الأربعاء، 6 فبراير 2008

Home – Accueil

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2814 du 06.02.2008
 archives : www.tunisnews.net
 

 


خبر « الوفاة المزعومة لتلميذ جبنيانة ».. والاعتذار الواجب.. والأسئلة المعلقة.. يو بي أي: وزير الداخلية التونسي ينفي وفاة تلميذ خلال مظاهرة يو بي آي: محكمة تونسية تصدر حكما بسجن متهم لقي مصرعه في العراق يو بي أي: الرئيس الجزائري يزور تونس غدا يو بي أي: رجل أعمال إيطالي يعتزم إستثمار 15 مليار يورو في تونس رويترز: مجموعة ايطالية تعتزم استثمار 15 مليار يورو في تونس وات: الوزير الأول يستقبل رئيس جمعية أندية الليونس (LIONS) الدولية الجزيرة.نت: فنان دانماركي يصبغ الصحراء التونسية ويشيد ببدوها

الشروق: رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية يزور عبد الرحمان التليلي في سجنه الشروق: كواليس سياسية عماد بن عمار: ردا على طلب الهيئة الشرعية للقضاة السفر إلى روما  وزير العدل يوزع الإنذارات ويقطع الأرزاق ! مراد رقية: من يستفيد من اهانة الجامعيين التونسيين ومن التطاول على مقامهم؟؟؟ محمد كريشان: تونس: رهان الصحف المستقلة سويس إنفو: كمال العبيدي: « غياب الحريات وعدم استقلال القضاء.. آفة الصحافة العربية » د. منصف المرزوقي: موقعنا من الطريق إلى الديمقراطية  – أمريكا التي أحب مرسل الكسيبي: تونس وخيارات المستقبل : هل تأسر المعارضة نفسها لمشهد التسعينات !؟ عبد السّلام بو شدّاخ، : الأسرة في تونس : بين الوقاية والعلاج صــابر التونسي: ســواك حـار 67 رشيد خشانة: مجلس وزراء الداخلية العرب.. حالة فريدة في العالم العربي موقع « السبيل أونلاين » يُحي ذكرى الشيخ محمد الخضر حسين رحمه الله الحلقة الثالثة (3 من 3 )


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)

 


أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين لا تزال معاناتهم وماساة عائلاتهم متواصلة بدون انقطاع منذ ما يقارب العقدين. نسأل الله لهم وللمئات من الشبان الذين اعتقلوا في العامين الماضيين ف رجا قريبا عاجلا- آمين  

21- رضا عيسى

22- الصادق العكاري

23- هشام بنور

24- منير غيث

25- بشير رمضان

16- وحيد السرايري

17-  بوراوي مخلوف

18- وصفي الزغلامي

19- عبدالباسط الصليعي

20- لطفي الداسي

11-  كمال الغضبان

12- منير الحناشي

13- بشير اللواتي

14-  محمد نجيب اللواتي

15- الشاذلي النقاش

6- منذر البجاوي

7- الياس بن رمضان

8- عبد النبي بن رابح

9- الهادي الغالي

10- حسين الغضبان

1 الصادق شورو

2- ابراهيم الدريدي

3- رضا البوكادي

4-نورالدين العرباوي

5- الكريم بعلوش


 

خبر « الوفاة المزعومة لتلميذ جبنيانة ».. والاعتذار الواجب.. والأسئلة المعلقة..

 

في عددنا المؤرخ بيوم 31 جانفي 2008، نشرنا بيانين صادرين عن « الجمعية التونسية لمقاومة التعذيب » بتوقيع رئيستها الأستاذة راضية النصراوي وعن جمعية « حرّية وإنصاف للدفاع عن المساجين السياسيين ومساجين الرأي والحريات العامة » بتوقيع الأستاذ محمد النوري عن المكتب التنفيذي للمنظمة يعلنان للرأي العام عن « وفاة التلميذ سامي بن فرج بمعهد جبنيانة على إثر تعرضه للتعنيف بالهراوة على رأسه من طرف عون أمن ».

 

وفيما جاء الخبر بصيغة التأكيد والجزم في بيان الجمعية التونسية لمقاومة التعذيب، حرص بيان جمعية « حرية وإنصاف » على نسبته إلى المنظمة الطلابية بالتنصيص على أن الجمعية تنقل الخبر  » كما جاء على لسان الاتحاد العام لطلبة تونس ».

 

وفي يوم 1 فيفري 2008، أصدرت جمعية « حرية وإنصاف » بيانا ثانيا أكدت فيه الخبر وأرفقته بتفاصيل إضافية عن الحادثة المزعومة.  

 

هذا الخبر تناقلته إثر ذلك معظم المواقع التونسية الإخبارية المستقلة في المهجر وبعض صحف ومواقع أحزاب المعارضة كما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية أ ف ب وقناة الجزيرة الفضائية ووكالة قدس برس قبل أن يصدر تكذيب رسمي من السلطات (لم يُنشر فحواه كالعادة في أي وسيلة إعلامية داخل البلاد باستثناء ما ورد على لسان برهان بسيس في تدخله مساء الجمعة 1 فيفري 2008 على قناة الجزيرة القطرية) لكن أشار إليه موقع « ميدل إيست أونلاين في وقت لاحق.

 

تزامن هذا التكذيب مع بيانين صادرين عن قياديين في فرع الرابطة لحقوق الإنسان في صفاقس (السيدين الأسعد الجموسي وعبد الناظر) نفيا خبر الوفاة نفيا قاطعا ثم تلاه نفي أحد نواب ولاية صفاقس في مجلس النواب والصحافي شوقي بن سالم.

 

نحن في تونس نيوز نشرنا جميع هذه البيانات وطلبنا منذ يوم 3 فيفري من أحد المصادر المعنية توضيح الأمر وكشف حقيقة ما حدث للرأي العام لكننا لم نتلق أي رد لذلك وجبت الإشارة إلى المسائل التالية:

 

1-   تقدم هيئة التحرير اعتذارها الشديد لجميع السادة القراء والمشتركين عن الخطإ غير المقصود الذي حصل في بث هذا الخبر نظرا لثقتنا الكبرى في مصدريه أي الأستاذة راضية النصراوي والأستاذ محمد النوري.

2-      نعتبر أن من حق الرأي العام أن يفهم ما الذي حصل بالضبط وأن يعرف حقيقة المصدر الأصلي الذي نقل المعلومة إلى الجمعيتين المحترمتين وأن يتأكد من كيفية حصول هذا الخطإ.

3-      نؤكد ثقتنا في الجمعيتين والمسؤولين عليهما اللذين خبرنا مصداقيتهما على مدى سنوات طويلة لكننا ندعوهما إلى تحمل مسؤولياتهم وتوضيح الأمور للرأي العام الذي من حقه أن يعرف الحقيقة.

4-      نرفض بشدة كل الهمز واللمز والتشكيك وإطلاق التهم المجانية التي وردت في بعض البيانات الصادرة في الأيام الأخيرة التي اتخذت شكل تصفية حسابات غير أخلاقية تماما مع منظمات ومناضلين بارزين في المجتمع المدني التونسي خبرنا معادنهم الحقيقية في سنوات الجمر.

5-      نكرر دعوتنا إلى جميع النشطاء والمنظمات والهيئات إلى التحري فيما تنشره من معلومات وبلاغات وأسماء لأنه لا يمكن أن نندد بما تقدم عليه السلطة من تجاوزات وافتراءات وتشويه للحقائق ثم لا نملك الشجاعة الأدبية والأخلاقية للإعتذار والتصحيح. فالخطأ غير المقصود أمر بشري وكلنا خطاؤون وخير الخطائين التوابون.

 

هيئة تحرير « تونس نيوز »

6 فيفري 2008   

 


 

 منتدى الجاحظ تونس في 6 فيفري 2008  

يحي منتدى الجاحظ الذكرى العاشرة لوفاة المثقف التونسي المجد د المرحوم مصطفى النيفر

وذلك يوم الجمعة 8 فيفري على الساعة الرابعة بمقر منتدى الجاحظ   3 نهج السوسن  حي فطومة بورقيبة باردو للاستفسار الرجاء الاتصال برقم الهاتف   0021671661028

 


 

يسر شبكة العلمانيين العرب أن تدعوكم لندوة حوارية مع الدكتور جلبير الأشقر بعنوان:  » إخفاق المشروع التنويري في المنطقة العربية وشروط استنهاضه « 

وذلك في غرفة العلمانيين العرب الصوتية يوم السبت الموافق 9 -2- 2008 الساعة الثامنة مساءً بتوقيت فرنسا الغرفة تفتح أبوابها لاستقبال الزوار قبل نصف ساعة من موعد بدء الندوة وبهذه المناسبة تقوم شبكة العلمانيين العرب بنشر مقال سابق يخص موضوعنا هذا كان الدكتور جلبير قد كتبه استنادا إلى مداخلة ألقيت في ندوة «اتجاهات حركة الفكر المعاصر في العالم العربي» التي أقامها «التجمع الوطني الديمقراطي اللبناني» في برلين(ديسمبر 2005) ، وذلك تكريما لذكرى الفقيد جورج حاوي.نشر المقال في عدة صحف عربية وكذلك في كتيب ضم جميع المداخلات التي ألقيت في الندوة والتي كان قد شارك فيها أيضا كل من كريم مروة وبرهان غليون وماهر الشريف، للاطلاع على المقال انقر هنا الدعوة عامة ويسرنا حضوركم ومشاركتكم الدكتور جلبير الأشقر من أصل لبناني، أستاذ العلوم السياسية في جامعة باريس الثامنة سابقاً، و حالياً يدرّس في مدرسة (كلية) الدراسات الشرقية والأفريقية (في جامعة لندن ) The School of Oriental And African Studies (SOAS), University of London من مؤلفاته: « السلطان الخطير .. السياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط » كتاب مشترك مع المفكر الأميركي المعروف نعوم تشومسكي  » حرب الــ 33 يوماً: حرب اسرائيل على حزب الله ونتائجها  » كتاب مشترك مع ميخائيل فارشفسكي، صدر هذا الكتاب في آن واحد في ثماني لغات هي الإنكليزية والفرنسية والإيطالية والأسبانية والألمانية والتركية واليونانية، فضلاً عن العربية. « الشرق الملتهب » (نيو يورك: Monthly Review Press، 2004) « صدام الهمجيات: الإرهاب، الإرهاب المقابل والفوضى العالمية قبل 11 أيلول وبعده » ، الذي ترجم فور صدوره بالفرنسية الى عدة لغات عالمية، بينها الالمانية والانكليزية واليابانية والكورية والتركية.الذي وصفه نعوم تشومسكي ب »متوازن وغير مساوم، عميق المعرفة ومليء بالنظرات المثيرة والتحاليل الحصيفة ». و اعتبره بول ماري لاغورس (لوموند ديبلوماتيك)  » « التحليل الاقوى والاكثر دقة الذي يمكن ان يقرأ حول هذه الحرب » الدخول إلى الغرفة يتم من خلال الصفحة المخصصة للغرفة الصوتية في موقعنا أو باستخدام إحدى الوصلات التالية المباشرة : www.3almani.org/spip.php?page=audio www.forum.3almani.org/roomvi.html

 

 


 

وزير الداخلية التونسي ينفي وفاة تلميذ خلال مظاهرة

تونس / 6 فبراير-شباط / يو بي أي: نفى وزير الداخلية التونسي رفيق بالحاج قاسم وفاة تلميذ خلال مظاهرة في بلدة جبنيانة بمحافظة صفاقس قبل أسبوع،فيما اتهم برلماني تونسي جمعيات حقوقية في بلاده بالتضليل، وافتعال الإشعات. ووصف رفيق بالحاج قاسم في مداخلة له أمام أعضاء برلمان بلاده أثناء مناقشة « بروتوكول مكافحة صنع الأسلحة النارية ومكوناتها،والذخيرة والإتجار بها المكمل لإتفاقية الأمم المتحدة بشأن مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية »، هذا الخبر بأنه « إشاعات وافتراءات »،لا أساس لها من الصحة. وقال في مداخلته التي نشر نصها اليوم الأربعاء،إن »المزاعم والإدعاءات التي روجت لها بعض وسائل الإعلام بالخارج بخصوص الموضوع المشار إليه سابقا، »عارية عن الصحة وكشفت مرة أخرى حقيقة من يقف وراء المحرضين على نشر الشائعات والأكاذيب ». وكانت بعض وسائل الإعلام خارج تونس أشارت في وقت سابق إلى مقتل شاب تونسي خلال مظاهرة تضامنية مع الشعب الفلسطيني شهدتها بلدة « جبنيانة » من محافظة صفاقس الواقعة على بعد 270 كيلومترا جنوب شرقي تونس العاصمة. وأضافت نقلا عن بيانين منفصلين صدرا عن جمعيتين تونسيتين ناشطتين في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان غير معترف بهما هما الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين »وجمعية « حرية وإنصاف »،أن تلميذا يدعى سامي بن فرج لقي حتفه متأثرا بجروحه بعد تعرضه للضرب خلال المظاهرة. وتطرقت صحيفة « الطريق الجديد » الناطقة باسم حركة التجديد التونسية(حزب معارض معترف به) إلى هذه الحادثة،ولكن مدير تحريرها هشام سكيك سارع أمس إلى نشر بيان اعتذر فيه لقراء صحيفته وللرأي العام عن نشر مثل هذا الخبر الذي قال إنه  » لا أساس له من الصحة ». ولم يتردد البرلماني التونسي سهيل البحري في اتهمام بعض الجمعيات الحقوقية في بلاده باللجوء إلى أساليب التّضليل والإثارة وإفتعال. وإعتبر في بيان وزعه أمس أن مثل هذا الأسلوب،يكشف « ما آل إليه المشهد السياسي المعارض من إرتكاز على الأحقاد والضّغائن والإحتقان ». وبالمقابل،نأت بقية مكونات المجتمع المدني بتونس بنفسها عن هذا الموضوع،فيما لاذت الجمعيتان المذكورتان بالصمت،ولم تعقبا على التكذيب الرسمي والحقوقي لما ورد في بيانيهما. وكانت السلطات التونسية نفت يوم الجمعة الماضي نفيا قاطعا وفاة تلميذ في بلدة جبنيانة بمحافظة صفاقس،وأكدت »أن الأطراف التي تروج لمثل هذه المزاعم الزائفة تتحمل مسؤوليتها القانونية في ذلك كاملة »..  

 


محكمة تونسية تصدر حكما بسجن متهم لقي مصرعه في العراق

 

تونس ـ يو بي آي: قالت صحيفة تونسية معارضة ان محكمة الاستئناف التونسية أصدرت حكما يقضـــــي بادانة 15 شابا تونسيا بموجب قانون مكافحة الارهاب، منهم شاب توفي في العراق قبل نحو ثلاث سنوات.

 

وذكرت صحيفة مواطنون الناطقة بلسان التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات (حزب تونسي معارض معترف به) امس الثلاثاء، أن محكمة الاستئناف التونسية أصدرت خلال شهر تشرين الاول (أكتوبر) الماضي حكما غيابيا ضد الشاب فتحي بن صالح بن عمر بن محمّد (22 عاما)، الذي تقول عائلته انه توفي في العراق خلال شهر أيار (مايو) من العام 2005.

 

ونقلت عن شقيقة الشاب قولها انها تلقت مكالمة هاتفية من مجهول أبلغها فيها أن شقيقها فتحي استشهد في العراق بعد التحاقه بصفوف المقاومة العراقية خلال شهر ايار (مايو) من العام 2005 .

وأضافت الصحيفة أن هذه الحادثة أثارت نقاط استفهام عديدة، لا سيما وأن الشاب المذكور كان يعيش وضعا عاديا بين أهله الي أن اختفي فجأة عن الأنظار في العام 2005.

 

وأشارت الي أن شقيقته سبق لها أن تلقّت اتصالا هاتفيا من سورية بعد نحو شهر من اختفاء شقيقها، أي خلال شهر ايار (مايو) 2005، حيث تحدّث معها مخاطبها علي أنّه شقيقها، دون أن تتأكد من ذلك.

وبلغ عائلة الشاب في تلك الفترة استـــــدعاء من الأجهزة الأمنية يتضمن اشارة الي أن ابنهم في حالة فرار من تهمة تتعلّق بقانون مكافحة الارهاب.

 

وبعد أسبوع من الاتصال الهاتفي الأول الذي دلّت أرقامه علي أنّه من سورية، تلقت العائلة اتصالا هاتفيا آخر أكّد نبأ استشهاد الشاب في العراق.

 

(المصدر: وكالة يونايتد برس إنترناشيونال بتاريخ 6 فيفري 2008)

 


الرئيس الجزائري يزور تونس غدا

 
تونس / 6 فبراير-شباط / يو بي أي: يبدأ الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة غدا الخميس زيارة إلى تونس تلبية لدعوة كان تلقاها من نظيره زين العابدين بن علي. ووصف الناطق الرسمي بإسم الرئاسة التونسية اليوم الأربعاء الزيارة بأنها « زيارة عمل وأخوة »دعما « لعلاقات الأخوة والتعاون القائمة » بين البلدين. ولم يحدد الناطق التونسي مدة هذه الزيارة،فيما ذكرت مصادر ديبلوماسية جزائرية أن الرئيس بوتفليقة سيجري محادثات مع بن علي حول واقع العلاقات بين البلدين وسبل تطويرها،وتبادل الآراء ووجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الإهتمام المشترك. وتوقعت المصادر أن تستأثر المسائل المرتبطة بالتنمية المستديمة،لا سيما في منطقة المغرب العربي،وفي إطار الحوار والتعاون مع الإتحاد الإوروبي والشراكة الأورومتوسطية،باهتمام الرئيسين التونسي والجزائري ». وكان بن علي بعث في 22 من الشهر الماضي رسالة خطية إلى بوتفليقة اندرجت في سياق « تعزيز التشاور الثنائي حول مختلف المسائل والقضايا الإقليمية والدولية ذات الإهتمام المشترك ». ولاحظ مراقبون أن الزيارة تتزامن مع إحياء تونس والجزائر للذكرى الخمسين للعدوان الجوي الفرنسي الذي استهدف في الثامن من فبراير/شباط من العام 1958 بلدة  » ساقية سيدي يوسف » الواقعة على الحدود التونسية-الجزائرية. وكانت 25 طائرة حربية فرنسية نفذت صبيحة الثامن من فبراير 1958 عدة غارات جوية على قرية ساقية سيدي يوسف الحدودية، بهدف ضرب الدعم التونسي للثورة الجزائرية في ذلك الوقت،نتج عنها مقتل 79 تونسيا وجزائريا منهم 11 امرأة و20 طفلا،بالإضافة إلى أكثر من 130 جريحا.

 


 

رجل أعمال إيطالي يعتزم إستثمار 15 مليار يورو في تونس

تونس / 6 فبراير-شباط / يو بي أي: أعلن رجل الأعمال الإيطالي أرنستو برياتوني صاحب مجموعة « برياتوني للإستثمار » الناشطة في مجال العقارات والسياحة، عن عزمه استثمار نحو 15 مليار يورو في تونس . وقال في حديث نشرته اليوم الأربعاء مجلة « الملاحظ » التونسية، إن مجموعته تستعد لإقامة مشروع سياحي ضخم في منطقة الشمال الغربي في تونس، يتضمن مجمعات سياحية و فنادق ومراكز ترفيه وموانئ بحرية. وأضاف أن قيمة هذا المشروع تقدر بنحو 15 مليار يورو، حيث ستبدأ أعمال هذا المشروع قبل نهاية العام الجاري،على أن يمتد تنفيذه على مدى 12 عاما. ولم يحدد برياتوني المنطقة التي سينفذ فيها هذا المشروع، ولكنه اعتبر أن من شأن مشروعه الذي سينفذ في ساحل الشمال الغربي « تغيير وجه السياحة التونسية، وسيكون من أعلى طراز ». وكان برياتوني، التقى الرئيس التونسي زين العابدين بن علي في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي وأبلغه أنه يرغب في إنجاز مشروع سياحي ضخم بالشمال الغربي التونسي. يشار إلى أن مجموعة « برياتوني للإستثمار » الناشطة في مجال العقارات والسياحة، نفذت العديد من المدن السياحية في أكثر من دولة،منها مدينة شرم الشيخ في مصر.

 


 

مجموعة ايطالية تعتزم استثمار 15 مليار يورو في تونس

 

تونس (رويترز) – قال المستثمر الايطالي ارنستو برياتوني صاحب مجموعة برياتوني للاستثمار يوم الاربعاء ان مجموعته تعتزم اقامة مشروع سياحي ضخم في منطقة الشمال الغربي بتونس بقيمة 15 مليار يورو (حوالي 22 مليار دولار).

 

وقال برياتوني في حوار نشرته مجلة الملاحظ التونسية يوم الأربعاء « سنقيم مجمعات سياحية من أعلى طراز وكذلك فنادق ومراكز ترفيه وموانئ بحرية بتكلفة 15 مليار يورو بمنطقة الشمال الغربي لتونس. »

 

ولم يذكر برياتوني تحديدا المنطقة التي سينجز فيها مشروعه لكن يبدو أن عين دراهم وهي منطقة جبلية خلابة هي المقصودة.

 

وقال برياتوني ان « انجاز المشروع سينطلق قبل نهاية عام 2008 وسيمتد 12 عاما. »

 

وكان برياتوني قد التقى الرئيس التونسي زين العابدين بن علي في نوفمبر تشرين الثاني الماضي وأبلغه أنه يرغب في انجاز مشروع سياحي ضخم بالشمال الغربي.

 

وقال برياتوني انه قرر الاستثمار في تونس لانه « بلد يتميز بالامن والاستقرار السياسي » مضيفا أن مشروعه سيؤدي الى « تغيير وجه السياحة التونسية ».

 

وتسعى تونس التي تجاوزت عائداتها السياحية العام الماضي ملياري دولار الى رفع ايرادات صناعة السياحة من خلال استقطاب السياح من اصحاب الدخول المرتفعة.

 

ويستثمر برياتوني في مجال العقارات والسياحة في عدة بلدان في العالم.

 

وينتظر ان يوفر هذا المشروع نحو 30 الف فرصة عمل في بلد تصل فيه البطالة نحو 14 بالمئة.

 

(المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 6 فيفري 2008)

 


 

الوزير الأول يستقبل رئيس جمعية أندية الليونس (LIONS) الدولية

تونس 6 فيفري 2008 (وات) استقبل السيد محمد الغنوشي الوزير الأول صباح الأربعاء بقصر الحكومة بالقصبة السيد ماهندرا اماراسوريا رئيس جمعية أندية الليونس الدولية.

وأكد السيد اماراسوريا ان اللقاء يأتي في اطار العلاقات التي تسعى الجمعية الى إقامتها مع السلط العليا في البلدان الأعضاء لدعم علاقات التعاون القائمة في مجال خدمة المسائل الانسانية.

ويؤدى السيد ماهندرا اماراسورياحاليا زيارة الى تونس على رأس وفد للمشاركة في الدورة 13 لمؤتمر جمعية أندية الليونس الدولية التي ستلتئم ايام 7 و 8 و 9 فيفري حول موضوع « التحدى الافريقي ومساهمة اندية الليونس الدولية في التطور الاجتماعي والاقتصادي في إفريقيا ».

 

(المصدر: وكالة تونس افريقيا للأنباء (وات رسمية) بتاريخ 6 فيفري 2008)

 


 

فنان دانماركي يصبغ الصحراء التونسية ويشيد ببدوها

 

أعلن فنان دانماركي سبق أن صبغ بالأحمر جبل جليد في غرينلاند ومون بلان، أنه صبغ تلة رملية وحيوانات في الصحراء التونسية بالأحمر، مشيدا بـ »الانفتاح الفكري » لبدوها وكرمهم.

 

وقال ماركو إيفاريستي (44 عاما) التشيلي الأصل إنه أنهى في الصحراء ثلاثيته « مكعب الجليد 2004″، « الجبل الأحمر 2007 » و »الصحراء الحمراء 2008″، باسم حماية البيئة.

 

ولم يكتف الفنان بصبغ تلة رملية بالأحمر، بل أيضا لون جملا، ومعزاة، ونعجة. وأوضح « كنت متوترا قليلا للذهاب إلى بلاد مسلمة، لكنني لم ألق إلا انفتاحا فكريا وكرما وتسامحا لدى البدو، الذين فهموا جوهر مشروعنا ».

 

لكنه قال « اعتبرونا (البدو) في البداية مجانين ». وعن المكان الذي اختاره قال « ابتعدنا حوالي 250 كلم إلى جنوب مدينة دوز (الجنوب التونسي) لتحقيق مشروعنا مع البدو ».

 

وسيفتتح إيفاريستي معرضا لأعماله الثلاثة التي بلغت كلفة كل منها حوالي خمسمائة ألف كورون (67 ألف يورو)، في الأول من مارس/آذار في مركز تهال كريمس في ضواحي فيينا.

 

وعلى غرار أعماله السابقة، اعتمد إيفاريستي صباغا عضويا مشتقا من الفاكهة. ويكمن مشروعه المقبل في « تلوين غمامة بالزهري، في فيينا في مارس/آذار، ثم شلالات نياغارا »، الحدودية بين الولايات المتحدة الأميركية وكندا.

 

وأوضح الفنان في هذا الخصوص « أريد أن أرسم لوحة طبيعية زائلة بمساعدة ثلاث مروحيات ستعمد إلى صب الصباغ الزهري على الشلالات ».

 

لكنه أكد أنه لا ينوي طلب الضوء الأخضر من السلطات بأميركا الشمالية على غرار ما فعل في فرنسا، لأنها قد تعارض مشروعه.

 

وكان إيفاريستي الذي يهوى الاستفزاز، أثار ضجة كبيرة عام 2000 في معرض مثير للجدل في متحف ترافولت الدانماركي عندما وضع أسماكا حمراء في خلاط كهربائي، تاركا حرية الخيار للزوار بالضغط على زر التشغيل وتحويلها إلى معجون.

 

وقال وقتذاك « أردت أن أجعل الناس يواجهون ضميرهم، وحرية قرارهم، وغريزتهم، عبر تشغيل زر الموت أم لا ». غير أن جماعات الرفق بالحيوانات جرته إلى المحاكم لسوء معاملة الأسماك، قبل أن تتم تبرأته مؤخرا.

 

(المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 6 فيفري 2008 نقلا عن وكالة الصحافة الفرنسية أ ف ب)

 


 

رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية يزور عبد الرحمان التليلي في سجنه

 
علمت «الشروق» أنه على اثر اتصال عائلة السجين عبد الرحمان التليلي بالسيد منصر الرويسي رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية للفت النظر حول ما قالت إنه يقيم في ظروف سيئة داخل سجنه بالمرناقية وتدهور حالته الصحية، وأن المعني قد دخل في إضراب جوع للاحتجاج على هذه الوضعية، كما اشتكت الأم والاخوان من الظروف التي تتم فيها زيارتهم له. وفي إطار صلوحياته التي ينص عليه الأمر المنظم لعمل الهيئة، قام رئيس الهيئة يوم 1 فيفري 2008 بالتحول إلى سجن المرناقية والتقى السيد عبد الرحمان التليلي على انفراد واستفسره عن حالته الصحية وظروف إقامته بالسجن، كما تولى السيد منصر الرويسي بنفسه دعوة الطبيب الذي يباشره واستفسره عن حالته حيث أفاد بأن حالته عادية جدا واطلعه على ملفه الصحي والكشوفات المنتظمة التي يتلقاها وأن ضغط الدم مستقر منذ أن دخل السجن (12 ـ 7). كما زار رئيس الهيئة غرفة السجين والتي تقع بجناح له فسحة خاصة وبه غرفتان تدخلها الشمس خلافا لما ادّعى. ثم تحول السيد منصر الرويسي ليطلع على الفضاءات المخصّصة للزيارة حيث تبيّن أن السيد عبد الرحمان التليلي يقابل أمه دون حاجز في غرفة مهيأة لذلك وهي في شكل قاعة عصرية ومريحة. كما أفاد رئيس الهيئة أن بقية أفراد العائلة يتمتعون بالمقابلة مرة كل ثلاثة أشهر بدون حاجز ومرة في كل أسبوع بالفضاء العادي المخصص للزيارات العادية. أما بالنسبة لمصحة السجن فقد أكّد السيد منصر الرويسي بأنها في أحسن حال ومجهزة بمعدات حديثة وقابلة لاستقبال 150 نزيلا (المصدر: صحيفة الشروق (يومية – تونس) الصادرة يوم 6 فيفري 2008)

 

 


 

الشؤون الوطنية كواليس سياسية

* جمعها: خالد الحدّاد * مكتب سياسي! من شبه المؤكّد أن يتواجد في المكتب السياسي القادم لحركة الديمقراطيين الاشتراكيين اعضاء اللجنة الوطنية للاعداد للمؤتمر وهم السادة والسيدة: محمد مواعدة والعروسي النالوتي واسماعيل بولحية والطيب المحسني ومحمد الصحبي بودربالة وسعاد الغربي وعليّة العلاني والمنجي كتلان وسيُضاف اليهم على الارجح اسمان آخران في اطار عودة التركيبة عن «الحالة الاستثنائية الوفاقية» التي حتّمت توسيع المكتب السياسي الى 26 عضوا والتزامها بالقانون الداخلي للحزب الذي يقرّ تركيبة بـ 11 عضوا فقط.

 

* «اتهامات خطيرة»! اتهامات خطيرة وُجّهت الى أمين عام حزب معارض خلال موعد حزبي انعقد مؤخرا والاتهامات جاءت حتى من محسوبين على تيار هذا  الأمين العام، أحد المتدخلين قال كلاما جارحا للأمين العام مفاده: «قُلت لنا العديد من الوعود، وحاليا أنت الأمين العام ولكنك لست أمينا!»،

 

* مدح «مالي»! مادحا أمين مال حركته قال السيد اسماعيل بولحية خلال المجلس الوطني الاخير: «آش خص كان جاء عندي 10 من أمثال منجي كتلان»!

 

* ثالوث «مخطط»! مصادر من ح.د.ش أكّدت أن ثالوثا من أعضاء المكتب السياسي أصبح يتحكم في كل مقاليد الحركة وهو الذي يرسم كل التحركات والبرامج كما أنه هو الذي سيُحدد مستقبل الحركة ، هذا «الثالوث المخطط» هو الطيّب المحسني ومحمد الصحبي بودربالة وحسين الماجري.

 

* «حسن نوايا»! النائب في البرلمان سهيل البحري قال لـ «الشروق» إن لقاءه الاخير مع الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية السيد محمد بوشيحة كان لقاء وديا وايجابيا تم خلاله التعبير عن حسن النوايا والقواسم المشتركة  التي تخدم الحزب والحياة السياسية في البلاد.

 

* «خلاف رابطي»! عضو الهيئة المديرة للرابطة التونسية لحقوق الانسان السيد صالح الزغيدي قد يكون عبّر عن عدم رغبته في حضور اجتماعات الهيئة المديرة المقبلة ما لم يتقدّم له رئيس الرابطة باعتذاررسمي وصريح على خلفية الخلاف الذي اندلع بينهما مؤخرا خلال آخر اجتماع للهيئة. وحديث عن غموض حول تأجيل انعقاد اجتماع الهيئة المديرة الذي كان مقرّرا الاربعاء الفارط.

 

* «منتدى شبابي!» بعد بعثه للمنتدى الوطني للتواصل مع الشباب بعث حزب الخضر للتقدم الاحد الفارط أول منتدى جهوي للتواصل مع الشباب بجهة الجنوب الشرقي وذلك بمناسبة احتفال جامعة جرجيس بمرور سنة على انبعاثها.

 

* جامعات جامعة صفاقس هي الجامعة الخامسة لحزب الخضر للتقدم وحديث عن بعث جامعات اخرى قبل الاحتفالات بمرور سنتين على تأسيس الحزب (3 مارس).

 

* شباب وحوار كل الأحزاب السياسية بما فيها الحزب الحاكم بدأت في تنظيم منتديات وفضاءات للحوار مع الشباب وكانت مواضيع هامة في أولى هذه المناشط من أبرزها التطرّف السياسي والقيم وعزوف الشباب عن العمل السياسي والجمعياتي.

 

* تنسيق ثنائي بعد تجربة «اللقاء الديمقراطي» يتّجه الحزب الاجتماعي التحرري وحزب الخضر للتقدّم الى مزيد التقارب والتنسيق في اطار عمل ثنائي قال عنه كل من الخماسي وثابت انه يهدف الى استثمار رصيد الثقة بين الحزبين ودعم ارضية وطنية صادقة في انسجام مع الخيارات الكبرى للبلاد.

 

* عودة «مواعدة»! في اطار التنسيقات والتطوّرات الجديدة داخل ح.د.ش أدّى أمس السيد محمد مواعدة زيارة الى مقر الحركة، مواعدة  انقطع عن الحركة وعن المقر منذ اكثر من سنة. فهل هي العودة فعلا؟

 

* انتظارات وتساؤلات انتظارات كبيرة بخصوص انعقاد اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي التقدمي وأحاديث عن تباين للآراء بخصوص عدة نقاط ومسائل وتقييمات مختلفة بخصوص مشاركة الأمين العام السابق للحزب في لقاءات بالخارج تبحث «الشأن السياسي الوطني!».

 

* «الطريق الجديد!» عودة منتظرة لـ «الطريق الجديد» لسان حال حركة التجديد للصدور بصفة اسبوعية.

 

* تمويل عمومي ما يزال الحديث داخل المشهد السياسي متواصلا بخصوص مسألة التمويل العمومي للأحزاب وتواتر المطالبة بتعميم هذا التمويل على كل الاحزاب القانونية وعدم قصره على الاحزاب البرلمانية فقط.

 

(المصدر: جريدة « الشروق » (يومية – تونس) الصادرة يوم 6 فيفري 2008)

 


 

ردا على طلب الهيئة الشرعية للقضاة السفر إلى روما  وزير العدل يوزع الإنذارات ويقطع الأرزاق !

 

بناء على الدعوة الموجهة إليهم من الاتحاد العالمي للقضاة لحضور جلسة خاصة بقضية جمعية القضاة تنعقد بروما في 16 فيفري تقدم أعضاء المكتب الشرعي بمطالب ترخيص بالسفر لدى وزارة العدل وفق متطلبات قانونهم الأساسي. ولم ترد الوزارة على هذه المطالب رغم اقتراب موعد اللقاء غيران مجموعة من الدلائل تشير إلى أن الوزارة سوف تمنع الشرعيين من مغادرة البلاد إذ أن ردها الأول والسريع على طلب السفر إلى روما كانت في غاية الدلالة فقد وزعت مجموعة من الانذارات طالت السيدة وسيلة الكعبي عضو المكتب التنفيذي  والسيدين حمادي الرحماني وتوفيق السويدي عضوي الهيئة الإدارية  هذا من جهة ومن جهة أخرى فقد عمدت الوزارة أيضا ولمزيد التنكيل بالقضاة الشرعيين إلى اقتطاع نسبة هامة من مداخيلهم سواء على مستوى منحة الإنتاج أو حتى على مستوى الأجر الشهري  وقد شملت هذه العقوبات السيد أحمد الرحموني الرئيس وحرمه السيدة ليلى عبيد القاضية معه بابتدائية المهدية  والسيدين حمادي الرحماني وتوفيق السويدي .  وما يستخلص بشكل سريع من هذه الإجراءات التي تستند ظاهريا إلى مسالة الحضور اليومي بالمحاكم أن وزارة العدل لم تعد تفرق أبدا ( هل فرقت يوما  ؟ ) بين الصفة المهنية للقاضي وصفته الجمعياتية فصارت تحاسب في مكاتب التفقدية أولئك الذين  عجزت عن محاسبتهم في مكان آخر . وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن المكتب المنصب يستعد إلى عقد مجلس وطني  في المهدية بوم 10 فيفري القادم ، وقد استغل هذه المناسبة لدعوة جميع القضاة للإقامة مع عائلاتهم هناك  بنزل من فئة الخمسة نجوم  أيام 8-9 -10   لتزامنها مع العطلة المدرسية القصيرة  .ويؤكد ذلك أن خصوصية الوظيفة القضائية لم تجعل القضاة في أي وقت من الأوقات خاضعين للتوقيت الإداري وإنما  تتخذ الوزارة من هذا الأمر ذريعة للتضييق على القضاة الشرعيين واضطهادهم من دون بقية زملائهم والحال انه من الثابت لدى تفقدية الوزارة ولدى جميع القضاة انه لا إخلال ينسب إليهم على مستوى أدائهم لوظائفهم القضائية بل إنهم يتحملون العب ء الأكبر من العمل في المحاكم التي يباشرون بها . وللتذكير وإعلاما للرأي العام فان وزارة العدل دأبت على منع أعضاء الهيئة الشرعية من السفر وقد حدث ذلك  : في 2005 لحضور ندوة دعتهم إليها اللجنة الدولية للحقوقيين بباريس وفي نفس السنة لحضور الاجتماع السنوي للمجموعة الإفريقية في لومي بالطوغو وفي 2006لحضور ندوة بياوندي بالكامرون ثم لحضور الاجتماع السنوي للاتحاد العالمي بالمجر  وفي 2007لحضور ندوة دعتهم إليها الشبكة الاورومتوسطية بباريس  ثم لحضور ملتقى في واشنطن بمبادرة من اكبر منظمات حقوق الإنسان .  و غير خاف  على أحد أن وزارة العدل تسعى  من خلال هذا المنع إلى  كتم   الأصوات التي يمكن أن تصف طبيعة الانقلاب المرتكب في حق القضاة وتسمح للعالم أن يقف على ما يجري في هذا البلد الذي يدفع  حكامه الملايين من أجل حث بعض المرتزقة  الأجانب على تجميل صورته  في حين لم يعد ملف حقوق الإنسان فيه خافيا على أحد غير أن المنع إذا حصل هذه المرة وهو أمر صار شبه مؤكد  فسيكون له معنى خاص وهو أن وزارة العدل الضالعة بلا شك في عملية الانقلاب ضد الهيئة الشرعية لم تعد تعبأ  حتى بحفظ الشكليات وهي اختارت بل لعلها مجبرة أن تقف جهارا  مع المنصبين حتى ولو كلفها ذلك افتضاح أمر  الانقلاب لدى الاتحاد العالمي للقضاة الذي سيسهل عليه من هنا فصاعدا استخلاص النتائج من تعذر وصول الشرعيين إلى روما نظرا لان وزارة الإشراف قطعت الطريق أمامهم خدمة لمكتبها المنصب  وحولتهم في دولة القانون والمؤسسات إلى قضاة تحت  الإقامة الجبرية . عماد بن عمار

 


من يستفيد من اهانة الجامعيين التونسيين ومن التطاول على مقامهم؟؟؟

مراد رقية 
 
تعرضت في مناسبات سابقة الى الظروف الحرجة والعصيبة التي يعايشها الجامعيون التونسيون هذه الأيام،وهم يستعدون للاحتفال بخمسينية انبعاث الجامعة التونسية التي ضحى التونسيون من أجل قيامها ثم »تونستها » بالنفس والنفيس ،والذين برغم تضحياتهم المتراكمة طيلة نصف قرن تسريعا في قيام اقتصاد المعرفة ومجتمع المعلومات فانهم لا يلاقون من لدن سلطة الاشراف سوى كل اذلال ومهانة وتنكيل وتفقير وتهميش مما جعلهم وعكس الاعتقاد السائد خطاأ »نخبة مفقّرة مهمشة مستهدفة فكريا وماديا وعلميا واجتماعيا »؟؟؟   *الاذلال الاداري،برغم تدريس الجامعيين لمادة حقوق الانسان الذي عمّم على مختلف القطاعات والشعب تأصيلا ل »ثقافة حقوق الانسان » فان المعاملة التي يلقاها الجامعيون من سلطة الاشراف تتناقض تماما مع المسؤولية الجسيمة الملقاة على كاهلهم بتدريس هذه « المادة الاستراتيجية »في ارساء دولة القانون والمؤسسات ذلك أن الجامعيين التونسيين يتعرضون من الانتداب والى غاية التقاعد الى المراقبة الادارية والعلمية والأمنية على السواء من خلال الاستجوابات والانذارات واستعمال سلاح العقاب الجماعي عبر النقل التعسفية والحرمان من النقلة حتى لأسباب صحية،ورفض أو تأخير الترسيم تقشفا أو عقابا على مشاركة في اضراب مرخص له من الاتحاد العام التونسي للشغل غير المعترف به لعدم الاعتراف بالنقابة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي.وكانت هذه الاجراءات تقتصر الى وقت قريب على السلك التدريسي من المساعد الى أستاذ التعليم العالي لكنها امتدت مؤخرا الى أهلى الهرم من خلال الاستجوابات الموجهة الى العمداء المنتخبين من زملاؤهم سعيا لتحقيق العدالة بين الأصناف والرتب،ولعل هذا ما جعل سلطة الاشراف تشملهم بذات المعاملة استعدادا للخمسينية التي نريد احياء ذكراها في حالة من التناغم والانسجام والود الكامل الشامل وغير المشروط بين وزارة الاشراف والسلك الجامعي ادارة وتدريسا تجسيما لمبادىء دولة القانون والمؤسسات التي نتناولها من خلال مادة حقوق الانسان،ومجازاة لهم على تضحياتهم التي لا تعترف لهم بها،فكيف يكون الحال لشرائح المجتمع التونسي؟؟؟   *التفقير المادي،لعل التفقير المادي وتحويل الجامعيين التونسيين الى »معوزين مزمننين متنورين »غايته القصوى تدجينهم واذلالهم ،وجعلهم موظفين عاديين محرومين من أبسط حقوقهم وامتيازاتهم التي لا يسمح لنقابتهم المحاصرة بامتياز بالخوض فيها بالوسائل العادية والمتعارف عليها،مما يضطر الجامعيين التونسيين الى رفع الشارة الحمراء أولا،ثم لاحقا الاضراب عن العمل لا رغبة في حرمان طلبتهم من تحصيلهم العلمي كما تروج لذلك باطلا وسائل الاعلام الرسمية الشريكة في الاذلال والتفقير والحصار،ولكن مساعدة للوزارة من خلال الادخار عبر الحجز من الراتب استعدادا للاحتفال كما يجب بموعد الخمسينية العظيم قياسا على »الثلاثاء العظيم »؟؟؟   ويمكن التساؤل هنا،من الذي يستفيد ياترى من محنة ومهانة الجامعيين التونسيين المستهدفين في كرامتهم وعنفوانهم ومكانتهم،قبل استهداف جيوبهم المفرغة والمثقوبة لكثرة الأعباء ،وخاصة لتدهور طاقتهم الشرائية بارتفاع قيمة الدينار التونسي قياسا على العملات الأجنبية،محولة اياهم الى مقترضين مدمنين على السلفات والقروض الشخصية،وموظفين متسابق اليهم من المؤسسات البنكية لانكشاف رصيدهم الدائم ،المتطلب تغطيته المزيد من الاقتراض المذل والملغي للآدمية،من الانتداب وحتى التقاعد المروج التمديد له تمكينا لنا من سرعة السداد وتغطية انكشاف الحساب الجاري؟؟؟؟؟؟؟؟

 


 

تونس: رهان الصحف المستقلة

بقلم: محمد كريشان (*)

 

قبل عشرين عاما بالضبط اختفت من الساحة التونسية جريدة الرأي الأسبوعية المستقلة، حجز العدد في المطبعة بسبب مقال جريء أرادت صاحبته أم زياد أن يكون امتحانا لمدى رحابة صدر السلطات في التعامل مع حرية الصحافة، وقد كان.

 

اختفت في كانون الثاني (يناير) 1988 تلك الجريدة التي أدارها ورعاها حسيب بن عمار الوزير السابق في عهد الرئيس الحبيب بورقيبة بعد أن عانت الأمرين خلال عشر سنوات من حجز وتوقيف عن الصدور إلي أن التحقت في النهاية بقائمة صحف ومجلات أخري توقفت بالكامل مثل مجلة المغرب العربي لصاحبها عمر صحابو و لوفار الناطقة بالفرنسية للراحل عبد الجليل الباهي.

 

كانت الرأي منبرا تعدديا رائعا كتب فيها أنصار الحزب الحاكم والماركسيون والإسلاميون والقوميون والليبراليون والنقابيون الملاحقون ورعت بجدية حقيقية مبدأ الرأي والرأي الآخر ، في تعايش ودي قل نظيره. اشتهرت الرأي ذات الإمكانيات المادية المحدودة والشكل الفني المتواضع بافتتاحياتها النقدية ورسمها الكاريكاتوري الساخر في صدر صفحتها الأولي وملفاتها الملتهبة التي خاضت فيها كالتعذيب في السجون ومليشيا الحزب الحاكم وقضايا الحريات المختلفة. وباختفائها اختفت بالكامل تقريبا ما يجوز وصفه حقيقة بالصحف المستقلة في تونس، حتي وإن ادعي بعضها الآن أنه كذلك.

 

عادت إلي كل تلك الذكريات الحلوة التي قضيناها كفريق تحرير لهذه الصحيفة قبل أن تتفرق بنا السبل وأنا التي بدأت فيها خطواتي الأولي في عالم صاحبة الجلالة، فمنا من هاجر خارج البلاد مبكرا، ومنا من التحق به فيما بعد، ومنا من ترك مهنة الصحافة بالكامل ومنا من شق له طريقا مختلفا في هذه المهنة آثر فيه السلامة والاستفادة وقد نجح فعلا بالظفر بكليهما، عادت إلي كل هذه الذكريات مع صدور التقرير السنوي للجنة حماية الصحافيين ومقرها نيويورك والذي نبهت فيه قبل يومين إلي الخطر الحقيقي الذي بات يهدد اليوم في البلاد العربية الصحافة المستقلة التي قد تنقرض بالكامل إذا ما تواصل التضييق عليها وملاحقة كتابها وجرها إلي المحاكمات والسجون والغرامات المالية الكبيرة.

 

كان من المفترض أن تلقي الصحف المستقلة كل الرعاية من المؤسسة العربية الرسمية لا لشيء سوي أن هذا النوع من الصحافة هو الأقدر من غيره علي إيصال المزاج الشعبي الحقيقي لصاحب القرار بعيدا من ناحية عن الدعاية الإنشائية الساذجة لوسائل الإعلام الحكومية ومن ناحية أخري عن النفس التعبوي أو حتي التحريضي التي عادة ما تسلكه صحف المعارضة، إن كانت هناك معارضة فعلا وإن كان لها صحف إن وجدت هي. صاحب القرار في حاجة ماسة فعلية لهذا المزاج الذي لا يمكن للتقارير الأمنية أن تلامسه مهما بلغت من حرفية ودقة لم تعرفا عنها علي أية حال، ولهذا فإن كان هناك من خاسر حقيقي جراء انقراض الصحف السياسية المستقلة فهو بالفعل وبالقطع صاحب القرار هذا.

 

ما يعمق خطورة هذا الفراغ أن الساحة الصحافية وقد أفرغت من المهنيين الحقيقيين المعتزين بصفتهم الصحافية والحريصين علي مهنيتهم واستقلاليتهم لم يبق المجال تقريبا إلا لمنتحلي هذه الصفة تقريبا واولئك الذين يكتبون بتعليمات ويخرسون بتعليمات مع تضخم مواز لصحافة منوعات وفضائح تزداد مبيعاتها مع ازدياد تفاهتها، مما يفرز في النهاية ساحة صحافية غاية في التشوه تقوم فقط إما علي الدعاية أو دغدغة العواطف وبهما لا يمكن أبدا تلمس اتجاهات الرأي العام إلي أن يفيق يوم أصحاب القرار علي إرهاصات أو تحركات لم يتوقعوها أبدا لأن تكميم الأفواه لا يمكن إلا ان يقود في النهاية إلي مفاجآت، أغلبها ليس سارا بالتأكيد.

 

(*) صحافي تونسي

 

(المصدر: صحيفة القدس العربي (يومية – لندن) الصادرة يوم 6 فيفري 2008)


 

كمال العبيدي:

« غياب الحريات وعدم استقلال القضاء.. آفة الصحافة العربية »

 

« أدركت الحكومات العربية أن ممارستها للقمع بصورة سافرة يمكن أن تضر بمكانتها الدولية، ولهذا فقد لجأت إلى أشكال خفية من السيطرة على وسائل الإعلام، وهكذا بدأ الفصل من العمل والمحاكمات المسيسة تحل محل التعذيب والاختطاف ».

 

بهذه العبارة استهل جويل كمبانا؛ كبير منسقي برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بلجنة حماية الصحفيين، والذي قاد بعثة للجنة إلى المغرب ومصر خلال عام 2007… تقديمه للتقرير السنوي للجنة والذي جاء تحت « هجمات على الصحافة »…

 

اعتبر كمال العبيدي، مستشار اللجنة الدولية لحماية الصحفيين بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أن عام 2007 هو الأسوأ بالنسبة للصحفيين، حيث شهد العام تراجعًا ملحوظًا في الحريات الصحفية، كما شهد جنوح الحكومات العربية إلى تشديد قبضتها على الصحفيين؛ رافضًا « رسائل الترهيب والتخويف، التي تبعثها الأنظمة العربية للصحفيين على فترات، للفت من عزيمتهم وإثنائهم عن مواصلة المشوار ».

 

 وقال العبيدي في حوار خاص مع سويس إنفو على هامش المؤتمر الصحفي الذي عقد بنقابة الصحفيين المصريين يوم الاثنين 4 فبراير 2008: رغم قتامة الصورة، إلا أن عدد المُصِرّين على ممارسة مِـهنة الصحافة يتكاثرون وأن عدد المُـدونين الذين يكتبون بشجاعة يتزايدون، وهذه مؤشرات تبعث على الأمل.

 

 وأوضح أن « غياب الحريات وعدم استقلال القضاء، هما أكثر ما يهدّد الصحفيين العرب »، وانتقد إصرار الحكومات العربية على التدخل في عمل القُـضاة وممارسة الضغوط عليهم، مضيفًا « للأسف الشديد، فإن القُـضاة والمحاكم يُـستخدمان في العالم العربي كأدوات لتصفية الحسابات السياسية مع المعارضين للأنظمة ».

 

·        سويس إنفو: ما الجديد في تقرير اللجنة الدولية لحماية الصحفيين لهذا العام؟

 

كمال العبيدي: الجديد في تقرير هذا العام هو التراجع الملحوظ في حرية الصحافة وأيضًا ما شاهدنا على امتداد عام 2007 من احتجاجات واعتصامات ومظاهرات الصحفيين، بل واحتجاب بعض الصحف عن الصدور، بصورة لم تشهدها المنطقة العربية من قبل، على الرغم من جنوح عديد من الحكومات العربية إلى تشديد قبضتها على الصحفيين، وهو ما جاء – في تقديري – بمفعول عكسي.

 

 وأعتقد أن ثمن مطالبة الصحفيين بالحرية وتكلفة ممارسة مِـهنة الصحافة، قد أصبح باهظًا هذا العام بشكل ملحوظ، أكثر كثيرا من العام الماضي؛ كما أن هناك دُولا يمكن وصفها بأنها دول الهامش الأوسع للحريات الصحفية، مثل مصر والمغرب واليمن، وكان يُـتوقع منها توسيع هذه الهامش، غير أنها – للأسف – تراجعت وقللت من هذا الهامش المسموح به خلال عام 2007 المنصرم.

 

 

·        سويس إنفو: ما هي أهم العوائق الذاتية التي لا زالت تعترض عمل الصحفيين؟

 

كمال العبيدي: الحقيقة أن العوائق والقيود التي تعترض عمل الصحفيين تتعدد؛ فهناك قيود تشريعية وأخرى إدارية وثالثة ذاتية؛ ولمزيد من التوضيح أقول: إنه عندما يشاهد بعض الصحفيين ما يحدث لزملائهم الأكثر جُـرأة، لا لشيء إلا لأنهم تطرّقوا للحديث عن موضوعات كلّـفتهم الكثير، فإنهم – بلا شك – سيفكِّـرون كثيرًا قبل القيام بمثل ما قاموا به، وهو ما يضع أمام تحركاتهم عقبات ذاتية.

ثم إن ما تقوم به الحكومات والنُّـظم العربية مع بعض الصحفيين – من ضغوطات وتضييقات – يكون في حقيقته رسالة موجّـهة لعموم الصحفيين، حتى لا تُـراودهم أنفسهم للقيام بمثل ما قاموا به، وللعلم، فإن جُـل الصحفيين يقرؤون هذه الرسائل بعين الاعتبار ويعملون لها ألف حساب.

فهناك رسائل كثيرة من هذا النوع مثل: اختطاف الصحفي المصري رضا هلال (جريدة الأهرام) منذ أغسطس 2003، ورغم مرور 4 سنوات ونصف، فلم يتم التحقيق في الموضوع ولم يتم اعتقال المتسببين! واغتيال جبران تويني، مدير تحرير صحيفة « النهار » وسمير قصير، وكان كاتبا شهيرا في صحيفة « النهار » في عام 2005؛ واغتيال الصحفي الليبي المستقل ضيف الغزال الشهيبي…. إلخ .. فهذه كلها أمور تحذر الصحفيين وتُـعوقهم ذاتيًا عن القيام بمهامهم على أكمل وجه.

 

 

·        سويس إنفو: لكن سيدي.. رغم قتامة الصورة، ألا توجد بارقة أمل أو ثمة مؤشرات إيجابية في المنطقة العربية؟

كمال العبيدي: بالتأكيد، هناك « بصيص » من الأمل؛ فقد أشرت في حواري الذي أجريتَـه معي العام الماضي إلى أن عدد المُصـِرّين على ممارسة المِـهنة يتكاثر وأن عدد المُـدونين الذين يكتبون بشجاعة يتزايد، وهذه مؤشرات تبعث على الأمل، وأيضًا هناك أمل، يبدو في بعض الدول، في أمريكا اللاتينية وأوروبا.

 

 ففي الثلث الأخير من القرن العشرين، كانت هناك في هاتين القارتين دُول ضِـمن مجموعة الدول المكبّـلة للحريات، مثل البرازيل وشيلي في أمريكا اللاتينية، والبرتغال واليونان وإسبانيا في أوروبا، لكنها تحسّـنت كثيرا في عام 2007.

 

 وعلى الرغم من أن الحكومات العربية قد بدت خلال عام 2007 عاقِـدة العزم على التضييق على الصحفيين، فإنه مِـما يبعث الأمل، أن الصحفيين العرب قد أصبحوا لا يخشَـون التّـهديدات ولا الترهيبات ولا الرسائل التخويفية، التي أرسلتها بعض الحكومات للصحفيين.

 

والمتأمل لحال الصحافة العربية، يبدو له تكامل الصحفيين والمُـدونين المتعطّـشين للحرية، وأن هذا لم يحدث في الدول المعروفة بضآلة الهامش المُـتاح للصحفيين فقط، ولكنه امتدّ أيضًا ليشمل دولا أخرى، مثل مصر والسعودية.

 

·        سويس إنفو: فلماذا لا يوجد تعاطف حقيقي « ملموس » من طرف منظمات الدفاع عن حرية الصحافة وحقوق الصحفيين في العالم، وخاصة تُـجاه الصحفيين العرب الأكثر معاناة بالمنطقة؟

 

كمال العبيدي: عفواً هذا السؤال فيه نوع من التجنّـي؛ فالمنظمات الدولية التي تهتَـم بحرية الصحافة موجودة، وهي كثيرة، بل إنها تتزايد يومًا بعد يوم، وهي تقوم بواجبها، حسب الإمكانات المتاحة، حيث ترصد الانتهاكات وتحث المحامين على متابعة القضايا والدفاع عن الصحفيين الذين يتعرضون للتضييقات أو الاعتداءات بشتّـى أنواعها.

  

وفي رأيي، أن المشكلة الحقيقية ليست في عدم قيام المنظمات الحقوقية بدورها في الدفاع عن الصحفيين العرب، وإنما في إصرار الحكومات العربية على التدخّـل في عمل القضاة وممارسة الضغوط عليهم، وهو ما يمكن تلخيصه في عبارة « عدم استقلال القضاء »، والتي أضحت – للأسف – سمة بارزة من سمات جُـل البلدان العربية؛ وللأسف الشديد، فإن القُـضاة والمحاكم يُـستخدمان في العالم العربي كأدوات لتصفية الحسابات السياسية مع المعارضين للأنظمة.

 

 

·        سويس إنفو: عفوًا.. وهل رصدتم شيئًا من هذا في التقرير الأخير؟

 

كمال العبيدي: نعم طبعًا، وفي تقرير 2007 الذي بين أيدينا الآن، والذي أعدّته اللجنة الدولية لحماية الصحفيين إشارة واضحة إلى المغرب كمثال صارخ على هذا الأمر؛ حيث أقر بعض المسؤولين الذين أجرت اللجنة لقاءات معهم، بأن القَـضاء غير مُـستقل، فإذا كان الأمر كذلك، فكيف إذن نحلم بإنصاف الصحفيين وكيف يضمنون حقوقهم التي تنُـص عليها الدساتير والمواثيق والعهود الدولية.

فالمفروض أن الصحافة والقضاء صنوان، لأنهما يدافعان عن الحقوق، لكن الواقع يقول إن القُـضاة أنفسهم في العالم العربي يتعرّضون للتضييق، وهناك أيضًا مثال آخر لذلك؛ وهو ما يحدث في مصر من هجمة على القضاة الإصلاحيين، لا لشيء إلا لأنهم قاموا بواجبهم وكشفوا عن حجم التزوير الذي وقع في الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي أجريت في عام 2005، فكان جزاؤهم التضييق والتحقيق و..إلخ.

 

·        سويس إنفو: اسمح لي أن ننتقل إلى موضوع آخر، لكنه على درجة من الأهمية؛ ألا وهو نقص التكوين وتراجع التأهيل للإعلاميين العرب.. ألست معي في أن هذا هو لُـب الدّاء وسبب التخلف؟

 

كمال العبيدي: أتّـفق معك، لكن في جُـملة من البلدان العربية هناك معاهد لتدريب وتكوين الصحفيين، وجزء كبير من خرّيجي كليات الإعلام وأقسام الصحافة بكليات الآداب يعملون في مجال الصحافة، وهم بطبيعة الدراسة متخصّصون، ولكن هذا لا يمنع من القول بأن تدريب وتأهيل وتكوين الصحفيين أمر ضروري.

فالكثير من الصحفيين في حاجة ماسّـة للتدريب والتأهيل، وقد بدأت بعض النقابات الصحفية في بعض البلدان العربية في الاهتمام بهذا الأمر، لكن ليس بالدرجة المطلوبة، كما أن هناك أيضا دور يجب أن يقوم به اتحاد الصحفيين العرب، لكن للأسف، فإن الشعور بأهمية تدريب الصحفيين وتأهيلهم غيرُ موجود لدى المسؤولين والماسكين بزِمام الأمور في الكثير من البلدان العربية.

وفي اعتقادي أن العائق الأساسي الذي يقف في طريق الصحفيين العرب، هو غياب الحريات وغياب الضمانات وعدم احترام الحكومات العربية لحرية التعبير عن الرأي، الذي أقرّه الميثاق العالمي لحرية الصحافة والعهد الدولي للحقوق المدنية و….إلخ، فهذه المواثيق غير مُـحترمة في مُـعظم البلدان العربية، رغم أن حكوماتها قد التزَمت بها منذ أكثر من 10 سنوات.

·        سويس إنفو: ولكننا لا نرى دورًا لاتحاد الصحفيين العرب في هذا المجال وغيره من مجالات حماية والدفاع عن الصحفيين العرب؟

 

كمال العبيدي: الحقيقة أن هذه مسؤولية الصحفيين العرب أنفسهم، حيث تقع على عاتقهم مهمّـة تنشيط وإيقاظ وإحياء نقابات الصحفيين في بلدانهم، وأيضا اتحاد الصحفيين العرب، والحقيقة، أن ضعف اتحاد الصحفيين العرب يعكِـس واقع النقابات الصحفية في الدول العربية؛ فهي ليست على ما يُـرام؛ باستثناء بعض النقابات، مثل مصر والمغرب واليمن.

 

كما أن مهمة حماية والدفاع عن الصحفيين، ليست قاصرة على النقابات المحلية في البلدان ولا حتى اتحاد الصحفيين العرب، فهناك الاتحاد الدولي للصحفيين، ومقرّه في بلجيكا، وهي مؤسسة عالمية مهتَـمة بالدفاع عن الحقوق المدنية للصحفيين.

 

·        سويس إنفو: وماذا عن لجنتكم.. اللجنة الدولية لحماية الصحفيين، هل يتوقف دورها عند مجرد رصد الانتهاكات وإعداد التقارير أم أن لها أدوار ووسائل أخرى؟

 

كمال العبيدي: أودّ أن أوضّح أن مهمّة منظمات ما مثل « اللجنة الدولية لحماية الصحفيين » و »مراسلون بلا حدود »، هو رصد ما يحدث من انتهاكات واعتداءات على الصحفيين بشكل خاص، وعلى حرية الصحافة بشكل عام، ثم إلقاء الضوء على هذه الاعتداءات من خلال نشر التقارير، ثم التواصل مع الحكومات التي تقع لديها هذه التجاوزات، لوضع حد لهذه الانتهاكات، وقد يتطور الأمر لحدّ الاتصال بالمنظمات الدولية، مثل الأمم المتحدة وطلب التدخل لحماية الصحفيين، وهو ما يعني أن دور اللجنة الدولية لحماية الصحفيين يتعدّى مجرّد رصد الانتهاكات إلى القيام بأدوار فاعلة.

 

 والحقيقة، أن غياب استقلال القضاء وغياب الحريات، في غالبية البلدان العربية، هما من أكبر المشكلات التي تُـواجه الصحفيين، ولعل اعتراف بعض المسؤولين في دولة عربية، مثل المغرب، بأن القضاء يخضع للضغوط الحكومية – كما سبق أن أشرت – أوضح مثال على هذا.

 

·        سويس إنفو: أخيرًا.. هل تلقى نداءاتكم ومطالباتكم للحكومات استجابة بشأن وضع حد للانتهاكات التي يتعرّض لها الصحفيون؟

 

 كمال العبيدي: حتى أكون أمينًا معك، فإنني لا يمكنني أن أقول لك إن الصورة وردية، لكن علّمتنا الخِـبرة أن الضغوطات المستمرة دائمًا تُـؤتي أكلها؛ فمطالبات وضغوطات اللجنة والمنظمات الدولية والإصرار عليها، بلا شك تثمر نتائج إيجابية.

 

أجرى الحوار من القاهرة – همام سرحان

 

(المصدر: موقع سويس إنفو (سويسرا) بتاريخ 6 فيفري 2008)


موقعنا من الطريق إلى الديمقراطية أمريكا التي أحب

لا أتصور أنه يوجد عربي واحد – اللهم إلا إذا كان عميلا- لا يكره السياسة الأمريكية بشدة أي ادارة بوش على وجه التحديد. إن كنت عروبيا لا تستطيع إلا أن تكره هذه السياسة المجرمة التي قتلت مائة ألف عراقي بقنابلها « الذكية الجراحية التي لا تسنهدف المدنيين » ، والتي شردت أربعة ملايين عراقي ودمرت العراق ، وتحاملت على الشعب الفلسطيني كما لم تتحامل إدارة أمريكية واليوم تضغط على وكلائها المصريين لإعادة غزة إلى القفص. إن كنت مسلما لا تستطيع إلا كره إدارة زل لسان رئيسها يوما وهو يتحدث عن الحرب الصليبية وأشهرت حربا غير معلنة على الإسلام بكل الوسائل الحبيثة. إن كنت ديمقراطيا لا تستطيع إلا كره إدارة هي اليوم أكبر سند للدكتاتوريات العربية ، ناهيك عن ضربها في الصميم مصداقية الدمقراطية عندما ادعت لحظة تبنيها و بهذا الاستحواذ  » بوظت » كل العمل الذي قام به الديمقراطيون العرب منذ عشرين سنة لربح معركة القلوب والعقول وإن كنت حقوقيا لا تستطيع إلا كره إدارة ارتكبت قوانتانامو وشرعت التعذيب وأعادت الاعتبار لأنظمة بشعة بحجة وقوفها معها في حربها ضد ما تسميه الارهاب ، ناهيك عن تسببها في كل القوانين ضد الارهاب المنسوخة روحا من قانون الوطنية السيء الذكر والذي أرحع الحريات العامة والفردية في العالم وحتى في أمريكا ،عقودا إلى الوراء. وإن كنت عالميا لا تستطيع إلا كره إدارة لا ترى مانعا من الكارثة البيئية المرتقبة وتقف ضد قيام عدالة دولية وتمول مزارعيها ليموت مزارعو افريقيا من الجوع، وتمنع شركات الأدوية من صنع أدوية السيدا للمحافظة على الأرباح الخيالية لشركاتها الصيدلية….كل هذا خدمة لرأس المال العالمي على حساب حق الأجيال المقبلة في الحياة وهذه الأجيال في الصحة والتقدم . ولأنني كل هذا في نفس الوقت فإن كرهي لهذه الإدارة نقي خالص لا تشوبه شائبة من أي تفهم او تعاطف. المشكلة الكبرى أن كرهنا العظيم للسياسة الأمريكية – والتي تشاركنا فيه أغلب أمم الأرض ومنها الأوروبية – كثيرا ما يخلط بين سياسة وإدارة ، وبين شعب بأكمله, إنها إلى حد ما غلطة وسائل الاعلام عندما تكتب مثلا : أمريكا مصرة على البقاء في العراق ، أو امريكا تطالب مصر بعودة الحدود بينها وبين غزة. هذا الكلام غير مسؤول والصيغة الحقيقية للخبر هي: إدارة الرئيس بوش مصرة على بقاء الجيش الأمريكي في العراق، وإدارة بوش تطالب حكومة مبارك بعودة الحدود , نعم لا بد من احترام أبسط البديهيات في التعبير وأننا في قضية الحال لسنا أمام أمريكا، أي أمام الشعب الأمريكي ، وإنما أمام رئيس انتخب بثلث القوائم الانتخابية و يعرف تدني في الشعبية لم يعرفها رئيس قبله. هنا أسارع للقول أنني لا أنوي تمجيد هذا الشعب أو الانخراط في رؤيا مثالية وساذجة له ، فهو ككل التجمعات البشرية كيان بالغ التعقيد وله سلبياته وإيجابياته . لكن، لا يمكنني إخفاء إعجاب شديد بالدرس الذي يعطيه هذا الأيام ، أي بمناسبة الانتخابات التمهيدية ، لكل شعوب العالم وخاصة لنا نحن العرب. بالطبع هناك الشكل أي الانتخابات التي لا علاقة لها بالمسخرات التي تعرفها في بلداننا . من جهة أنظمة مستبدة تكذب وتزيف في وضح النهار وذلك باسم الديمقراطية والقانون وسيادة الشعب وبقية الخرم من الكلمات السجينة، ومن جهة شعوب مهانة مستسلمة ،وحتى جبانة، تعرف أن شرفها منتهك، وسيادتها مصادرة، وثرواتها في أيدي اللصوص، ومع ذلك لا حول لها ولا قوة. بخصوص هذا الشكل، تعودنا, وكل انتخابات حقيقية في أي بلد ديمقراطي، ومنها كثير من بلدان الجنوب، صفعة على خدود تعودت الصفع وتصفحت ضده. الجديد في الانتخابات التحضيرية الأمريكية هو الفحوى. من يقدر بين العرب ما معتى أن يفوز رجل أسود في ولاية « أيوا » حيث تسعين في المائة من سكانها من أحفاد الألمان والسكندنافيين والإنجليز البوتستانت إي عصارة الأمركيين العنصريين الذين ابادوا السكان الأصليين . من يقدر أهمية خروج رجال سود للدفاع عن هيلاري كلنتون المرأة البيضاء في وجه أوباما الرجل الأسود التي تفترض كل آليات التفكير عندنا أن يكونوا في صفه من منطلق ركن من أركان المنطق السياسي العربي: أنا وابن عمي على الغريب, وهذه المرأة التي يمكن أن تصبح رئيسة أقوى دولة في العالم ! لو اصيبت بحادث سيارة في السعودية لكانت ديتها ربع دية سائقها السعودي لأنها امرأة ومن ثمة هي في عرف البلاد نصف رجل، ولأنها مسيحية ومن ثمة نصف مسلم. الحصيلة ربع ما يتلقاه ورثة سائقها السعودي, العظيم في هذه الانتخابات ليس أن تتجند نساء بيض لرجل أسود، ورجال سود لإمرأة بيضاء ،وانما ما يعنيه الأمر من قفزة عملاقة فوق هوية المترشح – لونه ، جنسه- وقد استبطنت الناس أخيرا ان ما يهم هو الشخص من جهة ومن جهة أخرى البرنامج السياسي. من يتصور فينا اليوم مرشح امه مصرية ، لكن والده أمريكي أو اوربي أو أفريقي أو ياباني ، يحظى بدعم هائل من الشعب المصري لأنه إنسان محترم ولأن له برنامج مثير للآمال؟. قفزة عملاقة في النضج السياسي لا تضاهيها إلا القفزة العملاقة لنا نحن العرب…. في الاتجاه المعاكس, ففي الستينات تجاوزنا مفهوم القبيلة والطائفة وأصبحت لنا هيئات قومية فيها المسيحين والمسلمين وتعاركنا على برامج سياسية وخيارات عقائدية . والآن نحن نتخبط في قضايا السنة والشيعة والعلويين والعروش والصحوة وهلم جرا الهدف من هذا المقال ليس الانخراط في جلد الذات وهذه رياضة أبغض لي من سياسة بوش. الهدف فقط أن يعرف العرب أين هم على الطريق وأنه ما زال طويلا أمامهم ، ليس فقط بالنجاح في إقامة انتخابات جديرة بهذا الاسم، وإنما في الوصول إلى مرحلة من النضج تختفي فيها المعطيات العقبائدية والعنصرية والطائفية في اختيار من يجكم ولا يعتبر فيها إلا الإنسان والبرنامج.
(المصدر: موقع د. منصف المرزوقي بتاريخ 6 فيفري 2008)
 
 
 

تونس وخيارات المستقبل : هل تأسر المعارضة نفسها لمشهد التسعينات !؟

مرسل الكسيبي* بين الفينة والأخرى تطل علينا كتابات توصيفية وتاريخانية مازالت تعيش على لحظة الرواية لبعض تفاصيل المشهد السياسي والحقوقي في تونس مطلع التسعينات ,في محاولة منها لاقناع تيار عريض من المناضلين الوطنيين بأهمية شدهم كأسرى لالام تلك المرحلة العصيبة من تاريخ تونس الحديث , وهو مايبدو في تقديرنا المتواضع رؤية ماضوية صادقة مازالت تأسر قطاعا من المعارضين الى عدم الفعل والمبادرة خارج الاطار التقليدي الجامد للعمل المعارض . قد يساعد هؤلاء تعثر المشهد الحقوقي العام في ظل وتيرة متواصلة لمحاكمات ذات طابع امني وسياسي في قضايا التيار السلفي أو مضايقات مستمرة يتعرض لها بعض الطيف المعارض في الساحة الطلابية أو على مستوى الأحزاب السياسية , غير أن انشداد الطبقة السياسية في عمومها وبالأخص التيار الاسلامي منها الى « الاستمتاع » بالحديث عن أخبار التعذيب والاعتقالات والمحاكمات والانتهاكات سوف لن يساهم في حقيقة الأمر الا في عزوف المواطنين عن الشأن العام ثم الى هروب شبابي جماعي كبير نحو تيارات العنف والغلو كمساهمة منها في التفاعل مع نمط مهيمن من الخطاب الاعلامي والسياسي . المؤسف عند التأمل في حقيقة الخطاب السياسي التونسي على مستوى المعارضة الاحتجاجية أن كثيرا من التيارات باتت تبني رصيدها من الشرعية الوطنية على حجم ماتعرضت له من الام واكراهات أو على حجم العقوبة السجنية أو على طول سنوات المنفي وعلى مدى القرب من سقف عال من الراديكالية في رفض النظام السياسي القائم : « لايصلح ولايصلح  » … تجمد الفعل الوطني المعارض ولاسيما في المدرسة الاسلامية حول موضوعات ذات صبغة حقوقية مباشرة دون أن ترتقي الرؤية الوطنية الى مستوى البحث عن حلول سياسية ابداعية ذكية تخرجنا من ورطة موضوع المساجين السياسيين وقضايا الحريات الأساسية . ثلاثة أرباع الاسلاميين أو أربعة أخماسهم لايتحدثون على مستوى الكتابات والتحليلات والتصريحات الا عن مؤشرات وقطعيات ومواصفات المحنة التي عايشها حزب النهضة , أو في أحسن الحالات عن ديكتاتورية السلطة ومظاهر الانحراف في نظامنا السياسي أو عن زيد أو علان الذي يتلذذ الجميع بتحميله المسؤولية المباشرة عن كل صغيرة أو كبيرة تقع في البلاد … حالة جمود ذهني وسياسي يؤسس لها زعماء بارزون في مختلف التيارات السياسية , والاسلاميون للأسف الشديد هم ضحية تصريحات الزعماء وقيادة المشائخ الذين لايخطؤون أبدا في مساراتهم أو خياراتهم , ومن ثمة فان كل كبيرة وصغيرة تقع في البلد هي نتاج سياسة ظالمة وجائرة لدى الاخر المغاير وطبعا نقصد بذلك السلطة وماأدراك مالسلطة ! … السلطة في نظرنا المتواضع لها أخطاء كثيرة ولاأحد يستطيع أن يبرئها دوليا أو عربيا أو اقليميا أو تونسيا من المسؤولية تجاه موضوعات حقوقية مباشرة أو موضوعات سياسية تتطلب المعالجة خارج دائرة الحل الأمني , ولكن بالمقابل فان الخطاب المعارض لابد أن يشهد عربيا وتونسيا رؤيوية جديدة تستند الى استيعاب تطورات هادئة وأخرى متسارعة على الساحة الوطنية ومحيطها الاقليمي والدولي . يعني هذا ببساطة أن المعارضة التي تستند الى الكليشيات وتقف عند اللحظة التاريخية حقوقيا أو سياسيا هي أشبه مايكون بالعرب أيام الجاهلية حين أقاموا حربا من اجل ناقة مدة أربعين سنة !!! لايشك أحد بأن جرح التسعينات كان غائرا على الصعيد الوطني , ولكن بالمقابل لايمكن أن نبقى نتحدث والى يوم الدين عما فعل السجان بالنهضويين أو عما فعلت عناصر متعاطفة مع النهضة بلجنة التنسيق باب سويقة … خطابان نسفيان لايتركان مجالا لتونس الغد والمستقبل , ومن خلالهما ستستمر الأزمة في بعدها السياسي وطنيا ,وسيعزف الجمهور بحكمهما عن الانخراط في الفضاء الحزبي مهما كانت أهمية الشأن العام , ومن خلالهما ستصنع المعارضة من حيث لاتشعر جيلا كافرا بالعمل السلمي والمدني في مقابل ارتماء أجيال جديدة في قوارب الموت والانحراف السلوكي أو التطرف الفكري والديني …, وهو مايضعف أيضا السلطة ويجعلها في مهب المفاجات داخليا ودوليا بحكم تعريض أمن المجتمع واستقراره النفسي الى موجات من التسرب العنفي والكفران الاجتماعي … مخاطر حقيقية لن يقع درؤها الا باعادة الاعتبار لاليات التنافس الفكري والسياسي على أساس سلمي ومدني مشروع , وهو مايعني أن تطوير الخطاب السياسي على مستوى السلطة والمعارضة يعد مقدمة ضرورية وشرطا لاغنى عنه في مستقبل أفضل لبلدنا العزيز ولعموم بلاد الهلال الخصيب . الخطاب الاعلامي الخشبي والخطاب السياسي الخشبي أو اعلام الأبيض والأسود  وسياسية ياأبيض ياأسود سوف لن يفرزا الا ممارسة سياسية لاتقل خطورة عن شحن الناس بالديماغوجيا والايديولوجيا في حقبة الستينات والسبعينات حين طبعت المنطقة العربية سلسلة من الانقلابات والانقلابات المضادة لتذهب بذلك جهود التنمية والبناء والاعمار والتحديث أدراج الرياح … تونس اليوم وبوضوح تحتاج الى خطاب سياسي ذكي ومرن ومتوازن يخدم مصلحة الوطن والمواطن والى خطاب اعلامي بعيد عن اعادة انتاج رواية الأزمة والتاريخ برغم ماتشكله هذه الرواية من أهمية في تاريخ الأمم والشعوب …, ومن ثمة فان التفكير لابد أن يتجه الى منصة الابداع الذي خطه المغاربة يوم أن طووا الى غير رجعة أزمة الجنرال أوفقير وانعكاساتها على الحريات وحقوق الانسان والى منصة جنوب افريقيا حين خرج مانديلا من سجنه ليتحدث عن المستقبل في كنف المساواة بين البيض والسود دون أن يظل مشدودا ل 28 سنة قضاها كاملة وراء قضبان لم تحل بينه وبين طموح أكبر في الاصلاح والبناء والحياة السوية لجيل أعيته مرارة « الأبرتايد » .
(*) كاتب وإعلامي تونس  للتفاعل مع الكاتب :  reporteur2005@yahoo.de الهاتف : 00491785466311 (المصدر: صحيفة « الوسط التونسية » (اليكترونية – ألمانيا) بتاريخ  5 فيفري  2008)  


ســواك حـار 67

ســواك: صــابر التونسي

صادق البرلمان التونسي خلال جلسة عامة عقدها اليوم الثلاثاء على مشروع قانون يتعلق (…) بالتمويل العام للأحزاب السياسية. وينص هذا القانون الجديد على مضاعفة المنحة المخصصة لتمويل الأحزاب الممثلة في البرلمان،وذلك تنفيذا للقرارات التي أعلنها الرئيس بن على في السابع من شهر نوفمبر/تشرين ثاني الماضي بمناسبة الذكرى العشرين لتوليه مقاليد السلطة في تونس بهدف مساعدة الأحزاب على تعزيز دورها وتكثيف نشاطها. (تونس نيوز عن يو بي أي)

** عندما تنقلب الديمقراطية على رأسها تصبح مهمة البرلمان المصادقة على ما يتخذه الرئيس من قرارات!! … وأما الهدف من مضاعفة المنحة ، « فربّي يعرف ميمونة وميمونة تعرف ربي » و »ماثماش قطوس يصطاد لربي« ! قامت عناصر من الشرطة التونسية بنزع حجاب فتاة من على رأسها بالقوة في منطقة حي الخضراء بالعاصمة التونسية وإلقاءه أرضا وذلك أثناء توجهها إلى الدراسة غير عابئين بتوسلاتها وصراخها. وقالت الفتاة التونسية التي تدعى « حنان الكوكي » الطالبة بكلية العلوم: (…) بأنّها كانت ترتدي « فولارة تونسية » (تونس نيوز عن « وطن« ) ** أسود على بناتنا وأمام الأعداء نعام! !! … ما أشقاهم وأشقى الأنام بهم! أبى جمع من تلامذة ثانية علوم 2 بمعهد الامتياز بالجديدة إلا أن يلقنوا مدير المعهد المدعو عادل الفهري درسا في الحق ونبذ الظلم والتعسف (…) رفضوا تسلم شهائد التفوق المسندة إليهم من قبل إدارة المعهد لمّا حُرمت صديقتهم المتحصلة على أحسن معدل في القسم (17 من 20) من هذه الجائزة تحت طائلة مظلمة سلطها عليها المدير المدعو عادل الفهري (…) والمتمثلة في منعها من دخول المعهد وهي ترتدي « الفولارة التونسية » (حرية وإنصاف: تونس نيوز)

** « فولارة تونسية »؟ لا ! … خمار؟ لا! … « حجاب؟ » لا! … « سفساري »؟ « نحي السفساري ياطفلة »! و »اشربوا وإلا … طيّروا منشور 108 و (عادل الفهري) ومن يسانده« !! وقبل أيام علّق رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت على قطع إمدادات البنزين عن القطاع بتصريحات نقلتها وكالات الأنباء قال فيها: « لن نسمح بأن يتعرض عشرات الآلاف من الإسرائيليين يوميًّا لإطلاق صواريخ، بينما تواصل الحياة في قطاع غزة مجراها الطبيعي. (صالح النعامي: إسلام أون لاين). ** أما حكامنا فلأنهم « عرب » و « كرماء » جدا، فهم لا يجدون حرجا في تعريض مئات الآلاف من الفلسطينيين للهلاك لأن »نخوتهم » « العربية » تمنعهم من قطع إمداد النفط والغاز عن الصهاينة وحلفائهم ومعاملتهم بالمثل! … والنفط سلاح لا يصيب إلا أهله! تتمتع الولايات المتحدة بعلاقاتٍ طيبة مع تونس، وهي تدعو إلى تقدم حقوق الإنسان فيها على نحوٍ أكثر وضوحاً مما تفعله إزاء معظم بلدان المنطقة. وفيما تعطي الولايات المتحدة مساعدات مالية قليلة لتونس، فإن وزارة الدفاع توفر لتونس التدريب على مكافحة الإرهاب وبرامج تبادلية للقوات المسلحة. (من التقرير السنوي لهيومن رايتس ووتش نقلا عن تونس نيوز) (بالعربي الفصيح)، » فاقد الشيء لا يعطيه« . (وبالتونسي الدارج)« لو كان جاء الزيت في خزنتها راه باين على قصتها« ! (وبالفلاقي)« سيبني ياقط وان شاء الله نتخبط« !!! الغريب أن السلوكيات ذات الطابع الديني للاعبي منتخب تونس على بساطتها أثارت حفيظة عدد ممن يقدمون أنفسهم على أنهم أنصار وحماة للعلمانية. فقد طالب عدد من الصحفيين التونسيين المحسوبين على العلمانية بالكف عن نقل الصور التي ترصد هذه السلوكيات خلال البطولة الإفريقية بزعم أنها « تؤثر على الناشئة »، كما قال أحدهم في صحيفة « لوتون » الناطقة بالفرنسية في معرض تعليقه على نشر صورة تظهر المدرب المساعد للمنتخب وهو يؤدّي صلاة الجماعة مع مجموعة من مسئولي ولاعبي المنتخب. (محمد أحمد إسلام أون لاين) **رغم انقلاب السحر على الساحر وتمكن شبابنا من عبور « سبخة » تجفيف الينابيع، فإن السحرة لم يكلوا ولم يملوا!! … لعلهم يريدون من « السحر » أن يهلكهم بعدما انقلب عليهم! بناء على ما تقدم فهذه الجمعية (التونسية للنساء الديمقراطيات) من نبت بلادنا وليست نشازا عليها …إذا مالها لا تعزي بتعازينا ولا تؤبن بتآبيننا وما بال دعاء مثل: اللهم أرحمها برحمتك وأجرها من النار استبدلت « بعينين مشتعلتين … كعيني هرّة برية »..إمرأة قادمة على ربـّها نسوق خلفها هذا الكلام !! ونضن عليها بكلمة إستغفار ونشح عليها بترحـّم . (نصر الدين: الحوارنت) ** كل إناء بما فيه ينضح! … وكل يؤبن مما عنده! … ومن أنت يا نصر الدين حتى تكره الناس ليكونوا مؤمنين!!؟؟ … يبدو أن كثرة الرعي بجبل الشعانبي قد جرّأتك على الهرر البرية!! انتهت عملية تأسيس نقابة للصحفيين التونسيين وكانت النتيجة صعود قائمة من غير التي توقعها ودعمها الرسميون، قبل ذلك خلصت انتخابات المحامين إلى نفس النتائج (…) لا بد من التأكيد بدءا على تحية شفافية الانتخاب وحيوية التعدد الذي يزخر به المجتمع المدني التونسي (…) طرفان في تقديري انتصرا في انتخابات الصحفيين: قائمة ناجي البغوري والسلطة حين سقطت قائمتها الرسمية!!! (برهان بسيس: الصباح 29.01.08) ** من أوائل الدروس التي يتعلمها مهرجو الإستعراض هي قلب السقطة إلى حركة فنية مقصودة (يقلب الطيحة تكربيسة)! ما يحيرني أن القوائم الرسمية تخسر في كل القطاعات منفردة، فإذا تجمعت في انتخابات عامة فازت بالتسعات الأربعة!! فهلا تكرمتم وشرحتم لنا الأمر من غير « تكربيس » لأنه قد يكسر الظهر في مثل هذه الحالة!


بسم الله الرحمان الرّحيم

الأسرة في تونس : بين الوقاية والعلاج

كيف نواجه معضلة العوانس و الأمهات العازبات في بلادنا ؟

الأمهات العازبات في تونس معضلة متفاقمة

ادفعوا عن بلادنا هذا العار أين الكرامة أين الشهامة أين الشرف؟

« ظهر الفساد في البرّ والبحربما كسبت أيدي النّاس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلّهم يرجعون  » (سورة الروم41)

 

« قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني وسبحان الله » (سورة يوسف 108)

 » و انّ هذا صراطي مستقيما فاتبعوه و لا تتبعوا السبل… » (الانعام 153)

« يريدون ان يطفؤوا نور الله بأفواههم و يأبى الله الا أن يتمّ نوره ولو كره الكافرون  » (التوبة 32)

(ان أريد الا الاصلاح ما استطعت و ما توفيقي الا بالله عليه توكّلت و اليه أنيب).( هود 88)

 

بقلم : عبد السّلام بو شدّاخ، احد مؤسسي الحركة الاسلامية في تونس

باريس في 6 فيفري 2008

 

الأمهات العازبات في بلادنا:ادفعوا عنّا هذا العار

يقول الله تعالى في كتابه العزيز من سورة الروم :  » ظهر الفساد في البرّ والبحر بما كسبت أيدي النّاس ليذيقهم بعض الذي غملوا لعلّهم يرجعون  » (الروم 41) صدق الله العظيم

ان البلاد التونسية تعيش حالات شاذة عن واقع لم نعهده منذ الخمسينات من القرن الماضي وان لم نتدارك امرنا قبل فوات الاوان فان غضب الله آت ولو بعد و يصيبنا ما اصاب قوم نوح وقوم لوط و ما ذلك على الله بعزيز. و صدق الله العظيم اذ قال : « انّا أرسلنا نوحا الى قومه ان انذرقومك من قبل ان يأتيهم عذاب أليم » (نوح 1) حسب مفتي الجمهوريّة الشيخ كمال الدين جعيّط.: « إن ظاهرة الأمهات العازبات ظاهرة مخالفة للشريعة الإسلامية، فالمرأة التي تنجب خارج إطار الزواج دليل لا جدال فيه على زنا، والزّنا في الإسلام يعدّ من أكبر الكبائر استنادا إلى قوله تعالى في سورة الإسراء  »ولا تقربوا الزّنا، إنه كان فاحشة وساء سبيلا »(الاسراء 23).

كما تعتبر هذه الظاهرة، كذلك، ظاهرة مخالفة للطبيعة إذا ما ربطناها بالطفل المولود، فلا بدّ لكل طفل أن يعيش في ظل أسرة متكونة من أب وأم كما جرت الطبيعة. غير أن الطفل في هذه الحالة يعيش مع أمه فقط، وهذا مخالف للطبيعة. ويعتبر الابن غير الشرعي ابن أمّه، لذلك هما يتوارثان في حين أنه لا يرث من أبيه، فالرجل إذا ما زنى فلا يترتب على ذلك آثار النسب. »([1])  أليس هذا هو العذاب الذي توعّدنا الله به ان ابتعدنا عن الاسلام و القادم اعظم ان لم نتدارك أمرنا.

ولقد قال تعالى في سورة نوح :  » قال يا قوم انّي لكم نذير مبين ان اعبدوا الله واتقوه و اطيعون بغفر لكم من ذنوبكم و يؤخّركم الى أجل مسمّى.. » (نوح 2-3) .

وفي سؤال آخر يقول الشيخ كمال الدين جعيّط.: « ينبغي في حالة الأم العزباء التمييز بين أمرين هامّين : هل تمّ التعدي عليها عن طريق الإكراه أم عن طريق الرضا، إذ هناك فرق شاسع بين الإلزام والتهديد من جهة، وبين الاختيار الواعي والشهوة من جهة أخرى.

فالمرأة إذا ما أكرهت على ذلك فلا ذنب لها في ما حصل استنادا على قول الرسول صلى الله عليه وسلم  »رُفِع عن أمّتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه ». ([2])

« أمّا إذا كان الأمر باختيارها- وكثيرا ما يكون كذلك- فهناك عقاب صريح في هذه الحالة ورد في القرآن لا بد منه وهو الجلد  »والزّانية والزّاني، فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة، ولا تأخذكم بهم رأفة في دين الله، إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر، وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين »(سورة النور 2). إذن، فالحكم على الأم العزباء يختلف باختلاف الطوعية والإكراه.

« أمّا بالنسبة إلى الرجل الذي يعتدي على المرأة، فينبغي الحكم عليه بالنفي والتغريب عن أهله وبلده مدة سنة كاملة. كما أن هذا الحكم وارد تطبيقه على المرأة الزانية إذا ما تكرر منها فعل الزّنا، فلا بد في هذه الحالة من إقصائها وإبعادها عن المجتمع حفاظا على كيان المجتمع الإسلامي، فبقدر ما تكون الأسر طاهرة يكون المجتمع كذلك. فالأسر في المجتمعات هي الأصل، لذلك ينبغي أن تُبنى على أسس متينة ليكون المجتمع بدوره متينا. » ([3])

ويواصل في الاجابة على سؤال آخرحول موقف الاسلام من هذة المعضلة فيقول  مفتي الجمهوريّة : « لا يعترف الإسلام بأبناء الزّنا، فهم بالتالي لا يتمتعون بحقوق الأبناء الشرعيين. فلا ينسب الابن غير الشرعي لأبيه إلا بعقد زواج، ولا توارث بينهما. يتّخذ الإسلام هذا الموقف، حفاظا على الأنساب وخوفا من إضاعة نسب النسل بحيث لا يعرف للنسل مرجع يأوي إليه ». ([4])

 أما عن التعامل مع اطفال الزنا فها هو يجيب مفتي الجمهوريّة الشيخ جعيّط.: « دينيا، ينبغي معاملة أبناء الزنا معاملة إنسانية بالعطف عليهم واحترام كرامتهم وإنسانيتهم، ذلك أنه لا ذنب لهم في تلك العلاقة غير الشرعية التي أوجدتهم. فكما يقول المعري :  »هذا جناه أبي عليّ وما جنيت على أحد ». واجتماعيا، لا بدّ من المحافظة عليهم والعناية بهم وتعليمهم، إذ كل شيء في مكانه ».([5])

أنّ هذه الظاهرة  »تبدو عدديّا غير هامّة باعتبار أنّ الحالات المسجّلة تعدّ حوالي ألف حالة، إلاّ أنّ هذا العدد لا يعدو أن يكون أرقاما معلنا عنها، والأكيد أنّ هناك حالات غير معلن عنها ». وإنّ الرقم المعلن عنه يبدو للبعض انّه قليل إلاّ أنّه يتولّد عنه مشاكل عديدة تهزّ أركان الأسرة التونسية وهي بداية الأمّ والعائلة والأطفال، وهو يؤكّد خطورة الظاهرة على الأصعدة الذاتيّة والنفسيّة والاجتماعيّة و الأخلاقية أكثر. و هنا لا بدّ لنا من التذكير بقوله تعالى من سورة نوع اذ قال: « قال ربّ اني دعوت قومي ليلا ونهارا فلم يزدهم دعاءي الا فرارا » (نوح 4-5).  

ذلك أنّ الحالات المتعدّدة كلّ سنة تتولّّد آلاف المشاكل وكم من عائلة وطفل يعرّضون للتشرّد و الاهمال والانحراف وحتّى الاجرام نتيجة عمل قام بهآباءهم او أمّهاتهم او زلّة قدم من احدهم. و هذا لا ينفي أنّ هذه الفئة تجد عناية ترجمت على مستوى قوانين، ولعلّ آخرها قانون 2003 الذي منح الطفل هويّة ولقبا عائليّا عن طريق الاعتراف الأبوي به خاصّة.

كما تلقى الأم العزباء بدورها عناية من عدّة جمعيّات ومنظّمات موزّعة تقريبا على جلّ الجهات التونسيّة، و هذا تأكيد على تفاقم هذه الظاهرة الغريبة عن ديننا الخنيف و أخلاقنا السمحة و عاداتنا العريقة فمثلا نذكر جمعيّة صوت الطفل بنابل، وقد قامت بتجربة تتمثّل في الاهتمام بالرضّع والأمّهات العازبات وتعليمهنّ حرفة، في حين تأتي جمعيّة  »بيتي » بقفصة ضمن آخر الجمعيّات التي تمّ إحداثها على غرار جمعيّة  »أمل » بتونس من ناحية الاهتمام بتعهّد الطفل والأم. وهذا كله اهتمام مادي بحت و لكن اصل الداء هو في غياب الجانب الروحي والاخلاقي الذي هو السبب الاوّل لما اصابنا.

كلّ هذا لا يكفي ما دمنا لم نعالج اصل الداء لاقتلاعه من جذوره. و هنا جميع المهتمين بالشؤون الاجتماعية في بلادنا للعناية بالجانب الرّوحي الغائب من الساحة و كما ندعو اخواننا ان يبذلوا الجهد في الدراسة للايقاف هذا المارد الذي ينخر مجتمعاتنا من اصولها. وصدق الله العظيم اذ قال في سورة نوح : « وألو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءا غدقا لنفتنهم فيه و من يعرض عن ذكر ربّه يسلكه عذابا صعدا » (نوح 16-17).

الزواج على غير الصيغ القانونية: قـــــد لاحظ  «المشرع التونسي جرم بالفـــصل 36 بالقانـــون عــــدد 3 لسنة 1957 المؤرخ فـــي 1 اوت 1957 والمتعلــــق بتنظيــــم الحالة المدنيــــة الذي ينص علـــى ما يلى:

«يعتبــــر الزواج المبرم باطلا خلافا لاحكام الفصل 31 (الذي ينص على انه يبرم عقد الزواج بالبلاد التونسية امام عدلية او امام ضباط الحالة المدنية بمحضر شاهدين من اهل الثقة ويبرم عقد زواج التونسيين بالخارج امام الاعوان الديبلوماسيين او القنصليين التونسيين او يبرم العقد طبق قوانين البلاد التي يتم فيها) .

وهذه هي الشروط والصيغ القانونية الواجب اتباعها لابرام عقد زواج شرعي والتي في غيابها تقوم جريمة التزوج على خلاف الصيغ القانونية ويعتبر الزواج خلافا لاحكام الفصل 31 باطلا كما ذكر ويعاقب الزوجين زيادة على ذلك بالسجن مدة 3 اشهر.

ادراج العقد بدفاتر الحالة المدنية: وتجدر الاشارة الى ان قانون الحالة المدنية المذكور (الفصل 31) يوجب في فصله 33 على العدول ان يوجهوا في ظرف شهر من تحرير العقد الى ضابط الحالة المدنية بمنطقتهم اعلام زواج قبل ان يسلموا نسخة من عقد الزواج للزوجين وذلك حتى تسهل مراقبة الزيجات الواقع ادراجها بدفاتر الحالة المدنية الخاص بكل شخص.

ومع كل ذلك لا يجب اغفال الشروط الجوهرية لعقد الزواج المتمثلة في تبادل الرضى والاهلية وخلو كلا الزوجين من الموانع الشرعية مع تسمية مهر للزوجة.

الزواج على خلاف هذه الصيغ: جريمة الزواج على خلاف الصيغ القانونية جريمة شكلية تقوم بمجرد ارتكاب ركنها المادي وهو فعل الزواج على خلاف ما اقتضاه القانون من صيغ دون البحث عن اي قصد جنائي خاص.  ومرتكبو هذه الجريمة لا ينتفعون بظروف التخفيف الواردة الفصل 53 من المجلة الجزائية.

ولئن رصد المشرع التونسي عقوبة جزائية تستهدف مرتكبي هذه الجريمة فقد رتب جزاء البطلان للعقد المبرم على خلاف الصيغ القانونية وذلك بالفقرة الاولى من الفصل 36 من قانون الحالة المدنية وفي صورة استمرار الزوجين على المعاشرة رغم التصريح بابطال زواجهما يقع مضاعفة العقاب ليبلغ 6 اشهر سجنا دون انتفاعها بظروف التخفيف.

نتائج الزواج على غير الصيغ القانونية : واشار المشرع التونسي بالفصل 36 مكرر من القانون المنظم للحالة المدنية والتي تتمثل في ثبوت النسب في صورة وجود مولود اضافة الى وجوب العدة على الزوجة والتي تبتدىء من تاريخ صدور الحكم وهي 3 اشهر كاملة بالنسبة لغير الحامل اما بالنسبة للحامل فعدتها وضع حملها تطبيقا لمقتضيات الفصل 34 وما بعده من مجلة الاحوال الشخصية مع موانع الزواج الناتجة عن المصاهرة وهي عدم امكان الزواج بفصول الزوجات بمجرد ابرام العقد (اي عدم الزواج من امهات الزوجات بمجرد ابرام العقد وعدم الزواج من اخواتهن بمجرد الدخول).

 قضايا الطّلاق

يمثّل الطّلاق ظاهرة عامّة في كلّ المجتمعات و الأمم كافة ، إلاّ أنه في ازايد بشكل ملفت للانتباه في بلادنا و هو يمثّل خطرا حقيقيا على المجتمع اذ ان له آثار سلبية عظيمة يجب علينا جميعا ان نهتمّ بها بالبحث عن اسبابها قصد ايجاد حلول لتحفظ أسرنا من التفكّك. لأن الطّلاق يساهم في تفكّك الأسرة وتفاقم مشاعر العداوة والحقد، فضلا عن الانعكاسات السلبية على الأبناء، والآثار الاجتماعية والنفسية المتنوعة التي تتراوح بين الاضطرابات والانحراف وارتكاب الجرائم.

ومن هذه الأسباب الحياة المادية والبحث عن اللّذات وانتشار الأنانية وتدهور الأخلاق. وكذلك لا بدّ من الإشارة إلى الأسباب الأخرى التي تؤدي إلى الطّلاق كذلك مثل العناد والتشبّث بالرأي والنّزعة التّنافسيّة الحادّة والرّغبة الجامحة في السّيطرة من هذا الطرف او ذاك والتسرّع في اتّخاذ القرارات وردود الفعل الاندفاعية والعصبيّة.

ثمّ لا ننسى أن تدخّل بعض الأطراف الأخرى، مثل أهل الزوج أو الزوجة في أدقّ تفاصيل الحياة الزوجية قد يؤدي أحيانا إلى الفراق والطلاق وهناك الطّلاق العاطفي الذي هو عبارة عن جفاف عاطفي وانفصال وجداني بين الزوجين. وكذلك تعتبر مسألة عدم الإنجاب، لدى أحد الزوجين، من الأسباب المؤدّية إلى الانفصال والفراق.

وهنا نلاحظ أن الرّجل،عندما يكون هو المعني بعدم الإنجاب، أما إذا كانت تتعلّق بالمرأة، فإن النتيجة غالبا ما تكون أكثر سلبية على استقرار عشّ الزوجية بل قد تأخذ أحيانا أبعادا أخرى لأسباب تافهة مثل عدم إنجاب الذكور.

ومن المؤشرات التي تكون بمثابة الإنذار الذي يحذّر من إمكانيّة تدهور العلاقة بين الزوجين جمود العواطف والمشاعر .وغياب الاحترام والرّفق واللّين وانتشار العناد والتذمّر المتواصل والشّجار والنزاعات والخصومات لأتفه الأسباب. واللّوم المُتبادَل والتقليل من أهمّية ما قام به الطّرف الآخ من تضحيات وأعمال وانجازات في سبيل سعادة الأسرة. رمي المسؤوليات على الطّرف الآخر والتنصّل من الالتزامات الفرديّة.

و لا بدّ من التنبيه إلى أن الانعكاسات الوخيمة للطلاق تؤثر سلبا على الأبناء، سواء بخصوص مسارهم الدّراسي، أو مقوّمات شخصيّاتهم أمام أندادهم وأقرانهم، أو علاقاتهم مع الآخرين.  فهي تهيّؤهم للانحراف أو الإجرام وأحيانا الانغماس في عالم الرّذيلة والكُحول والمخدرات.

الطّلاق في تزايد و مساعي الصلح في تراجع

خلال السنتين الاخيرتين على سبيل المثال لا الحصر ارتفعت عدد أحكام الطلاق من 11711 حكما في السنة القضائية 2005 ـ 2006 الى 12557 حكما سنة 2006 ـ 2007 بينما تقلص عدد قضايا الطلاق المنتهية بالطرح نتيجة لوقوع الصلح بين الزوجين بالنسبة الى ذات الفترة من 1644 عملية صلح الى 796 اي قرابة نصف القضايا التي انتهت بالصلح.([6])

و هذا مؤشر مهم للحفز على مواصلة الجهود لتفعيل هذه الاجراءات وتطويرها وتحقيق النتائج العملية المرجوة منها.. و مراجعة الوسائل والاليات المتبعة في محاولة التوفيق بين الزوجين وتقريب وجهات النظر لتفادي ظاهرة «الطلاق» وما تحمله من انعكاسات جمة على توازن العائلة وتماسك المجتمع الى جانب مواصلة البحث الاجتماعي لتفادي الاسباب الموضوعية والاجتماعية المفضية الى الطلاق ومساعدة الاسر على تجنب امكانية الوقوع فيها وهي مهمة على درجة من النبل والاهمية.. وقد تم العمل منذ بداية السنة القضائية 2005 ـ 2006 بتخصيص فضاءات للاسرة بجميع المحاكم الابتدائية والاستئنافية ووضع الامكانيات المادية والبشرية اللازمة لحسن سيرها.

وقد حصلت هذه النتائج نتيجة تخصيص فضاء مستقل في المحاكم لقضاء الاسرة والطفولة لحفظ كرامة الاطفال وحماية خصوصية الشؤون الزوجية و العائلية

عزوف الشبان عن الزواج وانتشار ظاهرة العنوسة

إن ظاهرة العنوسة اصبت معضلة متفاقمة و ان لم تكن مشكلة اجتماعية مطروحة في القديم في مجتمعاتنا بل تكاد تكون هامشية ومحدودة. وإذا ما رجعنا إلى الدراسات التي يقوم بها الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري. فحسب الإحصائيات الصادرة عن هذه المؤسسة الرسمية فإن سن الزواج لدى الفتاة التونسية ارتفع إلى ما فوق 29 سنة ويتراوح في حالات عديدة بين 30 و .39  »لا أحد ينكر أن هذه السنّ متقدمة بالنسبة إلى زواج الفتاة مقارنة بالعقود السابقة.

فمن البديهي أن لهذا التأخر أسبابه وله تأثير ظاهري على الفتاة مهما كانت قدرتها على التجاوز خاصة ونحن نعيش في بلد تكبله العادات والتقاليد كما عبرت عنه فتاة تجاوزت سن الأربعين غير أن الأمل في إيجاد زوج لم يفارقها.

هناك أيضا من يعانين من نظرة المجتمع إليهن غير أنهن لا يستطعن الانزواء رغم أن بعضهن يجدن راحتهن فيه. و أخرى تعترف أنها تجد نفسها مضطرّة لحضور حفلات الزواج، لتجنّب النعوت القاسية فلا يكفيهم نعتها بالبائرة أو العانس والبعض  يقول عنها  »معقّدة » أو »حاقدة » أو  »غيورة » فهذا كثير.

وتواجه الفتاة  »العانس » غالبا بعض الانتقادات من الغير ولربما تستباح أشياء لغيرها من الفتيات اللاتي لم يتجاوزن بعد سن العنوسة لكنهن لا يرحمنهن. وفي أحيان أخرى تُدفع الفتاة ذاتها إلى انتقاد ذاتها من فرط التعليقات التي توجه إليها لأنها لم تفلح في نيل إعجاب رجل يأتي لخطبتها في حين أفلحت غيرها من البنات الأخريات في ذلك.

بداية الخلاف على الراتب

ويطرح البعض مسألة ارتفاع تكاليف الزواج والظروف المادية من زاوية أخرى، فيرى أن الفتاة التونسية العاملة ترفض قطعيا المساعدة في مصاريف الزواج وتتصور أن أي حديث عن هذه المساعدة أو مجرد حديث خطيبها عن مالها يعتبر طمعا وسوء نية. وأن مسألة الظروف المادية والمال بصفة عامة أصبحت من الأسباب الرئيسة في تأخر سن الزواج. فمن ناحية حين نتحدث مع الرجال العازفين عن الزواج نلاحظ منطقية في كلامهم بعض الشيء كما يراودنا نفس الإحساس وهنا نتحدث عن الفتيات.

لكن للأسف فإن الكثير من الرجال يبنون هذه العلاقة منذ البداية على الماديات و ليس من أجل شخص الفتاة. و في نهاية الأمر فإن هدفه يتمثل في الراتب و ليس المرأة حيث أنه قبل أن يتحدّث عن الشروط التي يريدها في المرأة يطرح مسألة الدخل القار ومدى استعداد الفتاة لمساعدته.

و هؤلاء غاب عنهم قول رسول الله صلّى الله عليه و سلّم اذ قال:  » تنكح المرأة لمالها و جمالها و حسبها و دينها فعليك بذات الدين تربت يداك » (حديث متفق عليه لرواية ابي هريرة رضي الله عنه) و في حديث آخر رواه ابن حبّان من الضعفاء ان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: « من تزوّج امرأ لعزّها لم يزده الله الا ذلاّ و من تزوجها لمالها لم يزده الله الا فقرا ومن تزوّجها لحسبها لم يزده الله الا دناءة ومن تزوّج امرأة لم يرد بها الا لن يغضّ بصره ويحصن فرجه أو يصل رحمه بارك الله له فيها وبارك لها فيه »  وقال ايضا  » من نكح المرأة لمالها و جمالها حرم جمالها و مالها و من نكحها لدينها رزقه الله مالها و جمالها »  (حديث رواه الطبراني في الاوسط).

الخوف من البنت المتعلّمة

ويعتبر معدّل عمر الزواج بالنسبة للاتي يتمتّعن بمستوى جامعي حوالي 32 سنة في حين أنهنّ يتمنّين الزواج في 25 سنة ولئن كان انتظار إتمام الدراسات الجامعية هو السبب لدى بعضهم وبعضهن لعدم الإقبال على الزواج إلا أن هذا السبب يجعل من تأخر سنّ الزواج أمرا اختياريا من جهة ومفروضا من جهة أخرى.

فالتعليم يأخذ من بعض الفتيات التونسيات أحلى فترات عمرهن ويجعلهنّ يفضّلن إتمام دراستهنّ الجامعية على الزواج. غير أن البعض منهن بمجرد حصولها على الشهادة الجامعية تجد نفسها أمام مشكل الزواج لاسيّما أنّ بعض الرجال التونسيين يبقى متمسكا بموروثه الثقافي فلا يقبل الزواج بفتاة تجاوزت سن 25 من جهة ولا يقبل الفتاة المتعلمة من جهة أخرى.

لذلك فإنّ الملاحظة العينية لمؤسساتنا التونسية الممتلئة بفتيات مازلن في انتظار الزوج الموعود قد تؤكّد هذه العقلية والأرقام. كما تفيد الإحصائيات أنه كلما تقدّمت الفتاة في التعليم كلّما نقص حظها في الزواج.

الهروب او الخوف من الزواج

بعضهنّ يرجعن عزوف الرجال عن الزواج -وهو السبب في تأخر زواجهن- إلى أسباب نفسية واعتقادات خاطئة وهواجس لا أساس لها من الصحة في حين أن الزواج حسب البعض منهن أمر سهل لا يختلف عن الحياة العادية قبله. فالخوف من الزواج ومن المسؤولية حسب دراسة سابقة يمثل لدى الشبان 663 في حين يمثل لدى الفتيات 22.6 .

الحياة بأكملها فيها أشياء حلوة و أخرى غير ذلك ولكن الزواج لن يحوّل الحياة إلى نكد بالضرورة بل بالعكس. وبالتالي يخف عبء الحياة على الرجل عوض أن يثقل كاهله. وهذه هي النّظرة الخاطئة لمفهوم الزّواج التي يعتمدها عدد كبير من الشّباب. وهذا الخوف موجود في الأذهان يُتوارثُ من تربية الآباء والعائلات.

أريد أن أؤكد أن العديد يتصور أن الحياة ستتغير في مؤسسة الزواج ولكن المسائل اليومية التي نعيشها سنواصل عيشها داخل إطار الزواج. 

بعض التجارب

ولئن جعلت بعضهن الزواج رهين خوف الرجال من جهة وهروبا من المسؤولية من جهة أخرى، فإن البعض الآخر يلقي  »التهمة » على عاتق أسباب ثقافية ورؤية معيّنة للحرّيّة ولمؤسّسة الزّواج. المشكل أنّ هناك ظاهرة التّناقض بين فكرين، نفكّر بطريقة إلى حدّ سنّ معيّنة ثمّ نغيّر تفكيرنا، فالرّجل لم يعد هو نفسه وكذلك المرأة، ومردّ ذلك أن الرّجل يعيش حياته في فترة معيّنة وعندما يقرّر الزّواج تتغيّر طريقته في التّفكير ونفس الشّيء بالنّسبة للمرأة.

العنوسة والبحث عن الحلّ

هناك من تتزوج بحثا عن وضعية جديدة تخرجها من وضعية العانس. كما أن هناك من تتزوج لان الوقت حان للزواج ومن ثمّة الإنجاب ومنهن من تتزوج لإسكات أهلها أو لأنهن ضجرن من أهاليهن فيكون الزواج هروبا من ضغوطات العائلة. من الخطير أن تنزلق المتعلمات من فتياتنا إلى هذا المستوى من اليأس الذي بدوره يوقع كل واحدة منهن في مأزق. فلئن كانت بعضهن تتزوج زيجة سيئة وبعضهن يلتجئن إلى الـ »نات » كوسيلة للتعارف.

الفتاة كثيرة المطالب

و بمجرد إقناعه بذلك تنقلب شخصيتها وتجدها قبل أيام معدودات من الزواج تقدّم قائمة طويلة وعريضة من الشروط ناسية أن متطلبات الحياة اليوم أصبحت صعبة. فمن المستحيل أن نحقق كل الشروط المشطة وأن نجلب كل الطلبات دفعة واحدة.

فالفتيات اليوم أصبحن ماديات جدّا وحتى المتفهمات منهنّ، فشخصياتهن ضعيفة مما يجعلهنّ يرضخن إلى سلطة أمّهاتهن. أثبتت الدراسات أنّ الشباب التونسي واقعي وقادر على فهم الأسباب التي تكمن وراء تأخّر سنّ الزواج فهما جيدا إذ أنأكثر من النصفّ 56% منهم يعتقدون أن الظروف الاجتماعية وانتظار التشغيل وصعوبة الحصول على منزل الزوجية وغلاء تكلفة الزواج كلها أسباب تجعل الزواج يتأجّل عند البعض. هذه الأسباب تجعل من ارتفاع سن الزواج أمرا اضطراريا.

فبالرجوع إلى إحصائيات الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري لسنة 2002 نلاحظ أن ارتفاع تكاليف الزفاف يُعدّ من أهم أسباب تأخر سن الزواج والذي يمثل عند الفتيات 9930 أما عند الشبان فهو 99.33 إن بعض العائلات التونسية اليوم مازالت تستند إلى العادات والتقاليد في مراسم الزواج غير عابئة بصعوبات الحياة والظروف المادية البسيطة التي يعيشها شاب اليوم المقبل على الزواج.

هذا الشطط في الشروط والإغفال عن هذه الحقائق الجلية للعين يجعل الشبان يعزفون عن الزواج فيتأخر زواجهم إلى سن تتجاوز 34 خاصة بالنسبة إلى الجامعيين في حين ترتفع النسب بالنسبة للمتعلمين تعليما ثانويا فتصل إلى 35 سنة.

هذا الـتأخر بسبب التعليم يصاحبه بعد التخرج تأخر بسبب الظروف المادية البسيطة ذلك أن بعض الشبان في بداية حياتهم المهنية يشكون من رفض عدة أسر تونسية مصاهرتهم

زواج الفتاة

حسب دراسة ميدانية عن الشباب قام بها الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري سنة 2001، فإن للشباب رؤية مخالفة للواقع في شأن زواج الفتاة. فهم يعتقدون أن معدل سنّ الزواج المرجوّ يتراوح بين 22 و 23 في حين أن معدل سنّ الزواج الحقيقي هو 29 سنة.

كما أن 90 % من الشباب يعتبر أن سنّ الزواج يجب أن يكون أقل من 27 سنة كما أنهم يرون أن 99% من حالات الزواج يكون السنّ فيها أقلّ من 31 سنة. وجدير بالذكر أن نسبة الفتيات العازبات اللاتي يتراوح سنّهنّ بين 30 و39 سنة تصل في الحقيقة إلى 23% .

هذا الرأي حول العمر الأمثل لزواج الفتاة يدفع عددا كبيرا من الفتيات الشابات العازبات اللاتي تجاوزن هذا العمر لمراجعة طموحاتهنّ ورغبتهنّ في تأسيس أسرة والابتعاد عن الصورة المثلى عن العائلة التي يحلمن بها كي يتمكّنّ من الهروب من العزوبية.

العنوسة بين الريف والمدن

العنوسة في الريف تختلف عنها في الحضر، وفي الدول العربية عنها في الدول الأجنبية. وتنخفض سنّ العنوسة عادة في المجتمعات غير المتقدّمة أكثر من المتقدّمة، بمعنى أنه في مجتمع الريف إذا ما تجاوزت الفتاة سن 25 تسمى عانسا فتدخل الأسرة في مرحلة القلق، لكن في المدن يبدأ القلق من سنّ الثلاثين ومع تطور المجتمع ارتفع سنّ العنوسة إلى 33 سنة وهذا أمر طبيعي، إذا ما قارناه بالدول الأوروبية التي تصل فيها إلى 40 سنة. وكما أن النظرة إلى العنوسة تختلف من مجتمع إلى آخر فهي تختلف من أسرة إلى أخرى.

فالأسرة تقلق بعد تخرّج ابنتها من الجامعة بعامين دون أن تتزوج ويزداد القلق خاصة في المجتمعات العربية مع ارتفاع سنّ الزواج. كما أثبتت الدراسة الميدانية أن سنّ الزواج بالنسبة إلى الفتاة الحضرية يفوق سنّ الزواج بالنسبة للفتاة الريفيّة.

زواج الفتى

27 سنة هو العمر المرجوّ للزواج بالنسبة للشبان والملاحظ أن هناك فارق 5 سنوات بينهم وبين الفتيات. والملاحظ أن 50 من الشبان بين سنيّ 30 و34 مازالوا في فترة العزوبية وأن 20 بين سنّي 35 و 39 وأنّ 36 % يتراوح أعمارهم بين 30 و 39 سنة.

العنوسة في مجتمعاتنا

يقول ابن حزم الاندلسي «الحب اوله هزل واخره جد» ولكن في عصرنا هذا قد تأخذ نهاية العلاقات العاطفية مجرى مأساويا وتنتهي بنهاية درامية ذلك ان عديد العلاقات العاطفية عوض ان تنتهي الى زواج شرعي تتحول الى معاشرة بين الطرفين خارج اطار الزواج.

صعوبة اثبات جريمة التحرّش الجنسي

قانون التحرش الجنسي: صدر القانون عدد73 لسنة 2004 والمتعلق بتنقيح وإتمام المجلة الجنائية بخصوص زجر الاعتداء على الأخلاق الحميدة وزجر التحرش الجنسي . ويعرف القانون جريمة التحرش الجنسي بأنها »كل إمعان في مضايقة الغير بتكرار أقوال أو أفعال أو إشارات، من شأنها أن تنال من كرامته أو تخدش حياءه وذلك بغاية حمله على الاستجابة لرغباته أو رغبات غيره الجنسية أو بممارسة ضغوط عليه من شأنها إضعاف إرادته على التصدي لتلك الرغبات »

وحدد القانون عقوبة هذه الجريمة بسنة سجن وبخطية مالية قدرها 3الاف دينار وتضاعف العقوبة إذا كانت الضحية طفلا « أو غيره من الأشخاص المستهدفين بصفة خاصة ».

و نص القانون على تجريم التحرش الجنسي ، وابدي صرامة في زجر وتتبع مقترف الجريمة إلا أن عديد العوائق تحول دون تفعيله وترتبط أساسا بصعوبة إثبات الجريمة في المادة الجزائية وضبابية أركانها إلى جانب عديد العوائق المربطة بالقيود الاجتماعية التي تكبل الضحية وتحول دون تقدمها للقضاء ويمكن إيجازها في النقاط التالية :

– الإطار المغلق التي يمارس فيه المعتدي جريمته والذي يتم عادة في مكتب أو غرفة أو ما شابه ذالك بعيدا عن الأنظار حيث ينفرد الجاني بضحية ويغيب بذالك الشاهد أو الدليل المادي الملموس.

– النفوذ الكبير الذي يتمتع به عادة المعتدي مما يجعله قادرا على المناورة والحبكة بشكل يغيب كل اثر لجريمته، أو أن يستغل سطوته لشراء ذمم أو ترهيب الشهود المحتملين .

– صعوبة توفر الأجهزة التقنية ( التسجيلات المصورة أو المسموعة) لدى الضحية التي تصطدم بيقضة المعتدي وتأمينه لمكان الجريمة قبل ارتكابها .

– جملة المكبلات الاجتماعية التي تعاني منها الضحية والمتمثلة في الخوف من « تلويث سمعتها والطعن في أخلاقها »إذا أقدمت على التشهير بالمعتدي ومقاضاته .

– المحيط الاجتماعي الذي عادة ما يجرم المرأة في ما يتعلق بقضايا الأخلاق حتي وان كانت في وضع المجني عليه.

– خوف الضحية من فقدان عملها أو فشلها في الدراسة إذا ما أقدمت علي فضح جريمة رب العمل أوالأستاذ أو المسئول الإداري ،وهو ما يحيل بالضرورة على هشاشة صيغ العمل وغياب الرقابة القانونية على المسؤولين في مواقع العمل والدراسة.

و لظاهرة التحرش الجنسي نتائج وخيمة على الفرد والمجتمع في ظل استفحالها خاصة إذا أصبحت تلقى نوعا من الرواج والقبول كسلوك مستحدث وسط منظومة قيمية أصابتها التغيرات العالمية بالهشاشة والعبثية .

ومن بين انعكاسات استفحال هذه الظاهرة على الفرد « الضحية »هو الشعور باحتقار الذات والوضاعة لدى كل من الضحية والمبتز حيث يصبح الهاجس الجنسي هو الطاغي على العلاقات ، كما يتولد لدى المجني عليها شعور بعقدة الذنب التي يحمها إياها المجتمع بعد ما تعتقد أنه إهدار لشرفها وطعن في أخلاقها، وهو ما قد يولد لديها نفسية انطوائية تعتزل بمقتضاها النشاط العام( شغل كان أم دراسة ).

أما بخصوص الانعكاسات على المجتمع فقذ يؤدي تفشي هذا السلوك إلى هدر الطاقات والكفاءات في العمل والدراسة حيث تنتفي المقاييس العقلانية والموضوعية للتشغيل فيسود إحساس عام بالغبن وألا مساواة إلى حد النقمة ،الأمر الذي يؤدي ضرورة إلى تشيئة المرأة وتبضيع جسدها والزج بها في خانة المتسبب في أزمة التشغيل وفساد الادارة..

الولادات لاطفال غير شرعيين

الأمهات العازبات والطفل الغير الشرعي هي قضية أثارت نقاشا قانونيا وانسانيا واسعا بسبب ما تخلفه من مآسي إجتماعية متفاقمة وشائكة.

فالأمهات العازبات اللاتي يرفضهن المجتمع رفضا كاملا هن عبارة عن ضحية تبدا مأساتهن من الوعد بالزواج وتنتهي بالإهانة والرفض والحرمان والجوع واحيانا إلى القتل. و غاب عنهم قوله تعالى في سورة التكوير:  » و اذا النّفوس زوّجت واذا الموؤودة سئلت بأي ذنب قتلت »(التكوير7-9)  

أما الطفل الذي يولد خارج إطار الزواج فهو طفل غير شرعي، يضيف له المجتمع الكثير من الأسماء والألقاب والحقائق التي تجعله كائنا مختلفا، كتب عليه العار والإهانة دون أن يتحمّل في ذلك أيّة مسؤولية.

تؤكد منسقة برنامج رعاية الأمهات العازبات في جمعية «أمل» أن عدد الأمهات العازبات يبلغ في تونس حوالي 1060 أم كل سنة وان هذا الرقم يشهد ارتفاع ملحوظا من سنة إلى أخرى. ففي سنة 2000 تم تسجيل 384 حالة ولادة من هذا الصنف في تونس الكبرى فقط في حين أن عدد الأمهات العازبات بلغ 456 أما في هذا الإقليم خلال سنة 2004.

وأن هذا المؤشر لا يعكس الأرقام الحقيقة وذلك لان بعض الولادات غير معلن عنها وتتم في المصحات الخاصة والمنازل كما أن هناك تصاريح خاطئة. وهو ما يجعل العدد الحقيقي للامهات العازبات أكبر من ذلك بكثير. وأن أغلبية الأمهات العازبات ممن شملتهن الإحصائيات ينتمين إلى الفئة العمرية من 20 إلى 24 سنة وبعضهن تتراوح أعمارهن بين 15 و 19 سنة.

كما أن الأمهات العازبات لا يتفطن للحمل إلا بعد مضي الثلاثة أشهر الأولى وأناكثرهنّ حملن للمرة الأولى بعد تجربة عاطفية انسقن إليها اثر وعود زائفة بالزواج.

الجمعيات و البنات الحاملات

و لغياب المؤسسات التي تتعهد بالمرأة الحامل خارج إطار الزواج اذ ان البنت بعد الوضع تتعرض إلى العديد من الضغوطات النفسية وذلك لأنها تخضع للبحث مع المرشدة الاجتماعية التابعة للمستشفى ثم اللجنة المكلفة بالإطلاع على هوية الأب الطبيعي وبظروف الحمل.

ومن الاجراءات التي يجب على الأم أن تتخذها هو تحديد علاقتها بطفلها بعد الحمل إذ تجد نفسها امام أربع خيارات وهي تسوية الوضعية واصطحاب الطفل أو الإيداع المؤقت بالمعهد القومي لرعاية الطفولة أو التخلي النهائي لفائدة الولاية العمومية.

كما يمكنهااصطحاب الرضيع والالتحاق بجمعية « أمل للعائلة والطفل » وهي جمعية حصلت على التأشيرة القانونية في 12 جانفي 2001  اذ تسقبل كل سنة خمسين أمّا عزباء صحبة رضيعها على اقل تقدير. وهي تحاول أن تقاوم ظاهرة التخلي عن الأطفال المولودين خارج إطار الزواج حيث تسجل جرائم قتل متعددة ضد هؤلاء. وتتبع الجمعية طريق إعادة الإدماج الاجتماعي والاقتصادي لللاتي يحتفظن بأطفالهن.

وجمعية أمل هي تتكفل بالأم والطفل في نفس الوقت فهناك جمعيات أخرى تتكفل بالطفل فقط. والإقامة بالنسبة لجمعية أمل تتراوح ما بين 4 أشهر الى السنة الواحدة.

كيف عالج القانون التونسي لهذه الظاهرة الغريبة

القانون التونسي عالج هذه المسألة من جانب الطفل الطبيعي واللقب حيث جاء قانون 1998 الذي يقضي بإسناد لقب إلى الأطفال المجهولين ومجهولي النسب إضافة إلى إقرار العمل بالتحليل الجيني. ثم جاء قانون 2003 الذي قرر إسناد لقب مستعار يكون متداولا في تونس على أن يكون اسم أحد من الأعلام أو أن يطابق الاسم الثلاثي اسم شخص موجود وذلك بالنسبة للأطفال الذين لم يتم إثبات نسبهم أو الأطفال الناتجين عن زنا المحارم أو الأطفال الذين تجهل أمهاتهن هوية الآباء.

ان قضية الاطفال مجهولي النسب قضية شائكة تمسّ العائلة و المجتمع وتشغل بال الفقهاء ورجال القانون وعلماء الاجتماع وقد دعا بعضهم إلى طرح هذه القضية على بساط البحث والنقاش على نطاق واسع والعلني وإخراجها من المسكوت عنه حتى يتخذ فيها المجتمع الاحتياطات التي تحدّ من مخلفاتها وآثارها المأساوية. وحسب الاحصائيات التي سجلها مركز التوليد وطب الاطفال الرضع فان نسبة الحالات التي ترد على المركز سجلت ارتفاعا قدر بـ 332 حالة سنة 2003 الى ما يزيد عن 350 حالة سنة 2004

واما المستويات التعليمية للامهات اللواتي ينجبن اطفالا بطريقة غير شرعية فان النسبة ترتفع بشكل كبير لدى الفتيات ذوات المستوى التعليمي  المحدود الذي لم يتخط  الابتدائي كما ان غالبيتهن ينتمين الى اوساط فقيرة وخاصة في دواخل البلاد. اما فيما يتعلق بالسن فان اكثر من النصف ممّن هن تتراوح اعمارهن بين 20 و30 سنة وتنخفض هذه النسبة الىأقلّ من ذلك لدى الفتيات اللواتي تتراوح اعمارهن بين 13 و19 سنة.

وان القانون التونسي كان يخطو خطوات بطيئة على طريق ضمان حقوق الابن الطبيعي من خلال عدد من القوانين خاصة منها قانون 1998 الذي يقضي باسناد لقب الى الاطفال المهملين ومجهولي النسب اضافة الى اقرار العمل بالتحليل الجيني لاثبات النسب وهي الية مكنت من حل عديد المشاكل واثبتت نسب عدد كبير من الاطفال على اعتبار ان نتائج هذا التحليل مؤكدة.

نشير في هذا الصدد الى ان اثبات اللقب يعني بالضرورة تمكين الطفل من الحق في النفقة على انه لا يمكنه من التمتع بكل توابع البنوة من حق في السكن او الارث. وعلاوة على قانون 1998  ان قانون سنة 2003 كان خطوة جريئة على درب ادماج هذه الفئة من الاطفال داخل المجتمع وذلك من خلال اسناد لقب مستعار يكون متداولا في تونس على ان لا يكون اسم احد من الاعلام او ان يطابق الاسم الثلاثي اسم شخص موجود

الولادة خارج اطار الزواج في تزايد

تشير منسقة برنامج رعاية الامهات العازبات في جمعية «امل» الى ان معدل الولادات خارج اطار الزواج سنويا يقدر بـأكثر من الف ولادة، ورعم أنّ هذه الاحصائيات هي رسمية الا انّها لا تعكس الواقع ذلك ان بعض الولادات لا يعلن عنها مثل الولادات بالمصحات الخاصة او الولادات بالمنازل اضافة الى التصاريح الخاطئة التي تعمد فيها الام الى القول بانها متزوجة في حين انها ليست كذلك. 

الاخصائص الديموغرافية

اغلبية الامهات العازبات ممن شملتهن الاحصائيات تنتمين الى الفئة العمرية بين 20 و24 سنة وذلك بنسبة الثلث من مجموع الامهات العازبات تليها الفئة العمرية بين 15 و19 سنة وهي بنسبة أقلّ اما على المستوى الدراسي لهذه الفئة من الامهات فتهم اكبر نسبة منها الفئات ممن لهن مستوى تعليم ابتدائي وذلك بنسبة دون النصف ثم التعليم الثانوي وذلك بنسبة أكثر من الثلث في حين ان نسبة الامهات العازبات الاميات تفوق العشر قليلا واللاتي لهن مستوى تعليم عال هنّ اقل من ذلك .

أغلبهنّ أتين من الريف.

الامهات العازبات تجمع بين الفقر والجهل

كما أنها تنحدر في الغالب من الريف حيث الفقر وغياب التوعية ممّا يجبر البنت على مغادرة موطنها في اتجاه المدن الكبرى للعمل كمعينات منزليّات، وهكذا يسقطنّ «فريسة» سهلة وأكثر عرضة للوقوع في ما لا ينتظرنه، في حين «يشتغل» بعضهن في البغاء المعلن أو السرّي. إن عامل النزوح إلى العاصمة يوّلد عدة مشاكل لدى الفتيات.

ظاهرة الفقرو الانحراف لدى الفتيات

وفي خلاصة أن الفقر الاجتماعي والاقتصادي في محيط الأمهات العازبات وظروف عيشهن السيئة عوامل وراء تعميق الهوة بينهن وبين مجتمعهن. فالبنت في العائلات الفقيرة والمتعددة الأبناء قد تضطرّ للخروج إلى العمل في سنّ مبكّرة وكثيرا ما تكون المعيلة الأساسية للبيت، وعندها ترفع شعار «دعه يعمل دعه يمرّ».

 

لباس الحجاب لباس العفّة والستر

إداري آخر يحمل إسم « المنشور 102 » وصدر عن وزارة التربية التونسية في العام 1996، ويمنع التونسيات من حقهن في ارتداء الزي الشرعي، خصوصا في المؤسسات الإدارية والتعليمية وفي كل مؤسسات الدولة، ليتوسع تطبيقه لاحقا في جميع المؤسسات العامة منها والخاصة.

وجاء حكم هذه القاضية واضحا أن المنشورين 108 و 102 يخالفان الدستور التونسي، واعتبرته منشورا  » يقوم مقام التدخّل في مجال الحريات الفردية نظرا لما يتميز به اللباس من تعبير عن الانتماء الحضاري والديني والفكري وما يعكسه من ميولات شخصية « .

انتصارالمرأة في المجتمع

واعتبرت القاضية في حكمها أن هذا المنشور يتيح للإدارة سلطة تقديرية غير محدودة في تطبيقه، مما ينتج عنه تهديدا للحريات الأساسية ومنها حرية المعتقد المضمونة دستوريا واستعماله مطية للتضييق في الحقوق والحريات الفردية، وبذلك يكون هذا المنشور مخالفا للدستور الذي يعطي الحق للمواطن في التمتع بحقوقه كاملة بالطرق والشروط المبينة بالقانون »، وفق ما ورد في حيثيات حكم المحكمة الإدارية.

وأشادت حركة النهضة التونسية في بيان لها بالحكم القضائي ، ووصفته بالشجاع والتاريخي، واعتبرته « خطوة إيجابية، ومن شأنه أن يضع حدا لـ »مأساة » الآلاف من نساء تونس.

الموقف من الحجاب في خارج البلاد

مع بداية السنة الادارية الجديدة، بدت في الأفق بأن عام 2008 بإيطاليا ربما يشهد قانونا جديدا لدعم ارتداء المسلمات للحجاب في الأماكن العامة ، ويحيطهم بسند قانوني يحميهم من تحفظات قسم من المجتمع الإيطالي واعتراضات بعض السياسيين منهم.

ورحب عدد من قادة الأقلية المسلمة في إيطاليا بتصريحات أماتي التي أدلت بها ، إلا انه تباينت وجهة نظرهم بشأن حظوظ هذا القانون المقترح وإمكانية تمريره وإقراره من قبل الهيئات التشريعية. ورحب نائب رئيس اتحاد المسلمين في إيطاليا في تصريح لـ »إسلام أون لاين.نت » مشيرا إلى أنه في حال تحول القانون المقترح إلى واقع فإنه سيكون « انتصارا للحريات في إيطاليا وترجمة فعلية للحرية الدينية وتأكيدا لحق المرأة المسلمة في ارتداء الحجاب ».

وقد صرحت سيلفانا أماتي عضوة مجلس الشيوخ الإيطالي (الغرفة الثانية في البرلمان) ومقررة لجنة الشئون الدستورية بالمجلس أن اللجنة تسعى بمبادرة منها لإصدار قانون ينظم اللوائح الخاصة بارتداء الحجاب في الأماكن العامة بما يؤدي للتأكيد على السماح بارتدائه، « شريطة أن يترك الوجه مرئيا ».

وشددت السيدة أماتي المنتمية للحزب الديمقراطي الايطالي وهو من أكبر أحزاب ائتلاف يسار الوسط الحاكم على ضرورة أن يلتزم القانون المقترح بتطبيق القانون رقم 152 لسنة 1975 والذي يمنع تغطية الوجه في الأماكن العامة، وذلك في إشارة إلى أن القانون المقترح لن يجيز ارتداء « النقاب ».

موقف وزارة التعليم من الحجاب

قررت الحكومة التونسية في اكتوبر 2007 م استئناف الحكم القضائي الصادر مؤخرا القاضي بإبطال العمل بمنشور حظر الحجاب في الوظائف العمومية وقطاع التعليم .

ونقلت جريدة « القدس » الفلسطينية عن مصدر مستقل بالمحكمة الإدارية بتونس قوله : » إن وزير التربية تقدم بطلب استئناف الي المحكمة الإدارية لنقض الحكم القضائي القاضي بإبطال المنشور 102 المانع للحجاب الذي بمقتضاه كان أصدر قراره بفصل مُدرسة محجبة من عملها ».

وتابع المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه ان المحكمة الإدارية قامت بترسيم طلب استئناف الوزير للحُكم تحت عدد 26255 للنظر فيه.

ويتيح القانون التونسي للحكومة استئناف الحكم القضائي المذكور في الآجال التي حددتها التشريعات، الأمر الذي لا يجعله يكتسي صفة الحكم النهائي .

موقف المحكمة الادارية من لباس الحجاب

وأصدرت قاضية تونسية بالمحكمة الإدارية بتاريخ 18أكتوبر 2007  حكماً لصالح مدرسة كانت قد تظلّمت من قرار أصدره وزير التربية بفصلها مؤقتا من عملها لمدة ثلاثة أشهر وحرمانها من مرتبها، معللا ذلك بإصرارها على ارتداء لباس »يوحي بالتطرف »، في إشارة إلى الخمار.

اصدرت المحكمة حكما يقضي بإبطال العمل بالمنشور 102 لـ عدم دستوريته وبالتالي إبطال قرار فصل المُدرسة المنجر عنه. وأوردت المحكمة في نص حكمها ان تطبيق المنشور قد ينتج عنه تهديد للحريات الأساسية واستعماله مطية للتضييق من الحقوق الفردية ، مُعتبرة إياه مخالفا للدستور .

وصدر الحكم عن الدائرة الخامسة للمحكمة الإدارية برئاسة القاضية سامية البكري، في القضية عدد 10976/1. وهي المرة الأولي في تاريخ تونس التي يُبطِل فيها القضاء التونسي العمل بالمنشور 102 الذي استندت اليه الحكومة طيلة سنوات لمنع النساء والفتيات المحجبات من العمل في الوظيف العمومي وقطاع التعليم.

وتونس هي البلد الثاني الذي يمنع النساء من إرتداء الحجاب، سواء في مواقع العمل او في غيرها، وذلك بناء علي المنشورين 108 الصادر في 1981، و102 الصادر في 1996اللذين يعتبران الحجاب لباسا طائفيا و يوحي بالتطرف والخروج عن المألوف .

والحجاب فريضة أقرها الدين الإسلامي يتعرّض لبعض التضييقات الغير مبرّرة في أماكن كثيرة من العالم  بدعاوى مختلفة، وإن كان العداء للحجاب في الغرب ابتدأ  في  فرنسا بقانونٍ يحظر ارتداؤه في المدارس والمؤسسات الحكومية ويتوقع له الامتداد الرأسي في مؤسسات ووزارات أخرى وفي دول أوروبية.

إلا ان نَّ بعض الأنظمة في العالم العربي والإسلامي كان لهم السبق في الحرب على الحجاب، وتمثل تركيا وتونس أحد النماذج في العالمين العربي والإسلامي اذ انه تدخّل سافر في الشؤون الشخصية للفرد في اللباس  الذي يختاره.

حرمان الطالبات المحجبات من إجتياز الإمتحانات

أيعقل أن يقع هذا في بلاد الزيتونة التي كانت توصف بقبلة افريقيا لا يداد المرء يصدّق مثل هذا في بلاد ينصّ دستورها ان الدولة دينها الاسلام ولغتها العربية. ألم يستمعوا الى قوله تعالى في سورة الاعراف اذ قال  » « ساء مثلا القوم الذين كذّبوا بآياتنا و أنفسهم كانوا يظلمون من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فأولئك هم الخاسرون » (الاعراف 177-178). هذا وقد وردت أنباء من تونس تفيد بأن البوليس حوّل العشرات من الفتيات والنساء المحجبات إلى منطقة الشرطة بنابل لإجبارهن على نزع حجابهن والإمضاء على إلتزام خطي بعدم إرتداءه مستقبلا . كما جري التحقيق مع عدد من الشباب بسبب أداء الصلاة وإرتياد المساجد

عمد صباح الخميس 31 جانفي 2008 مدير معهد بن عروس بإحدى ضواحي العاصمة التونسية , إلى طرد 30 فتاة محجبة من مختلف الأقسام الدراسية من قاعات الإمتحانات حيث تردد على مختلف القاعات وأجبرهن على الخروج أثناء سير الفحوص وطالبهن بالتخلي عن الحجاب نهائيا .

علمنا أن الكاتب العام للمدرسة العليا للتكنولوجيا والإعلامية بالشرقية صادر بطاقات الطالب لــ 25 طالبة محجبة ومنعهن من إجتياز الإمتحانات , وأمام إحتجاجهن على هذا القرار تهكم عليهن بالقول أن عليهن رفع شكوى للوزير كي يكف عن مضايقتهن . و نعبر عن إنشغالها العميق من إستغلال الإدارات في مختلف الأقسام الجامعية فترة الامتحانات لممارسة الإبتزاز والتجاوزات بحق الطالبات المحجبات .

كما أقدمت صباح الجمعة 25 جانفي 2008 عناصر من الشرطة بلباس مدني بمنطقة حي الخضراء بتونس العاصمة وعلى مرأى ومسمع المارة على خلع حجاب الطالبة حنان الكوكي المرسمة بالمرحلة الثالثة شعبة علم الوراثة بكلية العلوم بتونس من على رأسها بالقوة وإلقاءه أرضا. هذا وقد إحتجزت هذه الشرطة من الطالبة حنان الكوكي بطاقة التعريف الوطنية ( بطاقة الهوية ) و بطاقة الطالب ورخصة النقل و جميع وثائقها الشخصية الأخرى .

وقد عبرت الطالبة حنان الكوكي ضحية هذا الإعتداء عن عزمها تقديم شكوى رسمية ضد هذه العناصر الأمنية الموتورة لمقاضاتهم أمام أنظار العدالة .

ماذا أنجزنا و ماذا أصابنا خلال العشرين سنة الماضية؟

 بعد عقدين من المعاناة والصبر لا حظنا أننا كإسلاميين نفتقر إلى أسس تربوية و عقدية صلبة وراسخة وهو ما يفسر الإنهيار و السقوط الذي اصاب البعض منّا منذ اللحظات الاولى و المشاكل التي عشناها خلال المحنة التي استمرّت طوال عقدين كاملين او تزيد.

انّ الفجوة الحاصلة فيما بيننا أرجعها في مجملها إلى ضعف الجانب التربوي و التعبدي و عدم رسوخ العقيدة فلم نعد نجد ذلك الأخ الرباني الجلد المحتسب الزاهد مما سهل السقوط السياسي و حتى الأخلاقي ؟

وللأسف الشديد انّ الإخوة قيادات المهجر لم يستفيدوا مما بين ايديهم من إمكانيات لاعادة بناء الفرد المسلم المنشود و ذلك ما يفسر السباب و الإنفعالات و نشر الغسيل دون مراعاة لأواصر الأخوة أو التاريخ المشترك. لا بد أن تكون أولى الاولويات توفير البرامج و الظروف التي تساعد على تخريج عدد كاف من القيادات الربانية حتى لا نضطر إلى تكليف غير الكفء و الأولى بنا ان يكون كسائنا على قدر ارجلنا. ولاخواننا نقول ما قاله الله تعالى في سورة الانفال : « واتقوا فتنة لا تصيبنّ الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب » (الانفال 25).

و هنا لا بد من الإشارة إلى أنه و الحق يقال لقد فكرت الحركة الإسلامية في تونس في هذا الامرمنذ بداية التأسيس و ان كانت التربية و التكوين لم تكن كافية من حيث التطبيق لان اخواننا في القيادة كانت أولوياتهم تختلف لقد عرض مشروعا متكاملا لتكوين الفرد المسلم على مدى سنوات و لكن المشروع بقي حبرا على ورق.

فلماذا لم ينهض بذلك المشروع إخوة المهجر خلال ما يناهز العقدين من استقرارهم بالمنفى؟

و صدق الله العظيم اذ قال في سورة فصلت «  من عمل صالحا فلنفسه و من أساء فعليها و ما ربّك بضلاّم للعبيد » (فصلت 46) و قال تعالى في سورة الانعام «  .. ولا تكسب كلّ نفس الا عليها و لا تزر وازرة وزر أخرى ثمّ الى ربّكم مرجعكم فينبّئكم بما كنتم فيه تختلفون  » (الانعام 164) .  

من هذا المنطلق نرى لزاما على الاخوة في الدّاخل ان يتحملوا مسؤوليتهم كاملة و يوقفوا هذا النزيف الذي ينخر جسد هذه الحركة التي يتصرّف فيها البعض كأنّه ملك خاص بالدعوة الى عقد مؤتمر خارق للعادةللحسم في هذا الامر. » ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولّون الادبار و كان عهد الله مسئولا قل لن ينفعكم الفرار ان فررتم من الموت او القتل واذا لا تمتّعون الا قليلا » (سورة الاحزاب 15- 16).

مع العلم انني لا الوم الاخوة الذين خرجوا من البلاد هروبا بدينهم و عوائلهم و انما لومي ينحصر على الطاقم القيادي فقط لا غير.

انّ الدعوة الى اطلاق سراح ما بقي من ابناء الحركة في السجون ملحّة اكثر أي وقت. اذ كفى الحركة الاسلامية ما دفعت نتيجة اخطاء بعض افرادها من تشريد و سجن و تعذيب حتّى الموت احيانا لبعض المناضلين قليلي التجربة‘ وقع دفعهم في طريق مسدود نتيجة خيار غير سليم لم يقع الاجماع حوله من اجل ان نفتح صفحة جديدة للتامّل و المراجعة و المحاسبة فيما بيننا في داخل القطر لا خارجه. و بذلك فقط يمكن للدرّ ان يعود الى معدنه و تاخذ الصحوة الاسلامية موقعها في كنف الوضوح الكامل.

انني أدعو الاخوة ان يحكّمواسياسة الرسول صلى الله عليه وسلم في دراسة المراحل ومعرفة الحال والفهم لرسالة الإسلام ومقاصد الشريعة، وأصلحوا الناس وردّوا الشعوب إلى الإيمان بالله واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم، ودعونا من العنتريّات التي جرت علينا الويلات والمعتقلات والأزمات.

و لذلك نصحنا ولا زلنا نصرّ في النصح لاخواننا في داخل القطر ان يحسموا فيما بقي من الحركة بالمهجر التي استحوزت على آلامنا و آمالنا و تضحياتنا و استغلّتها في غير موضعها. انّه آن الاوان للحسم و ايقاف النزيف على المستوى السياسي والتنظيمي والاعلامي. وفي الحديث: «لا تتمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية»،  ويقول الله تعالى في سورة الاحزاب  » قل لن ينفعكم الفرار ان فررتم من الموت او القتل واذا لا تمتّعون الا قليلا قل من ذا الذي يعصمكم من الله ان اراد بكم سوءا او اراد بكم رحمة و لا يجدون لهم من دون الله وليّا ولا نصيرا » ( سورة الاحزاب 16-17)

فإني لا أتهم أحدا بعدم الإخلاص و لا أنتقص من الجهود المبذولة أو الرسالة التي تقدمها تلكم المواقع الإلكترونية فذاك مما لا ينكره إلا جاحد و لكني أتألم عندما أرى أننا نبذل الجهد و نبذر دون خطة واضحة بل نضيع و قتا ثمينا في مهاترات لا تقدم ولا تؤخر و الحال أننا في أشد الحاجة للبناء و التأسيس و الإعداد إعداد البدائل و الإجابة عن الأسئلة المكررة و التي تثار من حين لآخر لإلهائنا و تشتيت جهودنا و شق صفوفنا.

خيارنا الدعوي السلمي

ونحن اذ نعتزّبمشروعنا الحضاري وخطّنا الدعوي السّلمي ندعو اخواننا بالتمسّك بوحدة الصفّ و الدعوة للتصالح فيما بين شعبنا بجميع فؤاته و مكوّناته بدون اقصاء لأننا نؤمن بأن أمل شعوبنا فينا كبيرما دمنا متمسّكين بديننا و قيمنا و هويتنا و هذا ما نصبو إليه من أجل عزة تونس و كرامة شعبنا. فالتغيير السلمي لا يمكن الجمع بينه وبين راديكالية العنف

فالموضوع هو رفع التحديات وقبول الصعاب ، لإنجاز الهدف القابل للتحقيق وأن الصعاب عندما لا تدمّرالشخص ترفعه وما يجعلنا على ثقة بأن رهاننا معقول و هو أنه ليس وليد حسابات أوردود فعل ظرفية أوبحث عن مواقع في السلطة.

فالشخص الملتزم عندنا، هو مطالب بالمراهنة على طول النفس والقبول بأن علينا أن نزرع لكي يأكل شعبنا مثلما زرعوا فأكلنا . اذ كان جامع الزيتونة أسبق المعاهد التّعليميّة للعروبة مولدا وأقدمها في التّاريخ عهدا حمل مشعل الثّقافة العربيّة 12 قرنا ونصف  بلا انقطاع وكان لرجال الزيتونة وعلمائها دوركبيرفي النهضة والإصلاح.

كنا قبل المحنة العظمى وهي محنة تهجير قيادة الحركة نتجشم الصعاب الأمنية للإلتقاء مرة في الأسبوع في مكان آمن لنتدارس ديننا أو نستمع لشريط نخفيه. وقد ذكر ابن خلدون في مقدمته: أن الطوائف المحتسبة من أهل العلم ما قامت على سلطان عادل أو ظالم إلا كانت الدائرة على تلك الطائفة؛ لأنها جهلت المنهج النبوي: «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان». فلا مساومة في الحقوق الغير قابلة للتصرف ولا التخلي عن الأهداف التي ضحت من أجلها الأجيال.

فبدل أن يقوم هؤلاء قليلي التجربة بالدعوة النبوية وإصلاح الأمة وتربية الجيل يريد اخواننا قليلي التجربة القفزإلى رأس الهرم ويهمل القاعدة ويواجه أنظمة ولو أنها فاسدة ولكنها تملك طوابير العسكر وجيوش الشرطة وأسراب الطائرات وقوافل الدبابات.

أما اليوم فكل تلك الكتب و الأشرطة متوفرة على الشبكة العنكبوتية التي أضحت في متناول الجميع سواء في داخل القطر او خارجه. فما المانع من احياء البرنامج التكوينية التي وقع تربية شباب الحركة عليها قبل المحنة. ان هذه البرامج هي التي ساهمت في تكوين القيادات و العناصر الفاعلة القوية الأمينة على مصير الشعب التونسي عل مرالسنين في السبعينات و النصف الاوّل من الثمانينات. و في ذلك يتنافس زوار المنتديات و المواقع و بذلك تستعيد الكتابة قيمتها. كيف يمكن أن نحلّ مشاكلنا إذا بدأنا بجهل أو برفض توصيفها وتسمية الأشياء بأسمائها؟

ونحن ندعو اخواننا للتفرغ للحقل الدّعوي و اعطائه المكانة التي يستحقّها و هذا اولى من المجالس التي لا تقرّبنا الى الله تعالى و تكوين الشباب على هذا النهج الخالد الذي كان عليه أسلافنا الكرام. لقدغرست الزيتونة في تونس عام 114 ه  لتكون مثابة أمن وعلم وتقدم في القارة السمراء فكانت كذلك حتى فاض خيرها على الأزهر ذاته وهوالذي وقع تشييده بعدها حتى تحالفت العلمانية مع الإستبداد في تونس في عهد بورقيبة وأول ضحاياه كان جامع الزيتونة الأعظم

ولقد ظلت الزيتونة ترعى أهلها وبلادها حتى طمس الإستبداد نورها وقبرها حية فأضحى الناس من حولها كاليتامى وخاصة المرأة التونسية التي لم يجرؤ ظالم على نزع خمارها من فوق رأسها حتى نزعت منارة الزيتونة وسيق رجالها إلى المشانق والسجون وشرد في الأرض من شرد وضرب الصمت على فقهائها.

لن يعمر أنين الزيتونة طويلا إن شاء الله سبحانه وقوافل الصحوة الإسلامية المتجددة جيلا بعد جيل تملأ الوهاد والنجاد وصدى الرجوع من حولها يتردد  فان للزيتونة ودينها في تونس رجال ورب يحميها فهو الذي حمى بيته الشريف وكعبته الكريمة من أبرهة بطير أبابيل. فاعتبروا أيها الاخوة الكرام في الدّاخل و المهجر وأعيدوا القراءة من جديد وهذه نصيحة من أخ ناصح محب (إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أُنيب).(هود 88)

 

وفي الختام نجدّد الطلب بوضح حد للمضايقات للمساجين القدامى وتمكينهم من حقوق مواطنتهم الكاملة المكفولة دستوريا.  « وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِين َتَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِك َلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ « ( آل عمران 104.105) و صدق الله العظيم اذ قال في سورة الاسراء :  » وقل جاء الحقّ وزهق الباطل انّ الباطل كان زهوقا » (الاسراء 81) و السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 باريس في 6 فيفري 2008

بقلم : عبد السّلام بو شدّاخ، احد مؤسسي الحركة الاسلامية في تونس

 


[1] (المصدر: مجلة « حقائق »، العدد 5 بتاريخ 19 جوان 2006)

[2] (المصدر: مجلة « حقائق »، العدد 5 بتاريخ 19 جوان 2006)

[3]  (المصدر: مجلة « حقائق »، العدد 5 بتاريخ 19 جوان 2006)

[4] (المصدر: مجلة « حقائق »، العدد 5 بتاريخ 19 جوان 2006)

[5] (المصدر: مجلة « حقائق »، العدد 5 بتاريخ 19 جوان 2006)

[6] المصدر: صحيفة « الصباح الأسبوعي » (أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 4 فيفري 2008

 


 

مجلس وزراء الداخلية العرب.. حالة فريدة في العالم العربي

تونس – رشيد خشانة

 

من بين جميع مؤسسات العمل العربي المشترك، يشكِّـل مجلس وزراء الداخلية العرب، الذي احتفل أخيرا بيوبيله الفضي، حالة فريدة فرادة الأمن في بنية الأنظمة العربية.

 

يتكاسل الوزراء الآخرون وتتأخر المجالس الوزارية، حتى لو كانت متَّـصلة بالدفاع أو الصحة، أما وزراء الداخلية، فلم يُخلفوا اجتماعاتهم سنة واحدة حتى في ذروة عاصفة الخليج الأولى في سنة 1991 والثانية في 2003.

 

ربما يُرجَـأ الاجتماع أسابيع لتزامنه مع أحد الأعياد الإسلامية، مثلما حصل في السنوات الأخيرة، لكنه يتم في نهاية الأمر ويُحقق دائما حضورا قياسيا، ويحضر في المتوسط 16 وزيرا (من أصل 22 وزيرا) والغائبون الدائمون، هم الصومال وجيبوتي وجزر القمر.

 

من الخصائص الفريدة أيضا، أنه مجلس لا يقبل استبدال وزير مُعتذر بنائب وزير أو موظف سام لرئاسة وفد بلاده، مثلما يحدث في المجالس الوزارية الأخرى.

 

الوزير هُنا لا يُعوَّض إلا بوزير في مرتبته، وعندما كان يتعذّر على وزير الداخلية العراقي في عهد صدّام حسين المجِـيء إلى تونس لأسباب أمنية، ناب عنه في رئاسة الوفد العراقي وزير العدل شبيب المالكي مرارا.

 

حصَّـة السعودية

 

ويمكن القول أن هذا المجلس هو الحصّـة المتروكة بالكامل للسعودية من بين مؤسسات الجامعة العربية، خصوصا أن الرياض كانت تشكو منُذ ارتحلت الجامعة إلى تونس (1979 – 1990) من كونها الأكثر تمويلا للجامعة ومنظماتها والأقل تمثيلا في المناصب القيادية.

 

وعلى هذا الأساس، أصبحت تضطلع بمنصب الأمين العام المساعد للجامعة، شخصية سعودية اعتبارا من أواسط الثمانينات، كما تَـعزّز التمثيل السعودي منذ تلك الفترة في المنظمات المتخصصة.

 

أما مجلس وزراء الداخلية العرب فكان مرآة لموازين القِـوى لدى تأسيسه في الثمانينات، إذ أسندت قيادته للعراقي أكرم نشأت إبراهيم، وكانت المنظومة الخليجية بأسرها تقِـف وراء العراق في حربه مع إيران، لكن بعد الدخول العراقي للكويت وتشكيل جبهة خليجية – غربية لإخراج الجيش العراقي منه، كان النصيب الذي حصّـله مجلس وزراء الداخلية العرب من « عاصفة الصحراء »، تنحية أمينه العام واختيار السعودي أحمد بن محمد السالم في مكانه (وكيل وزارة الداخلية السعودية حاليا).

 

وعندما أكمل السالم أربع ولايات (12 عاما)، حل محلّـه مواطنه محمد بن علي كومان، الجامعي الذي يحظى بتأييد الرئيس الفخري للمجلس، وزير الداخلية السعودي نايف بن عبد العزيز، وتم التجديد لكومان في دورة العام الماضي لولاية ثانية تستمر ثلاثة أعوام.

 

وفي خطٍّ مُوازٍ أنشأ المجلس أكاديمية للعلوم الأمنية في الرياض لإعطاء دورات تدريبية للضبّـاط وقادة الشرطة العرب. وسرعان ما حملت الأكاديمية إسم رئيس مجلس إدارتها، فصارت « أكاديمية نايف للعلوم الأمنية » وتطورت أخيرا إلى « جامعة نايف للعلوم الأمنية »، عِـلما أن جدول أعمال الدورات السنوية لمجلس وزراء الداخلية العرب، يتضمّـن بندا ثابتا يتعلّـق بتقديم وزير الداخلية السعودي تقريرا عن أعمال « جامعة نايف للعلوم الأمنية ».

 

إرهاب ومباحث جنائية

 

يختلف هذا المجلس أيضا عن المجالس الوزارية العربية الأخرى في كونه مظلّـة لاجتماعات فرعية، تستمر على مدار السنة ويرتدي جميعها طابعا أمنيا، عدا اجتماعات هيئات الحماية المدنية.

 

ومن هذه الاجتماعات الدورية، اجتماع قادة الشرطة والأمن العرب واجتماع المسؤولين عن مكافحة الإرهاب واجتماع رؤساء أجهزة مكافحة المخدرات واجتماع رؤساء أجهزة المباحث الجنائية واجتماع مديري معاهد الشرطة وكُـليّـاتها ومراكِـز تدريبها …

 

وعلى سبيل المثال، قرّر المسؤولون عن أجهزة مكافحة الإرهاب في وزارات الداخلية العربية في اجتماع عقدوه في تونس في يونيو الماضي، تبادل قائمات بأسماء قيادات تنظيم « القاعدة » وعناصره وكذلك التنظيمات المرتبطة به وتعميمها على جميع الوزارات، « لاتخاذ الإجراءات اللازمة حيالهم ».

 

ويناقش هؤلاء المسؤولون الأمنيون مشاريع اتفاقات وخُـطط عمل، لكنهم لا يستطيعون البتّ فيها، وإنما تعرِضها الأمانة العامة على المجلس الوزاري الذي يُصادق عليها عادة.

 

والأهم من ذلك، أن الرؤية التي كان يتم التعاطي من خلالها مع المسائل الأمنية، أثارت تباعُـدا بين فريقين من الدول قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، إذ تبلور محور مصري – جزائري – تونسي كان ينتقد الدول التي تُقدّم الدّعم المادي للحركات الإسلامية أو تستقبل قادتها، وهو مِـحور صُنِّـف في خانة الاستئصال في مُـقابل اتجاه خليجي – سوري كان يُلجم أي دعوة لجرّ المجلس نحو إعلان الحرب على الحركات الأصولية.

غير أن الوضع تغيّـر بعد ضرب بُـرجي مركز التجارة الدولية وتداعياته العربية، وفي مقدمتها تعرّض السعودية نفسها لضربات إرهابية، إذ بات موضوع مكافحة الإرهاب، وتحديدا شبكة « القاعدة » قطب الرّحى في عمل المجلس.

 

وبعدما كانت مقاومة الجريمة المنظمة ومكافحة المخدرات هما العنوانان الرئيسيان للاتفاقات الأمنية العربية، انتقل المجلس إلى وضع « الإستراتيجية الأمنية العربية » (التي يستمر تنفيذها إلى سنة 2010) وبادر بدعوة وزراء العدل العرب إلى اجتماع مشترك في القاهرة، تَـم التصديق في خِـتامه على « الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب » وتم « تطوير » الإستراتيجية والاتفاقية بوضع خُـطط مرحلية لتنفيذهما، وتسهر الأمانة العامة (مقرّها الدائم في تونس) على تنسيق الخطط، فيما يُراجعها الوزراء في اجتماعاتهم السنوية.

 

وفي دورة هذا العام، أقر المجلس إدخال تعديل على « الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب »، تمّ بمُـوجبه اعتبار التحريض على الجرائم الإرهابية أو « الإشادة بها ونشر محررات أو مطبوعات أو تسجيلات، أيا كان نوعها أو طابعها أو إعدادها للتوزيع أو لاطلاع الغير عليها »، جرائم إرهابية، وهي مصطلحات مطّـاطة تشكِّـل ذرائع سهلة لملاحقة الكُـتّـاب والإعلاميين قضائيا.

 

كذلك، أدخل الوزراء تعديلا آخر على الاتفاقية، وُضع بموجبه في خانة الجرائم « جمع الأموال أيا كان نوعها لتمويل الجرائم الإرهابية »، وهي أيضا صيغة ملتبسة تفتح الباب واسعا لملاحقة مواطنين أبرياء جنائيا.

 

ومن ضمن آليات التنسيق الأمني، ما كشف عنه عيد الفائز، وزير الداخلية الأردني في تصريحات أدلى بها لسويس أنفو على هامش الاجتماعات الأخيرة، إذ أفاد أن البلدان العربية اتّـفقت على تفعيل التعاون بينها في إجراءات البحث والتقصّي والقبض على المُـشتبه بهم في قضايا إرهابية، بما في ذلك إدخال تعديلات مستمرّة على « اللائحة السوداء » لمدبّـري العمليات الإرهابية ومنفّـذيها، مُعتبرا أن الإرهاب هو أخطر المشاكل التي يواجهها العالم، وليس العالم العربي فحسب.

 

إلا أن الزبير بشير طه، وزير الداخلية السوداني حث على أن يكون المَـخرج من هذا الخطر بالعودة إلى الأسباب العميقة لانتشار العنف والإرهاب في العالم العربي، وشدد في تصريح لسويس أنفو على ضرورة « فهم مشاغل الشباب ودعم خطوات الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، للقضاء على مبرّرات الإرهاب والتطرف ».

 

قاموس أوسع للجرائم

 

إلى ذلك، فتح المجلس مجالات جديدة للتعاون الأمني في دورة العام الماضي وتوسَـع في التعريفات فصادق على مشاريع اتفاقيات جديدة تخُـص مكافحة تبييض الأموال وتجارة المخدّرات وتجارة الأسلحة واستخدامهما في تمويل عمليات إرهابية، بالإضافة للحؤول، دون « حصول الجماعات الإرهابية على أي نوع من أنواع الأسلحة الكيميائية ».

 

ومن أهم المجالات التي شملها التنسيق الأمني العربي، ما بات يُعرف بـ « جرائم الإنترنت » في إطار توسيع قاموس الجرائم الإرهابية. وفي هذا السياق، قرر المسؤولون عن أجهزة مكافحة الإرهاب في وزارات الداخلية العربية في الاجتماع الأخير، الذي عقدوه في تونس في يونيو الماضي، إغلاق « المواقع التي تبُـث مواد متعلِّـقة بتصنيع المتفجرات أو استخدام الأسلحة والتدريب عليها، وكذلك المواقع التي تُـروِّج للأفكار والأيديولوجيات المتشددة »، وحذر كذلك من « الفتاوى المنحرفة » وطلب تجريمها بوصفها من أعمال التحريض على الإرهاب.

 

ويبدو أن المسؤولين الأمنيين باتوا يرون « خطر » الإنترنت في كل مكان، إلى درجة أن الدكتور محمد بن علي كومان، الأمين العام للمجلس حث في الاجتماع الأخير للمسؤولين عن مكافحة المخدرات الذي عُقد في تونس، على إيلاء عناية خاصة لشبكة الإنترنت، التي قال إنها « باتت تشكِّـل أداة مهمّـة في يد كافة التنظيمات الإجرامية، ومن ضمنها عصابات المخدرات لتسهيل عملياتها وتنفيذ أهدافها »، واقترح إيجاد الوسائل التقنية والقانونية، « التي تُـتيح تعطيل دور الإنترنت في تفاقم مشكلة (انتشار) المخدرات ».

 

اتصالات جانبية

 

تبقى الإشارة إلى أن الاجتماعات السنوية لوزراء الداخلية العرب تُشكِّـل عادة مناسبة للقاءات تنسيق ثُـنائية بين الوزراء في أكثر من بلد عربي، حيث تستأثر الهموم الأمنية بالحصّـة الرئيسية من تلك اللقاءات.

 

وفي ذروة الأزمات بين الرباط والجزائر، كان وزير الداخلية المغربي ادريس البصري ثم مصطفى الساهل يُجري حوارات ثنائية على هامش اجتماعات مجلس وزراء الداخلية العرب مع نظيره الجزائري يزيد (نور الدين) زرهوني، في إطار السعي لحل القضايا العالقة بين البلدين، وكانت تلك اللقاءات تُشفع بتبادل زيارات في إطار المساعي الرامية لتحسين العلاقات بين الجزائر والرباط، إلا أن تلك المسارات تعطَّـلت لأسباب تتّـصل بجُـذور الأزمة الأكبر بين الحكومتين، والمتعلقة بقضية الصحراء.

 

كذلك استقطب اجتماع وزيري الداخلية السعودي والعراقي في السنوات الأخيرة من حكم الرئيس الراحل صدّام حسين، عدسات مصوري التليفزيونات الذين كانوا يأتون لتغطية أعمال الدورات السنوية للمجلس، حتى كادت تُصبح أهمّ من جدول الأعمال، واسترعت اجتماعات وزيري الداخلية السوري والأردني اهتماما أقل من الإعلام، وإن كانت تحمل دلالات عن التنسيق الأمني بين الحكومتين، على رغم تباعُـد المواقف.

 

وعموما، أظهرت الحميمية التي يستقبِـل بها وزراء الداخلية نظراءهم في البلدان العربية الأخرى (حتى المختلفة مع حكوماتهم) والحرارة التي يودّعونهم بها عندما تنفض الدورات السنوية، أن الأمن فوق كل الاعتبارات وأنه المربّـع الأخير والوحيد للتنسيق بعدما تنقطع جسور التعاون الأخرى.

 

(المصدر: موقع « سويس إنفو » (سويسرا) بتاريخ 6 فيفري 2008)


 

بسم الله الرحمان الرحيم

موقع « السبيل أونلاين » يُحي ذكرى الشيخ محمد الخضر حسين رحمه الله

الحلقة الثالثة (3 من 3 )  

الـود والإخـاء بيـن الإماميـن الإمام محمد الخضر حسين والإمام محمد الطاهر بن عاشور

 

بقلم: الاستاذ ابراهيم بلكيلاني

 

تمهيــــــــــــد:

ما ذُقت طعم الذلِّ لكن أعافـه كما عِفت سمًّا في فم الصِّلِّ ناقـعا و أرتدي بالكبرِ أسحب ذيلــــه و لو جاء في أسمى الأمانيِّ طائـعا (الإمام محمد الخضر حسين)

 

لم تنجب تونس علمين بارزين في القرن العشرين ، قدما إنتاجا علميا فريدا وذاع صيتهما و نال من الشهرة ما لم ينله أحد دونهما إلى مرحلتنا هذه ، مثل الإمامين : محمد الحضر حسين و محمد الطاهر ابن عاشور . كانا غزيرا الإنتاج، ثاقبا النظر، لهما مدد يتواصل بعد حياتها عقود و عقود..

 

نالت مؤلفاتهما من الشهرة و الانتشار الواسع، درجات عالية. و ألف فيهما الكتب العديدة . ولكن في تقديرنا لم يخصص النظر في العلاقة بين الإمامين بدارسات مستقلة. و بمناسبة ذكرى وفاة الإمام محمد الخضر حسين شيخ الجامع الأزهر رحمه الله، نحيي ذكراه العطرة بالكتابة في العلاقة الحميمة التي كانت تربطه بالإمام العلامة محمد الطاهر بن عاشور، طيب الله ثراه.

 

وقد شهد الشعر على هذه العلاقة بأبلغ العبارات و أدقها نورد منها اللقطات التالية:

 

اللقطة الأولى:

 

يذكر الإمام محمد الخضر حسين بأنه حظي بصديقين لا يوجد في قلبه أعز منهما، الأول أحمد تيمور باشا الذي وجد عنده العون و روح الأنصار عندما خرج من تونس، ولذلك كانت وصيته أن يدفن قربه في مقبرة آل تيمور . و الثاني هو العلامة الإمام محمد الطاهر بن عاشور الذي باعد ظلم الاستعمار بينهما : تقاسم قلبي صاحبان وددت لو تمَلتهما عيناي طول حياتي وعَللت النفس بالمنى فإذا النوى تعُل الحشى طعنا بغير قناة فأحمد في مصر قضى ومحمد بتونس لا تحظى به لحظاتي

 

اللقطة الثانية:

 

وعندما سئل عن علاقته بالشيخ محمد الطاهر بن عاشور، أجاب شعرا يقتر منه ندى الود والإخاء الصافي: أحببته ملء الفؤاد و إنمـــــا أحببت من ملأ الودادَ فؤادُه فطفرت منه بصاحب إن يدْر مــا أشكوه جافى ما شكوت رقادُه ودريْت منه كما درَى مني فــتى عرفَ الوفاء نجادُه و وهادُه

 

اللقطة الثالثة:

 

وفي محرم 1322هـ الموافق ل ابريل 1904 ، بادر الإمام محمد الخضر حسين إلى إصدار أول مجلة عربية في تونس ، و كان لشيخنا محمد الطاهر بن عاشور خير مؤازر و مشارك، و قد أرسل إليه تقريظا لطيفا ينم عن علو همة و تقدير كبير بينهما : « إلى العلامة النحر ير صديقي منشئ « السعادة العظمى » أيده الله تعالى، سلام و تحية و إجلال ،كما يليق بذي قلم سعى بصريره في تقويم الأمة، وتأييد شرعة الحق ،و أطلع لأهل لغتنا العربية شمسا طالما حجبها دونهم سحاب مركوم، وأعقب نهارها ليل عطل سماءه أفول البدر و إدبار النجوم ».

 

اللقطة الرابعة:

 

و في سنه 1331هـ سافر الإمام إلى دمشق، فجاشت قريحة الشيخ ابن عاشور شعرا رقراقا و كتب إليه:  » هذه كلمات جاشت بها النفس الآن عند إرادة الكتابة إليكم،فأبثها على علاتها، و هي و إن لم يكن لها رونق البلاغة و الفصاحة فإن الود و الإخاء و الوجدان النفسي يترقرق في أعماقها « :

بعدتَ و نفسي في لقاك تصِــيدُ فلم يغن عنها في الحنان قصيدُ و خلفت ما بين الجوانح غــصّة لها بين أحشاء الضلوع وقودُ وأضحت أماني القرب منك ضئيلة و مُرّ الليالي ضعْفها سيزيد أتذكر إذ ودعتنا صبح ليـــلة يموج بها أنس لنا و برودُُُُُُ و هل كان ذا رمزا لتوديع أنسِـنا و هل بعد هذا البيْن سوف يعودُ ألم تر هذا الدهر كيف تلاعــبت أصابعه بالدرّ و هو نضيدُ إذ ذكروا للودّ شخصا محافــظا تجلى لنا مرآك و هو بعيدُ إذا قيل من للعلم و الفكر و التقى ذكرتك إيقانا بأنك فريد فقل لليالي جددي من نظامــنا فحسبك ما قد كان فهو شهيد اللقطة الخامسة:

 

و لم يتأخر الجواب، و أتى أرقى شعرا و أدبا و بلاغة، و كأنهما في غير العالم الذي يعيشونه، فالإخاء الحق و الود الذي يجمع بينهما كان من معين أشرِبَ روحانية ترفـعت بسموها عن مكبلات المادة:

أينعم لي بال و أنت بعيد و أسْلو بطيف و المنام شريد إذا أججت ذكراك شوقي أُخضلت لعمري- بدمع المقلتين- خدود بعدت و آماد الحياة كثــــيرة و للأمد الأسمى عليّ عهود بعُدت بجثماني و روحي رهيـــنة لديك و للودّ الصميم قيودُ عرفتك إذ زرت الوزير و قد حـنا عليّ بإقبال و أنت شهيد فكان غروب الشمس فجر صداقة لها بين أحناء الضلوع خلود لقيت الوداد الدرّ في قلب ماجـدٍ و أصدق من يصفي الوداد مجيد ألم ترم في الإصلاح عن قوس ناقد درى كيف يرعى طارف و تليد و قمت على الآداب تحمي قديمها مخافة أن يطغى عليه جديد أتذكر إذ كنا نباكر معـــهدا حميّاه علم و السّقاة أُسود أتذكر إذ كنّا قرينين عـــندما يحين صدور أو يحين ورود فأين ليالينا و أسمارها الـــتي تبلُّ بها عند الظِّماء كُبودُ ليا ل قضيناها بتونس ليتـــها تعود و جيش الغاصبين طريد

 

اللقطة السادسة:  

وعندما قدم الشيخ الإمام محمد الخضر حسين من الشام إلى مصر سنة 1339 هجري ، متشوقا إلى تونس و من فارقهم من الأحبة و الأصدقاء ، لم ينس الشيخ الإمام أن يعرج بشعره على مدينة المرسى مقر العلامة محمد الطاهر بن عاشور ، شوقا له :

يا شاطئ المرسى إلام الهـجود فُكَّ القيودَ و كن كما كنتَ لعهد الجدود غِيل الأسود

 

اللقطة السابعة:

 

وعندما وُلِّي العلامة ابن عاشور التدريس في جامع الزيتونة بتونس سنة 1323هجري ، هنّأه الإمام محمد الخضر حسين شعرا أيضا ونقتطف لكم مما قاله شعرا هذه الأبيات :

مساعي الورى شتّى و كل له مرمى و مسعى ابن عاشور له الأمد الأسمى فتى آنس الآداب أوّل نشئـــه فكانت له روحا و كان لها جـسما و ما أدب الإنسان إلاّ عــوائـدُ تخطّ له في لوح إحساسه وسْمـــا فتى شبّ في مهد النعيم و لم تــنل زخارفه من عزمه المنتضى ثلـــما و في بهجة الدنيا و خضرة عيشهــا غرور لباغي المجد إن لم يُفق حزمــا و شاد على التحقيق صرح علومــه فما استطاع أعداء النبوغ له هـضما

 

خاتمــة: أوصى بعدم نشر مذكراته:

 

هذا غيض من فيض، وإن أضأنا بعض جوانب هذه العلاقة الفريدة بين الإمامين، فهي بحاجة إلى إضاءات جديدة. و بهذه المناسبة نتوجه بشكرنا الجزيل إلى الأستاذ المحامي علي الرضا الحسيني، الذي رافق الإمام في مراحل عديدة من حياته، خاصة عندما تولي مشيخة الأزهر الشريف، و كان له الفضل الأكبر- بعد الله سبحانه و تعالى – في حفظ تراث الإمام، وإزالة الغبار عنه، وإعادة تنظيمه ونشره. وعندما سعدنا بلقائه – وكان الشوق يشدنا لسماع صفحات من حياة الإمام – ذكر لنا بأن عمه الإمام محمد الخضر حسين دوّن مذكراته ولكن أوصى بعدم نشرها، ولو نُشرت لربما أضافت الشيء الكثير لتاريخ تونس و للمنطقة عموما.

 

مسألتان:

 

وعندما طلب مني العزيز على قلبي الأخ خالد (جماعي) المساهمة في إحياء ذكرى وفاة الإمام بالكتابة في أية مسألة أراها مناسبة ، كان يؤرقه سؤالان لم يجد إجابة مقنعة أو وافية عنهما:

 

يتعلق الأول بعدم نقل جثمانه الطاهرة إلى تونس عندما خرج المستعمر رغم مساعي السلطة في بداية تشكلها ، ويتعلق الثاني بالأسباب الحقيقية لاستقالة الإمام من منصب مشيخة الأزهر الشريف .

و في تقديري المتواضع بأن المسألة الأولى تتعلق بوصية الإمام بأن يوارى ثراه في مقبرة آل تيمور بجانب صديقه الحميم أحمد تيمور، وما كان لأهله من بعده إلا أن يبقوا أوفياء لهذه الوصية. و نسأل الله تعالى أن يسكنه و صاحبيه الجنان ويمن علينا بالرضا و القبول.

 

أما فيما يتعلق باستقالته من مشيخة الأزهر فقد كُتب فيها من العديد من العلماء و المؤرخين والمفكرين و نجملها في هذه العجالة:

 

1- يقول الشيخ الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي:  » ..ولما لم يمكن لكل ما أراد  أن يطبق أبى إلا الاستقالة عن منصبه معتذرا بأنه ليس من الوفاء للحق أن يملأ منصبا دون أن يملك أن يعطيه حقه »

2- ويعلل الأستاذ كمال العريف استقالة الإمام بالمرض و الحاجة إلى العلاج و الاستجمام .

3- أما الأستاذ محمد مواعدة فيعلل ذلك بكون مشيخة الأزهر « حالت دون تلقي العلم و كتابته  » ولذلك استقال .

4- ولكن يذهب أبو القاسم محمد كرو إلى أن الدسائس و المنافسات التي تحيط بهذه المهمة الحساسة دوما هي التي دفعت الإمام إلى الاستقالة .

5- ورأي آخر يذهب إلى أن استبعاد اللواء محمد نجيب سياسيا، و الذي كان صديقا و سندا للإمام، دفعه إلى خطو هذه الخطوة وهو مبرر كاف لاستقالته.

 

والله خيـــر الوارثيــــــن

 

(المصدر: موقع « السبيل أونلاين » بتاريخ 5 فيفري 2008)

 


Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.