الاثنين، 12 يناير 2009

 

TUNISNEWS

8 ème année, N° 3156 du 12 .01.2009

 archives : www.tunisnews.net


حــرية و إنـصاف:يوميات المقاومة غزة رمز العزة (17) الجمعيـة الدوليـة لمسانـدة المساجيـن السياسييـن: من محرقة غزة الى محرقة قانون 10 ديسمبر 2003″… !!!!!

موقع طلبة تونس:أخبار الجامعة

مكتب الحريات  بجامعة جندوبة للحزب الديمقراطي التقدمي: يدين الإعتداء على تلاميذ المعاهد المتظاهرين سلميا من قبل قوات الشرطة

كلمة:مظاهرات في غار الدماء و فرنانة وجندوبة

مراسلة خاصة:مسيرات تلمذية في الجديدة وقوات الأمن تعتدي على المتظاهرين

والمرصد الوطني لحرية الصحافة والنشر والإبداع : قمع فنانين تونسيين وحرمانهم من تقديم عرض فنّي تضامني لفائدة سكان غزّة

اللقــاء الإصـلاحي الديمقراطــي : وهل يكفي التنديد والاستنكار ؟

الشرق الأوسط: مصدر رسمي تونسي: السجين الحاجي ليس في حالة إضراب عن الطعام

البشائر أونلاين:فساد فى تونس …. تعيين هيئة مؤقتة وإيقاف عضوين من المكتب التنفيذي باتحاد العمل التونسي

خالد الكريشي : في يوم محاكمة آهالي الحوض المنجمي لدى محكمة الإستئناف بقفصة :الحفناوي ،الشهيد المعتقل

المنبرالاشتراكي  العربي  الناصري-  تونس  : ما هي مهام كل منا في هذه المرحلة

بدر السلام الطرابلسي : تواصل التتبعات الأمنية لمراسلي قناة الحوار التونسي

مواطنون:اعتذار و تصحيح

الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين:أنور الفرجاني: ضحية أخرى للإهمال في السجون التونسية..!

علي بوراوي : حرب إعلامية ولا «جزيرة» لها

محمد عبّو : الصاعدون إلى الهاوية

صلاح الجورشي:حرب غزة.. الرابحون والخاسرون

النفطي حولة: فلتخرس أيها العالم الجبان

حركة القوميين العرب:عندما تخجل العروبة من قادتها..!

حركة القوميين العرب :تل ابيب ومطاردة الاعلام:هل انقلب السحر على الساحر؟!

رويترز: تقرير لشاهد من غزة.. أسبوعان تحت النار

عبد اللطيف الفراتي : قـرار بلا غـد

عبد الحفيظ خميري : الإعلام الغربي المتصهين وضرورة الإعلام البديل

علي الظفيري : الزميل أفيخاي أدرعي

 البلد:10 أسباب وراﺀ ورطة باريس في غزة

لوس أنجلوس تايمز » و »واشنطن بوست:حرب الحماقات الإسرائيلية

يديعوت أحرونوت:الملك غاضب

معاريف:حماس كصاحبة سيادة والان يوجد من يدفع الثمن

معاريف:عندما تتخلى اسرائيل عن المشاعر الانسانية الرقيقة خلف العنف الوحشي

هآرتس:أين ذهب أصدقاء اسرائيل؟

يديعوت أحرونوت:انهاء « الرصاص المتدفّق » الخطوة الفورية المطلوبة الان

هآرتس:الذريعة المبررة لهجوم اسرائيل آخذة في التشوش

روزا بروكس :غباءات ثلاثة

محمد نورالدين : سجال مع كتّاب أتراك

العرب:علماء الأزهر يستنكرون الفتوى السعودية بتحريم المظاهرات

العرب:سجان أميركي سابق يكشف :أساليب التعذيب في غوانتانامو وحشية وغير آدمية ولا يمكن تصورها

احميدة النيفر:الحوار الإسلامي-المسيحي (3).. الكتابة المستقيمة على خطوط مُعوَجّة


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


قائمة الموقعين على مبادرة حق العودة  http://www.manfiyoun.net/list.html الرجاء من المقتنعين بهذه المبادرة إرسال الاسم وبلد الإقامة وسنة الخروج من تونس على البريد الالكتروني للمبادرة:

 


أطلقوا سراح جميع المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 15 محرم 1430 الموافق ل 12 جانفي 2009

يوميات المقاومة غزة رمز العزة  (17)

 

1) ولاية صفاقس خرج تلامذة المعهد الثانوي 20 مارس اليوم الاثنين 12/01/2009 في مسيرة سلمية ضخمة جابت طريق الهادي شاكر كلم 1.5 بصفاقس تعرضت للقمع على يد قوات الشرطة التي حضرت بأعداد كبيرة و قد أحصى ملاحظون وجود 15 حافلة تقل على متنها عناصر مكافحة المسيرات.    2) اجتماع الفروع الرابطية بالساحل: على إثر دعوة فروع الساحل للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان للاجتماع يوم الأحد 11/01/2009 بمقر حزب التجديد بقصيبة المديوني فوجئ المشاركون بمحاصرة لصيقة لأبرز الشخصيات الحقوقية نذكر من بينهم السادة رياض الحوار ( 5 أعوان يصاحبونه في تنقله اليومي بحمام سوسة ) و مسعود الرمضاني بالقيروان و عبد الرحمان الهذيلي و الدكتورة حميدة الدريدي بالمنستير. 3) نقابة أطباء التغذية يتجمعون مساندة لغزة: عقد أطباء التغذية يوم الأحد 11/01/2009 معرضا تضامنيا مع الشعب الفلسطيني في غزة بمقر نقابتهم على هامش مؤتمرهم. 4) اجتماع عام بمنوبة: شارك عدد كبير من النقابيين و المناضلين السياسيين و الناشطين الحقوقيين يوم الأحد 11/01/2009 في اجتماع عام بمقر الاتحاد الجهوي للشغل بمنوبة تضامنا مع الشعب الفلسطيني الصامد في غزة تحت حصار أمني كثيف و ألقيت محاضرة تخللتها عديد الشعارات كما أحيت فرقة الكرامة أمسية ثقافية .

و حرية و انصاف :

1/ تدعو الشعب التونسي و قواه الحية من أحزاب و منظمات و جمعيات إلى الاستمرار في التعبير عن تضامنه مع الشعب الفلسطيني الصامد و المجاهد في غزة ضد العدوان الصهيوني الهمجي و كل من يقف معه بالوسائل السلمية المتاحة. 2/ تدعو السلطة للكف عن قمع التحركات المساندة للشعب الفلسطيني و احترام حق التونسيين و التونسيات الدستوري في التعبير و التنقل و الاجتماع و التظاهر السلمي.   عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري


« الحرية لكل المساجين السياسيين » الجمعيـة الدوليـة لمسانـدة المساجيـن السياسييـن 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr                                                                                                               تونس في 11 جانفي 2009 

كشف الحساب..لقضاء .. » يكافح الإرهاب « :  من محرقة غزة الى محرقة قانون 10 ديسمبر 2003″… !!!!!

 

 

مثل يوم أمس السبت 10 جانفي 2009 أمام الدائرة الجنائية 4  بالمحكمة الابتدائية بتونس برئاسة القاضي  محرز الهمامي  في  القضية عدد 16865 التي يحال فيها مجموعة من الشبان متهمون بتشكيل ما يسمى بخلية سوسة التابعة لمجموعة سليمان ، و هم كل من : اسامة بن محمود بن محمد حاجى (مولود فى 29/03/1982) و  وجيه بن الناصر بن الطيب رزق الله (مولود فى 22/07/1984 ) و جوهر بن على بن الحاج احمد (22/07/1971) و هشام بن حسين بن فرحات المشرقى (مولود فى 19/10/1979 ) و  سامى بن الحسين بن محمد عاشور (مولود فى 25/05/1983 ) و سفيان بن الطاهر بن على عبيدة ( مولود فى 23/01/1977) و بشير بن حمودة بن بشير مصباحى (مولود فى 2/04/1985 ) و انيس بن محمد بن ابراهيم عبيدى ( مولود فى 1/06/1981 ) و ايمن بن الطاهر بن عمارة ذويب (مولود فى 07/08/1984) و محمد بن علىبن ابراهيم صميدة (مولود فى 24/06/1978) زبير بن خليفة بن محمد الهادى (مولود فى 20/03/1986) و فيصل بن الطاهر بن صالح القفصى (مولود فى 23/02/1968 ) – بحالة ايقاف –  و الشاذلى بن حمدة بن حميدة بن يحي (مولود فى 16/12/1962 ) – بحالة فرار –  و  المحالين من أجل الانضمام  إلى وفاق اتخذ من الارهاب وسيلة لتحقيق أغراضه والدعوة إلى ارتكاب جرائم إرهابية داخل تراب الجمهورية و إعداد محل لايواء و اخفاء أشخاص و أنشطة  لهم علاقة بالجرائم الإرهابية  و التبرع بأموال مع العلم بأن الغرض منها تمويل أشخاص لهم علاقة بالجرائم الإرهابية ، و بعد المناداة على القضية قامت المحكمة باستنطاق المتهمين الذين  أنكروا التهم المنسوبة اليهم و تمسكوا بأن التصريحات المسجلة عليهم من طرف باحث البداية انتزعت منهم تحت التعذيب ، ثم أحيلت الكلمة الى لسان الدفاع الذي لاحظ بأن اجراءات التتبع كانت باطلة لارتكاب عديد الخروقات القانونية من طرف باحث البداية الذي قام بمباشرة البحث في القضية دون ترخيص من النيابة العمومية و تجاوز مدة الاحتفاظ المحددة بثلاثة أيام فضلا عن تعذيب المتهمين لاجبارهم على الاعتراف ، كما تمسكت هيئة الدفاع بخلو الملف من أي أدلة تثبت صحة التهم الموجهة الى منوبيهم و طالب على هذا الأساس بالحكم ببطلان الاجراءات و بصورة احتياطية الحكم ببراءة المتهمين ، و قد ترافع عن المتهمين الأساتذة عبد الفتاح مورو و رضا الأجهوري و عبد العزيز الصيد و أنور القوصري و سمير بن عمر و سمير ديلو و هيفاء الصفراوي و سامي الربيعي و البشير الجلاصي و راضية النصراوي ، و اثر ذلك أصدرت المحكمة حكمها القاضي بادانة المتهمين و سجنهم مدة تتراوح بين ستة و عشرة أعوام . *  مثل يوم أمس السبت 10 جانفي 2009 أمام الدائرة الجنائية 4  بالمحكمة الابتدائية بتونس برئاسة القاضي  محرز الهمامي  في  القضية عدد 16865 التي يحال فيها مجموعة من الشبان أصيلو جهة بنزرت  ، و هم كل من : عمر الطبربي و فتحي بالرايس و أحمد الغربي و أحمد التونسي و أيمن الملاخ   و  المحالين من أجل عدم اشعار السلط بما بلغهم من جرائم إرهابية و عقد اجتماعات بدون رخصة     ، و بعد المناداة على القضية قامت المحكمة باستنطاق المتهمين الذين  أنكروا التهم المنسوبة اليهم ، ثم أحيلت الكلمة الى لسان الدفاع الذي تمسك بعدم توفر الأركان القانونية لتهم الحالة و طالب على هذا الأساس بالحكم ببراءة المتهمين ، و قد ترافع عن المتهمين أنور القوصري و سمير ديلو ، و اثر ذلك أصدرت المحكمة حكمها القاضي بادانة المتهمين و سجنهم مدة عامين اثنين . *  مثل يوم أمس السبت 10 جانفي 2009 أمام الدائرة الجناحية 14  بمحكمة الإستئناف بتونس برئاسة القاضي  كمال بن جعفر  في  القضية عدد 2008/11347 مجموعة من الطلبة  ، و هم  كل من : مراد بن الهادي بن خميس النصيري ) مولود في 04/03/1986 (  و منتصر بن ابراهيم بن مبروك خضر  ) مولود في 31/01/1987 ( و البشير بن صالح بن محمد البجاوي ) مولود في 08/08/1985 ( و محمد بن عادل بن الشاذلي عريف ) مولود في 01/06/1985( و رمزي بن حميدة بن عبيدي رزقي ) مولود في 16/05/1986 ( و يوسف بن عبد الواحد بن محمد اليعقوبي     ) مولود في 16/03/1986 ( و محمد الازهر بن محمد نجيب بن البحري بحري ) مولود في 20/07/1986 (  و المحالين من أجل عدم اشعار السلط بما بلغهم من جرائم إرهابية و عقد اجتماعات بدون رخصة     .    و قررت المحكمة تأجيل النظر في القضية لجلسة يوم 25 فيفري 2009 استجابة لطلب هيئة الدفاع المتكونة من الأساتذة  عبد الفتاح مورو و سمير بن عمر و لحمادي الحنيشي و فرات الجريدي. و تجدر الإشارة  إلى أن الحكم الابتدائي قضى بادانة المتهمين و سجنهم  مدة أحد عشر شهرا مع اسعافهم بتأجيل التنفيذ .  *  نظرت  الدائرة الجنائية 11  بمحكمة الإستئناف بتونس برئاسة القاضي  فاروق الغربي  يوم أول أمس الجمعة 9 جانفي 2009  في  القضية عدد 12138 التي يحال فيها كل من  : محمد بن خليفة بن عباس المسعدي  ( من مواليد 01/01/1990 ) و عادل بن المنجي بن عبد الكريم نصيب ( من مواليد 21/03/1982 ) ، و المحالين من أجل تهم الانضمام إلى تنظيم اتخذ من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضه و استعمال اسم بقصد التعريف بتنظيم ارهابي و بنشاطه     .  و بعد المناداة على القضية قامت المحكمة باستنطاق المتهمين الذين  أنكرا التهم المنسوبة اليهما و تمسكا بأن التصريحات المسجلة عليهما من طرف باحث البداية انتزعت منهما تحت التعذيب ، ثم أحيلت الكلمة الى لسان الدفاع الذي طالب المحكمة بالتخلي لفائدة قضاء الأطفال باعتبار أن أحد المتهمين لم يتجاوز 18 عاما في تاريخ الواقعة و بصورة و بصورة احتياطية الحكم ببراءة المتهمين لانعدام الأركان القانونية لتهم الاحالة ، و قد ترافع عن المتهمين الأساتذة كمال بن مسعود و سمير بن عمر و فوزي جاب الله و كمال بن عمر  . و اثر ذلك أصدرت المحكمة حكمها القاضي باقرار لالحكم الابتدائي مع تعديل نصه و ذلك بالنزول بالعقاب المحكوم به الى خسمة أعوام  . و تجدر الإشارة  إلى أن المتهم محمد المسعدي تلميذ لم يتجاوز عمره الثمانية عشرة عاما  أما المتهم الثاني فهو خريج الجامعة و مختص في الاعلامية ، و تنسب لهما الأبحاث أنهما انخرطا في الجهاد الالكتروني من خلال تشكيل كتيبة مع بعض المبحرين على شبكة الانترنيت للدعوة الى الجهاد ،  و قد قضى الحكم الابتدائي بادانة المتهمين  و سجنهم  مدة  ثمانية أعوام . عن الجمعية  لجنة متابعة المحاكمات السياسية WWW.TUNISIE-TALABA.NET  


موقع طلبة تونس
أخبار الجامعة العدد الثامن – عدد خاص بالحرب على غزة – الإثنين 12 جانفي 2009  
يوم الجمعة المشهود : خرج التلاميذ عن بكرة أبيهم في مختلف معاهد البلاد يوم الجمعة 9 جانفي 2009 في يوم الغضب العالمي لنصرة غزة  و للتضامن مع أهلنا في غزة و مساندة المقاومين الأبطال في مواجهة آلة الحرب الهمجية الصهيونية … فبعد أن تجمعوا في ساحات المعاهد خرجت حشود التلاميذ الذين تجاوز عددهم المليون في مسيرات و مظاهرات ضخمة جابت الشوارع المحيطة بالمعاهد و في كثير من الأحيان اخترقت الحواجز البوليسية لتتواصل وسط المدن و القرى و قد هبّت الجماهير التلمذية من شمال البلاد إلى جنوبها و من شرقها إلى غربها للتعبير – و بطريقة عفوية – عن مساندتها المطلقة لأهلنا في غزة و للمقاومة البطلة التي أبلت البلاء الحسن في مواجهة آلة الحرب الصهيونية المدعومة أمريكيا و أوروبيا  و قد شهدت العديد من المدن تحركات تلمذية ضخمة ومواجهات بالحجارة مع البوليس من بينها على سبيل الذكرلا الحصر : جرجيس – قبلي – سوق الأحد – فريانة – تالة –  قفصة – بني خيار – نابل – تاكلسة – دار شعبان الفهري – قليبية – الشابة – صفاقس – قلعة الأندلس – القيروان – بوسالم – غار الدماء – قصيبة المديوني – المنستير – أريانة – بنزرت – سوسة – ….  و من بركات هذه الحرب الصهيونية الظالمة أنها عرّت الخونة و العملاء و المنافقين و خدّام الصهيونية و ذيول الإستعمار الجديد الذين انكشفوا أمام جماهير الأمة بسبب صمتهم المريب و تواطؤهم المعلن و الغير معلن و مواقفهم و تصريحاتهم التي تدعو للإستسلام و الهوان و تساوي بين الضحية و الجلاد   التحركات الطلابية : بسبب الإمتحانات النصف سنوية التي تمتد على مدى أسبوعين والتي انطلقت مباشرة إثر عطلة الشتاء كانت مشاركة الطلبة في التحركات نسبيا ضعيفة … و كما أن غزة كانت تحت الحصار فقد كانت مختلف المؤسسات الجامعية و خاصة المركّبات الجامعية تحت الحصار حيث تمركزت جحافل البوليس في محيطها و بالقرب منها منذ يوم الإثنين 5 جانفي 2009  استعدادا لمواجهة أية تحركات يقوم بها الطلبة و رغم ذلك فقد شهدت العديد من الأجزاء الجامعية تحركات مكثفة و بالخصوص في كلية العلوم الإنسانية والإجتماعية 9 أفريل بتونس و كلية الآداب بمنوبة و المعهد التحضيري للدراسات الهندسية بمونفلوري و  كلية العلوم الإنسانية و القانونية بأريانة …. و ينتظر أن تشهد المؤسسات الجامعية مشاركة فاعلة انطلاقا من الأسبوع القادم تتخللها تظاهرات و اجتماعات و مسيرات مساندة لصمود أهلنا في غزة و تأييدا للمقاومة البطلة في مواجهة المشروع الصهيوني الأمريكي الإجرامي للقضاء على المقاومة و تمرير الحلول الإستسلامية – بمساندة الأنظمة الخانعة العميلة – بهدف وأد القضية الإستراتيجية للأمة العربية الإسلامية … نماذج من الشعارات المرفوعة : – اللّه أكبر عاصفة … للصهيونية ناسفة – غزة .. غزة رمز العزة – لا دراسة لا تعليم … حتى تحرّر فلسطين – يا حكام عار عار فلسطين شعلت نار – يا قسام يا حبيب … دمّر دمّر تل أبيب – بالروح بالدم … نفديك فلسطين – يا شهيد لا تهتم … الحرية تفدى بالدم – ثوّار ثوّار … الشعب المسلم يكمّل المشوار – لا مصالح صهيونية على الأراضي العربية – غزة غزة لا تهتمي دم أولادك هو دمي – يا اللّه يا اللّه انصر غزة عن قريب – مقاومة مقاومة لا صلح و لا مساومة – يا غزة الأبية لا حلول إستسلامية – الحذاء الحذاء للمحتلّ و العملاء معاهد تميزت بتحركاتها : من الملفت للنظر أن بعض المعاهد الموجودة في أحياء راقية بتونس العاصمة شهدت تحركات متميزة و نذكر منها على سبيل الذكر لا الحصر معاهد المنزه السادس و المنزه التاسع و حي النصر و معهد الإمام مسلم ( الآباء البيض سابقا ) و معهد قرطاج و معهد المرسى و … حيث شارك التلاميذ و من مختلف المستويات و بكثافة في التحركات و قد لاقوا التشجيع من السكان في العمارات و الأحياء التي مروا بها و تعالت زغاريد النساء و تم أخذ العديد من المشاهد لمسيرات التلاميذ عن طريق الهاتف الجوال البوليس يواجه العديد من التحركات بشراسة : تميزت تدخلات البوليس في مواجهة التحركات و المسيرات التلمذية بشراسة غير معهودة لدرجة أن العديد من التلاميذ أصيبوا بجروح في أماكن مختلفة من أبدانهم و قد انهالت عليهم العصي و الهراوات بلا شفقة و لا رحمة كما تم اعتقال كل من يحمل  » الشاش الفلسطيني  » و كأن هذا الرمز الفلسطيني سلاح إرهابي و قام البوليس كذلك بحجز الهواتف الجوالة  » المتّهمة  » بتصوير و توثيق مشاهد القمع و الإعتداءات المسلّطة على التلاميذ كما عمد أعوان بالزي المدني إلى اختطاف التلاميذ من الطريق العام و لم ينتبه بعض التلاميذ إلى استعمال البوليس لسيارات الشركة التونسية لاستغلال و توزيع المياه  » الصوناد  » و الشركة التونسية للكهرباء و الغاز  » الستاغ  » و العديد من السيارات المدنية الأخرى  …. و قد تم خلال الأسبوع الفارط إيقاف آلاف التلاميذ الذين تم إطلاق سراحهم بعد إمضائهم على التزامات و قد اكتشفوا في مراكز البوليس معنى شعار  » الحوار مع الشباب  » ؟؟؟ …. إبداعات التلاميذ في التحركات : ابتكر التلاميذ العديد من أشكال التعبير و النضال لمساندة أهلنا في غزة و للتنديد بالحرب الهمجية الصهيونية ومن ذلك : – ارتداء  » الشاش الفلسطيني  » تعبيرا عن وحدة القضية و وحدة المصير – رسم علم الصهاينة بالدهن على الأرض في مدخل المعهد بحيث يطأه كل تلميذ بأقدامه – كتابة الشعارات المساندة لغزة و المنددة بالعدوان الصهيوني بالطباشير الملوّن و الدهن على الحيطان – رسم كلمة  » غزة  » بمئات االمحافظ – الإتصال عبر الإرساليات القصيرة للتنسبق فيما يتعلق بتوقيت التحركات و أماكن التجمع – بث صور التحركات في المواقع الإلكترونية و خاصة  » اليوتيوب  » – الضغط على الأساتذة و خاصة في اختصاص التاريخ والجغرافيا ليحدثوهم عن القضية الفلسطينية والأطوارالتي مرت بها – استخراج صور المجازر الصهيونية من الإنترنت و تداولها بينهم ….. البسوا خماراتنا …. و أعطونا أسلحتكم : هذا ما صرخت به إحدى المتظاهرات في العاصمة السودانية الخرطوم في وجه الحكام العرب المتخاذلين المستسلمين للإرادة الأمريكية الصهيونية و قد رددته التلميذات و الطالبات في شوارع تونس و صفاقس و الحامة و قفصة و … بأشكال مختلفة ليعبرن من خلاله عن مدى سخطهنّ من تكديس ترسانات الأسلحة التي يدفع فيها المواطن دمه و لا تستعملها الأنظمة العميلة لمواجهة العدوّ الخارجي و إنما لقمع شعوبها الحرب الإعلامية على الإنترنت : في موازاة الحرب العدوانية الصهيونية على غزة تدور حرب من نوع آخر على الإنترنت يشارك فيها العديد من التلاميذ و الطلبة التونسيين و ذلك بالمساهمة في السجال الدائر على الشبكة العنكبوتية من خلال فتح النقاش مع زملائهم حول أهداف الحملة الصهيونية على غزة و تاريخ الصهاينة الأسود في فلسطين كما قاموا بالتصدي للعديد من أطروحات الصهاينة و من والاهم و توضيح الحقائق حول طبيعة الكيان اللقيط الذي زرعه الإستعمار و الإمبريالية الأمريكية ليقوم بدور كلب الحراسة لمصالح الغرب الغير مشروعة في الوطن العربي و قد اشتد وطيس هذه المعارك في الأيام القليلة السابقة و تمت مهاجمة العديد من المواقع و إغراقها بالرسائل الإلكترونية …. لقطة : تلميذة تواجه البوليس عندما همّ بايقافها …. في معهد من معاهد المنازه لاحق أحد أعوان البوليس تلميذة تدرس بالسنة الثالثة ثانوي و عندما أراد القبض عليها و احتجازها في سيارة البوليس الكبيرة تخلصت بقوة منه و صاحت في وجهه  » ما عندكش حسّ وطني .. ما تتفرّجش عال جزيرة .. ما عندكش مشاعر إنسانية  » و وضعت حقيبتها على الأرض و جلست عليها و قالت له  » جرّب مسّني  »  القضية الفلسطينية في الشبكة العنكبوتية : في ظل الأحداث التاريخية المصيرية التي تجري في غزة و البطولات التي يسجلها المقاومون بأحرف من نور يمكن للشباب التلمذي و الطالبي الإطلاع على كمّ هائل من المعلومات و الدراسات و البحوث و الوثائق و الصور و التسجيلات المتعلقة بالقضية الفلسطينية باستعمال محر ّكات البحث مثل  » غوغل  » بالعربية و wikipedia – youtube – facebook – google                                           و العديد من المواقع … مثل : www.aljazeera.net        www.islam-online .net و من المواضيع المقترحة : – القضية الفلسطينية – الصراع العربي الصهيوني – الإنتداب البريطاني لفلسطين – الحركة الصهيونية – وعد بلفور – عز الدين القسام – حركة حماس – حركة الجهاد الإسلامي


مكتب الحريات  بجامعة جندوبة للحزب الديمقراطي التقدمي

يدين الإعتداء على تلاميذ المعاهد المتظاهرين سلميا من قبل قوات الشرطة

 
1- خرج التلاميذ والأساتذة في مظاهرات سلمية لرفضا للعدوان الصهيوني الهمجي على شبعنا العربي في غزة يومي الجمعة والسبت 09 و10 جانفي 2009  في جندوبة وقد واجهت الشرطة هذه المظاهرات بالاعتداء بالضرب ومنهم من يقول كلام فاحش للتلاميذ  وقد عاينت وجمعت شاهدات هذه التجاوزات الخطيرة في حق أبناء تونس فقد كان بالإمكان ان يكون السلوك غير السلوك الذي شاهدنها وجمعنا حوله الشهادات .إن هذا العنف لا يولد غير العنف ولا يعتقد من اتخذ هذا القار علا أم دنا انه سوف يكون أقوى من أجساد الأطفال والنساء والشيوخ التي يمزقها سلوك العدو الصهيوني البربري الهمجي. إننا في مكتب الحريات  بجامعة جندوبة للحزب الديمقراطي التقدمي يدين الإعتداء على تلاميذ المعاهد المتظاهرين سلميا من قبل قوات الشرطة. 2- بلغ مكتب الحريات بجامعة جندوبة للحزب الديمقراطي التقدمي ان مراب ولاية جندوبة الداخلي تتسلل إليه كل مساء مع حوالي الساعة السابعة مساء وتخرج الصباح الباكر قبل بداية العمل .السيارة ليست ملك للدولة إنها مملوكة لأحد الأشخاص فبأي حق تحظى هذه السيارة بحماية عون الشرطة وتستغل مكان سيادي وماذا يقول المواطن الذي يملك سيارة مثل هذا السيد « x » إن في هذا فساد فقد يستغل هذا السيد هذا التصرف الذي يقد يبرزه انه « واصل » تجاه البسطاء ويتحيل عليهم . لقد تأكد المكتب من هذا الخبر ووثق هذا بشريط فيديو سنبثه لاحقا على « الفيس بوكّ » .

مظاهرات في غار الدماء و فرنانة وجندوبة

 
مولدى زوابي تفاعلا مع ما حدث في مدينة بوسالم منذ صباح الأربعاء 06 جانفي 2008 نظم  مساء نفس اليوم تلامذة معهدي الشابي وغار الدماء من مدينة غار الدماء 175 شمال غرب تونس  مسيرة عفوية تضامنية مع أهالي غزة جابت عدد من شوارع وانهج المدينة ومع ارتفاع العدد الذي فاق نحو 3500 متظاهر بين تلامذة ومواطنين  تدخلت قوات من الأمن واعتقلت 4 تلاميذ لم يفرج عنهم إلا بتدخل نقابي وحقوقي. وأمام هذا الاعتداء غير المبرر حسب عدد من شهود العيان والمشاركين في المسيرة تدخل عدد من الأساتذة فاق عددهم الخمسين وانظموا إلى المسيرة وقد استطاع الأساتذة وبحكم علاقتهم الطيبة بتلامذتهم تأطير المسيرة في الاتجاه السلمي والمدني. وفي خطوة وصفها البعض بالسابقة والجريئة على المستويين الجهوي والوطني خرج يوم الخميس 07 جانفي ما يفوق 600 تلميذ كانوا قد خرجوا من معاهد مدينة غار الدماء وعلى امتداد 11 كلم في مسيرة على الأقدام توجهت إلى وادي مليـز وقد رافقهم في هذه المسيرة عدد من المواطنين وأعداد غفيرة من أعوان الأمن بالزيين المدني والرسمي. هذا وقد رفع المتظاهرون شعارات منددة بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والهجمة الشرسة التي يتعرض لها الفلسطينيين معربين عن تضامنهم مع أطفال غزة الذين يقتلون على مرأى من العالم. ولم تتوقف مسيرة التلاميذ الذين وصلوا مدينة وادي مليز إلا بعد أن شاركهم تلامذة معهد الامتياز وإعدادية وادي مليز جابوا خلالها عددا من الأنهج والشارع الرئيسي. وقد عاد تلامذة غار الدماء الذين قدموا من معهدي الشابي وغار الدماء بعد أن خصصت لهم حافلات. أما يوم الجمعة فقد تدخلت قوات الأمن بقوة وفرقت عددا من الذين تجمعوا للقيام بمسيرة للتعبير عن التضامن مع أهالي غزة وطلبوا من مديري المعاهد غلق الأبواب حتى لا يخرج التلاميذ من معاهدهم وحاصرت قوات من الأمن بالزيين المدني والرسمي أبواب المعاهد مانعين التلاميذ من الخروج. وفي ما يخص مديري المعاهد الذي لم يختلف موقفهم على مواقف بقية مديري المعاهد الأخرى بالجهة فقد رفضوا الانصياع للأوامر الأمنية خشية أن يتطور الوضع وينعكس سلبا على ممتلكات معاهدهم. ** الشارع يتحرك في الفرنانة بعد عشرين سنة على امتداد عشرين سنة  لم تشهد مدينة الفرنانة تحركا مماثلا لما شهدته يوم الجمعة 8 جانفي الجاري، حيث نظم عدد كبير من أساتذة المعهد الثانوي  بفرنانة ومعهد ابن خلدون وإعداديتي  الفرنانة والفجوج مسيرة سلمية انظم لها بسرعة آلاف التلامذة والمواطنين وفاق عدد المشاركين فيها نحو 3500 . وقد رفع المتظاهرون لافتات تضمنت شعارات منددة بالاحتلال الصهيوني لقطاع غزة والإبادة الجامعية التي يتعرض لها أهالي القطاع . وقد جابت المسيرة الشارع الرئيس لمدينة الفرنانة حتى ساحة المعتمدية تحت أصوات امتزج فيها صوت الطفل بصوت الشيوخ والنساء. وقد تناول بعض المتدخلين بالحديث والتنديد بربرية العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين وعده البعض استهدافا لمقومات الأمة العربية والإسلامية. ** هبّة في معاهد جندوبة حاصرت قوات من الأمن بالزيين المدني والرسمي منذ صباح الخميس 07 جانفي 2008 المعاهد الثانوية والمدارس الإعدادية بالمدينة تحسبا لقيام مسيرات كان قد دعا لها عدد من تلامذة معاهد المدينة وذلك في إطار التضامن مع أهالي قطاع غزة وتفاعلا مع المسيرات التي برزت في كل من مدينتي بوسالم وغار الدماء ولئن استطاعت قوات الأمن أن تمنع تنظيم تلك المسيرة فقد استطاع تلامذة  معهد الحرية وخميس الحجري و9 أفريل ومعهد جندوبة وغيرهم  تكسير الحواجز والخروج في مسيرة سلمية وذلك يوم الجمعة  08 جانفي فاق عدد  المشاركين فيها 8000 متظاهر جابت كبرى شوارع المدينة بعد أن انظم لها بعفوية عدد من المواطنين رفعوا خلالها لافتات وشعارات منددة بالعدوان الإسرائيلي على غزة معربين في الآن نفسه عن تضامنهم المطلق مع الفلسطينيين في القطاع وفي كل شبر من أرض فلسطين. وأمام الشغور الذي بدا واضحا داخل فصول المعاهد لم يجد أساتذة التعليم الثانوي بدّا سوى التنسيق فيما بينهم ومع هياكلهم للخروج في مسيرة منفردة انظم إليها عدد من التلاميذ والمواطنين جابت انهج وشوارع مدينة جندوبة ندد فيها المتظاهرون بتواطؤ بعض الأنظمة العربية ورفضهم للمصالح الصهيونية على الأراضي العربية وتجندهم للدفاع عن القضايا الوطنية والقومية. أما صباح السبت فقد تعرض عدد من تلامذة المعاهد إلى التعنيف من قبل أعوان أمن أصروا على أن لا يخرج التلاميذ للتظاهر مرة أخرى. (المصدر: مجلة « كلمة » (اليكترونية محجوبة في تونس) بتاريخ 10 جانفي 2009)

 
 

مسيرات تلمذية في الجديدة وقوات الأمن تعتدي على المتظاهرين

 
بسم الله الرحمان الرحيم انطلقت يومي الجمعة والسبت مسيرات حاشدة نظّمها تلاميذ معاهد منطقة الجديدة من ولاية منوبة مساندة للحرب الوحشية على قطاع غزّة رفعت خلالها الشّعارات المندّدة بالعدوان والدّاعية إلى نصرة الفلسطينيين ومن هذه الشعارات  غزة رمز العزّة بالقسّام ياقسّام ما تخلّي صهيوني ينام لا إلاه إلا الله والشهيد حبيب الله ورغم سلميّة المسيرات وتأكيد التلاميذ على هذه السلمية برفع شعارات تؤكد على ذلك كلما اقتربت منهم قوات الأمن فإن هذه القوات تصدّت لهم بالعنف الشديد وبالضرب المبرح والهراوات مما خلّف إصابات لدى عديد من التلاميذ وخاصّة الإناث منهم كما عمدت أحد الوجوه التجمعية المعروفة بالمنطقة إلى جلب بعض الميلشيات للاندساس بين التلاميذ ورفع أعلام أحد الفرق الرياضية المعروفة ورفع شعارات رياضية لتمييع المسيرة فتصدّى لهم أنصار ذلك الفريق من التلاميذ وافتكوا منهم الأعلام وأطردوهم
 
مراسلة خاصة


تونس في 11 جانفي 2009  قمع فنانين تونسيين وحرمانهم من تقديم عرض فنّي تضامني لفائدة سكان غزّة

   

حرمت السلطات التونسية عددا من الفنانين التونسيين من تقديم عرض فنّي مساء السبت 10 جانفي 2009 بالمسرح البلدي بالعاصمة كانت ستخصص عائداته لفائدة الفلسطينيين في غزّة. وفرّقت عناصر الشرطة بالزي المدني بالقوة وقفة احتجاجية نظّمها حوالي مائة وخمسون فنانا تجمّعوا أمام مبنى المسرح المذكور للمطالبة بحقهم في التعبير. وكانت مجموعة من نقابات الفنّانين (نقابة المهن والفنون الدرامية ونقابة الموسيقيين والجامعة التونسية لنوادي السينما والجامعة التونسية لسينما الهواة وجمعية النقد السينمائي واتحاد الرسامين التشكيليين المستقلّين) قد بادرت إلى إعداد تظاهرة فنية تتضمّن عرضا مسرحيا عن فلسطين يتخلله شعر وغناء وفقرة للأغاني الملتزمة ومداخلات شعرية وعرض أفلام قصيرة إضافة إلى ورشة رسم تتواصل خلال العرض. وكان الاتحاد العام التونسي للشغل قد أبلغ النقابات المذكورة المنضوية تحته أنّ السلطات وافقت على تخصيص فضاء المسرح البلدي لعرض هذه التظاهرة يوم السبت، وواصل الفنانون القيام بالتدريبات للعرض. لكنّ المنظّمين فوجئوا قبل يومين من موعد العرض بأنّ بلدية تونس تراجعت عن الترخيص باستخدام المسرح البلدي يوم السبت بدعوى وجود أشغال صيانة. وفي نفس الوقت تواصلت عروض فنية أخرى حتى مساء الجمعة. وقد تولّى عدد من الفنانين بعد استنفاد كل المساعي للحصول على هذا الفضاء العمومي الدعوة إلى وقفة احتجاجية مساء السبت 10 جانفي أمام المسرح البلدي، لكنّ  أعوان البوليس السياسي تدخّلوا باستخدام القوة لتفريق الفنانين وجرّهم بعيدا عن المكان. وتعرض عدد من الفنانين إلى الضرب والركل والدفع بقوة من قبل أعوان البوليس السياسي بحضور إطارات أمنيّة عليا. وصرّح صالح حمّودة عضو نقابة المهن والفنون الدرامية للمرصد بأنّ أكثر من مائة فنان من مختلف القطاعات الفنّية بادروا إلى هذه الوقفة احتجاجا على غلق المسرح البلدي أمام تظاهرة تطوّعية لفنّانين كانوا يعتزمون القيام بعمل إنساني، إضافة إلى احتجاجهم على قمع أصواتهم سواء في القيام بمسيرة مندّدة بما يتعرض له سكان غزّة أو التعبير الفنّي على ما يجري من أحداث. والمرصد الوطني لحرية الصحافة والنشر والإبداع إذ يذكّر بأنّ السلطات التونسية قد دأبت على قمع حق الاجتماع والتعبير السلمي للمجتمع المدني واحتكار الفضاءات العمومية في جميع المناسبات باعتماد تعلاّت كاذبة واستخدام العنف البوليسي، فإنّه : -يندّد بما تعرضت له أهمّ النخب الثقافية المبدعة في تونس من اعتداء وإهانة وحرمان من حقها في التعبير. -يجدد المطالبة بفتح الفضاءات العمومية للمبدعين وتمكينهم من حقهم في التعبير المكفول دستوريا. -يعبّر عن تضامنه مع الفنانين وتقديره لهم في التزامهم بالقضايا العادلة. عن المرصد نائبة الرئيس، نزيهة رجيبة  
 


بسم الله الرحمان الرحيم اللقــاء الإصـلاحي الديمقراطــي www.liqaa.net وهل يكفي التنديد والاستنكار ؟

 
تتواصل المجزرة في غزة وتتواصل معها محنة أهلنا، حيث يشهد التاريخ حالة رعب وترويع وتقتيل، من أبشع وأجرم ما حدث منذ عقود. سيل من حقد أعمى وتشف فضيع من صغار وكبار على السواء، ونساء ورجال دون تمحيص أو مبالاة، تحت أعين العالم ومؤسساته وحكوماته وشعوبه. لم يسلم أحد من المذبحة، مدارس دُكّت وديار هُدّمت على رؤوس ساكنيها، ومساجد حُطّمت دون قدسية أو اعتبار، على أجساد مرتاديها. كل المذبجة تحدث تحت الأضواء الكاشفة رغم التعتيم الإعلامي التي سعت إسرائيل إلى إجباره على الصحفيين، فرأى العالم مباشرة كيف تُقتنص أرواح الأبرياء دون وازع أو خوف، وظهر للعيان حدوث خنادق وضفاف بين صفين واضحي المعالم والصفات، حيث تمسكت الشعوب بفطرتها وتشبثت بنصرة المظلوم، وخرجت بالملايين تعبيرا عن سخطها ورفضها لهذه المجزرة، وكان للعالم العربي والإسلامي النصيب الأوفر، والتقت مع نخبة تعددت مرجعياتها، ولكن جمعها نصرة المظلوم وحماية لجزء من هذه الأمة يُفتك به على المباشر. وفي المقابل ظهرت بعض الأطراف الدولية غير عابئة بتواصل المجزرة وتساوى عندها الجلاد والضحية، وظهر للعيان عجز المؤسسات الدولية كالأمم المتحدة، والتقى الجميع مع نظام رسمي عربي يتراوح بين المساندة الفاترة، واتهام حماس، والتنديد العاجز، والركون إلى متابعة الأحداث حسب أجندات وحسابات، أظهرت البون الشاسع بين الحكام والشعوب. في هذا الإطار الداكن الذي يحمل آهات وآلام وجروح، ودماء تسيل، تجعل الحليم حيران، تستوقفنا أبعاد الضمير والوطنية والأخوة الإنسانية والدينية لتعلن بمرارة : وهل يكفي التنديد والاستنكار؟ نعم سنستنكر هذه الفضاعة وهذه البشاعة التي سكبت سوائلها المحمومة على المشهد..، ولكن ليس استنكار العاجز أو اليائس والمحبط… نعم نندد بكل هذه المجزرة وبفاعليها الذين تخطّوا درجات الوحشية والحيوانية ولم يتركوا ذرة لهم من إنسانية… ولكن نثمن مواقف هذه الشعوب التي ملأت الشوارع واستطاعت ببراءتها فهم قواعد اللعبة ولم تنجر وراء الأكاذيب والمزاعم واللوبيات…نثمن استيقاظ النخب مهما تعددت مرجعهياتها حيث فهمت أن الأمة مهددة في وجودها فلم تنجر إلى تفعيل أيديولوجياتها قبل التمكين لهوياتها..، نثمن الدور المركزي لبعض قنوات الإعلام التي استطاعت أن تنزع ستار التلفيق والافتراء، وقدمت للعالم صورة حية وصادقة عما يُراد له أن يحدث دون رقيب.. نثمن الموقف التركي ونحي رئيس وزرائه ونعتبرهما شهادة شهامة وأصالة  لم تغب عن تركيا رغم عقود التغريب والتهميش. إن سياسة الكيل بميزانين التي لا تزال تلقي بظلالها بين أروقة المؤسسات العالمية وعند أصحاب القرار وخاصة الإدارة الأمريكية، وتواصل المواقف الهزيلة للنظام الرسمي العربي في عدم استجابته لنداءات الشارع في تفعيل دوره القومي والإسلامي، تدفعان لا محالة إلى مزيد من الغليان والتطرف والمغالاة والابتعاد عن منازل الحوار والحلول السلمية والإنسانية التي تكاد تغيب بين ركام مدينة غزة الشهيدة. إن اللقاء الإصلاحي الديمقراطي يعلن بكل قوة تضامنه المبدئي والمطلق مع أهلنا في غزة ويعبر لهم عن ثقته في النصر الذي لا يحسب بأمتار في الأرض أو ذرات رمل، و لكن بما سطروه من صمود ومقاومة و ما أحدثوه من سقوط ورقة التوت لدى بعض الحكام،  ومن تعرية لما بقي يحمله بعض النخب من ستر مغشوش، وبما فضحته من سياسات وقرارات ودول لطالما أوجعت رؤوسنا بمقولات حقوق الإنسان، فظهرت الصورة واضحة جلية تبنتها الشعوب ووعت أطرافها ومعالمها ولا نخالها إلا منقوشة في الذاكرة إلى حين. ولا نحسب هذه الرجة إلا إحدى النتائج الأولية لهذه الحرب الغاشمة التي شكلت لدى ذهنية الفرد العربي والمسلم ولعله المواطن العالمي نقطة تميز بين عهد الصمت والانسحاب والافتراء وعهد جديد يغلب عليه  تفتق الحقيقة وبروزها للعلن. إن هذه اللحظات رغم مرارتها فإنها لن تكون لحظات عابرة ولكنها لحظات مفصلية في البناء من جديد نحو نظام عالمي عادل، سطرت فقراته الأولى براعم غزة ونسائها ورجالها بحبر أحمر اللون ولكنه يحمل بصمات ماء من ذهب. لقد فتحت غزة الشهيدة الباب وسطرت طريق البناء السلمي والواعي، وعلى الجميع استيعاب مسؤوليته ومركزه والدور الذي يجب أن بلعبه في عملية بتاء أمة واستنهاض أطرافها، فلكل ثغره ودوره الرسالي، ولم يعد ممكنا العيش على الهامش أو التدثر بلباس العادية القاتل. عن اللقاء الإصلاحي الديمقراطي د. خــالد الطـراولي باريس 12 محرم 1430/ 9 جانفي 2009
 


رداً على تصريحات لزوجة أحد قادة احتجاجات الحوض المنجمي  

مصدر رسمي تونسي: السجين الحاجي ليس في حالة إضراب عن الطعام

 
لندن: «الشرق الأوسط» نفى مصدر رسمي تونسي أن يكون الناشط عدنان الحاجي، الذي يقضي عقوبة سجن مدتها 10 سنوات على خلفية الاحتجاجات الاجتماعية التي شهدها الحوض المنجمي (450 كلم جنوب تونس) العام الماضي، قد دخل في إضراب عن الطعام. وكانت جمعة الحاجي، زوجة عدنان، قد ذكرت لـ«الشرق الأوسط» أخيراً، أن زوجها يقبع في سجن انفرادي ودخل في إضراب جوع، مضيفة أنها منعت من زيارته يوم 2 يناير (كانون الثاني) الجاري. وتعليقاً على هذه الأنباء، قال القسم الإعلامي في السفارة التونسية بلندن، في بيان أرسل إلى «الشرق الأوسط»، ان «السجين عدنان الحاجي ليس في حالة إضراب عن الطعام، إذ أنه ولئن رفض يوم 2 يناير 2009 تناول الوجبات المقدمة إليه من إدارة السجن فإنه يتناول بانتظام الطعام الذي يجلبه إليه الزائرون من أفراد عائلته، وذلك وفقاً للترتيبات التي تسمح للعائلات بجلب الطعام إلى ذويهم من المساجين». وأضاف البيان أن «المعني بالأمر يقيم بالسجن في ظروف عادية على غرار سائر المساجين وليس مودعاً بسجن انفرادي». وتطرق البيان إلى الحالة الصحية لسجين آخر على خلفية نفس الأحداث هو البشير العبيدي. وقال البيان: «بالنسبة إلى السجين البشير العبيدي فإنه يشكو منذ فترة سابقة لتاريخ دخوله السجن من مرض مزمن تم الكشف عنه خلال عرضه على الفحص الطبي الأولي الذي يخضع إليه المساجين الجدد. وقرر طبيب السجن، بناء على ذلك، إحالته على مؤسسة استشفائية متخصصة قصد توفير العلاج المناسب إليه وهو يتماثل حالياً إلى الشفاء ويزوره أفراد عائلته بالمستشفى». وكانت ليلى خالد، زوجة البشير العبيدي، أحد قادة احتجاج الحوض المنجمي، قالت هي الأخرى لـ«الشرق الأوسط»، إن زوجها الذي حكم عليه بعشر سنوات سجنا، يعاني من مرض السل منذ أن أودع سجن القصرين بداية يوليو (تموز) الماضي، مضيفة أنه بعد حوالي شهر ونصف الشهر من إيداعه السجن، أصيب بالمرض وتدهورت حالته الصحية. وكانت احتجاجات الحوض المنجمي قد انطلقت في يناير (كانون الثاني) 2008 وتواصلت لعدة أشهر، مطالبة بالحق في الشغل مما دعا السلطات إلى التدخل والقبض على عشرات المحتجين. وحوكم 38 من الموقوفين وصدرت أحكام بالسجن لمدة 10 سنوات نافذة بحق ستة من قادة حركة الاحتجاج الاجتماعي، بينهم الحاجي والعبيدي. وقضت المحكمة كذلك بسجن 25 من المحتجين لفترات تراوحت بين 4 و10 سنوات. (المصدر: صحيفة « الشرق الأوسط » (يومية – لندن) الصادرة يوم 12 جانفي 2009)

فساد فى تونس …. تعيين هيئة مؤقتة وإيقاف عضوين من المكتب التنفيذي باتحاد العمل التونسي
 
البشاير- خاص ستنظر القيادة النقابية في تونس في غضون الأيام القليلة المقبلة في ملف السيد توفيق التواتي، الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بتونس الذي تقرر إيقافه عن العمل النقابي قبل نحو أسبوعين، على إثر الخلاف المتعلق بالملف المالي للاتحاد الجهوي، وسط اتهامات متبادلة بين الطرفين بشأن حقيقة الملف وخلفياته النقابية.. ومن غير المستبعد ـ وفق مصادر قريبة من القيادة النقابية ـ أن تتخذ قيادة الاتحاد العمل العام بتونس قرارا بتجميد السيد التواتي لمدة ربما تجاوزت الخمس سنوات كاملة.. وكان الخلاف بين المركزية النقابية والكاتب العام للاتحاد الجهوي قد ظهر على السطح النقابي، بسبب ما قيل إنها « تجاوزات مالية تقوم على مستندات دقيقة »، يتردد أنها تصل إلى نحو 200 ألف دينار كقيمة جملية لما يوصف بـ »الخلل المالي » الموجود في الاتحاد الجهوي للشغل بالعاصمة، وتمت إحالة السيد التواتي على لجنة المراقبة المالية التي أطلعته على جميع التفاصيل المتعلقة بما قيل إنها عمليات تدليس واختلاسات مالية، لكن السيد التواتي، فنّدها جملة وتفصيلا وبشكل قاطع، معربا عن استعداده « لتحمل تبعات جميع تصرفاته أمام هيئة مستقلة »، تعبيرا منه عن براءته من التهم الموجهة إليه.. ورفض السيد التواتي ـ تبعا لذلك ـ المثول أمام اللجنة الوطنية للنظام الداخلي، على اعتبار ما يسميه بـ « الملف المفبرك » الذي لا صلة له بحقيقة الأمور في هذا الخلاف، بل إنه نظّم اجتماعا نقابيا في ساحة محمد علي، أمام جمع ضخم من النقابيين، أين تحدث عما أسماه « حقيقة الملف »، متهما القيادة النقابية بـ « الفساد المالي »، الأمر الذي عجّل بإحالة الملف على لجنة النظام للبتّ في هذا الموضوع، قبل أن يرفع دعوى قضائية إلى المحكمة في سياق رفضه لقرار إيقافه عن النشاط النقابي وتغيير أقفال الاتحاد الجهوي.. تعيين هيئة مؤقتة: بل إن القيادة النقابية، سارعت إلى تعيين « هيئة مؤقتة » لقيادة الاتحاد الجهوي، تتألف من السادة، جمال الفرجاني ومحمود عاشور وخميس صقرة ومحمد علي خذر ونور الذين الطبوبي، وذلك بغاية سدّ الفراغ في هذا الهيكل النقابي الهام من جهة، و »خلق واقع قانوني » وتنظيمي جديد ينهي من الناحية العملية الوضع السابق في الاتحاد الجهوي، من أجل قطع الطريق أمام أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي ومنعهم من أية محاولة للعودة بهذا الهيكل إلى الوضع القديم.. وهو ما يفسّر قرار الهيئة الوقتية التي تم تعيينها، بإيقاف السيدين، راضي بن حسين « مسؤول التكوين والعلاقات الخارجية »، وروضة الحمروني « مسؤولة النشر والشباب والمرأة »، عن النشاط النقابي صلب الاتحاد، على أساس أنهما « هرّبا وثائق تخص الاتحاد الجهوي للشغل »، حسب بعض التصريحات الرسمية لبعض المسؤولين في القيادة النقابية، ما يعني دخولهما على خطّ التضامن مع الكاتب العام، ومحاولة لـ « ليّ ذراع القيادة النقابية »، الأمر الذي أثار حفيظة بعض النقابيين، بينما وصف المعنيان بهذا الإجراء، بأنه غير قانوني، وهو ما صرحا به أمام اللجنة الوطنية للنظام التي مثلا أمامها الأسبوع المنقضي.. بين الحقيقة والزوبعة.. على أن الكاتب العام للاتحاد الجهوي، حرص على تقديم وجهة نظر أخرى للخلاف القائم مع القيادة النقابية، من خلال إشارته إلى أن هذا الخلاف يرتكز بالأساس على ما وصفه بـ « التباين في وجهات النظر بشأن كيفية تسيير الاتحاد »، ضمن عنوان أشمل يعرف بـ « الديمقراطية الداخلية » صلب الاتحاد العام التونسي للشغل، مشددا على أن الموضوع يعود إلى مؤتمر المنستير الذي شهد نقاشا وتباينات كبيرة بشأن تعديل الفصل العاشر من النظام الداخلي للاتحاد، الداعي إلى تحديد المدة النيابية للقيادة النقابية بدورتين غير قابلة للتجديد، الأمر الذي رفضه بعض النقابيين، وأدى إلى تأجيل الموضوع.. اللافت للنظر في هذا السياق، هذه الاتهامات المتبادلة بالفساد صلب الاتحاد العام التونسي للشغل، وبصرف النظر عن مدى صحتها، أو عن المعنيين بها بشكل حقيقي، تتزامن مع صدور بيانات بين الفينة والأخرى، من قبل قيادات نقابية سابقة، تتحدث عن وجود إخلالات مالية، ووصل بها الأمر إلى حدّ الدعوة إلى تشكيل لجنة وطنية لبحث ما يجري في اتحاد الشغل، تمهيدا للدعوة إلى مؤتمر استثنائي، ينظر في الوضع العام للاتحاد، ويؤدي إلى انتخاب قيادة جديدة للمنظمة الشغيلة.. لكن هذه التحركات ما تزال غير ناضجة إلى حدّ الآن ـ وفق وصف بعض المراقبين للساحة النقابية ـ على اعتبار أن القيادة النقابية الحالية مسيطرة على الشأن النقابي رغم بعض « الإنفلاتات » التي تعدّ عادية في منظمة تخترقها أطراف عديدة وتوجهات مختلفة، سياسية ونقابية واجتماعية.. والسؤال المطروح في هذا السياق هو: هل يكون ملف الكاتب العام للاتحاد الجهوي لعمل، بداية لمشهد جديد صلب المنظمة النقابية، أم يكون الأمر مجرّد « زوبعة في فنجان »؟؟ فالأيام القليلة المقبلة كفيلة بتوضيح اتجاهات الأمور في ساحة محمد علي.. (المصدر: موقع « البشائر أونلاين » (مصر) بتاريخ 10 جانفي 2009)  
 


في يوم محاكمة آهالي الحوض المنجمي لدى محكمة الإستئناف بقفصة.

الحفناوي ،الشهيد المعتقل

 
 
بقلم خالد الكريشي    « كي أفهم معنى الحرية وأموت فداء الحرية أعطوني بعض الحرية » احمد مطر    عرفته بكلية الآداب والعلوم الإنسانية برقادة القيروان طالبا قوميا ناصريا حتى النخاع ،مناضلا في سبيل الحق والحرية والإشتراكية والوحدة ،عرفته شجاعا مقداما ،جريئا لا يخشى في قول الحق لومة لائم، ولا سياط الجلادين ولاحتّى سيف السيّاف،يندر وجوده في هذا الزمن الغريب والعجيب ،فلم تكن له إهتمامات أقرانه ،فهو ليس من هذا الجيل ، جيل ستار أكاديمي ومجانين كرة القدم ،سمعته يخطب في طلبة كلية الآداب بالقيروان أثناء العدوان على شعبنا العربي في العراق سنة 2003 فخلت نفسي أنّي أستمع إلى رجال الخمسينات والستينات من القرن الماضي، سألته يوما مازحا : حفناوي،أهذا إسمك أم لقبك؟ أجابني مبتسما الإسم حفناوي واللقب بن عثمان.،ثم أردف :في الرديف يسمّون كثيرا إسم الحفناوي ،قيل تبركا وتيمنا بولي صالح وشيخ علم يدعى الحفناوي وقيل أنهم يطلقون هذا الإسم بكثرة على مواليدهم الجدد دفعا للبلاء وسوء الطالع الذّي قد يصيبهم ويعتقدون أن هذا الإسم يمنح حامله طول الحياة والصحة والعافية ،مثله مثل « العيفة »(حتى تعافه الموت والخصاصة) و »الهامل  » (تهمله المنية) ،مستشهدا بإسم العيفة الحشاني رحمه الله إبن قفصة وقد سبقه بكلية الآداب برقادة متحدثا بإسم الطلبة العرب التقدميين الوحدويين نهاية الثمانينات من القرن الماضي..،إنهم يتحدون واقع الفقر والفاقة والخصاصة والموت بالأسماء. لقد سقطت الأسماء مع سقوط الشهيد الحفناوي المغزاوي يوم 05 جوان 2008 ومع إعتقال الحفناي بن عثمان يوم 19 جوان 2008 فلم يحمهما ولم يشفع لهما إسم « الحفناوي » . الآن يقبع المعتقل الحفناوي بن عثمان وحيدا غريبا بزنزانته رقم 1 بالسجن المدني بسيدي بوزيد مدانا بالسجن مدة أربعة سنوات وشهر من أجل تهم المساهمة في  تأسيس الحركة الإحتجاجية الإجتماعية بالرديف و « الإنخراط في عصابة والمشاركة في وفاق وقع بقصد تحضير وإرتكاب إعتداء على الأشخاص والأملاك والمشاركة  في عصيان صادر عن أكثر من عشرة أفراد وقع بالسلاح وتم أثناء أثناءه الإعتداء على موظف أثناء مباشرته لوظيفه وتعطيل الجولان بالسبل العمومية والمشاركة في عصيان دعي إليه بخطب ألقيت بمحلات عمومية وإجتماعات عامة وبمعلقات وإعلانات ومطبوعات ،والإضرار  عمدا بملك الغير وصنع وحيازة آلات ومواعين محرقة بدون رخصة ورمي مواد صلبة على أملاك الغير وإحداث الهرج والتشويش بمكان عام وتوزيع وبيع وعرض ومسك بنية الترويج لنشرات من شأنها تعكير صفو النظام العام لغرض دعائي وجمع تبرعات بدون رخصة وإعداد محل لإجتماع  أعضاء عصابة مفسدي وإعانتهم بالمال وجمع التبرعات بدون رخصة  » ،قائمة طويلة من التهم عقوبتها ثلاث مؤبدات على الأقل كفيلة لوحدها بأن يستشهد في السجن ولن يخرج من قبر الحياة إلا إلى قبر الأموات « فالسجن منزل البلاء وقبور الأحياء وتجربة الأصدقاء »(سيدنا يوسف عليه السلام) وغير بعيد عنه يرقد الشهيد الحفناوي المغزاوي، يرقد بقبر الأموات لا ينتظر إستنطاق ولا تحقيق ولا محاكمة ،فلقد نفذوا فيه حكم الإعدام رميا بالرصاص،رصاصة في الظهر، دون حاجة لمحاكمة صورية ،ودون حاجة لحكم مسرحي سيئ الإخراج.فعلى ّأي محاكمات عادلة نتحدث لهؤلاء الموقوفين وقد أدانهم مسبقا وزير العدل في مؤتمره الصحفي يوم 07 جوان 2008 قبل إدانة القضاء حتى قبل الشروع في الأبحاث والتحقيق ؟؟؟.ولقد أشرنا إلى ذلك في عديد المحاكمات وقلنا أن إدانة وزير العدل للموقوفين ونعتهم « بالمشاغبين » والخارجين عن القانون قبل الشروع في المحاكمة هو شكل من أشكال التأثير على سير القضاء وتوجيه الأحكام نحو الإدانة قبل البراءة ،وصدقنا القول والأحكام الجائرة الصادرة بحقهم تعكس صدق القول،…لقد وصف الرئيس المصري بالصدفة الراحل أنور السادات إنتفاضة  جانفي 1977 « بإنتفاضة الحرامية » ،بيد أن القضاء المصري أنصف موقوفي هذه الإنتفاضة وأخلى سبيلهم فبقي القضاء شامخا وإنتهى السادات و »لصوصه »… يومها كنت بالقاهرة في إطار القافلة التضامنية مع شعبنا العربي المحاصر في غزة الصامدة والتي منعها النظام الإقليمي المصري من المرور لرفح ،أخبرني أحد الزملاء من مصر بأن أحداث عنيفة إندلعت بالرديف وأسفرت عن سقوط شهيد وعديد الجرحى والموقوفين،لا يعرف عن الشهيد سوى إسمه »حفناوي »، لا أعرف لماذا قفز إلى مخيلتي إسم الحفناوي بن عثمان وخلته شهيدا،حاولت الإتصال به هاتفيا لكني فشلت ،حاولت الإتصال بتونس لكني عجزت،في آخر الليل تيقنت أن الشهيد يدعى حفناوي المغزاوي وليس حفناوي بن عثمان ،سيّان بين الإستشهاد والإعتقال في سبيل الوطن، وطن الحرية والكرامة وفي سبيل العيش بشرف وعزة وأنفة حتى يظل الرأس مرفوع دائما. أستشهد الحفناوي المغزاوي إبن 22 ربيعا ،الولد الوحيد مع خمس بنات ،بعد أن إنقطع عن الدراسة بسبب الفقر والخصاصة ،إستشهد بعد أن تسلم أول مرتب له بعد تعيينه في عمله الجديد ولم يتركوا له وقتا للحلم ،أو لم يجد من ينصحه بأن الحلم في هذا القطر ممنوع !! وكان عليه الحصول على موافقة « ولي الأمر  » للحلم ،ليحدد له متى يحلم ؟وبماذا يحلم؟. زغردي يا أم الحفناوي المغزاوي ،إبنك الوحيد الحالم دوما سقط شهيدا برصاصة في الظهر ،نفذوا فيه حكم الإعدام دون محاكمة ،وقيدت الجريمة ضد مجهول ،وروى بدمه الطاهر الزكي أرض تونس العربية كما رواها أباؤه وأجداده بعرقهم ودماؤهم وبنوا هذا الوطن لبنة لبنة ،فلم يجنوا غير الرصاص والموت والسجون والمنافي. أستشهد حفناوي المغزاوي وسار حفناوي بن عثمان في جنازته المهيبة ،التى شارك فيها أهالي الرديف على بكرة أبيهم بالرغم من القمع والحصار البوليسي خالفت كل النواميس والقوانين، أوصله إلى « داره » ليرقد بجانب الشهيدين هشام العلايمي ونبيل شقرة،وعاد هو « لداره » ليجد نفسه معتقلا بالسجن المدني بقفصة …،أثناء إستنطاقه لدى حاكم التحقيق أفاد الحفناوي بن عثمان بحضور محامييه أن جلاديه وضعوه موضع دجاجة روتيّ بعد أن  قاموا بتعريته تماما من ملابسه وضربه على أعضاءه التناسلية ومحاولة إدخال عصا بمؤخرته وهددوه بحرق عضوه التناسلي بالولاعة إن لم يعترف بأنه هو المحرض عن أحداث الرديف التي سقط فيها الشهيد حفناوي المغزاوي ،يسألوه عن تهم لم يرتكبها فيجيبهم في لحظات العذاب بل ساعاته وأيامه وبين الغيبوبة والصحو على لسان مظفر النواب : « قاومت الإستعمار فشردني وطني »،من وطأة التعذيب وشدته كاد أن يعترف بأنه هو المسؤول والمحرض عن أحداث المحلة الكبرى بمصر وأحداث مدينة سيدي إيفني بالمغرب والمقاومة العربية في العراق وفلسطين ولبنان ….وبكل بقعة من وطننا العربي إنتفض ضد الظلم والفقر والطغيان،أمضى على جميع المحاضر المعدة له سلفا دون إستنطاقه موافقا : »صرخ :لا من شدة الألم لكن صدى صوته خاف من الموت فأرتد له:نعم »* أسّر لي ذات زيارة وأثار التعذيب مازالت بادية عليه بأن الأحداث التي شهدها وتعرض لها بأحد الأقبية الصفراء بقفصة تكفي لوحدها بأن تكون شهادة إدانة ضد أولئك الجلادين ،ثم تساءل مستعيرا قول عبد الرحمان منيف في شرق المتوسط :هل قدر لنا نحن معشر الشباب العربي أن نعيش « في بلاد الأفواه المكممة والحريات المسلوبة والحقوق المهضومة والمبادئ المنتهكة والكلام المهرب »؟؟؟.أليس من قبيل الجنون أن تكون الفضائل البشرية وبقايا السجائر النتنة أغلى منّا؟؟أليس من العار والشنار على الإنسانية جمعاء إمعان هؤلاء الجلادين في إذلالنا جنسيا والمسّ من كرامتنا ورجولتنا؟؟؟،أحسست أن الإعتداءات الجنسية التي تعرض لها أثناء حفلات التعذيب تركت في نفسه جرحا عميقا غائرا صعب الإندمال أكثر من بقية صنوف التعذيب الأخرى  التي تعرض لها…أضاف قبل أن يصمت « يحسبون أن الرجولة بين الفخذين »!!!. لم أجبه بغير نظرات صامتة تعكس إيمان حقيقي بصدق روايته وقد عاينت تواصل مسلسل الإعتداءات المتكررة على موقوفي الحوض المنجمي والتهديد بالإغتصاب وبفعل الفاحشة وطالت المناضلة الحقوقية زكية الضيفاوي التي قضت هي الأخرى عقوبتها بسجن قفصة ليكون مصيرها بعد المغادره البطالة والمحاصرة. للحفناوي الشهيد أقول ،نم هنيئا في لحدك إلى جانب بقية الشهداء وثق تماما أن دمك الطاهر الزكي لن يذهب هدرا وأن قاتلك سيحاكم يوما على جريمته النكراء مهما طال الزمن أو قصر وهنيئا لك ولأسرتك ولشعبك بهذه الشهادة . وللحفناوي المعتقل أقول ستقضي بالسجن ما كتب الله لك من أيام وساعات وثق تماما أن جلاديك لن يفلتوا من العقاب وشكرا لك ولبقية أهالي الحوض المنجمي الموقوفين لأنكم أثبتم مرة أخرى فشل هذا النظام الإقليمي وعجزه وأسقطتم عنه ورقة التوت الأخيرة ليظهر وجهه المرعب القبيح،وشكرا لك وحدك لأنك أثبت مرة أخرى أن الناصرية ليست نقاشات نظرية داخل الغرف المغلقة وفي نزل الخمس نجوم وبيع الوهم للشعب العربي بل هي تضحية وفعل في الواقع من أجل الآخر الجائع والمقموع والمستبد به ،وأن الناصرية ليست التسول على عتبات وزارة الداخلية والحزب الحاكم طمعا في سفارة أو مقعد بمجلس المستشارين أو مجلس النواب ،بل هي نضال يومي متواصل من أجل شعبنا الأبي والإشتباك المتواصل مع واقعنا العربي المتردي ليخلق الإنسان العربي الحر ،القادر لوحده على بناء دولة الحرية والإشتراكية والوحدة، فحرية الإنسان أولا وأخيرا.ومن أراد أن يكرم الحفناوي الشهيد والحفناوي المعتقل فليتبع خطاهما…والله أعلم. * أحمد مطر بتصرف : »الصدى ». نقلا عن مدونة الحرية للحفناوي بن عثمان : hafnaoui-1952.maktoobblog.com

المنبرالاشتراكي  العربي  الناصري-  تونس   بسم الله الرحمان الرحيم 

ما هي مهام كل منا في هذه المرحلة

 
يعجب الكثير لهبّة الشعب العربي لنصرة مقاومته منذ اللحظة الاولى للاعتداء الصهيوني الوحشي على اهلنا في غزة. فهو بوقوفه الأبي لرفض الاعتداء ومطالبته بسبل المشاركة في الذود عن اهلنا وارضنا، لم يكن يعبر وحسب عن اصالته وايمانه العميق ان المقاومة هي النهج الصحيح لاسترداد الحقوق، وانما كان يعبركذلك عن ثقته الكاملة في من يقود المقاومة في هذه المرحلة. فهناك على خط النار في غزة، وفي كل فلسطين، في جنوب لبنان، في العراق، في الصومال رجال صدقوا فيما عاهدوا الله وامتهم وتصدوا بصدور عارية وامكانيات هزيلة لأقوى الجيوش عتادا وحقدا. وشعبنا العربي الاصيل  يعطي كل ما عنده كلما صدقت القيادة واتضحت الاهداف.   فما هي اهدافنا الواقعية والمشروعة لنحدد على ضوءها مهامنا نحن نواجه اغتصابا لارضنا المقدسة في فلسطين ومن حقنا الطبيعي مقاومة الاحتلال بكل الوسائل المتاحة ورفض كل دعاوي الاستسلام والتفريط في الحقوق. ولالتذكير ان حركة حماس رفضت ومازالت اتفاقات اسلو لانها تفرط في الحقوق واختارت منذ انطلاقتها الالتزام بخط المقاومة حتى تحرير كامل فلسطين، وما اضطرارها لدخول الانتخابات التشريعية وتسلم السلطة المنبثقة عن اسلو الا دفاعا عن البندقية المقاومة ليبقي حقها في الوجود ومواصلة النضال. فمن وقعوا اوسلو تدعمهم الرجعية العربية ارادوا تصفية  القضية، فساوموا على كل شيء حتى البندقية. وكالوا نعوت الارهاب والعبثية على كل فعل مقاوم. لذا فقضية حماس وقضيتنا لا تقف بفتح المعابر ورفع الحصار، فهذا حق يكفله لشعبنا القانون الدولي لو طبق بانصاف. انما قضيتنا هي تحرير فلسطين وعودة كل اللاجئين. مهمتنا الاولى مواصلة الدعم والمساندة لقوى المقاومة ورفضنا لما يسوق له زمرة اسلو والنظام الرسمي العربي من وقف لاطلاق النار وفتح المعابروالاتيان بقوات دولية لتكون درعا واقيا ومثبتا لامر الاحتلال. ان إيماننا بما قاله عبد الناصر  ان ما اخذ بالقوة لايسترد بغير القوة، يوجب علينا اسناد السواعد التي ترفع البندقية. ان النصر وعد الاهي لعباده المؤمنين. ندعو شبابنا المؤمن باستعمال كل السبل القانونية المتاحة في بقاع العالم لملاحقة ومقاضاة كل مجرمي الحرب الصهاينة وكل من تواطئ وحرّض وساعدهم من حكام في البلاد العربية. فمن يمنع الدواء وطواقم الاطباء للوصول الى الجرحى، هو بنفس مستوى جريمة  المعتدي.   سنبقى دائما على العهد بانه لاصلح، لاتفاوض ولا اعتراف بأعداء الحياة قتلة الانبياء.   المجد والخلود لشهداء امتنا الابرار. العزة لله ولاخواننا المجاهدين الرابضين بصبر على خط النار. وستبقى راية المقاومة مرفوعة باذن الله حتى نحرر الارض والانسان ونسترجع الكرامة والارادة.

تواصل التتبعات الأمنية لمراسلي قناة الحوار التونسي
 
تكررت  مرة أخرى الإيقافات التعسفية لمراسلي  قناة الحوار التونسي و افتكاك معدات تصويرهم  وأغراضهم الشخصية منها والمهنية حتى حياتهم الشخصية لم تعد بمأمن من تطفل عناصر الأمن السياسي التونسي. إذ تعرض الصحفي بقناة الحوار أيمن الرزقي  إلى الإيقاف بمدينة المنستير عندما كان بصدد القيام  بتحقيق ميداني لصالح القناة يوم ….. جانفي  2009 وقد تم اقتياده إلى  منطقة الأمن  بالمدينة وتفتيشه  وحجز آلة تصير –  كاميرا فيديو ومفتاح تسجيل الكتروني –  فلاش ديسك  كانا بحوزته قبل أن يخلو سبيله. وقد كانت  فترة الإيقاف بالنسبة لهم مناسبة  لشتمه واهانته  والضغط عليه من أجل ترك العمل بالقناة. وفي ذات الإطار ، قامت قوات الأمن السياسي  بإيقاف مراسل نفس القناة بدر السلام الطرابلسي  بمحطة الأرتال برشلونة بتونس العاصمة  حيث كان بصدد تسلم تسجيلات مصورة عن المسيرات التي تمت بمنطقة الشمال الغربي واقتياده لمركز الأمن بنهج يوغسلافيا أين تم تفتيشه بالكامل وحجز قرصين ممغنطين كانا بحوزته، ولا نعلم إلى حد الآن مصير التسجيلات التي احتجزت عند إيقافه. وقد تعرض في فترة الإيقاف إلى الهرسلة  والشتم  والتهديد حتى  يتخلى عن عمله بالقناة  ويكف عن تغطية أنشطة  الأحزاب المعارضة  والنقابات وغيرها.. ويذكر أنه ليست بالمرة الأولى التي يتعرض فيها  الصحفيين بدر السلام الطرابلسي وأيمن الرزقي  إلى الإيقاف والهرسلة وحجز معدات تصويرهم  المهنية. كما أنهما ليسا بالوحيدين الذين تعرضا لمثل هذه المعاملة القاسية من قبل أعوان الأمن فالزميل المولدي الزوابي  تعرض ويتعرض دائما للمنع والملاحقة  للحيلولة دون القيام بتغطياته الإعلامية  كما لا ننسى إيقاف  الزميلة أمينة جبلون بمدينة قليبية قبل قرابة الشهرين والملاحقة القضائية للزميل الفاهم بو كدوس  الذي حكم عليه بستة سنوات سجنا بسبب تغطيته لانتفاضة الحوض المنجمي.. وبالتالي فإن طاقم قناة الحوار التونسي يعبر عن استيائه من الاعتداءات المتواصلة على مراسليه وعن استغرابه من مثل هذه  الهجمات المجانية  خاصة وأنه يعمل في إطار الشفافية والوضوح ويقدم إعلامي  ديمقراطي يحتمل كل الآراء على اختلافها حتى الرسمية منها. يذكر دائما الرأي العام المحلي والعربي أنه يعمل ضمن ضوابط  مهنية  وقواعد صحفية  أكاديمية  كما تعلموها على أساتذتهم بمعهد الصحافة لعل أهمها أن  » الخبر مقدس والتعليق حر « . يستغربون من المساندة الصامتة من الأوساط النقابية والحقوقية وينتظرون من النخب والهيئات المدنية دعما أكثر من ذلك حتى يتسنى لهم العمل بالحد الأدنى من الضمانات خاصة وأن زملائهم  في الصحافة الرسمية وشبه المستقلة يتمتعون بهامش أكبر من حرية التنقل والنشاط  الإعلامي. يدعو جميع الصحفيين  إلى التوحد أكثر حول قضاياهم ومطالبهم ويغلبون مصلحة زملائهم على أية حسابات نقابوية ضيقة  من شأنها أن تعطل تطور المشهد الإعلامي التونسي.   يطالبون السلطات التونسية  بوقف الملاحقة القضائية بحق مراسل قناة الحوار التونسي بمدينة قفصة  الفاهم بو كدوس  وإخلاء ذمته من كل التهم الموجهة إليه. فريق العمل الصحفي بقناة الحوار التونسي طاهر بن حسين أمينة جبلون فتحي الشفي المولدي الزوابي إياد الدهماني لطفي الهمامي أيمن الرزقي

بدر السلام الطرابلسي

مواطنون:اعتذار و تصحيح  
 
أوردت مواطنون في عددها  الأخير خبرا يخص ‘سناد جائزة الفقيد الهاشمي العياري من طرف المجلس الوطني للحريات و قد سقط سهوا إسم « تونس نيوز  » من قائمة الفائزين. و لذا وجب الاعتذار و التصحيح. تم بالرباط يوم 20 ديسمبر الجاري وخلال ندوة صحفية عقدها المجلس الوطني للحريات بمناسبة احتفال هذا الأخير بالذكرى العاشرة لتأسيسه والذكرى الستون للإعلان العالمي لحقوق الإنسان تسليم جائزة الهاشمي العياري لحقوق الإنسان لسنتي 2007 و2008. وتولى نائب رئيس لجنة جائزة الهاشمي العياري الأستاذ محمد المختار العرباوي الإعلان عن الأسماء المتوّجة بالجائزة. وقد أسندت جائزة سنة 2007 مناصفة بين الصحفي سليم بوخذير والذي تسلّم الجائزة نيابة عنه لتعذر سفره بسبب حرمانه من حقه في جواز السفر محاميه الأستاذ عبد الرؤوف العيادي من يد السيدة سهير بلحسن، رئيسة الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان ونشرية تونس نيوز (Tunisnews) والتي تسلم رمز جائزتها موفد جمعية أنصار الحرية بالسويد من يد كمال الجندوبي، رئيس الشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان. كما أسندت جائزة سنة 2008 للسيدة زكية الضيفاوي وقد تسلمتها من يد عبد الحميد أمين، منسّق التنسيقية المغاربية لحقوق الإنسان. إضرابات في الأفق في قفصة اجتمعت الهيئة الإدارية الجهوية بقفصة يوم الأحد 4 جانفي برئاسة السيد محمد السحيمي مواصلة للجلسة المنعقدة يوم غرة جانفي 2009  و قررت حسب ما صدر في بيانها  » الدخول في إضراب عام جهوي بجميع القطاعات كامل يوم الثلاثاء 6 جانفي 2009 تضامنا مع أهلنا في غزة و احتجاجا على الممارسات القمعية للبوليس و دفاعا عن حقنا في التعبير ومحافظة على حرمة الاتحاد ». في المستشفيات الجامعية عقد المكتب الوطني لنقابة الأطباء الجامعيين يوم 26 ديسمبر اجتماعا بإطاراته و بعد استعراض الوضع بالقطاع و نتيجة لتعثر المفاوضات مع وزارة الإشراف و الوزارة الأولى و الالتفاف على اتفاق 10 مارس 2008،  قرر التحرك الاحتجاجي بحمل الشارة الحمراء انطلاقا من يوم 12 جانفي 2009 و الإضراب عن العمل – تدريسا و علاجا- لمدة ساعتين يوم 20 جانفي 2009 من الساعة العاشرة إلى حدود منتصف النهار و بدون الإخلال بالقطاع الاستعجالي. (المصدر: صحيفة « مواطنون »، لسان حال التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات (أسبوعية – تونس)، العدد 87 بتاريخ 7 جانفي 2009


 » الحرية للدكتور الصادق شورو «   » الحرية لجميع المساجين السياسيين «  الجمعية الدولية  لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr تونس في 11 جانفي 2008

أنور الفرجاني: ضحية أخرى للإهمال في السجون التونسية..!
 
لا يزال السجناء السياسيون و سجناء ما يسمى  » مكافحة الأرهاب  » يدفعون من صحتهم و من  » أرواحهم  » ضريبة الإهمال الصحي المتعمد الذي يتعرضون له بالسجون التونسية و خاصة بمعتقل  » المرناقية  » سيئ الذكر ، و يتأكد مع الأيام أن الحملة على ما يسمى  » الإرهاب  » تطبيقا لقانون 10 ديسمبر 2003 تتعدى في آثارها المدمرة الجانب القضائي و الأحكام القاسية الصادرة بحق الشباب المتدين أو المتعاطف مع المقاومة لتمثل مآسي عائلية و اجتماعية مدمرة  تطال المساجين و عائلاتهم ، و آخر هؤلاء عائلة السجين أنور بن حسن بن مفتاح بن أحمد الفرجاني ( المحكوم بعامين سجنا في القضية عدد 11601 بتاريخ 30/08/2008 ) التي اتصلت بالجمعية مساء اليوم  للتعبير عن جليل مصابها  بعد أن تم إعلامها بأن ابنها المودع بسجن المرناقية توفي ظهر اليوم بأحد المستشفيات بالعاصمة ، و قد أكدت العائلة أن ابنها قد حضر المحاكمة تلقائيا و أبلغ القاضي ( رئيس الدائرة 27 بمحكمة الإستئناف بتونس ) ، ثم إدارة سجن المرناقية بوضعه الصحي الخاص إلا أنه ووجه بإهمال متعمد منعه من تلقي العلاج المناسب و العناية الضرورية . و إذ  تجدد الجمعية استنكارها لاستمرار سياسة التنكيل بسجناء  » ما يسمى مكافحة الإرهاب  »  المعتبرين  » حالات خاصة  » فإنها تضم صوتها لعائلة المرحوم أنور الفرجاني في المطالبة بفتح تحقيق نزيه و مستقل يحدد ملابسات وفاته ، و محاكمة كل من تثبت مسؤوليته و يتأكد تقصيره . عن الجمعيـــــة الرئيس الأستاذة سعيدة العكرمي


حرب إعلامية ولا «جزيرة» لها

 
علي بوراوي (*)   يتداول مجموعة من الناشطين الفرنسيين ذوي الأصول العربية والإسلامية، هذه الأيام، رسالة تدعو المسؤولين القطريين، وبإلحاح، إلى إنشاء قناة للجزيرة باللغة الفرنسية. فخلوّ الساحة الإعلامية من قناة تنقل باللغة الفرنسية حقيقة ما يجري في العالم، وبخاصة العدوان الصهيوني على الأمّة الذي تشهد غزّة حاليا أحد أبشع فصوله وأخطرها، وضع هؤلاء أمام قنوات تلفزيونية تضع اهتمامها بالدم العربي والإسلامي شأنا ثانويا، يمكن أن يبرّره أيّ تعليل صهيوني حاقد. وتعلّل الرّسالة مدى حاجة الرأي العام الناطق باللغة الفرنسية، إلى هذه القناة، بما تنقله القنوات الفرنسية عن أحداث غزّة، بشكل يشوّه الحقائق، ويمالئ الصهاينة في جرائمهم. هذه مشكلة حقيقية يعيشها ما لا يقلّ عن عشرة ملايين عربي ومسلم في فرنسا وحدها، يعيشون هذه الأيام مأساة غزّة بقلوبهم وجوارحهم، ولا يجدون ما يطفئ ظمأهم الإعلامي، لأنّهم لا يفهمون العربية. أذكر أنّ عريضة مماثلة راجت في هذه الأوساط، في صيف سنة 2006، خلال الحرب التي شنّها الصهاينة على لبنان، وتعاملت فيها وسائل الإعلام الفرنسية، كغيرها من وسائل الإعلام الغربية، بكثير من الانحياز للعدو الصهيوني، غير مبالية بعدد الشهداء العرب، وحجم الدمار الذي أصاب مدنهم وقراهم في لبنان. عندما يقف المشاهد أمام قناة فرنسية أو أوروبية، باحثا عن مستجدات ما يحصل في غزّة، يفاجأ بمعدّ نشرة الأخبار يؤخّرها، وكأنّها موضوع ثانوي، لا يرتقي مثلا إلى أهمية «محنة الشواذ جنسيا في السعودية» أو «فاجعة وفاة قطة الرئيس بوش»! ثمّ يأتي الخبر بعد ذلك قصيرا، مشوّها للحقيقة، غير عابئ بأرواح الأبرياء التي تزهق في كلّ لحظة. وكانت معظم هذه القنوات تتجنّب الحديث أصلا عن هذا العدوان في أيّامه الأولى، بما في ذلك التحركات الشعبية المؤيّدة للحق الفلسطيني، في فرنسا نفسها. وقد برّرت القناة الفرنسية الثانية هذا الإهمال على لسان أحد مسؤوليها، بعدم توفّر الصّور عن هذه الأحداث، ما يجعل الوضع هناك مجهولا وغامضا! المشكلة هي أنّ موازين الإعلام الغربي هي هذه دائما في تعامله مع قضايا العرب والمسلمين. هذا الغرب الرسمي الذي يتباهى بقيم حقوق الإنسان، ويتفاخر بها، لا يلتفت إلى الأرواح البريئة التي تزهق للعرب المسلمين، ويقلب الدنيا ولا يقعدها عندما يصاب واحد من رعاياه بأذى في أيّ مكان من العالم. فالرئيس ساركوزي الذي يفاخر اليوم بديمقراطية إسرائيل، ويتناسى جثث مئات الأطفال والنساء وآلاف المشرّدين من أهالي غزّة، الذين تملأ صورُهم الدنيا، وضع إطلاق سراح الممرضات البلغاريات في ليبيا (المتّهمات بنشر فيروس الإيدز عمدا في الأطفال)، ضمن برنامجه الانتخابي، وبذل جهوده من أجل إخراجهنّ من السجن، رغم أنّ أدلّة إدانتهنّ كانت واضحة. وكذلك فعلت إدارته مع مسؤولي جمعية «آرك دو زوي» الفرنسية التي حاولت اختطاف أكثر من مائة طفل تشادي وتهريبهم إلى فرنسا، والزّعم بأنّهم من أيتام دارفور. هكذا يشتغل العقل الغربي الرسمي، وهذه أولوياته. أذكر خلال الحرب الأميركية على العراق، أنّ خبرا يتعلّق بحماية الخنزير الوحشي في غابات فرنسا، كان أولى وأكثر تفصيلا وأطول مدّة زمنية، من خبر وفاة أزيد من ثلاثين عراقيا برصاص الاحتلال الأميركي. وظلّ خبر كسر رجل طفلة فرنسية في متنزه صيفي، يتصدّر نشرات الأخبار بضعة أيّام، بينما كانت اعتداءات الأميركيين في العراق، والصهاينة في فلسطين، ترمى في سلّة الأخبار المهملة التي لا تستحقّ المتابعة، بل حتّى مجرّد نقلها! وأذكر خلال العدوان الصهيوني على لبنان في صيف 2006، أنّ القناة الفرنسية الأولى تحدّثت عن صاروخ إسرائيلي أصاب رجلا في أحد شوارع بيروت، أرداه قتيلا. وقال قارئ نشرة الأخبار يومها، وكأنّه يبرّر ما حصل، إنّ الصاروخ أصاب رجلا مواليا لسوريا. وكأنّ هذا الصاروخ يتخيّر ضحاياه بحسب انتمائهم السياسي، وأنّ الموالين لسوريا مباح دمهم. لقد اختار هؤلاء الانحياز للموقف الصهيوني، ضد كل ما هو عربي وإسلامي. بل إنّهم لا يتردّدون في مغالطة الرأي العام الأوروبي نفسه، لخدمة مصالح اللوبيات الصهيونية والمتصهينة، التي تحكم قبضتها على كثير من مؤسسات الغرب. ولا يفوتني هنا أن أشير إلى وجود نسبة عالية من الغربيين التي تقاسمنا همومنا، وتشاركنا الموقف والرأي في قضايا كثيرة، وتتفهّم ضجرنا وضيقنا ممّا يمارسه حكّامهم معنا، ولكنّهم لا يستطيعون التأثير في سياسات دولهم وقرارات حكوماتها. هؤلاء لا يتردّدون في مناصرة القضايا العادلة، ولكنّ سطوة اللوبيات المتنفّذة على أهمّ مؤسسات بلدانهم، جعلتهم مهمّشين، رغم كثرتهم، يبحثون مثلنا عن منافذ للإعلام الحرّ والنّزيه. هذا الانحياز المفضوح الذي تكشفه الحقائق، جعل كثيرا من حكام الدول الغربية، ومؤسساتها، تنزعج من وجود أيّ وسيلة إعلامية تنقل الحقيقة للرّأي العام، وتنصف العرب والمسلمين. يحيلني هذا إلى ما سمعته من وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين عام 2000 في الرباط، في لقاء له مع عدد من الصحافيين، عندما تحدّث عن ضرورة وجود قناة تلفزيونية تملأ الفراغ الذي وجدته الجزيرة في الساحة الإعلامية، لتفسد عملها الذي رآه خطيرا. وتحدّث وقتها عن دور فرنسا في هذا المجال، قائلا إنّ القرار قد اتّخذ، وإنّ العمل جار لبعث هذه القناة إلى الوجود. خطاب هذا الوزير الاشتراكي، لا يختلف عمّا يقوله اليوم وزير الخارجية الفرنسي كوشنر، الذي خرج من عباءته الاشتراكية لينفّذ سياسة الرئيس اليميني نيكولا ساركوزي. وإذا كانت لفرنسا الرسمية خطتها في الحفاظ على قوّة الإعلام الموجّه والوفيّ للسياسة الاستعمارية، ورعاية مؤسّساته، وتحجيم دور وشعبية قناة الجزيرة وأخواتها من وسائل الإعلام المسؤولة والنّزيهة، على قلّتها، فإنّ لبقية الدول الأخرى مشاريعها أيضا، بهدف التشويش على الرأي العام، وتشويه الحقائق. لذلك، أدلت دول عديدة بدلوها، لتضع حدّا لتأثير المؤسسات الإعلامية المتحرّرة من النفوذ الصهيوني ورؤيته المشوّهة للحقائق، بهدف انتزاع جمهورها، وتقزيم حجمها، وإلغاء دورها. ولكن النّتيجة، هي أنّ جميع الطبعات التي جاد بها التخطيط الغربي في هذا المجال، وضمنها طبعا القنوات ذات التمويل العربي التي تسير على هذا النّهج، لم تأخذ من العرب إلاّ لغة هزيلة، في محتوى شاحب بالغ الضّعف، بعيد عن الحقيقة، مقطوع عن ثقافة القوم وحضارتهم، ومن ثمّ اهتماماتهم وأولوياتهم، فولدت هذه القنوات ميّتة، وبقيت رغم الإمكانيات المالية والتقنية الضّخمة التي سخّرت لها، بلا جمهور، وبدون تأثير. لكنّ هؤلاء لم يتحمّلوا أن تظهر إلى الوجود مؤسسات إعلامية جريئة، تفضح مخططاتهم، وتفسد عملهم، فاجتهدوا في محاربتها والكيد لها وعرقلة عملها. إنّها حرب إعلامية شرسة، تستعمل فيها مختلف فنون الحرب، وجميع أنواع الأسلحة، ولكنّها تجري في صمت، بعيدا عن عدسات المصوّرين، وتقارير المراسلين الحربيين. هذه الصّحوة الإعلامية التي نراها تتقدّم إلى عالمنا بثبات وبدون عجلة، إنسانية الهوية، عالمية الانتماء. سرّ نجاحها أنّها لا تستغبي جمهورها، ولا تميّز بين كرامة عربي وأوروبي، وأنّها تساوي بين حقوق العربي والفرنسي والأميركي والتشادي، وبدويّ دارفور، وبصريّ العراق، وبشتونيّ أفغانستان. بذرة هذه الصّحوة الإعلامية مبثوثة في كلّ إنسان سويّ، لذلك نجد عناصرها -رغم قلّتهم- منتشرين في معظم وسائل الإعلام العالمية، وحتّى الإسرائيلية، فضلا عن الأميركية والفرنسية. ولكنّ هذه الأصوات تحتاج إلى وقت ليصلب عودها، ويتنفّس جمهورها بملء رئتيه. الذين يطالبون المسؤولين القطريين بقناة «جزيرة» ناطقة بالفرنسية، رأوا بعض ما توفّر للمتحدّثين بالعربية، فاستعجلوا الدّواء من وباء أصاب نسبة غير بسيطة من وسائل الإعلام التي بين أيديهم. فهل من عيب على مريض الرّبو إذا صاح بأعلى فمه مستنجدا يطلب الدواء، ليملأ رئتيه من هواء نقيّ، ينجيه من تلوّث أهلك الحرث والنّسل، وأشاع في الكون الفساد. (*) صحافي عربي من تونس مقيم في باريس  

الصاعدون إلى الهاوية
 
محمد عبّو سجّل التاريخ قائمة طويلة من المواطنين الذين أبلوا البلاء الحسن في النضال ضدّ الاستبداد من منطلقات فكرية متعدّدة. ولكنّ المتابع يستغرب ابتعاد الأغلبية منهم عن الاهتمام بالشأن العام. فالبعض قد فضّل الهجرة والنسيان والبعض لم يعد له اهتمام بغير حياته الخاصة والبعض قد انكبّ على العمل لبناء مستقبله الخاص ومستقبل أبنائه سواء بطريقة شريفة أو بتوخّي الأساليب التي طالما كان يحاربها زمن النضال. والبعض قد تنكّر جذريا لكلّ ما كان يعلنه من مبادئ ومواقف والتحق بزمرة المدافعين عمّن كان يعارضه ومن هؤلاء من كان فالحا في التهييج والخطاب الحماسي مراعيا بعناية كبيرة للخطوط الحمراء وينسب لهم من يعرفهم بدليل أو بدونه علاقات بالأجهزة. ومنهم من كان لا يراعي في معارضته الخطوط الحمراء التي وضعتها السلطة ولا حتّى تلك التي يفرضها المنطق السليم، و بمجرّد تحوله المفاجئ يعود لتلك الأساليب ليمارسها ضدّ من كان يقف في صفوفهم بالأمس. وهذا الصنف الأخير من النّاس يعدّ انقلابه مكسبا ما بعده مكسب للنظام الذي لا يعنيه الحصول على من ينقل له الأخبار بقدر ما يعنيه مكسب تحطيم المعنويات و إشاعة الشكوك و نشر أنّ فكرة الخيانة متفشّية وأنّها ليست إلاّ مسألة وقت. فلننظر إلى تجربة قناة المستقلة مثلا لقد كانت فضاء للتحدّي و لفضح خطايا النظام وكانت الشوارع تكاد تخلو من المارة ساعة بثها يوم الأحد ومنذ أن عرف القائم عليها فضل التقرب من السلطة و تعذر الاتصال بها من الدّاخل و تحوّلت إلى شأن غير الشأن التونسي حصلت حالة من الإحباط لم ترجعنا إلى نقطة الانطلاق بل إلى أدنى منها بكثير. والمسألة لم تقف مع المستقلّة بل تجاوزتها إلى أشخاص آخرين كنّا ننظر إليهم بإعجاب ما بعده إعجاب وإذا بالإغراءات والضغوطات توقعهم في حبال الخيانة.. خيانة أصدقائهم وخيانة مبادئهم وخيانة وطنهم التي لا تقتصر على الخيانة في معناها القانوني ولا كما يريد البعض على التعاون مع الأجنبي على حساب الوطن وإنّما تتعدّاه إلى خدمة من لا تعنيه حقوق المواطنين ولا كرامتهم ولا دستور البلاد وقوانينها ومستقبلها. إنني أستطيع أن أفهم ما يحصل للبعض : سلطة قويّة تستطيع ان تسجن و تضرب و تهيمن و تتدخّل في الحياة الخاصّة لتدمير العلاقات الأسرية و تغني من تشاء و تجوّع من تشاء. تقابلها معارضة يحصل أن تكون العلاقات داخلها متشنّجة ولا تريد أن تترفّع عن الخلافات الشخصية ولا يخلو سلوك بعض أفرادها من أخطاء – فهم بشر- ولا تريد أن تتوحّد فتصبح قوّة. وبالإضافة إلى ذلك هي لا تستطيع أن تغني المنخرطين فيها و لا أن تحميهم من عسف النظام وفي كلّ الحالات ليس من دورها أن تفيد المنخرطين فيها ماديا ولا أن تضمن لشبّانها مستقبلا أفضل بل إنّها قد تعرض كلّ من يدخلها أو حتى يجرؤ على الاقتراب منها إلى التهلكة. ولكن أليس هذا حال كلّ المجتمعات التي عاشت في ظل الاستبداد. هل كان الذين يقاومون الاستبداد في أوروبا الشرقية يخوضون معركة متكافئة ؟ هل كانوا أغلبية ؟ هل كانوا يواجهون نظاما رقيق المشاعر ؟ هل كانوا أكثر شجاعة وإقداما وقدرة على التضحية ؟ ألم يكتب « فاكلاف هافل » عن حالة الوشاية التي جعلت الصديق لا يأمن صديقه والأخ يحترز من أخيه ؟ ألم يخرج ذلك الوضع مناضلين يضحّون بالغالي والنفيس ؟ ألم يقدّم التونسيون تضحيات لمقاومة الاستعمار ثم لمقاومة الاستبداد المحلي؟ إننّا نقدّم عادة أعذارا لأخطاء البشر، ولكن من الأخطاء ما لا يغتفر. من حق أي كان أن يتعب ويقرر الاستراحة من المعركة والعودة لصفوف الأغلبية الساحقة من المواطنين. ولكن ليس هناك عذر لمن ثبت أنّه قد باع مواقفه بحثا عن خلاص فردي مقابل ثمن يقبضه وثمن سيدفعه جرّاء الإحساس بموت الضمير. والضمير لا يموت سيضلّ يؤلمهم في منامهم سينغّص على بعضهم عيشهم وهم في الخمّارات يطلبون النسيان، وبعضهم سيحرمون من السكينة وهم ينشدونها في صلواتهم. أما النظام فقد جاء الوقت لتغيير إستراتيجيته في مقاومة خصومه. لو خلت البلاد من المطالبين بالتغيير في حدود الدستور والنضال السلمي فإنّ الفراغ سيسدّ بمن سيأتي على الأخضر واليابس. فليتوقّف عن الكيد لخصومه صباحا مساء ويوم الأحد وليشتر الناس بخصاله وليفهم أنّه من علامات الإفلاس أن  لا يجد للدفاع عنه إلا المستفيد من ذلك والطامع في الامتيازات على حساب غيره. (المصدر: مجلة « كلمة » (اليكترونية محجوبة في تونس) بتاريخ 8 جانفي 2009)


حرب غزة.. الرابحون والخاسرون
 
صلاح الجورشي (*)  يمكن القول بأن أحداث غزة قد أسفرت حتى الآن عن ثلاثة خاسرين وثلاثة رابحين على الأقل. ونبدأ بالخاسرين: – أولهم النظام المصري، الذي عجز عن إقناع الرأي العام العربي بما في ذلك قطاعا واسعا من المصريين بأن عليه أن يحترم الاتفاقيات الثنائية التي بينه وبين إسرائيل، وأن مصلحة بلاده تقتضي الالتزام حرفيا بتعهداته الدولية. هذه الحجة، رغم أنها تبدو وجيهة من الجانب الإجرائي والشكلي، إلا أنها سياسيا يصعب الدفاع عنها وتبريرها، وذلك لاعتبارات كثيرة. من بين هذه الاعتبارات أن إسرائيل لم تحترم أي التزام قامت به إذا تعارض ذلك مع مصلحتها. كما أن حجم العدوانية التي تعاملت بها مع عموم سكان غزة قد تجاوز كل الحدود الأخلاقية والأعراف الدولية بما في ذلك اتفاقيات جينيف. لم يكن المطلوب من النظام المصري إعلان الحرب، أو حتى قطع العلاقات مع الدولة العبرية، وإنما كان المطلوب منه القيام بعملية رمزية تتمثل في فتح معبر رفح أمام المساعدات الإنسانية والطبية لشعب يتعرض للتجويع والقتل. وهو أبسط ما تمليه الاعتبارات الإنسانية والعربية والقوانين الدولية. هذا ما يفسر حجم ردود الفعل الغاضبة على الأداء المصري في هذه الأحداث المؤلمة والخطيرة. إن مصر دولة ذات قيمة محورية في المنطقة، وسياستها المتأرجحة والضبابية هي التي سمحت لدول إقليمية كبرى بأن تكتسح بدبلوماسيتها المجال الحيوي العربي. – الخاسر الثاني هي السلطة الوطنية الفلسطينية، التي أوصلت نفسها إلى مأزق حاد. فهذه السلطة، سواء وعت بذلك أو لم تع، لم تكن في مستوى الحرب الدائرة على الشعب الفلسطيني في غزة. لقد بدأ دورها باهتا، وأحيانا لصيقا جدا بالسياسة المصرية، رغم أن الظرف كان مناسبا لكي تستعيد المبادرة من جديد، وتفرض نفسها كممثل وحيد لكل الشعب الفلسطيني ولجميع فصائله. فهذه أول معركة من نوعها تندلع وتنتهي في غياب حركة فتح. إن تردد السلطة، وضعف أدائها، وتأخرها في اتخاذ عديد الإجراءات الرمزية، أفقدها الكثير من وزنها في أوساط الشارع الفلسطيني وعلى الصعيدين العربي والدولي. والمؤكد أنه لو كان عرفات حيا، لكان المشهد مختلف تماما. – الطرف الثالث الذي تضرر نسبيا خلال الأيام الأولى من العدوان هو الرئيس الأميركي أوباما، الذي فاجأته الأحداث وكاد أن يخسر أول وأهم قضية انفجرت قبل فترة وجيزة من بداية توليه الرئاسة، وذلك قبل حتى إن يباشر معالجتها بنفسه. إن سكوته كان غريبا، واختفاءه وراء الرئيس بوش لم يكن عملا حكيما أو مقنعا. وقد عرّض بذلك صورته البراقة -التي بناها طيلة حملته الانتخابية- للاهتزاز والشكوك على الصعيدين العربي والإسلامي على الأقل. لا يوجد أي مبرر سياسي مهما كان حجمه لملازمة الصمت تجاه قتل الأطفال والنساء. وهو ما حاول أن يتداركه في النهاية، عندما أعلن بأنه قلق من قتل المدنيين، وأنه ملتزم بما أعلنه خلال حملته الانتخابية فيما ما يتعلق بتحقيق السلام في فلسطين. فهذه القضية بالذات، إلى جانب العراق، هي التي ستميز سياسته وتجعلها مختلفة عن سياسة بوش الذي حافظ على استهتاره بكل الأخلاق السياسية إلى آخر لحظة من رئاسته. أما الرابحون من هذه المعركة فهم ثلاثة أيضا على الأقل: – أولهم حركة حماس، التي اتخذت قرارا خطيرا فيما يتعلق بالهدنة، إلا أنها لو تمكنت من أن تصمد مع بقية فصائل المقاومة أسبوعا آخر، دون أن ينكسر ظهرها أو تمنى بخسائر ثقيلة، فإنها بالتأكيد ستفرض نفسها كطرف سياسي رئيس في المعادلات الفلسطينية، يصعب بعد ذلك شطبه أو تجاوزه في المرحلة القادمة. وهذا الأمر من شأنه أن يضع عليها الكثير من المسؤولية ويدفعها إلى مراجعة بعض الأخطاء الكبرى التي تورطت فيها خلال السنوات الثلاث الأخيرة. كما أن انتصارها سيزيد من تعقيد الساحة الفلسطينية والإقليمية، ويجعل المشهد العسكري والسياسي مختلف عما كان عليه، خاصة إذا استحضرنا النتائج التي أسفرت عنها حرب تموز لصيف 2006 مع حزب الله. لهذا صدق من اعتبر أن معركة غزة قد تكون لها تداعيات استراتيجية ليست هينة، إذا وجدت من يحسن استثمارها في هذا الاتجاه أو ذاك. – ثاني الرابحين في هذه المعركة هي تركيا بكل تأكيد، وتحديدا «حزب العدالة والتنمية» الذي نجحت قيادته في خطف الأضواء، وأحسنت الاستماع لنداءات الشارع العربي والتركي والعالمي. وتمكنت من حشر إسرائيل في الزاوية بتحميلها مسؤولية ما حدث. وبدا أردوغان مطمئنا وهو يدافع عن حركة حماس بعد أن أدانتها أطراف عربية رسمية عديدة. كما أنه بدا جريئا وهو يعبر عن اعتزازه بأجداده في الدولة العثمانية، الذين وفروا الحماية لليهود من اضطهاد الأوروبيين. إنها لحظة تاريخية ونوعية في السياسة التركية المعاصرة. – الرابح الثالث من هذه المجزرة المستمرة التي تتم على الهواء مباشرة هو تنظيم القاعدة. فكل ما يجري يصب في صالحه، ويخدم استراتيجيته. إن الحقد الأعمى الذي يدير به الإسرائيليون حربهم على سكان غزة، وعجز الأنظمة العربية حتى عن صياغة بيان إدانة باهت في قمة عربية شكلية، والغليان الذي أصاب الملايين من العرب والمسلمين، ألا يشكل كل ذلك مناخا ملائما يساعد تنظيم القاعدة على استقطاب مغامرين جدد، لا يقل اندفاعهم عمن سبقوهم في هذه الطريق؟! أليس الإحباط الجماعي يفتح المجال واسعا أمام كل أشكال العنف؟ هكذا تبدو النتائج الأولية لهذه الحرب غير المتكافئة، لكن الحصيلة مرشحة لإضافة رابحين وخاسرين جددا. (*) كاتب من تونس (المصدر: صحيفة « العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 12 جانفي 2009)

 
 


 فلتخرس أيها العالم الجبان
 
بقلم :النفطي حولة –بتاريخ 12جانفي 2009- ناشط نقابي وحقوقي                                     حرب مسعورة من جانب واحد تدور رحاها على اهلنا في غزة الأبية ولا من مناد ولا من مغيث  غير اصحاب اتلشعوب المقهورلاة على أمرها . حرب مجنونة اتت على الأخضر واليابس في مشاهد غير مسبوقة يتشظى بها الأطفال والنساء والشيوخ  ولا من سامع لنداء الرضع والمرضى والحوامل والثكالى والمكلومين . حرب نازيه بأيادي العصابات الصهيونية الارهابية المجرمة في حق أهلنا في غزة الصامدة  والعالم من حولنا يتفرج بدم بارد غير مبال بمايلحق شعبنا من دمار وسحق لأبسط عناوين الحياة .حرب تطهير عرقية ترتكبها العصابات الصهيونية في غزة والعالم من حولنا أخرس وكأن الموتى والجرحى حشرات أو بعوض لايستحقون الحياة  ولا حتى الموت الرحيمة . نار تشتعل على أكثر من صعيد  برا وجوا وبحرا فلا تهدأ واحدة حتى تستعر أخرى أشد فتكا بالأهالي والمتساكنين المدنيين العزل.            حرب عنصرية حاقدة بكل المقاييس العسكرية والقانونية والأخلاقية و الانسانية  على شعبنا الفلسطيني في غزة الذي يتعرض الى التصفية العرقية  والعالم الذي يزعم أنه حر لا زال لم يصح من سباته . فلم يوقذه هدير الطائرات الأف16 التي لم تغادر أجواء غزة ولا أصوات آلاف الأطنان من القنابل المتفجرة ولا دوي الانفجارات  ولا الغارات التي بدأت و لم تنته. فهذا العالم الجبان الذي يدعي زورا وبهتانا أنه متحضر ومتقدم  لم يوقذه بكاء الأطفال وهم صرعى مرعوبون تحت أزيز الرصاص المنبعث من كل مكان ولا صرخات النسوة وهم يساقون الى المشافي في منظر مروع  ولا أوجاع الشيوخ وهم يستغيثون  طلبا للنجاة  والهروب من جحيم النار الملتهبة . فهذا العالم الجبان الذي طالما تشدق بحقوق الطفل و المرأة  وحقوق الانسان بشكل عام هاهو يشهد مرة أخرى ضد أمتنا العربية شهادة الزور والنفاق فيمضي قدما بكل وقاحته الاستعمارية المعهودة لمساندة العدو معتبرا أن ماتقوم به العصابات الصهيونية انما هو دفاع عن النفس .فلنسأل هذا العالم الجبان : ايهما أجدر بالدفاع الشرعي عن نفسه هل هو الشعب العربي في فلسطين الذي يقبع تحت نير الاحتلال والاستيطان الصهيوني  أم العصابات الصهيونية الارهابية التي أتى بها الاستعمار الغربي من وراء البحار لتغتصب أرض فلسطين العربية ؟ ايهما أحق بالدفاع الشرعي عن النفس هل من يقوم بالعدوان والحصار الجائر على شعبنا ويخوض الحروب التدميرية من أجل قضم المزيد من الأرض ليبني عليها مستوطناته أم من يخوض حرب تحرير وطنية ليستعيد أرضه التاريخية من النهر الى النهرومن الجنوب الى الجنوب ويبني فوقها دولته المستقلة ذات السيادة الكاملة ؟  هل من يملك الحق التاريخي في أرضه يصبح المعتدي في شريعة الغاب لهذا العالم الجبان ؟ هل من يستعمل أسلحة تقليدية الصنع وصواريخ معدة محليا لمقاومة الاحتلال يتساوى مع المحتل الغاصب والذي يستعمل أكثر الأسلحة فتكا ودمارا من الطائرات الحديثة الصنع الى الصواريخ الموجهة الكترونيا والحاملة لشتى أنواع القنابل بما فيها المحرم دوليا كالفوسفورية والعنقودية وغيرها ؟ وباختصار هل يستوي الجلاد والضحية ؟ فلتخرس أيها العالم الجبان .انك تكيل بعدة مكاييل  . فدم أطفالنا ونساؤنا وشيوخنا هو الذي سيصحي ضمير شعوب العالم لأن الجريمة أصبحت واضحة والعدو لم يعد باستطاعته أن يخفي جرائمه باسم الدفاع عن النفس طورا  وباسم ما يسميه محاربة الارهاب طورا آخر .فلتخرسوا ياقادة العالم  الحر  ولتصمتوا الى الأبد . فلتتركوا شعوبكم تحاكم العصابات الصهيونية الارهابية  على كل ما اقترفته وتقترفه من مجازر وحشية يندى لها جبين الانسانية جمعاء وستظل هذه الجرائم وصمة عارعليكم يا حكام العالم الحر يا من تسمون أنفسكم باطلا حماة الديمقراطية وحقوق الانسان . فستظل جرائم العدو تلاحقكم يامن تسمون أنفسكم سادة العالم  حتى يأتي اليوم الذي تحاكمون فيه على تواطئكم المكشوف . فلتخرسوا يا قادة العالم الحر أيها الجبناء والى الأبد . انكم انتم من علمتم العدو الصهيوني كيف يقترف جرائمه  وانتم ترقصوزن معه على دماء الأبرياء . فلتخرسوا أيها القادة الجبناء  .انكم تختبؤون وراء منظمات دولية صنعتموها على القياس . لكن ايماننا لن يتزعزع في شعوبكم التواقة للحرية التي لن تدخر جهدا في سبيل نصرة قضايا التحرر والحرية والحق والعدل والمساواة وعلى رأسها قضية تحرير فلسطين . فهاهي المنظمات المستقلة في قلب واشنطن وباريس ولندن تبدأ بكشف الجريمة النكراء التي يرتكبها العدو الصهيوني في مجزرة غزة الأبية . فهاهم أحرار العالم من الشعوب يهبون بالملايين لنصرة غزة وفلسطين .فهاهم  شعوب العالم ينادون بمحاكمة قادة العدو الصهيوني الارهابيين  ويعدون لمن تحالف معهم من قادة العالم أجمعين .فلننادي بصوت عال في كل انحاء العالم كشعوب مستضعفة : أوقفوا العدوان على غزة الأبية . أوقفوا المجزرة على غزة الحرة . ولتخرج قواة الاحتلال من غزة الصمود والعزة . ولنعمل على محاكمة مجرمي الحرب من الصهاينة والأمريكان  وكل من اشترك معهم في العدوان . ولتخرس أيها العالم الجبان .              فلتخرس أيها العالم الجبان   ….  يامن كنت شريكا في العدوان فسيحاكمك الأطفال والرجال والشيوخ والنسوان اليوم وغدا وفي كل حين وأوان لأنهم يرفضون حياة الذل والهوان يرفضون الخضوع للعدو الأخرس الجبان فشعب فلسطين الأبي لن يهان مهما صبت عليه من قنابل وصواريخ ونيران وغزة ستظل عصية تقاوم الاستعمار والاسيتيطان فلتخرس أيها العالم الجبان

نشر حركة القوميين العرب عندما تخجل العروبة من قادتها..!
 
                           بقلم : صلاح عودة الله- انه زمن القحط والهوان..زمن الردة والخيانة..غزة تنزف وتحترق على مراى ومسمع من يسمون مجازا »الزعماء العرب »..هؤلاء الزعماء فشلوا في عقد مؤتمر يدينون فيه المجزرة بل المحرقة الصهيونية المرتكبة بحق ابناء شعبنا الفلسطيني في غزة هاشم, فلجأوا الى مجلس الأمن الذي لم يصدر قرارا بوقف الهجوم الهمجي والوحشي الصهيوني على غزة..فهل كانوا يتوقعون ان يقوم هذا المجلس المعروف بانحيازه للصهاينة بادانة المجزرة ووقفها وعقاب مرتكبيها؟.    انهم بتوجههم هذا الى مجلس الأمن يريدون ان يقولون لنا لقد فعلنا ما بامكاننا فعله, او كما يقال »رفعة عتب »..لماذا تذهب الأنظمة العربية بشقيها المعتدل وغير المعتدل إلى هذا المجلس  لإيقاف الة الحرب الصهيونية الهمجية عن قتل أهلنا في قطاع غزة؟ وهم يعرفون تمام المعرفة أن هذا المجلس لن يفعل شيئا ولن يغير من واقع الأمر شيئا ، وهم يعرفون أيضا أن التعامل مع هؤلاء الصهاينة الجبابرة لا يكون إلا بالحديد والنار والمقاومة, وسينهزمون شر هزيمة كما وقع لهم في صيف  عام 2006 أمام المقاومة اللبنانية الباسلة الشريفة التي بالمناسبة مازال هناك من ينعتها بالصبيانية والخيانة وبيع القضية لإيران وأطراف خارجية أخرى لا يعلمها إلا هم فقط.  اننا لا نطالب زعيم اكبر دولة عربية والتي كانت تسمى في يوم من الأيام »مصر العروبة » أن يقوم بارسال دباباته وطائراته لمحاربة الكيان الصهيوني وان كان هذا المطلب مفهوما وبديهيا..كل ما نطالبه به هو فتح المعابر ووقف التطبيع مع الكيان الصهيوني وقطع العلاقات الدبلوماسية معه وهذا اضعف الايمان.                                                                        لقد أصبح الصهاينة في أوج قوتهم وجبروتهم بفعل صمت الأنظمة العربية الرجعية وخنوعها وضعفها وهوانها أمام أفعال إجرامية تقترفها الأيدي الصهيونية..والسؤال الذي يطرح نفسه,هل يعقل أن يكون موقف هذه الأنظمة بهذا السوء في حقنا وفي حقهم وفي حق شعوبهم ؟.        ترتكب هذه المجازر أمام صمت عربي رسمي لا مبرر له, بل انه صمت العار والهوان..وانه لمن المؤسف والمخزي ان معظم من يتحركون لوقف المجازر الوحشية في حق اشقائنا واهلنا في قطاع غزة هم من غير العرب، وكأن هذه الأمة غير موجودة على خريطة الفعل، لا بل الخريطة الانسانية، وكأن هذه المجازر الوحشية، لا تعني القادة العرب ولا تحرك شعرة كرامة في رؤوسهم..فأين الكرامة والمروءة يا زعماء الأمة؟..وصدق الشاعر الفلسطيني »ابو سلمى » حينما قال: »مررت على المروءة وهي تبكي**فقلت علام تنتحب الفتاة..فقالت كيف لا ابكي واهلي**جميعا دون خلق الله ماتوا ».                                                                                قل كلمة حق أو اسكت..وصف رئيس المجلس الأعلى للقضاء في السعودية الشيخ صالح اللحيدان المظاهرات التي تقوم بها الجماهير في العديد من الدول العربية؛ تنديدا بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، بـ »الفساد في الأرض »، مبررا رؤيته بأن المظاهرات « تصد عن ذكر الله، حتى وإن لم يحصل فيها تخريب », ووصف تعبير الجماهير عن مواقفها عبر التظاهر بأنه « استنكار غوغائي، إذ إن علماء النفس وصفوا جمهور المظاهرات بمن لا عقل له ». وطالب في ضوء هذه الفتوى بعض المفكرين الليبراليين السعوديين مثل الدكتور تركي الحمد بإقالة الشيخ اللحيدان من منصبه. والأنكى من ذلك كله أن السلطات السعودية قامت باعتقال بعض الناشطين الذين حاولوا تنظيم مظاهرات احتجاجية على العدوان الصهيوني على غزة.   والى هذا الشيخ نقول, منذ متى أصبحت عالما نفسيا؟..انك من شيوخ السلاطين وتنطق باسمهم..هل يعقل أن تقوم بادانة المظاهرات في الوقت الذي تودع غزة العزة شهدائها الواحد تلو الاخر, وفي الوقت الذي يطالب فيه « ايشاي » زعيم حزب شاس الصهيوني الديني بسحق غزة عن الوجود ومحوها بمن فيها عن الخارطة؟..كفانا مهاترات وفتاوي صبيانية تدل على عقلية مطلقيها.                                                     ما يحدث في قطاع غزة يستدعي ليس فقط من الشيخ اللحيدان، لا بل ومن كل رجال الدين، ان يقولوا كلمة حق في هذا الذي يجري ضد ابناء الشعب الفلسطيني في القطاع وبقية الاراضي الفلسطينية المحتلة من قتل ممنهج ومجازر بشعة تقشعر لها الأبدان على مرآى ومسمع من عالم اصبح لا يسمع ولا يرى ومن امة ادمنت المهانة والذل وارتضت ان تكون على هامش الامم.   ما يحدث في الاراضي الفلسطينية يستدعي من الشيخ اللحيدان ان يدعوا جماهير الامة الى النفير وليس فقط الى التظاهر لان ما يجري لا يمكن « لكافر » ان يقبل به فما بالك « بمسلم ». كنا نأمل بأن الشيخ وغيره من شيوخ الأمة سوف يصدرون فتاوى تحرض من خلالها على القتال وعلى التبرع بالغالي والنفيس من اجل اسناد الاطفال والنساء والشيوخ الذين نشاهد على الشاشات والذين لا يجدون دواء او غذاء كافيا، لا بل ضاقت بهم مشافي القطاع بحيث صار يلقى بهم على ارضيات تلك المشافي لأن لا متسع لهم.                                         ان تصدرهذه الفتاوى بهذا الشكل المريب وفي الوقت الذي تتعرض فيه الأمة الى المؤامرات من كل حدب وصوب لا يمكن ان تكون الا من اجل خدمة اجندة الاستسلام والخنوع والتبعية في وقت تحتاج الأمة الى فتاوى تساعد على نهوضها لا الى مزيد من الذل والمهانة، وفي اضعف الايمان ان لم يجد هؤلاء ما يقال لصالح الأمة فمن الافضل ان يلوذوا بالصمت.                                                    في ظل هذه المواقف السياسية والدينية العربية والاسلامية نرى أن من يقوم بالفاع وبشراسة عن أهلنا في غزة هاشم هم من غير العرب..فعلا انه زمن القحط والهوان. في أقوى موقف دولي حتى الآن احتجاجا على العدوان العسكري الذي يشنه الصهاينة على أهالي قطاع غزة، قررت الحكومة الفنزويلية بأمر من الرئيس هوغو تشافيز طرد السفير « الإسرائيلي » من اراضيها. وقال الرئيس تشافيز »إذا كان للعالم أي ضمير، فيجب أن يقف الرئيس الإسرائيلي مدانا بجانب الرئيس الأمريكي أمام محكمة دولية بتهمة ارتكابهم حرب الابادة الجماعية بحق الشعوب ». واضاف قائلا: »على يهود فنزويلا أن يدينوا هذه البربرية، فاليهود يرفضون كل أشكال الاضطهاد ويرفضون الهولوكوست..فما هذا الذي نراه يحدث في غزة؟.                         لطالما كان الرئيس تشافيز معترضاً على سياسة الصهاينة وكان دائم الوقوف بجانب الفلسطينيين في هذه القضية إلى حد يجعله يتخذ الموقف الأوقى عالميا بعد كل انتهاك يرتكبه الصهاينة بحق المواثيق الدولية وحقوق الإنسان. فبينما اكتفت دول عربية باستجواب السفير الإسرائيلي لديها أو سحب سفيرها من إسرائيل كحد أقصى كما فعلت موريتانيا، إلا أن الرئيس تشافيز أظهر تضامنا أوسع ووعيا أعمق وثقة أكبر في رده على هذا العدوان الهمجي. وليست هذه هي المرة الاولى، فقد قطع الرئيس تشافيز علاقاته الدبلوماسية مع الصهاينة أيضاً إبان عدوانهم الأخيرعلى لبنان.وقد وصف تشافيزالكيان الصهيوني بأنه »حكومة ابادة »..ومن جانبه قال وزير العدل الفنزويلي إن »ثورتنا هي أيضاً ثورة تحرير فلسطين ».                                                        ان هذا القرارالفنزويلي الجريء يأتي في ظل حالة من التخاذل العربي المخجل والمخزي وعلى الأخص من قبل الدولة العربية الكبرى مصر ورئيسها المتخاذل الجبان مبارك والذي يرفض حتى فتح معبر رفح أمام الأغذية والأدوية والأطباء الذين يرغبون بالدخول لإغاثة الأهالي المنكوبين هناك..كل ما يعني هذا الشخص هو توريث ابنه ليخلفه في سدة الحكم..فالويل كل الويل لأمة سيصبح قائدها جمال مبارك.                                                                            وأما المفارقة الثانية,فهي موقف رجب أردوغان رئيس الوزراء التركي والتي تسعى بلاده وتناضل من أجل الدخول في السوق الأوروبية المشتركة..فقد أبدى هذا الرجل الشجاع استنكاره الشديد للمجازر التي تقوم بها القوات الصهيونية في قطاع غزة، متسائلاً عن مبررات « هذه الوحشية » التي يتعامل بها المسئولين الصهاينة.وقد أوضح أن أهداف العدوان الصهيوني على غزة هي مجرد « تسجيل مكاسب انتخابية » في الانتخابات الصهيونية التي من المقرر أن تجري في الشهر المقبل، مؤكدًا أن المجازر التي يرتكبها الجيش الصهيوني في غزة ستبقى « نقطة سوداء في تاريخ الإنسانية ».وأضاف قائلا: »إن المذابح ضد الفلسطينيين تفتح جروحا يصعب شفاؤها في ضمير الإنسانية ».                                                                                                ووسط هتافات وشعارات مئات الألوف من الأتراك والتي قامت بالتنديد بالعدوان الصهيوني على غزة تقول « الموت لإسرائيل », ألقى أردوغان خطابا جماهيريا انتقد فيه العدوان الإسرائيلي، والصمت الدولي إزاء المأساة البشعة التي يتعرض لها أهل غزة..ودعا أردوغان الشعب ألا ينسى أن دولة الظلم ساعة، ثم تنقضي.. وأن إسرائيل باستخدامها الغاشم للقوة قد نقشت اسمها في سجل الجناة على البشرية..وأنها قد حكمت بذلك على نفسها بمصير متأزم. وذكر الجماهير المحتشدة بأنهم قد يجدوا من يقف بجانب إسرائيل ويناصرها، غير أن هناك حقيقة يجب ألا تخفى عنهم وهي أن الحق لا يضيع أبدًا، وأن صاحب الحق سيصل إلى حقه..فلن تذهب دماء الأطفال المسفوحة هدرًا، ولن تضيع آهات الأمهات والثكالى والفتيات والعجائز هباءً. قال الزعيم الالماني هتلر في كتابه « كفاحي »: « كان بإمكاني ان اقضي على كل اليهود في العالم..ولكني ابقيت على بعضهم لتعرفوا لماذا كنت ابيدهم »..فهل يدرك ويفهم الزعماء العرب حقيقة ما قصده هتلر؟.                                                                                تحية اجلال واكبار الى تشافيز وأردوغان الذين نتمنى لو أنهم كانوا عربا..الخزي والعار الى زعماء المهانة والذل..والمجد والخلود لشهداء غزة العزة والكرامة..وأذكر القادة العرب بالمقولة »أكلت يوم أكل الثور الأبيض »..بل أكلنا يوم أكلت غزة. مع التقدير لما أتى في المقالة فهي لا تعبر بالضرورة عن رأي حركة القوميين العرب 12 /1/2009 حركة القوميين العرب

نشر حركة القوميين العرب تل ابيب ومطاردة الاعلام: هل انقلب السحر على الساحر؟!
 
بقلم :معن بشور شكّل الاعلام دائماً ركيزة هامة من ركائز « استراتيجية الحروب الاستباقية » التي اعتمدتها جماعة المحافظين الجدد في واشنطن وحلفاؤهم في تل ابيب انطلاقاً من قناعة هؤلاء أن الحرب تحسم اعلامياً قبل أن تحسم ميدانياً، ولقد بالغ مهندسو الحرب الأمريكية على العراق في الاعتماد على هذا الامر الى درجة أن البنتاغون قد قرر عشية الحرب على العراق تشكيل دائرة خاصة اسماها « دائرة التضليل الاعلامي » ليعود فيغير الاسم، بعد ضجة كبيرة اثارها، ليصبح لها اسم آخر اقل اثارة، وفي الحالتين رصدت ميزانية ضخمة لعمل هذا الجهاز. ولقد اعتمدت هذه الاستراتيجية الاعلامية، وتوأمها نظرية « الصدمة والرعب »، على مراحل ثلاث قبل شن الحرب اولها قصف اعلامي يستهدف التركيز على اسباب للحرب، غالباً ما تكون مختلقة وكاذبة كما اتضح بعد الحرب على العراق، كما على شيطنة « العدو » المنوي محاربته، وثانيها العمل بمختلف الوسائل على زعزعة الجبهة الداخلية سواء بتضخيم الثغرات لدى الجهة المستهدفة أو بإثارة كل انواع العصبيات المتناحرة الموجودة وبشتى الاساليب، وصولاً الى اعطاء الحرب رسالة اخلاقية وانسانية وديمقراطية تجعل من الشاهد أو المستمع  أو القارئ  تواقاً الى وقوع الحرب، لكي تنقله من « جحيم الاستبداد » الى « نعيم الحرية »، ومن « جحيم » العوز والحاجة الى « نعيم » الرخاء والرفاه، ومن « جحيم » الكابوس العربي والاسلامي الى « نعيم » الحلم الامريكي. اما بعد اندلاع الحرب، فتعتمد هذه الاستراتيجية على احلال الصورة مكان الحقيقة، باعتبار أن ما يتركه الاعلام في ذهن المواطن من انطباعات يبقى اهم من الحقيقة الحقيقية التي قد تحتاج الى وقت لاكتشافها، ولخدمة هذا الهدف لا بد من صحفيين يمتطون الدبابات الأمريكية مع طواقمها ويعيشون مع جنودها، ولا يعرفون من الاخبار الا ما توصله القيادة العسكرية لهم ولا ينشرون منها إلا ما تسمح به هذه القيادة، فينتقل الخبر أو الصورة من الدبابة أو غرفة العمليات الى العالم بأسره عبر شاشة متعطشة لأي خبر، اما الصحفيون الذين لا ينضوون تحت لواء الحملة فيصبحون بالمقابل ضحايا للانتقام والقتل مثلهم مثل ابناء الشعب المستهدف بهذه الحرب. وهكذا رأينا بغداد « تسقط » بيد الاحتلال، فيما لم تصل دبابات المحتل ومدرعاته إلاّ الى ساحة الفردوس، ورأينا تمثال الرئيس صدام حسين يسقط في تلك الساحة على يد جماعة تم استئجارها على يد شركة علاقات عامة، كما اتضح لاحقاَ، وسمعنا أيضاً أن هذا الرئيس نفسه قد امتطى مع عائلته واركان حكمه طائرة روسية ضخمة حطت بشكل « مفاجئ » في مطار بغداد، لنكتشف بعد ايام انه كان ما زال في حي الاعظمية في بغداد لحظة اسقاط تمثاله، وانه بدأ يتنقل بين المدن والبوادي العراقية فيما كان الجميع يتوقعون ظهوره في موسكو. لقد كانت « الصدمة والرعب » هو مفتاح العملية العسكرية، وكان « التضليل والكذب » مفتاح العملية الاعلامية. ولست ادري من علّم الآخر هذه الاستراتيجية، أهم الحاكمون في تل ابيب، وقد اتقنوها منذ حرب 1948، أم حلفاؤهم الذين تسللوا الى حكم الولايات المتحدة وفي يدهم « استراتيجية القرن 21: القرن الامريكي »، لكن المؤكد ان تل ابيب كانت تستخدم الاعلام بشدة وذكاء في كل حروبها، بل أن فرقها الاعلامية كانت تتقدم احياناً فرقها العسكرية لكي تنقل انباء سقوط منطقة قبل سقوطها الفعلي، واستسلام قوة قبل أن تستسلم بالفعل فيما سمي « بالحرب النفسية » التي كان الصهاينة يتقنونها. لكن الأمر في الحرب الصهيونية على غزة كان مختلفاً تماماً، فلم يسمح لاعلامي، اياً كانت جنسيته، أن يتحرك في مناطق العمليات ابداً، ولم تخرج الى العالم صور « توغل » المدرعات الصهيونية الا بعد حين، ولم توزع صور المواقع المقصوفة جواً، والتي تلتقطها عادة الطائرات فورياً الا بعد دراستها بدقة، لا بل أن الهواتف المحمولة قد سحبت من الضباط والجنود على حد سواء كي لا يتسرب منهم خبر الى اهلهم يسيء الى معنويات « الجبهة الداخلية » كما يسمونها في المطبخ الحربي في اسرائيل. واذا كان البعض قد عزا التعتيم الإسرائيلي هذا الى توصيات لجنة فينوغراد (بعد الحرب الاسرائيلية الفاشلة في لبنان عام 2006) التي اعتبرت أن الاعلام قد لعب دوراً كبيراً في ارباك الروح المعنوية للجنود، وان الاتصال بالاهل قد أثار حفيظة هؤلاء فبدأوا يتظاهرون لانهاء القتال، فان البعض الاخر قد اعتبر أن مرد هذا التعتيم هو سيطرة « الروح الانتخابية » على اهل الحرب في تل ابيب، فهم كانوا يدركون محدودية التقدم الذي ستحرزه قواتهم في غزة لكنهم يريدون الايحاء للناخب الإسرائيلي أن حربهم تسير وفق المخطط المرسوم لها. وحين بدأت المرحلة الثانية من الحرب، كما يقول اركان الصهاينة، أي المرحلة البرية، وبات الجيش الإسرائيلي على مرمى نيران المقاومين المتحصنين من اهلهم في المدن والمخيمات، وبدأ الاعلاميون في غزة ينقلون للعالم المشهد الحقيقي: عجز صهيوني عن التقدم الى داخل المناطق الآهلة، جنود صهاينة يسقطون قتلى امام الكاميرا بفعل عمليات المقاومة، كان لا يد من الانتقال الى المرحلة الثانية من الحرب الاعلامية ايضاً، فكان في استهداف مصور التلفزيون الجزائري باسل فرج بالقتل أولاً، ثم استهداف منزل الصحفي علاء مرتضى في حي الزيتون مما ادى الى استشهاده ايضاً، ثم اعتقال مراسل تلفزيون العالم خضر شاهين وزميله، ثم قصف « برج الجوهرة » الذي يضم مكاتب 22 وسيلة اعلامية منها المرئي والمسموع والمكتوب. اذن لا بد من التعتيم الاعلامي في الخندق الأخر من الحرب ايضاً، خصوصاً أن صور المجازر الجماعية البشعة، وصور الاطفال الشهداء والاطفال الاحياء على صدور امهاتهم الشهيدات، قد بدأ يهز الضمير الانساني ايضاً. وهكذا في 15 يوما فقط، فقد الجيش الإسرائيلي ركيزتين رئيسيتين من ركائز « الاستراتيجية الحربية » التي علمها لحلفائه في واشنطن، فلا « الصدمة والرعب » ادت الى صدم اهل غزة عموماً والمقاومين خصوصاً، ولا بالطبع الى رعبهم وهم الذين يخرجون بالعشرات من تحت الارض لتفجير عبوة أو اطلاق صاروخ أو قنص جندي صهيوني يظن انه في مأمن، ولا « التضليل الاعلامي » نجح في تغيير الوقائع على الارض، ناهيك عن الفشل في تبرير الحرب ذاتها، وبدأت العملية العسكرية برمتها تتهاوى في اهدافها، في مسارها، وخصوصاً بعد أن اثارت الخلافات داخل القيادة السياسية، وبينها وبين القيادة العسكرية. كان لا بد اذن من اللجوء الى الانتقام والى حصد اكبر عدد ممكن من الشهداء والجرحى، بين الاطفال والنساء، فلعل هذا الشلال المتدفق من الدم يضغط على قرار حماس وفصائل المقاومة فيحققون للعدو وحلفائه بالسياسة ما عجز هذا العدو عن تحقيقه بالحرب. وكانت ذروة المأزق في استصدار قرار دولي لا يحمل أي موعد أو آلية لتنفيذ وقف النار فيه، بل تحوّل الى مجرد « بيان رئاسي » بصيغة قرار دولي يحتاج تفسير كل بند من بنوده الى معركة جديدة حتى لا نقول »محرقة جديدة » من النوع الذي وعدنا به قبل اشهر نائب وزير الدفاع الإسرائيلي. وبدا واضحاً أن لصدور القرار 1860 على النحو الذي صدر به ثلاثة اهداف رئيسية اولها اعطاء جيش الحرب الصهيوني مزيداً من الوقت ليرتكب المزيد من القتل وليشبع المزيد من شهوة الانتقام من شعب قهره على مدى اربعين عاماً، وثانيها لاشعال الانقسام الفلسطيني من جديد حول الشرعية والتمثيل خصوصاً أن القرار نفسه صدر يوم انتهاء ولاية الرئيس الفلسطيني القانونية مما يفسح المجال لمزيد من الجدل والخلاف والصراع بين القوى الفلسطينية، وثالثها أن يخفف القرار قليلاً من اللوم عن ادارة بوش الراحلة مع امتناعها للمرة الاولى عن استخدام الفيتو ضد قرار دولي يخص الكيان الصهيوني، وان يخفف كثيراً عن ادارة اوباما القادمة التي لا تخفي اوساطها أن عند الرئيس الجديد الصامت حتى الآن، كابي الهول، « كلاماً كثيراً » يقوله حول حرب غزة. كان « الاعلام » صديقاً وفياً في الماضي لاهل الحرب في تل ابيب وواشنطن، وبات اليوم عدواً لدوداً محرجاً، فماذا تغيّر… أهو الاعلام نفسه ام انه الوهن الذي بدأ يتسلل الى البنيان الصهيوني نفسه والذي يأبى اصحاب هذا البنيان الاقرار به حتى الان. بل هل انقلب السحر على الساحر؟! مع التقدير لما أتى في المقالة فهي لا تعبر بالضرورة عن رأي حركة القوميين العرب 12 /1/2009 حركة القوميين العرب
 

 تقرير لشاهد من غزة.. أسبوعان تحت النار
 
نضال المغربي يعمل مراسلا لرويترز في غزة موطنه منذ 13 عاما. وفي التقرير التالي وعنوانه « أسبوعان تحت النار في غزة » يصف كيف يعمل وكيف تعيش اسرته خلال الهجوم الاسرائيلي على القطاع. وهو متزوج وله طفلة وطفل . غزة (رويترز) – – تتعالى الأصوات وتغطى على الجهاز اللاسلكي الذي يتحلق حوله طاقم رويترز في غزة ويستخدمونه للحصول على أحدث المعلومات. ويشكو بعض الناس من عدم وجود « صحفيين غربيين » في الداخل لكن كلنا يعمل هنا في رويترز. بعد أكثر من اسبوعين كاملين من القصف كلنا قلقون على أسرنا لكننا نعمل ونعمل على كتابة التقارير. ونأمل ان يتوقف كل هذا. قال زميل لي يعمل في شمال غزة « لقد قصفوا سيارة في بيت لاهيا ». وقال اخر في أكبر مستشفى في غزة « ثلاثة قتلى وصولوا الى مستشفى الشفاء. » ويقول ثالث في جنوب قطاع غزة قرب حدود مصر « أصيب عدد من الناس حين قصفت الطائرات الاسرائيلية الانفاق. » سجلت كل هذه الاتصالات الهاتفية في مكتبنا حيث وضعت الاشرطة اللاصقة على كل النوافذ لتقليص المخاطر من الزجاج المتطاير في حالة تحطمه اذا كانت الضربة قريبة. ورغم ذلك نسفت النافذة الكبرى في الصالة. لدينا آلة تصوير مثبتة على مبنانا المرتفع لكن المصورين يتفادون اخراج الكاميرات من النوافذ حتى لا يعتقد خطأ انها أسلحة. فهذا السبب سيق من قبل كمبرر لتقصف دبابة امريكية مكتبنا في بغداد عام 2003 مما ادى الى مقتل واصابة زملاء لنا وسيق أيضا كمبرر لتقتل دبابة اسرائيلية زميلنا هنا فضل شناعة قبل تسعة أشهر. يمكن لالة التصوير المثبتة ان تظهر البحر المتوسط على بعد بضع بنايات الى الغرب او تتجه الوجهة الاخرى حيث تقترب القوات البرية الاسرائيلية وقد لا يفصلنا عنها سوى كيلومتر واحد. من قبل في الليل كانت تظهر الأضواء المتلألئة وحركة السيارات في الشوارع. لكن الآن خلت الشوارع ولا ترى الا القليل من الاضواء الكهربائية ولا يتحرك الكثير بعد حلول الظلام هذه الايام. وقررنا لدواعي الامن عدم البقاء في المكتب ليلا. نعود لنرعى أسرنا ونظل على اتصال بالعمل هاتفيا. نصل جميعا الى المكتب نحو الساعة التاسعة. نحو عشرة افراد بالاضافة الى نحو 12 فردا اخرين يعملون في مناطق اخرى من القطاع. لدى وصولنا تكون الضربات عادة قد بدأت قبل بضع ساعات. نتصل بالقدس حيث يقوم زملاء لنا بتحديث تقاريرنا على مدار الساعة. ويستمر هذا التحديث على مدار اليوم. انا عادة لا أجد الوقت لكتابة التقارير المطولة بنفسي. فالاحداث تتحرك بسرعة. داخل غزة نلجأ للرسائل النصية على الهواتف المحمولة للاتصال. وعلينا ان نتابع التلفزيون المحلي والمحطات الاذاعية لانها تكون عادة اول من يذيع التطورات التي نلاحقها للتأكد من صحتها. وهذا التحقق ضروري.. لان اي حرب يحدث فيها تشوش ودعاية ولذلك التحقق ضروري ليعرف القاريء على الاقل ان مصادر معلوماتنا امنة. كل يوم تكتب لي ولاسرتي ولفريقي حياة جديدة. فلم ينج تقريبا مكان في غزة من الغارات الجوية. وضرب وسط مدينة غزة عدة مرات. بعض المناطق ضربت لا لاكثر من وجود شرطي من حركة المقاومة الاسلامية (حماس) يسير على مقربة او رصد القوات الاسرائيلية لبعض النشطين الفلسطينيين عند ناصية أحد الشوارع. والهجوم المدوي الذي يعقب ذلك يمكن ان يكون مدمرا لا بالنسبة للاشخاص المستهدفين فقط بل لمنزل قريب او بعض المارة. تقتصر تحركات طاقمنا على المستشفيات والضربات الرئيسية لاماكن تعتبر هامة او التي نعتقد انها شهدت خسائر كبيرة في الارواح. فالقيام بخلاف ذلك ينطوي على مخاطر كبيرة. لا يسعنا ان نكون مع قادة حماس او مع المقاتلين ففي هذا خطر عظيم. أقول لافراد طاقمنا ثلاثين مرة في اليوم « من فضلكم كونوا على حذر. لا تدخلوا اي مكان بعد قصفه مباشرة. انتظروا قليلا لانه قد يقصف مجددا. » يحث كل منا الاخر على تفادي الطرق الرئيسية خارج المدينة وان يتلفت في كل اتجاه ويعرف تماما الى اين يقود سيارته. « حاول الا تمر قرب مركز للشرطة حتى لو كان قد ضرب بالفعل. ولا تقترب من اي مكتب للصرافة ولا من منزل قيادي من حماس. ولا تمر من مكان هدد الجيش الاسرائيلي بقصفه. وتفادى المرور بالقرب من مسجد. » انها قائمة ارددها لنفسي مرارا وتكرارا وانا اتحرك بسيارتي. في المكتب نتناول الافطار معا وفي أحيان الغداء أيضا ونرسل وجبات الى الذين يقومون بمهام خارج المكتب. في مرحلة ما كنا لا نرى أفراد أطقمنا في الخارج لنحو خمسة ايام. ولدى عودتهم الى المكتب يكون في انتظارهم استقبال حافل. نتعانق ونشكر الله على أننا سالمون على ان كلنا بخير. فمنذ بدء الهجوم قتل أربعة صحفيين. الأول يعمل للتلفزيون الجزائري والمغربي واثنان يعملان لمحطات اذاعية محلية والرابع كان المصور الرئاسي الخاص للرئيس الفلسطيني محمود عباس. حين ضرب المجمع الأمني الرئيسي على بعد 200 متر من مكتبنا اخترقت قطع من الشظايا جدار المكتب وأحدثت فجوة فيه. كما تهدم جزء من السقف لكن لم يصب أحد. في كثير من المرات اختبأنا اسفل مكاتبنا حين هزت الانفجارات من الجو المكتب. كما كنا نسمع أزيز الصواريخ التي كانت تطلق من داخل المدينة على اسرائيل. أسرنا هي شاغلنا الاعظم. أعيش في جنوب غرب مدينة غزة في منطقة لا تبعد كثيرا عن البحر. ولم ينقطع صوت الانفجارات في شوارع الحي طوال أكثر من 15 يوما من الحرب. لم يكن لدينا كهرباء لمدة عشرة ايام. ولاعتبارات السلامة تجلس زوجتي وابنتي (12 عاما) وابني (سبعة أعوام) طوال اليوم في رواق صغير يستمعون الى الاخبار من مذياع صغير. حين يذهب أحدهم الى دورة المياه يذهب الكل معه. طوال 15 يوما نمنا في حجرة واحدة نرى انها الابعد عن الشارع والاكثر أمنا. لكن المبنى كله يهتز مع كل انفجار. تترك زوجتي السرير لتحتضن الطفلين اللذين ينامان على حاشية على الارض ويسدان اذانهم في كثير من الاحيان مع بدء دوي الانفجارات. اما محاضراتي اليومية عن اننا في أمان وبعيدين عما يحدث فتضيع أدراج الرياح. ويوم الاحد الذي دخلت فيه الحرب يومها السادس عشر قررنا الانتقال. فقبل ثلاثة ايام سقط صاروخ على مبنى مجاور فقتل ثلاثة اشخاص أعرفهم. انه زميل صحفي وزوجته وأمه. بحلول ليل السبت كانت الدبابات الاسرائيلية تطبق على حينا السكني البعيد نسبيا. وفي صباح الاحد نزلنا كلنا ورأينا مجموعة صغيرة من المقاتلين. لقد أصبحنا بوضوح في منطقة معارك ولذلك انتقلت اسرتي لتقيم مع اقارب يعيشون في منطقة تقرب أكثر من وسط المدينة الاكثر ازدحاما والاكثر.. كما نأمل.. أمنا وان كان لا يوجد شعور بالامان في اي مكان. أصبح علينا ان نترك المكتب قبل ان يحل الظلام لان الشوارع تكون خاوية ومخيفة. أغلقت المطاعم وفي الصباح تزدحم المخابز التي يوصل أحدها الطلبات الى مكتبنا. زملاؤنا في القدس بعيدون لكن لديهم محطة مراقبة تلفزيونية حية يرون منها الدخان والغبار والنار. فيحسون بقدر من المناخ العام. يصعب الحصول على احصاءات دقيقة من اطراف مستقلة عن عدد المقاتلين الذين قتلوا. ولا يرد المتحدثون باسم حماس على الاسئلة. كما ان مصورينا لا يتابعون تشييع جنازات نشطي حماس لان في ذلك خطورة كبيرة. ويقول الجيش الاسرائيلي انه قتل « مئات » المقاتلين. ومن الاحصاءات التي نجمعها من المستشفيات مئات المدنيين قتلوا ايضا. ويوم الجمعة التاسع من يناير كانون الثاني ضربت جوا منشأة بث وانتاج تلفزيوني على بعد نحو 100 متر من مكتبنا. وأصيب شخص واحد على الاقل كما وقعت اضرار كبيرة. وكان يستخدم المنشأة عدد من القنوات التلفزيونية العربية وتلفزيون (برس تي.في) الايراني. وقال الجيش الاسرائيلي ان المبنى لم يكن مستهدفا لكنه تعرض  » لاضرار ضمنية » وأكد لنا انه ينسق ويعرف موقع مكتب رويترز واننا غير مستهدفين. لكن الامر مقلق رغم هذا. نصلي وندعو ليتوقف كل هذا قريبا. (شارك في التغطية الستير مكدونالد وساره ليدوث) (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 12 جانفي 2009)

قـرار بلا غـد
 
عبد اللطيف الفراتي (*) في غياب نشر النص الكامل لقرار مجلس الأمن 1860 حتى كتابة هذا المقال فإنه لا يمكن الحديث بدقة عن قرار يبدو أنه أقرب للتمنيات منه للقرارات الملزمة التي تعود المجلس على اتخاذها كلما أرادت هذه الهيئة الدولية تنفيذ قرار بالكامل وبفرض احترامه. وخلال الفترة التي لحقت إصدار القرار عبرت حركة حماس، المعنية أساسا بالقرار أنها لا تعتبر نفسها معنية به، طالما أنه لم تقع استشارتها بشأنه، وجاء هذا الموقف بعد ساعات قليلة من موقف سابق للحركة رفضت فيه التعاطي مع مقترحات الوساطة المصرية، على أساس أن هدف تلك الوساطة هو خنق المقاومة. وفي نفس الوقت فإن إسرائيل وفي الساعات الموالية لصدور القرار، لم تر من الضروري التعليق عليه إلا بأنها ستتعامل معه وفقا لاعتباراتها الذاتية، رافضة لمقتضياته باعتبار مواصلة حربها على غزة وعدم الكف بعد ساعات على صدوره عن أعمالها العدوانية، بالقصف الجوي والبحري للمواقع الفلسطينية، ومواصلة الهجوم البري، وبالتالي استمرار مسلسل سيلان الدماء الفلسطينية بعد أن شارف عدد القتلى الـ 800 وتجاوز عدد الجرحى الثلاثة آلاف. ولعله من السابق لأوانه القول بأن القرار 1860 قد سقط، ومات جنينا، فالساعات المقبلة ستحمل الخبر اليقين، ولكن من الواضح أنه لا إسرائيل ترحب بقرار لوقف إطلاق النار ما دامت لم تحقق بعد الأهداف التي رسمتها لهذه الحرب، والتي عجزت عن تحقيقها في حرب خاطفة كما أرادت، وهي تدخل بالمواصلة في مستنقع، ليس سهلا عليها لا الخروج منه ولا البقاء فيه، باعتبار أن الإسرائيليين لا يتمتعون بنفس طويل لاعتبارات عديدة أهمها ضعف العمق الإستراتيجي البشري، وحتى العمق الإستراتيجي الجغرافي، بحيث إن الخسائر البشرية تبدو أكثر ما يخيف ويؤثر في إسرائيل، ويمكن أن يقلب المعادلة الداخلية، التي كانت تؤيد هذه الحرب إلى عكس ذلك، فتنتقل من الشعبية والإجماع الذي بدأت عليه، إلى نوع من الرفض لا قبل لأية حكومة إسرائيلية عليه، كما أنه من الواضح أيضا أن حماس ليست متحمسة له أي للقرار، ما دامت لم تحقق لحد الآن الأهداف التي رسمتها لنفسها عندما أقدمت على الخطوات المؤدية للحرب، والتي يبدو أنها استهدفت تمريغ أنف إسرائيل في التراب، وذلك بتحقيق قتل أعداد من الجنود الإسرائيليين لا قبل للرأي العام الإسرائيلي بتحمل خسارتهم، أو بدحر القوات الإسرائيلية بعد جرها إلى مستنقع حرب الشوارع، التي لم تنجر إسرائيل إليها، وعمدت فقط لاستعمال اليد الطويلة المتمثلة في القصف بأنواعه، أو الهجمات السريعة القصيرة، غير المكلفة، والمؤدية إلى سقوط الآلاف بين قتلى وجرحى من الجانب المقابل دون خسائر في الصفوف اليهودية يمكن أن تقلب توجهات الرأي العام الإسرائيلي. فالقرار 1860 وما تسرب عنه يبدو وكأنه مجرد دعوة غير ملزمة، يحاول المجتمع الدولي أن يبرئ بها ضميره، وبالنسبة للعرب فهو أقصى ما يمكن أن يطلبوه ويصلوا إليه، وهو بالنسبة للولايات المتحدة والغرب، ليس كافيا « لردع  » إسرائيل أو فرض وقف إطلاق النار، ما دامت لم تحقق هدفها للآن والمتمثل في قصم ظهر حماس، وإجبارها لا فقط على وقف إطلاق صواريخها التي لم تكن لها نتائج مؤثرة، ولكن على تعهد ترفض حماس الخوض فيه بالتعهد والالتزام بعدم توجيه هذه الصواريخ مستقبلا للبلدات الإسرائيلية، تماما كما حدث مع حزب الله وفق القرار1701 منذ عامين ونصف العام. ولعل ما قالته حماس من بيروت، لا من غزة ولا من دمشق الماسكة بخيوط القرار الحماسي، والمتمثل بأنها لا تشعر بنفسها معنية بالقرار 1860، ولم يقع التشاور بشأنه معها، يبرز وجهة النظر « الحماسية  » القائمة على ضرورة الاعتراف الأممي بها كالطرف المؤهل، وبالتالي التحادث معها، ما يعطيها شرعية دولية، وزخما في المواقف، لا يريد المجتمع الدولي الاعتراف به حتى الآن، ولا يبدو مستعدا له في مستقبل منظور، ومن هذا المنطلق جاء الرفض من قبل حماس للوساطة المصرية، على غير انتظار. وفي هذه المرحلة ورغم ثقل الخسائر البشرية، (ولنتجاوز الخسائر المادية من تحطيم ما بقي من البنية التحتية والمساكن والمصانع وأدوات الإنتاج في غزة)، فإن حماس تواصل محاولة لي الذراع الإسرائيلية، مستنتجة أن طول أمد الحرب حتى الآن، إنما هو انتصار لها، ما دامت آلة الحرب الإسرائيلية الغاشمة لم تستطع القضاء على المقاومة، ولا تحقيق نهاية إطلاق الصواريخ نحو البلدات الإسرائيلية في جنوب إسرائيل، وهي الذريعة التي من أجلها دخلت تل أبيب هذه الحرب. قد يتساءل المرء بأي ثمن، ولكن ومن منظور حماس ومن يقف وراءها سواء في جنوب لبنان أو دمشق، أو طهران، فإنه ما دامت الذراع الإسرائيلية الطويلة لم تستطع الحسم، فإن القضية قضية وقت، وإن كانت أخذت تبدو بعض مظاهر الملامة تجاه الحلفاء، فحزب الله سارع للتأكيد بأن الصواريخ التي أطلقت من الجنوب اللبناني ليست من طرفه، وأنه ملتزم بالقرار الصادر عن مجلس الأمن 1701، أما عن سوريا، فإنه وبخلاف الخطابات الرنانة واتهامات التخوين والتكفير للآخرين، لم تطلق رصاصة واحدة تجاه إسرائيل حفاظا على سلام مستمر منذ 1967 مع الدولة اليهودية، وفي إيران فإن خطاب الإمام خامنائي كان مخيبا لآمال الذين عولوا في يوم من الأيام على محور حزب الله، وسوريا وإيران، وبقيت حماس الداخل وحدها على خط النار تخضع للقصف والقتل والدمار، فيما المشجعون يكتفون بحساب النقط،ولا يقيمون وزنا كبيرا لعدد القتلى. بحيث إن آلة الدمار الإسرائيلية العاتية ـ وتحت أنظار مجتمع دولي يبدو فاقدا للإحساس غير آبه بالأرواح العربية (ولأنها عربية) التي تزهق بالمئات ـ، ومهما كانت وحشية تلك الآلة، ربما ورغم قرار مجلس الأمن ستواصل اندفاعها، سعيا لتحقيق أهدافها، التي تبدو أصعب فأصعب منالا، في حرب لم تكن لا خاطفة، ولا جدوى منها، فيما شعبنا العربي الفلسطيني في غزة يتلظى تحت النار، فيتيتم من يتيم، ويثكل من يثكل، وبمأتم في كل بيت، وقوافل شهداء، كانوا في الغالب هم وأهلهم يفضلون أن يبقوا على قيد الحياة، وقوافل أخرى من الجرحى والمصابين ممن سيختطف الموت أعدادا منهم و سيبقى عدد وافر منهم معاقين بقية حياتهم، و ـ بمأتم في كل بيت ـ ينام أشقاء لنا ويستيقظون (إذا تأتى لهم أن يناموا)، على وقع أصوات القصف والقنابل والرشاشات الثقيلة، لا يعرفون لأنفسهم مصيرا، بعد ساعة أو ساعتين. (*) كاتب تونسي  (المصدر: صحيفة « الشرق » (يومية – قطر) الصادرة يوم 11 جانفي 2009)  

الإعلام الغربي المتصهين وضرورة الإعلام البديل

 

 
عبد الحفيظ خميري قمت يوم الجمعة بزيارة أحد الأكشاك الفرنسية فنظرت في كثير من الصحف والمجلات فلم أجدها تتحدث عن محرقة غزة ومأساة الفلسطينيين إلا القليل منها وبعناوين محتشمة. فمعظم الصحف والجرائد ركزت اهتمامها على ابنة وزيرة العدل رشيدة داتي « زهرة » التي لا تعرف الصحافة من يكون أبوها وكيف باشرت الوزيرة عملها بعد خمسة أيام فقط من ولادتها وكان الأولى بها أن تستوفي عطلة الأمومة.. ومجلات أخرى تتكلم عن كلارا زوجة الرئيس الفرنسي وأخرى تتكلم عن الزحمة في المستشفيات الفرنسية وموت طفلين. ظلت أغلب القنوات تعيد هذا الخبر وتكرره بينما تضع هذه القنوات والمجلات رأسها في الرمل كالنعامة دون عرض مشاهد الأطفال القتلى وقد تمزقت أشلاؤهم.. لكن من بين الركام من هذه المجلات مجلةCourrier International  فقط كتب بخط عريض على صفحة غلافها: غـزة: إسرائيل وحماس وإيران : GAZA : Israël, le Hamas et l’Iran. إن الإعلام الغربي ذكي في توجيه أنظار الفرنسيين عن غزة ومحرقتها فهو يربط حماس بإيران في تحالف استراتيجي يضم سوريا وحزب الله وحركات المقاومة في فلسطين.. وإن إيران هي من تمد هذه الحركات بالسلاح والمال.. محور الشر ـ حسب رأيهم ـ هذا الغول الذي يخيفون به الشعوب الغربية ويجعلوها تنأى عن كل مساندة معنوية لأهل غزة الذين يتعرضون للإبادة مثلما خوفوه من قبل بكذبة صدام حسين والأسلحة الكيماوية.. وفي كل مرة يتواصل العزف على الاسطوانة المشروخة التي تظل تعيد أن العرب والمسلمون خطر على الغرب وشعوبه.. بل الأدهى من ذلك اليوم أن هذا الإعلام الغربي ومنه الإعلام الفرنسي يحاول أن ينقل المعركة إلى التراب الفرنسي.. فاليوم الاثنين رأينا بعض القنوات الفرنسية تصور اليهود الفرنسيين في خطر حيث تعرضت مطاعمهم ومعابدهم إلى هجمات عنصرية..    لقد بدا للجميع أن هذا الإعلام بسكوته وتسويقه للحرب على أنها بين طرفين يعطي الضوء الأخضر لإسرائيل لكي تستمر بعدوانها على غزة.. وكأنه يقول للجيش الإسرائيلي: اضرب.. دمر.. احرق غزة بمن فيها فنحن من ورائك نحمي ظهرك ونبرر جرائمك بل نجلعها دفاعا عن النفس في زمن الخوف من إيران وحليفتها حماس.. حتى المنظمات الحقوقية الجبانة في تقاريرها تضع الجلاد والضحية في نفس الخانة حتى أن المجتمعين اليوم في سويسرا لم يستطيعوا الخروج بموقف واحد يندد بما ترتكبه إسرائيل من محارق هولوكست جديد في حق أهل غزة.. إن الإعلام الغربي معظمه متصهين وتسيطر عليه لوبيات صهيونية وكل من خرج عن جبتها وكسر طوقها من الصحافيين النزهاء كالت له الصاع صاعين وأطردته من عمله أو قدمته للمحكمة ونضرب هنا مثلا مصور القناة الثانية الذي صور محمد الدرة وهو يموت برصاص جندي إسرائيلي إلى اليوم تتتبعه قضية في المحكمة على أن صورة قتل محمد الدرة مفبركة. وهناك صحافي آخر اتهم بالعداء للسامية وأطرد من عمله لأنه صور النجمة اليهودية مكونة من عظام بشرية.. والأمثلة كثيرة لعل أبرزها ما تعرض له المفكر الكبير روجي قرودي من حصار ومحاكمات ومقاطعة دور النشر لكتاباته.. قلة قليلة من المواطنين الغربيين من تقف مع القضايا العادلة للشعوب أما في العموم فالشعوب الغربية قطيع تسوقه قنوات الإعلام المتصهين.. إننا نتذكر ها هنا ذلك المثل الذي يفضح الغرب وتغنيه بحقوق الإنسان والحيوان وقبول العزاء في موت القطط والكلاب.. ذلك المثل الذي جسدته المجتمعات الغربية في تعاملها مع الشعوب الضعيفة:  » قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفر وقتل شعب آمن مسألة فيها نظر ».. قتل إسرائيلي أو خطفه جريمة لا تغتفر تُحرك الإعلام الغربي وتجنده لنصرة الصهاينة أما موت الآلاف من سكان غزة مسألة فيها نظر.. إنه منطق الحق مع القوي.. هذه مقولة الغرب الذي زرع ذات يوم تلك النبتة اللقيطة والخبيثة في تربة الإسلام فأثمرت شرا ورعبا ودمارا جعل بعض حكام العرب يرتعدون من شرها ويسبحون باسمها. حتى غدا الاحتلال قدر من الله لا بد من القبول به حسب منطق الرئيس المصري.. كلما شاهدت نشرة أخبار الثامنة ليلا على القناة الأولى والثانية الفرنسية أشعر بالحقد والكراهية على هذا الإعلام الذي يوازي بين الجلاد والضحية حتى بتنا نرى المسيرات المساندة للجيش الإسرائيلي على الأرض الفرنسية بل ونرى الشعب الإسرائيلي يرسل الهدايا لجنوده وتُعطى الكلمة لهذه المنظمات الصهيونية على هذه الشاشات لكي تشجع إسرائيل في مواصلة عدوانها حتى تزيد من قتلها وترويعها للفلسطينيين في غزة.. إن الإعلام الغربي يتعامل مع مجزرة غزة على أنها حدث من ضمن الأحداث العادية التي تقع كل يوم مثل غيرها من الأحداث وعلى أنها حرب بين طرفين.. ولكن لقد قيض الله الجزيرة لكي تفضح تستر إسرائيل على جرائمها وتفضح صمت الإعلام الغربي عن جرائم إسرائيل ومشاركته في الجريمة ولكن قناة الجزيرة وحدها لا تكفي. وهذا يدفعنا بكل جدية نحن المسلمين في الغرب إلى تأسيس قنوات تلفزية وصحف ومجلات موازية نستطيع من خلالها التصدي لما يروجه هذا الإعلام المتصهين.. وهذا ليس بالمستحيل إذا توفرت الإرادة والطموح وصدقت النوايا. فمثلما بنينا مدارسنا ومؤسساتنا نستطيع أن نرسي إعلاما بديلا صادقا ونزيها يضرب الرأي بالرأي ليبين للشعوب وجه الصواب. نريد اليوم قنوات بالانجليزية والفرنسية والألمانية والإسبانية وبكل لغات المجتمع الغربي الذي نحن جزء منه حتى يتسنى لنا نحن المسلمين في الغرب مخاطبة الناس بما يفهمون..


الزميل أفيخاي أدرعي

 

 
 
علي الظفيري  2009-01-12 الرابعة والنصف عصراً بتوقيت غزة، نشرة منتصف اليوم على قناة الجزيرة، وبورصة الشهداء الذين تقتلهم إسرائيل كل ساعة بل وكل دقيقة في ازدياد، أذكر أن العدد تجاوز حينها الثمانمائة وتسعين شهيداً تقريباً، كان ذلك بالأمس، ربما بلغنا الآن خانة الأصفار الأربعة! ومعظمهم من الأطفال والنساء والمدنيين لا ذنب لهم سوى أن أرضهم محتلة ومحاصرة ومجوّعة، وقد نفضوا عنهم غبار التسويات المذلة، والصفقات السياسية المشبوهة، واختاروا طريقاً غير شركات الاتصالات المشتركة مع إسرائيل واستيراد الأسمنت اللازم لبناء الجدار العازل. ولأنهم لا يتقنون فن تهريب الهواتف النقالة بالسيارات الدبلوماسية، ولا بناء الناطحات المليونية في دبي، اتجهوا للتهريب عبر الأنفاق وتفننوا في بناء ورش الحدادة، آمنوا بالمقاومة وحدها سبيلاً لكرامتهم وتحرير أرضهم، فانتفضت من أجل ذلك إسرائيل ومن معها، كيف لهذا الزمن العربي الرديء أن يستمر في إنجاب من يقاوم! في هذه الساعة على الجزيرة، أطل علينا الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، وكالعادة يحمل لنا أرغفة من الكذب والتبريرات الممجوجة، ويدرك في داخله أن لا أحد يمكنه تصديق ما يقول، لكنه امتهن تسويق القتل والتدمير على المشاهد العربي، لا بأس فقد امتهن عربٌ قبله ذلك، أبو الغيط ورئيسه، محمود عباس وجماعته، وآخر ما تفضل به الرئيس الفلسطيني قبل يومين قوله: إن إسرائيل ستكون مسؤولة عن شلال الدم الفلسطيني في غزة إن لم تقبل بالمبادرة المصرية – لاحظوا إن الشرطية-! فلماذا إذن نغتاظ من أفيخاي أدرعي وهو يبرر قصف مدرستين للأونروا في غزة بحجة أن مقاوماً فلسطينيا مرّ من هناك! كنت قد قابلت الرجل قبل يومين أو ثلاثة في إحدى النشرات الإخبارية، وسألته ضمن أشياء كثيرة: هل يبرر وجود مقاوم فلسطيني (إن صحّ ذلك) قتل ما يزيد عن أربعين رجلا وامرأة وطفلا لجؤوا إلى مدرسة تابعة للأمم المتحدة للاحتماء من نيرانكم؟ بمعنى أننا لا نستكثر عليكم حقكم المطلق والدائم والنهائي في القتل، لكن نبحث معكم في نوعية القتل فقط لا غير وشكله وتوقيته! هكذا علمنا المجتمع الدولي والأمم المتحدة والغرب الديمقراطي والعرب المعتدلون! في المقابلة مع الرجل التي كنت أشاهدها في منزلي، سألته الزميلة لينا زهر الدين سؤالاً قريباً من مضمون سؤالي السابق، لم يكن ذلك تشابه أسئلة أو توارد خواطر، كان تشابها في أساليب القتل وانتهاك القوانين والأعراف الدولية وأبسط المبادئ الإنسانية، مما يستلزم الأسئلة ذاتها! فكان لإجابته على الزميلة لينا وقع المفاجئة عليّ وعلى كثير ممن أعرف، الرجل أجاب على الزميلة قائلاً: «إنني أجبت على سؤال مشابه للزميل علي الظفيري»، هكذا بكل صفاقة ووقاحة، أصبحت أنا زميلاً للناطق باسم الجيش الإسرائيلي! على المستوى الشخصي أدرك أن هذا الأمر يندرج ضمن الدهاء واللؤم في التعامل مع وسائل الإعلام. الاقتراب من الصحفي ورفع الكلفة معه ومناداته باسمه تؤتي ثمارها في التعامل مع الصحافة، وقد تعلم أفيخاي أدرعي ذلك جيداً، خاصة مع قناة الجزيرة وصحفييها، لكن اللعبة لا تنطلي علينا، ويدرك الجميع أن معظم الناطقين باسم الجيش يقومون بذلك لتحقيق هدف مزدوج، احتواء المذيع المقابل وإلهاء الجمهور. وأنا شخصياً أقبل زمالة أفيخاي أدرعي لكن بشروط. لا مشكلة لدي على المستوى الإنساني في زمالته، فقط أطلب منه أن يكون زميلاً أولا للصحفيين الذين قتلهم جيشه في غزة وغيرها، وأن يكون زميلاً لأسرهم وجيرانهم ومواطنيهم، وأن يعترف بالجرائم التي ارتكبها جيش «الدفاع»، وأن يقدم اعتذاراً علنيا عن كل قذيفة وصاروخ وطلقة أطلقها في وجه المدنيين العزل في فلسطين، وأن يعمل بعد ذلك على إعادة الحق لأصحابه، وأن يستخدم كل الحيل والأساليب التي سوغ بها جرائم جيشه للدفاع عن أهل غزة وإيضاح معاناتهم، وأن يعلن توبته وتوبة دولته من مهنة الاحتلال والقتل والتجاوز بأسوأ أشكاله، حينها فقط سأقبل يا أفيخاي زمالتك وصداقتك أيضا إن رغبت. dafiria.maktoobblog.com     (المصدر: صحيفة « العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 12 جانفي 2009)


 

10 أسباب وراﺀ ورطة باريس في غزة

 

الدبلوماسية الفرنسية حيال الحرب الاسرائيلية الدائرة ضد قطاع غزة تعيش في أسوأ أحوالها في هذه الأيام، فالثوابت الاساسية التي بنت عليها استراتيجيتها في المنطقة في العقود الماضية تنهار الواحد تلو الآخر وبسرعة قياسية. والسبب ليس غياب كبار الدبلوماسيين والعارفين بتفاصيل الأمور على الميدان في اسرائيل وفي الأراضي الفلسطينية بل محاولات تغييبهم من قبل تيار متصاعد النفوذ يعتمد مفاهيم قريبة جداً من عتاة تيار المحافظين الجدد الذي يضم في صفوفه مجموعات متناقضة المشارب لكنها متوافقة على أجندة موحدة تعتبر ان الأولوية اليوم هي للملف الايراني وليس لحل الصراع الاسرائيلي ــ الفلسطيني والعربي ــ الاسرائيلي. وهنا يقول وزير الخارجية الفرنسي الأسبق أوبير فيدرين ان هذا « التيار » يذهب « الى الحج والناس راجعة » إذ يصف الموقف الفرنسي والأوروبي كذلك الجندي الياباني الذي عثر عليه في كوريا بعد انتهاﺀ الحرب العالمية الثانية بنصف قرن وهو لا يزال في وضع قتالي ظناً منه بأن المعارك لا تزال تدور رحاها. هــذا الجانب النظري يخفى على البعض لكن ا لمتا بعين لا سيما للتحر كا ت الفرنسية خــلا ل الأسبوعين الماضيين يستنتجون جملة مواقف الرابط بينها هو رغبة صانعي السياسة في باريس اعطاﺀ الوقت الكافي للحكومة الاسرائيلية لقلب « الستاتيكو » في غزة تمهيداً لمعادلة جديدة حظيت على ما يبدو بمباركة غير رسمية من قبل عدة عواصم عالمية واقليمية. أولاً، رعاية باريس خلال توليها رئاسة الاتحاد الأوروبــي لعملية اعلاﺀ مستوى العلاقات من خلال اعطاﺀ مميزات في غاية الأهمية للحكومة الاسرائيلية في أوروبا تضعها في مصاف الدول الأعضاﺀ في الاتحاد ومن دون شروط سياسية كما كانت هي حال اتفاق الشراكة الذي عقد معها في منتصف التسعينات. ولم يهتز جفن وزير الخارجية برنار كوشنير رغم مراجعات عديدة ومتكررة من قبل السلطة الفلسطينية ومنظمات حقوقية فرنسية وأوروبية، ومعارضة البرلمان الأوروبي لأي خطوة متسرعة من قبل باريس. ثانياً، تغييب أي مسعى جدي في فرنسا أو أوروبا لمعالجة الحصار المطبق المفروض على قطاع غزة ما دامت وزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليفني تؤكد لنظيرها الفرنسي « ان انتشار الأوبئة في هذا القطاع لم يبدأ بعد ». ولهذا لم تتحرك باريس في شكل جدي للاطلاع على ما يجري على الأرض رغم منع السلطات الاسرائيلية بشكل متكرر القنصل الفرنسي العام في القدس من زيارة القطاع. وبدل ان تؤمن غطاﺀ شبه رسمي للدبلوماسي الفرنسي العتيق ايف أوبان دو لاميسوزيير حين زار غزة والتقى قيادات حركة حماس تمهيداً لهدنة جديدة وفتح قناة حوارية مع ممثلي هذا التنظيم الذي فاز بالانتخابات الديمقراطية، شنت هجوماً عليه ورفعت الغطاﺀ عنه. ثالثاً، اعتماد باريس لأسلوب غير متوازن في ادانتها لانتهاك الهدنة بين اسرائيل و « حماس » حيث دأبت على ادانة اطلاق الصواريخ ضد سديروت بينما أبدت أسفها فقط لسقوط ضــحــايــا الــعــمــلــيــات العسكرية الاسرائيلية في القطاع. والـــفـــرق شــاســع بــيــن الادانـــة والأسف، ولعل السبب ان البعض لا يعترف بأن غزة كانت « سجناً كبيراً في الهواﺀ الطلق » وهذا « السجن » لا يقع قانونياً تحت الاحتلال! رابــعــاً، اعــطــاﺀ بــاريــس لانطباع غريب بأنها فوجئت بانتهاﺀ فترة الهدنة الرسمية فيما لم تعط أي مؤشر لسعيها الواضح لاجراﺀ مفاوضات غير مباشرة من أجل التمديد للهدنة والتهدئة، كما لم تتحرك لاحياﺀ الاتفاق في معبر رفح أو صيغة تكون مقبولة من الجميع. خامساً، اتخذت باريس موقفاً صريحاً من الحرب الاسرائيلية ضد قطاع غزة وبالتالي ضد حماس وحركات المقاومة إذ « دانت بقوة الاستفزازات غير المسؤولة (الفلسطينية) التي أدت الى هذا الوضع وكذلك الاستخدام المفرط للقوة (اسرائيل »)؟ كما أعربت عن معارضتها للحملة البرية. سادساً، اجتماع وزراﺀ خارجية دول الاتحاد الأوروبي في 2008/12/30 في باريس كان على طريقة بيلاطس البنطي الذي غسل يديه من دم المسيح، إذ جاﺀ بعد خراب البصرة وبعد رفض الحكومة الاسرائيلية اقامة هدنة انسانية لـ48 ساعة. سابعاً، تشكيك فرنسي رسمي بعدد الضحايا الفلسطينيين، وتأخر بيانات التنديد بقصف المدارس ومواكب وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين. وآخر هذه التصريحات كان للوزيرة راما ياد التي دعت الى عدم الوقوع في شرك الاعلام الذي يصور « أهل غزة بأنهم ضحايا »! ثامناً، محاولة اعطاﺀ الحكومة الاسرائيلية المزيد من الوقت في مجلس الأمن ومنع اصدار قرار يشكل سابقة بالنسبة لتل أبيب، وذلك تنفيذاً لوعود قد قطعت خصوصاً لليفني في أثناﺀ زيارتها لباريس واتصالاتها المكثفة مع المسؤولين. وتصوير تحويل البيان الرئاسي الى قرار ولو مع بعض التعديل بأنه مثابة « انتصار ». تاسعاً، الامتناع عن ادانة العدوان الاسرائيلي على غزة في مجلس الأمن لأنها بحسب كوشنير « المشكلة الدولية الأكثر صعوبة في العالم. ذلــك أنــه كــان لا بد من فرض اقامة هذه الدولة (اسرائيل) بعد الحرب والمحرقة (الهولوكوست)، هذه الدولة الديمقراطية التي قطعت لها الوعود منذ قرون… ولهذا فمن الصعب التوصل الى تحليل موحد داخل الأمم المتحدة وبالتالي الى اتفاق ». ولقد، جاﺀ ذلك عشية قيام وزراﺀ خارجية الترويكا الاوروبــيــة بجولة في الرابع من الشهر الحالي الى المنطقة. عاشراً، ايكال القيادة المصرية لعملية تنفيذ القرار 1860 بدل تولي مجلس الأمن ذلك من خلال قرار تنفيذي آخر كما كانت هي الحال مع قراري 425 و. 426 والهدف ابعاد مجلس الأمن عن التدخل في هذا النزاع ومحاولة التحكم بشروط وقف اطلاق النار التي ستكون في نهاية التحليل لصالح اسرائيل. لهذه الاسباب العشرة نلاحظ ان الدبلوماسية الفرنسية اليوم في ورطة، ولعل المؤسف انها قد تكون وقعت ضحية نفوذ التيار الذي أشرنا إليه أعلاه.   (المصدر: جريدة البلد اللبنانية بتاريخ 11 جانفي 2009)  


 

حرب الحماقات الإسرائيلية

 

توم سجيف في عام 1967 لم يكن لدي أدنى شك في أنه بعد أربعين عاماً ستكون الحرب العربية الإسرائيلية قد وضعت أوزارها. أما اليوم، فلم يعد معظم الإسرائيليين يؤمنون بالسلام وفقدوا تفاؤلهم بسبب توالي الحروب. كانت العملية العسكرية الحالية في غزة متوقعة، وحتمية تقريباً، وبدا التوقيت مواتياً للإسرائيليين، فقد كانت صواريخ  »حماس » التي تُطلق من غزة تسقط على بلدات جنوب إسرائيل بوتيرة متزايدة بعد انقضاء اتفاق وقف النار الذي رعته مصر، ومع اقتراب موعد الانتخابات الإسرائيلية العامة المقررة الشهر المقبل، ازداد ضغط الجمهور على الحكومة من أجل التحرك، فاستغلت إسرائيل فرصة الأيام الأخيرة لإدارة بوش في السلطة؛ وساهم موسم عطلة أعياد الميلاد ورأس السنة في صرف انتباه المجتمع الدولي عما يجري لبضعة أيام، كما أن السماء الصافية فوق غزة سمحت باستمرار الضربات الجوية من دون انقطاع. معظم الإسرائيليين كانوا يعتقدون أن العملية العسكرية ستكون قصيرة وحاسمة، ولكن الكثيرين كانوا يخشون تكرار مغامرة إسرائيل الكارثية في لبنان التي شاهدناها صيف .2006 فالإسرائيليون مدللون جداً، ذلك أننا نريد أن تكون حروبنا قصيرة وناجحة. ولئن كان من غير المرجح أن تحتسب العملية الحالية في السجل الرسمي للحروب العربية- الإسرائيلية، فإنها جولة أخرى من دوامة العنــــف المتبــــادل التي لا تنتهــــي. الحرب الحالية تذكرنا ببعض الأشياء، فعلاوة على وحشيتها- وبخاصة تجاه المدنيين، ومنهم عدد من الأطفال ؟ فالأرجح أن يتم تذكر الحرب الحالية باعتبارها خطوة أخرى ضمن مسيرة طويلة من الحماقات التي ابتدأت في .1967 فبعد حرب يونيو ،1967 بحثت الحكومة الإسرائيلية إمكانية نقل مئات الآلاف من الفلسطينيين من غزة وإعادة توطينهم في الضفة الغربية، الأمر الذي كان سيجعل الوضع الحالي أقل تعقيداً ربما؛ ولكن تلك المخططات ظلت حبراً على ورق لأن بعض الأعضاء الأقوياء في الحكومة الإسرائيلية، مثل الزعيم  »اليميني » مناحيم بيجين ووزير الدفاع موشي دايان، كانوا يؤمنون بأن الضفة الغربية ينبغي أن تخصص حصرياً للاستيطان اليهودي. وذاك كان ربما أفدح خطأ في تاريخ إسرائيل. فنظراً لأن 300000 إسرائيلي تقريباً يعيشون في الضفة الغربية اليوم و200000 آخرين في الجزء العربي السابق من القدس، فإنه من شبه المستحيل رسم حدود معقولة والتوصل إلى سلام. ثم إنه إضافة إلى الصعوبات الجمة المرتبطة بالانسحاب من الضفة الغربية واقتسام القدس، هناك المطالبة الفلسطينية بـ »حق العودة » إلى إسرائيل بالنسبة للاجئين الفلسطينيين، الذين فروا من ديارهم أو طُردوا منها خلال حرب ،1948 وهؤلاء يعيش الكثير منهم اليوم في غزة. الواقع أنه منذ سنوات وإسرائيل ملتزمة بعدد من الفرضيات التي لم تثبت صحتها أبداً، والتي ساهم بعضها في العملية المتواصلة في غزة اليوم. وتقول إحدى هذه الفرضيات بأن فرض المعاناة على المدنيين الفلسطينيين سيجعل السكان ينتفضون ضد قادتهم ويختارون قادة  »أكثر اعتدالا ». وهكذا، فحين بسطت  »حماس » سيطرتها على غزة في 2007 بعد صراع قصير وحاد مع خصومها العلمانيين في  »فتح »، فرضت إسرائيل حصاراً على القطاع، دافعة بذلك 1,5 مليون فلسطيني إلى حافة كارثة إنسانية. ثم هناك فرضية إسرائيلية أخرى تقول بأن  »حماس » منظمة إرهابية، والحال أنها أيضا حركة يدعمها معظم الناس في غزة. ولذلك، فإنه لا يمكن بكل بساطة إزاحتها بالقنابل. وقد جذب اندلاع العنف الحالي إلى المنطقة مرة أخرى المراسلين الصحفيين من مختلف بلدان العالم، والذين يتساءل العديد منهم لماذا لا يوافق الإسرائيليون والفلسطينيون بكل بساطة على السلام؟ الواقع أن القادة الإسرائيليين يؤيدون الحل القائم على دولتين، والذي كان يدعمه من قبل أقصى  »اليسار » الإسرائيلي فقط؛ كما أن القادة الفلسطينيين وافقوا، خلافا لقادة  »حماس »، على هذا الحل. وبالتالي، فلا ينبغي على ما يبدو سوى مناقشة بعض التفاصيل وتعديل أخرى، ولكن ليت الأمر كان بهذه البساطة! الحقيقة أن هذا النزاع لا يتعلق فقط بالأرض والماء والاعتراف المتبادل، بل بالهوية الوطنية. ذلك أن كلا من الإسرائيليين والفلسطينيين يربطون هويتهم بـ »الأرض المقدسة » ؟ كلها وليس بعضها – وبالتالي، فإن أي تنازل حول الأراضي سيرغم كلا الجانبين على التخلي عن جزء من هويتيهما. وخلال السنوات الأخيرة، ومع صعود  »حماس » وازدياد عنف بعض المستوطنين اليهــــود، اتخـــذ هــــذا النزاع أيضـــاً طابعاً دينيــــاً -ليزداد بالتالي حله صعوبة وتعقيداً- حيث جعل المتشددون الإسلاميون، إلى جانب نظرائهم اليهــــود، من السيطـــرة على الأرض جزءاً من عقيدتهم، وتلك العقيدة أغلى بالنسبة لديهم من الحياة البشرية. وعليه، أجدني اليوم مع أغلبية جديدة من الإسرائيليين الذين لم يعودوا يؤمنون بالسلام مع الفلسطينيين نظراً للتباعد الكبير بين المواقف هذه المرة. لم أعد أؤمـــن بحــــل النزاع، غير أن ما أؤمن به -بالمقابل- هي إدارة أفضل للنزاع، ومن ذلك التحدث مع  »حماس » التي تعد  »تابو » ينبغي كسره. والواقع أن الحاجة إلى انخراط أميركي دفعتني إلى تعليق آمال كبيرة على إدارة باراك أوباما. فقد كان هم إدارة بوش الرئيسي هو الحفاظ على خيال دبلوماسي يسمى  »عملية السلام » حياً، والحال أنه لم تكن ثمة أي  »عملية » من هذا القبيل على أرض الواقع، وإنما استمرار وازدياد للقمع الإسرائيلي للفلسطينيين حتى بعد أن قامت إسرائيل بإجلاء آلاف المستوطنين من غزة في ،2005 إجلاء أنشئ بموازاة معه مزيد من المستوطنات في الضفة الغربية. إن ألطف ما يمكن أن يقوم به الرئيس أوباما من أجل إسرائيل على المدى البعيد، هو حثها على العودة إلى هدفها الأصلي: أن تكون بلداً ديمقراطياً ويهودياً. وبدلاً من وضع  »خريطة طريق » خيالية للسلام، ربما ستكون إدارة أوباما أكثر نفعاً وفائدة ونجاحاً إن هي حاولت إدارة النزاع فقط ووضعت نصب عينيها هدفاً محدودا ولكنه أكثر إلحاحاً واستعجالاً: العمل على جعل الحياة ممكنة بالنسبة لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين.   (المصدر: « لوس أنجلوس تايمز » و »واشنطن بوست » بتاريخ 11 جانفي 2009)  


  الملك غاضب  
سمدار بيري لم يتجرأ ياسر ابو هلالة، المراسل الكبير لقناة « الجزيرة » في الاردن حتى ان يحلم بهذا الشرف. فبعد ان تلقى ظهر يوم الجمعة ضربا مبرحا من قوات الامن، رفع الملك عبد الله الهاتف فاتصل بالمستشفى واهتم بسلامته واغدق عليه كلمات قاطعة في صالح حرية التعبير. رئيس الوزراء، خمسة وزراء، موظفون كبار ووجهاء عامون وقفوا الى جانب سرير ابو هلالة، كل واحد حرص على ان تلتقط له الصور الى جانب وجهه المضروب. وفي المساء هبطت عليه رسالة اعتذار لم يكن مثيل لها في علاقات السلطة ــ الاعلام في المملكة: رئيس جهاز المخابرات بعظمته يعتذر عن الحادثة ويعد بلجنة تحقيق. لم يكن هذا تورط من السلطة مع روابط الصحافيين في العالم العربي، التي تسيطر عليها حركة الاخوان المسلمين التي ولدت « حماس ». يمكن لهذه ببساطة ان تصبح حادثة دبلوماسية زائدة مع امارة قطر، اصحاب الجزيرة. هذا فقط ينقص القصر: ان ياخذ صورة من يصفي الحسابات مع القناة المثيرة، بتكليف من اسرائيل. ابو هلالة بالاجمال خرج ليغطي مسيرة الغضب التي حاولت اقتحام مجال السفارة الاسرائيلية في عمان. الشرطة صدت الجماهير الملتهبة الحماس، الجزيرة صورت المناوشات. الشرطة التي كان بوسعهت ان تخمن ما الذي سيصدر على الشاشات، قررت التعرض للصحافي والمصورين. وفي داخل المجال المحروس يمكث السفير الاسرائيلي، يعقوب روزين، ويرى الاردن يغلي، وكيف تنخدش شبكة الاتصالات المتفرعة التي بنيت على احترام متبادل وثقة حميمة. السفير الاردني، علي العايد، تلقى قبل الدخول الى غزة تعليمات بالابتعاد عن مكان مقره في تل ابيب، ومستشارو الملك يلمحون بان هذه ليست نهاية القصة. هكذا، روزين عالق في عمان دون خروج في العطلة الى القدس: اذا خرج ليس مؤكدا ان يكون بوسعه العودة. نصف اعضاء البرلمان الاردني يضغطون ليس فقط لطرده من عمان، بل لتمزيق اتفاقات السلام مع « العدو ». وفي ظل هذا التورط، فان لقصر الملك يوجد سجل مفتوح، مرير ومشحون، مع قيادة « حماس ». خالد مشعل لا ينجح في الحصول على موطئ قدم في المملكة، كي لا يشعلها تكليف من الاستخبارات الايرانية. نحو شهر قبل الحملة في غزة استدعى الملك عبد الله اولمرت وباراك على عجل (اللذين وصلا الى عمان في مروحيتين منفصلتين، لاعتبارات امنية)، ليحذرهما من اشتعال المشاعر الذي سيكون غير قابل لكبح الجماح، وبالاساس ليذكرهما بالهدوء على الحدود الاردنية بفضل اجهزة الامن التي تحبط بتشدد تهريب السلاح. في الاردن لم يحفروا حتى اليوم الانفاق، لا توجد وسائل اطلاق للصواريخ، وهي حدود تصد التسلل، من يعرف ذلك يعرف كيف يثني على منظومة فاخرة من العلاقات الشجاعة، التي صمدت في اختبارات غير بسيطة. وماذا فعل اولمرت وباراك؟ انصتا دون ان يعدا بشيء. والانتخابات عندنا اصبحت عندهم كابوسا، ومنذ الان رسمت هذه سيناريو الرعب الاردني: نتنياهو كرئيس وزراء سينفض الغبار عن مشروع « الاردن هو فلسطين »، يفتح معابر الحدود، يؤدي الى توحيد الضفة الغربية بالشرقية، وبأثر الطوفان الفلسطيني، فان مستقبل ومصير الاسرة المالكة الهاشمية سيتبددان. لا يوجد سبيل في العالم (بفضل ليبرمان وامثاله) لاقناع الاستراتيجيين في القصر، بان الخيار الاردني لن يصفعهم في وجوههم فور الانتخابات، وان نتنياهو، الذي سبق ان ورطهم في محاولة التصفية الفاشلة لمشعل، لا يعد بنك مغامرات جديدة. اذا سألتم الان الملك، فهو غاضب جدا على اسرائيل وبقدر لا يقل عن ذلك قلق من ان تتعقد الحملة في غزة وتبقيه منعزلا في المعركة، للتصدي للواقع.   « يديعوت أحرونوت » الاسرائيلية  


 

حماس كصاحبة سيادة والان يوجد من يدفع الثمن

 

غادي طؤوب اذا كان هدف حملة « رصاص متدفّق » هو جباية ثمن من حماس – لا يمكن ان يكون هدفها النهائي هو دفع حماس الى الانهيار. هذان هدفان متناقضان. اذا كنا نتطلع الى تفعيل ردع ضد صواريخ القسام، فمعنى الامر اننا نسعى الى أن نفرض على حماس المسؤولية التي تأتي مع السيادة. والا فلا يوجد من يردع ولا يوجد من يلقن الدرس. وفي ظل انعدام المسؤول، لا يوجد ممن يجبى الثمن. على مدى سنوات طويلة، انعدام السيادة في الجانب الاخر كان مشكلتنا العسيرة. عرفات جعل من انعدام الوسيلة فينا. يد واحدة وقعت على الاتفاقات واخرى مارست المقاومة. في كل مرة كنا نشكو للسلطة من الارهاب، كانت تهز الكتفين، تطلب المزيد من افراد الشرطة وتطلب ان نعزز المعتدلين، وتختلق المعاذير. الانسحاب من غزة وسيطرة حماس مكنا من وقف هذه اللعبة. من اللحظة التي تكون فيها حكومة ناجعة في الطرف الاخر لا يمكنها أن تواصل لعب لعبة مزدوجة. كان يبدو لحماس انه ممكن بالذات مطالبتنا بان نكون مسؤولين عن « المصائب الانسانية » وان تواصل اطلاق الصواريخ على السكان المدنيين في اسرائيل ايضا. حماس لم تستوعب بانها صاحبة السيادة. لشدة الاسف نحن ايضا لم نستوعب هذا الامر. شددنا على أن حماس هي منظمة ارهابية ولم ننجح في ان نستغل حقيقة أنها عمليا هي الحكومة ايضا. الحملة تأتي لاصلاح كل هذا. واضح للجميع ان اسرائيل لا يمكنها أن تطارد كل فرد يطلق الصواريخ، ولكنها يمكنها أن تجبر حماس على أن تكون مسؤولة عن افعالها (وعلى كل ما يجري في اراضيها): كل صاروخ يطلق من غزة هو من ناحيتنا مسؤولية حماس، وحماس ستدفع الثمن. وعليه، فيجب للحملة ان تجبي ثمنا باهظا جدا، ولكن لا ان تدفع حكم حماس الى الانهيار. وذلك ليس لان هناك حاجة للاعتراف رسميا بحكومة حماس او صنع السلام معها. بل لانه اذا ما دفعنا حكمها الى الانهيار فاننا سنعود الى الخانة الاولى في اللعبة – في الطرف الاخر لن تكون سوى الفوضى. هذا هو الوضع الاسوأ من ناحية اسرائيل. اذا لم يكن هناك نظام ناجع في الجانب الاخر، فليس هناك من يلقن الدرس. اذا كانت اليد التي تضغط على الزناد، ليست اليد التي ينبغي لها أن تحرص على احتياجات السكان، فان كل الاحاديث عن ترميم الردع وجباية الثمن تكون عديمة المعنى. اذا كانت كل خلية مع وسيلة اطلاق ستدير سياسة مستقلة، فلن يكون بوسعنا أن نطاردها جميعها لنجبي ثمنا من كل واحدة منها. في نهاية الحساب، اذا كانت هناك فوضى، فنهايتنا أن نعود لاحتلال غزة ونطارد المقاومين في الازقة. حملة « رصاص مصهور » هي خطوة استكمالة لفك الارتباط. هذه هي الصفقة: اسرائيل خرجت من غزة، ومن تلك اللحظة غزة مسؤولة عن افعالها. خسارة اننا تأخرنا ولم نجب الثمن من اول قسام بعد فك الارتباط. ولكن الان، حين فعلنا هذا، جدير بان تكون لدينا الحكمة لوقف الحملة قبل ان تدفع الحكم في غزة الى الانهيار. حتى لو كانت حماس ستصرخ بكل القوة بانها انتصرت. نصرالله هو الاخر صرخ بانه انتصر. وها قد تبين بأن في لبنان ايضا جباية الثمن كانت في نهاية المطاف ناجعة. الان يتعين علينا قبل كل شيء ان نكون ثابتين في الموقف: كل صلية قسام يجب أن تلقى رد فعل حاد. واذا كان للصحافيين والسياسيين طول النفس مثلما لسكان سديروت، اذا كانت اليد على دفة الردع ستبقى مستقرة، فان هذه السياسة هي الاخرى ستكون ناجعة.    ( المصدر: صحيفة  « معاريف » الاسرائيلية بتاريخ 11 جانفي 2009)  


 

عندما تتخلى اسرائيل عن المشاعر الانسانية الرقيقة خلف العنف الوحشي

 

 أفيف لفي في الاسبوعين الاخيرين أسير باحساس غريب. احساس متعاظم باني ودولتي نعيش في عالمين متوازيين، صورتين للواقع ليس فقط ليس بينهما أي تطابق – بل هما على نقيض تام بينهما. لم يتبقَ لي سوى ان استنتج واحدة بين امكانيتين: إما أني نزلت عن الخط، او أن الدولة جن جنونها. اذا كانت الامكانية الاولى صحيحة، فهذه مشكلتي؛ اما اذا كانت الثانية فان المشكلة هي مشكلتنا جميعنا. حسب القصة التي ترويها دولة اسرائيل لنفسها، خرجنا لحرب غزة لانه « يجب معاقبة حماس ». ولماذا بهذا القدر؟ لانه « رغم اننا خرجنا من غزة فانهم يواصلون اطلاق النار علينا ». ولو كان معلق فلسطيني يتحكم بلغة الشبكة الاسرائيلية الدارجة لاجمل رد فعله بـ « ول » واحدة ممطوطة كبيرة. في المجال الذي أعيشه، اسرائيل لم تخرج من غزة أبدا. صحيح، بالطبع، فككنا المستوطنات وسحبنا الجيش الى حدود غزة – ولكن الاحتلال لم نوقفه للحظة: بالاجمال استبدلنا الاحتلال من الداخل باحتلال من الخارج. اسرائيل تقرر انه لن يكون لغزة ميناء او مطار، وهي تتدخل وتسيطر على اقتصاد الكهرباء، الماء والغذاء لغزة. وهكذا فان اسرائيل تملي كل شاردة وواردة في حياة مليون ونصف المليون سجين في اكبر سجن في العالم. وعندما يتمرد السجناء ضد الشروط الاعتقالية، فاننا ندور عيوننا وكأننا متفاجئين: ما الذي يريدونه الان؟ في القصة التي ترويها اسرائيل لنفسها، قطع الفلسطينيون وقف النار إذ راق لهم أن يخيفوا اطفال سديروت. في حماس على ما يبدو يكونون راضين جدا عندما يصاب مواطنون اسرائيليون، ولكن لنار القسام يوجد هدف استراتيجي أيضا: ممارسة الضغط بهدف فتح المعابر بين اسرائيل وغزة، تلك التي من خلالها نطبق نحن مفهوم الاحتلال من الخارج. اسألوا ايهود يعاري، الذي كتب عن ذلك الاسبوع الماضي مقالا ممتازا في « غلوبس ». استنتاجات يعاري معاكسة لاستنتاجاتي – فهو على ما يبدو يعتقد بانه من خلال الضغط الاقتصادي سنؤدي الى انهيار حماس – ولكن من المهم أن نعرف من أجل ماذا خرجنا للحرب: بداية جوعنا شعبا بكامله من خلال الضغط على الحكم، والان نقصف شعبا بكامله من خلال الضغط على الحكم. وبعد ذلك نفاجأ بهم لماذا لا « يتعلمون الدرس »، ولماذا يمتنع وعيهم عن الاكتواء. على الاقل في الواقع الذي أعرفه، فان من ليس لديه ما يخسره لا يمكنه أن يتعلم الدرس، إذ أنه لا يمكن لاي درس ان يحسن وضعه. في الواقع الذي تعيش فيه دولة اسرائيل، وان كان يوجد احتلال – معظمنا تمكنا من الاعتراف بذلك – ولكن لا صلة له بما يجري في غزة. المواجهة في غزة تعرض كجيب نزاعي منقطع عن الصورة العامة، تلك التي يعيش فيها الفلسطينيون تحت احتلال وحشي منذ 41 سنة. في مجالي الموازي، فاننا طالما لم نزل الورم الخبيث، فان الجرح سيواصل النزف ويفرز القيح. يحتمل، بالطبع، انه حتى بعد ان نفعل ذلك لن يسود هنا الهدوء؛ ولكننا الى أن نجرب ذلك فاننا لن نعرف ابدا. في القصة التي يرويها شعب اسرائيل لنفسه فاننا اخلاقيون على نحو مذهل. والدليل هو أن الجيش بعث برسائل الكترونية قصيرة لسكان المباني السكنية قبل القصف. في واقعي، رايت في الاسبوعين الاخيرين مظاهر بارزة، عديمة الخجل، للفرح، كلما ذبح بضع عشرات آخرين من الاطفال الفلسطينيين على ايدي افضل ابنائنا. ذات مرة حروبنا على الاقل كانت ملفوفة برقاقة من الاعصاب، حيث كان بوسعنا أن نطلق النار وان نبكي في ذاته الوقت. اما الان فحتى هذه الرقاقة الشفافة من الانسانية تمزقت. في الايام العادية فاني أكون مؤمنا صغيرا بمؤسسة الحوار، ولا سيما بسبب اخفاء الهوية. ولكن في الايام الاخيرة قرأت الكثير من المداخلات في هذه الحوارات ولم تكن هذه معدومة الهوية. مكتوب فيها أنه يجب مضاجعة العرب واطفالهم. والموقع: شعب اسرائيل. في تفكير ثانٍ، ربما حقا من الافضل ايجاد مجال ما موازٍ والهرب اليه.   ( المصدر: صحيفة  « معاريف » الاسرائيلية بتاريخ 11 جانفي 2009)  


 

أين ذهب أصدقاء اسرائيل؟

 

 زئيفي برئيل عشية الهجوم على غزة طلب رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الحديث مع ايهود اولمرت. اولمرت تملص. لم يرغب في ان يروي لاردوغان بان الهجوم على غزة يوجد في المدخل ولم يرغب في ان يكون في وضع مناحيم بيغن الذي لم يروِ لانور السادات عن الهجوم المتوقع على المفاعل العراقي. اردوغان ثار غضبا بل وشعر بالاهانة. في تركيا يقولون ان هذا هو السبب لحملة الشتائم التي يديرها في الاونة الاخيرة ضد اسرائيل. الان لم يعد مهما من الذي بدأ . « اسرائيل هي المثيرة الاكبر للارهاب في العالم »، اتهم وزير العدل التركي. رئيس الوزراء التركي لم يعد يرغب في الحديث مع اولمرت، العلاقة بين الحكم التركي والسفير الاسرائيلي انقطعت، فرقة كرة السلة الاسرائيلية هوجمت في انقرة، ويقترحون على السياح الاسرائيليين عدم السفر الى تركيا. « الاحساس في انقرة هو مثلما في أي دولة عربية معادية »، قال لصحيفة « هارتس »، مندوب اسرائيلي رسمي يعمل في تركيا. في الاردن القى رئيس الوزراء، نادر الذهبي، خطابا في البرلمان تحدث فيه لاول مرة في تاريخ الاتفاق بين الدولتين عن « اعادة نظر في العلاقات بين الاردن واسرائيل ». ولم يصدر اي بيان نفي او تعديل من الاردن. « لا حاجة للانفعال من ذلك »، يشرح رجل وزارة الخارجية الاسرائيلية، « للاردن ولاسرائيل مصالح مشتركة هامة ». هل هذا الزعم يأخذ بالحسبان المكانة الحساسة للاردن حيال الفلسطينيين؟ حيال حماس؟ حيال جمهوره؟ ماذا سيقول الرجل بعد ان اعاد للاردن سفيره الى عمان؟ قطر، المسجلة في محور الدول المعتدلة لا تزال تسمح لممثلية اسرائيلية بالتواجد في اراضيها وتجري محادثات مع اسرائيل، ولكنها اقرب الى المحور السوري – الايراني منها الى المحور المصري – السعودي ومن جملة المبادرات لوقف النار تفضل قطر الموقف السوري، المؤيد لحماس على الموقف المصري. والسعودية، وهي دولة اخرى في محور المعتدلين بدأت بالحديث عن « ادارة الظهر » لمبادرة السلام، بمعنى لخطتها هي، اذا لم تسارع الاسرة الدولية الى صد اسرائيل. قبل ثلاثة اسابيع فقط سادت نشوى في الحي. تركيا تحدثت عن مواصلة الوساطة بين اسرائيل وسوريا ورئيسها اوشك على الزيارة هنا؛ سوريا تحدثت عن مرحلة اللقاء المباشر مع اسرائيل؛ الاردن تمسك بموقف بموجبه صداقته هي موضوع مسلم به؛ وزير خارجية قطر ادار قصة غرام صغيرة مع تسيبي لفني ووزير الخارجية السعودي سعود الفيصل اعلن بانه ليس بنية بلاده التخلي عن المبادرة العربية. هذه النغمات اختفت. وكذا الشريك المحبب، محمود عباس، قطع الاتصال. اسرائيل عادت الى الوضع الذي تسبح فيه جيدا: دولة معرضة للتهديد، دون ان يشوش لها احد دماغها بمسيرة سياسية. قرارتها الاستراتيجية الجديدة تتعلق بقطعة ارض بحجم 12 كيلومتر مربع يسمى « محور فيلادلفيا »، بضع مئات من الانفاق، الطريقة والمدى الزمني لنقل بعض « المواد الانسانية » الى غزة والى مسألة من حقق ماذا من هذه الحرب. تكتيك زائد، هذا هو المستوى الذي تستطيعه اسرائيل. اما العلاقات مع تركيا؟ فلا بد انه يتعين عليها ان تنتظر البحث في الكونغرس الأميركي حول تعريف قتل الارمن. الاردنيون غاضبون؟ هم يتلقون منا الماء وحظوا باتفاق تجاري حر مع الولايات المتحدة بفضلنا. قطر؟ هي بذاتها تستند الى واشنطن حليفة لها. وسوريا تدير الظهر؟ لقد سبق ان قلنا لكم بانه لا يوجد شريك. الحرب هي فرع الانتاج عندنا، لا السلام ولا العلاقات مع هؤلاء الجيران. كان يخيل للحظة اننا حتى بدأنا نقنع انفسنا بانه لا توجد اهمية لعلاقات من هذا النوع، الى ان تبين باننا نحتاج الى خدمات مصر بالذات كي نحل هذه « المشكلة » مع حماس، وقطر هي التي ساعدت في حل الازمة في لبنان، والاردن هو مثال يقتدى في الحفاظ على الحدود مع اسرائيل وبالنسبة للسعودية – كم اردنا فقط منذ وقت غير بعيد ان نلتقي بالملك. وتوجد مشكلة تكتيكية صغيرة اخرى، تمنعنا من الاستمتاع بعدم المبالاة تجاه العلاقات مع الجيران: في مرحلة السؤال المشابه، « من يربح ومن يخسر »، حماس هي التي يمكنها في هذه الاثناء ان تسجل لنفسها نجاحا كبيرا في بند ضعضعة العلاقات بين اسرائيل وتركيا، الاردن، وقطر،. ويدها لا تزال طائلة.    
( المصدر: صحيفة  « هآرتس » الاسرائيلية بتاريخ 11 جانفي 2009)  


انهاء « الرصاص المتدفّق » الخطوة الفورية المطلوبة الان

 

 
دوف فايسغلاس
الهدف الفوري الذي ينبغي لاسرائيل ان تتطلع اليه هو وقف النار من غزة وضمان الهدوء والامن للبلدات حولها. عمليا، يمكن تحقيق هذا الهدف من خلال « تصفية » حماس كقوة مسلحة؛ والخطوة تفترض ضمن امور اخرى، السيطرة العسكرية على غزة، الانتقال من باب الى باب، اعتقال مشبوهين، البحث والقبض والتدمير للسلاح، المعدات والمنشآت. مثل هذه العملية، في نسج مديني يضم مئات الاف الاشخاص باكتظاظ فظيع، مشكوك أن تكون ممكنة. ولما كان هذا هو الحال، فانه من الممكن تجربة وتحقيق الهدوء فقط لسياسة رد صلبة: كل عمل عنف فلسطيني يجب أن يؤدي الى رد عسكري حاد وفوري، ولا سيما تجاه المتبوئين للمناصب ومنشآت السيطرة، رد يفرض الرعب على اصحاب القرار ويردعهم من المس باسرائيل. هكذا يبقى الهدوء حاليا في الحدود الشمالية: ليس بسبب « ترتيب » سياسي او بفضل قرار 1701 لمجلس الامن، الهدوء يستند الى حطام بيروت. الهدف النهائي لاسرائيل، في سياق غزة، هو ابعاد حماس عن الحكم، ولكن لاعتبارات فصلناها اعلاه فان هذا غير قابل للتحقيق بوسائل عسكرية، وكذا سياسة الرد لن تؤدي الى ذلك. فقط خيبة أمل، مرارة وغضب على مدى الزمن من الجماهير الفلسطينية هي التي ستطرد حماس – واغلاق اقتصادي هو الوسيلة الوحيدة الكفيلة بان تدفع الفلسطينيين لعمل ذلك. الاغلاق الاقتصادي هو أمر أليم ولكن ضرره ليس سيئا كالقصف من المدافع او الطائرات. غاية الحرب في غزة يجب أن تتلخص في اثنين: الحفاظ على « ميزان رعب » ناجع لحماية البلدات، واستمرار الاغلاق الاقتصادي المضبوط على غزة للدفع باتجاه اسقاط حكم حماس من قبل السكان أنفسهم. كل اتفاق لـ « وقف النار »، في صيغة او بوساطة كهذه او تلك سيحبط الغاية المطروحة: لن يكون ردع، وذلك لان اسرائيل ستمتنع، على عادتها، عن الرد بالنار حتى عندما تخرق حماس، على عادتها، الاتفاق؛ الاغلاق الاقتصادي سينتهي: فتح المعابر، بالنسبة لحماس، هو شرط مسبق لكل اتفاق، والعالم بأسره يؤيد موقفهم. النتيجة المتوقعة هي بالتالي انه « بفضل هزيمتها العسكرية ستحظى حماس بتحسين وضعها: ضمن امور اخرى لاجراء مفاوضات سياسية مع اسرائيل والعالم ولتحقيق وقف للنار وانهاء الحصار الاقتصادي. التعاظم العسكري لحماس سيستمر – رغم ما يقال في هذا الاتفاق او ذاك – لانه لا يمكن لاي رقابة دولة ان تتمكن من التصدي لقدراتهم في مجال التهريب، الحفر والانفاق. قرار المجلس الوزاري بعدم القرار يطيل الحملة العسكرية ومن شأنه بالتالي ان يعرض للخطر تحقيق الغاية المذكورة. استمرار النشاط العسكري « يجتذب » تدخلا دوليا متسعا وضغطا لوقف النار. قرار مجلس الامن، وان كان بحد ذاته ليس فيه تخوف عملي، هو مؤشر مقلق. فلاول مرة منذ زمن بعيد تمتنع الولايات المتحدة عن استخدام حق الفيتو لمنع مثل هذا القرار او لفرض التوازن في مضمونه. هكذا تصرفت ادارة مؤيدة وودية، فما الذي سيكون بعد اسبوعين؟ اسرائيل لن تصمد امام الضغط الدولي المتصاعد، وفي نهاية المطاف ستضطر الى الموافقة على وقف النار في تسوية مع حماس. الوهم هو الاعتقاد ان مثل هذه التسوية يمكن أن تتحقق بشكل غير مباشر بين اسرائيل ودول العالم في ظل « القفز » عن حماس. فمنذ الان تشارك حماس في المفاوضات. الجميع يسألون عن رأيها وموقفها، مبعوثوها يخرجون ويدخلون، ومن خرائب مملكتها المهدمة فانها « تفكر » و « تتردد » وتطرح الشروط وما شابه من اصوات البطولة. حماس، سواء بفضل تدخل العالم ستنجو من الحرب وفي يدها اتفاق يرفع الحصار الاقتصادي ويقيد قدرة اسرائيل على الرد بالنار، هي حماس التي انتصرت في الحرب، في نظرها وفي نظر محيطها. محظور أن يحصل هذا. اسرائيل ملزمة بان تنهي الحملة العسكرية لاستنفاد انجازاتها المهمة قبل أن يفرض على اسرائيل اتفاق سيء وضار.   « يديعوت أحرونوت » الاسرائيلية  


 

الذريعة المبررة لهجوم اسرائيل آخذة في التشوش

 

بعد 15 يوما من بدء القتال في غزة، توجد فقط تقارير غامضة عن نجاح اسرائيل في توجيه ضربة حقيقية للبنى التحتية الارهابية لحماس. وبالمقابل، فان المعطيات عن الاصابات للمدنيين آخذة في التراكم: اكثر من 800 فلسطيني قتلوا واصيب نحو ثلاثة الاف اخرون، معظمهم ان لم يكن كلهم بالقصف. وحسب معطيات الامم المتحدة ، فان نحو نصف القتلى مدنيون ونصف هؤلاء من النساء والاطفال. الى جانب التقارير عن عدد القتلى والجرحى تصل تقارير عن منع دخول اطباء، عن عدم قدرة وكالة غوث اللاجئين نقل قوافل الغذاء وعن نقص خطير في الادوية ووسائل العلاج. ليس في كل هذا تلقى التبعة على الجيش الاسرائيلي. حماس والمنظمات الفلسطينية الاخرى اطلقت نارا موجهة ايضا نحو قافلة غذاء شقت طريقها الى غزة، كونها سعت الى المرور عبر معبر مغاير عن ذاك الذي رغبت فيه حماس. كما ان حماس تصفي خصومها بذات الفرصة وغير مستعدة لان تتبنى المبادرة المصرية. ولكن هذا لا يمكنه ان يشكل ذريعة لحرب شاملة ووحشية ضد نحو مليون ونصف المليون من المدنيين الفلسطينيين. أمس الاول اعلنت اسرائيل من خلال توزيع مناشير فوق مناطق مأهولة باكتظاظ في غزة بأن في نيتها تصعيد النشاط العسكري في غزة وهذا الاعلان يطرح مخاوف في انه مثلما في حرب لبنان، نسيت ذريعة الحرب واحتلت مكانها امنية غير واقعية في الغاء حكم حماس في غزة تماما. واذا كان الجمهور قبل بضع سنوات ضج على قصف بيت واحد في غزة ومن ان رئيس الاركان السابق، الطيار دان حالوتس، شرح بانه « يشعر بخبطة طفيفة في الجناح » حين يلقي قنبلة على بيت، فانه اليوم يرد بعدم مبالاة بل وبرضى على اصابة الفلسطينيين . دروس الحروب السابقة التي دمر فيها الجيش الاسرائيلي بنى تحتية وضر بمنازل المدنيين، ولكنه لم يحظ بالهدوء الذي امل به، لم تستوعب. الذريعة المبررة لاسرائيل للعمل ضد مطلقي الصواريخ اخذت في التشوش في غضون اسبوعين. الشرعية والتفهم اللذان منحا لها يتبددان امام صور القتل والدمار وباتت منذ الان توجه لاسرائيل التهم بتنفيذ جرائم حرب. على هذه الحرب ان تنتقل فورا الى المسار الدبلوماسي، الى الاتفاقات والتسويات الفورية التي توقف الهذيان والاوهام في الطرفين.   ( المصدر: صحيفة  « هآرتس » الاسرائيلية بتاريخ 11 جانفي 2009)  


  غباءات ثلاثة  
روزا بروكس أطراف غباءات الحرب على غزة ثلاثة نبدأ أولها بحركة  »حماس ». فلكي يكون المرء  »غبياً » على طريقة  »حماس » فإن عليه أن يواصل رفضه الاعتراف بدولة إسرائيل، والتمسك بتدميرها ومحوها من وجه الأرض بدلاً من ذلك. ثم إن عليه أن يواصل قصف الصواريخ وتنفيذ العمليات ضد الأهداف المدنية الإسرائيلية، باعتبار أن ذلك أسلوب مشروع من أساليب خوض الحرب. وإن أردت التأكد من نفور حكومات العالم منك وكسب خصومتها لك، فما عليك إلا الاستمرار في ارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، من نسف للحافلات المدنية وقتل للمدنيين في المطاعم والمقاهي وغيرها. ثم عليك ضمان استمرار العنف الداخلي مع الفصائل الفلسطينية الأخرى. فأين تكمن مصلحتك في وحدة الصف الفلسطيني، طالما أن في وسعك منفرداً خوض القتال باسم جميع الفلسطينيين؟ وعلى رغم علمك المسبق بأن رد إسرائيل العسكري سوف يكون أشد عنفاً من أي صاروخ يطلقه مقاتلوك على أراضيها، فما عليك إلا أن تلتزم العناد وتواصل إطلاق الصواريخ عليها. فما ضرك طالما أن المدنيين الفلسطينيين هم الذين يدفعون ثمن عنادك؟  »الغباء » على الطريقة الإسرائيلية: إياك أن تفوت أي فرصة للإبقاء على جرح النزاع مفتوحاً باستمرار. عليك الإبقاء على المستوطنات وتوسيعها. أما في صفوف الفلسطينيين فعليك تقويض وعزل أي مفاوض فلسطيني معتدل. إبدأ أولاً بتدمير السلطة الفلسطينية والبنية التحتية التابعة لها، ثم واصل حصارك للفلسطينيين وامنع عنهم وصول السلع والخدمات الأساسية التي يحتاجونها. فبذلك تضمن انضمام أعداد أكبر من شبابهم العاديين إلى صفوف متطرفي  »حماس » أما في حال فوز الحركة بالانتخابات التشريعية ديمقراطياً، فشدد حصارك على القطاع، واحرص على تدمير حماس. وفي كل مرة يبرم فيها اتفاق هدنة مع الفلسطينيين، كن أنت الطرف المبادر دائماً بانتهاكه، على نحو ما توصلت إليه الدراسة الأخيرة التي أجراها الباحثون الأميركيون الثلاثة: جوهانز هوشفر، ونانسي كانويشر، وأنتا بيلتزكي. ثم عليك مواصلة القصف الجوي المكثف للمناطق والأحياء الفلسطينية المكتظة بالمدنيين، حتى تكون النتيجة كمن يواصل إلقاء القنابل على قفص مغلق ومكتظ بنحو 1,5 مليون نسمة، على حد وصف  »مادس جيلبرت » -جراح نرويجي يعمل في أحد مستشفيات غزة-! والأهم من ذلك أن تشن حربك على غزة دون خطة مسبقة، حتى يتسنى لك تدميرها كلها أملاً في القضاء على بضع عشرات فحسب من قادة  »حماس » ومقاتليها. وبعد أن زاد عدد القتلى من سكان القطاع على الـ800 قتيل، فلا تزال الصواريخ تواصل قصفها للضواحي الإسرائيلية. هذا يعني أن الحرب ليست السبيل لحل النزاع مع  »حماس »، ولذلك السبب فقد تزايد قلق العالم ومخاوفه من استمرار القصف والعنف والموت. ولكن ما عليك، طالما أن الخيار الوحيد المتاح أمامك هو مواصلة لعبة الحرب كيفما اتفق. فضحاياك ليسوا سوى أعدائك الفلسطينيين، مدنيين كانوا أم عسكريين… فالأمر سيان.  »الغباء » على طريقة بوش: عليك تجنب أي فرصة للدفع باتجاه وضع حد فوري للنزاع. وإياك أن تستجيب لضغوط القادة الأوروبيين والأتراك والعرب، الرامية إلى تقديم تنازلات من شأنها وقف إطلاق مؤقت للنيران. تمسك برفضك لإبرام أي هدنة، بحجة أنها لن توفر حلاً دائماً للنزاع. ثم إن عليك أن تسترخي في كرسيك وتلتزم الفرجة على ما يجري أمامك قائلاً لنفسك: ما الجديد فيه؟ إنه ليس سوى انفجار آخر من انفجارات الشرق الأوسط وما لي أنا بهذه البلوى سواء كانت تجري الآن في غزة، أم قلاقل إقليمية، أم حرباً على الإرهاب الدولي؟ فعلى أوباما أن يبتلى بها جميعاً بعد ذهابي.   « لوس أنجلوس تايمز » و »واشنطن بوست »
 

سجال مع كتّاب أتراك
 
د. محمد نورالدين (*) لفت كثيرا الموقف المشرّف والعظيم لرئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان من مذبحة العصر التي نفّذتها إسرائيل في غزة وأسفرت حتى الآن عن أكثر من ثمانمئة شهيد ثلثهم من الأطفال إن لم يكن أكثر. ويُظلم أردوغان إن اعتبر البعض موقفه قويا فقط بالمقارنة مع موقف بعض الحكّام العرب.بل إن موقف أردوغان قوي بمبدأيته وأخلاقيته بمعزل عن مواقف هذا الحاكم أو ذاك في العالم العربي أو العالم عموما. غير أن ما يحزّ في النفس أن تبادر أقلام تركية للتشكيك ليس في مواقف أردوغان الأخيرة بل في مجمل الدور التركي في المنطقة مطلقة مغالطات لا تعكس الواقع والحقيقة وتريد لتركيا أن تبقى غريبة عن محيطها الحضاري والجغرافي والتاريخي وأن تبقى ذليلة وتابعة لإسرائيل. دعا بعض الكتّاب الأتراك، وهم قلة على أي حال، إلى أن يميّز أردوغان بين حركة حماس وبين الشعب الفلسطيني واعتبروا أن موقفه خاطئ لجهة الدفاع عن حماس كما لو أنها هي الشعب الفلسطيني. في الواقع إن اعتبار حماس شيئاً والشعب الفلسطيني شيئاً آخر هو عين ما تسعى إليه إسرائيل لتبرير هجمتها الوحشية على غزة والشعب الفلسطيني.وإذا كانت إسرائيل تريد معاقبة حماس فلماذا كل هذه المجازر ضد المدنيين التي رآها العالم بأم العين؟ ألا يدرك هؤلاء أن معارك إسرائيل كانت دائما عبارة عن مجازر تلو مجازر؟وعندما حدثت مجزرة جنين وقبلها صبرا وشاتيلا وغيرها الكثير ألم يكن ياسر عرفات هو القائد للشعب الفلسطيني؟وألم تكن حماس غير موجودة في الأساس؟. لطالما تستر الغرب وإسرائيل بشعارات الديمقراطية.وعندما فازت حماس بأول انتخابات ديمقراطية في فلسطين ألم يكن يعني ذلك أنها أصبحت تمثل الشعب الفلسطيني؟وماذا كان موقف الغرب وإسرائيل ؟ ألم تصبح الديمقراطية في خبر كان ولم يعترفوا بنتائج الانتخابات؟إن المستهدف من مجازر غزة ليس حماس بل كسر روح المقاومة عند الشعب الفلسطيني والشعوب العربية أيضا.وهي مجازر عمرها من عمر الحركة الصهيونية وليس فقط من عمر الدولة العبرية ولا تميز بين حماس وفتح أو أي فصيل فلسطيني آخر. أما النقطة الثانية فهي قول بعض الكتّاب الأتراك أن موقف أردوغان الأخير المدافع عن الشعب الفلسطيني والمندد بشدّة بإسرائيل يفقد الوساطة التركية أهم عناصر قوتها وهي الحياد وعدم الانحياز لطرف دون آخر وقد يطيح بها. وهنا نقول لهؤلاء الكتّاب إن أردوغان انتفض لكرامة تركيا وشرفها عندما حاول إيهود أولمرت أن يوحي بزيارته الخادعة إلى تركيا والتي سبقت العدوان على غزة بأيام قليلة بأن تركيا على علم مسبق بالعدوان وأنها تغطيه بل ربما شريكة فيه.وهذا ما لا يمكن لأي تركي شريف أن يقبله وهو ما فعله أردوغان بالضبط بمواقفه ضد العدوان الإسرائيلي. ثم إذا كانت العلاقات الجيدة مع كل الأطراف هي التي تمنح أي دور وسيط حظا من النجاح فهذا لا يعني أبدا إلا تنتصر تركيا لقيمها وأخلاقها وألا تكون مع المظلومين. لقد طلع الغرب والولايات المتحدة الأمريكية خصوصا علينا ولعشرات السنين بأن سرّ قوته يكمن في قيم الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان التي يحملها ولا سيما الجيل المؤسس للولايات المتحدة.ورغم أن هذا الغرب يمارس خلاف ما يرفعه من شعارات ويرتكب المجازر والإبادات في كل مكان،فإن قوة بلد ما ليس في القوة العسكرية أو القدرة المالية أو النفطية ولا في موقعه الجغرافي بل في قوة قيم الحق والعدالة ودفاعه عنها وتجسيدها في ممارساته.ورغم أن تركيا عموما ولا سيما الإيديولوجيا التي سادت خلال العقود الماضية لم تمارس سياسة عادلة تجاه أبنائها جميعا لكن موقف حزب العدالة والتنمية من القضية الفلسطينية ومن الإبادة الحاصلة في غزة كان انتصارا لقوى الحق والعدالة والإنسانية وكان موقفا أخلاقيا بامتياز يمنح تركيا قوة لامتناهية على الصعيد الدولي.وهو ما قد يجر إلى تعميم هذا الموقف على قضايا أخرى داخلية في تركيا في ما خص الأكراد والمسألة الأرمنية.بل حتى يمكن القول أنه إذا خيّرت تركيا بين موقف الانحياز إلى القيم الأخلاقية وخسارة دور الوسيط وبين الوقوف على الحياد من العدوان على غزة واستمرار الدور الوسيط فعلى تركيا ألا تتردد في الوقوف مع القيم الأخلاقية.علما أن موقفها في الدفاع عن غزة وانتقاد إسرائيل لا يعني انتهاء الدور الوسيط.فأهمية الموقف التركي أيضا أنه نابع من أن تركيا بلد قوي ويملك قادته الإرادة السياسية.وكما قد تحتاج في ملفات محدودة جدا إلى إسرائيل أو الغرب، فإن الغرب وإسرائيل هم أكثر احتياجا إلى تركيا في عدد كبير من الملفات.وبالتالي فإن الخوف على تراجع الدور التركي الوسيط في ظل موقفها المنتقد بحدة لإسرائيل ليس في محله. (*) باحث لبناني في الشؤون التركية (المصدر: صحيفة « الشرق » (يومية – قطر) الصادرة يوم 11 جانفي 2009)

قالوا لـ«العرب»: إن الشيخ عبد العزيز آل الشيخ صمت دهراً ونطق كفراً

علماء الأزهر يستنكرون الفتوى السعودية بتحريم المظاهرات

 
القاهرة – موسى حال  استنكر علماء الأزهر الفتوى التي أصدرها الشيخ عبد العزيز آل الشيخ مفتي المملكة العربية السعودية والتي تحرم التظاهرات التي تقوم بها الشعوب العربية والإسلامية؛ للتنديد بالعدوان الصهيوني على غزة والتي اعتبرت المسيرات بعدا عن ذكر الله. وأكد علماء الفتوى بالأزهر في تصريحات لـ»العرب» أن فتوى آل الشيخ فتوى باطلة، وغير شرعية ومن يقول بها فهو مشارك في العدوان على شعب غزة المسلم، حسب تعبيرهم، وطالبوا مفتي السعودية بعدم تسييس الفتوى وتفصيلها على هوى الحكام والرجوع عن هذه الفتوى الباطلة. في البداية يقول الشيخ عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف إن ما يقوله مفتي المملكة العربية السعودية قولاً لا يستند إلى دليل شرعي، وإنه بهذه الفتوى يعتبر شرعاً شريك إسرائيل في مجزرتها ضد شعب مسلم، وضد ذبحها وسحلها للأطفال والنساء واغتصاب أرض من أراضي الإسلام. وأضاف أن هذه المظاهرات والمسيرات التي تقوم بها الشعوب العربية والإسلامية استنكاراً لما يحدث من وحشية ضد السكان العزل في غزة هو أقل تعبير عما تجيش به صدور كل مسلم، وما تمتلئ به النفوس في غضب، وهذه المسيرات هي في العرف الشرعي استنكار للمنكر والمسلم مأمور باستنكار المنكر وتغييره يقول الرسول صلى الله عليه وسلم «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان». وهذا بالنسبة للشعوب تغيير للمنكر باللسان أو القلب وهو ما يحدث في المسيرات فما الحرمة في ذلك، وأكد أن المسيرات هذه عمل شرعي أمرنا الشرع الحكيم أن نقوم به. وقال إنه في المقابل فالسكوت عن دفع المنكر مشاركة في فعل المنكر وبالتالي السكوت على مجزرة الصهاينة مشاركة في عدوانها، وبالتالي فالشعوب المسلمة تبرأ أمام الله من أن تكون مشاركة في هذا العدوان البربري الغاشم. ويضيف الشيخ عبد الحميد الأطرش قائلا: «كان المفروض على مفتي السعودية أن ينادي بالجهاد الإسلامي؛ لأن الجهاد الآن هو فرض على كل مسلم ومسلمة كما يقول علماء الإسلام، حيث أكدوا أن العدو إذا احتل أرضاً مسلمة سار الجهاد فرض عليه حتى المرأة». وقال إن هذا كلام الشرع وهذا هو كلام فقهاء الإسلام، فمن أين جاء مفتي السعودية بهذه الفتوى التي ما أنزل الله بها من سلطان. من جهته يقول الشيخ عادل أبو العباس عضو لجنة الفتوى بالأزهر في ظل الأحداث الجارية التي يقوم بها العدو الصهيوني المجرم على الشعب الأعزل أصبح أضعف الإيمان أن يقوم المسلمون بالتنديد والاستنكار عن طريق المسيرات التي لا تؤدي إلى تخريب أو إهدار الممتلكات وليس أدل من جوازها شرعاً قول الرسول صلى الله عليه وسلم «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان «ورغم أن الحديث في كثير من شروحه يقال إن المقصود من التغيير باليد للحاكم، واللسان للعلماء، والقلب لعامة الناس، إلا أن العبرة بعموم اللفظ والمتظاهرون يعبرون بألسنتهم، وهم في الوقت نفسه ينكرون بقلوبهم؛ لأنهم لا يملكون غير ذلك، وهل هناك منكر أكبر؛ مما نراه من جرائم إنسانية يندى لها جبين البشر. ويضيف الشيخ عادل أبو العباس: إن ما يدل على جواب المسيرات أيضاً ما جاء في الأثر «العبد بنيان الرب ملعون من هدمه، فيجرد حينئذ اللعن باللسان عن طريق المسيرات لهؤلاء المجرمين الآثمين، حتى ولو كان ذلك باسم الإنسانية لا باسم الأديان، وهذا تأصيل شرعي من خلال النصوص الشرعية التي ذكرناها لجواز هذه المسيرات، وإلا فليقل لنا فضيلة مفتي السعودية بماذا نعبر في ظل هذه السكوت المعيب من جهة ولاة الأمر؟ وما الذي يقترحه فضيلته على ألف مليون مسلم لا يملكون سوى هذا العمل؟!. وأضاف: إننا في حاجة ماسة الآن لبيان حكم الشرع في هذا الاعتداء لا أن نصدر الفتوى والشجب والبيانات دون دافع عملي يوقف المجرمين عند حدهم. وقال: كان ينبغي على الشعوب المسلمة وكذلك الحكام قطع كافة العلاقات مع الصهيوني المغتصب، ورفض أي تطبيع مع هذا المحتل، وكان ينبغي على مفتي السعودية دعوة الحكام إلى سحب المبادرة السعودية للاستسلام وسحبها من جامعة الدول العربية والتي ـ للأسف ـ ترفضها إسرائيل وما زلنا نتمسك بها. ويؤكد الشيخ عادل أو العباس أن الشعوب الإسلامية حكاماً ومحكومين آثمون أمام الله على هذه الاعتداء الصارخ حيث قتل الصهيوني الأطفال والشيوخ والنساء المسلمين فالحديد لا يفله إلا الحديد، هكذا قال الفقهاء. ويقول لنا على سبيل التذكرة أن الجهاد قد يكون فرض كفاية وقد يكون عين بحسب المخاطبين به من المسلمين وأنهم أي الفقهاء قرروا «إذا وجد من المسلمين من يقوم بالدفاع عن المسلمين ويقف للعدو ويرد الاعتداء فإنه حينئذ فرض كفاية فإذا لم يستطع هؤلاء لصد العدوان أصبح الجهاد فرض عين وهو ما يجب أن يباشره المسلم بنفسه حتى أن الفقهاء قالوا إن الابن لا يحتاج الإذن من والده فضلاً عن الإذن من الحكام. ويقول الداعية الإسلامي الشيخ فرحات المنجي رئيس البحوث بالأزهر السابق: إني لا أشك في علم مفتي السعودية، ولكن ربما تكون هذه الفتوى قد صدرت منه في غفلة منه؛ لأنه يعلم تماماً أن الكبت يولد الانفجار، أما أن يخرج الإنسان ما عنده وما يشعر به خاصة لو كان هذا الأمر يتعلق بشيء مقدس مثل المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله، فكل ما حول هذا البيت يجب على المسلمين أن يدافعوا عنه ومعلوم شرعاً أن العدو لو دخل ديارنا كان الجهاد فرض عين على كل مسلم ومسلمة سواء كان بالطلقات المدفعية أو بالرمي بالحجارة أو بأي شيء يستطيعه الإنسان أن يفعله لدحر العدو فما بالنا وقد هدمت مساجدنا وسويت مدارسنا بالأرض وهدمت البنايات على من فيها وجميع المسلمين كأسرى في بيت عم أطلقت عليه النيران وهذا ما يأباه الشرع الإسلامي. وأضاف أنا كمواطن مسلم لا يمكنني اختراق الحدود وأذهب لمقاتلة الصهاينة، لكني هنا بهذه المسيرات أكون قد فعلت أضعف الإيمان فهل يا فضيلة المفتي أضعفُ الإيمان حرام؟! هذا لم يقل به السابقون ولا الأولون وأرجوا ألا نسيس فتوانا وتكون فتوانا ابتغاء مرضاة الله لا ابتغاء مرضات الحكام. كما أن المسيرات التي تقام فضلاً عن شرعيتها فهي ذكر لله ومناداة لرب العبادة فكلها تهتف الله أكبر تناشد الله بالدعاء والدعاء ذكر لمناصرة أهلنا في فلسطين فالمسيرات ذكر لله ومناداة الصوفي المتبتل لله سبحانه وتعالى وكان أولى بصاحب الفتوى أن يصمت ويترك الشعوب لربها. (المصدر: صحيفة « العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 12 جانفي 2009)
 


سجان أميركي سابق يكشف لـ «العرب» خبايا مثيرة عن «غوانتانامو»:

أساليب التعذيب في غوانتانامو وحشية وغير آدمية ولا يمكن تصورها

 
أجرى الحوار في لندن – صابر أيوب  كشف مجند أميركي سابق في الحرس القومي الأميركي عن حقائق مثيرة عن معسكر غوانتانامو الذي أسماه بـ «معتقل الشيطان». وقال كريستوفر برندون في حوار لـ «العرب» إن التعذيب بالمعتقل ممارسة لا تتوقف ولا يمكن تصور أهواله، وأضاف من لندن -حيث ينشّط حملة لإغلاق معتقل غوانتانامو مع الصحافية البريطانية والناشطة الإسلامية البريطانية إيفون ريدلي ومعتقلين سابقين- أن معتقلات غوانتانامو، وبغرام وأبوغريب ستبقى وصمة عار في تاريخ بلاده. السيد براندون هل يمكن أن تصف لنا عملك وتجربتك أثناء عملك بمعتقل غوانتانامو العسكري؟ – جُندت في أكتوبر2003، وتم نقلي في نوفمبر 2003، ومع حلول يناير 2003 كنت وقتها في خليج غوانتانامو، عملت كحارس لمدة شهرين، حيث كنت أقوم بدوريات عبر عنابر المساجين، وإطعام المعتقلين وتوزيع ورق المراحيض، والتأكد من أن المعتقلين هادئون ولا يحاولون إيذاء أنفسهم. وخلال بقية فترة خدمتي في المعسكر عملت كحارسٍ مرافق حيث كنت أراقب تحركات المعتقلين وتصرفاهم داخل المخيم لمدة ثمانية أشهر. كنت أحب الدوام الليلي، حيث الهدوء عندما ينام المعتقلون وأبقى أنا أجول في ممرات العنبر صعودا ونزولا، وعند الفجر يتطوع أحد المساجين بالمناداة للصلاة، كنت أستمتع كثيرا بالأغاني التي ينشدونها (ترتيل القرآن) والتي لم أفهمها على الإطلاق.  كيف كانت علاقتك بالمعتقلين وقتها؟ – كانت جيدة، وأنا مرتاح الضمير لأنني أديت مهمتي وأبقيت على فمي مغلقا، لم أكن أتحدث كثيرا، وكنت هادئا ولم أفعل أي شيء لإيذاء المعتقلين ولم أقل لهم أي شيء يزيد من التعذيب الهائل الذي يتعرضون له. كما أنه لم يكن بمقدوري فعل أي شيء يذكر للتخفيف من معاناتهم، فالأمر كان مستحيلا مع تواجد الشرطة العسكرية في كل مكان.  هل كنت تراهم كمقاتلين أعداء لبلدك خصوصا بعد هول ما شهدت في أحداث 11سبتمر 2001؟ – لا، أبدا، كنت أراهم ضحايا حرب (الحرب على الإرهاب) لا أؤمن بها إطلاقا.  علاقتك بالقطري جار الله المري ممتازة بعد الإفراج عنه. هل بدأت هذه العلاقة به وبشقيقه علي، الذي لم يطلق سراحه بعد، من داخل المعتقل؟ – لم أر شقيقه على الإطلاق. إنه لا يزال معتقلا بسجن البحرية الأميركية في تشارلستون في الولايات المتحدة، وهو معتقل لم أسمع به من قبل، أما علاقتي مع جار الله فبدأت من معتقل غوانتانامو، وكانت طبعا في ظل الظروف المشددة والمراقبة الصارمة علاقة سجين بسجانه لا أكثر ولا أقل.  قلت سابقا إن خدمتك في معتقل غوانتانامو العسكري لم تدم سوى 10 أشهر. هل تم تحييدك من الخدمة نظرا -ربما- لتعاطفٍ ما أبديته مع المعتقلين؟ – لا، أبدا، بل كانت هذه الفترة المسموح بها لأي ملتحق بغوانتانامو. إنها فترة خدمة بعشرة أشهر، وهي المدة المعمول بها لخدمة منتسبي الحرس القومي الأميركي في سجن غوانتانامو.  أساليب التعذيب في غوانتانامو لم تعد خافية على أحد ويعرفها الجميع. ما هي أسوأ مشاهد التعذيب التي ما تزال عالقة بذهنك؟ – التعذيب الجسدي والنفسي، والمعاملة المذلة والقاسية في السجن، كانت تمارس باستمرار في حق المعتقلين. إنها معاملات وحشية وغير آدمية على الإطلاق، وأعتقد حسب رأيي أن أسوأها كان رش السجين ببخاخات غاز كيميائي شديد المفعول، ثم يقتحم فريق من خمسة عسكريين الزنزانة الانفرادية الضيقة ويركلونه بلا رحمة على وجهه والمواضع الأكثر إيلاما في الجسد، بعدها ينقل إلى ساحة خلفية للمعتقل ويحلقون رأسه. هذه برأيي واحدة من أبشع عمليات التعذيب، بحكم أن الآلام الناجمة عن الرش ببخاخات الغاز المخصص لاستخدامات عسكرية والضرب المبرح تستمر لعدة أيام.  هل تذكر بعض أسماء هؤلاء المعتقلين الذين تعرضوا إلى أساليب تعذيب فوق العادة؟ – كل معتقل في سجن غوانتانامو ذاق ما لا يمكن تخيله من أنواع التعذيب الجسدي والذهني في الوقت نفسه، وكحراس لم يكن لدينا أسماء، بل فقط أرقام خاصة بكل سجين.  هل تذكر مثلا أسماء كبار الضباط في المخابرات والجيش الأميركيين الذين تتلقون منهم أوامر بتنفيذ عمليات تعذيب؟ – أبدا، لم نكن نراهم. هم يجلسون خلف مكاتبهم، فقط يصدرون تعليمات إما كتابية أو شفهية يوصوننا فيها بتطبيق أشد القسوة ضد أعداء أميركا، يوصوننا بتجويعهم وضربهم وإهانتهم إلى أبعد الحدود وتحويل حياتهم إلى جحيم، وهي فعلا جحيم بالنظر إلى الزنزانات التي يمضون فيها سنوات من عمرهم بعيدا عن بلدانهم وعائلاتهم دون أن يعلموا لماذا هم متواجدون هنا، أو ما سيحصل لهم مستقبلا، أو حتى في الدقيقة التي تلي. السياسة التي يعمل بها المعسكر هي تهيئة جميع الظروف والأحوال التي تُضعِف من قوة المعتقلين ومن ثم تؤدي إلى الانهيار النفسي التام. في الواقع، تم تصميم المعسكر بزنزاناته الانفرادية ولواحقه الأخرى ليسبب آلاما نفسية تزيد من سلطة ونفوذ المُحققين الذين يتلقون أوامر فوقية، وفي الوقت ذاته زيادة إحساس المعتقلين بالعزلة والشك والضعف.  استلام إدارة أميركية جديدة للحكم في واشنطن، ألا يعطي أملا بالحصول على تعويضات يطالب بها العائدون من غوانتانامو؟ – لا أعتقد أن هذا سيحصل، أشك في أن حكومتنا ستقدم على إجراء كهذا لتعويضهم عما لحق بهم من أضرار لا يمكن إنكارها، فهي بادية على أجسادهم كما على نفسياتهم المضطربة جدا دون الحديث عن الأضرار التي لحقت عائلاتهم أيضا. أعتقد أن الحكومة الأميركية ملزمة بتعويضهم والاعتذار لهم، لكن هذا لن يحصل في رأيي.  لماذا هذا التشاؤم؟ الإدارة الأميركية الجديدة ديمقراطية ويمكن أن تفعل شيئا ما لتصحيح أخطاء الماضي؟ – لن يحصل هذا في اعتقادي، والسبب أن السلطات الأميركية جشعة إلى أبعد الحدود، وليكن في علمك أن إغلاق معسكر غوانتانامو لم يكن لظروف إنسانية أو رحمة بالمعتقلين، بل جاء بسبب تصاعد الرأي العام الدولي والأميركي الذي أصبح يطالب بإنهاء مأساة لا فائدة منها على الإطلاق، لهذا فإن حكام أميركا لا يرون ضرورة لتعويض الأسرى السابقين.  في ظل تجربتك بمعتقل غوانتانامو هل ترى أن مزيدا من مثل هذه المعسكرات تلعب دورا كبيرا في حماية أميركا من الإرهاب؟ – أبدا، المعتقلات من مثل غوانتانامو وأبوغريب وبغرام، تزيد في تعقيد الأمور وتساهم في رفع حدة التوتر السياسي وخلق مناخ مناسب يشجع على الضغينة والكراهية بسبب قهر وسجن الأبرياء. هذه المعتقلات يجب أن تغلق، إنها معتقلات الشيطان، معتقلات ستبقى وصمة عار في تاريخ بلادي.  ألست متخوفا من جهرك بمساندة معتقلين هم في نظر السلطات الأميركية «مقاتلون أعداء» يهددون الأمن القومي لبلدك؟ – لا أعتقد أن أشخاصا عاديين من مثل معتقلي معسكر غوانتانامو يشكلون خطرا على بلدي، وإن كانت حكومة بلدي تعتقد ذلك فهي على خطأ وأنا على صواب، ولا أخشى من سلطات بلدي إذاً ما دمت على صواب.  هل لديكم معلومات عما إذا كان شقيق جار الله المري، القطري علي المري الذي لا يزال معتقلا في الولايات المتحدة الأميركية سيطلق سراحه قريبا؟ – لم أكن أسمع عن شقيق جار الله من قبل، وحسب معلوماتي هو المعتقل الوحيد على الأراضي الأميركية ممن سموا بالمقاتلين الأعداء، بحسب السلطات التي تعتقله في سجن البحرية في تشارلستون. ومن هذا المنطلق فإن قضيته صعبة وأشك في إطلاق سراحه قريبا. نبذة عن كريستوفر براندون: اسمه كريستوفر براندون ارنت (24 سنة)، كان عمره 17 سنة عندما التحق بالحرس القومي الأميركي التابع لولاية ميتشيغن، وجد نفسه مضطرا للانتساب إلى الجيش بعدما رحلت عائلته ولم يكن لديه مقر إقامة عدا بيوت بعض الأصدقاء. عائلته فقيرة وقد وعدوه في الجيش بأن يحصل على إعانات هامة لا يزال ينتظرها لحد الآن ليحقق رغبته في مواصلة الدراسة. التحق بالحرس القومي الأميركي ليتجنب إرساله إلى الحروب الدائرة في أفغانستان والعراق، لكن في 2003 تم إلحاقه بمعتقل غوانتانامو العسكري حيث عمل هناك لعشرة أشهر. (المصدر: صحيفة « العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 12 جانفي 2009)
 


الحوار الإسلامي-المسيحي (3).. الكتابة المستقيمة على خطوط مُعوَجّة

 
احميدة النيفر (*)   «إذا احتدم الصراع فحدد موقعك ولا تقف في الوسط». كان هذا أحد الشعارات التي سادت زمن الثورة الثقافية في الصين الشعبية وانتقل بعدها إلى الشباب الفرنسي المتمرد فيما عرف بثورة مايو 1968. يعود هذا الشعار اليوم في سياق العلاقة بين أوروبا والإسلام ليعبّر عن حالة احتقان شديد تزداد خطورته بين أتباع الرسالتين لتنعكس سلبيا على مجال الحوار الديني بينهما في سياق معولم. بعد مرور 40 سنة من رفع هذا الشعار الداعي إلى «التمايز الثوري الشمولي» النابذ للمواقف النقدية التي تتجنب فكر القطيعة، يستعيد اليوم عدد من رجال الكنيسة الكاثوليكية في أوروبا الغربية إلى جانب رموز إسلامية هذا المنطق الحَدِّي لمواجهة دعوة اللقاء والعمل من أجل الحوار بين المؤمنين. ما يزيد من توجس الطرفين الرافضين هذا اللقاء، تلك الطروحات التي تطلقها أصوات منذرة من خطر أخضر (إسلامي) لا يبقي ولا يذر. ذلك يحصل مثلا مع إعلان المؤرخ الإنجليزي حامل الجنسيتين الأميركية والإسرائيلية «برنارد لويس»(Bernard Lewis) بأنه «لن ينقضي القرن الـ 21 حتى تصبح أوروبا إسلامية». تتلقف هذا القول وسائل الإعلام والاتصال وما شاكلها من مؤسسات صنع الرأي العام الغربي وتوجيهه لتوظفه في وجهة كارثية لا تزيد دعاة الراديكالية من الجهتين المسيحية والمسلمة إلا استماتة في القطيعة. لكن اللافت للنظر أن المتابعين الموضوعيين لمسيرة الحضارة الغربية ينتهون إلى تقديرات تتقاطع مع تلك «التنبؤات» التحريضية المغرضة. ما قدّمه الفيلسوف وعالم الاجتماع الفرنسي «إدغار موران» (Edgar Morin) منذ أيام ضمن حوار تقويمي نشرته صحيفة «الطان» السويسرية في توديع عام 2008 تحت عنوان «يجب أن نَتَحَسَّب للطوارئ القادمة» أنموذج واضح لتشخيص قاتم لا ينفرد به عن غيره من كبار المفكرين الأوروبيين. بعض مقاطع الحوار تكاد تلتقي مع توصيف بعض أقطاب المنظّرين للإسلام الحركي في مقولة «جاهلية القرن الـ 20». يشخص «موران» الوضع العالمي الراهن بأنه حامل لثلاثة أصناف من الهمجية: القديمة التي تجسدها الحرب وما يتبعها من التعذيب، والمعاصرة وهي البربرية الباردة التي تقضي فيها الآلة على الإنسان، ثم هناك بربرية الأفكار التي تستأثر بالحقيقة ولا ترى للمخالف من معنى فلا تتردد في القضاء عليه واستئصاله. يحدد بعد ذلك وهو الذي يصف نفسه بالمتشائل (أي في وضع بين المتشائم والمتفائل) أن معضلة العالَم المعاصر متعددة الأعراض، لكن بيت الداء فيها تلك الفردانية الجامحة التي تقضي على كل معاني التضامن الإنساني. يقارن «موران» بعد ذلك الوضع العالمي القائم بالحالة التي خلّفتها أزمة 1929 المالية واختلال التوازن العام الذي صاحبها وتزايد معها في المجالات السياسية والاجتماعية والحضارية، ما دفع إلى استلام «هتلر» الحكم. ثم ينهي تشخيصه بأن هذا الزمن العَكِر يتطلب أخلاقية جديدة تعالج التَذَرُّر (atomisation) والتمركز على الذات الفاجعين واللذين يُحتمَل أن يكونا حاملين لبارقة أمل. إذا عدنا إلى مسألة الحوار الإسلامي-المسيحي فإن هذا الواقع المأزوم بتوقعاته السوداوية لم يساعد على ظهور وفاق بين رجال الكنيسة الكاثوليك في خصوص الحوار. في أحدث ما نشر من الجانب الكاثوليكي، نقف عند كتابين يصوران عسر المساعي الحوارية اليوم. اختار الأب فرنسوا جوردان (François Jourdan) أن يحدد موقفا لا لبس فيه من الحوار بعنوان معبّر لكتابه هو: «الله عند المسيحيين والله عند المسلمين». في الكتاب المنشور عام 2008 يندد المؤلف بجملة من الأفكار التي شاعت منذ فترة في الأوساط المسيحية من أبرزها القول بأن الإسلام والمسيحية ينهلان من مصدر مشترك هو الأصل الإبراهيمي. تصحيحا لهذه المقولة التي يعتبرها المؤلف خاطئة يضيف إلى نفي هذا الاشتراك بأن التصور المسيحي لله والوحي والنبوة والميثاق والتنزيه يختلف جذريا عن تصور المسلمين لذات القضايا. ثم يعتبر أن مثل هذه التحديدات الكلامية أو اللاهوتية ضرورية من أجل تمايز يلغي كل غموض مسيء إلى الحوار بين أتباع الملّتين. يقوم صاحب الكتاب الآخر الأب كلود جيفري (Claude Geffré) بقراءة لاهوتية تاريخية في أثر صدر له عام 2006 تحت عنوان «من بابل إلى العنصرة» عمّق ما كان دعا إليه منذ فترة من ضرورة بناء «علم لاهوت الأديان المخالفة». هذا التوجه الداعي إلى «علم كلام التعدد الديني» سبّب لـ «جيفري» مضايقات من قبل الإدارة البابوية الرافضة لهذا التمشي، إضافة إلى ما صدر عنه من نقد واضح للمراجعات العقدية التطبيعية التي يقوم بها البابا الحالي إزاء اليهودية والتي لا يواكبها أي حرص مماثل مع الجانب الإسلامي. لهذا فهو إذ يقرّ بأن المسلمين بحاجة أكيدة لتفهم العقائد الدينية كما يعتنقها المسيحي فإنه يؤكد على أن القواسم المشتركة بين الملّتين عديدة كالجذع الإبراهيمي والإيمان بالله الرحيم والولادة المعجزة للسيد المسيح وصفته كمخلّص والاعتقاد في يوم القيامة، هي في تقديره قواسم هامة وجامعة رغم أنها لا تعني تطابقا كاملا وحرفيا في الفهم. إذا كان هذا جانب من المسالك الوعرة وما يتخللها من تراجع في خطوات الحوار الديني من الجانب المسيحي الكاثوليكي خاصة، فكيف يبدو الوضع من الجانب الإسلامي؟ سبق أن ذكرنا أن تطورا محسوسا لوحظ في موقف عدد من القيادات الدينية الإسلامية في هذا المجال منذ سنوات قليلة. أهم ما ساعد على هذا الانفتاح الوعي المتزايد بأن مسار العولمة يضيّق الخناق أكثر فأكثر على اختيارات الانزواء والقطيعة بما يدفع بالمجتمعات والطوائف والمذاهب إلى الإقرار بأنه لا بديل للحوار والتثاقف سوى العنف. فتنة العنف التي وقع إيقاظها في مجتمعات مسلمة تَعْتَوِرها الأزمات وتقهرها الضغوط أحكمت عجزها فلم تزد تلك المجتمعات إلا خبالا. أسباب هذا القصور في الكفاءة التي تتيح وضع استراتيجيات فاعلة في العالَم والعصر عديدة ومركبة، نذكر منها سببين: المعرفي والثقافي. يتمثل العائق المعرفي في ترسخ بناء فكري يعيد إنتاج نفسه على مقتضى السياسة وأولوياتها، فلا يدرك خصوصياته العقدية والمعرفية ولا يعمل على تجديدها. ذلك ما يجعل عُدّتنا المعرفية مُفوَّتَةً صاغتها قلة فاعليتنا في العصر وعدم قدرتنا على التأثير فيه. أما الوجه الثقافي للقصور العربي الإسلامي فهو مرتبط بالموقف الغالب من مقاومة الآثار السلبية للعولمة. نحن لا نكاد نميّز بين ضرورة رفض العولمة كمشروع هيمنة واستقطاب وبين ضرورة التحكم في آلياتها ضمن مشروع ثقافي بديل. مثل هذا الخلط بين الأمرين يؤدي إلى ما يعرف بتخفيض الثقافات الخاصة وتسخيفها وإبعادها عن كل نجاعة. ذلك ما يدفع النخب الحاكمة والمثقفة إلى الإعراض عن ثقافة باهتة وهزيلة بالانخراط في نمط حياة منفصل عن الكتلة الغالبة للمجتمعات المسلمة. هذان المدخلان لا يقللان من شأن الأسباب الأخرى للقصور وضرورة علاجها، لكن العناية بهما متأكَّدة في خصوص مجال الحوار الديني لكونهما يتجاوزان به مجرد لقاء ظاهريّ مع الآخر المختلف. بهما يتعمّق الحوار الديني ليصبح في النهاية حوارا مع الذات مزوَّدا بآلية نقدية تؤهل ثقافة المجتمع وفكره لإنتاج قِيَمي ومعرفي متميز بما يرأب الصدوع الداخلية ويحصن شبكات التضامن على اتساع الأرض. (*) كاتب من تونس (المصدر: صحيفة « العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 7 جانفي 2009)

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.