اللجنة الوطنية للدفاع عن المطرودين من الدراسة: بلاغ
النقابيون الراديكاليون: بلاغ إعلامي
الإتحاد المحلي للشغل بالرديف: لائــــــحة الإتحاد العام التونسي للشغل: بيـــــــــان
النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين – القائمة المستقلّة- « البديل النقابي »: بيـــان النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين: تقديم أعضاء القائمة المهنية المستقلة : « الصحافة كرامة ومسؤولية »
يو بي أي: محكمة الإستئناف التونسية تقر حكما بالسجن ضد معتقل تونسي سابق بغوانتنامو
يو بي أي: مجلة تونسية تحذر من تنامي ظاهرة التنصير في المغرب العربي يو بي أي: وزير تونسي يصف عائدات القطاع السياحي لبلاده بالقياسية يو بي أي: وزير تونسي يقول إن بلاده حققت أمنها الغذائي يو بي أي: مشاورات لقادة حركة فتح الفلسطينية في تونس تكشف تباينات في الآراء
رويترز: تونس تخطط لرفع عائدات السياحة 8% هذا العام ا ف ب: ارتفاع عدد السياح والعائدات في تونس في 2007 رغم تراجع الأسواق التقليدية رويترز: إقبال التونسيين على الاسطوانات الرقمية يضر بدور السينما الصحفي ناجي البغوري: الصحفيون ليسوا في حاجة إلى دمى متحرّكة
سليم الزواوي: تفاعلات المشهد السياسي في أفق الاستحقاق الانتخابي لسنة 2009
؟ نقابي من سوسة : في سوسة تجاوزات عديدة نقابي قاعدي: لمن تقرع طبول الهجوم ؟؟
القدس العربي : الثقافة في تونس عام 2007: محاولات مميزة وسط تكلس ثقافي عام رويترز: أمريكا تنشر أحدث سلاح في العراق.. خبراء علوم الانسان د. أحمد القديدي: الهند تحتل أوروبا….صناعياً!
محمد كريشان: الصحراء الغربية: لا شيء غير الصبر!
ياسر الزعاترة: الحركات الإسلامية بين السلاح والانبطاح فهمي هويدي : في انتظار الرئيس بوش
(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)
تونــس جانفي 2008
النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين
القائمة المستقلّة: البديل النقابي
بيـــان
أيّتها الزميلات، أيّها الزملاء
يعاني المشهد الإعلامي الوطني من التردّي وغياب التعدّدية، وانحسار فضاءات الرأي، خلافا لما يزخر به القطاع من كفاءات قادرة على إثبات جدارتها بمجرّد توفّر هامش حرية المبادرة وظروف عمل ملائمة.
إنّنا نعتقد بأنّه لا يمكننا الحديث عن إعلام حرّ ونزيه وموضوعي مادام، الصحفي التونسي، محور هذا المشهد، يعاني من وضعه الهش سواء على الصعيد التشغيلي أو المهني العام، وهما شرطان أساسيان للتحرّر الإعلامي. من هنا تأتي أهمية بعث نقابة وطنية تتسع لكل الصحافيين دون استثناء، لن تنجز مهامها وترسّخ استقلاليتها إلا ببرنامج جدّي وواقعي يعمل على انجازه صحافيون مستقلون يدافعون عن قطاعهم من خلال ممارساتهم وليس أقوالهم.
هذا المشهد المتأزّم، لا يليق ببلادنا ولا بمكانة الصحفي، إطارا وكفاءة في المجتمع، مما يقتضي برنامجا نقابيا يدافع عن حقوق وبدائل مهنية واجتماعية وقانونية.
نحن المترشّحون باسم القائمة المستقلّة: البديل النقابي، نلتزم بالعمل بمشاركة جميع الصحافيين، على الرقي بالمهنة والنهوض بوضع الصحافي التونسي وفق برنامج متكامل ومنفتح على كلّ الرؤى، ينتصر لصحافة حرّة بعيدا عن التوظيف والتوجيه، تلامس المشاغل الحقيقية وتساهم في إرساء قيم التقدّم والحداثة.
عاشت نضالات الصحافيين التونسيين
القائمة المستقلّة: البديل النقابي
ناجي البغوري
سكينة عبد الصمد
منجي الخضراوي
نجيبة الحمروني
عادل السمعلي
كمال الدايخ
ثامر الزغلامي
عادل البرينصي
عبد الرزاق الطبيب [أقصي بموجب شرط الـ 10 سنوات ]
برنامج القائمة المستقلّة: البديل النقّابي.
أيّتها الزميلات، أيّها الزملاء،
إنّ القائمة المستقلّة «البديل النقّابي»، لا تطرح على نفسها سوى القضايا القادرة على التعاطي معها، استنادا إلى رؤية واقعيّة تتجاوز المحدوديّة وتضع حدّا للتفريط في مكاسب الصحافيين وطموحاتهم، لذلك تبنّت برنامجًا، شارك في صياغته واقتراح بنوده عدد من الزملاء الصحفيين ويطرح البرنامج:
ـ تسوية الوضعيات الماديّة والاجتماعيّة للصحافيين في كافّة المؤسّسات الإعلاميّة وخاصّة وضعيات الزملاء المتعاونين مع أولويّة للوضعيّة العاجلة في مؤسّسات «دار العمل» والإذاعة والتلفزة.
ـ تعميم التغطية الاجتماعيّة والصحيّة والعمل على تطبيق الاتّفاقيّة المشتركة والقوانين الأساسيّة في كلّ بنودها على جميع الصحفيين.
ـ الترفيع في الأجور بما يتلاءم مع مكانة الصحافي الاجتماعيّة وقيمته الاعتباريّة.
ـ حقّ الصحفي في التمتّع بنصيب سنوي من أرباح المؤسّسة الإعلاميّة التي يعمل بها (prime de bilan)
ـ حقّ الصحافيين من خلال نقابتهم في التمتّع في بنسبة من مداخيل الإشهار، على اعتبار الصحافي منتجًا للخطاب الإعلامي وشريكًا في المؤسّسة.
ـ تحديد بصفة واضحة وجليّة وظيفة كلّ صحفي، سواء على مستوى الحجم (quota)، أو ما يتناسب مع التصنيف المهني…
ـ ترسيخ مبدأ العمل من خلال مجالس تحرير، تكون منتخبة ومستقلّة عن الإدارة.
ـ التصدّي لتهميش الكفاءات الشابّة ووضع حدّ لاستغلالها المادّي والمعنويّ.
ـ فتح آفاق التكوين المتواصل أمام جميع الصحافيين، مع وضع حدّ للإقصاء الذي يتعرّض له بعض الزملاء من التربّصات المحليّة والدوليّة خاصّة…
ـ اعتماد مبدأ توحيد الترقية الآليّة في كلّ المؤسّسات الإعلاميّة.
ـ تعميم البطاقة المهنيّة على كافّة المنخرطين وتوسيع مجال منافعها.
ـ العمل على ربط التمويل العمومي للمؤسّسات الإعلاميّة بمدى احترامها لحقوق الصحافيين الماديّة والمعنويّة.
ـ مواصلة العمل على انجاز مشروع سكني لائق بالصحفيين، وفقًا لقاعدة المساواة في الانتفاع بالسكن ولما جاء في الفصل 245 من مجلّة الشغل المتعلّق بتخصيص جانبًا من موارد النقّابة لتشييد مساكن في متناول الصحفيين، وجعل المشروع عامّا وشاملا لجميع الجهات دون استثناء.
ـ الدفاع عن حقّ القطاع الصحفي في اتّفاقيّة مشركة خاصّة، من خلال توحيد التشريعات الحاليّة بما لا يقلّ عمّا تضمنه مجلّة الشغل والعمل على حقّ النقّابة في المفاوضات الاجتماعيّة بشكل مباشر.
ـ تقنين عمليّة الانتداب بفترة تربّص لا تزيد عن ستّة أشهر.
ـ تأسيس منظومة تكميليّة، لضمان جراية تقاعد كاملة ومحترمة لكلّ الزملاء الذين لم يتمتّعوا بالتغطية الاجتماعيّة بشكل كامل ومسترسل…
ـ التعجيل بتفعيل «صندوق التآزر» والانطلاق الفعلي في إسداء الخدمات، خاصّة منها للحالات العاجلة والطارئة، مع ضمان شفافيّة إدارته وتسييره وماليته، وفقًا لقانون يضبطه الصحافيون في جلسة عامّة…
ـ تحوير ميثاق الشرف الصحفي من خلال إدراج بند يتعلّق بعدم تكريس صورة دونيّة عن المرأة في وسائل الإعلام
ـ التصدّي لكافّة أشكال التمييز ضدّ المرأة الصحفيّة، سواء على مستوى الممارسة الصحفيّة أو الحقّ في الترقية وتحمّل مسؤوليات التحرير.
ـ العمل على تعميم البثّ الإذاعي الجهوي على كافّة أنحاء البلاد، اعتبارًا لمبدأ حقّ المواطن التونسي أينما كان في الوصول إلى كلّ أشكال المعلومة.
ـ الحفاظ على دوريّة تقرير الحريات الصحفيّة باعتباره آليّة هامّة من آليات النقابة للدفاع عن القطاع والارتقاء بالمهنة وتطوير حريّة الرأي والتعبير.
ـ السعي لتوفير حصانة قانونيّة للصحافي وحمايته من كلّ أشكال التجاوزات، والعمل على إلغاء ترسانة القوانين الزجريّة.
ـ العمل بمشاركة جهات متخصّصة كعمادة الأطبّاء على تحديد قائمة الأمراض التي تصيب الصحافي جرّاء القيام بعمله، خاصّة على المستويين النفسي والعصبي، واعتبارها أمراض شغل، تستوجب التعويضات والمعالجة المجانيّة، على غرار ما هو معمول به في بعض القطاعات الأخرى….
ـ مواصلة النضال من أجل اتّحاد الصحافيين التونسيّين على اعتباره مطلبًا شرعيّا واستراتيجيّا…
إنّ القائمة المستقلّة «البديل النقابي»، تؤكد على أنّ هذا البرنامج يمثّل قاعدة عمل مفتوحة أمام مساهمات كلّ الزميلات والزملاء سواء من أجل الإثراء والإضافة أو المناقشة وإبداء الرأي.
للتفاعل معنا، الرجاء المراسلة على البريد الالكتروني:
alternative.syndicale@gmail.com
تقديم أعضاء القائمة المهنية المستقلة : « الصحافة كرامة ومسؤولية »
= خميس الخياطي
من مواليد الشمال الغربي التونسي (القصور بولاية الكاف). خريج مدرسة ترشيح المعلمين. دكتوراه في علم الاجتماع (جامعة نانتير) وإجازة في اللغة والآداب العربية (جامعة السوربون الجديدة). عمل في عديد الصحف والمجلات التونسية والعربية والفرنسية منذ 1969 حتى الآن منها « لاكسيون »، « حقائق »، « اليوم السابع »، « القدس العربي » وغيرها، وفي إذاعة فرنسا الثقافية، فرنسا الدولية وحاليا يعمل مراسل ثقافي (بالقطعة) لإذاعة « مونتي كارلو الدولية » من تونس… اشتغل بالقناة الثالثة الفرنسية وبتونس 7. له عديد الإصدارات باللغتين العربية والفرنسية في مجالي السينما والتلفزة. عمل بمعهد العالم العربي بباريس في خطة مدير للمكتب الصحفي كما انتخب لفترة طويلة بنقابة نقاد السينما بفرنسا.
= راشد شعور
من مواليد 22 مارس 1964 بصفاقس _ أصيل جزيرة قرقنة _ صحفي بدار الأنـوار – مكتب صفاقس – متحصل على شهادة الدراسات المعمقة من جامعة الزيتونة اختصاص أصول الدين يعدّ حاليا رسالة دكتوراه حول » الإعلام في الإسلام « . عضو بمهرجاني المدينة و صفاقس الدولي .
= زياد الهاني
من مواليد 24 فيفري 1964 بتونس. محافظ، أؤمن بالقيم التقليدية للأسرة. متزوج وأب لثلاث بنات: آلاء وإيثار وآرام. حاصل على الأستاذية في العلوم الفيزيائية من كلية العلوم بجامعة البصرة بالعراق (1987). وعلى شهادة الدراسات العليا المتخصصة في القانون العقاري من كلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس (1996).وشهادة الدراسات العليا المتخصصة في الصحافة من معهد الصحافة وعلوم الإخبار بتونس (1998). وشهادة الدراسات المعمقة في التعمير من المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية و التعمير بتونس (2000). ضابط احتياط بجيشنا الوطني في سلاح المشاة الآلية، مع تخصص في الدروع الخفيفة للقتال بالمدرسة التطبيقية لمختلف الأسلحة ببوفيشة (1988). احترفت العمل الصحفي بجريدة « الشروق » من 1992 إلى 1994، ثم عملت كمتعاون بالمقال « بيجيست » مع جريدة « الوطن »، قبل أن أعود للعمل القار كمحرر بجريدة « الصحافة » منذ 2002. عضو دون انقطاع بجمعية الصحفيين التونسيين منذ 1992، وبلجنة الحريات منذ بعثها في 2002. تشرفت بعضوية الهيئة المديرة خلال النيابة المنتهية 2004_2007 حيث تحملت مسؤولية الشؤون الاجتماعية. عضو مؤسس لفرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بسليانة سنة 1985، وحاليا عضو بفرع الرابطة بالضاحية الشمالية للعاصمة. عضو بالفرع التونسي بمنظمة العفو الدولية منذ 1994، وتحملت فيه مسؤولية عضو بالمكتب التنفيذي ثم مدير في المدة النيابية 2002_2004. وتم انتخابي في المؤتمر الأخير للفرع مدققا لحساباته المالية للفترة 2006_2008. أسعى منذ 1996 لبعث إذاعة حرة « إذاعة قرطاج »، ولا تزال قضيتها منظورة أمام المحكمة الإدارية.
= عبد الحق طرشوني
من مواليد 10 جانفي 1954 متزوج و أب لستة أطفال صحفي بقناة تونس 7 الفضائية ·الخبرة في الميدان الإعلامي في تونس: 17 سنة ـ من 2004 إلى 2008 صحفي بالنشرة المسائية الأولى بقناة تونس 7 ـ من 1991 إلى 2004 صحفي بالإذاعة الجهوية بالكاف ومراسل قناة 7 ·الخبرة في العمل الجمعياتي في تونس: ـ رئيس مكتب الاتصال بجمعية الصحافيين التونسيين بالكاف لمدة دورتين. ـ الكاتب العام للمكتب الجهوي لمنظمة التربية والأسرة بالكاف من 2003 إلى 2005 . – عضو بالمكتب الجهوي لمنظمة التربية والأسرة مكلف بالإعلام من 2000 إلى 2003.
= محسن عبد الرحمان:
مولود في 5 أكتوبر 1963 بباجة. حاصل على الأستاذية في الدراسات المسرحية. صحفي بجريدة « الشروق » التونسية منذ سنة 1988. عضو الهيئة المديرة لجمعية الصحفيين التونسيين من 2004 إلى 2007. عضو اللجنة الاستشارية لمؤسسة دار الأنوار لمدتين نيابيتين.
تهنئة الفجرنيوزبالسنة الهجرية الجديدة
بسم الله الرحمان الرحيم يسر موقع الفجرنيوز.نت أن يقدم أفضل التهاني لكافة الأمة الإسلامية ولزواره الكرام والاخوة الاعزاء في كل مكان بقدوم العام الهجري الجديد 1429 داعيا الله العزيز القدير أن يجعله عام خير ونمو ورخاء وعام عودة وأوبة الي الله وتمسكا بالعروة الوثقى وأن تتحقق فيه أماني الامة في الانعتاق والتحرروللاخوة الاعزاء في الداخل كل المحبة والوفاء ولشهداء الامة عامة وتونس الحبيبة القبول والرضوان أمين أمين أمين عن الفجرنيوز الحبيب لعماري www.alfajrnews.net info@alfajrnews.net
أعضاء ‘المجموعة السلفية’ التونسية يطعنون في الأحكام الصادرة ضدهم
محكمة الإستئناف التونسية تقر حكما بالسجن ضد معتقل تونسي سابق بغوانتنامو
مجلة تونسية تحذر من تنامي ظاهرة التنصير في المغرب العربي
وزير تونسي يقول إن بلاده حققت أمنها الغذائي
وزير تونسي يصف عائدات القطاع السياحي لبلاده بالقياسية
تونس تخطط لرفع عائدات السياحة 8% هذا العام
تونس – رويترز – قال وزير السياحة التونسي أمس الثلاثاء ان صناعة السياحة في بلاده حققت ايردات قياسية عام 2007 بلغت 05ر3 مليار دينار « 5ر2 مليار دولار » وانها تطمح لزيادة هذه العائدات بنسبة ثمانية بالمائة خلال العام الحالي.
وقال خليل العجيمي وزير السياحة التونسي أمس في مؤتمر صحفي ان « السياحة التونسية حققت نتائج طيبة وبلغت عائداتها 05ر3 مليار دينار لاول مرة خلال كامل 2007. »
وأضاف « نطمح لان نزيد هذ الرقم بنسبة ثمانية بالمائة على الاقل خلال العام الحالي
واذا حصل ذلك سيكون أمرا جيدا. »
وتغطي صناعة السياحة قرابة 75 بالمائة من العجز التجاري لتونس وهي أول مساهم في جلب العملة الاجنبية. وتوفر ما يزيد على 360 ألف فرصة عمل. وأشار وزير السياحة الى أن عدد السياح الوافدين على تونس ارتفع بنسبة 2ر3 بالمائة الى 7ر6 مليون سائح طوال 2007 مقارنة بالعام الذي سبقه. لكنه أشار الى تراجع تدفق بعض السياح من الاسواق التقليدية مثل السوق الالمانية التي تراجعت بنسبة ستة بالمائة والاسبانية التي تراجعت تسعة بالمائة.
وأوضح العجيمي أن وزارته ستولي « مزيدا من العناية » لجلب مزيد من السياح الالمان المعروفين بانفاقهم بعد أن تراجع عددهم بنحو 500 ألف منذ عام 2001. وقال « خصصنا خمسة ملايين دينار
(12ر4 مليون دولار) للترويج لسياحتنا في المانيا وايطاليا وانجلترا واسبانيا. »
وتبرز أهمية السائح الالماني مثلا في أنه الاكثر انفاقا واقامة بتونس مقارنة بباقي السياح. وينفق السائح الالماني الواحد ما ينفقه سائحان فرنسيان خلال اقامته بتونس وفقا للديوان التونسي للسياحة.
(المصدر: صحيفة « الشرق » (يومية – قطر) الصادرة يوم 9 جانفي 2008)
ارتفاع عدد السياح والعائدات في تونس في 2007 رغم تراجع الأسواق التقليدية
تونس (ا ف ب) – اعلن وزير السياحة التونسي خليل العجيمي الثلاثاء 8 جانفي 2008 ان تونس استقبلت خلال 2007 نحو 6,7 ملايين سائح معظمهم من فرنسا وليبيا في حين بلغت عائدات السياحة في العام الماضي 3,05 مليارات دينار تونسي (1,7 مليار يورو).
وبالمقارنة مع العام 2006 فان عدد السياح زاد بنسبة 3,2 بالمئة والعائدات سجلت زيادة بنسبة 8 بالمئة بالدينار (3 بالمئة باليورو) في حين بلغ عدد الليالي المقضاة 37,4 مليون ليلة مع معدل نسبة اشغال فندقية بلغت 51,6 بالمئة بحسب تصريحات الوزير خلال مؤتمر صحافي. واضاف « ان نتائجنا جيدة وقد اجتزنا للمرة الاولى عتبة ثلاثة مليارات دينار » متوقعا نسبة نمو مماثلة للعائدات في 2008.
وكان السياح الفرنسيون في طليعة الزوار الغربيين لتونس حيث بلغ عددهم مليونا و335 الف سائح في 2007. غير ان اكبر عدد من السياح جاء من ليبيا (مليون ونصف مليون زائر) في حين بلغ عدد الزوار الجزائريين 950 الف سائح ثم يأتي السياح الالمان (514 الفا) والايطاليون (444 الفا).
بيد ان العجيمي اكد على ضرورة العمل على « مردودية افضل » في القطاع السياحي الذي يعد من القطاعات الاقتصادية الاساسية في تونس لجهة توفير فرص العمل والمداخيل من العملة الصعبة. واعلن عن القيام بدراسة « استراتيجية » في افق 2016 واعداد خطة عمل بحلول العام 2011.
وعلى المدى القريب سيتم تخصيص ميزانية خاصة لاستعادة الاسواق الغربية التقليدية التي شهدت تراجعا مشيرا الى السوق الالماني (تراجع بنسبة 6 بالمئة في 2007) والبريطاني (تراجع بنسبة 10,8 بالمئة) والاسباني (تراجع بنسبة 9,2 بالمئة) والايطالي (تراجع بنسبة 4,3 بالمئة).
واضاف الوزير انه سيتم بحث هذا الهدف مع كبريات الوكالات السياحية الاوروبية التي سيكون عليها العمل على قلب التوجه الحالي الى تحطيم الاسعار بالنسبة الى الوجهات التونسية.
وتأمل تونس في استعادة 500 الف سائح الماني توقفوا عن زيارتها منذ الاعتداء على معبد يهودي في جربة في الجنوب في نيسان/ابريل 2002 والذي قتل فيه 21 شخصا بينهم 14 سائحا المانيا.
كما انه سيكون على تونس بحسب الوزير التأقلم مع احتياجات السياح المغاربة حيث شكل الليبيون والجزائريون ثلث السياح الاجانب في 2007.
واشار الوزير في باب تحسين الخدمات الفندقية الى استثمار 80 مليون دينار (45 مليون يورو) لتطوير 48 فندقا بطاقة 520 الف سرير.
وتسعى تونس الوجهة السياحية الشاطئية اساسا الى تطوير سياحة رياضة الغولف وهي تملك حاليا تسعة ملاعب منها سيضاف اليها ستة ملاعب اخرى بحلول 2011.
(المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية (أ ف ب) بتاريخ 9 جانفي 2008)
إقبال التونسيين على الاسطوانات الرقمية يضر بدور السينما
تونس (رويترز)- مشهد شائع في دور السينما في تونس… جمهور صغير جدا في بهو الدار.
يتكرر هذا المشهد في دار سينما « بالاس » المتعثرة ماليا وواحدة من دور السينما القليلة المتبقية في العاصمة التونسية.
فخلال العقدين الماضيين اغلق العديد من دور العرض السينمائي أبوابه مع تراجع اقبال الجمهور لدرجة هددت بقاء هذه الدور.
وكانت 90 دارا للعرض السينمائي تنتشر في أنحاء العاصمة التونسية قبل عشرين عاما. لكن اصبح عددها الان 28 دارا منها 13 دارا فقط تعمل بانتظام. وتوقفت بعض دور العرض عن شراء الافلام الجديدة وظلت تعرض افلاما قديمة.
ومع تراجع اعداد دور السينما اصبح الخروج بصحبة الاصدقاء لمشاهدة أحد الافلام عادة عفا عليها الزمن فيما يبدو في تونس.
وقالت وسيلة القوبنطيني رئيسة مؤسسة ابولو لتوزيع الافلام « صعوبة القطاع ليست في الانتاج بل هي وضعية القاعات واقبال الناس عليها. »
وفي مسعى للحفاظ على بقاء دور السينما بدأت الحكومة التونسية تقدم منحا لدور العرض العاملة المتبقية لمساعدتها في تجديد قاعاتها وشراء افلام جديدة لجذب الجمهور.
ويقول الناقد السينمائي خميس الخياطي ان تناقص دور العرض السينمائي سببه سوء ادارة الحكومة في عملية التمويل وتحول دور السينما الى نشاط تجاري بحت.
واضاف الخياطي قائلا « المسؤولية مشتركة. مسؤولية الدولة التي تعطي أموالا لاصحاب القاعات ولا تتأكد أين صرفت. ثانيا أصحاب القاعات هم تجار وليس كما كانوا من قبل هواة سينما. اذ ان الاشخاص الذين كانوا يقومون بالبرمجة أحيلوا على المعاش وأتوا أشخاص جدد لا فرق لديهم بين الافلام سوى بالاموال التي يجنيها الفيلم. »
ويستعيض كثير من التونسيين الان عن الذهاب الى دور السينما بشراء نسخ منسوخة من الافلام المشهورة لمشاهدتها في منازلهم.
فبعد أيام قليلة من بدء عرض فيلم اجنبي في الخارج تظهر علنا نسخ منسوخة منه في الاسواق التونسية ويبلغ سعر النسخة نحو 1.5 دينار تونسي أي ما يعادل 1.2 دولار. بينما يضطر الراغبون في شراء النسخ الاصلية من تلك الافلام للانتظار نحو اربعة شهور للحصول عليها بأسعار أعلى كثيرا.
وتقول السلطات التونسية انها تكافح القرصنة لكن النسخ غير القانونية من الافلام ما زالت تجد طريقها بسهولة الى المتاجر في انحاء البلاد.
وذكر صاحب متجر لبيع الاسطوانات الرقمية (دي في دي) يدعى سفيان الطرهوني ان المسؤولين الذين يفتشون متجره لا يصادرون اي نسخ.
وقال الطرهوني « هناك مراقبة ويقومون بالتنظيم ومن حين لاخر يأتون للمراقبة ورؤية الافلام. »
ويتوقع تعديل قانون صدر عام 1998 ينظم حقوق نشر الافلام وتوزيعها في وقت لاحق من العام الحالي الامر الذي قد يؤدي الى تطبيق أكثر صرامة للقانون.
ويقول الخياطي ان السلطات تتراخى في تطبيق القوانين التي تنظم حقوق نشر الافلام وتوزيعها.
واضاف « القانون اما يأتي بكامله أو لا يقولون أن هذه المحلات تعيل عائلات تونسية لكن ليس بالسرقة والحرام. هنا الحرام بالمعنى الاخلاقي. لانه حين يخرج فيلم في القاعة ويمر بالمراحل القانونية والاموال التي سيدخلها ستحيى القاعات التونسية وتحيي التجارة الموازية. ستسمح لبائع اللب والساندويتشات كذلك من العيش من السينما. »
ويسعى بعض العاملين في مجال السينما الى انشاء هيئة مستقلة تتولى احياء هذه الصناعة وترميم قاعات العرض القديمة ومكافحة الافلام المنسوخة.
(المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية (أ ف ب) بتاريخ 7 جانفي 2008)
مشاورات لقادة حركة فتح الفلسطينية في تونس تكشف تباينات في الآراء
الصحفي ناجي البغوري: الصحفيون ليسوا في حاجة إلى دمى متحرّكة
غرّد ـ بل صرخ وصاح ـ بأعلى صوته داخل مكتب جمعيّة الصحفيين التونسيين، حين دعته الحاجة إلى ذلك، وجسّد الوفاق ورسّخه حين دعت الضرورة. هو لدى الكثير أحد أهمّ الرموز الصحفيّة في البلاد، ولدى آخرين تلك العقبة الكأداء الواجب تجاوزها، إن لم نقل إزالتها والتخلّص منها بكلّ الوسائل… يدخل وقائمته انتخابات المؤتمر التأسيسي للنقّابة الوطنيّة للصحفيين التونسيين بحظوظ وافرة، ليس فقط من أجل الفوز والوصول إلى المكتب القادم، بل لتحقيق الفارق وتجسيد برنامج… كيف يبدو أمامك المشهد الإعلامي راهنًا؟ ـ الوضع سيء ولا يرتقي البتّة إلى ما نحلم به ـ نحن الصحفيون ـ وما يطلبه المواطن التونسي من هذا القطاع وما يطالبه به. إعلامنا لا يرتقي إلى مشاغل هذا المواطن ولا يساهم في التنمية. إذا كان الإجماع شبه قائم بخصوص هذا الوضع، ما هي الأسباب التي تقف وراء هذه الحالة؟ ـ نحن نلاحظ حالة امتعاض بما في ذلك لدى السلطة السياسيّة، لكنّ الإشكال قائم على مستوى التباين الحاصل بين من جهة الخطاب الرسمي الداعي إلى التطوير، في مقابل ممارسة تأتي على النقيض تمامًا… هناك مؤسّسات إعلاميّة ـ سواء من القطاع الخاص أو العمومي ـ تكرّس الوضع الراهن وتعيد إنتاجه، بما يعني ذلك من تعتيم و«صنصرة»… في هذا المشهد الإعلامي السيء والموبوء، هل يأتي الصحفي ضحيّة أم فاعلا؟ ـ الأكيد وما هو محلّ إجماع، هو أنّ الصحفي ليس سببًا في هذا التردّي، ودليل ذلك أنّ الكفاءات الإعلامية التونسيّة المهاجرة استطاعت أن تشعّ وتصنع لذاتها مجدًا. الصحفي التونسي قادر بمجرّد أن تتوفّر له الظروف المواتية، كمثل حريّة التعبير وحريّة المبادرة أن يقدّم الأفضل ويكون مبدعًا، بل يصبح نجمًا. نحن نفتقد في تونس إلى التربة الخصبة القادرة على احتضان الصحفي، بل نعاني من التهميش في غياب هيئات التحرير، التي طالبنا ولا نزال ليس فقط بوجودها، بل بأن تكون منتخبة. الصحفي يشهد بأمّ عينه على مدار اليوم والسّاعة اعتداءات متواصلة على عمله، سواء كان مقالاً مكتوبًا أو سمعيّا بصريّا. يمكن الجزم أنّ الصحفي يمثّل الحلقة الأضعف في المؤسّسة الإعلاميّة. الأمور الماديّة غير جيّدة ضمن المؤسّسات التي تقوم بتطبيق القانون جزءا وتعمل بالبعض من الاتّفاقيات المشتركة، ومتردية في الصحف ووسائل الإعلام التي لا تعترف بالقانون ولا تطبّق الاتّفاقيات المشتركة. الخطر الأكبر، بل المصيبة تكمن في أنّ أعداد متزايدة من المؤسّسات، بما في ذلك العائدة إلى القطاع العام أو صحافة الحزب الحاكم، صارت من سنة إلى أخرى، تنتقص أكثر فأكثر من حقوق الصحفي. مقارنة بغيره من الإطارات، كمثل المهندسين والأطبّاء، يأتي أجر الصحفي أدنى وأقلّ، ويمكن أن نخرج بالاستخلاص ذاته عند المقارنة بأجر الصحفيين في البلدان ذات الاقتصاد المتقارب مع الاقتصاد التونسي. هل يمكن أن نتخيّل صحفيّا لا يزيد أجره عن 80 دينارًا!!! الوضع صار لدى عدد كبير لا يطاق وتجاوز حدّ الاحتمال وحدود الصبر. لا يليق في بلد استقلّ منذ نصف قرن أن يلقى فيه الصحفي هذه المعاملة. نعيش حالة أشبه ما تكون بالخيال، حين لا يعمل بصحيفة يوميّة سوى صحفي قار واحد وأسبوعيات بدون صحفيين أصلا. قلنا وردّدنا ولا نملّ من القول والإصرار، أنّه ليس بإمكان الصحفي الذي يحسّ بالجوع ولا يملك ما يحفظ له العيش الكريم أن يعطي الأفضل أو ما يترقبه منه القارئ وما يتطلبه دوره كأحد أهمّ الفاعلين في صناعة الوعي وصياغة الهويّة الوطنيّة… الذي يصدمنا أكثر هو صمت الدولة، التي تمارس أجهزة الرقابة فيها دورها الطبيعي والمطلوب حيال المؤسّسات الاقتصاديّة التي لا تحترم القانون، وتأتي المؤسّسات الإعلامية فوق القانون أو هي تملك حصانة لا نعلم مأتاها ولا ندري أسبابها… قوانين التغطية الاجتماعيّة في تونس تسري على الجميع في استثناء للمؤسّسات الإعلامية، ونورد على سبيل المثال لا الحصر مؤسّستي الإذاعة والتلفزة. هل صار انتهاك الحقّ الصحفي شكل من أشكال الدعم والمساعدة التي تقدّمها الدولة إلى هذه المؤسسّات؟ سؤال أطرحه ويطرحه عموم القطاع. نحن شركاء في صنع الإعلام، ونطالب فقط ببعض ما تحقّق هذه المؤسّسات من أرباح طائلة على حساب عرقنا ودمائنا وأعصابنا وصحّتنا. البعض شيّد القصور وآخرون صارت لهم مشاريع اقتصاديّة ويركبون أفخم السيّارات… نحن نطلب من هذا الربح حقّنا وليس لنا فوق ذلك من مطلب… هل يمثّل المؤتمر التأسيسي للنقّابة الوطنيّة للصحفيين فرصة جيّدة ومتميّزة للخروج من هذا الدرك الأسفل؟ ـ هو فرصة للصحفيين من أجل التغيير وإحداث التحوّل المطلوب والضروري. هذا الصحفي يعي جيّدا دوره ويعي جيّدا الحالة التي هو فيها، والتي لا تقبل التأويل على غير حقيقتها. هذا الصحفي يعي جيّدا إمكانياته ليس فقط الصحفيّة، بل على اعتباره فاعلا أساسيّا ضمن النسيج العام للبلاد. هذا الصحفي لا يمكن له القبول بحالة التهميش أو الاقتناع بها… من ثمّة يمثّل هذا المؤتمر فرصة لإحداث التغيير الحقيقي، والخروج بمكتب يكون القاطرة التي عليها العمل والسعي ـ استنادا إلى العمق الصحفي ـ انطلاقًا من تشخيص الوضع كما هو، دون مجاملة ودون مبالغة، من أجل إيجاد الحلول الضروريّة لمختلف هذه الوضعيات. الصحفيون ليسوا في حاجة إلى دمى متحرّكة، يتمّ تسييرها من خارج الهيكل، مهما كان الماسك لطرف الخيط. حاجتهم أكيدة لمناضلين حقيقيين بغضّ النظر عن الأسماء، يدافعون عن الصحفيين التونسيين جميعهم بدون استثناء، يدافعون عن كرامة الصحفي، يدافعون عن حقّه المادي، يدافعون عن حقّه في التعبير عن رأيه. ما هي الأولويات المطروحة أمام المكتب القادم؟ ـ المطلب الأوّل والأساسي والعاجل والأكيد، يتمثّل في تطبيق القانون في ما يخصّ ظروف العمل وعلاقات الشغل، من خلال الإصرار والجرأة والتحلّي بالاستقلاليّة بعيدًا عن المزايدات مهما كانت، وتأسيسًا على قراءة موضوعيّة للواقع الإعلامي في البلاد… هذا الوضع كما قلت يتطلّب منّا التحرّك السريع والعاجل، حيث بلغ الوضع بعدد كبير من الصحفيين حدّا لا يطاق، وأساسًا الوضعيات العالقة في عديد المؤسّسات وعلى رأسها مؤسّستي الإذاعة والتلفزة، التي علينا أن نجعلها على رأس الأولويات… على المكتب القادم أن يتحرّك على اعتبارنا أصحاب حقّ وأصحاب دور في المجتمع وحملة رسالة، يضربون بجذورهم في هذا المجتمع. أنت تنتمي إلى قائمة نعتها البعض بالنّاريّة أو الصِداميّة، كيف تقدّم هذه القائمة إلى الصحفيين وعموم القراء، وما هو برنامجها؟ ـ نحن صحفيون تونسيون من عديد المؤسّسات، سواء من القطاع العمومي أو الخاصّ، ننطلق حصرًا من شواغلنا المهنيّة، نحمل يقينًا بأنّ الصحفيين يملكون القدرة على التعبير بصدق عن مشاغل القطاع، وإيجاد مخرج من الحال الراهن. شخصيّا كنت عضوًا في مكتب جمعيّة الصحفيين التونسيين لدورتين، وعملت في صدق من أجل التعبير عن المشاغل الحقيقيّة للصحفيين، من أجل التعبير بكلّ جرأة وشجاعة عن الاستقلالية… مواقفي ثابتة وموثقة ومن حقّ الصحفيين الرجوع إلى محاضر الجلسات لمعرفة ليس فقط ما قدمت شخصيّا من أداء، بل للوقوف على ما جدّ من نقاشات وما تمّ اتّخاذه من مواقف ضمن المكتب. زملائي في القائمة مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة والقدرة على تقديم الإضافة، وقد أثبتوا جدارة وكفاءة على مدى الأعوام الفارطة، سواء من خلال اللجان داخل الجمعيّة أو من خلال أدائهم النضالي. هم قطعًا أصحاب قدرة على تحقيق الإضافة المطلوبة والانطلاقة التي نحتاجها نحو أفق أرحب، أفق العمل الصحفي المتميّز. أفق يعيش ضمنه الصحفي موفور الكرامة وصاحب حقوق. أفق يستطيع من خلاله الصحفي أن يكون صاحب قيمة مضافة حقيقيّة وفاعلة، ومن ثمّة يصير شريكًا ـ بالمعنى الحقيقي للكلمة ـ في التأسيس للمشروع الإنساني الذي يأتي الصحفي أحد الأطراف الفاعلة فيه… القول بوجود قائمة ناريّة وأخرى مائيّة، من الأمور التي تدعو إلى الضحك. أقول بأنّ قائمتنا تنبع من عمقها الصحفي، قائمة مستقلة بكلّ معنى الكلمة، حين لا تكون الاستقلاليّة مجرّد شعار. قائمتنا مستقلّة أوّلا عن السلطة، وتحمل يقينًا بوجوب التعبير عن مشاغل القطاع بدون مواربة وبدون خوف… نؤمن بأنّ حوار يمثّل السبيل الأفضل والأجدى لحلّ الخلافات جميعها، شريطة أن يتميّز هذا الحوار بالجديّة وعلى أساس النديّة، وأن يكون الحوار علنيا على مرأى ومسمع من الجميع، وليس في الكواليس المظلمة. نحن أبناء هذا البلد، نحن كفاءات ونمثّل كفاءات مثلنا، ومن حقّنا أن يتمّ التعامل معنا على هذا الأساس. كلمة أخيرة لمن سيحضرون المؤتمر؟ الصحفي يملك سلاحين، عليه التمسّك بهما وتفعيلهما كما يفعل عادة، ذاكرته المتميّزة والرائعة التي لا تنسى وترفض المراوغة وتمقت الكذب وأهله وثانيا القدرة على التحليل وقراءة الواقع والخروج بالاستخلاص الذي يستوجبه الواقع الإعلامي في هذه البلاد. حاوره نصر الدّين بن حديد صدر هذا الحوار على صفحات أسبوعيّة مواطنون عدد 44 ـ بتاريخ 9 جانفي 2008.
تفاعلات المشهد السياسي في أفق الاستحقاق الانتخابي لسنة 2009
بسم الله الرحمان الرّحيم
كيف نستخلص الدروس والعبر من الهجرة
للخروج من الضبابية السياسية
ومن التهميش و الاقصاء الى المشاركة ؟
» و انّ هذا صراطي مستقيما فاتبعوه و لا تتبعوا السبل… » (الانعام 153)
« قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني وسبحان الله » (سورة يوسف 108)
بقلم : عبد السّلام بو شدّاخ، احد مؤسسي الحركة الاسلامية في تونس باريس في 10جانفي 2008.
عام هجري جديد نستقبله و عام آخر نودّعه
نتمنّى على الله ان يجعله عام خير للأمة الاسلامية جمعاءوللشعب التونسي عام سعادة وهناء ورّخاء وللأسرى عام حرية و وئام
وللمعارضة التونسية عام توفيق لما فيه خيرالبلاد بالحكمة من اجل تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة
في هذه الايام يستعد العالم الاسلاميّ والبلاد التونسية جزء منه لاستقبال عام 1429 جديد و توديع عام آخر بأفراحه واتراحه نسجّل بارتياح خروج اخوة لنا من السجن وكلهم امل للانصهار في داخل المجتمع الذي غابوا عنه طوال السنين الطوال و لكنّهم اصتدموا بواقع مريرمن الجوع والفقر وقلّة ذات اليد ليس لعجز منهم ولكنهم لارادة في غلق ابواب الرزق في وجوههم و الزيادة في اهانتهم والتضييق عليهم بتشديد المراقبة الادارية عليهم.
هكذا تمرّ السنين ولا تتشابه وهي سنة من سنن الله في خلقه و صدق الله العظيم اذ قال في سورة آل عمران : » وتلك الأيام نداولها بين النّاس » (آل عمران 140) . لقد شهدنا عام مليء بالاحداث المؤلمة و الجرائم البشعة التي ارتكبت في حقّ الشعوب العربية والاسلامية فكم من دماء سالت و كم من ارض سلبت و كم من ارزاق قطقت و كم من فتن دبّرت وكم من بلاد خرّبت في هذا العام الذي رحل في هذه الايام ولسّائل ان يتسائل من وراء كل هذا؟
ها نحن الآن نستقبل عام جديد و كلّنا امل في المستقبل رغم الجراح و الآلام و كلنا ثقة في وعد الله الذي دوّنه في سورة الرّوم اذ قال: » و كان حقّا علينا نصر المؤمنين » (الرّوم 47) اذ لا يحلو لنا الفرح ولا الاكل والشرب واخوان لنا في غياهب السّجون معاناتهم لا تزال متواصلة منذ ما يقارب العقدين.
فهل من مجيب لدعاء الاموات بلا أكفان و بلا قبور؟
هؤلاء الصامدون المحتسبون الصابرون طوال السنين الطوال‘ نسال الله العلي القدير ان يفرّج عليهم قريبا‘ انه سميع عليم‘ ولا ننسى اخواننا المسرّحين الممنوعين من العمل او من السفر ولا المشردون في جميع اصقاع العالم‘ نسال الله تعالى ان يجمعنا و اياهم على ارض الخضراء الحبيبة‘.
هذا الوضع الذي وصلنا اليه في تونس الحبيبة هو نتيجة اخطاء ارتكبها بعض الفاعلين في الساحة السياسية التونسية وبعض الاطراف من الوسط الاسلامي غرورا منهم من جهة. وبعض الاطراف من داخل السلطة الذين لا يعتمدون على الحوار و لا الوفاق بين الفرقاء والشركاء في الوطن ضنّا منهم انّهم سوف يحطّمون ارادتهم في التغيير السلمي فهم واهمون واهمون واهمون لان ارادة الشعوب لا تقهر.
وحتّى نكون منصفين مع خصومنا علينا ان نعترف بداية ان تصرّف النظام في نوفمبر1987 كان قد تصرّف مع الاسلاميين بشكل ايجابي وهو ما دفع الاستاذ راشد الغنوشي للإطناب في مدح هذا النظام. اذ سرّح النظام حوالي 2000 من المساجين السياسيين من بينهم الاستاذ راشد الغنوشي المحكوم عليه بالمؤبّد، و حفظ ما يسمى بقضية « المجموعة الأمنية » او « مجموعة الانقاض الوطني » مثلما يحلو للبعض تسميتها و هي في الحقيقة محاولة انقلابية أقدمت عليها بعض العناصر القريبة من الحركة الإسلامية.
ثم أعلن عفوًا عامًا، ظهر فيما بعد أنه انتقائي، و أعاد المساجين المسرحين إلى وظائفهم و أعمالهم السابقة . و عوّض للمحكومين بالبراءة منهم، ثم منح رخصة قانونية للإتحاد العام التونسي للطلبة و سمي الاستاذ عبد الفتاح مورو، الرجل الثاني في النهضة آنذاك في المجلس الإسلامي الأعلى، و أشرك الاستاذ نورالدين البحيري، في صياغة و التوقيع على الميثاق الوطني الى جانب الأحزاب السياسية القانونية و سمح بالمشاركة بقوائم مستقلة في الانتخابات التشريعية لسنة 1989، و رخص للسيّد حمادي الجبالي لإصدار صحيفة أسبوعية « الفجر » القريبة من الحركة الاسلامية.
و في نوفمبر 1988 استقبل الرئيس التونسي رئيس حركة الاتجاه الاسلامي بقصر قرطاج وكل هذه الخطوات التي عدّدناها كانت ايجابية ومن الواجب علينا عدم تغافلها او نسيانها.
ولكن في سنة 1990 مع احتلال القوات العراقية لدولة الكويت هذا الموقف الذي سانده الاستاذ راشد الغنوشي ،هو موقف نشاز و لا يقبل به عاقل في صلب الحركة الاسلامية تزامن مع بداية قمع الاسلاميين بشاركة مع و مساعدة و مساندة وقتها من العديد من « الزعماء الديمقراطيين » و « المناضلين الحقوقيين » المعارضين حاليًا وهذا امر لا يجب اغفاله او نسيانه. فمن كان موقفه الاقرار باغتصاب أرض جاره كيف يكون موقفه عندما يغتصب جار له بلاده أم أرضه ياترى؟
عشرون سنة مرت فماذا أنجزنا لمشروعنا
و بعد عقدين من المعاناة والصبر لا حظنا أننا كإسلاميين نفتقر إلى أسس تربوية و عقدية صلبة و راسخة و ذلك ما يفسر الإنهيار و السقوط لدى البعض منّا منذ اللحظات الاولى و المشاكل التي عشناها فيما بيننا أرجعها في مجملها إلى ضعف الجانب التربوي و التعبدي و عدم رسوخ العقيدة فلم نعد نجد ذلك الأخ الربّاني الجلد المحتسب الزاهد مما سهل السقوط السياسي و حتى الأخلاقي ؟
وإخوة قيادات المهجر لم يستفيدوا مما بين ايديهم من إمكانيات لتاسيس الفرد المسلم المنشود و ذلك ما يفسر السباب و الإنفعالات و نشر الغسيل دون مراعاة لأواصر الأخوة أو التاريخ المشترك. لا بد أن تكون أولى الاولويات توفير البرامج و الظروف التي تساعد على تخريج عدد كاف من القيادات الربانية حتى لا نضطر إلى تكليف غير الكفء و الأولى بنا ان يكون كسائنا على قدر ارجلنا.
و هنا لا بد من الإشارة إلى أنه و الحق يقال فكرت الحركة الإسلامية في تونس في هذا الامرمنذ بداية التأسيس و ان كانت التربية و التكوين لم تكن كافية من حيث التطبيق لان اخواننا في القيادة كانت اولوياتهم تختلف و طغى عليها التسرّع والغرور في بعض الاحيان و لقد عرض مشروعا متكاملا لتكوين الفرد المسلم على مدى سنوات و لكن هذا المشروع بقي حبرا على ورق. فلماذا لم ينهض بذلك المشروع إخوة المهجر خلال ما يناهز العقدين من استقرارهم بالمنفى؟
وللحقيقة لانّ الحقّ مرّ كما قيل و » قل الحقّ ولو على نفسك » و الاعتراف بالحقّ فضيلة و بصراحة و للتاريخ على قيادة النهضة آنذاك، أن لا تنسى مسؤوليتها السياسية و الاخلاقية في مبادرتها بمواجهة النظام ، وضمنيّا في مأساة المساجين السياسيين لان السبب الاساسي هو غياب التكوين التربوي الاساسي للافراد و للاطارولقد اعتمد التركيز على من يحسن الكلام في الحلقات العامة او اصحاب العظلات المفتولة. و صدق الله العظيم اذ قال في سورة فصلت « من عمل صالحا فلنفسه و من أساء فعليها و ما ربّك بضلاّم للعبيد » (فصلت 46) و قال تعالى في سورة الانعام « .. ولا تكسب كلّ نفس الا عليها و لا تزر وازرة وزر أخرى ثمّ الى ربّكم مرجعكم فينبّئكم بما كنتم فيه تختلفون » (الانعام 164) .
و على كل حال، يمكن أن نتفهّم ان من حق النظام أن يدافع عن نفسه و عن المجتمع الذي يتحمّل مسؤولية امنه وضمان الاستقرارفيه. و لكن في إطار الاحترام لحقوق الإنسان، و دون نظام العقوبات الجماعية و تعميم القمع الى الأسر بأكملها وانتهاءا بتدمير المجتمع بأكمله.
و للحقيقة التاريخية ايضا ان النظام لم ينجح فقط في دوام حكمه طيلة عشرين عاما فحسب بل نجح ان يحقّق الاستقرار الاجتماعي. في الوقت الذي فشل خصومه ان يزيحوه او ان يشكّلوا قوّة ضغط ذات بال تجبره على اخذ مطالبهم بعين الاعتبار. وهذا ينطبق على من كانت في الثمانينات القوّة الثانية في البلاد. ان قيادة هذا التنظيم الذي فقد ما كان له عزّ و ريادة و ما بقي له الا تعداد المصابين والمرضى و المعاقين و العاطلين عن العمل.
هذا الطاقم الذي اختار تأبيد القيادة في المهجر مسؤوليته عظيمة امام الله اولا ثمّ مسؤوليته امام الاجيال اعظم . هذه القيادة حكمت على الحركة بالانتحار الجماعي و البطيء فان كانت تتوهّم انها سوف تعود للبلاد غانمة نسيت او تناست ان النضال لا يكون بالوكالة من وراء البحار بل الساحة و مشاركة شعوبهم الآلام و الآمال والجوع والحرمان. « ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولّون الادبار و كان عهد الله مسئولا قل لن ينفعكم الفرار ان فررتم من الموت او القتل واذا لا تمتّعون الا قليلا » (سورة الاحزاب 15- 16).
مع العلم انني لا الوم الاخوة الذين خرجوا من البلاد هروبا بدينهم و عوائلهم و انما لومي ينحصر على الطاقم القيادي فقط لا غير.
ففي نوفمبر 2003 حدّد الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن سياسته الخارجية التي اتبعها نصف قرن بإعلانه « أن الاستقرار لن يشترى على حساب الحرية ». كانت هذه مقدمة برنامج ندوة لمعهد أمريكان إنتربرايز www.aei.org عقدت في العاصمة الأمريكية تحت اسم « معارضون وإصلاحيون من العالم العربي ». وكما ذكرت « دانيل بليتكا » نائبة رئيس المعهد لشئون دراسات السياسية الخارجية وسياسة الدفاع أن الإستراتيجية الأمريكية لن يكتب لها النجاح دون وجود الكثيرين من العرب الذين يحملون مشاعل الحرية من أجل التغيير في بلدانهم.
وخلافا للكثيرين من النشطاء في دول الشرق الأوسط الذين ينخرطون الآن في معارك متواصلة من أجل الحريات الفردية، والاقتصاد الحر وسيادة القانون.
تحدّثت آنذاك السيدة نايلة حشيشة بنت محمود شرشورعن الحالة التونسية فذكّرت بغياب مجتمع مدني حقيقي مستقلّ عن السلطة. وكانت فرسة لها لكي تتحدث عن جدوى الانتخابات الحرّة التي اتفاد منها الاسلاميون في العالم العربي و الاسلامي كلما تمكّنوا من المشاركة في جو من الحرية النسبية.
وذكرت السيدة نايلة حشيشة بنت محمود شرشور على سبيل المثال الاسلاميون في تونس اذ كانوا القوة الوحيدة المنظمة في البلاد التونسية القادرة على منافسة الحزب الحاكم بعد ان فقد عناصر القوة لتأطير الجماهير و اصبح مجرد مؤسسة ادارية بيروقراطية تطحن الجميع فاقدة لاي برنامج سياسي.
ولعل هذا هو السبب الحقيقي من وراء كل هذا التنكيل بكلّ نفس اسلامي اصيل و ما المحاكمات المتكررة الى سنة 2008 الا دليل اضافي بتاكيد هذا الخوف المفرط من النظام من أي نفس اسلامي يطمح للحرية و هو يعاني من سياسة الاقصاء.
وهذه السيدة نايلة حشيشة بنت محمود شرشور تحدثت منذ نوفمبر 2003 فهي ترى ان في ظلّ سيطرة نظم الحكم الديكتاتورية لا توفّر الانتخابات الحرّة كحلّ ديموقراطي فتصبح الانتخابات وسيلة غوغائية للوصول للحكم عن طريق اثارة النوضى. وهؤلاء النشطون العرب كما ذكر برنامج الندوة يخاطرون بتعريض أنفسهم للزج في غياهب السجون، هؤلاء الأفراد هم أعمدة بناء الشرق الأوسط الجديد ويمثلون الأصوات الأصيلة المعبرة عن الشعوب العربية.
كما ذكرت السيدة نايلة حشيشة بنت محمود شرشور ان حرية التغيير بالوسائل السلمية في البلاد التونسية منعدمة و تحدثت عن عدم وجود فعلي للتجمع الدستوري الديموقراطي كحزب سياسي يأطّر الجماهير لانّه تحوّل الى جهاز اداري لا يمكن الاستغناء عنه من طرف لي مواطن في البلاد. وقد تسائلت السيدة نايلة كيف يمكن ان يحدث تطور في المستوى الشعبي في غياب أي ممارسة ديموقراطية حقيقية.
ونادت السيدة نايلة حشيشة بنت محمود شرشور بضرورة تحييد الدّين الاسلامي في المجتمع التونسي حتّى لا يقع استغلاله سياسيا قبل الانتخابات.ز قالت ايضا انها تشعربالانتماء الى منطقة الحوض الابيض المتوسّط اكثر من الانتماء للعالم العربي الاسلامي مع تشبّثهابحقوق المواطنة التونسية([1]).
و اننا اذ نشهد للسيدة نايلة حشيشة بنت محمود شرشور بالجرأة والشجاعة في اللقاء الصحفي التي اجرته مع جريدة امريكية (Middle East Quarterly) و التي كانت فرصة منها لتسليط الااضواء على مأساة الواقع السياسي في تونس منذ سنة 2003 و الذي لم يتغيير في مجالات التحرّر الاقتصادي والاجتماعي و كذلك في مجال الديموقراطية وتعدّد الاحزاب وضرورة القبول بالتواجد الاسلامي في المجال السياسي وهي تنادي الى تحييد الدين في المجال السياسي.
محكمة تونسية تودّع السنة بأحكامً قاسية
القضاء التونسي اصدرحكمه يوم 30 ديسمبر2007 على اثنين من التونسيين الثلاثين الذين يحاكمون منذ نوفمبر2007 بتهمة الارهاب والتآمر بالاعدام فيما حكم على ثمانية اخرين بالسجن المؤبد، وهي تعتبر واحدة من أكثر القضايا اثارة للاهتمام في شمال افريقيا. وقد اندلعت احداثها في مطلع عام 2007 بمواجهات مسلحة نادرة في تونس بين المجموعة السلفية وقوات الأمن اسفرت عن 14 قتيلا.
كما حكم بالسجن ثلاثين عاما على سبعة متهمين آخرين يمثلون امام المحكمة الابتدائية في تونس العاصمة لوقائع تعود الى ديسمبر 2006 وجانفي 2007. واعلنت المحكمة انها حكمت على المتهمين الاخرين بالسجن لفترات تتراوح بين خمس سنوات وعشرين سنة. كما قضت أيضا بوضع جميع المحكوم عليهم تحت الرقابة الإدارية لمدة 5 سنوات باستثناء متهمين، إلى جانب تحويل المحجوز لديهم من أموال وسيارات وأسلحة وذخائر إلى صندوق الدولة.
قالت مصادر حقوقية تونسية يوم 8 جانفي 2008 إن أعضاء المجموعة السلفية تقدموا بطعن في الأحكام الصادرة ضدهم بتهمة بالتآمر على أمن البلاد. وأشارت إلى أن ملف الطعن في الأحكام التي صدرت عن الدّائرة الجنائيّة التابعة للمحكمة الإبتدائية بتونس العاصمة،تم تحويله إلى هيئة الدائرة الجنائية بمحكمة الإستئناف بتونس العاصمة
وأسفرت تلك الإشتباكات عن مقتل ضابط من الجيش التونسي برتبة نقيب، وعنصر أمن وجرح 3 آخرين، بينما قتل 12 من أفراد المجموعة وفق حصيلة رسمية. ان هذه الفئة من المجتمع التونسي التي اختارت فكرة العنف وسيلة مناسبة لتحقيق اهداف سياسية او فكرية هي نتيجة انسداد آفاق الحوار.
انّ الدعوة الى اطلاق سراح ما بقي من ابناء الحركة في السجون ملحّة اكثر أي وقت. اذ كفى الحركة الاسلامية ما دفعت نتيجة اخطاء بعض افرادها من تشريد و سجن و تعذيب حتّى الموت احيانا لبعض المناضلين قليلي التجربة‘ وقع دفعهم في طريق مسدود نتيجة خيار غير سليم لم يقع الاجماع حوله من اجل ان نفتح صفحة جديدة للتامّل و المراجعة و المحاسبة فيما بيننا في داخل القطر لا خارجه. و بذلك فقط يمكن للدرّ ان يعود الى معدنه و تاخذ الصحوة الاسلامية موقعها في كنف الوضوح الكامل.
و لذلك نصحنا ولا زلنا نصرّ في النصح لاخواننا في داخل القطر ان يحسموا فيما بقي من الحركة بالمهجر التي استحوزت على آلامنا و آمالنا و تضحياتنا و استغلّتها في غير موضعها. انّه آن الاوان للحسم و ايقاف النزيف على المستوى السياسي والتنظيمي والاعلامي. يقول الله تعالى في سورة الاحزاب » قل لن ينفعكم الفرار ان فررتم من الموت او القتل واذا لا تمتّعون الا قليلا قل من ذا الذي يعصمكم من الله ان اراد بكم سوءا او اراد بكم رحمة و لا يجدون لهم من دون الله وليّا ولا نصيرا » ( سورة الاحزاب 16-17)
كنا قبل المحنة العظمى وهي محنة تهجير قيادة الحركة نتجشم الصعاب الأمنية للإلتقاء مرة في الأسبوع في مكان آمن لنتدارس ديننا أو نستمع لشريط نخفيه.
أما اليوم فكل تلك الكتب و الأشرطة متوفرة على الشبكة العنكبوتية التي أضحت في متناول الجميع سواء في داخل القطر او خارجه. فما المانع من احياء البرنامج التكوينية التي وقع تربية شباب الحركة عليها قبل المحنة. ان هذه البرامج هي التي ساهمت في تكوين القيادات و العناصر الفاعلة القوية الأمينة على مصير الشعب التونسي عل مرالسنين في السبعينات و النصف الاوّل من الثمانينات. و في ذلك يتنافس زوار المنتديات و المواقع و بذلك تستعيد الكتابة قيمتها.
فإني لا أتهم أحدا بعدم الإخلاص و لا أنتقص من الجهود المبذولة أو الرسالة التي تقدمها تلكم المواقع الإلكترونية فذاك مما لا ينكره إلا جاحد و لكني أتألم عندما أرى أننا نبذل الجهد و نبذر دون خطة واضحة بل نضيع و قتا ثمينا في مهاترات لا تقدم ولا تؤخر و الحال أننا في أشد الحاجة للبناء و التأسيس و الإعداد إعداد البدائل و الإجابة عن الأسئلة المكررة و التي تثار من حين لآخر لإلهائنا و تشتيت جهودنا و شق صفوفنا.
وفي الاخير‘ ليس لنا ملجئ الا لله نشكو له حزننا ‘ و نقول حسبنا الله و نعم الوكيل ‘ فهو نعم المولى و نعم النصير ‘ فهو ربّ المستضعفين وهو ربّنا‘ وحسبنا الله و نعم الوكيل ونستلهم موقفنا هذا من دعوة الله في منزّل كتابه الكريم ‘‘ الذين استجابوا لله و الرّسول من بعد ما اصابهم القرح ‘ للذين احسنوا منهم و اتقوا اجر عظيم‘ الذين قال لهم النّاس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا و قالوا حسبنا الله و نعم الوكيل ‘ فانقلبوا بنعمة من الله و فضل لم يمسسهم سوءا و اتّبعوا رضوان الله و الله ذو فضل عظيم ‘‘ (آل عمران 172 ) « من عمل صالحا فلنفسه و من أساء فعليها و ما ربّك بضلاّم للعبيد » (فصلت 46)
» ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولّون الأدبار و كان عهد الله مسئولا » (الاحزاب 15.) ‘‘انّ الله لا يغيّر ما بقوم حتّى يغيّروا ما بأنفسهم و اذا اراد الله بقوم سوءا فلا مردّ له وما لهم من دونه من وال ‘‘ (سورة الرعد 11) صدق الله العظيم
ماذا سيتغيّر بعد دخول تونس منطقة التبادل الحر مع أوروبا ؟
و اليوم و نحن في سنة جديدة /1429/2008 لا يسعنا إلا أن نؤكد على أن الإصلاح ضرورة بالنظر إلى التحديات الكبرى التي لا مناص من مواجهتها. الأكيد أن سنة 2008 ستمحور سياسيا في بلادنا حول تكثيف الاستعدادات السياسية للانتخابات الرئاسية والتشريعية التي ليست لنا فيها ناقة ولا جمل ولسنا مستعدين ان نحشر ما بقي من مناضلينا فيها لصالح طرف على حساب طرف آخر.
و ان ما يحدُث داخل الساحة النقابية، اذ انه من المنتظر ان تكون الإضرابات العُـمالية والقطاعية، تعرف وتيرة متصاعِـدة في هذا العام، وهو ما يجعل سنة 2008 ستكون سنة توتُّـر اجتماعي بارز. اذ غلاء الاسعار اصبح ظاهرة حادة تقض مضجَـع أغلب السكان، بما فيهم الطبقة الوسطى، التي أصبحت مرهُـونة لدى البنوك، كما أن الخصخصة لا تزال تخلِّـف وراءها ضحايا يتزايدون في كلّ سنة و جبهة العاطلين عن العمل، إلى جانب ما تلفضهم المدارس والجامعات كل عام نحو سوق الشغل.
و لعل أبرزها للعيان الوضع الاقتصادي و الاجتماعي الذي ينعكس إيجابا أو سلبا على مستوى عيش المواطن بشكل آلي و مباشر,فانطلاقا من غرة جانفي 2008 تدخلو لغلّ دخول البلاد التونسية منطقة التبادل الحر مع الاتحاد الأوروبي يجعلها في منافسة مباشرة مع أكبر و أعتى العمالقة في المجال الاقتصادي الرؤسمالي.
إن حجم التحدّيات التي تواجه البلاد يتطلّب إصلاحات سريعة و عميقة. و الكلّ يعلم أن الحلول اللازمة ليست حلولا تقنية بقدر ما هي اختيارات جوهرية تشمل السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي.
فهل ستكون سنة1429 سنة انفتاح يفرج فيها على المساجين السياسيين و يتحرر الإعلام و يستقل القضاء و تتجسم دولة القانون و المؤسسات ؟
ونحن اذ نعتزّبمشروعنا الحضاري وخطّنا الدعوي السّلمي ندعو اخواننا بالتمسّك بوحدة الصفّ و الالدعوة للتصالح فيما بين شعبنا بجميع فؤاته و مكوّناته بدون اقصاء لأننا نؤمن بأن أمل شعوبنا فينا كبيرما دمنا متمسّكين بديننا و قيمنا و هويتنا و هذا ما نصبو إليه من أجل عزة تونس و كرامة شعبنا. و صدق الله العظيم اذ قال في سورة الاسراء : » وقل جاء الحقّ وزهق الباطل انّ الباطل كان زهوقا » (الاسراء 81) و السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
باريس في 10جانفي 2008
بقلم : عبد السّلام بو شدّاخ، احد مؤسسي الحركة الاسلامية في تونس
[1] –http://www.taqrir.org/showarticle.cfm?id=106
في سوسة تجاوزات عديدة
لمن تقرع طبول الهجوم ؟؟
الثقافة في تونس عام 2007: محاولات مميزة وسط تكلس ثقافي عام
تونس ـ القدس العربي ـ من سفيان الشّورابي: هل من الممكن فعلا الحديث عن موسم ثقافي متكامل بالمعني الصارم للعبارة في تونس؟ هل الحيز الثقافي في هذا البلد له من المقومات الأساسية التي تسمح له بأن يعبر عن سياسة ثقافية متكاملة تتيح تأطير الدوكسا المحلية وتحصين الهوية الذاتية في مواجهة القولبة والتنميط المنتشر والمتغلغل حاليا من خلال نوافذ لا تحصي ولا تعد؟ الأكيد أننا نضيف جرعة من المبالغة حين نقر بأن تونس تعرف حراكا ثقافيا حيويا ونشطا. لذلك من المفيد الاعتماد علي عدسة مكبّرة للنبش عن تظاهرات ومحافل يمكن تصنيفها من زاوية الفعل الثقافي الخلاق. وسنصدم خلالها أن أكثرها هو وليد لإرادة ذاتية، مصيرية في غالب الأحيان، تقفز علي جمود الواقع وجحود صانعي القرار.
مسرحية خمسون (نص جليلة بكار فاضل الجعايبي ـ إخراج فاضل الجعايبي) مثلت حدث العام بامتياز، ويحتكر لنفسه القول عن رصيد ثقافي طيلة السنة الجارية. عمل نوعي نادر الحدوث منذ سنوات عدة في تونس. خمسون وحّدت الزمان والمكان لمساءلة النخب المثقفة حول مصير البلاد بعد مرور خمسين عاما من الاستقلال. وعالجت، وفق منظار مباشر وصريح حدود التطرف المتلبس بالدين في مشهد نقدي واجه الجميع دون استثناء؛ مثقفي البلاط كما مثقفي المعارضة، وكلهم تحول إلي مثقف السلطان.
المسرحية انطلقت في عرض أولي محطاتها خلال شهر شباط (فبراير)، بعد نصف سنة من المنع ومن الحظر. وتزامنت، ويا للصدفة، مع خروج شريط آخر فيلم (إخراج النوري بوزيد)، المتحصل علي جائزة التانيت الذهبي لمهرجان قرطاج السينمائي، إلي قاعات السينما التونسية سنة 2006، والذي يتطرق للقضية الشائكة هي نفسها، بشكل آثر ملامسة المشكلة من جذورها، إلي آفة انتشار التيارات المتطرفة وانسياق الشباب في أطروحاتها.
ومن الجزم القول، بأن إطلاع الجمهور المتعطش للثقافة المغايرة والبديلة التي تكشف أهم أمراض المجتمع، من خلال هذين العرضين، طرح بقوة قدرة الجهات الرسمية في التعامل مع أنشطة فكرية وثقافية تغوص مباشرة في الأسئلة الوجودية التي تشق راهن مجتمعاتنا ورهاناتها. فلولا مكانة المخرجين علي جميع الأصعدة، وحزمة التضامن الذي دعمهما، لما كان لعمليهما أن يري النور. ولكن، هذا لا يمنع من التعريج علي بضع أحداث ومحاولات وأنشطة، حاول أصحابها القطع مع رتابة المشهد الثقافي المحلي وتكلسه.
سينما
يبدو أن وتيرة إنتاج الأشرطة السينمائية بدأت تعرف منهجا تصاعديا، وان كان ببطء بليد. فزيادة إلي الشريط السابق، أنهي المخرج علي العبيدي في شهر تموز (يوليو) الماضي تصوير شريطه الروائي الرابع بعنوان الساعة الأخيرة (بطولة علي الخميري ـ منصف السويسي ـ ريم الرياحي ـ سامي القطاري). كما أتم الثنائي اللامع جليلة بكار والفاضل الجعايبي عملية تحويل مسرحيتهم ذائعة الصيت جنون إلي فيلم، ومن المنتظر أن تبثه في مستهل السنة القادمة قاعة سينما أفريكاآرت التي مثلت من جهتها موعداً لأحباء السينما، وذلك بفتح أبوابها من جديد بعد سنوات من غلقها، وتعهد المشرفين عليها بالالتزام بعرض ما جاد به المنتوج السينمائي العربي من أفلام هادفة، لا غير. وبنوع من الغيرة الايجابية، عاد الفاضل الجزيري إلي حقل السينما بعد سنوات من الغياب راوح خلالها بين الأعمال المسرحية والعروض الفرجوية الغنائية. وتكون العودة التي أحدثت صخبا إعلاميا بانطلاق تصوير شريط ثلاثون الذي يتناول مسيرة المفكر الطاهر الحداد وبعض ممن عاشروه، من الذين تركوا بصمتهم المتجذرة خلال حقبة الثلاثينات من القرن العشرين.
تميز التونسيين في هذا الميدان، برز بشكل لافت، بحصول المخرج نوري بوزيد لجائزة بن رشد للفكر الحر التي تسندها مؤسسة فكرية بنفس الاسم، وذلك لمساهمته المتميزة بأعماله السينمائية في التوعية وإرهاف الحساسية ضد الظلم وإثراء الفكر النقدي في المجتمعات العربية. فأفلامه تميزت إجمالا بنقد في مضمونها للأنظمة الأبوية وللسجن السياسي وللحروب غير العادلة ولتشغيل الأطفال. كما تحصل المخرج السينمائي عبد اللطيف كشيش، هو الآخر، علي جائزة النقاد الدوليين في مهرجان البندقية لشريطه البذرة والبغل مناصفة مع شريط أمريكي.
ولكن، يبقي تغييب الموت لأحد أبرز الوجوه الطليعية من الذين نحتوا بأحرف من ذهب، المدونة السينمائية التونسية، المنتج أحمد بهاء الدين عطية، إحدي النقاط المأساوية التي صبغت السنة السينمائية الماضية. وهو ما عمل علي إعطائه المكانة التي يستحقها ورد الجميل لمآثره من خلال إنجازه لشريط حول حياته، تكفل بإخراجه رضا الباهي.
مسرح
قد يتوارد في الذهن، أنه من غير المنصف تصنيف أيام قرطاج المسرحية في موقع ثانوي أو قليل الأهمية، نظرا لكونها كانت إلي حدود فترات قصيرة من الزمن، حصنا منيعا للمسرح وللمشروع الحضاري الحقيقي. ولكن، انحراف هذا الصرح بمرور الوقت نتيجة لعديد الفواعل والضغوطات عن طموحات مؤسسيه، جعلته يفقد بريقه وهيبته. دورة هذه السنة كانت باهتة الي حدود كبيرة علي نفس وتيرة حفل الاستقبال. مسرحيات خالية من النصوص وفقيرة من الفكر. وهي في أكثر الأحيان تعبيرات جسدية نفسية قد تحمل أبعادا، لكن الجسد لم يتمكن من إيصال جلها. فكانت أغلبها عروضاً راقصة فحسب.
هذا التراجع المخيف، قد يبدو أنه لم يجد له صدي يذكر في مهرجان مدينة قربة الوطني لمسرح الهواة في دورته الواحدة والثلاثين. هذا المحفل الذي بدأ يجلب أنظار المهتمين بالشأن المسرحي، أصبح موعدا سنويا يعدل الجميع عليه ساعتهم، للتطلع إلي آخر التجارب والاجتهادات المسرحية التي يخطها شبان متحررون نوعا ما من القيود الصارمة التي تفرضها الحرفية والمهنية. وبعيدا عن المهرجانات، لا بد من التعريج علي مسرحيتين، خلقتا التمايز وحققتا المزاوجة بين النص العميق والكوريغرافيا الرفيعة.
مسرحية آرت (فن) باللغة الفرنسية للكاتبة ياسمين رضا وإخراج محمد كوكة وتمثيله إلي جانب هشام رستم ورؤوف بن يغلان في تجسيد متقن لثلاثة شخصيات متضاربة المواقف وغريبة الأطوار. إلي جانب مسرحية كينغ خميس لفرقة الشراع المسرحية بإدارة حليمة داود التي قامت بإنتاجها واشتركت في إخراجها مع جميل الجودي، ويقومان ببطولتها إلي جانب محمد سعيد ونجاح العلوي ومحمد صالح مقلي. وتتمحور قصتها حول رئيس فرقة مسرحية ما يزال متمسكاً بعد بالمسرح الجاد، يناضل ضد صاحب المستودع الذي تكتريه فرقته والذي يطالب باسترجاعه لهدمه.
فنون تشكيلية
يلاحظ في تونس أن معارض الفنون التشكيلية بجميع أصنافها تحظي بمكانة مختلفة عن بقية أنواع الفنون، ربما لخصوصية هذا الشـــــكل من التعبير والإبداع. فالأروقـــــــة التي تقدم حصيلة منتـــــج رسامين ونحاتين سواء من المحترفين في هذا الميدان أو من قبل طلاب الفنون الجميلة لا تحصي ولا تعد، بالرغم من تمركز أغلبها في العاصمة تونس.
ومن الصعب في هذا المقام، الإتيان علي جميع معارض الفنون التشكيلية، فانه من المتاح أن نذكر علي الأقل حدثا في هذا المضمار، والذي استطاع بالرغم من محدودية الإمكانيات المالية المتوفرة له أن يجمع لفيفا ضخما من المولعين بالفن التشكيلي، ويتعلق الأمر بمهرجان مدينة المحرس أثناء الصائفة الماضية تحت عنوان المحرس ورشة عالمية للإبداع . ملتقي جاء ليؤسس للمشروع الفني المشترك، وأن يجد مساحة زمنية كافية وإطارا ملائما يتم ضمنه طرح المسائل. مهرجان استطاع جمع ألف فنان تشكيلي حيث صيغت الألوان والحوار الكامن في المتعة.
إصدارات
بالرغم مما قيل عن تخفيف الرقابة والحط من القيود المفروضة علي إصدار الكتب وغيرها، فان أزمة النشر في تونس ما زالت قائمة إلي حد الآن وتتمظهر بشدة في قلة الكتب الثرية واللامعة وضخامة عدد العناوين التي تنتظر الموافقة عليها من قبل الأجهزة الإدارية. ولكن هذا لا يمنع من وجود عدد من المطبوعات التي وفّق كتابها في توفير الحد الأدني من شروط الكتابة الجادة. كتاب الوجه الآخر للمجتمع التونسي الحديث (دار تبر الزمان) لعالم الاجتماع التونسي محمود الذوادي يحتوي علي مجموعة دراسات مختلفة لظواهر اجتماعية متنوعة بالمجتمع التونسي، رصدها المؤلف كنتيجة لتفاعلات احتكاكه المباشر به، وركز خلالها علي دراسة هويته وعلي بعض جوانب معالم طبيعته حول ما سماه بـ الشخصية القاعدية للفرد التونسي .
ذاكرة المعيش (دار سيراك للنشر) باللغة الفرنسية للباحثة في علم الاجتماع تركالي زناد وتناولت فيه مفاهيم شديدة القرب من كينونة الإنسان وذات فعل عميق في نظامه القيمي ويستند إلي مفهوم المخيال الجمعي. كتاب ورد في شكل حوار بعنوان الحداثة والحرية أجراه الصحافي ناجي الخشناوي مع المفكر التونسي محمد الحبيب الجنحاني، ويعالج أثناءها إشكالية الحداثة والمقاربة مع العولمة والديمقراطية والمجتمع المدني.
تطور الخطاب السياسي في تونس إزاء القضية الفلسطينية ما بين 1920 و1955 لعبد اللطيف الحناشي، بحث خلاله في عناصر الخطاب السياسي التونسي تجاه الشأن الفلسطيني. بورقيبة والمسألة الدينية لآمال موسي، هو عنوان آخر يضاف إلي قائمة كتب اشتغل فيها أصحابها علي تدوين مسيرة الرئيس التونسي الراحل، تنظر من خلاله مؤلفته في علاقة الحبيب بورقيبة، أبي الحداثة التونسية، بالدين وتبرز كيفية تعامله معه نصا وعقيدة وسلوكا طيلة فترة حكمه.
إلي جانب المؤلفات الفكرية المذكورة، هناك أيضا كتب أدبية رفيعة علي غرار رواية ملفات مليحة للأديب عبد القادر بن الحاج نصر وديواني الشعر أنشودة الحرية بين نعل و أقسمت أن ينتصر الصندوق للشاعر الصادق شرف الدين، كتاب في الأدب العربي ـ ظواهر أدبية ومقاربات نقدية للناقد أبو زيان السعدي.
موسيقي
اتسمت معظم المهرجانات الموسيقية، وخصوصا منها الصيفية التي تميز تونس عن بقية جيرانها منذ عقود، بهيمنة المسحة الاحتفالية والبهرجية عليها. وهو ما أعطي انطباعاً عاماً بأن موجة أغاني الهش البش قد تمكنت، حقيقة من آخر معاقل الفن الجميل. وأقصد بذلك مهرجان قرطاج الدولي، أحد أعرق المهرجانات الفنية العربية وأحد البوابات لمنح الفنانين تأشيرة النجومية والشهرة. فبالرغم من تململ قطاع كبير من المثقفين التونسيين، واصلت إدارة المهرجان مرة أخري كراء خشبة المسرح لفائدة قناة روتانا الفضائية، لتحل علينا آخر فنانات الفن السريع والمعولم . في الجهة المقابلة، حققت بعض المحطات الغنائية نجاحا متميزا وبدأت تسحب البساط رويدا رويدا عن مهرجان قرطاج، وأذكر علي وجه التحديد، مهرجان المدينة خلال شهر رمضان في دورته العشرين الذي قدم عروضا ليلية استقطبت أصواتاً غنائية مغيبة ولكنها لها باع كبير من حيث القدرة علي الأداء وإتقان المعزوفات وسمو المحتوي. ومن بين العروض التي تركت بصمتها في ذلك المهرجان، حفل المطرب التونسي لطفي بوشناق، وفرقة الرشيدية لموسيقي التراث التونسي، ومجموعة عازفات المتركبة من سيدات للأغاني الطربية، وفرقة ناس الغيوان المغربية.
إلي جانب ذلك، واصل مهرجان مدينة الجم للموسيقي السمفونية مسيرته الخارقة، وجمع بين أعمدة ومدارج مسرح الجم الروماني اشهر المجموعات التي تؤدي الموسيقي التونسية، وتميزت دورة هذه السنة بمشاركة للأوركسترا السمفوني الإيطالي Isopiste Veneti. في الختام، هل يصلح القول بأننا نقلنا حصادا متكاملا للأنشطة الثقافية في تونس؟ طبعا الإجابة ستكون بالنفي. أولا، لأنه من غير المفيد سرد أن معظم التظاهرات غرقت في عدد كبير منها في نزعة محلية صرفة. وثانيا، لأن الكم لا يفرز دوما منتجاً نوعياً وراقياً في محيط متموج تتداخل فيه الاعتبارات السياسية بآمال أصحاب المال في العيش من هذا القطاع. أولم توقع الحكومة التونسية وبالاشتراك مع البنك الدولي مؤخرا علي اتفاق، لتخصيص مبلغ 72 مليون دولار لمشروع إدارة وإحياء التراث الثقافي في تونس؟ فما فائدة كل ذلك؟
(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 8 جانفي 2008)
أمريكا تنشر أحدث سلاح في العراق.. خبراء علوم الانسان
بغداد (رويترز) – يقول ديفيد ماتسودا انه قد يكون اخر شخص تتوقع رؤيته بالزي العسكري الامريكي يخرج من عربة مدرعة في العراق..
ماتسودا استاذ علوم الانسان بجامعة كاليفورنيا بالقرب من سان فرانسيسكو يصف نفسه بانه محب للسلام ويعارض الحرب في العراق وقام بابحاثه الميدانية في جواتيمالا ولا يحمل سلاحا ابدا.
ويقول « انا من كاليفورنيا. انا ليبرالي. انا ديمقراطي… دافعي هو أن آتي الى هنا لأساعد في إنهاء هذا الامر. »
وماتسودا مشارك في برنامج « الفريق الانساني » العسكري الامريكي الذي يشرك خبراء في علوم الانسان في كتائب القوات المقاتلة في العراق وافغانستان على أمل مساعدة القادة في الميدان على فهم الثقافات المحلية.
والبرنامج مثير للجدل.. فقد شجبه اتحاد علماء الانسان الامريكيون في أكتوبر تشرين الاول قائلا انه قد يؤدي الى تقديم تنازلات أخلاقية والاساءة الى سمعة المهنة والاسوأ من كل ذلك ان تصبح الشخصيات موضع البحث أهدافا عسكرية.
ويقول ماتسودا ان هذه المخاوف تستند الى سوء فهم لما اتفق على القيام به.
ويضيف « كان هناك رد فعل فوري في دوائر خبراء علوم الانسان فقد اختاروا ان يعتبرونا متعطشين للحرب. » وأضاف « جئت الى هنا لانقذ أرواحا ولأحول العدو الى صديق. »
ويقول الجنود في شمال شرق بغداد -المنطقة التي تحولت على مدى العام الماضي من واحدة من أسوأ مناطق العنف في العراق الى أفضل نموذج على تحسن الوضع الامني في أواخر عام 2007 – انهم يشعرون بالامتنان لخبرات ماتسودا في التحول من القتال الى اقرار السلام.
وقال السارجنت داستن بروجمان خبير العمليات التكتيكية النفسية الذي أمضى العام الماضي في محاولة كسب القلوب والعقول في الاعظمية التي ظلت حتى بضعة أشهر مضت واحدة من أكثر معاقل المتشددين السنة عنفا في العراق « هذا عامل ايجابي كبير. »
وأضاف « الرجال الذين خرجوا معه كانوا يقولون ان الدكتور ماتسودا شديد الذكاء… نحن نرى الصورة بشكل أشمل بمجرد الاصغاء اليه وهو يتحدث. »
وتابع « أعطاني الكثير من المعلومات التي لو كنت عرفتها قبل عام لكنت قمت بالكثير من الامور بشكل مختلف… أطلعني على تاريخ قبيلة العبيدي. الكثيرون هنا من افراد هذه القبيلة. كنت أعرف القليل عنهم لكني لم أدرك حجمهم. »
وعلى مستوى قيادي أعلى قال اللفتنانت-كولونيل ديفيد اوكلاندر نائب قائد اللواء الثاني المقاتل من الفرقة 82 المحمولة جوا الذي يضم خمسة الاف جندي ان ماتسودا قدم عرضا عن كيف يحل العراقيون الصراعات وكان له قيمة كبيرة في التعامل مع رجال الدين الشيعة.
وتابع « البرنامج كان ذا جدوى كبيرة في ضمان اننا عندما نتحاور معهم يتم ذلك بشكل يفهمونه ويقدرونه. »
ويقول ماتسودا انه وصل في الوقت المناسب تماما عندما اتاح تراجع مفاجيء في أعمال العنف فرصا جديدة للتعامل في المنطقة التي تعمل بها وحدته.
واللواء يمثل نموذجا للسياسة الامريكية الجديدة التي انتهجت العام الماضي وتمثلت في نشر أعداد أكبر من الجنود في العراق والتركيز بشكل أكبر على التفاعل مع المدنيين.
وقبل زيادة القوات لم يكن يغطي منطقة شمال شرق بغداد بما فيها نصف سكان العاصمة سوى لواء واحد من 800 جندي تعرضوا لبعض من أسوأ الخسائر في الارواح في العراق.
والآن تغطي المنطقة ستة ألوية منها اربعة مقاتلة كل يغطي ضاحية مثل الاعظمية السنية ومدينة الصدر الشيعية التي يسكنها نحو مليوني نسمة.
وفي الأشهر الستة الماضية تراجع العنف اذ انقلب زعماء القبائل السنية على متشددي تنظيم القاعدة وأعلن مقتدى الصدر رجل الدين الشيعي الذي تسيطر ميليشيا جيش المهدي التابعة له على مدينة الصدر وقفا لاطلاق النار.
وفي ديسمبر كانون الاول عام 2006 سقط 450 قتيلا في المنطقة أغلبهم على يد فرق قتل طائفية تحاول طرد الجماعات المنافسة من المناطق. وقال اوكلاندر انه لم يسقط سوى 15 قتيلا في الشهر الماضي اغلبهم في جرائم عادية.
ويوم السبت الماضي أمضى ماتسودا وهو يرتدي الزي العسكري الامريكي لكن بدون سلاح ساعتين مع جنود من السرية الثالثة من لواء الفرسان السابع في أحد شوارع الاعظمية حيث كان يتعين على الجنود الامريكيين قبل بضعة أشهر شق طريقهم بالقتال اما لدخوله أو الخروج منه.
كانوا يتجولون ويدخلون المتاجر ويشترون الشطائر ويأكلونها في الشارع وهم يداعبون الاطفال الذين بدا انهم يعرفون اسماءهم. وكانوا بين الحين والاخر يطرقون باب أحد المنازل للحديث. ولم يردوا دعوة على الشاي.
وكان أغلب السكان يتعاملون بود رغم أنهم شكوا من انقطاع الكهرباء وأعربوا عن شكوكهم في الحكومة التي يقودها الشيعة وقواتها الامنية.
وقال ماتسودا انه عرف الكثير في ذلك اليوم عن من الذي ينتقل الى المساكن المؤجرة ومن الذي يؤجرها وكيف تحصل عيادة محلية على الادوية وكيف حصل أصحاب المتاجر على التمويل لإعادة فتح متاجرهم.
وقال « امامنا فرصة هنا لاحداث تغيير بالنسبة لهؤلاء الناس. ويتعين انتهازها. »
من بيتر جراف
الصحراء الغربية: لا شيء غير الصبر!
محمد كريشان
تنتهي اليوم في ضواحي مدينة نيويورك الجولة الثالثة من المفاوضات بين المغرب وجبهة بوليزاريو حول مستقبل الصحراء الغربية المتنازع عليها منذ أكثر من ثلاثين عاما، دون أن يخرج عنها علي الأكثر أي شيء، ذلك أنه لم يسبق ربما أن شهدت مفاوضات في قضية دولية ما هذا القدر من التشاؤم أو حتي العدمية قبل انطلاقها فلم يصدر عن أي طرف سواء من المعنيين مباشرة أو من الدول المهتمة المشاركة كالجزائر وموريتانيا أية إشارة ولو محدودة بإمكانية تحقيق أي تقدم مهما كان ضئيلا.
أكثر من ذلك، أحد الوزراء الصحراويين اعتبر تصريحات رئيس الوفد المغربي إلي المفاوضات بأن الحكم الذاتي الموسع هو السبيل الوحيد لتسوية نزاع الصحراء إعلان وفاة وفشل مسبق للمفاوضات فيما قال سفير بوليزاريو في الجزائر قبل أيام إن المفاوضات الحالية ستكون آخر فرصة تعرضها الجبهة علي المغرب وان الاستعدادات للحرب جارية علي قدم وساق علي جميع المستويات، وهو نفس ما أكده تقريبا أحد أعضاء الوفد الصحراوي المفاوض أمس حين قال بأن المفاوضات لا يمكن أن تستمر إلي ما لا نهاية وأنه سيتم تقويم الأمر بعدها لتحديد الخيارات بما في ذلك العودة إلي الكفاح المسلح ضد المغرب.
لكل ذلك لم تتجاوز دعوة الأمين العام للأمم المتحدة الطرفين أكثر من الحث علي إجراء مفاوضات معمقة للتوصل إلي حل مقبول من الطرفين معترفا في ذات الوقت أن هذا الأمر يتطلب الوقت والصبر متعمدا علي ما يبدو تجنب تذكير كل من المغرب وبوليزاريو أنهما يفترضان أنهما لم يأتيا إلي هذه الجولة الجديدة من المفاوضات إلا بناء علي قرار الأمم المتحدة رقم 1754 الذي يطالب الأطراف المعنية باستئناف الحوار دون فرض شروط مسبقة مما كان يفترض معه أن يغيب تحديد المغرب المسبق للمآل المحتوم الذي تراه للمفاوضات وكذلك تهديد البوليساريو لما بعد المفاوضات إذا ما فشلت بعد جولتين سابقتين في حزيران (يونيو) وآب (أغسطس) الماضيين وكلاهما لم يتمخضا عنهما شيء ذو بال.
الأكيد الآن أن كلا الطرفين المتصارعين غير قادرين الآن علي فرض أجندتهما فلا الرباط يمكنها أن تجبر البوليزاريو والأطراف الدولية المعنية علي قبول صيغة الحكم الذاتي الموسع رغم ما تبذله من جهود لتبيان وجاهته، ولا البوليزاريو من جهتها بقادرة أن تكون في مستوي التهديد الذي تلوح به حاليا، ذلك أن العودة إلي الحرب الآن في منطقة هشة كالمغرب العربي، الذي انتقلت إليه أخطار تحركات القاعدة وعملياتها الخطيرة، ليست لعبة ولا أحد يمكنه أن يتخذ قراره بشأنها منفردا ولهذا فالكثيرون يستبعدون أن تدعم الجزائر البوليزاريو إذا ما عــنّ لها فعلا ترجمة تهديدها لأنها بذلك ستفتح علي نفسها وعلي المنطقة أبواب جهنم لأن مناخ النزاعات المسلحة هو أفضل ما تتوق إليه المنظمات الجهادية لإنعاش خططها وتنفيذها.
من ناحية أخري، لا يمكن للأمم المتحدة ولبعض الأطراف الدولية المؤثرة في هذا النزاع كالولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا أن يظلوا مراقبين لعملية تفاوض عقيمة إلي ما لا نهاية. سيكون عليهم في النهاية التدخل للتأثير في مجريات الأمور وتقديم مقترحات مبتكرة كأن يكون الحكم الذاتي المغربي مثلا مرحلة انتقالية قصيرة يستفتي الصحراويين في نهايتها عما إذا كانوا يريدون استمراره أو الانفصال نهائيا عن المغرب أو الاندماج الكلي فيه. الصبر الذي دعا بان كي مون الأطراف جيد ولكن يجب ألا يكون بلا حدود لأنه لا يعني شيئا وقتها سوي الجمود والجمود في هذه الحالة حاضنة ممتازة لانفجار محتوم لا يقرره موعده بالضرورة أحد طرفي هذا النزاع المتكلس.
(*) صحافي تونسي
(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 9 جانفي 2008)
الهند تحتل أوروبا….صناعياً
!
د. أحمد القديدي (*)
عجيب أمر هذا الزمن المعولم! فهل نحن نعيش عصر الدهشة والغرابة؟ المستحيل الذي كان إلى عهد قريب يثير الضحك أصبح واقعا وعاديا! هل تريدون مثالا جديدا على ما نقول؟ تفضلوا واقرأوا معي الخبر الطازج على الصفحات الأولى لأكبر صحيفة اقتصادية باريسية هذا الصباح والعنوان هو: « شركة تاتا الهندية لتصنيع السيارات تشتري مؤسستي جاغوار ولندروفر » من المالك الأصلي لهاتين الماركتين المجيدتين وهو مؤسسة فورد الأمريكية وما أدراك ما فورد!
نعم! فالأمر ليس دعابة سمجة بل الحقيقة، ولا يتعلق حال الصفقة بعمل روتيني بل ان الهند عن طريق شركتها ( تاتا موتورز) ستشتري رمزين تاريخيين من رموز الفخامة والقوة والثراء والمهارة التقنية تفتخر بهما أوروبا والولايات المتحدة معاً، وسبق أن عرف العالم رمز الفهد الذي يزين سيارات جاغوار الفاخرة أو الفرس المنطلقة كالسهم التي تزين مقدمة سيارات فورد (موستانغ)، إلى جانب التراث العريق لأم السيارات ذات الدفع الرباعي : لندروفر عنوان التميز والقوة التي خاضت الحرب العالمية الثانية كسيارة عسكرية من أعلى طراز!
إنه بحق انتقام هندي هادىء لقرون من الاستعمار البريطاني للهند! صحوة تاريخية للهند العريقة التي تنتفض اليوم بلا ضجيج ولا قرع أجراس لتحتل أوروبا صناعيا وتستحوذ على رموزها الأسطورية. وكأنما هذه الصفقة تعيد لأذهاننا حكاية السباق بين الأرنب السريع والسلحفاة البطيئة التي انتهت عند خط الوصول بفوز السلحفاة في قصيدة شهيرة للشاعر الفرنسي ( لا فنتان) لأن الأرنب كان واثقا من الفوز ومحتقرا لهذه السلحفاة الوقحة التي تتحدى من هو أسرع منها ألف مرة! لكن هذه المرة فان السلحفاة الهندية الحكيمة التي تربت وترعرعت في بومباي وكيرلا وكالكوتا عرفت كيف تسابق وتسبق الأرنب الأوروبي-الأمريكي، الذي تغذى من مزارع فرنكفورت ولندن ونيويورك والمعتمد فقط على أسطورته الماضية ونياشينه القديمة .
و اعترفوا معي بصراحة وبلا عقد أيها القراء العرب والخليجيون خاصة، بأن الخيال الشعبي العربي ينظر إلى سيارات (تاتا) على أنها تشكل الدرجة الأخيرة من السيارات وأن صورتها مقترنة بالدريول الهندي الكادح! نعم. ولكن من اليوم فصاعدا فان التاتا البائسة التي يترفع عنها الشباب العربي ستتحول إلى صاحبة التاج والصولجان وهي تعرض عليكم في معارض السيارات آخر ما أنتجته مصانعها من موديلات الجاغوار والفورد واللندروفر! فما رأيكم وأنتم مضطرون لاقتناء الهندي بدل البريطاني أو الأمريكي شئتم أم أبيتم !
انها نقطة التحول، وانه منعرج التغيير! والصفقة بصدد الإتمام لأن ( تاتا موتورز) تحظى بمساندة أكبر نقابة بريطانية لعمال مصانع السيارات وهي نقابة (يونيت) التي تعتقد جازمة بأن ( تاتا) هي المؤهلة أكثر من سواها من الشركات الأوروبية والأمريكية المتقدمة للصفقة لانقاذ (جاغوار وفورد ولند روفر).. من الافلاس.
و لعلم السادة القراء فان كلا من جاغوار ولندروفر هما ملك لشركة فورد، وقد صرح رئيس فورد السيد لويس بوث لصحيفة (لوفيجارو) الفرنسية بأن المفاوضات تتم اليوم حصريا مع (تاتا) الهندية لا غير لاقتناء جاغوار ولندروفر.
و نحن حين نشبه (تاتا) بالسلحفاة الذكية الطموح فاعتمادا على الواقع لأن هذه المؤسسة بدأت انتاجها منذ عشرة أعوام فقط بالاستجابة لطلبات العامل الهندي الفقير بسيارة شعبية ليس فيها سوى الماكينة والمقود والعجلات والكراسي، ثم ثبت أن هذا الصنف المتواضع المتقشف من السيارات مطلوب في بلدان شبه القارة الهندية والعالم الثالث من آسيا إلى افريقيا، وبلغت مبيعات ( تاتا) عام 2006 نصف مليون من هذه السيارات مع تطوير صنفها إلى الرباعيات الدفع والبيك أب ووصل رقم معاملات الشركة العام الماضي 29 مليار دولار، وحققت في نفس العام أرباحا صافية تقدر بـ2,8مليار دولار وتشغل (تاتا) اليوم 490 ألف عامل ومهندس. ويبدو لكل محلل اقتصادي ومالي نزيه أن ( تاتا) على أتم الاستعداد لخوض معركة بلع وهضم رموز العزة والقوة للصناعات الأوروبية. ويقول الخبير الفرنسي ( سيريل بلويات) إن ( تاتا) الهندية التي بدأت ببيع سيارة (تاتا) بـ2500 دولار سوف تبيع هذا العام سيارة (جاغوار أكس كا أر) ب100ألف دولار
السؤال الذي يخامرني بإلحاح وبصراحة هو : أين العرب من كل هذا؟ ومتى وكيف خرجوا من التاريخ؟ وهل سيعودون يوما؟ وهل استعدوا من اليوم لتغيير علاقاتهم بالمواطن الهندي الوديع، لينظروا إليه بعيون مختلفة وهو ينتمي إلى قوة نووية وصناعية وتكنولوجية بدأت تتجاوز حدود كيرلا وتتجه (سيدا) نحو المستقبل كما يقول اخواننا الخليجيون!
(*) رئيس الأكاديمية الأوروبية للعلاقات الدولية بباريس.
(المصدر: صحيفة « الشرق » (يومية – قطر) الصادرة يوم 9 جانفي 2008)
الحركات الإسلامية بين السلاح والانبطاح
ياسر الزعاترة (*)
خلال النصف الثاني من القرن العشرين خاضت الحركات الإسلامية جملة من الصراعات المسلحة مع أنظمتها انتهت نهايات مؤسفة، كان في مقدمتها الصدام الذي وقع بين الإخوان المسلمين وبين النظام في سوريا، ثم الصدام بين النظام المصري والجماعة الإسلامية والجهاد في مصر، ثم الصدام الأكثر دموية بين المجموعات الإسلامية التي انبثق بعضها عن الجبهة الإسلامية للإنقاذ وبين النظام في الجزائر.
يمكن بالطبع إضافة الحالة المغربية، وإن بدت مختلفة إلى حد ما (تجربة الشبيبة الإسلامية بعد اغتيال الرمز اليساري بن جلون نهاية السبعينيات)، وربما تجربة جهيمان في المملكة العربية السعودية، إلى جانب الحالة العراقية وهجمات النظام على الإخوان إثر بعض محاولات الانقلاب رغم حل الجماعة لنفسها بقرار من قيادتها، في حين يمكن الحديث عن بعض التجارب في السياق الشيعي أيضاً، كما هو حال تجربة حزب الدعوة في العراق وقوى شيعية في البحرين.
يمكن للبعض أن يضيف هنا صدامات بعض مجموعات السلفية الجهادية مع العديد من الأنظمة، كما هو حال المملكة العربية السعودية والمملكة المغربية، وربما الأردن وموريتانيا وليبيا واليمن، وأخيراً تونس، وإن بدت محدودة الفعل والتأثير وجرت السيطرة عليها خلال وقت قصير.
فضلاً عن كون الكثير منها استجابة لمنطق القاعدة في مطاردة « اليهود والصليبيين »، ولو داخل الدول العربية، أكثر منها أعمالاً انقلابية ضد الأنظمة، ما يعني صعوبة وضعها في ذات الخانة الأولى التي مثّلتها حركات ذات حضور شعبي وفعل عسكري قوي لم تجر السيطرة عليها بسهولة، كما تركت آثارها على عموم المجتمع وليس على فئة محدودة منه.
لا خلاف في أن النهايات التي أفضت إليها تلك التجارب كانت مؤسفة إلى حد كبير، ولن نخوض هنا في قضية جواز الخروج المسلح على النظام وعدم جوازه كما يحاول البعض تسطيح القضية، فما يعنينا هو الأسباب الكامنة خلف الفشل ممثلة في الظروف الموضوعية التي لم تكن تصب في خدمة تجارب من هذا اللون.
وهي ظروف تتعلق ابتداءً بغياب الإجماع الشعبي على ضرورة تغيير النظام ولو بالصدام المسلح وكذلك على برنامج التغيير، كما تتعلق ثانياً بوضع الدولة القطرية وقدراتها الأمنية الكبيرة التي تحول بين أي تنظيم مسلح مهما بلغت قوته وبين تحقيق الانتصار إذا لم يحظ بتأييد شعبي عارم، إلى جانب ما تحظى به تلك الدولة من دعم خارجي من لدن القوى الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة، فضلاً عن غياب ما لفضاء خارجي مساند لمشروع التمرد يقدم الدعم المالي والبشري واللوجستي، كما كان حال باكستان بالنسبة للجهاد الأفغاني.
مع العلم أن أصل الثورة الأفغانية كانت ضد نظام تابع للسوفيات قبل أن تتورط موسكو في غزو مباشر كلفها الكثير. ومع التذكير أيضاً بأن باكستان كانت مجرد محطة لتمرير الدعم الذي كان يأتي من دول كثيرة أبرزها الولايات المتحدة ذاتها.
لا حاجة هنا للتفصيل في نتائج تلك التجارب التي أشرنا إليها، فهي معروفة للمعنيين، وخلاصتها الفشل العسكري بعد انتصار الدولة أمنياً، ومن ثم تحول الحركات الإسلامية تبعاً لذلك إلى نموذج مطارد ومغيّب من الحياة السياسية، وربما الاجتماعية والدينية في بعض الأحيان، وفي أحيان أخرى إلى نموذج مختلف من حيث الرؤى الفكرية والسياسية.
الخلاصة التي وصلت إليها الحركات الإسلامية تبعاً لتلك التجارب -باستثناء بعض حالات السلفية الجهادية التي لم تغير نهجها إلى الآن- هي أن العنف لن يؤدي إلى نتيجة إيجابية، لا لصالحها ولا لصالح الإسلام والمسلمين.
فكان أن توزعت على خريطة مواقف مختلفة، بين من اعتزل السياسة كما وقع مع الجماعة الإسلامية المصرية بعد مراجعاتها الشهيرة (بعض عناصرها مالوا إلى تأسيس أحزاب سياسية)، وبين من مال إلى العمل السلمي من خلال الأطر الدستورية، وبين من بقي على العمل السلمي من خارج تلك الأطر.
ما يثير الانتباه في هذا السياق أن تلك التجارب العنيفة ونتائجها السلبية لم تترك آثارها على ذات الحركات المعنية، بل تجاوزتها إلى معظم الحركات الأخرى، تلك التي أخذت العظة -على ما يبدو- بطريقتها الخاصة، ومالت تبعاً إلى ذلك إلى أنماط من العمل لا تورطها في مسارات عنيفة من قريب أو بعيد.
منذ سنوات طويلة نتابع في حراك القوى الإسلامية نمطاً من السلوك السياسي والحركي يأخذ العبرة من التجارب العنيفة على نحو موغل في التطرف، وكم مرة سمعنا قيادات إسلامية « إخوانية » -وربما غير إخوانية- تحذر كوادرها من مصير الحركة الإسلامية في سوريا كلما طالبتها تلك الكوادر -وربما الجماهير ذاتها- بمواقف أكثر قوة في مواجهة فساد الأنظمة، وجرأتها على تبني مسارات تناهض الضمير الجمعي للأمة في السياق الداخلي والخارجي في آن معا.
هكذا حشر بعض قادة الحركات الإسلامية أنفسهم بين خيارين كلاهما سيئ: السلاح والانبطاح بحسب التعبير الشعبي، أي التماهي في لون السلطة بدل التعبير عن ضمير الجماهير في القضايا الداخلية والخارجية.
ولم يخرج سوى القليل من بين تلك الحركات والقيادات ممن رسموا طريقاً ثالثاً لا يقع فريسة خيارين ثبت أن أيا منهما لن يؤدي إلى خير للعباد والبلاد ولا للحركة نفسها، في حين ثبت أن الثاني -وإن حافظ على هياكل حركية ونشاط سياسي ودعوي بشكل من الأشكال- ساهم من حيث لا يدري في تكريس الأوضاع السيئة القائمة، بل ربما ساهم في تطويرها على نحو عكسي عبر منحها المزيد من الشرعية السياسية والدينية.
لا نتحدث هنا عن التوقف عن المطالبة بتحكيم الشريعة كما يكرر أيمن الظواهري في بعض رسائله، أو كما يمكن لبعض المتصيدين أن يعقبوا، ولا حتى عن تلك الشعارات الكبيرة (الخلافة مثلاً) التي لا تتوفر الظروف الموضوعية لتحقيقها، وإن أصرّ حزب التحرير عليها بصرف النظر عن الزمان والمكان، بل نتحدث عما هو أقل من ذلك ممثلاً في التعبير عن هموم الجماهير وقضاياها المتعلقة بدينها وحياتها ومستقبلها.
يأخذنا السياق هنا إلى الواقع المزري الذي تعيشه بعض الحركات الإسلامية التي تراجعت على نحو مثير أمام الأنظمة، بحيث بات من الصعب القول إنها حركات معارضة، أو ذات برنامج معارض أو أنها تملك برنامجاً حقيقياً للتغيير يملك أفقاً واقعياً، ولو بعد سنوات طويلة.
أما مصطلح الإصلاح الذي استهلك على نحو فريد خلال العقود الأخيرة في سياق الفعل السياسي للقوى الإسلامية، فقد جرى تمييعه على نحو أفقده أي مضمون ذي قيمة، اللهم سوى قيمة وجود حركة أو جماعة تتحرك قيادتها وقواعدها على الأرض، لاسيما أن مد الصحوة الدينية لم يعد حكراً على الجماعات والتنظيمات، بل تجاوزها ليشمل أطراً شعبية أكثر رحابة واتساعاً، بل وربما تأثيراً أيضاً.
وما ظاهرة الدعاة الجدد -كما تسميهم وسائل الإعلام- عنا ببعيد، فضلاً عن أطر أخرى تتحرك في المجتمع بمبادرات فردية وأحيانا جماعية لا ترتبط بأية أطر تنظيمية من اللون المعروف.
في بعض الدول العربية ثمة حركات إسلامية تتواطأ واقعياً وعملياً مع الأنظمة ضد الجماهير، إذ تدجّنها على قبول الواقع كما هو، بما ينطوي عليه من ظلم وفساد ومواقف مزرية على الصعيدين الداخلي والخارجي.
بل إن بعضها لا يتورع عن تعبيد الناس للحكام، سواءً تم ذلك ضمن إطار سياسي، أم تم في سياق ديني من حيث تكريس خطاب ولي الأمر الذي لا يسأل عما يفعل، اللهم إلا في سياق من النصيحة الفردية التي لا يسمعها سوى الحاكم نفسه، كما تذهب بعض المجموعات السلفية التقليدية في أكثر من بلد عربي، وهو ذاته ما منحها رخصة الحراك الحر في المجتمع، مقابل التضييق على الآخرين.
ومع رفع هؤلاء شعار « من السياسة ترك السياسة »، فإن واقع الحال هو أنهم أول من يمارس السياسة، ولكن في سياق من تعبيد الناس للحاكم ومنعهم من معارضته خوفاً من مخالفة هدي النبي عليه الصلاة والسلام بحسب فهم سقيم لا يستقيم مع روح النص الإسلامي.
وبينما يعجز بعض الإسلاميين المسيّسين عن رؤية الفارق بين السلاح والانبطاح كما أشرنا من قبل، يعجز المحسوبون على السلفية التقليدية عن رؤية الفارق بين الخروج على الحاكم وبين منحه القداسة والحصانة الكاملة ضد النقد تحت لافتة عدم إثارة الفتنة، مع أن الفتنة هي استخدام الدين في تشريع الاستبداد ومنح الحصانة للفساد والتبعية للأجانب، والتهاون في الدفاع عن بيضة الأمة، فضلاً عن التواطؤ ضدها.
في التاريخ الإسلامي وقف العلماء أو قطاع منهم في أقل تقدير ضد ظلم الأمراء وفسادهم ودفعوا ثمن ذلك على مختلف المستويات، وحين سعى الحكام إلى استيعابهم بمناصب مختلفة رفضها كثير منهم، كما هو حال الإمام أبي حنيفة الذي سجن وجلد من أجل تولي منصب قاضي القضاة فرفض.
أما الآن فتجد رموزاً في حركات إسلامية يقبلون مناصب هامشية لا تسمن ولا تغني من جوع، كما تجد من يبادر إلى تبرير مواقف الأنظمة في مختلف القضايا بدعوى البعد عن الصدام والتصعيد والحفاظ على المكاسب (المكاسب تتراجع، وإن بالتدريج!!).
ما ينبغي أن يكون واضحاً في هذا السياق أن السياسي الذي لا يرى المسافة بين السلاح والانبطاح هو سياسي أعمى لا يفقه في شؤون السياسة شيئاً.
وبينما نجد تجارب معقولة في ممارسة العمل السلمي من خارج المؤسسات الرسمية، إلى جانب مواقف رجولية من داخلها من لدن بعض الإسلاميين، فإن الأعم الأغلب يقع في المربع الآخر، الأمر الذي أخذ يؤثر سلباً على واقع الحركات المعنية من حيث ضعف إقبال الشباب عليها (أي أنها تسير في اتجاه الشيخوخة)، فضلاً عن ميل آخرين إلى مسار العنف الأعمى.
هناك فضاء واسع من العمل السلمي الذي تصعب محاربته من دون عسكرة المجتمع بالكامل، وهو فضاء ينبغي أن يخوضه الإسلاميون إذا أرادوا التعبير عن هموم الجماهير وحملها نحو مشروع يعبر عن هوية الأمة وحريتها ووحدتها.
أما التماهي في لون الأنظمة فلن يؤدي إلا إلى انفضاض الناس من حولهم، وربما من حول الظاهرة الإسلامية برمتها بعد ذلك، لاسيما أنها ظاهرة مستهدفة بالتحجيم من قبل القوى الغربية التي توجّه مسارات السياسة في عالمنا العربي، حتى لو جرى التسامح معها -أعني مع بعض مفردات الظاهرة الإسلامية- مرحلياً من أجل التفرغ لخصوم آخرين لابد من مواجهتهم سريعاً بسبب استخدامهم للعنف المباشر.
لا ينفي ذلك كله وجود حركات هنا وهناك تجاهد في اتجاه التعبير عن هموم مواطنيها والأمة عموماً، وتدفع التضحيات مقابل ذلك، لكن اللون الآخر ما زال هو الأكثر شيوعاً مع الأسف الشديد.
(*) كاتب فلسطيني
(المصدر: ركن « المعرفة » بموقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 8 جانفي 2008)
في انتظار الرئيس بوش
بقلم: فهمي هويدي (*)
أشفق على الذين يعلقون آمالاً على وصول الرئيس بوش إلى المنطقة غداً، لأن الدلائل تشير إلى أن الرجل لم يجئ لأجل خاطرهم، ولا هومشغول بهم، ناهيك عن أنه لم يخطر على باله يوماً ما أن يكون حكماً عدلاً يسعى لإنصافهم.
(1)
حين قتل الإسرائيليون البدوى المصري حميدان سويلم في رفح يوم الخميس الماضى أثناء وجوده في فناء منزله، فإن الرصاصات التى اطلقت عليه كانت محملة برسالتين. إحداهما تصب في مجرى التصعيد النسبى الحاصل في علاقات تل أبيب والقاهرة. أما الثانية فكانت تعبر عن عدم الاكتراث بزيارة الرئيس الأمريكى والإعلان الضمنى أنها لن تثنى إسرائيل عن عزمها على المضى في مخططاتها المرسومة. والرسالتان تعكسان حالة الاستقواء والتصعيد التى تمارسها الحكومة الإسرائيلية، خصوصاً بعد مؤتمر أنابوليس، الذى أعتبره أهم تقرير استراتيجى صدر عن المخابرات العسكرية (امان)، أحد أبرز حدثين خدما إسرائيل في (عام 2007 الحدث الثانى هو أزمة الرئاسة في لبنان التى شغلت حزب الله وسوريا مما أبعد خطر اندلاع حرب إقليمية في المنطقة).
تجليات الاستقواء والتصعيد الاخرى متعددة على الجبهة المصرية، منها إثارة موضوع الانفاق الذى أدعت إسرائيل أن الأمن المصري يتستر عليها لتهريب السلاح إلى غزة، ومنها أيضاً التحريض الذى مورس ضد مصر في واشنطن وأريد به تخفيض المعونة الأمريكية التى تقدم لها بمبلغ مائة مليون دولار. وهوما فتح الباب للتلاسن بين القاهرة وتل أبيب، خصوصاً بعد التصريحات غير اللائقة التى صدرت عن وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبى ليفنى. وكان الاحتجاج الإسرائيلى الاخير على فتح معبر رفح لعبور الفلسطينيين وعودتهم إلى غزة من تجليات تلك الحالة.
(2)
ممارسات الاستقواء بحق الفلسطينيين بعد أنابوليس كانت أفدح وأشد جسامه. إذ في حين تصورت السلطة الفلسطينية أن المؤتمر فنح الباب للتسوية، فإن الحكومة الإسرائيلية نسفت هذا الأمل، واعتبرت أن المؤتمر حقق لها نقاطاً اضيفت إلى رصيدها، على النحوالذى عبر عنه تقرير » أمان » الاستراتيجى. الأمر الذى يشجعها على الثبات في موقفها وليس التراجع عنه.
من باب ترطيب الأجواء، فإن رئيس الوزراء إيهود أولمرت قبل بتجميد الاستيطان قبل يوم واحد من انعقاد المؤتمر، وبعد العودة الى تل ابيب أعطت الحكومة الإسرائيلية الإشارات الخضراء، التى أطلقت ثلاث خطط استيطانية لبناء أكثر من ألف وحدة سكنية جديدة في مستوطنتى « هار حوما » و »معاليه أدوميم » المقامتين على أراضى القدس الشرقية. ومن ثم فإنها استأنفت العمل في خطة (E1) التى تعتبر أكبر مخطط لتهديد القدس المحتلة عبر ربطها بمستوطنة معاليه أدوميم، التى تعد أكبر مستوطنات الضفة. وهذا القرار لا يشكل فقط تقويضاً واستخفافا بمتطلبات التسوية التى يعددها ممثلو السلطة الفلسطينية صباح مساء، وإنما تمثل أيضاً تجاوزا فظاً لتعهدات إسرائيل لبوش بشكل شخصى، لأن رئيس الوزراء السابق آرييل شارون كان قد التزم أمام الرئيس الامريكى بتجميد هذه الخطة. ليس ذلك فحسب، وإنما قررت إسرائيل قبل الزيارة أن تستأنف الحفر بالقرب من باب المغاربة في القدس. وهوقرار يتناقض مع تقرير لجنة الفحص التركية التى زارت المدينة بدعوة من الحكومة الإسرائيلية، وأكدت أن تلك الحفريات تشكل تهديداً خطيراً لوجود المسجد الأقصى، حيث قد تؤدى إلى تهاوى أساساته.
وفي حين واصلت إسرائيل غاراتها الجوية على غزة. التى تقتل كل يوم أعداداً من الفلسطينيين، واستمرت في إجراءات خنق القطاع وتقويض مقومات استمرار الحياة فيه، فإنها ظلت محتفظة بـ640 حاجزاً في الضفة الغربية يظل أمامها الفلسطينيون طوال الوقت، رغم أنها أعلنت أكثر من مرة نيتها إزالة عدد منها. وفى الوقت ذاته فإنها لم تتوقف عن ملاحقة الناشطين في الضفة، وإلقاء القبض على أعداد منهم بين الحين والآخر.
لم تبال الحكومة الإسرائيلية باحتجاجات ممثلى السلطة الفلسطينية، التى أصبحت في حرج شديد خصوصاً بعد استئناف الخطط الاستيطانية ولم تكترث بالتهديدات التى اطلقها ممثلو السلطة وتحدثوا فيها عن وقف التفاوض حول ملف التسوية. حتى ذكرت الإذاعة الإسرائيلية باللغة العبرية في 25/12 أن وزيرة الخارجية تسيبى ليفنى قالت لأحمد قريع رئيس الوفد الفلسطينى في ختام جولة المفاوضات الثانية ما نصه: إن « إسرائيل لا ترى أنها ملتزمة بوقف الأنشطة الاستيطانية، وأنابوليس لم يفرض عليها أية قيود في هذا الجانب. ومن لا يعجبه هذا الموقف فهو ليس شريكاً لنا في المفاوضات ».
من أسف أن السيد قريع ابتلع الإهانة ولم يستطع الفلسطينيون وقف المفاوضات، التى واصلها رئيس السلطة السيد محمود عباس مع أولمرت، وفشل اللقاء بدوره في ايقاف الهجمة الاستيطانية الجديدة.
إسرائيل الواثقة من ميل الميزان في المنطقة لصالحها تتصرف من موقع القوة، حتى في مواجهة الولايات المتحدة ذاتها. إذ هى مطمئنة إلى رسالة الضمانات التى وجهها الرئيس بوش لشارون، وأكد فيها دعمه لبناء المستوطنات بزعم أن « الوضع الديموجرافى (الإسرائيلى بطبيعة الحال) يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار في اتفاق التسوية -ليس ذلك فحسب، ولكن وزير الدفاع إيهود باراك ذهب إلى أبعد حين هاجم الرئيس الأمريكى علناً حين أبدى تحفظاً بسيطاً على موقف الحكومة الإسرائيلية. وقال عنه في جلسة عقدها مركز أبحاث الأمن القومى الإسرائيلى وبثها التليفزيون الإسرائيلى في 2007/12/20 » هذا رجل أخرق لا يعرف عما يتكلم. ونحن لن نتراجع عن موقفنا قيد أنملة « .
(3)
هذا الاستقواء الظاهر في الجانب الإسرائيلى يقابل بموقف مناقض تماماً من جانب ممثلى السلطة الفلسطينية في رام الله. إذ فضلا عن تراجع رئيس السلطة عن كل الشروط التى أعلنها قبل الذهاب إلى أنابوليس، فإنه وجماعته لم يستطيعوا أن يتخذوا موقفاً من التوسعات الاستيطانية الإسرائيلية، كما ذكرت توا، واكتفوا برفضها في التصريحات الصحفية، وبإبلاغ واشنطن والرباعية الدولية بما يجرى، لتتخذ من جانبها ما تراه « مناسباً ». وبعدما أصبح الأمريكيون هم المرجع والحكم في الموضوع، طبقاً لما أعلن في أنابوليس، فقد بدا واضحاً أن رموز السلطة أشد ما يكونون حرصاً على استرضاء الإدارة الأمريكية، واقناعها بأنهم يقومون بما عليهم من التزامات قررتها المرحلة الأولى من خريطة الطريق، وعلى رأسها تجريد المقاومة من سلاحها. ولأجل ذلك فإن جهاز الأمن الفلسطينى عمل جاهداً على ترتيب نزع سلاح بعض المقاومين، والحصول منهم على تعهدات بعدم الانخراط في أية أنشطة ضد الاحتلال. واستخدمت لذلك العديد من وسائل الإغراء، التى تراوحت بين تأمين مكافآت مالية لهم وضمان عدم ملاحقة إسرائيل لهم مروراً بالحاقهم بالأجهزة الأمنية الفلسطينية.
وفي سياق إثبات حسن النوايا ومحاولة الفوز بشهادة لحسن السير والسلوك، فإن الأجهزة الأمنية الفلسطينية أعادت « التعاون » مع الأجهزة الإسرائيلية المقابلة في أمور كثيرة، في مقدمتها ملاحقة عناصر المقاومة، الأمر الذى شجع جيش الاحتلال على مواصلة حربه اليومية ضد حركات المقاومة في حدث الضفة الغربية. ومن أغرب النتائج التى ترتبت على هذا الوضع، أن الأجهزة الفلسطينية اصبحت تداهم بيوت النشطاء الذين يرفضون إلقاء سلاحهم، خصوصاً عناصر حماس والجهاد الإسلامى خلال النهار، بينما تتولى قوات الاحتلال نفس المهمة في الليل- لا يقل عن ذلك غرابة أنه في الوقت الذى تلاحق فيه أجهزة السلطة المقاومين وتنكل بهم بمختلف الوسائل، فإن الحكومة الإسرائيلية لا تغض الطرف فقط عن اعتداءات المستوطنين ضد الفلسطينى، بل أن جيش الاحتلال يوفر كل الظروف من أجل مساعدة أولئك المستوطنين على مواصلة اعتداءاتهم، كما يحدث بصورة يومية في الخليل والقدس.
أما الأشد غرابة من هذا وذاك، فهوما أذاعه التليفزيون الإسرائيلى في 2007/12/22 عن أن حكومة السلطة أصبحت تنظم للمنسق الأمريكى الجنرال كيت دايتون زيارة يومية لإحدى مدن الضفة الغربية، لكى يتأكد من أنها جادة في حربها ضد المقاومة، خصوصاً ضد حركة حماس. وفى تلك الزيارات فإن الجنرال دايتون أصبح يتفقد سجون السلطة ويطلع بنفسه على عمليات الاستجواب والتحقيق والتعذيب التى يتعرض لها المقاومون، إلى جانب إطلاعه المستمر على جمهور السلطة في إغلاق جميع المؤسسات والجمعيات الخيرية الإسلامية التى يشك في أن لها علاقة بحركة حماس.
وليس من قبيل المصادفات أن يحرص الرئيس أبومازن خلال الأسابيع التى سبقت زيارة الرئيس بوش على استخدام اللغة التى يتبناها الرئيس الأمريكى في خطاباته، مثل الدعوة إلى ضرورة التوحد في مواجهة « قوى الظلام »، التى لا يقصد بها الإسرائيليين بطبيعة الحال، ولكن يقصد عناصر مقاومة الاحتلال. وفى مناسبات عدة اعتبر الرجل أن ركائز برنامجه الإصلاحى تتمثل في نبذ الفوضى والإرهاب، وهوالوصف الذى يطلقه الأمريكيون على المقاومة الى جانب سيادة القانون واقامة الحكم الرشيد (الذى لم يوضح كيف يمكن أن يقوم في ظل الاحتلال).
وحتى يرفع أسهمه لدى الإدارة الأمريكية فإن الرئيس الفلسطينى أعلن مزيداً من التشدد في التزامه بمواصلة القطيعة مع حركة حماس. فلم يعد يكتفي بمطالبتها بالتراجع عن سيطرتها على غزة، وإنما أصبح يطالب بأن تتبع ذلك انتخابات تشارك فيها فقط الفصائل والأحزاب التى تقبل باتفاقات أوسلو.
(لاحظ أنه لا يفرض أى شروط على التفاوض مع الإسرائيليين الذين قتلوا في العام الماضى 400 مواطن فلسطينى).
(4)
عبر الدكتور صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطيين عن رأى السلطة في رام الله حين قال إنهم يريدون من الرئيس بوش وقف الاستيطان وجعل عام2008 عام الاتفاق. وهذا صحيح لأن السلطة لم يعد لها خيار آخر. إلا أن ذلك يعد إفراطاً في حسن الظن، لأن بوش هوصاحب الضمانات التى أعطاها لإسرائيل واستجاب فيها لما طلبه من شارون. ثم أنه يتبنى فكرة الدولة الفلسطينية التى تخدم مصالح إسرائيل التى تحدد هى مواصفاتها. أكثر من ذلك فإن هذا الكلام يتجاهل حقيقة أن الرئيس الأمريكى ليس معنياً بقضية السلام في المنطقة إلا بالقدر الذى يسهم في إنقاذ سمعة حزبه الجمهورى في الانتخابات الرئاسية القادمة، بعدما وصلت إلى الحضيض في عهده، وذلك عن طريق الإيحاء بتحقيق إنجاز في السياسة الخارجية، بعدما منيت سياسته الداخلية بالفشل الذريع.
ليس معنى ذلك أنه لن يتطرق في رحلته إلى أمور أخرى، مثل مستقبل الدولة الفلسطينية التى يتبناها والمشروع النووى الإيرانى أوالوضع في لبنان، لأنه من الطبيعى ما دام موجوداً في المنطقة أن يتعرض لهذه العناوين، لكنه وهو يجاملنا باسماعنا ما نريد، سيظل مشغولاً بمصير حزبه بأكثر من انشغاله بمصيرنا، وهولايلام في ذلك، لأن الذى يستحق اللوم حقا هم الذين يراهنون على الطرف الغلط في أمور المصير، التى ينبغى أن تكون المراهنة فيها على أصحاب القضية بالدرجة الأولى.
اما «أم الفواجع» فهي ان أصحاب القضية لم يصبحوا متفرجين عليها فحسب، وانما صاروا مشغولين عنها بالاقتتال فيما بينهم.
(*) كاتب ومفكر من مصر
(المصدر: صحيفة « الشرق » (يومية – قطر) الصادرة يوم 8 جانفي 2008)