الأربعاء، 3 يناير 2007

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
 ème année, N° 2417 du 03.01.2007

 archives : www.tunisnews.net


رويترز : قتل 25 مسلحا في تبادل إطلاق نار مع الأمن بتونس رويترز: مقتل مسلحين في تبادل إطلاق نار مع الأمن بتونس الجزيرة نت : تونس تعلن قتل « عناصر متبقية » من عصابة مجرمين خطيرة وات: مطاردة عناصر متبقية من مجموعة خطيرة بالضاحية الجنوبية للعاصمة عماد الدائمي: عاجل : تجدد الإشتباكات المسلحة بتونس   حركة التجديد: بلاغ الوحدويون الناصريون بتونس: بيان بمناسبة استشهاد الرئيس الشرعي للعراق الرمز صدام حسين  الهيئة الوطنية للمحامين: بيـان عــ 52ـــدد الـشـباب العربي البعـثي: بــلاغ صـــحـفي الجزيرة نت: مؤسس الجماعة السلفية في الجزائر يعتزم تسليم نفسه د. منصف المرزوقي: الجريمة العظمى قدس برس » تفتح ملف الإصلاح السياسي والديمقراطية في تونس

ناجي الجمل: خالد شوكات وحركة النهضة: أحبك ولا أصبر عليك د.خالد شوكات: إلى أحمد نجيب الشابي.. أروح صدّامية وخطاب ديمقراطي؟ بسام خلف :  دروس  إعدام صدام حسين محمد العروسي الهاني: مهزلة القرن الواحد و العشرين محمد كريشان: صدام لم يعدم وحده !  العربي القاسمي: أحفاد أبي لهب  د. أحمد بن راشد بن سعيد : لا تقية بعد اليوم! عبد الستار بن موسى: أزمة القانون الدولي من خلال الصرّاع العربي الاسرائيلي


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows )

To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).


قتل 25 مسلحا في تبادل إطلاق نار مع الأمن بتونس

تونس (رويترز) – قال مصدر امني يوم الاربعاء ان 25 مسلحا قتلوا في تبادل لاطلاق نار مع الامن التونسي بالضاحية الجنوبية للعاصمة في حادث نادر بتونس. وقال المصدر الذي رفض نشر اسمه لرويترز ان » 25 عنصرا مسلحا قتلوا بعد تبادل اطلاق النار في المنطقة السياحية بمدينة سليمان » دون ان يعطي اي تفاصيل اضافية. ولم يتسن الحصول على تعليق من الحكومة حول عدد القتلى على الفور. وتقع سليمان على بعد 30 كيلومترا جنوبي العاصمة تونس. وقال بيان الداخلية الذي بثته وكالة تونس افريقيا الحكومية للانباء (وات) انه « مواصلة للابحاث التي انطلقت على اثر تبادل لاطلاق النار ليلة 23 ديسمبر الماضي بين قوات الامن ومجموعة خطيرة من المجرمين تمت صباح اليوم بالضاحية الجنوبية مطاردة عناصر متبقية من هذه المجموعة نتج عنها تبادل لاطلاق النار ادت الى مقتلهم ». وكانت وزارة الداخلية اعلنت في 23 من الشهر الماضي عن مقتل مسلحين اثنين. ولم يذكر بيان الداخلية عدد افراد هذه المجموعة المسلحة او بماذا اتهموا (المصدر : موقع وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 3 جانفي 2006 على الساعة 8 و40 دقيقة مساء بتوقيت غرينيتش)  


مقتل مسلحين في تبادل إطلاق نار مع الأمن بتونس

Wed Jan 3, 2007 10:20 PM GMT

تونس (رويترز) – نفى مصدر حكومي بشدة يوم الاربعاء مقتل 25 مسلحا في تبادل اطلاق نار مع قوات الامن يوم الاربعاء في حادث نادر الوقوع بتونس.

وكان مصدر امني قال ان « 25 عنصرا مسلحا قتلوا بعد تبادل اطلاق النار في المنطقة السياحية بمدينة سليمان » دون ان يعطي اي تفاصيل اضافية.

لكن مصدر حكومي نفى بشدة هذه الارقام وقال لرويترز « هذا غير صحيح بالمرة« .

وتقع سليمان على بعد 30 كيلومترا جنوبي العاصمة تونس.

وقال بيان الداخلية الذي بثته وكالة تونس افريقيا الحكومية للانباء (وات) انه « مواصلة للابحاث التي انطلقت على اثر تبادل لإطلاق النار ليلة 23 ديسمبر الماضي بين قوات الامن ومجموعة خطيرة من المجرمين تمت صباح اليوم بالضاحية الجنوبية مطاردة عناصر متبقية من هذه المجموعة نتج عنها تبادل لاطلاق النار ادت الى مقتلهم« .

وكانت وزارة الداخلية اعلنت في 23 من الشهر الماضي عن مقتل مسلحين اثنين.

وشددت تونس في الاونة الاخيرة اجراءاتها الامنية تزامنا مع الاحتفال بنهاية العام الحالي وكثفت من حملات التمشيط في العاصمة وداخل العديد من محافظات البلاد.

ولا تزال قوات الامن تقيم حواجز في مداخل عديد المدن وتخضع العديد من العربات والمواطنين للتفتيش الدقيق.

ولم يذكر بيان الداخلية عدد افراد هذه المجموعة المسلحة او بماذا اتهموا.

وأشارت صحف محلية في وقت سابق ان هذه المجموعة تنشط ضمن عصابة دولية تتجر في المخدرات وتمكنت من ادخال كمية من السلاح بطريقة غير شرعية. ولم تصدر الحكومة تعليقا في هذا الخصوص.

 

(المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 3 جانفي 2007 على الساعة 10 و 20 دقيقة مساء)


 

تونس تعلن قتل « عناصر متبقية » من عصابة مجرمين خطيرة

 

قال مصدر رسمي في وزارة الداخلية التونسية إن قوات الأمن قتلت صباح الأربعاء بالضاحية الجنوبية للعاصمة تونس ما أسمتهم « عناصر متبقية » من « مجموعة خطيرة من المجرمين » المطلوبين.

ولم يوضح المصدر عدد القتلى أو طبيعة الجرائم التي ارتكبوها.

وكانت وزارة الداخلية التونسية أعلنت يوم 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي عن مقتل اثنين من عناصر هذه المجموعة وإصابة شرطيين اثنين بجراح في تبادل لإطلاق النار بين الجانبين.

غير أن صحفا محلية أشارت في وقت لاحق إلى أن « المجرمين » هربوا أسلحة إلى تونس واختبؤوا بمنزل في مدينة حمام الأنف التي تبعد 15 كيلومترا جنوبي العاصمة.

وقالت الوكالة التونس للأنباء (وات) إنه « مواصلة لعمليات البحث التي انطلقت على إثر تبادل لإطلاق النار ليلة 23 ديسمبر/كانون الأول الماضي بين قوات الأمن الوطني ومجموعة خطيرة من المجرمين، تمت صباح اليوم الأربعاء بالضاحية الجنوبية للعاصمة مطاردة عناصر متبقية من هذه المجموعة نتج عنها تبادل لإطلاق النار أدى إلى مقتلهم ».

وتشهد تونس منذ الثالث والعشرين من الشهر الماضي إجراءات أمنية مشددة في كافة أنحاء البلاد تحسبا لأي طارئ.

للإشارة فإن هذه المواجهات المسلحة هي الثانية في تاريخ تونس المعاصر بعد أحداث مدينة قفصة (350كيلومترا جنوب العاصمة) عام 1980 والتي تم خلالها اشتباك بين قوات الأمن التونسي وانقلابيين مسلحين تسربوا من الأراضي الليبية.

 

جماعة سلفية

يذكر أن قوات الجيش الجزائري ألقت ليل الخميس الجمعة الماضيين القبض على تونسيين اعترفا بمحاولتهما الالتحاق بتنظيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال بمنطقة مفتاح جنوبي العاصمة الجزائرية.

وسبق للجزائر أن ألقت القبض على أربعة تونسيين آخرين كانوا ينشطون ضمن مجموعة مسلحة بالعاصمة الجزائرية، وقد كانوا محل بحث بتهمة تهريب أسلحة.

 

(المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 3 جانفي 2007 نقلا عن وكالات)


 

سقوط قتلى في تبادل اطلاق نار جنوب العاصمة التونسية

 

 تونس – افادت الوكالة التونسية الرسمية للانباء ان عددا من الاشخاص وصفتهم بانهم « مجرمون خطرون » قتلوا الاربعاء خلال تبادل اطلاق نار مع قوى امنية كانت تطاردهم جنوب تونس العاصمة.

ونقلت الوكالة عن « مصدر رسمي في وزارة الداخلية والتنمية المحلية » قوله « مواصلة للابحاث التي انطلقت اثر تبادل اطلاق نار ليلة 23 كانون الاول/ديسمبر بين قوات الامن الوطني ومجموعة خطيرة من المجرمين تمت الاربعاء في الضاحية الجنوبية للعاصمة مطاردة عناصر متبقية من هذه المجموعة ».

وقال المصدر « نتج عن المطاردة تبادل لاطلاق النار ادى الى مقتلهم ».

ولم تشر الوكالة بالتحديد الى مكان حصول الاشتباك الذي يرجح انه وقع في منطقة سليمان على بعد 45 كلم جنوب تونس والتي طوقتها القوى الامنية، بحسب ما افاد سكان في اتصالات هاتفية معهم.

ونفى مصدر حكومي بشدة مقتل 25 مسلحا في الحادث.

وكان مصدر امني قال ان « 25 عنصرا مسلحا قتلوا بعد تبادل اطلاق النار في المنطقة السياحية بمدينة سليمان » دون ان يعطي اي تفاصيل اضافية.

لكن مصدر حكومي نفى بشدة هذه الارقام وقال « هذا غير صحيح بالمرة ».

ويأتي الاعلان عن هذا الخبر في وقت شوهد انتشار استثنائي للقوى الامنية بمن فيها عناصر من الحرس الوطني وجنود على الطريق السريعة التي تصل تونس بجنوب البلاد.

وانتشرت حواجز للشرطة على مداخل كل المدن في البلاد وفي العاصمة تقوم بتفتيش السيارات والركاب، بحسب ما افادت مصادر متطابقة.

 

وكانت الوكالة افادت في 24 كانون الاول/ديسمبر ان شخصين قتلا وجرح شرطيان في تبادل اطلاق نار وقع الليل الفائت في ضاحية تونس الجنوبية. وقالت « ان تبادل اطلاق النار وقع بين دورية لقوات الامن ومجموعة اشخاص (..) هم مجرمون خطيرون مطلوبون » قتل منهم اثنان.

 

ولم يذكر بيان الداخلية عدد افراد هذه المجموعة المسلحة او بماذا اتهموا.

 

وأشارت صحف محلية في وقت سابق ان هذه المجموعة تنشط ضمن عصابة دولية تتجر في المخدرات وتمكنت من ادخال كمية من السلاح بطريقة غير شرعية. ولم تصدر الحكومة تعليقا في هذا الخصوص.

 

(المصدر: موقع ميدل ايست اونلاين بتاريخ 3 جانفي 2007 نقلا عن وكالة الصحافة الفرنسية)

 

مقتل مسلحين في تبادل إطلاق نار مع الأمن بتونس

تونس (رويترز) – قال مصدر بوزارة الداخلية التونسية يوم الاربعاء ان قوات الامن قتلت عناصر مسلحة لم تذكر عددها في اشتباك مسلح بالضاحية الجنوبية للعاصمة في حادث نادر بتونس. وقال بيان الداخلية الذي بثته وكالة تونس افريقيا الحكومية للانباء (وات) انه « مواصلة للابحاث التي انطلقت على اثر تبادل لإطلاق النار ليلة 23 ديسمبر الماضي بين قوات الامن ومجموعة خطيرة من المجرمين تمت صباح اليوم بالضاحية الجنوبية مطاردة عناصر متبقية من هذه المجموعة نتج عنها تبادل لاطلاق النار ادت الى مقتلهم ». وكانت وزارة الداخلية اعلنت في 23 من الشهر الماضي عن مقتل مسلحين اثنين. ولم يذكر بيان الداخلية الذي اوردته وكالة الانباء الحكومية عدد افراد هذه المجموعة المسلحة او بماذا اتهموا (المصدر : موقع سويس إنفو بتاريخ 3 جانفي 2006 على الساعة 5 و33 دقيقة مساء بتوقيت غرينيتش نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)  

مطاردة عناصر متبقية من مجموعة خطيرة بالضاحية الجنوبية للعاصمة

تونس 3 جانفي 2007 (وات) أفاد مصدر رسمي بوزارة الداخلية والتنمية المحلية أنه مواصلة للأبحاث التي انطلقت على اثر تبادل لإطلاق النار ليلة 23 ديسمبر الماضي بين قوات الأمن الوطني ومجموعة خطيرة من المجرمين تمت يوم الأربعاء 3 جانفي 2007 بالضاحية الجنوبية للعاصمة مطاردة عناصر متبقية من هذه المجموعة نتج عنها تبادل لإطلاق النار أدى إلى مقتلهم. (المصدر: موقع وكالة الأنباء التونسية الرسمية بتاريخ 3 جانفي 2006) الرابط: http://www.tap.info.tn/ar/index.php?option=com_content&task=view&id=20473&Itemid=227

تونس تعلن قتل « عناصر متبقية » من عصابة مجرمين خطيرة

قال مصدر رسمي في وزارة الداخلية التونسية إن قوات الأمن قتلت صباح الأربعاء بالضاحية الجنوبية للعاصمة تونس ما أسمتهم « عناصر متبقية » من « مجموعة خطيرة من المجرمين » المطلوبين. ولم يوضح المصدر عدد القتلى أو طبيعة الجرائم التي ارتكبوها. وكانت وزارة الداخلية التونسية أعلنت يوم 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي عن مقتل اثنين من عناصر هذه المجموعة وإصابة شرطيين اثنين بجراح في تبادل لإطلاق النار بين الجانبين. غير أن صحفا محلية أشارت في وقت لاحق إلى أن « المجرمين » هربوا أسلحة إلى تونس واختبؤوا بمنزل في مدينة حمام الأنف التي تبعد 15 كيلومترا جنوبي العاصمة. وقالت الوكالة التونس للأنباء (وات) إنه « مواصلة لعمليات البحث التي انطلقت على إثر تبادل لإطلاق النار ليلة 23 ديسمبر/كانون الأول الماضي بين قوات الأمن الوطني ومجموعة خطيرة من المجرمين، تمت صباح اليوم الأربعاء بالضاحية الجنوبية للعاصمة مطاردة عناصر متبقية من هذه المجموعة نتج عنها تبادل لإطلاق النار أدى إلى مقتلهم ». وتشهد تونس منذ الثالث والعشرين من الشهر الماضي إجراءات أمنية مشددة في كافة أنحاء البلاد تحسبا لأي طارئ. للإشارة فإن هذه المواجهات المسلحة هي الثانية في تاريخ تونس المعاصر بعد أحداث مدينة قفصة (350كيلومترا جنوب العاصمة) عام 1980 والتي تم خلالها اشتباك بين قوات الأمن التونسي وانقلابيين مسلحين تسربوا من الأراضي الليبية. جماعة سلفية يذكر أن قوات الجيش الجزائري ألقت ليل الخميس الجمعة الماضيين القبض على تونسيين اعترفا بمحاولتهما الالتحاق بتنظيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال بمنطقة مفتاح جنوبي العاصمة الجزائرية. وسبق للجزائر أن ألقت القبض على أربعة تونسيين آخرين كانوا ينشطون ضمن مجموعة مسلحة بالعاصمة الجزائرية، وقد كانوا محل بحث بتهمة تهريب أسلحة. (المصدر: موقع الجزيرة نت بتاريخ 3 جانفي 2006) 

عاجل : تجدد الإشتباكات المسلحة بتونس

تناقلت بعض وكالات الأنباء منذ قليل خبر إندلاع مواجهة مسلحة عنيفة هذا اليوم بين قوات الأمن التونسية ومجموعة مسلحة وصفتها المصادر الرسمية التونسية ب »عناصر إجرامية خطيرة » مما أدى إلى سقوط عدد غير محدد من القتلى دائما حسب نفس المصادر. وقد حصلت المواجهة حسب تحريات الوكالات الأجنبية قرب مدينة سليمان في الوطن القبلي جنوبي العاصمة تونس . يحصل كل هذا في ظل توتر أمني غير مسبوق في كل أرجاء البلاد منذ المواجهة المسلحة التي شهدتها منطقة حمام الأنف جنوب العاصمة منذ أيام تجلت أبرز مظاهره في نشر عناصر الجيش وأعوان الفرق الأمنية المختلفة بأسلحتهم في كل مدن البلاد وتكاثر الحواجز بين المدن وحتى داخل الأحياء السكانية حيث يتم تفتيش السيارات والتثبت من هوية الركاب والمارة. ويسود قلق شديد عموم المواطنين الذين لا يصدقون البتة, حسب مصادر متواترة, الرواية الرسمية التي ربطت المواجهات بعصابات ترويج مخدرات و الذين يتداولون إشاعات وتسريبات من جهات أمنية وروايات لا وجود لمن ينفيها أو يؤكدها حول مواجهات مزعومة هنا وهناك وحول اكتشاف مخابئ أسلحة ومخططات تفجيرات … ويبدو أن الوضع متجه لمزيد التوتر في ظل التعامل الأمني الأحادي مع الأحداث و في ظل التعتيم الإعلامي المطلق الذي لن يزيد المواطنين إلا قلقا ورفضا لروايات السلطة ومبرراتها وربما , وهذا هو الأخطر, تعاطفا مع الجهات المفترض دخولها في مواجهة مسلحة مع هذه السلطة التي لا تحترم مواطنيها ولا تقيم اعتبارا لأحد. لقد دق ناقوس الخطر في البلاد فهل من عقلاء يطفئون نار الفتنة في المهد, أم ستواصل السلطة هروبها إلى الأمام وتجر البلاد والعباد لأتون حرب أهلية بدأت في أغلب البلدان التي عرفتها بأحداث معزولة كتلك التي عرفتها ضاحيتي حمام الأنف منذ أيام و سليمان اليوم وإنتهت كما رأينا جميعا بمآسي و أنهار من دماء وأحقاد ليس أصعب من إطفائها. عماد الدائمي مسؤول موقع المؤتمر من أجل الجمهورية (المصدر : موقع المؤتمر من أجل الجمهورية بتاريخ 3 جانفي 2006)


عمليات سرقة وسطو لوحظ أن عمليات السرقة والسطو قد تعددت في الآونة الأخيرة حيث تم تسجيل عدد هام من العمليات في نهاية الأسبوع المنقضي في تونس الكبرى.   (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 3 جانفي 2006)


حركة التجديد 6 نهج المطوية تونس 1069 الهاتف 0021671256400 الفاكس 0021671240981

بلاغ  
على اثر إعدام صدام حسين – و بقطع النظر عن التقييمات المختلفة حول نظامه – تعبر حركة التجديد عن استيائها الشديد و تعتبر العدم و الظروف التي تم فيها في عيد الاضحى جريمة نكراء نفذت في ظل الاحتلال الأمريكي بعد محاكمة فاقدة لمقومات العدالة فكان انتقاما شنيعا يزيد الأوضاع في العراق ترديا و فوضى يغذيها الاحتلال فضلا عن التعقيدات الطائفية التي تهدد وحدة العراق و مصيره. و تؤكد حركة التجديد تضامنها مع الشعب العراقي و قواه الديمقراطية المناضلة من أجل وضع حد للاحتلال و انعكاساته المدمرة و توفير الظروف ليسترجع هذا البلد الشقيق سيادته الوطنية و يحقق حياة ديمقراطية ناضلت في سبيلها أجيال من الديمقراطيين و التقدميين منذ عقود. تونس في 03 جانفي 2007   

بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                          تونس في 30/12/2006

 

« ..والصابرين في البأساء والضرّاء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون.. »

صدق الله العظيم.. (البقرة 177)

 

بيان بمناسبة استشهاد الرئيس الشرعي للعراق الرمز صدام حسين

الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر

               لقد أفاقت جماهير أمتنا صبيحة هذا اليوم على خبر اغتيال الرئيس البطل صدام حسين المجيد، وهو أسير حرب لدى قوات الاحتلال الأمريكي، فهزت هذه الجريمة ضمير الإنسانية بما مثلته من انتهاك صارخ للمشاعر الوطنية والدينية ودوس لكل الشرائع السماوية والاتفاقيات والأعراف الدولية.

جماهير أمتنا العربية العظيمة

               إن الوحدويين الناصريين بتونس وإذ يرفعون تعازيهم الحارة إلى جماهير أمتهم من المحيط إلى الخليج في مصابها الجلل هذا، فإنهم:

1.  يعلنون، وبكل وضوح، أن هذه الجريمة الشنعاء هي من تدبير وتنفيذ قوات الاحتلال الأنجلو أمريكي الصهيوني الصفوي.

2.  يحملون الاحتلال وأزلامه مسؤولية هذه الحماقة ويعتبرونها جريمة حرب لا تسقط بالتقادم، ويحق لأمتنا تتبع مرتكبيها طال الزمان أو قصر.

3.  يكبرون المواقف الأصيلة، وردة الفعل السريعة التي بادرت إليها الجماهير العربية وبعض الشعوب الصديقة في كثير من أنحاء العالم ردّا على هذه الجريمة النكراء.

جماهير أمتنا العربية المجاهدة

               إنّ الوحدويين الناصريين بتونس، وبقدر ما تلتهب مشاعرهم كمدا على هذا المصاب الجلل، فإنه لا يفوتهم التذكير بما يلي:

·   أ) لقد أكدت كل القرائن والدلائل أن المعركة في العراق هي معركة عروبة العراق وانتمائه إلى وطنه وأمته ضد قوى الانعزال والطائفية والاستعمار من أمريكان وفرس وصهاينة.

·   ب) إن ما نطق به الرئيس الشهيد في آخر لحظات حياته من تأكيد على عروبة فلسطين ووحدة العراق واعتزاز بالانتماء إلى الأمة العربية، يؤكد صلابة الموقف القومي ورسوخه، وسلامة الإقتداء به لتحقيق أهداف الأمة العربية في الحرية والوحدة والاشتراكية.

·        ج) إنّ إكرام الشهيد صدام حسين لا يكون إلاّ بالانتصار لنهج المقاومة وثقافتها وقواها.

·   د) إن سلاح الوحدة العربية والتشبث بقومية المعركة وانخراط كل القوى المناهضة للاحتلال والتجزئة والطائفية فيها هو الكفيل بتقريب ساعة النصر النهائي.

·   هـ) إن أمة أنجبت جمال عبد الناصر وعمر المختار وصدام حسين وعز الدين القسام وعبد الكريم الخطابي وغيرهم تثبت أنها قادرة باستمرار على إنجاب المزيد من الأبطال، وإننا إذ نذكر هؤلاء الشهداء ليس لنبكيهم بل لأنهم نبراس يضيء لنا الطريق.

·   و) إن قلوب الوحدويين الناصريين تهفو إلى هؤلاء الأبطال، ومنهم يستمدون عزمهم، ويقولون لكل أعداء أمتنا .. قتلاكم في صقر وشهدائنا في عليين بإذن الله تعالى..

 

المجد للمقاومة

الخزي و العار للجبناء

 

الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر

 

                                                           الوحدويون الناصريون بتونس

                                                           البشير الصيد    


الهيئة الوطنية للمحامين              قصر العدالة

                                                                                  الحمد لله ،                                                                                                تونس في   2   جانفي    2007          

بيـــــــــــــــان عــــ 52ـــــدد

لقد أقدمت القوات الطاغية في العراق على تنفيذ قرار الإعدام في الرئيس العراقي صدام حسين فجر يوم عيد الأضحى وعلى إثر محاكمة مهزلة. وإذ يقف مجلس الهيئة الوطنية للمحامين بتونس عميدا وأعضاء تقديرا للمقاومة الباسلة للشعب العربي وإجلالا لأرواح شهدائها الأبرار فإنه :   1/ يندد بعملية إعدام الرئيس صدام حسين من أساسها وبالظروف الهمجية التي تمت فيها ويعتبرها اغتيالا لصدام باعتباره أسير حرب وإجراما في حق البشرية وانتقاما في حق الأمة العربية. 2/ يعتبر أن قرار الإعدام وكيفية تنفيذه وما رافقها من استعجال ورفع لشعارات طائفية تمثل إهانة واستفزازا لمشاعر كل  العرب. 3/ يعتبر أن قرار الإعدام باطل من أساسه لصدوره عن محكمة صورية باطلة أنشأها الاحتلال وفرض تركيبتها وإجراءاتها التعسفية المخالفة لأبسط القواعد الشرعية للمتهم ويطالب محاكمة المسؤولين عنها . 4/ يعتبر أن مسلسل المحاكمة المهزلة وما تبعه من إجراءات هو عبارة عن مسرحية مأسوية خططت لها ونفذتها الامبريالية والصهيونية و الأنظمة الاستبدادية ولا أدل على ذلمك من تزامن الابتهاج بعملية الاعدام في كل من الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية وإيران. 5/ ويطالب بتتبع ومحاكمة كافة مجرمي الحرب في فلسطين والعراق ولبنان 6/ يؤكد على أن القوى الحية بالعالم سوف لن تغفر الجريمة الشنعاء التي ارتكبها الجناة وبأن المقاومة هي الحل الوحيد  لدحر  الاحتلال وتحرير المنطقة العربية من الامبريالية والصهيونية. 7/ يدعو إلى تنظيم وقفة احتجاجية بدار المحامي يوم الأربعاء 3 جانفي 2007 على الساعة منتصف النهار.                                                  عن مجلس الهيئة                                              عميد المحامين                                               عبد الستار بن موسى

الــشــــباب الــعــــربي الــــــبـــــعــثي أمة عربية واحدة   ذات رسالة خالدة  وحـدة              حــريــة         اشتراكية  بـــلاغ صـــحـفي تونس في 2 جانفي 2007
انتظم اليوم بالمقر المركزي للإتحاد العام التونسي للشغل مجلس تقبل التهاني باستشهاد الرفيق البطل صدام حسين المجيد، أمين عام حزب البعث العربي الاشتراكي، رئيس جمهورية العراق و القائد العام للقوات المسلحة العراقية.
و قد حضر هذا المجلس مناضلو الشباب العربي البعثي وعدد من المناضلين البعثيين إضافة إلى الأستاذ أحمد الصديق عضو هيئة الإسناد للدفاع عن الرئيس صدام حسين الذي قدم شرحا تفصيليا لنضال الرفيق الشهيد داخل معسكر الأسر و تحديه لعصابات الغدر الصفوية الحاقدة في آخر لحظات المجد و الشموخ قبل أن يتعالى شهيدا جديدا على مذبح الوحدة و الحرية.
و قد تداول الكلمة كذلك عدد من النقابيين من قياديي و مناضلي الإتحاد العام التونسي للشغل، كما رفع الحاضرون عدة شعارات منها: « يا صدام يا شهيد على دربك لن نحيد »، مقاومة مقاومة، لا صلح و لا مساومة »، كما رددوا شعارات مناهضة للإمبريالية و الصهيونية و النظام الفارسي الملالي و عملائه من عصابات الغدر و جيش الدجال مقتدة، و الرجعية العربية ممثلة في أنظمة الخزي و العار التي أدت دورها كما يجب من خلال صمتها على اغتيال قائد الأمة و مفجر مقاومتها الحية و عاشق فلسطين الأول.
هذا، و قد تعهد الحاضرون بأن لا يكون هذا التجمع إلا بداية لتحركات أعمق و أضخم لفضح حقيقة الاحتلال الأمريكي الصهيوني الفارسي لعراق العروبة و المقاومة، و كشف الستار عن كل الخونة و المتآمرين و الراقصين على انتصارات الإمبريالية من أحزاب و تيارات أضاعت البوصلة فضاعت في مزابل الأمريكان و الأوروبيين.   المجد و الخلود للبطل الشهيد صدام حسين. عاش حزب البعث العربي الاشتراكي عنوانا لمقاومة الأمة و عنفوانها. عاشت مقاومتنا العربية في العراق و فلسطين و رجالها البواسل. عاشت فلسطين حرة أبية، كما عشقها القائد، عربية من البحر إلى النهر.

 
 


تراجع الهجرة غير المشروعة في تونس

 

تونس – واس – أوقفت عناصر دورية متنقلة للجمارك التونسية 152 مهاجرا غير شرعى بعد ملاحقتهم بمنطقة بن قردان على الحدود الجنوبية لتونس. وكانت المجموعة المتكونة من 74 مصريا و 74 موريتانيا و 4 تونسيين قد ضلت طريقها اول مرة في الصحراء قبل محاولتها عبور الحدود التونسية الليبية بغية الالتحاق بالسواحل الليبية ومنها الى ايطاليا. وتؤكد تقارير تونسية حديثة تراجع عمليات الهجرة غير المشروعة في تونس نتيجة للاجراءات والأحكام الصارمة التى تتخذها السلطات ضد مرتكبي جرائم الهجرة غير المنظمة بموجب تشريعات مطورة اقرت عام 2004م. ووفق هذه التقارير فقد عالج القضاء التونسى عام 2003 / 2004 نحو 720 قضية إبحار تدنت إلى حدود 300 قضية خلال السنة القضائية 2005 / 2006 فيما شهدت قضايا اجتياز الحدود تراجعا ملحوظا حيث انخفضت من 2734 قضية إلى 1559 قضية خلال ذات الفترة.   (المصدر: وكالة الأنباء السعودية (و ا س) بتاريخ 3 جانفي 2006)


مؤسس الجماعة السلفية في الجزائر يعتزم تسليم نفسه   
أوردت صحيفة « ليبرتي » اليومية الجزائرية أن الزعيم السابق للجماعة السلفية للدعوة والقتال في الجزائر حسن حطاب يعتزم تسليم نفسه إلى السلطات ومعه 100 من أعضاء جماعته المقربة من تنظيم القاعدة. وكان حطاب قد أبعد عام 2001 عن قيادة الجماعة التي أسسها سنة 1998 إثر صراع داخل الجماعة المسلحة بسبب تصاعد موجة العنف، وخلفه نبيل الصحراوي الذي أعلن ولاءه لتنظيم القاعدة قبل أن يقتل عام 2004 على يد قوات الأمن الجزائرية، وقد أشيع أن حطاب قتل كذلك. ونشرت الصحيفة الجزائرية مقتطفات من تصريح نسبته لحطاب بتاريخ 27 ديسمبر/كانون الأول أثنى فيه على الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لجهوده من أجل المصالحة الوطنية في الجزائر، ولم يتسن التحقق من صحة نسبة هذا التصريح إلى حطاب. يذكر أن الجزائريين صوتوا بكثافة لفائدة مشروع الرئيس بوتفليقة حول ميثاق السلم والمصالحة الوطنية خلال استفتاء سبتمبر/أيلول 2005، علما بأن المهلة الممنوحة بمقتضاه تنتهي في 31 أغسطس/آب الماضي مما يجعل حسن حطاب غير مؤهل للاستفادة منه.    (المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 3 جانفي 2006 نقلا عن وكالة أسوشيتد برس)

 

متابعة 

 

تعقيب السيد سامي بن غربية (نشر يوم 3 جانفي 2006 على الساعة 2 و 48 بعد الظهر) على الحوار النادر (نشرناه في عددنا ليوم أمس) بين عماد الحمروني رئيس جمعية أهل البيت بتونس (تيار شيعي) والباحث التونسي الطاهر الأسود (مقيم بأمريكا الشمالية) في منتدى « تحت السور » بموقع نـواة:

 أغتنم هذه المداخلة الوجيزة لأعبر عن موافقتي لما قاله الأخ طاهر، على الرغم من اختلافي معه حول بعض أوجه المسألة الطائفية، و لأعبر عن استغرابي بل واستنكاري من هشاشة الخطاب الذي يروج له الأخ عماد الدين، مع احترامي لشخصه و لآرائه، إذ بدا لي وكأنه يتحدث باسم الشيعة في تونس وكأن هذا الفريق واحد في اللون و التوجه والولاءات.

 

كل من تابع ولادة و نشأة ظاهرة التشيع في تونس والذي يوصف مجازفة ب »التيار الشيعي » يعلم أن هذا الأخير قد نسخ واستورد الصراعات والإختلافات من مصادرها الشرق أوسطية. فالمجموعة التي تأثرت ثم تتلمذت على أيادي كوادر و علماء  » خط الإمام » و التوجه الثوري/الرسمي الإيراني ليست كالمجموعة التي تأثرت بمدرسة الدعوة العراقية وهي بعيدة كل البعد عن الخط الرسالي لعائلة المدرسي وحتى عن إيديولوجيا العلامة فضل الله، اللبناني والقريب من حزب الله، الذي تم تكفيره في مدينة قم من قبل بعض آيات الله الإيرانيين على أساس  » خروجه » عن التأويلات التقليدية و المحافظة لبعض الأحداث التاريخية المؤسسة للعقيدة الشيعية.

 

فالصورة التي يريد أن يروجها الأخ عماد عن التشيع التونسي هي تلك الصورة النرجسية و المثالية التي لا تصمد أمام أي قراءة تحليلية و نقدية لظاهرة ولدت و نشأت مخضرمة و ممزقة بين العقيدة والسياسة، حتى أننا نتحدث عن « تشيع سياسي » و « تشيع عقائدي » في تونس وغيره من الأقطار العربية.

 

ثم إن ما قام به بعض رموز تيار الإسلام السياسي التونسي في الثمانينات من تحامل على المتشيعين الجدد لا يبرر ما قام به بعض المتشيعين في تونس من مد اليد للنظام و التعامل مع أجهزته الأمنية بل و الوشاية بالنهضويين الموصوفين جـُملة بالوهابيين.

 

فما يقوله السيد عماد:

 » نحن لا نضع أيدينا إلا مع الشرفاء من الوطنيين الاحرار من الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه وما بدلوا تبديلا اما مع انصار الفاشية و الوهابية فنحن لا يجمعنا معهم أي شيء حتى يتبرؤوا ويتوبوا إلى الله متابا عسى الله أن يغفر لهم انه هو الغفور الرحيم »

 

ليس سوى عملية تجميل بمساحيق الدمغجة السياسية وألوان الآيات القرآنية المُغتصبة التي وضعت في غير محلها لتخدم الخطاب الطائفي الجديد الذي يريد أن يشعل نار فتنة أتت على العراق ويراد لها أن تمزق ما تبقي من أجساد عالم إسلامي منهوك يتلاعب به تجار الحروب الطائفية وبائعو أوهام الخلاص الديني، السني حينا والشيعي أحيانا.

 

وقد يكون الأخ عماد على علم باللقاءات الأمنية التي وقعت مؤخرا في تونس بين بعض الوجوه الشيعية التونسية ومن بينها من عاد من قم بدرجة علمية « عالية جدا » وبعض الرجالات الأمنية الجهوية.

 

لقد كنت و لا أزال أؤمن بأن المسؤولية الشرعية و الوطنية الملقاة على عاتق  » المستبصرين » أو المتشيعين الجدد هي أعظم من أي مسؤولية أخرى لأنهم الوحيدين- بسبب معرفتهم بالعالمين، السني والشيعي- القادرين على تقريب المذهبين و إرساء معالم  » المسلم الكامل » الذي ليس بشيعي و لا بسني بل جامع لألوان قوس قزح الحضارة الإسلامية و الإنسانية برمتها. للأسف، مصاحبتي للمتشيعين التونسيين في إيران، في تونس و في غيرها من البلدان أقنعتني بأنهم قد يكونون حطب الفتنة القادمة التي تتربص بالأمة.

 

رد عماد الدين الحمروني على السيد سامي بن غربية يوم 3 جانفي 2006 على الساعة  7 و41 دقيقة مساء

 

بسمه تعالى

 

الاخ المحترم سامي كل عام و انتم بخير

 

اولا لا افهم تحاملكم على اتباع مدرسة اهل البيت سلام الله عليهم في بلادنا تونس و الغمز و اللمز من قناة التآمر و التخابر مع الجهات الامنية و كنت شخصيا أرى فيكم نعم المثقف المتدين الحر للاسف ارى انك تستعمل منطق الغوغائيين و السوقيين مع من يخالفوك الراي و المنهج

 

اما بخصوص التنوع في التيار الشيعي فهي حقيقة و لا ضير منه فهو من طبيعة الناس ولكن كلنا نحترم مؤسساتنا الشرعية ومراجعنا الكرام وبفضل من الله تمت عودة بعض الإخوة ممن درسوا بالحوزات العلمية الى ارض الوطن الحبيب

 

اما حديثك عن اللقاءات الامنية مع الجهات الرسمية فانت تعلم وغيرك يعلم خصوصا الاخوة الذين عادوا الى ارض الوطن بعد غياب طويل يقع استدعائهم للتحقيق معهم فارجوا منكم ان تترفعوا عن هذه الترهات و تقارعون الحجة بالحجة لا بالتقريع و التشويه

 

اضافة استغرب من ترديدك نفس مقولات النهضويين في رمي كل من خالفهم بالعمالة رجاء الابتعاد عن هكذا اخلاقيات

 

نحن لا نتعامل مع آيات الله للتنميق او للتغليط و لكن نعي جدا ما نقول وما ندري ما تخطه أيدينا و الله يشهد على ما نقول

 

اني لم ادعي تمثيل اي شخص و لكني جزء من الحالة الشيعية و مواطن يمارس مسؤوليته الشرعية وما افعل الا الرد او التوضيح عما يكتبه البعض او يدعيه اخرون

 

لست نرجسيا اخي سامي و لكن احاول على قدر المستطاع المساهمة في تجديد الفكر الوطني و العمل على ارساء وفاق وطني بعيدا عن الانتهازيين والدغمائيين اسلاميين كانوا او علمانيين

 

ان التيار الشيعي في تونس حالة صحية لدفع الحراك الفكري والفقهي في بلادنا وهي وليدة تجربة ولها خصوصيتها المغاربية

 

وصدقني اخي سامي اني ارى فيك سروش تونس لما تملكه من ثقافة واطلاع واخلاص

 

في الختام ارجوا لكم جميعا التوفيق

 

اخوكم عمادالدين الحمروني

 

(المصدر: منتدى تحت السور بموقع نـواة، زيارة 3 جانفي 2007)

الرابط: http://www.nawaat.org/forums/index.php?showtopic=13190&pid=39227&st=0&#entry39227


الجريمة العظمى

 

د. منصف المرزوقي   عندما يتمكن دكتاتور من مقاليد الحكم في مجتمع ما، فالوضعية شبيهة بتمكن فيروس قاتل من جسم كان معتلا بحكم تقبله للكائن الخبيث ، لكنه أصبح مؤهلا الآن لتفاقم مفزع للمرض قد يهدد حياته. كم من شعوب كادت أن تفنى بحكم تسلط مجنون على مقاديرها وآخرها الشعب العراقي الذي ما كان يعرف الوضع الرهيب الحالي لولا شخص اسمه صدام حسين . نفس الشيء عن المآسي التي عرفتها ألمانيا تحت هتلر وإيطاليا تحت موسوليني ورومانيا تحت شاوشسكو الخ . لكن الفعل التدميري للفيروس يمكن أن يأخذ أشكالا أقل عنفا من الجرّ إلى الحروب المهلكة.   فالدكتاتور عدو لدود لكل التنظيمات الاجتماعية الفعالة والمستقلة لأنها تفلت من قبضته وتستطيع أن تشكل خطرا على هوسه بالسلطة الربانية المطلقة . لذلك هو لا يتنفس الصعداء إلا بعد التحكم فيها وتطويعها لمأربه الخاصة وهي التأله والتأبيد في السلطة … الشيء الذي يؤدي إلى خراب هذه المؤسسات فخراب المجتمع بأسره.   أنظر كيف دمّر الدكتاتور الذي يتحكم في رقابنا كل مؤسساتنا أو منعها من التطور الطبيعي نحو مزيد من الفعالية والاستقلالية. هو دمّر المؤسسة الأمنية نفسها عندما جعلها جهاز حماية العصابات من المجتمع لا حماية المجتمع من العصابات. هو دمر الجمارك عندما جعل منها أداة لحماية التهريب بدل محاربته. هو دمّر القضاء عندما جعل منه غطاء الظلم بالقانون. هو دمّر الثقافة عندما فرض الرقابة المطلقة . هو دمّر الإعلام عندما حارب حربا لا هوادة فيها حرية الفكر والتعبير . هو دمّر منظومة القيم عندما جعل الفساد والقمع والتزييف ممارسات السلطة والنموذج المقدم للمجتمع …. ولا أتحدث عن تدميره للسياسة عندما جعلها مرادفا للكذب المتواصل والبذاءة وأساليب المليشيا.   هكذا تجد تونس نفسها بعد عشرين سنة من الإصابة بالفيروس الخبيث دون أمن حقيقي وقضاء حقيقي وإعلام حقيقي وقيم حقيقية وثقافة حقيقية وسياسة حقيقية.   قد أفاجئكم إن قلت إن كل هذا مجتمعا لا يزن شيئا بالمقارنة مع الجريمة العظمى للدكتاتور : تخريب التعليم .   كلنا سمعنا بالنمور الآسيوية – كوريا الجنوبية وماليزيا وسنغافورة – التي فاجأت العالم في بداية التسعينات بتقدمها الاقتصادي المذهل والحال أنها انطلقت من نفس مستوى التخلف لكل بلدان العالم الثالث. لكن قلّ من يعرف أن دراسات غربية( لفهم ظاهرة أزعجت الغرب كثيرا) بيّنت أن السبب الرئيسي لهذا التقدم هو اعتماد سلطات هذه البلدان في بداية الستينات سياسة تعليمية راهنت على الجودة والتعميم وخصصت لها كل الإمكانيات المطلوبة. هذه السياسة هي التي أثمرت الجيل الذي صنع المعجزات.   والحق يقال أن بورقيبة – رغم كل مآخذنا عليه وأهمها أنه هو الذي ترك لنا هذا الدكتاتور وهذا النظام – أدرك الأهمية القصوى للتعليم، فخصّص له طوال عقدين من الزمن ثلث ميزانية الدولة فكانت النتيجة بحجم التضحيات. قلّ من يربط بين الرخاء النسبي الذي عرفته تونس في التسعينات- والذي صادره الدكتاتور لصالحه وهو منه براء- وبين ما غرس في السبعينات والثمانيات . قلّ من يعي أن ما ستعاني منه تونس في العقدين المقبلين من فقر وتخلف وصعوبات جمة ،حتى في ظل نظام ديمقراطي، سيكون نتيجة عيشها على الثمار المرّة ،أساسا في ميدان التعليم، التي زرعها الدكتاتور بخياره المدمّر: من جهة استعمال التعليم في خدمة هدفه السياسي الوحيد أي البقاء في السلطة أطول وقت وبأي ثمن ، ومن جهة أخرى التعامل معه باعتباره مشكلا أمنيا قبل كل شيء آخر.   * لإعداد هذا المقال حول كارثة التعليم ببلادنا ( ولا أظن الأمر جد مختلف في بقية أقطار الوطن العربي الموبوءة مثلنا بعاهة وآفة الاستبداد) ، وفي غياب دراسات موضوعية يمكن الثقة فيها ، اعتمدت على تجربتي كمربّي مارس التعليم ربع قرن في الجامعة التونسية وعلى استجوابات معمقة لعشرات المربين في التعليم الابتدائي والثانوي والعالي وكذلك مع بعض الطلبة . وفي كل بداية نقاش كنت أركّز على أنني لا ابحث عن أحكام مسبقة وإنما عن معلومات ثابتة تمكن من تكوين أقرب صورة عن واقع كنت أعلم بالتجربة أنه مأساوي، لكن لم أكن أتصوّر إلى أي درجة. الاستنتاج الأول أنني لم أجد مربيا واحدا يدافع عن إنجازات » العهد الجديد » في الميدان، وقد يكون من المفيد لوضوح الرؤية أن يكتب عالم عميل أو أي مكلف بمهمة، مقالا للردّ على مقالي هذا ليبين لنا ظلم نقدنا وتجنيه على الحقيقية.   الاستنتاج الثاني الذي وصلت له بعد كل هذه النقاشات أن هناك وعي ، ليس فقط داخل الأسرة التعليمية، وإنما داخل المواطنين بان انهيار مستوى التعليم ،الذي أصبح لا يخفى على أحد،هو النتيجة المباشرة لسياسة النظام. ممّا أذكره قول أحد المربين أن امرأة من عامة الشعب صرخت في وجهه بعد ظهور نتائج الباكلوريا بنسب النجاح الهائلة المعتادة  » شنوّة ، نجّحتوهم كلهم على خاطر ثمة انتخابات رئاسية! »   لا شكّ أن هذه المرأة تعكس ذكاء العامة الذي يستهين به المتسلطون والمعارضون على حدّ السواء، والحال أننا أمام شعب ينظر ويسمع ويحلل ويفهم….وينتظر ساعته. هذه المرأة وضعت الإصبع على مكمن الداء الذي شخصه كل من حاورتهم وهو أن الدكتاتور يحاول اكتساب شعبية ،عجز عن اكتسابها بإعطاء القدوة والمثال واحترام حقوق التونسيين وحرياتهم ، عبر جملة من الوسائل الديماغوجية والشعبوية وعلى رأسها تحقيق أعمق رغبة عند العائلة التونسية: النجاح المدرسي لأطفالها بما هو الطريق الملكي وأحيانا الوحيد للنجاح الاجتماعي. لكن عوض أن يكون رفع نسبة هذا النجاح بالوسائل الشريفة ،أي التأهيل والتكريم للمربي، والجهد الجهيد من التلميذ، والتمويل الكافي من الدولة ،اختار الدكتاتور أن يكون كالعادة …بالتزييف.   وهذا رجل شبيه بالملك ميداس الذي كان لا يلمس شيئا إلا وجعله ذهبا، مع الفارق أنه لا يلمس شيئا إلا وجعله ذهبا مزيفا. لنفكّك عملية الإنجاح على طريقة الدكتاتور.   أول ضحية تلميذ الابتدائي، فالارتقاء من السنة الأولى إلى السنة الثانية ومن السنة الثالثة إلى الرابعة و من السنة الخامسة إلى السنة السادسة ٍ آلي أي مهما كان مستواه. لقائل أن يقول هناك امتحان في نهاية كل سنتين. صحيح، لكن اسألوا المعلمين وسيقولون لكم أن التعليمات تجعل منه شيئا صوريا حيث يجب أن تبقى نسبة الرسوب هامشية.هكذا يمكن القول أنه لا يوجد أي امتحان جدّي للتلميذ طوال السنوات المصيرية الأولى، خلافا للقواعد المعمول بها منذ بداية التاريخ وفي كل مدارس العالم ،لحث التلميذ على الاجتهاد وتعلم الجهد والتنافس النزيه. لا غرابة في الكارثة التي يعرفها الكثير من المعلمين وهي أن هناك تلامذة يصلون السنة السادسة وهم يجهلون تماما القراءة والكتابة لأن حظهم العاثر شاء ألا يكون لهم أولياء متفطنين لما يحدث ويتداركون الأمر بالمتابعة في البيت أو بما يسمى ساعات الدعم. هذه أيضا كارثة أخرى من تبعات الخيارات المجرمة جعلت من المدرسة سوقا ومن المربين تجارا وصلت ببعضهم الدناءة حدّ إعطاء تمارين هذه الساعات في الامتحان العام حتى يعلم الجمع أنه لا نجاح إلا لمن يدفع.   زد على هذا مأساة السنة التاسعة التي كان من المفترض أن تكون بوابة تمكن من توجيه من لهم الحد الأدنى من المؤهلات لمواصلة تعليمهم الثانوي في الوقت الذي يوجه فيه البقية لتعليم مهني جيّد . حتى هذا الامتحان ألغي لتربية التلامذة على حقهم غير القابل للتصرف في باكلوريا الجميع.   نصل هنا لقمة المهزلة والمأساة. هنا يقع الفوز برضا التلاميذ والعائلات عبر أغرب تنظيم للأعداد تمخض عنه عقل التزييف. فعوض الامتحان الوحيد بنتائجه التي تحكم على المستوى الحقيقي اخترعت وزارة التجهيل العمومي قاعدة مزج معدل السنة -وتتدخل بنسبة 25% في العدد النهائي – ومعدل الامتحان النهائي . الظاهرة التي لاحظها الجميع هو أن أعداد امتحان الباكلوريا رغم أوامر رفعها هي دوما في الحضيض لأنها تقيس المستوى الحقيقي للتلامذة.،أما أعداد السنة دراسية فهي دوما جدّ مرتفعة نظرا للتعليمات والفساد وحتى لتهديد التلامذة لأساتذتهم . بهذه الطريقة أصبح من العادي إنجاح %80 من التلامذة ( منهم من نجح كما قال لي أحد الأساتذة ب22 على 20 ) جلهم سيتكدسون في  » جامعات » ليس لها من الجامعات إلا الاسم .   بالطبع ليس لكل هذا أي علاقة بمحاولة جادة لتخفيض من نسبة الرسوب والتعامل مع الأسباب العميقة للظاهرة ، وإنما كل ما في الأمر شراء ذمة التلميذ والعائلة وتعويم مشكل البطالة وتأخير الانفجار. كل هذا يجب وضعه في الإطار العام أي استشراء الاستقالة والإحباط في سلك المربين الجديين ، وتسلل الانتهازيين لمراكز القرار في إطار القانون الذي يحرك كل دكتاتورية أي الولاء قبل الكفاءة ، والنقص المتواصل في تمويل المؤسسة التعليمية نظرا للخيارات الاقتصادية الليبرالية، وأولى ضحاياها في كل أنحاء العالم التعليم العمومي والصحة العمومية.   حتى يأخذ القارئ فكرة عن مستوى هذا التمويل، ليتصوّر مدرسة ابتدائية فيها 14 قسما. مثل هذه المدرسة تأخذ دينارين من كل تلميذ للضمان وملفات القسم ويبقى لها منها بالكاد 500 دينار للمصاريف العامة. أضف إليها 300 دينار تتلقاها من الوزارة.المجموع 800 سنويا للطباشير والأوراق والإصلاحات الضرورية والنظافة الخ . تصوروا ما الذي يمكن أن تفعله مدرسة بمثل هذا الاعتماد. وبالمقارنة تخيلوا الأموال التي تصرف على شراء الصحفيين الأجانب وتمويل احتفالات ذكرى الانقلاب الطبي ولا أتحدث عن الثروات المسروقة أو عن تكلفة جهاز  » الأمن ».   آه على فكرة . قمت بعملية حساب بسيطة لما تكلفته طيلة شهر الاعتصام عملية المرابطة أمام بيتي من طرف 13 عون،لا يفعلون شيئا 24 ساعة على 24 سوى إزعاج الجيران ولم يستطيعوا لحظة وقف نشاطي السياسي ولا منع زائر مصمم على دخول بيتي. افرض أن معدل راتبهم 400 دينار شهري . يكون الحاصل 5200 دينار.أضف تكلفة الأكل المقدم للمساكين و المتطلبات المختلفة للأربع سيارات المستنفرة ليلا نهارا في الجري وراء زواري والتسكع للمصالح الخاصة .هي لا تقل حسب تقدير أولي عن 40 دينار يوميا ، أي 1200 دينار شهريا. مما يجعل تكلفة مراقبة معارض واحد لمدة شهر واحد6400 دينار…. ويخصّصون 800 دينار سنويا لصيانة مدرسة فيها 14 قسما .   هذا ما يقودنا إلى المكوّن الثاني للجريمة أي التعامل مع التعليم كقضية أمنية في الأساس. ثمة في البداية « ملحمة » مادة التربية الإسلامية، وهي منذ ظهور مفهوم تخفيف البرامج (تجفيف المنابع) بصريح العبارة رهان أمني داخلي وخارجي.لكن يا لسذاجة الاعتقاد بأن التلاعب بمادة في المدرسة قادر على صياغة العقول والقلوب دون الأخذ بعين الاعتبار صورة الساهرين على التوجيه والتناقض الفاضح بين أقوالهم عن الديمقراطية وأفعالهم ، ودور العائلة والأعلام ،وحرية الأشخاص وذكائهم ! يا لسخافة الاعتقاد بأن التحكم في هذه المادة – مثل التحكم في خطبة الجمعة – سيحدّ من ظاهرة التدين، والحال كما يعرف الكلّ أن العكس هو الذي حصل، وهذا عقاب من لا يحترم ذكاء الناس !   ما يجب أن يسترعي العملية ليست نتائجها لأنها معدومة بل وعكسية كما قلت، وإنما أن برامج تعليمنا، التي تضعها نظريا وزارة تونسية ، لم تعد تخضع لمتطلبات مجتمعنا وإنما لمتطلبات مجتمعات أخرى..لمتطلبات قوى الهيمنة في نسق مع سياسة قديمة تريد السيطرة على الأذهان كشرط تمهيدي للسيطرة على الأبدان..   يوم الثلاثاء الماضي قدمت قناة Arte الفرنسية برنامجا وثائقيا رائعا عن دور وكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA في الخمسينات في الحرب الثقافية وكيف موّلت صحفا وأفلاما وكتبا ومعارض فنية بالمئات، وكيف استخدمت مثقفين كبار من نوع Raymond Aron ، واستعملت أخس الوسائل لمنع جائزة نوبل للآداب عن الشاعر اليساري الكبير Neruda …. كل هذا لمواجهة أفكار الشيوعية .   تيقنوا أنها نفس الأساليب المستعملة اليوم لمحاربة الإسلام وأنه سيأتي يوم نكتشف فيه كم قبض هذا الإعلامي وذاك المثقف وأن برامج التربية الإسلامية في تونس والعالم العربي الإسلامي كانت توضع أساسا في واشنطن وربما في باريس ولندن…وأن النظام يقايض بهذا التجاوب مع « الأوامر العلية  » تأبيده في الحكم عبر الدعم الغربي لنصير ضدّ  » الإرهاب ».   لكن التحكم في البرامج وتطويعها لأغراض أمنية ليست التقنية الوحيدة التي يستعملها الدكتاتور للبقاء في السلطة . .نحن ننظر للجامعات على أساس أنها ….جامعات، أي مكان يتجمع فيه أساتذة وطلاب للدرس والتكوين والبحث تلبية لحاجيات مجتمع عصري . لكن من وجهة تقني القمع الذي يتحكم فينا ، هذه مجموعات بشرية كثيفة وهو لا يتحمل إلا أفرادا معزولين يسهل مراقبتهم والتحكم فيهم .ثمّ أليس تاريخنا المعاصر حافلا بالتحركات الطلابية وهل هناك أخطر من الشباب المتجمع ؟ يفرض العقل البوليسي إذن محاصرة هذه الجموع الخطرة ومراقبتها الدائمة من الداخل وإقصائها خارج وسط المدن وتذريرها على ما لا يحصى ولا يعد من » الجامعات » بحجة اللامركزية وتقريب الخدمات.   ثمة أيضا تقنية تفريقها بكل الحجج ولأطول فترة ممكنة عبر  » العطل ». ربما لا يوجد بلد  » يتمتع » فيه الطلبة و التلامذة بالكم الهائل من هذه العطل قدر الشباب التونسي. فكل حدث ذريعة لتفريق الجماهير الخطرة : قمة عربية ! نهاية كأس أفريقيا ! الخ. طلبت من أحد المربين حساب العطل التي تعرّض لها تلامذة الثانوي السنة الماضية فاكتشف هو نفسه مذهولا أن السنة الدراسية لا تتجاوز سبعة اشهر فعلية في أحسن تقدير، مما يعني سنويا خمسة أشهر تسكع وملل وبطالة مقنعة. في اليابان لا تتجاوز العطل 5 أسابيع سنويا . وتسألون عن سبب فقرنا وتخلفنا.   * كل هذا ساهم بقدر كبير في الانحدار الرهيب للتعليم ونتيجته كارثة وطنية على مستويين . الأول هو المستوى الأخلاقي . نحن أمام أجيال تعلمت الحصول على درجات لا تستحقها بجهدها وتربّت في جوّ خانق وموبوء قوامه التكاسل والخديعة والكذب،ناهيك عن بروز ظاهرة شراء المناظرات وحتى تهديد الأساتذة للحصول على شهادات لن تسوى قريبا الحبر الذي طبعت به. من المضحك المبكي أن نرى اليوم أن كثيرا من الاضطرابات التلمذية وحتى اضرابات الطلبة تتعلق بالمحافظة على  » الحقوق المكتسبة » كلما حاولت الإدارة تدارك شيئا من الأخطاء والخطايا التي تسببت فيها خيارات مجرمة.   الثاني هو المستوى المعرفي حيث نحن أمام أجيال وقع تجهيلها ولا يمكن بالتالي أن تكون أداة أي تقدم اقتصادي واجتماعي وعلمي وثقافي وستبقى زمنا طويلا معوقا أساسيا لتطور البلاد. هذه الأجيال الجاهلة هي الخزّان الذي تغرف منه الحركات المتشددة رجالها ونساءها بعد أن انقلب السحر على الساحر وأدى مشروع تجفيف المنابع من جهة لخلق فريق من المستقيلين والمتميعين ومن جهة أخرى لزيادة رهيبة في إنتاج المتطرفين.   هذه الأجيال هي التي قد تتظاهر يوما ضد الدولة الديمقراطية وهي تحاول إعادة الاعتبار للجهد الشخصي والقيمة للدبلوم وللتعليم دوره وهيبته مع ما يتطلبه الأمر من تضحيات جبارة من قبل الجميع. ما الحلّ؟   ثمة الأسهل وهو أن نقبل نهائيا بوجود ثلاثة طبقات تعليمية : تلك التي تدرس في الإرساليات الأجنبية وفي جامعات ما وراء البحار، وتلك التي تستجير بالتعليم الخاص الذي يعرف الجميع انتشاره الرهيب، وأخيرا الطبقة الفقيرة التي لا خيار لها غير التعليم العمومي بفقره وانحطاطه المتسارع وترقيته الآلية وشهاداته التي لن يعترف بها قريبا حتى المشغّل المحلّي، وأخيرا المصير المحتوم لأغلب خريجيه من فقر وبطالة ويأس وجريمة وانتحار وهجرة سرية محفوفة بكل المخاطر خاصة بعد أن أصبح اجتياز الحدود سرا جريمة يعاقب عليها بعشر سنوات سجن ( إرضاء للعراب الأجنبي طبعا). وفي حالة تسليمنا بهذا الخيار فإنه يجب أن نقبل أن تونس بلد في طريق التخلّف، أننا نتقدم إلى الوراء وأن عصرنا الذهبي خلفنا. إما إذا تمردنا على هذا الخيار فلا وسيلة أمامنا غير إنهاء النظام الدكتاتوري الذي تسبّب في هذه الكارثة الوطنية ومحاسبة كل المسئولين عنها وخاصة كل وزراء التعليم الذين تتالوا على القطاع وساهموا في الكارثة . فبالمقارنة يمكن القول أن الضرر الذي تسبب فيه المفسدون والجلادون، كلاشيء لأنه ظرفي ومحلي وقابل للتدارك ، أما هم فقد دمروا مستقبل البلاد لا أكثر من هذا ولا أقل.   إن على الشباب وكل رجال ونساء التعليم التجند لإنقاذ شرفهم الشخصي والمهني ومصالحهم ورسالتهم في المجتمع . هذا غير ممكن اليوم إلا عبر الانخراط الحازم في المقاومة الديمقراطية السلمية لإنهاء هذا العهد المظلم في أقرب وقت ممكن والدخول في أشق عملية ستواجهنا جميعا للأسف في كل الميادين : إعادة التأسيس . كم سيكون الطريق شاقا طويلا لكي تتمتع تونس بالتعليم القادر على تجدّد ها. ومن ركائزه العودة لهدفي الدستور: المجانية،الإجبارية …. والعودة لمتطلبات لمجتمع من تكوين الشخصية المستقيمة المحبة للجهد والمتعودة عليه ، الممتلكة للّغة والأدوات الفكرية والثقافة العامة… والعودة لمتطلبات التنمية من توافق بين المدرسة والمجتمع و التخصص في الوقت الضروري والبحث العلمي…. وتحت راية الصدق والمسؤولية والتقييم الدائم والإصلاح الشجاع المتواصل.   سوسة 1-12- 2006   (المصدر: موقع حزب المؤتمر من أجل الجمهورية بتاريخ 2 جانفي 2006) الرابط: http://cprtunisie.net

 

قدس برس » تفتح ملف الإصلاح السياسي والديمقراطية في تونس أنصار الحكومة: حققنا إنجازات اقتصادية وثقافية واجتماعية متكاملة المعارضة: الدولة تعاني انسداداً سياسياً وغياباً للحريات وهيمنة فردية

 تونس – لندن – باريس – خدمة قدس برس (وحدة الدراسات والأبحاث)   تباينت آراء كتاب وسياسيين تونسيين في تقييم الوضع السياسي الذي تعيشه بلادهم، بعد أن دخلت مع إطلالة العام 2007 الأشهر الأخيرة من العقد الثاني لحكم الرئيس زين العابدين بن علي.   وبينما تحدث البعض عن انسداد آفاق الإصلاح السياسي في تونس وطالب بثورة إصلاحية حقيقية تكون فيها المبادرة للحكومة التي تمتلك كل أدوات الفعل السياسي، ذهب آخرون إلى أن تونس في العقدين الماضيين استطاعت أن تقدم إنجازات اقتصادية وثقافية واجتماعية متكاملة، وأن الذي يشغل قيادتها في الوقت الراهن هو معالجة قضايا التنمية والتشغيل والبطالة والحفاظ على مكانة تونس الدولية التي استطاعت أن تكتسح مواقع هامة.   فهل يحتاج الوضع السياسي التونسي إلى جهود إصلاحية؟، وما طبيعتها؟ ومن يتحمل مسؤولية إعاقة تلك الجهود؟ وعلى من تقع مسؤولية الإصلاح السياسي؟ وهل صحيح أن تعثر التحول الديمقراطي في تونس سببه الخشية من الحضور الإسلامي في المشهد السياسي؟ أم أن اليسار استخدم أجهزة الدولة واستغل الخصومة بين السلطة والإسلاميين لكي يقوّض إمكانية التحول الديمقراطي في حدود معقولة؟ وأين ذهبت الأصوات التي عرفتها تونس سابقا وحاضرا كأحد أبرز روافد الإصلاح: الاتحاد العام التونسي للشغل، الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، المجلس الوطني للحريات، الجمعية الوطنية للقضاة، اتحاد المحامين الشبان، واتحاد الكتاب، وغيرها من منظمات المجتمع المدني. وهل يمكن الحديث عن المصالحة في تونس بعد نحو 20 عاما من حكم الرئيس ابن علي الذي تميز بالانغلاق وضآلة المشاركة السياسية؟.   هذه الأسئلة هي محور ملف خاص فتحته وكالة « قدس برس » عن تحديات الإصلاح السياسي في تونس، وقد شارك فيه كل من أحمد نجيب الشابي الأمين العام السابق للحزب الديمقراطي التقدمي، وأبو بكر الصغير رئيس تحرير مجلة « الملاحظ » التونسية، وعامر العريض رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة، وأحمد القديدي الكاتب والإعلامي التونسي، وعمر النمري الباحث والناشط الإسلامي المعارض.   وضع متميز   يقول الكاتب والإعلامي التونسي أبو بكر الصغير في معرض حديثه عما إذا كانت مسألة الإصلاح السياسي مطروحة في تونس أم لا: « أعتقد أن مقاربة الوضع السياسي في تونس لا يمكن أن تطرح في سؤال بهذه الصيغة، فالوضع السياسي مستقر، وهو يراكم تطوره النوعي يوما بعد يوم، رغم القناعة بأن الطموحات والآمال لدى مختلف الفاعلين في هذا الوضع مشروعة، وهي لا تتوقف عند مستوى معين ».   وأشار الصغير الذي ترأس جريدة « الرأي » المستقلة أيام الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، إلى أن الوضع التونسي بشكل عام إذا ما قورن ببلدان مشابهة لتونس يأتي في مكانة متميزة، وقال: « الوضع السياسي مقارنة مع عدد من الدول الشبيهة بتونس في موقعها الجغرافي وفي إمكانات نخبها هو وضع متميز، ووضع يبشر بكل خير ».   واستند الصغير في هذا إلى ما قال إنه رؤية للرئيس ابن علي، مضيفا: « أعتقد أن مقولة الرئيس ابن علي نفسه بأن التغيير وبما تعنيه الكلمة من مضامين سياسية وثقافية وحضارية واقتصادية، جهدٌ يومي لا يتوقف، يعكس هذا الشعور نحو مزيد من الطموح الذي بات يسكن كل التونسيين ».   مخيبة للآمال   إلا أن أحمد نجيب الشابي الأمين العام السابق للحزب الديمقراطي التقدمي، لا يرى أن الوضع السياسي في تونس على هذا النحو الذي يصوره الإعلامي أبو بكر الصغير وتقدمه وسائل الإعلام الرسمية، ويقول: « بالطبع الوضع السياسي التونسي يحتاج إلى إصلاح جذري، لأن التونسيين وُعدوا منذ عشرين عاما بإصلاح سياسي متدرج، لكن النتائج جاءت مخيبة للآمال تماما ».   واستشهد الشابي بوضع الصحافة والأحزاب والنقابات، وقال: « وضع الصحافة والأحزاب والنقابات المهنية والثقافة عامة، كل ذلك ارتدّ إلى الوراء بدرجات كبيرة ».   وأشار السياسي التونسي إلى الانتخابات الموريتانية الأخيرة، وقال إنها تقدم درسا في الإصلاح الجدي لتونس. وأكد أن الإصلاح الذي تحتاجه بلاده يتطلب جهودا كبيرة، وقال: « بيت الداء في الإصلاح هو النظام الرئاسي الذي أنشأه دستور عام 1956، (وهو تاريخ الاستقلال عن الاستعمار الفرنسي)، فبحسب الدستور فإن جميع المؤسسات تتلخص في يد واحدة، والقضاء يخضع في ترتيباته إلى هيئة يعينها رئيس الدولة، لذلك أقول إن الإصلاح هو دستوري جذري يلغي الحكم الفردي ».   ولا يختلف الدكتور عمر النمري وهو ناشط إسلامي معارض يقيم في لندن في تقييمه للوضع السياسي الراهن في تونس، عما ذهب إليه أحمد نجيب الشابي، وقال إنه واقع: « يتميز بسيطرة كاملة للحزب الحاكم على مقدرات الدولة، وتفرد مطلق بإدارة الشأن التونسي دون مساهمة تذكر من بقية الفرقاء السياسيين، كما يتميز بخنق للحريات، وتضييق على المعارضة السياسية، وتعد على الحقوق الفردية والشخصية ».   واعتبر النمري أن وضعا كهذا من شأنه « تضافر جهود المعنيين بالشأن السياسي في تونس على اختلاف مشاربهم الفكرية وتوجهاتهم السياسية – سواء كانوا في المعارضة أم في السلطة – من أجل تحقيق أقدار من الانفتاح السياسي، والوفاق الوطني، ولمّ الشمل ورأب الصدع ».   صنفان مخطئان   أما الدكتور أحمد القديدي وهو كاتب وإعلامي مخضرم، فيرى أن « الإصلاح في كل مجتمع هو مسار مستديم لا ينقطع، فإذا كانت هناك حياة لها مشكلاتها المتعاقبة وتحولاتها المتلاحقة، فلا بد أن يكون هناك إصلاح ».   وميز القديدي في تقييمه للحالة التونسية بين صنفين من النخبة التونسية « الأولى تقول لنا ليس لدينا أي إصلاح، لأنه ليس لدينا ما يصلح فالكل صالح، والثانية تقول لنا نعم للإصلاح ولكننا لا نحتاج إلى رأي مختلف يدعونا للإصلاح، وكلاهما على خطأ، لأن الإصلاح الحقيقي والمستديم هو الذي يكون نتيجة حوار بين مختلفين لا بين متفقين ».   وأكد الدكتور القديدي أن « الإصلاح السياسي هو أول إصلاح يسبق الاقتصادي والاجتماعي والتربوي، لأن السياسة هي المقود الذي يحدد الخيارات الأساسية، ويرسم الخيوط الرئيسة للتقدم في جميع المجالات، والبداية لا تكون ذات معنى إلا متى كانت سياسية ».   وهو نفس الاتجاه الذي عبر عنه عامر العريض رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة، حيث طالب بإصلاحات سياسية جدية، وقال: « لا شك أن قضية الحريات والإصلاح السياسي تأتي في مقدمة الإصلاحات المطلوبة، إذ أن تونس تعيش أزمة وانسدادا سياسيا تحتاج معه الحياة السياسية إلى إعادة بناء جديد يرفع معه الحظر الموجود على الحريات، وتزال فيه القيود على الرموز السياسية، وإطلاق سراح السجناء السياسيين ورفع القيود عمن تم إطلاق سراحه، هذا هو مدخل الإصلاح ».   الحل الأمني   وإذا كانت الغالبية تتفق على أن الإصلاح هدف مطلوب على الدوام، وإن اختلفت المقاربات حول المقصود منه، كما هو الشأن بالنسبة للنخب التونسية، فإن الاختلاف نفسه يطال الجهة التي تتحمل المسؤولية، فبينما تحمل المعارضة السلطة الحاكمة مسؤولية عدم الإصلاح، يرى أنصار الحكومة أن المعارضة تمارس نوعا من المزايدة السياسية التي لا تقدم شيئا يعين على إنجاز ذلك.   وإلى التيار الأول الذي يحمل السلطة مسؤولية إعاقة الإصلاح، ينتمي أحمد نجيب الشابي، الذي يرى أن مسؤولية الإصلاح تقع بالدرجة الأولى على الحكومة، ويقول: « الدولة هي التي تحاصر الحريات، وبالتالي ما لم تعمل على الاعتراف بحقوق المواطنين بالمشاركة فلن تكون هناك ديمقراطية ».   وأوضح الشابي أن الدولة هي التي أعاقت الإصلاح « بإشاعتها للحلّ الأمني الذي خلق حالة من الإحباط لدى المواطن، وأوجد نوعا من اختلال موازين القوى بين الحكومة والمعارضة ».   ويتفق عامر العريض مع وجهة النظر تلك، حيث يحمل ما اعتبر أنه « سياسة السلطة المنغلقة ورفضها للحوار مع مكونات الحياة السياسية مسؤولية مراوحة مطالب الإصلاح مكانها »، لكنه قال: « إذا كانت السلطة مسؤولة عن تعطيل جهود الإصلاح، فإن مسؤولية الدفع بالإصلاح تحتاج الجميع، فالإصلاح هو تحدٍ لكل قوى المعارضة والنخب التونسية بمختلف اتجاهاتها وانتماءاتها الحزبية ».   لا مجال للمزايدات   وعلى النقيض من ذلك يرى أبو بكر الصغير أنه لا يمكن لأي كان أن يزايد على الرئيس زين العابدين بن علي في الإصلاح، ويقول: « لا يمكن لأي شخص أن يزايد على الرئيس وصدقه في الرقي بالحياة السياسية في تونس إلى أفضل المراتب، والتي لا تختلف في شيء عما هو موجود في البلدان المتقدمة ».   واتهم الصغير المعارضة بعرقلة الإصلاح باعتمادها على جهات خارجية لا تكن الخير لتونس، وقال: « ما يؤسف له أن هناك في تونس من ما زالت لديه حسابات أخرى غير تلك المدرجة ضمن الأجندة الوطنية، مع أن مرجعياته ليست نفس المرجعيات التي أجمع وتوافق عليها التونسيون ».   وأشار إلى أن من يقصدهم بهذا الكلام هم « أطراف من اليسار واليمين متحالفة في إطار تجمع سياسوي لا يجمع بين أطرافه إلا هدف واحد، وهو عرقلة هذا الإنجاز الوطني الذي تحقق ويتحقق في تونس ». وهذه إشارة إلى ما بات يعرف في تونس بتجمع 18 أكتوبر الذي يضم قوى يسارية وإسلامية لأول مرة، نظمت عدة فعاليات وأنشطة سياسية أيام قمة المعلومات العام الماضي احتجاجا على ما اعتبرته تضييقا على حرية الإعلام في تونس.   مسؤولية مشتركة   وبين هذين الرأيين يقف كل من عمر النمري وأحمد القديدي، وكلاهما يعيش في المنفى، حيث يقول النمري: « يتحمل الجميع مسؤولية الإصلاح والسعي للخروج من هذا المأزق السياسي، ويتحمل الحزب الحاكم على وجه العموم، ورئيس الدولة على وجه الخصوص، المسؤولية الكبرى في تحقيق الإصلاح السياسي بالبلد، وذلك لما يخوله له الدستور من صلاحيات، ولما يتوفر عليه الحزب الحاكم من مقدرات جعلت موازين القوى مختلة لصالحه .. هذا الاختلال في ميزان القوى لصالح السلطة هو المسؤول الأول والأخير عن إعاقة جهود الإصلاح التي سعت إليها أطراف عدة في المعارضة لكنها باءت جميعها بالفشل لعدم استجابة السلطة لهذه النداءات ».   أما الدكتور القديدي فيرى أن إعاقة جهود الإصلاح ليست فقط مسؤولية النخبة الماسكة بدفة الحكم، لكن كل شرائح المجتمع، ويقول: « الوفاق الوطني العميق هو الكفيل بدفع عجلة الإصلاحات المحورية، فالعائق أمام الإصلاح هو غياب الوفاق الحق بين مكونات المجتمع التونسي وغياب الاتفاق على الحد الأدنى من تعريف المعاني الكبرى كالحرية والمسؤولية والتنمية والمواطنة و العلاقات الدولية ».   مسار التحول الديمقراطي   يعيد مراقبون أزمة الإصلاح السياسي في تونس إلى نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات من القرن الماضي، حين عمد نظام الحكم الجديد والاتجاه الإسلامي، الذي غيّر اسمه إلى حركة « النهضة » في جرأة سياسية نادرة في وقتها في العالم العربي، إلى التنافس في انتخابات تشريعية انتهت بفوز التجمع الدستوري الحاكم بالأغلبية، وأبرزت الإسلاميين الذين شاركوا كمستقلين قوة ثانية وأساسية.   ولم تمض فترة وجيزة على الانتخابات حتى دخل الخصمان في مواجهة لا يزال غبارها يلبد سماء الحياة السياسية، فهل كان الحضور الإسلامي البارز في المشهد السياسي عائقا أمام عملية التحول الديمقراطي؟.   يقول رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة، الذي يقيم في المنفى، « إن تونس لم تشهد تحولا ديمقراطيا حتى يمكن الحديث عن قوى أعاقت هذا التحول، هذا أولا، أما بالنسبة للإسلاميين فقد بذلوا جهدا وما زالوا من أجل تيسير تحول تونس نحو الديمقراطية سواء كان ذلك على مستوى الأطروحة السياسية التي تتسم بالإصرار على تكريس التعايش، أو من حيث التدرج في مطالبهم، أو مراعاتهم لمجمل الأوضاع الداخلية والإقليمية بما يجعل التحول نحو الديمقراطية أمرا سهلا ».   تونس والتجانس المجتمعي   أما الدكتور أحمد القديدي الذي رفض استخدام مصطلح « الزحف الإسلامي »، في إشارة إلى حضور التيار الإسلامي القوي في الخارطة السياسية، فيقول: « تونس من أكثر المجتمعات تجانسا عرقيا وطائفيا وثقافيا واجتماعيا، وأنا لا أرى أي زحف من أي اتجاه كان، إنما بلادنا تتطلب الأمان الاجتماعي والمزيد من الحوار الوطني حول المستقبل، لا أن ننتظر هزات لم يسلم منها غيرنا لنعتبر بها، بل من واجبنا استباق المصير والاستعداد له، ثم إن عددا كبيرا من الإسلاميين أعادوا النظر بشجاعة في كثير من استراتيجياتهم وأخذوا مواقع فكرية جديدة فتحت أمامهم أفاق التواؤم الذكي مع مقتضيات المحيط الدولي ونواميس العلاقات الدولية مع احتفاظهم بثوابتهم ».   أما الدكتور النمري فقد استغرب من طبيعة السؤال، ورأى أن المستمع « يخيل إليه أن الفرقاء السياسيين في تونس – سلطة ومعارضة – قد تواطؤا على الاحتكام إلى الاختيار الشعبي الحر، وتراضوا على ما يمكن أن تنتهي إليه نتائج الاقتراع السري في انتخابات ديمقراطية شفافة ونزيهة، يمكن أن تفضي إلى فوز ساحق للتيار الإسلامي، يزحف فيه على الأخضر واليابس، بما تتضاءل في حدوده حظوظ الفرقاء السياسيين الآخرين في الحصول على الحد الأدنى من الأصوات الذي يمكن في ضوئه حفظ الموازنة اللازمة لضمان التحول الديمقراطي من أي انحراف أو جنوح إلى الاستبداد، ومع أن هذا في الحقيقة لم يحدث، وليست هناك أي بوادر على حدوثه، فإن حركة النهضة عبرت في أكثر من مناسبة عن عدم رغبتها في الدخول في منافسة حادة لا على مستوى الرئاسة ولا على مستوى البرلمان، وأبدت استعدادها للتحكم في قوائمها الانتخابية بما يحفظ الموازنة ويبعث شيئا من الاطمئنان في نفوس منافسيها السياسيين ».   هواجس نفسية   واعترف النمري بوجود شكوك لدى بعض أطراف المعارضة اليسارية على وجه الخصوص، من الحضور الإسلامي، لكنه قال إنها « شكوك قائمة في الحقيقة على هواجس نفسية، وحكم على النوايا أكثر من كونها قائمة على حقيقة ماثلة للعيان، وهو أمرٌ لم يتح لحركة النهضة ولم تُجرب فيه حتى يحكم عليها في ضوء الممارسة الميدانية سلبا أو إيجابا ».   وهذا أمرٌ يخالفه فيه أبو بكر الصغير، حيث يقول: « إذا حاولنا أن نعيد قراءة تطور المسار الديمقراطي في تونس، بلا شك سنتوقف عند محطة نهاية ثمانينيات وبداية تسعينيات القرن الماضي، وندرك أن طرفا كان من المفروض أن ينخرط في هذا المسار لم يكن في مستوى الثقة التي أعطيت له، إذ كانت له حسابات أخرى غير الحسابات الوطنية، وطغت عليه الأنانية والفردانية، مما جعل كل الفعاليات السياسية الوطنية تجمع أنه كان أحد الأسباب التي لم تجعل المسار الإصلاحي الديمقراطي يسير بنفس النسق الذي انطلق به مع التغيير، إذ اضطر الجميع وأمام ما استجد وقتها من تطورات وأعمال خطيرة إلى وقفة تأمل وحتى أحيانا مراجعة ».   إلا أن المحامي أحمد نجيب الشابي، الذي أكد حدوث بعض الأخطاء التي تنسب للإسلاميين، قال: « الحقيقة أن تلك الأخطاء بالإضافة إلى الوضع في الجزائر ومصر قد تم توظيفها لتشديد القبضة الأمنية، حيث كان بإمكان السلطة أن توقف تلك التجاوزات، لكنها لم تفعل، وقد انطلى هذا في البداية على أصدقاء تونس لكنها الآن سقطت، فالإدماج والمصالحة هو الحل، إذ لا مخاوف على الاستقرار أصلا ».   ونفى الشابي أن تكون المبالغة الأمنية في مواجهة التيار الإسلامي تنطلق من خلفيات أيديولوجية هدفها الثأر من الإسلاميين، وقال: « صحيح أنه بعد التغيير عام 1987 كان هناك فراغ سياسي حاولت بعض الجهات ملأه، وتسربت بعض العناصر اليسارية إلى أجهزة الدولة، لكن هذا لم يتحول إلى ظاهرة، ومسألة الحل الأمني مسألة تخص الحزب الحاكم ولا تخص اليسار ».   وهو تحليل يتفق مع ما ذهب إليه أبو بكر الصغير رئيس تحرير مجلة « الملاحظ »، حيث قال: « السلطة لديها مشروعها المجتمعي الواضح، ولديها حزبها المولد لهذا المشروع، وهو التجمع الدستوري الديمقراطي، الذي يلتقي مع اليسار في بعض توجهاته كما يلتقي مع غيره من التوجهات ذات القيم النبيلة ». واعتبر أن من يقول إن اليسار استغل أجهزة السلطة لتصفية خصومه، هم الإسلاميون، وقال: « هذا الاتهام فيه إهانة للسلطة نفسها، هناك حزب مولد للأفكار قد يلتقي في بعض التقاطعات مع بعض التوجهات، لكنه قطعا هو الحزب الأكثر تقدما حتى على الدولة، كما قال الرئيس ابن علي نفسه ».   تقارب ثم افتراق   لكن عامر العريض القيادي في حركة النهضة يرفض استخدام مصطلح « اليسار » بالمطلق، ويقول: « أولا أرى أن كلمة (اليسار) تحتاج إلى إعادة تعريف، أما الذين استخدموا أجهزة الدولة لضرب الإسلاميين وغير الإسلاميين، هم الاستئصاليون ».   ويؤكد العريض أن من يقصدهم بالاستئصاليين « تيار طائفي لا يمثل العائلة اليسارية، وهم الذين يرفضون حق الآخرين في التعبير وبعضهم من اليسار، لكن ليس كلّهم ».   أما الدكتور النمري فقد أقر بأن العشرية الأولى من حكم الرئيس زين العابدين بن علي تميزت بتقارب واضح بين السلطة والمعارضة غير الإسلامية، وقال إن ذلك كان بهدف « التخلص من خصم سياسي شاب بتلفيق تهم الإرهاب والعنف لحركة النهضة، والاستقواء عليها بالسلطة الحاكمة؛ طمعا في حدوث انفراج سياسي يحقق لهم بعض المصالح الحزبية ويفتح لهم أبواب المشاركة السياسية، وتحقيق أقدار من الديمقراطية ».   لكن هذا الحلف لم يدم طويلا برأي النمري « حيث وجد بعض أقطاب المعارضة غير الإسلامية أنفسهم في مواجهة مع السلطة الحاكمة، ونالهم ما نال غيرهم من ظلم، وحبس، وتهميش، ووجدوا أنفسهم في خندق واحد مع حركة النهضة في مواجهة السلطة، وبرز ذلك واضحا في مجموعة 18 أكتوبر التي ضمت، إلى جانب أطراف المعارضة غير الإسلامية، اثنين من القيادات التاريخية لحركة النهضة ».   وينظر الدكتور القديدي بشكل مختلف إلى مسألة العلاقة بين اليسار والإسلاميين في تونس، ويقول « الصراع بين الشيوعيين والإسلاميين قديم وقائم على قواعد أيديولوجية عريقة. وأعتقد أن لا مجتمع في العالم، شرقه وغربه، سلم من هذا الصراع، إلى أن انهار جدار برلين وتوحدت ألمانيا وسقط الاتحاد السوفياتي وبدأت تلتحق شعوب أوروبا الشرقية بالاتحاد الأوروبي الديمقراطي والقائم على اقتصاد السوق، لكن هذا الإعصار التاريخي لم يدفع الشيوعيين إلى اليأس والاستقالة بل وجدوا في كل أرجاء الدنيا متنفسات جديدة للتعبير عن ثوابتهم وتحالفوا مع تيارات أخرى كانت تعاديهم، و أنا لا أريد أن أحمل تلك النخبة التونسية التقدمية وحدها مسؤولية المشكلات الطارئة، فالسياسة هي لعبة توازنات متحولة وتعادليات متغيرة ».   المجتمع المدني في خدمة الديمقراطية   انعكست الأجواء السياسية المترددة على عمل منظمات المجتمع المدني التي تعتبر تونس من بين أقدم الدول العربية في عمل هذه المؤسسات. وغني عن التعريف أن الاتحاد العام التونسي للشغل، ساهم، تحت قيادة زعيمه الراحل الحبيب عاشور، في إنجاز الاستقلال وإعطاء الأجراء والطبقة الشغيلة حقوقا لا تقل أهمية عما يتمتع به العامل الأوروبي.   كما كانت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان من أبرز المنظمات الحقوقية العربية وأقدمها، وقد أسهمت بفاعلية قلّ نظيرها في الدفاع عن الملفات الحقوقية، فيما يعتبر المجلس الوطني للحريات رافدا مهما للحركة الحقوقية التي أخذت في العودة مؤخرا إلى العمل بعد سنوات من التراجع، فأين موقع هذه المنظمات اليوم؟.    أرضية مشتركة وأهداف متباينة   كان لافتا للانتباه الأرضية المشتركة التي عبر عنها كل من النمري والقديدي والشابي والصغير والعريض، على الرغم مما بين تلك الشخصيات من تباينات قد تصل إلى حد التناقض.   فقد اعتبر الدكتور النمري، أن »منظمات المجتمع المدني بكاملها منخرطة أو في طريقها للانخراط في معركة الحريات، وهي كمثيلاتها من منظمات المجتمع المدني لا بد أن تلعب دورا مركزيا في إي إصلاح سياسي في البلد، ولا يمكن العمل في معزل عنها أو التغاضي عن دورها في تحقيق الوفاق الوطني والأمن والاستقرار ».   وهو نفس ما عبر عنه الدكتور القديدي، أحد الشخصيات الإعلامية في الحزب الدستوري الذي تحول لاحقا إلى التجمع الدستوري الديمقراطي، حيث قال: « إن مكونات المجتمع المدني هي الموكول لها القيام بالإصلاحات الجوهرية ومن مصلحتنا جميعا أن تكون هذه المكونات حرة وقوية وشرعية وفاعلة وذات تأثير ينظمها قانون عادل مترفع عن الاتباع ومستند إلى دستور راسخ وعتيد ».   أما أحمد نجيب الشابي، فقد أشار إلى بداية يقظة في حياة منظمات المجتمع المدني في السنوات الأخيرة، وقال: « لقد تضررت منظمات المجتمع المدني كثيرا بالإعصار الذي عرفته تونس مطلع التسعينيات، والآن هناك بداية يقظة، فقد بدأ الاتحاد العام التونسي للشغل في اتخاذ مواقف مستقلة حين رفض الدخول إلى مجلس المستشارين، كما أن نقابات المحامين والقضاة والصحافة والرابطة، بل حتى السينمائيين والمسرحيين، كلهم يحاولون الخروج عن بيت الطاعة ».   ونحا أبو بكر الصغير نفس المنحى، حيث أكد قوة هيئات المجتمع المدني وعراقتها في تونس، وقال: « المجتمع المدني يعيش فترة من أحسن فتراته، صحيح أن هناك مدّ وجزر بين بعض المنظمات والدولة، لكنه يصب في مصلحة المجتمع، فالاتحاد العام التونسي للشغل منظمة مستقلة وتعيش استقلالية تامة، والمحامون يتحركون باستقلالية تامة أيضا، وفي الرابطة مدّ وجزر، وهناك خلافات داخلية تتحمل مسؤولياتها أطراف لم تكن وفية للمبادئ التي تأسست عليها الرابطة، مما جعلها محتكرة من طرف فصيل سياسي من أقصى اليسار »، وذلك في إشارة إلى ما يدور الآن بين الهيئة المديرة للرابطة برئاسة المحامي المختار الطريفي وعدد من الأعضاء الذين تقول الهيئة المديرة للرابطة إنهم مدفوعون بقصد إضعافها وتدجينها، وهو اتهام تنفيه الحكومة والأطراف المعارضة للهيئة.   أما القيادي في حركة النهضة عامر العريض فقد اعتبر أن الحديث عن منظمات المجتمع المدني ككتلة واحدة ربما فيه بعض التعميم والتجاوز، وقال: « يختلف الوضع من منظمة إلى أخرى، ففي حين برز قطاع المحامين مدافعا عن الحرية فإن منظمات أخرى تعرضت للمحاصرة وعطلت أعمالها مثل وضع الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، أما الاتحاد العام التونسي للشغل الذي يعتبر من أعرق المنظمات النقابية ذات الدور الفاعل في الدفع بالإصلاح، هذه المؤسسة العملاقة تعيش مخاضا داخليا نأمل أن يزول لكي تساهم هذه المنظمة في عملية الإصلاح السياسي في البلاد ».   واجب أم مبالغة؟   ما الذي يمنع إذا من أن يتحول هذا الحوار بين الفرقاء السياسيين والمختلفين في الرأي إلى حقيقة ملموسة؟ هل يستدعي هذا الخلاف الذي يصل في بعض الأحيان حد التناقض وجوب الحديث عن مصالحة وطنية شاملة؟ وإذا جاز التعبير: هل المصالحة بين التونسيين ممكنة؟.   هنا اختلفت الآراء، فبينما اعتبر الدكتور النمري أن المصالحة الوطنية واجب وضرورة، لأن الأمر يتعلق برأيه « بالحديث عن أمر عظيم، ألا وهو الإصلاح بين الناس، وهل هناك أفضل وأعظم وأجلّ من صلح بين الناس ورأبٍ للصدع؟ »، رأى أبو بكر الصغير أن مطلب المصالحة يحتوي على مغالطة ولا يستقيم في تونس، « هل المكاسب والنجاحات التي حققها التونسيون في كل المجالات السياسية (مجلس حقوق الإنسان)، وفي الاقتصاد (تقرير دافوس) والثقافة والرياضة والفن وغيرها من المجالات، جاءت بشكل عفوي؟ ».   ويرد الدكتور النمري قائلا: « إن ما حصل بين الفرقاء السياسيين في تونس على مختلف مشاربهم الأيديولوجية ومناهجهم الفكرية لا يعدو أن يكون خلافا في الطرح، وتباينا في وجهات النظر، لم يصل بهم إلى حد التناحر والاقتتال، وإن شهد في بعض الحالات حدا كبيرا من التوتر، خاصة بين السلطة والمعارضة، ومع ذلك فإني أعتقد أن المصالحة بين التونسيين ممكنة وقابلة للإنجاز، وخاصة لما عرف به الشعب التونسي من تفهم وتسامح، ولكن لابد لذلك من شروط لعل من أهمها:   1 ـ تصالح التونسيين جميعهم: يسارييهم وإسلامييهم، سلطة ومعارضة، مع تراثهم ودينهم وهويتهم وثوابتهم العربية والإسلامية. ذلك أنه لا يمكن بحال من الأحوال مصادمة أو محو ذاكرة شعب بأكمله، ضاربة في التاريخ، متأصلة في الأنفس، منذ ما يزيد عن أربعة عشر قرنا من الزمن… لا أقول هذا انطلاقا من الواقع فحسب بل استشرافا للمستقبل أيضا، إن الأمة الإسلامية تشهد اليوم تحولا كبيرا في تركيبتها الثقافية والاجتماعية يتجه نحو مزيد من التمسك بدينها والاعتزاز بعروبتها.   2 ـ التأسيس لديمقراطية وفاقية متدرجة والبحث عن الطرق السلمية لحسم الصراع على السلطة في البلاد، حيث لا يزال هذا الصراع هو المعضلة الحقيقة التي لم تستطع الأمة الإسلامية عبر قرون عديدة إيجاد حل سلمي لها، والسؤال الجوهري الذي لم يلق إجابة حتى الآن من الفرقاء السياسيين معارضة وحكاما في الدول العربية والإسلامية هو: إلى متى يظل الصراع السياسي في هذه الدول محكوما بقانون: إما ذابح أو مذبوح! ، إما قاتل أو مقتول!؟ إلى متى تظل جثث الجماهير سلما لارتقاء الحكام إلى سدة الحكم؟! ومن جهة أخرى إلى متى تظل هذه الشعوب تدفع حكامها إلى طريق مسدود لا مخرج منه إلا الموت؟!   ومن شروط نجاح هذا الحل الوفاقي:   ـ إخلاء السجون التونسية من سجناء الرأي مهما كانت انتماءاتهم الحزبية، وتمكين المهجرين من العودة إلى بلدهم من دون قيد أو شرط والعيش فيها بأمان وسلام.   ـ رفع القيود عن التدين والسماح بأقدار من الحريات العامة واحترام الفرقاء السياسيين جميعهم لهوية تونس العربية والإسلامية.   ـ ضمان حرية الرأي والتعبير والتنظم.   ـ ضمان المواطنة للجميع والتساوي في الحقوق والواجبات.   ـ العمل على قاعدة التلاقي والحوار لا التنافي والقطيعة.   ـ التسامح ، والاعتراف بالآخر والاحترام المتبادل.   ـ التوزيع العادل للثروة الوطنية ».   لسنا في دارفور!   لكن أبو بكر الصغير استغرب هذا الطرح، وقال: « عندما أسمع هذا الكلام أتوقع وكأن الوضع في تونس هو نفسه الذي يجري في دارفور أو في رواندا!، والحال أننا بعيدون كل البعد عن هذه الأمثلة ». وأكد أن شعار المصالحة غير مطروح أصلا في تونس، وقال: « هنالك أقلية لو جاءهم إفلاطون وأقام لهم جمهوريته الفاضلة لا يرضون، على الرغم من عمق الخلافات التي تخترقهم ».   ودعا الصغير الذي يصنف على أنه قريب من التوجهات الرسمية للنظام الحاكم في تونس، الجميع إلى الاحتكام إلى صناديق الاقتراع والدخول في المنافسة السياسية من خلال برامج سياسية، وقال: « إذا كان هناك صاحب رأي فليعرف بنفسه وبقاعدته وقدرته على جمع ألف شخص فقط ». واتهم دعاة مشاريع المصالحة بأنهم « أعجز من يملؤوا كراسي لحملة صغيرة ».   أما المحامي أحمد نجيب الشابي فقد استبعد أي إمكانية للمصالحة في الوقت الراهن وأرجع ذلك إلى غياب شروطها، وقال: « المصالحة مطلب لا يمكن لأحد أن يعارضه، ولكن شروطها غير متوفرة، ذلك أن النظام مقتنع بأن الحرية وحقوق الإنسان في أحسن حال، والمشكلة كلها بعض الرتوشات، وعليه فهذا التصور يدل على عدم استعداد للحوار مع الأحزاب، وبالتالي أحد شروط المصالحة منعدم ».   وهو رأي يلتقي فيه مع رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة عامر العريض، الذي اعتبر الحديث عن المصالحة من الأشياء المباحة، وقال: « المصالحة تستوجب إرادة، وهذه الإرادة مشكوك في توفرها، خصوصا عند السلطة التي أغلقت الباب أمام كل جهود الحوار مع باقي أطياف المعارضة ». وأوضح العريض أن « تونس تحتاج إلى مصالحة كبرى بين كل مكوناتها، مع هويتها ومع محيطها العربي والإسلامي ».   لكن الدكتور أحمد القديدي كان له رأي أكثر تفاؤلا حيث قال: « المصالحة هي الشرط الأول للسلام الاجتماعي، وتونس بفضل نخبها المتميزة وأصالتها الديمقراطية وسبقها الدستوري مؤهلة لا للوفاق فحسب، بل للريادة في إقليمها المغاربي ومحيطها العربي ورقعتها الحضارية الإسلامية. المهم أن نبدأ ».   (المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال بتاريخ 2 جانفي 2006)


خالد شوكات وحركة النهضة: أحبك ولا أصبر عليك

 

بقلم ناجي الجمل

 

لا أدري على وجه الدقّة ما هي تضاريس علاقة الدكتور خالد شوكات بحركة النهضة التونسية. ولكن المتابع لكتابات الرجل يلحظ، دون عناء ودون سابق معرفة بما يطبخ في قدر الحياة السياسية والفكرية في تونس، أن للكاتب حسابات يريد تصفيتها مع الحركة ورموزها. فهو لا يترك فرصة ولا حدثا يكتب فيه إلاّ وتجده يحشر لمزا في قيادتها أو قدحا في خياراتها أو تشكيكا في جدوى وجودها. وآخر ما عثر عليه في « عورات الحركة » نعيها قتل الرئيس السابق صدام حسين. فاهتبل كعادته خطاب العزاء ليكتب في موقعه المفضل إيلاف (ونشرته تونس نيوز في بتاريخ 2-1-2006) مقالا يقارن فيه بين موقف الحركة اللاعن للرئيس حبيب بورقيبة وموقفها المترحّم على الرئيس صدام حسين. ليعلمنا في نهاية مكتوبه أن الاختلاف في الموقفين يعود إلى الغل والحل اللذين رانا على قلب الشيخ راشد الغنوشي وإلى التماهي بين سيرة الأخير مع سيرة الرئيس صدام.

وحتى لا أتّهم الرجل بما ليس فيه وأتهم بعدم قبول الرأي المخالف، سأتناول مقتطفات من مقال الدكتور  وأقارنها ببيان الحركة محل الاتهام والتنديد.

بدأ الدكتور بقوله ب: « بكت حركة النهضة الإسلامية، وعدد من الأحزاب والجماعات القومية واليسارية التونسية، بحرقة الديكتاتور العراقي صدام حسين… »، وكما ترون فقد قدّم الحركة على غيرها من الحركات والأحزاب والحال أنها لم تكن السباقة في التنديد. فهل مردّ هذا التقديم هياما بالنهضة أم اعترافا بقدرها. ثمّ شدّد على أن البكاء كان بحرقة فهل وجدتم بربكم في بيان الحركة الذي لم يتجاوز الفقرة الواحدة لوعة وجزعا وحرقة؟ انظروا ما جاء في البيان  » أقدمت اليوم ـ وهو أول أيام عيد الأضحى ـ  سلطات الاحتلال في العراق وبطواطئ من أطراف رئيسية في الحكومة العراقية  على إعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين بعد أن أصدرت في حقه  حكم الإعدام.  إن هذه المحاكمة بالإضافة إلى أنها تجري تحت الاحتلال الأمريكي فقد شهدت المحكمة الكثير من الخروقات الكبيرة للقوانين المتعارف عليها دوليا ومع قواعد حقوق الإنسان. ان حركة النهضة: ـ    تدين هذا الحكم الجائر في ظل الاحتلال وكل هذه الملابسات والخروقات ـ  تعتبر ان تنفيذ هذا الحكم أول أيام عيد الأضحى عملية استفزاز لمشاعر كل العرب وكل المسلمين وهي دفع نحو مزيد تعميق الأحقاد والجروح. ـ  تدعو كل العراقيين إلى الوحدة من اجل الاستقلال وتجنب الفتن الطائفية والمذهبية.

وللقارئ أن يتسائل عن الفرق بين مضمون هذا الخطاب وبين ما وجده شوكات في نفسه وهو يشاهد مسخرة الإعدام عندما يقول: « …

قد وجدت في تنفيذ حكم الإعدام ضد الطاغية صدام في تاريخه المذكور، وبالصورة التي نقلتها سائر وسائل الإعلام العربية والدولية، خطأ فادحا ينم عن غباء سياسي وعقل طائفي مريض وتلاعب خطير بالمصلحة الوطنية العراقية… » فهل هناك خلاف جوهري في الرأيين عدا الصياغة التي اقتضتها طبيعة المقالين؟ للقارئ أن يحكم. أما أنا فلا أرى إلا اغتناما لحدث الأصل أن لا يذكر فيه الأموات إلا بخير وتتبعا لما يحسبها الحاقد عورات. وإلا كيف يفسر لنا الدكتور الانتقال من هذا النبأ المهين للكرامة البشرية والمنذر بفتنة طائفية إلا التفتيش في صدر الحركة الإسلامية في تونس حين يقول: »لقد بدا لي أن مشكلة قيادة الحركة الإسلامية في تونس ، من خلال بيان التعاطف الصدامي، ليس كما زعمت طيلة العقود الماضية، مع ديكتاتورية الحكم، إنما لأن الحكم لا يرفع شعارات شعبوية « عروبية و دينية« .

وأمانة لخطه السياسي ما كان السيد شوكات ليفوت هذه الفرصة دون العودة إلى تكرار مشجب رفض الشيخ راشد الترحم على الرئيس بورقيبة ليكشف لنا الحجاب عن ظلمات قلب الشيخ. « إن سعة صدر الشيخ الغنوشي التي شملت بالعطف والرحمة كل جرائم الطاغية العراقي، الذي قتل وعذب وسحل وبذر وطغى وتجبر أكثر من أي حاكم عرفه التاريخ العربي الإسلامي، لم تقدر على أن تستوعب سيرة الزعيم الرئيس الحبيب بورقيبة، حيث بلغ الغل والحقد بزعيم الحركة الإسلامية التونسية أن رفض الترحم على قائد مسيرة الاستقلال والتنمية في بلاده، ووصفه فيما معناه بأنه « ملعون سيدخله ربه جهنم »، وهو على فضائله التي لا تعد لن يدخله ربه الجنة، أما صدام فعلى مخازيه وجرائمه التي لا تعد أيضا، ففي في الفردوس الأعلى بشفاعة ظل الله في الأرض من الأولياء والصالحين. لقد افتريت هنا يا سيادة الدكتور في أكثر من موضع.

أوّلا: لا يوجد في بيان الحركة لا ترحم ولا عطف على صدام

ثانيا: التعزية ليست مناسبة لتقييم سياسة الميت لا مدحا ولا ذما وإنما التنديد بالظلم والتحذير من العواقب، وهذا فحوى خطاب الحركة الذي اتخذته مطية لإخراج ما بداخلك.

ثالثا: اربأ بنفسك عن الحكم على نيات الآخرين والاستهزاء بصلاحهم واللمز في معتقداتهم. فالشيخ راشد لا يوزع صكوك التوبة والغفران. 

رابعا: : لم نسمع أو نقرا عن الشيخ راشد لعنا لغير إبليس ولا وعدا لميت بجنة أو النار. وما وضعك لعبارة « ملعون سيدخله ربه جهنم » بين هلالين إلا لعدم تحققك من الرواية ورغبة في التذكير والتأكيد والتشهير عما تحسبها سقطة في خطاب الشيخ.

 

فلقد قلت وقولك هنا حق « إن معيار التقييم الأساسي (وهو الشهادة للإنسان بالكفر أو الإيمان والترحم فرع عن هذا) عند رئيس الحركة الإسلامية التونسية وكثير من زملائه (بل وكل من يحترم دينه وعقيدته)، ليس ما يحققه الحاكم من رفاهية واستقرار وتنمية اقتصادية واجتماعية وإنفاق على التربية والتعليم وسائر المرافق الضرورية لارتقاء بمستوى عيش المواطنين، إنما ما يعلنه من رأي في الإسلام وركائزه. وأنت وأصحابك الولهون « بالمجاهد الأكبر » حديثا تعلمون قبل غيركم أن زعيمكم قد ازدرى الإسلام وسخر من الرسول صلى الله عليه وسلم جهرا وعلانية ولم يتب. وتعلمون كذلك، ولكنكم تتجاهلون، أن مرد إعراض النهضة عن الترحم على بورقيبة هو هذا التعدي السافر على المقدسات ولا شيء غيره. ولو لم يلج الرئيس بورقيبة بنرجسيته هذا الباب وبقي في مجال السياسة وتعقيداتها وضربتها لوجد من كل التونسيين وحتى النضويين الترحم والاستغفار. فما كانت المظالم التي لحقتنا من حكمه لتمنعنا من الشهود له بالفضل في بناء تونس الحديثة.

 

ولأجل هذا ولا شىء غير هذا رأيتنا نترحم على جمال عبد الناصر وهواري بومدين والملك الحسن الثاني وصدام حسين رغم رأينا المعروف في سياساتهم. بل أكثر من ذلك يا دكتور خالد أسر لك بأمر، لن أتردد شخصيا في الترحم على الرئيس التونسي الحالي بن علي والاستغفار له عند الحاجة ما لم يبدل، وذلك رغم ما أصابنا ويصيبنا من عهده. وما ذلك تقديرا لسياسته ولا رجاء في عطفه وإنما فقط لأن خلافنا المعلوم معه لم يتعدى إدارة الدنيا وشؤون السياسة.  


إلى أحمد نجيب الشابي..*

أروح صدّامية وخطاب ديمقراطي؟

د.خالد شوكات

قبل أن أقرأ رسالتك « الغريبة » إلى الرئيس الأمريكي جورج بوش، بمناسبة إعدام الطاغية صدّام حسين، كنت أحسب أنك ترنو بوجهة تونس نحو دول متقدمة تمكنت من صناعة نهضتها حديثا بفضل الديمقراطية، كإسبانيا والبرتغال، أو كوريا الجنوبية وتايوان، أو على الأقل نحو تشيلي واليونان..و لم يكن يخطر ببالي أبدا أن النموذج « الحضاري الفريد » الذي تعد به بلد وشعبك، والذي نذرت له نفسك معارضا لنظام الحكم في دولتك ما يقارب الأربعين عاما، ليس سوى ذلك الذي رسم معالمه القاتمة على أرض الرافدين دما وألما وصنما وخرابا، الطاغية العراقي.

 

تخيلت وأنا أقرأ كلماتك الذائبة عشقا في أكثر دكتاتور دموية في التاريخ العربي الإسلامي، لو أن فليبي غونزاليس رئيس الحكومة الإسبانية الأسبق، أو زباتيرو رئيس الحكومة الإسبانية الحالي، قد كتب الكلمات نفسها في حق دكتاتور بلدهم الراحل الجنرال فرانكو، ماذا كان سيحصل، وهل كان سيمكث أي منهما في مكانه يوما واحدا بعد رسالته، فما بالك لو كان المادح سياسيا ألمانيا والممدوح هتلر، أو أن المادح برتغالي والممدوح سلازار، هذا مع أهمية التنويه إلى أن جرائم فرانكو وهتلر وسلازار في حق شعوبهم، تعتبر غير قابلة للمقارنة بالقياس مع ما ارتكبه صدام في حق الشعب العراقي.

 

لم أفهم – و لا يمكنني أن أفهم- كيف يمكن أن يحب سياسي طاغية كصدام حسين، ثم يقدم لشعبه خطابا ديمقراطيا، أي كيف يمكن أن يحب المرء الإبادة الجماعية و جدع الأنوف والآذان والسحل والتعذيب ونشر أصنام الحاكم في كل مكان وانتخابات ال100% و أمر المواطنين بعبادة السيد الرئيس من دون الله وسياسة الحزب الواحد والعائلة الواحدة والفرد الواحد، وفي نفس الوقت المطالبة باحترام مبادئ حقوق الإنسان والحريات العامة والنظام البرلماني الديمقراطي والتعددية الحزبية ذات المصداقية.

 

أخطاء صدام حسين، التي قلت أن أحدا من الشعب والأمة لم يسايره فيها، ليست أخطاء هينة، حتى يقال أن مقاما لا يسع ذكرها، أو أن مرتكبها ميت لا يجوز تعييره بها، فالأمر يتعلق بكوارث تجاوز مداها المدمر والمأسوي ملايين العراقيين، إلى ملايين العرب والبشر، وحكم الرجل لمدى جاوز الثلاثة عقود، ابتدأت بتعليق المئات من المناوئين في ساحات بغداد (القرية) إلى تعليق الآلاف والملايين في حروب خاسرة وحملات إبادة عامة وسجون ومعتقلات لا عد لها، شملت البعيد والقريب، ونالت من جميع شرائح المجتمع نخبا وعامة، ولم يسلم من الطغيان حتى ابن الخال صاحب الفضل والأصهار والإخوة والأشقاء والأصدقاء ورفاق الدرب.

 

ولست أدري على وجه التحديد أي وثائق اعتمدت في تعداد انجازات الطاغية العلمية والاقتصادية والاجتماعية والصحية، فالمدن العراقية عدا بعض الأحياء البغدادية، لا يمكن تصنيفها حتى ضمن دوائر العالمثالثية، عدا الفقر والجوع والمر ض الذي كان ينهش غالبية العراقيين، في حين لا تخلو مدينة من قصر رئاسي، ولا تخلو خزانة رئاسية من أرقى الموديلات الباريسية و أفخر علب السيجار الكوبية.

 

وإنك إذ ترى في هذه الإنجازات -إن ثبت وجودها- مبررا لإقامة أحد أبشع الأنظمة السياسية في تاريخ البشرية، فإنه لن يكون من حقك بعد رسالتك البوشية هذه – وهو أمر يجب أن يسري بأثر رجعي- معارضة نظام الرئيس زين العابدين بن علي، ومن قبله نظام الزعيم الرئيس الحبيب بورقيبة، لأنهما بكل المقاييس أكثر نجاحا على مستوى التنمية البشرية، الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والصحية، فتونس تعتبر اليوم جنة قياسا إلى العراق الذي تركه صدام حسين، تماما كما أن تجاوزات الرئيسين التونسيين السياسية والحقوقية ستعتبر ملائكية (لاتذكر) قياسا إلى الجرائم الإبليسية التي نفذها الطاغية.

 

وحتى على مستوى العطاء للقضايا العربية، فإن النظام التونسي كان أفضل مليون مرة – إن شئت- مقارنة بنظام الديكتاتور صدام حسين، حيث لم ينخرط التونسيون في أية أدوار يمكن أن تعمق الخلافات العربية العربية، ولم يقرروا يوما إعلان الحرب على جارة مسلمة أو غزو جارة عربية، ولم يخلقوا فصيلا فلسطينيا يذبحون به فصائل أخرى، و لا بذروا أموال الثروات الطبيعية في شراء الأسلحة وإغراق البلاد في المديونية، فعن أي حب لفلسطين تتحدث وعن أي أحلام وأمجاد للأمة لم يقم صدام ببيعها.

 

صدام لم يحب العرب، بل أحب نفسه إله لا شريك له، وهو لم يذهب إلى المنفى لأنه كان يؤمن بأن العراق ملك له، ولم يسرق المال العام – على الرغم من تأكيد البعض وجود مليارات باسمه في سويسرا- لأن كل المال العام كان بيده ويد أبنائه، فضلا عن البشر الذين كان يعاملهم كما البهائم، والأرض وكل شيء في عراق استبيح طولا وعرضا، شمالا وجنوبا، من حلبجة المدمرة بالكيمياوي إلى الأهوار المجففة عدوانا، طيلة خمسة وثلاثين عاما.

 

تقول أن خلاف صدام مع طغاة العالم كان الحفاظ على ثروات بلاده، فأي ثروات هذه التي حافظ عليها. لقد تسلم العراق وخزينته فائضة، ليسلمه أكبر دولة مدينة في العالم والتاريخ، بل إنه ليس ثمة طاغية إلا وزعم الزعم نفسه، وكل الطغاة كانوا أكثر حفظا لثروة بلادهم منه، من فرانكو إلى بيونيشيه، ومن سوهارتو إلى سيس سيكو.

 

لقد كنت أحسب أن التجارب السياسية المتعددة التي خضتها قد عركتك جيدا، وأنضجت فكرك السياسي، وأنك وإن كنت كأي سياسي يسعى إلى الشعبية، فلن تعمد إلى استعمال الأساليب الشعبوية القائمة على مزيد من تعبئة مواطنيك في الاتجاه الخطأ، اتجاه التفكير الغوغائي والشعاراتي، الذي يمكن أن يجعل من أعتى مجرم عرفه التاريخ العربي الإسلامي، شهيد الأمة وبطلها المغوار. كما كنت أحسب أنك أكثر تقدمية من قاعدتك الحزبية، وأعذر بعض مواقفك التي قدرت أنك مضطر لاتخاذها إرضاء لهذه القاعدة، لكن ليس إلى درجة الهيام بصدام حسين، وجعل حكمه الدكتاتوري المدلهم مجرد أخطاء لا تحجب عظمة وشموخ وفروسية الطاغية.

 

لقد أشعرتني بخيبة أمل كبيرة، أياما قليلة بعد أن سجلت في المرمى السياسي العربي هدفين إصلاحيين نادرين برمية واحدة، الأول تنازلك عن الكرسي – بينما كان الطاغية صدام يعبد نفسه والكرسي-، والثاني فتح المجال أمام امرأة لتكون ثاني رئيسة لحزب سياسي في العالم العربي، فقد كنت أصنفك ضمن قلة من الوحدويين العرب الذي يحملون مشروعا إصلاحيا ديمقراطيا، ويؤمنون بأن الوحدة العربية ممكنة فقط عندما تقوم أنظمة ديمقراطية في الدول العربية..الآن لم يعد أمامي إلا مراجعة تقديراتي الخاطئة هذه.

 

وأخيرا، فإنني لن أجد بعد اليوم مبررا مقنعا لأي اتصالات أو جولات قد تجريها في الولايات المتحدة أو دول الإتحاد الأوربي أو غيرها من الدول الديمقراطية، دفاعا عن قضايا الحريات العامة وحقوق الإنسان والإصلاحات السياسية في تونس، لأن رجلا قلبه معلق بطاغية كصدام حسين، يصعب أن يكون مساهما فاعلا وصادقا في بناء مشروع ديمقراطي حقيقي في بلده..ربما يحلم بأن يكون رئيسا يمتطي صهوة خطاب ديمقراطي جميل، لكنه لن يعدم المبررات لممارسة الطغيان..ولتعذرني أن قسوت، فبقدر المحبة فعلت.

 

* أحمد نجيب الشابي: محامي وسياسي تونسي. أسس وقاد الحزب الديمقراطي التقدمي (معترف به) إلى غاية شهر ديسمبر 2006، حيث تخلى طواعية عن موقعه لصالح مي الجريبي، وهي ناشطة وحقوقية وسياسية تونسية معروفة، وقد نشرت الرسالة مناط الرد، يومين بعد إعدام صدام، في عدد من مواقع الانترنت التونسية، من بينها موقع تونس نيوز.

 


دروس  إعدام صدام حسين

         

           بسام خلف                                                                                                               khlafbassem@yahoo.fr   كل المنظمات العالمية لحقوق الإنسان أقرت بأن محاكمة صدام حسين كانت غير عادلة. غير عادلة بمقاييس غربية بطبيعة الحال.  كانت محاكمة المنتصر للمنهزم. محاكمة القوي للضعيف. ما الذي منع أمريكيا من محاكمة صدام حسين محاكمة عادلة ؟ هل كانت تخشى أن يثبت صدام حسين براءته ؟ أ لم تكن هذه المحاكمة, فرصة ذهبية لأمريكا و حلفائها, يلقنون بها درسا للعرب في العدالة, و حق الدفاع, وحق المتهم, وحياد القضاة, وقدسية و علوية القانون ؟ أ لم يكن من شأن المحاكمة العادلة أن تقوي حلفاء الغرب. و تعطيهم دفعا قويا و تكسبهم شعبية داخل المجتمعات العربية ؟ أسئلة عديدة يطرحها من صدق أن سياسة أمريكيا في المنطقة تهدف الى دمقرطة الدول العربية و تحديثها, حتى تكون نسخة من العالم الغربي و بالتالي يأمن هذا الأخير من إرهابها. سياسة أمريكيا و المحافظين الجدد بعد أحداث 11 سبتمبر, لا تهدف إلى الإصلاح السياسي في المنطقة العربية بل هدفها الوحيد هو وضع أنظمة تخدم مصالحها و تكون حليفها في القضاء على الحركات الإرهابية. كما أن الإدارة الأمريكية تعي أنه لا يمكن لنظام عربي أن يكون ديمقراطي شعبي و يخدم مصالحها في نفس الوقت, للتناقض الواضح بين الهدفين. لذلك تضعه دائما في مواجهة مع الأطراف الأخرى بهدف القضاء عليها. و في ما يلي مثالين لهذه السياسة :   1/بعد وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات, صعد للحكم عن طريق الانتخابات محمود عباس و هو الحليف المعلن لأمريكا, و ترى فيه إسرائيل أفضل شريك للسلام. كانت الفرصة مناسبة أمام أمريكيا, حتى تبرهن للعالم, وخاصة للعرب, أنه مع تواجد شخصية معتدلة و عقلانية على رأس السلطة في فلسطين, يمكن للفلسطينيين أن يجنوا مكاسب و يتحقق لهم السلام. العكس تماما هو الذي وقع. أكثر من سنة و محمود عباس في السلطة, لم يتقدم مسار السلام خطوة واحدة. بل تواصلت الاعتقالات و العمليات الإجرامية. أكثر من هذا, عمدت إسرائيل إلى إذلال محمود عباس بانسحابها الأحادي من غزة. لم تجعل منه ولو شريكا صوريا في هذه العملية. فكانت الرسالة واضحة للفلسطينيين. محمود عباس لا يصلح لا للسلام و لا للمقاومة. هو مجرد صورة. و كانت النتيجة منطقية نجاح حماس في الانتخابات التشريعية. و هذا ما كانت تصبوا إليه أمريكيا حتى تقضي على حماس. و العملية متواصلة الآن.   2/بعد عملية اغتيال رفيق الحريري في لبنان, صعدت إلى الحكم القوى المناهضة لسوريا بمساعدة المجتمع الدولي, و بمساندة شعبية داخلية. وكانت من أهداف هذه القوى تجريد المقاومة الشيعية التابعة لحزب الله من الأسلحة. ويصبح هذا الأخير حزبا كباقي الأحزاب و لا دولة داخل الدولة. كانت الفرصة سانحة أمام أمريكيا و إسرائيل لمساعدة الحكومة اللبنانية الجديدة فكان بإمكانها أن تطلق سراح الأسرى اللبنانيين, و الدخول في مفاوضات أو حتى الخروج من مزارع شبعى. و بالتالي لا تترك مبرر لحزب الله في عدم نزع السلاح و من ناحية أخرى تساهم في شعبية و نجاح الحكومة الجديدة. العكس تماما هو الذي حدث. في أول مناسبة دخلت إسرائيل في حرب جديدة ضد لبنان محاولة منها القضاء على حزب الله. و إخفاقها في هذه العملية جعل من حزب الله و زعيمه حسن نصر الله بطل الأمة. ومن القوى الحكومية خونة.   كما جعلت البارحة أمريكيا من حسن نصر الله زعيم هذه الأمة, فهي اليوم تجعل من صدام حسين شهيدها و بطلها. فهل هو كذلك ؟   من الجانب الإنساني, و احتراما لكل أقرباء و عائلات الملايين الذين عذبهم و قتلهم صدام حسين من سنة و شيعة و أكراد و يساريين و قوميين لا يحق لنا تلقيبه لا بالشهيد و لا بالبطل. حرمانه من محاكمة عادلة لا ينفي عنه صفة المجرم.   سياسيا كان صدام حسين رئيسا فاشلا. بعد حكم لمدة تفوق الخمسة و عشرين سنة ترك صدام حسين ورائه طوائف ولائها الأول و الأخير للمذهب الذي تعتنقه لا للعراق. اليوم العراق لا يعني شيء. كما لا تعني يوغسلافيا شيء بعد العهد الاشتراكي عهد تيتو.

بسم الله الرحمان الرحيم

و الصلاة و السلام على أفضل المرسلين

 

تونس في 03 جانفي 2007

 

  بقلم محمد العروسي الهاني مناضل دستوري

رئيس شعبة الصحافة الحزبية سابقا

 

 

الرسالة رقم 188 على موقع الانترنات تونس نيوز

مهزلة القرن الواحد و العشرين و مسرحية العار و الإهانة لن تمحى من ذاكرة الشرفاء و الأحرار و الحكم الظالم على القائد الفذّ لأمة الإسلام سيبقى هذا الحكم وصمة عار على جبين الأميريكان و عملائهم الأشرار.

 

إنّ يوم السبت 30 ديسمبر 2006 الذي يصادف يوم 10 ذي الحجة 1427 هجري هو يوم عيد المسلمين أهل السنة الشرفاء و يوم عيد المسلمين في مشارق الارض و مغاربها و لكن حوله بوش الحاقد على الإسلام و حلفائه الاشرار و حكومة الظلم المالكي و عصابة النهب و حلفاء الاميريكان حولوا هذا العيد المبارك السعيد إلى يوم حزن و حسرة و اسى و يوم بكاء و زهيق على مجد الأمة العربية و تاريخها المجيد التليد عبر العصور و الأزمان بحدقهم الأعمى و كراهيتهم على أمة الإسلام و على رموز الوطن الأحرار و قائد مغوار فاق شجاعة الشجعان و أدهش الأميريكان و ذيول الإستعمار الحديث و اعداء الإسلام و صمد في وجه الظلم و الطغيان و هزم مخطط بوش لعدة أعوام و رغم تحالف 33 دولة بالتمام و الكمال طيلة ثلاثة عشرة أعوام و كان طيلة أعوام الظلم صامدا في وجه الطغيان و حلفائهم حتى من العرب الذين ساندوا قرار الأميريكان و مخططات بوش و بلير الاشرار حتى جاء موعد 2003 و جاءت الطامة الكبرى بتخاذل واضح للعيان و بتحالف قوى الشر و عملاء بوش و أصحاب المطامع و الأغراض الدفينة و الحقد الرهيب على أهل السنة الكرام و تظافر جهود قوى الطغيان مع العملاء و الخونة للعراق الصامد على الدوام فكانت هزيمة يوم 9 أفريل 2003 رغم صمود البطل المغوار و القائد على الدوام الذي لم يخاف و لن ترهبه قوى الطغيان و ذيول الأميريكان و لم يهرب و يغادر الوطن الذي ضحى من اجله نصف قرن و هو في سنّ الشباب و في عام 2003 كثر الكلام على إحتمال هروب القائد صدام حسين من العراق خوفا من ظلم الطاغية بوش و عملاء الإستعمار و الإحتلال و صمد متوكلا على العزيز الجبار حتى إنكشف أمره و خانوه في عقر داره الاشرار و باعوه لاعداء الإسلام مقابل كرسي الحكم كرسي الذل و العار و بعد إهانته من طرف حكم الإحتلال و بمساعدة الاشرار و أهل الشيعة الحاقدين على أهل السنة و هذا عار و فضيحة للمسلمين و إهانة لشرف أمة الإسلام و لكن الحقد أعماهم و فضلوا الكافر الفاجر الظالم على أهل الديار و على زعيمهم المغوار الذي حكم العراق 24 سنة و كان بحق زعيما تاريخيا صامدا في وجه الطغيان و طيلة فترة حكمه كان دخل الفرد العراقي أفضل دخل في العالم العربي أضعاف مضاعفة و إزدهر العراق و تقدم في كل المجالات بدون ريب و لا شكّ و حرص قائده على مساعدة كل الاشقاء العرب و طلبة كل الاقطار العربية دون ميز هذا للتاريخ نذكره بالفم المليان و عندما شعرت إسرائيل العدو الأكبر للأمة العربية بتفوق العراق بالاسلحة و العتاد و النووي الحديث في أسرع وقت و زمان صاحت إسرائيل و سمع صياحها الأميريكان و من حولهم البريطانيين الاشرار في عهد بلير حليف بوش الاصغر في زمن العار و تظافرت جهودهم الشريرة مع البحث على خصوم صدام في الداخل و الخارج و راحوا يخططون لضرب النووي في البداية و قامت إسرائيل بضرب المفاعل في واضح النهار .. ثم بعد ذلك فكروا في شنّ الحرب عليه مع مجموعة من أهل الأطماع و أصحاب الكراسي و ضعاف الإيمان حتى من قادة الدول العربية و هذا و الله عار…

و بعد ان إعتبروا أنّ النصر حالفهم في إزاحة القائد صدام عام 2003 نصبوا حكومة العار و شعلوا نار الفتنة بين الشيعة و السنة و قالوا من اين أتت النيران و اليوم دارت الفتنة بين الطائفية اتت على الأخضر و اليابس و اصبحت حرب أهلية لا نهاية لها إلا بعناية الله الواحد القهار.

و هذا تمّ بمخطط الإحتلال و نوايا الإستعمار و أخيرا نصبوا محكمة العار و مهزلة القرن الواحد و العشرين بدعم من الإحتلال و الطغيان و مساعدة العملاء الاشرار.

و قالوا نحاكم القائد من أجل إعدام 148 فردا من عصابة أرادت إغتيال الزعيم البطل صدام حسين في قضية ما يعرف بالدجيل و تغافلوا جميعا إنّ في العالم كله جزاء صاحب الغدر و الإغتيال هو الموت جزاء من إقترفه حسب العرف في كل البلدان و لكن في الحقيقة هي مسرحية و مهزلة الأميريكان بيد عملائهم و الحكام و كان الحكم بالإعدام شنقا على زعيم لا يستحق إلا الإحسان لكن الإحتلال و بوش و أعداء الإسلام أرادوا تحقيق مخططهم بكل وقاحة و إهانة لأمة الإسلام رغم دفاع الأحرار و أهل القانون و المرأة الصنديدة بشرى خير من مليون من الرجال و رغم دفاع صدام بشجاعة الابطال و قال أنها محكمة العار و مسرحية آخر الزمان و عندما تأكد لديه أنّ تصميم الإحتلال و حقد الحاقدين أقوى من كل حجة و برهان قال بالحرف الواحد إذا أردتم قتلي و اعمت بصائركم شهوات الكراسي و حكم الأميريكان فأنا قائد عسكري شريف و رئيس لكل العراقيين أقتلوني رميا بالرصاص لكنّ جبنهم و حقدهم كان أقوى من فعل الشيطان الرجيم فحكموا عليه شنقا حتى الموت و هذا فعل الجبناء و الأشرار و خطط سيدهم بوش و نفذوا ما قرره زعيم الطغيان و أوصاهم بشنقه يوم عيد الإضحى المبارك إمعانا في إهانة العرب و المسلمين و كأنه كبش فداء أو ضحية و قربان في عيد الإسلام و المسلمين دون إحترام مشاعر المسلمين وهم في الحقيقة أفعالهم أفعال الصبيان و المجانين و الحكام العملاء نفذوا حكم بوش و حققوا غايته الشيطانية بكل وقاحة و إذلال و مهانة و كأنهم قطيع من الأنعام و الراعي بوش للأنعام و لم يعيروه إهتمام لمشاعر المسلمين في مشارق الأرض و مغاربها في عيد الإسلام و في الاشهر الحرام الذي حرم فيها الله العلي القدير القتل بين المسلمين و حتى المشركين .. كل هذه المعاني و القيم و المبادىء الإسلامية رموها عرض الحائط مع الاسف الشديد و قالوا نعم لحكم بوش نعم لظلم الطغيان نعم لأرضاء الأمريكان… و خرجوا في النجف و الصدر و مواقع الشيعة في يوم العيد فارحين بشنق الزعيم و إعتبروه يوم عيد و قالوا عيدنا يوم الأحد هم و إيران مخالفين شريعة الإسلام و يوم عرفات في مكة المكرمة و عيد الإضحى المبارك يوم السبت و الطواف بالكعبة طواف الإفاضة و السعي بين الصفاء و المروى هذه افعال الشيعة يا سادة الكرام… تذكرنا بمشاهد قتل سيدنا الحسين إبن علي كرّم الله وجهه و رضى الله عنه كيف خذلوه و لم يناصروه في العراق و كربلاء هم أهل الشيعة اليوم الذين لم يناصروا سيدنا الحسين رضي الله إبن فاطمة الزهراء إبنت رسول الله صلى الله عليه و سلم جدّ الحسن و الحسين و أحفاد الرسول الأكرم لم يسلم من شرهم الحسين فكيف يسلم منهم صدام حسين اليوم … لا غرابة و التاريخ يعيد نفسه

بعد ما حصل و ما وقع نشعر بالمرارة و الحزن على فقدان البطل المغوار صدام حسين الذي مات شهيدا رحمه الله.

لم يخشى المشنقة و لم يخاف الموت … و لم يرضا بتغطية وجهه و قال قبل وفاته كلمات خالدة تحيا الأمة العربية عزيزة تحيا فلسطين حرّة أشهد أنّ لا إلاه الله و أشهد أنّ محمدا رسول الله

مات شهيدا رحمه الله في ساحة الشرف

و في الختام أسجل بكل فخر مواقف الشرفاء الأحرار و في مقدمتهم الإعلامي القدير و الصحفي الشجاع عبد الباري عطوان رجل القرن الواحد و العشرين رجل الشهامة و الكرامة و الفحولة العربية الأصيلة و اسجل موقف القائد معمر القذافي قائد ثورة الفاتح من سبتمبر 1969 الذي تحدى الأميريكان و قوى الشرّ و أهل النفاق و الشقاق.. و قرر في ليبيا الحداد 3 ايام على القائد صدام و إلغاء كل مظاهر العيد حدادا على رجل دولة من الوزن الثقيل كما اسجل مواقف رجال من الأحرار في قناة الجزيرة من رجال الاعلام و سياسي كبير من بريطانيا العظمى ذكر خصال صدام و قال بالحرف الواحد أنّ ما فعله بوش و بلير يستحق أكثر من حكم الإعدام …  و حتى الفاتيكان كان بيانهم أكثر وضوحا من بيان قادة العرب و و ساسة الأحزاب مع الاسف.

أما أعداء الإسلام فلا تعليق على ردود الافعال و لكن مع الاسف إيران على لسان الهاشمي على منبر المسجد في يوم العيد يقول كلام لا يليق بالإسلام مهما كان في ردود الأفعال يبقى صدام الشهيد رمزا خالدا شامخا بإذن الله و لا تعليق على الأشرار و أنصاف الرجال

قال الله تعالى : و لتكن منكم أمة يدعون إلى الخير و يأمرون بالمعروف و ينهون على المنكر و أولائك هم المفلحون صدق الله العظيم

سيد الشهداء حفيد رسول الله صلى الله عليه و سلم

لم يناصروه و يوم عاشورا كل عام يبكون و يلطمون وجوههم و يضربون صدورهم و يندبون حسرة على أفعالهم و عدم نصرتهم لسيد الشهداء الحسين رضي الله عنه

هذا مع الملاحظ أنّ ما قتله الأميريكان و حلفائهم و عملاء بوش و أهل الكراهية و الأحقاد مضاعف ألف مرّة على واقعة الدجيل و أنّ عهد صدام حسين أفضل من عهد الإحتلال و المذلّة مليون مرة و لكنّ المقاومة الشريفة الكريمة سترد الصاعة بألف صاع بإذن الله تعالى

قال الله تعالى : و من إعتدى عليكم فإعتدوا عليه بمثل ما إعتدى عليكم  صدق الله العظيم

ملاحظة هامة

: اليوم في بريطانيا أكثر من مولود جديد أطلقوا عليه إسم محمد حبا في رسول الله صلى الله عليه و سلم وردود فعل على الرسوم المسيئة إلى رسول الله في الدنمارك و صدق الشيخ العلامة الدكتور يوسف القرضاوي قال الإسلام باق الإسلام باق

 قال الله تعالى: إنّ الذين عند الله الإسلام صدق الله العظيم  

 

محمد العروسي الهاني

 

 

صدام لم يعدم وحده !

محمد كريشان لا أدري ما الذي يمكن أن يقال أو يكتب عن إعدام صدام حسين ولم يقل أو لم يكتب، فكل الذين كانوا يحبونه لم يدخروا في حقه كلمة مديح واحدة فيما لم يترك من كرهوه كلمة تشف واحدة وبينهما قطاع لا بأس به لم يستطع رغم كل مآخذه علي الرجل إلا أن يقدر، قبل كل شيء وبعده، شجاعته غير العادية في مواجهة المشنقة ونذالة من قادوه إليها صباح يوم عيد.
التاريخ وحده هو القادر بعد ابتعاد سخونة الحدث أن يعيد ترتيب الأحداث وتركيبها بما يفترض أنه قدر أكبر من الحيادية والإنصاف في ذكر ما للرجل وما عليه غير أن هناك مسائل أخري هامة للغاية يبدو أنها سيقت مع صدام حسين بعضها شنقت معه وماتت وبعضها قد تكون علي وشك التدلي بعد أن لف حبل المشنقة حول رقبتها: – أول من أعدم مع الرئيس العراقي السابق هو بلا شك الحقيقة عن مراحل تاريخية كبري في حياة العراق والعراقيين فنحن لم نسمع ما قاله صدام حسين عن حادثة الدجيل نفسها التي أعدم بسببها فما بالك بقضية الأنفال التي لم تنته بعد ناهيك عن مسائل أخري مختلفة كالحرب العراقية والإيرانية وغزو الكويت وغيرها مما كان يفترض للحقيقة والتاريخ أن يستمع العراقيون والعرب والعالم إلي شهادة البطل الأول لهذه الأحداث التي انقسم حولها الجميع ولا يزالون.
– ثاني المعدمين هو النظام العربي الرسمي برمته فباستثناء اليمن الذي طالب بعدم تنفيذ حكم الإعدام لم نسمع صوتا عربيا رسميا واحدا، قبل عملية الإعدام، يخرج عن صمت المحرج أو المذعور أو الشامت. وحتي بعد التنفيذ اختلفت الصياغات من عاصمة إلي أخري وجنح أغلبها إلي مسألة تزامن عيد الأضحي مع الإعدام تاركين جانبا أن المعدم كان رئيسا لدولة عربية كبري لم تكن له من الشرعية ما يفوق أو يقل عن شرعية أي واحد الآن في دفة القيادة، أزاحه الاحتلال ونصب غيره وتآمرا معا لتصفيته متوهمين أن الأمور قد تصبح أكثر وردية لكليهما بعد رحيله.
– ثالث من يكون علي مشارف حبل المشنقة، راجين ألا يسقط هو الآخر في حفرتها، فهو التآخي المذهبي والطائفي بين المسلمين والعرب منهم علي وجه الدقة. لقد بدد إعدام صدام وفي لحظات معدودات ووسط صرخات طائفية مقيتة كل ما كان حزب الله اللبناني قد نجح في جسره، بين السنة والشيعة، إبان الحرب الإسرائيلية الأخيرة علي لبنان. أكثر من ذلك، قطاعات واسعة من الرأي العام العربي، وخاصة في المغرب العربي، انتقل إعجابها بحزب الله وبصمود إيران في ملفها النووي إلي لعنات وسخط سواء بسبب ما بدا لهم من تقصير في إعلام حزب الله في تناول الحدث بنفس متوازن منزه عن الأهواء خارج حدود لبنان أو بسبب ما أبدته طهران من شماتة وتشف غريبتين عن الخلق الرفيع للمسلم.
– رابع المعدمين هو بلا شك الأمل في أن يري العراق الجديد علي أيدي قادته الجدد أياما أفضل مما سبق ذلك أن ما أظهرته الحكومة العراقية والقوي الطائفية التي تدعمها من رعونة وحقد كفيل لوحده بنفض اليد بالكامل من أي توسم للخير فيهم، ذلك أن من يريد أن يطوي صفحة الآلام والعذاب في بلاده كما يزعم لا يعمد إلي زرع المزيد من بذور الشقاق بين أبنائه فقد خان هؤلاء التوفيق بالكامل وهم يحاولون الإخراج الجيد لعملية تصفية صدام إلي درجة أن ما تسرب من لقطات الإعدام انقلبت ضدهم بالكامل فأدخلوا بها صدام حسين التاريخ وخرجوا هم منه بالكامل.
المسألة برمتها لخصها حلاق عراقي بسيط وهو يدردش معي في دبي أثناء الحلاقة: سيدي صدام فعل بنا الكثير الكثير، لكن صدقني هو أشرف بملايين المرات من أشرف واحد ممسك الآن بدفة الأمور في العراق، هذا ما رأيتموه جميعا وسترون المزيد منه إن كان في العمر بقية.
 
(المصدر: جريدة القدس العربي الصادرة يوم 3 جانفي 2006)


 
 

أحفاد أبي لهب

 

تبّت يدا أبي لهب و تب

تبّ أحفاده من حكّامنا العرب

كالغربان تنتحب

تجمعها الجيّف

أعجاز نخل خاويه

و خُشب مسنّده

تماثل النّصب

تروّج التّضليل و الكذب

قد عمّقوا جراحنا

و أكثروا أطراحنا

و أكربوا الكرب

و سلّطوا السّياط كاللهب

تلاحق الأحرار

تحاصر الأقلام

و تحرق الكتب

تبّت يدا من دجّجوا الأوغاد بالسّلاح

تداهم البيوت

تروّع القواعد

و تزرع الأحقاد و الشّغب

تبّت يدا من ثكّلوا النّساء

و يتّموا الأطفال

و نهبوا الأوطان أسّروها

علّبوها في علب

و أقفروا المساجد

و أعمروا الملاهي لّلعب

و أفرغوا الجهود في المجون و الطّرب

و المجد يستلب

و الأرض

و العرض

كلاهما اغتصب

حتّى غدونا نستحي من نسب العرب.

فصبرنا نضب

و فجرنا آت يحثّه الغضب

و ليرتقب من ظلموا

أعسر منقلب.

 

استثناء بعد ثبات صدام حسين عند إعدامه و موته موتة رجال

 

لأنّك لم تنحن

لم تسترب

لم تغترب

لم تخفض الهامات للمستعمر

هذي لعمري » مرجلة »

لم تُخف رأسك

كالنّعام

في قعر كيس مظلمة

كي لا ترى قاتلك

أو لا تهاب المقصلة

هذي لعمري » مرجلة »

ثمّ نطقتها واضحة

« الله ربّي واحد

و محمّدا قد أرسله« 

هذي لعمري فاصلة

قد تشفع للطاغية

********

علّمت خصمك ياحسين

أنّ الحياة « مرجلة »

أو لا تكون

عاش العراق مُمجّدا

سنية فيه تقاوم

رغم الشجون

رغم التشيع

و التآمر

و السجون

********

لو كنتَ يوما ظالمي

أشهدت ربي صادقا

أني عفوت

إلى الأبد

لا حق لي

عند الرجال

حين يموتوا واقفين

واقفين

واقفين

لو كنتُ بانٍ قبرك

صمّمته منتصبا

لا كالقبور

********

ما كنت يوما مادحك

لكنه « حقّا أخذتَه »

رغمي

و رغم الجاحدين

شرّفت أصلي يا حسين

شرّفت أصلي يا حسين

بانتسابي للعروبة

فأنا

عربي

بل أنا

العربــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــي

 

العربي القاسمي ـ سويسرا


 

لا تقية بعد اليوم!

بقلم د. أحمد بن راشد بن سعيد   في أول أيام عيد الأضحى عند (الإسلام السني) على حد قول شبكة سي. إن. إن الأميركية, تم تنفيذ حكم (الإعدام) كما تقول الحكومة العراقية, أو عملية القتل الهمجية كما وصفها الاتحاد الأوروبي. قَتلُ صدام حسين وهو أسير حرب بإقرار الإدارة الأميركية يضفي بعدا جديدا على المأساة العراقية التي تكبر يوما بعد يوم, ويكرس الطبيعة الطائفية للنظام الذي يحكم بلاد الرافدين.   صدام رغم كل الجرائم التي ارتكبها لم يكن طائفيا, ولم تتفجر في عهده أحقاد بين السنة والشيعة. لم يكن خطابه على الأقل طائفيا, ولم يستدع يوما الرموز الطائفية. كان يفتخر بإطلاق اسم (الحسين) على صاروخ مصنع محليا, ولم يستخدم مثلا اسم (عمر) أو (الرشيد) أو (المنصور). لكن كلنا يعرف كيف تم تدمير تمثال أبي جعفر المنصور في بغداد, وكيف تم تغيير أسماء الشوارع والأحياء والمدن إلى أسماء شيعية, وكيف تجري عمليات (تصفية) لمن يحملون أسماء (أبي بكر) و(عمر) و(عثمان) بشكل لم يسبق له مثيل في عالم اليوم, ما لفت حتى أنظار الصحف الغربية, التي تحدثت عن ازدهار تجارة تغيير الأسماء السنية مخافة القتل.   لقد نظر الشيعة إلى عملية (إعدام) صدام بوصفها تتويجا لانتصارهم (التاريخي) في العراق. منذ أن احتل الأميركيون البلاد احتفل الشيعة بالحدث, واستقبلوا الأميركيين استقبال الفاتحين, وحرّموا مقاومتهم, وقادوا العملية السياسية تحت حراب الاحتلال, بل شاركوا في قمع وحشي للمقاومة, وأسرفوا في استباحة دماء أهل السنة, سيما النخب والعلماء ورجال الأعمال.   عندما وطئت قدما محمد باقر الحكيم أرض النجف وسط الآلاف من المحتفلين بالانتصار (التاريخي)، هتف بقوة: « نريد العدالة.. نريد العدالة ». كان الرجل يصدر عن شعور عميق بالظلم, ويوحي لأتباعه أن (المظلمة التاريخية) التي وقعت على الشيعة قد طويت صفحتها, وحانت ساعة التغيير. لكن كيف يتم تحقيق العدل ورفع الظلم؟ لن يتم ذلك بالطبع إلا عبر الانتقام من الآخر المسؤول كما توحي أسطورة (المظلمة) عن معاناة الشيعة وإذلالهم وإبعادهم عن مسرح التأثير السياسي والاجتماعي والثقافي.   إنه بلا ريب ذلك المسلم السني, أو الناصبي, أو (العامي) كما يصف فقهاء الشيعة المنتمي إلى أهل السنة. كان الحكيم يعد أتباعه لمعركة ضد أهل السنة, تتضمن تهميشهم وإقصاءهم ودفعهم إلى التشيع أو الموت أو التسليم لواقع جديد يصبح فيه الشيعة سادة العراق لأول مرة في التاريخ.    انقضت الميليشيات الشيعية على أهل السنة تمعن فيهم قتلا وخطفا ونهبا واغتصابا, فيما كانت القيادات الرسمية والمدنية لأهل السنة تنأى بنفسها عن الخطاب الطائفي, وتحرّم قتل الشيعة, وتدعو إلى التسامح وتغليب القواسم المشتركة على ما يفرق الصفوف ويسكب الزيت على النار. كانت المسميات واللافتات والتصريحات الصادرة عن الطرف الشيعي ذات نكهة طائفية, فيما كان الخطاب السني أكثر تعقلا وتوازنا.   هيئة علماء السنة, سمت نفسها (هيئة علماء المسلمين), ومؤتمر أهل العراق الذي يقوده السنة, حرص على اتخاذ اسم (العراق) الجامع هوية له, وابتعد عن المسميات الطائفية. لم يثبت أبدا أن قادة السنة الدينيين والسياسيين قد رفعوا شعارا طائفيا, أو حرضوا على الشيعة (باستثناء تنظيم القاعدة الذي لا نعتبره ممثلا لسنة العراق, ويعرف الشيعة وغيرهم أنه يفتقر إلى التمثيل الحقيقي للرأي العام السني).    في تصريح له أثناء زيارته الأخيرة للعاصمة الأردنية عمان قال عبد العزيز الحكيم, إن الطرف الخاسر في أية حرب أهلية عراقية هم أهل السنة, ورد عليه بعض علماء السنة العراقيين بالقول إن الخاسر الأكبر هو العراق. أما الزعيم الشيعي مقتدى الصدر فقد خرج أمام الكاميرات ليعلن أنه لا يؤيد قتل السنة, ولكنه يؤيد قتل (النواصب), ومعلوم أن النواصب هم أهل السنة حسب المعتقدات الشيعية.   ولما أصدرت الحكومة العراقية أمرا باعتقال الشيخ حارث الضاري الأمين العام لهيئة علماء المسلمين في العراق, أعلن الصدر أنه لن يدين أمر الاعتقال حتى يصدر الضاري فتوى تحرم سفك الدم الشيعي. ومعلوم أن الضاري، والهيئة التي يمثلها، أصدر بيانات عديدة يحرم فيها قتل الشيعة وغيرهم من أبناء العراق, ولكن لأمر ما اختار الصدر أن يصم السمع عن تلك الفتاوى, وأن يضرب عنها صفحا.   القتل اليومي في العراق لا يتوقف, وما لا تقوله وسائل الإعلام إن معظم الضحايا الذين تظهر على جثثهم آثار التعذيب, هم من أهل السنة, وإن الحكومة تدير شبكة الإرهاب الطائفية التي توزع القتل عليهم في كل شبر من أرض العراق, لا سيما العاصمة بغداد. التجربة الشيعية في العراق تذكر في بعض ملامحها بالمشروع الصهيوني في فلسطين, والمشروع الصربي في البوسنة. المشروع الصهيوني قام على أسطورة (الشعب المختار) الذي أعطاه الله وحده الأرض من النيل إلى الفرات, وعلى أسطورة (حائط المبكى) التي تكرس الحقد على الآخر المتسبب في خراب الهيكل كما تشير الأسطورة, وتدعو إلى الانتقام منه, وعلى أسطورة (الهولوكوست) التي تغرس الشعور بالظلم لدى اليهود, وترسّخ عقدة الذنب ليس لدى مرتكبي هذا الظلم المزعوم فحسب, بل لدى البشرية كافة, وفي مقدمهم العرب وأهل فلسطين تحديدا. أقام الصهاينة كيانا لقيطا في فلسطين, لفقوه على أنقاض مجتمع مسالم تم تدميره ضمن عمليات إبادة منظمة. وجرى تزييف الوقائع التاريخية والأثرية, كما غيّرت أسماء الشوارع والأحياء والمدن لكي تتسق مع أساطير يراد صنعها وتخليدها.   أما الصرب, فقد قاموا بشن عدوان منقطع النظير على البوسنة والهرسك بعد إعلان استقلالها, وقتلوا مئات الألوف من أهلها المسلمين, واغتصبوا نساءهم وصباياهم, وهدموا مساجدهم ومتاحفهم ومكتباتهم, بدعوى الثأر لمملكة الصرب التي دمرها المسلمون العثمانيون قبل خمسة قرون. مسلمو البوسنة جسّدوا وحدهم إبان حرب الإبادة الصربية – الغربية ثقافة جميلة متحضرة في وسط غابة من أحقاد القرون الوسطى.   الآن يكرر الطائفيون الشيعة في العراق وأنصارهم في إيران بعض ملامح سيناريو هذين المشروعين الأحاديين الإقصائيين. المشروع الشيعي في العراق قائم على أسطورة (الأغلبية) التي تزعم أن الشيعة هم أكثر أهل العراق, وعلى اعتبار ميراث البعث وصدام ميراثا سنيا, وعلى إعلاء خطاب الطائفة الشيعية المنصورة على حد تعبير عبد العزيز الحكيم, وعلى أسطورة (المظلمة التاريخية) التي وقعت على (أهل البيت) وأتباعهم, وعلى وجوب نفي الآخر السني, والانتقام منه بدعوى أنه المسؤول عن حدوث هذه المظلمة.   القتل الطائفي في العراق كما القتل الطائفي في البوسنة كان يستهدف النخب والتجار والعلماء والأساتذة وقادة الرأي أكثر من غيرهم. وكما كان العدوان الصربي متوحشا وإباديا, اتخذت آلة القتل الشيعية طابعا مذهلا في إجرامها ودمويتها, حاصدة أرواح مئات الآلاف من أهل السنة, ولم يسلم من ذلك اللاجئون الفلسطينيون في العراق الذين تطاردهم فرق الموت وتمعن فيهم اختطافا وقتلا.     الخطاب الطائفي/ الإيراني يشبه الخطاب الصربي في البوسنة, من حيث الإصرار على مشاريع التقسيم ولو في ثوب الفيدرالية, بينما نلاحظ إصرار سنة العراق على وحدة البلاد شعبا وأرضا وكيانا. يحاول قادة الشيعة في العراق, ومن ورائهم إيران, إعادة تشكيل الواقع العراقي, من خلال تكريس عقدة اضطهاد (أهل البيت), بما في ذلك صياغة خرائط وأسماء وعناوين جديدة للمشهد العراقي.   مشكلة الكثير من الشيعة أنهم يعتبرون أهل السنة (وهم السواد الأعظم في العالم الإسلامي) أعداء لهم, ويرون أن بإمكانهم بناء جسور من التفاهم والتقارب مع كثير من شعوب العالم ودياناته عدا أهل السنة. إن كثيرا من السنة في مصر والشام والمغرب العربي لم يكونوا يدركون حقيقة ما يجري في العراق, لكن الأحداث الأخيرة أكدت لهم أن الطبقة الحاكمة في بغداد قامت بتسليم البلاد إلى دول أجنبية طامعة أو متربصة أو ذات أجندات طائفية وشعوبية.   لقد خسرت النخب الشيعية الحاكمة فرصة ذهبية للتعايش مع أهل السنة, وإثبات حسن النوايا, وإمكانية بناء دولة قائمة على التعددية والتسامح والمواطنة الصالحة. كان بإمكان هؤلاء أن يقدموا أنموذجا في بناء دولة حديثة بلا صبغة طائفية, وبلا أحقاد تاريخية, وبلا شهوة انتقام واندفاع محموم إلى القتل الجماعي. بيد أن الطبيعة الإيديولوجية المنغلقة حالت دون ذلك, فكان أن انزلقت التجربة الوليدة إلى حضيض الإبادة والنفي والتقوقع على الذات.   في صبيحة يوم عيد الأضحى عند أهل السنة, والذي يختار الشيعة عمدا مخالفته, تم إعدام صدام مع شروق الشمس. كان الأولى بصانعي القرار أن يتراجعوا عن الإعدام, أو أن يؤجلوه. لكن الدوافع الإيديولوجية وقصر النظر والغباء السياسي حالت دون ذلك.   تقدم صدام حسين إلى حبل المشنقة ثابت الخطى, أمام رجال الدين الموالين لإيران, وسخر منهم قائلا: « هاي مرجلة؟ ». لم ينبس صدام ببنت شفة طائفية واحدة, سواء أثناء فصول محاكمته الهزلية, أو حتى وهو يواجه الموت. لقد احتفظ برزانته, رغم الشحن الطائفي حوله. كان ذلك موقفا عملاقا يشي بحرص الرجل على وحدة شعبه, واستعلائه على الحقائق الطائفية الماثلة, رغم ما عرف عنه من بطش واستبداد.   هتف الشيعة الذين كانوا يتفرجون على المشهد: اللهم صل على محمد وآل محمد, ورددوا أسماء بعض قادتهم, فما زاد صدام على النطق بالشهادتين. لقد صنع القتل الدرامي من صدام بطلا تاريخيا تمت تصفيته على يد حكومة مؤدلجة صنعها الاحتلال على عينه.   هكذا سقطت ورقة التوت عن المشروع الشيعي/ الإيراني المدعوم أميركيا في العراق, ولم يعد لدى قادته ما يخفونه. لا تقية بعد اليوم, وربما كانت تلك نقطة إيجابية تمخضت عن عمليات إبادة أهل السنة, والتي توجت بإعدام الرئيس السابق. لكن الشيعة مدعوون اليوم إلى مراجعة حساباتهم, والاستماع إلى صوت العقل. حري بالشيعة أن يعيشوا في سلام تحت مظلة سنية بدلا من أن يعزلوا أنفسهم في (غيتوهات), أو يسعوا إلى الحكم, وهم عاجزون عن استيعاب التنوع, ويعانون عقدة الاضطهاد.   لقد عاش الشيعة قرونا تحت الحكم الإسلامي فلم يروا ظلما ولا هضما, وليس من مصلحة التعايش والاستقرار أن يتصدوا لإدارة الشأن العام, ماداموا يمارسون الانغلاق, وينظرون إلى ثقافة أهل السنة بوصفها مسؤولة عن إرث طويل ومرير من تزييف التاريخ, وسلب الحق من أهله. لننظر مثلا إلى الفرق بين الأوضاع المأساوية لأهل السنة في إيران, وبين ما يتمتع به الشيعة من حقوق وامتيازات في البحرين والكويت والسعودية، والتي تحكمها أنظمة سنية.   لا مستقبل للحكم الطائفي الشيعي في العراق, ولنتذكر أن الدولة العبيدية حكمت مصرا, ورحلت دون أثر يذكر. أما موجة الانبهار بالتشيع والتي أعقبت الحرب الأخيرة على لبنان, فهي فورة مؤقتة, وهاهي أحداث العراق تؤذن بأفولها. وحده الإسلام الخالد كما يجسّده أهل السنة والجماعة في ثقافتهم وسلوكهم، يمثل الحضارة والتسامح والاعتدال. أما عقيدة اللطم والنواح, أما أساطير النقاء العرقي والاضطهاد التاريخي والثأر من الآخر البريء, فليست من الإسلام, ولن تمكث في الأرض.   (المصدر: موقع العصر نقلا عن صحيفة « المصريون اليوم » بتاريخ 2 جانفي 2006) 
 

أزمة القانون الدولي

من خلال الصرّاع العربي الاسرائيلي

عبد الستار بن موسى

عميد المحامين بتونس

رئيس اللجنة الوطنية للإتحاد الدولي للمحامين

أنقرة في 17 نوفمبر 2006

 

 

من المعلوم أن الأهداف السامية لأي قانون هي ضمان الحرية والديمقراطية والعدالة الإجتماعية وفرض احترام حقوق الانسان وحماية الأفراد والشعوب لضمان الأمن والسلم.

لقد كانت الحرب العالمية الثانية مدمرة للبشرية جمعاء خلفت عديد المآسي لعل أبشعها آثار القنبلة النووية التي ألقتها القوات اللامريكية على هوروشيما سنة 1945 لذلك بادرت دول العالم من أجل عدم تكرار ويلات الحرب وضمان السلم والأمن الدوليين وتحت ضغوط  القوى الاشتراكية وحركات التحرر من الاستعمار بإنشاء الامم المتحدة وإقرار ميثاقها الذي يعتبر بمثابة دستور دولي كما صدر الاعلان العالمي لحقوق الانسان في 10/12/1948 وتم الاعتراف بحق الشعوب في تقرير مصيرها وعدم التدخل في شؤونها وصولا إلى المصادقة في 14/12/1960 على الاعلان الذي يمنح الاستقلال بالجملة إلى الشعوب المستعمرة وتجريم الاحتلال .

أما القانون الدولي الانساني الذي ارست  مبادئه معاهدة لاهاي واتفاقيات جنيف الاربعة وبروتوكوليها الاضافيين فقد صنف جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية كالاعتداء على السكان المدنيين وتوجيه ضربات عسكرية ضد المواقع المدنية والمستشفيات ووسائل الاغاثة والنقل وتهجير السكان وقتل الرموز العسكرية أو السياسية والابادة الجماعية التي تعتبر جريمة الجرائم ولقد حاول واضعوا نصوص القانون الدولي الانساني تحصينها بآلية تنفيذ تشمل الوقاية والعلاج .

إن المتأمل في المبادئ السامية التي أقرتها المواثيق والاعلانات الدولية والمعاهدات ليكاد يجزم بأن القانون الدولي سيكون سيد العلاقات الدولية، وبأن العالم سيعيش في أمن وسلام ورخاء وبان الشعوب المستضعفة قد اصبحت في مأمن من ويلات الحروب والإستعمار والإستعباد التي تجرعتها على إمتداد عقود.

إلا أنه لا يكفي وضع نصوص قانونية جيدة بل العبرة في وجود النية الواضحة في إحترامها والعزيمة الصادقة على تطبيقها.

ولما كان التاريخ نظر وتحقيق كما قال العلامة إبن خلدون فإن المتامل في الوقائع والأحداث خلال العقود الماضية تصيبه خيبة أمل إذ يتضح له جليا فشل المجتمع الأممي والقانون الدولي في حل الصراع العربي الصهيوني سلميا مما أدى إلى التشكيك في جدوى القانون الدولي ومدى فاعليته حتى أن بعض الأساتذة إعتذروا لطلابهم عن الدروس التي ألقوها مثلما فعل ذلك السيد محمد الدوري الممثل السابق للعراق في الأمم المتحدة مؤكدين بأن القانون الدولي وخاصة الإنساني أصبح يعيش أزمة خانقة وبأن قانون القوة أصبح سائدا.

ما هي مظاهرالأزمة؟ وما هي أسبابها؟ وهل يمكن معالجتها؟

I

مظاهر الأزمة :

نشأت بذور الأزمة مع بعث المؤسسات الدّولية لتشتد عند تأويل القانون وتطبيقه.

1-أزمة في المؤسسات الدولية :

 لقد سعت الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية إلى السيطرة على المؤسسات الدولية قصد حماية مصالحها ومصالح حلفائها فجعلت مجلس الأمن مختصا بإصدار القرارات الملزمة لكل الدول ومكنته  حتى من إستعمال القوة بمفعول الفصل السابع (والتي تم إستعمالها فعلا ضد العراق سنة 1991). وميزت نفسها بالعضوية الدائمة، وباستعمال حق الفيتو (الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، روسيا والصين)، وبعد إنهيار الإتحاد السوفييتي سيطرت الولايات المتحدة الأمريكية على مجلس الأمن وجعلته آلية تتحكم فيها وتسيرها حسب أهوائها حتى أن البعض أصبح يطلق عليه مجلس أمن أمريكا و«إسرائيل».

أما الجمعية العامة التي تضم كل دول العالم، فإنها لا تصدر سوى توصيات وقرارات غير ملزمة وكثيرا ما تلتجئ إليها الدول والشعوب المستضعفة وخاصة العرب والأفارقة لإستصدار قرارات إمتنع مجلس الأمن من إصدارها بفعل الفيتو الأمريكي.

لقد شجع مجلس الأمن بصمته «إسرائيل» على إرتكاب المزيد من الجرائم ضد الانسانية دون رقيب ولا حسيب لأن المحكمة الجنائية الدولية التي تأسست بموجب معاهدة روما في 17 جويلية 1998 في وضعية قانونية وسياسية تجعلها عاجزة عن محاكمة «إسرائيل» وأفرادها المسؤولين عن جرائم العدوان في فلسطين ولبـنان « فإسرائيل » لم تصادق على المعاهدة وإذا كانت تلك المعاهدة تمكن مجلس الأمن من طلب التتبع والمحاكمة فإن حق النقض سيكون دوما في حماية «إسرائيل».

أما المحاكم الجنائية الدولية الخاصة التي يمكن لمجلس الأمن إنشاءها للنظر في الجرائم ضد الانسانية كما حصل في يوغسلافيا السابقة وروندا فإن مجلس الأمن يرفض دوما إنشاءها للنظر في جرائم الحرب الصهيونية وما أكثرها وما أبشعها.

2) أزمة في تأويل القانون الدولي وتطبيقه :

لقد أصبحت الولايات المتحدة بمعية حلفائها تتحكم في القانون الدولي خاصة الإنساني تؤوله كما شاءت وتنفذه متى أرادت مما أدى إلى  إنقلاب واضح في المفاهيم فأصبحت المقاومة المشروعة للإحتلال والتي ضمنها القانون الدولي إرهابا وأصبح إرهاب الدول « كإسرائيل »دفاعا عن النفس وأصبح من ارتكب الابادة ضد الشعوب يتهم دولا أخرى بإرتكابها وأصبح الإحتلال مباحا بعد أن كان محرما بل إن مجلس الأمن باركه وكرسه عندما أصدر بموافقة كافة أعضائه بتاريخ 24 ماي 2003 القرار عدد 1483 الذي يقر غزو العراق واحتلاله بتعلة رفع العقوبات لقد أدى هذا الانخرام في المفاهيم إلى إنتهاك صارخ للقانون الدولي مما شكل ارتجاجا في سيرورة تطوره.

3) انتهاك القانون الدولي :

صار القانون الدولي ورقة بين أيدي الولايات المتحدة الأمريكية تطبقه إذا كان يخدم مصالحها بل قد تعتبره جزءا من القانون الأمريكي وعلى أساس ذلك تمت محاكمة رئيس دولة الصرب رادوفان كاراديتش من قبل القضاء الأمريكي  الذي ألزمه بدفع 745 مليون دولار أمريكي لفائدة ضحايا اعتداء جيش يوغسلافيا السابقة على البوسنة كما خولت أمريكا لنفسها إمكانية خرق القانون الدولي متى شاءت مثلما حصل في إفغانستان حيث شنت حربا مدمرة وارتكبت جرائم مروعة سجن قوانتانامو شاهد عليها ومثلما حصل في العراق سنة 2003 حيث شنت عدوانا خارج نطاق مجلس الأمن واحتلت بلادا  ودمرت تاريخا وحضارة وارتكبت جرائم ضد الانسانية سجن أبو غريب أكبر دليل عليها. لقد تجرأت مادلين أولبرايت على القول حرفيا  « سنعمل مع الآخرين على نحو مشترك عندما نستطيع وعلى نحو منفرد عندما ينبغي » أي خارج القانون الدولي وخارج مجلس الأمن وضد ارادة المجتمع الدولي.

أما «إسرائيل» فلقد تنكرت للمنتظم الدولي الذي أنشأها وخالفت قراراته فبالرغم من أن هيئة الأمم المتحدة ليس من إختصاصها تقسيم أراضي الغير أو الانتقاص منها فإنها أصدرت منذ نشأتها وتحت ضغط اللوبي الصهيوني والدول الغربية قرار تقسيم فلسطين بين اليهود والفلسطينيين أصدرت قرارا جائرا ظالما كان من المفروض أن تلتزم به « «إسرائيل» وأن تلتزم بكل القرارات الدولية ذات الصلة لأن تلك القرارات تكتسب قوة إلزامية بالنسبة لها فهي على خلاف بقية دول العالم أنشأها قرار دولي ظالم وفرض عليها عديد القيود والإلتزامات مما يعني بأن وجودها وإستمراراها وتشريعاتها مرتبطة جميعها بقرارات هيئة الأمم المتحدة بكل القرارات دون إنتقاء .

إلا أن الواقع المرير يبرز بأن «إسرائيل» لم تستجب إلى أي من القرارات الاممية. فمنذ بداية نشأتها  وبعد أن قامت بتهجير قرابة المليون فلسطيني من ديارهم عقب حرب 1948 أصدرت الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة قرارها رقم 194 والذي نص في فصله 11 بوجوب السماح للاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى ديارهم وتعويضهم عن الاضرار اللاحقة بهم وبممتلكاتهم كما أصدرت الامم المتحدة عقب حرب 1967 قرارات تلزم ّاسرائيل ّ بالانسحاب كليا من الاراضي العربية التي احتلتها ومن بينها هضبة الجولان والاراضي الفلسطينية بما في ذلك القدس الشرقية و عوض تنفيذ تلك القرارات تعمدت «إسرائيل» مواصلة سياستها العدوانية المتمثلة في الاستيلاء على الأراضي العربية وتهجير السكان الاصليين وبناء المستوطنات وإقامة الجدار العنصري لحماية تلك المستوطنات رغم  الإقرار بعدم شرعيته من قبل القضاء الدولي ثم إنها تعمدت إختطاف مساجين وعلى رأسهم أحمد سعدات أمين الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين كانت تحرسهم القوات الدولية وآعتقلهم الجيش الصهيوني وبقوا دون محاكمة كما عمدت  إلى اختطاف نصف نواب البرلمان الفلسطيني ونصف أعضاء مجلس الوزراء الفلسطيني كل ذلك فدية لجندي صهيوني تم اختطافه في الأراضي المحتلة لقد تم كل ذلك في ظل صمت مخجل  للأنظمة العربية المتخاذلة وتواطئ دولي مريب.

 إن تلك الأعمال الإجرامية تندرج ضمن المخطط الذي رسمه المؤتمر الصهيوني بدءا من بروتوكولات حكماء صهيون والذي يرمي إلى السيطرة على كامل المنطقة العربية من النهر إلى البحر ثم من المحيط إلى الخليج  توصلا إلى تخطيط الاستيلاء على كامل مناطق العالم الاسلامي ومناطق الشعوب المستضعفة بهدف السيطرة على العالم بأكمله.

ألم تتورع «إسرائيل» سنة 1982 على إجتياح لبنان واحتلال جنوبه مخلفة القتل والتشريد والدمار دون إدانة أو محاكمة إلا أن العدوان الاخير الذي تعرض له لبنان في شهر جويلية 2006 يبرر كأشد ما يكون البروز مدى بشاعة الجرائم الصهيونية كما يفضح تواطأ الأمم المتحدة والدول الغربية وجل الدول العربية مع «إسرائيل».

لقد كشف تقرير منظمة العفو الدولية المؤرخ في 22/08/2006 عن تفاصيل مروعة خلاصتها اقدام الجيش الصهيوني على هدم 30 ألف منزل مدني وتخريب البنية الاساسية بتحطيم 80 جسرا و94 طريقا رئيسية وتهجير مليون شخص وقتل ما لا يقل عن 1100 شخص ثلثهم من الاطفال وضرب .وسائل الاغاثة وزرع الالغام والاعتداء على القوات الدولية أليست هذه جرائم ضد الانسانية تم تنفيذها على مرأى ومسمع من العالم المتحضر الذي لم يحرك ساكنا وفي ظل تواطئ مفضوح للأمم المتحدة وصمت مريب لمجلس الامن الذي  إمتنع عن إصدار قرار بإيقاف العدوان وأمهل تحت ضغط أمريكا وبريطانيا القوات الصهيونية شهرا كاملا حتى تكمل مهمتها وتقضي على نضال شعب بأكمله؟ ولما عجزت على إتمامها بفعل المقاومة الباسلة للشعب اللبناني وبعد طول صمت وانتظار وبعد أن تأكد من عجز الجيش الصهيوني، أصدر مجلس الأمن قرارا لا يتضمن أية إدانة «لإسرائيل» كما عمدت «إسرائيل» مؤخرا إلى ارتكاب مجزرة رهيبة ببيت حانون بفلسطين المحتلة ذهب ضحيتها أكثر من 20 مدنيا جلهم من الأطفال ورفض مجلس الامن إصدار قرار إدانة بفعل الفيتو الامريكي مما حدى بالدول العربية والدول النامية إلى محاولة إستصدار قرار من الجمعية العامة مازال محل النقاش إلى حد الأمس وهو قرار إن إتخذ سيفتقر إلى القوة الإلزامية وسيكون بمثابة الحبر على الورق. هكذا صارت الامم المتحدة عاجزة تجاه «إسرائيل» التي أمست خارج القانون تتمتع بحصانة تخول لها فعل ما تشاء دون محاسبة أو مراقبة أو محاكمة الامر الذي يكرس إزدواجية في المعايير وهو ما يتناقض مع مبادئ القانون الدولي .

لقد ظل مجلس الأمن صامتا عاجزا تجاه «إسرائيل» ولعل القرار عدد 101 الصادر في 24 نوفمبر 1953 تحت ضغط المعسكر الإشتراكي والإتحاد السوفييتي والذي تضمن إدانة «إسرائيل» عقب إرتكاب مذبحة قبية يبقى يتيما فريدا من نوعه، في المقابل نشط مجلس الأمن في اصدار عديد القرارات الجائرة ضد العراق من فرض حصار مرير على شعب بأكمله وإلزام الدولة العراقية بقبول التفتيش والتعويض كما أصدر قرارات جائرة ضد لبنان كالقرار عـ1559ـدد الذي يقر انتزاع أسلحة المقاومة أو القرار عـ1701ـدد الذي يلزم لبنان العمل باتفاق الطائف وهي قرارات تتدخل مباشرة في الشؤون الداخلية كما أنه بقدر ما بقيت الجرائم ضد الانسانية التي ارتكبتها «إسرائيل» دون ملاحقة أو محاكمة فقد شهدت الجرائم التي حصلت في البوسنة انشاء محكمة جنائية دولية خاصة من قبل مجلس الامن سنة 1993 حيث تمت محاكمة  وإدانة قائد الجيش الصربي كرستاك سنة 2001 من أجل ارتكاب جريمة الابادة الجماعية في مدينة سربرينتشا من قبل جيش يوغسلافيا السابقة. كما أنشأ مجلس الامن محكمة جنائية  دولية خاصة للنظر في جرائم الحرب المرتكبة في روندا سنة 1994 وقد أثبتت المحكمتان الجدوى والفاعلية ومكنتا من إدانة كبار المجرمين من رؤساء وقادة عسكريين مما حدى بمجلس الامن إلى إنشاء محاكم اخرى في سيرالوين وتيمور الشرقية وهو حريص على إنشاء محكمة خاصة في القريب العاجل لمحاكمة المتهمين بآغتيال الرئيس رفيق الحريري إلا أنه لم يبد نفس الحرص على إنشاء محكمة جنائية دولية خاصة لمحاكمة مجرمي الحرب الصهاينة . لقد دعم مجلس الامن بشكل خاص انشاء تلك المحاكم مؤكدا أن محاكمة المجرمين مهما علا  شأنهم ستحقق العدالة بإعتبارها مفتاح السلم والامن الدوليين. ألا يستدعي مثل هذا المنطق إنشاء محكمة جنائية دولية خاصة للنظر في جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية التي إقترفتها وتقترفها ّاسرائيلّ في فلسطين ولبنان؟ وهي جرائم عصفت بالأمن الدولي وتكاد تعصف بالسلم وتضعه في مهب حرب لا تبقي ولا تذر.

أو ليس من الضروري أيضا إنشاء تظلم شبيه بذلك الذي تم إقراره على إثر حرب الخليج الثانية في إطار ما سمي بلجنة التعويضات التي ألزمت الدولة العراقية بدفع كافة التعويضات الناجمة عن غزو الكويت. أوليست «إسرائيل» ملزمة قانونا بالتعويض عن جرائمها وعدوانها؟ أم أن إنقلاب المفاهيم وتعدد المكاييل يحول دون ذلك ؟ 

 

 

V) أسباب الأزمة .وكيفية علاجها

1) أسباب الأزمة  :

إن النظام القانوني الذي فرضته في البداية البورجوازية الأوروبية على البشرية لم يكن عادلا بل كان إستعماريا يقر بحق الدول الأوروبية في إحتلال ما شاءت من الأراضي وإستغلال مواردها والإستيلاء على خيراتها وفرض المعاهدات الظالمة بتعلة نشر الحضارة والمدنية مما أدى إلى إحتلال قارات بتمامها وتمزيق أمم بأكملها. لقد كانت أوروبا تعتبر أن الاراضي التي لا يقطنها مسيحيون أراض خالية  يجوز  غزوها  وتوطين المسيحيين بها وعلى أساس ذلك احتلت المنطقة العربية وجزء كبير من المناطق الاسلامية والإفريقية والآسوية . نفس المنطق إعتمده المشروع الأمبريالي الصهيوني لإحتلال فلسطين وتهجير أهلها وهو مشروع إرتكز على خرافات وأساطير فضحها العديد من المفكرين العرب و حتى الغربيين أمثال جورج قارودي.

لقد أعلن المؤتمر الصهيوني الاول عام 1897 بأن هدف الصهيونية الأول هو خلق وطن لليهود في فلسطين يضمنه القانون العام وهو ما رفضته سابقا الخلافة العثمانية رغم الإغراءات والتهديدات في عهد السلطان عبد الحميد.

 لقد وجدت القوميات الأوروبية المتعطشة للإستعمار في تبني الأفكار الصهيونية ودعم مخططاتها في فلسطين أداة فعالة لحماية مصالحها الإستعمارية الرامية إلى السيطرة على أراضي الشعوب المستضعفة وفي مقدمتها الأراضي العربية والإسلامية وفي هذا الصدد سعت بريطانيا إلى تحقيق أهداف المؤتمر الصهيوني وأولها تأمين ضمانة قانونية فاعلنت سنة 1907  وعد بلفور الذي يعد بإقامة وطن قومي لليهود بفلسطين وقد أفرز ذلك الوعد الباطل من أصله في نهاية الحرب العالمية الأولى نتائج خطيرة على مستقبل فلسطين وكامل  المنطقة العربية الإسلامية خاصة بعد أن إستطاعت بريطانيا أن تنتزع من عصبة الأمم قرارا بصك الانتداب القاضي بفرض وصايتها على فلسطين وبذلك سهلت توطين اليهود وتهجير السكان الأصليين وهكذا تعتبر بريطانيا المسؤولة تاريخيا وسياسيا وقانونيا على إغتصاب فلسطين وإقامة دولة ّإسرائيليةّ على أسس دينية وهو المشروع الذي إنخرطت فيه كل الدول الغربية ومن بينها الولايات المتحدة الأمريكية التي حرمت منذ البداية على يهود أوروبا الشرقية الهجرة إليها قصد تشجيعهم على الهجرة إلى فلسطين. هكذا يتضح أن الشعب الفلسطيني كان منذ وعد بلفور ضحية لمؤامرة إستعمارية خطط لها الصهاينة بمعيه الدول الغريبة تهدف إلى تهجيرها وإن إقتضى الامر إبادتها مثلما حصل للهنود الحمر وقد شارك في تلك المؤامرة المنتظم الأممي آنذاك المتمثل في عصبه الأمم.

إن سعى الغرب بعد ذلك وبعد الحرب العالمية الثانية إلى إنشاء دولة عنصرية من قبل الأمم المتحدة وعلى أسس دينية يتناقض مع المبادئ التي ناضل من أجلها وتبناها في مختلف ثوراته البورجوازية منذ 1789 ويتناقض حتى مع ميثاق الأمم المتحدة وإن إصرار الدول الغربية على توفير الدعم اللامشروط «لإسرائيل» في مواقفها وأفعالها يتاتى أساسا من إعتبار«إسرائيل» الحليف الإستراتيجي لها الذي يسهل للجيوش الغربية  التدخل سريعا في كل زمان ومكان قصد إخضاع المنطقة العربية وحتى الإسلامية بل كل العالم إلى السيطرة الأمبريالية ومن ثمة إلى السيطرة الصهيونية مثلما حصل في العراق.

ألم تتجرأ فرنسا على مد ّإسرائيلّ بمفاعل نووي وبالتقنية اللازمة التي مكنتها من صنع أكثر من 400 قنبلة نووية في ظل صمت دولي رهيب يتغاظى عن الخطر النووي المدمر الذي يهدد المنطقة والعالم بأسره ولا يعير أي إهتمام للأصوات المنادية بضرورة تفتيش المنشآت النووية الصهيونية وإزالة أسلحة الدمار الشامل بكامل المنطقة .

إن الصهيونية تربعت على قمة الإمبريالية وأصبحت أخطر مرحلة من مراحلها، أصبحت قوة عالمية منظمة تتحكم في الإقتصاد العالمي وتسيطر على الاسواق والشركات متعددت الجنسيات والمؤسسات المالية كصندوق النقد الدولي وغيره وعلى النوادي العالمية المؤثرة كمحافل الماسونية وتسيطر على الإعلام وتوجهه حسب مشيئتها ومخططاتها، كما نفذت الصهيونية إلى مصادر القرار السياسي في مختلف أنحاء المعمورة واحتكرت في بعض الدول وزارات السيادة وأصبحت قوة مدمرة دمرت دولا بأكملها كالإتحاد السوفييتي ودمرت قيما ومبادئ وفرضت أنماطا إقتصادية وسياسية ظالمة كالعولمة المتوحشة التي ترمي إلى إستعباد البشر وتحقيق الربح السريع والعاجل مهما كانت السبل.

إن الدول العربية والاسلامية قبلت بالأمر الواقع ورضيت تباعا بقرار التقسيم على علته وافقت منظمة التحرير الفلسطينية عليه وشاركت في كامب دافيد وفي مسلسل مؤتمرات السلام بأسلو ومدريد كما قبلت بخارطة الطريق وفي كل مرة تتنازل عن بعض الحقوق المشروعة إلا أن «إسرائيل» تنكرت لكل تعهداتها بل تنكر قادتها أصلا لموافقتهم ومصادقتهم على الإتفاقيات المبرمة سابقا كما صرح بذلك علنا ناتنياهو وغيره من حكام «إسرائيل».

 لقد إتضح أن ّإسرائيلّ لا تريد سلاما دوليا عادلا بل تريد إستسلاما الم تجعل من القدس عاصمة أبدية لها رغم أن قرار التقسيم والقرارات الدولية اللاحقة تجعل من القدس الشرقية تابعة لفلسطين .إن ّإسرائيلّ تنتهك المعاهدات والقانون الدول بفعل شعورها بالقوة والغطرسة وبحمايتها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وبقية الدول الغربية وكذلك بفعل ضعف النظام الرسمي العربي والنظام الرسمي الاسلامي فجامعة الدول العربية والمؤتمر الاسلامي أطر خاوية عاجزة أما الأنظمة العربية التي تحكم في رقاب ومصير مواطنيها فإنها بقدر ما هي أسود على شعوبها فهي عاجزة أمام إسرائيل وتحوم في فلك الولايات المتحدة وتستمد قوتها وحصانتها منها.

2) كيفية  علاج الأزمة :

إن القانون الدولي فقد حاليا جدواه والمنتظم الأممي فقد مصداقيته فسيطر قانون الغاب.

وحتى تعود الأمور إلى نصابها وحتى يعم السلم والأمن الدوليين في المنطقة لابد من أن يقف العالم بأسره بما في ذلك اليهود أنفسهم ضد الصهيونية وأراجيفها ومخططاتها العنصرية. وقد تكون هي هاذه الأماني مجرد أوهام وأضغاث أحلام.

لا بد من حل عادل للصراع العربي ّالإسرائيليّ والحل المنطقي يقتضي إقامة دولة ديمقراطية علمانية على أرض فلسطين يقطنها السكان الأصليون من مسلمين ومسيحيين ويهود كما كان ذلك معمولا به قبل قرار التقسيم وإلغاء كل دولة على أسس دينية وهو ما ترفضه قطعا «إسرائيل».

الحل الثاني هو إرساء الشرعية الدولية وتطبيق كل القرارات الدولية دون إنتقاء أو مكاييل ومنها إنهاء الأحتلال وتمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره وتمكين اللاجئين والمهجرين من حق العودة وإزالة المستوطنات والجدار العنصري ومحاكمة مجرمي الحرب الصهاينة والتعويض للبنان وفلسطين عن الأضرار نتيجة العدوان.         إن تكريس الشرعية الدولية العادلة ومقاومة المشروع الأمبريالي الصهيوني هو الشرط الوحيد لضمان السلم والأمن الدوليين وكما قال الزعيم أتاتورك إن في ضمان السلم في الوطن ضمان للسلم في العالم هذا وأن إرساء الشرعية العادلة يستوجب كذلك إصلاحا جذريا لهيئة الأمم المتحدة وذلك بإضفاء الديمقراطية على عملها خاصة بتوسيع تمثيلية مجلس الأمن وإلغاء حق النقض وجعل قرارات الجمعية العامة نافذة.

كما أنه على المثقفين العرب وكافة القوى الديمقراطية والتقدمية في العالم تحمل مسؤولياتهم  والسعي إلى إقامة منابر حوار كهذا المنبر الذي تشكر نقابة أنقرة على تنظيمه بالإشتراك مع إتحاد المحامين العرب، وهو منبر بقدر ما بين مدى تأثير الإعلام الغربي والصهيوني على الرأي العام التركي، فإنه أدى إلى إبراز مشروعية نضال الشعب العربي في فلسطين ولبنان وفي كامل الوطن العربي وأزال بعض المفاهيم الخاطئة والأراجيف والأباطيل التي ترسخت بفعل الإعلام الصهيوني.

ولا بد من تكثيف المنابر والحوارات على النطاق الإقليمي والدولي والسعي إلى إنارة الرأي العام الدولي لمجابهة التشويه الذي تلجأ إليه وسائل الإعلام الغربية التي يملكها أو يؤثر فيها اللوبي الصهيوني.

يجب على كل القوى الحية وفي إنتظار تغيير موازين القوى ونهاية القطب الواحد العمل على فضح الجرائم الإسرائيلية وتقديم الشكاوى والتأكيد على حق الشعوب في مقاومة الاحتلال وحق المقاومة في إمتلاك السلاح.

أما إذا ما قبلنا المشروع الصهيوني برمته الرامي إلى الاستيلاء على كل فلسطين وطرد السكان الاصليين فإننا نقر بسيادة قانون الغاب وبشرعية إرهاب الدولة كما نقبل إلغاء حق شعب بأكمله في الوجود  ويا خيبة المسعى لأننا سنبرر الاستعمار وسنبارك إبادة الشعوب وسيبقي عندئذ ما قاله الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي حول مقاومة الشعب التونسي للإستعمار الفرنسي منطبقا اليوم تماما وما أشبه اليوم بالبارحة.

 

لا حق للصوت الضعيف ولا صدى

Ì

والرأي رأي القاهر الغـــــلاب

إن السلام حقيقة مكذوبـــــــــة

Ì

والعدل فلسفة اللهيب الخابي

لا عدل إلا إذا تعادلت القــــــوى

Ì

وتصادم الإرهاب بالإرهـــــاب

 

                                              نحن نريد عدلا  ولا نحبذ إرهابا وإنتقاما

                                        نحن نريد سلاما ولا نريد إستسلاما

                                                                                                وختاما تحية وسلاما

عميد المحامين التونسيين

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.