10ème année, N°3739 du 18. 08 .2010
archives : www.tunisnews.net
الحرية لسجين
العشريتين الدكتور الصادق شورو
وللصحفي الفاهم بوكدوس
ولضحايا قانون الإرهاب
كلمة:الوضع في بنقردان مرشّح للانفجار
السبيل أولاين:احتجاجات بنقردان تتوسّع رغم شراسة القمع ووعود السلطة بتسوية الملف
حرية وانصاف:الإفراج عن مجموعة من المعتقلين من بينهم الناشط الحقوقي النفطي المحظي
شهادة خاصة من أحد مواطني بنقردان
بيان فروع الرابطة حول الأحداث في بنقردان
الأستاذ المختار اليحياوي:بنقردان: بلاد السيبة و عودة العصيان
عريضة مساندة للقضاة والقاضيات اعضاء المكتب الشرعي لجمعية القضاة التونسيين
تحالف المواطنة والمساواة:بيـــــــــــــــــــــان
إسماعيل دبارة :خلاف حول التمديد للرئيس … وتحذير من الرئاسة مدى الحياة
منتديات: معركة التوريث تبدأ مبكرا فى تونس… والمعارضة تجمع توقيعات على عريضة «لا للتمديد.. لا للتوريث»
رشيد خشانة رئيس تحرير « الموقف »:الرقابة تشل عمليش
السبيل أولاين:حمام سوسة..أين اختفت الثلاثون ألف دينار ؟
الوحدوي والتحرري والشعبية للصباح التحالفات لا تعني تقسيم الساحة السياسية.. ومازلنا في مرحلة التشاور
حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ:ندوة افريقية
حزب الإتحاد الديمقراطي الوحدوي بلاغ صحفي
النقابيون الأحرار:مقال على مقاس البيروقراطية ووشاتها والمثليين من أمثالها
كلمة:الإفراج عن الصيّادين المصريين
اتحاد الفلاحة يسحب الدعم المخصص لشراء مادة الشعير عن مربي الماشية
من الذاكرة الوطنية:راضية الحداد: يوم فرضني بورقيبة على رأس الاتحاد
الجزيرة نت:تضامنا مع « جوعى البلاد » ناشط ليبي يضرب عن الطعام
الجزيرة نت:تحذير من الفساد المستشري بالجزائر
القدس العربي:أخوان مصر يجمعون 540 ألف توقيع على مطالب إصلاحية
ياسر الزعاترة:أردوغان في مرمى الضغط الأمريكي الإسرائيلي
باتريك فاي:إسقاط الجنسية عن «الوطني من أصل أجنبي» يؤدي الى إشكالات دستورية معقدة
تقرير متابعة الإعلام الألماني والسويسري والنمساوي
Pourafficherlescaractèresarabes suivreladémarchesuivan : Affichage / Codage / ArabeWindows)Toread arabictext click on the View then Encoding then Arabic Windows)
منظمة حرية و إنصاف التقرير الشهري حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس
جوان 2010
https://www.tunisnews.net/18juillet10a.htm
الوضع في بنقردان مرشّح للانفجار
حرر من قبل معز الباي في الثلاثاء, 17. أوت 2010 مازال الوضع في المنطقة الحدودية التونسية-الليبيّة بنقردان متأزما، ويوشك على الانفجار حسب المتابعين. فقد أدّت المواجهات بين الأمن والمواطنين إلى مزيد تعكير المناخ وإثارة غضب الأهالي الذين طالبوا بحلّ أزمة الحدود، والسماح باستعادة نشاطات التجارة الموازية على الخطّ الليبي-التونسي نظرا لكونها المورد الوحيد للرزق لآلاف العائلات. فقام بعض الشبّان يوم الاثنين 16 أوت الجاري بحرق حافلة فارغة يقع استغلالها لنقل قوّات الأمن من الولايات الأخرى إلى المنطقة، في ردّ فعل على تكثيف التدخّل الأمني الذي واجهت به السلطة احتجاجاتهم. وكردّ فعل مضادّ، قامت قوّات البوليس في الليلة الفاصلة بين الاثنين والثلاثاء 17 أوت الجاري بمداهمة عديد المنازل ببنقردان واعتقال العشرات من الشباب بدون تمييز، وهو ما اعتبره الأهالي انتهاكا للحرمات خاصّة في شهر رمضان.
وقام المئات من السكان باعتصام احتجاجي صبيحة يوم الثلاثاء أمام مقرّ المعتمدية ببنقردان للتعبير عن احتجاجهم وغضبهم إزاء تصرّفات الأمن التي اعتبرها الأهالي انتهاكات خاصّة وقد شابت عملية المداهمات استفزازات لعدّة عائلات، إلاّ أن الأمن فرّق التجمّع بالقوّة.
وحسب مصادر من المنطقة فقد وقع اعتقال عدد هام من المعتصمين قدّره بالعشرات.
ويرجّح المتابعون أن الوضع في بنقردان متجه إلى تصعيد خطير إن لم يقع تلافي الكارثة.
ويطالب الأهالي والعديد من النشطاء وعلى رأسهم اتحاد الشغل ببنقردان بإطلاق سراح عشرات الموقوفين (لا يوجد بين أيدينا إلى الآن إحصاء دقيق لعدد الموقوفين) على خلفية التحرّكات الاحتجاجية وإيقاف التتبعات في حقّهم، والكفّ عن الخيار الأمني واللجوء إلى الحوار لحلّ المشكلة خاصّة وأن المنطقة تفتقر كلّيا إلى موارد تنموية ويشتغل أبناؤها منذ قرابة العشرين سنة في تجارة الخطّ للقيام بأعباء عائلاتهم.
جدير بالذّكر أن صحفا قريبة من السلطة خرجت عن صمتها إزاء أحداث بنقردان يوم الثلاثاء 17 أوت الجاري لتنقل تطمينات بقرب حلّ الأزمة، حيث نقلت صحيفتا الشروق والصباح عن مصادر لم تذكرها أن السلطات التونسية تباحثت مع نظيرتها الليبية حول الوضع، مشيرة إلى إمكانية أن تكون الحكومة الليبية بصدد النظر في الحلول الممكنة لفضّ الإشكال حسب ما جاء في الجريدتين، دون أن تقدّما تفاصيل إضافية أو تتعرّضا للمواجهات بين الأهالي وقوّات الأمن.
وكان أحمد قذّاف الدم القذّافي مبعوث الرئيس الليبي قد صرّح خلال زيارته لتونس 5 أوت الماضي أن ليبيا بصدد بحث حلّ لقضية دخول البضائع إلى تونس. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 17 أوت 2010)
الأهالي ومنظمات المجتمع المدني يطالبون بإطلاق سراح المعتقلين احتجاجات بنقردان تتوسّع رغم شراسة القمع ووعود السلطة بتسوية الملف
السبيل أونلاين – بنقردان (تونس) – تقرير خاص
قالت مصادر السبيل أونلاين اليوم الثلاثاء 17 أوت 2010 ، أن المواجهات العنيفة بين المواطنين وقوات البوليس في بنقردان مستمرّة وقد انضمت مناطق أخرى لمسرح المصادمات ، فقد شهدت مناطق « جميلة القديمة » (الزكرة) و »جلال » مظاهرات امتدت الى منطقة « حومة الشواط » التي تقع في المنتصف بين منطقتي « جميلة القديمة » و »جميلة الجديدة » وهي على بعد 4.5 كم عن مركز المعتمدية باتجاه ليبيا وعلى طريق « رأس جدير » ، كما انضمت مساء 16 أوت منطقتي (الوراسنية) و (شارب الراجل) للمرة الاولى الى مناطق المواجهات الأخرى ، وقدّرت مصادرنا مواجهات وسط مركز السوق البلدي ومنطقة « جلال » بأنها من بين أعنف المواجهات منذ بداية انتفاضة أهالي المنطقة .
وفي الوقت الذي تتحدث فيه السلطات على أن عدد المعتقلين لا يتجاوز أربعين شخصا ، تؤكد مصادرنا أن عددهم تجاوز المائتين (200) ، نذكر من بينهم : محمد بن مسعود ليشيهب ، البشير شوّاط ، عبد الوهاب شوّاط والنفطي المحظي والقائمة طويلة ، وقد أفرج عن كل من عبد الناصر بن مختار ليشيهب ونور الدين ليشيهب ومحمد ملاّك ونور الدين بن ضو .
وقامت قوات البوليس بعمليات تمشيط ومداهمات وحشية للمنازل بهدف اعتقال الأشخاص الذين وردت أسماؤهم سواء من قبل المعتقلين في المراكز تحت التعذيب او المخبرين و هؤلاء الاشخاص يعتقلون لانهم شاركوا في المظاهرات وعرف من بين المعتقلين نور الدين بن البغدادي لشيهب و نبيل لشيهب .
واثناء اعتقال الأول أصيبت اخته الكبرى هدى ليشيهب بجروح عند اقتحام المنزل بالقوة و ذلك لمنعهم رجال البوليس من دخول المنزل لانهم لا يملكون تصريحا قانونيا للدخول والتفتيش ، واعتقل الشابين وانهال عليهما الاعوان بالضرب المبرح أمام ذويهم .
وسُجّل في منطقة « الوراسنية » التفريق بين الام وابنها أثناء اعتقاله ، وقد حاولت تخليصه منهم ولكنهم أشهروا في وجهها مسدسا لإرهابها واجبارها على التراجع ، و استخدم رجال البوليس الفاظا نابية وعبارات سوقية و شتم وسب للجلالة أمام الجميع وهو ما إستفزّ الأهالي .
وحاولت مجموعة من النساء وهن حوالي 15 امرأة مقابلة المعتمد وتقديم شكاوى بشأن اعتداء قوات البوليس عليهن عندما اقتحموا منازلهن لاعتقال ابنائهن ولكن الأبواب أوصدت في وجوههن ولم يقع السماع لشكاويهن.
وكانت الاصابات بالجملة في صفوف المتظاهرين منها المتوسطة أو الخفيفة ، وسُجلت اصابات خطيرة في مناطق مثل « جلال » وغيرها ، كما سُجلت حوالي 15 اصابة في صفوف البوليس في منطقة « الزكرة » ويعتقد أن احداها خطيرة ذلك أن العون المصاب شوهد وهو ملقى على الأرض ولا يستطيع الحراك و قد قام زملائه بحمله الى سيارتهم .
وحاول الشبان في نهاية منطقة « الزكرة » باتجاه ليبيا ، تحطيم مركزا للبوليس والذي يبعد حوالي 9 كم عن وسط المعتمدية ويقع على « طريق رأس جدير » الا انهم لم يفلحوا في ذلك للتواجد الامني المكثف الذي بلغ حوالي 9 سيارات تدخل و سيارات حرس من نوع (تويوتا) وخمس دراجات نارية .
وقد حظي المحتجون بالقسم الأكبر من الاصابات وكان يوم الاثنين 16 أوت هو اكثر الايام الذي شهد نقل أعداد كبيرة للمستشفى جراء كسور و جروح عميقة ، كما اعتقل العشرات ، وأصيب في منطقة (الوراسنية) من 30 الى 40 مواطنا وتمكن الشبان الغاضبين من احراق حافلة لقوافل قفصة بشكل كامل واصابة حوالي 10 رجال أمن .
و جدير بالذكر أن قوات البوليس تمنع بالقوّة أي تجمع يفوق بضعة أشخاص ، حيث تهاجمهم وتنهال عليهم ضربا دون سابق انذار ، ولم تعد توجد تلك المساجلات الكلامية التي تحدث بين المواطنين وأعوان البوليس عند تفريق التجمعات ، حيث أصبح لدى البوليس أوامر تقضي بتفريق أي تجمع للمواطنين واعتقالهم ، وحدث أن اعتقل أحد المواطنين الذي اشبع ضربا ثم طرح أرضا واصبحوا يمشون فوقه ورفسه حتى فقد الوعي .
وشهدت منطقة (الزكرة) ثاني أشرس المواجهات في المدينة ، وما ميّز تلك المواجهات هذه الليلة استعمال المقلاع من قبل قوات الأمن لرمي الحجارة بشكل عشوائي داخل المناطق السكنية مما تسبب في اصابة العديد من المواطنين داخل بيوتهم . ولاحظت مصادرنا أيضا أن فيالق البوليس أصبحت تتوغل أكثر داخل التكتلات السكانية وبصورة أشد عنفا ، وقد قامت في إحدى توغلاتها بإحراق زريبة للماشية ولم يأبهوا للمسن الذي رجاهم ان يتركوه يخمد الحريق ذلك أن الماشية هي مصدر رزقه ، بل قاموا بقذفه بالحجارة مما اضطره للفرار بجلده ، كما قاموا بتحطيم متجر للصرافة و بيع البنزين بشكل شبه كامل لاشتباههم بأن بعض الشبان يختبؤون بداخله ويعود المحل للمواطن عمار كحيلا ، وتم نهب شركة للمواد الغذائية تابعة للمواطن المهدي والاستيلاء على كمية من البضاعة التي فيها دون دفع أي مليم ، ولوحظ استخدام البوليس لدراجات نارية ضخمة يلاحقون بها المتظاهرين في الأزقة والأحياء .
وأشارت مصادر السبيل أونلاين الى أن الوضع آخذ في التفاقم في جمع مناطق ببنقردان .
شاهد عيان يؤكد: في بنقردان كلّ ليلة أعنف من سابقاتها
وأكد شاهد عيان للسبيل أونلاين أن « الأحداث تزداد غليانا والغضب الشعبي يتصاعد بصورة غير مسبوقة وذلك ما تابعناه عن كثب عيانا وسماعا في الليلة الفاصلة بين الإثنين 16 / 08 /2010 و الثلاثاء 17 / 08 ، وكانت المواجهات الأشرس والأكثر احتداما في (منطقة جَلاّل) الكائنة غرب بنقردان و(منطقة الزكرة) شرقها .
حصل ذلك حسب المصدر على الرغم من « المحاولات اليائسة التي بذلتها الإطارات التجمّعيّة في النهار حيث دعت الأولياء إلى الضغط على أبنائهم ومنعهم من المشاركة في التحرّكات ، ولكن المشكلة تعقّدت ولم تعد تنفع فيها مثل هذه الإجراءات فقد تجدّدت الاشتباكات بين المحتجين وقوّات « الأمن » على طول الطريق الوطنية رقم 1 الرابطة بين تونس وليبيا وفي الأحياء المحاذية لها ».
وقال شاهد العيان « كالعادة اندلعت الاشتباكات بعد صلاة التراويح في أماكن متفرّقة من الطريق بتجمعات شبابية تبادلت رشق الحجارة مع قوات الأمن التي كانت كثيفة العدد واستعملت السيارات والدراجات الناريّة في تفريق المتظاهرين، ثمّ بدا للسلط تجريب وسيلة جديدة لإخماد التحرّكات فبعد أن حاولت استخدام الأولياء نهارا وفشلت سعت هذه المرّة ليلا إلى مخاطبة المتظاهرين مباشرة فتدخّلت بعض الشخصيّات التجمّعية من عمداء وأعضاء شعب داعية الشباب الغاضب إلى الهدوء واعدة بالبحث عن حلول وتمّ ذلك بالتنسيق مع فرق الأمن المتنوّعة التي ابتعدت عن بؤر التوتّر فاسحة المجال أمام محاولات التهدئة هذه » . وقد شُوهدت في (منطقة الزكرة) قرب مركز البريد هذه الإجراءات الالتفافيّة « الساذجة » ، بتعبير المصدر .
لكن سرعان ما نُقص كلّ ذلك « بسماع خبر إحدى الاشتباكات التي جدّت في أقصى (الزكرة) شرقا على إثر اقتحام بعض قوات الأمن لمنزل أحد « الشوايخة » قرب بوّابة (الزكرة) الأمنيّة فهبّ المحتجّون لنصرتهم واندلعت مواجهات خاطفة ثمّ عاد المتظاهرون إلى منطقة البريد والمسجد القديم عند منتصف الليل تقريبا حيث أغلقوا الطريق بالحواجز المختلفة وأضرموا النيران في الإطارات المطاطيّة وفي جذوع النخل وأحدثوا ضوضاء كبيرة هي مزيج من الصياح والضرب على البراميل الفارغة والشعارات الشعبية البسيطة المطالبة بحلول للمعاناة التي بدأت بوادرها تظهر في البلدة بوضوح، وبعد برهة جمّعت قوّات الأمن نفسها وجاءت على متن أكثر من تسع سيارات كبيرة (باقة) وخمس أو ست دراّجات ناريّة فانطلقت واحدة من أعنف الاشتباكات الليليّة استخدمت فيها الحجارة من الطرفين واستعمل المحتجّون الزجاجات الحارقة لليلة الثانية وسُجّلت محاولات لدهس المتظاهرين بالسيّارات وإصابات مباشرة في الطرفين وامتدّت المواجهات داخل الأحياء السكنيّة المتاخمة للطريق وكان الامتداد الأكبر على بعد مائتي متر أو ثلاثمائة غرب البريد حيث كانت المواجهة الأعنف والأطول زمنا إذ لم تنته إلاّ وقت السحور عندما انسحبت قوات الأمن بعد صدامات دامية مع الشباب الذي قدم من أرجاء متفرّقة من الزكرة » .
واضاف المصدر « لقد كان المشهد مزيجا من النيران والدخان والصياح ودويّ الحجارة المتساقطة على السيّارات والواقيات الزجاجيّة ، وصوت العصي والقواديم وخليطا من الكرّ والفرّ، أقدمت فيه قوّات « الأمن » على إحراق كوم من الأعلاف وزريبة ماشية به شاة أو أكثر على ملك مواطن بسيط يعاني من إعاقة في رجله لا ناقة له ولا جمل سوى أنّ المواجهات العنيفة كانت بجوار منزله وقد تمكّن المتظاهرون والمالك وبعض الأهالي من إخماد النار تحت ضربات العصيّ القمعيّة ووابل من الإهانات التي تحتاج منّا إلى وقفة فلعلّ ممّا ألهب المحتجّين وأجّج غضبهم أكثر هو ما كان يصدر عن الأعوان من كلام بذيء وسبّ للناس في أعراضهم » و »كانت كلماتهم النابية تُسمع من الجميع أطفالا وكبارا، رجالا ونساء، آباء وأبناء، وذلك أمر جلل في مجتمع معروف بمحافظته يعيش فيه المرء ويموت دون أن يسمع وهو بجوار عائلته أو أقربائه الذين يوقّرهم كلمة تخدش الحياء، ولكنّ الناس في هذه الليلة وفي سابقاتها سمعوا مع من يخجلون منهم أطنانا من الكلام الفاحش الذي أعطى صورة مظلمة مريعة للمؤسّسة الأمنيّة في البلاد.. ولم يغادروا المنطقة الساخنة إلاّ بعد أن حطّموا زجاج بعض الدكاكين وخلعوا أبوابها تلاحقهم حجارة المحتجين وزجاجاتهم » ، حسب تعبيره.
وعبّر الشاهد على عدم استغرابه من « أن يعتدوا (قوات الأمن) على الناس وعلى ممتلكاتهم فحكايات الأيام الماضية كثيرة في هذا الباب » ، وسرد حالات مواطنين بأسمائهم تعرضوا لاعتداءات البوليس من بينهم « العامل الشابّ حمزة في أحد دكاكين الصّرافة الذي كان نائما في دكّانه واستيقظ للسحور فصادفت يقظته مرور سيّارة « أمن » فانقضّوا عليه وكادوا يزهقون روحه ركلا ولكما وهو ضعيف البنية بطبعه » و »الكهل جمال الذي كان عائدا من سهرة عائليّة فأوقفوه وأشبعوه ضربا دون أن يكون له أيّ صلة بالأحداث » و « الخضّار المهدي الذي جاء ليتفقّد بضاعته ليلا فاعتدوا عليه بالعنف الشديد ممّا أرغمه على الفرار للخلاص بنفسه فعاثوا فسادا في بضاعته ونهبوها » .
وأكد شاهد العيان أن « أعوان الأمن اقتحموا الدكاكين عنوة واستولوا على عدد من قوارير الماء والمشروبات الغازيّة فيها دون أن يدفعوا ثمنها ، هذه كلّها انتهاكات حصلت في الأيّام السالفة وغيرها كثير » .
وثمّة حسب المصدر عوامل أخرى ستساهم في تأجيج التحرّكات واتّساعها قائلا : »معلوم أنّ الأحداث انطلقت بدافع اجتماعي معيشيّ مرتبط مباشرة بغلق معبر « رأس الجدير » من قبل السلطات اللّيبيّة وبإيعاز من السلطات التونسيّة كما يعتقد أهالي بنقردان، ومع تطوّر الاحتجاجات وممارسات « الأمن » تولّدت لدى النّاس دوافع جديدة انضافت إلى الدافع الرئيسيّ، لقد حفروا باعتداءاتهم على الأهالي وممتلكاتهم وأعرافهم وباعتدائهم على الأخلاق وسبّ الأعراض جرحا داميا في كلّ قلب وصنعوا (بحماقاتهم) النقمة عليهم .. ».
وقد بدا المشهد وفق نفس الشاهد يوم الثلاثاء ، مختلفا في مدينة بنقردان فبعد الهدوء الحذر الذي كان يخيّم عليها طيلة الأيّام السابقة في النهار امتلأت ضحى اليوم بالأهالي الغاضبين الذين اعتصموا داخل قصر المعتمديّة اعتصاما سلميّا وطالبوا بإيجاد حلول للمشكلة الاجتماعيّة واحتجّوا على ممارسات القوى الأمنيّة المتعجرفة وألقيت بعض الكلمات الاحتجاجيّة من أبرزها كلمة الناشط الحقوقيّ النفطي المحظي وهو أحد أصحاب الشهائد المعطّلين عن العمل وكانت كلمة قويّة متوازنة نالت إعجاب الجماهير تعرّض فيها لمعاناة الناس وأسبابها ودعا إلى وقف المعالجة الأمنيّة والتفكير في حلول جذريّة للمشكلة وألقى بالأئمة على على من سماهم بـ »المتنفذين من أجهزة السلطة والمقربين منها » ، وتبلورت خلالها أهمّ المطالب .
والجدير بالذكر أنّه وقع تعنيف السيّد النفطي المحظي والحاضرين من المعتصمين ومن بينهم الوفد النقابي الذى قدم من مدنين لمعاينة الوضع وحضور الاعتصام ، وقد اعتقل المحظي بعد ذلك صحبة بعض المعتصمين وعضو في الوفد النقابي أطلق سراحه لاحقا ، وذلك حين اقتحمت قوّات « الأمن » الاعتصام واعتدت على الناس، وجرت قبل ذلك وفي غضونه اشتباكات متفرّقة في وسط المدينة أصيب خلالها أحد أعوان الأمن بالزيّ المدنيّ إصابة بالغة بعد أن تفطّن المحتجّون إلى أنّه بصدد تصوير التحرّكات ، علما أنّ السلط قد استخدمت في هذه العمليّات شتّى فرقها الأمنيّة وخاصّة الأعوان بالزيّ المدنيّ الذي كانوا بأعداد هائلة أمام المعتمديّة .
ولم تتمكن عائلة المحظي وبقية المعتقلين من زيارة ابنائهم وتقديم وجبة الافطار لهم بتعلة عدم وجودهم في المركز ، ويروج خبر اقتياد المحظي الى العاصمة .
وختم الشاهد بقوله « الاعتقالات هذا اليوم كثيرة والإصابات في الطرفين كذلك والمستشفى مليء بالمصابين، والغضب بلغ أشدّه لدى الأهاليّ من كلّ الأعمار، كلّ العلامات تنذر بأنّهم سيكونون طرفا في أيّ مواجهة قادمة مع القوى « الأمنيّة » فالاعتداءات والإهانات طالت الناس في بيوتها ولم تستثن أحدا. لا يمكن التنبّؤ بما ستسفر عنه الأحداث لا سيّما وملفّ المعتقلين آخذ في التضخّم. في كلّ يوم تزداد دوافع الأهالي إلى الانخراط في هذه التحرّكات التي محورها الخبز والكرامة » ، حسب تعبيره .
وأكدت مصادر السبيل أونلاين أن قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل اتصلت يوم الثلاثاء 17 أوت 2010 ، بأعلى هرم السلطة وتناولت معه الوضع في بنقردان ، وقد تعهد برفع الطوق الأمني واطلاق سراح جميع المعتقلين والنظر لاحقا في أمر فتح معبر « رأس جدير » ، ولكن الوضع ما يزال الى حدّ الساعة على حاله بل يزداد تفاقما وتعقيدا .
(المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس) ، بتاريخ 18 أوت 2010)
الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 08 رمضان 1431 الموافق ل 18 أوت 2010 أخبار الحريات في تونس
1) الإفراج عن مجموعة من المعتقلين من بينهم الناشط الحقوقي النفطي المحظي:
تم اليوم الأربعاء 18 أوت 2010 الإفراج عن دفعة أولى من المعتقلين على خلفية أحداث بنقردان، وقد علمت المنظمة أنه تم الإفراج عن 17 معتقلا من بينهم الناشط الحقوقي السيد النفطي المحظي. وينتظر أن يتم الإفراج عن معتقلين آخرين على دفعات في إطار اتفاق بين المركزية النقابية والسلطات الأمنية بولاية مدنين. 2) متى يقع تقريب مساجين الرأي من مقرات سكناهم:
لا زالت عائلات مساجين الرأي الذين تم إبعادهم بعد إضراب الجوع الذي شنوه بسجن برج الرومي منذ 9 أشهر تنتظر تقريب أبنائها إلى سجون قريبة من مقر سكناهم في انتظار إطلاق سراحهم. فقد ذكرت زوجة سجين الراي محمد علي الحرشاني (أصيل سيدي علي بن عون ولاية سيدي بوزيد) أن زوجها الذي كانت تنتظر تقريبه إلى سجن قريب تم نقله مجددا من سجن برج العامري إلى سجن صفاقس.
3) حتى لا يبقى سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو عيدا آخر وراء القضبان: لا يزال سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو وراء قضبان سجن الناظور يتعرض لأطول مظلمة في تاريخ تونس، في ظل صمت رهيب من كل الجمعيات والمنظمات الحقوقية، ولا تزال كل الأصوات الحرة التي أطلقت صيحة فزع مطالبة بالإفراج عنه تنتظر صدى صوتها، لكن واقع السجن ينبئ بغير ما يتمنى كل الأحرار، إذ تتواصل معاناة سجين العشريتين في ظل التردي الكبير لوضعه الصحي والمعاملة السيئة التي يلقاها من قبل إدارة السجن المذكور. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري
شهادة خاصة
تم اليوم 17 اوت اجتماع حاشد قرب مقر المعتمدية ببنقردان لجمع من الشباب العاطل وخاصة اصحاب الشهادات و الشباب الذين يتعاطون التجارة عبر الحدود مع ليبيا تمت مداهمته من طرف قوات حاشدة من الشرطة و البوب اعتقل على اثره الشاب النفطي المحظي ثلاثون سنة دراسات عليا جيولوجيا ولا يعرف مصيره الى الان هذا وقد دارت مواجهات عنيفة بين الشرطة و الشباب المتظاهر دامت حتى الساعات المتأخرة من اليلة الفاصلة بين الإثنين و الثلاثاء خاصة في منطقة الوارسية 4 كم غرب بن قردان حيث احرقت مدرعة تابعة للبوب وتمت اقتحامات عديدة للمنازل مما اثار حفيظة الاهالي واتجهوا من الغد بشكوات الى السلطات المعنية.
مراسلة خاصة
بيان فروع الرابطة حول الأحداث في بنقردان
تتابع فروع الرابطة الممضية أسفله بانشغال عميق ما آلت إليه الأوضاع في منطقة بنقردان بالجنوب التونسي اثر غلق معبر رأس جدير الحدودي بين تونس وليبيا بشكل مفاجئ و غامض ، وهو ما يؤثر سلبا على الحياة الاقتصادية بالجهة ويحرم آلاف المواطنين من مورد رزق . وقد واجهت السلطة احتجاجات الأهالي بالتعزيزات الأمنية والإيقافات، مما عمق الأزمة وزاد من حدتها . كما مارست وسائل الإعلام الرسمية تعتيما كاملا على الأحداث. إننا وبعد متابعتنا لهذه التطورات : · نعبر عن رفضنا المعالجة الأمنية للاحتجاجات ونطالب بإطلاق سراح كل الموقوفين وإيقاف التتبع ضدهم وإزالة مظاهر الاحتقان والتوتر، ·ندعو لإرساء تنمية جهوية عادلة توفر مواطن شغل قارة وتجنب مواطني المنطقة الارتهان لمزاج العلاقة بين البلدين، · نرفض سياسة التعتيم الإعلامي ونطالب بحق كل المواطنين في إعلام حر ونزيه ينقل الأحداث بأمانة ويعطي مختلف الأطراف فرصة التعبير عن مشاغلها.
عن هئيات فروع الرابطة ب:
· بنزرت: علي بن سالم · ماطر: محمد صالح النهدي · قليبية: عبد القادر الدردوري · باجة: زهير بن يوسف · حلق ألواد، المرسى ، الكرم: صفية المستيري · المنستير: سالم الحداد · حمام الأنف- الزهراء: رضا بركاتي · سوسة: جمال المسلم · جندوبة: الهادي بن رمضان · أريانة: حسين الكريمي · قفصة:زهير اليحياوي · نفطة- توزر: شكري الذويبي · سليانة : عبد الستار بن موسى · مدنين : صلاح الوريمي · قبلي: محمد بن زايد · المهدية: محمد عطية · القيروان : مسعود الرمضاني
بنقردان: بلاد السيبة و عودة العصيان
لماذا تعود ليبيا إلى خنق النظام التونسي والتسبب في موجة إحتجاجات تتواصل منذ أسبوع في منطقة بنقردان الحدودية في أقصى الجنوب التونسي؟ طبعا لن نضفر بجواب شافي عن حقيقة ما حصل و سبب حصوله و سبل تداركه من عند سلطتنا الوطنية فقد بقيت الأحداث الجارية في بنقردان ممنوعة عن التداول من طرف الإعلام الداخلي رغم تداولها من طرف مختلف و سائل الإعلام الدولية و قد جائت أول إشارة لهذه الأحداث في الصحافة المحلية بجريدة الصباح ليوم الثلاثاء 17 أوت على لسان مصدر موثوق تحت عنوان : طرابلس تدرس الحلول الملائمة لتوريد تونسيين بضائع غير مدعمة من ليبيا.
و يتضح من أول وهلة أن المصدر الموثوق إما أنه غير مطلع على حقيقة الوضع أو أنه يسخر من ذكاء التونسيين و يحاول إستغبائهم. فما يهم التونسيين هو ما تقوم به دولتهم لحماية حقوقهم و ليس ما تدرسه طرابلس. فهو يقول لنا هنا بطريقة غير مباشرة أن السلطة التونسية تتخلى عن مشاكل يتعرض لها مواطنون تونسيون لتحلها سلطة أجنبية كما أنه يحاول إيهامنا أنه لا توجد قواعد تنضم التجارة بين تونس و أقرب جيرانها بحديثه عن « بضائع غير مدعمة ».
ولكن السبب الضاهر للمشكلة و الذي يعلمه الجميع لا يتعلق بتوريد تونسيين لبضائع غير مدعمة من ليبيا و لكنه يتعلق بوضعية لا قانونية حتى كادت تصبح أساس العلاقات بين البلدين و تتمثل في تخلي السلط التونسية عن واجباتها تجاه جزء من مواطنيها بحيث أصبحوا يعيشون تقريبا على تهريب البنزين و البضائع المدعمة داخل الأسواق الليبية حتى صارو أكبر ممول لكامل سكان الجنوب و الذين تحول أغلبيتهم تدريجيا للعيش على حساب الدولة الليبية حتى ضاقت ذرعا بهذا العبئ الغير اليسير و أصبحت تحاول بين الفينة و الأخرى التخلص منه لتتحمل دولتهم مسؤولياتها تجاه مواطنيها و الكف عن التعويل على إعالتهم على حسابها.
و لا يكاد الوضع القائم على طول حدودنا الغربية مع الجزائر يختلف في شييء عما هو قائم في المناطق الجنوبية المجاورة لليبيا و تتصدر عناوين الصحف الجزائرية بشكل شبه يومي نتائج الحملات التي تقوم بها السلطات الأمنية هناك ضد التهريب كما تقوم السلطات الجزائرية بتشييد عشرات مراكز المراقبة الحدودية على طول الشريط الحدودي الفاصل بيننا لمواجهة هذا الوضع الشاذ. و يبدو هنا أيضا أن سياسة حكومتنا تقوم على إهمال مواطنيها و تركهم لتدبر شؤونهم عن طرق التهريب و التجارة غير المشروعة و لا تقوم بشيء لتوفر لهم مصادر الرزق الشريف الذي يحفظ كرامتهم و يكفيهم لتوفير حاجيات أسرهم.
و لعلنا لا نحتاج لدليل أمام المضاهر المستشرية لهذا الوضع في مختلف مدننا و أسواقنا و تحول شوارعنا إلى سيطرة المهمشين الذين تستغلهم عصابات منضمة أحكمت سيطرتها على مسالك التجارة و التوزيع حتى أصبحت التجارة الرسمية لا تكاد تصمد في وجه هذا التيار و توجهت نحو التعايش معه و الرضاء بالعيش على هامشه و حسب قواعده. و أصبحنا نشهد بكل وضوح خروج الشارع عن حكم القانون وسيطرة الدولة في أكثر المناطق حساسية و اكتضاضا داخل كل مدننا.
من الأكيد أن هذا الوضع خدم لسنوات طويلة مصالح النظام التونسي وأصحاب النفوذ داخله وقام بالأساس على إستغلال الأوضاع الخاصة التي مر بها البلدين الشقيقين خلال المراحل السابقة و لكنه تطور كالسرطان عندما يغزو الجسم السليم ليهدد حياته من أصلها. فإلى جانب البطاقة البريدية التي يرسمها النظام عن إنجازاته و يفاخر بها تصدره مختلف مؤشرات التنمية في المنطقة نسي أنه تخلى قسم كبير من البلاد فتحول ليصبح « بلاد السيبة »(1) و ليعيش خارج الحساب دون أن يقرأ له أي حساب.
كما نسي النظام التونسي أن أوضاع المنطقة تحولت جذريا في السنوات الأخيرة و لم تعد تعمل لصالحه و أنه لسوء حضه محاط ببلدين يعتمدان نماذج للتنمية و الإقتصاد مناقضة تماما لنموذجه. و النتيجة الواضحة لهذه التحولات و التي أشرت عليها أحداث الرديف منذ بضع سنوات وكشفتها أحداث بنقردان حاليا بكل وضوح تتمثل في خروج وسائل السيطرة على إستقرار الوضع الإجتماعي الداخلي في جزء كبير منها من يد السلطة و تحكم دول أجنبية فيها و إن كانت دول شقيقة مثل الجزائر و ليبيا و هو وضع وضع البلاد حاليا في وضعية ضعف إستراتيجي تجاه أجوارها المباشرين لا تملك السلطة التونسية حاليا وسائل لتعديله إن لم نقل أنه وضع سيزداد تعمقا.
لقد بدأ يتوضح كما ستزيد الأيام القادمة توضيح ذلك بشكل أكبر إنهيار الإستراتيجية السياسية لنضام الإستبداد القائم حاليا في تونس و الذي بنى تحالفاته الإستراتيجية و خطته الإقتصادية بشكل كلي تقريبا على أساس الإعتماد على علاقاته مع القوى الغربية التقليدية دون الإهتمام بصلابة وضعه الإقليمي و الداخلي. فالعلاقة مع ليبيا و الجزائر حاليا تتجاوز بالنسبة لكثير من التونسيين من حيث أهميتها و انعكاسها المباشر على حياتهم أو على نمو مؤسساتهم علاقتهم مع النظام كما أن علاقة حلفائه الغربيين أنفسهم و أهمية مصالحهم مع الدول المجاورة لم تعد تقبل الموازنة مع علاقته بالنظام التونسي مع ما أصبح يرمز إليه من فساد و تسلط يثير الإشمئزاز داخلها. كما نعتقد أن الطريقة المهينة التي يحكم بها الشعب التونسي و يسام بها أحراره لا يمكن أن تخفي على أشقائه في دول الجوار و الذين يجمعه بهم أساسا و قبل كل شيء مصير مشترك لن يتحقق بالشكل الذي حلم به أسلافهم جميعا إلا بتكتلهم معا من أجل تحقيقه. المختار اليحياوي – الإربعاء 18 أوت 2010 1- بلاد السيبة و بلاد المخزن ثنائية عرفها المغرب الكبير خلال فترات طويلة من تاريخه حيث لا تسيطر الدول بصفة فعلية إلا على جزء صغير من ترابها بواسطة المخزن بينما تبقى البقية بلاد السيبة (المصدر: موقع » Tunisia Watch » بتاريخ ١٨ أوت ٢٠١٠) الرابط:http://www.tunisiawatch.com/?p=2800
عريضة مساندة للقضاة والقاضيات اعضاء المكتب الشرعي لجمعية القضاة التونسيين تحديث – 18 / 08 /2010
نحن نشطاء المجتمع المدني والنقابيون والمواطنون الموقعون أدناه وبعد اطلاعنا على ما نشرته الصحافة الورقية والالكترونية اخيرا من اقدام وزارة العدل وحقوق الانسان مجددا على اقتطاع مبالغ مجحفة من اجور قضاة وقاضيات أعضاء في الهيئة الشرعية لجمعية القضاة التونسيين فاننا : – نرفض تواصل التضييقات على القضاة والقاضيات أعضاء المكتب الشرعي من حجز من المرتب ونقل تعسفية وتجميد للترقيات . – نطالب بتمكين القضاة والقاضيات اعضاء المكتب الشرعي من حقهم في الترقية و النقلة الى داخل دوائر محاكم تونس الكبرى. – نثمن صمود القضاة والقاضيات اعضاء المكتب الشرعي المهددون على الدوام في ارزاقهم من اجل ثباتهم على الدفاع على استقلال جمعية القضاة ومشروعها في اقرار الضمانات الاساسية لاستقلال القضاء وفق المعايير الدولية . للتوقيع على العريضة يرجى ارسال الاسم واللقب والصفة الى البريد الالكتروني التالي : solidarite.juges@gmail.com الامضاءات الاولية علما ان العريضة تبقى مفتوحة : 1 – الاستاذ فوزي جاب الله – محامي 2 – احمد الجربي – محاسب 3 – معز الجماعي – ناشط حقوقي وسياسي 4 – بلقاسم سائحي – مربي – نقابي – تالة 5 – منجي سالم – رئيس فرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان بقابس 6 – محمد العيادي – المرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية 7 – ظافر الصغير – معلم بمدرسة نهج شارل نيكول – بن عروس 8 – درة حرار – مكونة 9 – عبد العزيز السبري – الكاتب العام للنقابة الجهوية للتعليم الثانوي – القيروان 10 – عبد الرزاق الشامخي – استاذ تعليم ثانوي 11 – عبد الله بنيونس – استاذ – نقابي – تونس 12 – توفيق كركر – جامعي متقاعد 13 – محمد بن هندة – جمعية التونسيين بسويسرا – جنيف 14 – بدر السلام الطرابلسي – صحفي – قطر 15 – نورالدين الورتتاني – جامعي – نقابي 16 –عزالدين القوطالي – منظمة الطليعة العربية بتونس 17 – سليمان الرويسي – استاذ تعليم ثانوي – نقابي وحقوقي – سيدي بوزيد 18 – بسام الحمروني – متحصل على الاستاذية في الحقوق 19 – أنور العمري – عضو المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي للشغل بقابس 20 – معز الباي – صحفي 21 – حسين يحياوي – استاذ 22 –محي الدين شربيب – ناشط جمعياتي – فرنسا 23 – الحبيب لعماري – مدير ومؤسس جريدة الفجر نيوز 24 – صلاح الدين الجورشي 25 – ناجي البغوري – صحفي 26 – غازي بن علية – ناشط في الاتحاد العام لطلبة تونس – المكتب الفيدرالي بكلية الاداب منوبة 27 – عادل الحاج سالم – اعلامي ونقابي 28 – زيتوني عبد القادر – المنسق الوطني لحزب تونس الخضراء 29 – سامية ساسي – نقابية التعليم الاساسي – بنزرت 30 – عبد الرزاق المكشر – استاذ اول للتعليم الثانوي – نقابي 31- لبنى مهدي – استاذة عربية 32 – هيكل بن مصطفى – جامعي – كلية الاداب والفنون والانسانيات – منوبة 33 – مسعود الرمضاني – أستاذ – ناشط حقوقي 34 –الاستاذ نبيل اللباسي – محامي 35 – كمال الغالي – كاتب وشاعر 36 – سمير حمدي – استاذ تعليم ثانوي 37 –الاستاذ نجيب حسني – محامي – مؤسس مركز تونس لاستقلال القضاء والمحاماة 38 – رمضان بن عمر – معلم نقابي – الرديف 39 – الامين البوعزيزي – باحث جامعي – تونس 40- محمد معالي – صحفي وكاتب ديمقراطي – تونس 41 – أمين العبدلي – ناشط نقابي وسياسي 42– الاستاذ نذير بن يدر – محامي 43– الاستاذة نجاة العبيدي – محامية – عضو جمعية حرية وانصاف 44- احمد العمري – استاذ تعليم ثانوي 45 – رضا العشي – استاذ – المعهد العالي للعلوم الانسانية – جندوبة 46 – ياسين البجاوي – عضو جامعة بنزرت للحزب الديمقراطي التقدمي 47 – محمد الحبيب بوثلجة – استاذ متقاعد 48 – عبد الوهاب العمري – معارض 49 – توفيق الذهبي – نقابي – جندوبة 50 – د . احمد بوعزي 51 – سامي قربع – مختص في المعلوماتية 52 – عادل الزيتوني – حركة الاحرار الديمقراطيين 53 – ماهر السالمي – عضو الاتحاد الجهوي للشغل بمنوبة 54 – خليفة مبارك – الكنفيدرالية الديمقراطية للشغل بتونس 55 – رؤوف العشي – نقابي – بوسالم جندوبة 56 – المركز العربي الاوروبي لحقوق الانسان والقانون الدولي – النورفيج 57 – الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان – مصر 58 – الشاذلي مغراوي – نقابي من التعليم الثانوي 59 – رشيد السويح – التعليم الاساسي 60 – السيد المبروك – ناشط حقوقي – عضو جمعية حرية وانصاف 61- حمزة الفيل – باحث جامعي 62 – النفطي حولة – استاذ تعليم ثانوي – عضو النقابة الجهوية للتعليم الثانوي بن عروس 63 – فحي الشامخي – جامعي – تونس 64 – سليم بنعرفة – عضو الهيئة الساسية لحركة التجديد – كاتب عام النقابة الاساسية للتعليم الثانوي بتونس المدينة 65 – البشير واردة – صحفي 66 – الاستاذ سامي بلحاج – محامي 67 – أحمد بوجرة – جامعي 68 – محمد رضا المحسوس – استاذ تعليم ثانوي 69 – طارق السوسي – ناشط حقوقي 70 – سليم غريس – مدرس – نقابي 71 – روضة الحمروني – نقابية مجمدة 72 – سكينة عبد الصمد 73 – راضي بن حسين – نقابي 74 – فتحي قديش – استاذ 75 – الناصر الظاهري – نقابي من التعليم الاساسي – سيدي بوزيد 76 – سالم الزغلامي – ناشط سياسي 77 – فارس الجبري 78 – محمد فاضل – استاذ نقابي – منزل بوزيان 79 – جيلاني الهمامي – نقابي – تونس 80 – رشيد بللونة – مستشار في التنمية الحضرية والجهوية – متقاعد 81 – مية الجريبي – الامينة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي 82 – جمال الدين العزابي – استاذ – ناشط سياسي 83 – الاستاذة مية الكسوري – محامية 84 – الاستاذ عبد العزيز المزوغي – محامي 85 – زياد الهاني – صحفي 86 – عطية العثموني – ناشط نقابي وسياسي 87 – البرني شقران – استاذ تعليم ثانوي 88 – صالح الفرجاوي – نقابي من التعليم الاساسي 89 – نبيل الطويهري – نقابي من قطاع البنوك 90 – جلول البلالي – نقابي جندوبة 91 – اياد الدهماني – الحزب الديمقراطي التقدمي 92 – المولدي الزوابي – صحفي 93 – عبد الناصر الجلاصي – طالب 94 – سالم عبيدي – نقابي – جندوبة 95 – جميلة سليماني – استاذة تعليم ثانوي 96 – الحبيب الباهي – نقابي – قابس 97 – نجوى عمري – نقابية من التعليم الاساسي 98 – مراد النوري 99 – فدوى الرحموني – استاذة تعليم ثانوي 100 – الاستاذ أنور القوصري – محامي 101 – لطفي زيتون – باحث 102 – فاتن حمدي 103 – جابر بن مبارك 104 – وسام الصغير – ناشط طلابي – الحزب الديمقراطي التقدمي 105 – علي رابح – طالب – ناشط حقوقي 106 – حميدة الدريدي – طبيبة – ناشطة حقوقية 107 – نوفل العسكري – استاذ تعليم ثانوي – نقابي 108 – وليد حمام – حزب تونس الخضراء 109 – الشادلي فارح – نقابي – قطاع البنوك 110 – فخري شمام – معلم نقابي 111- عبد الرحيم الماجري – القيروان 112 – سليم الدريدي – استاذ تعليم ثانوي 113 – عبد القادر الدردوري – رئيس فرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان – قليبية قربة 114 – سيد الفرجاني – حركة النهضة 115 – حسين المازني – كاتب عام الفرع الجامعي للصحة بجندوبة 116 – علي البعزاوي – عضو هيئة فرع القيروان للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان 117 – جمال مسلم – رئيس فرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان سوسة 118 – الكافي العرفي – كاتب عام النقابة الجهوية للتعليم الاساسي بتونس 119 – محمد شقرون – نقابي – كاتب عام سابق للاتحاد الجهوي للشغل بتونس 120 – محمد الوحيشي – مواطن 121 – خميس الشماري – نائب سابق لرئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان 122 – الفاضل عمران – نقابي – ناشط حقوقي 123 – سعاد سويسي – معلمة نقابية 124 – سنية دربالي 125 – رفيق بكار 126 – الناصر الرديسي – ناشط يساري وحقوقي – شاعر 127 – احلام بن جفال 128 – الهادي بن رمضان – رئيس فرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان بجندوبة – عضو الاتحاد الجهوي للشغل بجندوبة 129 – حبيبة بن منصور – استاذة نقابية 130 – محمد الهادي حمدة – عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي 131 – ابراهيم بن قبلي – نقابي زغوان 132 – نبيل فرحات – مستشار استراتيجي لدى البنوك والمؤسسات المالية – الولايات المتحدة الامريكية 133 – نجيبة بختري – النقابة الجهوية للتعليم الثانوي –بن عروس 134 – الاستاذ بسام العموري – محامي وحقوقي 135 – صفية فرحات – مناضلة نسوية وحقوقية 136 – ياسين عياري – مهندس 137 – علي المحمدي – نقابي من التعليم الثانوي 138 – عبد العزيز سافي – نقابي 139- رضا السماوي – طبيب – ليون فرنسا 140 – محمد لمين توانسي – نقابي – بنزرت 141 – منصف الوهايبي – استاذ محاضر – شاعر – نقابي 142 – حمدة عجرة – نقابي 143 – الطاهر بن حسين – مناضل سياسي 144 –كمال العبيدي – صحفي 145 –ابراهيم بوطبة – مهاجر 146 – محجوب النصيبي – مربي – نقابي – سيدي بوزيد 147 – سامية ساسي – نقابية بنزرت 148 – عادل الفلاح كاتب عام النقابة الاساسية للتعليم الاساسي – بنزرت 149 – ايمن الرزقي – صحافي 150 – خميس قسيلة 151 – فاطمة بوعميد قسيلة 152 – لطفي الحجي – صحفي 153 – ظاهر المسعدي – عضو الحزب الديمقراطي التقدمي 154 – عبد السلام الدريدي – عضو الحزب الديمقراطي التقدمي 155 – أ . عبد اللطيف محمد منتصر – اعلامي – منتدى الشباب التونسي 156 – الاستاذ حليم المؤدب – محامي – عضو جامعة سوسة للحزب الديمقراطي التقدمي 157 – الاستاذة فدوى معطر – محامية 158 – بلال الهاني – استاذ مبرز 159 – عبد العزيز الشابي – طالب 160 – امال بجاوي – صحفية 161 – الاستاذة بشرى بلحاج حميدة – محامية 162 – يوسف اوعضور 163 – الشاذلي مغراوي – نقابي 164 – محمد صابر الحجري – معلم اول – تونس 1 165 – سامي الزواري – استاذ نقابي 166 – جيلاني العبدلي – ناشط حقوقي – فرنسا 167 – الاستاذ عبد الوهاب بن رجب – محامي لدى الاستئناف بالمهدية 168 –الصحبي الوهايبي – مهندس معماري – تونس 169 – جمال فارسي – استاذ 170- محمد نجيب العمامي – جامعي 171 – الاستاذ انس البرغوثي – محامي – فلسطين المحتلة 172 – عبد المنعم الصويعي – نقابي مطرود من قطاع البنوك 173 – ايناس عبد الجواد – جامعية 174 – رضا الماجري استاذ – شاعر 175 – زين العابدين ناجح – كاتب عام نقابة اساسية – قابس 176 – فوزي القصيبي – استاذ تعليم ثانوي – حركة التجديد – فرع قليبية 177 –حمدي الزواري – مهندس في الاعلامية – تونس 178 –ماجدة الشفرة – عضوة نقابة اساسية – تعليم اساسي 179 – عبيد الخليفي –صحفي وباحث جامعي – سجين الحوض المنجمي 180 – محمد بحر – فنان موسيقي 181 – صلاح بن ناصر – نقابي تونس 182 – صابر التبيني 183 – لوممبة المحسني – ناشط حقوقي – فرنسا 184 – هدى بن كبير – حقوقية – تونس 185 – رابح العمدوني ناشط سياسي – تيار الاصلاح والتنمية 186 – الاستاذة حياة الجزار – محامية 187 – الاساتذة صحبية بن الحاج سالم – محامية 188 – الاستاذ رابح الخرايفي – محامي 189 – بسام بونني – صحفي 190 – عادل الفلاح – معلم – نقابي 191 – خالد بوحاجب – نقابي من بنزرت 192 – عماد الدايمي – مهندس عضو حزب المؤتمر من اجل الجمهورية – باريس فرنسا 193 – عبد العزيز بوعزي – نقابة التعليم الثانوي – القصرين 194 – عبد الواحد حمري – نقابة التعليم الثانوي – القصرين 195 – الاستاذ منير حسني – محامي 196 – محمد عيسي- استاذ اول للتعليم الثانوي حقوقس ونقابي جرجيس 197 – الطيب بوعجيلة – عضو النقابة الاساسية للتعليم الاساسي – منوبة 198 – ضحى بوترعة – معلمة نقابية 199 – كمال الجويني – ناشط حقوقي 200- نوفل العسكري – استاذ تعليم ثانوي – نقابي — المرصد التونسي للحقوق و الحريات النقابية Observatoire tunisien des droits et des libertéssyndicaux
تحالف المواطنة والمساواة تونس في 17 أوت 2010 بيـــــــــــــــــــــان
تعمل بعض الأطراف في صفوف التجمع الدستوري الحاكم والأوساط الموالية له هذه المدة،على اختزال الحلول لقضايا البلاد المختلفة في مناشدة الرئيس الحالي زين العابدين بن علي بالترشح لولاية سادسة في انتخابات 2014 القادمة وذلك باعتماد خطاب سياسي يتحدث باسم التونسيين والتونسيات دون تفويض ديمقراطي منهم. وإن تحالف المواطنة والمساواة الذي تأسس على قيم مشتركة في مقدمتها « التمسك بالنظام الجمهوري الديمقراطي ومبادئه وتكريس التداول السلمي على الحكم عن طريق الانتخابات الحرة و النزيهة… وتكريس حرمة وعلوية الدستور وتطويره بما يضمن تقييد سلطة الحاكم ومساءلته » والذي جعل من أهدافه « تطوير أدائه كمعارضة جدية ومستقلة فيما ينتظر بلادنا من استحقاقات سياسية ». إن تحالف المواطنة والمساواة يهمه أن يوضح للرأي العام ما يلي: 1- إن اختزال الأجندة السياسية لبلادنا في هذه المناشدة، علاوة على ما فيه من شخصنة لأوضاعنا السياسية، يمثل محاولة للالتفاف على ما تحتاجه بلادنا من إصلاحات سياسية جوهرية وعلى متطلبات التغيير الديمقراطي الحقيقي. وإن التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تواجه بلادنا تزداد حدة وتعقيدا في ظل الاستفراد بالقرار وفرضه بالإكراه. وإن شرعية الحكم واستقرار البلاد ومواجهة مشاكل التنمية تتوقف على إشراك المواطنين والمواطنات في تسيير شؤونهم. 2- إن الإصلاح السياسي الذي يستهدف رفع قدرات المجتمع وتطوير منظومة المشاركة وتفعيل مؤسسات الجمهورية وضمان آليات التداول والمساءلة، يظل في مقدمة الأولويات الوطنية من أجل انتخابات حرة ونزيهة في 2014 تؤسس شرعية سياسية للفترة القادمة. وإن التمادي في الانغلاق السياسي والتضييق على الحريات يهدد مكاسب البلاد واستقراها. 3- إن الولاية الحالية للرئيس بن علي هي ولاية أخيرة بمقتضى الدستور بما يجعل البلاد في مرحلة انتقالية. وإن الأولوية الآن وقبل ما يزيد عن أربع سنوات من الاستحقاق الانتخابي القادم ليست مناشدة الرئيس الحالي بالتمديد واستسهال تحوير للدستور على المقاس لتكريس الجمود، ولا في حصر المشهد السياسي في ثنائية التمديد والتصدي له ، بل المطلوب دعوة التونسيين والتونسيات إلى التفكير في مستقبل تونس في إطار حوار وطني دون إقصاء حول القضايا الوطنية الكبرى، يُؤمّن معالجات مؤسساتية للمشاكل، بما في ذلك آليات الانتقال ومضامينه، حتى تكون الانتخابات العامة في 2014 نقلة نوعية ذات مصداقية تجسم التعددية السياسية الفعلية وتطمئن المواطنين في معاشهم وعلى مستقبلهم وتضمن الاستقرار وتفتح آفاقا واعدة للبلاد وتعزز فرصها في التنمية الشاملة والمستديمة. تحالف المواطنة والمساواة
خلاف حول التمديد للرئيس … وتحذير من الرئاسة مدى الحياة
إسماعيل دبارة
في الوقت الذي انطلقت فيه ما أسمته المعارضة في تونس « طقوس المناشدة » للرئيس زين العابدين بن علي للبقاء في الحكم لولاية جديدة في العام 2014، تكثّفت التحذيرات من عودة الرئاسة مدى الحياة، وذلك مع تواتر مؤشّرات عن احتمال تنقيح الدستور ليظفر بن علي بولاية سادسة.
تونس: كما كان متوقّعًا، أعطى البلاغ الصادر عن « اللجنة المركزية لحزب التجمّع الدستوري » الحاكم في 17 تموز – يوليو الماضي والذي تضمّن مناشدة للرئيس زين العابدين بن علي لـ »مواصلة قيادة تونس في المرحلة المقبلة »، إشارة الانطلاق لقواعد الحزب الحاكم في تونس والمنظمات التي تدور في فلكه لتبدأ حملة مناشدات عبر الصحف المحليّة ووسائل الإعلام الرسميّة.
وناشدت عدّة منظمات وجمعيّات الرئيس بن علي الترشّح لولاية رئاسية جديدة، لمواصلة ما أسمته مسيرة الإصلاح والديمقراطية، كما ناشدت عشرات الشخصيّات في مجالات السياسة والرياضة والفنّ والإعلام والأعمال الرئيس زين العابدين بن علي الترشّح لولاية رئاسيّة سادسة في الانتخابات الرئاسيّة المقبلة التي ستتمّ في 2014.
ونشرت صحيفة « الشروق » اليوميّة بلاغًا صادرًا عن سياسيين وفنانين وصحفيين ومغنّين ورياضيّين وأساتذة جامعات وصفوا فيه المرحلة التي تمرّ بها تونس بـ »الجديدة والحاسمة وتطرح خيارات مصيريّة لمسارنا المستقبلي في ضوء ما يسجلّ من متغيّرات متلاحقة تفوق كلّ التوقّعات تدفعنا إلى الإقرار بأنّ المرحلة المقبلة لن تكون يسيرة تمامًا ».
وقال الموقّعون في بلاغ المناشدة للترشّح: « إنّنا نسمح لأنفسنا كوطنيين، وبعيدًا عن كلّ التصنيفات السياسيّة والإيديولوجيّة، أن ندعو حامل الأمانة بكلّ صدق، إلى استكمال ما أنجزه ».
وفي المقابل، دانت تنظيمات سياسية تونسيّة وأحزاب معارضة ما أسمته « عودة طقوس المناشدة » واعتبرتها « غير عفويّة ومنظّمة » من قبل السلطة وتمهّد لإدخال تعديلات دستورية جديدة تتيح لبن علي البقاء في الحكم لولاية سادسة تنتهي عام 2019.
وحذرت أحزاب تونسيّة من أن التلاعب مجدّدًا بدستور البلاد، للتمديد للرئيس الحالي، يعني عودة الرئاسة مدى الحياة، التي تتناقض وقيم الجمهورية، ودعت التونسيين إلى « التعبئة والتوحد ضد أي تعديلات دستورية من هذا النوع ».
ولا يجيز دستور البلاد في صيغته الحالية للرئيس بن علي الترشح للانتخابات الرئاسية في 2014 لأنه سيكون بلغ آنذاك 76 عاماً وتجاوز السن القانونية للترشح المحددة بـ75 عاماً، علمًا بأنّ بن علي أدخل في العام 2002 تعديلات على دستور الجمهورية ضمنت له البقاء في السلطة حتى 2014.
وأطلق عدد من النشطاء المعارضين والحقوقيين المعروفين « عريضة وطنيّة » للتوقيع ترفض التمديد والتوريث في الحكم. وجاء في نصّ العريضة التي اطّلعت « إيلاف » على نسخة منها: « نحن التونسيّين من كلّ التوجهات السياسية والإيديولوجية والفكرية، ومن كل جهات البلاد، ومن داخل الوطن وخارجه، نعلن رفضنا المطلق لأي محاولة لتحوير الدستور من أجل تمكين زين العابدين بن علي من التقدّم للانتخابات الرئاسية المقبلة، ومن ثمّ لمواصلة الحكم في إطار حكم مؤبّد أشبه ما يكون بملكية مقنعة. كما نعلن رفضنا القطعي، غير القابل للنقاش أو التفاوض، لأيّ مسعى لتوريث الحكم لأي شخص من محيط الرئيس الحالي الأسري، كزوجته أو أحد أصهاره، أو من إحدى الدوائر المتنفذة المحيطة به. ونعلن، مسبقًا، عدم اعترافنا بأيّ خطوة تصبّ في أحد هذين التوجّهين، التمديد أو التوريث، المخالفين لأبسط قواعد الديمقراطية والمنتهكين لكرامة التونسيّين ولحقهم في اختيار من يحكمهم ».
يقول المحامي والناشط السياسي محمّد عبو في تصريحات لـ »إيلاف »: « نحن لا نعرف حقيقة ما يدبّر لمستقبل بلادنا في دوائر الحكم، فحسبنا أن نحلل ونتوقع بناء على ما يحصل في الواقع من مواقف معلنة ومن ممارسات مع الاستئناس ببعض ما ينشر هنا وهناك بما يجعلنا نستنج أن الرئيس الحالي لن يتخلى عن السلطة وانه سيعمل غالبًا على ضمان مصالح عائلته بعده. فمن يعمل في فترة حكمه الأخيرة على ترهيب معارضيه بل حتى قبل أن تتمّ الانتخابات ويسجن الصحافيين على الرّغم من كلّ الضغوط التي قد تسلط عليه، يعد بالضرورة لمشروع يستوجب تمريره تركيع الشعب ».
من جهته يرى أنور بن نوّة عضو الهيئة السياسية لحركة « التجديد » المعارضة أنّ اختيار التوقيت الذي انطلقت فيه بوادر « حملة » المناشدات غريب بعض الشيء فهي، من جهة، تأتي في فترة صيفية ورمضانيّة ارتفعت فيها الأسعار بصفة ستزيد في إثقال كاهل المواطنين.
ومن جهة أخرى، لم تمرّ سنة بعد من انتخابات أكتوبر 2009، بنتائجها المعروفة، حتى بدأت من جديد « حملة » أخرى. ويقول بن نوّة: « نحن في حركة التجديد كنّا قد نادينا منذ 20 مارس – آذار الماضي، إلى فتح حوار وطني جدّي وصريح، بين جميع الأطراف السياسية، حول ضرورة ربط الاستحقاق الانتخابي لسنة 2014 بمسألة الانتقال الفعلي إلى الديمقراطية في بلادنا وذلك محاولة منا لاستباق أي محاولة أحادية الجانب، تمرّر تحت غطاء « الإجماع »، تهدف إلى الالتفاف حول الأحكام الدستورية خصوصًا منها المتعلقة بالترشح لرئاسة الجمهورية ».
الصحفي المستقلّ توفيق عياشي طعن في دستورية ما سمّاها « موجة المناشدات بالتمديد للرئيس الحالي »، سواء من طرف اللجنة المركزية لحزبه أو من طرف بعض المنظمات والأشخاص.
ويضيف: « تجاوز الرئيس الحالي السقف العمري الذي يسمح به الدستور لإعادة الترشح لولاية جديدة وتاليًا فهذه المناشدات تمثل عمليّة انقلاب على الدستور الذي يحمي قيم النظام الجهوري ويضمن حق التداول على السلطة عن طريق الانتخاب الحرّ والمباشر من طرف الشعب هذا فضلاً عن أنّ الفصل 47 من الدستور التونسي يمنع استفتاء الشعب على مشاريع قوانين ». ويرى العياشي أنّ عملية التمديد للرئيس الحالي سوف تدخل البلاد في دوّامة توتّرات وهزّات شبيهة بتلك التي انتهت عليها فترة رئاسة الحبيب بورقيبة وقد تسعى بعض القوى النافذة المقربة من الحكم إلى استغلال فرصة ترهل مركز الحكم للاستحواذ على سلطة القرار وخدمة مصالحها وهذا أسوأ سيناريو يمكن أن تنتهي عليه فترة الحكم الحاليّة، الأمر الذي يضع جميع المناشدات بالتمديد محلّ شبهة لأنها وان كانت في الظاهر تصب في مصلحة الرئيس الحالي إلا أنها في غاياتها البعيدة هي ليست سوى مؤامرة ضدّه.
خبراء القانون الدستوريّ يقولون إنّ الأنظار ستتجه في المرحلة المقبلة نحو استفتاء لتعديل الدستور بما يجيز تمرير مشروع التمديد لبن علي.
ويفسّر المحامي محمد عبو لـ »إيلاف » قائلا: « من الناحية القانونية البحتة يمكن تنقيح الدستور طبقًا للفصلين 76 و77 من الدستور عبر لجوء رئيس الدولة للاستفتاء بعد عرض المشروع على مجلس النوّاب وموافقته عليه، أو بمبادرة من رئيس الدولة أو من ثلث أعضاء المجلس للمطالبة بتنقيحه. وفي هذه الصورة تتمّ الموافقة على المشروع من قبل غالبيّة الثلثين من أعضاء المجلس في قراءتين. على أنّ الفصل 76 المذكور يشترط ألاّ يمسّ التنقيح من النظام الجمهوري. فهل أن إلغاء شرط السنّ يمس من النظام الجمهوري للدولة بالمعنى المقصود بالنص؟ الأمر قد يقتضي بعض التمحيص والأهم منه في رأيي هو تذكير من يحكم بأن تمرير أي مشروع عن طريق مجلس ليس سيد قراره أو عن طريق مواطنين معظمهم لا يحمل بطاقة ناخب مع التصرف في النتيجة من دون حسيب أو رقيب لا يكسب الحاكم أي شرعية باعتبار الشرعية تستمد من الشعب صاحب السيادة وتزييف إرادته سيكون باطلاً وما يبنى على باطل لن يكون إلاّ باطلاً ».
من جانبه يرى القياديّ في حركة التجديد (ممثلة في البرلمان) أنور بن نوّة أنّ ما يتعيّن طرحه اليوم بالنسبة إلى المعارضة الديمقراطية ليس البحث في الشكليات والإجراءات التي سيتم اعتمادها سواء تقرّر تنقيح أحكام الدستور بالطريقة العادية أو عن طريق الاستفتاء أو حتّى سنّ دستور جديد، بل من الأجدى أن ننطلق من الآن في العمل من أجل دعوة كل التونسيات والتونسيين إلى التفكير في مستقبل بلدهم والسعي إلى تجميع أوسع قطاعات الرأي العام حول فكرة التوافق حول الانتقال الحقيقي من نظام تسلطي قائم على مؤسسات شكلية إلى نظام ديمقراطي يقوم على مؤسسات حقيقية تعبر عن سيادة الشعب وذلك عبر الدعوة إلى حوار شامل يغلب الانتماء الوطني على الولاء الحزبي.
ويتابع بن نوة قائلا: « سنسعى إلى جانب شركائنا في تحالف المواطنة والمساواة إلى إطلاق مبادرات تدعو إلى إقرار الإصلاحات الضرورية للقطع مع نهج الانغلاق والانفراد بالقرار والتي تكون كفيلة بتوفير الظروف التي تجعل التداول أمرًا ممكنًا قانونيًّا وسياسيًّا وتجعل إنجازه، أو عدمه، أمرًا محكومًا باختيار المواطنين عبر التصويت الحر ».
ويبدو واضحًا للمتابع للشأن التونسيّ أنّ اختيار الحكم السير في طريق التمديد للرئيس الحالي مستندًا إلى مجموعة من أحزاب مقربة توصف بـ »الموالاة »، يقابله تباين وتضارب في الموقف من طرف المعارضة « الراديكاليّة ».
وتشير بلاغات الأحزاب التي ردّت على انطلاق حملة المناشدات إلى اختلافات في التوصيف والتمشي. يقول محمد عبو: « أعتقد أن المعارضة يجب أن تعمل على أصعدة متعددة ومنها الصعيد القانوني وأن تتخذ موقفًا موحّدًا اتجاه عدم القبول بأي مشروع يقع التلاعب فيه بالدستور وكذلك تجاه من يشاركون في تمرير هذا المشروع باعتبارهم السبب الحقيقي لما نعانيه من تخلّف سياسي ». على حدّ تعبيره.
(المصدر: موقع « إيلاف » (بريطانيا) بتاريخ 18 أوت 2010)
http://www.elaph.com/Web/news/2010/8/589445.html
معركة التوريث تبدأ مبكرا فى تونس… والمعارضة تجمع توقيعات على عريضة «لا للتمديد.. لا للتوريث»
تصاعد الخلاف حول استمرار الرئيس التونسى زين العابدين بن على فى السلطة، فبينما طالبه البعض بالبقاء فى الرئاسة، أطلق عدد من النشطاء المعارضين والحقوقيين دعوة للتوقيع على عريضة ترفض التمديد والتوريث وجاء فى نص العريضة: «نحن التونسيون من كل التوجهات السياسية والإيديولوجية والفكرية، ومن كل جهات البلاد، ومن داخل الوطن وخارجه، نعلن رفضنا المطلق لأى محاولة لتحوير الدستور من أجل تمكين زين العابدين بن على من التقدم للانتخابات الرئاسية المقبلة، ومن ثمة لمواصلة الحكم فى إطار حكم مؤبد أشبه ما يكون بملكية مقنعة. كما نعلن رفضنا القطعى، غير القابل للنقاش أو التفاوض، لأى مسعى لتوريث الحكم لأى شخص من محيط الرئيس الحالى الأسرى، كزوجته أو أحد أصهاره، أو من إحدى الدوائر المتنفذة المحيطة به. ونعلن، مسبقا، عدم اعترافنا بأى خطوة تصب فى أحد هذين التوجهين، التمديد أو التوريث، المخالفين لأبسط قواعد الديمقراطية والمنتهكين لكرامة التونسيين ولحقهم فى اختيار من يحكمهم». ومن جانبه، قال المواطن التونسى عز الدين بوغانمى فى رسالة مفتوحة للرئيس التونسى: «رمضانكم مبارك وبعد، سيدى الرئيس. لقد ناشدكم عشرات الشخصيات التونسية بينها فنانون ورياضيون وصحفيون للترشح لولاية رئاسية سادسة لسنة ٢٠١٤. ومن منطلق إيمانى الرّاسخ بمحتوى بيانكم التّاريخى بمناسبة تغيير الـحكم فى تونس فى ٧ نوفمبر ١٩٨٧ أنّه (لا مجال فى عصرنا لرئاسة مدى الحياة ولا لخلافة آلية لا دخل فيها للشعب)، أدعوكم إلى احترام تعهّدكم التاريخى مذكّرا إيّاكم أنّ احترام أغلبية الشّعب لكم مقترن بمدى التزامكم بما ورد فى نصّ بيانكم منذ اثنين وعشرين سنة». وأضاف فى الرسالة مخاطبا بن على «أدعوكم إلى عدم الاستجابة إلى هذه المناشدة/ المهزلة، التى تنال من شخصكم ومن سمعة البلد» و«تتعارض مع أحكام الدستور التونسى». وجاءت العريضة بعد دعوة أصدرتها اللجنة المركزية لحزب التجمع الدستورى الحاكم فى تونس تطالب من خلالها الرئيس بـ«مواصلة قيادة البلاد فى المرحلة المقبلة»، فى إشارة صريحة للاستمرار فى رئاسة البلاد بعد انتهاء ولايته الأخيرة دستوريا وقانونيا بعد ٤ سنوات من الآن. ويخشى المعارضون أن يستمر بن على فى الحكم أو يتركه لأحد أقاربه. ويرى البعض أن الدعوة، بمثابة «بالون الاختبار»، حيث فاجأ الخبر أغلب المتابعين لحدوثه دون مقدّمات، أثناء العطلة الصيفيّة وفى ظل فراغ سياسى كبير، وبسبب تبكيره الشديد، حيث جاء قبل ٤ سنوات كاملة من نهاية ولاية بن على وموعد الانتخابات الرئاسية. كما أن به الكثير من الجرأة لأن معناه الحتمى تغيير الدستور ليتواءم مع تلك الدعوة، حيث يمضى بن على ولايته الأخيرة وفقا للدستور. ويعتبر المعارضون أن التمديد لـ«بن على» المرة المقبلة، سيكون صعبا أكثر من المرتين السابقتين، بسبب المعارضة المحلية والرفض الدولى، بالإضافة إلى تقدم سن الرئيس وتدهور صحته، وهو ما يشبهونه بنهاية عهد الحبيب بورقيبة.
(المصدر:منتديات روم الحوار المتمدن بتاريخ 17 أوت 2010) http://www.al-7ewar.com/m/showthread.php?p=38220
الرقابة تشل عملي
مع أن الإنترنت أداة لتحرير الشعوب ونشر المعرفة بالنسبة لسائر بلدان العالم تقريبا، فإنها غدت في تونس وسيلة لتكبيل النخب وحجب المعلومة وقطع أي صاحب رأي حر عن العالم. وشعرتُ أن هذه الرقابة الخانقة تعززت بعد شراء « اتصالات تونس » لموزع الخدمة « توبنات ». فمنذ شهر تم قطع خط الإنترنت عني من دون إعطاء أي تفسير، واحتار الفنيون في تحديد أسباب « الخلل » إذ جربوا كل الحلول الفنية وأخفقوا. وهذا دليل على أن الأمر لا يكتسي أي طابع فني وإنما هو من فعل شرطة الإنترنت التي لا تحترم قوانين ولا تقف عند حدود مهنية او أخلاقية.
وعليه فإني أحمل المسؤولية المباشرة لوزير تكنولوجيات الإتصال ورئيس « اتصالات تونس » على شل عملي وحرماني من حقي في الإبحار على الشبكة العنكبوتية، فهما بتخليهما عن مسؤوليتهما الإدارية والأخلاقية يساهمان في إبقاء بلادنا في طليعة البلدان التي تحكمها أنظمة قامعة لحرية الإبحار على النات ومنتهكة للحريات الإعلامية.
رشيد خشانة رئيس تحرير « الموقف » الجوال: 24937650 البريد الألكتروني: khe.rachid@gmail.com
حمام سوسة..أين اختفت الثلاثون ألف دينار ؟
السبيل أونلاين – تونس – مراسلة خاصة
منذ تشريعية 2009 تركز حديث النخب السياسية في حمام سوسة على واقع الانقسام و الصراعات التي تعيشها جامعة التجمع الدستوري الديمقراطي في المدينة ، هذا الواقع الذي جاوز بتشنجاته المفرطة كل معايير و مقاييس ما هو متفق عليه ضمن منظومة الاختلاف السياسي ، و تحول إلى موجات » تسونامية » من التشكيك و التخوين و السباب و الشتائم ، فكان فرصة حقيقية مكنت مواطني المدينة باختلاف مواقفهم من التجمع من الوقوف على جملة من الحقائق اجتهدت السلطة في كل مستوياتها على طمسها و إخفائها … الفساد المالي ، الرشوة و استغلال النفوذ و غيرها من القضايا التي تحولت بين عشية و ضحاها إلى مواضيع لحلقات نقاش يومية و علنية في المقاهي و الفضاءات العمومية ، و مادة حبرت العديد من المقالات التي أثثت بمادتها العديد من المواقع الالكترونية و لاقت اهتماما منقطع النظير .
لكن الاجتماع الذي نظمته جامعة التجمع الدستوري الديمقراطي على هامش الزيارة الرسمية التي أداها الكاتب العام الجديد للجنة التنسيق بسوسة عكس بجلاء و وضوح أكثر المناخ المشحون الذي يعيشه التجمعيون في حمام سوسة ، هذا الاجتماع الذي تحول برمته إلى جلسة قضائية مفتوحة كان المتهم الوحيد فيها عضو اللجنة المركزية عن الشباب المدعو » وليد المهيري » حيث حرص كل من تداول على أخذ الكلمة على محاسبته دون تفويت فرصة الكيل له جملة من الشتائم ، كما حرصوا جميعا على فضح ما سموه تجاوزاته و تلاعبه بأموال الحزب و استغلال وظائفه الحزبية لسلب الناس أموالهم من خلال تسلمه العديد من الرشاوي مقابل التدخل لفائدة بعض المواطنين لدى بعض الإدارات المحلية و الجهوية … لكن المفاجأة الحقيقية التي فجرها الاجتماع في علاقة بالفساد المالي لعضو اللجنة المركزية حسب ما أكده لنا بعض من حضر هذا الاجتماع الغير عادي هي إقدام هذا الأخير على سحب مبلغا ماليا قدره ثلاثون ألف دينار من الرصيد البنكي لأحدى الجمعيات الشبابية المحلية ( منظمة طلبة التجمع ) ثم غلقه من الغد بصورة نهائية ، و قد أكد كل الذين أثاروا الموضوع أن دليل تورط » الوليد » في هذه القضية موجود حاليا لدى كاتب عام الجامعة .
هذه شهادة ، و غيرها كثير جاءت على لسان منتسبي هذا الحزب لتؤكد استشراء الفساد المالي الإداري لدى بعض كوادره و مسؤوليه و منخرطيه و لتقيم الحجة و البرهان أن هم هؤلاء و ديدنهم لم يكن يوما خدمة الصالح العام و المساهمة الطوعية في تطوير البلاد و نمائها ، و إنما الاستفادة القصوى من وجودهم في مراكز القرار و مواقع المسؤولية لتكديس الثروة و كسب الحد المستطاع الأقصى من المغانم الذاتية …حقيقة تتنافى حتما و الخطاب السياسي الفضفاض الرسمي للسلطة و حزبها و تؤكد مجددا أن كوادر الحزب و مسؤوليه هم فوق القانون لا يخضعون بأي صفة للمحاسبة و لا حتى للمسائلة ، هذا ما أكده الاجتماع الذي لا يزال الشارع السياسي المحلي يعيش على وقعه ، هذا الاجتماع الذي لم يفته تأكيد التداخل المفضوح بين لإدارة و الحزب حيث حرص معتمد المدينة سمير السبوعي أن يكون أول الحاضرين فيه ضاربا بحياد الإدارة عرض الحائط .
سوسة / أبو حياة
(المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس) ، بتاريخ 18 أوت 2010)
الوحدوي والتحرري والشعبية للصباح التحالفات لا تعني تقسيم الساحة السياسية.. ومازلنا في مرحلة التشاور
مازالت الصيغة الختامية للقاء الذي جمع عددا من امناء العامين لاحزاب المعارضة (الوحدة الشعبية والحزب الاجتماعي التحرري والاتحاد الديمقراطي الوحدوي) لم ترتق إلى مستوى التحالف السياسي بل هي مجرد لقاءات تشاورية وتنسيقية لا غير حسب ماصرح به المعنيون بالامر من داخل الاحزاب نفسها.
وان كان هذا اللقاء الثلاثي لم يحدد خارطة طريق »تحالفية » فان تحالف المواطنة والمساواة والذي جمع احزاب وشخصيات سياسية (كحركة التجديد والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات والعمل الوطني الديمقراطي وتيار الإصلاح والتنمية والمستقلين) قد بدا يستعد لبدأ مرحلة سياسية جديدة حيث عقدت القيادات السياسية عدة جلسات لم تشمل العاصمة فحسب بل شملت عددا من الجهات الداخلية ايضا.
ولئن اختارت احزاب من المعارضة شركاء لها وتكتلت من اجل المرحلة السياسية المقبلة فان احزابا اخرى بقيت خارج كل الحسابات على غرار حركة الديمقراطيين الاشتراكيين وحزب الخضر للتقدم.
فماهي القواسم المشتركة بين المعارضة لبناء التحالفات ؟ وماهي الاهداف الغير معلنة من التحالفات؟ وماهو رد الامناء العامين عن وصف اللقاءات من قبل البعض بانها لقاءات شخصية لا غير؟
وبخصوص هذا السؤال اعتبر عضو المكتب السياسي لحزب الوحدة الشعبية وعضو البرلمان السيد هشام الحاجي أن التحالفات اقتصرت على الامناء العامين للاحزاب وهو ما اعتبره عائقا من عوائق التحالف ذلك أنه يحمل شكل التنسيق الفوقي وهو ما جعل التجربة في مفترق طرق اما أن تجد طريقها داخل الاحزاب والا ستكون محكومة بالفشل في ظل تنامي المطلب الداخلي لاحزاب المعارضة. »
واضاف الحاجي أن عدم تشريك الاطارات والهياكل لا يمكن الا أن يلعب دورا سلبيا خاصة وان هذه الاحزاب لها العديد من نقاط اللقاء ونقاط الاختلاف وهو مايفرض الحوار العميق والبحث حول اسباب اللقاء واهدافه لجعله يتخلص من طابعه الفوقي ولمنحه ديناميكية تبعده عن المناسبتية التي ميزته إلى حد الان. »
وفي سياق مخالف قال الامين العام للحزب الاجتماعي التحرري الاستاذ منذر ثابت « أن هناك بعض الاطراف التي تسعى جاهدة لافراغ خطة الامانة العامة من كل مضمون بحجة الديمقراطية » واضاف « اذا كانت الامانة العامة تحرج البعض فلنلغي هذه الخطة وبكل شجاعة. »
وفي معرض حديثه قال ثابت أن هناك من يسعى « لاتباع منزع خطير من خلال الحيلولة دون انجاز الامناء العامين لبرامجهم « موضحا في هذا الاطار أن « اي امين عام يمثل حزبه ولا يمثل شخصه. »معتبرا أنه « لن يقوم اي تحالف او جبهة او قطب دون استشارة هياكل الأحزاب وكوادرها. »
وحول امكانية قيام تحالف ثلاثي قال منذر ثابت أن الاحزاب مازالت في مرحلة التشاور فيما بينها وما البيان المشترك الصادر في الثامن من شهر اوت الجاري الا اعلان عن المبادئ العامة المتفق حولها بين الاحزاب المشاركة. »
وعن علاقة التحالفات بالمواعيد السياسية الداخلية للاحزاب نفى الامين العام للتحرري أن تكون هناك نية او علاقة مباشرة او رابط مبينا أن الحراك داخل الاحزاب يختلف ويتباين وفقا للتقاليد والتنظيم.
ومن جهته قال الامين العام للاتحاد الديمقراطي الوحدوي الاستاذ احمد الاينوبلي ان اللقاء مع حزبي الوحدة الشعبية والحزب الاجتماعي التحرري يجب ان يتوسع ليشمل كافة الأحزاب السياسية دون استثناء بما في ذلك التجمع لدستوري الديمقراطي حتى لا يقع الحديث عن وجود « تحالف حزبي » ضد » تحالف آخر «
واضاف »ان الاتحاد الديمقراطي الوحدوي مازال حريصا على إيجاد أرضية للالتقاء بين كافة الاحزاب الوطنية لأنه حزب يؤمن بالوفاق الوطني مرجعية للاصلاح السياسي و البناء الديمقراطي. »
واوضح امين عام الوحدوي قائلا « نحن لا نبحث عن تحالفات من أجل « تقسيم الساحة السياسية » أو أي تقسيمات أخرى بين الطيف السياسي ولسنا من الذين يبحثون عن حالة اشتباك مع هذا أو ذاك المكون للساحة السياسية بل نبحث دائما ونسعى من أجل حالة وفاقية جدّية بين مكونات المشهد السياسي الوطني وحول أمهات القضايا. »
خليل الحناشي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 18 أوت 2010)
حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ ندوة افريقية
تلقى حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ دعوة من الحزب الشيوعي في جنوب افريقيا –أحد مكوّنات المؤتمر الوطني الافريقي الحاكم- وذلك للمشاركة في الندوة حول الديمقراطية في افريقيا في دورتها الثانية وفي منتدى حركات اليسار في افريقيا في دورته الاولى. وسيقوم الرفيق محمد جمور، عضو الهيئة التأسيسية لحزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ، بتمثيل الحزب في هذه الندوة التي ستنعقد في مدينة جوهنزبورغ من 19 إلى 21 أوت الجاري. ونذكر من بين الأحزاب المشاركة: الحزب الجزائري من أجل الديمقراطية والاشتراكية والنهج الديمقراطي من المغرب والحزب الشيوعي السوداني والحزب الشيوعي المصري وجبهة تحرير الموزمبيق والحركة الشعبية من اجل تحرير انغولا وحزب الاستقلال والعمل السينيغالي… وسيلقي الرفيق Blade Nzimande ، كاتب عام الحزب الشيوعي في جنوب افريقيا، خطابا يفتتح به أشغال الندوة، ثم يليه خطاب للرفيق Gwede Mantashe كاتب عام المؤتمر الوطني الافريقي. و من المنتظر أن يصادق المجتمعون على عدد من اللوائح حول فلسطين والسودان وكوبا والسلام في افريقيا وضد نشاط « الافريكوم ». قائمة مراسلات حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ info@hezbelamal.org للاتصال بنا : aliradainfo-request@listas.nodo50.org الى SUBSCRIBE للإشتراك ارسل رسالة فارغة موضوعها aliradainfo-request@listas.nodo50.org الى UNSUBSCRIBEلفسخ الإشتراك ارسل رسالة فارغة موضوعها http://www.hezbelamal.org/ موقع حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ
حزب الإتحاد الديمقراطي الوحدوي بلاغ صحفي
ينظم حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي من 19 إلى 22 أوت الجاري بمدينة بنزرت فعاليات الملتقى الصيفي للشباب الديمقراطي الوحدوي .
ويتضمن برنامج الملتقى إلى جانب المداخلات السياسية والفكرية والثقافية، أمسية شعرية وفقرات فنية وموسيقية شبابية. ويتزامن هذا الملتقى مع السنة الدولية للشباب التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بمبادرة من سيادة رئيس الجمهورية. وفيما يلي برنامج الملتقى:
اليوم الأول: الخميس 19 أوت 2010
– بداية من الساعة العاشرة صباحا: استقبال الشباب في المخيم – الساعة التاسعة ليلا: افتتاح الملتقى من قبل الأمين العام للحزب – الساعة العاشرة: مداخلة حول المبادئ الفكرية للحزب (عبد الفتاح الكحولي) اليوم الثاني : الجمعة 20 أوت 2010 – الفترة النهارية: مساحة حرة وسباحة وترفيه – الساعة التاسعة ليلا: مداخلة سياسية حول برنامج الحزب( عبد السلام بوعائشة ) – الساعة العاشرة ونصف : أمسية شعرية : جمال الصليعي – تنشيط فني وموسيقي شبابي اليوم الثالث: السبت 21 أوت 2010 – الفترة النهارية: مساحة حرة وسباحة – الساعة التاسعة ليلا: مداخلة بمناسبة السنة الدولية للشباب : قضايا الشباب الطلابي( ابو العلاء غوار). – الساعة العاشرة والنصف : مداخلة حول الإعلام والثقافة ومسالة الهوية( رضا السويسي). – الساعة 00 ليلا : إقرار ميثاق الشباب الديمقراطي الوحدوي وكلمة الاختتام. اليوم الرابع : الأحد 22 أوت 2010 : – العاشرة صباحا: مغادرة المصيف . ملاحظة: يقوم الشباب بتنشيط الملتقى في أوقات الراحة.
عبد الكريم عمر عضو المكتب السياسي المكلف بالإعلام
مقال على مقاس البيروقراطية ووشاتها والمثليين من أمثالها
الحديث عن البيروقراطية وأتباعها اليوم في الاتحاد العام التونسي للشغل ليس بالحديث الجديد لكن يبدو أننا مازلنا في حاجة إلى معرفة معنى البيروقراطية لكي نتعلم كيفية درء خطرها ووضع حد لاساليبها: البيروقراطية ظاهرة لصيقة بالمجتمع الرأسمالي منذ أن وجدت البورجوازية نفسها وهي تدير مؤسساتها الإقتصادية وجهاز دولتها في حاجة إلى ”الزعيم النقابي“ كي يتولى من داخل الأجراء تلطيف ردود فعلهم إذا لم يكن منها بدّ وإقناعهم بأنّ حياتهم ومصيرهم مرهونان في الوجود الرأسمالي مثلما هي بحاجة إلى رجل الدين الذي ”يلهمهم“ الصبر والعزاء. والبيروقراطية النقابية شريحة إجتماعية تعيش من عائدات وضعها كوسيط بين رأس المال والعمل ، من مداخيل الخصم الموظّف على المنخرطين والمشاريع التي تبعثها وتراقبها المركزية والمواقع السياسية والإدارية والإقتصادية التي تتاح لها والعلاوات والمكافآت التي تحصل عليها من هنا وهناك. وتنتهج البيروقراطية النقابية نهج الوفاق الطبقي وتلعب دور صبّاب ماء على أجيج النضالات التي يخوضها الأجراء. وتتوخّى البيروقراطية أساليب العمل الفوقية إنطلاقا من طبيعتها وتصوّرها لدور القاعدة وتجنح دائما إلى فضّ النزاعات عن طريق التصالح والتعاقد على حساب العمال في الغالب وتكشّر عن أنيابها إذا ما إستشعرت تجاوزا قاعديا لإرادتها أو مسّا بالمصلحة العليا لرأس المال فتعمد إلى حلّ الهياكل ”غير المنضبطة“ وتجمّد وتجرّد وتتصرّف على هواها في الإنخراطات ونيابات المؤتمرات والترشحات والآجال وتطارد الرأي المخالف وقد تتصارع بعض أجنحتها ضدّ البعض الآخر عندما تشتدّ أزمة السلطة وتنعكس عليها وقد يعمد جناح منها الإنشقاق معرّضا وحدة الحركة النقابية إلى التصدّع. إن تاريخ هذه المنطمة شهد ومازال يشهد إلى اليوم صراعا مستمرا بين قوى الشد إلى الخلف (بيروقراطية +انتهازية ) وقوى نقابية مناضلة وتقدمية وهو ما يجب أن نصطف وراءها وننخرط في ممارستها ورهاناتها ، لكن الجديد اليوم والذي يشكل خطرا على واقع منطمة الشغيلة ومستقبلها ويهدد مكاسبها التاريخية هو تحول البيروقراطية إلى لسان حال لا الشغيلة بل السلطة وبوقاحة ووضوح شديدين ، وهو ما يعني صراحة السطو الممنهج و المباشر على المنظمة والسعي إلى دسترة الاتحاد وإفراغه من الطاقات النقابية المناضلة معتمدة لتحقيق مشروعها جملة من الآليات نسوقها على النحو التالي : – نقصد بهذه الآليات : النظام الداخلي الذي حولته البيروقراطية إلى سيف مسلط على رقاب كل من يعارضها نقابيا بل كل من يدافع عن الشغيلة ويناضل من أجل تحقيق مطالبها وتتوعد كل من ينحرط في الممارسة النضالية الحقة ( الاحتجاج ، الاعتصام ، الانتفاض ….) وتهدد بلجنة النظام والتجريد و » نهز ايدي وتتحملوا المسؤولية ….. » والفاهم يفهم …. هدفها هو تهدئة الأجواء وخدمة السلم الاجتماعية واخفاء ما تتعرض له الشغيلة من تهميش وتفقير …ويعلم كل النقابيين الأحرار بموجة المناشير التي أرسلت إلى كل الإتحادات الجهوية مذكرة ومهددة بالمنشور عدد 83 إلى جانب المقالات الموضحة للمنشور في الصحف الرسمية و التي وردت على لسان قيادات نقابية وطنية …ولتكريس هذا النهج اللانقابي واللاوطني واللاديمقراطي بدأ التلاعب بنفس الآلية أي الفصل العاشر من النظام الداخلي والهدف معلوم شعاره : لا للتداول نعم للتوريث … الذي يجب أن نرد عليه بشعار لا للتوريث نعم للتداول قياسا على : لا للإستبداد نعم للديمقراطية لكن هذه المرة في موضع آخر …ولا يكمن الرد بمجرد الشعار بل بالفعل والممارسة المناضلة. ü اسلوب تربية القطيع : نقصد به العمل على خلق مجموعة من الوشاة المثليين الذين ومع الأسف ينتمون إلى النقابة وليسوا بنقابيين بل » قوادة » للبيروقراطي .هؤلاء المشبوهين يتلونون وفقا لمزاج البيروقراطية ومصالحها وجمعهم هو ما يسمى بالانتهازيين المثليين هم كذلك لأنهم جعلوا من التودد والتمسح والتقرب سمات ثابتة في أفعالهم ومواقفهم وبالتالي يصح نعتهم بالمثليين لأن الشبيه الذي يميل إلى شبيهه ويغازله لا يكون إلا مثليا وقد تجرأ الشاعر الملتزم مظفر نواب وقالها وتعلمون ما قاله : يــــا …… إن هذا الاسلوب المعتمد في تربية القطيع لا يمكن من الجهة الطبيعية أن ينتج إلا مجموعة من المنافقين الذين تحكمهم الغريزة والمصلحة وتغيب عنهم الرؤية الثاقبة والفعل الهادف وهو ما يعد من الجهة النقابية انحرافا يجب أن نقاومه … اسلوب التعمية : يمكن للعماء أن يكون طبيعيا أو مكتسبا والتعمية أخطر إذا كانت نتاجا لاسلوب في التربية حينها ستحمل من المعاني ما يدفع إلى التساؤل عن الفاعل ؟ إن البيروقراطية ووشاتها هم الفاعلون وذلك حينما يحولون وجهة المعارك والنضالات النقابية إلى الجهة التي يسهل فيها التلاعب بالأضداد فيصبح لديهم الوهم حقيقة ومع الأسف تتحول الحقيقة إلى وهم ، وكذلك حينما يختزلون ظاهرة الصراع والاختلاف النقابي حول قضايا الشغيلة والطبقات الكادحة في صراع بين فلان وفلان أو عشيرة وأخرى … هنا مكمن التعمية فأنّى لهؤلاء أن يتحرروا من عماءهم ….بل من سيدهم الذي قام بتعميتهم …. اسلوب الإغراء و الإغواء : لا عجب أن الأساليب المعتمدة من قبل البيروقراطية لها صلات بمرجعية طبيعية وغريزية ومرد ذلك هو ما آل إليه واقع المنظمة الذي تأثر بدوره بالفضائيات وثقافة الاستهلاك وسلعنة البشر ،ونقصد بالإغراء السلوك الصادر عن البيروقراطي تجاه المثلي أو الانتهازي الذي يريد أن يشارك سيده بعضا من الامتيازات فأنى لهذا الاسلوب أن ينجب رجالا ….أو أن يساهم في الحفاظ على منظمة الشغيلة حرة ومستقلة ومناضلة وديمقراطية كلمة أخيرة : إن الحفاظ على منظمة الشغيلة في ظل الهجمة الراهنة رهين التفطن إلى ما يحاك من داخل المنظمة من مشاريع معادية للشغيلة ومطالبها المشروعة من قبل البيروقراطية ووشاتها المثليين وهو ما يستدعي اليوم من النقابيين الأحرار أن يتوحدوا صفا واحدا لمعارضة هذا النهج وفضحة بالممارسة النضالية ، إنه سيتوجب خلق معارضة نقابية داخل الإتحاد تمثل فعلا وموقفا الطبقات المسحوقة والمقهورة سياسيا واجتماعيا واقتصادياوثقافيا. فلنناضل صفا واحدا من أجل معارضة نقابية مدافعة عن المنظمة حرة ومستقلة وديمقراطية عاشت نضالات الشغيلة وممثلوها الشرعيين من النقابيين الأحرار.
عن النقابيين الأحرار — ********************************************************* نقابي حر nakabi.hor@gmail.com
الإفراج عن الصيّادين المصريين
حرر من قبل نزار في الثلاثاء, 17. أوت 2010 نقلت وكالات أنباء عن مساعد وزير الخارجية المصري للشئون القنصلية السفير محمد عبد الحكم يوم الثلاثاء 17أوت أن الحكومة التونسية وافقت على الإفراج عن الصيادين المصريين الـ 15 الذين كانوا على متن مركب الصيد « الحاج أحمد محمود » أصيلي قرية برج مغيزل بمحافظة كفرالشيخ، والذين سبق وأن تم إلقاء القبض عليهم في 5جويلية الفارط نظرا لدخولهم المياه الاقليميّة التونسيّة بدون رخصة. ووافقت الحكومة التونسيّة كذلك على مطلب ارجاع مركب الصيّد إلى أصحابه لقاء تسديد 10بالمائة فقط من مبلغ الخطيّة الماليّة المفروضة على المركب. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 17 أوت 2010)
اتحاد الفلاحة يسحب الدعم المخصص لشراء مادة الشعير عن مربي الماشية
حرر من قبل المولدي الزوابي في الثلاثاء, 17. أوت 2010 في سابقة عدها عدد من مربي الماشية الأولى منذ أن أقر الدعم الذي يتمتعون به لشراء مادة الشعير كعلف لحيواناتهم، سحب الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري انطلاقا من شهر جويلية الماضي الدعم المذكور وذلك في عدد من مناطق شمال البلاد فيما أبقى على الدعم في مناطق الجنوب. وحسب بعض المصادر فان القرار الذي شرع في تطبيقه دون الإعلان عنه بشكل رسمي جاء كإجراء اتخذه الاتحاد وديوان تربية الماشية للتخفيف من انعكاسات الأزمة الاقتصادية العالمية على تونس والتي تزامنت مع موسم فلاحي جاف والذي كانت درجاته أعلى في مناطق الجنوب مما هي عليه في مناطق الشمال. غير أن مربي الماشية قالوا بأن سحب الدعم أثر على إنتاجهم لمادة الحليب واللحوم الحمراء خاصة وأن مادة الشعير غابت عن السوق وإن توفرت فهي تخضع للمضاربات التجارية بما يجعلها غير متماشية مع كلفة إنتاج الحليب. واعتبر بعض مربي الماشية في تصريحات لراديو كلمة القرار المتخذ تعديا على حقوقهم خاصة إزاء درجة الجفاف التي عرفها الموسم الفلاحي الحالي 2009/2010، وسياسة التقشف التي تطبق في استهلاك ماء الري وغيرها. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 17 أوت 2010)
من الذاكرة الوطنية راضية الحداد: يوم فرضني بورقيبة على رأس الاتحاد
في هذا الفصل من مذكّراتها تروي راضية الحداد علاقة المنظمة بالحزب وموقفها من التعاضد. عن الظروف التي تولّت فيها رئاسة المنظمة النسائية تقول راضية الحداد: اتصل بي في الأثناء، مدير الحزب عبد المجيد شاكر واستشارني في الأمر، فاقترحت أن تكون الرئاسة لسعيدة ساسي باعتبار أن السلطة كانت ترتاح إليها، وفي نفس الوقت كانت على اتصال بالرئيس. رحّبت نائلة بن عمار بالمقترح واقترحت أن تكون فتحية مزالي كاتبة عامة وأن يتم تعيين عضوة أخرى لأمانة المال. أما فيما يخصني فقد عبرت عن استعدادي للعمل بأي شكل من الأشكال ولا يهمني المنصب، شكرني عبد المجيد شاكر ونقل ذلك الى الرئيس لكن الرئيس اقترح، بل قرر أن تكون الرئاسة لراضية الحداد بعد أن تحسس وتقصّى أخباري عبر ما يقال في الأوساط العامة. أتاني عبد المجيد شاكر إلى الاتحاد، خرجنا ومعنا سعيدة ساسي في سيارته فسألني مرة أخرى رأيي في الأمر، فقلت له ان أحسن حل هو الذي اقترحته عليك سابقا، فأعلمني بقرار الرئيس، باغتني ذلك ولم أقبل في أول الأمر وقلت انه من المحبّذ أن تكون الرئاسة لمن لديها أكثر كفاءة على المستوى العلمي مثل فتحية مزالي، فأجابني ان الشهائد غير مهمة في مثل هذه الأوضاع وان أمثال فرحات حشاد وسي الباهي الأدغم وعبد اللّه فرحات كثيرون، ثم طلب مني أن أعتبر ذلك واجبا ان اقتضى الأمر فأقلقني ذلك كثيرا وصاحبني الى الحزب واستدعى كامل هيئة الاتحاد وأعلن أن الديوان السياسي قرر أن أكون رئيسة الاتحاد النسائي. لم يعجب ذلك العديدات مثل أسماء الرباعي وفتحية مزالي رغم صداقتنا، وكانت سعيدة ساسي مصرة على أن تكون هي المقررة والمسيرة، كانت فتحية نائبة الرئيسة وأسماء كاتبة عامة وسعيدة أمينة المال، وكلما حاولت عرقلة تسييري للمنظمة أشرح الأمر للرئيس الذي كان يتفهم الوضعيات ويتدخل لإصلاح الأمور. أما بالنسبة لعلاقة الاتحاد النسائي بالحزب الحر الدستوري، وبخصوص»موالاته» فالاتحاد ليس فرعا من فروع الحزب كما يظن البعض، لكنه مؤيّد للحزب ويحمل نفس الأفكار بخصوص سياسة البلاد بصفة عامة. رغم أن المواقف السياسية للاتحاد تقترب كثيرا من مواقف الحزب، فإن الأمر كان يختلف في بعض المسائل كالموقف من الفيتنام مثلا، ففي ملتقى بروما كنت أمثل الاتحاد ضمن وفد نسائي اتخذ موقفا ضد أمريكا، حتى أن ممثلة الولايات المتحدة الأمريكية لما تناولت الكلمة قالت: نعلم بعض الوفود التي أخذت مواقف ضد أمريكا أن هذا التقرير سوف يصل الى حكوماتها، كنت المعنية بالأمر فأخذت الكلمة للاحتجاج على ذلك التهديد بقولي: ان منظمتنا حرة نتخذ فيها المواقف التي نراها صالحة وليس هناك أي تدخل في منظمتنا. الشعب الدستورية النسائية كانت البادرة بإيعاز من عمر شاشية وهو والي سوسة آنذاك ببعث شعب نسائية بمعزل عن الاتحاد النسائي، كان ذلك بعد مؤتمر الحزب سنة 1964. وكان عمر شاشية تحصل على موافقة الرئيس المبدئية فلما بلغني ذلك قاومته في سوسة ثم تحادثت مع الرئيس في الأمر وأقنعته، فكان التراجع بعد ظهور مشاكل ناجمة عن الضغوطات التي مارسها بعض الولاة مثل الذي وقع في القصرين بإبعاد المسؤولة الجهوية عن الاتحاد الى القيروان، وكذلك لما أراد والي قفصة الهادي المبروك ابعاد رئيسة فرع قصر قفصة بدعوى أن النساء لم يسجلن أسماءهن بدفاتر البلدية استعدادا للانتخابات. وحقيقة الأمر ان امتناع النساء كان نتيجة مشكلة تسببت فيها سعيدة ساسي لما ذهبت الى قفصة بدون علمنا وأجبرت زهرة دولة رئيسة فرع القصر وأجبرت كذلك رئيسة فرع قفصة على التخلي عن مسؤوليتها وعوضتها بزوجة رئيس البلدية. خاف الوالي من الخيبة في الانتخابات ووافق الرئيس على ابعاد زهرة دولة ولما علمتُ بالأمر أخبرتُ أحمد التليلي فورا وكان في الديوان السياسي فلم يصدق في بادئ الأمر، ثم ذهبنا الى قفصة وعقدنا أنا والتليلي اجتماعا وتخلت زوجة رئيس البلدية ورجعت زهرة دولة ورئيسة فرع قفصة الى مسؤوليتهما في رئاسة الفرعين، فتوافدت النساء أفواجا للترسيم في القائمات الانتخابية. مسألة الاشتراكية الدستورية تحمس لها الاتحاد وساندها في أول الأمر، ثم كانت الخيبة بعدما استفحل التعاضد وفسد الجو في البلاد وتشرد أهل الأرياف بالمدن، في جانفي 1968 انعقدت اللجنة المركزية للحزب وكانت أول مرة تقع تسميتي بها. قبل الخروج من الجلسة الى القيلولة قال الرئيس»لا نقاش حول التعاضد، فأنا لن أتراجع عن الاشتراكية والتعاضد مهما يكن». كان سي أحمد بن صالح حاضرا، أخذت الكلمة وكنت أعرف أنه سينعتني بالبرجوازية، رغم تعاطفي معه آنذاك، وقلت في الاجتماع أن الجماهير الشعبية ضد التعاضديات، كنت الأولى التي تكلمت، كان سي الباهي الأدغم هو الذي يشرف عادة على الاجتماع بعد أن يذهب الرئيس الى القيلولة، وقد أعطاني الفرصة للتدخل في كل المواضيع وقلت يجب أن يكون المسؤولون في المقدمة في تطبيق الاشتراكية وأن نعطي المثل في التقشف قبل أن نطالب الشعب بذلك، وكنت أنظر الى أحمد بن صالح وقد وضع يده على قلبه فخفت أن أكون سببا في اصابته بمكروه. حذاء إيطاليا وفستان باريس طلب منه سي الباهي إجابتي فقال: بماذا سأجيب؟ فالأخت راضية على علم بأن النساء اللاتي تعرفهن في حاجة الى حذاء ايطاليا وفستان باريس، ونعرف أننا في تونس اذا اشتكى أحد من شيء نقول إن البلاد»اتَّخْذِتْ»، أما اذا كانت الجماهير الشعبية غاضبة فهذا شيء آخر. على كل كانت للأخت راضية الفرصة»باش تبرّد قلبها»، فأجبته: يا سي أحمد أريد أن أقول لك أولا أن صاحبات الأحذية والفساتين الفضفاضة، ليس لي بهم صلة، فالعمل كثير وليس لدينا الوقت للاهتمام بهذه الأشياء، ثانيا بصفتي رئيسة منظمة أعرف جيدا وعلى اتصال بكل المواقع في مختلف أنحاء الجمهورية من خلال اجتماعات اللجنة المركزية للاتحاد والتي تمكننا من معاينة كل ولاية. أما قولك أن هذه فرصة لابرّد قلبي فأنا أجيبك بأنه اذا وصلت الأمور الى درجة أن أحد اعضاء اللجنة المركزية يأخذ الكلمة»ليبرد على قلبو» alors c>est trés grave. وانتهى الاجتماع الذي نقلت فيه خيبة أملنا بعد كل الحماس الذي أوليناه للاشتراكية في بداية المشروع، اذ كنا نظن أنها سوف تأتي بالعدالة الاجتماعية وتشيع الخير. محمد علي الحباشي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 18 أوت 2010)
تضامنا مع « جوعى البلاد » ناشط ليبي يضرب عن الطعام
خالد المهير-بنغازي انهى الناشط الليبي توفيق بن جميعة الاسبوع الاول من إضرابه المفتوح عن الطعام تعبيرا عن حقه في انتقاد « الأوضاع المزرية التي أدت بالمواطنين إلى انتظار فضلات محلات بيع الخضراوات والمواد الغذائية لسد جوعهم في هذا الشهر » كما يقول. وقرر بن جميعة (57عاما) وهو ناشط في مجال العمل الخيري، الامتناع عن أكل الأطعمة ، تضامنا مع آلاف الفقراء الليبيين، وللفت أنظار المسؤولين في الدولة لمأساة الأسر الليبية المحرومة من ثروة النفط، حسب قوله.. ويؤكد بن جميعة –الذي زارته الجزيرة نت بمحل سكنه بمدينة بنغازي- أنه أضرب بعد أن شاهد سيدة ليبية مريضة تنتظر رمي الفضلات أمام محل لبيع الخضراوات والفواكه للحصول على ما يسد رمق أطفالها، مشيرا إلى أن ما شاهده يندى له الجبين في دولة على بحيرة من النفط والغاز. وأبدى بن جميعة حزنه الشديد على تسول الشباب أمام أبواب المساجد في سبيل إنقاذ عائلاتهم من الأمراض والحصول على العلاج، في وقت تتمتع فيه « حفنة » من المسؤولين بالثروة. وعبر عن رفضه الركون إلى ما دعاها « السلبية والانصياع للواقع » مؤكدا أن احتجاجه جاء بعد قناعته بفشل إصلاحات سيف الإسلام نجل الزعيم الليبي معمر القذافي. وبحسب الناشط الليبي، الذي تبرع 128 مرة بدمه لمرضى في ليبيا وألمانيا وإسبانيا والنمسا وسويسرا، فإنه فشل في الحصول على ترخيص جمعية أهلية تعنى بالتبرع بالنخاع الشوكي. وبلغت أرصدة ليبيا في بنوك عالمية حتى عام 2008 ، وفق تصريحات المسؤولين للمصرف المركزي، تريليون (ألف مليار) دولار. ونشرت صحيفة « قورينا » المحسوبة على سيف الإسلام هذا الأسبوع أن ثلاثين عائلة ليبية فقيرة تتردد على ما تسمى « موائد الرحمن » للحصول على الطعام. وأظهرت صور نشرتها الصحيفة عائلات ليبية تجلس للحصول على المائدة الرمضانية مع العمالة الوافدة. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 18 أوت 2010)
تحذير من الفساد المستشري بالجزائر
أميمة أحمد-الجزائر يرى خبراء جزائريون أن الدولة تتكبد خسائر بمليارات الدولارات سنوياً نتيجة الفساد المستشري في أركانها، وبينما حمل بعضهم البرلمان والهيئات الرقابية الرسمية المسؤولية عن غياب الرقابة على إنفاق المال العام، اقترح آخرون ميثاقا وطنيا يحيل الرقابة إلى الشعب. فمن جهته يرى الخبير الإستراتيجي عبد المالك سراي أن الدولة بحاجة ماسة إلى آليات رقابة فعالة على إنفاق المال العام، وخاصة أموال برنامج التنمية الخماسي 2010-2014 الذي رصدت له الدولة 286 مليار دولار، وحمّل البرلمان والهيئات الرقابية الرسمية المسؤولية عن غياب مثل تلك الرقابة. وقال سراي في حديث للجزيرة نت إن خسائر الجزائر جراء الفساد تقدر بنحو خمسة مليارات دولار سنوياً، لكنه أقر بصعوبة مكافحة الفساد بسبب الخوف، لأن المتورطين في قضايا الفساد –حسب سراي- هم من كبار المسؤولين الذين لهم علاقات إنسانية واجتماعية مع الرقابة « فيتداخل الخاص بالعام فيتورط المراقب بالفساد ». من جهته وصف رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان المحامي بوجمعة غشير الفساد « بالداء المستشري في كل دواليب الدولة من أصغر مستوى إلى أكبره »، وقال إن « الجميع يسرقون والجميع يغطون على بعضهم »، مؤكداً أن الإفلات من العقاب يشجع انتشار الفساد. وتحدث غشير عما وصفه « بشراء المناصب »، حيث يدفع المرشحون مبالغ طائلة للترشح في قائمة مضمونة الفوز بالانتخابات، وبالتالي فإن النائب الذي فاز بالرشوة -حسب قوله- لا يمكنه مراقبة المرتشين حفاظاً على مكاسبه، خاصة أنه يتقاضى راتباً يعادل عشرين ضعف الحد الأدنى للأجر الوطني. ميثاق وطني من جهته يقدر الخبير الاقتصادي بشير مصيطفي خسائر الجزائر من تهريب الأموال إلى الخارج خلال العقود الأربعة الماضية بـ50 مليار دولار، مشيراً إلى أن البلاد أمام تحد كبير في إنفاق أموال برنامج التنمية الخماسي في ظل وجود آليات رقابة عاجزة عن مكافحة الفساد، و »قانون مكافحة الرشوة طبق على صغار الفاسدين وأفلت منه بارونات الفساد ». واعتبر مصيطفي أن تقرير منظمة الشفافية الدولية لعام 2009 والذي يضع الجزائر في المرتبة الـ111 بين دول العالم رغم تطبيقها قانون مكافحة الرشوة الصادر عام 2006، دليل على ضعف الرقابة في محاربة الفساد. ويقدم الخبير الاقتصادي اقتراحا يراه قاطعا مانعا للفساد، وهو ميثاق وطني أشبه بميثاق الشرف ينطوي على ضوابط تناقشها في جلسات وطنية كل قوى الدولة من الجيش والأمن والأحزاب والنقابات والبرلمان والمجتمع المدني والقضاء، ثم يوقعون على الميثاق. ويضيف أنه سيكون من حق جميع الموقعين على الميثاق مراقبة إنفاق المال العام، فتتوسع الرقابة عليه من رقابة أمنية وقضائية إلى رقابة شعبية، ويصبح ميثاقا أخلاقيا يسمح لأي مواطن بالسؤال عن كيفية إنفاق المال العام. الجلسات الرمضانية من ناحية ثانية قلل مصيطفي من أهمية « الجلسات الرمضانية » التي يعقدها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مع وزراء حكومته والتي استهلها مع وزير المالية عبد الكريم جودي، وقال إن الرقابة لا تكون بجلسة رمضانية. وكان بوتفليقة قد تعهد في أعقاب لقائه جودي بمحاربة الفساد، وتوعد بقطع اليد التي تمتد إلى المال العام وفق آليات عصرية لتسيير الاقتصاد بشفافية. أما غشير فقد اعتبر بدوره أن هذه الجلسات مجرد خطاب سياسي لا علاقة لها بالفساد، لكنها « تقليد جيد » من حيث استماع الرئيس للوزراء، « لكن الأجود أن يحاسب الوزراء بمقارنة نتائج عملهم بالسنة التي قبلها، فالمواطن بحاجة إلى الشفافية ». ومن جهته حذر سراي من انفجار اجتماعي ما لم تقم الدولة بالتغيير بعد رمضان بمعاقبة الفاسدين وتعويضهم بأكفاء ونزهاء، لأن تجمع الثروة بيد أقلية يهدد أمن البلاد واستقرارها. المصدر:الجزيرة (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 18 أوت 2010)
أخوان مصر يجمعون 540 ألف توقيع على مطالب إصلاحية
8/18/2010 القاهرة- قالت جماعة الإخوان المسلمين في مصر الأربعاء إن حملة إلكترونية بدأتها قبل 40 يوما أسفرت عن جمع أكثر من نصف مليون توقيع على مطالب إصلاحية تشمل إلغاء قيود دستورية على ترشح المستقلين لرئاسة الدولة. ورفع المطالب وعددها سبعة هذا العام المرشح المحتمل للرئاسة محمد البرادعي الذي عمل لمدة 12 عاما مديرا عاما للوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تتخذ من فيينا مقرا لها. وتبنت جماعة الإخوان المسلمين كبرى جماعات المعارضة في البلاد المطالب وأطلق مرشدها العام محمد بديع موقعا على الإنترنت الشهر الماضي لجمع التوقيعات. وقال موقع الجماعة على الإنترنت الأربعاء: تجاوز عدد الموقعين على المطالب السبعة للإصلاح رقم 540 ألف مواطن مصري في بداية اليوم الأربعين. وتشمل المطالب إنهاء حالة الطوارئ السارية منذ إغتيال الرئيس أنور السادات برصاص متشددين إسلاميين عام 1981 وإشرافا قضائيا كاملا على الانتخابات البرلمانية والرئاسية ورقابة محلية ودولية عليها وتمكين المصريين المقيمين في الخارج من المشاركة فيها. كما تتضمن المطالب تحديد مدتين للرئاسة وإلغاء تزكية للمرشحين المستقلين من المجالس النيابية المنتخبة التي يهيمن عليها الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم الذي يرأسه الرئيس حسني مبارك (82 عاما). وتتضمن كذلك توفير فرص متكافئة في وسائل الإعلام لجميع المرشحين وخاصة في الانتخابات الرئاسية. ويتعين إدخال تعديلات على الدستور حال إقرار هذه المطالب. وقال البرادعي (67 عاما) إنه مستعد للنزول إلى الشارع وقيادة مظاهرات كبيرة حين يصل عدد الموقعين على مطالب الإصلاح السبعة إلى مليون لكن مراقبين يتشككون في إمكانية مشاركة أعداد كبيرة من الموقعين على مطالب الإصلاح في مثل هذه المظاهرات التي يمكن أن تعتبرها السلطات تحديا مباشرا لوجودها حسبما قال محللون. وأكد نشطاء يجمعون توقيعات منفصلة على بيانات ورقية تحمل المطالب السبعة أنهم جمعوا نحو 300 ألف توقيع إلى الآن، الأمر الذي يجعل الوصول إلى رقم المليون مسألة أسابيع أو شهور على الأكثر. وقال البرادعي العام الماضي إنه مستعد لخوض انتخابات الرئاسة التي ستجرى عام 2011 إذا رفعت القيود على ترشح المستقلين وتوافرت ضمانات لنزاهة الانتخابات. وقال نشطاء في منظمات لمراقبة حقوق الإنسان إن الانتخابات الرئاسية التي أجريت عام 2005 شابتها مخالفات كثيرة لكن رئيس نادي القضاة السابق زكريا عبد العزيز الذي يحظى باحترام في دوائر المعارضة قال إن المخالفات لم ترق إلى تهديد شرعية انتخاب مبارك الذي نافسه على المنصب عشرة مرشحين حزبيين أبرزهم أيمن نور الذي سجن في نفس العام لمدة خمس سنوات لإدانته بتزوير أوراق تأسيس حزبه. وأفاد نور أن القضية ملفقة بهدف إبعاده عن العمل السياسي لكن الحكومة أشارت إلى أن القضية جنائية وأن عددا من مساعدي نور سجنوا معه فيها. وخرج نور من السجن العام الماضي لأسباب صحية بعد أكثر من ثلاث سنوات قضاها وراء القضبان. ولجماعة الإخوان المسلمين التي حظرت منذ محاولة نسبت إليها لاغتيال الرئيس جمال عبد الناصر عام 1954 مصلحة في تحقيق مطالب الإصلاح السبعة إذ يخوض أعضاؤها الانتخابات العامة بصفة مستقلين تفاديا للحظر. وتشغل الجماعة 86 مقعدا في مجلس الشعب الذي ستجرى انتخاباته الجديدة أواخر العام الحالي. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 18 أوت 2010)
وحدة السودان قلق مشروع وفعل مطلوب
الرسالة التي حملها الوزيران أحمد أبو الغيط وعمر سليمان إلى الرئيس عمر البشير والسيد سيلفا كير رئيس حكومة الجنوب في زيارتهما الأخيرة للخرطوم وجوبا كانت واضحة تماما ولا لبس فيها- فوحدة السودان من المنظور المصري تستحق كل جهد وكل عمل يحافظ عليها، فهي خيار استراتيجي لا يجب التفريط فيه بأية حال أيا كانت المصاعب والقيود التي تحيط بهذا الخيار لاسيما وان الفترة المتبقية على تطبيق الاستفتاء حول مصير الجنوب لا تزيد على ثمانية اشهر، وهي فترة قصيرة للغاية بالمقارنة مع حجم التحديات والمشكلات المطلوب مواجهتها من أجل الحفاظ علي جاذبية خيار الوحدة بالنسبة للمواطنين في الجنوب. ومع ذلك فلا خيار آخر سوى العمل والنشاط الدؤوب والفعل المحكم المبني علي وحدة المصير بين الشمال والجنوب- بين الشرق والغرب، بين كل بقعة من أرض السودان وحدة السودان في المنظور المصري ليست محل تشكيك، فهي دائما وأبدا الخيار الأول والأخير، والأسباب هنا ليست كما يتصور البعض مرتبطة بعامل مياه النيل، رغم أهميته القصوى، وإنما بجملة من العوامل المتكاملة والمتشابكة معا، فالسودان الموحد القائم علي المواطنة وحرية الاختيار يعني دولة قابلة للنهوض والبقاء ومواجهة الضغوط، ويعني أيضا لبنة من لبنات استقرار الإقليم ككل وهو أولوية مصرية كبري. ويعني ثالثا نقطة عبور إنسانية وحضارية لا يمكن تعويضها بين العروبة والافريقانية، وبمفهوم المخالفة فإن سقوط السودان الموحد ـ لا قدر الله ـ وانقسامه إلي دولتين أو أكثر سوف يعني بؤرة تصادم حضاري بين العروبة والافريقانية ومصدرا دائما للتوتر والصراع، وبابا واسعا لحروب أهلية من كل نوع بين أبناء وقبائل السودان، ومن ثم إقليما للصراع والأزمات التي لن يكون لأحد أيا كان قدرة علي التحكم فيها أو السيطرة عليها،هكذا هو قدر السودان الموحد أن يصبح نموذجا للعيش الحر والكريم لكل أبنائه أيا كان عرقهم أو دينهم و منطقتهم أو أسلوب حياتهم أو طريقة ملبسهم ومأكلهم، والتحدي الأكبر والمعروف للكافة هو أن تستمر وحدة السودان بالمعني الجغرافي كما هو موجود في الخريطة السياسية الراهنة، وفي الآن نفسه أن يصبح بلدا ديناميكيا متطورا وناهضا ونموذجا للتعددية والمشاركة الحرة، وهو تحد كبير يجب عدم التهوين منه، ومن ثم فهو مسئولية كل الأطراف وليس فقط الحكومة ، كما هو مسئولية دول الجوار والتي عليها أن تترفع عن الصغائر وألا تتوقع من انهيار السودان أو انقسامه أي جائزة أو منحة أو إضافة أو مصلحة يمكن تحقيقها، فالمصائب إن بدأت بانفصال السودان فلن ترحم أحدا، فبقاء السودان موحدا هو مسئولية تاريخية مشتركة بين الداخل والخارج، هذه المسئولية التاريخية تتطلب روحا جديدة وقناعات منفتحة والنظر إلي المستقبل والتغاضي عن أخطاء الأمس القريب? والأهم شعارات وسياسات واضحة تماما بلا مناورة أو مراوغة تدعم الوحدة قولا وفعلا، أما المواقف الملتبسة أو التي تقول الشئ وعكسه وترفع الشعار ونقيضه وتنهي المسئولية عن الذات وتلقي بها كاملة علي الآخر، فهي الوصفة السحرية ليس فقط للانفصال المريح عبر استفتاء شفاف، وإنما لحرب أهلية وشقاق دائم وكراهية في النفوس سوف يستحيل رفعها أو احتواؤها والسؤال هل ستعطش مصر قريبا؟وهل لا يوجد سوي الحرب لتأمين حقوق مصر المائية التاريخية، وكيف يمكن أن تساعد مصر السودان وهى بحاجة إلي مساعدة الكل للحفاظ علي حقوقنا المائية، وبالرغم من أن السؤال وتفريعاته عكست التباسا في فهم العلاقة الديناميكية بين المتغيرات التي تحكم علاقة مصر بملف مياه النيل وبالعلاقة الأبدية مع السودان الموحد، إلا أن السؤال عكس نوعا من القلق الشعبي المصري الفطري حول نمط الحياة الذى يعيشه المصريون ويتمحور حول مياه النيل كأساس للحياة في هذه البقعة المعروفة بمصر والمحصورة ما بين خط عرض-22- جنوبا وشواطئ البحر المتوسط شمالا، هذه الأسئلة وغيرها ذات الصلة تلقي بمسئولية كبري علي كل طرف يتناول هذا الملف الحساس والمثير معا، لا سيما في ضوء تكتل سبع دول من دول المنبع وقرارهم توقيع اتفاقية إطارية لنهر النيل، وبدون مشاركة من دولتي المصب ـ أي مصر والسودان ـ تلغي الحقوق التاريخية المكتسبة لهما، وتفرض آليات جديدة تنظم مياه النهر تتناقض مع قواعد القانون الدولي الملزمة لكل الأطراف، ،وبينما يتطابق الموقفان المصري والسوداني تجاه رفض أي اتفاق لا تشارك فيه كل الدول المشاطئة للنهر، وفي الآن نفسه التمسك بمبدأ المفاوضات كآلية وحيدة لحل أي مشكلات قانونية أو فنية، ومن ثم استبعاد حديث الحروب والمواجهة الشائع في بعض وسائل الأعلام الراغبة في الإثارة علي حساب مصالح الوطن العليا، وبهذا الإطار الكلي تصبح مسألة وحدة السودان خيارا مصيريا لمصر أيضا،وهنا يشيع منطقان في التفكير، الأول يري أن دولة جنوب السودان، إن رغب الجنوبيين في الانفصال، سوف تميل تلقائيا للوقوف مع دول منابع النيل السبع معبرة بذلك عن تحللها من أي التزامات تاريخية سابقة بشأن نهر النيل، والثاني يري أن الأمر ليس بهذه البساطة? فالجنوبيون إن حصلوا علي الانفصال من السودان الأكبر فهذا لا يعني تحللهم التلقائي من الالتزامات القانونية التي التزم بها السودان ككل? بل سيكون الجنوب ملتزما بهذه الاتفاقات التاريخية شأنه في ذلك شأن الشمال، فقاعدة توارث الالتزامات الدولية تنطبق هنا علي الجزءين المنفصلين كما تنطبق علي الكل الموحد? وبالرغم من ميلنا إلي المنطق الثاني? نعتقد أن حالة الانفصال المرتقبة أو علي الأقل التي يرجحها البعض ويعمل علي هديها البعض الآخر? ليست مرهونة بعامل مياه النيل وحسب?? فهي مرتبطة بالدرجة الأولي بوضع الجنوب في سياق الدولة السودانية ككل? ونحن في مصر ندرك ذلك جيدا?? وثمة علاقات متنامية مع كل الأطراف السودانية في الجنوب والشمال علي السواء،وثمة جهد سودانى مقدر يبذل للمساعدة في رفع مستوي المعيشة للجنوبيين عبر اقامة العديد من المشروعات التنموية في مجال الصحة العامة والتعليم والاتصالات وإقامة الطرق?? وذلك استنادا إلي قناعة بأن من حق أهل الجنوب? وهم الذين عانوا كثيرا جراء الحروب وسياسات التهميش التنموي?? أن يجدوا كل صنوف الدعم والمساندة الممكنة من الأشقاء والجيران?.وقد يري البعض أن شمال السودان وفقا لهذه السياسات يستعد لاحتمال الانفصال الذي يبدو مرجحا في ضوء المناكفات والمشاحنات التي ارتفعت وتيرتها بعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية الأخيرة? والتي قاطعتها بعض القوي السياسية في الشمال والجنوب معا، وفي عالم السياسة الدولية المعقد فإن التحسب لكل الاحتمالات يعد أمرا حكيما في حد ذاته، غير أن ربط تقديم صنوف المساندة التنموية للجنوب بهذا البعد وحسب لا يعبر عن حقيقة الحل الجنوبى والذي كما سبق القول ينطلق من مبدأ الحفاظ علي وحدة السودان وتعزيز فرص الوحدة الطوعية عبر الاستفتاء المرتقب مطلع العام المقبل، ويظل السؤال ضاغطا بقوة كيف السبيل إلي بقاء السودان موحدا؟ هنا تأتي إجابات عديدة من داخل السودان إحدى هذه الإجابات يدافع عن ضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية عريضة تشارك فيها كل القوي السياسية شمالا وجنوبا? ويكون بندها الوحيد استمرار السودان موحدا?? عبر حل كل الاشكاليات التي لم تحسم بعد?,? سواء في ترسيم الحدود ومشكلة ابيي وتنظيم العلاقة بين الشمال والجنوب ورفع مستوي المواطنة للجميع دون استثناء، وإجابة ثانية تري في عقد مؤتمر جامع أو ملتقي سوداني يجمع كل الأطراف يناقش أوضاع السودان ككل ـ كما يطالب بذلك الحزب الاتحادي بزعامة السيد الميرغني ـ ويقدم صيغة دستورية جديدة لسودان موحد يسعى للمستقبل هو الخيار العملي الوحيد،وعلي المنوال نفسه وإن بتعديلات بسيطة تدعو الحركة الشعبية لإقامة مؤتمر السودان الجديد ـ كما قال بذلك ياسر عرمان ـ من قوي الهامش والديمقراطيين?? ويكون بمثابة تنظيم واسع يضم حركات الهامش والقوي الديمقراطية ومؤسسات المجتمع المدني والأفراد في جبهة موحدة تدعو للسودان الجديد،علي أن يصاحب ذلك ترتيبات دستورية جديدة يسنها المؤتمر الوطني الحاكم والفائز في الانتخابات الأخيرة?? يكون هدفها دعم الوحدة الطوعية?,? وإحداث تغيير حقيقي في بنية السلطة المركزية في الخرطوم لصالح الجنوب ودارفور والشرق والمهمشين في وسط وشمال السودان?.مثل هذه الإجابات وبالرغم من وجود خلافات طفيفة في الطرح? إلا أنها تؤكد أن خيار الوحدة هو خيار كل السودان?? وان التحرك النشط هو مسئولية كل القوي سواء التي في المعارضة أو في الشارع أو في مؤسسات الحكم، إنها مسئولية تاريخية كبري أن تمنع انفصالا سيقود حتما إلي مآس كثيرة وحروب لن تستثني أحدا? لا في الداخل ولا في الخارج? ومن يتصور غير ذلك فهو من الواهمين، وعندها أيضا سيصبح موضوع الاستفتاء من أجل الانفصال? ولا نقول حق تقرير المصير? موضوعا جاذبا لكثير من المنظمات وحركات التمرد العاملة في عدد لا بأس به من دول وسط القارة السمراء?? لاسيما تلك المحيطة بالسودان الحالي?? كإثيوبيا وكينيا وأوغندا وغيرهم?? والتي تشهد جميعها حركات تمرد ضد الحكومات المركزية تطالب إما بالحكم أو السيطرة علي جزء من البلاد، وهو ما يؤكد أن الاستفتاء في الجنوب? وإن كان قضية تبدو سودانية بالأساس? إلا أن تداعياتها ونتائجها ستمس وتتفاعل مع كل دول الجوار شمالا وجنوبا،فمنذ الانتخابات العامة التي جرت في أبريل الماضي? وفوز المؤتمر الوطني بالغالبية الساحقة بمقاعد البرلمان القومي? وفوز الحركة الشعبية في الجنوب بغالبية مقاعد البرلمان الجنوبي?? فضلا عن فوز الرئيس عمر البشير بمنصب الرئيس?? وفوز سيلفا كير بمنصب رئيس حكومة الجنوب?? أصبح من اليسير النظر إلي الانتخابات باعتبارها مجرد بروفة للاستفتاء المقرر له يناير?2011? لمواطني الجنوب?? والذين يسودهم شعور غالب بأن الشمال لم يقدم ما كان يجب تقديمه من أجل جعل الوحدة الطوعية خيارا جاذبا? وأن الفترة المقبلة ليست كافية لاحداث الانقلاب في المشاعر والآراء بحيث يتحول الاستفتاء إلي تأكيد لخيار الوحدة الطوعية بدلا من الانفصال والاستقلال والابتعاد عن منغصات العلاقة مع الشمال،هذه المشاعر السائدة بين الجنوبيين تجسدها تحركات قيادات من الحركة الشعبية وتصريحات قوية تصب جميعها ناحية تعبئة المواطنين في الجنوب نحو الانفصال?? مع التحذير من مغبة عدم التوصل إلي اتفاقات مفصلة مع الشمال بشأن حسن تطبيق الاستفتاء وقبول نتائجه بصدر رحب، هكذا يمكن تلخيص نتائج جولة باقان اموم الأمين العام للحركة الشعبية في أروقة الأمم المتحدة حيث عقدت جلسة خاصة في مجلس الأمن لمراجعة تطبيق اتفاقية نيفاشا للسلام في الجنوب? وكذلك مع المسئولين الامريكيين ورجال الكونجرس، وقد وضح تماما أن هدف الحركة الشعبية هو اجتذاب التأييد الدولي لقيام دولة في الجنوب والاعتراف بها فور إعلانها والحصول علي الدعم المناسب لمساعدة الدولة الوليدة علي البقاء والاستمرار، وفي هذا السياق يلفت النظر أن خطاب الحركة الشعبية قد تخلي تماما عن مفرداته السابقة التي كانت تركز علي بناء سودان كبير ديمقراطي متعدد تسوده مبادئ المواطنة والمساواة?,? وأصبح خطابا تحريضيا علي إنشاء دولة للجنوب والابتعاد عن الشمال بكل ملابساته وشعاراته السياسية والدينية والإيديولوجية، وهكذا كسب الاستقلاليون الجولة الأخيرة?? وبات علي الوحدويين الانزواء خلف المقاعد حسب تعبيرات سيلفا كير نفسه،يقول أموم في أحد تصريحاته إن قطار الوحدة بين شمال السودان وجنوبه قد ولي?..? ولم تبق قطرة أمل واحدة لوحدة السودان?..? إلا إذا قام المؤتمر الوطني باحتلال الجنوب عسكريا?..? وبالتالي فلن تكون وحدة?..? وإنما احتلال?? وفي تصريح آخر يقول إن الجنوبيين يرون أن حزب المؤتمر الوطني ـ الذي يقود الحكومة في الخرطوم بزعامة الرئيس عمر البشير ـ قد فشل في أن تكون الوحدة جذابة?? وان ذلك يعني أن الجنوبيين سيختارون الاستقلال، أما رئيس حكومة الجنوب سيلفا كير فيقول بوضوح لايفكر أحد أنني سأطلب من الجنوبيين التصويت للوحدة?? أنا لا أستطيع أن افعل ذلك? سآخذ مقعدا في الخلف واترك الحديث للآخرين ومسألة الاختيار سأتركه للشعب الجنوبي لأن يقول كلمته، وفي إطار التعبئة والحشد الجماهيري تنظم منظمات مدنية مسيرات ترفع شعارات تؤكد ضرورة الاستقلال?,? وتجعل يوم التاسع من كل شهر مناسبة لترديد هذه الشعارات حتي تظل جذوة الرغبة في الانفصال قوية ومشتعلة،في المقابل نجد الرئيس عمر البشير في خطابه أمام حكومته التي شكلها من?77? وزيرا?,? منهم عدد محدود من الجنوب? يدعو إلي ما أسماه بنفرة الوحدة?,? وواضعا هدفين أساسيين لحكومته وهما استمرار السودان موحدا?? والتنمية والسلام في دارفور، وهما مهمتان كبيرتان قياسا للمدي الزمني المتاح والذي لا يزيد عن نصف عام، خاصة وأن القوي السياسية في الشمال? ومنها تلك الأحزاب التي انسحبت من العملية الانتخابية?? وتقول بتزوير الانتخابات لصالح المؤتمر الوطني الحاكم?لا تبدو مستعدة للقيام بأي دور من أجل تعبئة مشاعر الجنوبيين من أجل بقاء السودان موحدا من جانب?? وتطوير بنائه الديمقراطي التعددي من جانب آخر، وهنا تبدو المقارنة بين تيار الانفصال الساري بقوة بين الجنوبيين وتيار الوحدة الطوعية مقارنة لا معني لها? أو بالاحري لصالح التيار الأول، بل يمكن القول أن الشمال بحكومته الاتحادية وقواه السياسية وحزبه الحاكم أقرب إلي قبول الانفصال رغم بعض التحذيرات التي يقول بها مسئول هنا أو هناك من إن الانفصال قد يؤدي إلي كوارث ومواجهات وحرب اهلية بين الجنوبيين أنفسهم? أو بين الشمال والجنوب،المهم أن السودان الحالي لن يبق طويلا علي حاله?? سيتم تقسيمه إلي دولتين?? الأولي في الشمال وعاصمتها الخرطوم?? التي ستتحول بعد الاستفتاء من عاصمة قومية لكل السودانيين إلي عاصمة لهؤلاء الذين سيرضون بالعيش في المناطق والولايات الشمالية، وفي المقابل ستتحول جوبا من عاصمة إقليم الجنوب إلي عاصمة دولة الجنوب، والفارق شاسع بين الأمرين،المهم أيضا أن الانفصال عبر الاستفتاء لن يكون خاليا من المشكلات والمعضلات الكبري?? التي ربما ستحول الانفصال إلي عملية مخاض صعبة قد يتخللها بعض مناوشات حربية في المناطق الحدودية أو في المناطق ذات القيمة الاقتصادية الكبري بصفتها المنتجة للنفط?? وفي المقدمة منطقة آبيي، وما لم يتم ترسيم الحدود بصفة نهائية بين إقليم الجنوب وإقليم الشمال?? وما لم يتم الاتفاق علي تفاصيل محددة لتقاسم عائدات الثروة النفطية التي تنتج في الجنوب وتصدر عبر الشمال? ويحدد وضع منطقة ابيي بكل دقة?? فإن عملية الاستفتاء نفسها قد لا تمر علي خير? وبدلا من أن تشكل خطوة أولي نحو انفصال سلمي وفقا لاتفاق نيفاشا للعام2005،- فقد تتحول إلي عامل تفجير حرب ضروس لن يستطيع أحد كيف يمكن السيطرة عليها لاحقا،هذا الأمر يعني أن الشهور الستة المقبلة تتطلب خطة واضحة ومواقف مسئولة سواء من أهل السودان ككل، أو هؤلاء الذين يجاورونه وليس أمامهم سوي التعامل العقلاني مع خيار الوحدة الطوعية خيارا جاذبا لان الانفصال سيأتي بنتائج عكسية علي المدي المتوسط والقريب، كما أن البقاء بعيدا عن مربع العمليات لن يكون خيارا مفيدا، فالمطلوب هو التحرك الواعي من أجل بناء علاقات وشبكة تفاعلات مع كل من الشمال والجنوب بحيث تسمح بوقف أي تدهور سياسي أو أمني قد يحدث لأي سبب كان كما أن المطلوب هو التجاوب مع رغبات الجنوبيين مع توضيح شفاف عبر اتصالات دائمة ومتكررة بما ينطوي عليه خيار الانفصال من أعباء ومخاطر محتملة?? وفي الوقت نفسه إبداء الاستعداد الكامل لتقديم كل صنوف العون والمساعدات من أجل بناء هياكل الدولة الجديدة وحسن الإدارة فيها، فضلا عن التمسك بعدم التدخل في خيارات الجنوبيين بأي شكل كان وإفساح المجال أمام تفاعلات شعبية ومبادرات مدنية لتوثيق العلاقات مع المنظمات المناظرة في الجنوب،إن استقلال الجنوب أو انفصاله لا يعد قضية سودانية وحسب، علي الأقل من منظور النتائج والتداعيات المرتقبة، فكل أبناء الإقليم المحيط بالسودان الحالي معنيون بشكل أو بآخر بأن يتم الاستفتاء في موعده وبصورة نزيهة تعكس خيارات الجنوبيين دون إكراه، فالمطلوب ليس الوصول إلى قرار الاستقلال وحسب، بل بناء دولة قادرة على العيش والتقدم وتحقيق الأمن والسلام لكل أبنائها ولكل من يرتضي العيش في جنباتها، إن الإقليم بحاجة إلي دولة جديدة تكون مصدرا للاستقرار والتفاعل الحر مع جيرانها، وليس بحاجة إلى دولة تثير المشكلات والتوترات والحروب. (المصدر:موقع الصحافة الإلكتروني( السودان) بتاريخ 18 أوت 2010)
كشف عن قرار بمنعه من الكتابة والظهور في إعلام الضفة عمرو: أخجل من ذكر إنجازات « فتح » في السنوات الأخيرة
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام
كشف نبيل عمرو، القيادي في حركة « فتح »، أن سلطة محمود عباس في رام الله، أصدرت قراراً بمنعه من الكتابة في الصحف الصادرة في الضفة أو الظهور على فضائية تلك السلطة.
وقال عمرو في مقالة له اليوم الثلاثاء (17-8)، وصلت « المركز الفلسطيني للإعلام » نسخة منها، عرض فيها جوانب من الواقع المزري في حركة « فتح »: « سأظل في الميدان أقول الحقيقة رغم محاولة سلطة بكاملها محاصرتي، سواء بمنعي من الكتابة حتى في الصحيفة التي أسستها، مع منعي بقرار رسمي من الظهور على شاشات التلفزيون الوطني »، لافتاً النظر إلى إجرائها اتصالات مع فضائيات عديدة كي لا يظهر على شاشاتها بزعم أن ذلك « يغضب الكثيرين ».
وأقر عمرو، الذي شغل منصب سفير السلطة في القاهرة وأنهى مهام منصبه إثر خلاف مع عباس وفريقه، بحالة الترهل ومسيرة الفشل التي تصاحب حركة « فتح » في الآونة الأخيرة، لافتاً إلى أنه قرأ قبل أيام عرضاً لانجاز السنوات التي غاب عنها عرفات… وقال « أخجل حتى من ذكر ولو واحدة منها ».
واستعرض بعض الخطايا التي وقع فيها قادة « فتح »، مبيناً أنه حين تعرضت غزة للعدوان الصهيوني الغاشم، كان هنالك الكثير كي يقال باسم فتح، « غير الكلام المخجل الذي قيل على السنة كثيرين ممن هم الآن في الواجهة »، في إقرار متأخر من كادر كبير بتواطؤ قيادات من « فتح » مع العدوان الصهيوني وانتقاد لتصريحات التشفي والاستعداد للعودة على ظهر الدبابة الصهيونية في حينه.
وأضاف « حين وقعت فضيحة تأجيل التصويت على تقرير غولدستون توالدت عنها جملة فضائح، كان أبطالها الناطقون الرديئون الذين نصبوا أنفسهم مدافعين عن قرارات السلطة، بينما حقيقة ما فعلوا أنهم جعلوا الناس يكرهون السلطة ويزدرون قراراتها، وطريقتها السطحية في ستر عوراتها ».
وتابع مستعرضاً ما جرى عقب تلك الأحداث متسائلاً: « ألم يقل قائد فلسطينيي أننا لا نعرف من اتخذ القرار، ألم يقل قائد آخر لقد اتخذ القرار لحكمة من جانب الرئيس لتأمين أكبر قدر من الأصوات.. ألم يقل قائد آخر .. إن قرار التأجيل كان خطأ فادحاً، ألم يقل قائد آخر .. إن مندوب باكستان هو من اتخذ القرار .. وهكذا ».
وقال نبيل عمرو: « لو جمعت تصريحات رجال السلطة أو بتعبير أدق، أقرب الأقربين للرئيس، لوجدت استحالة إيجاد تصريح واحد منطقي وجدي، كلها كانت بدافع التنصل مما حدث ».
وأشار إلى أنه « ما إن خلصنا من غولدستون، الذي كانت حكايته أشبه بمسلسل رمضاني شديد التشويق لكثرة ما فيه من مفارقات.. دخلنا في حكاية المفاوضات والاستيطان ».
وقال « توقف « الرئيس » (منتهي الولاية) عن المفاوضات، وأعلن أنه لن يعود إليها إلا إذا تم تجميد الاستيطان أولاً في القدس وثانيا في الضفة.. وحين اقتُرحت صيغة المفاوضات غير المباشرة .. قال كل الذين تحمسوا لها فيما بعد، إنها أخطر علينا من المباشرة لذا فلن نذهب إليها ».
ويضيف: « بعد ضغط كثيف أو خفيف، ذهب الرئيس إلى المفاوضات غير المباشرة ومضى نتنياهو في الاستيطان والطلب من العالم، إن يضغط على عباس كي يأتي إلى المفاوضات المباشرة دون قيد أو شرط، وظهرت على الشاشات الوجوه إياها تندد بالمفاوضات المباشرة وتهاجم أمريكا التي تخلت عنا، على اعتبار أنها أبانا وأمنا ».
وقال « حين نعود إلى المباشرة حاملين ورقة توت مخرومة ومليئة بالثغرات؛ سنجد من يعتبر ذلك انجازاً « غير مسبوق »، وهذه الكلمة أصبحت كثيرة التداول في مرحلة التخبط والعجز وادعاء الانجازات المزورة ».
وأشار إلى « مهزلة » تأجيل الانتخابات المحلية في الضفة الغربية وتبريرات قادة « فتح » المختلفة حولها، مؤكداً أنها « تبريرات متناقضة وحظيت بسخرية الجمهور، في حين كانت الفضيحة تأتي من قائمة نابلس وفضائح قوائم الخليل – ورام الله، حيث لم تنجز ولو قائمة واحدة، رغم انسحاب حماس من اللعبة .. كي تُظهر أن فتح لا تستطيع فعل شيء حتى في منطقة سيطرتها المطلقة! ».
كما أشار إلى « مهزلة » المؤتمر السادس، وقال « لا أريد أن أتحدث عن مؤتمر فتح، والقرارات وكيفية تطبيقها والخلل الذي أصاب المؤتمر وافرز النتائج التي يراها العالم كله.. حتى أن القائد العام خليفة عرفات محمود عباس قال .. لو كنت أعلم أن الأمور ستصبح هكذا لما تورطت بعقد المؤتمر أساساً ».
(المصدر:موقع المركز الفلسطيني للإعلام بتاريخ 17 أوت 2010)
أردوغان في مرمى الضغط الأمريكي الإسرائيلي
* ياسر الزعاترة كتبنا هنا غير مرة حول موجة الضغوط الأمريكية الغربية المشددة على حكومة أردوغان في تركيا ، والتي دفعتها نحو تراجع تدريجي عن مواقفها السابقة حيال الدولة العبرية التي اتخذتها إثر مجزرة أسطول الحرية ، وهو التراجع الذي بدأ بلقاء بروكسل السري الذي فضحته الدوائر الإسرائيلية ، ومن ثم هدوء الخطاب التركي وتراجع مسلسل الشروط المتعلقة بعودة العلاقات إلى سابق عهدها ، فيما قدم الإسرائيليون من طرفهم بعض التراجع بقبولهم اللجنة الدولية للتحقيق في مجزرة أسطول الحرية. اليوم تتكشف خيوط جديدة حول مستوى الضغط الأمريكي الإسرائيلي على أردوغان ، إذ نقلت صحيفة « فايننشال تايمز » البريطانية عن مسؤول أمريكي معلومات مهمة حول الضغوط التي تعرض لها أردوغان من قبل أوباما أثناء لقائهما على هامش قمة العشرين في كندا ، حيث ركز الأول على موقف تركيا من الدولة العبرية ومن إيران ، مشيرا إلى تصويت تركيا ضد قرار العقوبات على إيران في مجلس الأمن ، إلى جانب التصعيد المتعلق بمجزرة أسطول الحرية. أوباما وصف السلوك التركي في الحالتين بأنه يبتعد عن روحية التصرف كحليف ، فيما هدد بأنه سيوقف صفقات الأسلحة (طائرات حديثة) الضرورية لمواجهة التمرد الكردي ، فضلا عن مواجهة مرحلة ما بعد انسحاب القوات الأمريكية من العراق. والحال أن تهديدات من هذا النوع ستمنح عسكر تركيا مزيدا من أوراق الضغط على أردوغان ، حيث ستسهل اتهامهم لحكومته بتهديد الأمن القومي التركي عبر مغامرات سياسية غير محسوبة ، لا سيما أن الجيش والعلمانيين ليسوا راضين بحال عن موقف الحكومة من تل أبيب وحركة حماس. لم يتوقف الضغط الأمريكي الإسرائيلي عند ذلك ، بل تجاوزه نحو تقارب إسرائيلي يوناني واضح تدعمه واشنطن ، ويتمثل ذلك في زيارة نتنياهو الحالية لليونان ، والتي تستغرق يومين ، حيث يجري التلويح لأنقرة بأن الخيارات الإسرائيلية ليست معدومة ، وأن بوسعها استبدال الحليف التركي باليوناني ، تحديدا فيما يتصل بالعلاقات الأمنية والعسكرية ، الأمر الذي أكدته اليونان عبر جملة من المواقف والتصريحات. ولا ننسى الإشارات المتعددة حول أصابع إسرائيلية تقف خلف التصعيد العسكري لحزب العمال الكردستاني. منظومة الضغط الأمريكي الإسرائيلي ذهبت أبعد من ذلك ، إذ جرى استنفار خصوم آخرين لتركيا ، فهذا زعيم صرب البوسنة ميلوراد دوديتش يزور تل أبيب ، ومن هناك يوجه انتقادات لسلوك تركيا في الملف البوسني. هذه الموجة من الضغوط على تركيا لا تخرج في واقع الحال عن إطار التعاطي الأمريكي التقليدي مع الهواجس الإسرائيلية ، حيث يعلم الجميع أن مواجهة المشروع النووي الإيراني تشكل جزءا من تلك الهواجس ، وإلا فأين هو التهديد الذي تشكله إيران لأمريكا حتى لو امتلكت سلاحا نوويا بالفعل؟، كل ذلك يكشف بدوره مدى التماهي الذي تسجله إدارة أوباما مع السياسات الإسرائيلية خلافا للانطباع الأولي الذي حاولت إعطاءه خلال شهورها الأولى ، لكنه يكشف من جانب آخر عمق الأزمة التي يعيشها أردوغان وحكومته بين مطرقة الضغط الأمريكي الغربي الذي تسنده مواقف داخلية من طرف العسكر والقوى العلمانية المتطرفة ، وبين سندان الضغط الشعبي الذي لا يريد للعلاقات التركية الإسرائيلية أن تعود لسابق عهدها بأي حال حتى لو اعتذرت تل أبيب عن جريمتها ، الأمر الذي لم يحدث ولن يحدث في واقع الحال. كل ذلك بينما يخوض أردوغان معركته الداخلية المتعلقة بتغيير الدستور. هي معركة لا يُعرف كيف ستنتهي ، لكن أردوغان لن يتجاوز الأزمة إلا بالانحياز للشارع الشعبي القادر على منحه سياج الحماية الأهم ، من دون أن يدفعه ذلك إلى تجاهل التكتيك السياسي الناجح في سياق التعامل مع الضغوط الخارجية وتواطؤ بعض الداخل معها ، إلى جانب تواطؤ بعض العرب أيضا ، معطوفا على ضآلة المصداقية الإيرانية التي أخذت تستثير بدورها بعض الحساسيات التركية ، بخاصة في الملف العراقي. (المصدر: صحيفة « الدستور(يومية -الأردن) الصادرة يوم 18أوت 2010)
أوغلو: لا يمكن لأي بلد في العالم أن يحذّر تركيا أو رئيس وزرائها
أنقرة ـ يو بي اي: نفى وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو امس الثلاثاء تقارير إعلامية عن تحذير الرئيس الامريكي باراك أوباما لرئيس الحكومة التركي رجب طيب أردوغان من أن فرص أنقرة في الحصول على أسلحة أميركية ستكون ضئيلة ما لم تغير موقفها من إسرائيل وإيران، وقال انه لا يمكن لأي بلد في العالم أن يحذّر بلاده أو رئيس وزرائها . ونقلت وكالة أنباء الأناضول عن الوزير التركي قوله امس ان ‘مثل هذا الأمر ليس موضوع نقاش: الولايات المتحدة وتركيا حليفان استراتيجيان’.
وكانت صحيفة ‘فايننشال تايمز’ البريطانية ذكرت الاثنين أن أوباما أبلغ شخصياً أردوغان على هامش قمة مجموعة العشرين في مدينة تورنتو الكندية في حزيران (يونيو) الماضي، أن تركيا فشلت في التصرف كحليف في التصويت في الأمم المتحدة على فرض عقوبات ضد ايران في الشهر نفسه.
ونسبت الصحيفة إلى مسؤول وصفته بالبارز في الإدارة الامريكية قوله إن أوباما ابلغ أردوغان أن بعض الإجراءات التي اتخذتها تركيا ‘أثارت تساؤلات في الكونغرس بشأن ما إذا كنا نثق بتركيا كحليف، وهذا يعني أن بعض الطلبات التي قدمتها لنا، مثل تزويدها بأسلحة لمحاربة حزب العمال الكردستاني، ستواجه صعوبة في الحصول على تصديق الكونغرس’. وقال أوغلو ‘لا يمكن لأي دولة في العالم أن تحذّر تركيا أو تعبر عن موقف كهذا تجاه رئيس الوزراء التركي. كان اللقاء في تورنتو ودّياً وعُقد انسجاماً مع العلاقات بين بلدين حليفين’.
وتابع ‘كان لقاء بين زعيمي بلدين يتمتعان بالسيادة ومتساويين بالكامل لذلك فإن مثل هذا التحذير أمر مستحيل ومثل هذه التقارير الإخبارية لا تعكس الواقع’.
وأضافت ان أوباما دعا تركيا إلى تخفيف لهجتها بشأن الهجوم الذي شنته إسرائيل في 31 أيار (مايو) الماضي على أسطول السفن الذي كان يحمل مساعدات إلى قطاع غزة وأدى إلى مقتل تسعة أتراك.
ونفى البيت الأبيض لاحقاً هذا التقرير، وقال مساعد المتحدث باسم البيت الأبيض بيل برتون ‘لا ادري من أين جاؤوا بذلك’. وأوضح أن ‘الرئيس وأردوغان تحادثا منذ 10 أيام وتطرقا إلى إيران والى الأسطول (الحرية) ومواضيع أخرى مرتبطة بهما’.
(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 18 أوت 2010)
إسقاط الجنسية عن «الوطني من أصل أجنبي» يؤدي الى إشكالات دستورية معقدة
باتريك فاي * عن «كوكس أند فوركون».
الإجراء الذي اقترحه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، والقاضي بنزع الجنسية عن فرنسيين من أصول أجنبية دينوا بقتل شرطيين، ينتهك حداً، ويُعمله إعمالاً سياسياً مباشراً فالحق في الجنسية أو التابعية صار، منذ إجراءات نزع الجنسية الجماهيرية بأوروبا في النصف الأول من القرن العشرين، حقاً مطلقاً وغير مقيد. فلا تسقط الجنسية عن مواطنين إلا في أحوال استثنائية، ولا تعود صلاحية الإسقاط الى السلطة التنفيذية. ومن يصغي الى نيكولا ساركوزي يخال أن في وسعه حرمان فرنسيين من جنسيتهم الوطنية. ومثل هذا الإجراء يقتضي، قانوناً ودستوراً، موافقة مجلس الدولة (أو المحكمة العليا). والإجراء، في حال إقراره، يقبل الاستئناف.
والفرنسيون المجنسون، وهم يملكون جنسية سابقة أجنبية ويتمتعون بها، وحدهم يجوز الرجوع في تابعيتهم المكتسبة والجديدة. وفي فرنسا إجراء سنوي واحد، أو إجراءان في هذا الباب. والمسوغ هو إما الحرب أو الإرهاب أو الإساءة الى مصالح الأمة الأساسية. وهذا نظير القنبلة الذرية، يقصد به الردع ولا يستعمل فعلاً. وثمة، على الدوام، إجراءات استثنائية في أحوال استثنائية. ومن بين الإجراءات القانونية الموجودة تلك التي تنص على إقالة رئيس الجمهورية، وإبطال ولايته. ولا يعمد أحد الى إعمالها، والمطالبة بذهاب نيكولا ساركوزي.
وفي عهد حكومة ليونيل جوسبان (1997 – 2002)، وقّعت فرنسا على اتفاق مجلس أوروبا، وهو يحظر خلع الجنسية بموجب الحق الجزائي العام. ويقيد الاتفاق الاوروبي نزع الجنسية بالأعمال التي تهدد مصلحة الدولة العليا، في أحوال الحرب والإرهاب والخيانة. وفرنسا لم تبرم الاتفاق هذا. وعلى المجلس الدستوري أن ينظر في احتمال الخطو الى الوراء. فهل يسع اقتراح نيكولا ساركوزي حيازة القبول؟ دائرة نفاذ الاقتراح أضيق من تلك التي نص عليها مرسوم 18 تشرين الأول (اكتوبر) 1945، واستمر مفعوله الى 1998، وكان يجيز إسقاط الجنسية عن مجرمين دينوا بعقوبة سجن تبلغ 5 أعوام أو أكثر.
وفي 1996، سوغ الجلس الدستوري نزع الجنسية عن المدانين بالإرهاب، ولم يبطل المسوغات الأخرى مثل الإساءة الى مصالح الأمة الأساسية. ولكن المجلس أوجب أصل المساواة بين الفرنسيين كلهم، ولم يقر نزع الجنسية عن الإرهابيين إلا بناء على فداحة أعمالهم. ولا يبدو أن مقترحات بريس هورتفو (وزير الداخلية الفرنسي) تدخل في هذا الباب. وتعدد الزوجات، وهو مسوغ إسقاط جنسية كذلك في مقترحات نيكولا ساركوزي ووزير الداخلية، ليس جريمة. وقد يدان متلبس بالختان بالسجن سنتين مع وقف التنفيذ. وقد يرى المجلس الدستوري في إسقاط الجنسية، في مثل هذه الأحوال، انتهاكاً للمساواة بين المواطنين وعقوبة مضاعفة لا مبرر لها.
وإلى اليوم، نصت القوانين على إسقاط الجنسية عن أشخاص ولدوا أجانب وصاروا فرنسيين. وعلى نيكولا ساركوزي جلاء من يقصد اليوم بكلامه، وإجرائه المقترح. ففي فرنسا ملايين الفرنسيين من أصل أجنبي، يتحدرون من والد أجنبي أو والدة، أو ربما من جد أو جدة. والقانون ينهى، منذ 1998، عن التسبب في حال انعدام جنسية (أو «بدون») جراء نزعها أو إسقاطها. وعليه، ينبغي أن يقصد بالإجراء مزدوجي الجنسية. ورجوع نيكولا ساركوزي عن الأصل أو المبدأ هذا نكوص غير مقبول، ولا يلقى في الخارج إلا الاستنكار والاحتجاج. وينبغي التذكير بأن فرنسا وقعت على عهدين دوليين، الأول في 1961 وينص على محاربة حال انعدام الجنسية («البدونية») والثاني هو عهد مجلس أوروبا في 1997 ويحظر التسبب بانعدام الجنسية جراء إسقاطها. ولكنها لم تبرمهما.
واقتراح رئيس الدولة يناقض إبطاله العقوبة المضاعفة، أي طرد الأجانب في أعقاب خروجهم من السجن وقضائهم عقوبتهم الأولى. ويبدو نيكولا ساركوزي مزدوجاً. فمن 2002 الى 2005 أراد ألا يحمل على شارل باسكوا، وزير الداخلية الأسبق والمعروف بقمعه الشديد، ورغب في استمالة اليسار. فأنشأ المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، وقيّد العقوبة المزدوجة. ولما بدا له أنه لا يكسب تأييد الناخبين المسلمين، وأن الأصوات التي قد يكسبها في صف «الجبهة القومية» اليمينية يفوق عددها عدد اصوات الناخبين المسلمين، سعى في استمالة ناخبي «الجبهة القومية». ودعاه هذا الى إنشاء وزارة الهجرة والهوية الوطنية في 2007.
ولا أرى أن التوسل بمثل هذه السياسة مجز أو مثمر. فسياسة نيكولا ساركوزي تؤدي الى خسارة اليمين الجمهوري قيمه ومثالاته. وفي أثناء الأعوام 1977 – 1980، أراد فاليري جيسكار – ديستان، الرئيس الأسبق، إرجاع معظم المهاجرين المغاربة الذين دخلوا فرنسا وأقاموا بها من طرق غير مشروعة، الى بلادهم. فحال بينه وبين تنفيذ خطته الديغوليون والمسيحيون الديموقراطيون من غالبيته، وتجرأوا على معارضته. وأياً كان مصير المقترحات التي يلوح بها، ومآلها العملي الذي نجهله، فالأقوال هذه يترتب عليها ضرر كبير يلحق بالأشخاص الذين يرون أنهم مقصودون بها، ويسمعون على الدوام تنديداً حاداً ببعض شعائرهم الدينية غير المألوفة، وبالإجرام، وغير هذا.
ومنذ بعض الوقت، يجد نيكولا ساركوزي نفسه في موقع الأقلية في مناقشات تتناول الرواتب التقاعدية أو قضية ويرت – بيتانكور. وهو يأمل باستعادة الغالبية في مسائل مثل الغجر والجانحين والهجرة. ولكن نيكولا ساركوزي هو رئيس الفرنسيين كلهم، وواجبه جمعهم. وعلى هذا، فكلامه على «فرنسيين من أصل أجنبي» خطير.
ولا شك في أن الإجراء الأعمق والأعرق أثراً هو الإجراء الذي يبطل اكتساب الجنسية الفرنسية تلقائياً في سن الـ18. وإقرار الإجراء هذا يلزم 30000 شاب باستخراج سجل عدلي، مرة في السنة، والبرهان على أنه لا حكم عليهم. ومن دينوا بحكم، تلغى جنسيتهم الفرنسية، ولا يحق للدولة طردهم لأنهم ولدوا على الأرض الفرنسية. وحالهم هي حال منفيي الداخل أو المجردين من الأهلية الوطنية، وموصومون بهذه الوصمة. فهل يؤاتي هذا الأمن العام ويقويه؟ أشك في ذلك. فمنذ 1989، يكتسب الولد المولود من والدين أجنبيين على الأرض الفرنسية الجنسية تلقائياً حال بلوغه رشده. ونص استثناء، بين 1993 و1998، على وجوب إعلان الشباب هؤلاء، بين عامهم السادس عشر وعامهم الواحد والعشرين، إرادتهم الحصول على الجنسية. ولم يقيد الاستثناء غير الراشدين. والذين لم يشهروا إرادتهم في عامهم الثامن عشر، ودينوا بجرائم تيسير البغاء وتجارة المخدرات، إلخ، قضى القانون بخسارتهم الجنسية. والحق أن علامات انعطاف سياسي تتواتر. فمنذ الأول من تموز (يوليو) يعود الى المحافظين (على رأس إدارة المحافظات)، وكثرتهم من جهاز الشرطة، البت في معاملات التجنيس، على خلاف سياسة مركزية انتهجت منذ 1944، وخلصت المداولة من تأثير النفوذ المحلي والبلدي.
* مؤرخ اختصاصي في قضايا الهجرة وصاحب كتاب «من هو الفرنسي؟ تاريخ الجنسية الفرنسية منذ الثورة الكبرى» (2005)، عن «لوموند» الفرنسية، 3/8/2010، إعداد وضاح شرارة
(المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 18 أوت 2010)
طهران حذرت من تداعيات أي هجوم بولتون: على إسرائيل مهاجمة بوشهر
قال مندوب الولايات المتحدة السابق لدى الأمم المتحدة جون بولتون إن على إسرائيل أن تهاجم محطة بوشهر النووية الإيرانية قبل وصول شحنة الوقود النووي الروسية، في وقت حذر فيه وزير الدفاع الإيراني أحمد وحيدي من أن وجود إسرائيل سيتعرض للخطر إذا ما هاجمت المحطة الإيرانية. وقال بولتون في لقاء تلفزيوني إن على تل أبيب أن تهاجم المفاعل النووي الإيراني قبل وصول الوقود النووي الروسي إليه. ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت في موقعها الإلكتروني الثلاثاء عن بولتون تشكيكه لدى سؤاله عن الكيفية الفعلية لشن هجوم على المفاعل الإيراني، وقال « أخشى أن تكون إسرائيل قد فقدت تلك الفرصة ». وفي توضيحه لهذا الموقف، قال بولتون بحسب الصحيفة إنه من المتأخر بالنسبة لإسرائيل أن تشن هجوما عسكريا على المنشأة النووية الإيرانية لأن أي هجوم سيثير إشعاعا سوف يؤثر على المدنيين الإيرانيين. وأضاف أنه بمجرد وصول اليورانيوم واقتراب قضبان الوقود من المفاعل وبمجرد دخولها المفاعل فإن مهاجمة المحطة يعنى إطلاق الإشعاع النووي. رغم ذلك قال المسؤول الأميركي السابق « إذا كان لإسرائيل أن تهاجم المفاعل فليس أمامها سوى الأيام القليلة القادمة ». واعتبر أن غياب وقوع هجوم إسرائيلي يعني أن إيران ستحقق إنجازا لم يحققه عدو آخر لإسرائيل وللولايات في الشرق الأوسط وهو مفاعل نووي يعمل. وانتقد بولتون الدور الروسي في تطوير المحطة النووية قائلا إن « الروس يلعبون على الجانبين كدأبهم دائما ». إسرائيل في خطر في مقابل هذه التصريحات، أكد وزير الدفاع الإيراني أحمد وحيدي أن وجود إسرائيل سيتعرض للخطر إذا ما هاجمت محطة بوشهر النووية الإيرانية. وردا على سؤال عن ادعاءات إسرائيل بمهاجمة محطة بوشهر النووية في موعد تشغيلها، اعتبر وزير الدفاع الإيراني هذه التصريحات مؤشرا على أن « الأعداء في الأساس يعارضون تقدم إيران لأن جميع أنشطة هذه المحطة النووية معلومة ومدنية بحتة ولا يوجد أي سبب لإيقاف عملها ». وقال وحيدي « إنه إذا هاجمت إسرائيل محطة بوشهر النووية فإن إيران ستخسر محطة نووية، وفي المقابل سيكون وجود الكيان الصهيوني في خطر ». فقدان القيمة من جهته حذر رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي من أن مهاجمة محطة بوشهر تعد جريمة دولية لأن عواقبها لن تقتصر على إيران بل سيكون لها تأثير يتجاوز المنطقة. ضمن نفس الموضوع، قال متحدث باسم الخارجية الإيرانية رامين مهمنباراست إن « تكرار هذه التهديدات أفقدها قيمتها ». وأضاف « بالرجوع إلى القانون الدولي فإن المنشآت التي تحتوي على الوقود النووي لا يمكن مهاجتمها نظرا للمخاطر الإنسانية المترتبة عن ذلك ». يشار إلى أن محطة بوشهر الإيرانية لتوليد الكهرباء باستخدام الطاقة النووية ستدخل مرحلة اختبار التشغيل الفعلي يوم السبت القادم بعد وصول الوقود النووي إلى مفاعل المحطة التي بناها الخبراء الروس. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 18 أوت 2010)
تقرير متابعة الإعلام الألماني والسويسري والنمساوي (الإصدار 31)
ترجمـة خاصّـة لمواد منتقـاة مع استعـراض تحـريري ـ النصّ العربي
سفينة سويسـرية تُبحِـر قريباً إلى غـزة
سويسرا ـ صحيفة « تاغز أنتسايغر » اليومية Tages-Anzeiger الموقع الإلكتروني 9 آب/ أغسطس 2010 لفتت صحيفة « تاغز أنتسايغر » السويسرية، الأنظار إلى تطوّرات مشاركة سويسريين في أسطول الحرية الثاني، المقرّر أن يبحر صوب قطاع غزة في نهاية أيلول/ سبتمبر المقبل. وأوضحت الصحيفة في تقرير لها كيف تنشط مؤسسة « الحقوق للجميع » في تنظيم هذه المشاركة، التي ستتمخض عن سفينة سويسرية محمّلة بآلاف الأطنان من المساعدات وبعشرات المشاركين، ومن بينهم شخصيات عامة وبرلمانية. يستعد أسطول دولي جديد يريد الإبحار صوب غزة، ومن المقرّر وصوله في غضون شهور قليلة. ومن المفترض أن يتشكل الأسطول من نحو ثلاثين سفينة، ومن بينها قارب سويسري على الأقل. قرابة أربعمائة وخمسين شخصاً من سويسرا يعتزمون المشاركة في رحلة الاحتجاج والمساعدة إلى غزة. وعلى المتن هناك النائبان في المجلس الوطني (البرلمان الاتحادي السويسري) يوزيف تسزياديس، من حزب العمل لسويسرا من كانتون فاد، وكارلو سوماروغا، من الحزب الاشتراكي من كانتون جنيف. وإجمالاً فقد حازت المشاركة السويسرية على مائتين وعشرين منظمة غير حكومية، كما قال أنور الغربي من (منظمة) « الحقوق للجميع » ردّاً على سؤال. وتنظم هذه المنظمة التي مقرّها في جنيف المشروع السويسري. وينسِّق الغربي علاوة على ذلك حملةً أوروبية. وفي الأصل كان ينبغي على الأسطول أن ينطلق في نهاية تموز/ يوليو (2010)، لكنّ الإقبال الكبير من المنظمات والأشخاص المهتمِّين قد أرجأ البدء. ويعرب النائب في المجلس الوطني (البرلمان الاتحادي السويسري) عن جنيف، سوماروغا، عن أنّ السفر سيكون في نهاية أيلول/ سبتمبر. احتجاج ضد الحصار الإسرائيلي وتقدّر كلفة السفينة السويسرية ذات الأربعة آلاف طن من المساعدات وبما بين ستين وثمانين راكباً بخمسمائة ألف فرنك سويسري (نحو 400 ألف يورو). وتريد « الحقوق للجميع » أن تجمع هذا المبلغ بنفسها. وتتمثل مواد المساعدة أساساً من الأدوية والبيوت الجاهزة. إنه من الممكن أن تبدو المساهمة السويسرية أكبر نظراً للاهتمام الكبير، كما يقول الغربي. فأوروبياً سجّل عشرة آلاف شخص حتى الآن أنفسهم. ويمكن للأسطول إجمالاً أن يضمّ ما يصل إلى ثلاثين قارباً. ليس الهدف هو المواجهة مع إسرائيل. أكثر من ذلك يراد من هذه المبادرة التذكير بحصار قطاع غزة الذي ما زال قائماً، كما يوضِّح عضو المجلس الوطني سوماروغا هدف الرحلة. كما يُفترَض بهذا المشروع أن يساهم في شبكة دعم سويسرية لغزة.
المستوطنون المنسـيّون من قطاع غـزة
الكاتب/ معدّ التقرير: جورج جبيرو George Szpiro سويسرا ـ صحيفة « نويه تسورشر تسايتونغ » اليومية Neue Zürcher Zeitung الموقع الإلكتروني 13 آب/ أغسطس 2010 يكتب جورج جبيرو في الصحيفة السويسرية البارزة « نويه تسورشر تسايتونغ » عمّا وصفها بـ »معاناة » المستوطنين اليهود السابقين في مستوطنات قطاع غزة، وكيف أنّ الوعي العام الإسرائيلي تناسى « مشكلتهم » التي حملوها معهم منذ الارتحال عن منطقة فلسطينية محتلة. ويشرح الكاتب كيف أنّ السلطات الإسرائيلية تراخت في التعامل مع تلك المشكلة، حتى بقي كثيرون منهم بمعزل عن الاندماج داخل مجتمعهم الجديد بين بني جلدتهم، بعد أن رفضوا الانخراط فيه أملاً في أن يعيدوا « الأيّام الخوالي » ويقيموا تجمّعات استيطانية لهم داخل الأراضي الإسرائيلية تحمل أسماء المستوطنات ذاتها التي كانوا يعيشون فيها، في « وئام » مع جيرانهم الفلسطينيين، والذين ما زالوا على تواصل هاتفي معهم رغم الانسحاب والرحيل عن القطاع، حسب كاتب المقال. تحلّ يوم 17 آب/ أغسطس الذكرى السنوية الخامسة لإجلاء نحو ثمانية آلاف مستوطن يهودي من قطاع غزة إلى داخل إسرائيل. وتبعاً للتوجّه السياسيّ وصف الإسرائيليون عملية الإجلاء بأنها فصل أو إخلاء أو اقتلاع. فنحو ألف وثمانمائة أسرة كانت تقيم في إحدى وعشرين مستوطنة أجلتهم إسرائيل خلال أيام قليلة. وقد برّر رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق آريئيل شارون الإخلاء بأنه ليس رغبة في إنهاء احتلال أراض فلسطينية؛ ولكن لمبرِّرات ديموغرافية. فإسرائيل لم تُرِد تحمّل مسؤولية مليون ونصف مليون فلسطيني طويلاً. انسحاب غير مُنسّق حتى لا يبدو الأمر وكأنّه اتفاق مع السلطة الفلسطينية؛ نفّذ شارون الإجلاء دون أي تنسيق مع الفلسطينيين. وقد اعتبر المراقبون الاستيلاء على السلطة من قبل حكومة « حماس » وعمليّات إطلاق الصواريخ على إسرائيل؛ أنه نتيجة مباشرة للانسحاب. في الفترة التي سبقت عملية الاخلاء كان سكان إسرائيل في حالة اضطراب. وقد في شارك المُخطّط (للانسحاب) الذي أعدّته هيئة الأركان للإخلاء أربعة عشر ألف جندي وضابط. وعقب الإجلاء كانت هناك أمارات من السخط، ولكن تلاشى ذلك تدريجيا، فقد اختفى السكان اليهود المُرَحّلون من قطاع غزة من الوعي العام. لقد كان الارتحال عن المكان الذي صار وطناً لهم؛ بمثابة صدمة لكثير من المستوطنين. فقد كانوا يعتبرون أنفسهم روّاداً وليسوا محتلين لأرض غريبة، فقد تمّت دعوتهم من قبل الحكومات اليمينية واليسارية إلى العمل على التنمية الاقتصادية للأرض (المحتلة في قطاع غزة). والآن هم يشعرون أنّهم خُدِعوا مرّتين. فمن الناحية الرسمية كان يتمّ تشجيعهم منذ سنوات السبعينيات على الاستيطان في قطاع غزة. وبكثير من روح الريادة؛ حولوا قطاع غزة من صحراء إلى واحة مزدهرة، على الأقل من وجهة نظرهم. وتمّ خداعهم في المرة الثانية عندما قرّر آريئيل شارون، الأب الروحي لسياسة الاستيطان، التحوّل بين عشية وضحاها. لقد حظي المستوطنون المذعورون بتأييد من جميع قطاعات السكان في إسرائيل. وأشار قلائل إلى أنّ احتلال قطاع غزة يتناقض مع القانون الدولي. سكن مُقفـر واكب عملية الإجلاء الكثير من الصخب، ولكن دون عنف. فلم يكن الأشخاص الذين تمّ إجلاؤهم من الشباب المحافظ المسعور، مثلما كان المسلك عند أي عملية إخلاء استيطاني في الضفة الغربية؛ بل آباء قلقين. وقد تعثّر اندماجهم في إسرائيل بسبب الإصرار على مطالب مستحيلة. فقد طالب بعضهم بأراض زراعية جديدة بالقرب من البحر، والمحافظة على التركيبة السكانية المتزايدة في مكان إعادة التوطين. وكانت النتيجة أنّ المهجرين تمّ إيوائهم لمدّة شهور في الملاجئ والفنادق. وانتقل معظمهم في نهاية المطاف إلى مساكن مؤقتة، حيث يعيشون إلى اليوم. وقد خلصت لجنة تحقيق مؤخّراً إلى استنتاج مفاده أنّ المُهجّرين تعرّضوا للإهمال من قبل السلطات. ويتمّ الآن إيجاد الحلول. لقد أقام المُهجّرون مستوطنات جديدة داخل إسرائيل. وقد استنفد كثير منهم التعويضات التي حصلوا عليها من الدولة. انتقلت ديبي روزين في سنّ الثانية والعشرين، بعد أسبوع من زواجها، مع زوجها إلى مستوطنة في قطاع غزة. وكان يعمل محاسِباً، وعملت هي في مكتب إدارة المستوطنة، ووُلد جميع أطفالها الستة في قطاع غزة. وبعد الإخلاء أقامت لمدّة أربعة أشهر في نُزُل في القدس. ولأنها لم تجد وظيفة بدأت في مواصلة الدراسة وكانت تحصل على أعمال مختلفة. وتحكي أنّ القطاع الأكبر من المستوطنين في قطاع غزة وحتى آخر لحظة لم يحسبوا لعملية الإخلاء حساباً. ورغم إيمانها؛ إلاّ أنها لا تتحادث مع الحاخامات، الذين عملوا على تقويتهم على أوهامهم ووعدوا بحدوث معجزة في اللحظة الأخيرة. لذلك رفض المستوطنون التفاوض مع السلطات، الأمر الذي جعل من المستحيل إعادة التوطين بصورة سليمة. وجولة داخل « نيتسان »، وهي المستوطنة التي تمّ هرسها بناء على أمر من رئيس الوزراء شارون، تبيِّن الوجود القاتم للإجلاء. فالمستوطنة التي يبلغ طولها كيلومتراً واحداً وعرضها ثلاثمائة متر تقع غير بعيد عن الساحل بين عسقلان ومدينة اسدود. لقد عاشت هنا خمسمائة أسرة من المستوطنين من جميع أنحاء قطاع غزة. طرق صلبة وحدائق صغيرة تخدع بوجود جوّ سلمي في المدينة. ولكن ما يُسمى بالكرافنات – وهي مساكن بين المنازل المتنقلة والفيلات – تبدو كمساكن مهجورة يعيش فيها المستوطنون السابقون كلاجئين. لقد تمّ توزيع الأسر ذات العدد الكبير من الأطفال في مساحات تتراوح بين 60 و90 متراً مربّعاً من المنازل الجاهزة ويدفعون إيجاراً لها يعادل نحو أربعمائة دولار شهرياً. وقامت بعض الأسر ببناء حجرة إضافية بحوائط الجبس، والمبرِّدات موجودة أمام أبواب المنازل بسبب ضيق المكان. هنا وهناك يكسر محل صغير الجوّ الكئيب قليلاً. وأمام جميع الكرافنات تقريباً توجد أنابيب خرسانية ضخمة توفر الحماية من الصواريخ التي تسقط من قطاع غزة. كان ليئور كالفا رئيس بلدية مستوطنة « نيفه ديكاليم » في قطاع غزة، وهو الآن رئيس الحكومة المحلية في « نيتسان ». إنه يتحدّث عن أيّام العزّ في قطاع غزة، من الهواء النقي، الشاطئ الخلاّب والأجواء الودِّيّة. وكان معدّل البطالة يبلغ أربعة في المائة في المكان القديم ـ لم يذكر أنّ نسبة كبيرة من السكان كانوا يعملون في الإدارة المتضخِّمة أو في الخدمات المدرسية ـ. أمّا الأكبر سنّاً من المستوطنين السابقين فلا يجدون وظائف جديدة بعد الإجلاء. ويشكو كالفا من أنّ نصف القادرين على العمل من السكان لا يجدون عملاً. والآن فقط، بعد مرور خمس سنوات، تبدأ الحياة المفقودة لكثير من النازحين في العودة بطريقة منظمة. وقد أقيمت غرب « نيتسان » منطقة سكنية جديدة. وقد أعدّت وزارة الإسكان الأراضي والبنية التحتية قبل ثمانية عشر شهراً، وتجري أعمال البناء على قدم وساق. ويوفِّر الحي سكنا لأربعمائة وخمسين أسرة، وقد تمّ بالفعل بيع مائتين وخمسين وحدة. وبالرغم من ذلك؛ فقد أصبحت الأسعار لا تُطاق بالنسبة للعديد من الأشخاص الذين تمّ إجلاؤهم. فتكلفة قطعة الأرض التي تبلغ مساحتها خمسمائة متر مربع في وقت الإجلاء كانت تبلغ نحو ثلاثين ألف دولار، وقد ارتفع هذا السعر ليبلغ نحو مائة وعشرين ألف دولار. وتكلفة بناء بيت يُضاف إليها مائتا ألف دولار. وكانت كلّ أسرة قد وُعدت بالحصول على مبلغ ثلاثمائة ألف دولار تعويضاً، ولكنّ كثيرين استنفدوا هذا المبلغ خلال السنوات الخمس الماضية. ورغم ذلك يأمل كالفا أن يتمكّن المُهجَرون جميعاً خلال السنوات الخمس المقبلة من الانتقال إلى المنازل المبنية بإحكام. لم يتغيّـر الوعـي أنيتا توكر، وهي أحد مستوطني غزة الذين هاجروا من الولايات المتحدة، وممثلة عن جيل المؤسِّسين، تتباكى على الأيام الخوالي. إنها تزعم أنّ العلاقات مع الجيران العرب كانت جيِّدة، لأنّ الفلسطينيين كانوا سعداء بإيجاد سبل العيش في المؤسسات اليهودية في قطاع غزة. وراوغت في ردِّها على التساؤل عمّا إذا كانت من خلال تجربتها الخاصّة المتمثلة في اقتلاعهم؛ أكثر تفهّماً لمحنة اللاجئين الفلسطينيين. إنّ إحدى المستوطِنات التي هاجرت من فرنسا وانتقلت في سنة 1986 مع زوجها إلى قطاع غزة، تتذكر باشتياق حياتها السالفة. بعد عملية الإخلاء خرجت خاسرة هي وأسرتها. لقد كان كل شيء غير مؤكّد: في السكن ومدرسة الأطفال والعمل. وكما هو الحال مع أُسر أخرى؛ فقد أدّى التوتر إلى حدوث خلاف واكتئاب، ومشاكل تأديبية مع الأطفال. ولكن هناك نقاط مضيئة. فراحيل سابرشتاين، والتي تتجاوز السبعين من العمر ومهاجرة من الولايات المتحدة الأمريكية، تحكي أنها وزوجها وقّعا للتوّ عقداً لبناء سكن جديد. بدأت سبعون أسرة من مستوطنة « نيفه ديكاليم » السابقة مع ثمانين أسرة أخرى من إسرائيل بإقامة مكان جديد يسمى « بني ديكاليم »، يقع في منتصف الطريق بين غزة والخليل. وتشير سابرشتاين إلى أنّ المنطقة الجديدة تقع داخل الخط الأخضر، وهي الحدود المتعارف عليها دولياً لإسرائيل. وفي « بني ديكاليم » من المُقرّر أن يتمّ الربط بين علم البيئة والفكر اليهوديين في وحدة واحدة. مُزارِع نَشِط يفيض موتي سيندر من مستوطنة « جَنيّ تال » السابقة بروح الروّاد، التي سادت إسرائيل وشعبها ذات يوم. عندما انتقل قبل ثلاثين سنة إلى قطاع غزة، كان على الموظّف البنكي السابق أن يتعلّم الزراعة من الألف إلى الياء. وببراعة وشعور كبير من الابتكار قام هو وعدد من المستوطنين الآخرين بابتكار وسائل للزراعة وطرق الريّ لتتكيّف مع الظروف القاسية. وفي حقولهم كان يعمل إلى جانب المزارعين اليهود خمسة آلاف فلسطيني. ويروي سيندر أنّ العلاقات مع الجيران العرب كانت جيِّدة. وتعلّمت زوجته القيادة في مدرسة للتعليم في مدينة خان يونس، وما زال يحرص إلى اليوم على التواصل هاتفيا مع الموظّفين السابقين (الفلسطينيين). وعندما اقترب موعد الإخلاء؛ لم ينتظر موتي سيندر حتى اللحظة الأخيرة. وبدلاً من أن يشكو، شرع في مفاوضات مع مستوطنة تعاونية في إسرائيل واستأجر قطعة أرض، بنى عليها صوبات زراعية. وهو اليوم يُنتِج النباتات المنزلية للتصدير إلى أوروبا. ويقول المُزارِع النشط إنّ أهم شيء أنه مشغول. وهو سينتقل قريباً مع خمس عشرة أسرة أخرى للإقامة في منازل ثابتة – إنه مثال جليّ للانتقال الناجح.
خيـانة المستوطنين من غـزة
الكاتبة/ معدّة التقرير: سوزانا كناوْل Susanne Knaul النمسا ـ صحيفة « دي برسّه » اليومية Die Presse الإصدار المطبوع 15 آب/ أغسطس 2010 بشأن المستوطنين الإسرائيليين السابقين من قطاع غزة؛ كتبت سوزانا كناول في صحيفة « دي برسِّه » النمساوية المحافظة، راصدة أقوال بعضهم عن « إهمال » الحكومة الإسرائيلية لمعاناتهم في حياتهم الجديدة. وتصف الكاتبة ذلك الإهمال بأنه « خيانة » للمستوطنين السابقين، الذين عاشوا معظم حياتهم هم وأولادهم داخل مستوطنات القطاع، وكوّنوا حياة كاملة هناك، ثم اقتلعهم الانسحاب الإسرائيلي منها ليُلقي بهم في حياة البطالة والسكن المؤقت، ما نشأت معه مشكلات اجتماعية رصدها تقرير تمّ إعداده بتفويض من الحكومة الإسرائيلية، للوقوف على احتياجات هؤلاء المستوطنين. تنتظر أنيتا توكر منذ خمس سنوات أن تبدأ حياتها الجديدة. فالسيدة البالغة من العمر 64 عاماً تريد معاودة زراعة الخضروات. الطماطم والكرفس، الفلفل والأعشاب؛ هو ما كانت تقوم بإنتاجه قبل أن يطرق الجنود بابها. حيث تقول: « كنت أحلم وقد تحوّل الحلم إلى حقيقة ». ففي يوم 15 آب/ أغسطس عام 2005 انتهى الحلم. فقد أصدر آريئيل شارون، الذي شغل آنذاك منصب رئيس الوزراء (الإسرائيلي) أمراً بالانسحاب من قطاع غزة وإزالة المستوطنات، والتي عاشت فيها ألف وثمانمائة أسرة يهودية. لقد تمّ إيفاد ضبّاط من أجل حثّ السيدة التي لم تكن شابّة آنذاك وأسرتها على الرحيل في سلام. حاولت توكر، وهي ضخمة وقوية وترتدي القبّعة لأسباب دينية، محاولة أخيرة لإقناع الجنود برفض الأمر. وسألت: « كيف يمكن أن تقوموا بتهجيرنا؟ »، وطالبتهم واحداً تلو الآخر بالتفاوض. ثم غادرت دون مقاومة ودون أن تعلم إلى أين. وتقول: « لم تكن هناك حتى ما يكفي من الحافلات لنقلنّا جميعاً ». اثنتا عشرة أسرة من ضمن أربع وثمانين أسرة من مستوطنة « نيتسر حساني »، حيث كانت تعيش أنيتا توكر، غادرت المستوطنة أسابيع قبل الانسحاب. وتلخِّص توكر ذلك بالقول: « لم يرُق لهم ذلك ». فقط أولئك الذين بقوا حتى النهاية كانوا في سلام مع أنفسهم وبقوا في صحّة جيدة. غير أنّ الجميع أُصيبوا بصدع نفسي، فلم تكد تمضي صدمة الانسحاب حتى تلقّى المستوطنون الصدمة التالية. حيث تتذكّر أنيتا أنّ « الحكومة وعدتنا بتقديم مساكن بديلة وأرض ومدارس وعمل. ولكن لم تكن هناك خطّة »، بل حلّ وقتيّ. وبعد مغامرات التنقّل بين الفنادق ودور الضيافة وتسعة أشهر من الانتظار في سكن يشبه الحاويات على مرتفعات الجولان؛ انتقلت توكر أخيراً إلى منزل سابق التجهيز مؤقتاً في مستوطنة « تسوريم »، حيث ما زالت تعيش إلى اليوم. المنزل الذي كانت تملكه الأسرة في « نيتسر حساني » كان عبارة عن سكن متقشِّف. المنزل بسيط بجدران رقيقة، ومساحته أقلّ بكثير من مائتي متر مربع. ولكن كانت فيه المقوِّمات الأساسية، علاوة على أنّ أبناء توكر الخمسة لم يعودوا يقيمون مع الآباء، وهو ما يقلِّل من الحاجة إلى مكان أرحب. ولكن ليس السكن المتقشِّف هو الذي يُحبِط المستوطنين، وإنما الشعور بالشلل: « نحن لا نستطيع القيام بأيِّ شيء »، وما من أحد يهمّه مصيرهم. ما زال كثير من المستوطنين يرغبون بشدّة في رواية قصّتهم. ولذلك يوجد في القدس منذ عامين « متحف غوش قطيف »؛ والذي توجد على جدارنه أسماء المستوطنات التي تم تفكيكها بالخطّ الأسود، وهو ما يشبه نصب المحرقة « يد فاشيم » الذي يشتمل على أسماء التجمّعات اليهودية التي تمّ محوها في أوروبا. لقد زار المكان نحو تسعين ألف زائر على الأقلّ. زوج أنيتا متديِّن متعصِّب ومدرِّس متقاعد، يضع إناء من الماء المغلي على الطاولة، ويقدِّم « نسكافه » (قهوة سريعة التحضير)، يقلِّبها طوال الوقت. وتحكي السيدة: « لقد اضطررنا إلى التخلّص من كلّ الأثاث تقريباً ». فهي لم تكن مُعدّة جيِّداً لمدّة الطويلة من تحمّل الرطوبة. لقد تمّ توزيع المستوطنين السابقين على ثلاث وعشرين منطقة. ولم يتمكّن إلاّ الثلث منهم من تحقيق الاستقلالية. وكانت أكير منطقة تجمّع هي مستوطنة « نيتسان »، والتي تبعد بضعة كيلومترات عن مستوطنة « عين تسوريم »؛ حيث يعيشون تبعاً لحجم العائلة في كرافنات بمساحات 60 و90 و120 متراً مربعاً، وهي خليط من المساكن المتنقلة والمساكن الجاهزة. وما زالت أكثر من نسبة خمسين في المائة بدون عمل، أمّا البقية فتعمل بعض الوقت. إنّ نسبة البطالة عالية للغاية، ويشير تقرير تمّ إعداده بتفويض من الحكومة عن وضع المستوطنين الذين تمّ إجلاؤهم، إلى أنّ « الحكومة أخفقت تماماً ». وقد لخّص إلياهو ماتسا، وهو قاض سابق في المحكمة العليا، في ما يقلّ قليلاً عن خمسمائة صفحة، أنه بعد مرور خمس سنوات تضاعفت نسبة البطالة بين المستوطنين خمس عشرة مرّة عمّا كانت عليه قبل الانسحاب. وقد بدأ أقلّ من العُشر منهم ببناء منازل جديد. كما أشار التقرير إلى تحمّل المستوطنين جانب من المسؤولية عن الوضع البائس. فقد أرادت التجمّعات القديمة أن تعيش معاً بأيّ ثمن. وتتحدّث توكر عن مشاكل شباب ومخدرات وتسرّب من التعليم. وكثيراً ما يحنّون إلى « غوش قطيف »، وهي أكبر تجمّع استيطاني في قطاع غزة، عندما كان العالم يسير على ما يُرام معهم. كما تحدّثت باشتياق عن الجيران الفلسطينيين، وعن المُفتي، وعن « الخيز والملح » الذي استقبلهم به، وعن العمّال الذين كانوا لديها وما زالت على اتصال هاتفي معهم. وتقول: « إنّ الحكومة أرسلتنا إلى غزة حتى نبني الأرض ». وعندما كانت في غزة للمرّة الأولى سنة 1967 لم ترَ هناك سوى الرمال، « فلم يكن هناك إنسان على مرمى البصر، بل ولم يكن هناك طائر ». فقد كان كل شيء يدعو للجنون بالنسبة لتوكر المهاجرة من بروكلين وعمرها سبع سنوات. فالفلاحة، التي هربت مثلها مثل الآلاف من عالَم الاستهلاكي الأمريكي، وهاجرت برومانسية إلى الحياة البدائية، تضحك للحظة، ثم عبس وجهُها قائلة بمرارة: « الأمر ليس مجرّد انتقال، فكلّ ما قمنا ببنائه تهدّم ». غير خانعة فالسيدة البالغة من العمر أربع وستين سنة لا تستسلم. فقد خطّطت مع أحد أبنائها لبناء صوبات زراعية جديدة. وقد اتفقت الأسر الأربعة والثمانون من مستوطنة « نيتسر حساني » مع الدولة على الحصول على قطعة أرض مناسبة جنوب شرق مدينة تل أبيب. وإذا ما سارت الأمور وفق المُخطّط؛ ستتمكّن توكر خلال عامين من الانتقال إلى منزلها الجديد في المنطقة الجديدة والتي سيُطلَق عليها مُجدّداً « نيتسر حساني ». وتقول توكر: « سأفعل ذلك فقط لأنّ ابني اشترك معي، فكثيرون في مثل عمري ولا يمكنهم البدء وحدهم ». ولا يعمل اليوم سوى خمسين شخصاً بالزراعة من واقع أربعمائة فلاح من « غوش قطيف ». ولو كان هناك سلام مقابل الانسحاب؛ لكان الأمر أكثر سهولة على غالبية المستوطنين للموافقة بأثر رجعي على قرار الحكومة. ولكن عكس السلام هو الذي حدث. فقد سحبت إسرائيل قوّاتها من جانب واحد دون أي تشاور مع منظمة التحرير الفلسطينية وسلطة الحكم الذاتي، وتركت بذلك فراغاً في السلطة، وهو ما مكّن « حماس » خلال ستة أشهر من ملئه. وقد تجاوزت الأحداث التوقعات الأكثر تشاؤماً من قبل معسكر اليمين القومي. وفي أواخر كانون الأول/ ديسمبر سنة 2008، عندما بدأت حرب غزة، أُطلقت أيضاً صواريخ على « نيتسان » و »عين تسوريم ». واعتبر المستوطنون ذلك قمّة السخف: « لقد جاءت الصواريخ من المناطق التي هُجِّرنا منها ». لم يكن أيّ بيت فيه ملجأ. ولم تتوفّر الحماية للمدارس المؤقتة ودور الحضانة. إظهار الضعف تدرك توكر دينامية الشرق الأوسط، وتقول: « إنّ إسرائيل تظاهرت بالضعف عندما انسحبت، وكان واضحاً أنّ المتشددين سيستغلّون ذلك » وقد وقع أول حادث دموي ضد المستوطنين في اليوم الذي قام فيه كلّ من (الرئيس المصري أنور) السادات، و(رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم) بيغن بتوقيع اتفاقية السلام. ويخالج المُزارِعة النشطة تناقض عندما تذكر مقاومة المستوطنين، قائلة وتضيف بابتسامة: « لقد خسرنا ولكننا قاتلنا جيداً ». فربّما لم يعتقد أيّ من المستوطنين بجدِّية أنه يمكن أن يتحقّق انتصار الجيش: « كما أننا لم نكن نريد ذلك أساساً، لأنك عندما تنتصر على جندي؛ فلن يكون هناك أحد بعد ذلك لحمايتك » ورغم ذلك فهي تؤمن بأنّ القتال القادم سيكون أصعب، عندما تقرِّر الحكومة إخلاء مستوطنات في الضفة الغربية. إنّ التجربة المُحزنة للناس في مستوطنة « غوش قطيف » ستكون بمثابة الدرس للمستوطنين الذي سيهدِّدهم التهجير مستقبلاً. كما أنّ التطوّرات في غزة لا تدعم من يؤيِّدون حلاًّ عادلاً متمثلاً في حلّ الدولتين؛ بل تعطي مسوِّغات للمعارضين الإقليميين بحسب توكر: « أنه سيكون هناك قتال أفضل بكثير من الناس، ولكن حتى هذا قد تمّ ».
كيف تحوّل انسحاب إسرائيل من غـزة إلى كيد مرتدّ
الكاتب/ معدّ التقرير: هانز دانه Hans Dahne ألمانيا ـ صحيفة « دي فيلت » اليومية Die Welt الموقع الإلكتروني 9 آب/ أغسطس 2010 يرى هانز دانه في صحيفة « دي فيلت » التي تصدر في برلين والمنحاز تقليدياً للجانب الإسرائيلي، أنّ الانسحاب الإسرائيلي أحادي الجانب من قطاع غزة منذ خمس سنوات تحوّل إلى « كيد مرتد على إسرائيل »، التي ما زالت « تعاني من مشكلات أمنية » مع القطاع بسبب تساقط الصواريخ منه على المستوطنات الجنوبية في فلسطين المحتلة، وكذلك تعاظم قوّة حركة « حماس » هناك، رغم أنّ الجانب الإسرائيلي لم يُرِد لذلك أن يحدث. لم تفعل المقاطعة والعزلة والحصار والحرب أيّ شيء. فـ »حماس » متحكِّمة في السرج بقوّة أكثر من أي وقت مضى. يسيطر الإسلاميّون على المعابر الحدودية مع إسرائيل ومصر. وهم يقرِّرون من يُسمَح له بالسفر ومن لا يُسمَح له بذلك. تسيطر « حماس » على أنفاق التهريب وعلى الاقتصاد. إنها تصبغ كلّ المجتمع بطابعها الإسلامي الصارم. كما أنّ « حماس » تسبح في المال رغم العقوبات، ثمّ إنّ مشروعاتها الداعمة لهيبتها ترسل رسالة مفادها أنه ما من أحد يمكنه إيذاءنا. أمّا المنافسون المحتَملون فقد قامت « حماس » إمّا بإيقافهم أو تنحيتهم جانباً، حسبما ذكرت وزارة الخارجية الأمريكية في آخر تقرير لها حول مكافحة الإرهاب. هناك نحو خمسة عشر ألفاً من القوّات المقاتلة والعناصر الاستخباراتية يعملون لـ »حماس ». وخلال الزيارات إلى غزة يتحدّث الفلسطينيون من جميع الطبقات عن أنّ الأمن أصبح أفضل في الشارع. فحرب العصابات الشهيرة أصبحت من الماضي، ولكنّ الفلسطينيين يروون أيضاً كيف أنّ الشرطة وقوات الأمن التابعة لـ »حماس » تراقب الأحياء وتتعامل على الفور مع الخصوم ومعكِّري الأجواء. « سنانا » هم الجواسيس الصغار الذين يجوبون المناطق على متن دراجات، ويُبقون بذلك الأعين والآذان مفتوحة. يخشى المعارضون المعروفون لـ »حماس » من طقوس العقاب: طلقات في الركبتين. بنظرة إلى الوراء؛ فقد حذّر الجميع بحقّ من العواقب السلبية للانسحاب الإسرائيلي من جانب واحد بعد ثمان وثلاثين سنة من الاحتلال. القيادة الفلسطينية المعتدلة آنذاك قبل خمس سنوات؛ لم تتمكّن من أن تنسب لنفسها نجاحاً في المفاوضات أو أن تكسب نقاط تعاطف بين السكان. بدلاً من ذلك برّرت « حماس » مواصلة إطلاق الصواريخ بأنه أنهك إسرائيل وأنها أُجبِرت على الانسحاب من غزة، وأنه لا يصلح مع إسرائيل إلاّ استخدام العنف. ولذا واصل المُسلّحون الفلسطينيون إطلاق الصواريخ وقذائف الهاون على إسرائيل. وأرادوا بذلك أن يتمّ أيضاً « تحرير » الضفة الغربية والقدس الشرقية. وتمنّى كثير من الإسرائيليين أن يسود الهدوء الحدود الجنوبية بعد الانسحاب، ولكنّ ذلك لم يحدث؛ حيث اتسع نطاق الإحباط والغضب، وكان كلّ صاروخ مثل المياه فوق طاحونة اليمين السياسي في إسرائيل. ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أيّ انسحاب، بأنه يؤدِّي فقط إلى إقامة قاعدة جديدة للمنظمات الإرهابية أمام عتبة إسرائيل. وتحت شعار « الاصلاح والتغيير » فازت « حماس » في الانتخابات البرلمانية في كانون الثاني/ يناير 2006. وقاطعت إسرائيل والغرب الإسلاميِّين المتشدِّدين، وطالبا حركة « حماس » بوجوب الاعتراف أوّلاً بحقّ إسرائيل في الوجود ونبذ العنف والإرهاب. ولم تفعل « حماس » أيّ شيء من ذلك. ثمّ كان الانقلاب في منتصف حزيران/ يونيو 2007 حيث سيطرت « حماس » على الحُكم في قطاع غزة. وفرضت إسرائيل حظراً وواصل المسلحون الفلسطينيون إطلاق آلاف الصواريخ كردّ على ذلك. ثم عاد الجيش الإسرائيلي إلى قطاع غزة في شهر كانون الأول/ ديسمبر 2008، والممتدّ على مساحة ثلاثمائة وستين كيلومتراً مربعاً، أي أصغر من مدينة كولونيا، وبه ما لا يقل عن مليون ونصف مليون شخص، أي أكثر من سكان كولونيا بنسبة الثلث. ووفق المعطيات الفلسطينية؛ لقي أكثر من ألف وأربعمائة شخص مصرعهم خلال العملية العسكرية الإسرائيلية التي دامت ثلاثة أسابيع. وتتحدّث الأمم المتحدة عن تدمير وتضرّر ستين ألف منزل. ولم تبدأ عملية إعادة الإعمار إلى اليوم بسبب العقوبات الإسرائيلية، ولكنّ « حماس » نجت أيضاً من الحرب. ومع ذلك يضرب الإحباط بجذور عميقة بين أولئك الفلسطينيين الذين لا يستفيدون سواء من « حماس » أو من العقوبات. ويقول أبو طارق، من مخيم الشاطئ: « إنّ نسبة ستين في المائة لن يذهبوا للانتخاب مرة أخرى، فقد سئموا من الأحزاب والساسة. وإذا ما جاءت طالبان إلى هنا ووعدت بالمواد الغذائية والعمل وإنهاء الحصار، فإنّ الناس سينتخبونها ».
خمسة أسئلة عن قطاع غـزة
الكاتبة/ معدّة التقرير: كارين لويْكفيلد Karin Leukefeld ألمانيا ـ صحيفة « يونغه فيلت » اليومية Jugne Welt الموقع الإلكتروني 9 آب/ أغسطس 2010 عن معاناة القطاع المحاصر وأهله من المواطنين الفلسطينيين؛ طرحت كارين لويْكفيلد في صحيفة « يونغه فيلت » الألمانية، خمسة تساؤلات بشأن الأوضاع المعيشية والاقتصادية ونواقص قطاع غزة، على ثلاثة أطراف منخرطة في الأحداث هناك، وهي الأمم المتحدة والجانب الإسرائيلي وحركة « حماس ». وخرجت الإجابات من كل الأطراف مختلفة عن نظيراتها، بينما يبرز الادعاء الإسرائيلي بأنّ القطاع لا يشهد أزمة إنسانية وأنه حتى خلال الحرب على غزة في عامي 2008 و2009 لم يكن سكان القطاع يعيشون في ضائقة حياتية. اضطُرّت محطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة إلى إيقاف تشغيلها في نهاية الأسبوع، ويهدِّدها التوقّف التام. والسبب هو عدم وجود وقود. فعلى ما يبدو أنه لم يتمّ تسديد الفواتير المستحقّة. الوزير المختص في قطاع غزة، جمال الدردساوي (الصحيح أنه مدير العلاقات العامة والإعلام في شركة توزيع الكهرباء بمحافظات غزة)، تحدّث لوكالة « معاً » للأنباء عن « نمط دفع سيِّئ » لشركة « كهرباء غزة ». اعتباراً من شهر أيلول/ سبتمبر سيتم استقطاع 25 في المائة من رواتب جميع العاملين والموظفين في قطاع غزة. لقد صارت نوعية الحياة، والحالة الاقتصادية والغذائية في قطاع غزة، بائسة بسبب الحصار الذي تفرضه إسرائيل على القطاع منذ أربع سنوات. وقد حدّدت الأمم المتحدة هذا التقييم للوضع، حيث سألت شبكتها المعلوماتية IRIN مؤخرا حركة « حماس » الإسلامية الحاكمة في المنطقة والحكومة الإسرائيلية وكذلك ممثلية الأمم المتحدة في المناطق الفلسطينية المحتلة، عن « خمسة أشياء » تمثل ضروريات لشعب قطاع غزة البالغ عددهم مليون ونصف مليون نسمة. وقد اختلفت الإجابات. رئيس مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، فيليب لازاريني، يصف الوضع بأنه أزمة « من صُنع الناس ». فالسكّان تعرّضوا لعقاب جماعي جراء الحصار؛ دون أن يكون لهم الحقّ في حرِّية التنقل. وإذا ما توقّفت الأمم المتحدة عن تقديم المساعدات؛ فإنّ عدد الجياع والذين يعانون من سوء التغذية سيتضاعف. فيجب أن يتمّ تأمين الغذاء والحماية من البطالة ـ التي تبلغ نسبة أربعين في المائة ـ والقضاء على الفقر. كما يجب أن يتمّ إنفاذ الحق في السكن، وكذلك إمدادات آمنة من الماء ورعاية المرضى. وأخيراً يجب أن يتمّ تأمين التأهيل والتعليم، وأن تكون هناك مدارس واستثمارات. أمّا من جهة « حماس » فيصف وزير الصحة باسم نعيم حركة الناس والبضائع بأنها « حلّ كامل الأزمة في قطاع غزة ». فمن خلال ذلك سيمكن إيجاد إمدادات ورعاية صحية شاملة، ويمكن إصلاح المستشفيات والمعدّات الطبية، وستتمّ معاودة الحصول على الأدوية. كما أنه يجب إصلاح محطّات المياه والصرف الصحي، وأن يتمّ ضمان إمداد المنازل بما يكفي من الوقود والكهرباء. فانقطاع الكهرباء اثنتي عشرة ساعة يومياً أصبح أمراً معتاد. أمّا التعليم الجيِّد فيضعه الوزير في المرتبة الخامسة على قائمة الأولويات. المتحدث باسم المنسق الإسرائيلي لأنشطة الحكومة في المناطق الفلسطينية المحتلة، غاي إنبار، يؤكد أنه لا توجد أزمة إنسانية في قطاع غزة، كما أنه لم تكن هناك أزمة خلال الحرب في سنتيْ 2008 و2009. ويقول إنبار: « إنّ الأزمة الوحيدة في قطاع غزة هي ـ الجندي الأسير ـ غلعاد شاليط ». ولم يُجب إنبار على سؤال ما إذا كان يمكن للسكان في قطاع غزة مواصلة العيش دون مساعدة الأمم المتحدة، مشيراً إلى أنّه إذا كانت هناك مشكلة فإنّ « حماس » هي المسؤولة.
الروك في رام الله
الكاتبة/ معدّة التقرير: سارة يوديت هوفمان Sarah Judith Hofmann ألمانيا ـ محطة التلفزة العامة « تست ديه إف » ZDF الموقع الإلكتروني 15 آب/ أغسطس 2010 جابت سارة يوديت هوفمان، حسب التقرير المنشور في الموقع الإلكتروني لمحطة التلفزة العامة الألمانية « تست دي إف »، وهي بمثابة القناة الثانية، شوارع مدن الضفة الغربية ليلاً لترصد الحياة الصاخبة التي أصبحت معلماً من معالم الضفة؛ حيث صارت مقصدا للباحثين عن الترفيه والمتعة بعيداً عن « القضية الفلسطينية » ومعاناتها. فرام الله صارت منافساً شديداً لمدينتي تل أبيب وبيروت في حياة الليل وما تحتويه من ملاهٍ وبارات. وهي الحياة التي ترى الكاتبة أنها أقرب إلى الحياة الأوروبية مقابل « الحياة الإسلامية المتشدِّدة » التي يعيشها سكان قطاع غزة. رام الله تشرب وبيت لحم ترقص وجنين تشاهد السينما. فبينما تسري حالة من السكون على المشهد السياسي بين الإسرائيليين والفلسطينيين؛ تشهد الضفة الغربية طفرة ثقافية. مدينتان في الضفة الغربية لا يفصل بينهما سوى بضعة كيلومترات، إلا أنه وحتى زمن قصير، كانت هناك عوالم تفصل بين رام الله وجنين. في صيف عام 2010 جمعهما شيء مشترك: فالحياة الثقافية فيهما شهدت ازدهاراً. فرام الله مدينة حيوية شابّة، وفيها ترتدي كثير من النساء سراويل الجينز الضيقة، بل يظهرن أكتافهن وظهورهن، بينما تنسدل شعورهن السوداء الطويلة. حياة الليل كما في تل أبيب وبيروت ذهبت ديانا الزيرة في نهاية الأسبوع للإفطار في مقهى « زامن »، وشربت الكابتشينو في أجواء عالمية غمرت المحلّ الذي تمّ افتتاحه حديثاً، وتتحدّث مع الأصدقاء. وتقول الشابة البالغة من العمر 23 عاماً: « في رام الله لدينا كلّ ما نحتاجه في الثقافة، من معارض وحفلات موسيقية ومطاعم، وقبل كلّ شيء الكثير من البارات الجميلة ». فرام الله تزدهر وحياة الليل فيها تساوي مثيلتها في كلّ من بيروت وتل أبيب – وهي مدن الحفلات في الشرق الأوسط. كلّ أسبوعين يتم افتتاح بار جديد في رام الله، وبيت أنيسة هو أحدثها، وديانا تذهب إلى هناك كثيراً. يوم الخميس يكون هناك دي جي ويرقص الناس بينما تتدفّق الخمور. أمّا مدينة جنين فهي مختلفة تماماً. إنها بلدة صغيرة محافظة في شمال الضفة الغربية. غالبية النساء هنا يرتدين الحجاب ومعاطف سوداء طويلة في حرارة جوّ تبلغ اثنتين وأربعين درجة. ولكن سكان جنين يحتفلون أيضاً في نهاية الأسبوع بانتعاشها. فقد تمّت الدعوة إلى حضور الافتتاح الكبير لسينما جنين. إنها دار العرض السينمائي الوحيدة في المدينة. أوّل سينما منذ 23 عاماً كانت منى الستاتي ـ 19 عاماً ـ تنتظر هذه اللحظة بفارغ الصبر. فالشابّة الفلسطينية تعمل متطوِّعة في مشروع دار السينما الذي تمّ بمبادرة من المخرج الألماني ماركوس فيتر. منذ اندلاع الانتفاضة الأولى في عام 1987، لم تعد هناك سينما في جنين، ثم جرى بمبادرة ألمانية قام بها فيتر ترميم أنقاض السينما في مركز المدينة، وتمّت إقامة مركز ثقافي. وتدير منى برنامج الحفل، وهي – في مدينة جنين الصارمة إسلامياً – واحدة من عدد قليل من الفتيات اللاتي سُمح لهن بالعمل في بناء السينما. وتهتمّ منى بأن تحضر كثير من الفتيات والنساء إلى السينما. نساء مثل نانا عبيد، البالغة من العمر 26 عاماً، لم تشاهد فيلماً على شاشة عرض ضخمة من قبل، لأنه لم تكن توجد عروض ثقافية حتى وقت قريب في شمال الضفة الغربية. لم تكن هناك سينما أو عروض، ولكن فقط عدد من الحفلات الموسيقية الشعبية. بيت لحم كمدينة ليلية جديدة ولكن هناك شيء ما يحدث في الضفة الغربية. فقبل بضعة أشهر تمّ افتتاح دار عرض سينمائي في مدينة نابلس. فرام الله ليس فيها فقط حياة الليلي الحيوية؛ ولكن أيضا المزيد والمزيد من المعارض الفنية المعاصرة. حتى مدينة بيت لحم الصغيرة يُنظَر إليها الآن كمدينة ليلية. والآن جنين. لقد كانت المدينة مشهورة حتى الآن بالعدد الكبير من الانتحاريين. أمّا الآن فلا توجد هنا دار عرض سينمائي وحسب؛ فمعهد غوته (مؤسسة ثقافية ألمانية) يدير معرضاً للفنّ المعاصر، ومكتبة، ويقدِّم دورات في اللغة. فالألمان يريدون خلق مكان يمنح رؤية للشبان الفلسطينيين، ليتمّ بذلك الخروج من مناخ العنف الذي ساد جنين خلال السنوات الماضية. في حديقة كبيرة وراء السينما يوجد حمام سباحة للأطفال، ومقهى، ويتمّ كل مساء نصب مقاعد فوق العشب لمشاهدة السينما. الاحتفال بالأمل في أول ليلة عرض احتشد هنا أربعمائة شخص. كما جاءت ديانا الزيرة من رام الله من باب الفضول لمعرفة ما يحدث في وطنها. وُلِدت ديانا بالقرب من جنين. وقفزت في نهاية الفيلم من فوق مقعدها، وظلّت تصفق وتهلِّل جنباً إلى جنب مع نصف سكان المدينة. إنهم لا يحتفلون بسينما جنين فقط؛ ولكنهم يحتفلون بالأمل الذي تجلبه الثقافة في الضفة الغربية.
الضفّـة الغربية – مصنع الأحلام الصغير
الكاتب/ معدّ التقرير: هانز كريستيان روسلر Hans Christian Rößler ألمانيا ـ صحيفة « فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ » اليومية Frankfurter Allgemeine Zeitung الموقع الإلكتروني 9 آب/ أغسطس 2010 في مدينة جنين الواقعة شمال الضفة الغربية؛ يرصد هانز كريستيان روسلر في تحقيقه المنشور في صحيفة « فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ » المرموقة، جانباً من التغيّر في المدينة التي كانت تنتشر صور تأبين الشهداء في شوارعها، لتحلّ محلها إعلانات تبغ أوروبية. ويأتي هذا التغيير مع افتتاح دار عرض سينمائي في مركز المدينة بمبادرة ألمانية وتعاون فلسطيني وتطوّع شبابي. ويرى الكاتب أنّ هذا التغيّر هو « بذرة حلم لحياة أفضل داخل المدينة المنهكة من الحرب والعنف »، على حد تعبيره. ما زالت ألعاب الأسلحة محببة، ولذا تعرضها معظم محلات لعب الأطفال في جنين. ألعاب بجميع الأحجام، وكذلك نماذج مُقلّدة من الكلاشينكوف الذي كان يحمله أحمد في يده عندما مات في سنة 2005، عندما اعتقد الجنود الإسرائيليون أنّ البندقية اللعبة حقيقية وأطلقوا النار على الطفل الفلسطيني الذي كان يبلغ من العمر اثني عشر عاماً. لقد كان يلعب لعبة الحرب في الشارع مع أصدقائه. لقد عاش أحمد أوقاتاً من السلم في بيته في مخيم اللاجئين في المدينة، في الضفة الغربية. ويقول إسماعيل الخطيب، والد أحمد اليوم: « كانت أمنيتي أن يجد أصدقاء أحمد مكاناً آمنا ليمكنهم أن يتعلّموا ويتمتعوا ». هذا المكان الذي حلم به الفلسطيني بعيون جادّة؛ تحوّل إلى دار عرض سينمائي قبالة محطة الحافلات. في وسط المدينة، التي كانت تُعدّ لسنوات معقلاً للإرهاب، وانطلق منها غالبية الانتحاريين إلى اسرائيل، وتمّ تدمير مخيمهم للاجئين على يد الجيش الإسرائيلي في سنة 2002 على نطاق واسع. وعلى شاشة العرض في سينما جنين يُفتتح مرة أخرى بصور أطفال لأحمد – وكذلك فيلم تسجيلي لستة أطفال إسرائيليين يدينون بحياتهم للفتى الفلسطيني. فقد قرّر الأب إسماعيل ألاّ يبحث عن الثأر أو التأجيج. لقد تبرّع بأعضاء طفله للأطفال الذين يعيشون في إسرائيل. « قلب جنين » هو اسم الفيلم الذي فاز في عام 2010 بجائزة الفيلم الألماني؛ حيث أخرج الفيلم الوثائقي المخرج الألماني ماركوس فيتر، مع زميل إسرائيلي في عام 2007. فقد أُعجب المخرج الألماني بالقرار الشجاع للأب، الذي لم يكن ملائماً بالمرة مع زمن الانتفاضة الثانية. ملصقات « الشهداء » صارت مصفرّة – إعلان السجائر يضيء ألواناً يعجب فيتر كثيراً بالأمور التي لا تتناسب مع بعضها في مدينة جنين. فقد حذّره إسرائيليون من أنّ السفر إلى هناك يمثل خطراً للغاية. ويتذكّر فيتر الذي كان يتنقل لأكثر من عامين بين توبينغن والضفة الغربية، ذلك قائلاً: « لقد وجدت عكس ذلك في جنين ». وقد اكتشف مع إسماعيل أيضاً السينما المهجورة، والتي لم يعشعش فيها سوى الحمام على مدى عشرين عاماً. فقد خطّطا لإعادتها إلى الحياة مرة أخرى. وبعد مرور عامين؛ حمل رجال الشرطة الفلسطينية أسلحة حقيقية لحماية رئيس الوزراء سلام فياض، الذي حضر لافتتاح السينما. وحالة الأوضاع هادئة للغاية في جنين، لدرجة أنّ الساسة يوصون بها كنموذج يُحتَذى لجميع الأراضي الفلسطينية. لقد اصفرّ لون الملصق الذي يحمل صورة آخر « شهيد »، وهو مقاتل ذو لحية قتله الإسرائيليون. وبجوار هذا الملصق إعلان بألوان زاهية يروِّج لشركة سجائر فرنسية تحت شعار « حرِّية إلى الأبد ». حضر الافتتاح بيانكا جاغر، الزوجة السابقة لمغني الرولينغ ستونز يتمّ التدخين كثيراً في موقع بناء السينما، حيث تتخذ شاشة العرض مكانها في ليلة الافتتاح. دون جيش من المساعدين الألمان والفلسطينيين لم يكن ليتحقّق ذلك، والكثيرون منهم حديثو السن، أقل من العمر الذي كان سيكون فيه أحمد اليوم. لقد غطّى مبلغ يُقدّر بنحو مليون يورو من جملة التبرّعات، منها الثلث من وزارة الخارجية الألمانية، لبناء قاعة السينما ومسرح في الهواء الطلق، وكذلك عدد من الاستوديوهات ودار ضيافة. أمّا سعر تذكرة الدخول للسينما فتتكلّف ما يعادل 2 يورو. ولكن هذا لا يكفي من أجل تمويل العمل في السينما. ولذلك يجب أن تحصل « سينما جنين » على المال بطرق أخرى – عن طريق الإعلانات التجارية، الدبلجة والترجمة في استوديوهات خاصة بها كبداية. ولكنّ هذا ليس هو التحدِّي الوحيد؛ حيث يقول فخري حمد، وهو القوّة الثالثة الفاعلة في إقامة السينما مع فيتر والخطيب: « لا نريد أن نُحدِث صدمة ثقافية هنا. فيجب أن يحدِّد الناس بأنفسهم ما يريدون، ما يعجبهم وما يريدون مشاهدته. » ولا يسيطر الإسلاميون على جنين كما هو الحال في غزة، ولكنّ السكان مسلمون. ولقد ابتهج المنظمون بحضور المفتي بالقبعة مخروطية الشكل مراسم الافتتاح، قبيل حضور بيانكا جاغر، الزوجة السابقة لمغني الرولينغ ستونز. وينتمي المفتي، وهو أعلى سلطة دينية في المدينة، أيضاً إلى اللجنة التي تقرِّر نوعية الأفلام التي يتمّ عرضها. وهو يدعم السينما الجديدة تماماً مثل مجلس المدينة، رغم أنّ نصف أعضائه منتمون لحركة « حماس »، ولكنهم يتميّزون بسعة أفق أكثر من إخوتهم في غزة. ومع ذلك؛ فقد كان هناك عدم تأكّد من ترتيب جلوس الضيوف في القاعة، فهل يميل الضيوف إلى جلوس الرجال والنساء كلّ على حدة كما هو الحال في بعض الدول الإسلامية الأخرى؟ يضحك حمد قائلا: « لقد اندفعوا إلى القاعة وجلسوا إلى جوار بعضهم بعضاً. » في العام الماضي أحرق المتطرفون مدرسة الموسيقى لقد كان هناك في العام الماضي مبرِّر للقلق، حيث ذهب السكان بعيداً في التعامل مع المشروعات الثقافية التي تجتذب الأجانب إلى مدينتهم في كثير من الأحيان. فقد أحرق المتطرِّفون مدرسة الموسيقى الوحيدة. كما تمّ فصل مديرة أوركسترا الأطفال في مخيم اللاجئين، بعد أن تجرّأت بالسماح للأطفال بالظهور في « يوم الأعمال الصالحة » أمام ناجين من المحرقة. وقد أخفقت محاولتان للاعتداء على « مسرح الحرية » في مخيم اللاجئين، وهو المسرح المهني الوحيد في شمال الضفة الغربية. لقد كانوا على ما يبدو معتدين أفراداً، لم يحسبوا أنهم لن يجدوا تعاطفاً من السكان في مدينة أصبحت مدينة ثقافية. ويُحظَر على اليهود الإسرائيليين السفر إلى الأراضي الفلسطينية. ويُسمَح لعرب إسرائيل منذ أيّار/ مايو في نهاية العام الماضي بالسفر إلى جنين مرة أخرى. وتسافر مئات السيارات التي تحمل لوحات إسرائيلية صفراء كلّ عطلة نهاية أسبوع عبر الحدود. حيث تجتذبهم الأسعار المنخفضة والطعام الجيد. كما أنّ كثيراً من الزائرين هم من الأصدقاء والأقارب. وتقول سيدة من مدينة العفولة الإسرائيلية بحماس: « إنّ الوضع هنا مختلف عما هو في إسرائيل. فالناس أكثر ودّاً. ويشعر المرء أنه بين أهله ». وفي كلّ مكان تفتح محلات ومطاعم جديدة، ولكن ما زالت هناك نسبة خمسين في المائة متعطلين عن العمل. في السينما الصيفية يشعر الناس كأنهم بعيدون ما زالت الطرق عبر الحدود مغلقة في وجه معظم الناس من جنين، ولكن في حديقة السينما الصيفية يمكن للمرء أن يشعر أنه ذهب بعيداً. وللأطفال يوجد الشاطئ الصغير – وهو شريط من الرمل بالقرب من بركة صغيرة من مياه البحر والفسيفساء على الجدران. مرح أصواتهم يتردّد، بينما آباؤهم في الجوار يشاهدون « قلب جنين ». لا يتجاوز بعضهم السنّ الذي توفي فيه أحمد. ومثله، لم تُتَح لهم في حياتهم القصيرة حتى الآن لرؤية البحر، الذي يبعد أربعين كيلومتراً من جنين.
نحـن منتقدو إسرائيل ـ الشرق الأوسط يتحوّل إلى منطقة لتسليط الأنظار
الكاتب/ معدّ التقرير: لارس رينسمان Lars Rensmann ألمانيا ـ صحيفة « تاغز تسايتونغ » اليومية Tageszeitung الموقع الإلكتروني 8 آب/ أغسطس 2010 يرى لارس رينسمان في مقاله المنشور في صحيفة « تاغز تسايتونغ » الألمانية، أنّ هناك « تطرّفاً في انتقاد إسرائيل، انتشرت معه صور معاداة السامية في الكتابات والرسوم الكاريكاتيرية ». كما أنّ هناك بعض المنتقدين، حسب الكاتب، يكيلون الاتهامات للجانب الإسرائيلي، بينما يغضّون الطرف عن « الهتافات المعادية للسامية التي يطلقها الإسلاميّون » ليتقاربوا بذلك مع « اليمين التركي المتطرِّف »، أو ينغمسون في عبادة العنف، ويشعرون بذلك أنهم متفوِّقون أخلاقياً عندما يجلسون في القارب ذاته مع اليمين التركي المتطرِّف. إذا ما بحث المرء عن كلمة « إسرائيل » في غوغل؛ فسيعثر مباشرة على الكثير، فالإنترنت مُكدّس برسوم الكاريكاتير التي تصوِّر اليهود على أنهم ذوو العقل المدبِّر أو عناكب معقوفي الأنف، الذين يريدون – انطلاقاً من إسرائيل – السيطرة على العالم أو استخدام دماء الأطفال الفلسطينيين في إعداد فطير عيد الفصح. كما أنه من المُحبّب أن يتمّ تصوير اليهود الإسرائيليين على أنهم نازيّون. تظهر هذه الصور من معاداة السامية في العديد من النماذج – بداية من الموقع الألماني الذي يصوِّر (رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق) إيهود أولمرت في زيّ النازي، وحتى ادعاء صحيفة « إلموندو » الأسبانية بأنّ إسرائيل أقدمت على « محرقة ثانية ». والحديث عن « معسكر التركيز في غزة » خلق في بعض الأماكن في أوروبا نوعاً من الخطاب السائد. والأكثر عجباً أن بعضهم يرون أنّ هناك قمعاً لانتقاد إسرائيل. في الواقع؛ لا توجد دولة تمّ تصويرها بصورة شيطانية يتساوى شعبها مع النازيين؛ مثل إسرائيل ومواطنيها اليهود. هذه المساواة التي تقلِّل من شأن المحرقة وتسخر من ضحاياها؛ صنفها الاتحاد الأوروبي على أنها من صور معاداة السامية، وذلك لسبب وجيه. والحقيقة أنّ مثل هذه التشبيهات والتي ليست « بالضرورة من صور معاداة السامية »، كما أشار أرمين بفال- تراوغبر ـ صحيفة « تاغز تسايتونغ »، 16 تموز/ يوليو ـ، لا تقول شيئاً عن معناها المعادي لليهود. تسمِّم مناخ الرأي مثل هذه التشبيهات هي أمر بشع، ولكنها تسري على نطاق واسع. وقد أظهرت دراسة صادرة في عام 2004 عن معهد بيليفيلد لدراسات الصراع والعنف (معهد ألماني يتخذ من مدينة بيليفيلد مقرّاً له)، أنّ أكثر من ثلثي الألمان يعتقدون أنّ إسرائيل تشنّ « حرب إبادة » ضد الفلسطينيين. واتفقت نسبة 51.2 في المائة مع القول إنّ: « ما تفعله دولة إسرائيل مع الفلسطينيين اليوم، ليس – من حيث المبدأ- أكثر مما ارتكبه النازيون بحقّ اليهود في فترة الرايخ الثالث ». ربما تبدو وسائل الإعلام المحلية (الألمانية) أكثر حذراً في المساواة بالنازيين، مما عليه الحال في أماكن أخرى. ولكن يبدو أنّ هناك تفاوتاً بين الرأي العام والرأي المنشور. وعندما يزعم دانيال باكس ـ في صحيفة « تاغز تسايتونغ » بتاريخ 27 تموز/ يوليو ـ أنّ: « كثيراً من الألمان مقصودون بالدعاية التي تشنّها الحكومة الإسرائيلية اليمينية »؛ فإنّ ذلك يُعَدّ قلباً للحقائق. إنّ ممّا ينتمي للمفهوم الديمقراطي والعالمي؛ أن يتمّ توجيه الانتقاد للحكومات ومكافحة التمييز ضد الأقليات – سواء في ألمانيا أو في الشرق الأوسط. ولكن هل يوجد « انتقاد إسرائيل » يعادل « انتقاد مصر »؟ – مع ذلك فقد أصبح ذلك هاجساً لبعضهم، واتخذوا من « معاداة الصهيونية » وسيلة للتعبير عن معاداة السامية. وتحوّل الشرق الأوسط بالتالي إلى حالة إسقاط من معادي السامية والمتطرِّفين اليمينيين ومعادي الإمبريالية والإسلاميين. وتُعدّ المقارنات الكثيرة بالنازية أقوى مؤشِّر على ذلك. والتي تنعكس فيها الصورة التاريخية للجاني والضحية، والتي تنشأ عنها الرغبة بتخفيف عبء الذنب من مرحلة ما بعد النازية أو ما بعد الاستعمار، وفق شعار: انظروا، اليهود ليسوا أفضل ـ حسب وجهة النظر الألمان أو قوى الاستعمار الأوروبية ـ. وعلى ذلك يتمّ تفسير حتى الأعمال الإرهابية التي تقوم بها حركة « حماس » ضد السكان المدنيين، « كردّ فعل » لا بدّ منه، على « إرهاب الدولة » الإسرائيلية. وتبعاً لمعاداة السامية فإنّ « اليهود » يتحمّلون بذلك المسؤولية. ولأنّ معاداة اليهود، وفق الرؤية المعادية للصهيونية، هي اليوم ليست سوى نتيجة لسياسة إسرائيل؛ فإنه يتمّ الزعم بأنّ مسلك دكتاتور أفريقي سبب للعنصرية، ووفق ذلك يمكن وصف هذا النمط من التفكير على أنه عنصري. وبالنظر إلى إسرائيل؛ فإنّ ذلك أمر شائع. الاستشراق الملتوي إنّ مقارنات مع الجرائم التي ارتُكبت في فترة الحكم النازي؛ تختلف على الدوام تقريباً، كما نعلم من البحوث المقارنة حول الإبادة الجماعية. وينطبق هذا أيضاً عندما تقارن حكومة بنيامين نتنياهو إيران بألمانيا النازية. ومن ذلك عندما تروِّج حركة « حماس » لـ « بروتوكولات حكماء صهيون » المعادية للسامية بأنها « حقيقة حول السيطرة اليهودية على العالم »، وتنسخ رسوماً كاريكاتيرية من مجلة « المُهاجم » (مجلة Stürmer النازية التي كانت تصدر في النصف الأول من القرن العشرين) وتلقنها للأطفال، وأنهم يجب عليهم كشهداء « أن يقتلوا اليهود »، أو عندما يُنكر النظام الإيراني الهولوكوست ويدعو إلى تدمير الدولة اليهودية؛ فإنهما تضعان نفسيهما ضمن هذا التقليد. فالكراهية الإسلامية لليهود ليست أضغاث أحلام، ومن الضروري أن يتمّ تعيين مخاطرها. ويشير فصلها عن كونها مجرد ذريعة للهجوم على إيران؛ إلى أنّ تهديدات (الرئيس الإيراني محمود) أحمدي نجاد بإبادة إسرائيل ليست سوى خطابة. يلعب بعض اليساريين باستمرار دور معاداة السامية الإسلامية. فهم يغضّون الطرف عندما يردِّد « شهداء » إسلاميون هتافات معادية للسامية أو ينغمسون في عبادة العنف، ويشعرون بذلك أنهم متفوِّقون أخلاقياً عندما يجلسون في القارب نفسه مع اليمين التركي المتطرِّف، والذي يتبنّى « الاستشراق الملتوي » كعلامة لمرحلة ما بعد الاستعمار، والذي يستغلّ معاناة الفلسطينيين. فمع إعادة إنتاج المفاهيم الرومانسية لشخصية « الهمجي النبيل »؛ يبدو الفلسطينيون جيِّدون في الأساس وبالأخص كضحايا، ولكن ليس طرفاً إيجابياً له أفكاره والمسؤولية الخاصّة به. هذه اللوحة السوداء والبيضاء تقودنا لا محالة إلى صورة مُشوّهة – ليس فقط من الإسرائيليين؛ وإنما أيضاً من المجتمع الفلسطيني بصراعاته الداخلية والتناقضات والجهات الفاعلة فيه. إن من يُعنَى بحقوق الفلسطينيين؛ يجب عليه أيضاً أن يذكر عمليات الإعدام، وحرمان النساء والشواذ من الحقوق عن طريق حركة « حماس » في غزة، أو التهميش المنهجي للفلسطينيين في لبنان. النظرة الكوزموبوليتيكية (النظرة الاستيعابية الشاملة) لم تخفِّف الصور الواضحة للعدوّ من حدة الصراع. إنّ نظرة كوزموبوليتيكية يجب أن تشتمل على وجهة نظر الآخر، ولكنها لا يجب أن تكون حلا وسطاً في ما يتعلّق بالحقوق الأساسية للإنسان ورفض معاداة السامية والعنصرية، وألاّ تكون لديها معايير مزدوجة. إنّ من يصنِّف إسرائيل – من جهة الدكتاتوريات اللاإنسانية في المنطقة – على أنها « أكبر تهديد في الشرق الأوسط »، ويقلِّل من شأن معاداة السامية والاستبداد لحركة « حماس » و »حزب الله » وأحمدي نجاد؛ لا يكون دليلاً جيداً، عندما يتعلّق الأمر بالسلام في الشرق الأوسط.
الأدب السياسي: عابرو الحدود – إسرائيليون وفلسطينيون
الكاتب/ معدّ التقرير: إيغال أفيدان Igal Avidan ألمانيا ـ صحيفة « تاغز شبيغل » اليومية Der Tagesspiegel الموقع الإلكتروني 9 آب/ أغسطس 2010 يستعرض إيغال أفيدان في صحيفة « تاغز شبيغل » الألمانية، كتاباً تحت عنوان « عابرو الحدود – إسرائيليون وفلسطينيون »، للكاتبة ألكسندرا سينفت، والتي كانت تعمل أستاذة مساعدة في العديد من الحلقات الدراسية التي كان يديرها عالم النفس الإسرائيلي الراحل دان بر أون. وتحاول الكاتبة استعراض وجهات النظر الفلسطينية والإسرائيلية بشأن التعايش والصراع بين طرفي المعادلة الفلسطينيين والإسرائيليين. غير أنّ الكاتبة تمكّنت من التواصل بصورة أقرب مع شخصياتها الإسرائيلية؛ أكثر من الشخصيات الفلسطينية التي كانت محطّ تحليل في كتابها. وقد شغلت المؤلفة من قبل مواقع عدّة، فقد عملت مستشارة شؤون الشرق الأوسط في الكتلة البرلمانية لحزب الخضر الألماني، ومراقبة للأمم المتحدة في الضفة الغربية، ومتحدثة باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين « الأونروا » في قطاع غزة. من قلب صناعة السلام: تحاول ألكسندرا سينفت Alexandra Senfft أن تبعث حواراً بين الإسرائيليين والفلسطينيين. تجلس سيدة فلسطينية مُحجّبة على حجر جيري وتتطلّع من فوق التلّ إلى شاطئ تل أبيب. لا نرى وجهها، ولكنّ سلوكها ينمّ عن شوق وحزن. ربّما تكون في انتظار محاورها الإسرائيلي، لأنّ الصورة موجودة على غلاف كتاب ألكسندرا سينفت. في الوقت الذي لا يوجد فيه تواصل بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ولا يُسمح لليهود الإسرائيليين بدخول المناطق الفلسطينية، ولا يُسمَح إلاّ للقليل من الفلسطينيين بالعمل في إسرائيل – يبيِّن هذا الكتاب أنّ الحوار لا يزال ممكناً. وتشير سينفت إلى أنّ التجارب المؤلمة في كليْ الجانبين لا تُولِّد تلقائياً حالات العداء والكراهية، ويصعب أيضاً إدراك ضرورة التحاور مع الآخر وضرورة الاستماع إلى الآخرين وقصص حياتهم. هذا النوع من التواصل بين الناس المنتمين إلى شعبين مُتعاديْن؛ تعلمته ألكسندرا زينفت بوصفها أستاذة مساعدة في العديد من الحلقات الدراسية التي كان يديرها عالم النفس الإسرائيلي الذي رحل مؤخرا دان بر أون. وهناك تعرّفت على عدد من الشخصيات البارزة في الكتاب. وبالتالي؛ فإنّ معظم اللقاءات التي أُجريت معهم ليست مقابلات عادية؛ بل زيارات لدى الأصدقاء، وخاصّة من الجانب الإسرائيلي؛ حيث أقامت عندهم المؤلفة أحياناً. ويفيد ذلك القارئ في ضمان حصوله على نظرة من حياة الشخص الذي تجرى معه المقابلة، يتم تركيزها وتكثيفها عن طريق اللقطات الرائعة للمصور الشهير يودا باسوف. لم تتمكّن زينفت من الوصول إلى هذا القدر من التقارب مع غالبية الفلسطينيين، ويمثل خالد أبو عواد حالة استثنائية لذلك. إنه فقد تحت ضغط من الإسرائيليين، وظيفته كمدرِّس وأصبح عامل بساتين. وكان أخوه علي قد قُتل على يد مستوطن إسرائيلي، وقُتل أخوه يوسف بعد ذلك بأسبوع على يد جندي (إسرائيلي)، كما قُتل ابنه. ولذلك فقد أسّس مجموعة فلسطينية باسم « دائرة الآباء »، يكرِّس فيها الإسرائيليون والفلسطينيون الذين فقدوا ذويهم في هذا الصراع، جهودهم معاً من أجل السلام. أمّا رامي إلحنان، الشريك الإسرائيلي لأبي عواد، والذي تُعرَض قصته في الكتاب، فقد ابنته سمدار خلال عملية انتحارية، ومنذ ذلك الوقت انضمّ إلى المجموعة. وتقول زوجته نوريت إنّ كلاً من الجاني وابنتها ضحايا للاحتلال الإسرائيلي – وهذا رأي غير معتاد في إسرائيل. ولا تقوم ألكسندرا سينفت بدور الراوي السلبيّ، بل إنها تتدخل في الحوارات وتجذب الأطراف إليه. كما أنها تجرؤ على استعرض شخصية ناقدة من « صناعة السلام » المدعومة دوليّاً. فالصحفية الإسرائيلية التي تعيش في رام الله عاميره هاس، ترى أنّ كلمة « حوار » ما هي إلا كلمة جوفاء، تماماً مثل « سلام » و »مصالحة ». فهي ترى أنّ الحوار لا يكون حواراً إلاّ إذا كان له هدف إنهاء الاحتلال. ولا يوجد لعاميره هاس نظير فلسطيني، ولكنها من أجل ذلك تحكي عن والدتها، وهي أحد الناجين من معسكرات التركيز (النازية). فالمحرقة والدور النشط الذي لعبه جدّ سينفت – كسفير لهتلر إلى سلوفاكيا، وما تلا ذلك من الحكم عليه بالإعدام بتهمة ارتكاب جرائم حرب – هي أمور حاضرة دائماً، وتبدو أنها دفعت المؤلفة إلى الشروع منذ سنوات في تكوين صداقات بين الإسرائيليين والفلسطينيين: سواء كمستشارة شؤون الشرق الأوسط في الكتلة البرلمانية لحزب الخضر أو كمراقب للأمم المتحدة في الضفة الغربية ومتحدثة باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين في غزة. لا يمكن لجميع الإسرائيليين والفلسطينيين في هذا الكتاب أن يديروا حواراً حقيقياً. يحاول الضابط الإسرائيلي السابق حنان أوهانا تكون مثل هذه المجموعة من المستوطنين. غير أنّ المُستوطَنة لم تتمّ تسميتها حتى يمكن حماية المشاركين من جيرانهم. لا يوجد مجال للحوار مع جيرانهم الفلسطينيين لأنّ حلم طرف بقيام دولة فلسطينية؛ هو بمثابة كابوس للطرف الآخر. وتدعم المؤلفة علناً حلّ الدولتين: هنا إسرائيليّون وهناك فلسطينيّون، ولكنها تصف في كتابها العرب والبدو الإسرائيليين بأنهم فلسطينيون. وهذا يثير خلطاً، ويدعو للتساؤل: أين ينبغي وضع الحدود. تتمكّن ألكسندرا سينفت من الإنصات والمراقبة بعناية ووعمل وصف دقيق وحسّاس للأشخاص المثيرين للاهتمام. بل إنها تحاول عرض الإسرائيليين والفلسطينيين معاً، وتدرك على الفور حالة التباين الكبير بين أولئك الذين لديهم دولة؛ وأولئك الذين يعيشون تحت الاحتلال. فكتابها يقدِّم نظرة مُفصّلة على حياة بعض الإسرائيليين والفلسطينيين اللافتين للنظر، والذين جميعهم من عابري الحدود. ولكن مع الأسف؛ تترك سينفت أحياناً طريقها الواضح من أجل أن تطرح تساؤلات على يهود وفلسطينيين في لندن حول حي الفقراء في مدينة بئر السبع اليهودية، أو عندما تستشهد بخبير شؤون الشرق الأوسط فولكر بيرتس في برلين، أو عرضها للعلاقة الصعبة لزوجة أحد شخصيات كتابها مع والدتها. كما أنّ أبطال كتابها ليس لهم تأثير على المجتمعات التي يعيشون فيها. لا يزال غالبية الإسرائيليين (ربما يقصد الكاتب غالبية الإسرائيليين والفلسطينيين) غرباء عن بعضهم بعضاً ويعتبرون أنفسهم أعداء، رغم القرب الشديد. بيانات الكتاب بالألمانية: Alexandra Senfft: Fremder Feind, so nah. Begegnungen mit Palästinensern und Israelis. Edition Körber-Stiftung, Hamburg 2009. 334 Seiten, 20 Euro.
قطاع غزة .. قتال دموي بين الإخوة في « حمـاس »
الكاتب/ معدّ التقرير: أولريكه بوتس Ulrike Putz ألمانيا ـ مجلة « دير شبيغل » الأسبوعية Der Spiegel الموقع الإلكتروني 9 آب/ أغسطس 2010 تحاول أولريكه بوتس من خلال تحقيقها المنشور في مجلة « دير شبيغل » الألمانية، أن تُظهر حركة « حماس » على أنها حزب سياسي إسلامي متشدِّد لا يقبل بأي حال أن يكون هناك منتقدون له على الساحة، حتى وإن كانوا من داخل صفوف الحركة، بل ومن قادتها البارزين. ولا تتورّع الحركة، حسب ادعاء الكاتبة، عن اللجوء إلى تصفية هؤلاء المعارضين إذا ما دعت الحاجة إلى ذلك. كانت الساعة تشير إلى الثانية صباحاً يوم 16 تموز/ يوليو، عندما دقّ جرس الهاتف عند أسرة ورشارة. على الطرف الآخر من الخطّ كان أحد المسؤولين في حركة « حماس » الإسلامية المتشدِّدة التي تحكم في قطاع غزة منذ ثلاث سنوات. وعن ذلك يقول محمد ورشارة: « لقد أخبرني أنّ جثة ابني تمّ العثور عليها في أحد الأنفاق على الحدود مع مصر. » حتى هذه اللحظة كان ابنه منير، وهو قائد في كتائب عز الدين القسام التابعة لـ »حماس »، في عداد المفقودين منذ شهر. ويحكي والده في حجرة المعيشة في بيته في بيت لاهيا شمالي قطاع غزة: « لقد قيل لي إنّ منير قُتل على أيدي المصريين، ولكن ذلك غير صحيح، فمنير وُجد في جهتنا من النفق، والمصريون لا يمكنهم الوصول إلى هناك. لا بد وأنّ أحداً من حماس قد قام بقتله ». يعتقد الأب أنه يعرف لماذا تمّ اختطاف ابنه الذي كان يبلغ من العمر 36 عاماً، ولماذا كان عليه أن يموت؛ حيث يقول: « في الأسابيع التي سبقت اختفاءه اصطدم مع الكبار المحليين؛ حيث اتهمهم بالفساد. فقد قاموا بتوزيع أموال المساعدات على المُقرّبين منهم وليس على المحتاجين فعليّاً ». وبكى الأب البالغ من العمر 63 عاماً، عندما أظهر ملصق تأبين لابنه، قائلا: « لقد قتله رجال حماس، ثم يسيرون في جنازته. » ولكن يبدو أنه لن يتمّ الكشف أبداً عمّا إذا كان منير ورشارة قد قُتل بالفعل على أيدي أتباع حركة « حماس ». ولكن وفاته تُعدّ واحدة من كثير من الحالات التي لم تتّضح ملابساتها، والتي تُتهم فيها « حماس » بتصفية المعارضين لها في صفوفها. ويتحدّث الحقوقيون في قطاع غزة، والذين يرغبون بعدم الكشف عن هويتهم بسبب حساسية الموضوع، عن عشرات العمليات التي تمّ فيها طرح مثل هذه المزاعم؛ حيث يقولون: « من المستحيل تقريباً إثبات ذلك، لأنّ حماس تغطي على مثل هذه الحالات ». ويبدو أنّ حكام قطاع غزة لا يستثنون الأعضاء البارزين في صفوف « حماس » من عمليات التطهير، فمنير ورشارة على سبيل المثال كان أحد أهم من يقومون بشراء السلاح في المنظمة – وهذه حقيقة يردِّدها أبوه بكلّ فخر ولكن أيضاً بغضب، فهو يقول: « لقد جاب العالم من أجلهم. كان في إيران وسورية وأيرلندا. وقتلوه لأنه كان يريد حماية تعاليم حركة حماس الحقيقية من التزييف. » المؤيِّدون ينسلّون بكثافة وكدليل على ضلوع ابنه في ذلك قدّم أبوه محمد صورة يبدو فيها هو وزوجته في غرفة المعيشة مع الأسلحة التي جلبها ابنهما لـ »حماس »: قذائف مضادة للدبابات، وبنادق آلية، وقنابل يدوية. يتكلّم الأب، رغم أنه تمّ تهديده من قبل حركة « حماس » إذا ما قصّ روايته على الملأ. ويقول الأب: « أريد أن يعرف العالم ماذا تفعل حماس برجالها الذين يحاولون التحدّث ». ويبدو أنّ هناك سبباً لقيام « حماس » باستخدام العنف الوحشي من أجل إسكات المنتقدين بين صفوفها، فبعد ثلاث سنوات من تولِّي الإسلاميين المتشددين السلطة في قطاع غزة، انسلّ المؤيِّديون لها بكثافة. فخيبة الأمل موجودة على حدّ سواء بين المعتدلين والمتشدِّدين من أعضاء المنظمة، وينتشر السخط بين اليمين واليسار. وتتكوّن قيادة « حماس » الحالية من المحاربين القدماء الذين فرضوا منذ وصولهم إلى السلطة في قطاع غزة منذ ثلاث سنوات، نوعاً من السياسة الواقعية. وقد كان كلّ من رئيس حكومة « حماس » إسماعيل هنية، ووزير الخارجية محمود الزهار، والمقيم في المنفى في سورية خالد مشعل، من المتشدِّدين السابقين، وهم يؤيِّدون الآن الهدنة مع إسرائيل وإجراء مفاوضات مع حركة « فتح » المعادية لهم. ويرى بعض من أنصار « حماس » أنّ ذلك يمثِّل كثيراً من التنازلات، بينما يرغب آخرون بمزيد من الانفتاح مُجدّداً. والقسم الأخير، ومنهم منير ورشارة يرون أنّ الحركة أصبحت فاسدة. يقول سيِّد أبو مسامح، وهو أحد السبعة المؤسِّسين لحركة « حماس » وناقد معتدل للحركة التي ينتمي إليها: « إنّ الحزب انقسم إلى صقور وحمائم ». حيث يقول الرجل البالغ من العمر 63 عاماً، والذي ما زال من قيادات الحزب، إنّ كثيرين من أبناء جيله نشؤوا مع يهود. وكثير من هؤلاء الكبار يؤمنون بالتعايش السلمي وليس بقوة الصواريخ والعمليات الانتحارية. ولكنه يقول: « لكن الحزب يتأثّر اليوم بالمتشدِّدين الشباب، وهم يشكِّلون غالبية الأعضاء، ويقول القادة أمامهم ما يريدون سماعه ». ووفق أبو مسامح فإنّ « حماس » تحاول تحقيق أهدافها سياسياً على وجه الحصر، ويقول من حديقته المُظلّلة بأشجار الرمان والخوخ: « إنني ضد العنف ». ولكنّ الرجل الذي يعمل مدرِّساً لا يريد الانفصال عن منظمته التي أسّسها؛ حيث يقول: « أريد أن يتمّ التغيير في الحركة من الداخل. فنحن لا نستطيع أن نترك المجال أمام المتشدِّدين ». غير أنّ عدداً من رفقاء الحركة يريدون الانفصال أو أنهم بالفعل هاجروا داخلياً. أحد المتشددين الذين يرون في الأب المؤسِّس للحركة تهديدا، يقدِّم نفسه باسمه الحركي فقط: « أبو مصعب »، ومن أجل لقاء الشاب البالغ من العمر 25 عاماً في ساحة المنزل الداخلية المؤّمنة بالكثير من المسلحين، يجب أن تضع الزائرات من النساء الحجاب. وتُستثنى النساء الأجنبيات الزائرات من ذلك في بقية عقوبات غزة. « أبو مصعب » عضو في كتائب عز الدين القسام منذ خمس سنوات؛ حيث يدرس نهاراً الرياضيات وفي المساء يقاتل مع ميليشات « حماس » ضد إسرائيل. ويقول الشاب بمراراة: « أو على الأصح: كنت أقاتل ». فأبو مصعب، الذي صار مسؤولاً في الكتائب، يرى أنه من الخيانة أن يحظر قادة غزة إطلاق الصواريخ على أهداف إسرائيلية، قائلاً: « إنّ القيادة تحاول مداراة الغرب، ولذلك بدأ الناس في كراهيتها »، فـ »حماس » لم تعد متشدِّدة بما يكفي حسب العضو الشاب؛ حيث « بدلاً من أن يطبِّقوا الشريعة، يتقاربون مع الولايات المتحدة وأوروبا ». في مدينته جباليا في شمال قطاع غزة؛ غادر – وفقاً لأبو مصعب – نحو 15 في المائة من الأعضاء الشباب « حماس » بسبب مهادنتها، إلى الجماعات السلفية. وهو أيضاً يرغب بذلك، غير أنه ما زال عضواً براتب في الحزب، حيث يقول: « إنني أحصل على راتبي من حماس، ولولا ذلك لكنت غادرت منذ زمن طويل ». ربّما يلعب الخوف أيضاً دوراً في عدم رغبته بإعادة توجيه نفسه سياسياً. وذات مرة استعاد رجال « حماس » أبو مصعب؛ حيث لمسوا اتجاهاته المتطرِّفة وقاموا بتحذيره؛ حيث يقول: « لقد قاموا بحبسنا بضعة أيام. وتمّ تعذيب آخرين. وقد لقنني شيخ أنّ حماس تمثِّل الإسلام الصحيح ». لقد تلقّى تهديدات هو ومتمرِّدون آخرون؛ إما أن يتوقفوا عن توجيه الانتقاد لحركة « حماس »، أو أنّ الحركة ستنشر أنهم عملاء لإسرائيل، وهو ما يعني حكم الإعدام في قطاع غزة.
إسرائيل غير معنية باستقرار لبنـان
الكاتب/ معدّ التقرير: فريتس إيدلينغر Fritz Edlinger الأمين العام لجمعية العلاقات النمساوية العربية النمسا ـ النشرة الإلكترونية لـ »جمعية العلاقات النمساوية العربية » GÖAB Newsletter 10 آب/ أغسطس 2010 التوتر القائم على الحدود اللبنانية ـ الفلسطينية كان محور مقال فريتس إيدلينغر، رئيس جمعية العلاقات النمساوية العربية، في النشرة الإلكترونية الصادرة عن الجمعية. ويرى إيدلنغر في مقاله أنّ الجانب الإسرائيلي غير معنيّ بحدوث استقرار داخلي في لبنان، مستشهداً بمحطات تاريخية يثبت من خلالها أنّ القيادات الإسرائيلية على مرّ العهود نفذت مخططات تصبّ في هذا الاتجاه، لتضمن جبهة مؤيدة لها داخل الدولة المتاخمة لها، وخاصة في الجنوب اللبناني. الحادث الأخير على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية (الاشتباك الدامي الذي أعقب عملية اقتلاع شجرة) أعاد التذكير بمسألة الهدوء النسبيّ القائم منذ بضع سنوات في ما يتعلّق بالوضع الذي لم يُحلّ على هذه الجبهة من صراع الشرق الأوسط. ما تزال آثار العدوان الإسرائيلي في صيف عام 2006 لم يتمّ محوها بالكامل ـ حيث ما زالت هناك عشرات الآلاف من القنابل العنقودية غير المنفجرة تهدّد الحياة في جنوب لبنان بخطورة بالغة ـ، كما ما زال احتلال مزاع شبعا اللبنانية وقرية الغجر قائماً على حاله، ناهيك عن الانتهاكات التي تحدث بصورة يومية تقريباً للمجال الجوي اللبناني من قبل سلاح الجو الإسرائيلي والمناورات التي تجريها وحدة النخبة الإسرائيلية « غولاني » لتنفيذ هجوم جديد على لبنان. وإزاء هذه الخلفية؛ فإنّ هذا الحادث الأخير يصعب تفسيره على أنه نتيجة سوء تفاهم بين إسرائيل والجيش اللبناني وقوات (الأمم المتحدة العاملة في جنوب لبنان) اليونيفيل. فهناك دلائل كثيرة تشير إلى أنّ إسرائيل لديها اهتمام شديد بإبقاء هذه المشكلة ساخنة. وتعليق الصحفي الشهير في صحيفة « هآرتس » غدعون ليفي تحت عنوان « مسموح لنا فقط »؛ يذكر عدداً من الحجج القاطعة. لقد ساءت العلاقة بين إسرائيل ولبنان بشدّة منذ زمن لم تكن فيه الدولتان قد ظهرتا للوجود بعد. وفي هذا الإطار أقدِّم سرداً موجزا لتاريخ الثلاثينيات والأربعينيات والخمسينيات: هناك حقيقة تاريخية موثقة تماما مفادها أنّ إسرائيل غير معنيّة بحدوث استقرار داخلي دائم في لبنان. والاستشهاد الشهير عن مؤسس دولة إسرائيل دافيد بن غوريون في هذا الإطار يعود إلى عام 1937، عندما قبل المؤتمر الصهيوني العالمي في زيوريخ بحكومة مارونية تحكم لبنان، تكون في تحالف مع الدولة اليهودية المزمع إنشاؤها. (مقتبس من نور مصالحة: طرد الفلسطينيين، ص 88). في بداية حرب الاستقلال الإسرائيلية في بدايات عام 1948 عرض بن غوريون أهدافه في لبنان على النحو التالي: « الدور الإسلامي في لبنان مصطنع ويمكن تقويضه بسهولة. إنّ دولة مسيحية يجب أن تقوم وأن تكون حدودها الجنوبية نهر الليطاني. وسنقوم بتشكيل تحالف معها ». (مقتبس من توم سيغيف : 1949 ، الإسرائيليون الأوائل، ص 19). لذلك اتبعت إسرائيل منذ التأسيس هدفين في ما يتعلّق بلبنان: وضع نظام ماروني صديق لإسرائيل، ودمج جنوب لبنان الغنيّ بالماء ضمن الأراضي الإسرائيلية. إنّ موشيه ديان، الذي شغل في الخمسينيات منصب رئيس الأركان الإسرائيلي؛ قد جسّد أفكار بن غوريون على النحو التالي: « وفق رؤيته (ديان)، فإنّ كل ما نحتاج عمله هو العثور على ضابط مسيحي لبناني، وربّما لا تزيد رتبته العسكرية على نقيب، ونكسبه أو نشتريه بالمال، حتى يتسنّى لنا أن يعلن نفسه منقذاً للسكان الموارنة. ومن ثمّ يدخل الجيش الإسرائيلي لبنان ويحتلّ المنطقة ويقرّ حكومة مسيحية تشكل حليفاً لإسرائيل ». (مقتبس من بيني موريس: الضحايا الصالحون ، ص 497). ولأنّ ذلك ليس من أوهام نظرية المؤامرة، فقد أثبت خليفة بن غوريون وموشيه ديان، أريئيل شارون ذلك بإقامة « منطقة أمنية » في جنوب لبنان في عام 1979، وكذلك القيام بعملية غزو واسع للبنان في عام 1982، وهو ما أدّى في النهاية إلى احتلال جنوب لبنان، والذي استمر حتى عام 2000. وفكرة ديّان بإقامة ميليشيا مارونية تتبع إسرائيل تمّ تحقيقها في الموعد المحدّد، عندما قام العماد في الجيش اللبناني سعد حداد بتأسيس « جيش لبنان الجنوبي »، والذي أدار الجنوب اللبناني يداً بيد مع الجيش الإسرائيلي حتى شهر أيّار/ مايو 2000. وبعد الانسحاب النهائي للإسرائيليين من لبنان انهارت الميليشيا في غضون فترة زمنية قصيرة للغاية، وحصل قادتها الكبار على « اللجوء السياسي » في إسرائيل. وممّا يدل أيضاً على أنّ إسرائيل حتى بعد انسحابها في عام 2000 وعقب الحرب التي لم تنجح في عام 2006، لم تتخلّ عن مخططاتها بعيدة المدى من أجل زعزعة استقرار لبنان؛ هو عمليات الاعتقال الكثيرة لجواسيس إسرائيليين على يد السلطات اللبنانية خلال الإثني عشر شهراً المنصرمة. وعملية تسليح الجيش اللبناني، وبالأخصّ الخطورة التي يتعرّض لها الذين يريدون حماية الحدود فعلياً، قد دقّت أجراس الخطر في إسرائيل. وأخيراً؛ هناك عدد من الحقائق في ما يخصّ « حزب الله »: كما ذُكر آنفا، فإنه « الطفل » الناتج عن العدوان الإسرائيلي في سنتيْ 1979 و1982. إنّ حقّ لبنان والشعب اللبناني في مقاومة الهجمات المستمرّة التي تشنّها إسرائيل على مدى عقود، هو مشروع تماماً في رأيي، وبموجب القانون الدولي. وهذا لا ينسحب من المؤكد على الهجمات الإرهابية على المناطق الإسرائيلية؛ فهي مُدانة. والترتيب الزمني للأحداث يبرهن بوضوح شديد العلاقة السببية للأحداث. حتى ولو كان « حزب الله » قد ذهب أبعد من اللازم في بعض الأحيان، وارتكب جرائم؛ فإنّ المسؤولية الأولى عن الصراع تقع على عاتق إسرائيل بوضوح كامل. وفي هذه المناسبة؛ يُشار أيضاً إلى أنّ « حزب الله » ليس مجرد حركة مقاومة مُسلّحة؛ ولكنه أيضاً منظمة نشطة للغاية على المستويين الاجتماعي والإنساني، ومنذ انتخابات العام الماضي يُعدّ واحداً من الأحزاب الرئيسة في الحكومة اللبنانية. وتصنيفه كمنظمة إرهابية – كما فعلت الحكومة الأمريكية على سبيل المثال – واستبعاده من أيّ حوار سياسي؛ يأتي بنتائج عكسية ويعود بالنفع على مصالح إسرائيل.
Home – Accueil – الرئيسية