الأربعاء، 5 يناير 2011

فيكليوم،نساهم بجهدنا فيتقديمإعلام أفضل وأرقى عنبلدنا،تونس Un effort quotidien pour une information de qualité sur notre pays, la Tunisie. Everyday, we contribute to a better information about our country, Tunisia

TUNISNEWS 10ème année, N°3878 du 04.01.2011  

archives : www.tunisnews.net

الحرية للصحفي الفاهم بوكدوس

ولضحايا قانون الإرهاب


السبيل اولاين:تالة تسقط كل رموز النظام وتتمرّد على سلطة بن علي

المرصد:تالة … بعد يوم ثقيل من المداهمات والاعتقالات مشادات عنيفة تنطلق هذا المساء

إتحاد أصحاب الشهادات المُعطلين عن العمل:بيــــــان:تالة لن تستسلم

حــرية و إنـصاف:تشييع جنازة محمد البوعزيزي و حالات انتحار جديدة

أ ف ب:آلاف المشيعين يودعون الشاب الذي احرق نفسه احتجاجا في تونس

د.منصف المرزوقي:انطفاء الشرارة التي أشعلت اللهب

أنور الغربي:الشابة: انتحار آخر والاحتجاجات مستمرة وكذلك أساليب الترهيب

الوسط: محاولتة انتحار حرقا في مدينة المتلوي

المرصد:منزل بوزيان …اضراب بيوم كامل احتجاجا على انتهاك حرمة المؤسسة التربوية

حــرية و إنـصاف:أخبار الحريات في تونس

اللجنة الوطنية لمساندة اهالي الحوض المنجمي:بيان بمناسبة الذكرى الثالثة لانطلاق احتجاجات الحوض المنجمي

رافع القارصي :من هنا مر سمير لعبيدى « وزير » الإتصال الجديد   قمع إلكتروني:

كلمة:سعي لإفشال إضراب المحامين يوم الخميس

حزب العمال الشيوعي التونسي ينعى محمّد البوعزيزي:استشهد أعزّ الشباب!!

إتحاد أصحاب الشهادات المُعطلين عن العمل:تعزيــــة

الحزب الديمقراطي التقدمي:بــــــــلاغ صحـــــــفي

رسالة من اللجنة الجهوية لمساندة الأهالي في سيدي بوزيد ببنزرت

الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس:دعوة للإعتصام أمام السفارة التونسية في لندن

رسائل د. منصف المرزوقي الى الشعب التونسي:تشخيص الشعب للدّاء

 أم زياد:ثورة سيدي بوزيد كما أراها (الجزء الثاني) 

محمد كريشــــــــــــــان:لا تكتب عن تــــــــــــــــــــــــــونس !!

أبوجعفرالعويني:البلاد ليست مزرعتهم الخاصة

د.خــالد الطراولي: »سيدي بوزيد » والتيـار الإسلامي : أين أنتـم؟: الحلقـة الأولى

العربي صديقي:معركة سيدي بوزيد وأشباح انتفاضة 1984

نهلة الشهال:النموذج التونسي ينبئ بحالة عامة

منير حدادكخيارات تونسية صائبة ولكن…

اللجنة الجهوية لمساندة طلبة سوسة و المهدية:بيان مساندة

حــرية وإنـصاف:بيـــــــــــــــــــــــــــان

مظلمة   مسلطة على عائلة مغربية  في تونس

جلب رفات الزعيم الوطني محيي الدين القليبي من سوريا

بحري العرفاوي:في الشعر التونسي والشخير

كمال عمران: في الفلسفة العربية الإسلامية والثقافة


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivan : Affichage / Codage / Arabe Windows)To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)  


منظمة حرية و إنصاف التقرير الشهري حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس  أكتوبر 2010 https://www.tunisnews.net/28Novembre10a.htm  


تالة تسقط كل رموز النظام وتتمرّد على سلطة بن علي

 


 

السبيل أونلاين – تونس – عاجل

 

أكدت مصادر السبيل أونلاين منذ قليل أن معتمدية تالة التابعة لولاية القصرين (وسط غرب تونس) ، خرجت فيها الأوضاع عن سيطرة قوات البوليس التي لم تدخر كل وسائل القمع الشرس لإخماد غضب السكان عن أوضاعهم المعيشية المتردية . فقد قام المواطنون الغاضبين بحرق دار التجمع (الحزب الحاكم) ومقر المعتمدية ومبنى منطقة الشرطة وعدد كبير من سيارات الشرطة بالكامل .

 

وشدد المصدر على أن المظاهرات الإحتجاجية في معتمدية تالة بدأت منذ منصف النهار من يوم الاثنين 03 جانفي 2011 واستمرت الى منتصف الليل ، وقد تدخلت قوات البوليس بشراسة ومارست قمعا شديدا ونفذت اعتقالات واسعة ، وأكد نفس المصدر أن المعتقلين وقع نقل أغلبهم إلى مقرّ أمن الدولة بالعاصمة تونس وأخضعوا للتحقيق والتعذيب الشديد .

 

وأضاف المصدر أن تعزيزات كبيرة قدمت إلى تالة منذ يوم أمس الثلاثاء 04 جانفي من مدينتي سوسة والمهدية ، وتشكّلت تلك التعزيزات الأمنية من قوات الشرطة وفرق بوليسية متنوعة قدموا على متن حافلات وسيارات كثيرة لقمع الإحتجاجات في تالة .

 

ويسيطر على الأوضاع في المدينة خلال النهار قوات البوليس والتي إستخدمت كل وسائل القمع وبلغ بها الحال إلى استخدام القنابل المسيلة للدموع للإعتداء على المواطنين داخل بيوتهم ، بينما يسيطر المتظاهرون على المعتمدية أثناء الليل ، وقد أصبحت جلّ احتجاجاتهم تجرى في الليل رغم قطع التيار الكهربائي على المدينة .

 

 المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس) ، بتاريخ 05 جانفي 2011  


تالة … بعد يوم ثقيل من المداهمات والاعتقالات مشادات عنيفة تنطلق هذا المساء


شهدت  مدينة تالة  هذا اليوم  الاربعاء 05 /01 / 2011 يوما طويلا  من المداهمات من طرف قوات  الامن  التي ازدادت عدة  وعددا هذا اليوم  بهدف اعتقال  التلاميذ  والشباب  المعطلين عن العمل  ووقعت  بالفعل اعتقالات  كبيرة يجهل الى حد الساعة عددهم  بدقة كما  تعرض بعض الاطار  التربوي الى  استفزازات  واعتداءات لفظية واحيانا الى اعتداءات  بدنية مثل  الاعتداء الذي تعرض له  المعلمان سمير  هداوي  وفيصل جباري كما  تعرض احد عملة التربية وهو  مطيع هيشري  الى اعتداء  ثم الى ايقاف  وردا على هذه الاعتداءات  نفذ  معلمو  عدة مدارس اضرابا عن العمل .

من  ملامح  هذا اليوم  ايضا  اضافة  الى المداهمات والاعتقالات  شلل الحركة التجارية حيث  ان المتاجر   والمخابز   كانت في اغلبها مغلقة في اغلبها مغلقة وفضل الكثير من الاهالي البقاء في منازلهم  في هذا الجو  المشحون .
وردا على هذا اليوم الثقيل  انطلقت في السادسة  مساء  وبعض الدقائق   ومع بداية نزول الظلام   مواجهات ومشادات عنيفة  جدا  بين الشباب الغاضب  من المعطلين  والتلاميذ  وعناصر الامن وهذه البداية  المبكرة  للمواجهات   تنبئ  ان هذه الليلة قد تكون ثقيلة جدا ايضا مراسلة  خاصة بالمرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية — المرصد التونسي للحقوق و الحريات النقابية Observatoire tunisien des droits et des libertés syndicaux  


إتحاد أصحاب الشهادات المُعطلين عن العمل بيــــــان : تالة لن تستسلم تونس في 06 جانفي 2011  


شهدت مدينة تالة منذ يوم الإثنين 03 جانفي 2011  هبّة نضالية جماهيرية ضد البطالة و التنمية الجهوية الغير العادلة.و قد جوبهت هذه التحركات الشعبية السلمية بحملة قمعية شرسة و بربرية قوامها آلاف من قوات البوليس و الغاز المسيل للدموع و المزمجرات . و قد اشتدت الحملة القمعية اليوم عبر المداهمات للمنازل و المحال التجارية و التي أسفرت على عشرات من المصابين و اعتقال العديد من شباب المدينة. إن إتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل يعبر عن: – إدانته للسلوك القمعي في مواجهة حق التظاهر و التجمع. – تضامنه المطلق مع شباب تالة و مواطنيها في نضالهم المستميت من أجل الحق في الشغل و في التنمية العادلة. – دعوته لكافة القوى الديمقراطية و النقابية للوقوف إلى جانب المعطلين من أجل حقهم في التنظيم و الاحتجاج ضد التهميش و الإقصاء.

لن يكلفنا النضال أكثر مما كلفنا الصمت
إتحاد أصحاب الشهادات المُعطلين عن العمل u.d.chomeurs@gmail.com  


الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 27 محرم 1432 الموافق ل 05 جانفي 2011

تشييع جنازة محمد البوعزيزي و حالات انتحار جديدة


توفي الشاب محمد البوعزيزي متأثرا بحروقه البليغة بعد 18 يوما من محاولته الانتحار حرقا أمام مقر ولاية سيدي بوزيد إثر الاعتداء عليه من قبل أعوان الشرطة البلدية ورفض مقابلته بالولاية لتقديم شكوى ضدهم، وشهدت ولاية سيدي بوزيد اليوم الأربعاء 05 جانفي 2011 موكب جنازته بمشاركة أكثر من 5000 مواطن في ظل تواجد أمني كثيف.

وإذا كانت حادثة محاولة الانتحار قد أثارت غضبا شعبيا واسعا في سيدي بوزيد امتد إلى كامل البلاد دفاعا عن كرامة المواطن وحقه في الشغل وفي التنمية العادلة بين الجهات فإن نبأ وفاته قد خلف حزنا عميقا في نفوس التونسيين والتونسيات وخاصة في صفوف الشباب وفي مقدمتهم العاطلين عن العمل من أصحاب الشهادات العليا وعموم التلاميذ والطلبة الذين تهدد البطالة مستقبلهم.
ومما يزيد الوضع خطورة إقدام السيد محمد سليمان البالغ من العمر 52 عاما على الانتحار شنقا بالغابة وهو أصيل مدينة الشابة وأب لأربعة أبناء اثنان منهم من حاملي الشهادات العليا العاطلين عن العمل، علما بأن المنتحر مصاب بالقصور الكلوي وهو ما يستوجب خضوعه دوريا لتصفية الدم، إلا أن محاولاته المتكررة للحصول على بطاقة علاج ومساعدته على تحمل مصاريف العلاج قوبلت بالتسويف من قبل معتمد مدينة الشابة.
وفي مدينة قبلي حاول المواطن العاطل عن العمل زكرياء ماضي الانتحار حرقا وتم نقله إلى مستشفى صفاقس، أما في المتلوي فقد حاول الشاب مصطفى جوهري (30 عاما) الانتحار حرقا، ولكنه أصيب بحروق من الدرجة الثانية وتم نقله إلى المستشفى، كما سجلنا محاولة تلميذ الانتحار حرقا بساحة معهد الوفاء بأريانة.
وحرية وإنصاف:
1) تعبر عن حزنها العميق لوفاة الشاب محمد البوعزيزي وتبلغ تعازيها الصادقة لأفراد عائلته ولأهالي سيدي بوزيد وللشعب التونسي سائلة الله العلي القدير أن يتقبل هذا الشاب بواسع مغفرته ورحمته وأن يرزق أهله صبرا جميلا وحياة كريمة. 2) تعبر عن انشغالها العميق أمام توسع ظاهرة اللجوء إلى الانتحار الغريبة عن ثقافة مجتمعنا تحت ضغط تردي الوضع الاجتماعي و تفاقم ظاهرة البطالة  و التفاوت الجهوي في غياب الحوار و الشفافية و تغييب دور المجتمع المدني في تأطير المواطنين و خاصة منهم الشباب، الأمر الذي يدفع إلى التفكير في الحلول اليائسة ابتداء بالإضراب عن الطعام و مرورا  بركوب قوارب الموت و صولا إلى محاولة الانتحار. 3)تدعو السلطة الى معاقبة المتورطين في الاعتداء على الشاب محمد البوعزيزي و التعويض لأهله على الضرر المادي و المعنوي الذي لا يقدر بفقدانهم لأبنهم و عائلهم بعد وفاة والده. 4)تطالب برفع الحصار الأمني عن ولاية سيدي بوزيد و إطلاق سراح كل المعتقلين و فتح تحقيق جدي في الانتهاكات الخطيرة لأعوان الشرطة و الحرس ضد أهالي سيدي بوزيد و في مقدمتهم الذين أطلقوا النار على المتظاهرين في منزل بوزيان و تقديمهم إلى القضاء. 5) تطالب السلطة بوضع حد لسياسة المراهنة على القمع البوليسي و التعتيم الإعلامي في معالجة القضايا الاجتماعية مثلما حصل في الحوض المنجمي و بنقردان و سيدي بوزيد و تدعو إلى ضرورة احترام الحق في حرية التعبير و الإعلام و التنظيم و الاجتماع و التظاهر السلمي. 6) تدعو السلطة إلى فتح حوار وطني لمراجعة الاختيارات الاقتصادية والاجتماعية و السياسية لتحقيق التنمية العادلة.     

عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري  


آلاف المشيعين يودعون الشاب الذي احرق نفسه احتجاجا في تونس


شيع الاف الاشخاص الاربعاء الشاب التونسي محمد البوعزيزي الذي توفي مساء الثلاثاء متاثرا بحروق اصيب بها حين حاول الانتحار احتجاجا على مصادرة بضاعته، ما ادى الى اطلاق احتجاجات اجتماعية واسعة في تونس.   ونقل جثمان المتوفى بعد ظهر الاربعاء الى مقبرة « قلعة بن نور » التي تبعد نحو تسعة كيلومترات من منزل محمد البوعزيزي وسط اجراءت امنية. ولم تسمح السلطات للمشيعيين بالوقوف امام مقر محافظة سيدي بوزيد، المدينة التي خيم عليها الحزن بسبب الوفاة.   وكان سالم شقيق محمد البوعزيزي قال لفرانس برس بلهجة غاضبة ان « الموكب سيجوب وسط سيدي بوزيد وسيمر من امام مقر الولاية (المحافظة) قبل ان يدفن الجثمان في مقبرة » المدينة. وشارك في الجنازة الاف الاشخاص رافعين شعارات من بينها « محمد شهيد الله » و »لن نستسلم لن نبيع…دم محمد لن يضيع »، و »سنبكي من أبكاك، يا محمد لن ننساك ». وقال مهدي الحرشاني خال المتوفى لفرانس برس « نودع اليوم انسانا ضحى بنفسه من اجل وضعه واوضاع الاخرين »، راجيا ان « تتمكن والدته من تجاوز هذه المحنة والمعاناة ». وكان الحرشاني وصف رحيل محمد بال »مصيبة » مؤكدا انه « تلقى العديد من المكالمات من فئات اجتماعية مختلفة للتعبير عن تعاطفها وتألمها وتأسفها اثر رحيله وهو في مقتبل العمر ».   وكان محمد البوعزيزي (26 عاما) وهو بائع متجول في مدينة سيدي بوزيد الواقعة على بعد 265 كلم عن العاصمة تونس وسط غرب البلاد، اقدم على احراق نفسه احتجاجا على منعه من ايصال شكواه الى المسؤولين في المنطقة اثر مصادرة البضاعة التي كان يبيعها على عربته لعدم امتلاكه التراخيص اللازمة.   وكانت هذه الحادثة تسببت في اندلاع صدامات في 19 كانون الاول/ديسمبر في المدينة، لتتسع في ما بعد ليشمل الاحتجاج على البطالة وغلاء المعيشة مدنا تونسية عدة. والبوعزيزي هو الشخص الرابع الذي يقضي منذ انطلاق الاحتجاجات قبل ثمانية عشر يوما، بحسب حصيلة اعدتها وكالة فرانس برس.   ففي 31 كانون الاول/ديسمبر الماضي توفي شوقي الحيدري (43 سنة) متأثرا بجروحه اثر اصابته بالرصاص خلال المواجهات العنيفة التي وقعت في 24 كانون الاول/ديسمبر في منزل بوزيان التي تبعد ستين كلم عن سيدي بوزيد، كما اعلن شقيقه بشير الحيدري. كما توفي متظاهر اخر يدعى محمد العمري (25 سنة) وهو جامعي قضى خلال نفس التظاهرة برصاصتين في الصدر. كذلك توفي حسين ناجي (24 عاما) اثر اصابته بصدمة كهربائية امام مقر البلدية في سيدي بوزيد. ورجحت مصادر نقابية ان تكون وفاته ناجمة عن عملية انتحار. واكد مصدر حكومي وفاة الشاب من دون تأكيد هذه الفرضية.   كما تسببت الاحتجاجات في اقالة محافظ ولاية سيدي بوزيد وتعيين محافظ جديد مكانه، وذلك غداة تعديل وزاري اطاح ايضا بوزير الاتصال الذي تعرض لانتقادات شديدة على خلفية المعالجة الاعلامية للاحداث.   غير ان الحزب الديمقراطي التقدمي (معارض مرخص له) دعا الاربعاء الى « حل وزارة الاتصال » التي « ترمز الى الخلط بين النشاط الحكومي والقطاع العمومي للاعلام الذي تعود ادارته الى المجتمع بكافة هيئاته في كنف الموضوعية والحياد والتعدد ». ودعا الحزب الى « التشاور عاجلا مع كافة هيئات المجتمع المدني والاحزاب السياسية بهدف بعث هيئة مستقلة للاعلام ».   وازاء التشنج الذي تشهده البلاد على خلفية معدلات البطالة المرتفعة وغلاء المعيشة والشعور بالتهميش في بعض المناطق المحرومة، اكد الرئيس التونسي زين العابدين بن علي في خطاب لمناسبة العام الجديد على « التوجه لمزيد من الاحاطة للفئات الضعيفة وذات الاحتياجات الخصوصية ». كما اكد الرئيس على « تسريع نسق النمو بالمعتمديات التي تحظى باولوية خاصة »، مشددا على دعم « برامج التشغيل واحداث موارد الرزق لفائدة حاملي الشهادات العليا خاصة ».   (المصدر: وكالة فرانس برس بتاريخ 5 جانفي 2011)


انطفاء الشرارة التي أشعلت اللهب الاربعاء 5 كانون الثاني (يناير) 2011


د.منصف المرزوقي
 
توفي محمد البوعزيزي الشاب الذي كان انتحاره بالنار منطلق الأحداث التي عرفتها تونس وكل التطورات التي ستنجرّ عنها. ماذا نقول لروح محمد بوعزيزي الذي فتح بابا كنا نظنه موصدا ؟
واحسرتاه عليك أيها الحبيب ، كم كنا نودّ أن نراك تعيش في بلدك حرا كريما مرفوع الرأس… كم كنا نودّ حضور زفافك وختان أطفالك تربيهم على قيم الجمال والحق والخير ؟ كم كنا نودّ الا تنتهي هذه النهاية الفظيعة …كم كنا نودّ ألا يستعملك الدكتاتور حتى وأنت على أهبة الموت يزورك ومعه لتلفزيون بزيه المدني الملئ بالجراثيم والحال أن أقسام المحروقين لا تزار إلا وفق أقسى التراتيب الصحية ومنها لبس الثياب المعقمة ، لكن الرجل الذي سرق حياتك أراد أن يوظف موتك لا يهمه من موتك أو حياتك شيئا…كم نخجل من أنفسنا لأننا لم نستطع ثنيك عن القرار الرهيب لتعيش لتونس لا لتموت من أجلها…رحمك الله رحمة واسعة وترفق بأهلك وذويك في هذه اللحظة الرهيبة
والآن ما الذي سيذكره التاريخ من هذا الشاب ؟
أنه كان الشرارة التي انطلق منها الحريق الذي ربما سيخرج من حدود تونس.
السؤال لمن لا زال له عقل يفكر به من داخل الطغم الحاكمة في تونس و الوطن العربي . لماذا انتشر الحريق بهذه السرعة ؟ السبب بسيط لا تنتشر النار إلا إذا كانت كل الظروف مهيّأة ومنها حرارة الجو وكثرة و تراكم أكداس الحطب الجاف . وفّر الأغبياء الخطرون الذين يحكموننا كل الحطب الجاف. لم يبق إلا الشرارة وهذه وفّرها من جسده شاب اسمه محمد البوعزيزي. عبثا يريدون إخماد النار بسيل جديد من الوعود والتهديدات والأكاذيب. لا أحد يصدقهم لا أحد يحترمهم ، وخاصة لا أحد يخشاهم الطريق المفتوح الوحيد أمامهم هو الرحيل.لتعود لتونس بسمتها ولتتغلب عند الشباب رغبة الحياة على إغراء الفناء .


الشابة: انتحار آخر والاحتجاجات مستمرة وكذلك أساليب الترهيب


محمد سليمان كهل عمره 52 سنة له 3 أبناء اثنين منهم من أصحاب الشهادات العاطلين. أصبحت حياته جحيما بسبب البطالة والخصاصة فأقدم على الانتحار اليوم 4 جانفي في ضواحي مدينة الشابة. عم محمد الذي كان يعمل في حظائر البناء أقعده مرض الكلى وعجز عن توفير نفقات العلاج ففضل الرحيل في وقت حرج للجميع. انتشر خبر انتحار عم محمد شنقا في المدينة وسارع كل من معتمد الشابة ومسؤولة في الحزب الحاكم لزيارة العائلة ولاما أبنائه على عدم الاتصال بالمعتمدية لعرض وضعيتهم ووعداها بتقديم المساعدات. هذا ويؤكد بعض أقرباء عم محمد أنه اتصل بالمعتمد في العديد من المرات لعرض ملف حالته لكن المعتمد تجاهل مطالبه وقدم له بعض الوعود الزائفة.
مرة أخرى يستعمل النظام الحاكم الأسلوب الخطأ في التعامل مع الأحداث فقد تحركت سيدي بوزيد فوعد بن علي بمبلغ 15 مليون فرنك أي ما يعادل مرتب موظف في سويسرا لمدة شهر في حين أنه ينفق على طائرته الخاصة أضعافا مضاعفة لهذا المبلغ. وحرق البوعزيزي نفسه فوعدت السلطة بالمساعدة وحاول شاب الانتحار بتالة فوعدوه بالشغل حتى يعدل عن خطته وحتى لا تستفحل الأمور أكثر من ذلك. وعلق صديقي ناقل الخبر قائلا: « إن أفضل طريقة للمطالبة بالشغل أو المساعدة هي الانتحار أو التهديد به ». وإن كان ذلك صحيحا، فكيف ستكون تنمية المناطق؟ هل عبر تنظيم انتحار جماعي ؟
وفي هذا الوقت نظم تلاميذ معهد أبو القاسم الشابي إضرابا عن الدراسة ووقفة احتجاجية لمدة ساعة. هذا وتقوم جميلة ابراهيم عضوة لجنة مركزية بالتجمع صحبة بعض النساء بزيارات لمنازل الأولياء لثني أبنائهم عن التحرك على خلفية أحداث سيدي بوزيد داخل المعاهد.
كما قالت لأحد الاولياء: » إذا لم تستطع التحكم في ابنك وتتصرف معه فإننا نعرف كيف نتعامل معه ونربيه » . ومن جهة أخرى، يقوم حسين حميدة كاتب عام جامعة دستورية بممارسة الضغط  على أولياء التلاميذ بتعلة أن أبناءهم سيطردون من المعاهد إن واصلوا الاحتجاجات.
ويقوم نجيب بوزرارة معتمد الشابة، وهو حرس رئيسي سابق، بدعوة الأولياء إلى مقر المعتمدية ويعلمهم أن أبنائهم يتعرضون إلى عملية غسل دماغ من قبل فئة ضالة ويقوم بالضغط على الأولاد لكي يسحبوا بطاقة انخراطهم ويقدموا استقالتهم إن كانوا منتسبين لأحزاب مثل الحزب الديمقراطي التقدمي.

وأما مدير المعهد، الناصر المكشر، فيقوم بالاتصال بالأولياء عند تنظيم أي تحرك في المعهد ويقول للولي: تحدث مع ابنك واطلب منه أن يبتعد وألا يشارك في الاحتجاجات. وقد تفاجأ العديد من أولياء الأمور من اتصالات المدير الذي يؤكد خلالها أن أبناءهم يقومون بالاحتجاجات في الوقت الذي يتواجدون فيه في بيوتهم ومع أهاليهم أي أنه هناك تجن واضح وقلب للحقائق لبث البلبلة وعدم الثقة بين التلاميذ وأوليائهم.
وفي قصور الساف المجاورة، منع التلاميذ من الخروج للشارع فأعلنوا الإضراب عن الدراسة لمدة يوم كامل. أما في مدينة السواسي القريبة، فقد أقدم المعتمد عبد الكريم الزرق على إهانة معلمي المدرسة الابتدائية ابن خلدون وأشبعهم كلاما بذيئا وأهان بشكل خاص امرأة محجبة واصفا إياها بعبارات نابية وغير لائقة وذلك بعد أن رفض المعلمون تدخل المعتمد لصالح أحد أقاربه وتجاوز صلاحياته فنظموا اعتصاما.  أنور الغربي أصيل مدينة الشابة ومقيم في جنيف

محاولتة انتحار حرقا في مدينة المتلوي


 
جانفي 2011- س 17+20 دق : بعد محاولته الانتحار حرقا وصل الآن(أمس مساء) شاب محترق الى المستشفى الجهوي بقفصة قادما من مدينة المتلوّي.
 
(المصدر:موقع الوسط التونسية(ميونخ-ألمانيا) بتاريخ 5 جانفي 2011)

منزل بوزيان …اضراب بيوم كامل احتجاجا على انتهاك حرمة المؤسسة التربوية


بعد اقدام  عناصر من الامن  يوم امس اقتحام المدرسة الاعدادية  بمنزل بوزيان  واستفزاز التلاميذ والاطار التربوي  قرر المكتب التنفيذي  للاتحاد المحلي للشغل بمنزل بوزيان وبعد التشاور  مع النقابات الاساسية للتعليم الثانوي  والارشاد والتاطير التربوي  وعملة التربية  تنفيذ اضراب احتجاجي كامل  اليوم الاربعاء 05 /01 / 2011 في كامل المؤسسات  التربوية للتعليم الثانوي والاعدادي  بمنزل بوزيان مراسلة خاصة  بالمرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية — المرصد التونسي للحقوق و الحريات النقابية Observatoire tunisien des droits et des libertés syndicaux


الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف منظمة حقوقية مستقلة 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 27 محرم 1432 الموافق ل 05 جانفي 2011

أخبار الحريات في تونس


1) قرصنة صفحة الأستاذة سعيدة العكرمي ونشر بيان زائف:
تعرضت صفحة الأستاذة سعيدة العكرمي عضو الهيئة الوطنية للمحامين بتونس وعضو الهيئة المديرة للجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين على الفايسبوك إلى القرصنة كما استهدف بريدها الالكتروني بحيث لم تعد تديره، وقد نسب إليها بيان زائف يدعو إلى مقاطعة إضراب المحامين يوم غد الخميس 06 جانفي 2011 الذي دعت له الهيئة الوطنية للمحامين.
2)توسع دائرة التحركات التلمذية والطلابية:
شهدت اليوم الأربعاء 05 جانفي 2011 عدة مناطق من البلاد تحركات تلمذية وطلابية تضامنا مع أهالي سيدي بوزيد وللمطالبة بالحق في الشغل، وقد بلغ الأمر في مدينة تالة حد حصول مواجهات بين المتظاهرين وقوات الشرطة التي استعملت خراطيم المياه والقنابل المسيلة للدموع وقامت بحملات اعتقال ومداهمات طالت العشرات من الشبان.
3)الحكم بالسجن مع تأجيل التنفيذ ضد مجموعة بنبلة:
قضت محكمة تونس نهار اليوم الأربعاء 05 جانفي 2011 بالسجن ما بين ستة وثلاثة أشهر مع تأجيل التنفيذ ضد كل من سفيان بن أحمد تومية وسفيان بوعطي وفيصل بن عائشة وحمزة قزميل أصيلي مدينة بنبلة ولاية المنستير من أجل تهمة عقد اجتماع بدون رخصة.

4) حرمان السجين زياد بن مفتاح من حقه في الحصول على نظارات طبية:

دخل سجين الرأي الشاب زياد بن مبروك بن مفتاح المعتقل حاليا بسجن صواف في إضراب مفتوح عن الطعام للاحتجاج على حرمانه من حقه في الحصول على نظارات طبية باعتبار أنه مصاب بنقص حاد في النظر، وكذلك للمطالبة بحقه في الزيارة المباشرة خاصة وأنه لم يتمتع بهذا الحق منذ دخوله السجن، حيث قضى الآن عاما وثمانية أشهر من حكم صادر بسجنه مدة ثلاثة أعوام.   عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري


اللجنة الوطنية لمساندة اهالي الحوض المنجمي 5 جانفي 2011 بيان بمناسبة الذكرى الثالثة لانطلاق احتجاجات الحوض المنجمي  


تمرّ اليوم الذكرى الثالثة لانطلاق الاحتجاجات السلمية بمنطقة الحوض ألمنجمي في 5 جانفي 2008. وان كان السبب المباشر عدم الرضا على نتائج مناظرة شركة فسفاط قفصة، أهم مشغّل في الجهة لأنها تميّزت بالمحسوبية و القبلية وغياب الشفافية، فان الأسباب الحقيقية التي كانت وراء الأحداث هي البطالة  العالية، خاصة ضمن أصحاب الشهائد العليا و الفقر وغياب التوازن الجهوي، رغم المساهمة الكبيرة للجهة في الاقتصاد الوطني عبر الثروة الفسفاطية. ولان  الحركة كانت مؤطرة من قيادات نقابية اختارت الحوار مع السلطة  أسلوبا  من اجل إيجاد الحلول الممكنة ، فإنها لم تخرج عن السيطرة خلال عدة أشهر وقلما تخطت طابعها  الاجتماعي والسلمي. الا أن السلطة اختارت أسلوب التصعيد والعنف ، فجابهت المحتجين بالرصاص الحي الذي خلّف الشهداء والجرحى وزجّت بالقيادات النقابية في السجن وأصدرت إحكاما قاسية ضدّهم، وحتى بعد خروجهم من السجن بمقتضى السراح الشرطي منذ ما يزيد عن سنة ، فإنهم لم يعودوا الى سالف عملهم، مما يعني عدم استعداد السلطة لغلق ملف الأحداث في المنطقة.

الى ذلك لازال الفاهم بوكدوس الذي نقل الاحداث في الحوض المنجمي لقناة الحوار التونسي وحسن بنعبدالله الذي ساهم في تكوين جمعية محلية للمطالبة بالحق في الشغل رهن الاعتقال بأحكام قاسية فاقت أربع سنوات. ويلاحق الناشط الحقوقي بالمهجر محي الدين شربيب بسنتين سجنا  من اجل مساندته للحركة. كما أوقف اخيرا الناشط السياسي عمار عمروسية و عدد من الشبان على خلفية احتجاجات أخرى وقعت أخيرا بالجهة.
والآن  تخوض القيادات النقابية  المسرّحة اعتصاما مفتوحا بدار الاتحاد المحلي بالرديف ، مطالبة بغلق ملف المحاكمات والمضايقات والإيقافات وبحق الجهة في التنمية.
وبهذه المناسبة ، تجدد اللجنة الوطنية مطالبها التي رفعتها منذ سنوات وهي: – إطلاق سراح كل المسجونين والموقوفين والملاحقين من النشطاء – إرجاع كل المسرحين الى سالف عملهم وتشغيل المعطلين منهم ، ورفع التضييق على غزالة المحمدي وزكية الضيفاوي وإرجاعهما الى وظائفهما السابقة. – – التخلي عن أسلوب المحاكمات والإيقافات والعنف ضذّ النشطاء بالجهة وإرساء حوار سياسي معهم من اجل رفع الاحتقان و تنمية الجهة والحدّ من مظاهر الفقر والبطالة.
اللجنة الوطنية لمساندة اهالي الحوض المنجمي  


 خبر عاجل هام جدا :/ ألمانيا في 5 جانفي 2011                         

من هنا مر سمير لعبيدى « وزير » الإتصال الجديد   قمع إلكتروني:


 ذكرت العديد من المصادر الحقوقية العاملة داخل الوطن منذ حين أن الأجهزة السرية للجنرال بن على قامت بإختراق الصفحة الشخصية  على شبكة الفيسبوك الراجعة بالنظر إلى الأستاذة المحامية الأخت سعيدة العكرمي بحيث لم تعد قادرة على التحكم في حسابها أوفي مراقبة ما ينشر في صفحتها و هو ما ساعد الأجهزة السرية للجنرال بن على  على تمرير معلومة خطيرة و عارية عن الصحة تماما تتمثل في الدعوة  » المزعومة  » إلى إلغاء إضراب المحامين في كامل تراب الجمهورية والمقرر تنفيذه طيلة يوم غد 6 جانفي 2011  بطريقة خبيثة توحى لمن يقرأ الخبر بأن الأستاذة الفاضلة سعيدة العكرمي تسعى إلى  » تكسير  » الإضراب  و هو ما نفته المصادر آنفة الذكر بالكامل حيث تؤكد  الأستاذة سعيدة بأنها كانت و مازالت و ستبقى منخرطة بالكامل في الدفاع عن قضايا الحريات العامة و عن  هيبة المحامي و عن كرامة الشعب خاصة في ظل إنتفاضته المباركة التى جمعت بين كل أبناء الشعب في صف واحد و وراء مطالب واحدة كما تؤكد للمرة الألف تمسكها المبدئي بالدعوة إلى الإضراب طيلة يوم الغد الخميس 6 جانفي 2011  وتدعو كل أبناء القطاع إلى الإنخراط فيه  و إنجاحه و تنبه  في نفس الوقت  كل الزملاء و الزميلات  إلى ما يمكن أن يتسرب من إشاعات من هنا وهناك القصد منها إرباك  التلاحم التاريخي بين قطاع المحاماة و أوسع عموم الشعب .
عاشت المحاماة حرة ومستقلة عاش نضال شعبنا في الكرامة و الخبز والحرية و الهوية .
 نقل الخبر وتابعه : أ / رافع القارصي / ألمانيا  


سعي لإفشال إضراب المحامين يوم الخميس


حرر من قبل التحرير في الثلاثاء, 04. جانفي 2011 بعد أن أعلنت الهيئة الوطنية للمحامين ـ التي اجتمعت يوم الإثنين 3 جانفي لاتخاذ موقف من الإعتداءات التي تعرض لها المحامون المتضامنون ـ عن الإضراب في كامل البلاد ومقاطعة كل جلسات يوم 6 جانفي الجاري، علمنا أن التجمع الحاكم نظم اجتماعا للمحامين التجمعيين بدار الحزب أشرف عليه الأمين العام للتجمع محمد الغرياني الذي صرح للمحامين بأنه وقعت تجاوزات من قبل عناصر الأمن في التعامل مع المحامين المحتجين، وكان بعض المحامين التجمعيين قد تعرضوا للإعتداء إلى جانب عدد آخر من المحامين وجاء اجتماع الأمين العام للحزب بالمحامين في إطار السعي لإفشال الإضراب الذي أعلنت عنه هيئة المحامين.
وذكرت مصادرنا أن اجتماعا تمّ بين عميد المحامين عبد الرزاق الكيلاني مع الوكيل العام والرئيس الأول لمحكمة الإستئناف ورئيس المحكمة الإبتدائية بتونس ووكيل الجمهورية وقد طلبوا منه أن يكون التحرك القادم للمحامين دون شعارات.
كما علمنا أن وزير العدل اتصل بعميد المحامين وأعلمه بأن الرئيس يريد مقابلته، وهي الخطوة التي أفادت مصادرنا بأنها تأتي للضغط على العميد من أجل التهدئة.
وتتوقع مصادر من قطاع المحامين أن تكون استجابة واسعة من المحامين للإضراب. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 04 جانفي 2011)

حزب العمال الشيوعي التونسي ينعى محمّد البوعزيزي : استشهد أعزّ الشباب!!

« إن لم أحترق إن لم تحترق إن لم نحترق فمن يضيء الطريق »
شعر ناظم حكمت

مات محمّد البوعزيزي متأثّرا بحروقه و »حروق » شباب تونس وشعبها الكادح والمفقّر.
مات محمّد البوعزيزي الذي قدّم نفسه ذات يوم من أيّام ديسمبر الماضي قربانا لهذا الشباب ولهذا الشعب كي ينهض ضدّ الظلم والفقر والفساد والاستبداد.
مات محمّد تاركا وراءه شبابا وشعبا غير اللذين كانا قبل احتراقه!! شبابا وشعبا يرسمان طريق الخلاص وعازمين على عدم الرجوع إلى الوراء، على الخروج نهائيا من النفق المظلم الذي رمت بهما فيه الدكتاتوريّة النوفمبرية الغاشمة. إنّ شباب تونس وشعبها لن يخذلا محمّد البوعزيزي، الجندي المجهول الذي أصبح اليوم اسمه على كلّ الأفواه والذي سيظلّ احتراقه عالقا بالأذهان باعتباره الشرارة التي فجّرت الانتفاضة التي أعلنت بداية سقوط الطغيان.  
إنه سيظلّ اللعنة التي تتابع هذا النظام الغاشم إلى يوم زواله…
إنّ حزب العمّال لا يعزّي عائلة البوعزيزي في فقدانه فحسب بل كافة شباب تونس وشعبها… وهو يقدّم عهدا إلى محمّد البوعزيزي وإلى شباب تونس وشعبها بمواصلة المسيرة حتّى اليوم الذي ينكسر فيه القيد وتنجلي فيه الغمّة وتشرق شمس الحرّيّة على تونس.
وداعا يا محمّد وداعا يا محمّد وداعا يا محمّد حزب العمّال الشيوعي التونسي 5 جانفي 2011


إتحاد أصحاب الشهادات المُعطلين عن العمل تعزيــــة

تونس في 06 جانفي 2011  


ببالغ الأسى و الحسرة شيّع الآلاف من نساء و شباب بوزيد الأبية الشهيد محمد البوعزيزي .. بالدموع والزغاريد رافق ألاف من متساكني سيدي بوزيد جثمان محمد إلى مثواه الأخير.. بالشعارات المندّدة بالفساد و المطالبة بمحاسبة المُتسببين في إقدام محمد على إضرام النار في جسده المنهك بالبطالة و الخصاصة و الفقر جاب المُشيّعون شوارع سيدي بوزيد. بتحدّ للآلاف من قوات القمع التي حاصرت الجنازة، عبّر الأهالي عن سخطهم و غضبهم من خيارات تنموية فاشلة. إن اتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل يقدم تعازيه الحارة لأهالي محمد البوعزيزي  الذي احترق كي ينير طريق الآلاف من المعطلين للنضال من أجل الشغل و الحرية و الكرامة الوطنية لن يكلفنا النضال أكثر مما كلفنا الصمت إتحاد أصحاب الشهادات المُعطلين عن العمل u.d.chomeurs@gmail.com  


بــــــــلاغ صحـــــــفي  


أجرى رئيس الدولة تحويرا وزاريا ثانيا في بحر أسبوع عين بموجبه وزير الاتصال السيد سمير العبيدي ناطقا رسميا باسم الحكومة ويهمنا بهذه المناسبة أن نوضح ما يلي:

1/ أن تغيير وزير الاتصال على خلفية إخفاق النظام الإعلامي في تغطية الأحداث الجارية في بلادنا لم يأت بأي جديد في المشهد الإعلامي التونسي الذي استمر في تجاهل الاحتجاجات الاجتماعية التي ما فتئت تتطور في مختلف ولايات البلاد كما استمر في إقصاء الرأي المخالف والبحث عن كبش فداء باتهام القنوات الخارجية وخاصة منها قناة الجزيرة بالتحريض على الشغب والأطراف السياسية التونسية وخاصة منها حزبنا، الحزب الديمقراطي التقدمي، بالتوظيف السياسي للإحداث.
2/ أن تعيين وزير الاتصال ناطقا رسميا باسم الحكومة يكشف عن الخلط الخطير بين القطاع العمومي للإعلام والنشاط الحكومي الذي لا يشكل سوى طرفا في الحياة السياسية وقد دأبت جميع الدساتير ومنها الدستور الألماني وكافة القوانين المنظمة للقطاع العام للإعلام ومنها القانون الفرنسي على التشديد على  استقلالية القطاع العام للإعلام عن الحكومة والدولة وعلى أن وظيفة الإعلام هي تعزيز الديمقراطية وتجسيد التعددية الفكرية والسياسية للمجتمع وتأمين حرية التعبير والتوازن بين الحصص المخصصة للحكومة ولرئيس الجمهورية من جهة والحصص المخصصة للمعارضة ولكافة ألوان الطيف الثقافي والاجتماعي من جهة أخرى.
لذا فإن الحزب الديمقراطي التقدمي إذ يذكر بمطالبه العاجلة المتمثلة في سحب قوات مكافحة الشغب من داخل المدن وفتح حوار مع ممثلي الشباب العاطل عن العمل في الجهات وإطلاق سراح جميع المعتقلين وإيقاف كل التتبعات الجارية ضدهم وخاصة ضد:
– الأستاذ عطية العثموني عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي والناطق باسم لجنة دعم أهالي سيدي بوزيد – وضد السيد عمار عمروسية القيادي بحزب العمال الشيوعي التونسي ومسؤول مكتب الشاب الديمقراطي التقدمي وائل بوزيان اللذين فتح في شأنهما تحقيق جنائي بسبب نشاطهما الاجتماعي بمدينة قفصة – وضد معتقلي أم العرايس الثلاث الذين أحيلوا على التحقيق بتهم جنائية  – وكذلك ضد حفناوي بن عثمان وعبيد الخليفي من قدماء مساجين الحوض المنجمي اللذين أحيلا بحالة فرار ب    تهم جناحية رفقة ثلاثة موقوفين آخرين.  إن الحزب الديمقراطي التقدمي إذ يذكر بهذه المطالب العاجلة   فهو يدعو رئيس الدولة إلى: – حل وزارة الاتصال التي ترمز إلى الخلط بين النشاط الحكومي والقطاع العمومي للإعلام الذي تعود إدارته إلى المجتمع بكافة هيئاته السياسية والمدنية في كنف الموضوعية والحياد والتعدد – حل المجلس الأعلى للاتصال الحالي والفاقد لكل دور والتشاور عاجلا مع كافة هيئات المجتمع المدني والأحزاب السياسية قصد بعث هيئة مستقلة للإعلام تشارك فيها كافة الأطراف السياسية والاجتماعية والثقافية وترأسها شخصية وطنية لا يرقى الشك إلى نزاهتها واستقلالها وكفاءتها. تونس في 5 جانفي 2011 الأمينة العامة مية الجريبي


رسالة من اللجنة الجهوية  لمساندة الأهالي في سيدي بوزيد  ببنزرت

بنزرت في 05 جانفي 2011  


تحية نقابية الأخوة الكتّاب العامّون النقابة الجهوية للتعليم الثانوي ببنزرت                                                                                       النقابة الجهوية للتعليم الأساسي ببنزرت                                                                                       الفرع الجامعي للتأطير و الإرشاد بنزرت                                                                                     الفرع الجامعي لعملة التربية بنزرت                                                                                            تضامنا مع أهالينا في سيدي بوزيد من أجل حقهم في التشغيل و التنمية  و مساندة لنضالاتهم المشروعة تقترح اللجنة الجهوية لمساندة الأهالي في سيدي بوزيد- ببنزرت-  على قطاعات التعليم الثانوي و الأساسي و التأطير و الإرشاد و عملة التربية وقفة احتجاجية بنصف ساعة يوم الأربعاء 12 فيفري 2011 مساندة لأهالينا في سيدي بوزيد  الذين ينجزون إضرابا جهويا كامل اليوم المذكور. عاشت نضالات شعبنا عاش الاتحاد العام التونسي للشغل مساندا و مناصرا لقضايا الشعوب   عن اللجنة الجهوية لمساندة الأهالي في سيدي بوزيد المنسق                          

الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس International Campaign for Human Rights in Tunisia icfhrt@yahoo.com Tel: (0044) 2084233070- 7903274826

دعوة للإعتصام أمام السفارة التونسية في لندن

بمناسبة اليوم العالمي لدعم الإنتفاضة في تونس تدعو الحملة الدولية لحقوق الانسان بتونس أبناء الجالية التونسية في بريطانيا للمشاركة في الإعتصام أمام السفارة التونسية في لندن وذلك يوم غد الخميس 6 جانفي بداية من الساعة الخامسة ونصف مساء الى الساعة السابعة مساء
 
الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس علي بن عرفة لندن 5 جانفي 2011  


رسائل د. منصف المرزوقي الى الشعب التونسي:تشخيص الشعب للدّاء


 
 
السلسلة الثالثة : من أجل توسع المقاومة المدنية

الحلقة الرابعة : تشخيص الشعب للدّاء

انجاح المقاومة يتطلب أولا دقة في تشخيص الداء، وهو ما أبدع التونسيون في فعله، وتبين ذلك بجلاء في الشعارات التي رفعوها بكل تلقائية في مختلف المظاهرات التي نظموها. انظروا الى دقة الشعار المركزي للتحركات « التشغيل استحقاق يا عصابة السرّاق » .. حيث فيه ادراك مثير للدهشة لطبيعة السلطة التونسية .. وهو ادراك لم يصل اليه العديد من « مثقفي » البلاد ونخبها المعارضة .. نعم انها « عصابة سراق » ومصير مثل هذه العصابة هو إما السجن أو الهرب .. انظروا أيضا لهذا الشعار الرائع « يا مواطن ايجى شوف الارهاب بالمكشوف » الذي يعكس ادراكا خارقا لخارطة الارهاب في وطننا .. الارهاب في بلادنا هو ما يمارسه تحالف الفساد والاستبداد تجاه شعبنا الأعزل .. ويقدم شعبنا تصوره الموفق للحل في هذا الشعار الواضح « المسيرة مستمرة وبن علي على برّه » .. نعم أيها الشعب الكريم .. لقد عرفتم طبيعة النظام وعرفتم خارطة الطريق .. فمزيدا من الثبات والصمود والتضامن حتى تكلل المسيرة المظفرة برحيل عصابة السراق ومافيا الفساد عن بلادنا ..  


ثورة سيدي بوزيد كما أراها

  


                                            بقلم أم زياد   (2) بنو أنف الناقة لم يعودوا أذنابا   ما ناخذ كان الهمَامي.. من الصَغرة في العرْكة دامي كيَلتو جا قد حزامي كمَلتو بالمحرما.. بالله يا العين السَودة خبَرني واش الحالا..   هكذا كانت  » الغنَاية  » تغنَي في سيدي بوزيد ، ولكن  » الهمَامي  » لم يعد يجد نفسه في هذه الصَورة .. أي نعم ما يزال طول القامة يغلب على الهمامَة .. ولكن قدرتهم على العراك صار فيها نظر .
تربطني بسيدي بوزيد علاقة وطيدة عمرها أكثر من أربعين سنة وللوهلة الأولى شعرت بأن هذه الجهة الطيَبة حقَا مظلومة ، مظلومة في بلد كلَه مظلوم .
أحد الشبَان المتظاهرين الذين التقيتهم في سيدي بوزيد قال لي « لا تقولي مظلومة فكلمة الظلم قليلة علينا يا سيدتي، إن الكلمة المناسبة لوصف حالنا هي  » الضَيْم « .. ليكن.. الضَيم.
ليس خافيا على أحد أن جهة سيدي بوزيد التي ساهمت في حركة الإستقلال مساهمة باهرة حُرمت حرمانا مُجحفا من ثمراته : بُطأُُ سُلحفاتي وتلكَأ في إقامة البنية التحتية وأغلب ما أقيم منها لا يتعدَى  » الماكياج  » وتجميل الواجهة .. ما تزال بوزيد عرضة للدَمار الشامل بسبب الفيضانات ويقول العارفون إن السَاتر الترابي الذي أقيم لوقايتها من مياه  » وادي الفكَة  » و  » سارق الذيبة  » بعد فيضانات 1990 التي حصدت أرواحا كثيرة غيرُ مُجد بل هو خطر إضافي لأنه سيُجمَع المياه التي سوف تنفلت منه بقوَة أكبر على التدمير.. ولا حديث لأهل سيدي بوزيد في هذا الباب إلاَ على ما كان من تمييز بعد الفيضانات المذكورة بين  » بوزيد  » وجارتها صفاقس التي حُميت حماية حقيقية ونهائية من أخطار السَيول .
الطريق إلى بوزيد ما تزال ـ رغم بعض الترقيعات ـ طريقا خطرة وقاتلة ولا تليق لا بعدد السكَان ولا بنشاط جهة فلاحية تحتاج إلى المسالك الفلاحية وإلى الطرقات لنقل منتوجها .
الصحَة في بوزيد ظلَت لعقود ـ ولا تزال ـ متروكة لأقدار ربَ العالمين ولم ينس أحد إلى الآن قصَة المستشفى الجهوي الذي بُني وظلَ مقفلا لسنوات بسبب أخطاء جوهرية في البناء ارتكبها المقاول الدستوري الذي ظفر  » بالمناقصة  » .. اليوم فُتح المستشفى ولكن المرضى ما يزالون يموتون فيه بسبب انعدام الكفاءة وقلَة الرَعاية ونقص المعدَات وغياب الرَقابة .
وإحقاقا للحق وحتى لا نذكر غير السلبيات ـ كما يريد برهان بسيَس ـ فإن الدولة بذلت مجهودا كبيرا للقضاء على ظاهرة وفاة الأهالي نتيجة لدغ العقارب وقد ذهبت الدولة في هذا المجهود إلى حدَ إقامة شبه مهرجان للعقرب تُدفع فيه  » حوافز  » مالية وعينية للأهالي الذين يصطادون العقارب ( كلَ بحسب عدد عقاربه ) وتُقام فيه الأفراح وتُذبح الذَبائح ويحضره المسؤولون .. وقد روى لي صديق أن أحد المعتمدين حضر هذا المهرجان وذُبحت له ذبيحة من جنس البقر وأنه ( أي المعتمد المحتفل بالعقرب ) أكل من لحم البقرة حتى شبع ثم حمل باقي اللحم إلى بيته ، وأنه ( أي المعتمد آكل لحم البقر وحامله إلى بيته ) انتبه عند وصوله إلى كون رأس البقرة ناقصا فأدار مقود سيارته وعاد أدراجه وطالب بحقَه في الرأس باعتباره هو نفسه رأسا ، واستردَ حقَه .  

ولاية سيدي بوزيد ضرع حلوب لأغلب المسؤولين الذين تقلَدوا فيها مناصب سياسية أو إدارية ، فأهل هذه الجهة كرماء من تلقاء أنفسهم ورغم أنوفهم في الأغلب ما داموا لا يتَصلون بحقوقهم إلاَ بدفع « المعلوم  » وإن حكايات كثيرة تُروى عن عدد الولاة الذين أثروا من سيدي بوزيد وبنوا منها الفيلات والقصور ، ولا حديث في سيدي بوزيد في هذه الأيام المضطربة إلاَ عن الوالي السابق للوالي الذي تمَ عزله مؤخرا ( والوالي السابق ـ بالمناسبة ـ من أقرباء وزير الداخلية ) وعن حبَه المال حبَا جمَا وقيل لي إن الشكاوى منه إلى الجهات المسؤولة كثرت وإن قرابته المذكورة قد تكون حالت دون أخذ الشكايات المذكورة بعين الإعتبار .
والآخر .. إقترض من أحد أثرياء الجهة مبالغ ضخمة عجز الثريَ عن استرجاعها باللين ولمَا احترق دمه على ماله الضائع واحتار في كيفية استرداده لجأ إلى  » عزَام  » فقال له  » العزَام  » دون سابق علم بالموضوع :  » فلوسك في كرش حنش عفريت ما تنفعش معلاه عزيمة  » فأسلم المسكين أمره إلى الله وفضَل النجاة بجلده من عضَة  » العفريت  » .  
مما يجب أن نعترف به هو أن الوازع الجهوي ما يزال فاعلا في تونس إلى يومنا هذا وأن كثيرا من الجهات تطوًَرت بفضل تعيين أبنائها في مناصب حكومية ، وسيدي بوزيد ليست من الجهات الموزَرة ( بفتح الزاي ) ولم تحصل في تاريخ دولة الإستقلال إلاَ على ولاة ومعتمدين و » رمعات  » سمَيتهم  » في إحدى مقالاتي في جريدة  » الرأي  » وزير مصرَف  » ، والوزير الوحيد الذي ظفرت به الجهة لا يذكر له أهلها أي تدخَل لفائدتها ( ربَما لأنه مؤمن بأن الوزارة مسؤولية وطنية يجب أن تنأى بنفسها عن الجهويات وإن كان ذلك كذلك فهو الوزير الوحيد في ذلك).
وفي مقابل ندرة الوزراء والمسؤولين الكبار الذين يُتخذون من أصيلي بوزيد فإننا نجد الدولة تُكثر بل تبالغ في تعيينهم بمختلف أسلاك الأمن من شرطة وحرس وطني وغيرهما ، وقد ذكرت لي بعض المصادر الجديرة بالثقة أن السلطة المركزية تخوَفت كثيرا من هذا الأمر في المدة الأخيرة وأعطت تعليمات بتجنَب إرسال أصيلي الجهة ضمن التعزيزات الأمنية التي أرسلت لقمع المتظاهرين .
لقد كانت في بورقيبة جهوية مقيتة لا تكاد تخفى وكان فيه ميل مستهجن لآحتقار  » الأعراب  » واستخفاف بكل ما يطبع شخصيتهم ، وفي وقت من الأوقات جرَد بوقيبة سيدي بوزيد حتى من إسمها فسمَاها  » قمودة  » ولم يُعِد بورقيبة إلى سيدي بوزيد إسمها الأصلي إلاَ بعد رجاء حارَ من بعض أعيانها فعُدَ ذلك نعمة رئاسية كبيرة أنعم بها بورقيبة على سيدي بوزيد .
بن علي زار سيدي بوزيد مرَتين في 23 سنة من حكمه ولا يذكر الأهالي من هاتين الزيارنتين إلاَ أنهم حُبسوا في بيوتهم ومُنعوا من الخروج منها حتى لشراء الخبز وقد سمعتُ من بعض الأعيان الحاضرين خلال الزيارة الثانية أن  » الجماهير الشعبية  » التي كانت في استقبال بن علي في سيدي بوزيد كانت من خارج الجهة.. أما ذلك النائب المعارض الذي كان ينتمي إلى حزب كرتوني فيذكر من الزيارة الثانية إقصاءه من حضور المجلس الجهوي الممتاز ( رغم أنه عضو قارَ فيه بموجب القانون ) ربَما خشية أن يُزعج الرئيس بمطالب الجهة واحتياجاتها وهو الذي جاء ليسمع أن بوزيد بخير ولا ينقصها إلاَ رؤية وجهه الكريم .. والمهم أن شيئا لم يتغيَر بعد الزيارتين ما عدا مقام  » سيدي علي السايح  » التي أدخلت عليه تحسينات كبيرة من حرَ مال الرئيس، فيما يُقال، وقد صار لهذا الوليَ شعبة دستورية تحمل إسمه.. فالتجمَع يُصادر كل شيء في سيدي بوزيد ولا يستثني من ذلك مقامات أولياء الله الصالحين .
التجمَع متغوَل في سيدي بوزيد وتُعدَ هذه الجهة معقلا عتيدا من معاقله ورقما صعبا وفارقا في معادلاته على المستوى الوطني ويقول العارفون أن من يظفر بأصوات سيدي بوزيد في مؤتمرات التجمَع يضمن  » فوزه  » بمقعد في اللجنة المركزية .
لسيدي بوزيد مع الإنتخابات قصص تفوق في « دراماتكيتها » جميع قصص الإنتخابات في تونس ذلك أنها من الجهات غير المرئية التي لا يراها ملاحظون ولا يزورها ناشطون وصحفيون، وتكفي هذه القصة للتدليل على  أن انتخابات سيدي بوزيد تصحَ فيها أكثر لفظة  » الإنتحابات « .. فهذه السيدة لها إبن مترشح ضمن قائمة حزب معارض وذهبت لتنتخبه عام 1989 فطوَقتها  » الميليشيا  » من كل جانب وتعهَدتها بالسبَ والشتم والتهديد والوعيد مُرغمة إياها على وضع الورقة الحمراء بدل الصفراء في صندوق الإقتراع .. وخرجت من المكتب « مُنتحبة ».
 » البلَ تمشي على كبارها  » كما يُقال ولكل تجمَع بشري مرجعياته وأعيانه وشخصياته المؤثرة ، وسيدي بوزيد في هذا المجال  » علَقت بعد سيوفها مناجل  » كما يرى أهلها، فبعدما كان من وجوه سيدي بوزيد شخصيات مثل  » الأمين حسين بن علي الصالح  » (جدَ أولادي) المناضل الصادق الذي أدَى واجبه وفرَق مكافآت النضال على غيره ومات فقيرا ، وبعد الشيخ العربي البديري ومحمد الصغير الإحمْدى والحسني العوني وكثيرين غيرهم من الوجوه الجميلة المهيبة التي كان الناس يميلون إليها عفويا لصدقها وأمانتها وكرمها وغيرتها على الجهة وأبنائها ، صارت  » وجوه  » سيدي بوزيد سحنات ممن يُسمَيهم الأهالي « ميليشيا  » مثل  » المهزرس  » وأحد المحامين  » التجوَعيين  » ( كما يقول الأستاذ عبد الرؤوف العيادي ) اشتهر بحمل الهراوات و » نائبة  » ( بالمعنيين ) سابقة وغيرهم من الذين ضربوا الناس بالعصيَ أثناء الإنتفاضة كما قال لي شهود عيان ورافقوا البوليس أثناء مداهمات البيوت وكانوا على حدَ عبارة مصادري  » بوليسية أكثر من البوليسية  » .. وحتى لا أطيل أحيل القارئ على قوائم نشرها شباب انتفاضة سيدي بوزيد على  » الفايس بوك  » بأسماء وصفات من يعتبرونهم فاسدين ووُشاة .  
الشباب في سيدي بوزيد لم يسمع بأشياء إسمها الشغل المضمون والثقافة والترفيه ، لم يسمع بالسنة الدولية للشباب .. سألت  » ط  » من حاملي الشهادات العليا وعاطل عن العمل منذ تخرَجه من خمس سنوات عن كيفية قضاء يومه فقال لي إنه يفضَل أن يصف لي سنته وهي يوم أبديَ يتكرَر على مدار العام .. نوم حتى الضَحى فمقهى فعودة للأكل فمقهى من جديد وهكذا دواليك ..  » ط  » ينتظر الشغل وخطيبته التي  » ظفرت الشَيْب  » حسب عبارته تنتظر انتهاء انتظاره .. يقاطعه  » م  » فيقول لي إن ارتياد المقاهي أخفَ ضررا مما يمارسه شبان آخرون من احتساء الخمر بلا حساب واحتساء الكحول وماء الكولونيا إذا لم يجدوا خمرا، ويروي لي وهو ضاحك في مرارة قصَة  » عطَار  » في إحدى البلدات ردَ لمُزوَده الصفاقسي دفعة من ماء الكولونيا ولمَا سأله المزوَد عن السبب أجابه :  » أُخَيْ ما عجْبتهمش .. ما حبوش يشربوها « ، ويروي لي آخر قصَة غرائبية عن شبان يتعاطون مخدرات عجائبية متمثلة في  » كسكروت بالسيراج  » !! فراغ ويأس وضجر .. ثالوث جهنَمي يلتهم أيام شباب سيدي بوزيد وشهورهم وأعوامهم .. وهذا هو الحطب الجاف الذي أضرم فيه محمد البوعزيزي النار وهو يُضرمها في جسده .
لعلَ الشعور  » بالحقرة  » هو من أكثر ما يؤلم الناس في سيدي بوزيد وقد لمست هذا المعنى فالتقطته ووظفته ( ورئيسنا لا يحب التوظيف ) في مقامة نشرتها في  » الرأي  » عنوانها  » المقامة الجهوية  » وأتحدث فيها على لسان بورقيبة بطل المقامة عن أهل سيدي بوزيـد فأقول :  » أمَا بـنو أنف الناقة فـليصبحوا أذنابا * وليكونوا لنا خدما وحُجَابا * وليكن مكانهم جنب الباب * ولنكن منهم على أشدَ الإرتياب « .. وعلى إثر نشر هذه المقامة نالني شرف زيارة أدَاها لي في مقرَ الجريدة مجموعة من مثقفي سيدي بوزيد جاؤوا ليبلغوني تحيات بني أنف الناقة الذي صاروا أذنابا وشكرهم لي على اهتمامي الدائم بقضايا جهتهم.. لم يكن في الكلام غضب ولا حزن بل نوع من الإستسلام لقدر يتعذَر تغييره ودعابة مرَة وتهكَم من الذات صار طبعا تونسيا شائعا .
يوم 16 ديسمبر 2010 انتفض بنو أنف الناقة ولم يعودوا أذنابا، وقد طالعتني  » ح  » أوَل ما رأتني صائحة  » زغرتي معاية يا ساحلية راهي سيدي بوزيد ماعادش حاوية ( أي جبانة ) ولَينا خير منكم وخير مالناس الكل وكل ليلة تورَي فينا الجزيرة « .
 سيدي بوزيد وربما قبل تلبية حاجتها الملحَة إلى العيش الكريم كانت توَاقة إلى استرداد شعورها بكرامتها التي حُرمتها طيلة سنين بل عقود بفعل الفقر والتهميش وقبضة النظام التي خصَتها بشدَة قلَ نظيرها في الجهات الأخرى.
 لم تكن فقط انتفاضة من أجل الشغل والتنمية، لقد كانت أيضا انتفاضة كبرياء جريحة.. انتفاضة لاستعادة الشعور بالذات.. ولهذا كانت الأمهات تحثثن أبناءهن على الخروج إلى الشارع وتقرَعنهم إذا عادوا إلى البيت.. وكانت إلى هذا وقبله انتفاضة سلمية لا عنف فيها.. وحضارية.. ولا تُشوَه سمعة البلاد كما قال بن علي في خطابه الشهير.. وأهل سيدي بوزيد يخالفونه الرَأي في ذلك ويعتبرون أن انتفاضتهم ردَت الإعتبار إلى جهتهم وإلى بلدهم الكبير تونس التي كانت مضرب الأمثال في الجبن والصَمت على الضيم فصارت شعاع أمل يُبشَر بخروج المنطقة العربية كلها من الصَمت والسَلبية.
المفروض أن يحمد بن علي الله الذي رزقه بشعب مسالم لا يُخرَب ولا يُفجَر وإذا أحرق فلا يحرق إلاَ جسده.. وأنا لا أعرف لسيدي بوزيد التي أعرفها منذ أكثر من أربعين عاما عملا احتجاجيا عنيفا واحدا برغم ما عاناه أهلها من ضيم ، وذلك باستثناء هجمة شباب سيدي بوزيد على مقرَ إقامة الوالي أبَان فيضانات 1990 التي جرفت المدينة وأريافها أمام أعين السلطة العاجزة واللامبالية.. كل ما أذكره من أعمال سيدي بوزيد الإحتجاجية الأخرى عمل ساخر مضحك برغم ما فيه من بعض البذاءة ففي فترة من عهد بن علي  » الإيكولوجي  » أقيم شارع للبيئة في مدخل المدينة ( و » شوارع البيئة لا ينكرها إلاَ جحود  » كما قال عبد الله القلال ردَا على المعارضين القائلين بقلَة الإنجازات ) وكما بسائر المـدن الأخرى ينتصب في شوارع البيئة « لبيب » الذي ظهر على يدي المهدي مليكة إبن أخت خاله وأوَل وزير للبيئة في تونس.. وقد حقد شباب سيدي بوزيد ـ فيما يبدو ـ على هذا « المكسب » المحسوب عليهم بينما تفتقر جهتهم إلى كل شيء خاصَة بعد أن عاينوا نصب  » لبيب  » في مكان كانت تنبعث منه آنذاك رائحة عفنة لوجوده حذو مصبَ للمياه المستعملة ، فتسلَل بعضهم بليل إلى حيث يوجد « لبيب » ووضع قارورة « بيرة » فارغة في « مكان حساس » من جسد حارس بيئتنا ، وقد ظلَ ذلك المشهد مثارا للضحك والتندَر لكل من يمرَون من الشارع حتى انتبهت إلى ذلك  » الجهات المسؤولة  » فسارعت إلى نزع القارورة ، وقد دام الكرَ والفرَ دهرا بين  » الجهات المسؤولة  » والمحتجين بقارورة  » البيرة  » حتى ملَ المحتجون وكفَوا .. واليوم توالد  » لبيب  » وتكاثر وزحف على أمكنة عديدة في المدينة دون أن يفكَر أحد في مسَه بسوء.. يميل بعض أهالي سيدي بوزيد إلى المبالغة في جلد ذواتهم فيقولون بمرارة إنّ جهتهم صارت وكرا « للقوّادة » و »الصبابة » والقابلين بكلّ إهانات. وهذا غير صحيح طبعا فسيدي بوزيد لم تعدم رجالا صمدوا ويصمدون في وجه الظلم عبر الأحزاب السياسية والنقابات والجمعيات وإذا انتفضت بوزيد على الضيم والحيف فهي تنتفض بالشعر (وشعراؤها رجال ونساء وبالفصحى والملحون) وبالنكتة والسخرية من النظام.
 
إذن غير صحيح ما يقال عن أعمال العنف والتخريب والإعتداءات على ممتلكات الغير في سيدي بوزيد وهذا ما أكَده لي بعض التجَار في المنطقة التي جرت فيها أحداث الإنتفاضة .. أما بعض الشبان المحتجين فقد اعترفوا مزهوين غير نادمين بأنهم اعتدوا على بعض رموز النظام والحزب الحاكم ( مقرَ لجنة التنسيق ومراكز البوليس ) كردَ فعل على ما تعرَضوا إليه من تعنيف وضرب ورمي بالقنابل المسيلة للدموع وبالرصاص الحي.
بعد أن انحسرت الإحتجاجات جاء وقت الترضيات : « فالتضامن » فتح مخازنه فأخرج منها السميد والمكرونة ليوزعوها على الفقراء، أما  » الجراري  » و » الزور  » يقول محدَثي فقد ذهبت إلى أعوان « البوب » الذين وقع إيواؤهم في أحد المعاهد الثانوية. سألت محدَثي عمَا إذا كان الناس قد قبلوا أخذ المواد الغذائية فأجابني بالإيجاب ملاحظا أن البعض منهم رفض وهذا جديد تماما على فقراء الجهة.
بن علي أذن بتخصيص اعتمادات قدرها (15) مليار من المليمات  » لدفع عجلة التنمية  » في سيدي بوزيد .. وقد سألت شابين عن رأيهما في القرار الرئاسي فأجابني الأول ساخرا أن السَور الأمامي لمقرَ الولاية الذي بُني حديثا تكلفته مائتا ألف دينار ثم أضاف « وأنت إحسب وحدك ها الفلوس قداش تعمل من حيط  » ، أمَا الثاني فقد أجابني في حنق وحقد واضحين  » الفلوس هاذي ما تجيش في شطر أوتيل من الوتلة متاع أنسابو.. إيخلَي فلوسو عندو ماشنا نساسو فيه  » (أي لا نستجديه).
ما لم يعلن عنه الإعلام هو أن السلط المحلية فتحت مكتبا لآستقبال العاطلين عن العمل من حاملي الشهادات العليا داعية إياهم إلى الحضور ومعهم نسخ من شهائدهم .. سألتُ الشابين عمَا إذا كانا قد ذهبا إلى هذا المكتب فقال الأول أنه ليس من ذوي الشهادات العليا وقال الثاني أنه ذهب فوجد طابورا من المنتظرين لا يكفيه مجهود التشغيل الوطني كلَه ثم أضاف أن المبادرة جيَدة فهكذا على الأقل ترى السلط بالملموس العدد المهول لذوي الشهائد العاطلين.
منذ حوالي سنتين طلب مني أحد أبناء سيدي بوزيد أن أكتب مقالا أطرح فيه على بن علي السؤال التالي : « لماذا تكره سيدي بوزيد يا سيادة الرئيس ؟  » فأجبته وقتها إلى طلبه مبدية تحفظي على محتوى السؤال، ولكن هذا السؤال يبدو لي اليوم غير خال من الوجاهة إلى حدَ ما، ولو كان بن علي لا يكره سيدي بوزيد في ذلك الوقت فإنه يبدو من الصعب اليوم أن نجزم بأنه يحبَها .
لقد كانت بوزيد الخرساء آخر جهة توقَع منها بن علي صوت الإحتجاج فصارت أوَل جهة تزمجر في وجهه فتسري عدوى زمجرتها إلى باقي الجهات من شمال تونس إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها . ولله في تصريف اقداره أسرار لا يعلمها إلاَ هو…
تحيا تونس وتحيا سيدي بوزيد التي انتفضت فأبعدت عن تونس شبح حكم ليلى وصهرها ذي النمر آكل الدجاجات. ( يتبع )
 


          

لا تكتب عن تــــــــــــــــــــــــــونس !!

   محمد كريشــــــــــــــان       أستسمحكم لمرة واحدة فقط ، أولى و أخيرة، أن أتحدث عن نفسي! اقترب مني أحد الزملاء في غرفة الأخبار و أخذني على  انفراد هامسا : أنقل إليك عتابا من صديق يبلغك أنه ما كان لك أن تكتب في مقالك بالقدس العربي الأسبوع الماضي عن ساحل العاج و بلدك تونس،  يعج بما عج به طوال الأيام الماضية!!  نفس الرأي ورد في تعقيب لأحد القراء على موقع الصحيفة الإلكتروني فهو لم يجد ما يعلق به على مقالي « درس باغبو » سوى القول  » و ماذا عن درس سيدي بوزيد؟!! »
لي في مهنة الصحافة ثلاثون عاما، نصفها في تونس و نصفها الآخر خارجها. النصف الأول  في الصحافة المكتوبة، مستقلة و معارضة، و بعض الإذاعة و قليل جدا من التلفزيون،  فيما لم يكن النصف الثاني سوى للتلفزيون مع بعض الصحافة اقتصر على مقال أسبوعي، في جريدة احترمتها على الدوام،  حتى لا يتكلس القلم و تضيع الصنعة. و مع أن العمل التلفزيوني لمذيع في قناة شهيرة  يقتضي عدم نشر مقالات رأي، إلا أنه يحسب لـ « الجزيرة » أنها لم تصادر حق مذيعيها و مراسليها و صحفييها في أن يدلوا بدلوهم في قضايا شتى على أكثر من منبر. 
من هنا كان مقالي الأسبوعي فسحتي الوحيدة للتعبير عن رأيي الشخصي بعيدا عن الشاشة الصغيرة التي ليس من المسموح أن تكون ساحة لذلك. و في المرات القليلة جدا التي كتبت فيها عن تونس لم أنج، و لو لمرة واحدة،  من حملات صحفية شرسة من الصحافة الصفراء في تونس، المعروف ارتباطها بالأجهزة، و التي يفضل البعض تسميتها ب »صحافة المجاري »، قبل أن تلتحق بها مؤخرا بعض الصحف الأخرى التي لم يسبق لها التورط في تلك الحملات المنظمة التي تنطلق بأوامر و تخرس بمثلها. و في المرات القليلة هذه، لم تكن لي جرأة أن أتناول مقامات سامية أو انحرافات سياسية جلية –  و هذا من حقي على أية حال كأي مواطن آخر ناهيك عندما يكون صحفيا –  بل اكتفيت بشيء واحد فقط لا غير هو الإعلام الذي من حقي البديهي جدا أن أخوض فيه،  كما يخوض الطبيب في عالم الطب و المهندس المعماري في شكل البنايات. كتبت باستمرار، في تونس و خارجها، في عهدي الرئيس بن على و الراحل بورقيبة، عن إعلام تونسي أراه ،باختصار شديد،  متخلفا و غبيا كأتعس ما يكون التخلف و الغباء حين يجتمعان!! و ها هم الآن يرون  هذه الحقيقة عارية جلية أمامهم و كأنهم يعيدون اكتشاف العجلة  مع أن لا شيء جديدا بالمرة فيما يزعمون الخلاص إليه. و مع أحداث سيدي بوزيد الأخيرة، و ما صاحبها من حملة على « الجزيرة »، الشماعة الجاهزة دائما لأكثر من عاصمة عربية، ارتأيت عدم تحريك السكين في الجرح و ترك هذه العاصفة تمر،  خاصة عندما يكون النافخون فيها  الممثلين الشرعيين و الوحيدين للوطنية!! و مع ذلك، لم أسلم مرة أخرى، بالاسم تحديدا و دون سائر زملائي التونسيين الآخرين،  فهاهي إحدى الصحف تخرج مؤخرا بمقال  حافل بالتهجم الشخصي علي بما يشبه الهذيان  تحت عنوان « كريشان البيــوع (الخائن)، بالدولار مبيوع »!!.
و لتبيان أن الجماعة عندنا في تونس لم يكونوا أصلا، و من زمان، يعدمون وسيلة لتشويه كل صحفي يحرص على استقلاليته و مهنيته و يعض عليهما بالنواجد دونما تضارب مفتعل بينها و بين وطنيته، أن أحد الأصدقاء عرض علي قبل أشهر قليلة ، بعد أكثر من خمسة عشر عاما لم أكتب فيها مقالا واحدا في الصحافة التونسية، المساهمة في مجلة فصلية تعنى بشؤون المغرب العربي،  فاستجبت ،بعد ممانعة طويلة، شرط  ألا أكتب إلا في قضايا  إعلامية بعيدة كل البعد عن تونس. لم أستمر لأكثر من ثلاثة أعداد قبل أن يـُــهمس في أذن صاحب المجلة أنه لا يجوز أن يفتح صفحاتها « لأعداء الوطن » فآثر السلامة طبعا!!. و حتى قبل أن أغادر وطني إلى المهجر كان لي برنامج أسبوعي في إذاعة تونس، أوقف بعد أسابيع قليلة من حصوله على أهم جائزة وطنية سنوية، سلمها لي رئيس الدولة شخصيا، لا لشيء سوى أني رفضت أن يتضمن ذات مرة الأسلوب الإنشائي الدعائي الذي طلب مني.
استأذن الأستاذ محمد حسنين هيكل في اقتباس تعبيره القائل « لست معارضا،  لكني مختلف، فأنا لا أملك سوى رأيي و من حقي أن أعبر عنه »… هكذا كنت و هكذا سأظل، دون غلو أو استكانة . لن يخيفنا  أو يرهبنا أحد  فنستنكف عن أن نقول ما نريد أن نقول،،،  فالبلاد ليست مزرعتهم الخاصة و لن تكون.  
(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 5 جانفي 2010)

 


البلاد ليست مزرعتهم الخاصة

 فرنسا في 05/01/2011  


وردت هذه الجملة في مقال الصحفي التونسي محمد كريشان بصحيفة القدس العربي الذي عنونه بلا تكتب عن تونس؟!   وختمه بهذه الجملة الجميلة (فالبلاد ليست مزرعتهم الخاصة ولن تكون) وقد أعجبتني كثيرا ,أردتها أن تكون عنوان مقالي هذا,إذ يظنّ أتباع النظام الحاكم وذيوله المتمعشين من خيرات الشعب  ,أنهم الوحيدين ذوي الوطنية العالية الرفيعة , بما ينالهم من المكاسب على حساب غيرهم من أبناء الشعب المحروم,ولكنّ الوطنية لا تقاس بهذا الشكل,فهي تماما مثل الحبّ العذريّ الطاهر لا يقاس بغيره,وحبّ الوطن هو فطري وغريزة جبلت عليها نفوس الكائنات,بمسقط الرأس والانتماء العرقي والديني وغيرها ,مما تعارفت الطبائع البشرية خاصة عليه,وأمّا ما يشكل استغرابي فهو تغابي السلطة والحزب الحاكم أو تجاهل الشعب لحقوقه, فأمّا أصحاب السلطة فلا أظنّهم أغبياء لهاته الدرجة,إذ يتداولون كلمات غريبة لا تنطلي على السذّج من الشعب التونسي , ك أذن الرئيس ,وأعطى وأهدى وشمل بعطفه وكأنه يعطي من جيبه, أو ممّا ورثه عن أسلافه,والحقيقة التي لاشكّ فيها أنّ تلك الأموال قد جمعت من الضرائب والجبايات ومن26/26 الإجبارية التي تخصم من أجور العمال والمؤسسات,وليعلم أفراد الشعب أن كل ما يشتريه من ضروريات الحياة بدءا بعلبة الكبريت, إلى جهاز الحاسوب ,عليه معلوم يذهب إلى خزينة الدولة,ما يسمى قديما بيت مال المسلمين,وتسمّى اليوم الخزينة العامة ,أي أموال الشعب ,الذي من الواجب أن يصرف على التعليم, والصحة والنقل ومدّ الطرقات, وبناء السدود وجرايات موظفي الدولة المتعارف عليها,ممّا ينفع المجتمع ويسعده,فالأمن مثلا إذا لم يكن لصالح الشعب دون استثناء ,وليس حكرا على النظام وحده ,فإنّه لا يستحقّ تلك الميزانية التي يحددها مجلس النواب, الذي والحق يقال لا يمثل الشعب تمثيلا عادلا,بل ليوافق على ما يقوله الطاقم السلطوي,لست أدري كم تقدّر ميزانية الأمن بالبلاد ,ولكنها بلا شك تفوق التعليم والبحث العلمي والتشغيل وهلمّ جرّا,أمّا الفساد والنّفوذ والمحسوبية مهما كان في عهد بورقيبة,فهو اليوم ليست أفشي سرّا  يعلمه كل أفراد الشعب ,والبعثات الدبلوماسية وقد صار الغسيل منشورا على الصفحات الافتراضية,مما نشر في (ويكي ليكس) عن آل بن علي وآل الطرابلسي والأصهار, من حباء واستغلال للنفوذ, للاستحواذ على المؤسسات الاقتصادية والثقافية والجمعياتية(كمحطات إذاعية_شمس وأخواتها _صحافة _الصباح والزيتونة) والبنوك والهواتف المحمول(اورانج)وأمّا الفرق بين العهد البورقيبي وهذا العهد فإنه شاسع, وقد تمّ بناء الدولة بعد الاستقلال من العدم , إلى أن وقفت على رجليها رغم كلّ ما قيل أو يقال ,وركزت على التعليم حتى استغنت عن الإطارات الأجنبية في أغلب الميادين,ولكنّ العهد الجديد الذي بدأ بتغيير اسم الحزب الحاكم وصحفه,وقد استبشر الشعب بما ورد في خطاب السابع من نوفمبر, وانظم من كان على الربوة وشمّر عن ساعد الجدّ,ولكن خاب الأمل منذ مطلع التسعينات,وكشر النظام عن أنيابه وابرز وجهه الحقيقي العلماني المتطرّف, المتنكّر لحضارة أمّته وثقافة شعبه المسلم المسالم, وأعلن صراحة تجفيف منابع التدين ,وعمل بموجبها لكسب ثقة الغرب والصهيونية,ولا أدلّ على ذلك من سكوت الصحافة عمّا جرى بالحوض المنجمي وبن قردان وسيدي بوزيد ,وما يسمى بملاحقة الإرهاب ,والقانون الذي وضع من أجله ,وقد تضرر به العديد من الشباب المتدين خاصة,لا لشيء إلا المواظبة على صلاة البردين والجماعة في المسجد ,وذالك يخالف تعاليم تجفيف التديّن,لكنّ الشعب الذي حاول التيار التغريبي زجّه في الاشتراكية والرأسمالية المتوحشة, تحت بريق الديمقراطية الزائفة,التي لا ينعم بها العالم الثالث الذي كان يرزح تحت الاحتلال الغربي,وهي حكر على العالم الحرّ فقط, ولا يزال العالم الثالث يرزح تحت نير التبعية للمستعمر القديم, المتحكم في خيرات الشعوب المقهورة والمغلوبة على أمرها,كما هالني سنة 2005 أنّي رأيت عضو مجلس النّواب التابع للحزب الحاكم من اصل يهودي, في فلسطين المغتصبة ليحضر مؤتمرا تداعوا إليه في عهد المجرم شارون, الذي ارد به العمل لبناء الهيكل المزعوم ,وقد استدعاه الجنرال لحضور مؤتمر للمعلوماتية في تونس الذي اقيم في تونس نفس السنة,وهذا دليل آخر على صداقة النظام للصهيونية المقيتة التي يكرهها شعبنا ,من أجل عنصريتها واغتصاب فلسطين والإجرام العالمي الذي تقوم به عبر القارات, لاغتيال الفلسطينيين وأحرار العالم المناوئين لها,أمّا اليهود التونسيين فلهم الحق كباقي أفراد الشعب ,ولكن ليس لهم الحقّ في الانتماء للصهيونية ونظامها المحتل المجرم,والذي اعتدى مرتين على وطننا الحبيب, بالمرسى وحمّام الشطّ,إنّ نظام بن علي وأذنابه يتشدقون بالنجاح الاقتصادي, فلو نظرنا إلى الأمور الواضحة الجلية ,فسنراها عبر الخوصصة أو الخصخصة , للشركات والمؤسسات الوطنية التي بنيت في عهد بورقيبة , وقد صفّيت كلّها أو جلّها ,والديون التي يتلقاها النظام, لفهمنا مدى الحقيقة,وقد رأينا ما جرى في عهد محمد الصادق باي في القرن التاسع عشر, ممّا قراناه بكتب التاريخ ,وقد كان الاحتلال الفرنسي بالمرصاد ,فدخل بأبسط الذرائع,ولم تكن تونس دولة نفطية ولكنّ ما جرى ويجري من تفريط في خيرات البلاد ومكتسباتها, لا يرضي الشعب إن استفتوه في الأمر, إنّ شركات التنقيب تحصل على 50″بالمائة من آبار النفط ,فلو نظرنا إلى النظام البعثي في سوريا مثلا وقلدناه, لغنمت الخزينة التونسية ,وتمتع الشعب بخيراته,وقد علمنا أنّ شركات أصحابها تونسيون دخلوا المجال منذ سنين ,فلهم الأوّلية إن كان النظام محقا في شعاراته التي يطلقها بين الفينة والأخرى(تونس أوّلا ) ولكنّها شعارات ماسونية جوفاء, تتداولها الأنظمة العربية, لأغراض اعتزالية ,ولقد صدق السيد كريشان حين قال ,أنّ هؤلاء يحسبون البلاد ضيعة أو مزرعة خاصة لهم ,ويتهمون من يدلي بملاحظة لا تروق للنظام الحاكم وأذنابه بالعداء للوطن, ولكنّ الحقيقة هي عكس ذلك,فالغيرة الحقيقية هي حبّ التطوّر والنماء للوطن والشعب,ولا يجب التفريط في مقدراته ,ولا الركون لأعدائه وأعداء أمته,والنظام التونسي ليس الوحيد هي هذا المجال ,بل أغلب الأنظمة العربية وهم وكلاء للغرب بلا تجنّي, ببراهين ساطعة لا ينكرها إلاّ الأعشى,إنّ آبار النفط بالبرمة والفوّار وسيدي لتيّم,تستغلّ بالنصف ,واليوم شركات كندية وبريطانية وفرنسية تعمل في أقصى الجنوب ,ولا يتحدث عنها الإعلام الوطني,وقد عثرت عليها صدفة في( القوقل أيرث) إنّ هذا النظام من اكبر عيوبه هو إرهاب شعبه وإفساد مجتمعه ,حيث يتوجس الفرد من محيطه,مما يضمن الراحة والهدوء للنظام ,وقد نجح النظام في الدعاية الخارجية وقد حاز على تعاطف غربي من أجل الأمن والسياحة ,ولكنّ أهل مكة أدرى بشعابها,فلا يعرف الحقيقة إلاّ أبناء الشعب الذي يعاين الأحداث ويعيشها,ونسمع اليوم بعض الموالين للنظام يتململون بسخط,إلاّ إنّهم لا يجاهرون بذلك خشية الحرمان من الفتات الذي يحصلون عليه,,وغرابة ما في الأمر,هي المناشدات التي تطالب الرئيس بالتقدم للرئاسة سنة2014, ولم يمض على التجديد له سنة واحدة,لقد كذب بن علي على شعبه, حين قال لا ظلم بعد اليوم,وكذب على الشعب حين قال, لا رئاسة مدى الحياة , وقام بالاستفتاء الزائف سنة2002,أمّا نفوذ زوجته فد فاق ما قامت به وسيلة بن عمار زوجة الرئيس السابق, وقد تحدثنا آنفا عن أجهزة الأمن دون إفاضة ,فهي قد تضاعفت 6 مرّات,ولو أضفنا إليها المدنيين فهي دون حصر,والملاحظ أنّ جرائم السرقة قد بلغت إلى درجة مخيفة ومذهلة لم تكن قبل العهد الجديد,وكأنّها تحظى بتشجيع خاص,حيث تحفظ الشكايات ضد مجهول في أغلب الأحيان وقد طالت أغلب فئات الشعب إلا من رحم ربك,وتفشّت الرشوة في هذه الأجهزة والجمارك و الإدارة,
إنّ الآلاف التونسيين في ديار الغربة ,مهجّرين إسلاميين من حركة النهضة, أو غيرهم من المعارضين ,أو من اختاروا الابتعاد جرّاء ما لاحظوه من رهاب وخشية الناس من النظام,والعزوف عن السياسة والجمعيات المدنية التي لا  يسمح لها النظام إلاّ تحت عباءة الحزب الحاكم , وقد ظهر مؤخرا الرئيس على الشاشة يرعد ويهدد, والظاهر أنه وجد آذانا صاغية فقد فترت المظاهرات, وربح الرئيس رهان التحدي الذي وعد به أعضاء حزبه ,انه يتقن لغة التهديد والوعيد,والشعب يعرف جيدا كيف فعل بأتباع النهضة من الأطر الذين طردهم من مناصبهم وجوعهم, ورمل نساءهم ويتّم أبناءهم, وطلّق العديد من الأزواج,نحن نتفهم خوف البعض من الموظفين خشية الطرد,ولكن ما بال العاطلين من أصحاب الشهادات وغيرهم؟
ألا يعرف هؤلاء المثل القائل(اليد الواحدة لا تصفق) و(حمل الجماعة ريش) وإذا لم ينتفض الجميع يدا بيد فلن يفتّ في عضد النظام ,إنّ تونس لكلّ التونسيين ,والشعب هو السيد ولا تكون دولة بدون شعب ,والمال هو مال الشعب وحتّى الديون المستجلبة من الخارج ,هي حمل على أكتاف أجيال المستقبل التي تبدد خاماتها بأرخص الأثمان,و ليعلم النظام الحاكم أنّ الشعب أمانة في عنقه, سيحاسب عليها يوم القيامة إن كان يؤمن بالله واليوم الآخر, وإذ نقول هذا فقد آمنّا بقول الرسول الكريم , (كلكم مسؤول و كلّكم مسؤول عن رعيّته,كما أنّ الشعب لا بد أن يعلم أنّ له حقوقا يجب أن يطالب بها ,وليس للنظام منّة عليه,وليست تونس مزرعته الخاصة.
كتبه/أبوجعفرالعويني  


« سيدي بوزيد » والتيـار الإسلامي : أين أنتـم؟

 الحلقـة الأولى  


د.خــالد الطراولي ktraouli@yahoo.fr   « سيدي بوزيد » عنوان جديد في نضالات الشعوب، تخطى بجغرافيته الصغيرة الحاضر وفتح أبواب المستقبل للجميع، « سيدي بوزيد » مصطلح جديد يدخل القواميس العربية والدولية من عليائها ليلتحق بمصطلحات الارادة والعزيمة والفعل… « سيدي بوزيد » عنوان إقليمي عربي دولي ولا أبالغ، فقد لامست الحادثة مناطق القرية الكونية وأصبحت حدثا شبه عالمي، « سيدي بوزيد »  حادثة خرجت من محليتها لتلامس وجدان الشعوب العربية وعقولهم وفتحت لهم بابا من الأمل والأحلام [وانظروا إن شئتم تعليقات المئات من المتدخلين على الشبكات الاجتماعية]، فأصبحت ثنايا الحرية على مرمى حجارة، وأصبح الطريق معروفا والرسالة واضحة : الاستبداد لا يدوم، الإستبداد يقاوم، الاستبداد ورقة توت أو أوراق خريف تتناثر حين تقرر الريح الهبوب ولو بنسائم رقيقة.
إن أحداث « سيدي بوزيد » تستوجب طرح بعض الأسئلة الهامة حتى نستطيع استثمار ما حدث محليا وعربيا من أجل الدفع الإيجابي نحو منازل الخير للجميع. ولن نختفي وراء المجاملة أو الخوف من رفع الغطاء حتى وإن كانت بعض الأسئلة محرجة أو مزعجة أو تتطلب الكثير من الجرأة.
إني أعتقد جازما أن التفاعل بكل حرية ومن منطلق وطني خالص وقيمي حازم مع أحداث سيدي بوزيد وقراءتها قراءة بناءة وتخطيط لمستقبل واعد، يمثل إحدى إفرازات هذا الحدث الهام في تاريخ تونس والذي يتطلب أكثر من وقفة وقراءة وتنزيل. منهجية هذه المجموعة من المقالات التي ستتابع إن شاء الله ستكون قصيرة حتى نتجنب الملل أو الإعادة والتكرار أو الخطب العصماء، وستكون أقرب إلى التساؤلات والاستفسارات حتى تترك للجمهور التفاعل بكل حرية وتوجيه أو أقنعة، لأنه حان الوقت لينزل الكثير من عليائهم وأبراجهم، وحان الوقت للتعامل الرصين والواعي وغير المتشنج مع الأحداث، وحان الوقت لتقول الجماهير التونسية قولها بعد أن أكد جانب منها فعله ومارس إرادته. ستحمل هذه السلسلة المتواضعة خمسة عناوين :
التيار الاسلامي /  الجماهير /  المعارضة / النخبة / والزعيم. أزمة التيار الإسلامي : حديث لا بد منه.
سيدي بوزيد مرت من هنا، وسوف تترك جراحا وضحايا، فهل التيار الإسلامي أو ضحاياها؟ سؤال ليس سهل طرحه ولكن يجب تنزيله، أم أن أزمة الحركة الإسلامية أشد وأسبق ولم يكن للأحداث الأخير إلا رفع الغطاء عن قدر يغلي أو بارد برود الثلج؟ هل أزمة سيدي بوزيد هي أزمة التيار الإسلامي بكل طوائفه؟  أين الحركات الوسطية الإسلامية، أين حركة النهضة وما مثلته من تاريخ وحراك وخطاب ورجال، أين اللقاء الإصلاحي الديمقراطي وقد تبين أنه بقي حزبا على النات، أين اليسار الإسلامي وقد ظهر موته أو بقاءه خارج المشهد تماما، أين الإسلاميون المستقلون وقد تحرروا من عباءات التنظيم لينسحبوا من الواقع فلم تعد تسمع لهم همسا ولا ركزا، أين العائدون الذي دفعوا الثمن باهضا من أجل التواجد في الوطن، فلم نجدهم لما ناداهم الوطن؟
هل انطفأت شموع التيار الإسلامي الوسطي حقا وخف بريقه وأصبح صورا من التاريخ أو من تقارير البرامج الوثائقية؟ لماذا غابت الشعارات الإسلامية في التظاهرات وغلب المنحى المعيشي والسياسي أحيانا؟ هل كان اليسار أقرب إلى هموم الشعب ومن مطالبهم والأكثر تحملا وصبرا وقبولا للتضحية بالنفس والنفيس من أجل الشعب، وبقي اهتمام النخب الإسلامية بعودتهم إلى أرض الوطن والنقاشات الهامشية من الخائن ومن الوطني، وهل الباب الخلفي للسفارة مشروع وحلال ؟ أم أن التيار الاسلامي لم يخرج بعد من تبعات مواجهته مع النظام وما أدت إليه من استئصال وسجون ومنافي وأنه لم يستطع بعد الوقوف على رجليه رغم مضي العقدين على الأزمة، فهو صمت لحظة حتى يضمد جراحه ويستعيد عافيته ويعود من جديد إلى ساحة النضال؟ ولكن متى وكيف؟ هل يمكن العيش على الأطلال، هل يمكن العيش على الأنقاض، هل يمكن أن يكون الإرجاء أو الانتظار منهجية صائبة والأمواج العاتية تهز الأطراف، أم أن التريث ولو على أرض تحترق أسلم والبقاء على الربوة أحوط؟
ولكن ألم يحن الوقت للإسلاميين أن يتساءلوا عبر هذه الأحداث عن موقعهم في الخارطة السياسية، عن سلامة أدواتهم، عن وضوح خطابهم، عن حقيقة إمكانياتهم، عن صحة  تحالفاتهم، عن خطإ منهجياتهم أو صوابها؟ ما هي برامجهم في حال الأزمة وفي غير الأزمة؟ كيف سنطعم هذه الجماهير الجائعة؟ كيف سنبني مشهدا سياسيا متعددا، ماهي المرجعية ما هو التأصيل ما هي القراءة؟
هل استوعبوا دروس التاريخ وراجعوا مناهجهم وتصوراتهم؟ ماذا يعرفون عن الجماهير وماذا تعرف الجماهير عنهم؟ ماهو دور المهجرين في العلاقة بالداخل وماهو هو دور الداخل في المشهد العام؟ ماذا بعد الخروج من السجون، ماذا بعد عودة البعض من قياداتهم من مهاجرهم؟ هل فهم الناس هذه العودة وقد تضبب الخطاب وتعدد ولم يكن مبدئيا ثابتا، فمورس فيه التمييز بين العائد القاعدي البسيط والذي ناله التأديب والتأنيب، والعائد القيادي الذي سكت عنه وبُرّرَت عودته بمنطق حريري مبالغ فيه أو صمت مطبق!
لماذا هذا الغياب في صناعة الحدث، ولعل الجماهير التونسية لم تطالبهم بها وتفهمت وضعهم أو نسيتهم، ولكن أين غيبتهم في مواكبة الحدث وغيبة شعاراتهم؟ فإذا كان المفرج عنهم فريق تنحى تحت الضغط وغيبوا عن منازل الحدث اضطرارا، وآخرون اختاروا السلامة وطلقوا الفعل السياسي، فإن العائدين من المنافي قد اختار أغلبهم المشي حذو الحائط وأصبحوا أناسا عاديين وزيادة همهم إشباع حنين الأوطان والعيش على تاريخهم النضالي والابتعاد كلية عن موقع الحدث، فكانوا بصمة الخلل في مسار الحركة الإسلامية خلال هذه الأحداث، ومما زاد الطين بلة أن بعضهم أعلن مساندته للسلطة القائمة و حروقات الشهيد البوعزيزي لم تندمل بعد وأوجاعه لم تنته!
لماذا غاب الداخل وبرز المهجر، كانت المواقع الإسلامية المهجرية حاضرة، كان القلم الإسلامي المهجري سيال، كان المناضل المهجري حاضرا بكل أدوات النضال السلمية؟ ولكن أليست الحرية منبع كل ذلك وما إن يتوفر ذلك في الداخل فإن الحضور الإسلامي سيكون عاما؟ ولكن مرة أحرى لن تحظر الحرية على طبق، لن يكون المشهد عرسا قائما ولكنها أيام نضال وليال نضال و »سيدي بوزيد » مرت من هنا!
فما هي الأدوار الجديدة للحركة الإسلامية الإصلاحية على ضوء ما تقدم، وما هي النخبة الجديدة وما هي المسؤوليات الجديدة وما هي المنهجية الجديدة  وهو الخطاب الجديد؟
أليس الأفضل من السعي الأولي نحو التحالفات مع الآخر وهو منهج محمود، السعي أولا إلى رتق هذه الفجوة في الإسلام الوسطي الإصلاحي بين مستقلين ومنتظمين، بين يمين ويسار، بين الداخل والخارج، بين العائدين والباقين؟ ألم يحن الوقت لجمع كل الطاقات والفعاليات والمجموعات تحت يافطة إسلامية واحدة وعناوين جامعة في تحالف إسلامي جديد أو قطب محافظ جديد؟ أم أن الوقت لم يحن أو أن الاختلاف رحمة ولو على جسور من اللاوعي ومن صياح الجماهير وآلامها وأشواقها؟ 
لكن قصة الغيبة والغيبوبة لم تلمس فقط الاسلام الوسطي ولكنها كانت عامة فأين التيار السلفي وجماهيريته وشعاراته؟ أم أنه مارد من ورق ونحن نعيش عصر الأشباح!  فهل أظهرت الأحداث قطيعة بينه وبين الشعب، أم أنها التقية وغيبة صغرى بررتها تواجدهم في السجون؟ هل أن غيابه في المظاهرات هو تعبير عن عدم اعترافه بالعمل المدني والسلمي ورفضه للحلول الوسطى؟ أم أنه لا يمثل تيارا أو مجموعة مهيكلة ولكنه شتات ومجموعة أفراد مستقلين لا تجمعهم خطة وبدائل وبرامج، فغاب الفعل والنظر؟ هل أن غلبة المنحى الشعائري والطقوسي على الهم الجمعي في حياتهم أبعدهم عن السياسة وثناياها وارتضوا الصومعة على الشارع؟ أم أن الفرد التونسي يبقى وسطيا في تصوراته لا يحب المغالاة أيا كانت جهتها، ولذلك استبعد الالتحاف بشعارات متطرفة أو متشددة أو مغالية ذات طابع إسلامي وعقائدي، وبالتالي فهل هي رسالة تبلغها الأحداث إلى هذا التيار أن موقعه السياسي يختلف عن موقعه الديني ولا يُحبَّذ وجوده في المشهد السياسي، فلعل المواطن التونسي يمكن له أن يلبس القميص ويطلق اللحى ولكنه لا يريد أن يرى أحدهم يحكمه؟
ختاما خوف أحمله وأنا أطرح هذه المنجية المستندة على الاستفسار وطرح السؤال أن تكون أزمة التيار الإسلامي في تونس وفي غيرها من بلاد العرب أعمق وأشد حيث يمكن أن تلامس مناطق القيم والمبائ، حيث يقع الاستسلام لمنطق الواقع الحزين والجارف أو القراءة المبتورة والمغشوشة للماضي والحاضر، أو عدم فقه المرحلة والجهل بتشابكات الأحداث والأجندات التابعة، للتنازل بوعي أو بغير وعي عن منظومة القيم أو عن بعضها، هذه المنظومة الأخلاقية والقيمية الحازمة التي بنت قوما وأمة وحضارة والتي مثلت تميز فعلنا ونظرنا شكلت ولا تزال أساس نجاحنا أو فشله. جانفي 2011 (المصدر: موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطيwww.liqaa.net)

معركة سيدي بوزيد وأشباح انتفاضة 1984

العربي صديقي ما أشبه الليلة بالبارحة من بوعزيزي إلى بن علي تونس.. شتاء طويل رسالة إلى الحكم والمعارضة برنامج عمل مشترك عود على بدء
مشهد لن يغادر ذاكرة التونسيين، هو مشهد المواجهة بين بن علي والبوعزيزي. إنه المشهد الذي تصدق عليه بحق مقولة الصورة التي تعدل ألف كلمة, عندما وقف بن علي يحدق في صورة الجسم المحترق والضمادات التي تلف الشاب البوعزيزي وهو في غرفة العناية الفائقة في مستشفى بتونس (توفي لاحقا)، سؤال واحد طرح نفسه: من هو المريض؟ البوعزيزي أم جمهورية بن علي الثانية ونموذجها في التنمية غير المتوازنة؟.
عندما ترجح كفة الموت على الحياة لشاب في مقتبل العمر يحمل مؤهلا جامعيا عاليا لا يعني ذلك إلا حقيقة واحدة هي شعور هذا الشاب بــ »الظلم »، ولكن عندما تتحرك جماهير تونس تأييدا ومناصرة لهذا الشاب، فهو تعبير عن حالة غضب من الظلم الاجتماعي والاقتصادي والسياسي الذي يعيشه الشعب التونسي.
منذ بداية الأحداث الأخيرة في مدينة سيدي بوزيد وكافة التقارير الواردة تدل على طابعها العفوي، وأنّها ناتجة عن تراكم وتعاظم حالة الشعور بالظلم والقهر بسبب البطالة وتواضع فرص التنمية في مناطق الجنوب لحساب مناطق الشمال، ورزوح العديد من فئات الشعب التونسي تحت وطأة الكدح والمعاناة في سبيل توفير رغيف الخبز، إلى جانب جمود الحياة السياسية وزهد الحكم في تفعيل الطاقات الكامنة لدى الشباب التونسي من خلال المشاركة السياسية.
إنّ تونس اليوم بحاجة إلى تضافر جهود كافة أبنائها، فهي تناديهم بجميع أطيافهم وكتلهم السياسية للتوحد والتعاون من أجل رفع التحديات.
قد يأتي اليوم من السياسيين والكتاب والمحللين من يطرح عشرات بل مئات الأسئلة: من؟ وكيف؟ ولماذا؟ ومتى؟ ..إلخ، ولكنّ من خرج منتفضا إلى الشارع اليوم متحديا السطوة الأمنية لقوات البوليس لا أراهم يطرحون إلاّ سؤالا واحدا: ما الحلّ؟، وحالهم يقول نريد حلولاً لا مساجلات وتسجيل نقاط، كل في مرمى الطرف الآخر.
فالوقت ليس مناسبا لتسجيل نقاط سياسية وتأجيج الصراع مع الحكم بإثارة ملفات الفساد وغيره، وإنما على الجميع حكاما ومحكومين التفكير في وضع تونس البائس والاتعاظ بـ »انتفاضة الخبز »، والتضامن مع المحرومين في سيدي بوزيد وغيرها من مدن تونس، من أجل إجراء معالجات عملية ومستعجلة لإيقاف التدهور نحو الفوضى المهلكة وتجنب التدحرج إلى مستنقع الفتنة التي هي أشد من القتل.
 
ما أشبه الليلة بالبارحة
إنّ مقاربة لفكرة نشأة المجتمع عند كل من ابن تونس المفكر والعالم ابن خلدون في موسوعته والمفكر الفرنسي جان جاك روسو في نظرية العقد الاجتماعي، تحيل إلى حقيقة واحدة وهي الإطعام من جوع والأمن من خوف.
كذلك، إن المطلع على تاريخ ثورات الشعوب وزوال الدول والأمم في كافة مناطق العالم بدون استثناء، يجد أن هناك عوامل رئيسة، إن لم يكن الخبز العامل الرئيس بينها فإنه أحدها على الأقل. فمن الثورة الفرنسية إلى الثورة البلشفية إلى الثورة الماوية، مرورا بثورة يوليو/تموز في مصر وغيرها من الثورات، يبرز الخبز بصورة واضحة لا لبس فيها.  
والحقيقة أن الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في تونس ليست استثناء، فقد سمي عهد ما بعد الاستقلال عام 1956 بـ »عهد الخبز »، حيث شهدت تلك الفترة « دعما حكوميّا » للسلع الإستراتيجية: الخبز والسكر والشاي والقهوة والكيروسين، وكذلك للتعليم والصحة والسكن في بعض الحالات وحتى الأنشطة الترفيهية مثل الرياضة.
وكان لصندوق التضامن الوطني والصندوق الوطني للتشغيل بعد 1987، اللذين ما زالا تحت السيطرة المركزية، بعض النجاحات الملموسة في الحياة العامة والتي كانت موضع إشادة من العديد من الدول النامية. لكن عبء العناية تحول مؤخرا من الدولة إلى المجتمع.
لقد حفر التونسيون في جيوبهم للإسهام بالقليل من دخلهم المالي -البسيط أصلا- في سبيل التخفيف من حدة الفقر، والتضامن مع « مناطق الظل » أو ما يسمى المناطق المهمشة، ولكن النظام الحاكم -في ظل الوضع الاقتصادي المحلي والدولي الراهن- فشل في الحدّ من ظاهرة البطالة، وترك العديد من العاطلين عن العمل في حالة ميؤوس منها.  
من البوعزيزي إلى بن علي
السلام على من حفظ عهد الشعب والحياة لمن عاش بكرامة وعزة على هذه الأرض.
إنها لمأساة وطنية عندما يقوم شاب متعلم له مستقبل واعد بالإقدام على حرق نفسه احتجاجا على منعه من بيع الخضروات والفواكه ليكابد بها الفقر والجوع وبؤس الحياة، وعندما يندفع الآلاف إلى الشارع يساورهم ويتملكهم الخوف من نفس المصير في ظل سلطة مركزية تعيش في أبراج عاجية وقصور زاهية، لا تلامس حياة البؤس والفقر والجوع وانحصار الأفق في المستقبل، ودولة كانت نسبيا وإلى حدّ قريب نموذجا للتنمية في أفريقيا والوطن العربي.
إنها رسالة لك أيها الرئيس للنزول إلى الشارع وتلمس احتياجات التونسيين، وليس مخاطبتهم عبر شاشات التلفاز بخطاب متواضع، بل يجب الاحتكاك المباشر بالشعب للوقوف على مشكلاتهم والعمل على اقتراح حلول ووضع آليات قابلة للتنفيذ لمواجهة هذه المشكلات والتحديات التي تواجه العديد من طبقات وفئات المجتمع التونسي.
إنها صرخة استنجاد بك أيها الرئيس، فمناطق الجنوب تعيش حياة البؤس والفقر والبطالة. اذهب واسمع بنفسك من شعبك ولا تكتف بما تقوله التقارير الأمنية.
انظر حولك أيها الرئيس. رسالة اليوم هي رسالة المستجير من الجوع والفقر والبؤس، وأعتقد أنك قادر على حلّ هذه المشكلة، وتجنب أن تتحول هذه النقمة والغضب والعنف من إيذاء الذات إلى إيذاء الآخر، كما يحدث في الكثير من الدول، والعاقل من يعتبر من مصيبة وبلاء غيره.
أيها الرئيس, إنّ ثورة الخبز عام 1984 لم تقابل بعلاجات حقيقية، وها هي تعود اليوم أقوى ممّا كانت، فإن اكتفيتم بمجابهتها بإجراءات رمزية وسطحية فقد تخمد إلى حين لتظهر مرة أخرى، وربما تكون تعبيراتها وخيمة العواقب.
أيها الرئيس، إن من يمنح الشرعية هو الشعب، وهذه الشرعية مشروطة بحفظ كرامة شباب تونس. وإذا ما كانت هناك جولة رئاسية جديدة عام 2014، فإن شرعية هذه الانتخابات تبقى محل شك مؤكد، إن لم يتغير هذا الواقع المرير لفلذات أكباد تونس، عماد الدولة وحارسها الأمين.
لكي يتغير هذا الواقع، وهو المأمول والمتوقع خلال الأيام القادمة، فلابد من تغيير قواعد اللعبة السياسية. لابد من توزيع عادل لموارد الدولة وتوسيع دائرة المشاركة السياسية لكل مكونات المشهد السياسي التونسي. لا توجد دولة بلا مجتمع ولا مجتمع بلا دولة، فهذه العلاقة التبادلية هي سبيل الصيرورة والديمومة والاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي للدولة.
إنّ من مقتضيات النهوض بواقع تونس: التواضع السياسي، والمراجعة الذاتية، والمحاسبة المتواصلة للذات، والشفافية، ومكافحة شاملة للفساد داخل النظام وخارجه، والابتعاد عن العصبية الحزبية.
 
تونس.. شتاء طويل
مثل العديد من الدول النامية، حاولت تونس ركوب قطار واشنطن والغرب بالقيام بالعديد من الإجراءات المالية والاقتصادية والاجتماعية التي أدت بدورها إلى انخفاض الدعم الحكومي للسلع الإستراتيجية، دون توفير بدائل مناسبة، والخصخصة وتملك الأجانب العديد من الشركات، والتفويت في مساحات شاسعة من أراضي الدولة، وتأجير المنتجعات السياحية، وخلق أنماط جديدة في الاستهلاك وبناء الثروات، ومزيد من الاحتكارات التجارية وانتشار الفساد.
هذا الواقع يقود حتما إلى تجمع غيوم وسحب من السخط والازدراء فوق سماء تونس، تنذر بطوفان من علل وأعراض جمهوريات الموز التي ليست ببعيدة.
ويشهد واقع الاقتصاد التونسي تراجعا بسبب حالة التهميش والإهمال للقطاع الزراعي، وضعف روح المبادرة لدى النخب التجارية والصناعية. إلى جانب ذلك تقوم الدولة برفض وجود أي إشارة للاقتصاد غير الرسمي (الاقتصاد الخفي) وهذا مما فاقم أزمة تونس. فعلى الجانب الآخر من البحر المتوسط وفي أميركا وفي كل الأنحاء، يوجد اقتصاد غير رسمي. فإذا الدولة فشلت في إيجاد وتوفير فرص عمل، فليس من الحكمة حظر وجود اقتصاد غير رسمي يوفر آلاف فرص العمل للشباب التونسي.
حالة التهميش والإحباط التي تسود بين أوساط الشباب يمكن أن تكون الشرارة التي تشعل فتيل التوتر الاجتماعي والاضطرابات السياسية. في تونس اليوم، تتم ترجمة التهميش والإحباط إلى انتحار غير عقلاني وعمل مأساوي. ولكن غدا يمكن أن تكون هناك أنواع مختلفة من حالات الانتحار.
 
رسالة إلى الحكم والمعارضة
شاب يبلغ من العمر 26 عاما يمتلك شهادة جامعية لا يجد فرصة عمل، يحاول بيع خضروات وفواكه لكي يسد جوعه، يمنع من قبل الحكومة فيقبل على حرق نفسه. إنها لمأساة وطنية: الانتحار لأجل لقمة الخبز!!!، لم تنته القصة بعد: شاب آخر يتسلق عمود الكهرباء ليموت صعقاً بالكهرباء. أي مستقبل بلا شباب شغوف وطامح؟!.
لقد مثلت هذه الحادثة صرخة استغاثة تستوجب الوقوف عندها كثيرا، ومما لا شك فيه أن السلطة الحاكمة في تونس ليست سعيدة بما وصلت إليه الأمور، ولم يكن بحسبانها يوما أن تكون البلاد على شفا انتفاضة خبز قد تزعزع أركان ومكاسب الجمهورية الثانية، لكنها تدرك اليوم أكثر من أي يوم مضى الحاجة إلى الانفتاح على الجميع، وتفعيل كافة قوى المجتمع التونسي من قوى سياسية معارضة ومنظمات مجتمع مدني، وغيرها من المؤسسات لإيقاف كرة الثلج المتدحرجة.
من المؤكد أن هذه الأحداث تمت بشكل عفوي وليس بتخطيط وتنظيم من المعارضة، ولا أعتقد أن المعارضة سوف تكون سعيدة إذا ما انزلقت البلاد إلى حرب أهلية كما حدث في الجوار، ولا أعتقد أن المعارضة مؤهلة في الوقت الحالي على الأقل لتسلم دفة القيادة في غياب « زماكانية » الواقع المعاش بكل مشاكله.
لذا يجب على المعارضة أن تقترح حلولا عملية بعيدا عن التنظير السياسي، وتعمل على تكثيف الجهود للتأسيس لمرحلة جديدة من التنمية المستدامة بأقسامها التكاملية من سياسية واقتصادية واجتماعية وبشرية وغيرها من أجل نهضة تونس. إن من سنن الحياة أن يوجد الاختلاف، ومما لا شك فيه أن هناك تيارا واسعا من قيادات الحزب الحاكم تريد التغيير وإحداث نقلة نوعية في مجالات التنمية المستدامة، ولكن يعوق ذلك وجود حرس قديم من المنتفعين. لكن لا بد لهذا التيار الوطني الشريف من أن ينتصر لنفسه ولشعبه ووطنه، وأن يخرج عن صمته ويرفع صوته عاليا مناديا بالتغيير والانفتاح على الآخر، واستيعاب الجميع بحمية وطنية صادقة تُعبر عن أصالة وعراقة تونس القيروان، تونس الزيتونة، تونس ابن خلدون، تونس فرحات حشاد.
 
برنامج عمل مشترك
بعد أكثر من 50 عاما من الاستقلال، يبدو المشهد العام محزنا: فالشباب التونسي بين من ينتحر أو من يخرج للشوارع لكي يعبر عن غضبة مظلوم، والمعارضة ضعيفة فاترة غير قادرة على إحداث حراك سياسي مثمر، والسلطة سياسية أحادية وباطراد عاجزة عن استيعاب متغيرات الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. وإعلاميا، إن التعتيم التي مارسته الحكومة إنما هو سياسة غير ذكية، خصوصا في لحظة ويكيليكس، وفي عصر الإعلام الجديد.
وهنا، لا بد من برنامج عمل مشترك متكامل عملي قابل للتطبيق للخروج من المأزق الحالي، وذلك من خلال:
1- يجب على الحكومة أن تنفتح على كافة التيارات والأحزاب والتشكيلات السياسية داخل المجتمع التونسي.
2- عقد مؤتمر تحت عنوان: « تونس الغد »، تجتمع فيه كافة مكونات المجتمع التونسي من أحزاب سياسية ونقابات ومؤسسات مجتمع مدني لمناقشة الأوضاع الأخيرة، ووضع برنامج عمل مشترك للنهوض بالواقع التونسي.
3- انتخاب قيادة جديدة للحزب الحاكم بعيدة عن أصحاب اللغة الخشبية من الحرس القديم.
4- تعديل الدستور التونسي والتحول من النظام الرئاسي إلى النظام البرلماني، باستحداث منصب رئيس الوزراء بصلاحيات حقيقة قادرة على معالجة مشكلات تونس.
5- إعادة إحياء مؤسسات المجتمع المدني التونسي.
6- إحياء المجلس الوطني للتنمية المستدامة، وأن يعمل باستقلالية عن الحكومة، ولكن بعضوية وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة والتعليم.
7- تشكيل المجلس الأعلى للإعلام كمجلس مستقل يتبع السلطة التشريعية الجديدة المنتخبة.
8- توقيع ميثاق شرف باحترام حق التظاهر السلمي وعدم استخدام العنف.
9- عقد مؤتمر الاستثمار الوطني لرجال الأعمال التونسيين في الداخل والخارج.
10- إنشاء صندوق التضامن الوطني لهذه المناطق لدعم عمليات التنمية الاقتصادية والبشرية والاجتماعية لمناطق الجنوب المهمشة.
11- إنشاء صندوق لتمويل البحث العلمي بكافة جوانبه ومجالاته كأحد أبرز السبل العملية لإحداث التطور اللازم لزيادة القدرة الاستيعابية لسوق العمل المحلي، وصولا إلى حالة من التنمية المستدامة.
12 – إعادة التفكير في التخطيط للتعليم العالي بحيث يتلاءم مع القدرة الاستيعابية لسوق العمل المحلي والعربي. 13- إعادة صياغة السياسة الخارجية التونسية للتحول نحو الخليج العربي وليبيا، بالتوازي مع مشروع الاتحاد من أجل المتوسط.
14- رفع الحظر المفروض على جميع المنفيين السياسيين وإعلان عفو عام عن جميع سجناء الرأي والمعارضين. إن ما يجب التوقف عنده الآن هو أن حاجز « الخوف من بن علي » قد كسر، وستكون انتفاضة التونسيين الكبرى القادمة ضد التوريث الذي ما عاد ممكنا، كما أنه ما عاد من السهل على بن علي أن يرشح نفسه لانتخابات 2014. أما المعارضة التونسية في الخارج فيسجل عليها أنها تقف مكتوفة الأيدي، في حين أن من يسجل النجاح ويحدث التغيير اليوم هو الشعب الذي يحتج ويتظاهر داخل تونس.
 
عود على بدء
عام 1943 كانت سيدي بوزيد مسرحا لمعركة أخرى: معركة من أجل الحرية من قبل قوات الحلفاء ضد النازيين. وتشكل سيدي بوزيد اليوم مسرحا لمعركة من أجل التحرر من الجوع والفقر والبؤس.
عند الوقوف على قضية الشاب بوعزيزي يتبادر إلى الذهن كلمات من النشيد الوطني التونسي: « نموت، نموت، ويحيا الوطن ».
لئلا يتم نسيان بوعزيزي وقضايا الوطن الأخرى، فإن الدولة والمجتمع والمعارضة يجب أن يحمل كل منهم « مرآة » لينظر إلى نفسه وأين يقف من قضية التنمية وغياب العدل والتوزيع غير المتكافئ الذي يعكس قيما دخيلة على المجتمع التونسي الأصيل. لا نريد أن نصل يوما إلى نشيد وطني جديد: « نعيش, نعيش, ويموت الوطن ». (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 05 جانفي 2011)


النموذج التونسي ينبئ بحالة عامة

نهلة الشهال
 
يرى السيد زين العابدين بن علي أن لا عظمة تفوق عيادته للشاب محمد بوعزيزي الذي أحرق نفسه بالكاز، وقد يبقى شاهداً حياً على بشاعة الواقع الذي دفعه إلى صرخة اليأس التام تلك، الممزوجة بالاحتجاج والرفض. يرى موظفو النظام التونسي أن الصحف التي نشرت الوقائع الجارية « بالغت »، ثم انها لم تقدِّر حق قدره استقبال الرئيس في قصره الجمهوري لعائلات الضحايا والاستماع إليهم ومواساتهم. ويرون أن الرئيس فعل ما ينبغي إذ أقال حكام بعض الولايات، محملاً إياهم المسؤولية (!)، وأقال أيضاً وزير الإعلام الذي لم يُجِدْ احتواء الموقف. بل هو وعد بمعالجة بؤس الناس، فظهرت فجأة مخططات لمشاريع صناعية، أوروبية ومحلية، ستستثمر في المنطقة المنكوبة وتوظف الآلاف. في أي كهف يعيش أهل تلك الأنظمة؟ وقد خطر لهم أن مزيج القمع والإفقار والإفساد وصفة سحرية، وأن إفراغ الساحة من المعارضة الجدية يتيح خنق البدائل، فيمكن أن تدوم لهم. خطر لهم انه يكفي بعض الكلام المنمق عن « المعجزة الاقتصادية » التونسية لخداع الناس في الداخل والخارج، أو للدقة، لامتلاك خطاب معتمد، وإن كان تبريرياً، فيما تتوالى انتفاضات الخبز في البلاد، ويسطع واقع أن النمو المذكور يخص شريحة بالغة الرقة، تستفيد في بعض المدن الساحلية من النشاط السياحي وتوابعه، فيما المجموعة الحاكمة تمارس نهباً فجاً لكل إمكانات البلاد، وفي كل القطاعات، فتصادر ما يروق لها وتستكتب باسمها ما يروق لها، وتأخذ سمسرة من الشركات العالمية على كل استثمار وعلى كل تجارة في الاتجاهين، تصديرا واستيراداً، ثم تبذل عائداتها على البذخ فحسب… هؤلاء حكام وظيفتهم خدماتية، يتقاضون عمولات لقاء وكالتهم عن « الخارج »، متعهدين بضبط الأوضاع لمصلحة تأمين استمرار نظام النهب العالمي غير المحدود والاستباحة الكاملة. ليس ثمة ما يفوق أهمية أن المنتحر بالنار، وحسين فالحي، الشاب الآخر الذي تلاه وانتحر على رؤوس الأشهاد بالصعقة الكهربائية، أرادا القيام بفعل عام، علني، وهذا سلوك احتجاجي وسياسي بالمعنى العميق للكلمة، بينما القنوط وحده كان ليدفعهما إلى الانتحار بصمت. ثم ينبئ انفجار تونس من أقصاها إلى أقصاها عن الغيظ المكتوم، وعن تمثيل أوجاع هذين الشابين لسواهما، للأغلبية العظمى الذين لا يجدون عملاً رغم الشهادات العليا التي يحوزونها (اطمئنوا: يجري بحمية عالية تفكيك نظام التعليم العام الذي أنشئ هنا وهناك في المنطقة العربية في ستينيات القرن الماضي، حين كانت سمات مشروع تحديثي ما تطل برأسها، أو كان من الضروري توسيع الطبقة الوسطى لأسباب عديدة. سيصبح الشباب متبطلين وأميين. من لا يذكر كيف هتف عشرات ألوف الشباب الجزائري أثناء زيارة الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك لبلدهم، « فيزا، فيزا »، فكان العار كله، حيث أصبحت المنى، الهجرة إلى بلاد المستعمر السابق الذي جرت مقاتلته وطرده، وما زالت وقائع استعماره والعنف الذي صاحبه موضع صراع بين البلدين، وما زال الجزائريون يعتبرون تحررهم من ذلك الاستعمار مفخرتهم الكبرى. فهل السلطات التي تعاقبت عليهم وأدارت البلاد، ذات الإمكانات الهائلة، بطريقة سيئة الخيارات، ومستبدة وبيروقراطية ثم فاسدة، « قصدت » نزع كل ذلك من عقولهم وذاكرتهم الجمعية، وتكفيرهم بالمليون ونصف مليون شهيد؟…تكفيرهم بأنفسهم! فحيث مجال للانقسام على أسس مذهبية أو إثنية أو جهوية أو عشائرية (وليس ذلك حال تونس المنسجمة انسجاما عالياً)، تطفو تلك الانتماءات على السطح وتشرذم البلاد، في إعلان واضح عن سوء الحال البالغ، وعن فشل مشروع البناء أصلاً، فكيف يكون مشتركاً، مرضياً، أو فاتحة ثقة بالمستقبل؟ هل يمكن مقاربة ما يجري بعنف في السودان واليمن، وبعنف أقل في أماكن أخرى، من دون اعتبار هذا البعد، ومعه انسداد السلطة وتمحورها حول عصبة تتزايد ضيقاً لتصبح عائلية أو يكاد؟ ليس ما يفوق أهمية، لتونس كما لسائر البلدان في المنطقة التي تتقاسم معها السمات الرئيسية لسلطات الإدارة بالوكالة/النهب، أن قتل المعارضة بإنشاء نظام بوليسي متكامل ومعقد لا يقمع قمعاً عارياً فحسب، بل يتغلغل في يوميات الناس ويُحوِّر النسيج الاجتماعي نفسه، ويشتري بعض النخب… كل ذلك لم ينجح إلا نسبياً: لعله عطل جهوزية البديل ولكنه لم يسحق الاحتجاج. وهو، هذا الأخير، جسر عبور دائم نحو التشكل، ونحو الأمل. هكذا ولدت « كفاية » وأخواتها في مصر على سبيل المثال. وهكذا توالت ظواهر لا تنقطع من الاعتراض، لم يخل منها بلد من المحيط إلى الخليج. وفي تونس، انضمت روابط المحامين والأساتذة إلى الاحتجاجات، وتوسعت الدائرة أفقياً وعمودياً، وتبلورت مطالب محددة تتعلق بحرية التنظيم النقابي والأهلي والسياسي، وبفرض « تفاوض » السلطة مع حركات الاحتجاج. وبرز أن التفاعل بين ما هو عفوي وما يمكن أن يصبح منظماً ليس معدوماً. للحديث تتمة، تطرح نفسها موضوعياً. فهي حاجة سياسية/فكرية لبلورة كيفية استعادة ملامح مشروع وطني عام. ثم يأتي دوماً شبان كبوعزيزي وفالحي، يفرضون بدمائهم الالتفات إلى ذلك الصوب. (المصدر: صحيفة « السفير » (يومية –  لبنان) الصادرة يوم 5 جانفي 2010 )  


خيارات تونسية صائبة ولكن…


بقلم: منير حداد   عادت تونس مؤخرا إلى الواجهة نتيجة الاحتجاجات التي وقعت في مدن الوسط الغربي للبلاد. و من الطبيعي أن يتبع ذلك سيل من التحاليل عن الأسباب و المسببات و ما يجب القيام به لتلافي ما حصل في المستقبل. أود أن أركز في هذا المقال على نقطة هامة ألا وهي الخطأ الذي وقع فيه معظم من شككوا في سلامة الخيارات الأساسية التي اعتمدتها الدولة التونسية منذ حصولها على الاستقلال.   الخيار الأول هو خيار الحداثة الذي انتهجه الزعيم الحبيب بورقيبة، و الذي تم تدشينه اقل من خمسة أشهر بعد حصول الدولة على الاستقلال، بإصدار قانون المرأة في شهر أغسطس 1956، الذي الغي تعدد الزوجات و وضع حدا أدنى بعمر 18 سنة لزواج الفتيات. كما تم وضع حد لابتزاز الزوجة في حالة الطلاق بجعله مدنيا لا يتم إلا بصدور حكم من المحكمة يحمي حقوق المرأة المطلقة في مجال حضانة الأطفال و السكن و النفقة. و تم تعميم التعليم العصري المستلهم من المناهج الفرنسية، بالتوازي مع دمج المناهج الدينية التقليدية التي ثبت فشلها في برامج التعليم الحكومية.كما تم تتويج هذه العملية الثورية بإتباع سياسة حازمة لتحديد النسل.   أما الخيار الثاني فهو يتمثل في التعاون مع الدول المتقدمة –بدلا من مناطحتها و التصادم معها- و في مقدمتها القوة الاستعمارية السابقة فرنسا، التي عمل الحبيب بورقيبة جاهدا للاستفادة من خبراتها في مجالات التنمية، و هو خيار معاكس لخيار عبد الناصر و باقي الأنظمة العربية « التقدمية » التي دعت في منتصف الستينات من القرن الماضي إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع ألمانيا بدعوى اعترافها بإسرائيل.   و أما الخيار الثالث الذي ولد من رحم التجربة الاشتراكية الفاشلة، فقد اعتمد على سياسة جديدة تهدف إلى تطوير الصناعات التصديرية، بما فيها السياحة، منذ سنة 1972. و هو التوجه الذي تعزز بمصادقة تونس على اتفاقية التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي منذ سنة 1995.   يكفي أن نذكر بان صواب هذه الخيارات الإستراتيجية يتأكد بفشل كافة البدائل الأخرى التي جربتها باقي الدول العربية، بدليل أن نفس هذه الدول تسعى اليوم جاهدة للسير على نفس الخطوات التونسية لكن بعد تأخير كلفها غاليا. و لغة الأرقام لا تترك أي مجال للشك.   حققت تونس أعلى نسبة نمو اقتصادي على المدى الطويل في الدول النامية – باستثناء النمور الآسيوية – بمعدل سنوي يقارب 5%، بالتوازي مع انخفاض تدريجي لنسبة زيادة عدد السكان. و كانت النتيجة تحقيق معدل لدخل الفرد التونسي بحدود 3600 دولار مقارنة بمعدل 3100 دولار في المغرب و معدل 2600 دولار في مصر. أما العمر المتوقع عند الولادة فهو على التوالي 74،5 سنة و 73،9 سنة و 72،2 سنة. و هذا نتيجة الدخل و كذلك الخدمات الصحية الأفضل، بما فيها مياه شرب الآمنة التي تتوفر لنسبة 99% من التونسيين، و كذلك خدمات الصرف الصحي الملائم الذي يتوفر لنسبة 85% من سكان تونس، مقارنة بنسبة 66% من سكان مصر و نسبة 72% من سكان المغرب (المرجع: مؤشرات التنمية الدولية، البنك الدولي).   التحاليل التي انهمرت من كل حدب و صوب لتفهم الحالة التونسية نبهت في معظمها إلى نقص في التنمية في مناطق الوسط الغربي، مصدر الاحتجاجات الأخيرة. و مع أن هذه حقيقة واقعة إلا انه لا يمكن تجاهل الحقيقة الأخرى ألا و هي أن كل الاقتصادات في العالم تعرف فوارق هامة في النمو بين مختلف المناطق. و الخيار التونسي بشان اقتصاد السوق الموجه نحو الأنشطة التصديرية ليس مسئولا عن ذلك، و إلا لما رأينا كل هذا الفارق بين المناطق الساحلية في الصين و مناطقها الداخلية التي مازالت تشكو فقرا مدقعا.   أما بخصوص البطالة، فالأهم من وجهة نظري يخص نوعية البطالة الموجودة في تونس، والتي تتركز في صنف طالبي العمل لأول مرة الذين يمثلون 43، 4% من الإجمالي، من بينهم 25% من مجموع العاطلين من حاملي الشهادات الجامعية. بطبيعة الحال كون نفس الشيء يحصل في عدد من الدول الأخرى لا يبرر عدم تداول المسالة بجدية. بالنسبة للفئة الأولى من غير الجامعيين، يتوجب مراجعة البرامج الحالية للتكوين المهني سواء في المراكز المتخصصة لذلك و في المؤسسات الصناعية و الخدمية التي يمكن أن تسهم بصفة اكبر في تدريب هؤلاء الشبان. أما بالنسبة للجامعيين فلن تكفي برامج التوجيه و التدريب و القروض الصغيرة التي يمكن منحها للذين يودون إنشاء مشاريع خاصة بهم، رغم أهميتها. الأولوية هنا يجب أن تعطى لمراجعة البرامج الجامعية المطروحة و تقييم مدى ملاءمتها لمتطلبات سوق العمل. ليس من المعقول أن يتم توجيه نصف الطلبة إلى كليات تدرس القانون و الإنسانيات، بينما الاقتصاد يعتمد على الصناعات و الخدمات الموجهة للأسواق الخارجية. كما من غير المعقول ألا توجد كليات بمستوى التعليم العالي متخصصة في السياحة في بلد يعتمد أساسا على هذا القطاع منذ بداية الستينات من القرن الماضي. و يمكن أن نقول نفس الشيء بالنسبة للنسيج و الملبوسات حيث تم إنشاء مدرسة واحدة للمهندسين في هذا التخصص. بينما تمكنت دول أخرى من الارتقاء في هذا المجال بالتكوين في معاهد التصميم و الموضة، بما فيها الصين و حتى المغرب.   المطلوب إذا إعادة هيكلة الكليات الحالية و إعادة توجيه برامجها من التخصصات التي لا تلقى طلبا في سوق العمل إلى التخصصات التي تتماشى و التوجهات العامة للتنمية في البلاد. و من المهم دعم هذا الاتجاه بتوفير منح مالية للطلبة الذين يفضلون الالتحاق بمؤسسات القطاع الخاص، بالتوازي مع تشجيع إنشاء جامعات مرموقة على يد التونسيين و كذلك بتشجيع الجامعات الدولية على فتح فروع لها في تونس. و في النهاية يحب ألا ننسى أن الانفتاح على الخارج يتطلب مراجعة سلبيات تعريب التعليم الأساسي و الثانوي التي تم تنفيذها في بداية الثمانينات من القرن الماضي، و ذلك بهدف الارتقاء بمستوى تدريس اللغات الفرنسية و الانجليزية.   والعقل ولي التوفيق   (المصدر: موقع « إيلاف » (بريطانيا) بتاريخ 5 جانفي 2011) الرابط: http://www.elaph.com/Web/opinion/2011/1/622576.html?entry=homepagewriters  


اللجنة الجهوية لمساندة طلبة سوسة و المهدية سوسة في 5 جانفي 2011 بيان مساندة


بدعوة من الهيئة الوطنية للمحامين ينفذ يوم الخميس 6 جانفي 2011 محامو تونس اضرابا عاما عن العمل بكامل محاكم الجمهورية احتجاجا على التعاطي الأمني الغير مبرر و الممارسات العنيفة و القمعية التي تفاعلت بها السلطة مع الوقفة الاحتجاجية التي نفذها المحامون الأسبوع الفارط .
و اللجنة الجهوية لمساندة طلبة سوسة و المهدية التي تابعت و لا تزال بانشغال شديد ما تعرض له السادة المحامين في كل محاكم الجمهورية من حصار مرفود بعنف مادي و لفظي يسيء لهيبة القطاع ، فإنها .
– تندد بشدة بكل أشكال العنف و الضغط المسلط على القطاع و تدعوا السلطة بالكف الفوري عن سياسة التعاطي الأمني مع المحامين و غيرهم .
– تؤكد على مساندتها التامة و اللامشروطة للسادة المحامين و عن تضامنها المطلق معهم _ تنوه بالمواقف الوطنية المشرفة للمحامين و اهتمامهم المتنامي بالقضايا الوطنية و حضورهم الايجابي في المحطات الوطنية .
– كما تؤكد اللجنة على الدور المميز و النوعي الذي يقوم به المحامي التونسي في قضية طلبة سوسة و المهدية .
عن اللجنة     المكلف بالإعلام   رياض الحوار  

 
بيان
 
نحن نشطاء الحركة السياسية و الحقوقية و النقابية المجتمعين بمقر حركة التجديد بالمنستير اليوم 2 جانفي 2011 ضمن فعاليات اليوم المفتوح لمساندة الحراك الاجتماعي بولاية سيدي بوزيد و التضامن مع طلبة سوسة و المهدية و منوبة ، و بعد استعراضنا للهجمة الممنهجة التي يتعرض لها كوادر و مناضلي الإتخاد العام لطلبة تونس و التي وصلت حد تسخير القضاء لمعاقبة وتجريم الطلبة فإننا .
– نعرب عن مساندتنا اللامشروطة لكل الطلبة المحالين على القضاء – نؤكد رفضنا تسخير القضاء لتصفية الإتحاد العام لطلبة تونس و شل نشاطه . – ندعوا السلطة إلى الكف الفوري عن هرسلة مناضلي الإتحاد كما ندعوها لرفع القيود عنهم حتى يتمكنوا من القيام بدورهم الطبيعي في تأطير الطلبة و الاهتمام بمشاكلهم القطاعية . – نطالب السلطة بغلق ملف طلبة المهدية و سوسة نهائيا و تسريح طلبة منوبة و عودتهم لمدارج الكليات . – نؤكد استعدادنا التام و اللامشروط لتفعيل كل أشكال النضال لدعم الطلبة و الحفاظ على استقلالية الإتحاد العام لطلبة تونس .
عن الإجتماع


الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية وإنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 28 محرم 1432 الموافق ل 05 جانفي 2011 بيـــــــــــــــــــــــــــان

في مصر التي يحكمها قانون الطوارئ الخانق للحريات منذ ثلاثين سنة وإثر التهديدات الصادرة منذ شهرين عن تنظيمات غير مصرية لأقباط مصر، تمكنت جهة لم تكشف بعد عن هويتها من تحقيق اختراق أمني خطير بتفجير سيارة ملغومة أمام كنيسة مجمع القديسين بالإسكندرية في الساعة الأولى من عام 2011 خلف 21 قتيلا و 43 جريحا بين مسيحيين ومسلمين وقد تسببت هذه العملية الإجرامية في صدمة كبرى للمجتمع المصري الذي تميز بالتسامح الديني والتعايش بين المسلمين والمسيحيين، وفي غضب شديد في صفوف الأقباط واستنكار واسع في شتى أنحاء العالم. وحرية وإنصاف إذ تبلغ تعازيها الصادقة إلى عائلات الضحايا من المسيحيين والمسلمين وللشعب المصري وتمنياتها بالشفاء العاجل للجرحى فإنها: 1) تدين بأشد العبارات هذه العملية الإجرامية ضد الأبرياء وضد دور العبادة وتعتبرها  جريمة ضد الإنسانية لا يجوز السكوت عنها أو تبريرها أو الدفاع عنها، وعملا مناقضا للقيم الدينية والإنسانية، وتهديدا خطيرا لوحدة المجتمع المصري يوفر فرصة جديدة لدعاة التدخل الأجنبي بدعوى مكافحة الإرهاب أو بدعوى حماية الأقليات وفرصة لتقسيم العالم العربي على أساس ديني أو عرقي أو طائفي. 2) تحمل السلطات المصرية المسؤولية عن فشلها في منع حدوث الجريمة وعجزها عن حماية المواطنين الأبرياء المطمئنين في مكان عبادتهم في الوقت الذي تكثف جهودها الأمنية لقمع الرأي المخالف وتزوير الانتخابات وتشديد الحصار على غزة وتطالبها بكشف المتورطين في هذه الجريمة وتقديمهم إلى القضاء. 3) تدعو الشعب المصري إلى الرد على هذه الجريمة بأسلوب حضاري يقطع الطريق أمام دعاة الحقد والكراهية والعنف، وإلى العمل على تعزيز وحدته الوطنية على أساس احترام الحريات وحقوق الإنسان وفي مقدمتها حرية المعتقد والعبادة  والتعبير والمساواة في حقوق المواطنة والتصدي للأطماع الأجنبية.   عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري  

مظلمة   مسلطة على عائلة مغربية  في تونس

الموضوع : شكوى بخصوص ابني الذي اختطف ورحل قصرا إلى ليبيا سلام الله عليكم وتحية طيبة واحتراما وإجلالا وإكبارا إني الممضي أسفله العربي المستقب أتشرف بأن أتوجه للجناب السامي بمطلبي هذا راجيا من الله ومنكم أن تنظروا في قضية ابني المدعو ربيع بن العربي المستقب الذي تعرض للتهجير ألقصري والترحيل كرها بدون أي فصل من الفصول القانونية المدونة في دستور الدولة إلى الصحراء الليبية من طرف إدارة الحدود والأجانب وهو مغربي الجنسية مسجل بالقنصلية العامة تحت عدد 9423009 وصاحب بطاقة إقامة عدد 0016855 وجواز سفر TS 294415 مولود في 26-04-1978 بالمغرب متزوج أب بنت القاطن مع عائلته بنهج المختار بن محمود عدد 5 حي الخضراء تونس رحل إلى ليبيا وصدر في حقه منع بالدخول إلى تونس. إني أتقدم إليكم اليوم بكل أمل طامعا فيكم وراجيا منكم ومن الله أن تنظروا في هذه القضية بعين الاعتبار رأفة ورحمة بعائلته. فإن ابني مغربي الجنسية إلا أنه تونسي النشأة والانتماء إذ زاول تعليمه الابتدائي والثانوي بالبلاد التونسية وذلك بالمعهد الخاص بالخلدونية وحيث أصبح له اليوم عمل قار وهو صاحب متجر بنهج المختار بن محمود عدد5حي الخضراء تونس الذي أغلق من يوم التعدي عليه وسجنه وترحيله وهو مصدر رزق العائلة كلها التي تضررت كثيرا.وحيث أن العائلة كلها مقيمة بالتراب التونسي منذ عقود والده صاحب مؤسسة ومالك لعقارات بالبلاد التونسية وكذلك والدته التي أصيبت بمرض السكر والدم وأشقائه مصدومين من ما حدث وكذلك شقيقاته المتزوجات بتونسيين أصبحن يفكرن في الطلاق من أزواجهن جراء ما تعرضنا له من تعسف ومضايقة من أربعة أعوان الأمن . الميز العنصري أطوار القضية كما يلي :يوم24/03/2005 أراد هذا الابن أن يسافر إلى بلجيكا قصد حصوله على عمل أتهم باجتياز حدود لكنه لم يسافر ولم يغادر أرض تونس ولم يغالط الأمن كما افتروا لما أراد تجديد بطاقة إقامته وجد نفسه مطلوب لإدارة الحدود والأجانب حينها اتصل بأحد الأعوان يدعى عادل أحقاف القاطن 9 نهج 61144جبل لحمر رقم هاتفه 92940042 // 20271551 // 20911662 الذي أخذ منه 3600 ديناررشوا قصد تجديد شهادة إقامته ويوم 26/12/2009ألقي عليه القبض وأحيل على المحكمة الابتدائية بتونس بتهمة الدخول إلى تونس خلسة بدون وثيقة سفر من غير نقاط العبور قضية تحت عدد 99419(411180/2009) وقد قضت المحكمة في 31/12/2009 بما نصه:قضت المحكمة ابتدائيا حضوريا بعدم سماع الدعوى لانقراضها بمرور الزمن إلا أن إدارة الحدود والأجانب لم يخلوا سبيله بقي مسجونا بسجن الوردية إلى يوم 15/01/2010 على الساعة منتصف الليل أخرجوه من السجن وأخذوه إلى سوسة ثم قابس ثم مدنين ثم رأس جدير قطعوا حداءه وسرواله وانهالوا عليه عليه ضربا مبرحا وتنكيلا وتعذيبا. انقطعت أخباره ولم نعرف عنه شيء إلى يوم 11/06/2010 عمت الفرحة قلوبنا لما جاءنا الخبر من رجل ليبي أشرف الرجال في قلبه رحمة وشفقة وجده تائها في الصحراء الليبية يحتضر أنقده وأكرمه وأحسن إليه حتى تعافى ثم زف لنا الخبر بأنه نجا من الموت.ونحن كلما ذهبنا إلى السجن يقولون ليس عندنا إنه في إدارة الحدود لما ذهبنا إليهم كانت إجابة السيد خميس ومحمد الديب والزبير ورئيس الفرقة سادة الأمن رحلناه إلى بلده المغرب بسخرية واستهزاء لما اتصلنا بالمغرب لم نجده واعدنا الاتصال بهم بواسطة عدل أشهاد مرتين أنكروا واسروا واستكبروا وجعلوا أصابعهم في آذانهم على انه لم يكن موقوف عندهم وأغلقوا جميع الأبواب في وجهنا وبدؤوا بتهديدنا وترحيلنا جميعا ولازال التهديد قائما إلى يومنا هذا وقد صدر في حقه قرار في مادة توقيف التنفيذ من المحكمة الإدارية قضية تحت عدد 413108 بتاريخ22 /فيفري2010 ولم ينفذ بواسطة عدل التنفيذ السيد سمير الطرابلسي ملف عدد 2838 سنة 2010 بتاريخ01افريل2010 بمقتضى النسخة التنفيذية ملف عدد عدد1029ورغم انه ينص:وبناء على ذالك فإن فخامة رئيس الدولة حفظه الله ورعاه يأمر ويأذن السيد وزير الداخلية والتنمية المحلية وكافة السلطة الإدارية المكلفة بأن ينفذوا هذا القرار-الحكم كما يأمر سائر العدول المحلفين إن طلب منهم ذالك فيما يخص طرق التنفيذ التي يمكن إتباعها طبقا لمجلة المرافعات المدنية والتجارية ضد الذوات الخاصة المعنية بالأمر بأن ينفذوا هذا الحكم. ما جعلني اكتب هو إيماني العميق بتطور مفهوم دولة القانون والمؤسسات في تونس الخضراء الشامخة وعلوية القانون في دولة نور العدل يتلألأ في سمائها بهرم سلطتها عظيم الجاه والشأن فخام سيادة رئيس الدولة حفظه الله ورعاه أولا، وثانيا هو طبيعة الأحكام نفسها والتي تصدر مباشرة باسم فخامته يأذن بل ويأمر بأمره جميع السلطة بتنفيذ الأحكام الصادرة عن الهيئات القضائية المختصة.وحيث أن عدم إذعان الإدارة لتنفيذ القرار المذكور يشكل خرقا للقانون توسمت في برنامجكم الخير لوضع حدا لمعاناة عائلة بأسرها كل ذنبها أنها تعلقت بهذا البلد العظيم بقيادة فخامة رئيس الجمهورية ثبت الله خطاه الرشيدة.أصبحت هذه العائلة تشعر أنها منه. هذا إلى جانب معاناته القاسية جدا بالديار الليبية وضرره المادي والمعنوي وإبعاده مرغما عن زوجته وابنته التي تعاني من فراقه ألما شديدا وصدمة نفسية.من يوم15/03/2010وأنا كل يوم الاثنين بمكتب الضبط بالقصر الرئاسي أستغيث فلا مغيث. إنه الآن بليبيا لا يستطيع الدخول إلى تونس جراء الحصار الجائر الظالم المفروض عليه رقم هاتفه +218918653381 00 سيدي من يوم 15/03/2010وأنا أتردد على مكتب الضبط بالقصر الرئاسي ولم أتلقى أي رد لهذا اضطررت أن اكتب للقنوات الإخبارية ليصلكم هذا الخبر المؤلم محاميه الأستاذ حمادي المعلاوي 7نهج النمسا البلفيدير تونس الطابق 3 شقة عدد 6 الهاتف 71281048 الفاكس 71281049 الجوال 97671366 سيدي لقد ترددت على مكتب الضبط بالقصر الرئاسي من يوم15/03/2010 كل يوم الإثنين ولم أصل إلى أي نتيجة لقد أردنا الذهاب لزيارته بليبيا لم نستطيع بسبب بطاقة الإقامة التي رفضت الإدارة تجديدها وذالك من يوم 11ماي 2010إلى يومنا هذا. وتقبلوا فائق الاحترام والإجلال وأسمى عبارات التقدير رقم الهاتف 93867109 //// 26038365  


جلب رفات الزعيم الوطني محيي الدين القليبي من سوريا

اقترن عيد الشهداء يوم 9 أفريل 1958 بجمع توابيت عدد من الوطنيين الذين وافاهم الأجل المحتوم خارج أرض الوطن. في موكب خاشع تم تصفيف توابيت الشهداء: محيي الدين القليبي، خير الدين باشا، الحبيب ثامر، محمد باش حامبة، محمد علي الحامي وحسن النوري، بعد جلب تلك التوابيت من مقبرة داي خوجة الى مقر لجنة التنسيق الحزبي بتونس حيث انتظم الموكب.   وفي كلمة بالمناسبة، عدّد الزعيم الحبيب بورقيبة مناقب هؤلاء الوطنيين بعدما تم جلب رفاتهم في مناسبات سابقة من ديار الغربة، ومنها رفاة محيي الدين القليبي الذي تم جلبه من سوريا   وجاء في كلمة الرئيس بورقيبة: «هو مجاهد من أقطاب الدستور القديم، ومما لفت النظر حتى لدى اخواننا في المشرق نقلنا رفاته من مقبرة دمشق، وهو أكبر خصوم الدستور الجديد، بل إن من الناس من يضعه مقابل بورقيبة على دأبهم في تجسيم الخصومات السياسية في أشخاص، ومرجع هذه المقابلة فصاحة الفقيد ومقدرته وإيمانه بما يصدر عنه.   ولقد كان يقاوم الحزب الدستوري الجديد مقاومة عنيفة لا هوادة فيها، بل أستطيع أن أقول إنه أوقف عليها حياته، وهي من المآسي التي كنت أتألم منها، لأن محيي الدين القليبي ذو كفاءة تبعث على الاحترام ويتصف بالصدق والاخلاص والإيمان بما يقول. لقد كان يعتقد في قرارة نفسه أن الدستور الجديد بصدد الاضرار بالقضية الوطنية، اذ هناك بيئة خاصة أحاطت به وتفكير خاص تمكن منه. كان يعتقد أن الحزب الدستوري الجديد تسبب في تفريق الوطنيين بين جدد وقدامى وان في ذلك خدمة للاستعمار.   ولما جمع بيننا المصير في الاضطهاد وخاصة عندما ألقي علينا القبض ورُمي بنا جميعا في برج البوف سنة 1934، اعتبرت ذلك بمثابة النعمة من المولى عز وجل لأنه جمع بيننا في مكان واحد ومكّننا من التعرف على حقيقة بعضنا البعض وتبين لمحيي الدين القليبي أنني لم أكن صنيعة الاستعمار ولا أعمل في ركابه أو ركاب محمد شنيق أو جريدة «النهضة» أو «القلاتي» أو ركاب أي كان، وقد حاولت اقناعه باتباعنا، غير أنه لم يكن مقتنعا بالاستراتيجية التي كنت أدعو اليها والتي كانت تقتضي في بعض الأحيان شيئا من المرونة ومسايرة أهواء الخصم في أن حقوق الفرنسيين مكتسبة ـ ولو على مضض ـ فرأى في ذلك أني حليف لفرنسا في حين كنت مضطرا الى ذلك، وقد كان من المستحيل أن أجاري محيي الدين القليبي فأنادي بإلقاء الفرنسيين في البحر لتحقيق الاستقلال حتى يرضى هو ويقتنع بأنه محق، فالذي كان يهمني قبل كل شيء هي النتيجة النهائية.   وهناك وثائق وكتابات تدل عليها جريدة «الإرادة» وكان يكتب فيها محيي الدين القليبي الى آخر حياته وقبيل وفاته عام 1954. وعندما جاء منداس فرانس في جويلية 54 حاملا فكرة الاستقلال الداخلي وأعلنت أنا أني مستعد للتفاوض على أساس مبدإ الحكم الذاتي، رأى محيي الدين القليبي في ذلك أنه وقع اخراجي من جزيرة جالطة للتفاهم مع فرنسا والتخلي عن هدف الاستقلال، واعتبر ذلك من قبيل التآمر على تونس.   أردت أن ألفت نظركم الى أنني كنت أحاول أن أفهم نفسية هذا الرجل الذي لم أشك أبدا في اخلاصه لوطنه وتفانيه في سبيله، وقد ذاق شظف العيش وتغرّب من أجل بلاده وتوفرت فيه جميع الصفات الحميدة وقاوم باللسان والقلم جميع أعداء الشعب التونسي وخصومه، إلا أنه نشأت في آخر الأمر حركة أخطأ الحكم في شأنها وظن فيها خطرا على الشعب التونسي، ولم يفهم حقيقتها فراح يضايقها وأنا على يقين أنه لو عاش الى سنة 1956 لتغيرت فكرته ولأدرك كُنه الكفاح الذي خضناه والاستراتيجية التي انتهجناها، ذلك أن استراتيجيتي في الكفاح لا تثبت صحتها إلا عندما تنتهي كل مراحلها. ولقد وجب عليّ أن أسلك تلك الاستراتيجية لأنه لم يكن في امكاني سنة 1934 أن أقول إن الحركة الوطنية ترمي الى اخراج المعمّرين واستعادة الأراضي أو قاعدة بنزرت، فهذه المطالب لا يمكن أن تُقبل في ذلك الوقت.   على أن الذي فات المرحوم محيي الدين القليبي الذي وافاه الأجل المحتوم قبل بلوغ الهدف الذي كافح من أجله، أنه لم يحضر ما حققناه بنيل الاستقلال التام. وأنا على يقين أن روحه التي ترفرف علينا تشاهد ما كان يرغب فيه من بعث دولة تونسية مستقلة كان ينادي بها، وتدرك روحه أن تونس بلغت كل الاهداف التي كان يتصورها وينادي بها في حياته. ولذا وجب علينا أن نكرم فيه ما تحلى به من صفات الصدق والاخلاص والتفاني وما لاقاه من آلام وعذاب ومرارة الاغتراب. ولئن كان محقا، إلا أنه أخطأ عن نزاهة وكان صادق الظن، وأعتقد بمناسبة جلب رفاته أن روحه المرفرفة علينا راضية مطمئنة.   محمد علي الحباشي   (المصدر: « الصباح » (يومية – تونس) بتاريخ 5 جانفي 2011)

في الشعر التونسي والشخير

 
بحري العرفاوي   العنوان يبدو غريبا وغيرَ لائق ولكنه نقل لما صدر عن منشط تلفزي في إحدى حلقات برنامج أسبوعي بقناة تونسية. تعرضت الحصة لفعاليات ما كان نظمه المركب الثقافي بسوسة من نشاط تحت عنوان «أربع وعشرون ساعة شعرا» استمعنا إلى لحظات فقط من إلقاء شعري لشاعرين ولكن إلى تعليقات مستفزة وساخرة من «الشعر التونسي»…   كما كان يُصر منشط البرنامج التلفزي حيث يؤكد على حالة «الشخير» التي كان عليها الحاضرون من غير أقراص وقد نطقها «حرابش» وكان يسأل بعض الحاضرين كم من الوقت نام وكم من الوقت استمع فيه إلى الشعر ؟ وحين أجابه أحدُ ضيوفه بأنه استمع مرة إلى الشاعر الراحل محمود درويش قاطعه بتأكيد سؤاله عن «الشعر التونسي» ليختم تعليقه بالقول «الشعر التونسي يجلب الشخير بدون عقاقير».   ما كان يعنيني قول هذا «المنشط» لو أفصح عن موقف نقدي من عينات شعرية أو حتى عن موقف ذاتي من شاعر بعينه وما كان يعنيني أيضا لو تكلم بمثل تلك الطريقة في مجالات علاقاته الخاصة ولكن أن يتكلم عن «الشعر التونسي» معرفا بالألف واللام وعلى شاشة للمشاهدين عليها حق احترامهم فإن الأمر يستحق الإنتباه والإشارة ويكون من حقنا كتونسيين إبداءُ موقف وفي وسيلة إعلام محترمة.   لا نعلم من قبل عن هذا «المنشط» إسهاما في الحركة النقدية الأدبية ولم نسمع في كل ما قاله كلمة واحدة تشير إلى كونه ذا علاقة بعالم الشعر عموما وب «الشعر التونسي» خصوصا حيث لم يستثن أحدا ولا حتى بيتا شعريا… ولم يسبقه أحدٌ لا من العارفين ولا من العامة إلى مثل هذا الربط السخيف بين «الشعر التونسي» وبين «الشخير» وهي مفردة لا تحيل إلى كون مستعملها ذا شاعرية أو ذائقة فنية.   ليس مطلوبا منه الإعتذار لأحد ولكنه مدعو إلى مراجعة معارفه وعلاقته بالثقافة والإبداع وبتاريخ «الشعر التونسي» وبدور «الكلمة» في صناعة الوعي وتهذيب الذائقـة وإصـــلاح الأنفس والأفكـــار وصياغة العمران البشري وإخصاب الحضارة   مطلوبٌ أيضا من المسؤولين عن حظوظنا الثقافية وعلى وسائل إعلامنا أن ينتبهوا إلى ما يصدر عن بعض «المنشطين» أولائك من حماقات وسخف يتصرفون كما لو أنهم في جلسات خاصة لا يشعرون بمسؤولية تجاه الوطن وتجاه الناس ولا يقدّرون تبعات طرائق أدائهم… لا يعي بعض أولائك أن الفنون والآداب والرياضة والموسيقى هي مُحسّناتُ الحضارة وثوبُها وهي جمالها وروحُها الدافقة ووشائجُها النابضة لا يُدركون أن الشعر أحدُ مستويات «الوحي»   حين يكون تلقفا للمعاني وتشوفا للمستقبل ونفاذا إلى أعماق الوجود بروحانية فياضة وشاعرية لطيفة… يُسيء أولائك بجهلهم للمعاني ويسيؤون لصورة الوطن ويُنفرون الشباب المعاصر من وسائل إعلام وطنه نحو فضاءات أخرى قد تغريه بما يبدو مُغريًا.   (المصدر: « الصباح » (يومية – تونس) بتاريخ 5 جانفي 2011)


في الفلسفة العربية الإسلامية والثقافة

كمال عمران   جعلت الثقافة الشرعية لدى المسلمين الإنسان خليفة لله فوق الأرض وهو مبدأ عرف اتجاهين، نجمل الاتجاه الأول في كون الخلافة خلافة بالإنابة وهو نوع من التصور عن الإنسان أغرق فيه الفكر العربي وأطال وحوّل المعرفة العقلية إلى معرفة باطنية أو لدنية واعتاض فيها الإنسان عن العقل بالحدس وعن البيان والبرهان بالعرفان.   ونشير إلى الاتجاه الثاني بالخلافة القائمة على النيابة ومعناها أن يضطلع الإنسان بمسؤولية الوجود والحياة اضطلاعا يتبوّأ فيه العقل وظيفة كبرى، وهذا المعنى كان قليلا عند الممارسة التاريخية زهيدا.   ولا يخفى أن الإنسان الخليفة بالإنابة قد زحزح شيئا فشيئا عن رمق من التعادل بين العقل والوجدان وعن بوارق قليلة حافظت على نور الفكر فمال إلى الغيبيات السحيقة وأغرته الخوارق والكرامات المزيّفة واتخذ من الطرقية ملاذا وكم في الزوايا خبايا كما قال الشاعر التونسي الصادق مازيغ.   ولا يخفى كذلك أنّّ الإنسان الخليفة بالنيابة قد بلغ ذروة من التفكير العقلي يحسن العودة إليها ومراجعة ملامح الخلافات القديمة بين الملل والنحل على أساس الإفادة لا الاتهام والنهل من الايجابيات لا الإقصاء. ولقد وجدنا في قوله للجهم بن صفوان أثرا بليغا في الاتجاه العقلي قال «إنما الأمر أنف» وهو يقصد أن لكل شيء دافعا إلى استئناف الكلام عليه والبحث فيه وكأن الأمور المعرفية تحتاج إلى المزيد من الإضافات.   وأكد إخوان الصفاء في رسائلهم البعد الإنساني في الثقافة الإسلامية، بل في الثقافة البشرية إذ رصدوا المكانة الملائمة للإنسان من جهة التلازم بين ما في الكائن البشري من أصل جسماني وآخر نفساني ورأوا أن جهد الجسد في الإنسان بما هي طبيعة فطر عليها تستدعي البقاء وتجتهد من أجل تحقيقه وآية ذلك حب الخلود في الدنيا. ورأوا أن جهة النفس والروح تقتضي تطلب الدار الآخرة وتحرص على البلوغ إليها وتفطنوا من خلال تركيب الإنسان الثنائي إلى ظاهرة جليلة هي العناصر المزدوجة مما يعبّر عنه بعبارة Ambivalence وهي عنوان التجربة البشرية التي تنوس نوسانا دائبا بين الأقطاب المتقابلة كالحياة والممات والنوم واليقظة والعلم والجهالة والتذكر والغفلة والعقل والحماقة والمرض والصحة والفجور والعفة والبخل والسخاء والجبن والشجاعة والألم واللذة وهو الإنسان يتردد بين الصداقة والعداوة والفقر والغنى والشبيبة والهرم والخوف والشر والقبح والحسن وما شاكلها من الأخلاق والأفعال والأقاويل المتضادة المتباينة التي تظهر من الإنسان الذي هو جملة مجموعة من جسد جسماني ونفس روحانية.   وخلاصة هذا العنصر الثالث أن للإنسان حضورا كبيرا في الثقافة العربية الإسلامية عندما كانت في القرن 4هـ تنتج المعرفة من زاويتين، زاوية علوم الشرع وزاوية علوم الحكمة والفلسفة وكان العقل العربي الإسلامي يسعى بهما إلى الحكمة الإلهية، وهذا يعني أن الثقافة العربية الإسلامية أفادت من الفلسفة وأن الفلسفة كانت قادحا لاستحصال أسباب الذكاء المبني على العقل المنتج ولم ير علماء الشرع الناضجون في تلك الفترة حرجا من الفلسفة ولم يضرب الفلاسفة أصحاب العلوم الشرعية بالجهل والسخف، فكانت الثقافة تزهر بفعل رافدين كان التوازي بينهما شرطا من شروط ازدهارهما.   وعندما انقلبت المعادلة واختل التوازي بين مصدري المعرفة الشرعية والفلسفية غلب على الشرعيات الإسراع إلى التقليد وهو في اصطلاح العلم الأخذ عن الرجال دون حجة أو دليل من القرآن والسنة وكان دونما ريب السبب في جفاف العلم وفي نضوب معين العقل حتى ظن أنه ليس بالإمكان أحسن مما كان.   وأصبح أهل الفلسفة متهمين وآية ذلك الخبر الذي نقله المقري في نفح الطيب ومؤداه أنّ حكام الأندلس زمن الوهن كانوا يقتلون الفلاسفة تقرّبا إلى العامة وإيهاما بأنهم أهل ورع.   ( نصّ من رسائل إخوان الصفاء الرسالة السابعة في الصنائع العلمية والغرض منها، المطبعة العربية بمصر 1928 بتصحيح خيرالدين الزركلي، ج1، ص 201-208).   علم السياسة خمسة أنواع   أولها: السياسة النبوية والثاني السياسة الملوكية والثالث السياسة العامية والرابع السياسة الخاصية والخامس السياسة الذاتية.   فأما السياسة النبوية فهي معرفة كيفية وضع النواميس المرضية والسفن الزكية بالأقاويل الفصيحة ومداواة النفوس المريضة من الديانات الفاسدة والآراء السخيفة والعادات الرديئة والأفعال الجائرة ومعرفة كيفية نقلها من تلك الأديان والعادات ومحو تلك الآراء عن ضمائرها بذكر عيوبها ونشر تربيتها ومداواتها من سقام تلك الآراء وتلك العادات بالحمية لها من العود إليها وشفائها بالرأي المرضي والعادات الجميلة والأعمال الزكية والأخلاق المحمودة بالمدح لها والترغيب في جزيل الثواب يوم المآب وكيفية سياسة النفوس الشريرة بصدودها على قصد سبيل الرشاد وسلوكها في وعور طرق الغي والتمادي بالقمع لها والجزر والوعيد والتوبيخ والتهديد لترجع إلى سبل النجاة وترغب في جزيل الثواب ومعرفة كيفية تنبيه الأنفس اللاهية والأرواح الساهية من طول الرقاد ونسيانها ذكر المعاد والأذكار لها عهد يوم الميثاق لئلا يقولوا ما جاءنا من رسول ولا كتاب وهذه السياسة يختص بها الأنبياء والرسل صلوات الله عليهم.   وأما السياسة الملوكية فهي معرفة حفظ الشريعة في الأمة وإحياء السنة في الملة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بإقامة الحدود وإنقاذ الأحكام التي رسمها صاحب الشريعة ورد المظالم وقمع الأعداء وكف الأشرار ونصرة الأخيار، وهذه السياسة يختص بها خلفاء الأنبياء صلوات الله عليهم والأئمة المهديون الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون.   وأما السياسة العامية التي هي الرئاسة على الجماعات كرئاسة الأمراء على البلدان والمدن ورئاسة الدهاقين على أهل القرى ورئاسة قادة الجيوش على العساكر وما شاكلها فهي معرفة طبقات المرؤوسين وحالاتهم وأنسابهم وصنائعهم ومذاهبهم وأخلاقهم وتريب مراتبهم ومراعاة أمورهم وتفقد أسبابهم وتأليف شملهم والتناصف بينهم وجمع شتاتهم واستخدامهم في ما يصلحون له من الأمور واستعمالهم في ما يشاكلهم من صنائعهم وأعمالهم اللائقة بواحد واحد منهم.   وأما السياسة الخاصية فهي معرفة كل إنسان كيفية تدبر منزله وأمر معيشته ومراعاة أمر خدمه وغلمانه وأولاده ومماليكه وأقربائه وعشرته مع جيرانه وصحبته مع إخوانه وقضاء حقوقهم وتفقد أسبابهم والنظر في مصالحهم من أمور دنياهم وآخرتهم.   وأما السياسة الذاتية فهي «معرفة كل إنسان نفسه وأخلاقه وتفقد أفعاله وأقاويله في حالة شهواته وغضبه ورضاه والنظر».   (المصدر: « الصباح » (يومية – تونس) بتاريخ 5 جانفي 2011)   

 

 

Home – Accueil الرئيسية

 

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.