الشأن بالنسبة لنائبيه ولنظار إدارتي الشؤون الادارية والمالية للمجلس (4 على أساس اثنين لكل إدارة).
التعددية ضرورية :
كما أكد على ضرورة تكوين مجموعات حزبية داخل المجلس التأسيسي سواء ذات لون حزبي واحد أو إئتلافية مثلما هو جار به العمل في مختلف الهياكل النيابية الأجنبية ضمانا للتعددية في تركيبة مختلف اللجان القارة والفرعية للمجلس.
وشدد من ناحية أخرى على ضمان حق الشعب في متابعة مداولات المجلس الوطني التأسيسي عبر اقرار علنية الجلسات شريطة ألا يؤثر ذلك على السير العادي للجلسات.
عدم الإطناب في التفاصيل :
وبخصوص تركيبة مكتب المجلس ولجانه أوضح الاستاذ نضال المكي أن حسن التنظيم والهيكلة داخل المجلس من شأنه تيسير الأشغال وضمان نجاعتها. وأفاد أن اعتماد سقف عال لتكوين مجموعات داخل المجلس لا يخدم التعددية في المجلس التأسيسي بل يخدم الاحزاب الفائزة بأكبر عدد من المقاعد على حساب الأحزاب الاخرى داعيا لاعتماد مجموعات حزبية أو ائتلافية مكونة من عشرة أعضاء. ونبّه المكي لما قد يسببه الاطناب في تناول التفاصيل المتعلقة بسير عمل المجلس الوطني التأسيسي والسقوط في الإرتجال من تعطيل لمهامه داعيا إلى إكساب نظمه المرونة اللازمة القادرة على ضمان التعددية صلبه والميسرة لاعداد الدستور في أقرب الاجال.
دعم مناخ الحوار:
ومن جهتها شددت الاستاذة كوثر دباش في سياق حديثها عن تنظيم عمل المجلس التأسيسي على ضرورة تخصيص الحيز الأكبر من عمل المجلس للعمل التأسيسي وتخصيص الحيز التكميلي لأشغاله لدراسة مشاريع القوانين ومراقبة الحكومة مشيرة لما للنظام الداخلي للمجلس النيابي القادم من أهمية بالغة في تلافي التجاذبات السياسية وفي تلطيف مناخ الحوار بين الفرقاء السياسيين «حتى لا تتحول الجلسات العامة إلى حلبات للصراع» السياسي والايديولوجي.
النصاب القانوني :
وفي جانب آخر من عمل المجلس الوطني التأسيسي أكدت الاستاذة رشيدة النيفر الأهمية القصوى لمسألة النصاب القانوني والأغلبية في مدوالات الجلسات العامة وفي أشغال اللجان لانعكاسهما على نجاعة العمل النيابي منادية بعدم اعتماد نظم اقتراع تساهم في تعطيل الأشغال أو شلها.
وأثناء النقاش انتقد عدد من المتدخلين استباق بعض الاحزاب السياسية لأعمال المجلس التأسيسي المتصلة بانتخاب رئيس له وتوزيع الحقائب الوزارية على أطراف دون أخرى ضمن محاصصة سياسية قد يرفضها المجلس داعين إلى إلزام المجلس التأسيسي ببث مداولاته على الهواء مباشرة حتى يتسنى لجميع التونسيين الاطلاع على ما يدور في رحابه من نقاشات. (المصدر: جريدة « الصحافة » (يومية – تونس) الصادرة يوم 12 نوفمبر2011)

<



بقلم الأسعد الذوادي – مؤسس الغرفة الوطنية للمستشارين الجبائيين
عرّف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الفساد على أنه إساءة استعمال القوة الرسمية أو المنصب أو السلطة لتحصيل منفعة خاصة.
وباعتبار ان هذا التعريف اقتصر على موظفي الدولة، فقد تم توسيعه ليشمل القطاع الخاص ليعرّف الفساد بأنه « إساءة استعمال السلطة المخولة لتحصيل كسب خاص ». ويمكن أن يكتسي الفساد أشكالا مختلفة تتراوح من الفساد « الصغير » إلى الفساد « الكبير » الذي يتضمن الرشوة والاختلاس واستغلال الممتلكات العامة لأغراض شخصية وإلحاق ضرر بالإدارة وغير ذلك من الجرائم الخطيرة.
يمكن تصنيف الفساد الإداري الذي يتمثل في عدم احترام الموظف للنصوص التشريعية والترتيبية والمناشير الملزم بتنفيذها والاحكام القضائية ضمن الفساد « الصغير » علما بأن هذا الاخير يؤدي الى الفساد الكبير اذا ما تم غض الطرْف عنه مثلما هو الشأن الآن.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، تصنف ضمن الفساد الإداري الأعمالُ المتمثلة اليوم في عدم تنفيذ الأحكام القضائية ومنح معرفات جبائية للمتلبسين بلقب المستشار الجبائي وعدم الرد على مئات العرائض المرفوعة لدى الإدارة بهذا الخصوص، في خرق للأمر عدد 982 لسنة 1993 المتعلق بضبط العلاقة بين الإدارة والمتعاملين معها. كما أن تعامل الموظفين مع السماسرة والمتلبسين في الملفات الجبائية، الذين كبّدوا الخزينة العامة مئات آلاف المليارات، يندرج ضمن الفساد الإداري. كما أن عدم الرد على عرائض المواطنين في الآجال المنصوص عليها صلب الأمر عدد 982 لسنة 1993 وغيره من الاحكام يندرج ضمن الفساد الإداري.
أيضا، يندرج تعطيل كل القرارات التي اتخذت منذ سنة 1997 بخصوص تأهيل قطاع الخدمات وتطوير التشريع المتعلق بالمهن ضمن الفساد الإداري، الذي يكتسي نوعا من الخطورة، باعتبار أن ذلك ساهم بصفة كبيرة في استفحال بطالة حاملي الشهادات العليا الذين استحال عليهم الانتصاب لحسابهم الخاص في ظل استشراء الفوضى وإطلاق العنان للسماسرة والدجالين، وخير مثال لذلك الآلاف من حاملي الشهائد العليا في الجباية. كما أن مطالبة المواطن بالإدلاء بوثائق لم تتم الإشارة اليها صلب النصوص التشريعية أو الترتيبية عند طلب خدمة ما، يندرج ضمن الفساد الإداري.
هكذا ونتيجة لعدم تجريم هذه الأعمال التي تمس بصفة خطيرة بحقوق الإنسان الأساسية، تمكّن الفاسدون من التحصن بالإدارة التي تحولت إلى رهينة بين أيديهم القذرة. فعادةً ما يوجه المتضررون من المواطنين سخطَهم صوب الإدارة، والحال أنها ضحية لسكوتهم عن الأعمال الإجرامية التي يقوم بها الفاسدون الذين يتمتعون بحصانة مطلقة أو يكادون.
فدافعو الضرائب يتحملون أربعة أعباء؛ الأول حين يجدون أنفسهم ملزمين بالمشاركة في جريمة تمويل أجور الفاسدين. والثاني حين يتكبدون أضرارا جسيمة من جراء الفساد الإداري. والثالث حين يَجبُرون ضرر الضحايا الذين تظلموا لدى القضاء. والرابع تنمية التخلف والفقر والبطالة والفساد.
فالمفروض أن لا تتحمل المجموعة تبعات الأعمال الإجرامية التي يأتيها الفاسدون، وهذا يستلزم من المجلس التأسيسي إعادة صياغة الفصل 107 من المجلة الجزائية على غرار ما هو معمول به على الأقل بالفصل 108 من قانون العقوبات المصري، حتى يتم تحرير الإدارة من أيدي الفاسدين الذين يكبدون المجموعة سنويا آلاف المليارات دون الحديث عن ضحاياهم الذين يعدون بالآلاف.
وعْيا بخطورة تلك الأعمال الناجمة عن انحراف السلطة العامة، بادر المشرع المصري من خلال الفصل 108 من قانون العقوبات إلى عزل وحبس الموظف العمومي الذي يستعمل وظيفته في توقيف تنفيذ الأوامر الصادرة من الحكومة أو أحكام القوانين واللوائح المعمول بها أو تأخير تحصيل الأموال والرسوم المقررة قانونا أو تنفيذ حكم أو أمر أو طلب من المحكمة أو أي أمر صادر من جهة اختصاصه.
أما الفصل 107 من المجلة الجزائية التونسية، فقد صيغ بطريقة رديئة مكنت الفاسدين من احتلال الإدارة والتحصن بها حين نص على ضرورة أن يتفق موظفان فما فوق أو أشباههم بقصد تعطيل إجراء العمل بالقوانين أو تعطيل خدمة عمومية.
كما أن المجلة الجزائية لم تجرّم بصريح العبارة الأشخاصَ الذين لا يحترمون أحكام الفصل 29 من مجلة الإجراءات الجزائية الذي يلزم الموظف العمومي بإعلام وكيل الجمهورية بما بلغ علمه من جرائم ومده بما توفر من الحجج و المؤيدات. فالفاسدون يتعللون بالحفاظ على السر المهني للتفصّي من الواجب المحمول عليهم بمقتضى أحكام هذا الفصل.
إن إحداث مؤسسة « المراقب العام » وإدماج كل هياكل الرقابة العمومية الفاقدة لاستقلالها صلبها وإلحاقها بمجلس النواب، وكذلك ملاءمة القانون عدد 17 لسنة 1987 المتعلق بتصريح الموظفين بمكتسباتهم مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والمدونات الدولية الخاصة بقواعد سلوك الموظفين، كل ذلك يبقى أيضا من أولى الخطوات التي يجب على المجلس التأسيسي القيام بها حتى لا تبقى دار لقمان على حالها مثلما نلاحظه اليوم. فعدم التصريح بالمكتسبات من قبل الموظفين لم يتمَّ تجريمُه على غرار ما هو معمول به صلب قانون الكسب غير الشرعي بمصر، لتبقى دار لقمان على حالها. ونتيجة لذلك بقي هذا القانون المخالف للمعايير الدولية حبرا على ورق على الرغم من استشراء ظاهرة الفساد الكبير داخل الادارة.
إن استشراء الفساد الإداري، الذي يدل على فساد الماسكين بالسلطة، من شأنه تنمية التخلف والفقر والبطالة وتعطيل التنمية والحكم الرشيد وشل المؤسسات والقضاء على المبادرة الاقتصادية.
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – تونس)، بتاريخ 13 نوفمبر 2011)

<



 
+ مليارات ضائعة في تلميع صورة المخلوع وزوجته وصحفيون تونسيون وأجانب متورطون في المهزلة + الوكالة تكفلت حتى بمصاريف مؤتمرات حزب التجمع المنحل + فواتير التقارير الصحفية تم دفعها حتى بثمن المشروبات الكحولية وتذاكر الطائرات
تونس – بناء نيوز – عمار عبيدي
تحصلت بناء نيوز على تفاصيل الأعمال « القذرة » التي كانت وكالة الاتصال الخارجي تقوم بها في عهد المخلوع لتحسين صورة النظام وعلى تفاصيل تواطؤ عديد الأطراف من صحفيين تونسيين وأجانب وغيرهم في هذه المؤامرات التي كانت تكاليفها تدفع من أموال الشعب التونسي.
وقد أفضت هذه الأعمال التي قامت بها اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق في الفساد والرشوة إلى الوقوف على جملة من الإخلالات تتمثّل بالخصوص في افتقار الوكالة إلى نظام أساسي خاصّ بها على مستوى الأعوان والأجور خاصّة، حيث قامت مصالح الوكالة بانتداب أعوان قارّين بصفة مباشرة دون اللجوء إلى إجراء مناظرة بالرّغم من عدم وجود اسباب للانتداب المباشر التّي ينصّ عليها الأمر عدد 567 المؤرخ في 31 مارس 1997.
وأشار تقرير اللجنة أيضا إلى غياب مرجعية تحديد تأجير الأعوان القريّن والمتعاونين بالوكالة إذ قامت الإدارة العامّة لهذه المؤسّسة بإسناد « منح تشجيعيّة » للأعوان الملحقين لديها شهريا تتراوح بين 300 و500 دينارا خاما للملحقين من الإطارات، وبين 100و160 دينار لأعوان التنفيذ وذلك دون عرضها على سلطة الإشراف بالمؤسّسة للمصادقة عليها، وكذلك تمّ إسناد قروض دون فائض من خزينة المؤسّسة لفائدة أعوانها بلغت قيمتها الجملية خلال السنوات المتراوحة بين 2007 و2010 حوالي 18.000 مليون دينارا.
كما توّلت مصالح الوكالة التونسية للاتّصال الخارجي بتسديد نفقات مختلفة لصحافيين تونسيين وأجانب بتونس وخارجها تتمثّل في خلاص فواتير كراء المكاتب وتجهيزاتها وفواتير اقتناء الهدايا والمشروبات الكحولية. وإثر استجواب مدير الشؤون الإدارية والمالية السابق (م.ا) أفاد بأنّ تحمّل الوكالة لهذه المصاريف يأتي وفق تعليمات رئاسية.
وتعاملت الوكالة مع متعاونين تونسيين وأجانب بهدف تعزيز حضورها الإعلامي وتحسين صورة السياسة الوطنية في الخارج وذلك دون إبرام العقود في أغلب الأحيان حيث بلغت قيمة التعامل دون عقود خلال الفترة الممتدّة ما بين 2005 و2010 ما يزيد عن 4.167.000 د.
وقد اختلفت جنسيات هؤلاء الصحفيين والاتصالين، ومن بين الصحافيين التونسيين الذين ذكرهم التقرير والمبالغ التّي تسلموها نذكر (ع.م.ج) تسلّم 586.234 د، و(ب.ب) تسلّم 300.663د، و(ك.ب.ي) تسلّم 152.750 د، و(م.ب) تسلّم 378.027 د، و(ب.ب.ع) تسلّم 342.107 د، و(ج.ق) تسلّم 253.277 د، و(خ.ش) تسلّمت 165.563د، و(ج.ش) تسلّم164.152د، و(م.ن) تسلّم 79.312د، و(ص.ص) تسلّم 50.305 د، وقد تمثّلت مهامّهم عموما في إنجاز تقارير ومقالات صحفية حول الإرهاب خاصة والتنسيق مع وسائل الاتصال الخارجية.
وأورد التقرير بالتفصيل بعض الحالات منها حالة الصحفي (ب.ب) الذي بدأ التعامل مع الوكالة منذ 08/10/ 2001 وقد تحصّل على مبلغ قدره 300 ألف دينار، منها 180 ألف دينار تمّ تحويلها له من ميزانية الإشهار العمومي في إطار التعاون مع قناة ANB في صيغة مرتب شهري بأكثر من 2000دينار يتمّ خصمه من المنحة الراجعة للقناة المذكورة .
أمّا بخصوص المبلغ 120 ألف دينار المتبقي فيتعلّق بخلاص مستحقات (ب.ب) نظرا خدماته الاتصالية كمشاركته في القنوات الأجنبية وتحرير المقالات الصحفية، كما تكفلت الوكالة بمصاريف مهماته للخارج ومصاريف مكتبه الخاصّ به وقد ألحق بالشركة التونسية للمقاولات السلكية واللاسلكية، وتمتّع بمرّتب مدير مع امتيازات عينية بالرّغم من كونه أستاذ تعليم ثانوي وقد أقرّ المعني بالأمر بكلّ هذه المعطيات في جلسة الاستماع إليه بتاريخ 26 ماي 2011 .
وبالنسبة للصحفي (ص. ص) الذّي يترأس القائمة المستقّلة « الحقّ في الشغل والتنمية والكرامة » المتقدّمة لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي عن ولاية القيروان، فقد ورد التقرير العامّ أنّه تمّ انتدابه في ديوان الطيران المدني والمطارات وبالتحديد في مطار صفاقس بالرّغم من كونه متحصّل على الأستاذية في الحضارة والآداب العربية ممّا يدّل أنّه بعيد كلّ البعد عن المجال الفنّي والتقني وأقرّت المصالح المعنية أنّه لم يباشر قطّ وظائفه وكان يتلقّى راتبه الشهري ويتمتّع بالترقيات، وقد تحصّلت اللجنة على مذّكرة بعث بها المدير العامّ للوكالة مذّكرة للرئيس المخلوع أعلمه فيها تعاون (ص. ص) مع (ب.ب) وطلب منه الموافقة على انتدابه في إحدى المؤسّسات العمومية « دون جذب الانتباه إليه ». كما أدلى أثناء الاستماع إليه في 19 أكتوبر 2011 أنّ الوكالة تكفلّت بكافة مصاريفه أثناء سفره لحضور المؤتمرات والندوات فضلا عن تنشيطه لبرنامج « ورقات من تونس » على قناة ANB وذلك بعد تخليه عن العمل مع راديو كلمة لاختلافه مع (س.س) لأسباب « مبدئية ومالية ».
أموال للتجمع المنحل
ومن الإخلالات الأخرى التّي قامت بها الوكالة التّونسية للاتّصال الخارجي هي إسناد مبالغ ماليّة هامّة لحزب التجمّع الدستوري الديمقراطي وذلك عن طريق ممثليات ديوان التونسيين بالخارج، في شكل منح مالية للمساهمة في احتفالات الجاليات التونسية بذكرى 7 نوفمبر.
ويقدّر المبلغ خلال الفترة المتراوحة بين 1999و2010 ب 178.458 ألف دينار حيث تجاوزت نفقات الاحتفالات لسنة 2008 340 ألف دينار تكفّلت بها الوكالة فقط وتشمل تكاليف إقامة الصحفيين والضيوف بالفنادق ونفقات طباعة النشريات والملفات والهدايا والتجهيزات…
كما تنوّعت مصاريف الوكالة في مجالات شتّى كما ذكر تقرير لجنة تقصّي الحقائق وعلى سبيل المثال لا الحصر نذكر منها تنظيم المؤتمرات العامّة للحزب الحاكم مثل مؤتمري « الطموح » (2003) و »التحدّي » (2008)، والتظاهرات السياسية والثقافية والاقتصادية على غرار الانتخابات الرئاسية والتشريعية.وتحمّلت الوكالة كذلك المصاريف التّي نجمت عن قضيّة جريدة العرب ضدّ(ر.غ).
الجمعيات لها نصيب أيضا
وبيّن التقرير العامّ للجنة أيضا المبالغ المالية التّي أسندتها الوكالة لبعض الجمعيات والهياكل التونسية والأجنبية على غرار الغرفة التونسية الأمريكية للتجارة والجمعية التّونسية الكندية، كما تعاملت مع مؤسّسات مختلفة الجنسيات مختّصة في الإعلام والاتّصال بهدف إنشاء المواقع الالكترونية التّي تهتّم بنشاطات المخلوع وزوجته وصورهما حيث بلغ حجم هذه التعاملات منذ سنة 1998 إلى موفى سنة 2010 ما قدره 1.577 مليون دينار.
ومن أهمّ المؤسّسات الأجنبية التّي تعاملت معها مصالح الوكالة المؤسستين الأمريكتين Digital Publishing Service وWashington Media Group، حيث يثير موضوع التعامل هذا جملة من الملاحظات تتعلّق أساسا بإجراءات الاتفاق وظروف التنفيذ.
وقد لوحظ من خلال دراسة هذه المعطيات المطروحة أنّ الوكالة لا تحتفظ بالوثائق المحاسبية المتعلّقة بالنفقات المتعلّقة بالاتّصال الخارجي عموما وإن احتفظت بها فهي في شكل نسخ رقمية وليست النسخ الأصلية حيث تمّ استجواب في هذا الغرض المدير الإداري والمالي السابق للوكالة (م.د.و) الذّي أكدّ أنّ هذه الوثائق تمّ إيداعها بالأرشيف بينما أفادت المصالح المعنية بأنه تمّ إتلاف هذه الوثائق من قبل المدير المالي والإداري، بالإضافة إلى أن الوكالة كانت تقوم بالتعامل مع نفس المزودين بصفة مباشرة ودون تفعيل للمنافسة ودون إمضاء صفقات كتابية في بعض الأحيان كما ينّص الأمر عدد 2240 لسنة1990 المتعلّق بضبط قواعد إبرام وتنفيذ صفقات الوكالة، وذلك لتأمين الإعداد المادّي واللوجستي لمصاريفها.
وتوّلت لجنة تقصّي الحقائق إحالة كافّة الوثائق المتوفرة على النيابة العمومية بتاريخ 21 سبتمبر 2011 وتتمثّل خاصّة في وثائق عثر عليها في قصر الرئاسة بقرطاج تفيد علم الرئيس المخلوع بهذه الخروقات المالية والإدارية للوكالة، كما وجدت اللجنة وثيقة تثبت تخصيص دعم إشهاري لقناة نسمة التلفزية والتّي نفى باعثها ذلك الأمر.
ملف « تونس سبعة »
فإلى جانب الملفات التّي طرحت في التقرير فيما يخصّ القطاع السمعي البصري ملف التلفزة الوطنية حيث قامت اللجنة بالتدقيق في بعض أوجه التصرّف في الوكالة الوطنية للإنتاج السمعي البصري وبمؤسّسة الإذاعة والتلفزة الوطنية وخاصّة المتعلّقة بعقود تنفيذ الإنتاج التّي أبرمتها شركة CACTUS Production والتّي يملك فيها (س.ف) 49 بالمائة و(ب.ط) 51 بالمائة، والمتمثّلة في 5 عقود وذلك بين سنتي 2005 و2006 وذلك لإنتاج برنامجي  » آخر قرار » و »دليك ملك ».
وقد تمّ ذلك بصفة مباشرة دون أن يتمّ تفعيل لمنافسة ودون الالتزام بالقواعد المنظّمة ومن جهة أخرى ورد بالمقال أنّ مؤسّسة التلفزة الوطنية اقتنت سنة 2008 عندما توّلى(م.ق) مهّام الرئيس المدير العامّ برنامج « أحنا هكّا » الذّي أنتجته CACTUS Production مقابل أكثر من 3.6 مليون دينار وهو مبلغ مشّط جدّا مقارنة بكلفة البرنامج ومحتواه الذّي لم يمكن من الحصول على عقود إشهار سوى بقيمة مليون دينار، علما وأنّ مؤسّسة التلفزة لا زالت تدفع ثمن هذا الإنتاج إلى اليوم.
كما أفاد الكاتب العامّ لمؤسّسة التلفزة خلال جلسة الاستماع إليه يوم 12 أفريل 2011 أنّ (س.ف) كان يرفض رفضا قطعيا مدّ المؤسّسة بالعناصر المكوّنة لكلفة الإنتاجات التّي تعتزم شركته القيام بها. فالمؤسّسة هي من كانت تقوم بكراء مساحات البث على الأقمار الصناعية لفائدة منشطّي بعض البرامج التّي تنتجها هذه الشركة لتمكينهم من الاتّصال بالشخصيات الموجودة بالخارج على المباشر، وذلك دون أيّ سند قانوني أوتعاقدي وتمّ ذلك خاصّة لبرنامج  » ستاد7″ عند تغطيته لفعاليات كأس إفريقيا للأمم سنة 2010.
هذا، وقامت مؤسّسة التلفزة أيضا ببثّ كافّة البرامج التّي أنتجتها الشركة دون إبرام عقود معها، مع العلم أنّ المؤسّسة وخلافا لما تقوم به مع الإنتاجات الأخرى لا تجري أيّة رقابة مسبقة لمحتوى هذه البرامج حيث أمكن ل CACTUS أن تمرّر خلال العديد من برامجها التي أنتجتها ومضات إشهارية (Furtives ودون أن يقع التنصيص عليها بالعقود إن وجدت، خاصّة أنّ الشركة كانت تسّلم أشرطة التسجيل قبل فترة وجيزة من بثّها ممّا يتعذّر مراقبة محتواها.
من ناحية أخرى وحسب ما بيّنه التقرير فهذه الشركة لم تحترم أيضا الذوق العامّ من خلال إنتاجاته فعلى سبيل المثال مسلسل كاستينغ الذّي بثّ في رمضان 2010 احتوى عل مشاهد تظهر فيها المواد الكحولية وهوما كانت تمنعه التلفزة الوطنية منعا باتّا سواء على إنتاجاتها الخاصّة أو إنتاجات الشركات الأخرى التّي تتعامل معها.
وتجدر الإشارة أنّ شركة CACTUS قد تحصّلت على كافّة الامتيازات المذكورة نظرا لامتلاك بلحسن الطرابلسي شقيق ليلى بن علي 51 بالمائة من رأسمالها، وكان الرئيس السابق يتدّخل أيضا في مشاريع البرامج التّي تنتجها CACTUS ويسدي تعليماته إلى مؤسّسة التلفزة عبر (ع.ع) الوزير المستشار السابق برئاسة الجمهورية . وقد توّلت اللجنة إحالة كافّة الوثائق المتحصّل عليها على النيابة المومية بتاريخ 9 جوان 2011. (المصدر: موقع بناء نيوز الإلكتروني ( تونس ) بتاريخ 13 نوفمبر 2011)

<


العيّادي والصغيّر يدعوان لتفكيك المنظومة الديكتاتوريّة السابقة وتحقيق المحاسبة

تحيين مفاهيم الثورة لاستكمال أهدافها وتفكيك منظومة النظام السابق المحاسبة تسبق المصالحة لتحقيق الديمقراطيّة المنشودة


تونس – بناء نيوز – إيمان غالي
أكّد عبد الرؤوف العيادي الأمين العام المساعد لحزب المؤتمر من أجل الجمهوريّة أنّه آن الأوان لمرحلة تفكيك المنظومة الاستبداديّة واستكمال مهام الثورة مما يقتضي تفكيك منظومة النظام السابق والاتيان بنظام ديمقراطي من خلال تحيين المفاهيم للبناء الثوري وذلك عندما تكون الرؤية واضحة للإجراءات العمليّة والخطط لتطوير الحسّ العملي. كذلك استغرب الدكتور المحاضر عميرة عليّه الصغيّر أنّ مرحلة المحاسبة لم تحلّ بعد وهناك أطراف تتحدّث عن المصالحة.
تم ذلك اليوم السبت 12 نوفمبر 2011، في ملتقى صحفي بالتعاون مع « مركز العميد محمد شقرون للبحوث والدراسات » والجمعيّة السويسريّة « الحقّ للجميع » تحت عنوان « من الدكتاتوريّة إلى الديمقراطيّة ». وتغيّب الأمين العام لحزب المؤتمر من أجل الجمهوريّةعن هذا اللّقاء الذي يعتبر الأوّل لمركز العميد محمد شقرون وتمّ خلاله التعريف بأهداف المركز وتقديم لمحة تاريخيّة عن حياة عميد المحامين الراحل وما قدّمه من تاريخ نضالي.
استكمال أهداف الثورة
قال عبد الرؤوف العيّادي إنّ الثورة المجيدة التي قام بها الشعب التونسي تطرح الآن عديد المهام النظريّة والسياسيّة في شكل رؤى وتصورات لتقديم برامج وخطط ومساهمات فكريّة من شأنها أن تحقق أهداف الثورة وتحيّن مفاهيمها وخصوصياتها.
وأضاف العيّادي أنّ توسيع مجال الثورة التي أصبحت عربيّة وستصبح كونيّة يعود إلى أفكارها التداوليّة، وذلك يستوجب تحيين المفاهيم وإنارة السبل النظريّة أمام أهل السياسة التي لم تكن لها مجال في تونس وكانت مجرّمة بل كانت هناك أطروحات ايديولوجيّة تتحدّث عن التعصّب والكراهيّة والارهاب التي تداولها المستعمرون، وهو ما ولّد الديكتاتوريّة.
واعتبر أنّ الديكتاتوريّة نتاج لشراكة بين الاستعمار الداخلي والاستعمار الخارجي وأنّ للخروج منها وصناعة الديمقراطيّة يوجب التعويل على النخب والمثقفين لتحيين أهداف الثورة.
أموال تونس في سويسرا
أشادت عضو البرلمان السويسري إيرين كلان بثورة الشعب التونسي المجيدة وبسلميّة الانتقال الديمقراطي لتونس وقالت إنّ الثورة التونسيّة أثرّت في عديد دول العالم من حيث الرغبة في التعبير عن الحريّة وصناعة الديمقراطيّة الحقيقيّة.
ودعت كلان بالحظ السعيد لكل التونسيين الذين ينشدون الاصلاح والتغيير وبناء تونس الديمقراطيّة الجديدة التي تقطع مع الماضي.
وأكّدت على دور سويسرا حكومة وجمعيات ومجتمعا مدنيا في تقديم الدعم المادي والمعنوي إلى التونسيين، من خلال المطالبة بتجميد أموال بن علي وأصهاره وقالت  » يجب أن نتعاون سويا لاسترجاع أموال الشعب المنهوبة ».
كذلك قالأنور الغربي رئيس الجمعيّة السويسريّة « الحقّ للجميع » إنّ مساعدات الجمعيّة تتمثّل في تقديم الاجراءات القانونيّة السليمة وذلك بدعم كبير من كلّ الأحزاب السياسيّة للتسريع باسترجاع الأموال التونسيّة لأنّ الشعب في أمسّ الحاجة إليها لترميم الوطن.
وأضاف أنور الغربي في تصريح خاص لـ « بناء نيوز » أنّ قيمة الأموال التي اعترفت بها سويسرا إلى حدّ الآن هي 945 مليون دولار ولكن نحن نعتقد أنّ المبلغ أكثر من ذلك بكثير. كما اشار الغربي إلى البرنامج المتكامل في دعم المسار الديمقراطي في تونس من خلال الزيارات التي قامت بها وفود سويسريّة لمساعدة تونس في الانتقال من حالة الخراب التي خلّفها النظام السابق إلى حالة البناء والانتقال الديمقراطي السليم.  
المحاسبة قبل المصالحة
اوضح المحاضر عميرة عليّه الصغيّر أنّ درجة وعمق التحوّلات التي شهدها هذا المجتمع، وأداء أطراف الصراع، والثقافة والمعتقدات، تحدّد جميعها نوعيّة المصالحة المطلوبة، حسب موازين القوى الجديدة بين المحكومين والحاكمين وبين القوى المطالبة بالمحاسبة والقوى المطالبة بالمصالحة.
وقال الصغيّر إنّ الشعب لم يثر على نظام بن علي فحسب بل ثار كذلك على نظام 56 وعلى جميع المناطق الداخليّة والمقموعين في آراءهم وتوجهاتهم والذين قَطّعت أطرافَهم القوى الثوريّة.
وأضاف أنّ القائمين في اقتصاد الدولة الآن هم الذين استفادوا من نظام الاستبداد، كذلك السياسيون الذين انبثقوا من التجمّع، وأضاف أنّ المصالحة تستوجب الرؤية الصحيحة لهذا الواقع. وأكّد المحاضر أنّ هؤلاء من رجال السياسة في النظام السابق الذين لا يزالون يقبعون في أماكنهم منذ سقوط بن علي، لم يعوا الضربة القويّة المزلزلة بل ينادون بالمصالحة على طريقتهم متناسين المحاسبةَ. وقال إنّ « جماعة النظام تتبّع من يسرق ويقتل ويزيّن لبن علي ثم يستفزون الناس كلّما طالبوهم بتنظيف القضاء ومحاسبة رموز الفساد، ليس لديهم سوى كلمة المصالحة ».
وأضاف « الذين يحكموننا الآن ويترصدّون الفرصة من أحزاب التجمّع السابق لا يعترفون بالثورة ولا يؤمنون بوجود مكان تحترم فيه حقوق الانسان، لذلك لا يمكن أن نُصلح برجال ومؤسسات فاسدة رغم المسرحيات القضائيّة التي يقيمونها لمحاسبة رموز الفساد ».
وأكّد أنّه لا مصالحة قبل المحاسبة وأنّ المحاسبة ضروريّة لجبر الخواطر، وشرط أساسي للبناء وسوى ذلك، « فإنّنا رممنا الواجهة وأبقينا على الخراب ذاته ». (المصدر: موقع بناء نيوز الإلكتروني ( تونس ) بتاريخ 13 نوفمبر 2011)

<


في ندوة شارك فيها ممثلون عن 8 أحزاب سياسية جدل حول مهام الحكومة المقبلة ومفهوم المشاركة السياسية


حمة الهمامي ينتقد حضور أمير قطر الجلسة الافتتاحية لـ  » التأسيسي » ـ أبو يعرب المرزوقي: لا نريد التسرع لتفادي بناء سلطة مستبدة وفاسدة ـ خليل الزاوية: المعارضة تشكلت قبل الحكومة ـ محمد الكيلاني: معظم الناخبين صوتوا على أساس ديني ـ عبر حمّة الهمامي زعيم حزب العمال الشيوعي عن انزعاجه من خبر حضور الأمير القطري للجلسة الافتتاحية للمجلس الوطني التأسيسي
وحذر خلال ندوة حول « المشاركة في السلطة » نظمتها أول امس بالعاصمة شبكة تونس للحقوق والحريات والكرامة، من خطورة الضغوط الخارجية التي تمارس حاليا على تونس خاصة ان محورها الأساسي العلاقة مع الكيان الصهيوني وقال:  » عار على الثورة أن يحضر أمير قطر الجلسة الافتتاحية للمجلس التأسيسي ».
وشهدت الندوة التي حضرها ممثلون عن ثمانية أحزاب سياسية اضافة إلى محسن مروزق امين عام المؤسسة العربية للديمقراطية، نقاشا بشأن تصور الساسة من كل الاتجاهات سواء منهم الذين ينتمون لأحزاب فازت في الاستحقاق الانتخابي (النهضة، المؤتمر، التكتل..) أو تلك التي حصدت تمثيلا ضعيفا في المجلس، وفضلا عن الأحزاب التي فشلت في الحصول على مقعد واحد، رهانات المرحلة المقبلة ورؤاها بخصوص معنى المشاركة في السلطة.
ومكنت الندوة من الوقوف على تقاطع المواقف وتلاقيها بشأن طبيعة المشهد السياسي بعد انتخابات 23 أكتوبر وكيفية تجاوز المرحلة الانتقالية التي ترتكز على اعداد دستور جديد مع ضمان مشاركة اوسع للمجتمع المدني في صياغته وفي ابداء الراي فيه.
وبالعودة إلى مضمون مداخلة زعيم حزب العمال الشيوعي الذي حصد ثلاث مقاعد فقط ضمن المجلس الوطني التأسيسي، فقد دعا إلى أن يضمن الدستور الجديد بندا يجرّم صراحة التطبيع مع الكيان الصهيوني، وقال : » لن نترك أي حكومة كانت مد يدها للكيان الصهيوني ».
واعتبر أن تأكيد الهيئة المستقلة للانتخابات أن 45 بالمائة فقط من الناخبين شاركوا في التصويت، ستكون له تأثيرات سياسية حتى على الدستور القادم الذي سيكون دستور أقلية وليس أغلبية، مشددا على ضرورة « عرض الدستور على الاستفتاء حتى تكون الكلمة الأخيرة للشعب التونسي ».
وأكد الهمامي أن ممثلي حزبه في المجلس التأسيسي سيكونون قادرين على تبليغ تصورات الحزب، وقال إن الحكم على المجلس التأسيسي والأغلبية المحددة فيه متوقف على مضمون الدستور وما إذا سيكون دستورا حقيقيا يقطع مع الماضي او اصلاحا للدستور القديم.
وأضاف أن الدستور لن يضعه المجلس التأسيسي لوحده بل إن الأمر يهم أيضا المجتمع المدني والشارع التونسي، ويجب ان يضمن مبادئ وثوابت أساسية لا يمكن المساس بها.  
القطيعة مع النظام القديم
وأكد حمة الهمامي أنه لم يطرح على حزب العمال الشيوعي المشاركة في الحكومة لكنه أكد في المقابل أن الحزب سيكون طرفا مراقبا عبر ممثليه في المجلس التأسيسي لأي حكومة يعيّنها المجلس. وسيتم الحكم على أي حكومة مقبلة من زاوية ما إذا كانت ستعطي « اشارات جدية » لتكريس أهداف الثورة أم لا؟ مثل الشروع في اصلاحات تقطع مع النظام السابق كاصلاح الأمن والقضاء والإدارة والإعلام. وقال: » نطالب بقطيعة مع الاستبداد والنظام القديم، سنكون حاضرين ميدانيا للنضال مع الشعب التونسي من أجل حقوقه ».، مشيرا إلى أهمية أخذ الحكومة المقبلة بعين الاعتبار الحراك الاجتماعي والإضرابات النقابية التي تحصل في بعض القطاعات..
التخلق الجنيني للسلطة الجديدة
وقال ابو يعرب المرزوقي الذي أكد أن حضوره شخصي في الندوة ولا يمثل حركة النهضة، إن السلطة الجديدة المنبثقة عن اول انتخابات حرة ونزيهة في تونس ما تزال « في إطار التخلق الجنيني ». وأوضح أن الشعب الذي ثار على المستبد لا يريد التسرع في بناء سلطة قابلة أن تكون مستبدة وفاسدة، بل يسعى لبناء دولة السلطة فيها للشعب، سلطة تعيد الحكم والثروة والتربية والثقافة للشعب، وما يؤمن به من قيم
 
تجمع بين الإستنارة والعقلانية
وقال : » ما نريده من السلطة وضع دستور حر ديمقراطي يضع قيم الإنسان وروح الأمة، وتحقق ثورة علمية تحررية من الاستبداد والاستعباد ».  
مشاركة المجتمع المدني
من جهته أشار محسن مرزق، أمين عام المؤسسة العربية للديمقراطية أن المشاركة في السلطة يجب أن ينظر اليها من خلال ثلاثة محاور: توزيع السلطة، التفويض، والمراقبة. وبين ان المشاركة في السلطة مبدأ اساسي، قائمة على مؤسسات كل منها تقوم على سلطات ثلاث اضافة إلى سلطة المجتمع المدني. وأشار إلى وجود اخطاء شائعة من قبيل اعتبار أن المجلس التأسيسي يحتكر كل السلطات، في حين أن مؤسسات المجتمع المدني يبقى لها عامل المراقبة والمشاركة في ابداء الراي.
ودعا إلى أهمية دراسة ما أفرزته نتائج الانتخابات مثل النسبة الكبيرة للعزوف عن المشاركة في التصويت، وقال إن نتائج اختيارات الناخبين أفرزت بروز كتلة النهضة، إلى جانب كتل سياسية صغيرة، لكنه أبرز أن 63 بالمائة من اصوات الناخبين ذهبت لأطراف أخرى.
وأكد مرزوق على أن الأغلبية داخل المجلس التأسيسي لا تتشكل الا بتحالفات وبتواضع الكتل المنتصرة، وأن مهمة صياغة الدستور يجعل من الأغلبيات داخل المجلس متغيرة حسب الفصول والأبواب، وهو ما ينبأ بوجود حركية كبيرة في التحالفات وسلطة متحركة داخل المجلس.
وطالب بتوسيع مجال المشاركة في صياغة الدستور عبر تشريك المجتمع المدني، داعيا إلى ضرورة ترقب خيار المجلس التأسيسي لقرار تشكل الحكومة ومناقشة التنظيم المؤقت للسلطات، مشيرا إلى أن الأحزاب التي لها مقعد واحد تعتبر مشاركة في سلطة المجلس التأسيسي، وقال: » كل نائب يمثل الشعب وليس بالضرورة الحزب ففي الكونغرس الأمريكي مثلا يحصل احيانا أن يصوت نائب ديمقراطي او جمهوري ضد إرادة الحزب الذي ينتمي اليه في مسائل معينة.
القوماني: « تغيير الحكم لا يعني تغيير الحاكمين »
ولاحظ محمد قوماني رئيس حزب العدالة والتنمية أن ما يجري من نقاشات الآن هو تركيز على سلطة الحكومة وليس على سلطة المجلس التأسيسي، وقال : » تغيير الحكم لا يعني تغيير الحاكمين ». ونبّه إلى ضرورة التفرقة بين المشاركة في السلطة والمشاركة بالشأن العام في المرحلة الجديدة، مشيرا إلى أن من أبرز المطالب الأساسية التي نادت بها الثورة القطع مع سلطة أحادية متغلغلة، ووضع ضمانات حقيقية للنهوض بالجهات المحرومة..
وقال أن منظومة المشاركة يجب ان تكون على قاعدة تشريك جميع الأطراف واستيعاب المتشددين سواء كانوا من اليسار او من اليمين وليس فقط من المعتدلين. مضيفا أن المرحلة القادمة تعتبر مرحلة انتقالية لا يمكن ان تتمثل على مشهد سلطة ومعارضة، وذلك إلى حين تشكّل المؤسسات الدستورية وانتخاب حكومة على اساس برامج.
ولاحظ القوماني أن المجلس التأسيسي له سلطة كاملة لكنها ليست سلطة مطلقة، وقال إن خصوصيات المرحلة الانتقالية التي ما تزال تبحث عن التوافق الأوسع تستعدي على القوى الممثلة في المجلس التأسيسي الانفتاح على قوى من خارج المجلس.
الكيلاني: معظم الناخبين صوتوا على اساس ديني
أما محمد الكيلاني رئيس الحزب الاشتراكي اليساري فلاحظ أن انتخاب الكتل الأساسية في المجلس » تم على أساس منظومة انتقالية قانونية فيها الكثير من العيوب »، وقال: » من المفروض القيام بحوار وطني لتعميق المفاهيم وتطوير المنظومة.. التغيير حصل في بلادنا ولم تولد افكار جديدة وليس لنا بعد مشروع مجتمعي جديد حاصل حوله نقاش. »
وانتقد الكيلاني تدخل دور العبادة في الشأن السياسي، مشيرا إلى أن معظم الناخبين صوتوا على اساس ديني وليس على اساس مواطني، واكد أنه استمع خلال الحملة الانتخابية إلى مؤذن يدعو إلى التصويت إلى من يخاف الله. وقال: » الكارثة أن معظم الناخبين انجروا إلى التصويت بالضغط العقائدي وليس على أساس المواطنة والمطالب العامة التي خرج من أجلها الشعب التونسي ».
وأكد أنه تعرض شخصيا للمضايقة والتشهير حين اتهمه البعض بالكفر والالحاد. وتم خلال الحملة الانتخابية استعمال الدين لأغراض سياسية، وتشويه الآراء المخالفة، وعبر عن قناعته أن « المشاركة السياسية ما تزال محدودة في المرحلة الحالية ولم تخرج بعد من إطار المنظومة القديمة من الاحتكار إلى عالم الديمقراطية بحق ».
مطالب الناس أكبر من المكاسب السياسية
ولاحظ عمر الشاهد عن حركة الشعب وجود حراك اجتماعي داخل المجتمع التونسي وكأنه غير معني بالنقاش حول الحكومة والسلطة والدستور، وقال إن مطالب الناس ومشاغلهم أكبر من المكاسب السياسية وتوزيع الحقائب الوزارية..
ودعا إلى ضرورة نقل السلطة من الدولة إلى الشعب وتجاوز المفهوم الشكلي البسيط الليبرالي للسلطة، منتقدا مشهد استقبال رئيس المجلس البرلمان الأوروبي لزعماء الأحزاب الفائزة بالوزارة الأولى، وقال: » الصورة كانت مهينة ودليل على تدخل دولي سافر في تشكل المشهد السياسي القادم: »
وأوضح الشاهد ان حركة الشعب ستكون قوة معارضة واقتراح داخل المجلس التأسيسي، محذرا بأنه ليس للنهضة ولبقية الكتل ان تصوغ مستقبل تونس باسم المشاركة السياسية، على اعتبار أن مهمة الحكومة المقبلة هي تصريف اعمال والتركيز على قضايا عاجلة.
تشكل المعارضة قبل الحكومة..؟
بدوره دافع خليل الزاوية ممثل حزب التكتل من أجل العمل والحريات عن طريقة استقبال رئيس البرلمان الأوروبي لممثلي الأحزاب الفائزة، وقال: » رئيس البرلمان الأوربي جاء للحديث مع ممثلي الحكومة والأحزاب والجلوس معه لا يعني قبول توصياته، وقد تحاور مع ممثلي الشعب فرادى تقديرا لهم ».
وقال إن من مفارقات الوضع التونسي الحالي تشكل المعارضة قبل الحكومة، مشيرا إلى أن الكتل التي تتحاور من أجل تشكيل الحكومة عرضت على بقية الأحزاب المشاركة فيها لكن بعضها رفضت. مشيرا إلى أن تشكل الأغلبية أو المعارضة سيكون من خلال مشاريع الدستور، واعتبر أن المعارضة الأساسية ستكون بين الحكومة واتحاد الشغل واتحاد الأعراف.
واوضح الزاوية أن التقاطع سيكون بين الحكومة والمعارضة السياسية والجهاز القديم ومن يساند القديم ومن يساند المستقبل، ملاحظا ان « الحزب الذي حصد بضع آلاف من الأصوات لا يمكنه لوم الحزب الذي حصد مليون صوت. »
كما دعا إلى تقييم الأحزاب لنفسها ومحاولة الإجابة على سبب عزوف نسبة من الناخبين، مشيرا إلى أن الخطاب السياسي لبعض الأحزاب وكثرة القائمات المترشحة عوامل اربكت الناخبين، كما ان دفع البعض النقاش نحو مسألة الهوية كان سببا في دفعها الثمن في الآخر.
معارضة وطنية مسؤولة
أكد عبد الرزاق الهمامي رئيس حزب العمل الوطني الديمقراطي، إن من حق الجميع تقييم نتائج الانتخابات. وعن مسألة المشاركة السياسية أبرز أن البلدان الديمقراطية تشكل الأحزاب الفائزة الحكومة في حين تشكل الأحزاب التي لم تفز حكومة ظل، والحكومة مجبرة بقوانين ضامنة للحريات بالتشاور مع معارضتها..
وقال إن الوظيفة الأصلية للمجلس التأسيسي هي وضع دستور، في حين أن للحكومة المقبلة ستكون لها صبغة مؤقتة مهمتها إما تصريف اعمال بالتالي لا تتحمل مسؤولية سياسية، او حكومة وحدة وطنية عليها تحمل المسؤولية السياسية ومواجهة الشعب بما وعدته به.
وأكد الهمامي على ضرورة احترام خيار بقية الأحزاب الاصطفاف في صف معارضة وطنية جدية ومسؤولة لا تفتعل المشاكل لكنها تراقب وتنتقد وتقترح، مشيرا إلى أن كتابة الدستور مسألة تعني كل نواب المجلس التأسيسي الذين يمثلون كل الشعب، مشددا على أهمية أن يضمن الدستور المكاسب الديمقراطية والمدنية وقيم العدالة الاجتماعية، ومسائل وطنية مثل « مقاومة التطبيع ومنع اقامة قواعد عسكرية لأي طرف خارجي كان. » اما سمير بن عمر ممثل المؤتمر من اجل الجمهورية فقد جدد في تدخله على رؤية حزبه في ما يتعلق برهانات المرحلة المقبلة، على غرار تشكيل حكومة ائتلاف وطني. وقال: » ليس من مصلحة استفراد حزب معين بالحكم ومن حق كل التونسيين المساهمة في وضع الدستور ومناقشته. »
وأكد بن عمر أن فترة المجلس التأسيسي يجب ان تدوم 3 سنوات حتى يأخذ الدستور حظه الوافر من النقاش حسب رايه.  
رفيق بن عبد الله (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 13 نوفمبر2011)

<


في منتدى الثورة.. كمال مرجان يدعو للمصارحة والمصالحة لا يمكن لثلاثة أحزاب تكوين حكومة ائتلافية


على منبر منتدى الثورة بمؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات جلس كمال مرجان وزير الخارجية السابق، وتحدّث بإطناب عن معاني المصالحة والعدالة الانتقالية، كما أجاب عن أسئلة عدد من الجامعيين والمؤرخين والمسؤولين السابقين..
وأكد مرجان في هذا اللقاء الذي اداره المؤرخ عبد الجليل التميمي على أهمية ارساء العدالة الانتقالية والمصالحة من أجل مستقبل تونس، لكنه أشار في المقابل إلى أن العدالة الانتقالية يجب ان تكون موازية للقضاء العادي بحيث لا تفرض على أي شخص، ومن يريد الالتجاء للقضاء العادي للمطالبة بحقوقه فله ذلك.
وردا على بعض من قالوا إن رموز النظام السابق يبذلون قصارى الجهود للالتفاف على الثورة أكد الوزير السابق أن المستقبل لن يكون مثل الماضي.. ويخطئ من يعتقد أن الماضي يمكن أن يتكرر بعد الثورة وأكد على أن الديمقراطية ثقافة، ولا يمكن أن يكون فيها إقصاء لأي أحد كان..
وقال :  » إن ما حصل في تونس من حكم مطلق ودوام السلطة وجرائم في حقوق الانسان حدث في كل الدول العربية دون استثناء، لكن تونس كانت الدولة الأولى التي قامت بثورتها .. وهي ثورة عفوية بلا قيادات وأفرزت واقعا جديدا بلور حقيقة واضحة وهي أن الوطن فوق الجميع وللجميع دون إقصاء أو تهميش.. وتناغما مع هذا الواقع يجب ان يكون هناك وفاق وطني ومصالحة وطنية لأنهما الضامنين للنجاح ولأنهما الأفضل لمستقبل تونس ».
والمقصود بالمصالحة على حد تعبيره هي إعادة ربط العلاقات بين المجموعات المتخاصمة وانهاء الخلاف القائم بينها.. فالمصالحة بهذا المعنى تفهم كسياق.. وخارطة طريق تحتوي على عدد من الأعمال المحددة.. ولنجاح هذا التمشي يرى مرجان أن تونس ليست في حاجة لدعاية وشعارات بل إلى توفر رغبة حقيقية وإرادة صادقة في اعادة ترتيب البيت.
وفسر مرجان أنه يجب وضع الإشكال في نسقه العام لتيسير عملية تلمّس آفاقه المستقبلية، وأضاف : »نظرا لان الخطاب السياسي الجديد في تونس يؤسس الى جملة من القيم والمبادئ التي ارتكزت عليها الثورة وهي الحرية والكرامة والحد من التمايز بين الفئات والجهات، فان المصالحة يجب ان تبدأ بحوار بناّء بين الاحزاب ومنظمات المجتمع المدني قصد معرفة الأخطاء وتجفيف منابع الفساد بعيدا عن المواقف الضبابية ودون اقصاء الاطراف الوطنية والتعامل معها بمنطق التخوين ».
ويرى الوزير السابق أن التحالفات بين الأحزاب السياسية جائزة لكن يجب ان تصب في مصلحة الوطن دون سواه..
تجارب « مصالحة »
وقدّم كمال مرجان أمثلة عديدة عن كيفية إرساء العدالة الانتقالية والمصالحة في بلدان أخرى على غرار ما حدث في بولونيا واسبانيا والبرتغال والارجنتين وغواتيمالا وافريقيا الجنوبية والكوت دي فوار وغينيا والمغرب.. وبين أن طريقة ارساء العدالة الانتقالية والمصالحة اختلفت من دولة إلى أخرى فهناك من ركزت على انشاء لجان الحقيقة والمصالحة وأخرى سمتها لجان عدالة ومصالحة وهناك دول أرست هيئات قضائية خاصة بهذه العدالة واعتمدت جلسات علنية للمساءلة والمحاسبة بثت عبر شاشات التلفزيون حتى يسترجع من انتهكت حقوقهم كرامتهم، ودول أخرى بالتعويض أكثر من أي شيء آخر..
ولدى حديثه عن مناهج العدالة الانتقالية بين مرجان انه يجب تطبيق ثقافة المساءلة وعدم الافلات من العقاب بما يعطي الاحساس بالأمان للضحايا ويجنب تعويض العدالة بالانتقام ويعطي قدرا من الانصاف لمعاناة الضحايا ويساعد على كبح الرغبات الطبيعية في ممارسة القصاص ويعطي فرصة هامة لإرجاع الثقة في القضاء..
ولتحقيق المصالحة في تونس دعا مرجان إلى إرساء مبادرات لتقصي الحقائق من خلال لجان رسمية تقوم بالتحقيق في الانتهاكات وتبين ما وقع من أحداث على أن يتم انشاء هذه اللجان بعد مشاورات وطنية موسعة حتى يقع التوافق حولها وحتي يقع تحديد صلاحياتها، ويجب ألا تكون هذه اللجان إلزامية فالشخص حر يمثل أمامها أو يختار اللجوء للقضاء العادي.
وبعد المساءلة، يجب على حد تأكيده تقديم التعويضات اللازمة لضحايا حقوق الانسان وهناك تدابير عدة وأشكال متنوعة لهذا التعويض منها الاعتراف بحق الضحايا جماعات وأفرادا وتشجيع التضامن مع الضحايا وإعادة الحقوق المادية المنهوبة وإعادة الإدماج في الوظيفة العمومية لمن طردوا تعسفا وتأمين العناية النفسية والعلاج البدني اللازم للمتضررين وتخصيص اماكن عامة وشوارع وتسميتها بأسماء شهداء الثورة وجرحاها.. كما يجب إصلاح مؤسسات الدولة كالقضاء والأمن والجيش.. وفسّر أنه كثيرا ما تحتاج البلدان التي خرجت من طور الدكتاتورية الى إصلاح للمؤسسات والهدف من ذلك هو إزالة العوامل التي أدت الى نشوء القمع وإعادة تأهيل هذه المؤسسات ومنع انتهاك حقوق الانسان من قبل المسؤولين عنها والعاملين فيها.. أما بالنّسبة للمؤسسات المتعصبة فإن عملية إصلاحها عادة ما تكون عملية صعبة وطويلة المدى ومن ثمة يجب العمل بإرادة ودون تسرع.
ودعا مرجان إلى إيلاء عناية كبيرة لوضع التدابير اللازمة قصد الحد من امكانية تكرر الانتهاكات في المستقبل والتمهيد لمصالحة كاملة وشاملة.
ولاحظ أنه يتعين تجنّب صيغة الحل الواحد والابتعاد عن استيراد التجارب الأجنبية المتعلقة بإرساء العدالة الانتقالية مهما كانت درجات نجاحها لأن العملية يجب ان تكون على حد تأكيده نابعة من الداخل. وهو يرى أن الحكومة الجديدة المرتقبة يجب أن تأخذ على عاتقها اقناع المجلس التأسيسي بإيلاء مسألة العدالة الانتقالية والمصالحة الأهمية التي تستحق.
مصارحة
وخلال النقاش أكد بعض المشاركين على ضرورة تحقيق المصارحة قبل الحديث عن المصالحة وبينوا أنه لا يمكن الحديث عن مصالحة وشهداء الثورة وجرحاها لم يحصلوا على حقوقهم.. كما قال أحدهم: « كلما فهمنا تفاصيل المنظومة الاستبدادية.. كلما كانت مهمة المصالحة أيسر.. لذلك يتطلب الأمر تحليلا دقيقا للمنظومة الاستبدادية في تونس منذ الاستقلال إلى الآن.. الاشارة الى ان الحديث عن المصالحة يقتضي أولا المصارحة.. ولاحظ الدكتور زين العابدين النيفر وهو طبيب نفساني ان المطلوب اليوم هو المصالحة الوطنية للتونسي مع التونسي نفسه ومع تاريخه. وفي نفس السياق بين المؤرخ خالد عبيد ان الذاكرة التونسية مريضة، لذلك فإن المصالحة تقتضي المصارحة أولا والمصالحة مع الذاكرة..  
جوازات السفر الديبلوماسية
وإجابة عن أسئلة الحاضرين وملاحظاتهم بين كمال مرجان أنه يدرك جيدا أن المصالحة تقتضي المصارحة.. وعن سؤال يتعلق بيوم 14 جانفي بين أنه كان قد تحدث لوسائل الاعلام سابقا عن كل ما يعرفه ولم يخف شيئا وكذلك الأمر بالنسبة لجوازات السفر الدبلوماسية التي منحت بعد الثورة للمخلوع وعائلته فقد أشار إلى أنه طبق القانون ويتحمل مسؤوليته في اعطاء الجوازات وإلغائها. وتحدث مرجان عن شبابه وقال انه كان أميل للمعارضة وما خروجه للدراسة بسويسرا الا هربا من السياسة لانه كان أميل للوحدة الشعبية من الحزب الدستوري..
حزب المبادرة
وعن سؤال يتعلق بدور حزب المبادرة في الحياة السياسية بعد الانتخابات قال إن الحزب فاز بخمسة مقاعد وهو لن يكون لا مع ولا في المعارضة.. ولاحظ أن النهضة تحاول ان تجمع الى حد ما طاقات وطنية، ومن الطبيعي ان تكون في القيادة وتوقع ان تكون هناك حكومة وطنية فيها ساسة وتكنوقراط أيضا لان حركة النهضة تعرف في اعتقاده ان الوضع صعب والتحديات كبيرة ولا يمكنها تحمل المسؤولية وحدها. ويرى مرجان الحل في ان تتفق كل الاحزاب الاخرى على ان تكوّن أغلبية وهو أمر صعب.. ويعتبر أنه لا يمكن بـ 3 احزاب فقط تكوين حكومة ائتلافية.
وبين مرجان ان حزب المبادرة لم يتلق أي اتصال من حركة النهضة إلى حد الآن وكان آخر الاتصالات بين الحزبين يوم الاعلان عن النتائج حيث بادر هو بتهنئة راشد الغنوشي.  
سعيدة بوهلال (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 13 نوفمبر2011)

<



صالح عطية ـ
 
لعل من بين الملفات الأساسية التي افسد فيها الرئيس المخلوع أيما فساد، تلك التي تتعلق بالسياسة الخارجية، التي طوعها بن علي لخدمة عقليته المافيوزية، فأسبغها الكثير من النفاق والانتهازية وقدرا كبيرا من « البروباغندا » السياسية التي تغطي على ممارسات وقرارات و »خيارات » أضرت بسمعة تونس ومصداقيتها.. لم يعد ممكنا اليوم، الاستمرار في ذات النهج القائم على مغالطة الرأي العام، و »توريط » الموقف التونسي في »سلوكيات » و »سياسات » مشينة، وأدوار استخباراتية مشبوهة، لا تليق بتونس التي انحازت طوال تاريخها لثورات الشعوب وهواجسها التحررية، وكانت دبلوماسيتها على عهد الزعيم الراحل، الحبيب بورقيبة، تتميز بالعقلانية وبنوع من البراغماتية السياسية اللافتة..
لقد حان الوقت لفتح ملفات عديدة شائكة في مقدمتها اغتيال أبو جهاد (خليل الوزيرعام 1989)، وصلاح خلف (أبو إياد) وهايل عبد الحميد (أبو الهول) ومحمد العمري خلال العام 1991، وهي اغتيالات تمت في ظروف وملابسات يلفها الغموض، وتشتم منها رائحة التواطؤ مع الكيان الصهيوني، الذي وجد التراب التونسي مستباحا بمساعدة المخلوع، فدخل واغتال وقتل، من دون أن يفتح أي تحقيق، ودون أن توجه تهم علنية لأي طرف، فيما كان الرئيس المخلوع يتحدث عن القضية الفلسطينية بوصفها  » قضيته الشخصية »..
المطروح على الحكومة الجديدة، فتح هذه الملفات من جديد، بكامل الشجاعة والمسؤولية، السياسية والأخلاقية والتاريخية، فالدم الفلسطيني دمنا، ووديعة في أعناقنا لا ينبغي السكوت عنه أكثر.. لا نقول هذا الكلام من باب المزايدة أو التجييش، لكننا نطرحه من زاوية إعادة الاعتبار لمصداقية سياستنا الخارجية، التي لن تستعيد احترام العالم، إلا بعد أن تميط اللثام عن ملفات بحجم اغتيال رموز وقيادات فلسطينية على أرض تونس، وبرصاص إسرائيلي، وتواطؤ للمخلوع لا غبار عليه..
سياستنا الخارجية بحاجة إلى مقاربة جديدة وتحالفات تنأى بها عن تلك التي راهن عليها النظام المخلوع، لكنها بحاجة أيضا إلى شجاعة من شأنها القطع مع الخيارات الدبلوماسية السابقة، بكامل لوثتها وتعفنها..  
(المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 13 نوفمبر2011)

<


باسم الله الرحمان الرحيم…

رياض حجلاوي
عندما انطلقت الثورة في تونس وتفاعل معها الإعلام الحر والإعلام الافتراضي وبدأت وتيرة الثورة تتصاعد بدأت معها الأسئلة تطرح. لعلّ من أهمّها: إلى أين ستصل هذه الثورة هل إلى سقوط الدولة أم سقوط السلطة الحاكمة أم تكتفي بهروب المخلوع؟ اليوم وبعد تسعة أشهر من قيام الثورة تبين أن إرث الإدارة التونسية التي بقيت بعد هروب الطاغية ثقيلا. وأبدأ بهذا الخبر الذي لم تتحدّث عنه الصحافة ومرّ دون إعلام. هذه الرسالة من الأخ فتحي داسي رئيس جمعية الكرامة ليون.
الى الأخ رياض:
تقبّل مني تهاني العيد، وبعد فلقد علمت بمظلمة نبيل منذ 3أيام عن طريق صديقي محسن العين الحجلاوي الذي نشر الخبر على صفحات حركة الشعب الوحدوية التقدمية، وإذ أعبر لك عن مساندتي فإنني سوف أعلمك أن في عهد حكومة السّبسي قد وُجدت تهم جديدة سُجن بموجبها 3 إخوة من حركتنا في سليانة وهم خالد السعدي وخالد المباركي وياسين الزريبي لمدة 6 أشهر وهذه التّهمة ذات أبعاد سياسيّة تُعلي من قداسة مؤسّسة الجيش، وإنّني لأساندك في نشر الخبر وفي أيّ عمل تقرّره، وأرجو الفرج العاجل لأخيك السّجين نبيل الحجلاوي فلا تبخل عنّي بالإعلام.
إنّ هذا الخبر قد تحدّث عمّا يشبه القانون الجديد الّذي يمدّد في أنفاس الفساد والاستبداد المستشرييْن في البلاد.
الخبر الثّاني هو ما وقع في مناسبة الحجّ لهذه السنة وهو الإهمال الذي تعرّض له العديد من الحجّاج من طرف الإدارة التي أشرفت على تنظيم موسم الحج فرغم زيادة سعر تكلفة الحج إلا أن الإحاطة والعناية بالحجاج لم تتغير بل ما حكمها هو المصالح المادية وهذا يضر بمصلحة المواطنة وحقوقها.
والخبر استقيته من مجلة تونس نيوز ليوم 12/11/11 بعنوان في البقاع المقدّسة، حجّ التونسيين يتحول إلى معاناة.. حجاج يتبادلون العنف .. واتّهامات بالجملة لمنتزه قمرت. الخبر الثالث وهو سجن أخي نبيل لمجرد كتابته مقالا يستنكر فيه تعامل الجيش السلبي مع الأحداث التي حدثت في سيدي بوزيد. سأحاول أن أبين علاقة هذا الخبر بحقوق المواطنة.
ذكر أخي نبيل في بحثه أنه عندما نشبت أعمال الحرق والتّخريب حاول الاتصال بأعوان الجيش لدعوتهم إلى التدخل لإنقاذ المدينة وقد راعه أنّ بعض أعوان الجيش كانوا متواجدين بالقرب من أعمال التخريب والحرق غير أنهم لم يتدخلوا وذكر أنه رآى شابا بصدد تكسير الأضواء العمومية ورأى جنديا يحمل بندقية وراء ظهره أي بصدد ممارسة الحراسة وقد قدم لهذا الشاب قارورة ماء للشرب وغسل وجهه دون أن يأمره هذا الجندي بالتوقف عن أعماله التخريبية وقد أثر هذا المشهد في نفسه مما دفعه إلى كتابة مقاله ليظهر شهادته أمام الله أنّه قد بلّغ.  
فكان من الإدارة التي بمستطاعها معرفة الجندي لأن توزيع الجنود حسب الأماكن والأوقات مسجلة لديها.
إلا أنها اعتقلت أخي نبيل لطمس الحقيقة وإنني أطالب بفتح تحقيق جدي وقد طالبت به منذ مدة في ندائي الذي وجهته إلى أهلي في سيدي بوزيد بعد الأحداث الأليمة التي جدت هناك. هذه الأخبار تبين عمق فساد الإدارة وتعديها على حقوق المواطن وإن الثورة قامت لإعادة الكرامة للمواطن.
وأريد أن أذكر من سيتسلمون الإدارة إلى خطورة السكوت عن هذه الأعمال التي تستهين بكرامة المواطن في سيدي بوزيد وسليانة ومواطن الحج وستعود بنا إلى الاستبداد من جديد إن لم نستنكرها. وأشكر كل من وقف مساندا ومدافعا عن المناضل نبيل حجلاوي وهو في الحقيقة دفاع عن حقوق المواطنة ضد تغول الإدارة.
وآمل من القادمين الخير ولكن العيون مفتوحة للمحاسبة والمراقبة لأن الثورة علمتنا الجرأة والتمسك بالمبادئ قبل الجري وراء المناصب ولو دامت لغيرك ما وصلت إليك.

<



صُدم الكثير من « الحداثيين » بنتائج الانتخابات و ما آلت اليه الامور بعدها، حيث اكتشفوا حجمهم الحقيقي و ضعف وزنهم السياسي على الساحة. تأتي هذه النتائج المخيبة للأمال بالنسبة لهم بالرغم من التغطية الاعلامية في مختلف وسائل الاعلام المكتوبة و المرئية و المسموعة لأنشطتهم، و استدعاؤهم في جل البرامج الحوارية حتى أن بعض القنوات كقناتي « نسمة » و « حنبعل » كادتا أن تكونا حكرا على الحداثيين. هذه النتائج الهزيلة جاءت أيضا بعد حملة تشويه غير مسبوقة للأحزاب و القائمات المدافعة عن الهوية العربية الاسلامية و أخص بالذكر حركة النهضة الاسلامية. اليوم و بعد امتصاص الصدمة الموجعة بدأت هذه الأحزاب تراجع سياسيتها و تتدارس أسباب فشلها علّها تجد الوصفة السحرية التي توصلهم الى أصوات الناخبين.
قد لا يتاح « للحداثيين » مجددا فضاء اعلامي اقصائي بالشكل الذي حصلوا عليه خلال التسعة الاشهر الماضية، و لن يكون بمقدورهم الاستمرار في حملات التشويه و الترهيب من الأحزاب المدافعة على الهوية الى الابد. وهو ما سيكون من التحديات الاضافية « للحداثيين ».
يظن « الحداثيون » أن ما أدى لهزيمتهم هو مجموعة من الاسباب أذكر أهمها في ما يلي :
أولا: الاعتماد على خطاب نُخبوي لم يصل للقاعدة الشعبية ثانيا: صدم الناخبين بمسائل ثانوية مست عقائدهم و عاداتهم و هويتهم ثالثا: تفكك و تشرذم الحداثيين في أحزاب و قائمات عديدة رابعا: التنظيم المحكم لحركة النهضة و استغلالها لتاريخها النضالي و عدم استهلاكها اعلاميا خامسا:استعمال المساجد للدعاية السياسية
و بالرغم من أن بعض اسباب الهزيمة التي يسوقها « العلمانيون » فيها قليل من الموضوعية الا أن السبب الأساسي في هزيمتهم هو جهلهم المدقع بالمجتمع التونسي، وتصلبهم الفكري و الايديولوجي، حيث أظهروا بأنهم يحملون فكرا متكلسا لم يتطور و لم يعايش الواقع الذي نعيشه في القرن الواحد و العشرين. لقد أثبت « حداثيونا » بأن لهم مجموعة من الأفكار في قوالب جاهزة مستوردة من أدبيات المجتمعات الغربية في القرون الماضية و التي يودون أن يفرضوها غصبا على المجتمع التونسي. دون مراعاة لمشاعره و لا هويته و لا أصالته و متناسين حقيقة بأننا في عصر ما « بعد الحداثةPost Modernism  » .
« الحداثيون » لم يدركوا أن الناخب التونسي قد ملّ الانحلال الاخلاقي و التفكك الاسري، و كره اللغة الخشبية التي صُدّعت بها أذان التونسيين طوال 55 سنة حول « المكاسب الحداثية للمرأة التونسية » و التي تُختصر في منع تعدد الزوجات و اعتبار ذلك أكبر انجاز تاريخي تم تحقيقه. لقد ملّ المواطن التونسي هذه الترهات، و المبالغات و تصوير التفاهات على أنها منجزات عملاقة في ظل غياب الانجازات العملاقة الحقيقية و تتالي التجارب التنموية الفاشلة في تونس طوال 55سنة. المواطن التونسي يعلم بأنها شعارات سياسية فضفاضة ترفعها الانظمة الديكتاتورية للتغطية على العجز في بناء دولة حديثة و ديمقراطية حقيقية و اقتصاد قوي . ثم ان المواطن التونسي يتساءل: طيب لدينا « المكاسب الحداثية للمرأة التونسية » منذ نصف قرن فماذا جنينا مقابلها؟ هل تحصلت امرأة تونسية على احدى جوائز نوبل، لا، بالعكس تحصلت عليها امرأة يمنية. هل أصبحت المرأة التونسية رئيسة وزراء أو رئيسة دولة أو حتى وزيرة داخلية أو عدل أو خارجية أو دفاع؟ لا، يحدث هذا في باكستان و سريلنكا و بنقلاداش لكن ليس في تونس. اذن ما الفرق بين الدول الاسلامية الاخرى التي ليس بها « مكاسب حداثية للمرأة » و تونس الرائدة في الحداثة؟ لاشيء سوى أننا نعاني من نسب طلاق هي الأعلى في العالم، وانعدام التوازن الّأسري في كثير من العائلات (كي لا نقول انتشار الخيانة الزوجية) و ما ينجر عنه من أثار سلبية على الاطفال من اضطرابات نفسية و فشل مدرسي و حتى شذوذ في بعض الاحيان. نعاني أيضا من أبشع استغلال و تحرش جنسي بالنساء خاصة في وسائل النقل العمومية و أماكن العمل، الفتاة التونسية تعاني من تأخر سن الزواج وشبح العنوسة واستغلالها ماديا بعد الزواج بتعلة المساواة و اذا طُلقت أو أصبحت أرملة فان حظوظها في الزواج تصبح تقريبا منعدمة – فمن يسمع من الحداثيين معاناتها؟-.
و لذلك فإن المشروع الحداثي الذي يحلم به العلمانيون في تونس لا يتعلق الا بالشعارات الفضفاضة لا بالافعال الايجابية ، يتعلق أساسا بتهديم ما بقي من ضوابط أخلاقية و اجتماعية و أسرية بدعوى الحريات الفردية (أساسا تشجيع و تطبيع العلاقات خارج اطار الزواج، التشجيع على اللباس الخليع – للمرأة فقط طبعا-، تطبيع علاقة التونسي بالخمور بحيث تصبح مقبولة اجتماعيا، فك الصلة بين الدولة و الاسلام من ناحية توقيت العمل خلال شهر رمضان و فتح المطاعم و المقاهي بصفة علنية، برامج تعليمية للتلاميذ و الطلبة تشكك في الاسلام و القيم الاخلاقية و تصور الانحلال و الميوعة و الالحاد على أنه تفتح و ابداع و تحرر، التضييق على الحريات الدينبة في الأماكن العامة). اذن فالحداثة بالنسبة للعلمانيين التونسيين ليست بناء بل هي تهديم، لا تبني ازدهارا اقتصاديا ولا تعالج مشاكل البطالة و الصحة و التعليم و الخدمات، ولا تطور بنية تحتية و لا تبني مجتمعا واعيا و أخلاقيا، بل حداثتهم تقتصر على هدم الجانب الأخلاقي في الانسان و هذا ليس مشروعا ليحكم دولة و يبني اقتصاد و يحل المشاكل، بل هو مجرد غرائز مكبوتة لدى أناس طغت عليهم الشهوات المادية و نسوا أن هناك جانبا روحانيا و أخلاقيا في الانسان يتعين بناؤه لا تهديم ما تبقى منه.
بالاضافة للجانب الأخلاقي فإن الناخب التونسي يرى بأن الحداثيون هم بالضرورة علمانيون أي أنهم مثل التجمعيين أي بدون مرجعية أخلاقية وقيمية و دينية تبعدهم عن الفساد و الظلم. و لذلك فالمواطن يتسأل ما الفرق بينهم و بين التجمعيين؟ بالنسبة للمواطن فإن الحداثيين هم وصوليون مثل البقية ويقدمون مصلحتهم الشخصية على المصلحة الوطنية اذا ما تعارضتا، عكس التيار المقابل الذي يحمل مشروعا مجتمعيا احدى ركائزه هي الأخلاق و الاحتكام للدين الاسلامي.
كما أنه من الناحية النفسية البحتة فإن اعتماد الخطاب السلبي يؤثر سلبا على الناخب حتى و ان كان من نفس التيار، فاعتماد حملات بعض الأحزاب على نقد حركة النهضة و محاولة تشويهها والتركيز على الجوانب السلبية مما يشعر الناخبين بالخوف و الرهبة و الاضطراب، كما أعطى نتائج عكسية في بعض الاحيان حيث أصبح الناخبون يريدون أن يتعرفوا على هذا الحزب الذي تنتقده كل الاحزاب و تهول من خطره. في المقابل من ذلك اعتمدت النهضة على خطاب ايجابي لاينتقد الاحزاب الاخرى بل يُركز على تقديم برامجها و هو ما يشعر الناخب بالطمأنينة و الارتياح.
كثير من التونسيين أيضا لم يستسيغوا ازدواجية الخطاب لدى « الحداثيين » التي أفقدتهم مصداقيتهم أمام الناخبين فمن جهة يعلنون بأنهم ينتمون للهوية العربية الاسلامية وأنهم مع الحفاظ على الفصل الاول من الدستور و من جهة أخرى فإن لهم مواقف لا تدافع الا عن كل ما يتعارض مع الدين الاسلامي: التضامن مع نادية الفاني مخرجة فلم « لا ربي لا شيء »، التضامن مع قناة نسمة اثر بثها الفلم الفرنسي المسيء للذات الالاهية « بلاد فارس »، الدفاع عن الأمهات العازبات، المطالبة بالمساواة في الميراث، الدفاع عن الشواذ و المطالبة بحقوقهم، و في المقابل انتقاد الحجاب و النقاب و الملتحين و السلفيين و المساجد و الصلاة أثناء أوقات العمل أو على نواصي الطرقات.
بعض المواقف أيضا لبعض وجوه هذا التيار (كالتصريح لوسائل الاعلام بأن دينه هو الحرية أو الديمقراطية عوض الاسلام أو دفاع مصطفى بن جعفر المستميت عن بث الفلم المسيء للذات الالاهية بدعوى حرية التعبير) أدت لشعور عام بالاشمئزاز لدى المواطنين و أدت بالتالي إلى خسارة حزب التكتل مثلا لنسبة كبيرة من الاصوات بين ليلة و ضحاها. كما أن وجود بعض الوجوه الاعلامية و الفنية و الأكاديمية المعروفة اما بإلحادها أو بشذوذها أو بتطرفها ضمن بعض الاحزاب أفقدها الكثير من الشعبية.
اليوم وبعد استخلاص الدروس من قبل « الحداثيين »، و أولها بأن الفضاء الاعلامي الذي كانوا يحتكرونه سابقا لن يبقى وفيا لهم و أن المشروع المجتمعي القائم على الترهيب من الدين الاسلامي و ضرب القيم و الاخلاق و الروابط الاسرية وتطبيع الاباحية لن يكون مجديا في المستقبل، نتوقع منهم أن يغيروا الخطاب ليصبح أقل تطرفا و اقصاء و أكثر واقعية. غير أن ما يثير المخاوف هو أن يستعملوا حلية « التقية » (عند المذهب الشيعي)، بحيث يتغير الخطاب و لا يتغير الهدف، لكن مجتمعنا بالمرصاد. كريم السليتي: خبير بمكتب استشارات دولي للتواصل: karimbenkarim@yahoo.fr

<



الوقت في بلادنا العربية لا قيمة له فهو مجرد من سطحها المادي و عمقها المعنوي و إذا كانت هناك الكثير من المتاعب و المصاعب التي تحكم حياتنا و تتربع على عرش اهتماماتنا و قمم تطلعاتنا لإيجاد مخارج لها ..فلسوء تصرفنا في الوقت ولاستهتارنا في استغلاله شريك لا يستهان به في تعميقها و تأصيلها و إنه لمن المؤسف أن أسهمه في تزايد مستمر..الوقت في أوطاننا بدل أن يعير بالذهب كما في البلدان في المتقدمة –وهذا لا يتطلب منا رصد ميزانية – نهدره في جملة ما نهدر و نصرفه فيما لا يعني في جملة ما نصرف و نسرقه في جملة ما نسرق و الحقيقة أننا لا نسرقه و إنما هو من يسرق منا أحلامنا بالتقدم و التطور.. الموظف منا يتأخر في الصباح في الذهاب إلى عمله و في العمل يضيع نصف الوقت في الأحاديث الزائدة و المهاترات الفارغة و في جيئة و ذهاب بلا طائل و أكل وشرب دون حاجة و قبل أن يحين موعد انصرافه تجده كمن أفلت من سجن خانق تاركا وراءه طوابير المواطنين مخلفا تشنج الأعصاب و السخط و الحنق ..
المستعمل فينا لوسائل التنقل العمومية يضيع وقتا لا بأس به في الانتظار قد يتجاوز مستوى ساعات انتاجه اليومي الفعلي في بعض الأحيان.. العامل فينا و في أي قطاع كان يبحث عن أي فرصة يسرق فيها الوقت لا لشيئ إلا لإضاعته
هذا الوقت يحسب بالدقيقة و الثانية عند غيرنا و بمنسوب الإنتاج أما نحن فننصاع لما اعتدنا عليه من تبذير له كأنما هو تركيبة انسانية محضة ..و لكننا لسنا إلا نهادن أنفسنا مهادنة مزيفة لأنه عامل مؤثركبير إما في نجاحنا أو في فشلنا و ذلك حسب مدى دقة أدوات قيسنا ..
لاتوجد عندنا إدارة لا يضيع فيها الموظف جزءا من وقت العمل في غيره و دونما أن يعتبر ذلك سرقة لموارد المجموعة الوطنية بل حقا مشروعا و مكتسبا و لا توجد إدارة لا يضيع فيها المواطن ساعات من الانتظار إن لم تكن أياما و أشهرا و سنوات في روتينيات بسيطة و انتظر حتى يأتي هذا الموظف
و يوقع هذا المسؤول و أحيانا يستمسك المواطن رشده و يفلت منه في أغلب الأوقات فإذا الاصوات تتعالى و إذا الشجار يحتد و أجواء العمل تشحن و تتعكر و إذا نحن نسترسل بذلك في إضاعة مزيد من الوقت.. حتى المرض و لو كنت تتلوى من الوجع لن يشفع لك في بلادنا ..ستنتظرالساعات في المستشفى مئات المرضى قبلك ليس لك ملاذ أو مفر أو أي خيار آخر ..هو قضاء مسلط عليك عليك أن ترضى به كالمرض تماما يتناوبان عليك في رفع الضغط و إعلاء نسبة السكر في الدم ..
أما ما يسمى وقت الفراغ -و لئن كنا لا نحبذ هذا التعبير فيما يجب أن يحتويه و يكون عليه هذا الأخير- و لكنه على أية حال تعبير يدل فعلا على نفسه عندنا فهو وقت نمضيه في الأشياء الفارغة و الساذجة لا في ترفيه بناء يرتقي بذائقتنا و يسمو بوجداننا..
وقت الفراغ هو أكثر ما نملك في بلادنا ..و حسابنا فيه بلا حساب نرثه و نورثه و لا ندري فيم نفرغه ..و لكن المهم في النهاية أننا فعلا نتوصل إلى ذلك و بكل سهولة بمعية مضيعات الوقت و الملهيات و لكم هي عديدة في عصرنا و متاحة لدينا اكثر حتى من الأكل و الشرب نفسه…
إننا لسنا ندري مأتى هذه « الثقافة السلبية » في إدارة الوقت و استغلاله استغلالا محكما و ممنهجا وفق أولويات حياتنا و مقدار ما يجب أن نفرده لكل حيز فيها من عمل و ترفيه و عبادة ..فتراثنا الحضاري الثقافي و الديني مضاد تماما لها و غني بمأثورات و حكم تبين عن وعي راسخ بقيمة الوقت و أهمية معرفة الاستفادة منه فماذا إذا كان القرآن الكريم قد بين و نبه إلى ذلك إذ يقسم الله تعالى بالليل و الفجر و العصرو في القسم لأنضى حجة و أقوى برهان على قيمته..و السنة النبوية الشريفة و فيما يقول الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة و السلام دليل أيضا وسند : « لن تزولا قدما عبد حتى يسأل عن أربع خصال عن عمره فيما أفناه و عن شبابه فيما أبلاه و عن ماله من أين اكتسبه و فيما أنفقه و عن علمه ماذا فعل به »
أما الفقيه العالم الحسن البصري فيقول يا ابن آدم إنما أنت أيام فإذا ذهب يوم ذهب بعضك إضافة إلى كثير من الحكم الأخرى التي يعج بها تراثنا كالوقت من ذهب و الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك و ما نقصت ساعة من دهرك إلا بقطعة من عمرك و غير ذلك كثير
فلم نعتبر إذن أكثر الأمم في الحاضر التي لا تستثمر وقتها و لا تحسن استخدامه و تنفقه إما كرها أو  
اختيارا فيما لا يعود عليها بالفائدة
و إذا كان علينا الانكباب الآن و بجدية على وضع خطط استراتيجية مدروسة في تنمية اقتصادية تنهض بمختلف واجهاتها من زراعية و صناعية و خدمية من أجل تحسين مردود انتاجياتنا المحلية كما و كيفا و دفع عجلتها في هذا الاتجاه بدل استنزاف محرك الاستهلاك لاقتصادنا جراء اللاتوازن الواضح فلا أقل أيضا من أن نخص عنصراستثمار الوقت –و هومحصنة الاستثمارات- بمخطط محكم و استراتيجية بناءة نحشد في سبيلها طاقاتنا من علماء الاجتماع و الاقتصاد والتنمية البشرية و نستحثها في تقديم الدراسات القيمة و البحوث المتميزة في عوامل سوء استغلالنا للوقت و تنظيم العمل في مقابل النجاحات الكبيرة التي حققتها بلدان أخرى بفضل نجاعة التصرف و حسن الإدارة و السعي إلى الاستلهام الخلاق من تجاربها المتفوقة في هذا المجال و لنا في بلاد كألمانيا أو اليابان بعد الحرب العالمية الثانية و التحديات التي حققتها بالأخذ بأسباب الانتفاع من الوقت فثابرت و اجتهدت أكبر دليل و مثال ..
وبدل أن تستحوذ فقط الإصلاحات السياسية على لب تفكيرنا و صميم مشاغلنا فلابد من التركيز بمقدار أكبر على إصلاحات مفاهيمية و قيمية اجتماعية عميقة من ضمنها مفهومنا للوقت و قيمته و تنغمس كل مؤسسات المجتمع من أحزاب و منظمات و جمعيات و إعلام و صحافة في التحسيس بالمخلفات السلبية الكبيرة للوقت الضائع على كل مناحي حياتنا و رصد مداخلها و إعداد محاولات و برامج و اقتراحات و أفكار جديدة تؤسسس لثقافة متزنة في احترام الوقت و معرفة كيفية التعامل معه..
قضيتنا مع الوقت ليست بأقل شأنا من أية مسألة فكرية ثقافية أو وطنية مدنية قد نتناولها بالبحث و الدراسة و النقاش من أجل بحث أسباب الخلل و اقتراحات للإصلاح لذلك فعلينا أن نعي جيدا أن حلها هو مقدمة النجاح و بداية التقدم ..  
يسرى بن ساسي dc.yosra@live.com

<



تونس (رويترز) – احتفلت الصحف التونسية الصادرة يوم الاحد بتتويج الترجي بلقب دوري أبطال افريقيا لكرة القدم بعد انتظار دام 17 عاما بفوزه على الوداد البيضاوي المغربي 1- صفر في اياب الدور النهائي للمسابقة يوم السبت.
وسجل الغاني هاريسون افول هدف المباراة الوحيد في الدقيقة 21 ليضع الفريق حدا لسوء الحظ الذي رافقه في أغلى بطولات الاندية الافريقية لسنوات عديدة بعدما تعادل في مباراة الذهاب بدون أهداف. وتصدر تسلم اسامة الدراجي قائد الترجي لقب البطولة الافريقية واحتفالاته مع زملائه بالتتويج صدر الصفحات الرئيسية للصحف في تونس. وقالت صحيفة الصباح اليومية في صفحتها الرئيسية « وتحقق الحلم بعد 17 عاما ».
وأضافت « يوم السبت الثاني عشر من شهر نوفمبر عام 2011 توقفت عقارب الساعة بالنسبة للترجي الرياضي لتعلن عن لحظة تاريخية ظل ينتظرها طيلة 17 عاما. » وتابعت « لحظة مسبوقة بمطاردة لم تعترف باليأس والاستسلام بل رفعت راية المكابدة والمثابرة والايمان بالقدرة على تحقيق حلم دفين في يوم من الايام. »
وكان الترجي أحرز لقب بطولة افريقيا في شكلها القديم عام 1994 لكنه أخفق في الفوز باللقب مرة أخرى رغم الوصول للمباراة النهائية أعوام 1999 و2000 و2010. وأشادت الصحيفة في مقال اخر بالغاني افول صاحب هدف الفوز للترجي وقالت تحت عنوان « وحسم افول مصير التاج الافريقي مبكرا بهدف رائع. »
وتغنت صحيفة الصحافة بانجازات الترجي في هذا الموسم وقالت تحت عنوان « اكتمل عقد الثلاثية في انتظار البطولة العالمية » ان الفريق حقق انجازا تاريخيا بضمه لقب دوري أبطال افريقيا لثنائية الدوري والكأس المحليين.
وأضافت « دون ان يظهر بمستواه الحقيقي… أدرك الترجي ما خطط له وتوج عن جدارة… والكأس كانت بطعم الثورة التونسية.. اكبر الفائزين أمس هو بلا جدال نبيل معلول صاحب الثلاثية التاريخية مع الترجي. » وعنونت صحيفة الصريح صفحتها الرئيسية بكلمة « الملك » في اشارة الى تربع بطل تونس على عرش الكرة الافريقية.
وفي تحليل للمباراة قالت الصحيفة في مقال بعنوان « الترجي حقق الانجاز ولبس (ارتدى) التاج بامتياز » ان الفريق « حقق بقدم الغاني هاريسون افول اللقب الافريقي الاغلى بفوز صغير في نتيجته لكنه عملاق في محصلته. »
ووصفت الصحيفة الهدف الذي أحرزه الغاني افول في مرمى الوداد البيضاوي بالساحر وقالت « كرة افول سحرت العقول ». ومدحت صحيفة الشروق فريق الترجي بعد فوزه باللقب الافريقي وعنونت مقالها الرئيسي « وحدك يا ترجي ». وسيمثل الترجي القارة الافريقية في كأس العالم للاندية في اليابان في شهر ديسمبر كانون الاول المقبل.  
من محمد العرقوبي (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 13 نوفمبر 2011)

<



هسبريس – و م ع أكد سفير المغرب في تونس، نجيب زروالي وارثي، أنه طلب من السلطات التونسية، إجراء تحقيق في الاعتداءات التي تعرض لها الجمهور المغربي ،أمس السبت، في ملعب رادس من قبل بعض عناصر الأمن، في أعقاب مباراة الوداد البيضاوي والترجي الرياضي التونسي (0-1)، برسم إياب نهاية دوري عصبة أبطال إفريقيا لكرة القدم.
وصرح نجيب زروالي لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه طلب رسميا من وزارة الداخلية التونسية، عن طريق وزارة الخارجية في هذا البلد، التحقيق في الأحداث ، التي تم خلالها « تعنيف » العديد من المواطنين المغاربة، الذين قدموا من المغرب لمؤازرة فريق الوداد البيضاوي، وإبلاغ هذه السفارة بنتائج التحقيق والإجراءات التي يمكن اتخاذها في هذا الشأن، حتى لا تتكرر هذه الأحداث مستقبلا، « صيانة للعلاقات الأخوية القائمة بين البلدين ».
وأضاف أن سفارة المغرب بتونس، ومنذ وقوع تلك الأحداث ،تجري اتصالاتها مع السلطات المعنية في هذا الشأن، مشيرا في هذا السياق، إلى أنه عبر لرئيس نادي الترجي التونسي، حمدي المدب، عن « استنكاره » للاعتداء الذي تعرض له الجمهور المغربي، مؤكدا أنه  » ليس هناك ما يبرر مثل هذا السلوك، البعيد كل البعد عن الروح الرياضية وعن روابط الأخوة التي تجمع بين الشعبين الشقيقين المغربي والتونسي ».
وفي سياق متصل، قال السفير المغربي أنه اتفق مع وزير الشباب والرياضة التونسي على التنسيق من أجل التحضير الجيد للمباراة التي ستجمع يوم 19 نونبر الجاري، بالعاصمة التونسية، بين فريق المغرب الفاسي ونادي الاتحاد الإفريقي التونسي برسم ذهاب نهاية كأس الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، لتفادي تكرار الأحداث التي شهدها ملعب رادس أمس. (المصدر: موقع هسبريس الإلكتروني(المغرب) بتاريخ 13 نوفمبر 2011)

<


على عقيد من الأمن التونسي..وقامت بتهشيم تجهيزات بمطار تونس قرطاج


اثر الاحداث التي جدت عقب مباراة الترجي الرياضي التونسي والوداد البيضاوي جدت بعض المناوشات بين قوات الامن وجماهير الفريق المغربي وهو الامر الذي تناولته الصحف المغربية باطناب خاصة وان بعض العناوين تحدثت عن اصابات خطيرة في صفوف الجماهير المغربية « التونسية » اتصلت بالسيد هشام المدب الناطق الرسمي بوزارة الداخلية لمعرفة تفاصيل الامر فاكد لنا ان قوات الامن لم تتعمد الدخول في مناوشات مع جماهير الوداد رغم ان هذه الاخيرة سعت منذ بداية المباراة الى استفزاز رجال الشرطة من خلال اشعال الشماريخ والقاء مقذوفات على رجال الامن الذين كانوا بمقربة منهم قبل ان يتطور الامر الى اقدام البعض منهم على خلع ملابسهم واظهار عوراتهم ورغم ذلك فان قوات الامن التزمت بالتعليمات ولم ترد الفعل غير ان الجماهير واصلت عملياتها الاستفزازية بعد ان اعتدت على ضابط امن برتبة عقيد مما تسبب له في كسر في ساقه ما اجبر الاعوان على استعمال الغاز للتصدي لشغب الجماهير وتفريقها…واضاف السيد هشام المدب بأن مناوشات الجماهير المغربية لم تقف عند هذا الحد حيث عمدت فئة منها منذ قليل الى احداث الشغب بمطار تونس قرطاج وتهشيم بعض محتوياته مما اجبر قوات امن المطار على التدخل ثانية للتصدي لهذه المجموعة التي كانت في حالة سكر واضح خالد (المصدر: صحيفة « التونسية » الإلكترونية(تونس) الصادرة يوم 13 نوفمبر 2011)

<


«الصحافة» ترافق دورية أمنية ليلية في سيدي حسين: خمـر وسرقـة وخـلـع.. واحتراف في عالم الانحراف

الصحافة:
عندما يسدل الليل ستاره ويعمّ الظلام شوارع وانهج منطقة سيدي حسين بالعاصمة… تتسلل مظاهر الفساد والجريمة لترسم مشاهد قد تكون رهيبة في حالات ومخيفة في حالات اخرى، خلع الأبواب لسرقة المحلات… السّكر الواضح في الطريق العام.. «النشل والبراكاجات». تخفّي المفتش عنهم والفارين من السجون… كلها مظاهر وقفنا عليها ليلة الجمعة المنقضية في المنطقة الشعبية بسيدي حسين حين رافقنا دورية امنية شاركت فيها مختلف الوحدات المدعمة من أعوان الشرطة العدلية ووحدات التدخل ومكافحة الارهاب وعناصر من الادارة الفرعية للطريق العمومي بتونس وعناصر من شرطة النجدة وكذلك من فرقة الأنياب الى جانب وحدات من الجيش الوطني.
منطقة سيدي حسين تعد من اكثر المناطق في العاصمة التي تعاني التهميش والخصاصة والنقص الفادح في أبسط المرافق، عندما كانت الساعة تشير الى السابعة والنصف ليلا، انطلقت الدورية الأمنية متكونة من عدة سيارات ودراجات نارية قصد تمشيط الاحياء والأنهج والبحث عن «خفافيش الليل».. الحركية كانت عادية في وسط المدينة وتحديدا في الشارع الرئيسي ولكن مع توغلنا في احد الانهج ارتبكت إحدى سيارات الاجرة (تاكسي) في سيرها وعملية دورانها وحتم عليها ضيق النهج التوقف في مكانها حينها نزلت عناصر الشرطة وتم تفتيش ركابها فاذا «ببنت العنبة» حاضرة فعلت ما فعلت في عقولهم والبعض الاخر لا يزال يحتفظ بكميات كبيرة منها تحت الكراسي…
حجوزات
وفي احد الأحياء الأخرى تم حجز دراجة نارية نتيجة عدم امتلاك صاحبها وثائق التأمين وتم اقتياده الى مركز الامن للتحقيق معه، ومن جهة اخرى تفطن اعوان الدورية الامنية الى حركية مشبوهة في احد الاماكن القريبة من كثرة أشجار الزياتين ولكن فرّ «المشبوهون» وتمت ملاحقتهم والقبض عليهم بعد اكثر من نصف ساعة بحالة تلبّس يقومون بخلع أحد المحال التجارية.. وفي الوقت الذي كان الموقوف في ذات السيارة التي ركبنا فيها يردد «لماذا قبضتم علي وحدي؟.. أين البقية؟… اين حقي من الثورة؟» في إشارة إلى انه يسرق لكي يتمكن من توفير قوته وقوت عائلته.. الا ان احد اعوان الشرطة ردّ عليه قائلا «أيها الشاب ان حقك من الثورة وتوفير قوت عائلتك.. لا يتمّ بالسرقة».. فتنهّد الشاب وصمت الى حين وصوله الى مركز الأمن…
وفي المقابل كانت كميات الخمر متوفرة بكثافة على الطريق ويتم بيعها بطريقة غير قانونية… تمّ التفطن الى كميات كبيرة منها عند أصحابها وحجزها مع أسلحة بيضاء وأسلحة اخرى معدة لخلع المحالّ..  
عالم متشعب وغريب
وحين تم التوجه الى مدينة عمر المختار بسيدي حسين بغية مطاردة بعض المفتش عنهم… اختفوا عن الانظار وسط تحركات مدروسة للفريق الامني ولكن بعد وقت وجيز تم القاء القبض على بعضهم منهم شاب طريف.. سأله احد الاعوان: «ما شهرتك؟» قال «زقيرة» ثم: «ما اختصاصك؟ »وهذا السؤال اكيد أن له دلالات يفهمها اعوان الأمن والمجرمين… فقال له: «اختصاص بيع الخمر خلسة». تم تفتيش «زقيرة»… ولكن رغم عدم امتلاكه شيئا مشبوها الا انه بالتثبت من هويته تأكد انه من المفتش عنهم… وحين تم اقتياده الى سيارة الشرطة.. اضطرب «زقيرة» واجهش بالبكاء..
وللقضايا الاخرى ايضا حضور من ذلك القاء القبض على احد المفتش عنهم لعدم تسديد معاليم النفقة والذي كان يقف في احد الأنهج الخالية…
ومن جهة اخرى وكلما مرت الدورية الأمنية من مكان يقف فيه مواطنون الا ويحيونها ويرددون «يحيا الأمن» … في إشارة الى تواجد العنصر الامني الذي يسهر على حمايتهم من تهديدات وصلتهم عبر الهاتف الجوالة والتي تمس من اعراضهم وهو ما أكدته لنا احدى المتدخلات التي استحسنت عمليات التمشيط الواسعة التي قامت بها وحدات الأمن والجيش الوطني رغم حالة الرعب التي انتابتها حين اكتشفت بان احد الشبان بصدد خلع احد المحالّ وتحديدا «محل لجنة حماية الثورة بسيدي حسين».. فوجهت تشكياتها كذلك لأعوان الأمن وحيّتهم على أداء واجباتهم.. التي لا تخلو من مخاطر. نقل وتصوير: مصباح الجدي (المصدر: جريدة « الصحافة » (يومية – تونس) الصادرة يوم 13 نوفمبر2011)

<



تونس – بناء نيوز – علي عبد اللطيف اللافي  
مقدمة
يؤكد خبراء ومحللون أن قيادة حركة « حماس » بالخارج في مأزق « ظرفي » كبير، فالوضع المضطرب في سوريا بسبب الثورة واحتمال تطوره إلى حرب أهلية يفرض على قادة « حماس » الانتقال إلى مكان أخر غير دمشق. ولكن إيجاد مكان بديل ليس سهلا، فكل خيار آخر له سلبياته، ويفرض على الحركة التزامات وقيود معينة. كما أن عملية الانتقال ستؤثر حتما على وضع « حماس » الداخل، سواء لجهة الحركة أو الخيارات السياسية أو التمويل. والواقع، كما يقول مراقبون عرب وغربيون، أن موقف روسيا والصين الداعم لنظام بشار الأسد في مجلس الأمن الدولي، سيطيل عمر هذا النظام، ولكنه في الوقت نفسه سيدفع بالمعارضة إلى حمل السلاح والدخول في حرب فدائية قد تتطور إلى حرب داخلية.
وحتى الآن، فان الثورة السلمية السورية لم تتحول إلى ثورة مسلحة إلا بشكل محدود جدا، وعلى يد الجنود المنشقين عن الجيش السوري وبعض رجال العشائر المسلحين. وهذا الانشقاق بدأ يتسع بحيث سمح بخوض معارك قوية كما حدث في الرستن وحمص. ويتوقع المراقبون أن يتنامى اتجاه حمل السلاح، لان تكتيك المعارضة القديم بالالتزام بالأساليب السلمية قد استنفد تماما، وصار الشباب يميلون إلى الخيار المسلح. وهناك حديث الآن عن احتمال قيام منطقة حدودية أمنة ينطلق منها العمل المسلح ضد قوات النظام رغم ان تشكيل المجلس الانتقالي السوري بقيادة برهان غليون بالذات قد يقلب عديد المعادلات، اضافة الى قرار الجامعة العربية امس والذي يغير الكثير بغض النظر على مواقف مختلف الاطراف منه .
أجهزة المخابرات والأمن السورية توصي بطرد قيادات حماس
وتؤكد مصادر مطلعة إن الأجهزة الأمنية السورية رفعت تقريرا منذ اسابيع، تحدثت عنه صحف ومجلات عربية، إلى بشار الأسد، تناولت فيه موقف حركة « حماس » المتعاطف مع الاحتجاجات الشعبية. وأوصى التقرير بإنهاء وجود الحركة وطردها من سوريا عبر إغلاق مكاتبها، والطلب من كوادرها وقياداتها مغادرة الأراضي السورية بأسرع وقت ممكن.
وعبرت الأجهزة الأمنية السورية من خلال التقرير ( الذي نشرت مفاصله مجلة الوطن العربي في عددها الاخير) عن استيائها من موقف « حماس » تجاه الاحتجاجات المندلعة من شهور، ووصفت موقفها بـــ « المتخاذل »، واعتبرته غير منسجم مع ما قدمه النظام السوري من دعم لحركة حماس وفقا لما تراه هذه الأجهزة الامنية الخاصة .
وبحسب تقرير مجلة « الوطن العربي » ومصادر صحفية مطلعة على الوضع السوري، فقد تناول التقرير الموضوع حاليا على طاولة الرئيس السوري، للمصادقة عليه بعد الاطلاع على تفاصيله وحيثياته، موقف حماس على النحو التالي ( نقلا عن مجلة الوطن العربي ) :
1. ترددت حماس في إصدار أي موقف خلال الأسابيع الأولى، وبعد طلب مباشر أصدرت بيانا أثار التباسا في فهمه، حيث تضمن تأييدا ضمنيا لحركة الاحتجاجات. 2. امتنعت حماس عن إصدار أي موقف آخر مكتوب أو شفوي، سوى « البيان اليتيم »، بعدما طلبت السلطات السورية عبر رسائل مباشرة وغير مباشرة من قيادة الحركة موقفا آخر يوضح موقفها بوجه أدق. 3. ما يرشح من تقارير من مصادر مختلفة، حيث تؤيد قيادات حماس في مجالسها ولقاءاتها الداخلية الاحتجاجات الشعبية، وتبدي تضامنا مطلقا معها. 4. شاركت قيادة حماس بممثلين عنها في لقاءات قيادية مع الحركات الإسلامية لمناقشة الثورات العربية وكيفية دعمها والتأثير فيها. 5. أبدى عدد من الشخصيات السياسية والإعلامية المؤيدة لحركة حماس مواقف مناهضة للنظام السوري وداعمة للاحتجاجات، ومن ابرزهم: عزام التميمي، ياسر الزعاترة، ياسر أبو هلالة، إبراهيم حمامي، مصطفى الصواف، مع إن قيادة « حماس » بررت مواقف تلك الشخصيات على أنها مواقف شخصية، وان الحركة غير مسؤولة عنها. 6. لوحظ أن المسيرات التي نظمتها الجماعة الإسلامية في لبنان « التنظيم الرسمي للإخوان المسلمين » ضد النظام في سورية وتأييدا للاحتجاجات، قد شارك فيها رموز وكوادر محسوبة على حركة حماس، كما أن الخطباء المحسوبين على الحركة في المخيمات الفلسطينية هاجموا النظام السوري بقوة.
وفي ضوء كل ذلك، فقد أوصت الأجهزة الأمنية بإنهاء وجود حركة حماس على الأراضي السورية عبر الإجراءات التالية: إغلاق جميع مكاتب حركة حماس الرسمية وغير الرسمية، و الطلب من جميع قيادات وكوادر الحركة مغادرة الأراضي السورية في أسرع وقت ممكن، واتخاذ جميع الإجراءات المتعلقة بصورة سرية تامة، دون الإعلان عن ذلك إعلاميا.
أي مأزق لقيادة حماس بين الثورة السورية ونظام بشار الاسد
المتتبع لمواقف حماس مما يحدث في سوريا يلاحظ بجلاء أنها في مأزق حقيقي، فجذور »حماس » هي نفس جذور التيار الرئيسي في الثورة الشعبية السورية « الإخوان المسلمون ». وفي بداية الثورة، قال قياديون في الحركة إن موقفهم هو عدم التدخل في الشؤون الداخلية السورية، ولكن آخرين قالوا إنهم لو خيروا بين البقاء في سوريا وبين أن يجاملوا النظام السوري الذي يطالبهم بإصدار بيانات تنتقد هذه الثورة الشعبية فسيفضلون الانتقال لان المبادئ لا تتجزأ، ولا يمكن لحماس أن تزايد – مثل حزب الله- على موقف ثوار سوريا أو تتهمهم بأنهم إرهابيون ولهم أجندات أجنبية.
وهكذا باتت حماس أمام خيارين لا ثالث لهما ، فهي تجد نفسها في مأزق أخلاقي كبير أمام الانتفاضة السورية، وتبحث عن قارب النجاة، وفي الوقت نفسه تجد نفسها في مأزق أمام ضغوط رسمية سورية لتقديم دعم لنظام الأسد وانتقاد الثورة السورية، كمقابل لاستضافة النظام لها، وهو ما لا يمكن للحركة أن تفعله.
وعقب سلسلة من الضغوط السورية عليها لإصدار بيان تحدد فيه موقفها مما يجري، أصدرت الحركة بيانا حاولت فيه إمساك العصا من المنتصف كما يقولون حيث جاء في نص البيان: « إننا نعتبر ما جرى في الشأن الداخلي يخص الإخوة في سورية، إلا أننا في حركة حماس، وانطلاقا من مبادئنا التي تحترم إرادة الشعوب العربية والإسلامية وتطلعاتها، فإننا نأمل بتجاوز الظرف الراهن بما يحقق تطلعات وأماني الشعب السوري، وبما يحفظ استقرار سورية وتماسكها الداخلي ويعزز دورها في صف المواجهة والممانعة» ( نقلا عن الوطن العربي ) . وهو بيان اغضب السلطات السورية لأنه لم يؤيد صراحة نظام بشار الأسد. ويبدو ان الحركة خيرت ان تنأي بنفسها عن هذا الصراع الداخلي بين الشعب والسلطة، ولكنها أبدت تعاطفا ضمنيا مع الثورة بإعلان احترامها لإرادة الشعب، وركزت أكثر على تجاوز الظرف الحالي في سوريا .
و تعامل كل من النظام السوري و »حماس » مع الأخر بصورة غير مباشرة لإظهار موقفه فحركة حماس التي تواجه ضغوطا شعبية متزايدة إزاء إحجامها عن تأييد مطالب الشعب السوري في الحرية نظرا للعلاقات التاريخية الوثيقة التي تربط الشعبين، دفعت بالحكومة في غزة للتعبير عن دعمها للثورة السورية، فيما دفعت سوريا حزب الله للرد على موقف حماس عبر نقد الحركة في قناة «المنار»التابعة للحزب.
كما سعت أطراف سورية في النظام المرتبك لإحراج « حماس » عندما نسبت تصريحات كاذبة لخالد مشعل ينتقد فيها تصريحات الشيخ يوسف القرضاوي المساندة لحق الشعب السوري في الثورة، ويمتدح فيها – أي مشعل – النظام السوري، ولكن حماس نفت صدور هذه التصريحات عن مشعل.
لكن إلى أين تنقل « حماس » مكاتبها ؟
و لكن السؤال المطروح لماذا لا تبادر حماس من تلقاء نفسها بنقل مكاتبها وقياداتها من دمشق كي تتمتع بحرية اتخاذ مواقف معارضة لما يفعله النظام السوري ضد شعبه؟ وما سر صبر النظام السوري على حماس، رغم رفضها الوقوف في صفه وخندقه ضد الشعب السوري واصرارها في الوقوف على الحياد؟
الثابت أن كل طرف لديه أسبابه » فليس من السهل على حماس أن تجد مقرا لمكتبها السياسي الحالي خارج سوريا، ومن الصعب أن تنتقل إلى مصر لأسباب عديدة: منها توقيع مصر اتفاقية سلام مع الكيان الصهيوني، وحرج استضافة مصر حركة فلسطينية مسلحة على أراضيها، فالفقرة الثانية من المادة الثالثة من اتفاقية كامب ديفيد تقول «يتعهد كل طرف بان يكفل عدم صدور فعل من أفعال الحرب أو الأفعال العدوانية أو أفعال العنف أو التهديد بها من داخل أراضيه أو بواسطة قوات خاضعة لسيطرته أو مرابطة على أراضيه ضد السكان أو المواطنين أو الممتلكات الخاصة بالطرف الآخر،كما يتعهد كل طرف بالامتناع عن التنظيم أو التحريض أو الإثارة أو المساعدة أو الاشتراك في فعل من أفعال الحرب أو الأفعال العدوانية أو النشاط الهدام أو أفعال العنف الموجه ضد الطرف الآخر في أي مكان، كما يتعهد بان يكفل تقديم مرتكبي مثل هذه الأفعال للمحاكمة». وطرح آخرون على حماس قطر، ولكن الدوحة بالنسبة لـــ »حماس » ليست سوى مقر لزيارة مسؤولين، فهي ليست آمنة بالنسبة إليهم، نظرا لوجود قاعدة أمريكية ضخمة فيها، كما أن قادة حماس واعون ان حكام الدوحة لا يستطيعون تحمل العبء السياسي لاستضافة « حماس » بسبب التزاماتها السياسية وعلاقاتها المتشعبة في كل اتجاه.
أما الانتقال إلى الأردن فيثير مشكلة لــــ »حماس »، فالأردن مرتبطة بمعاهدة السلام مع إسرائيل، وحسب المراقبين، فان قوة الإخوان المسلمين الأردنيين، قد تشجع الحركة على اتخاذ قرار الانتقال، غير أن إخوان الأردن يعانون من مشكلة هوية، بين من هو فلسطيني ومن هو أردني، والصراع هذا يأخذ شكلين، الأول هو صراع أجنحة بين من يطلق عليهم صقور وبين من يطلق عليهم حمائم داخل الحركة. والشكل الثاني من الصراع هو بين الهوية الأردنية للحركة وبين الهوية الفلسطينية، وفي الانتخابات الأخيرة للحركة بدا هذا الصراع واضحا، فجزء من قيادات الإخوان في المناطق الفلسطينية في الأردن، وارتباطها بحركة « حماس » داخل فلسطين هو اكبر من ارتباطها بالدولة الأردنية، وهي من تدعمها بالمال المباشر عن طريق مؤسساتها الخاصة التجارية والصحية والاجتماعية.
والجزء الأخر ينتمي الى مناطق الشرق في الأردن، وهذا كان له حساسيات في الانتخابات الأخيرة داخل الإخوان وداخل جناحهم السياسي والذي يعرف بـــــ »حزب جبهة العمل الإسلامية »، وتراكمت هذه الأمور خاصة بعد قرار قيادات اخوانية المشاركة في مؤتمرات لدعم النظام السوري في دمشق بدعم الجناح السوري من « حماس » رغم معارضة الحكومة الأردنية لهذه المشاركة وكذلك معارضة حركة الإخوان السورية الموجودة في المنافي لهذه المشاركة وهذا يقود إلى أن هناك داخل الحركة الاخوانية في الأردن جملة من التجاذبات يقول خصومها انه بين الولاء الوطني للبلد وبين الولاء للمشروع الاخواني ككل .
ويرى المتابعون والمراقبون أيضا أن قيادة الخارج في « حماس » بحثت أيضا احتمال الانتقال إلى طهران. ولكن هذا الانتقال وفقا لمحللين، يخدم أهداف إيران أكثر مما يخدم »حماس ». فإيران التي تخشى فقدان الورقة السورية، لا تمانع في استضافة « حماس » لأنها بذلك تحافظ على ورقة وجودها في الشرق الأوسط، وبالتالي نفوذها الإقليمي في المنطقة، ولكن مثل هذا الانتقال سيكون بالشروط الإيرانية التي يصعب على « حماس » الالتزام بها. فطهران تريد من « حماس » أن تعلن صراحة دعمها للنظام السوري، وهذا ما لا يستطيع قادة « حماس » الالتزام به، لأنه يفقد الحركة شعبيتها، وتأييدها في الأوساط العربية، ثم إن « حماس » مرتبطة إيديولوجيا بحركة الإخوان المسلمين وهم طرف أساسي في الثورة السورية، رغم أن خالد مشعل حاول أن يتوسط بين الإخوان و إيران، إلا انه فشل في مهمته.
و حسب رأي الخبراء، فان الخيارات تكاد تكون معدومة أمام « حماس » للانتقال من دمشق، وهذا سيؤدي بالتالي إلى تعزيز نفوذ قيادة الداخل في « حماس » و تتحول غزة إلى مصدر قرار حقيقي في الحركة، ولكنها ستضطر إلى أن تكون أكثر براغماتية في التعامل مع الواقع الفلسطيني، وسيكون عليها أن تنسجم أكثر مع خط رام الله، خاصة إذا ما فشلت جهود «أبو مازن» لاستصدار قرار دولي يعترف بالدولة الفلسطينية.  
خلاصة تقييمية
اثبت التاريخ ان المعارضة في الخارج من خلال كل التجارب لابد لها من تقديم تنازلات وان فعلها وهامش تحركاتها سيكون ضعيفا وان المستضيف لأي حركة معارضة يسعى لتوظيفها ضمن معادلات معينةـ وبالتالي فان قيادة حماس في ظرف تاريخي دقيق ومعادلة صعبة الحلول وانها في وضعية تاريخية دقيقة فكل الحلول ملغمة ومفخخة وتربك موازنات المقاومة الفلسطينية وربما يكون الحل ان تنتقل قيادة حماس الى احد دول الثورات العربية الجديدة وذاك موضوع آخر. (المصدر: موقع بناء نيوز الإلكتروني ( تونس ) بتاريخ 13 نوفمبر 2011)

<



ياسر الزعاترة
دعونا نعترف أننا إزاء مشهد مركب تعيشه منطقتنا العربية والشرق الأوسط عموما، وهو يحتمل الخلاف بهذا القدر أو ذاك، وإن اعتمد الأمر على طبيعة النوايا، إذ يتوزع من يأخذون هذا الموقف أو ذاك بين من يجتهدون لما يرونه مصلحة الأمة، ومن يتخذون المواقف لاعتبارات قطرية أو طائفية أو مذهبية أو إقليمية أو حزبية لا صلة لها بالقيم ولا بالمبادئ التي يرفعونها تبريرا لمواقفهم.
قبل الربيع العربي كان ثمة محور اسمه محور المقاومة والممانعة، يتشكل من عدد من الدول (إيران وسوريا وقطر، مع دول أخرى تقترب من ذات الخط بهذا القدر أو ذاك)، إلى جانب حركات مقاومة في مقدمتها حزب الله وحماس والجهاد، ومعها عدد كبير من القوى الإسلامية والقومية واليسارية، فضلا عن نشطاء مستقلين ومنظمات مجتمع مدني ونقابات وجمعيات.
في مقابل المحور المذكور كان ثمة محور آخر تتصدره الشقيقة الكبرى بقيادة حسني مبارك الذي هبط بمصر إلى أسوأ وضع عاشته منذ عقود، ومعها عدد من الدول العربية الأخرى التي انسجمت بدرجات متفاوتة مع المشروع الأميركي، غالبا لاعتبارات تتعلق بمصالح الأنظمة ونخبها الحاكمة أكثر من أي شيء آخر (ينطبق ذلك بوضوح على نظام مبارك الذي باع البلد من أجل التوريث وللمحافظة على مصالح نخبته الفاسدة). خلال الألفية الجديدة سجل محور المقاومة ورغم الهجمة الأميركية الغربية الصهيونية الشرسة بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، انتصارات كبيرة لا ينكرها سوى جاهل، فقد تمكن من إفشال مشروع الغزو الأميركي للعراق (الغياب العربي هو ما أوقع البلد أسير الهيمنة الإيرانية)، وحوله من محطة لإعادة تشكيل المنطقة كما صرح بذلك القائمون عليه، إلى محطة لإضعاف القوة الأميركية، فيما كانت مقاومة حركة طالبان تكرر نفس النجاح بإفشال مشروع الغزو لأفغانستان الذي كان ينبغي أن يساهم هو الآخر في تكريس « القرن الإمبراطوري الأميركي الجديد » بالامتداد في آسيا الوسطى، حسب أحلام المحافظين الجدد، وفي مقدمتهم الصهاينة والمتصهينون في الساحة السياسية الأميركية.
صحيح أن الجزء الأول من الألفية الجديدة قد شهد إجهاضا لانتفاضة الأقصى، ومن ثم اغتيال قادة الشعب الفلسطيني الكبار من الشيخ أحمد ياسين والرنتيسي إلى الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ومن ثم وضع الملف الفلسطيني (السلطة وفتح ومنظمة التحرير) بيد فريق أكثر انسجاما مع التوجهات الأميركية الصهيونية، لكن ذلك الإنجاز لم يلبث أن تبدد بسبب التطورات التالية في المنطقة، وفي مقدمتها الفشل في العراق، وبعده الهزيمة الإسرائيلية في حرب يوليو/تموز 2006، ومن ثم الهزيمة الأخرى في قطاع غزة نهاية 2008 ومطلع 2009، وكانت النتيجة أن ما عوَّل عليه الصهاينة بعد تلك المرحلة من فرض لحل مشوَّه على الشعب الفلسطيني لم يسجل نجاحا يذكر، وها هو خيار المفاوضات يعلن فشله من الناحية العملية، وإن أصرَّ قادة فلسطين الجدد على المضي فيه إلى ما لا نهاية، الأمر الذي لا زال يمنح الكيان الإسرائيلي هدوء واستقرارا لم يعرفه منذ عقود مكنه من تجاوز الأزمة المالية العالمية على نحو جيد إلى حد كبير.
مع نهاية العام الماضي ومطلع العام الجديد وقع تطور لم يكن في حسبان أي من القوى الكبرى، ولا حتى القوى الإقليمية أو العربية تمثل في اندلاع ما يعرف بالربيع العربي الذي أطاح خلال شهور قليلة بالنظام الذي يمثل رأس محور الاعتدال، وقبله نظام له حضوره في الخدمات الأمنية والسياسية للغرب والصهاينة (نظام بن علي في تونس).
بعد ذلك تلاحقت الأحداث وجاءت المحطة الليبية التي أثارت ولا زالت تثير الكثير من الجدل إثر تدخل الناتو لصالح الثوار. وهنا اندلع الخلاف حول ذلك التدخل، وما إن كان مشروعا أم لا، وهل يصب لصالح حراك الأمة ضد الظلم والطغيان، وتاليا لصالح قضاياها الكبرى أم يصب لصالح القوى الغربية؟
كان الخلاف مستساغا بعض الشيء فيما خصَّ التدخل الغربي، لكن الواضح أيضا أننا إزاء تدخل لم يأت نتاج مؤامرة كبرى ضد الأمة، بقدر ما جاء نتاج حسابات معقدة ذات صلة بصراعات الدول الكبرى على مواقع النفوذ والقوة والثروات في ظل ضعف الولايات المتحدة إثر خسائرها في العراق وأفغانستان، فضلا عن حقيقة أن الشعب الليبي هو من فجَّر الثورة وصنع الانتصار، وقبل ذلك حقيقة أن نظام القذافي صار خادما للمصالح الغربية خلال الألفية الجديدة، خاصة الاقتصادية منها (دعك من السياسية مثل تدخلاته في السودان التي ساهمت بقوة في الانفصال وفي حرب دارفور).
كل ذلك لم يكن ليثير الكثير من الغبار، فقد كانت الانتصارات التي تحققت في مصر وتونس تصب لصالح محور المقاومة، وكان بوسع نظام الأسد أن يدير العجلة لصالحه وصالح المحور برمته لو نفذ إصلاحات حقيقية ترضي الشعب السوري الذي كان يتطلع للحرية مثل سائر الشعوب العربية؛ هو الذي عاش طوال عقود في ظل نظام أمني تفوح منه رائحة الطائفية، وإن لم يجد الكثير من الخلاف معه بخصوص المواقف القومية، بل فيما إذا كان مقاوما وممانعا بالفعل أم لا (يتحدثون عن جبهة الجولان الهادئة والتحاقه بمحور حفر الباطن ومطاردة المقاومة الفلسطينية في لبنان، فضلا عن تشكيك قطاع منهم في نواياه)، الأمر الذي يمكن تفهمه في ظل حقيقة أن من يتعرض للظلم سيكون من الصعب عليه الاعتراف بأي حسنة لمن يمارس الظلم بحقه.
باندلاع الثورة السورية أخذ الجدل يحتدم أكثر فأكثر، فالشارع العربي الذي وقف إلى جانب معسكر المقاومة والممانعة رغم محاولات ثنيه عن ذلك عبر إثارة الحساسيات الطائفية، لم يجد بدا من مساندة إخوانه السوريين في تطلعهم للحرية، تماما كما فعل مع إخوانه المصريين والتونسيين واليمنيين والليبيين، لكن انحراف الوضع نحو الخطاب الطائفي كان طبيعيا إلى حد كبير، ليس فقط لأن أصابع السياسة كانت واضحة في سياق الحشد، وبالطبع لأن هناك دولا عربية تبدو معنية بذلك من أجل التخويف من إيران ومن الشيعة حتى يكف مواطنها عن المطالبة بالإصلاح السياسي، وإنما أيضا لأن ردة فعل النظام كانت عنيفة ودموية إلى حد كبير. طبعا كانت رعونة إيران، وكثير من القوى الشيعية في علاج ملف البحرين واضحة (عبر جعله أولوية كبرى رغم ضعف الحراك الذي لا يخفي عدالة الكثير من مطالبه)، وساهمت بقوة في الحشد المذهبي، والسبب أن عاقلا لا يمكنه التبشير بإمكانية إسقاط النظام في البحرين (بشكل مباشر أو غير مباشر) في ظل المعادلة الخليجية والإقليمية القائمة (دعك من الدولية ووجود الأسطول السادس)، وكان بالإمكان تأجيل هذا الملف لبعض الوقت، أو التعامل معه بمنطق مختلف ريثما تتغير الأوضاع عربيا نحو معادلة مستقرة تعلي من شأن المواطنة والتعددية بعيدا عن الحساسيات المذهبية. واللافت هنا أن جمعية الوفاق التي تقود حركة الاحتجاج الشيعي في البحرين كانت أكثر عقلانية في خطابها من إيران والقوى الشيعية في الخارج.
ومع استمرار الحشد الطائفي جاء الموقف الإيراني المناهض لثورة الشعب السوري، ومعه موقف حزب الله، وتاليا موقف الحكومة العراقية الواقعة تحت هيمنة القوى التابعة لإيران من الناحية العملية ليزيد في أجواء الحشد الطائفي، وليلقي بمقولات المقاومة والممانعة في مؤخرة العقل الجمعي للجماهير، بينما كانت تركيا تسجل اختراقا كبيرا في المنطقة بخطاب أردوغان القوي حيال الكيان الصهيوني بعد قصة سفينة مرمرة، وقد حدث ذلك رغم أننا إزاء دولة عضو في الحلف الأطلسي وتقيم علاقات سياسية وأمنية وعسكرية مع دولة العدو (قطعت الأمنية والعسكرية). وجاء موقف الحكومة التركية من الملف السوري ليزيد في الحضور التركي في الأوساط الشعبية مقابل خسائر كبيرة لإيران وحزب الله وحشد طائفي يتصاعد بالتدريج.
اليوم، وفي مقابل موقف تركي محسوم من النظام السوري، مع تردد عربي وآخر غربي لم يذهب بعيدا في مطاردة النظام، يحضر الموقف الإيراني الداعم له (بلا حدود) بالمال والسلاح، إلى جانب آخر عراقي يقدم المدد اللافت، لاسيما بعد سيطرة الحكومة العراقية على الأجواء، فضلا عن سيطرة حزب الله العملية على الحكومة اللبنانية.
في ضوء ذلك كله لا يشعر نظام الأسد بقرب النهاية، لا سيما أن إستراتيجيته في القتل والاعتقال بالتقسيط، مع الانتشار الكثيف للجيش والأجهزة الأمنية، لا زالت تؤتي أكلها في تخويف الناس والحيلولة دون المسيرات الضخمة (هنا يكمن سر فشل المبادرة العربية لأن توقف آلة القتل سيخرج الناس بالملايين إلى الشوارع ما يدحرج الموقف نحو إسقاط النظام)، فضلا عن حقيقة أن الحشد الطائفي قد منحه تأييد كتلة كبيرة من السكان الخائفين من البديل، بخاصة العلويين والدروز والمسيحيين.
ضمن هذه الأجواء انقسم الناس، ومالت الغالبية الساحقة من الجماهير العربية إلى تأييد الثورة في سوريا رغم وقوفها السابق مع تيار المقاومة والممانعة، ليس فقط بسبب ميلها الفطري لمطالب الحرية والتعددية بعد زمن طويل من القمع، بل أيضا بسبب السمة الطائفية للجزء الأكبر من حالة التأييد للنظام السوري، معطوفا على تأييد أقليات أخرى (مواقف الجنرال عون والبطريرك الماروني مثالا).
هنا أخذ مؤيدو النظام يصرخون بأن محور المقاومة والممانعة في خطر وأنه يتعرض لمؤامرة، فيما رأى الآخرون أن سقوطه سيوفر الأجواء لاستمرار الثورات العربية، وصولا إلى وضع يسيطر فيه المزاج الشعبي المنحاز ضد الإمبريالية الأميركية والغطرسة الصهيونية على المنطقة، الأمر الذي سيغير ميزان الصراع برمته، مستدلين على ذلك بالذعر الذي يجتاح الأوساط الصهيونية، فضلا عن حقيقة أن محور المقاومة لم يكن يتقدم كثيرا في صراعه مع العدو بسبب وجود المحور الآخر، وبسبب حسابات أنظمته الكثيرة والمعقدة.
صحيح أن الوضع الجديد سيحتاج بعض الوقت حتى يتبلور. وصحيح أن بعض قوى المعارضة المنخرطة في الربيع العربي تمارس بعض الغزل مع أميركا والغرب (لم يعد الموقف الغربي موحدا، كما لم تعد أميركا بقوتها القديمة)، لكن الثورات العربية لن تفرز في نهاية المطاف غير قوىً تطلب ود الشارع الذي يثق المخلصون ببوصلته الصائبة في رفض الإملاءات الخارجية، والأهم بتصديه للعدوان الأجنبي، خاصة الصهيوني على الأمة.
المعادلة هي إذن بين من يثقون بأن الجماهير التي فجرت هذه الثورات بروحية المقاومة التي استلهمتها من فلسطين والعراق ولبنان، لن تكون في معسكر غير معسكر الوحدة والمقاومة للغطرسة الخارجية، ولن تسمح بسرقة ربيعها مهما كان الثمن، وبين الفريق الآخر الذي يثق في نظام بشار الأسد الدكتاتوري الفاسد ومؤيديه على أسس طائفية، ومعهم الحالمون بالتمدد والنفوذ كما هو حال إيران، ويعد هم الأكثرين حرصا على فلسطين وقضايا الأمة، ومن هؤلاء فريق تعشش فيه روح المؤامرة ويرى أن أميركا هي رب الكون الذي يحركه كيف يشاء.
نحن مع الفريق الأول من دون تردد، وبالطبع لأن نثق بالروح الجمعية للأمة أكثر من أي نظام مهما كان، كما نثق بقدرة الشعوب على الفعل وإفشال مخططات الأعداء، ولكل بعد ذلك أن يختار معسكره ويحدد موقفه في ظل اختلاط المواقف وارتباك الرؤى وتعقيدات المشهد. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 13 نوفمبر 2011)

<



بقلم : سعد محيو – بيروت- swissinfo.ch
 
إلى أين تسير الأمور بين إيران والغرب هذه المرة؟ هل هذه « الفورة الجديدة » من التصعيد، هي مجرّد نسخة أخرى من الإنفلونزا الدورية العابِـرة، التي تصيب الطرفين بين الفينة والأخرى، فترفع الحرارة بينهما ثم تخفضها سريعا (كما حدث مراراً طيلة السنوات العشر الماضية)، أم أن الحرب الكلامية هذه المرة ستكون تمهيداً لأفعال حقيقية؟ سنأتي إلى هذين السؤالين بعد قليل. قبل ذلك، لا بد من وقْـفة أمام التطوّرات التي « طبخت » المناخ التصعيدي الجديد بين الطرفين. تقارير.. وتطورات
هناك أولاً، التقرير الأخير لوكالة الطاقة الذرية الدولية، الذي قدّم وللمرة الأولى، صورة مُتَّـسقة عن جهود التسلُّـح النووي الإيراني السابقة وأوحى بأن التجارب على هذه البرنامج العسكري، استمرت منذ عام 2003 وحتى الآن. هذه الحصيلة تطابَـقت مع استنتاجات أجهزة الاستخبارات الأمريكية عام 2007، بأن إيران ركَّـزت جهودها حتى عام 2003 على صنع قنبلة نووية. بالطبع، لم تتأخر طهران في الإعلان عن أن تقرير وكالة الطاقة، هو من انتاج « فبركات أمريكية » مُتّـهمة في الوقت نفسه رئيس الوكالة يوكيا أمانو بأنه أصبح « ألْـعوبة في يد واشنطن ». بَـيْـد أن المدلولات السياسية للتقرير، تزوِّد الولايات المتحدة وحلفاؤها بذخيرة حيّة ثمينة، لتصعيد الضغوط على طهران، إذ حتى لو لم تكن وكالة الطاقة الذرية حاسمة وقاطعة في وصفها للنشاطات العسكرية النووية الإيرانية بعد عام 2003، إلا أنها أعادت وضْـع القضية النووية الإيرانية في قلب الساحة الدولية مجدّدا، بعد أن كانت ثورات الربيع العربي قد غطَّـت عليها. التطور الثاني، المرتبط بتقرير وكالة الطاقة، هي المعلومات الكثيفة التي تمّ تداولها الأسبوع الماضي حول تخصيب اليوارنيوم في إيران، الذي يُـعتبَـر المؤشر الحقيقي حول عسكرة البرنامح النووي. فقد أشارت هذه المعلومات إلى أن إيران أنتجت 3000 كيلوغرام من اليورانيوم منخفِـض التخصيب، وهي تُـراكِـم المزيد منه يومياً. وإذا ما أرادت طهران صُـنع قنبلة نووية، فهي لن تحتاج سوى إلى تخصيب نحو 1850 كيلوغراماً من اليورانيوم منخفِـض التخصيب لتوليد 20 كيلوغراماً عاليَ التخصيب بنسبة 90%. التطور الثالث، هو إعلان الإدارة الأمريكية عن اكتشاف « مُـؤامرة إيرانية » لاغتيال السفير السعودي في واشنطن وتشديد الرئيس الأمريكي أوباما نفسه على أن بلاده « تمتلِـك أدلّـة حسية قوية » تدعم هذا الاتهام. التطور الرابع، هو المجابهة الخفِـية، ولكن العنيفة، بين طهران وبين واشنطن وبروكسل وأنقرة، حيال الوضع في سوريا، إذ أكّـدت مصادر موثوقة، أن الحكومة الإيرانية هدّدت بنشر 400 ألف جندي على الحدود مع تركيا وبإشعال حرب إقليمية، إذا ما تدخّـل حلف شمال الأطلسي عسكرياً في سوريا، كما فعل في ليبيا. وأخيراً، وهنا الأهَـم، كان صليل السيوف العسكري. فخلال أسبوع واحد، كانت بريطانيا تُـسرِّب معلومات مفاجِـئة، عن أن قواتها الجوية والبحرية وضعت الخُـطط اللاّزمة لدعم أي هجوم أمريكي على المُنشآت النووية الإيرانية، فيما كانت الولايات المتحدة تؤكِّـد أنها ستُـرسل تعزيزات عسكرية كُـبرى إلى منطقة الخليح العربي « لتوفير الحماية لأصدقائنا هناك، غَـداة انسحاب القوات الأمريكية من العراق ». وفي هذه الأثناء، كان القادة والمحلِّـلون الإستراتيجيون الإسرائيليون يناقشون، علَـناً وللمرة الأولى، خِـيار شنّ غارات جوية إسرائيلية على إيران « في أقرب وقت ». فرئيس الوزراء بنيامين نتانياهو لم ينفِ وجود استعدادات وتدريبات إسرائيلية في إيطاليا لتوجيه ضربة لإيران، فيما كان المحلِّـل في « هآرتس »، أري شافيت يقول: « حين نقِـف على مُـفترق طُـرق، نكون أمام خِـيارين: المنع أو الرّدع، أي: إما شنّ هجوم عسكري على إيران أو التخلّـي عن الغموض النووي. لكن، في كِـلتا الحالتين، ستندلع الفوضى في الشرق الأوسط وفي إسرائيل. فما كان موجوداً بالأمس، سيتبَـدّد اليوم وستولد حِـقبة جديدة في المنطقة ». وقال محلل إسرائيلي آخر، هو زفي بارئل: « الآن، إسرائيل تواجِـه إيران في لُـعبة بُـوكِـر، تقتصر على لاعبيْـن، حيث أن طهران، إما ستكشف بلفة إسرائيل أو تخاطِـر بالتعرّض إلى ضربة عسكرية ». لكن في كلتا الحالتين، تجِـد إسرائيل نفسها في وضع دقيق، لا تستطيع إنقاذها منه سوى الأسْـرة الدولية عبْـر فرض عقوبات أقوى على إيران. لكن، ماذا لو لم يحدُث ذلك؟ إلى أين؟
هذه بعض التطوّرات التي خلَـقت كل هذه الأجواء الملبَّـدة بالكثير من الغيوم الدّاكنة في سماء الشرق الأوسط، وهي، كما هو واضح، تطوّرات حبْـلى بالكثير من فتائل التفجير السياسي، كما السايكولوجي، كما حتى العسكري ربما. وهذا ما يعيدنا إلى أسئلتنا الأولى: إلى أين من هنا؟ إذا دقّـقنا في ردود الفِعل الأمريكية والأوروبية على تقرير وكالة الطاقة الذرية الدولية، سنجِـد أنها عنيفة بالفعل، لكنها كلها تتّـفق على القول أن الردّ يجب أن يقتصر على فرْض المزيد من العقوبات الاقتصادية وعلى تجنُّـب الخِـيار العسكري. بالطبع، مسألة العقوبات ليست أمراً بسيطا أو هيِّـناً، خاصة إذا ما طاولت هذه المرة المصرف المركزي الإيراني، إذ أن مثل هذه الخطوة، التي يُطلَـق عليها في واشنطن وصف « الخيار النووي » لفرط خطورتها، ستؤدّي عملياً إلى شل الاقتصاد الإيراني وإركاعه على ركبتيْـه، لأنها ستمنعه من القيام بأي نشاطات تجارية ومالية في الأسواق العالمية. ومع ذلك، لا يبدو أن إسرائيل (وهي الطرف الذي يجب التركيز عليه أساساً في المعمَـعة الراهنة)، ستكتفي بهذا القَـدْر من الضغوط، على رغم أهميتها، وهي كانت ولا تزال، تنشُـط على جبهتيْـن في آن: الأولى، تحويل أزمتها مع إيران إلى أزمة داخلية أمريكية ودولية عبْـر تحريك اللُّـوبي القوي، المُـوالي لها في الكونغرس الأمريكي، كي يقوم هو بدوْره بالضغط على إدارة أوباما لاتِّـخاذ مواقف أكثر تصعيداً ضدّ إيران (وهذا ما فعله الكونغرس قبْـل نحو الأسبوعين، حين أصدر قراراً يدعو إلى خنْـق المصرف المركزي الإيراني). والثانية، العمل على جَـرِّ الولايات المتحدة إلى حرب مع إيران، من خلال المبادرة إلى توجيه ضربة عسكرية إلى هذه الأخيرة، ثم مطالبة الأولى بحمايتها من ردّ الفعل الإيراني « الذي يريد مسْـحها عن خريطة الشرق الأوسط ». كتبت « الغارديان » البريطانية (في 9 نوفمبر الحالي): « ثمة سيناريو يُـمكن أن تستدرج فيه الولايات المتحدة إلى نزاع، من دون أن ترغب في ذلك. فإذا ما شنّـت إسرائيل غارات جوية على إيران، لكنها فشِـلت في إنجاز المهمّـة، الأمر الذي سيترك عَـتاد إيران الثقيل كما هو، فإن طهران ستكون قادِرة على الردّ ضدّ كلٍّ من إسرائيل والولايات المتحدة، كما هدّدت، وهذا بالتحديد هو ما تتوقّـعه قيادة البنتاغون ». سيناريو « القطة »
أي السيناريوهات الأقرب إلى التحقق؟ سيناريو العقوبات بالطبع. فالولايات المتحدة ليست في وارد شنّ حرب جديدة في الشرق الأوسط، فيما هي تتحرّك بسرعة لإسدال الستار على حربيْـها الفاشلتيْـن في أفغانستان والعراق، وتتخبّـط في أزمة مالية واقتصادية عنيفة، لم تخرج من نفقها بعدُ. وعلى أي حال، أوضح ليون بانيتا، وزير الدفاع الأمريكي قبل يومين بصريح العبارة رفْـض واشنطن للخيار العسكري في هذه المرحلة، محذِّراً من أن شنّ هجوم عسكري على إيران « ستكون له تداعِـيات خطيرة على المنطقة، من غيْـر أن يؤدّي حتماً إلى وقف البرنامج النووي الإيراني ». وأضاف: « على المرء أن يحذِّر من العواقب غيْـر المحسوبة. هذه العواقب، يُـمكن أن يكون منها، ليس فقط عدم ردْع إيران عمّا تريد فعله، ولكن الأهَـم، أنه قد تكون لها تداعِـيات خطيرة على المنطقة وتداعِـيات خطيرة على القوات الأمريكية في هذه المنطقة ». الخيار الذي تميل إليه واشنطن، هو كما أشرنا، مواصلة فرْض العقوبات الاقتصادية والسياسية على إيران، لكن الأمر قد لا يقف هنا، إذ أن واشنطن قد تختار أيضاً التعايُـش (عبْـر استراتيجية الإحتواء) مع القنبلة النووية الإيرانية، كما تعايَـشت في السابق مع الأسلحة النووية الروسية، إلى أن تمكَّـنت من تدمير وتفكيك الاتحاد السوفييتي نفسه. وهذا بالتحديد، أكثر ما يُخيف إسرائيل، لأنها ستفقِـد بذلك هيْـمنتها وتفوّقها الفِـعلي في الشرق الأوسط، خاصة وأن الزمن الجيو – استراتيجي (بكل تلاوينه)، لم يعُـد يعمل لصالحها: فالولايات المتحدة في حالة انحِـدار نِـسبي، وأوروبا تكافح كي لا تتفكّـك مجدّدا، وتركيا عادت بقوة إلى الفعل التاريخي في حديقتها الخلفية الشرق أوسطية، ومصر تستعِـد لعودة مماثلة. وإذا ما أضفنا إلى كل ذلك إيران النووية، وربما غداً السعودية ومصر وتركيا النووية، لتَـوصَّـلنا إلى استنتاج أن إسرائيل باتت بالفعل على مُـفترق طُـرق دقيق وخطير. فماذا ستختار؟ من يَـعرِف سايكلولوجيا القطة المحاصَـرة في زاوية، سيكون مُـضطراً أن يضع في الحساب أن تثب مثل هذه القطة في أي لحظة إلى المعركة، حتى ولو كانت عُـرضة للسقوط في موقد نار. وإسرائيل، وبسبب الانقلابات الإستراتيجية في المنطقة والعالم، هي الآن من هذا النوع بالتحديد من القِـطط. سعد محيو – بيروت- swissinfo.ch (المصدر: موقع « سويس إنفو »(سويسرا) بتاريخ 13 نوفمبر 2011)

<



د. فهمي هويدي
ليس معروفا ما الذي يمكن أن يسفر عنه اجتماع وزراء الخارجية العرب اليوم في القاهرة لبحث تطورات الأزمة في سوريا، لكن أحدا لا يستطيع أن يتجاهل أن الحكومة السورية لم تلتزم بشيء مما وافقت عليه في مبادرة الجامعة، ذلك أن وتيرة العنف استمرت هناك ولايزال العشرات يسقطون كل يوم برصاصات الجيش والشبيحة. ويبدو أن النظام السوري أصبح يراهن على احتمالات تفجير المنطقة كلها إذا ما أرغم على السقوط. وهو ما عبر عنه الرئيس بشار الأسد في حديثه إلى صحيفة تلجراف البريطانية، حين تحدث صراحة عن أن المنطقة ستواجه «زلزالا» إذا ما حدث ذلك. فأشار إلى احتمالات الحرب الأهلية الداخلية وإمكانية ظهور دويلات يمكن أن تكرر نموذج طالبان في أفغانستان، وألمح إلى التأثيرات التي يمكن أن تترتب على ذلك السقوط بالنسبة للجيران، بما في ذلك إسرائيل والأردن ولبنان والعراق وتركيا. وكانت رسالته الضمنية الواضحة هي أنه إذا كان النظام الحالي سيئا فإن بدائله والنتائج المترتبة على سقوطه ستكون أسوأ وأخطر. كأنه يريد أن يقول للجميع إن من مصلحتهم أن يبقى النظام كما هو حتى إذا كان الشعب السوري هو الذي سيدفع ثمن استقرار المنطقة. بالتالي فإنه خيرهم بين أمرين إما التضحية بالشعب السوري وإما الزلزال الذي حذر منه.
لقد رفع البعض في الداخل اللافتات التي دعت إلى التدخل الدولي لحماية المدنين. وتحدثت قيادة المعارضة في الخارج عن استعدادها للقبول بذلك التدخل. ولكن بعض المعارضين تعامل مع هذا الموقف بحذر، في حين انتقده آخرون وهاجموه. والمشكلة أن الجميع إما معذورون أو محقون. فالمواطنون الذين حوصرت دورهم وقطع عنهم التيار الكهربائي ومنعت عنهم المؤن، وتعرض ذووهم للقتل والتعذيب أو الاعتقال، هؤلاء يعذرون إذا فاض بهم الكيل ولم يجدوا مفرا من الاستغاثة بالتدخل الدولي، خصوصا أن النظام العربي عجز عن أن يحل لهم مشكلتهم، حيث أصبح مجلس الأمن الذي تتحكم فيه الولايات المتحدة إلى حد كبير وحده الذي يملك القوة التي يستطيع بواسطتها وضع حد لمثل ذلك الإسراف في قمع الشعوب واستمرار ارتكاب الجرائم ضد الإنسانية.
المعارضون الذين أيدوا التدخل الدولي معذورون أيضا. لأنه لا بديل آخر أمامهم، في الوقت الذي تفرض عليهم مسئولياتهم أن يجدوا حلا لمحنة إخوانهم في الداخل. كذلك فإن الحذرين والمعارضين للتدخل معذورون، لأن ذلك التدخل يمكن أن يصبح احتلالا مقنعا، خصوصا أن ذاكرتنا لم تنس بعد أن القوى الاستعمارية حين بسطت هيمنتها على العالم العربي فإنها تذرعت بحماية الأقليات حينا، أو «بحماية» تلك الأقطار في حين آخر. الجامعة العربية حين تدخلت فإنها أحرجت النظام السوري الذي وضعها بدوره في موقف حرج. هي أحرجت النظام السوري حين قدمت إليه طلبات محددة واقترحت عليه أن ينفذها خلال مهلة محددة، يفترض أن تمهد لحوار مع المعارضة للبحث عن مخرج من الأزمة. أما إحراج النظام للجامعة فقد بدأ حين وافق على المبادرة ولم ينفذ منها شيئا، بالتالي فإنه أفشل المبادرة على الأرض، وتعين عليها بعد ذلك أن تحدد موقفا. فهي إذا سكتت فستكون قد ابتلعت الإهانة وآثرت أن تدير خدها الأيسر بعدما تلقت الصفعة على خدها الأيمن. وإذا لم تسكت فهي إما أن تنتقد الموقف السوري وتوفد اللجنة الوزارية التي شكلت للتعامل مع الأزمة إلى دمشق في زيارة أخرى تحمل رسالة العتاب، وفي الوقت ذاته تمدد أجل المهلة المعطاة للنظام. وإما أن تخطو خطوة أبعد فتصدر قرارا بتعليق عضوية سوريا في الجامعة كما فعلت مع نظام القذافي. وقد تتقدم أكثر فتدعو مجلس الأمن لفرض منطقة حظر طيران فوقها. وهو الخيار الذي مهد لتدخل حلف الناتو في الحالة الليبية، وفتح الباب للتدخل العسكري الدولي.
استبعد هذا الخيار الأخير في الوقت الراهن، بحيث يصبح تعليق عضوية سوريا هو الحل الوسط بين توجيه العتاب وفرض منطقة حظر الطيران، علما بأن ملف اليمن مدرج وموضوع على مكتب أمين الجامعة العربية. ولأنه يكاد يكون متطابقا مع الملف السوري فإن تعليق عضوية سوريا سيفتح الباب لتعليق عضوية اليمن أيضا.
القدر الثابت في المشهد الذي نطالعه أن النظام السوري مصر على البقاء، وأنه مستعد لأن يدفع أي ثمن مقابل استمراره، حتى إذا أدى ذلك حتى الآن إلى قتل 3500 مواطن سوري غير 1100 من أفراد الجيش والشرطة تحدثت عنهم التقارير الرسمية السورية.
بعدما دخلت تركيا على الخط، فإنها لوحت بأمرين أولهما إقامة منطقة عازلة للمهجرين السوريين بين البلدين، وثانيهما تمكين عناصر الجيش السوري التي انشقت من القيام بعملياتها عبر الحدود التركية «في الغالب ردا على اتهام سوريا بتمكين المتمردين الأكراد من الهجوم على مراكز الجيش التركي».
إنني أتفهم مخاطر تدويل الأزمة، ولكن اللوم الحقيقي ينبغي أن يوجه إلى النظام السوري الذي أصر على دفع الأمور في ذلك الاتجاه. ذلك أننا لا نستطيع أن نلوم رد الفعل في حين نسكت أو نغض الطرف عن الفعل.  
(المصدر: صحيفة « السبيل » (يومية – الأردن) الصادرة يوم 13 نوفمبر 2011)

<



رأي القدس 2011-11-11 انحسر الاهتمام الاعلامي الغربي بالموضوع الليبي، فبعد ان كانت اخبار ليبيا ومجلسها الانتقالي تحتل صدر الصفحات الاولى وعناوين نشرات الاخبار التلفزيونية الرئيسية طوال الاشهر التسعة الماضية، تراجعت هذه الايام الى ذيل الصفحات الداخلية، هذا اذا لم تعد تذكر على الاطلاق.
هذا الانحسار يعود الى سببين رئيسيين، الاول هو انتهاء عمليات حلف الناتو العسكرية بسقوط مدينتي سرت وبني الوليد وقتل العقيد معمر القذافي وانهيار نظامه كليا، والثاني ان الاوضاع الداخلية في ليبيا، وما تشهده من تطورات لم تعد تسير وفق المخططات الغربية بطريقة او باخرى.
الصورة ليست وردية تماما، فالسيد عبد الرحيم الكيب رئيس وزراء ليبيا المعين ما زال يواصل مشاوراته لتشكيل حكومة انتقالية وسط غابة من الاسلحة والميليشيات المتصارعة على السلطة والحكم، كما ان الخلافات داخل المجلس الوطني الانتقالي حول هوية الحكم الجديد في البلاد ما زالت مستمرة، خاصة بين الاسلاميين والعلمانيين، والاهم من كل ذلك ان الصراع بين القوى الخارجية على تقاسم الكعكة النفطية والمالية الليبية يبلغ ذروته هذه الايام.
العلمانيون خرجوا الخاسر الاكبر من حلبة التنافس على السلطة في ليبيا الجديدة، وهذا لا يعني ان الاسلاميين هم الذين خرجوا منتصرين. فالطريقة المهينة التي اخرج فيها السيد محمود جبريل رئيس اللجنة’التنفيذية الاولى (الوزارة) وانصاره توحي بان هذا الجناح العلماني الذي لعب دورا كبيرا في استدعاء التدخل الخارجي العسكري الغربي ممثلا في حلف الناتو قد اوشك دوره على الانتهاء ان لم يكن قد انتهى فعلا.
المشكلة الكبرى التي تواجه رئيس الحكومة الليبية المؤقتة لا تتمثل فقط في عملية توزيع الحقائب بما يرضي جميع الاطراف او معظمها، وانما ايضا كيفية اعادة بناء مؤسسة الحكم، وبسط سلطة الدولة على مختلف المناطق الليبية وتحقيق المصالحة الوطنية وتوفير الخدمات الاساسية للمواطنين من تعليم وصحة ومواصلات ووظائف.
ليبيا ما زالت غابة سلاح، وهناك مئات الاطنان من الاسلحة والذخائر ما زالت ملقاة في العراء دون اي حراسة، والكتائب المسلحة تتقاسم السيطرة على المدن الرئيسية، وتقيم فيها امارات مستقلة ومتناحرة، وينطبق هذا الحال على العاصمة طرابلس.
الاسلاميون الذين لعبت سراياهم الدور الاكبر في ميادين’القتال ضد قوات النظام السابق يرون انهم القوة الحقيقية في البلاد، ويريدون ترجمة دورهم العسكري الحاسم على شكل حقائب وزارية سيادية مثل وزارتي الامن والدفاع والتعليم على وجه الخصوص. ولكن هناك مقاومة لمثل هذا التوجه داخل بعض اوساط المجلس الوطني وبدعم من قوى خارجية.
مسألة حقوق الانسان تظل من القضايا الرئيسية التي تشكل اختبارا جديا للنظام الجديد في ليبيا، وتحظى بمتابعة منظمات عالمية مختصة بمثل هذا الملف مثل منظمة العفو الدولية، ومنظمة هيومان رايتس ووتش. فالنظام القضائي الليبي مهلهل ويفتقر الى المصداقية والمهنية، ولا توجد اي تحركات حقيقية او جدية لاعادة بنائه على اسس حديثة، قوامها الشفافية والعدالة وهناك اكثر من سبعة آلاف معتقل في سجون سرية’وعلنية تفتقر الى ابسط القواعد القانونية والانسانية.
والطريقة التي جرى التعاطي فيها مع رموز النظام السابق، خاصة رئيسه العقيد معمر القذافي شوهت صورة النظام الجديد، وشككت بمدى التزامه بقواعد الديمقراطية والعدالة واحترام حقوق الانسان، وتقديم حكم بديل يشكل نقيضا للنظام الذي ثار الشعب الليبي لاسقاطه بسبب ديكتاتوريته وقمعه وفساده.
مهمة الدكتور الكيب صعبة للغاية، فمرحلة بناء نظام اكثر صعوبة من هدم نظام قائم، خاصة في ظل ثورة تطلعاتها كبيرة في اوساط الشعب الليبي الذي عانى لاكثر من اربعين عاما من الظلم والاضطهاد والحرمان من ثرواته الضخمة والعيش الكريم بالتالي.
(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 13 نوفمبر2011)

<

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.