Home – Accueil
TUNISNEWS
8 ème année, N° 3102 du 19 .11.2008
الجزيرة.نت: تونسيون يطالبون بحق العودة بعد عقدي هجرة قسرية
حــرية و إنـصاف: أنيس بوخذير في السجن الانفرادي و ممنوع من الزيارة
إيلاف : تونس: شاعر يتعرض للاختطاف و الاعتداء بالعنف
السبيل أونلاين : عبد الحميد الجلاصي يغادر المستشفى نهاية الأسبوع
السبيل أونلاين : إهتمام حقوقي وإعلامي متزايد بحالة عبد اللطيف بوحجيلة
كلمة: الحكم بالسجن على طالبين
اللجنة الوطنية لمساندة أهالي الحوض ألمنجمي: إعــــــــــــــــــــــــــلام
الأساتذة المطرودون لأسباب نقابية: بــــــــلاغ ( توضيحي )
الحزب الديمقراطي التقدمي جامعة قفصة: بــلاغ للــرأي الــعـــام
الحزب الديمقراطي التقدمي جامعة قفصة:اســـــتـدعــــــــاء
كلمة : التــــــــــــــــــــركة…
الأخضر الوسلاتي : لـــيــــس مـــنّـــــة
أ ش أ: رئيسة الأرجنتين تغادر تونس بعد توقيع عدة اتفاقيات بين البلدين
الصباح: تعيين مديرين عامين جديدين بوزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية
رويترز:ارتفاع الاستثمار المباشر في تونس 53 بالمائة في عشرة أشهر
قدس برس: حاجة عاجلة لإنقاذ الذاكرة الوطنية في تونس من التلف
الصباح: في التعليم العالي:كيف ستواجه المؤسسات الجامعية تزايد عدد الطلبة مستقبلا؟
الشرق الأوسط: محاكمة عشرات التونسيين بسبب زواجهم من فرنسيات بعقود وهمية
محمد العروسي الهاني : رسالة المجد والخلود والوفاء لمن ضحى في سبيل الوطن وعزة المواطن
عبدالسلام المسدّي:السياسة والسلاح الجديد
منجية السوايحي : هل العدة في الإسلام حبس للمرأة
عبدالسلام المسدّي: السياسة والسلاح الجديد
مدونة زياد الهاني: إبراهيم عيسى للرئيس مبارك: إنّـــك ميّــــت؟
قدس برس: المغرب: قافلة من اليساريين والإسلاميين والمستقلين لفك الحصار عن غزة
الشيخ فيصل مولوي: الحضارة والعيش المشترك
د.حيدر إبراهيم : « رؤية من الخارج » تحدد أسباب سقوط المشروع : إسلاميو السودان.. الدولة حين تصبح معملا للتجارب
(Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (
(To readarabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)
قائمة الموقعين على مبادرة حق العودة http://www.manfiyoun.net/list.html الرجاء من المقتنعين بهذه المبادرة إرسال الاسم وبلد الإقامة وسنة الخروج من تونس على البريد الالكتروني للمبادرة:
manfiyoun@gmail.com
العنوان الوقتي لموقع مجلة ‘كلمة‘
http://kal.mediaturtle.com
تونسيون يطالبون بحق العودة بعد عقدي هجرة قسرية
لطفي حجي-تونس طالب أكثر من 150 إسلاميا تونسيا يعيشون بالمهجر بما سموه حقهم في العودة إلى بلدهم بعد نحو عشرين عاما من الهجرة القسرية. وقال المطالبون بالعودة إلى تونس في لائحة تضمنت توقيعاتهم وتلقى قسم الحريات العامة وحقوق الإنسان بقناة الجزيرة نسخة منها إن الوقت حان للاهتمام بملف المهجرين التونسيين المشتتين منذ قرابة عقدين أو أكثر على عشرات البلدان وفي جميع القارات على حد قولهم. وعن دوافع إعلان هذا النداء الآن، قال أصحاب المبادرة إن القوى الوطنية المناضلة في تونس بما راكمته من خبرة في مجال النشاط الحقوقي والسياسي أصبح بإمكانها إحراز إنجازات جديدة على ملف المهجرين لتحقيق عودتهم بعزة وكرامة، خاصة وأن التسويات القليلة لعدد من الحالات الفردية كانت في أغلبها مشروطة وانتقائية ولم تخرج إلا باستثناءات قليلة عن دائرة المقايضة. ودعا الموقعون على اللائحة إلى أن تكون العودة شاملة لا تستثني أحدا منهم، وأن تضمن لهم الحق في التنقل والإقامة وممارسة ما سموه حقوقهم العقائدية والسياسية، وحريتهم في مواصلة نضالهم السلمي من أجل ما يرونه مصلحة عامة، بكل الوسائل المشروعة التي يضمنها الدستور والقانون. وبخصوص الوسائل التي سيتوخونها لضمان حق العودة، أبرز المهاجرون التونسيون في ندائهم أنهم سيسعون لحشد جميع الفعاليات الوطنية، أفرادا ومؤسسات، وراء مطلب العودة كأولوية من أولويات النضال الوطني في مرحلته الراهنة. وكذلك سيحاولون الاستفادة من شبكة علاقات المجموعة الوطنية بفعاليات المجتمع المدني العالمي، لإشعارها بمأساة المنفى، والعمل معها ضمن ما يسمح به سقف التضامن الإنساني والدولي، من أجل ما سموه قضيتهم العادلة. ولتحقيق ذلك أعلن أصحاب المبادرة الجديدة بعث لجنة تنسيق مؤقتة تتكفل بإعلام الرأي العام في المهجر بضرورة الانخراط في معركة استعادة حق العودة الآمنة والكريمة، وتعمل على تجميع كل المتضرّرين من محنة المنفى، الراغبين في العودة، بعمل موحد ومنهجي من أجل التعريف بقضيتهم، وتحقيق مطلبهم. يذكر أن أغلب الموقعين على نداء العودة ينتمون إلى حركة النهضة الإسلامية المحظورة، وهاجروا في مطلع تسعينات القرن الماضي إلى بلدان غربية مختلفة إثر موجة الاعتقالات التي شنتها السلطات التونسية على قيادات الحركة، ولم يتمكنوا من العودة إلى تونس منذ ذلك التاريخ، وحصل العديد منهم على اللجوء السياسي.
(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 19 نوفمبر 2008)
أنقذوا حياة عبد اللطيف بوحجيلة أطلقوا سراح جميع المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 21 ذو القعدة 1429 الموافق ل 19 نوفمبر 2008
أنيس بوخذير في السجن الانفرادي و ممنوع من الزيارة
منعت إدارة سجن صفاقس يوم الثلاثاء 18/11/2008 والدة السجين أنيس بوخذير من زيارة ابنها بتعلة أنه معاقب بالسجن الانفرادي ، و قد ذكرت والدة السجين أنيس بوخذير أنه أخبرها خلال زيارتها له يوم الثلاثاء 11/11/2008 بأنه محروم من السرير منذ دخوله إلى السجن قبل أربعة أشهر. علما بأن السجين أنيس بوخذير هو شقيق القلم الحر الصحفي سليم بوخذير العضو المؤسس لمنظمة حرية و إنصاف وقد كان دخل السجن في نفس اليوم الذي أفرج فيه عن شقيقه. و تجدر الإشارة إلى أن السيد أنيس بوخذير دخل السجن من أجل اتهامه بالفرار إثر حادث مرور و كانت المحكمة قد أصدرت ضده حكما بالسجن مدة سنتين مع تأجيل التنفيذ ثم وقع التراجع في ذلك و تم إنفاذ الحكم بطريقة عدها عديد المحامين تنطوي على مخالفات عديدة و إخلالات قانونية ظاهرة. و حرية و إنصاف 1) تعتبر قرار إدارة سجن صفاقس بمنع والدة السجين أنيس بوخذير من زيارة ابنها مخالفة قانونية صريحة و حرمان من حق يكفله القانون و تدعو إلى رفع هذا المنع و السماح لعالة السجين بزيارة ابنها. 2) تطالب إدارة السجون بتوفير كل الحاجيات الضرورية التي يجب أن يتمتع بها أي سجين إذ لا يعقل أن يبقى سجين مدة أربعة أشهر بدون سرير. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري
تونس: شاعر يتعرض للاختطاف و الاعتداء بالعنف
إسماعيل دبارة من تونس: قال المحامي و الناشط الحقوقيّ عبد الرؤوف العيادي في تصريح لإيلاف إنّ الشاعر التونسي و الحقوقيّ فريد خدومة تعرّض إلى الاختطاف من أمام منزله الكائن بمنطقة برج الوزير بالعاصمة تونس من قبل ثلاثة أشخاص بالزي المدني، اقتادوه على متن سيارة زرقاء اللون إلى طريق جانبي و قاموا بالاعتداء عليه بالعنف الشديد بعد أن قيدوا يديه بقيود بلاستيكية و كمموا فاه بلاصق حتى لا يستطيع الصراخ « . ويتابع العيادي : انهالوا عليه بالضرب و بسيل من التهديد و الكلام البذيء و سبّ الجلالة متوعدين إياه بأنهم سيخطفون أولاده كما خطفوه و أنهم سينالون من زوجته، و بعد أن أغمي عليه من شدة الضرب عادوا به و تخلصوا منه في الطريق العام و لاذوا بالفرار، و استطاع السيد فريد خدومة أن يتحامل و يدخل إلى صيدلية بالقرب منه أين دوّن رقم السيارة ». وندّد العيادي بشدّة بما سماه « الاعتداء السافر بالعنف اللفظي و المادي الذي تعرض له السجين السياسي السابق و الشاعر فريد خدومة « . ودعا السلطة إلى التحقيق في هذا « الاعتداء الخطير و تقديم المعتدين للقضاء » محملا إياها مسؤولية « ما يمكن أن يتعرض له السيد فريد خدومة في المستقبل من اعتداء قد يهدد أمنه أو أمن أفراد عائلته ». وفريد خدومة هو شاعر و صاحب عدد من المقالات الفكريّة والأدبية قضى بعدد من السجون التونسية مدة تزيد عن عشر سنوات. ويقول خدومة إنه كغيره من المساحيين السياسيين في تونس محروم من حقوقه السياسية و المدنية و يتعرض لعديد المضايقات و الاستفزازات المستمرّة. (المصدر: موقع إيلاف( بريطانيا ) بتاريخ 19 نوفمبر 2008)
عبد الحميد الجلاصي يغادر المستشفى نهاية الأسبوع
السبيل أونلاين – خاص – تونس من المنتظر أن يغادر السجين السياسي السابق والقيادي في « حركة النهضة » ، عبد الحميد الجلاصي ، مستشفى صالح عزير للأمراض السرطانية آخر هذا الأسبوع ، بعد أن أجرى عملية جراحية يوم 27 أكتوبر 2008، وتدخلين جراحيين بعد ذلك ، وقد تماثل للشفاء. ورغم الوضع الصحي الذى يمرّ به عبد الحميد الجلاصي فإنه عبّر عن فرحته الغامرة لخروج الدفعة الأخيرة من سجناء « حركة النهضة » ، حال علمه بالخبر ، وهنأهم بإستعادة حريتهم . كما أرسل إعتذاره إلى كل من زاره في المستشفى ، ولم يتمكن من مقابلته نظرا لحساسية العملية التى أجراها ودقة وضعه الصحي ، وعبّر عن شكره لكل من تكبّد معاناة القدوم للمستشفى وكل من سأل عنه واهتم بوضعه وأوضاع اسرته . وقد تعرّض أثناء تلك الفترة إلى مضايقات البوليس السياسي الذى إقتحم عليه غرفته وهو تحت تأثير التخدير ، وكان السبيل أونلاين أول من تابع حالة السجين السياسي السابق عبد الحميد الجلاصي وكشف عن الإنتهاكات التى تعرض لها . من جهتها عبّرت عائلة الجلاصي عن إمتنانها لكل من وقف إلى جانبها ، كما عبّرت عن شديد إمتعاضها من سلوك البوليس السياسي الذى تجاوز أخلقيات التعامل الإنساني والقوانين المنظمة والأعراف الصحية . من زهير مخلوف – تونس (المصدر:السبيل أونلاين،بتاريخ 19 نوفمبر2008 )
إهتمام حقوقي وإعلامي متزايد بحالة عبد اللطيف بوحجيلة
السبيل أونلاين – خاص – تونس يواصل السجين السياسي السابق عبد اللطيف بوحجيلة إضرابه عن الطاعم لليوم للسادس والإربعون ، وقد زاره يوم الثلاثاء 18- 11 – 2008 صحافي من مجلة « جون أفريك » الناطقة بالفرنسية وإلتقط له بعض الصور الشمسية ، كما تلقى مكاملة هاتفية من السيدة « نتالي Natali » المسؤولة بنفس المجلة » ، كما إهتمت بوضعه جهات حقوقة وإعلامية أجنبية أخرى . أيضا تلقى بوحجيلة مكالمة هاتفيه من الحقوقية السيدة » لويزا توسكان Luiza Toskane » . وكانت إحدى الطبيبات زارته رفقة بعض الحقوقيين يوم الإثنين 17 – 11 – 2008 ، و أكدت تدهور حالته الصحية . وقد أفاد السبيل أونلاين اليوم الثلاثاء 18 نوفمبر 2008 ، أنه يشعر بآلام حادة في كليتيه وعبّر عن عزمه الإستمرار في إضرابه حتى تلبية مطالبه . من زهير مخلوف – تونس (المصدر:السبيل أونلاين،بتاريخ 19 نوفمبر 2008 )
أخبار 18 نوفمبر أصدرت صباح اليوم محكمة الناحية بباردو قرارها بسجن الطالبين زهير زويدي وأنيس بن فرج مدّة 4 أشهر نافذة. وكان الطالبان قد أوقفا منذ أسبوعين على خلفية تحرّكات احتجاجية طلابية قام بها نشطاء الاتحاد العام لطلبة تونس في الجزء الجامعي كلية الآداب بمنوبة إحدى ولايات إقليم العاصمة تونس. ويذكر أنّ التهم الموجّهة إلى السجينين والمتمثّلة في التبوّل في الطريق العام والتشويش والاعتداء على الأخلاق الحميدة جاءت متناقضة مع تصريحات المتهمين الذين تمسّكا بأنّهما يحاكمان على خلفية نشاطهما النقابي داخل الجامعة. وأكّد أغلب الطلبة الناشطين في صلب الاتحاد العام لطلبة تونس أنّ التهم لفّقت للموقوفين بعد أن قاما بكتابة بعض الشعارات السياسية على جدران الكليّة. (المصدر: موقع كلمة الوقتي ( الموقع الرسمي مضروب – تونس ) بتاريخ 18 نوفمبر 2008)
اللجنة الوطنية لمساندة أهالي الحوض ألمنجمي 19-11-2008
إعــــــــــــــــــــــــــلام
رفض طلب طعن: تقدم الأستاذان أنور الباسطي وعبد الستار بن موسى بطعن لدى محكمة التعقيب، مطالبين بنقض إجراءات التحقيق في قضية نقابيي ونشطاء تحركات الحوض ألمنجمي واعتبارها اجراءت باطلة – سواء كان ذلك لدى الباحث الابتدائي أو قاضي التحقيق – بسبب ما رافق البحث من اخلالات لعل أبرزها رفض العرض على الفحص الطبي رغم أن القاضي قد عاين أثار التعذيب عند استنطاقه للمتهمين أيام 21 و22 و 23 جوان 2008. كما انه لم يقع سماع الشهود ، وخاصة معتمد الرديف ورئيس بلديتها ، اللذان سبق وان تفاوضا مع المتهمين في مناسبات عديدة من اجل إيجاد حلول للعديد من المشاكل، وخاصة منها البطالة. لذا اعتبر الأستاذان الباسطي وبن موسى قرار دائرة الاتهام باطلا باعتبار انه أسس على أعمال تحقيق غير مستوفاة. إلا أن دائرة التعقيب التي قبلت الطلب شكلا رفضته أصلا. زيارة لسجن القصرين: زار الأستاذان عبد الستار بن موسى ومحمد جمور السيدين عدنان ألحاجي والبشير ألعبيدي بالسجن المدني بالقصرين، امس الثلاثاء 18 نوفمبر 2008. لاحظ الأستاذان أن الحالة الصحية لبشير ألعبيدي – الذي فقد 20 كغ من وزنه – تستوجب عرضه على طبيب مختص وقد تقدما بطلب عاجل في هذا الشأن. أما السيد عدنان ألحاجي ، فهو يخضع لتفتيش دقيق مع نزع الملابس بعد كل زيارة محامين له. اللجنة الوطنية لمساندة أهالي الحوض ألمنجمي تضم صوتها إلى السادة المحامين في المطالبة بعرض السيد بشير ألعبيدي على طبيب مختص في القريب العاجل وترفض التفتيش المخل بالكرامة التي تتوخاه إدارة السجن مع السيد ألحاجي وتدعو السلطة للتدخل من اجل احترام حرمته الجسدية وكرامته. عن اللجنة الوطنية لمساندة أهالي الحوض ألمنجمي مسعود الرمضاني عبد الرحمان الهذيل
بــــــــــــلاغ
أوردت تونس نيوز في عددها 3101 ليوم 18 نوفمبر 2008 بلاغا نسب للأساتذة المطرودين عمدا هذا نصه: تونس في 18 نوفمبر20008
بيان نحن الممضون أسفله -الأساتذة المطرودين لأسباب نقابية نتوجه إلى الراى العام بالبيان التالي في خطوة في الاتجاه السليم ،تلقى الزميل محمد المومنى برقية من وزارة التربية والتكوين تم بموجبها إعادته للعمل بخطة إدارية في الإدارة الجهوية للتعليم ببن عروس ،إننا وان كنا نتوجه للزميل بالتهاني ،فإننا نعتبر عودته للعمل هي رفع لمظلمة ما كان لها أن تقع اصلا ،كما نعتبر قرار وزارة الإشراف إحقاقا لحق وتتسيب لوضع،لكن الخطوة ستظل ناقصة و جزئية إن لم يشمل القرار الأستاذين على الجلولى ومعزك الزغلامى الذين لا مبرر قانوني ولا بيداغوجى لاستثنائهما من حق العودة وهو ما نطلب تحقيقه في اقرب الآجال حتى يغلق هذا الملف نهائيا، وفى هذا الإطار نتوجه: -للسيد وزير التربية والتكوين من أجل استكمال خطوة الإنصاف بإعادة الأستاذين على الجلولى ومعز الزغلامى إلى سالف عملهما وبالتالي غلق هذا الملف نهائيا . -لقيادة الاتحاد العام التونسي للشغل حتى تدرج هذا الملف ضمن مداولات الجانب الترتيبي من المفاوضات الاجتماعية الجارية حاليا. -للنقابة العامة للتعليم الثانوي حتى تكثف أكثر عملها من أجل حل عادل لقضيتنا التي هي قضية القطاع التي التف حولها بشكل نضالي واسع. -لقوى المجتمع المدني الديمقراطية والتقدمية حتى تواصل إسنادها لمطلبنا العادل. الأساتذة المطرودون لأسباب نقابية:
*محمد المومنى :أستاذ فلسفة *على الجلولى :أستاذ فلسفة *معز الزغلامى: أستاذ انقليزية
و يهمنا نحن الأساتذة المطرودين عمدا أننكذب جملة و تفصيلا ما ورد في هذا البيان المنسوب إلينا و نؤكد أن كل ما ورد به عار تماما من الصحة و لم يصدر عنا و إننا نستغرب هذا الفعل اللااخلاقي و نند بكل شدة بمن يتعمد إلحاق الأذى بنا عبر انتحال صفتنا و عليه:
1- نطلب من الإخوة في تونس نيوز و كل المواقع التي تتفاعل مع قضيتنا أن تمتنع عن نشر أي خبر يتعلق بنا ما لم يصلهم من بريدنا الالكترونيprofexclu@yahoo.fr إضافة إلى أن كل ما نصدره من بيانات و مواقف يكون مصدره الأول إحدى مدوناتنا المعروفة و خاصة مدونتنا المحجوبة في تونسhttp://moumni.maktoobblog.com
2- نعلم الرأي العام أن ملفنا مازال بيد النقابة العامة للتعليم الثانوي و المركزية النقابية للاتحاد العام التونسي للشغل و لم نتلق إلى الان أي رد من شانه إعادتنا إلى مواقع عملنا و إن الوزارة الجديدة مدعوة للتفاعل الجدي من اجل إنهاء المظلمة المسلطة علينا. 3- إن مواصلة الصمت من قبل وزارة التربية و التكوين من شانه أن يجبرنا على العودة إلى النضال المباشرة من اجل حقنا في الحياة بكرامة خاصة و ان طردنا من العمل لم يكن له أي مبرر قانوني او بيداغوجي. الأساتذة المطرودين عمدا: محمد مومني استاذ فلسفة. على الجلولي استاذ فلسفة. معز الزغلامي استاذ انجليزية.
الحزب الديمقراطي التقدمي جامعة قفصة قفصة في 16 نوفمبر 2008
بــلاغ للــرأي الــعـــام
تم حشر السيد رشيد عبداوي عضو جامعة قفصة للحزب الديمقراطي التقدمي في القضية عدد 15537 ووجهت ضده العديد من التهم الملفقة والخطيرة ضمن ما أصبح يعرف بمجموعة الوفاق التي تضم قرابة الستين شخص من نقابيين وموظفين من أبناء مدينة الرديف والذين سهروا على المحافظة على الطابع السلمي والمدني لاحتجاجات أهالي الحوض المنجمي التي دامت أكثر من ستة أشهر, وبعد فتح البحث الابتدائي لهذه القضية في شهر سبتمبر الماضي أقر حاكم التحقيق الإحدى عشر تهمة الموجهة ضد 38 من بين المتهمين وتم حفظ جميع التهم ضد 21 منهم وتخفيض بعض التهم على اثنان من المتهمين وقد قدم محامو الدفاع مطلب طعن لدى التعقيب في لائحة الاتهامات وبعد النظر في هذا الطعن تم إقراره يوم السبت 15 /11 /2008 . وللعلم أن السيد رشيد عبداوي متحصل على الأستاذية في اللغة الفرنسية ومقيم بمدينة قفصة ولم يعلم بكل هذه التهم الموجهة ضده إلا بعد قرابة الشهرين من ختم البحث وكان طوال هذه الفطرة بعيش حياة عادية بين محل إقامته ومقر الحزب والمقهى وهو معتبر في حالة فرار وعند البحث عنه لم يتعرف عليه أحد من سكان الرديف أو أم العرائس . أن السبد رشيد عبداوي لم يبدأ في مهامه الأعلامية والسياسية لتغطية الأحداث والمساندة لأحداث الحوض المنجمي إلا خلال شهر أفريل 2008 وذلك بعد انعقاد مؤتمر جامعة قفصة للحزب الديمقراطي التقدمي الذي أفرزه كعضو للجامعة ثم وقع تكليفه بمكتب الحقوق والحريات . كان نشاط السيد رشيد عبداوي ينحصر في بيع جربدة الموقف والتغطية الأعلامية للاحتجاجات ومتابعة تطوراتها وذلك في إطار حزب قانوني له التأشيرة القانونية منذ ما يزيد عن العشرين سنة وفي تناغم تام مع مبادئ الحزب الديمقراطي التقدمي ككل وجامعة قفصة التي ينشط ضمنها المساندة والمتضامنة مع مطالب أبناء الحوض المنجمي المشروعة و مع تحركاتهم الاحتجاجية السلمية المدنية والمنددة بالأسلوب الأمني والقضائي الذي تتوخاه السلطة وكان السيد رشيد عبداوي مصحوبا ببطاقة مراسل للجريدة في كل تنقلاته . وتبعا لذلك فان جامعة قفصة للحزب الديمقراطي التقدمي . 1- أرادت أن توضح للرأي العام من خلال هذا البلاغ أن عملية الحشر في هذه القضية التي استهدفت السيد رشيد عبداوي الذي قام بواجبه السياسي والأعلامي في اطار حزب قانوني مثله مثل عشرات السياسيين والحقوقيين والاعلاميين انما هي عملية غاياتها و أهدافها سياسية بحتة أرادت السلطة من خلالها أن تستهدف الحزب الديمقراطي ككل وجامعة قفصة بالأساس وذلك بتوجيه رسالة ترهيب وتخويف لكل شباب الحزب بصفة عامة وشباب جامعة قفصة بالأساس الذي كان سندا سياسيا قويا لتحركات أبناء الحوض المنجمي . 2- تعبر عن استغرابها من هذه السلسلة من الاتهامات الملفقة والخطيرة والتي ليس لها أي اساس من الصحة الموجهة ضد السيد رشيد عبداوي مثل . * المشاركة في وفاق بقصد تحضير وارتكاب اعتداء على أشخاص *المشاركة في عصيان دعي له بخطب *المشاركة في عصيان صادر عن أكثر من عشرة أفراد وقع بالسلاح *تنظيم اجتماعات عامة بمعلقات وإعلانات ومطبوعات * صنع وحيازة أدوات محرقة * رمي مواد صلبة * تعطيل الجولان بالطريق العامة كل هذه التهم والقائمة مازالت طويلة موجهة ضد السيد رشيد عبداوي و37 شخص آخر من نقابيين وأساتذة ومعلمين والحال أن السيد رشيد عبداوي هو كما سبق وذكرنا أنه من سكان مدينة قفصه وانه لم يزر مدن الحوض المنجمي الا في شهر أفريل2008 وذلك في ثلاثة أو أربع مناسبات في أقصى الحالات لتعويض رفاقه في الجامعة بعد انعقاد مؤتمرها فكيف له أن يشارك في وفاق وفي عصيان صادر عن أكثر من عشرة أشخاص وصنع أدوات حارقة ونظم اجتماعات عامة وعطل الجولان في الطريق العامة . 3- تعبر عن تضامنها الكامل ومساندتها المطلقة للسيد رشيد عبداوي 4- تطالب السلط التونسية التخلي عن الحلول الأمنية والقضائية وعن الانغلاق السياسي وحفظ كل التهم الملفقة ضد المتهمين واطلاق سراح كل الموقوفين وفتح صفحة جديدة في التعامل مع هذه الحركة الاحتجاجية التي لها أسبابها الاقتصادية والاجتماعية من فقر واستشراء للبطالة وإخلال في توزيع الثروة الوطنية وذلك من خلال جملة من الإجراءات السياسية الجريئة 5- تدعو كل فعاليات المجتمع المدني من أحزاب وجمعيات ومنظمات الوقوف إلى جانب كل المتهمين من موقوفين وفي حالة سراح والمعتبرين في حالة فرار والعمل من أجل إنهاء هذه المحنة 6- كما توجه جامعة قفصه للحزب الديمقراطي التقدمي جزيل شكرها إلى كل الإخوة المحامين الذين تبنوا هذه القضية ورافعوا عن المتهمين ببسالة وحنكة وفي ظروف صعبة يعلمها الجميع الحزب الديمقراطي التقدمي جامعة قفصة الكاتب العام عبدالرزاق داعي
الحزب الديمقراطي التقدمي جامعة قفصة
قفصة في 19/11/2008 اســـــتـدعــــــــاء
الى السيد-ة-………………………………………………………………………… تتشرف جامعة قفصة للحزب الديمقراطي التقدمي بدعوتكم لحضور الندوة التي سيقدم خلالها الإعلامي رئيس تحرير جريدة الموقف السيد رشــيــد خشــانــــة مداخلة حول . دور الإعــلام في تغطــية أحــــداث الحــوض المنــجـمي بقـفًــصة وذلك يوم الأحد 23 نوفمبر2008 على الساعة الحادية عشر صباحا بمقر جامعة قفصة للحزب الديمقراطي التقدمي الكائن بشارع أبو القاسم الشابي قفصة شكرا الحزب الديمقراطي التقدمي جامعة قفصة الكاتب العام عبدالرزاق داعي
التــــــــــــــركة…
عمر المستيري
الخيار الأمني الطاغي على توجهات السلطة منذ عشريتين جعلها عاجزة على إحداث تغييرات جوهرية في معالجتها للأزمات مثلما نراه مع أزمة منطقة المناجم التي تستمر منذ أشهر (ممّا يضاعف من إمكانيات توظيفها من أطراف خارجية)… من أخطر انعكاسات هذا الخيار أنّه أدى إلى تضخم صفوف دعاة العنف من الشباب بصورة غير مسبوقة منذ تولي بن علي الحكم قبل زهاء الـ21 عام. خلّف صدور الأحكام النهائية في « قضية سليمان »[1] انطباعا عاما بالرمرمة والارتجال… الرأي العام التونسي لازال في انتظار حقيقة ما جرى. أما السلطة فهي، رغم إبقائها على العقوبات القاسية التي سلطتها على شباب لم يكن لهم دور مباشر في المواجهات، أبدت ارتباكا أمام انتقادات الجهات الحقوقية للخروق التي حصلت في الطور الابتدائي وخاصة أمام ما نُقل من شهادات عن التعذيب الوحشي الذي تعرض له المتهمون. وفوق كلّ اعتبار يدرك الجميع – وأقطاب السلطة قبل غيرهم – أنّ ذات المعالجة غير قادرة على تطويق النزعة السلفية ولا حتى على الحدّ من تفشيها لدى شرائح واسعة من الشباب التونسي الأمر الذي نلاحظه منذ غزو العراق واحتلاله سنة 2003. وتبعا لذلك يطرح السؤال التالي: « هل تونس في مأمن من اندلاع مواجهات عنيفة أخطر من التي حصلت قبل عام ونصف؟ » يمكننا أن نجزم بالسلب ونظنّ أن الإجابة ذاتها قد تصدر عن المسؤولين في السلطة لو كان بوسعهم مصارحة مخاطبهم… فيجوز اليوم اعتبار معضلة المتشدّدين السلفيين بمثابة التركة التي خلفتها لنا خيارات « التوجّه الأمني » اللا مسؤولة التي طغت على الحياة العامة على مدى العقدين الأخيرين. قضية « سليمان »، « بداية المشوار » ؟ يتعذّر على السلطة أن تضمن عدم اندلاع موجة أخرى من العنف السلفي مستقبلا – قد تكون عواقبها أخطر على تونس – لأن الجهات الرسمية ملمّة حق الإلمام بعمق إقبال آلاف الشباب التونسيين على العقيدة السلفية وهي تشعر بالعجز الكامل في تطويق هذه الظاهرة. فبعيدا عن العناية الإعلامية الملفتة التي حظيت بها قضية « سليمان »، لا يكاد يمر أسبوع دون أن يُعرض عدد من الشبان على محكمة تونس الابتدائية بمقتضى قانون « مكافحة الإرهاب » سيّء الصيت. وحتى إذا اعتمدنا تعديل الاعتبارات الأمنية التي تؤسّس لمعظم القضايا خضوعا إلى منطق « القضاء الاستباقي » تبقى هناك حقيقة دامغة هي إغراء السلفية للآلاف في تونس… إنّ اعتناق الشباب التونسي بهذه النسبة لعقيدة عنيفة لا بدّ وأن يفرز من بينهم جانبا مقدما على وضع القناعة محك التطبيق، وهو أمر يؤكّده انضمام المئات إلى صفوف المقاومة في العراق واستشهاد العشرات هناك. كما يدرك الجميع استحالة انحصار الخبرة القتالية المكتسبة من قبل الجهاديين التونسيين داخل ساحات القتال الخارجية. الأرجح أن يُدفع هؤلاء إلى تكريس « مهارتهم » على ميدانهم الأصلي، مع احتمالات توظيفها في مشاريع عدمية أو سقوطها في شرك بعض المصالح الخارجية… الظروف الدولية والجهوية أصبحت تفرز باستمرار نوعيات متطورة من الجهاديين، قادمين على الاستشهاد وقادرين على تحدي أقوى الآلات القمعية. في المقابل نرى السلطة التونسية وكأنّها تستند إلى ترسانة مهترئة، بعد أن جعلت من عنوان « مقاومة الإرهاب » مجرّد ذريعة لتصفية الخصوم السياسيين السلميين ولتركيع المجتمع، إلى جانب الجري الأعمى وراء منافع توظيفه لكسب الدعم الدولي. فالإطارات الأمنية التي تركزت « موهبتهم » لسنوات طويلة في جلد « المظنون فيهم » خلال الاحتفاظ بهم، أو في فبركة أشرطة فيديو جنسية لتشويه صورة شخصيات امتنعت عن طاعة الأمير، أو في ملاحقة النساء المحجبات وإهانتهنّ، أو في مضايقة وتعنيف نشطاء المجتمع المدني المسالمين والمسنين أو إبداعهم في إحكام الطوق على مقرات رابطة حقوق الإنسان… أولئك الإطارات تم إخضاعهم في الواقع إلى عملية تفسخ نالت في الآن نفسه من مرتكزات سلكهم الأخلاقية ومن كفاءاتهم المهنية كما أنّها أفقدتهم ثقة المواطن دونرجعة. القمع المتصاعد يولّد بالضرورة أنماط ردود تتجذّر من المفيد التذكير بأنّ السلطة الحالية ليست إلاّ امتدادا للسلطة البورقيبية التي تمخضت عن نزاع أهلي عنيف[2]2، والتي واجهت على امتداد ثلاث عقود تشكيلات سياسية ذات ميولات قومية ويسارية وإسلامية وكانت المرجعيات السياسية آنذاك شبه مجمعة على الإقرار بضرورة العنف السياسي. في هذا المضمار يجدر التطرّق إلى تجارب اليسار الراديكالي[3] التي عرفت أوجها خلال سبعينات القرن الماضي، وبالتحديد إلى بعض خصائص من تجربة أهم فصيل له، منظمة العامل التونسي[4]. التنظيم المذكور، الذي تأسّس سنة 1963 تحت أسم « تجمّع من أجل الدراسات والعمل الاشتراكي »، تبنى سنة 1967 العقيدة الماركسية المتشدّدة[5] المرتكزة على اعتماد « العنف الثوري » سبيلا أساسيا لتحقيق أهدافه. هذه الخطوة – ومن أبرز دوافعها الحاجة إلى كسر الطوق الأمني المقيت – وإنْ بقيت على الدوام من قبيل « جريمة الرأي » (إذ لم يتسنّ تكريس خيار العنف الثوري)، فهي أخذت شكل الهوس المتعاظم، مع تصاعد الحملات القمعية الشرسة، بحيث صارت النشاطات النضالية شيئا فشيئا مجرّد تراكمات إعدادية للانتقال للكفاح المسلّح. ويمكن تلخيص هذا التمشي في الخطوات البارزة التالية : •في سنة 1970، غداة الحملة القمعية الأولى لمارس 1968، تم اعتماد السرية أسلوبا وحيدا للتنظيم. •سنة 1974، إثر حملة اعتقالات وتعذيب طالت المئات، تمّ إرسال 15 من إطارات المهجر للتدريب في أحد معسكرات « الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين » بالبقاع اللبناني، انتقل عدد منهم للداخل خلسة عبر الحدود الجزائرية في الأسابيع الموالية. •في نوفمبر 1974 لجأ أحد العناصر القيادية إلى السلاح الناري حتى يتمكن من الإفلات من محاولة اعتقال مع الإشارة إلى أن مبادرته باقتناء السلاح كانت فردية صرفة. •إثر الحملة القمعية لمارس 1975 انشقت مجموعة من الإطارات بالمهجر وأسست « حزب الشعب الثوري » للشروع المباشر في العمل المسلح أُعتقل أبرز عناصره في نهاية 1976 وقتا ضئيلا بعد دخولهم من الحدود الجزائرية حاملين كمية من الأسلحة. علامات مشابهة في التجذر يمكن رصدها في تجارب الفصائل القومية[6] حيث أكتست خطورة بالغة عندما أفضت في جانفي 1980 إلى شنّ هجوما مسلحا على مدينة قفصة بالتعاون مع بعض الأجهزة داخل النظامين الجزائري والليبي. الانفتاح وحده قادر على نزع فتيل العنف السياسي عملية قفصة أعلنت إخفاق الجناح المتشدّد داخل السلطة البورقيبية انجرّ عنه تعيين حكومة من المعتدلين، بقيادة محمد مزالي، تولت إرساء مناخ من التهدئة واتخاذ جملة من الإجراءات أفضت إلى الإقرار بانفتاح الفضاء العام لتعبيرات مستقلة عن الحزب الحاكم (بروز الصحف المستقلة، إعادة الشرعية داخل اتحاد الشغل، إطلاق سراح سجناء الرأي[7]، إعلان التعددية السياسية… ). هكذا اتسع الفضاء العام إلى كتابات ونشاطات كانت تواجه بعقوبات شديدة. في هذا المناخ شهدنا تهميشا للتيارات العنيفة من ميولات يسارية وقومية[8] وهي نتيجة عجز خيار القمع الشامل في تحقيقها. تجربة الثمانينات الواعدة لم تعمر طويلا نتيجة عجز المعتدلين في الحزب الحاكم في التخلّص من ثقافة الهيمنة على الحياة العامة والاستفراد بالقرار الوطني التي دفعت إلى تقويض أول تجربة انتخابية تعددية باللجوء إلى تزوير سافر لنتائجها ثمة عمدت إلى تقزيم التشكيلات السياسية المعارضة والعمل على نسف جميع فرص النقاش الجدية. هذه العقلية الاحتكارية والحرص إلى إقصاء الآخر والعودة القوية إلى الخيار الأمني[9] ساهمت بدورها في إفراز توجهات متطرّفة داخل الحركة الإسلامية أثّرت على خياراتها ودفعت مجموعة[10] منها إلى الإعداد بجدية إلى قلب الحكم بالقوة بعد أن نجحت في اختراق عمق الأجهزة الأمنية (يبدو أن إقالة بورقيبة قد سبقت تنفيذ المشروع بسويعات مما دفع أصحابه إلى العدول عنه).. ضمان حسم خيار نبذ العنف يجوز التشكيك في إرادة السلطة الحالية تجنّب البلاد موجة عنيفة. فهذا الأمر كان مردّه في الأساس طبيعة مجتمعنا المسالم إضافة إلى تعزيز إصرار جميع التشكيلات السياسية على رفض العنف تفاعلا أكبر مع التطورات العالمية التي صارت تبرز المرجعية الحقوقية الكونية ونمط وأخلاقيات النضال السلمي على حساب المرجعيات العقائدية ونمط الكفاح المسلّح (مثلما تبرزه تجارب أمريكا اللاتينية). وهو ما عايناه على مستوى التشكيلات اليسارية التي تخلّت، صراحة أم ضمنيا، عن « العنف الثوري ». أما حركة النهضة فيُشهد لها تشبّثها برفض الدعوة إلى العنف المضاد حتى خلال المحنة التي مرّت بها في التسعينات القرن الماضي. غير أن السلطة تفاعلت سلبيا مع هذه التطورات وما انفكّت تستهدف التشكيلات المعارضة ونشطاء المجتمع المدني وتسعى إلى إقصائهم ونسف مصداقيتهم لدفع المواطن نحو اليأس، مؤكدة أنّ « جمّ عداء الأنظمة الأمنية يوجّه بالأساس للمعتدلين »[11]. إن بروز جماعة من داخل النظام تتباين مع الخيار الأمني قد يساعد الكثير على تعطيل الآلة الجهنمية… هل ذلك من باب التمنيات أم التكهنات؟
[1] المتعلّقة بالمواجهات المسلّحة التي حصلت بالضاحية الجنوبية للعاصمة بين مجموعة سلفية والأجهزة الأمنية نهاية 2006-بداية 2007. [2] شقّ زعماء الحزب المهيمن على الحركة الوطنية، وأدى إلى تصفية ما يقارب ألف مواطن معظمهم من المعارضين. [3] هذا التركيز ناجم عن ارتباط الكاتب الشخصي بالتجربة حيث انخرط ضمنها إلى مطلع الثمانينات. [4] تحوّلت سنة 1986 إلى حزب العمال الشيوعي التونسي. [5] تحت تأثير تجربة « الثورة الثقافية » التي اندلعت في الصين سنة 1966 وقادت إلى بروز نزعة متطرّفة داخل الأوساط الماركسية الدولية. [6] نشأة الحركة الإسلامية كانت لاحقة (أعلن عن تأسيس « حركة الاتجاه الإسلامي » سنة 1981) ممّا انعكس على مسارها. [7] وكانا اللقاءان اللذان جمعا بورقيبة مع مجموعتين من معتقلي الرأي اليساريين (وضمنهم مَنْ شهّر السلاح في وجه البوليس ومَنْ تدرّب قي معسكرات سهل البقاع) بمناسبة منحهم العفو الرئاسي في غرة جوان ثم في 3 أوت 1980 – وسجلّ خلالهما تبادلان حادان – قد جسدا تغيير أسلوب الحكم آنذاك وثقته به. [8] بالنسبة للتيار الإسلامي المتصاعد شهدنا نزعة نحو التأقلم مع المناخ الجديد وتباينات هامة بين إفرازات معتدلة والخطاب الجذري والنفس الثوري الناجمين عن تأثيرات الثورة الإيرانية. [9] مع عودة بن علي على رأس الجهاز الأمني في 1984 بعد أن تمّ إبعاده إثر عملية قفصة. [10] « المجموعة الأمنية » التي تمّ اعتقال العشرات من أفرادها غداة تولي بن علي الحكم دون أن تقام أي محاكمة ودون أن ترفع أركان هذه القضية إلى الأنوار. [11] حسب الاستخلاص الوارد في كتابChronique des années de sang للعقيد محمد السمراوي المسؤول السابق في المخابرات العسكرية الجزائرية اللاجيء في ألمانيا. (المصدر: الموقع المؤقت لمجلة « كلمة » الألكترونية (بعد ضربها في بداية أكتوبر) بتاريخ 16 نوفمبر 2008) الرابط:
http://kal.mediaturtle.com/ar/11/80/96
لـــيــــس مـــنّـــــة
الأخضر الوسلاتي
عـزّ الأســـود وخــسّـت الـــذّؤبـــــــــان ذاب الـجـلـيـد وحُـطّـمـت قـضـبــــــــان لـيـل الهـمـوم تـقـلّـصـت ســاعـــاتــــه بـالأمـس كـانـت كـلّـهــا أحـــــــــــزان ذي غـمّـة طـالـت وطــــــال ضـــرابــها ثـمّ انـجـلـت وتـبـخّــرت أشـــــــــــجان فـلـتـفـرحـي يـا نـفـس فـرحـــة مـتـعــب قــد هـدّه مـن بـُعــده الـحـرمـــــــــــان الـصّـبـر يـأتـي بـعــده فـــــــرج فـبـعـــــد الـعـسـر يـسـرا نـصّـهـا الــقــــــــرآن الـنّـفـس تـضـعــف عـنـد طـــول بــلائـهـا عـنـد الـشّـدائـد يـضـعـف الإنـســــــان لـكـنّـهـم صـمـدوا لـطـــول حـصـــــارهــم إنّ الـصّـمـود يـجـيـده الـشّـجـعـــــــان فــي كـــلّ يـــــوم مـحـنـــة وتــــرقّــــــــب وجـسـومهم قـد هـدّهـا الـزّنـــــــــزان مـنـهـم قـضـــى نـحـبـا ومـنـهـم هــــــــــدّه مـرض ومـنهم غـربـة قـد عــــــانـوا وتـــزاحـمـت آلامـهـم .. فـــي هــمّــــــــــة الـنّـفـس الأبـيّـة تـتـعـب الأبــــــــــدان واللّه مــن فـــــوق يــقـــدّر حـــــــــــالـــهم إن شـــــاء مـنّ فـإنّــه الـمـنّــــــــــان فـالـحـمـد لـلـرّحـمـــــان لـيـس لـغـــيــــره وكـمـــا يـظـنّ مـهـــرّج وجــبــــــــــان وخــروجـــكم حـــقّ ولــيــس بــمـنّــــــــــة أو كــي يـقــــال بــأنّــه إنــســــــــــان مـهـمـا ابـتـلـيـنـا مـا يـقــاس بـمـــــــا رآه الأوّلـــــون عـــذابــــهم ألــــــــــــوان قــــدر سُـجـنّــاواغــتــربـنـا هـا هـــــــــنـا وبـإذنــه قــد حُـطّـمـت قـضـبــــــــــان بـكـت الـعـيـــون لــفــرحـــة وسـعــــــــادة إنّ الـعـيــون تُـجـفّــها الأحــــــــــزان يـــا أمّــــه فـلـتـفــرحـــي إنّ الّــــــــــــذي قــد عــاد عـاد وقـلـبــه مـــــــــزدان واسـتـبـشـري يـــا أخـتـــــه بــــالأمـــــس دمـعُ تـحـسّـر و اليـوم ذا فـرحـــــان كـم قـد سـكـبـت مـن الـدّمـوع الـهـامـيـات لــثـلّــة جـيـــرانــهم جـــــــــــــــرذان أرجــــو الإلــــــه بــــأن تــكــــون طــهـارة مــن كـــلّ ذنـــب إنّـــــه الــرّحـمـــان وبــشـــارة فــي الأوّلـيــن بـفـضـــلــــــــــه وسـعــــادة مـن بـــعـــدهـا وجــنــــان فـلـتـسـتـعـــــدّوا إخــــوتــي فــرجــوعــنــا قـــدر لــنــا قــــد شـــاءه الــــدّيّـــــان بـــاريــس – نــوفــمــبـــر 2008
رئيسة الأرجنتين تغادر تونس بعد توقيع عدة اتفاقيات بين البلدين
قرطاج في 19 نوفمبر /أ ش أ/ غادرت اليوم « الأربعاء » رئيسة الأرجنتين كريستينا فرنانداز دى كريشنار تونس بعد زيارة استغرقت يومين. وذكرت وكالة الأنباء التونسية (وات) أنه تم خلال الزيارة استعراض آفاق التعاون الثنائي بين البلدين ولاسيما في مجال المبادلات التجارية..وتطرقت المحادثات أيضا إلى قضايا الساعة ومنها تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط والعراق وعلى صعيد القارة الإفريقية. وتم خلال هذه الزيارة التوقيع على 3 اتفاقيات تعاون بين تونس والأرجنتين في ميادين التجارة والثقافة والتربية والبحث العلمي والتكنولوجيا والفلاحة. وأعربت الرئيسة الأرجنتينية عن شكرها للرئيس التونسي على دعوته لها للقيام بأول زيارة إلى تونس ..ووجهت إليه دعوة للقيام بزيارة الأرجنتين. (المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية بتاريخ 19 نوفمبر 2008)
تعيين مديرين عامين جديدين بوزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية
تم تعيين مديرين عامين جديدين بوزارة املاك الدولة والشؤون العقارية وهما السيد محمد علي النايلي مديرا عاما للمصالح المشتركة والسيدة جميلة الغدامسي مديرة عامة للادارة العامة لضبط الاملاك العمومية.
كراس شروط ينتظر ان يصدر قريبا كراس الشروط متعلق بتنظيم نقل وطرق خزن المياه المعلبة ويهدف الى ضمان ظروف افضل لخزن ونقل المياه المعلبة تستجيب لمعايير السلامة الصحية. ومن بين ملامح الاجراءات الجديدة التي سيتضمنها كراس الشروط المذكور التشديد على ضرورة نقل المياه المعلبة من وحدات الانتاج اثناء الليل وتغطية قوارير المياه بغطاء يضمن عدم تعرضها للشمس وخزنها في مكان جاف وخال من الرطوبة بعيدا عن مواد ملوثة او مواد غذائية او سلع اخرى مهما كان نوعها.. كما سيتم تمكين اعوان المرور من حجز الشاحنات او العربات في صورة مخالفتها للقواعد الصحية لنقل المياه المعلبة.
حول انطلاق الدروس بالمعهد الاعلى للمحاماة علمت «الصباح» ان موعد بداية انطلاق الدروس بالمعهد الاعلى للمحاماة يرجح ان تكون بداية من غرة ديسمبر المقبل. وكانت الفترة الماضية قد شهدت الاعلان عن القائمة النهائية للناجحين لمناظرة القبول بالمعهد التي انتظمت على عدة مراحل، وتضم 225 ناجحا وهو عدد البقاع المفتوحة بالمعهد علما وانه كان من المقرر ان تنطلق الدروس خلال الاسبوع الثاني من نوفمبر الجاري. معاناة مستعملي الحافلة رقم 28 يشكو مستعملو الحافلة رقم 28 التابعة لشركة نقل تونس والرابطة بين تونس وجهة الكرم الغربي من اضطراب متكرر في سفرات الحافلة، فمنذ مدة ليست بالقصيرة عرفت سفرات هذا الخط الذي يعول عليه عشرات الموظفين والطلبة والمواطنين للوصول الى اماكن عملهم وتأمين العودة الى ديارهم تغيرا كبيرا في الفترة اللازمة لاكمال السفرة الواحدة وذلك نتيجة اكتظاظ حركة المرور صباحا ومساء خصوصا خلال الفترة الاخيرة التي عرفت اعتماد توقيت اداري جديد. لكن ايضا بسبب عدم التقيد بمواعيد السفرات في بعض الاحيان خصوصا خلال الفترة المسائية.. وهو ما يزيد من معاناة مستعملي هذا الخط.
التسرب المدرسي للفتاة الريفية يشغل موضوع الانقطاع والتسرب المدرسي القائمين على المنظومة التربوية في بلادنا ونشير في هذا السياق الى ان مرصد الاعلام والتكوين والتوثيق والدراسات حول حماية حقوق الطفل شرع منذ فترة في انجاز دراسة حول «التسرب المدرسي للفتاة في الوسط الريفي» تهدف الى وضع خارطة للانقطاع المدرسي حسب النوع الاجتماعي ومعرفة اسباب الانقطاع ووضع خطة عمل للحد من هذه الظاهرة. تكوين في محور «اعداد الميزانية والتصرف الرشيد في الموارد» ينظم مركز الاعلام والتكوين والدراسات والتوثيق حول الجمعيات «افادة» يوم الخميس 20 نوفمبر الجاري حصة تكوينية لفائدة اعضاء هيئات الجمعيات الراعية للاشخاص المعوقين والفئات ذات الاحتياجات الخصوصية والاطارات العاملة بها في محور: «إعداد الميزانية والتصرف الرشيد في الموارد» يخص هذا التكوين 24 مستفيدا من امناء مال جمعيات ومديري مراكز تأهيل المعاقين
(المصدر: الصباح (يومية – تونس)بتاريخ 19 نوفمبر 2008)
ارتفاع الاستثمار المباشر في تونس 53 بالمائة في عشرة أشهر
تونس 19 نوفمبر تشرين الثاني /رويترز/ أظهرت بيانات رسمية أن الاستثمار الأجنبي المباشر في تونس ارتفع بنسبة 53 بالمائة في الأشهر العشرة الأولى من هذا العام بفضل قطاعي السياحة والعقارات سريعي النمو. وبلغ حجم الاستثمار الأجنبي المباشر 083ر2 مليار دينار /496ر1 مليار دولار/ منذ بداية العام وحتى نهاية شهر سبتمبر أيلول ارتفاعا من 36ر1 مليار دينار. وقفزت التدفقات على قطاع السياحة والعقارات إلى 184 مليون دينار. وتحتاج تونس إلى جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية للمساعدة في إتاحة الوظائف للأعداد المتزايدة من الخريجين. وتستهدف الحكومة تطوير القطاع العقاري باستثمارات من منطقة الخليج تتراوح بين 50 و60 مليار دولار خلال السنوات الخمسة عشرة المقبلة. وارتفعت استثمارات قطاع الطاقة بنسبة 24 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي لتصل إلى 06ر1 مليار دينار. واجتذب قطاع الصناعات التحويلية 410 ملايين دينار من الاستثمار المباشر بنهاية سبتمبر أيلول بزيادة 27 في المائة. /الدولار يساوي 392ر1 دينار تونسي/ (المصدر: وكالة (رويترز)للأنباء بتاريخ 19 نوفمبر 2008)
حاجة عاجلة لإنقاذ الذاكرة الوطنية في تونس من التلف
مديرة المكتبة الوطنية لـ »قدس برس » نسعى لربط الطرق التقليدية في الصيانة والحفظ بالطرق الحديثة
تونس – خدمة قدس برس نظّمت المكتبة الوطنية التونسية ندوة علمية تحت عنوان « حفظ ورقمنة المجموعات النادرة والقديمة » شارك فيها محاضرون من تونس وكوريا. وعقدت الندوة أمس الثلاثاء (18/11) في إطار فعاليات تظاهرة تتواصل على امتداد أسبوع من 17 إلى 21 من الشهر الجاري وتشتمل على تنظيم معرض وإقامة ندوة علمية تقنية. واحتضنت المكتبة الوطنية بتونس معرض « ثقافة الطباعة الكورية من البدايات إلى القرن التاسع عشر » قدمت فيه خرائط وكتب نادرة ووثائق خاصة أبرزها أقدم وثيقة في العالم مطبوعة باستعمال القوالب الخشبية تعود إلى أواسط القرن الثامن للميلاد وتتضمّن تعاليم بوذا مكتوبة على لفّة ورقية عرضها 8 سنتمترات وطولها 26 سنتمترا. وتولّى محاضرون من تونس التعريف بسياسة وإستراتيجية المكتبة الوطنية في مجال حفظ الكتب والوثائق القديمة والنادرة المكوّنة للتراث التونسي المخطوط والمكتوب، وعرض أهم تقنيات الحفظ المستعملة في المكتبة الوطنية التونسية وتطوّرها والتقنيات العصرية المعتمدة طبقا للمواصفات العالمية الحديثة المتبعة من قبل المكتبات الوطنية العالمية. وقدمت رئيسة وحدة المخطوطات بالمكتبة الوطنية رشيدة السمين محاضرة حول « حفظ الكتب النادرة والقديمة في المكتبة الوطنية التونسية » وتولّت الأستاذة بالمعهد الأعلى للتوثيق ليلى التريكي تقديم عرض عن « حفظ الوثائق الورقية وحمايتها » كما شرحت السيدة ريم شلتوت عزيز المسؤولة عن مخبر معالجة آفات الكتب بالمكتبة الوطنية « إستراتيجية المكتبة الوطنية التونسية في حفظ الوثائق ». وقدمت السيدة أهن هيا كيونغ من كوريا عرضا عن « مشروع رقمنة الوثائق القديمة والنادرة بالمكتبة الوطنية الكورية » وشرح السيد هيون هيوون « تطبيق نظرية هانجي في الحفظ والمعالجة ». وبيّنت المديرة العامة للمكتبة الوطنية « ساميّة قمّرتي أنّ التظاهرة تندرج في إطار التبادل بين التجربتين التونسية والكورية حيث تربط المكتبة الوطنية التونسية بنظيرتها الكورية علاقة تبادل وتعاون ثنائي منذ 2006 مضيفة أنّ هذه الندوة تسعى لتحقيق هدف مهنيّ تكويني بالأساس. وقالت السيدة قمّرتي في تصريح خاص لـ »قدس برس » إنّ موضوع الصيانة وترميم الوثائق القديمة هو موضوع هام في عهدة المؤسسات التي تحتفظ بمجموعات تراثية، مشيرة إلى أنّ المكتبة الوطنية يتوفر بها رصيد زاخر بدوريات ومطبوعات قديمة لابدّ من حفظها ومعالجتها بصفة دائمة. وقد تطوّرت خدماتها من خلال ربط الطرق التقليدية في الصيانة وحفظ الوثائق بالطرق الحديثة الرقمية وتعويض الوثائق الأصل بالوثائق المرقمنة والميكرو فيلم، وهو ما أصبح يمكّن من التعريف بالتراث ووضع الوثائق على ذمّة من يريد وطنيّا وعالميا عن طريق البوابة الرقمية، حيث توجد الآن بالمكتبة الرقمية نماذج هامة الرقمية خاصة من الدوريات القديمة المتداولة والتي تحف بها الأخطار جراء التقادم والاستعمال. من جهتها ذكرت السيدة ريم شلتوت في مداخلتها أنّ المكتبة الوطنية التونسية يتوفر بها رصيد هام من الوثائق في طريقها للتآكل نتيجة الحوامض معبّرة عن أسفها للاقتصار في الوقت الحالي فقط على إزالة الغبار بشكل وقائي بهدف التقليل من أثر الحوامض التي يتسبب فيها تلوث محيط الحفظ دون التوصل إلى التخلص منها. وشدّدت المحاضرة على الحاجة العاجلة لتدخل كبير لإنقاذ جزء من ذاكرتنا الوطنية من التلف بسبب الاستعمال ونوعية المخطوطات والوثائق ومحيط الحفظ والخزن، منبّهة في هذا الصدد إلى ما يطرأ على مخزون المكتبة الوطنية من تلف بيولوجي خطير تتسبب فيه البكتيريات والزواحف والحشرات والتي لا يمكن تدارك الأضرار التي تنجم عنها عندما تتسبب في ضياع جزء من النصوص. وكشفت ريم شلتوت أنّ حشرات المكتبات هي أكبر مثير للقلق على رصيد المخطوطات، خاصّة وقد غمرت عددا هاما من الوثائق بمخازن المقر القديم للمكتبة الوطنية وعطّلت نقلها إلى المقر الجديد. يذكر أنّ المكتبة الوطنية التونسية أنشأت عام 1885 ويحتوي رصيدها من المخطوطات على أربعة وعشرين ألف مجلد (حوالي أربعين ألف عنوان) ويغطّي هذا الرصيد كلّ المعارف وشتى فروع الثقافة العربية والإسلاميّة على غرار: الحديث والتفسير والفقه والآداب والطبّ وعلم الفلك والموسيقى.
(المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال (بريطانيا) بتاريخ 19 نوفمبر2008)
في التعليم العالي: كيف ستواجه المؤسسات الجامعية تزايد عدد الطلبة مستقبلا؟
تونس ـ الصباح تزايد عدد الطلبة من سنة الى أخرى قد يخلق نوعا من الاكتظاظ في بعض مؤسسات التعليم العالي لا سيما ان عددا كبيرا من هذه المؤسسات مر على احداثها سنوات عديدة مما يؤثر على قدرتها على الاستيعاب بفعل تأثر تجهيزاتها وتقادمها. واذا علمنا ان توقعات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا تتحدث عن بلوغ حوالي 478 الف طالب مع حلول السنة الجامعية 2011-2012 مقابل حوالي 370 ألف طالب خلال السنة الجامعية الحالية تحتضنهم 192 مؤسسة جامعية. من جهة اخرى ينتظر ان يتم تأمين 53 الف مقعد بالجامعة عن طريق استكمال مشاريع متواصلة ستوفر 30 ألف مقعد وعن طريق بلوغ طاقة الاستيعاب القصوى في مؤسسات اخرى موجودة حاليا ستوفر 13 الف مقعد وسيؤمن التعليم العالي الخاص والتعليم العالي الافتراضي الـ10 آلاف مقعد المتبقية. الجامعة الافتراضية تتضمن مشاريع التعليم العالي المستقبلية ايضا العمل على تطوير الجامعة الافتراضية لاستيعاب عدد من الطلبات وذلك عن طريق رقمنة قسم من برامج التكوين الجامعي واثراء الرصيد الكمي والنوعي لهذه المحتويات واحداث اقسام تعليم عال افتراضي بمعدل قسم بكل جامعة. غير أن الحديث حاليا او في المستقبل القريب عن مساهمة التكوين غير الحضوري بالمؤسسات الجامعية في استيعاب قسم من الطلبات الاضافية يظل غير متاح بالشكل المطلوب. تشير التوقعات الاحصائية ايضا الى ان عدد خريجي التعليم العالي سيبلغ اكثر من 360 الف طالب خلال المخطط الحالي مقابل 208 الاف خريج خلال الخماسية الماضية. فهل ستكون مؤسسات التعليم العالي قادرة على استيعاب الاعداد الاضافية من الطلبة وتوفر لهم محيطا وظروفا ملائمة للدراسة؟ تحسين طاقة الاستيعاب تؤكد في هذا السياق مصادر وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ان برامج الوزارة المستقبلية اعطت الاولوية لموضوع تحسين طاقة الاستيعاب اما عن طريق الرفع من طاقة المؤسسات الجامعية الحالية او من طاقة المؤسسات الجامعية الحالية او عن طريق احداث المزيد من المؤسسات الجديدة. تهدف المشاريع المستقبلية للوزارة الى استيعاب 72 ألف طالب اضافي حيث ينتظر بناء 51 مقرا لمؤسسات جامعية اما محدثة او مبرمجة للاحداث وسيتضمن ذلك انجاز حوالي 29 مقرا وتوسعة وبناء 12 مقرا الى جانب اللجوء الى كراء محلات لايواء مؤسسات اخرى. ويتوقف على مدى التقدم المحرز في مجال توفير متطلبات التكوين عن بعد الذي يحتاج الى تأهيل بشري للاطار المشرف على التكوين غير الحضوري الى جانب تركيز المزيد من مراكز التعلم عن بعد ودعم مراكز التطور عن بعد في الجامعة.. والاسراع في تنفيذ المشاريع المقررة لانجاز نظام معلوماتي للتعليم العالي وتركيز انترنيت داخلي للتعليم العالي لتيسير تبادل المعلومة المحينة وادارة المشاريع البحثية. منى اليحياوي (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) بتاريخ 19 نوفمبر 2008)
الشرق الأوسط: محاكمة عشرات التونسيين بسبب زواجهم من فرنسيات بعقود وهمية
العرائس حصلن على المال مقابل تسهيل إقامة العرسان
باريس: «الشرق الأوسط» بدأت محكمة الجنايات في «كليرمون فيرون»، وسط فرنسا، النظر أمس في قضية العشرات من عقود الزواج الوهمية التي جرت بين رجال تونسيين ونساء فرنسيات بهدف الحصول على رخصة لإقامة طويلة الأمد في فرنسا. ويقف أمام المحكمة 97 متهماً ومتهمة في هذه القضية التي باتت تعرف باسم «قضية الزواج الأبيض بالجملة». وكان المسؤولون عن السجل المدني قد لاحظوا زيجات بعدد متزايد تتم بين فرنسيات وأزواج مولودين في مدينة غمراسن بالتحديد، في ولاية تطاوين الجنوبية في تونس. وتم الكشف عن شبكة تخصصت في تدبير زيجات ليوم واحد، يحضر فيها العروسان الى مبنى البلدية بدون سابق معرفة، ويفترقان بعد انتهاء مراسم توقيع العقد الذي يتيح للزوج الأجنبي الحصول على إقامة مبدئية لمدة عشر سنوات في فرنسا. أما العروس المزيفة فتنال مبلغاً يتراوح بين 1500 و3000 يورو. وكانت جلسة أمس مخصصة للتثبت من هويات الأزواج والزوجات الوهميين، وكذلك التأكد من وجود المخططين من أفراد الشبكة التي دبرت عمليات الارتباط بين الرجال والنساء ويسرت حصول التونسيين على تأشيرات الدخول الى فرنسا. وفي حال الإدانة يمكن أن ينال أفراد الشبكة وكل واحدة من الزوجات حكماً بالسجن يصل إلى عشر سنوات بتهمة تسهيل الإقامة غير الشرعية لعصابة منظمة. كما تلحقها تهمة التواطؤ في الحصول على وثائق رسمية بدون وجه حق. ويواجه اثنان من المتهمين تهمة إضافية تتعلق بالتأثير على شهود، وذلك للاشتباه بأنهما حرضا الزوجات الوهميات على السكوت وعدم الاعتراف بالحقيقة أمام المحكمة.\
(المصدر: جريدة الشرق الأوسط (يومية_ لندن ) بتاريخ 18 نوفمبر 2008
بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على أفضل المرسلين
ذكرى انعقاد المؤتمر الخامس للحزب
بصفاقس 1955
تونس في15/11/2008 الرسالة رقم 501
بقلم محمد العروسي الهاني
مناضل كاتب في الشأن
الوطني والعربي والإسلامي على موقع الانترنات
(ملحمة الستين ) 1927 – 1987
رسالة المجد والخلود والوفاء لمن ضحى في سبيل الوطن وعزة المواطن
بعد الرسالة رقم خمسمائة عبر موقع الانترنات تونس نيوز الممتاز العادل أشرع اليوم في تقديم مشاعر الامتنان والشكر والتقدير لكل من ساهم وساعد ودعم حرية الرأي في بلداننا العربية المستقلة بعد نضال طويل وكفاح مرير وجهاد مضني لدحض الاستعمار الفرنسي والانقليزي والإيطالي من بلدننا في المشرق والمغرب وقد أنعم الله علينا بقيادات ورموز وزعماء ورجال برره عاهدوا الله على الكفاح وصمدوا في وجه الاستعمار المحتل وناضلوا وعذبوا وسجنوا وبعضهم استشهد من سبيل تحرير الوطن وقد إبلاء الزعماء البلاء الحسن ورابطوا وصبروا حتى جاء النصر المبين من رب العزة وانجز الله وعده وهزم الأحزاب وحده ونصر عباده بفضل ونصر منه والله ينصركم لقوله في كتابه العزيز أن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم صدق الله العظيم، وأن ذكرى انعقاد مؤتمر الحزب بصفاقس يوم 15 نوفمبر 1955 أثر إعلان الاستقلال الداخلي لتونس هو علامه بارزة ومحطة مضيئة مشرقة ومنارة لن تنطفي بإذن الله وكان لهذه المحطة التاريخية الهامة صداها وأبعادها ونتائجها وتاريخها المجيد وبفضل هذا المؤتمر الخارق للعادة والمنعرج التاريخي الهام تلاحمت الصفوف وتوطدت اللحمة وازداد التضامن وارتفعت الأصوات منادية في قاعة المؤتمر تحيا المرحلية البورقيبية وصادق المؤتمرون بالإجماع على تأييد سياسة المرحلية البورقيبية التي هي خطوة إلى الأمام وتليها خطوات وفعلا صدقت رؤية الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة وانتخب المؤتمر بالإجماع الزعيم بورقيبة رئيسا للحزب من جديد في خمسة مؤتمرات 1934 – 1937 – 1948 – 1952 – 1955 وواصل الزعيم القيادة والريادة وقاد البلاد من نصر إلى نصر حتى الاستقلال التام 20 مارس 1956 وشرع في بناء الدولة العصرية وتليها الانتخابات التشريعية لأول مرة في تاريخ البلاد يوم 25 مارس 1956 وفي 25/7/1957 صادق المجلس القومي للتشريعي بالإجماع على إلغاء النظام الملكي وإعلان النظام الجمهوري وانتخب بالإجماع الزعيم الحبيب بورقيبة رئيسا للجمهورية وفاء لنضالاته وتقديرا لمجهوداته وتكريما لدوره الفاعل الريادي وقد أطنبت في الحديث في كتاب الوفاء الدائم على دور هذا الرمز الخالد وتحدثت عن المؤتمر الخامس للحزب كثيرا بالكلمة والوقائع والضيوف وكلماتهم وخطاب الزعيم الخالد الحبيب بورقيبة رحمه الله. واليوم بعد مرور 53 سنة على هذا الحدث التاريخي والمؤتمر الخارق للعادة الذي وضع حد للخلافات والأزمة السياسية وما حققه من نتائج هامة وباهرة وأن لوائح المؤتمر التاريخي تعتبر من أهم وأبرز وأدق وأبلغ وأروع اللوائح على مر السنين وأن الأفكار والآراء والصياغة الرائعة هي بحق مرجع للأجيال والمناضلين فهل بقى اليوم من يتذكر هذا المؤتمر التاريخي الهام ؟؟؟ وهل الصحف العديدة المتواجدة إشارة ولو بكلمة واحدة عن تاريخ وأهداف ومقررات المؤتمر أم ماذا ؟؟؟ وهل بادرت صحيفة واحدة بذكر نتائج لوائح المؤتمر في شتى المجالات وبفضلها تحقق كل ما ننعم به اليوم أم نسينا أو تناسينا أوتجاهلنا تاريخنا ؟؟؟ الخاتمة ونافلة القول أبعث رسالة خالدة بهذه المناسبة الكريمة والذكرى الخالدة ولا يسعني إلا أن أشكر أسرة التحرير بموقع تونس نيوز الأوفياء أصحاب المبادئ والقيم والمتمسكين بمبادئ الحوار وحرية الرأي والتعبير ودعم الكلمة الهادفة. كما لا يفوتني بهذه المناسبة أن أتقدم بجزيل الشكر والثناء إلى أسرة قناة المستقلة وعلى رأسها الدكتور محمد الهاشمي الحامدي مدير القناة ، وإلى قناة الجزيرة وأسرتها وكل العاملين فيها من كل البلدان. وأرجوا من أخواني وأسرة التحرير بقناة الجزيرة وأخواني بقناة المستقلة القيام بمبادرة فردية للتعريف بفحوى ومضمون كتابي كتاب الوفاء الدائم للرموز والزعماء والمناضلين (من شيم المناضلين) مع ثقتي في صديقي وأخي الدكتور خالد شوكات رجل الوفاء البورقيبي قصد التعريف بكتاب الوفاء وقد وعدني عند زيارته إلى تونس في شهر أوت 2008 بالتعريف بهذا الكتاب التاريخي الذي لم يجد الدعم في بلادي والتعتيم الإعلامي هو سيد الموقف في بلادي ؟؟؟ ختاما شكرا لكل إعلامي وصحفي وكاتب ومناضل يعشق حرية الكلمة الصادقة ولا يخاف وليس لديه عقدة الخوف ولو أن هؤلائي أصبحوا قلة مع الأسف في زماننا هذا وقد أشرت في كتابي إلى موضوع ثقافة الخوف والوهم. قال الله تعالى : قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا صدق الله العظيم محمد العروسي الهاني مناضل له رأس مال كبير في حزب التحرير
هـ 22022354
:
عبدالسلام المسدّي لا يقوم أمر السياسة ولا يهون موردها إلا إذا آزرها المال وعَضدها السلاح، وتلك حقيقة قديمة غدت من بدائه العقول. أما الآن فقوة المال وقوة الأعتاد في حاجة إلى سلاح الخطاب، وجزء من مأساة العرب أن اللغة كلما ظن أهلها أنها فصيحة بنفسها، بليغة بذاتها، ازدادوا زهداً في علم صناعة الخطاب وفي علم تفكيك الخطاب، فيزداد بعدئذ ابتعادهم عن الركب في ملحمة التسابق الكوني على كسب معركة الخطاب. هل وراء الحدث السياسي الواحد حقيقة تاريخية واحدة تتسلط عليها رؤى متعددة، أم أن الرؤية السياسية للحدث الواحد تنم عن حقائق متعددة؟ ثمّ إلى أي مدى تسهم اللغة في صناعة التخيل حتى نرى الحقيقة متعددة حينما تكون حقيقة واحدة، أو نتأول الرؤى المتعددة على أنها ستائر لا تثوي وراءها إلا حقيقة واحدة؟ بعد أن مضت السنوات منذ أطلت نذر القرن الجديد تحمل الألوية الحمراء على رأس الألفية الجديدة.. بعد أن انقضت أعوامٌ تتعاقب في نسق مريع منذ انطلق القرن –والألفية معه– بالمشهد العجائبي الأكبر.. بعد أن استمر المفكرون الشرفاء في خوض معركتهم النبيلة بإصرار يتحدى جدران الصمم السميكة كي ينتشلوا من زواحف الانجراف بعض ما تبقى من القيم الإنسانية.. بعد أن أدى المثقفون الملتزمون أمانة الانخراط في ميثاق الأحداث فكتبوا، واعترضوا، وحاوروا، وتظاهروا.. بعد ذلك كله، آن للمرء أن يتخذ من الأحداث مسافة تتيح له أن يراقب المشهد عن بعد، عسى أن يرصد ملامح الظواهر الكبرى بعد أن امتزج في تعاقب الأحداث الصغرى. لك إذن أن تتساءل: كيف يسير الكون؟ وهل التاريخ تحكمه الوقائع أم تحكمه الأفكار التي يصوغها الإنسان باللغة عن الوقائع؟ هو سؤال طرحه «هيغل» من قبل ولكنه خلص منه إلى الموازنة بين جدل التاريخ وجدل الفكر، ولم يكن من همه أن يبحث في اللغة من حيث هي لغة، ولا في اللغة إذ تؤثر تأثيراً إجرائيّاً فاعلاً في صنع الحدث أو في تغيير مجرى الوقائع. إن القول السياسي لا يذعن إلى آليات القيمة إلا إذا كان إخباراً عن حقيقة عينيّة تنضوي تحت فحوص الإثبات، عندئذ فقط ينصاع علناً إلى الحكم، إذ يدخل تحت طائلة الصدق أو الكذب: كالإخبار عن عدد الجيوش، أو عن عدد القتلى، أو عن حجم المبادلات التجارية، أو عن قيمة الصفقات وأرقام الصادرات والواردات. أما القول السياسي الذي يتصل بالتقدير الظني أو بالتفويض الاعتباري فهو مستظل بسحابة النسبية المطلقة. القول الأول هو قول عن حقيقة الواقع المعاش، والقول الثاني هو قول عن تقديرنا نحن لذلك الواقع المعاش. في الأول تقف وظيفة اللغة عند حدود وصف الواقع كما هو فتقدم لنا عنه صورة فوتوغرافية، وفي القول الثاني ترسم اللغة لوحة نحاول نحن من خلالها أن نستشف صورة الواقع. ولكن الأقوال السياسية تتفاوت من حيث توافرت على القرائن الشاهدة على صدقها أو الشاهدة على مجانبتها الحقيقة والأمر كله معلق على مدى اقتران القول بالطاقة الإخبارية. ولكنه معلق أيضا بحيثيات المكان. ففي علم الإبلاغ يقول اللسانيون إن قولك «وصل القطار في أوانه» لا يمثل خبراً، بينما قولك «إن القطار قد وصل بعد أوانه» يمثل خبراً. غير أن هذا الأنموذج من الأمثلة ينطبق على ما هو مألوف في المجتمعات الصناعية المتطورة، ومما لا شكل فيه أن المعادلة ستنقلب لو تحدثنا عن مواقيت القطارات في جل بلدان العالم المتنامي فقولنا فيه «إن القطار قد وصل المحطة في التوقيت المحدد له» سيكون هو الخبر فعلاً، لأنه هو الاستثناء وتخلفه عن وقته هو المتواتر. السياسة واللغة قرينتان متلازمتان، حيثما رأيت الواحدة بدت لك الأخرى، فإن لم تنكشف لك بوجهها فاعلم أنها ثاوية وراء قرينتها، وليس من قول في السياسة إلا خلفه فعل سياسي لأن القائمين على أمور العباد لا يُنشدون أشعاراً وهم يسوسون، ولا يطمحون إلى صنع الجمال وهم يحكمون، وما من فعل سياسي إلا وهو يُنتج بالضرورة خطابا، فإما هو خطاب الحاكم فهو ساعتئذ امتداح وزهوٌ وتبرير، وإما هو خطاب المحكوم فهو تظلم وارتياد إلى الأفضل. كان الفعل في السياسة هو الذي يجر اللغة إليه جرّاً، فهي أبد الدهر محكومة به، ولكن الوضع قد تغير، وتوشك الأدوار أن تنقلب فيه أحياناً، والسبب أن سياسة أمور الناس داخل الأوطان قد كانت هي الأصل وهي المبتدأ، وتأتي بعدها سياسة الروابط بين الوطن وسائر الأوطان في الأرض المعمورة، ثم حدث الانقلاب على مدار العقود، فأصبحت سياسة الوطن محكومة بشبكة العلاقات المعقدة القائمة بينه وبين سائر الأوطان. إن الوقوف على الجسر الواصل بين الفعل السياسي والقول اللغوي الذي انبثق منه قد يمثل لحظة ممتعة لكل من يستهويهم سرد الأخبار، أو يغويهم إنعاش ذاكرة الأحداث، ولكنه سيمثل لحظة غنية لمن يستدرجهم كشف الأسباب التي تقبع خلف الوقائع التاريخية، ولمن يسعدهم إماطة اللثام عما سكتت عنه وكالات الأنباء أو غيّبته نشرات الأخبار أو خاتلته افتتاحية الصّحف. تفكيك الخطاب عدسة مجهولة عالية الجودة تحضنا أن نستطلع كيف تجري مسلسلات السياسة، وكيف يحيك أهل الشأن والقرار نسيج الأحداث. قد نكون ممن يحملون هموم السياسة، ويعشقون استكشاف الباطن من خلال الظاهر، ويسلّمون بأن المصرّح به في عالم السياسة شيء نزير إذا ما قيس بالمخفي منها سواء ما انحجب بنفسه أو ما غيّبه الحاجبون، وقد نكون من الذين أرّقهم إلقاء السؤال حتى تملكهم الهوس، فأصبحوا مولعين بإسقاط الأقنعة التي يصطنعها الإعلام في عصر الخطاب الكوني الموغل في المكر والمباهي بالدهاء، أو ربما شغوفين بفك الشفرة التي بها يلعب صناع القرار الدولي بعقول الأفراد والجماعات: في كل تلك الاحتمالات سيكون ملاذنا الوحيد هو اللجوء إلى علم تفكيك الخطاب، فهو الكاشف لما توارى من أسرار. تكمن القضية الخاصة بعلاقة الفعل السياسي بالفعل اللغوي في أنّها تعود إلى أن الكلام لا يحمل فقط رسالة دلالية، وإنما هو يشي بالموقع الذي يتخذه صائغ الكلام من تلك الدلالة التي يتضمنها الخطاب. فكأن القول يدل بدلالتين: الأولى هي معانيه مطلقة، والثانية هي تلك المعاني من حيث ركبها قائلها ضرباً مخصوصاً من التركيب. إن اللغة تدل بما هي كلام وتدل بما هي علامات وقرائن وإشارات، لا يجلوها إلا الميثاق التواصلي بين متكلم ومتكلم إليه. abdessalemmseddi@yahoo.fr (المصدر: جريدة العرب (يومية – قطر) بتاريخ 19 نوفمبر 2008)
هل العدة في الإسلام حبس للمرأة
منجية السوايحي يقف وراء تطور التفسير القرآني سؤال ممض عات قديم متجدد هو كيف السبيل إلى النهوض بالتفسير بواسطة قراءة جديدة لآيات قرآنية ذات أحكام فقهية تجاوزها الزمن وجدت منذ ما يزيد عن ألف وأربعمائة عام وأصبحت هذه الأحكام في حاجة أكيدة للتجديد لأسباب كثيرة منها: إصرار الكثير من فقهاء العصر على التشبث بتلك الأحكام والعض عليها بالنواجذ. والأخطر اكتساح المعرفة الدينية الشعبية العقول والتحكم فيها كما تشاء تدعمها الفتاوى الضعيفة التي تسيء للدين. ويرفضها التطور الكبير الذي تشهده العلوم في شتى المجلات وتغير حياة الناس وتجدد قضاياهم التي تبحث عن حلول معاصرة واخترت من قضاياهم قضية عدة المتوفى عنها زوجها بسبب ما رأيته وما سمعته من معاناة النساء في بعض البلدان الإسلامية اللاتي يحكم عليهن بالحبس أي العدة وتسمى في بعض البلدان حبس تعتد فيه المرأة أربعة اشهر وعشرة ليال. دخل حكم عدة المتوفى عنها زوجها في فوضى الفتاوى المعاصرة ومالها من انعكاس سيء على حياة الناس وعلى حياة المرأة والأسرة في كثير من البلاد الإسلامية. ومن المعاناة التي تعرضت لها النّساء أذكر مثالين: امرأة حبست في بيتها ولم يجد أبناؤها الستة ما يأكلون فاضطرت أختهم بنت الأربعة عشرة سنة أن تسرق لتطعم إخوتها واضطرت الأم أن تتهم نفسها لتدخل السجن عوض ابنتها. و الحال أن الأم قادرة على العمل ولو لا إساءة تطبيق حكم العدة هذا لعملت الأم وأطعمت أبناها وجنبت ابنتها السرقة وجنبت نفسها الكذب والسجن. هل يرضى الإسلام بهذا؟ امرأة ثانية في حالة عدة أصيبت بمرض عضال وطلب منها أبناؤها أخذها إلى الطبيب أو استدعاءه فرفضت بعد أن استشارت من تسمين أنفسهن داعيات فحكمن عليها بعدم الخروج لأنها معتدة دون أن يفكرن في تدهور حالتها الصحية التي قد تؤدي بها إلى الموت. أمام هذه الحالات وأمام فوضى الفتاوى أراني مضطرة للعودة إلى كتب الفقه والتفسير للنظر فيها وربطها بمستجدات الزمن لاستجلاء المسألة حتى يعرفها من لا يعرفها فيكف عن إصدار مثل هذه الفتاوى. بحث في حكم العدة في الإسلام، والحكمة منها، وإقامة المعتدة. حكم العدة في الإسلام: العدة نوعان: عدة المطلقة ثلاثة قروء-بضم القاف وفتحها-واللفظ مشترك بين الحيض والطهر. وفي القرآن الكريم: » والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن إن أرادوا إصلاحا » (البقرة: 228). والكلام عام في المطلقات ذوات القروء لأن النساء اللاتي لم يبلغن سن الحيض والآيسات من المحيض والحوامل جاء حكم عدتهن في هذه الآية: « واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن و أولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن »(الطلاق: 4). وقد أوجدت هذه الآيات حلولا صا لحة للمرأة المطلقة قديما ولعلها لاتزال صالحة في البلدان التى لم تصدر قوانين للأحوال الشخصيةإ لى حد الساعة، أما البلدان التي تحترم الأسرة والمرأة فقد أصدرت قوانين الأحوال الشخصية وجعلت الطلاق قضائيا فلا تتلاعب به الأهواء. النوع الثاني من أنواع العدة هو عدة المتوفى عنها زوجها وهو الموضوع الذي أخصه بالكتابة ولذلك لم أطل الكلام في عدة المطلقة. ذكر القرآن الكريم هذه العدة مفصلة في الآية التالية: « والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإن بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف والله بما تعملون خبير »(البقرة: 234). اتفق الفقهاء على أن عدة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرا وأن عدة الحامل أن تضع حملها بدلالة الآية: « وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن »(الطلاق: 4). وفي الخبر أن أم سلمة قالت: ولدت سبيعة الأسلمية بعد وفاة زوجها بنصف شهر فخطبها رجلان أحدهما شاب والآخر كهل فخطبت إلى شاب. فقال الكهل: لم تحلل- وكان أهلها غيبا ورجاء إذا جاء أهلها أن يؤثروه بها- فجاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقال لها: قد حللت فانكحي من شئت. وسئل ابن عمر عن المرأة الحامل يتوفى زوجها فقل: إذا وضعت حملها فقد حلت، فأخبره رجلا من الأنصار أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: لو ولد ت وزوجها على سريره لم يدفن لحلت. (كتاب الأم للشافعي 5/224). الحكمة من العدة: ذكر الفقهاء والمفسرون حكما لعدة الوفاة توضح سبب اختلافها في المدة الزمنية عن عدة الطلاق حيث تمتد إلي أكثر من ثلاثة قروء أي ثلاثة حيضات. والحكمة الأولى هي استبراء الرحم وكان حكم براءة رحم المطلقة ثلاثة قروء دلالالة ظنية قديما لأن المطلق يعلم حال مطلقته من طهر وعدمه ومن قربانه إياها قبل الطلاق وعدمه، وكذلك العلوق لا يخفى عليه فلو أنها ادعت عليه نسبا وهو يوقن بانتفائه كان له في اللعان مندوحة، أما الميت فلا يدافع عن نفسه، فجعلت عدتهأ مدة مقطوعا بانتفاء الحمل في مثله وهو الأربعة أشهر والعشرة، فإن الحمل يكون نطفة أربعين يوما، ثم علقة أربعين يوما، ثم مضغة أربعين يوما ثم ينفخ فيه الروح، فمابين استقرار النطفة في الرحم إلى نفخ الروح في الحنبن اربعة أشهر وإذ قد كان الجنين عقب نفخ الروح فيه يقوى تدريجيا جعلت العشر الليالي الزائدة على الأربعة الأشهر لتحقق تحرك الجنين تحركا بينا فإذا مضت هذه المدة حصل اليقين بانتفاء الحمل إذ لو كان ثمة حمل لتحرك لا محالة، وهو يتحرك لأربعة أشهر وزيدت العشرة احتياطا لاختلاف حركة الجنين قوة وضعفا باختلاف قوى الأمزجة. (محمد الطاهر ابن عاشور، تفسير التحرير والتنوير، 2/442). وبراءة الرحم بهذه المدة قابلة للنقاش لان المرأة –اليوم- لم تعد في حاجة لأربعة أشهر وعشرا لتثبت أنها حامل لأن الطب الحديث تطور كثيرا في هذا المجال وأصبح قادرا علي إثبات الحمل أو نفيه في دقائق. فلماذا يصر الفقهاء والمفسرون على هذا الحكم الذي لا يسير التطور العلمي الكبير في هذا الزمن. فإن كان الفقهاء والمفسرون –قديما- محقون في فرض العدة على المرأة خوفا من اختلاط المياه واختلاط الأنساب ولا يتحقق ذلك إلا بمضي فترة العدة فالأمر يختلف اليوم عن البارحة بما أن التطور العلمي أثر في مجرى حياة الناس، فلا عذر لمن يتشبث بمدة العدة هذه، ويكفي فيها الكشف الطبي. يدعم قولنا هذا القرآن الكريم والسنة النبوية بإقرارهما أن عدة الحامل المتوفى عنها زوجها هي وضع الحمل إذ يمكنها التزوج دون انتظار نهاية أربعة أشهر وعشرا حتى أن عمر أحلها للزواج متى وضعت وزجها على سريره لم يدفن. في هذا الغرض يقول ابن عاشور: « ولأن الفقهاء اتفقوا على أن عدة الحامل من الوفاة وضع حملها فلو كانت عدة غير الحامل لقصد استبقاء الحزن لاستوتا في العدة فتعين أن حكمة عدة الوفاة هي تحقق الحمل أو عدمه »(التحرير والتنوير2/443). الحكمة الثانية هي الإحداد على الزوج، ذهب الفقهاء والمفسرون الي أن سبب طول مدة عدة الوفاة عن مدة عدة الطلاق هو ما يحصل للمرأة من حزن وكآبة من فراق الزوج وما تحتاجه نفسيتها من مدة طويلة تبرأ فيها النفس من ذاك الحزن كما تمنع هذه المدة المرأة من التعجل بالزواج مما يسيء لأهل الزوج الميت، ويفضي إلى الخوض في المرأة بالنسبة إلى ما ينبغي أن تكون من عدم التهافت غلى الزواج وما يليق بها من الوفاء للزوج والحزن عليه(محمد عبده، تفسير المنار، 2/419). نفهم من هذه الحكمة أنه يجب على المرأة الوفاء للزوج المتوفى ورعاية حرمته ومراعاة مشاعر أهله. هذه حكمة بدورها تقبل النقاش فنسأل من يقول بها هل نفس الحكم يطبق على الرجل أم أن الذي تموت زوجته يخاف أن يموت وهو أعزب فيسارع للزواج بأخرى. أ لا تستحق الزوجة أن يحزن عليها زوجها لحبها له وصبرها عليه ولوفاء ها له ولقيامها على بيته وأبنائه… الايستحق أهل الزوجة المتوفاة الاحترام وأ ن يراعي الزو ج مشاعرهم أليست المتوفاة ابنتهم، ألا يراعي مشاعر ابنائه و ابنائها. فكيف يفرض الحزن على الزوجة ولا يفرض على الزوج والحال أن الإسلام دين المساواة وان الاحترام والمحبة ليستا بالأنوثة أو الذكورة فالكل سواسيا أمام الله. وقد أحسن ابن عاشور لما قال: « مشروعية عدة الوفاة إما أن تكون لحكمة تحقق النسب أو عدمه، وإما أن تكون لقصد الإحداد على الزوج لما نسخ الإسلام ما كان عليه أهل الجاهلية من الإحداد حولا كاملا فأبقى لهن ثلث الحول وليس لها حكمة غير هذين »(التحرير والتنوير2/443). ثم يعلق على قوله رافضا تعليل عدة الوفاة بالحزن على الزوج قائلا: « وليس هذا الوجه الثاني بصالح للتعليل لأنه لا يظن بالشريعة أن تقرر أوهام الجاهلية فتبقي منه تراثا سيئا، ولأنه قد عهد من تصرف الإسلام إبطال تهويل أمر الموت والجزع له الذي كان عند الجاهلية عرف في غير موضع من تصرفات الشريعة »(التحرير والتنوير، 2/443). كما يبطل تعلة الحزن هذه أن التي تضع حملها إثر وفاة زوجها يحق لها أن تتزين وتتزوج فلوكان الحزن فرضا حقا لاستوت فيه مع غير الحامل ولذلك قال ابن مسعود: « أتجعلون عليها التغليظ ولا تجعلون عليها الرخصة » يريد أنه لو طال أمد حملها لما حلت (التحرير والتنوير، 2/444). إقامة المعتدة عدة وفاة: هل تقيم المتوفى عنها زوجها في بيت الزوجية لا تخرج منه حتى مضي أربعة أشهر وعشرا؟ هل حقا تمنع من الخروج منه ليلا ونهارا مثلما يحدث اليوم في بعض البلدان الإسلامية إلى درجة سموا فيها العدة « الحبس »؟ لتوضيح المسألة رجعت إلي أقوال الفقهاء والمفسرين فيها، فوجدتها مختلفة: قالت الحنفية لا تنتقل المتوفى عنها زوجها عن بيتها الذي كانت تسكنه، وتخرج بالنهار ولا تبيت في غير منزلها. وقال عطاء: إن شاءت اعتدت عند أهلها وسكنت منزلها، وإن شاءت خرجت لقوله: « فإن خرجن فلا جناح عليكم فيما فعلن ». وقال: ثم جاء الميراث فنسخ السكنى فتعتد حيث شاءت (الجصاص، أحكام القرآن، 1/418). وقال الشافعي: ولم يكن الإحداد في سكنى البيوت فتسكن المتوفى عنها زوجها أي بيت كانت فيه… وإنما الإحداد في الزينة والتربص في الوفاة هو الإحداد وهو الامتناع عن الزينة ولبس المصبوغ والتجميل والطيب ونحوه. (القرطبي، الجامع للحكام القرآن، 3/116). وقال ابن عباس: قال الله تعالى: « يتربصن بانفسهن أربعة أشهر وعشرا » ولم يقل: يعتددن في بيوتهن. ولتعتد حيث شاءت. وهذا خبر عن مالك عن يحي بن سعيد انه بلغه أن السائب بن خباب توفي وأن امرأته جاءت إلى عبد الله بن عمر فذكرت له وفاة زوجها وذكرت له حرثا لهم بعيدا عن منزلها وسألته هل يصلح لها أن تبيت فيه فنهاها عن ذلك، فكانت تخرج سحرا من المدينة فتصبح في حرثهم فتظل فيه يومها ثم تدخل المدينة إذا أمست فتبيت في بيتها(تنوير الحوالك شرح على موطأ مالك، كتاب الطلاق، 2/107) وروي مثل ذلك عن جماعة من السلف وأم سلمة وعثمان أنهم قالوا: المتوفى عنها زوجها تخرج بالنهار ولا تبيت إلا في بيتها. وروى مجاهد قال: استشهد رجال يوم أحد فآمت نساؤهم وكن متجاورات فآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلن: نبيت عند إحدانا. فقال: تزاورن بالنهار فإذا كان الليل فلتأو كل واحدة منكن إلى بيتها. وذهب داوود إلى أن المتوفى عنها زوجها ليس عليها أن تعتد في بيتها وتعتد حيث شاءت لان السكنى إنما وردت في المطلقات. ومن حجته أن المسالة مسألة خلاف. وروي مثله عن علي وابن عباس وجابروعائشة وبه قال عطاء والحسن البصري. ويحق للمتوفى عنها زوجها الخروج للعمل لان نفقتها على نفسها فهي في حاجة إلى الخروج وليست نفقتها على زوجها مثل المطلقة (أحكام القرآن للجصاص، 1/418-419). ومن أكبر الأدلة على جواز خروج المعتدة عدة وفاة خروج عائشة رضي الله عنها بأختها أم كلثوم وهي فى عدة وفاة إلى مكة لأداء العمرة. وكانت تفتي النساء بالخروج أثناء عدة وفاة الزوج. (الجامع لأحكام القرآن، 3/117). تلاحظون إجماع الأدلة على خروج المعتدد عند وفاة زوجها. فمن أين أتى منع المرأة من الخروج من بيتها ليلا ونهارا إلى أن تنقضي أربعة اشهر وعشرا؟ جاء من فهم خاطىء لبعض الأخبار ومن خلط بين الآيات. فمن الأخبار خبر عن مالك عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة عن عمته زينب بنت كعب بن عجرة أن الفريعة بنت مالك بن سنان وهي أخت أبي سعيد الخدري أخبرتها أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأله أن ارجع إلى أهلها في بني خدرة فإن زوجها خرج في طلب أعبد له أبقوا حتى إذا كان في طرف القدوم لحقهم فقتلوه فسألت رسول الله أن أرجع إلى أهلي فإن زوجي لم يتركني في مسكن يملكه ولا نفقة. فقالت: فقال لي: نعم. فانصرفت حتى إذا أتيت في الحجرة أو في المسجد دعاني أو أمربي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: كيف قلت؟. قالت: فرددت عليه القصة التي ذكرت له من شان زوجي فقال: » امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله ». قالت: فاعتددت فيه أربعة اشهر وعشرا، قالت فلما كان عثمان رضي الله عنه أرسل إلي فسألني عن ذلك فاتبعه وقضى به، وبهذا نأخذ. (الأم5/227). ونجد خبرا آخر عند مالك مفاده أن عمر بن الخطاب كان يرد المعتدات يمنعهن من الحج، ثم يذكر كذلك خبر المرأة التي سألت الرسول أن ترعى حرثها وأنها كانت تخرج في الصباح الباكر من بيتها بالمدينة وتعود مساء فتبيت فيه. وخبر المرأة البدوية يتوفى زوجها أنها تنتوي –اى تنزل- أين انتوى أهلها. وقال مالك: وهذا الأمر عندنا. وقال مالك: لا تبيت المتوفى عنها زوجها ولا المبتوته إلا في بيتها (تنوير الحوالك شرح على موطأ مالك، الموطأ، كتاب الطلاق، 2/106). فمالك الذي يحتج به البعض لحبس المرأة يجيز لها الخروج من بيتها وهي في العدة. فما معنى قوله صلى الله عليه وسلم: « امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله ». المراد من الحديث أن للمتوفى عنها زوجها السكنى (الأم، 5/227). وقد اختلف الفقهاء في حق المتوفى عنها زوجها لأن السكنى ثابتة بالنص للمطلقة وليست ثابتة للمتوفى عنها زوجها ولذلك لها أن تعتد في أي بيت شاءت. ولعل » الحبس » للمرأة في ألبيت مصدره الأخبار التي رواها الجصاص: « وقال مالك: لا تنتقل المطلقة المبتوتة ولا الرجعية ولا المتوفى عنها زوجها ولا يخرجن بالنهار ولا يبتن عن بيوتهن، « (أحكام القرآن، 1/418). ونحن رأينا أن مالكا –في الموطأ- لم يقل بهذا الرأي الذي ذكره الجصاص وأجاز للمعتدة عدة وفاة الخروج بالنهار. هذا فيما يخص سوء الفهم لبعض الأخبار وننظر الآن في الخلط بين الآيات. آية العدة تأمرهن بالتربص في أنفسهن »يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا » فملازمة المعتدة بيتها ليست مأخوذة من هذه الآية لأن التربص تربص الزمان فلا يدل على ملازمة المكان، والظاهرأن الذين فرضوا على المرأة لزوم البيت بعد وفاة زوجها أخذوا هذا الحكم من هذه الآية: « والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج »(البقرة: 240). لم يقصد بهذا الحكم –قبل نسخه-إلا حفظ المعتدة، ثم نسخ الحكم بالحول ليعوض بأربعة أشهر وعشرا ولكن بعض الفقهاء رأوا أن الإخراج في قوله: « غير إخراج » لم ينسخ وهم مخطئون لأنه نسخ بقوله في آية العدة: فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف ». أي للمرأة أن تخرج وأن تتزوج. هذه جملة من الآيات والأحاديث والأخبار بفهم متواضع، فهم امرأة تدافع عن حقوق المرأة وتريد من الدين أن يساير تطور الزمن ونهضة العلوم. وتبين أن الحكم بحبس العتدة فى بيتها بعد وفاة زوجها ليس من أصول الإسلام وإنما يعود إلى نوع من الاجتهاد وفيه اختلاف وهناك من أخذ بفقه عائشة في المسألة فأجاز لها الخروج وهناك من أخذ باجتهاد عمر فمنعها من الخروج من بيتها. واتفق الكل على جواز خروجها نهارا لقضاء حوائجها بدءا من انتشار الناس بكرة إلى وقت هدوئهم بعد العتمة ولا تبيت إلا في بيتها (التحرير والتنوير، 2/448). بعد هذا العرض الذي تعمد ت فيه نقل الأخبار بأسانيدها هل من حجة لمن يفرض على المرأة الحبس في بيتها ويحكم عليها بإقامة جبرية قد تضيع معها مصالحها ومصا لح أبنائها. أكاديمية من تونس (المصدر: موقع إيلاف (بريطانيا ) بتاريخ 19 نوفمبر 2008)
عبدالسلام المسدّي (*) لا يقوم أمر السياسة ولا يهون موردها إلا إذا آزرها المال وعَضدها السلاح، وتلك حقيقة قديمة غدت من بدائه العقول. أما الآن فقوة المال وقوة الأعتاد في حاجة إلى سلاح الخطاب، وجزء من مأساة العرب أن اللغة كلما ظن أهلها أنها فصيحة بنفسها، بليغة بذاتها، ازدادوا زهداً في علم صناعة الخطاب وفي علم تفكيك الخطاب، فيزداد بعدئذ ابتعادهم عن الركب في ملحمة التسابق الكوني على كسب معركة الخطاب. هل وراء الحدث السياسي الواحد حقيقة تاريخية واحدة تتسلط عليها رؤى متعددة، أم أن الرؤية السياسية للحدث الواحد تنم عن حقائق متعددة؟ ثمّ إلى أي مدى تسهم اللغة في صناعة التخيل حتى نرى الحقيقة متعددة حينما تكون حقيقة واحدة، أو نتأول الرؤى المتعددة على أنها ستائر لا تثوي وراءها إلا حقيقة واحدة؟ بعد أن مضت السنوات منذ أطلت نذر القرن الجديد تحمل الألوية الحمراء على رأس الألفية الجديدة.. بعد أن انقضت أعوامٌ تتعاقب في نسق مريع منذ انطلق القرن –والألفية معه– بالمشهد العجائبي الأكبر.. بعد أن استمر المفكرون الشرفاء في خوض معركتهم النبيلة بإصرار يتحدى جدران الصمم السميكة كي ينتشلوا من زواحف الانجراف بعض ما تبقى من القيم الإنسانية.. بعد أن أدى المثقفون الملتزمون أمانة الانخراط في ميثاق الأحداث فكتبوا، واعترضوا، وحاوروا، وتظاهروا.. بعد ذلك كله، آن للمرء أن يتخذ من الأحداث مسافة تتيح له أن يراقب المشهد عن بعد، عسى أن يرصد ملامح الظواهر الكبرى بعد أن امتزج في تعاقب الأحداث الصغرى. لك إذن أن تتساءل: كيف يسير الكون؟ وهل التاريخ تحكمه الوقائع أم تحكمه الأفكار التي يصوغها الإنسان باللغة عن الوقائع؟ هو سؤال طرحه «هيغل» من قبل ولكنه خلص منه إلى الموازنة بين جدل التاريخ وجدل الفكر، ولم يكن من همه أن يبحث في اللغة من حيث هي لغة، ولا في اللغة إذ تؤثر تأثيراً إجرائيّاً فاعلاً في صنع الحدث أو في تغيير مجرى الوقائع. إن القول السياسي لا يذعن إلى آليات القيمة إلا إذا كان إخباراً عن حقيقة عينيّة تنضوي تحت فحوص الإثبات، عندئذ فقط ينصاع علناً إلى الحكم، إذ يدخل تحت طائلة الصدق أو الكذب: كالإخبار عن عدد الجيوش، أو عن عدد القتلى، أو عن حجم المبادلات التجارية، أو عن قيمة الصفقات وأرقام الصادرات والواردات. أما القول السياسي الذي يتصل بالتقدير الظني أو بالتفويض الاعتباري فهو مستظل بسحابة النسبية المطلقة. القول الأول هو قول عن حقيقة الواقع المعاش، والقول الثاني هو قول عن تقديرنا نحن لذلك الواقع المعاش. في الأول تقف وظيفة اللغة عند حدود وصف الواقع كما هو فتقدم لنا عنه صورة فوتوغرافية، وفي القول الثاني ترسم اللغة لوحة نحاول نحن من خلالها أن نستشف صورة الواقع. ولكن الأقوال السياسية تتفاوت من حيث توافرت على القرائن الشاهدة على صدقها أو الشاهدة على مجانبتها الحقيقة والأمر كله معلق على مدى اقتران القول بالطاقة الإخبارية. ولكنه معلق أيضا بحيثيات المكان. ففي علم الإبلاغ يقول اللسانيون إن قولك «وصل القطار في أوانه» لا يمثل خبراً، بينما قولك «إن القطار قد وصل بعد أوانه» يمثل خبراً. غير أن هذا الأنموذج من الأمثلة ينطبق على ما هو مألوف في المجتمعات الصناعية المتطورة، ومما لا شكل فيه أن المعادلة ستنقلب لو تحدثنا عن مواقيت القطارات في جل بلدان العالم المتنامي فقولنا فيه «إن القطار قد وصل المحطة في التوقيت المحدد له» سيكون هو الخبر فعلاً، لأنه هو الاستثناء وتخلفه عن وقته هو المتواتر. السياسة واللغة قرينتان متلازمتان، حيثما رأيت الواحدة بدت لك الأخرى، فإن لم تنكشف لك بوجهها فاعلم أنها ثاوية وراء قرينتها، وليس من قول في السياسة إلا خلفه فعل سياسي لأن القائمين على أمور العباد لا يُنشدون أشعاراً وهم يسوسون، ولا يطمحون إلى صنع الجمال وهم يحكمون، وما من فعل سياسي إلا وهو يُنتج بالضرورة خطابا، فإما هو خطاب الحاكم فهو ساعتئذ امتداح وزهوٌ وتبرير، وإما هو خطاب المحكوم فهو تظلم وارتياد إلى الأفضل. كان الفعل في السياسة هو الذي يجر اللغة إليه جرّاً، فهي أبد الدهر محكومة به، ولكن الوضع قد تغير، وتوشك الأدوار أن تنقلب فيه أحياناً، والسبب أن سياسة أمور الناس داخل الأوطان قد كانت هي الأصل وهي المبتدأ، وتأتي بعدها سياسة الروابط بين الوطن وسائر الأوطان في الأرض المعمورة، ثم حدث الانقلاب على مدار العقود، فأصبحت سياسة الوطن محكومة بشبكة العلاقات المعقدة القائمة بينه وبين سائر الأوطان. إن الوقوف على الجسر الواصل بين الفعل السياسي والقول اللغوي الذي انبثق منه قد يمثل لحظة ممتعة لكل من يستهويهم سرد الأخبار، أو يغويهم إنعاش ذاكرة الأحداث، ولكنه سيمثل لحظة غنية لمن يستدرجهم كشف الأسباب التي تقبع خلف الوقائع التاريخية، ولمن يسعدهم إماطة اللثام عما سكتت عنه وكالات الأنباء أو غيّبته نشرات الأخبار أو خاتلته افتتاحية الصّحف. تفكيك الخطاب عدسة مجهولة عالية الجودة تحضنا أن نستطلع كيف تجري مسلسلات السياسة، وكيف يحيك أهل الشأن والقرار نسيج الأحداث. قد نكون ممن يحملون هموم السياسة، ويعشقون استكشاف الباطن من خلال الظاهر، ويسلّمون بأن المصرّح به في عالم السياسة شيء نزير إذا ما قيس بالمخفي منها سواء ما انحجب بنفسه أو ما غيّبه الحاجبون، وقد نكون من الذين أرّقهم إلقاء السؤال حتى تملكهم الهوس، فأصبحوا مولعين بإسقاط الأقنعة التي يصطنعها الإعلام في عصر الخطاب الكوني الموغل في المكر والمباهي بالدهاء، أو ربما شغوفين بفك الشفرة التي بها يلعب صناع القرار الدولي بعقول الأفراد والجماعات: في كل تلك الاحتمالات سيكون ملاذنا الوحيد هو اللجوء إلى علم تفكيك الخطاب، فهو الكاشف لما توارى من أسرار. تكمن القضية الخاصة بعلاقة الفعل السياسي بالفعل اللغوي في أنّها تعود إلى أن الكلام لا يحمل فقط رسالة دلالية، وإنما هو يشي بالموقع الذي يتخذه صائغ الكلام من تلك الدلالة التي يتضمنها الخطاب. فكأن القول يدل بدلالتين: الأولى هي معانيه مطلقة، والثانية هي تلك المعاني من حيث ركبها قائلها ضرباً مخصوصاً من التركيب. إن اللغة تدل بما هي كلام وتدل بما هي علامات وقرائن وإشارات، لا يجلوها إلا الميثاق التواصلي بين متكلم ومتكلم إليه. (*) كاتب ووزير سابق من تونس (المصدر: صحيفة » العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 18 نوفمبر 2008)
إبراهيم عيسى للرئيس مبارك: إنّـــك ميّــــت؟
سيادة الرئيس مبارك، سأقول لك مالم يقله لك مفتيك ولا شيخك ولا خطباؤك ولا فقهاؤك الذين عينتهم وأجلستهم بجوار كرسى عرشك يبررون ويحللون ما حرمه الله من تعذيب واعتقال وفساد واستبداد ويحرمون ماحلله الله من قولة حق أمام سلطان جائر أو حتى عادل، وسأقول لك مالم تسمعه من بطانتك التى تنافقك وتمتدحك وتصعد بك إلى مصاف الأبرار المقدسين ولا تنطق إلا بآيات شكرك وحمدك على مناصبهم ونفوذهم وفلوسهم ، سأقول لك مالم تقرأه من كتبتك ومداحيك وطبالى مواكب نفاق السلاطين ومصاحبيك على جناح طائرتك وعرشك ، أقول لك سيادة الرئيس إنك ميت .. وأنهم ميتون! أظن أنه فى زحام سلطانك وسلطاتك وفى مشاغل لقاءاتك وتدابيرك وقراراتك ربما نسيت ياسيادة الرئيس أو تناسيت أو تجاهلت أنك ستموت كما نموت جميعا، فأنت لم تفعل مثلما فعل الفاروق عمر بن الخطاب وهو أمير المؤمنين بعد نبى وخليفة حين نقش على خاتمه هذه الكلمات ( كفى بالموت واعظا ياعمر ) عمر بن الخطاب الذى كان يبكى عند سيرة الموت وهو الصحابى العظيم كان يذكر نفسه وهو الحاكم الآمر الناهى بالموت ، كفى بالموت واعظا ياسيادة الرئيس، هل قلتها لنفسك من قبل، هل وعيتها ورددتها ؟ ماهى آخر مرة قلت إن الكفن بلا جيوب، تعرف متى، منذ خمسة وعشرين عاما، قلتها فى خطبتك الأولى أمام مجلس الشعب ثم كانت آخر جملة قلتها مؤخرا أمام نفس المجلس وربما ذات الوجوه أنك باق فى الحكم حتى آخر نفس ومع آخر نبض، أين ذهبت سيرة الكفن الذى قلت أنه بلا جيوب ثم انفتحت جيوب الوطن والمسئولين كأنها لم تعرف موتا ولا كفنا فالبقاء فى الحكم خمسة وعشرين عاما تأمر وتنهى وترمى هؤلاء فى السجون وأولئك فى الغياهب وتمنح مليارا وتمنع ملايين وتعين وتفصل وترفع وتخفض ويمضى قرارك وحكمك فى الناس سيفا قاطعا ولا يناقشك أحد ولا يردك راد ولا يقضى قاض على قضائك، ولا يملك شخص أن يعارضك ويرفضك ويسبح كل من تلقاهم بمجدك وحمدك مما يجعل أى شخص فى مكانك ومكانتك ورغم سنك التى قاربت الثمانين ينسى الموت، نعم السلاطين والرؤساء الأبديون ينسون الموت وهذا مايفسر هذا التمسك المريب بالمادة 77 فى الدستور التى تجعل الرئيس أبديا فى الحكم بلا حد أقصى ( مدتين فقط ) ، فأنت شأن كل الرؤساء الذين يمكثون فى السلطة كل هذه السنوات صرت لاتتصور أن تنزع قميصا ألبسه الله لك كما يتخيل كل حاكم وملك يتمتع بسلطة مطلقة على شعبه الخانع الخاضع .. ولهذا كان الخلفاء المسلمين مثل هارون الرشيد يستدعى واعظا كل مدة فقط ليذكره بالموت ، يقول له ياهارون يارشيد ياخليفة المسلمين وسلطان نصف الكرة الأرضية أنت ستموت ، كان هارون الرشيد يسمع بن السماك الواعظ المشهور الذى قال له ‘ ياأمير المؤمنين .. اتق الله واحذره ، لاشريك له ، واعلم أنك واقف غدا بين يدى الله ثم مصروف إلى إحدى منزلتين لاثالث لهما، جنة أو نار ‘ فبكى الرشيد ( أخيرا لقينا حاكما عنده دم) فأقبل الفضل بن الربيع – أحد بطانات الحاكم – وقال للواعظ معاتبا ‘ سبحان الله هل يخالجك شك فى أن أمير المؤمنين مصروف إلى الجنة، إن شاء الله، لقيامه بحق الله وعدله فى عباده ‘ .. هاهو شخص نراه سيادة الرئيس فى صور كثيرين ممن حولك الذين يصعدون بالحاكم إلى مصاف الأنبياء المرسلين، وأشك كلية أنك قد سمعت أحدا من حولك يقول لك إنك أخطأت ياسيادة الرئيس بل إنك لم تعترف أبدا ولم تقل أصلا إنك أخطأت فى كذا وكذا فى يوم من الأيام ولم تعترف ولم تعتذر ، فاسمع تحذير وحذر الموت ولا تستمع إلى تخدير وخدر النفاق ، دعك من النفس الأمارة فما بالك بنفس رئيس يحكم خمسة وسبعين مليونا لمدة خمسة وعشرين سنة ولا يسمع منهم كلمة لا ، اطرد غواية خيلائك وغرور إحساسك بالبقاء والخلود من طول سلطتك وانفرادك بالحكم ، فأنت ميت وإنهم ميتون ، سيدى الرئيس ( قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ) ‘ سورة الجمعة آية 8′ وتذكر يوم مات الرئيس جمال عبد الناصر فى ساعة زمن بين دخول بيته مرهقا ثم صعود سلالم ثم صعود روحه إلى بارئها فى لحظة خلت من الزعامة والرئاسة، اعتبر من مقتلة الرئيس السادات حيث كان فى بروجه المشيدة وحصونه المنيعة وجاءه الموت، لا نتمنى لك هذا ولا نريده فلا حاجة لمصر بإرهاب وقتل ولكن الموت قادم فى فراشك كما فى طريقك كما فى مكتبك لاتعلم بأى أرض تموت، ولكنك ونحن سنموت فتذكر وأنت فى خطبة مجلس الشعب أو فى جلسة مع ترزية الدستور وتعديلاته أو فى اجتماع مع وزير داخليتك ووزير عدلك وأنت تتحكم فى مصائر البلاد والعباد، تذكر قول الله عز وجل ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ )’ آل عمران: آية 18′ زحزح عن النار ياسيادة الرئيس فبيننا وبينها زحزحة إما فيها وقانا الله وإياك جحيمها وجهنمها وإما نتزحزح لننجو ونفوز بالجنة وعدنا ووعدك الله بها وسائر الناس ، لتردد قبل كل خطاب أو قرار هذه الجملة القرآنية ( فمن زحزح عن النار )، ساعتها ستراجع قرارا وتتراجع عن كثير من متاع الغرور فى قصر العروبة أو شرم الشيخ أو فى مبنى لاظوغلى أو فى مقر الحزب الوطنى بكورنيش النيل ، فقد تنجو قدم من نار وقد تفوز عين بجنة ، وهذا ماأتمنى أن تسمعه ياسيادة الرئيس محمد حسنى مبارك : أنك ميت وإنهم ميتون ، الموت كما قال السابقون هو المصيبة العظمى والرزية الكبرى وأعظم منه وأخطر الغفلة عنه والإعراض عن ذكره وقلة التفكير فيه ، قد يطول العمر ولكنه قصير ، قد تزيد المدة ولكنها سريعة فاحتسب لنفسك يامبارك بلا ألقاب ولا أوصاف كما ستنادى يوم القيامة ( إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَى ) ‘ سورة طه : آية 74 ‘ حيث لاحرس شرف ولا تشريفات ولا مواكب تعطل مرور الناس ولا قناصة ولا موتوسيكلات ولا أجهزة لاسلكى ولا هيبة ولا رهبة ولا صف من كبرات البلد الذين وضعتهم على رقاب الناس ينتظرونك ولا سائق تقول له ‘ لف وارجع’، ولا عسس ولا مخبرون ولا مخابرات ولا أمن دولة، لن يحرسك حبيب العادلى ولن ينحنى أمامك فتحى سرور ولن يقف خلفك إبن فى وقفة طاووسية ولن يرتجف رئيس وزراء فى حضورك ولن تصل رأس مفيد شهاب حتى يديك ولن يمنع عنك زكريا عزمى صخبا ولا غضبا، ستكون وحدك تماما أمام الله عز وجل (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى) ‘ النجم الآية 31’ فبئست الدار لمن اطمئن عليها وهو يعلم أنه تاركها وقد وصفها الله ووصف الزعامات والأمراء والعالين فى الأرض بقوله سبحانه ( أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ وَإِذَا بَطَشْتُم بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ ) ‘ الشعراء128 : 130’ ومعنى كلمة آية كما جاء فى تفسير الطبرى هى البيوت الشاهقة والعلامات البارزة ، وتعبثون بمعنى تلعبون وتلهون، أما المصانع فمعناها القصور الضخمة ، ستترك كل هذا وتبقى وحدك بلا سطوتك ولا عزوتك ولا سلطتك ولا عرشك وحرسك ولا أولادك ورجال أعمالك ولا أصدقاؤك أو وزرائك، لا أحد، روى مسلم عن بن عمر رضى الله عنهما قال: قال صلى الله عليه وسلم: ‘ يطوى الله عز وجل السماوات يوم القيامة بيده اليمنى ثم يقول : أنا الملك .. أين الجبارون أين المتكبرون ..’ . ستكون أنت وحدك أمام الله سيسألك عن هؤلاء الذين ماتوا فى سجونك وأولئك الذين قتلهم رجالك وقراراتك وقوانينك وعن ملايين الجوعى من شعبك وعن الفقراء محدودى الدخل الذين اضطرتهم فترة حكمك للفساد والرشوة حتى يطعموا أطفالهم ، وعن سرقة مال الأمة وعن موالاة اليهود والأعداء وعن صحة شعبك التى اعتلت وعن وباء الفيروس سى والتهاب الكبد فى عصرك وعن السرطان والسموم التى زرعها رجالك فى غذاء عباد الله وعن ماء تلوث وعن غرقى وحرقى وعن وطن تخلف وعن منافقين تحلقوا حولك وبطانة سوء وشر تمكنت من شعبك واحتلت قصرك ( وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاء ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاء لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ ) ‘الأنعام :94′ سيسألك الله ويحاسبك ولن ينفعك دستور وضعته أو عدلته لصالحك ولمصلحتك ، فدستور الله هو الذى سيحاسبك وسراط الله الذى سيمتحنك ، فاذكر وتذكر ، المشكلة أن الرئيس الذى يسعى للخلود على مقعد ومال وسلطة فى الدنيا يبتعد عنه الخلود فى التاريخ وقد يقترب منه الخلود فى النار ، والحاكم الحق هو الذى يفر من استمراره فى الإمارة والرئاسة وليس من يصر عليها ويتشبث بها ، يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم ( إنكم ستحرصون على الإمارة وستكون ندامة يوم القيامة فنعم المرضعة وبئست الفاطمة ) البخاري الحديث رقم 7148 كتاب الأحكام هذه هي الحكمة النبوية المعطرة حين تكشف عن أمراء سوف يحكمون وهم حريصون على البقاء فى الحكم ويحذرهم أنها ستكون ندامة يوم القيامة ، ألا يستحق هذا أن تتأمل سيادة الرئيس فالبخارى الذى أورد الحديث ليس أخوانيا ولا عضوا فى الجماعة المحظورة حتى تنفر منه أو يقبض عليه وزير داخليتك لأنه تجرأ وروى حديثا يحذر حاكما وحكاما من أن الحرص على الإمارة سيؤدى للندامة يوم القيامة وهو يوم قريب منك ومنا وإن بدا بعيدا عن رئيس يتمتع بالسلطة والخلود على المقغد ، وعن أبى موسى رضى الله عنه قال: دخلت على النبى صلى الله عليه وسلم أنا ورجلان من قومى فقال أحد الرجلين : أمرّنا يارسول الله ( أي اجعلنا أمراء ) وقال الآخر مثله فقال رسول الله :’ إنا لانولى هذا من سأله ولا من حرص عليه ‘ البخاري حديث 7149 هذا صوت رسول الله يأتيك كما يأتينا ويأمرنا كما يأمرك بأنه لاولاية ولا إمارة لمن يطلبها بل ولمن يحرص عليها ، فهل هناك أحق من رسول الله حين يقضى ويقرر بأن الحاكم الأمير لا يبقى للأبد فى حكمه فهذا حرص من الحاكم على الإمارة يستوجب نزعها منه وعدم تكليفه بها . سيدى الرئيس تهيب وتأهب للموت وليوم القيامة واعمل حسابا لتلك الساعة الآتية مهما فعلت ومهما وصل حكمك ومهما بلغت سلطتك ، قد تسجننا وقد تسجن مصر كلها لو أردت ، قد تمنع وتصادر وتغلق أفواها وصحفا وأحزابا ، قد تعدل دستورا وتزور استفتاء ، لكنك ستموت كما يموت البشر وستترك هذا كله كما تركه الفانون من قبلك ولن ينفعك بمثقال ذرة وسيكون حملا عليك يوم القيامة يحيط بك ويلاحقك وأنت أمام المولى عز وجل ، لن نراك ولن نعرفك ساعتها وسنكون مشغولين بمصائرنا بين يدى الرحمن لكنك ستكون وحدك وقد نزعنا عنك حجتك يوم القيامة أن تقول للمولى سبحانه وتعالى أن أحدا من خلقه لم يقل لك وينصحك ويذكرك ، بل قلناها لتسمعها ( يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ ِلكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ )’ عبس آية 34- 37′ وقد جاء في تفسير الطبري عن أنس قال: سألت عائشة رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي إني سائلتك عن حديث أخبرنى أنت به، قال ‘ إذ كان عندى منه علم ‘ قالت ‘ يانبى الله كيف يحشر الرجال؟’ قال: حفاة عراة’ ثم انتظرت ساعة فقالت :: يانبى الله كيف يحشر النساء؟ قال ‘كذلك حفاة عراة’ قالت: وا سوأتاه من يوم القيامة ( خافت السيدة عائشة العظيمة الرائعة المبرأة من انكشافها عارية يوم القيامة فماذا كان رد النبى ؟ ) قال: ‘ وعن ذلك تسألينى، إنه قد نزلت علىّ آية لا يضرك كان عليك ثياب أم لا’ قالت: أي آية هى يانبى الله ؟ قال: ( ِلكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ) سنكون عرايا حفاة وستكون عاريا حافيا ياسيادة الرئيس .. فهل أنت مستعد .. عاريا حافيا تذكّر. بقلم ابراهيم عيسى (المصدر: مدونة زياد الهاني الإلكترونية بتاريخ 19 نوفمبر 2009)
المغرب: قافلة من اليساريين والإسلاميين والمستقلين لفك الحصار عن غزة
الرباط ـ خدمة قدس برس كشف الأمين العام للمؤتمر القومي العربي والناشط الحقوقي المغربي المحامي خالد السفياني النقاب عن تشكيل لجنة من أجل الإعداد للقافلة المغربية باتجاه رفع الحصار عن غزة، التي كانت قد ووجهت سابقا برفض السلطات المصرية لها بالعبور عبرمعبر رفح، وذلك بعد أن رضخت السلطات الإسرائيلية ولم تعترض على مرور قوافل رفع الحصار بحرا عن غزة. وأوضح السفياني في ندوة صحفية حول القافلة المغربية لفك الحصار عن غزة عقدها بالعاصمة المغربية الرباط أول أمس الاثنين، أن وفدا يمثل من الإسلاميين واليساريين والمستقلين سيرافق هذه القافلة، ومنهم رضى بنخلدون، منسق المؤتمر القومي للأحزاب العربية، ومحمد الأغظف غوتي، منسق اللجنة الصحية المغربية لمساندة العراق وفلسطين، وفتح الله أرسلان، عضو الأمانة العامة للمؤتمر العام للأحزاب العربية، وعبد الإله المنصوري، عضو الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي، ومنى خرماش (طبيبة) وأمين عام المؤتمر القومي العربي خالد السفياني. على صعيد آخر نقلت صحيفة « المساء » المغربية في عددها أمس الثلاثاء (18/11) عن المحامين خالد السفياني وعبد الرحيم الجامعي وعبد الرحمان بنعمرو تقديمهم ملتمسا إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط لإلقاء القبض على عمير بيرتز، وزير الدفاع الإسرائيلي السابق وعلى مرافقيه ممن يمكن أن يكونوا قد شاركوه أو ساهموا معه في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية بمجرد دخولهم إلى المغرب، سواء تم ذلك عبر المطار أو عبر أي معبر حدودي بري أو بحري. ويأتي ذلك بعد أن وجهت دعوة إلى عمير بيرتز لحضور فعاليات منتدى طنجة الاقتصادي الذي سينعقد بين 26 و28 كانون أول (ديسمبر) المقبل تحت عنوان « الجنوب من أجل متوسط أفضل » بمشاركة 40 دولة من حوض البحر الأبيض المتوسط المنظم من طرف « معهد أماديوس ».
(المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال (بريطانيا) بتاريخ 19 نوفمبر2008)
الحضارة والعيش المشترك
إنّ بناء الحضارة الإنسانية على العيش المشترك، أمر لا يقبل الجدال، والحضارة التي نعيش اليوم في ظلّ خدماتها المادية الهائلة، كما نعيش في ظلّ أزماتها المتعاظمة، هي في الواقع نتاج التعاون بين جميع الناس على اختلاف أديانهم وفلسفاتهم وأفكارهم وأنظمتهم، وهي نتاج التكامل بين الأجيال البشرية المتعاقبة. إن العيش المشترك بين بني آدم أنتج حضارة مادية متطوّرة، لكنّه لم بنتج حتى الآن تفاهماً اجتماعياً وسياسياً بين الشرائح الإنسانية المتعددة. وسأتناول في هذا الحديث النظرة الإسلامية للعيش المشترك بشكل عام، وفي لبنان بشكل خاص. وسأجتهد أن يكون حديثي مختصراً وشاملاً، وأن يوضح ويشرح بعض المسائل الغامضة عسى أن يساعد ذلك على بناء عيشنا المشترك على أسس سليمة، تجعله قابلاً للثبات ولتحقيق الأهداف الإنسانية التي نلتقي عليها.
لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه: هذا ما نص عليه اتفاق الطائف، وورد في الفقرة الأولى من مقدّمة الدستور. إنّ المسلمين اللبنانيين كسائر المواطنين، خلقوا في هذا البلد، فهو وطنهم ووطن أجدادهم وأولادهم، ارتضوا قضاء حياتهم فيه، إنّه وطنهم النهائي، بأرضه وشعبه، لا وطن لهم غيره، وهم حريصون على خيره وعلى استقراره السياسي، ونموّه الاقتصادي. يشاركون في الدفاع عنه، ويساهمون في بنائه وتقدّمه، وهم يعتقدون أنّ المحافظة على العيش المشترك والوحدة الوطنية والسلم الأهلي واجب شرعي، كما هو واجب وطني يسعون إليه ويحرصون عليه. لكننا إلى جانب ذلك نرى أنّ نهائية الوطن اللبناني لا تعني الجمود على نظامه السياسي، ولا الانعزال ضمن حدوده الحالية، فالأنظمة السياسية تتطور وتتغير حسب إرادة الشعوب، والدول تنـزع إلى الاتحاد مع غيرها لتحقيق مصالح مشتركة، كما حصل في الاتحاد الأوروبي الذي يضم خمساً وعشرين دولة، فكيف إذا كانت الدول المتعددة تضم شعباً واحداً كالدول العربية؟
مشروعية العيش المشترك: إنّ طبيعة لبنان كبلد متنوع الطوائف تجعل العيش المشترك أساس الاجتماع اللبناني، إنّ مشروعية العيش المشترك بين المسلمين وغيرهم، مسألة تضافرت عليها عندنا الأدلّة الشرعية. – فهذا رسول الله r في مكة المكرمة، كلّما وفد عليه أحد أبناء القبائل العربية وأسلم على يده، يأمره بالعودة إلى قومه المشركين ليعيش معهم، هكذا فعل مع ضَماد الأزْدي، وعمرو بن عبْسة السُّلمي، والطفيل بن عمرو الدوسي، وأبو ذر الغفاري، كما ذكرت جميع كتب السيرة، فالرسول صلى الله عليه وسلّم هو أول من دعا إلى العيش المشترك مع الآخرين. – وهؤلاء المهاجرون إلى الحبشة فراراً من الاضطهاد الذي كانوا يتعرّضون له في مكة المكرّمة، وقد وجدوا في الحبشة النصرانية نظاماً سياسياً يحميهم ويحفظ حقوقهم، لكن رغم ذلك عندما أقيمت دولة الإسلام في المدينة المنورة، لم يعودوا إليها، بل ولم يطالبهم رسول الله r بالعودة، مع أنّهم كانوا يعيشون في الحبشة أقليّة في المجتمع، وتحت سلطان غير إسلامي، لكنهم لم يعودوا إلى المدينة إلاّ في السنة السابعة للهجرة. ولو لم يكن العيش المشترك مع غير المسلمين مشروعاً لما بقوا مهاجرين سبع سنوات من غير ضرورة ولا حاجة. – بل ربما كان للمسلم الذي يعيش في وطن واحد مع غير المسلمين أجراً أكبر. قال عمر بن الخطاب لأسماء بنت عميس- وهي إحدى مهاجرات الحبشة-: (سبقناكم بالهجرة فنحن أحقّ برسول الله منكم، فغضبت وقالت: كلاّ والله). ثمّ سألت رسول الله r عن ذلك فقال: (ليس بأحق بي منكم، له ولأصحابه هجرة واحدة، ولكم أنتم أهل السفينة هجرتان). وهكذا اعتبر المهاجرين إلى الحبشة والمقيمين فيها حتى بعد زوال أسباب الهجرة، أعظم أجراً من الذين هاجروا ثمّ عادوا إلى وطن إسلامي.
الأسس الشرعية للعيش المشترك: عندما يعيش المسلمون مع غيرهم في نطاق مجتمع واحد، فعليهم أن يلتزموا بالأسس الشرعية التي أكّدها قول الله عز وجل:(لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبرّوهم وتقسطوا إليهم إنّ الله يحبّ المقسطين) (سورة الممتحنة: 8)، وهي تتلخّص بأربعة قواعد: القاعدة الأولى: احترام الآخر والاعتراف به والتعامل معه: وهو بالنسبة للمسلمين مسألة شرعية، تشمل كلّ أنواع الاختلاف. لقد أتاح الله تعالى للإنسان حريّة الاختيار بين الإيمان والكفر، ومع ذلك لم يحرم الكافر ممّا أعطاه للمؤمنين، لكنّه بيّن له أنّ الإيمان هو العروة الوثقى التي لا انفصام لها، ودعاه إليه ورغّبه فيه، (لا إكْرَاهَ في الدِّين،ِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ، فمَنْ يَكْفُرْ بالطَّاغوتِ وَيُؤْمنْ باللَّهِ فَقَدْ استمْسَكَ بالْعُرْوَة الْوُثقَى، لا انفصَامَ لَها واللَّهُ سَميعٌ عَليم) (سورة البقرة: 256). القاعدة الثانية: الأخلاق: وهي التي تحكم أسلوب التعامل مع الآخرين. إنها في نظر الإسلام قيم مطلقة يتعامل بها الإنسان مع الموافق والمخالف، لا تتأثّر باختلاف الدين، ولا بوسائل الإنتاج، ولا بأيّ اعتبار آخر. الأخلاق ليست فقط أسلوب تعامل المسلم مع من يحب، ولا مع أبناء عشيرته أو قومه أو دينه، إنّها أسلوب التعامل مع الناس جميعاً خاصّة المخالفين منهم. هكذا كان رسول الله r يتعامل مع المشركين في مكّة، ومع اليهود في المدينة، وكانت أعظم صفة مدحه بها ربّه قوله عزّ وجلّ: (وإنّكَ لعلى خُلُقٍ عظيم) (سورة القلم: 4). القاعدة الثالثة: العدالة: وهي التي تحدّد الحقوق والواجبات تجاه الغير. إنها أهمّ القيم الإنسانية على الإطلاق. من أجل تحقيقها أرسل الله الرسل بالبيّنات: (وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمْ الْكِتَابَ وَالميزَانَ لِيَقومَ النَّاسُ بالقِسْطِ) (سورة الحديد: 25). الكتاب هو مصدر العدالة. والميزان هو وسيلة تحقيقها، لأنه يعني التوازن بين الحقوق والواجبات. والعدالة من القيم المطلقة التي يأمر بها الإسلام مع العدو والصديق ومع البعيد والقريب، وحتى مع العدو المحارب: (ولا يجرمنّكم شنآن قوم على ألاّ تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى) (سورة المائدة: 8). إنّه لا يمكن أن يقوم عيش مشترك في نطاق دولة معينة أو منطقة محددة، أو حتى في نطاق العالم إلا بإقرار العدالة للجميع. والسلم الوطني والسلم العالمي لا يمكن قيامه إلامع تحقيق العدالة للجميع، واستعمال ميزان واحد تتساوى فيه الحقوق بين الجميع. القاعدة الرابعة: التعاون: لا معنى للعيش المشترك إذا لم يتعاون فيه الناس لتحقيق المصالح المشتركة. وقد بيّن الله تعالى أنّ التعاون مطلوب حتّى مع المشركين (..وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنْ الْمَسْجِدِ الحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا، وتَعَاوَنوا علَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلى الإثْمِ والعُدْوَانِ..) (سورة المائدة: 3). لقد صدّ الكافرون المسلمين عن المسجد الحرام، وترتّب على ذلك وجود الكره في قلوبهم تجاه هؤلاء الكفّار، لكن هذا الكره لا يجوز أن يدفع المسلمين إلى الاعتداء. وإذا وجدوا مجالاً للتعاون مع هؤلاء المشركين، فهو جائز ومطلوب بشرط واحد: أن يكون تعاوناً على البرّ والتقوى، وليس على الإثم والعدوان. وقد حضر رسول الله r حِلف الفُضول – قبل البعثة – وكان فيه زعماء قريش الذين تعاهدوا على أن ينصروا الضعيف ويغيثوا الملهوف ويساعدوا المحتاج ويُقروا الضيْف وغير ذلك من مكارم الأخلاق.. وقال فيه بعد البعثة: (لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفاً ما أحبّ أنّ لي به حُمر النعم، ولو أُدعى به في الإسلام لأجبت) (سيرة ابن هشام). هذا الحلف هو دليل قاطع على مشروعيّة التعاون بين المسلمين وغيرهم لتحقيق كلّ أمر مشروع.
الحاجة إلى مشروع وطني واحد: حين يتعايش الناس مع اختلافاتهم في وطن واحد، فلا بدّ لهم من مشروع وطني يجمعهم، وينظّم الحياة المشتركة بينهم، ابتداء من تحديد الدستور، إلى اختيار السلطة، إلى تشريع القوانين المختلفة، ويمنع تحوّل الخلافات إلى صراع. إنّ لبنان وطن يتألّف من مجموعة من الطوائف. هذا هو واقعه، وهو ما يؤكّده دستوره. لكلّ من الطوائف مساحتها الخاصة، تمارس فيها خصوصيتها الدينية ضمن ساحة المجتمع العامة. بينما تمارس الدولة سلطتها في المساحة المشتركة التي تجمع جميع الطوائف. إنّ العلاقة بين الوطن وطوائفه يمكن أن تكون علاقة صراع، ويحصل ذلك حين تريد السلطة توسيع المساحة الوطنية المشتركة على حساب خصوصيات الطوائف، أو حين تريد الطوائف توسيع مساحتها الخاصة على حساب المساحة المشتركة. ويمكن أن تكون العلاقة بين الوطن وطوائفه علاقة توافق وتكامل، وذلك حين تكون الحدود واضحة بين المساحة المشتركة والمساحات الدينية الخاصة، ويرضى كل من الطرفين بمساحته المحددة. إنّ دستور لبنان منذ قيامه يحدد مساحة الطوائف الخاصة بأمور العبادة والأحوال الشخصية. وهذا يعني أن كل ساحات المجتمع الأخرى هي ساحات وطنية مشتركة. لكن الأعراف قضت بتوزيع أهم المناصب السياسية والادارية توزيعاً طائفياً، فوسّعت مساحة الطوائف خارج نطاق العبادة والأحوال الشخصية، بحيث تداخلت مع المساحة الوطنية المشتركة، بل وتغلّبت عليها. وجاء اتّفاق الطائف ليؤكّد تقاسم السلطات بين الطوائف لكن بصورة مؤقّته، وريثما يتمّ إلغاء الطائفية السياسية. هناك بعض اللبنانيين يرفضون إلغاء الطائفية السياسية إلاّ بعد إقرار العلمانية الشاملة، بما في ذلك وضع قانون موحّد للأحوال الشخصية، ولو كان اختيارياً، ويستندون في ذلك إلى أنّ أكثر الدول العلمانية اليوم تعتبر قوانين الأحوال الشخصية داخلة في التشريعات الوطنية العامّة وتسحبها من اختصاصات الطوائف. بينما يرفض البعض الآخر إخراج مسألة الأحوال الشخصية من نطاق التشريع الديني إلى ساحة التشريع الوطني، ويحتجّون بأنّ بعض الدول العلمانية لا تزال تحافظ على حقوق الطوائف في التزام تشريعاتها الدينية. علماً بأنّ هذه المسألة محسومة عند الأكثرية الساحقة من المسلمين اللبنانيين لاعتمادها على مبادئ ثابتة. ونحن لا نحبّ الدخول في تفاصيل هذا الموضوع الآن، لكّننا نؤّكد أنّ جميع اللبنانيين توافقوا في الطائف بواسطة ممثليهم على أنّ (إلغاء الطائفية السياسية هدف وطني أساسي يقتضي العمل على تحقيقه وفق خطة مرحلية)، وتمّ تكليف مجلس النواب بتشكيل (هيئة وطنية برئاسة رئيس الجمهورية تضم رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء، وشخصيات سياسية وفكرية واجتماعية، مهمّتها اقتراح الطرق الكفيلة بإلغاء الطائفية ومتابعة تنفيذ الخطة المرحلية). كما توافقوا على أنّ التوزيع الطائفي القائم في نطاق السلطات العامة ووظائف الفئة الأولى، هو مرحلة انتقالية بانتظار إلغاء الطائفية السياسية. ومع أنّ الطائفية السياسية تجرح المساواة بين المواطنين، وهو ما يخالف أهم مبادئ الديمقراطية، إلاّ انّنا نقدّر أنّ إلغاءها يحتاج إلى حوار موضوعي، في ظروف طبيعية بعيدة عن التشنّج وافتعال الصراعات، علماً بأنّ الظلم الناتج عنها ليس خاصاً بالمسلمين، بل هو عام لجميع اللبنانيين، لأنّه يضع المحاصصة الطائفية بديلاً عن الكفاءة الشخصية، وبالتالي فهو ظلم للجميع، لكنّه رغم ذلك لا يبرر التنكر للمواطنة وواجباتها، بل يدفع الجميع للحوار الجاد من أجل التخلّص من هذا المرض الذي يهدّد الوحدة الوطنية في الصميم. لبنان وطن صغير، بمساحة أرضه وعدد سكانه، لكنه كبير برسالته الإنسانية الفريدة. رسالة المجتمع المتنوع في العقائد والأفكار والسياسات والمصالح، والمجتمع الموحّد حول القيم الإنسانية الثابتة، والمصالح المشتركة. فهل يتاح له أن يبني دولة معاصرة تحفظ حقوق الإنسان وتحمي حرياته، وتطلق نشاطه؟ أم يظل خاضعاً للصراعات والتجاذبات الإقليمية والعالمية؟ كلنا أمل أن المستقبل للإنسان وللقيم الإنسانية الخالدة، قيم الحق والعدالة والأخلاق، مهما طال الزمن وكثرت التضحيات. نص مداخلة ألقيت في المؤتمر الذي دعت إليه جمعية سانت أجيديو في قبرص في الحلقة الخاصة بلبنان، وشارك فيها الوزير إبراهيم شمس الدين والقاضي عباس الحلبي ، والمطران بول يوسف مطر، والسيد محمد السّماك.
المستشار الشيخ فيصل مولوي أمين عام الجماعة الإسلامية في لبنان
« رؤية من الخارج » تحدد أسباب سقوط المشروع إسلاميو السودان.. الدولة حين تصبح معملا للتجارب
د.حيدر إبراهيم لا يمكن تقديم رؤية من الخارج لمشروع الحركة الإسلامية السودانية دون اعتماد أولي على رؤية المشروع عند دعاته والقائمين عليه، وتأتي من ثم الرؤية من الخارج ناظرة للتجربة ومدى نجاحها بمقياسين: الأول: أصحابها أنفسهم، والثاني: مقياس الدولة الوطنية الحديثة ومطلوباتها، ومدى اقتراب الإسلاميين السودان من النموذجين. ولا يفوت على الكاتب أن يذكر بأن المشروع الإنقاذي يتجاوز السودان الجغرافي إلى عموم حالة الإسلام السياسي في العالمين العربي والإسلامي، فتجربة حكم الجبهة الإسلامية القومية في تحالف مع العسكريين اختبار حقيقي لجدال وسجال استمرا منذ القرن الماضي حول الدولة في الإسلام، وبعد ذلك ما هو موقف الأحزاب والتيارات الإسلامية في الديمقراطية؟ فنحن الآن أمام تجربة عينية ملموسة وصل فيها إسلاميون تجديديون إلى السلطة السياسية في نهاية القرن العشرين، وكانت لهم اجتهادات وتنظيرات في موضوعي الدولة والديمقراطية، والآن في يدهم سلطة سياسية كاملة وبدون مشاركة أي طرف قد يحد أو ينقص إطلاقية وشمولية سلطتهم، فكيف كان التطبيق؟ وكيف نزّلوا اجتهاداتهم ونظرياتهم إلى أرض الواقع؟ المشروع الإسلامي عند دعاته من البداية نلاحظ تعدد تسميات التجربة السودانية؛ فهي المشروع الحضاري، أو المشروع الإسلامي السوداني، أو مشروع النهضة الحضارية الشاملة، أو النموذج الإسلامي في السودان. وهناك من يرى عملية التحديث والحداثة من منظور إسلامي؛ لذلك نصطدم بمفهوم واسع وليس شاملا يقول كل شيء ولكن لا يقول شيئا، لكن الحركة الإسلامية الحاكمة تكتفي بمخاطبة أجزاء دنيا من العقل، وقد ترضى بمجرد الانفعالات والعواطف، فنحن الآن أمام «مشروع حضاري» يطبق من دون أن يرهق مفكرونا بتحديد ماذا يقصدون بهذا اللفظ الذي تحول إلى تشريعات وقوانين وممارسات وأدوات لقمع الناس أو لتمييز الناس؟ ثم ألا يحتاج هذا المشروع إلى تنظير وتعميق فكري؟ وهذا الإبهام يظهر في الإصدارات والكتابات التي تتناول الموضوع على مستوى أعلى من المقابلات الصحفية والأحاديث الإعلامية. ينطلق دعاة المشروع الإسلامي في تبريرهم للمشروع أنه محاولة للعودة للأصالة والاستقلال؛ إذ إن وضع السودان قبل الإنقاذ وقع ضحية تبعية مؤسسية للغرب في مجال المؤسسات الدستورية والحزبية ومؤسسات الثقافة والتعليم الحديث والإعلام، بالإضافة إلى التبعية الطائفية حيث تحالفت النخب العلمانية المتغربة مع الطائفتين الكبيرتين بهدف التواصل مع الجماهير التقليدية، وهذان هما مصدر الأزمات التي أدت إلى أن يكون السودان دولة أسيرة؛ لأن الاستعمار خرج ولكن خلف دولة أسيرة مرتبطة بالمصالح الاستعمارية من خلال ممثليه في قيادة مكونة من الصفوة الحديثة والزعامات الطائفية التقليدية، أما عامة الناس فقد تحول التدين لديهم إلى شعائر وطقوس خاوية من معاني القرآن والدين الحق، ومن ثم يصبح المشروع الإسلامي السوداني عند دعاته، كما يرى د.أمين حسن عمر، ود.التجاني عبدالقادر: «هو مشروع للتحرير من الهيمنة الإمبريالية الغربية، ومن حيث إنه مشروع لإعادة البناء الاجتماعي وفق رؤية تجديدية للدين تجمع بين الأصل السابق للظاهرة الاستعمارية والعصر التالي لها، كما يهمنا من حيث إنه يوفر طاقة معنوية هائلة تمكن الشعب من تجاوز واقع التخلف بأقل قدر مما يتوفر من الإمكانات المادية والوسائل التقنية». أما المفاهيم التي يعتمدها المشروع الجديد في بناء نظامه فهي الثورة، ومبدأ الثورة هو أهم ما يميز المشروع، ويقصد به: فك علاقة التبعية للإمبريالية الغربية سواء أكانت أشكالا مؤسسية أم أنماطا سلوكية، وتفكيك العلاقات الطائفية سواء أكانت علاقات إستراتيجية كالتي بينها وبين أتباعها في الريف، أم علاقات تكتيكية كالتي بينها وبين العلمانيين في المدن، والنفاذ إلى العمق الجماهيري المسلم، وإخراجه من هوامش الحياة، وإعداده ليخوض معاركه المصيرية بنفسه والثورة -حسب المفهوم المعروض- لا يمكن أن تتصالح مع الغرب والطائفية، وهي ليست عملا عسكريا أهوج، ولكنها عمل دءوب نحو «إحياء الأمة بالتذكير والتفكير والموعظة الحسنة، والقدرة وترفّع الهمة». يرتبط العامل الثالث بما سبق مباشرة، وهو مبدأ الاعتماد على الذات باعتبار «أن تحرير الولاء لله، والاستقلال بالقرار وتأسيس الحياة الاجتماعية» لا يتم دون ذلك المبدأ. المفهوم الرابع في نظرهما هو الجهاد الشعبي، والعنصر الأخير يكتسب أهمية قصوى في فهم سياسة نظام الجبهة الإسلامية في عسكرة المجتمع وتنمية العنف، وتهميش دور القوات المسلحة، أو على الأقل يوظفه أيديولوجيا وسياسيا لنظام حاكم. وقد لا يغيب عن فطنة القارئ أن هذه طروحات عالم-ثالثية وطنية وليست إسلامية، وقد نجدها عند فرانز فانون صاحب كتاب «المعذبون في الأرض»، وعند رواد حركات التحرر الوطني من نكروما ونهرو ونيريري وكاسترو وكابرال وغيرهم، وعند مفكرين أمثال سمير أمين ومنظري التبعية في أمريكا اللاتينية، وفي منظري لاهوت التحرير المسيحيين، كما هي لدى التقدميين الإسلاميين مثل علي شريعتي ومحمد خاتمي. ولكن السؤال هو: هل تستطيع الحركة «الإسلامية» برؤيتها الدينية وأصول عضويتها الاجتماعية والطبقية وطريقة تنظيمها أي العلاقات الحزبية والبناء التنظيمي والشخصية الكاريزمية التي أسبقتها على زعيمها التاريخي د.حسن الترابي وزعمائها الذين خلفوه أن تنجز مهام الثورة الوطنية؟ فالحركات «الإسلامية» تقدم برنامجا غير واقعي، كما أنها تعجز عن تأسيس دولة وطنية قوية باعتبارها الوسيلة لتحقيق شروط النهضة، فالدولة الدينية لا تقوم على حق المواطنة، ولا تضم كل المواطنين بل تقصي الكثيرين. وقد طرح الإسلاميون هذا السؤال على أنفسهم، كما تساءل د.التجاني عبدالقادر في مطلع التسعينيات: كيف تستطيع طليعة إسلامية ما أن تدير دولة حديثة؟ أي أن تسير جهازا بيروقراطيا عريقا يرابط مفاهيميا ومصلحيا بالقوى الأجنبية المعادية، وتسخره لتوطيد أركان الإسلام وتربطه بأصوله في الاعتقاد والاجتماع؟ ويتفرع -في رأيه- عن هذا السؤال تساؤلات فرعية كثيرة مثل: 1 ـ ما هي الصورة التي يجب أن يتحول إليها العمل الدبلوماسي الحالي، هياكلا ومقاصد وثقافة؟ 2 ـ ما هي الصورة والفلسفة الإسلامية التي تنظم فيها القوة العسكرية، تدريبا وعناصر وأهدافا مرجوة؟ 3 ـ ما هي صور التنظيمات التي تتخذها القوة العاملة في دولة إسلامية حديثة؟ وكيف تكون العلاقات بينها وبين رأس المال الخاص ورأسمال الدولة؟ 4 ـ ما هو شكل النظام السياسي الإسلامي الحديث، وما هو هرم السلطة فيه، وما هي علاقته بالفاعليات الاجتماعية الرئيسية؟ 5 ـ ما هي خطط نمط التعليم في نظام إسلامي حديث، وما هي علاقته بالأصول الإسلامية وبالحضارة الغربية، وبالطبقات الدنيا في المجتمع وبالخدمة العامة؟ 6 ـ كيف تدار حركة الاقتصاد في نظام إسلامي معاصر؟ يعترف الكاتب بعدم وجود إجابات مثالية جاهزة على الرغم من أحاديثهم عن أن الإسلام هو الحل، وأن الشريعة تحتوي على كل الإجابات، والسبب في غياب الإجابات هو أنه أثناء حكمهم أي من خلال التجربة والخطأ جعلوا من السودان معملا كبيرا للتجارب، وبعد عشر سنوات على استيلاء الحركة الإسلامية على السلطة، يعترف الكاتب الإسلامي نفسه: « إننا أغمضنا أعيننا وسرنا في مرحلة الدولة بإستراتيجية ما قبل الدولة، وبعدد محدود من الشعارات الجميلة التي لا تستند إلى عمق فكري ولا تتحول إلى فعل محسوس، وتحولت الشعارات وبقايا الإستراتيجية القديمة إلى نوع من الأيديولوجيا المغلقة »، « إن الأفكار التي فسرت الواقع ذات مرة لم تدرك كم تحرك الواقع بعيدا عنها ». وأصبحت التجربة الإسلامية تخاف الشعب بعد أن كان الشعب في عمقها الإستراتيجي، والدليل قوانين الطوارئ المستدامة، والقبضة الأمنية المستمرة، مع ممارسة التعذيب والقهر وكل أساليب الفترة الأولى ولكن بطريقة ناعمة تخاف الإدانات العالمية بينما لا تستحي من شعبها. وأصبح المشروع رهينا لأزمة أخلاقية كبيرة؛ فالناس أخذوا على دعاته مآخذ تتعلق بالمسألة الأخلاقية كبراغماتية الحركة الإسلامية التي تمثلت في التحالف مع نميري، وما يتناوله الشارع السوداني عن سلوك أفراد الحركة، خاصة بما يتعلق بدنيا المال والأعمال. ويرجع د.عبد الوهاب الأفندي قضية الأزمة الأخلاقية في الحركة الإسلامية إلى فلسفة الترابي في العمل والتغيير والتي يمكن ترجمتها بالتالي: (إن أنصار علي رضي الله عنه ما كانوا ليخسروا لو أنهم اتبعوا أساليب معسكر معاوية رضي الله عنه) (القدس العربي 7 سبتمبر 1999). ويضيف الأفندي مؤكدا الأزمة: «وقد شهدت فترة ما بعد يونيو 1989 تدنيا متزايدا ليس فقط بالالتزام الأخلاقي، بل في الإيمان بدور الأخلاق في المنظومة الاجتماعية، وفي حوار خاص مع أحد كبار المسئولين أخبرني الرجل مرة بأنه أصبح فاقدا للثقة في الدوافع الأخلاقية لكل الخلق، بينما أخبرني الرجل نفسه مرة أخرى في معرض حديث آخر بأن المال قادر على اجتراح المعجزات، وسمعت آخرين يتحدثون عن فاعلية الردع والتخويف، وكان هذا في حال إسلامي مخالف اعتقل بغرض «تلقينه درسا». حتى أضحت الحركة الإسلامية القائمة على رأس المشروع الإسلامي في السودان عند بعض دعاتها بمفهومهم عنها (كحركة تلتزم الإسلام وقيمه ـ لا وجود لها في السودان، وأن كل ما عندنا هو حفنة من الانتهازيين تجري وراء المكاسب والمغانم). (المصدر السابق). يكاد تقويم د.الأفندي أن يكون هو المفسر الوحيد لدافع الكتابة عن المشروع الحضاري؛ لأنه كان الوعد بالسمو الأخلاقي وهذا ما يمكن أن يكون الإنجاز الحقيقي لو حدث، ولكن كما يقول الكاتب: «والدرس من كل هذا هو أن هناك حدا أدنى من الالتزام الأخلاقي والديني لا تستحق الحركة بدونه أن تنسب إلى الإسلام. موقف المشروع من مطلوبات الدولة الحديثة بعد انهيار النظم الشمولية في أوروبا وأمريكا اللاتينية وآسيا وبعض دول إفريقيا، اتضح بما لا يدع مجالا للتردد أن هناك مطلوبات جوهرية للدولة الحديثة، كالديمقراطية، والتعددية، وقيام الدولة على قاعدة المواطنة، والاحتكام للمؤسسات، واحترام حقوق الإنسان. بالنظر للتجربة القائمة باسم الإسلام الآن في السودان، نجد أن موقف الإسلاميين السودانيين من الديمقراطية أنها سبيل فيها للفرقة والفتنة مقابل الوحدة والشوكة، وللإسلاميين نظرة أبعد من الرفض سياسيا للتعددية، بل موقف فلسفي ثابت يقود إلى حاكمية الله من خلال التوحيد؛ ففي سؤال عن فكرة النظام الديمقراطي في الحكم وجه للشيخ الترابي: هل تغير موقفك من هذه المسألة أم لا؟ وما هو انعكاس ذلك على تجربة الحكم الإسلامي في السودان؟ كانت الإجابة: «إن هدف الفكر الإسلامي والحركة الإسلامية هو العودة بالأمة إلى نقاء المجتمع الأول، والانتقال بها من التمزق والشتات إلى الوحدة والانسجام، ورد الخلق عن كل ما يمكن أن يفتنهم من متعلقات بالله سبحانه وتعالى، ورد القوى المتباينة إلى الله سبحانه وتعالى وإلى هدي الدين، ورد نسبية الظروف والأمكنة إلى الأزلي المطلق الخالد، ولو نزلنا إلى النظام السياسي فهو تقريبا محاولة للربط والبدء بما هو ابتلاء وقدر من تباين المناسك والأعراف ورد إلى أصل الوحدة بالدين لا بوسيلة القهر». ويرون في الشورى محاولة لجمع مسيرة المسلمين الخالصة؛ حيث يسعون إلى إجماع يمثل وحدتهم، وينبغي لهذه الصورة السياسية التوحيدية أن تجسد في مؤسسات سياسية تعبر عن المسلمين وتبرز هويتهم، وهذا الرأي يتعارض مع القول بأن الإسلام دين الفطرة، لذلك أقر بالاختلاف والتنوع والتعدد بين البشر، بحكم إنسانيتهم، وبالتأكيد تواجه مسألة الوحدة بمطلب الحرية والتي يمكن أن يضحى بها بسهولة ولو خشينا من الانقسام والاختلاف. فالديمقراطية عند الانقلابيين جميعا وعلى رأسهم الإسلاميون السودانيون (الجبهة الإسلامية القومية) ليست مبدأ ولا قيمة فكرية وأخلاقية بل هي واحدة من أدوات الوصول إلى السلطة السياسية، وهذا الفهم الأداتي للديمقراطية سبب الاستخفاف بالممارسة الديمقراطية. ويرى منظر المشروع الإسلامي السوداني حسن الترابي أنه ليس هناك (أي داع لكي يقلد المسلمون هذه الصور، وألا يخجلوا من رفضها مهما كانت التسميات جذابة أو سائدة مثل الديمقراطية أو التعددية الحزبية، وكل هذه النظم -في رأيه- لا تعبر عن مضمون الإسلام وهو التوحيد والنظرية التوحيدية السياسية، ولكن الذي يعبر عنه، هو نظام يقوم أولا على الإيمان منطلقا لسيادة الشريعة كدستور في الحياة السياسية العامة، وثانيا على الحرية رمزا لعقيدة التوحيد حيث ينبغي أن يكون كل فرد متجردا لله. ولهذا يدخل الاختلاف السياسي عند الإسلاميين إلى دائرة خطرة يخرج من المعارضة السياسية إلى مجال الكفر والتجديف، وتعتبر عملية التنميط وإلغاء الفوارق في كل شيء حتى اللبس والشكل، من الأدوات المهمة في النظم الشمولية؛ لأنها تضمن الخضوع والطاعة والاستقرار أو ما يدعى الوحدة الوطنية وهي الصفة المفضلة. وعمليا اتخذ «الإسلاميون» موقفا شديد الارتباك حيال الأحزاب والتعددية الحزبية؛ مما يدل على أنهم لم يجتهدوا مطلقا في الوصول إلى صيغة جديدة لوضعية الأحزاب في نظام سياسي إسلامي حديث، وما زالوا متوقفين عند الفهم القديم لكلمة الأحزاب والتي لم تكن تعني تشكيل حزب سياسي، ولكنها تعني التعصب والوقوف معا ضد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه. وبالجملة، تسعى النظم الشمولية ومنها نظام الإنقاذ رغم بدائيته إلى تحقيق السيطرة الكلية على المواطنين، وهذه العملية كما تعرفها حنة أرندت: (إن السيطرة الكلية هي التي تجهد في تنظيم تعددية الكائنات البشرية وتمايزهم اللانهائيين، وكأنما البشرية كلها إن هي إلا هوية ثابتة من ردود الفعل، هكذا يتسنى لكل مجموع من مجاميع ردود الفعل هذه أن يُستبدل بأي مجموع آخر). وعلى هذه الرؤية الكلية يمكن أن نفهم أن تنصيصهم على المواطنة كأساس للحقوق والواجبات في دساتيرهم المتعددة إنما هي خطاب للخارج بقصد تجميل الصورة وتبييض الوجه. أما احترام حقوق الإنسان، فإن ما أصابها من سوء على يد أصحاب المشروع الحضاري غير مسبوق بحال في السودان، وتشهد بذلك سجلات حقوق الإنسان العالمية، وما يزال ملف حقوق الإنسان في السودان مفتوحا في طاولة المؤسسات الحقوقية العالمية. ماذا بعد؟ رغم تشدق القائمين على المشروع الحضاري بإسلام الدولة والمجتمع واعتبار دستور 1998 هو النموذج النهائي والمرتجى للدستور الإسلامي الذي ظلوا يدعون له من قبيل الاستقلال، ويكتسب هذا الدستور والموقف منه أهميته إن أجيز قبل انشقاق الحركة الإسلامية وخروج الترابي وجماعته من الدولة وأروقتها. ورغم احتفال أصحاب المشروع الحضاري بدستورهم، تحفظ الكثيرون من ذوي الاتجاهات الإسلامية على دستور 1998؛ لعدم ذكر الدين الرسمي للدولة وعلى المواد 24 و25 الخاصتين بحرية العقيدة، ولـ«غامضة المعنى ضبابية المضمون»، ويعلق الشيخ عطية محمد سعيد: (وعدم النص في هذا الدستور على أن الإسلام هو دين الدولة الرسمي فيه استخفاف بالإسلام والمسلمين الذين يشكلون أغلبية ساحقة من السكان، فكيف أغفل ذكر الدين الرسمي في دستور السودان في عهد الإنقاذ في الوقت الذي ارتفعت فيه رايات الجهاد تعلن على الملأ عودة الإسلام إلى الحياة مخضبا بدماء الشهداء من شباب الإسلام بالسودان، وأخيرا إنني أتساءل وأرفع صوتي حتى يسمعه ولاة الأمر الذين جاءوا إلى السلطة على أكتاف الإسلاميين وبثقة الشعب السوداني المسلم هل هذا هو الدستور الذي ظلت الحركة الإسلامية تعمل له لأكثر من نصف قرن؟ وهل هو الدستور الذي من أجله وقف الإسلاميون في وجه الأحزاب وزعماء الطائفية والشيوعيين والعلمانيين وقوى الاستكبار في المشرق والمغرب، وهل هو ذلك الدستور الذي سالت من أجله دماء شهدائنا في الناصر وبور وتلشي وتوريت وتركاكا وجبل سندرو، اللهم لا). والشيخ عطية رجل أفنى عمرا طويلا يدعو لدولة إسلامية وهو قد عاش ليرى رفاقا له يسنون مثل هذا الدستور الوضعي ومع ذلك يتحدثون عن عدم تراجعهم عن الشريعة! تصاعدت حملة أئمة المساجد والدعاة في السودان ضد دستور المشروع الحضاري، ونشطت الجماعات الإسلامية في توزيع المنشورات المعارضة للدستور في المساجد والجامعات، ودعت إلى إسقاط مشروع الدستور، وأصدر طلاب أنصار السنة في الجامعات بيانا سياسيا انتقدوا فيه مشروع الدستور، وقالوا إنه أشار إلى الإسلام في خمسة مواضع «غامضة المعنى ضبابية المضمون»، وقالوا إن الدستور لم يحدد هوية البلاد ولم يحسم أمر الدولة الإسلامية وأعطى الديانات الأخرى شرعية دستورية في أول سابقة من نوعها في السودان، في وقت حسمت دول إسلامية كثيرة هذه المشكلة بجعل الإسلام دين الدولة الرسمي. وقال البيان إن المادة الرابعة ذكرت أن الحاكمية لله وهي كلمة فضفاضة لا تعني الشريعة الإسلامية، واعتبروا المواد (1، 4، 24، 33، 37، 65، 139) مخالفة لمقاصد الشريعة الإسلامية وأنه جاء مخيبا للآمال، ويعتبر علمانيا، والمشاركة في الاستفتاء عليه جريمة، وقد أعربت الجماعة أنها كانت تأمل أن يجيء الدستور محددا للهوية الإسلامية للأمة السودانية ولكن جاء عكس ذلك. (صحيفة الحياة 11 مايو 1998). وقالت جماعة الإخوان المسلمين، التي يقودها الصادق عبد الله عبد الماجد: «إن القول بأن الشريعة الإسلامية وإجماع الأمة -استفتاء ودستورا وعرفا- هي مصادر التشريع، قول يحتاج إلى وقفة»، وأضافت أن «الدستور حمل مخالفات شرعية، منها أنه لم يشترط أن يكون الحاكم مسلما، وهذا أمر لا يملك أحد تغييره أو إنقاصه، ثم إنه جعل مصدر التشريع مشتركا بين الشريعة ومصادر أخرى، من استفتاء وعرف، وهذا أمر لا يملك أحد أن يغيره أو يضيف إليه أو ينتقص منه، فالشريعة عند المسلمين هي مصدر التشريع، ولا نحتاج لغيرها، فهي المهيمنة على كل أمر خارج عنها، ولا يجوز شرعا أن يلي قضاء المسلمين غيرهم، والدستور جعل غير المسلم يمكن أن يحكم بين المسلمين، فكيف يطلب من المسلم أن يطيع حاكما أو قاضيا غير مسلم؟! ومن الأمور التي يجب النص عليها حكم المرتد، الذي أغفله الدستور». سبب السقوط يعود سبب سقوط المشروع الحضاري إلى أن الفكر الإسلامي عموما لا يملك أي نموذج إرشادي مستمد من التاريخ لشكل ومضمون الدولة، وعلى الرغم من التمجيد لنموذج «مجتمع المدينة» فقد عجز الحكام (الإسلاميون) السودانيون عن التأسي بروح ذلك النموذج؛ إذ ليس المطلوب اتباع مؤسساته وتنظيمه، وأعني بالروح قيم ذلك المجتمع مثل العدالة والمساواة وتكريم الإنسان، وزهد الحاكم وعفته وبعده عن الترف والكبرياء والتكبر، وزاد غياب مرجعية تقدم شكلا مفصلا أو تقريبيا لدولة إسلامية تاريخية من صعوبة مهمة التأسيس لدولة إسلامية في نهاية القرن العشرين؛ مما يجعل الإسلاميين أسراء للوعي العربي القديم للدولة والسلطة، وكما قال العروي: «هل يتصور أن يتحول ذلك الجهاز إلى أداة طيعة تخدم هدفا روحيا مستحدثا وهو بين أناس لا خبرة لهم به؟! الأقرب إلى الواقع المعهود هو أن يبقى وفيا لهدفه التقليدي متجاهلا دعوة الإسلام، لا مؤثرا فيها ولا متأثرا بها». أكاديمي سوداني مختصر لرؤية د.حيدر إبراهيم علي من كتابه « المشروع الحضاري » (المصدر: موقع إسلام أونلاين نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 17 نوفمبر 2008)