TUNISNEWS
8 ème année, N° 3067 du 15.10.2008
حــرية و إنـصاف : زيارة المضرب عن الطعام السجين السياسي السابق السيد عبد اللطيف بوحجيلة
الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين:ملاحقة المسرحين من السجناء في ذكرى الجلاء
حــرية و إنـصاف : عاجل : محاصرة منزل أيمن الدريدي بأم هاني معتمدية منزل بورقيبة
pdinfo : خــــــــــــبر عاجــــــــــــــــــــل : الأمن السياسي يحاول الدخول بالقوة إلى منزل أحد ضحايا قانون الإرهاب
الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين:إيقافات مجانية إستعداداً لذكرى جلاء
حــرية و إنـصاف : أخبار الحريات في تونس
إيلاف : حقوقيّان تونسيان يتعرّضان لتفتيش دقيق في المطار
الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين:بعد احتجاز تعسفي دام 4 أيام ..: الإفراج عن شبان بنزرت..!
الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين:إضراب عن الطعام بسجن المرناقية
الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين:إيقافات جديدة في سليمان
طلبة تونس : عاجل اعتقالات في معتمديه سليمان:ومصير الموقوفين مجهول
pdinfo : نابل : السلط الجهوية تتعهد بعدم مضايقة « جهاد المبروك »
البديل العاجل:الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان / فرع رادس-الزهراء-حمام الأنف : بيــــــــــــــان
pdinfo : قفصة : تحركات ميدانية تفرض على السلطة قبول التفاوض
الحزب الديمقراطي التقدمي جامعة قفصه : اســـتــــدعـــــــــــاء
جمعيات واحزاب تونسية:دعوة لليوم التضامني الوطني لإطلاق سراح مساجين الحوض المنجمي
حــرية و إنـصاف: الله لطيف:خضوع الأستاذ نورالدين البحيري إلى عملية جراحية
الجمعيات المكونة للائتلاف التونسي لمكافحة الفقر : دعوة بمناسبة الحملة الدولية لمكافحة الفقر
البديـل عاجل : المفاوضات الاجتماعية الحالية: هل ستكون نسخة من سابقاتها؟
موقع الحوار مع الشباب 2008:إستفتاء : هل الحجاب لباس دخيل على المجتمع التونسي :78.41% يصوتون ب (لا)
محمد الحمروني : بعد اشتداد الحملة على المحجبات تونس: دعوات للمفتي ووزير الشؤون الدينية للإفتاء في «الحجاب»
إسماعيل دبارة : منع عشرات المحجبات من مزاولة الدراسة في تونس
العرب : انتقادات واسعة وجهت لها : تونس: المسلسلات الرمضانية ضعيفة فنياً.. ومنحلة أخلاقياً
الجزيرة.نت : الأفلام المسروقة تهدد مستقبل السينما التونسية
إسلام أونلاين : احتجاج ضد ‘لامارسياز’ بملعب فرنسا الدولي!
أ ف ب : ساركوزي يستدعي رئيس اتحاد الكرة بعد ‘حوادث’ لقاء فرنسا-تونس
رويترز : 5.6 مليون سائح زاروا تونس خلال تسعة أشهر
فتحي العابد : قوانتانمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــو
فاضل السالك : أمام صاحبة الجلالة
محمد شمام: حتى لا يشوش على الواجب الشرعي – الحلقة الحادية عشرة
صلاح الجورشي : انتعاشة الخطاب الأيديولوجي في ظل الأزمة المالية العالمية
عبدالسلام المسدّي : «قد فهمتكم» : كيف يتم إنتاج الخطاب السياسي وكيف يتمّ استقباله؟
د. أحمد القديدي : إفلاس الرأسمالية أم أفول الغرب؟
توفيق المديني : الأهداف الأميركية من التطبيع النووي مع الهند
ياسر الزعاترة : «إرهابيون إسلاميون» في ضيافة الولايات المتحدة!
مهنا الحبيل : أميركا التي كانت.. ماذا عن أيتامها؟
حسن نافعة : مُـراجـعـات فـكـريّـة مـطـلـوبـة في زمـن الأزمـة
مصطفي عاشور : العوا: حديث القرضاوي عن التشييع رأي شخصي
محمد صادق الحسيني : رسالة اخوية مفتوحة الى شيخنا القرضاوي!
أبوجعفر العيوني : الردّ على رسالة محمد صادق الحسيني
محمد الشرقي : اعترف بجهود الرباط وإصلاحاتها السياسية والاقتصادية … : الاتحاد الأوروبي يمنح المغرب صفة «شريك مميز»
الحياة : الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي كان «حلم» الملك الرّاحل الحسن الثاني: «اتّفاق لوكسمبورغ» يدمج المغرب في الفضاء الأوروبي
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (
(To readarabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)
أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين تتواصل معاناتهم ومآسي عائلاتهم وأقربهم منذ ما يقارب العشرين عاما بدون انقطاع. نسأل الله لهم وللمئات من الشبان الذين تتواصل حملات إيقافهم منذ أكثر العامين الماضيين فرجا قريبا عاجلا- آمين
21- هشام بنور
22- منير غيث
23- بشير رمضان
24- فتحي العلج
|
16- وحيد السرايري
17- بوراوي مخلوف
18- وصفي الزغلامي
19- عبدالباسط الصليعي
20- الصادق العكاري
|
11- كمال الغضبان
12- منير الحناشي
13- بشير اللواتي
14- محمد نجيب اللواتي
15- الشاذلي النقاش
|
6-منذر البجاوي
7- الياس بن رمضان
8-عبد النبي بن رابح
9- الهادي الغالي
10- حسين الغضبان
|
1-الصادق شورو
2- ابراهيم الدريدي
3- رضا البوكادي
4-نورالدين العرباوي
5- الكريم بعلو
|
العنوان الوقتي لموقع مجلة ‘كلمة
‘
www.kalimatunisie.blogspot.com
أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي أطلقوا سراح جميع المساجين السياسيين
حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 15 شوال 1429 الموافق ل 15 أكتوبر 2008
زيارة المضرب عن الطعام السجين السياسي السابق السيد عبد اللطيف بوحجيلة
زار اليوم الأربعاء 15/10/2008 وفد من منظمة حرية و إنصاف يضم الكاتب العام السيد عبد الكريم الهاروني و السيد حمزة حمزة عضو المكتب التنفيذي السجين السياسي السابق السيد عبد اللطيف بوحجيلة الذي دخل في إضراب مفتوح عن الطعام منذ الثاني من أكتوبر 2008 للتعبير عن مساندة المنظمة لمطالبه المشروعة المتمثلة في تمكينه من العلاج و الحصول على جواز سفر و للاطمئنان على صحته ، و قد لاحظ الزائران تدهورا واضحا في الوضعية الصحية للمضرب عن الطعام و سجلا تشكيه من آلام على مستوى القلب. علما بأن السيد عبد اللطيف بوحجيلة أصيب أثناء فترة سجنه بمرض القلب و مرض سرطان الكلى و عانى من الإهمال الصحي في السجن و المماطلة في العلاج بعد إطلاق سراحه في 7/11/2007. و تجدر الإشارة إلى أن السيد عبد اللطيف بوحجيلة يمشي بصعوبة مستعملا عكازا بسبب تعرضه للاعتداء بالعنف الشديد من قبل مدير سجن المرناقية المدعو فيصل الرماني في شهر مارس 2007. و قد أعلمه رئيس مركز الشرطة بمقرين برفض مطلبه للحصول على جواز سفر دون تقديم أي مبرر مما اضطر السيد عبد اللطيف بوحجيلة إلى تقديم قضية لدى المحكمة الإدارية في الغرض. و حرية و إنصاف 1) تجدد تضامنها مع السيد عبد اللطيف بوحجيلة في إضرابه عن الطعام كشكل سلمي في الدفاع عن حقوقه المشروعة في العلاج و في الحصول على جواز سفر. 2) تعبر عن انشغالها البالغ لما لاحظته من تدهور في وضعيته الصحية قد يعرض حياته للخطر 3) تناشد كل الجمعيات و المنظمات الوطنية و الدولية إلى التدخل من أجل إنقاذ حياة السيد عبد اللطيف بوحجيلة و تحقيق مطالبه المشروعة بضمان حقه في العلاج و في جواز سفر دون مماطلة. 4) تدعو السلطة للاستجابة لمطالب المضرب عن الطعام و تحملها مسؤولية ما يمكن أن ينجر عن رفضها و مماطلتها من تعريض لحياته للخطر بعد أن وجد نفسه مضطرا للجوء إلى الإضراب عن الطعام.
للاطمئنان على صحته و التعبير عن المساندة يرجى الاتصال بالأرقام التالية:
0021623048533/0021679416197 عن المكتب التنفيذي للمنظمة المكلف بالإعلام الدكتور سامي نصر
“ أطلقوا سراح جميع المساجين السياسيين “ الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين
نهج الجزيرة تونس 43 e-mail: aispptunisie@yahoo.fr تونس في 15 أكتوبر 2008
ملاحقة المسرحين من السجناء في ذكرى الجلاء
دُعيَ السجين السابق الشاب أيمن الدريدي من قبل أعوان أمن منزل بورقيبة عند الساعة الرابعة صباحاً إلى مصاحبتهم إلى مركز الأمن حيث يتعيّن عليه، بحسبهم ، المكوث هناك إلى حين مغادرة رئيس الجمهورية لمدينة بنزرت، الذي أدى اليوم زيارته السنوية للمدينة بمناسبة الاحتفال بذكرى جلاء القوات الفرنسية عن بنزرت في 15 أكتوبر 1963 . وقد تصدت لأعوان الأمن، والدة أيمن الدريدي السيدة نعيمة الفضيلي، معبرة عن رفضها تسليم إبنها لهم إلا إذا قدموا لها إستدعاءاً رسمياً ، فإضطر أعوان الأمن إلى أن يُركِنوا سيارتهم على مقربة من محل سكنى أيمن الدريدي ووالدته مراقبين المنزل لساعات طوال.كما دعى أعوان أمن منزل بورقيبة الشاب حامد المكي إبن السجين السياسي السابق المرحوم الهاشمي المكي للحضور عند الساعة الثامنة صباحاً إلى مركز أمن منزل بورقيبة، ولدى عدم إمتثاله جابت سيارة الأمن محل سكناه بمنزل بورقيبة بحثاً عنه. وفيما أرغم أعوان أمن بمدينة بنزرت عدد من الشباب على المكوث في مركز أمن بوقطفة إلى حين غادر رئيس الجمهورية المدينة من بينهم أشرف المرايدي وأيمن الغربي، لاذ الشاب عماد بالخوجة و عصام المزي و نزار الجميعي بالإختباء لدى أقربائهم وبعيداً عن أنظار أعوان الأمن : محمد خليجان ومراد العبيدي ونبيل بن حسين…إلخ الذين ظلوا يجوبون الأنهج والشوارع بحثاً عمن لم يُجب الدعوة . أما السجينين السياسيين السابقين السيد علي النفاتي والسيد رفيق بن قارة فقد لازم عون أمن مراقبتهما منذ الصباح عند محل عملهما بمنزل الجميل إلى أن غادرا المحل عند منتصف النهار. والجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين التي تعلم أن في مثل هذه المناسبة كانت الأجهزة الأمنية ببنزرت قد دأبت منذ تسعينات القرن الماضي على ملاحقة السجناء السياسيين وإجبارهم على المبيت بمخافر الأمن كل ليلة من ليالي 15 أكتوبر من كل عام، تندد بهذا النهج الأمني الخاطىء الذي يجعل من الهواجس الأمنية مبرر لإنتهاك حريات المواطنين ويجعل من الاحتفالات الوطنية مناسبة لتجريم الأبرياء . الكاتب العام للجمعية الأستاذ سمير ديلو
أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي أطلقوا سراح جميع المساجين السياسيين
حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :
liberte.equite@gmail.com تونس في 15 شوال 1429 الموافق ل 15 أكتوبر 2008
عاجل
محاصرة منزل أيمن الدريدي بأم هاني معتمدية منزل بورقيبة
عمدت قوات البوليس السياسي فجر هذا اليوم الأربعاء 15/10/2008 إلى مداهمة منزل سجين الرأي السابق الشاب أيمن الدريدي الكائن بأم هاني معتمدية منزل بورقيبة ، و قد منعتهم والدته السيدة نعيمة الفضيلي من الدخول و أغلقت أبواب المنزل فتم استدعاء قوات إضافية و تمت محاصرة المنزل بالكامل و لا تزال هذه الوضعية إلى حد الساعة العاشرة من صباح اليوم. علما بأن هذه المداهمة تأتي في إطار عادة البوليس السياسي في ولاية بنزرت الذي يعمد في كل مناسبة احتفال بالجلاء ( 15 أكتوبر ) إلى اعتقال المساجين السياسيين السابقين و مساجين الرأي حتى انتهاء زيارة المسؤولين إلى الولاية ، و هو إجراء معروف أيضا في عديد الولايات الأخرى بما يجعله سياسة متبعة إذ سجلنا في السابق تعرض المساجين السياسيين و سجناء الرأي السابقين في ولاية الكاف إلى الاعتقال بمناسبة الاحتفال بأحداث ساقية سيدي يوسف. و تجدر الإشارة إلى أن الشاب أيمن الدريدي تعرض إلى المحاكمة و السجن من أجل تهم لها علاقة بقانون 10/12/2003 غير الدستوري كما تعرض للتعذيب الشديد و الاعتداء عليه من قبل مدير سجن برج الرومي الذي ضربه بالمصحف الشريف مما جعل الشاب يرفع قضية عدلية ضد المدير المذكور لم ينظر فيها إلى الآن. و حرية و إنصاف 1) تستنكر لجوء قوات البوليس السياسي في ولاية بنزرت إلى مثل هذا الأسلوب المستهجن الذي ينم عن عقلية التشفي و التنكيل المهيمنة على أصحابها مثل اعتقال مساجين رأي سابقين لا لشيء إلا لأن مسئولا يزور الولاية بمناسبة ذكرى الجلاء و تطالب برفع الحصار فورا. 2) تدعو السلطة إلى ضبط عناصر البوليس السياسي و إلزامهم باحترام القانون المتعلق بالإيقاف حتى لا تتكرر مثل هذه المضايقات غير المبررة و المخالفة للقانون. 3) تناشد كل المنظمات و الجمعيات الحقوقية إلى التدخل من أجل وقف هذه الممارسات اللاقانونية و اللاإنسانية التي تسيء إلى سمعة البلاد. عن المكتب التنفيذي للمنظمة
المكلف بالإعلام الدكتور سامي نصر
خــــــــــــبر عاجــــــــــــــــــــل الأمن السياسي يحاول الدخول بالقوة إلى منزل أحد ضحايا قانون الإرهاب
أفادت مصادر حقوقية أن قوات الأمن حاولت الدخول إلى منزل « أيمن دريدي » أحد ضحايا قانون الإرهاب المفرج عنهم ، و بعد تصدي أفراد العائلة و رفضهم السماح لعناصر الأمن الدخول إلى داخل المنزل لتفتيشه إستنجدت منطقة الشرطة ببنزرت بعدد آخر من الفرق الأمنية قاموا بمحاصرة المنزل دون أي محاولة أخرى لإقتحامه و الإكتفاء بمراقبة الوضع بحذر . و إلى حدود كتابة هذه الأسطر لازال منزل عائلة » الدريدي » خاضع لرقابة أمنية مشددة دون الإعلان عن سبب المحاصرة و تجاهل إستفسارات أفراد العائلة معز الجماعي
(المصدر:موقع الحزب الديمقراطي التقدمي بتاريخ 15 أكتوبر 2008)
“ أطلقوا سراح جميع المساجين السياسيين “ الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين نهج الجزيرة تونس 43 e-mail: aispptunisie@yahoo.fr تونس في 13 أكتوبر 2008
إيقافات مجانية إستعداداً لذكرى جلاء
يتعرض الشاب سيف الدين بن مصطفى بن علي الهمامي من مواليد ديسمبر1984 إلى تضيقات من قبل أعوان أمن منزل بورقيبة قد لا يكون آخرها ، ما حدث معه يوم الإربعاء 24 ديسمبر 2008 حين قام عون الأمن المسمى عادل المعروف بـ« ولد الشيات» بمعية المسمى « رضا » وهو معروف أيضاً لدى أهالي منزل بورقيبة، بانتزاع هاتفه الجوال والإعتداء عليه أمام الناس بالضرب إلى أن تمزقت ثيابه.ويذكر أن هذه التضيقات التي يتعرض لها الشاب سيف الدين تتم على خلفية تدينه وتردده على المساجد ، وهو العائل الوحيد لعائلته بعد وفاة والده . كما قام أعوان أمن منزل بورقيبة مستقلين سيارة مدنية عند الساعة العاشرة صباحاً من يوم الجمعة 2008.10.10 (من بينهم عون الأمن المسمى عادل المعروف بـ« ولد الشيات » بإعتراض الشاب بشير الطبوبي ( نجار) وهو في طريق العودة بحي النجاح في مدينة منزل بورقيبة إلى ورشته وأكرهوه على ركوب السيارة ثم إصطحبوه معهم بعد أن تركوا دراجته الهوائية لدى رفيق له ، وفي طريقهم قاموا أيضاً باقتياد الشاب محمد بن محمد دمدوم ورفيقه الشاب مُعـز العموشي لما كانا يقومان بترميم رصيف أمام محل يعود إلى خالة الشاب محمد دمدوم فـأكرهوهما أيضاً بالقوة على ركوب سيارة مدنية ، تاركين جدة الشاب محمد دمدوم المريضة وخالته الحامل تصرخان في ذعـر وهلع. وفي مركز أمن بوقطفة ببنزرت، قام أعوان بحجز هاتف الشاب محمد دمدوم و نزع ثيابه وإهانته بوضعيات مختلفة ثم الأعتداء على الشباب الثلاث بالعنف ضربا وركلاً وبالعصي، فيما كانت أسئلة توجه إليهم من مثل: من تعرف من الشباب الذين خرجوا من السجن ؟ هل حضرت وليمة ؟ كيف تؤدي صلاتك سبلاً أم قبضا؟ ولم يُخلَ سبيل الشباب الثلاثة إلا في ساعة متأخرة من الليل حيث إضطرا كل من معز العموشي و محمد دمدوم للعودة إلى مدينة منزل بورقيبة (نحو 20 كلم عن مدينة بنزرت) مشياً على الأقدام . والجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين إذ تسجل هذه الإنتهاكات المتجددة والمكثفة، في كل عام من هذا الشهر، إستعداداً لذكرى جلاء القوات الفرنسية عن مدينة بنزرت ، فإنها تدعو السلطات الأمنية المسؤولة إلى التدخل لمحاسبة أعوانها المسؤولين عن مثل هذه الإنتهاكات، وحملهم على الكف عن الإيقافات العشوائية والتحقيقات المجانية ، كما تدعوها للتدخل لفائدة الشاب محمد دمدوم قصد تمكينه من إسترجاع حاسوبه الذي إحتُجز منه منذ سنة 2007 . الكاتب العام للجمعية الأستاذ سمير ديلو
أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي أطلقوا سراح جميع المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com
تونس في 15 شوال 1429 الموافق ل 15 أكتوبر 2008
أخبار الحريات في تونس
1) اعتقال الشاب صابر النفاتي: داهمت مجموعة من أعوان البوليس السياسي على متن سيارة بيضاء منزل الشاب صابر بن الهادي النفاتي الكائن بزنقة محمد الجويني عدد 13 بحي المستقبل بولاية أريانة على الساعة الحادية عشر و النصف من مساء يوم الثلاثاء 14/10/2008 و اقتادوا الشاب المذكور إلى جهة مجهولة ، و في منتصف الليل اتصل والده بمنطقة الشرطة بالمنزه الخامس للسؤال عنه فأجابوه بعدم وجود ابنه لديهم. علما بأنه تم إيقاف الشاب صابر النفاتي من قبل في شهر نوفمبر 2007 حيث احتفظ به لمدة خمسة أيام لدى إدارة أمن الدولة بوزارة الداخلية ثم أطلق سراحه على خلفية تصويره أثناء مشاركته في مسيرة تضامنية مع العراق أيام الغزو الأمريكي لهذا البلد الشقيق سنة 2003 و منذ ذلك الوقت و هو تحت المراقبة الأمنية. 2) تدهور الوضعية الصحية لسجين الرأي ماهر عبد الحميد: يعاني سجين الرأي الشاب ماهر عبد الحميد المعتقل حاليا بسجن المرناقية من مضاعفات شديدة و تورم بلثته منعه من الأكل علما بأنه يستعمل طاقم أسنان منذ سنة تقريبا و هو في حاجة ماسة إلى خلعه و تعويضه ، و قد أخبرتنا والدته التي زارته في الأسبوع الفارط بأن وضعه الصحي قد تدهور نتيجة هذه المضاعفات خاصة و أن إدارة السجن المذكور ما زالت تماطل في عرضه على طبيب الأسنان. و تجدر الإشارة إلى أن السيد ماهر عبد الحميد اعتقلته السلطات السورية و سلمته لتونس حيث أودع السجن من أجل تهم لها علاقة بقانون 10/12/2003 الغير دستوري. 3) شادي بوزويتة و جلسة الاستئناف: تنظر المحكمة الابتدائية بنابل بوصفها محكمة استئناف لأحكام الناحية غدا الخميس 16/10/2008 في قضية الشاب شادي بوزويتة الذي أصدرت ضده محكمة ناحية نابل حكما بالسجن مدة شهر من أجل الاعتداء على الأخلاق الحميدة و هضم جانب موظف. علما بأن السيد شادي بوزويتة يتعرض منذ مدة إلى مضايقات عديدة من قبل عون البوليس السياسي بنابل المدعو تميم التريكي الذي أمعن في مضايقته و هرسلته. عن المكتب التنفيذي للمنظمة المكلف بالإعلام الدكتور سامي نصر
حقوقيّان تونسيان يتعرّضان لتفتيش دقيق في المطار
إسماعيل دبارة من تونس: قال الدكتور سامي نصر مسؤول قسم الإعلام في منظمة حريّة و إنصاف للدفاع عن حقوق الإنسان بتونس لإيلاف اليوم إنّ كلاّ من رئيس المنظمة المحامي محمد النوري و عضو مكتبها التنفيذي عبد الرؤوف العيّادي تعرّضا إلى تفتيش دقيق تمّ على إثره حجز وحدة تخزين المعلومات (flash disc) الخاصة بالحقوقي النوري. وقال سامي نصر:’حصل التفتيش في مطار تونس قرطاج الدولي لمّا كانا متوجّهين إلى العاصمة الفرنسية باريس ، وحجز وحدة تخزين المعلومات الخاصة بالاستاذ محمد النوري تمّ بعد تفتيش محفظته ودون تحرير محضر حجز في الغرض وهذا أمر مخالف تماما للقانون’.و ندّد سامي نصر بما سمّاه ‘التفتيش المهين الذي تعرض له محمد النوري و عبد الرؤوف العيادي’ و دعا إلى’ وضع حد لمثل هذه المضايقات التي يتعرض لها النشطاء الحقوقيون و المناضلون السياسيون أثناء سفرهم’. (المصدر: موقع إيلاف (بريطانيا) بتاريخ 15 أكتوبر 2008)
“الحرية لجميع المساجين السياسيين “ الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين نهج الجزيرة تونس 43 e-mail: aispptunisie@yahoo.fr تونس في 08 أكتوبر2008
بعد احتجاز تعسفي دام 4 أيام ..: الإفراج عن شبان بنزرت..!
إستعاد شبان بنزرت الأربعة حريتهم مساء اليوم الإربعاء 08 أكتوبر 2008 و انتهت معاناة عائلاتهم بعد 4 أيام قضتها دون أي معلومة عن مكان تواجدهم و لا سبب اختطافهم ، و إذ تعبر الجمعية عن ارتياحها لإطلاق سراح نور الحق بالشيخ و وليد بوكرعين و محمد أمين الحنيني و اسكندر البوغانمي و حكيم البوغانمي و حسني البوغانمي فإنها تطالب بوقف حملات التمشيط و الإعتقالات التعسفية و الإحتجاز خارج رقابة القضاء بتعلات واهية و في إطار حملات أمنية استباقية . كما تجدد الجمعية مطالبتها بإطلاق سراح من تبقى من مساجين العشريتين ووقف مسلسل محاكمات الرأي و إلغاء قانون « مكافحة الإرهاب » اللادستوري . عن الجمعيــة الرئيس الأستاذة سعيدة العكرمي
أطلقوا سراح جميع المساجين السياسيين “ الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين نهج الجزيرة تونس 43 e-mail: aispptunisie@yahoo.fr تونس في 13 أكتوبر 2008
إضراب عن الطعام بسجن المرناقية
دخل السجين السياسي بدر الدين بوزواج بسجن المرناقية مع سجناء أخرين في إضراب عن الطعام منذ نحو ثمانية أيام ، فيما قامت إدارة السجن بمعاقبتهم بالضرب والتعذيب بعد وضعهم في العزلة (السيلون) ، وقد دخل المضربون عن الطعام للمطالبة بإخلاء سبيلهم معتبرين مانسب إليهم من تهم باطلة و أن المحاكمة التي قضت ضدهم بالسجن محاكمة ظالمة. ويطالب السجين نوردين بوزواج (رقم 5704 جناح – ح ) بتمكينه من الدواء لاسيما وأنه يُعاني من أمراض بالكلى والأعصاب وهو يُطالب بإستلام دواء كانت عائلته منذ 21 أوت 2008 قد وضعته على ذمته لدى إدارة السجن. والسجين السياسي بدر الدين بوزواج المولود في 29 أفريل 1978 والمتخرج من مركز التكوين المهني ببرج سدرية كان قد حوكم في القضية عدد6/7966 في طور الإبتدائي بأربعة سنوات سجن وبعقوبة تكميلية متمثلة في خمسة سنوات مراقبة إدارية . والجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين، تدعوا إدارة سجن المرناقية وقف إعتداءاتها على السجناء وتُحملها مسؤولية ما يمكن أن يصيبهم من أذى جراء التعذيب والعقاب بالعزلة . لجنة متابعة شؤون السجون
“ أطلقوا سراح جميع المساجين السياسيين “ الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين نهج الجزيرة تونس 43 e-mail: aispptunisie@yahoo.fr تونس في 13 أكتوبر 2008ذ
إيقافات جديدة في سليمان
لا يزال الطالب صحبي شورابي والهادي الخياري ووجدي البرهومي قيد الإعتقال لدى مخافر الأمن منذ خمسة أيام بعد أن إقتيدوا بالقوة من محلات سكناهم بمدينة سليمان. وعائلات الشباب الثلاث التي لاتعرف مصير أبنائها تعيش حالة من الهلع والخوف خشية أن يلحق بهم أذى . والجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين التي تشدد دوماً على ضرورة إلتزام القوانين حيال عمليات الإيقاف ، تحمّل السلطات الأمنية مسؤولية، تعريض الشباب الثلاث إلى أي اعتداءات على حرمتهم الجسدية وتدعوها إلى إخلاء سبيلهم فوراً. الكاتب العام للجمعية الأستاذ سمير ديلو
عاجل
اعتقالات في معتمديه سليمان:ومصير الموقوفين مجهول
لا تزال الاعتقالات في معتمديه سليمان بولاية نابل أو كما تسميها بعض الجهات الضاحية الجنوبية (منذ أحداث 23 ديسمبر 2006 ) على قدم و ساق فقد بلغني الليلة 12 /10/2008 أن صحبي الشورابي و هو طالب مرحلة ثالثة بكلية العلوم ببنزرت في سنة ثانية ماجستير اختصاص المخابر الطبيعية و الهادي لخياري وهو تقني سامي ووجدي البرهومي قد تم اقتيادهم من منازلهم والتحفظ عليهم منذ 5 أيام و لا أحد يعلم عنهم شيئا إلى الآن حتى عائلاتهم !!!! فإلى متى تستمر هاته التجاوزات و إلى متى ستظل السلطة تخبط خبط عشواء وتقتاد إلى دهاليزها من تشاء بغير حساب أتراه هذا هو التحدي الذي تراهن عليه السلطة؟؟؟ أم أن الشباب صار هو المشكل وليس الحل ؟؟؟؟ أم أن السجون تشكو نقصا في عدد المسا جين ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ باسمي و باسم كل شخص نزيه يأبى الاستعباد والظلم و التجبر أنادي كل شرائح المجتمع المدني للوقوف ومؤازرة هؤلاء الإخوة و الدفاع عن حقوقهم المهدورة و مستقبلهم الآيل للدمار خاصة و أن الطالب صحبي الشورابي بصدد إنجاز بحوثه العلمية في هذه الآونة ولا يتبقى له الكثير من الوقت لتقديم أطروحته لنيل درجة الماجستير، فلنقف صفا واحدا ضد هذا التجني على شبابنا !! أم نضال التونسي
(المصدر: موقع طلبة تونس بتاريخ 14 اكتوبر 2008)
نابل: السلط الجهوية تتعهد بعدم مضايقة « جهاد المبروك »
تفاعلا مع الرسالة التي ووجهها الناشط الحقوقي « السيد المبروك » إلى والي « نابل » حول طرد إبنته من الدراسة على خلفية إرتدائها للحجاب ثم إرجاعها بعد الضغط الذي سلط على مدير المعهد ، قامت السلط الجهوية ممثلة في شخص معتمد « نابل المدينة » بإسدعاء والد التلميذة إلى مقر المعتمدية أين وقع إعلامه بأن ما تعرضت له إبنته لن يتكرر و سوف تصدر تعليمات إلى مدير المعهد تنص على عدم رفتها مرة أخرى. و بإتصالنا بالسيد المبروك ذكر في تصريح لموقع الحزب الديمقراطي التقدمي أن القرارات الإيجابية الصادرة عن السلط الجهوية لن تجعله يتردد في خوض تحركات دفاعا عن حق إبنته في إرتداء الحجاب و الدراسة إن لم تلتزم السلطة بما تعهدت به . و أكد أن ما تعرضت له « جهاد » الشهر الماضي ليس إستثناءا و إنما نسخة مطابقة للأصل من معاناة تتعرض لها منذ سنة 2004 في بداية كل سنة دراسية . و في نفس الإطار إتهمت منظمة « حرية و إنصاف » السلطة بتعمد إستهداف الفتيات المحجبات بحملة وصفتها بالهسترية الشرسة بعد أن تجاوزت الكليات و المعاهد و طالت حتى الأسواق الأسبوعية . معز الجماعي (المصدر:موقع الحزب الديمقراطي التقدمي بتاريخ 15 أكتوبر 2008)
الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان / فرع رادس-الزهراء-حمام الأنف: بيـــــــــــــــان
حمّام الشّطّ في غرّة أكتوبر 2008 نحيي هذه السّنة أيضا، وكما دأب فرعنا على ذلك، الذّكرى الثالثة والعشرين للغارة الصّهيونيّة على مقرّ القيادة الفلسطينيّة بحمّام الشّطّ حيث امتزجت الدّماء التّونسيّة بالدّماء الفلسطينيّة وإذ نقف اليوم وككلّ سنة إجلالا لشهدائنا وقفة ذكرى ووفاء وعهدا على مواصلة النضال ضدّ الصهيونية وكلّ حلفائها فإننا نسجّل بهذه المناسبة وبارتياح كبير عودة الجثامين الطاهرة لثمانية أبطال من أبناء شعبنا الأبي الذين التحقوا بالمقاومة الفلسطينية وسقطوا في ساحة الشرف وهم يؤدون الواجب القومي دفاعا عن فلسطين. ومعلوم أنّ الفضل في استرجاعهم من العدو يعود للمقاومة اللبنانية. كما نسجلّ بكلّ ألم وحسرة سقوط شهداء جدد في ساحة الصراع الاجتماعي من أجل لقمة العيش وذلك في إطار الحركة المطلبية السلمية بالحوض المنجمي في ظرف لا يتسّم بتواصل الهجمة الشرسة على مكوّنات المجتمع المدني والسياسي فحسب بل تعدّاها ليشمل مختلف الفئات الشعبية وذلك باشتداد القبضة على لقمة عيشها نتيجة تفاقم الأزمة الاقتصادية والخيارات التي لا تخدم الاقتصاد الوطني ولا مصالح أوسع الفئات الشعبية مما أفضى إلى الحركة المطلبية الاحتجاجية والسلمية في الحوض المنجمي وجهة القصرين خير كاشف عن معاناة جماهير شعبنا وخير معبّر عن مطالبها المشروعة في الحق في العيش الكريم ومنظومة حقوق الإنسان تؤكد في شموليتها على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية. لذلك نقف وقفة إجلال وإكبار لكل شهدائنا سواء سقطوا دفاعا عن لقمة العيش أو عن الحرية أو عن كرامة الوطن أو عن أمّ القضايا في الوطن العربي الكبير: فلسطين. ولا يمكننا بالمناسبة إلاّ أن نؤكـّد مرّة أخرى: – نصرتنا المبدئية واللامشروطة للشعب الفلسطيني في صموده ونضاله اليومي من أجل استئصال الاستيطان وضمان حق العودة على درب بناء الدولة الفلسطينية المستقلّة من البحر إلى النهر. – رفضنا لسياسة التطبيع مع العدو الصهيوني. – رفضنا طمس آثار الجريمة الصهيونية بحمام الشط فنطالب بالاحتفاظ بعينة مما تبقى من آثار العدوان على حاله مع تهيئته للزوار وتدعيمه بمتحف يتضمن صورا للعدوان وقائمة في الشهداء.. – دعوتنا للعمل على تحويل ذكرى الغارة الصهيونية على حمام الشط إلى مهرجان ثقافي حول فلسطين (متنوع الأنشطة: سينما، مسرح، شعر، أدب، معارض، ندوات، ، ،) – رغبتنا في عقد توأمة بين مدينة حمام الشط ومدينة فلسطينية. عن الفرع: الرئيس رضا البركاتي
المجد والخلود لشهدائنا
(المصدر: البديـل عاجل، قائمة مراسلات موقع حزب العمال الشيوعي التونسي بتاريخ 14 أكتوبر 2008)
قفصة : تحركات ميدانية تفرض على السلطة قبول التفاوض
شهدت الأجزاء الجامعية بولاية قفصة عدة تحركات إحتجاجية أهمها إعتصام نفذه مئات الطلبة داخل المطعم الجامعي إحجاجا على رداءة الأكل و رفضا لإجرءات جديدة إعتبروها لا تتناسب مع وضعية الطالب . و خلافا للعادة سارعت السلطة لحل المشكلة دون اللجوء إلى الطريقة الأمنية لتفريق المعتصمين و ذلك بإشراف والي الجهة الذي قام بخطوة وصفت بالأولى من نوعها منذ مباشرته لمهامه في ولاية قفصة و تمثلت في مغادرته لمكتبه و زيارة مكان الإعتصام و محاورة الطلبة ثم الأمر بالتنفيذ الفوري لمطالبهم . و في نفس الإطار وبطريقة مشابهة لحل مشكلة المطعم الجامعي تفادت السلطة صدمات و مشاكل مع طلبة قرروا القيام بمسيرة سلمية إحتجاجا على نقل محطة الحفلات من أمام نزل « المأمون » (وسط المدينة) و تخصيص مكان لها أمام مقر لجنة تنسيق الحزب الحاكم (مسافة كيلومتر عن مكانها الأصلي) . و فور إنتشار خبر المسيرة و بلوغه لمسامع الأمن السياسي أصدر والي الجهة قرار يقضي بإرجاع المحطة إلى مكانها الأصلي و مرة أخرى مع التنفيذ الفوري . إجراءات رسمية غير مسبوقة في ولاية قفصة تقبلها الطلبة و المواطنين بإرتياح ، و أرادت السلطة من خلالها تفادي عدة مشاكل و إمتصاص غضب المحتجين خوفا من تطوره إلى تحركات ميدانية يصعب السيطرة عليها. معز الجماعي (المصدر:موقع الحزب الديمقراطي التقدمي بتاريخ 15 أكتوبر 2008)
قفصة في 15 أكتوبر 2008 الحزب الديمقراطي التقدمي جامعة قفصه اســـتــــدعـــــــــــاء
إلى السيد –ة- ……………………………………………………………………………………………………………. يشرف جامعة قفصه للحزب الديمقراطي التقدمي أن توجه لكم الدعوة لحضور الاجتماع العام الذي ستنظمه يوم الأحد 19 أكتوبر 2008 على الساعة العاشرة صباحا بمقر الجامعة الكائن بشارع أبو القاسم الشابي قفصه حول – تداعيات الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد التونسي . – والاستحقاقات السياسية لسنة 2009 وذلك تحت إشراف الأستاذ أحمد نجيب الشابي . في حضوركم شرف وفي مشاركتكم إضافة الحزب الديمقراطي التقدمي كاتب عام جامعة قفصه عبدا لرزاق داعي
دعــــــــــــــــوة اليوم التضامني الوطني لإطلاق سراح مساجين الحوض المنجمي
تتواصل سلسلة المحاكمات لعدد من المناضلين والنقابيين ومواطني الحوض المنجمي على خلفية التحركات المطلبية منذ جانفي 2008. وفي إطار اليوم الوطني للتضامن من أجل إطلاق سراح المساجين ولمساندة المطالب المشروعة لأهالي المنطقة تدعو الأحزاب والجمعيات الممضية أسفله إلى المشاركة في: اليوم الوطني للتضامن من أجل إطلاق سراح مساجين الحوض المنجمي الذي تنظمه يوم الجمعة 17 أكتوبر 2008 على الساعة الخامسة بعد الظهر بمقر حركة التجديد والكائن بشارع الحرية عدد 7 بتونس العاصمة v حركة التجديد v التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات v الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان v الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات v جمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية
أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي أطلقوا سراح جميع المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 15 شوال 1429 الموافق ل 15 أكتوبر 2008 الله لطيف
خضع الأستاذ نورالدين البحيري يوم السبت الفارط إلى عملية جراحية في الرأس لاستئصال دم متخثر من مخلفات حادث المرور الذي تعرض له في الفترة الأخيرة. و قد زاره اليوم وفد عن منظمة حرية و إنصاف يضم كلا من الكاتب العام السيد عبد الكريم الهاروني و عضو المكتب التنفيذي السيد حمزة حمزة للاطمئنان على صحته و تهنئة عائلته بنجاح العملية متمنين له الشفاء العاجل و العودة السريعة إلى سالف نشاطه. عن المكتب التنفيذي للمنظمة المكلف بالإعلام الدكتور سامي نصر
دعوة بمناسبة الحملة الدولية لمكافحة الفقر
تتشرف الجمعيات المكونة للائتلاف التونسي لمكافحة الفقر بدعوتكم لمواكبة انطلاق برنامجها والذي سيبدأ بالتظاهرة المنظمة يوم الجمعة 17 أكتوبر 2008 على الساعة 17 بمقر الفرع التونسي لمنظمة العفو الدولية الكائن ب 67 شارع أم كلثوم ، تونس 1000 ، المدرج ب الطابق الثالث البرنامج * عرض شريط قصير برازيلي » « l’ile aux fleurs » * محاضرة للأستاذ نور الدين المحيضي حول » التحولات العالمية والأمن الغذائي » LOTFI AZZOUZ Directeur Executif AMNESTY INTERNATIONAL TUNISIE 67, rue Oum Khalthoum, Escalier B ,3 ème étage Tunis 1000 TEL: (+216) 71 353 417 FAX: (+216) 71 352 671 MOBILE: (+216) 98 911 226 SKYPE: lotfi.azzouz
المفاوضات الاجتماعية الحالية: هل ستكون نسخة من سابقاتها؟
تجري الآن جولة جديدة من المفاوضات بين الاتحاد العام التونسي للشغل من جهة والحكومة وإدارات المؤسسات العمومية والأعراف من جهة ثانية، وحسب البلاغ المشترك [1] سيقع خلال هذه الجولة مراجعة القوانين الأساسية والاتفاقيات القطاعية المشتركة كما سيقع الاتفاق على الزيادة في الأجور لأعوان الوظيفة العمومية والعاملين في الشركات والمؤسسات العمومية وفي القطاع الخاص. ويعلق هؤلاء على هذه المفاوضات آمالا كبيرة لترقيع مقدرتهم الشرائية ولتحسين ظروف المهنة وضمانات الشغل وسائر جوانب العلاقة الشغلية الأخرى. وينتظر الذين تشملهم هذه المفاوضات أن تكلل هذه الجولة بزيادات معتبرة تغطي وتعوض لهم على الضرر الذي لحق أجورهم وجيوبهم وترسخ لهم – إن لم تطور– بعض المكاسب التي تضمنتها القوانين الأساسية والاتفاقيات المشتركة التي تنظم حياتهم المهنية. غير أن جملة من التخوفات والشكوك تحف بهذه الآمال بالنظر لما تميزت به الجولات التفاوضية المماثلة السابقة حول نفس الجوانب الترتيبية والمالية ولكنها آلت في النهاية إلى نتائج خلفت لديهم قناعة بأن خللا ما قد طرأ على عملية التفاوض الجماعي ولازمها في كل الجولات المذكورة فأفرغها من مضمونها الحقيقي وحولها إلى عملية شكلية إلى درجة أن الأجراء صاروا يصطلحون على الزيادات المالية التي أفضت إليها بـ’زيادة الحاكم’. فبم يمكن أن نفسر هذه القناعة الشعبية وإلى أي مدى يمكن أن تكون مقولة ‘زيادة الحاكم’ صحيحة ؟ 1 – زيادة الحاكم أم زيادة الاتحاد؟ سؤال ليس بالجديد والإجابة عنه محسومة تقريبا ولكنه يتجدد لدى العديد من النقابيين والعمال ومتتبعي الوضع في الساحة النقابية بعد أن أعطى رئيس الدولة مؤخرا الإذن بصرف القسط الثالث من منحة الإنتاج وصرف تسبقة على الزيادة الثلاثية، التي هي الآن موضوع ‘مفاوضة’ بين الأطراف الاجتماعيين خلال شهر سبتمبر 2008. ومعلوم انه قبيل الإعلان عن هذا القرار ترددت أخبار كثيرة حول تعطل المفاوضات وكانت القيادة النقابية قد ألمحت أكثر من مرة ( أنظر جريدة الشعب ) إلى مماطلة الأعراف وإلى عدم جدية مقترحات الحكومة بخصوص الزيادات العامة في الأجور [2] وتضمنت هذه التلميحات إشارات خفية إلى إمكانية تنظيم بعض الاحتجاجات والضغوط لدفع عجلة التفاوض إلى الأمام. وكان الانطباع العام السائد لدى عموم الشغالين أنه لا بد من مزيد الانتظار حتى تتضح معالم قيمة الزيادة الجديدة المنتظرة وهو ما زاد في حيرة الكثير منهم خصوصا وهم يواجهون مصاريف واحدة من أصعب الفترات تزامنت فيها العودة المدرسية مع شهر رمضان والعيد وازدادت وطأة غلاء المعيشة على جيوبهم إثر موجة الزيادات في الأسعار وككل صيف خلال فترة الصيف الأخيرة. فأن تقرر السلطة، ومن جانب واحد، فجأة وخلافا لكل التوقعات صرف قسط منحة الإنتاج بصورة مبكرة وتسبقة على الزيادات القادمة في أجواء الغموض والانتظار التي تلف سير عملية التفاوض أمر من شأنه أن يثير الكثير من التساؤلات – لدى النقابيين بالخصوص – حول مصداقية هذه العملية ودور الاتحاد فيها، فضلا عن أنه لا يعدو أن يكون سوى حركة دعائية تمويهية لا أثر لها في واقع اهتراء المقدرة الشرائية وتدهور ظروف المعيشة. لذلك سرعان ما تلاشت هذه التساؤلات تحت ضغط متطلبات العيش والحاجة لأي إجراء يمكن أن يرقع ولو قليلا الجيوب المهترئة وأصبح السؤال الرئيسي والأكثر إلحاحية عند الجميع، هو ‘صبّوا وإلا ما صبّوش’ وهو ما بات يهم أكثر ‘الشهّارة’ في مثل ظروف العودة المدرسية والجامعية ورمضان والعيد. فأن تحترم الحكومة دور الاتحاد أو لا وأن تأخذ برأيه في مثل هذه القرارات أو لا، وان تحرص أو لا على سلامة ‘الحوار الاجتماعي’ فذاك أمر لم يعد له من أهمية تذكر أمام حاجة الجميع لأي إجراء يساعد على مواجهة مصاعب ‘المصروف’. وهكذا أصبحت قواعد العملية التفاوضية ومكانة المنظمة النقابية فيها مسألة شكلية وثانوية لا فقط لدى العمال والنقابيين بل ولدى القيادة نفسها [3] وهكذا إذن تخطو السلطة خطوة أخرى باتجاه القضاء على ما تبقى للمفاوضات الاجتماعية من معنى. لقد أزاحت السلطة الستار عن مسرحية حرصت دوما، مثلها مثل قيادة الاتحاد، على تمريرها، مسرحية ‘المفاوضة الجماعية’ و’الحوار الاجتماعي’ و’دور الأطراف الاجتماعية’ في السياسة الاجتماعية التونسية و’السلم والاستقرار الاجتماعيين’. فهذه هي المرة الخامسة على الأقل التي تثار فيها ضجة حول ‘جولة جديدة من المفاوضات الثلاثية للزيادة في الأجور ومراجعة القوانين الأساسية والاتفاقيات المشتركة’ ضجة تلعب فيها الدعاية النقابية دورا كبيرا لإلهاء النقابيين بسلسلة من الندوات التحضيرية والاجتماعات الإعدادية لماراطون تفاوضي ولبث الوهم لدى العمال بإمكانية تدارك ما لحق مقدرتهم الشرائية من تدهور واهتراء ولخلق انطباع بأن المنظمة النقابية، شريك أساسي، لا يمكن للدولة والأعراف تجاهله، وأن القيادة حريصة على حماية حقوقهم ومكاسبهم المهنية والمادية وأنها بالتالي ممثلهم الشرعي وقيادتهم التي ليس لها من مصلحة سوى مصلحتهم. والحقيقة أن الوضع مختلف تماما وكثير من النقابيين يعلمون ذلك بل ولعل القيادة النقابية أعلمهم به. فمن الناحية الشكلية بات معلوما لدى الجميع أن السلطة تقرر وحدها، ودون استشارة أو حتى مجرد إعلام الاتحاد، الزيادة في الأجر الأدنى الصناعي والفلاحي المضمون وكثيرا ما تعلم القيادة النقابية بذلك القرار عبر وسائل الإعلام مثلها مثل سائر المواطنين ولا يقع تشريكها في تحديد آجال وتراتيب صرف تلك الزيادات التي تتصرف فيها الحكومة والأعراف بمنتهى الحرية. وتعلم القيادة أيضا جيد العلم حجم وطبيعة التجاوزات الحاصلة من قبل الحكومة والأعراف لعديد الاتفاقيات المبرمة سواء على مستوى وطني أو على مستوى قطاعي وما جرى مؤخرا في مصحة الفارابي بتونس العاصمة خير مقال على ذلك، وعدد النصوص القانونية التي استصدرتها الحكومة من جانب واحد إلى جانب التأويلات والتطبيقات المتعارضة تماما مع ما حصل في شأنه الاتفاق من قبل. هذه عينات من منهج كامل اتبعته وتتبعه الحكومة، قوامه بث ضوضاء دعائية إعلامية حول ‘ سياسة الحوار الاجتماعي’ في مستوى الخطاب ونسف كامل لأبسط مقومات هذه السياسة في الممارسة. ويبرز ذلك بصورة جلية في الطريقة المتبعة بخصوص الزيادة في الأجور. فبموجب التقليد الموروث عن أول جولة ( 90 – 92 ) تتم هذه الزيادة في شكل مقدار جملي مقسط على ثلاث سنوات ( حسب الأصناف ) ويقع الاتفاق على هذا المقدار كنسبة على كتلة الأجور في الوظيفة العمومية. وعامة ما يكون هذا المقدار معيارا ومرجعا للزيادات في المؤسسات العمومية ( الشركات والدواوين العمومية ) وكذلك في القطاع الخاص. ونعلم جميعا أن هذه النسبة لم يقع احتسابها في كل الجولات الموالية على قاعدة مبدأ تعويض على نسبة التضخم المسجلة خلال السنوات الماضية بل هي نسبة تحددها الحكومة من منطلق توازناتها الاقتصادية والمالية وتفرضها خلال التفاوض وبذلك تحولت هذه الزيادات إلى إجراء اقتصادي / مالي/ تعديلي على مستوى الاقتصاد الكلي. فمعدل نسبة 3.6% على جملة الأجور المعتمدة للزيادات في الثلاثية المنقضية (2005-2007 ) في الوظيفة العمومية ومن ثمة في بقية القطاعات ( العمومي والخاص ) ليست تعويضا عن نسبة التضخم المسجلة في السنوات السابقة لتلك الفترة ولا هي تعويض عن نسبة التضخم المتوقعة للفترة المعنية ولا هي بطبيعة الحال مكافأة على الثروة التي خلقها العمل والعمال أي حصتهم من الثروة التي صنعوها بأيديهم وبعرق جبينهم. والأدهى من ذلك أن الحكومة ظلت في أحسن الحالات تكرر نفس النسبة في كل ثلاثية هذا إذا لم تخفض منها بنسبة 10 بالمائة مثلما حصل في ثلاثية 96 – 98 . لذلك لم تكن هذه النسبة على مر أكثر من 17 سنة كافية لترقيع التدهور الحاصل في المقدرة الشرائية للأجراء للسبب المذكور من ناحية ولأنها عامة ما اتخذتها كمبرر لموجة زيادات جديدة في الأسعار بحيث تسترجع الحكومة باليد اليسرى ما أعطته باليد اليمنى من ناحية ثانية ثم لأن هذه الزيادات تفرض على النقابات والأجراء عند كل اتفاقية ثلاث سنوات من السلم الاجتماعية بحيث تمنع عليهم المطالبة بأي مطلب ذي انعكاس مالي وبالتالي تمنع عليهم الدفاع عن مقدرتهم الشرائية التي برغم الزيادات المتكررة لم تتحسن بل ازدادت تراجعا وسوءا. والقيادة النقابية تعلم جيد العلم كذلك أن سنوات السلم الاجتماعية المتتالية لمدة طويلة قد ألحقت بالعمل النقابي ( انخراطا واهتماما ومشاركة ) أكبر ضرر وأعطت للحكومة الفرصة لسحب البساط تدريجيا من تحت أقدام النقابات والنقابيين حتى بات العمال يصطلحون ( وهم على حق ) على الزيادات في الأجور بـ’زيادة الحاكم’ ولا يرون في النضال من أجلها فائدة بما أنها أشبه بقرار حكومي أكثر مما هي ناتجة عن منظومة تفاوض حقيقي وبما أنها أصبحت حاصلة لا محالة و’مسمار في حيط ‘ سواء ناضلوا من أجلها أم لا. ومع ذلك ما تزال القيادة مصرة على الاستمرار في إتباع نفس التمشي. ونشهد هذه السنة تكرارا مملا لنفس المسرحية بنفس الفصول : دراسات للمؤشرات الاقتصادية العامة، ندوات تكوينية ودراسية وترحال بين أفخم النزل، ومقترحات نسب ووفود تفاوضية وماراطون جلسات تحت غطاء حملة دعائية مدبجة بأرقى تقنيات الميلودراما لتبقى الأنظار مشدودة طيلة حوالي سنة لهذه المسرحية. وفي غضون ذلك يظل النقابيون والعمال يترصدون ما يرشح من أخبار حول تقدم المفاوضات وحركة بورصة النسب من جلسة إلى أخرى، بين ما تطالب به المركزية وما تتكرم به الحكومة وما يصاحب ذلك بين الفينة والأخرى من صعود وهبوط في نبرة الخطاب النقابي، بين حملات التعبير عن الإشادة والارتياح التي تتلوها حملات التلويح بالتصعيد والدعوات للتجمع احتجاجا على تعطل المفاوضات التي تذكرنا بسياسة التسخين والتبريد وإن أصبحت هذه الحملات باهتة وغير ذات قدرة على الشحن المعنوي والتجنيد. 2 -المعطيات الاقتصادية الراهنة لذلك نعتقد أنه للقطع مع هذا التمشي الذي ثبتت عدم جدواه بل تأكدت أضراره لا بد من أن تتأسس المطالبة بتحسين الأجور والمقدرة الشرائية على معطيات اقتصادية ومالية مدروسة ودقيقة وهي، وللحقيقة ليست غائبة عن الاتحاد ككل وعن قيادته والمكلفين منها بالدراسات. [4] لكن المطلوب علاوة على امتلاك هذه المعطيات وتدريسها للإطارات النقابية، هو فرض معالجة ملف الزيادات في الأجور على قاعدتها واعتمادها كمنطلق وكحجج ومؤيدات وكأدوات لرسم مقاربة التفاوض وأهدافه. ونعرض في ما يلي جملة المعطيات والمؤشرات الاقتصادية التي يمكن اعتمادها للأغراض المذكورة رغم أنها أرقام رسمية ومشكوك في واقعيتها وصحتها، ومع ذلك فإن جوانب كثيرة منها تؤكد بما لا شك فيه تدهور المقدرة الشرائية وحاجة العمال للزيادات في الأجور للتعويض عن هذا التدهور، وقد بوبنا هذه المعطيات في ثلاثة أبواب. أ – معطيات حول إنتاج الثروة ونصيب العمال منها تفيد الأرقام الرسمية أن نسبة النمو الاقتصادي أي نسبة نمو الثروة قد بلغت سنة 2007، 6,3% وهي الأرقى منذ 10 سنوات (6.2 % توقعات 2008) نتيجة عدة عوامل أهمها زيادة أكثر من 50% من مداخيل صادرات مواد الطاقة وكذلك لارتفاع نسبة إنتاجية العمل بما في ذلك في قطاعات إنتاج الخدمات غير السلعية وحتى في قطاع الوظيفة العمومية [5]. معنى ذلك أن الثروة الوطنية قد زادت وانضافت إليها قيمة جديدة تتأتى من إنتاجية العمل التي أصبحت تفوق إنتاجية رأس المال لأسباب متعددة ومختلفة منها ارتفاع نسبة الأجراء من مجموع النشيطين وارتفاع درجة الكفاءة والمهارة وانتشار أشكال التشغيل الجديدة وما يصاحبها من اشتداد أنساق استغلال طاقة العمل. وتشهد الأرقام المتوفرة بأن إنتاجية العمل ما انفكت تتحسن حيث بلغت سنة 2007 أفضل نسبها (3.5 %) فيما لم يتعد معدلها ما بين 2002 و 2006 الـ 2 %. فعلى سبيل المثال تؤكد الأرقام المتوفرة أن مؤشر الإنتاج الصناعي الجملي قد شهد تطورا مطردا وبصفة مسترسلة منذ سنة 2000 وشمل هذا التطور جميع فروع الإنتاج الصناعي بما في ذلك قطاع النفط والنسيج رغم الظرف العالمي الصعب بالنسبة لهذين القطاعين.(أنظر موقع المعهد الوطني للإحصاء – أوت 2008). ويعكس تطور نسبة النمو هذه أهمية تطور إنتاجية العمل كما ذكرنا آنفا من جهة ويفسر من جهة أخرى تطور الدخل الفردي كنتيجة من نتائجه المباشرة ( 4700 دينار للفرد الواحد تقديرات سنة 2008 أي بزيادة قدرها 9.7 % ) لكن هذا المعدل لا يعكس حقيقة توزيع ناتج التطور بين فئات الشعب لأن تطور المداخيل الأجرية (أي الأجور ) لم يواكب في الواقع نسق تطور الناتج الوطني الخام إذ ما انفكت الحصة الراجعة للطبقة العاملة من القيمة المضافة، أي نصيبها من الناتج الداخلي الخام، تتراجع، حيث نزلت من 38 %سنة 2002 إلى 37% سنة 2006 ويتضح هذا التراجع أكثر حينما نقارن تطور نسبة كتلة الأجور من الناتج الداخلي الخام سنة 1983 ( 33 % ) ونسبتها سنة 2005 ( 26.3 % ). في المقابل ارتفعت حصة أصحاب رأس المال رغم الصعوبات التي فرضتها عملية الاندماج بالسوق العالمية وما كانت تشترطه منهم من نفقات ثابتة إضافية لتحسين جودة منتوجاتهم قصد الصمود في وجه المزاحمة الناجمة عن انفتاح السوق المحلية على البضائع الأجنبية. إن الحقيقة التي لا جدال فيها حسبما تشهد به الأرقام المتوفرة هي أن العمال هم الذين صنعوا هذه الثروة وبفضل سواعدهم تحققت هذه النسبة من النمو ولكنهم كانوا آخر من استفاد من ذلك وأن أصحاب رأس المال الذين لم يساهموا في ذلك إلا من موقع ثان ( تراجع إنتاجية رأس المال ) هم أول من استفاد من تطور النمو الاقتصادي المسجل. على صعيد آخر شهد الطلب الداخلي سنة 2007 نموا بنسبة 5.3 % متأتية أساسا من تطور الاستهلاك وبنسبة طفيفة من الاستثمار الذي يبقى بطيئا وضعيفا ( 0.7 % هذه السنة ) فيما لم تساهم المبادلات الخارجية إلا بـ 1 % سنة 2007 وبنسبة أضعف خلال الـ 8 أشهر المنقضية من هذه السنة 0.2% مما يعني أن العمال وعموم الشرائح الشعبية هم الذين ساهموا كمستهلكين في تحقيق نسبة النمو المذكورة ومن هنا وجب التأكيد مرة أخرى على أن الطلب الداخلي هو المحرك الأساسي لنمو الاقتصاد التونسي مثلما تبينه هيكلة الناتج الداخلي الخام وأن خيار توجيه الإنتاج للخارج وللتصدير في ظل المزاحمة الاقتصادية الضارية في الأسواق الخارجية ومحدودية القدرة التنافسية للبضائع التونسية هو بالتالي خيار فاشل ولم يؤت أكله فضلا على أنه يتعارض وحاجة البلاد في بناء اقتصاد مستقل، متحرر من إملاءات الدوائر الأجنبية ومن تقلبات السوق العالمية وموجه لسد حاجات الشعب والوطن. وللإشارة فإن نسبة مساهمة الاستهلاك العائلي في خلق الخيرات، أي في التنمية ( أكثر من 36 % ) ما تزال عالية وفي تطور مستمر رغم كل الضغوط المسلطة على الدخل العائلي والمقدرة الشرائية للغالبية العظمى من المستهلكين بسبب التخفيض المتواصل في عدد المواد المدعمة والتعديل الدوري لأسعار القليل منها، أي في كلمة بسبب التراجع شبه الكلي في نظام التعويض ودعم الاستهلاك. أما ما تبقى من صندوق التعويض فينتفع منه أساسا قطاع السياحة، أصحاب النزل والمطاعم… أكثر مما ينتفع منه المستهلكون العاديون وعلى ذلك فإن الزيادة في اعتماداته خلال السنة الماضية (575 مليون دينار) وخلال هذه السنة 2008 (960 م د) فإنها لا تمثل إلا 1,8 % من الناتج الوطني علاوة على أنها زيادة ظرفية حتمها ارتفاع سعر المحروقات والحبوب الموردة. كما أن الاستهلاك العائلي ما انفك يتأثر سلبا بارتفاع تغير هيكلية الأسعار وارتفاع نسبة المعاليم الجبائية في الأسعار عند الاستهلاك ( أكثر من 33 % في أسعار المحروقات مثلا ) ومن فساد نظام السوق ومسالك التوزيع المتسمة بانعدام المزاحمة بالنسبة لعديد المواد وباتجاهها أكثر فأكثر نحو الاحتكار. وقد ذكرت بعض التقارير حول حرية التجارة في العالم [6] أن تونس قد تراجع ترتيبها في هذا المضمار من الرتبة 84 السنة الماضية إلى 169 هذه السنة على مجموع 179 بلدا وذلك إثر عمليات شراء بعض المؤسسات من قبل كبار مالكي مؤسسات التوزيع ( مونوبري، جيان، كارفور، بروموقرو، المغازة العامة، شانبيون، بونبري، توتا…) بحيث يتجه الوضع في هذا القطاع إلى بروز احتكارات يجري تشكلها بما يتعارض حتى مقومات نظام المزاحمة المنصوص عليه في التشريعات التونسية (القانون عدد 64 لسنة 1991 المتعلق بالمزاحمة والأسعار مثلا) وبما سيترتب عنه بصفة أكيدة مزيد ارتفاع الأسعار. وفيما لم يستفد العمال كما هو واضح وكما تثبته المعطيات المبينة استفادت الطبقات المالكة، أصحاب المؤسسات ورأس المال وعلى غرارهم استفادت الدولة على أكثر من صعيد وأمكن لها مواجهة الظرف الاقتصادي العالمي الصعب على حساب الكادحين بل وقلبت بعض المعطيات لصالحها مثلما هو الشأن بالنسبة لارتفاع أسعار المحروقات والمواد الأولية ( أنظر موازنة الطاقة الرابحة سنة 2007 بسبب ارتفاع أسعار البترول والفسفاط مثلا ) كما استطاعت تقليص نسبة عجز الميزانية من الناتج الخام وتحسين وضع الميزان التجاري حيث أصبحت نسبة التغطية تتجاوز الـ95 % ( تغطية مداخيل الصادرات لمصاريف الواردات ) وتبعا لذلك حققت أعلى نسب الاحتياطي من العملة الصعبة ( 134 يوما ) وقلصت من نسبة التداين للخارج إلى 42 % من الناتج الداخلي الخام بعد أن كانت أكثر من 54 % سنة 2004 [7] ومن حجم خدمات الدين ومن عجز الميزانية من الناتج وحافظت على العموم على سلامة موازناتها بفضل جملة من العوامل والإجراءات أبرزها تطور حجم المقابيض الجبائية لفائدة الخزينة العامة. إن ما يمكن استخلاصه من هذه الدفعة الأولى من المعطيات هو أن العمال في تونس هم الذين ساهموا بالقسط الأوفر في النمو الاقتصادي وفي مردودية العملية الإنتاجية بصفتهم كمنتجين وكذلك بصفتهم كمستهلكين وأنهم بالرغم من ذلك ظلوا الأقل حظا في ما أثمرت جهودهم من خيرات بل وغدوا كما هو الحال دوما الضحية الأولى لكل الظروف الاقتصادية في زمن الرخاء كما في وقت الشدة والأزمات. ولعل الإطار العام للمطالبة بتحسين ظروف حياة الشعب والعمال هو التمسك والدفاع عن إستراتيجية تنموية تنبني على الاستجابة للطلب الداخلي الذي يظل عماد النمو حسبما تبينه الأرقام الرسمية مع ضرورة تحسين القدرة الشرائية للمواطنين كعامل رئيسي كي يلعب الطلب الداخلي دوره المحوري في تنشيط الدورة الاقتصادية. وتقتضي المطالبة بالزيادة في الأجور وتحسين المقدرة الشرائية أول ما تقتضي إذا أراد الطرف النقابي الذي يدعي تمثيل العمال بحق انطلاقا من المعطيات الوارد شرحها أعلاه المطالبة بتمتيع العمال بنصيبهم من الثروة التي صنعوها بعرق جبينهم. وعليه فإن أي زيادة لا تتضمن فيما تتضمن نسبة تمثل ما يعني مكافأتهم على مجهودهم في صنع الثروة هي في الحقيقة حرمانهم من حصتهم وفي النهاية عملية تمييع للتفاوض الجماعي وتمويه على العمال وتبرير لأن يستأثر الرأسماليون والدولة لوحدهم بثمرة مجهود ليس من صنعهم وحدهم. والمؤسف حقا ان عملية التفاوض الجارية الآن وعلى الصورة التي اعتاد الاتحاد خوضها تهمل هذا الجانب إهمالا تاما وتعتبر المطالبة به ضربا من ضروب المزايدة والتطرف وتنحرف بالعملية إلى نوع من الثرثرة التي تمنح الدولة والأعراف الفرصة في التحكم فيها وفي نتائجها بما يخدم مصالحهما على حساب الكادحين. ب – معطيات حول الجباية وعلى صعيد آخر شهدت مقابيض الجباية تطورا هاما بلغت أكثر من 9200 مليون دينار أي بنسبة زيادة تفوق 9.6% مقارنة بسنة 2006 ومن المتوقع أن تجتاز هذه السنة عتبة الـ 10 آلاف مليون دينار، 40 % منها ضريبة مباشرة ( على الأجور والدخل عامة ) و60 % ضريبة غير مباشرة على الاستهلاك وتشتمل نسبة التطور هذه التعويض على النقص الذي سيطرأ على مداخيل المعاليم الديوانية نتيجة توسيع نطاق تطبيق اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي. ويجدر هنا أن نتوقف عند بعض المعطيات لندقق النظر فيها وخاصة تلك المتصلة بالضغط الجبائي المسلط على المواطنين وعلى شريحة الكادحين منهم بالخصوص إذ تفيد الأرقام التي بين يدينا أن هؤلاء يتكبدون العبء الأكبر من حجم الضرائب المستخلصة. ومعلوم أن الأجراء من عمال وموظفين يخضعون للخصم المباشر من المورد وليس أمامهم أية حيلة للتهرب من دفع الضرائب الموظفة على مداخيلهم عكس الخواص وأصحاب الشركات والمهن الحرة الذين بمقدورهم التهرب من الواجب الجبائي خصوصا وقد أثبتت الإدارة وبشهادة الجميع عجزا واضحا في تتبع هذه الظاهرة أو حتى التحكم فيها علاوة على ما يتمتع به هؤلاء من حوافز وتشجيعات مالية وجبائية مختلفة سواء بعنوان التحفيز على الاستثمار ومن إعفاءات جبائية وعمليات طرح ما تخلد بذمتهم من ديون لفائدة الخزينة العامة بعنوان الضريبة على الدخل. وتؤكد الأرقام المتوفرة أيضا أن الأجراء يتحملون لوحدهم أكثر من 75 % من الضرائب المباشرة المستخلصة من الأشخاص الماديين ( غير الشركات ) هذه الحصة التي ما انفكت ترتفع سنويا باطراد وذلك بسبب تطور حجم الأجور إثر الزيادات التي نتج عنها توظيف ضرائب على الأشخاص الذين يتقاضون الأجر الأدنى حسب تصنيف مبالغ الدخل وسلم الضرائب الموظفة عليها الوارد بقانون 1990 من جهة وبسبب توظيف الضريبة على بعض المنح والمداخيل التي لم تكن خاضعة لذلك من قبل من جهة ثانية وبسبب إثقال كاهل الشغالين بسلسلة من الزيادات في نسبة المساهمة الاجتماعية لفائدة الصناديق الاجتماعية هذه الزيادات التي ستتواصل خلال هذه السنة (بنسبة 1,28 %) وخلال السنة القادمة 2009 (بنسبة 0,87 %). لقد تآكل الأجر الصافي (الأجر الخام مخصوم منه الأداءات والمساهمة لفائدة الصناديق الاجتماعية) وأصبح سنة 2005 لا يمثل إلا 71.4 % من الأجر الخام بعدما كان يمثل 92 % في الستينات و82 % في الثمانينات و76 % سنة 1995، فكما يتضح من هذه الأرقام خسر الأجر أكثر من 20 % منذ الستينات لفائدة إدارة الجباية والصناديق الاجتماعية. فنسبة الضرائب تضاعفت خلال العشرين سنة الماضية حيث كانت في حدود 4,8 % وهي الآن حوالي 9 % بينما لم تكن المساهمات الاجتماعية تبلغ 13 % من الأجر الخام سنة 1983 وتجاوزت الآن نسبة 20 %. وهكذا فإن الأجير الذي كان يدفع من أجره الخام حوالي 17 % فقط بعنوان الضريبة المباشرة وكمساهمة اجتماعية أصبح الآن يدفع 30 % (9 % أداءات مباشرة وحوالي 21 % مساهمات وأعباء اجتماعية ) أي ضعف ما كان يدفعه وهو ما يمثل نسبة عالية من الخسارة في المقدرة الشرائية. ويلاحظ المتمعن في الأرقام المتوفرة، وهي أرقام رسمية، أن مداخيل الضرائب المباشرة الموظفة على الأجور تفوق بكثير مداخيل الضرائب الموظفة على أرباح الشركات أي على الرأسماليين والتي لا تتجاوز نسبة الـ 20 % فقط سنة 2007 فضلا عن الامتيازات الممنوحة لهم ( بمعدل 680 مليون دينار تقريبا أي ما يناهز 2,5 % من إجمالي الناتج الداخلي الخام ومعدل 7 % كل سنة من مجموع المداخيل الجبائية ). وللإشارة فإن مساهمة المداخيل الجبائية للشركات ظلت على حالها رغم أن هذه الأخيرة ضاعفت رقم معاملاتها وأرباحها. وعلى الرغم من التشجيعات والحوافز والتسهيلات المالية والجبائية التي تمتع بها الرأسماليون فإن الاقتصاد التونسي لم يجن من ذلك فائدة في مستوى الاستثمار بل بالعكس تراجعت نسبته بالنسبة للقطاع الخاص المحلي من 14.6 % سنة 2001 إلى 13 % سنة 2006 بينما تكبدت الشرائح الشعبية والكادحة على وجه الخصوص خسائر كبرى إذ أنها زيادة على تحملها لأعباء جبائية أثقل وتقلص أجورها الصافية خسرت مكاسب اجتماعية هامة نتيجة تخلي الدولة عن إسداء عدد من الخدمات الاجتماعية ( في التعليم والصحة والنقل وفي التعويض عن الاستهلاك …) التي حولتها الدولة إلى مجالات للاستثمار الخاص والسمسرة أحيانا وهو ما أثقل كاهل المستهلكين وضعاف الدخل بمصاريف إضافية. ومن جهة لا بد من الإشارة أيضا إلى أن ارتفاع مقادير المساهمة والأعباء الاجتماعية لا يمثل بالضرورة مؤشرا إيجابيا لصالح الأجراء كما يذهب في ظن الكثير الذين يرون في الزيادات في نسبة الخصم لفائدة الصناديق الاجتماعية مقدمة لتحسين قيمة جراية التقاعد للمضمونين اجتماعيا لاحقا وهو أمر غير صحيح بما ان الصناديق الاجتماعية ما انفكت تلعب أكثر فأكثر دورا تضامنيا لاعتبارات سياسية بحتة وتغطي مصاريف هذا الجهد التضامني من مساهمة الأجراء ( منح العائلات المعوزة ومنح الطلب والنفقة وجراية الأرامل لقد كلف الضغط الجبائي – كما بيّنّا أعلاه – الأجراء خسارة هامة من مدخولهم وساهم في تراجع مقدرتهم الشرائية ويفترض أن يِؤخذ ذلك بعين الاعتبار في المفاوضات الاجتماعية، يفترض أن يقع تحديد نسبة الخسارة الناجمة عن ارتفاع نسبة الضريبة المباشرة والمساهمة الاجتماعية وتسديدها ضمن قيمة الزيادة في الأجور لتلافي هذا النقص الحاصل في الأجور. ج – معطيات حول التضخم والطاقة الشرائية للعمال نأتي الآن إلى واحد من أهم الجوانب الاقتصادية المتصلة بالمقدرة الشرائية وظروف المعيشة ألا وهو التضخم المالي [8] وارتفاع الأسعار. فقد ارتفع مؤشر الأسعار [9] خلال الثمانية أشهر المنقضية من هذه السنة 2008 بنسبة 5.8 % عوضا عن 5.4 % مسجلة في بداية السنة ( جانفي) ومن المتوقع أن لا تقل النسبة السنوية عن معدل 5 % وهي نسبة عالية قياسا بما سجلته السنة الماضية 2007 ( 2.5 % ). وتعكس هذه النسبة الزيادات التي شملت أسعار المواد الغذائية ( 9% ) وأسعار النقل (4,7 %) والسكن ( 3.9 %) والترفيه ( 4,1 % ) ومواد الصحة والتنظيف (3,2 %) والألبسة والأقمشة ( 3.1 %) وهي أرقام رسمية تؤكد عديد الدراسات المستقلة على كونها لا تترجم على وجه الدقة حقيقة ما لحق بالمقدرة الشرائية للفئات الضعيفة وحتى المتوسطة من تدهور. وتذهب هذه الدراسات إلى القول أن نسبة ارتفاع مؤشر الأسعار عند الاستهلاك العائلي لا تقل عن 15 % باعتبار ارتفاع أسعار عديد المواد المحررة أسعارها مثل الخضر والغلال والحلويات واللحوم البيضاء والأسماك والبيض ومواد التنظيف ومواد البناء والأدوية والأكرية والتي لا تؤخذ في الاعتبار عند تقييم نسبة التضخم وقد بلغت الزيادة في البعض منها الـ 50 % أحيانا. وتشكك هذه الدراسات في صدقية إحصائيات المعهد الوطني للإحصاء الذي هو محل انتقاد حتى من قبل بعض الدوائر الرسمية مثل دائرة المحاسبات. وحتى تكون لنا فكرة حول تطور نسبة التضخم المالي للثلاث السنوات الماضية لا بد أن نلقي نظرة على معدل التضخم خلال هذه المدة ومعدله السنوي كما يبينه الجدول التالي: أفريل 2006 أفريل 2007 أفريل 2008 المجموع المعدل السنوي 4.7 % 1.9 % 5.9 % 12.5 % 4.16% وبالمقابل فإن معدل الزيادة الخام في الأجور بالنسبة للوظيفة العمومية خلال نفس المدة يتراوح بين 3 % و3,5 % (حوالي 3.2 % للمعلمين مثلا) وهي نسبة أقل بكثير من معدل التضخم للسنوات الأخيرة (4.16 %) وبطبيعة الحال أضعف من نسبة التضخم المسجلة حتى الآن هذه السنة (5.9 %). أما بالنسبة لأصحاب الأجور الدنيا فقد كان تأثير التضخم المالي على مقدرتهم الشرائية أشد حيث كان الفارق السلبي بين تطور أجورهم وتطور مؤشر الأسعار أكبر كما تبينه الجداول التالية : أولا نسبة تطور الزيادة في الأجور: جويلية 2005 جويلية 2006 جويلية 2007 جوبلبة 2008 المجموع المعدل الصناعي 48 ساعة 6.023 د أي 2.76% 7.022 د أي 3.15 % 8.528 د أي 3.7 % 12.064 د أي 5.03 % 14.64% 3.66% الصناعي 40 ساعة 5.024 د أي 2.65% 5.897 د أي 3.02% 7.107 د أي 3.5 % 10.052 د أي 4.83 % 13.18% 3.29% الفلاحي (اليوم) 0.200 د أي 3% 0.220 د أي 3.2% 0.250 د أي 3.5% 0.370 د أي 5.01% 14.71% 3.67% ثانيا مقارنة معدل تطور الأجر بمعدل نسبة التضخم للأربع سنوات 2005 – 2008 مجموع نسب تطور الأجور المعدل مجموع نسب الزيادة في الأسعار المعدل الفارق بين (1) و(2) نظام 48 ساعة صناعي 14.64% 3.66% 18.12% 4.53% – 3.48 % نظام 40 ساعة صناعي 13.16% 3.29% 18.12% 4.53% – 4.96% نظام اليومي فلاحي 14.68% 3.67% 18.12% 4.53% – 3.44% فكما هو واضح من هذه الأرقام الرسمية، فإن نسبة ارتفاع الأسعار أعلى من نسبة الزيادات في الأجور بالنسبة لكل أنظمة العمل في القطاع الصناعي والفلاحي ويصل الفارق السلبي إلى حوالي 5 % بالنسبة لنظام 40 ساعة أي خسارة حوالي 13 دينار ( على أساس 251 دينار للأجر الصناعي بعد الزيادات الأخيرة جويلية 2008 ). ولمزيد تدقيق نسبة التدهور في المقدرة الشرائية لهذه الشريحة من العاملين لا بد من إضافة نسب الزيادة في الخصم لفائدة الصناديق الاجتماعية بعنوان التقاعد ( 0.4 % سنويا ما بين 2006 و 2008 ) وبعنوان التأمين على المرض ( 0.88 % سنويا لسنتي 2008 و 2009 ). وفي دراسة أنجزها المناضل الفقيد جورج عدة بعنوان ‘ الأعوام تمر والسميقار يغرق ‘ نشرها بجريدة الشعب هذه السنة كان قد استنتج أن السميقار قد خسر ما بين ديسمبر 1983 وديسمبر 2007 ما قيمته 51.170 د أي أن مقدرته الشرائية قد تراجعت بنسبة حوالي 20 % ( 19.25 % بالضبط ) وتصل هذه النسبة إلى حدود 25 % إذا احتسبنا قيمة الخسارة المسجلة في ملاحق الأجر الأدنى الصناعي أي أن السميقار قد خسر ما مجموعه ربع قدرته الشرائية. ومن جهة أخرى فإن الدينار التونسي شهد تراجعا بنسبة 4 % أمام العملة الأوروبية الأورو وبنسبة 4.5 % أمام الدولار الأمريكي وترتب عن هذا التراجع ارتفاع هام في العديد من البضائع الموردة والتي تحتل مكانة هامة في استهلاك المؤسسات وأصبحت تحتل مكانة متزايدة الأهمية في استهلاك العائلات بعد حذف الحواجز القمرقية وانفتاح السوق التونسية عل البضائع الأجنبية والأوروبية خاصة. وبناء على ما تقدم من معطيات – رغم أن هذه الأرقام دون الواقع – بخصوص ارتفاع الأسعار بنسق يفوق بكثير نسبة تطور الأجور إلى جانب تراجع قيمة العملة فإن المقدرة الشرائية لعموم المستهلكين والأجراء على وجه الخصوص تضررت أيما ضرر. وبناء على كل ما سبق تبيانه بات لا بد من اتخاذ الإجراءات اللازمة للزيادة في الأجور وتعديل موازنات العائلات والمقدرة الشرائية للشعب. ولكن كيف؟ وبأي مقدار؟ وعلى أية قاعدة ؟ وبأي طريقة ؟ ماذا تعني الزيادة في الأجور وتحسين المقدرة الشرائية ؟ إن المأمول من جولة المفاوضات الجارية الآن هو أن تتوصل إلى تحقيق زيادة في الأجور تعوض فعلا عن النقص الحاصل والخسارة المسجلة في المقدرة الشرائية للعمال ولعموم الشعب على أن تكون الزيادة ‘ زيادة الاتحاد ‘ أي أن تكون له فيها كلمة فاعلة. ولكن السؤال المطروح الآن هو هل ستكون النتائج في مستوى الآمال ؟ ذلك ما لا يمكن أن نجزم به بالنظر للطريقة المتبعة والتي أشرنا إلى البعض من سلبياتها. وكي لا يكون حكمنا على ما هو جار الآن ( بصدد المفاوضات ) من قبيل الأحكام المسبقة والحكم على النوايا وكي لا يكون كذلك حكما عدميا أعتقد انه لا بد من القول أن ما تم التوصل إليه من نتائج بخصوص الجوانب الترتيبية مهم. وغني عن القول أن الجوانب الترتيبية لا تقل أهمية عن الجوانب المالية غير أنه من المعروف أيضا أن كل الأطراف، حكومة وأعراف ونقابات وعمال، تعلق أهمية خاصة علىكلمايتصل بـ’الفلوس’ أي كل ما له صلة بالأجر والقدرة الشرائية في أحيان كثيرة قبل حتى الجوانب المهنية على أهميتها. فالحكومة بمقدورها في نهاية الأمر التنازل عن بعض المكاسب لفائدة العمال في مجال الترقية وغيرها من الجوانب الترتيبية بما في ذلك حتى الحق النقابي والحريات النقابية ولكنها عندما يتعلق الأمر بـ’الأموال’ فإنها مضطرة لأن تبدي ما يلزم من التشدد لأنها، مثلها مثل الأعراف، تعي جيد الوعي ماذا يعني ذلك بالنسبة لها بمنطق الحساب، بمنطق موازنات الخزينة وفي النهاية بمنطق الربح والخسارة. والعمال أيضا رغم كل الأهمية التي يولونها للجوانب الترتيبية في حياتهم العامة والمهنية فإن ما يعنيهم بالدرجة الأولى وخاصة في الظرف الحالي من المفاوضات هو ما سيترتب عنها من تحسين في أجورهم. لهذه الأسباب نعتقد أنه من الطبيعي أن يتركز النقاش دوما لدى كل الأطراف على ما يهم الزيادة في الأجور في هذه المفاوضات. وللتدليل على صحة ما ورد ذكره في نقد طريقة التفاوض في هذا الباب بالذات فإن الأخبار المتوفرة، وحسب الرواية النقابية، تؤكد أن وجهات النظر ما تزال متباينة أشد تباين بين الحكومة والاتحاد فيما شهدت تقدما مهما في الجوانب الأخرى أي الترتيبية، وحتى التعطل الحاصل في المفاوضات مع إتحاد الأعراف فسببه أن هؤلاء يأخذون في الاعتبار الكلفة المادية للجوانب الترتيبية على موازنات مؤسساتهم. فمقابل المطالبة بزيادة لا تقل عن 8.5 % على كتلة الأجور ( مقترح الوفد النقابي ) تشبث الوفد الحكومي ولفترة طويلة بتكرار مقترحه المتمثل في مقدار الزيادة السابقة. وبعد صراع مرير عبر عن استعداده لمنح الطرف النقابي مبلغ حوالي 30 مليار مليم إضافية ليصل بذلك مقترح الحكومة إلى تكرار زيادة الثلاثية الماضية مع حوالي دينارين ونصف أو في أحسن الأحوال 3 دنانير خام إضافية ( على 3 سنوات بطبيعة الحال ). وهو ما يمثل على الأرجح التقديرات والتوقعات التي قد تم رصدها بعد في مشروع الميزانية العامة للسنة القادمة والسنوات الموالية. والأمر الذي يسترعي الانتباه هو أن الحكومة باتت تتهرب بل لم تعد تقبل بالتفاوض على أساس نسب مئوية ( على كتلة الأجور ) وتصر وتضغط بكل قوة من أجل جر الاتحاد للتفاوض والتعامل بمقادير جملية (enveloppe globale) لأنها تريد كما جرت العادة زيادة نفس المقادير التي أعطتها خلال الثلاثية ( الثلاث سنوات ) الماضية. وهي بهذه الطريقة تريد إفحام الاتحاد بحجم الكلفة التي ستتكبدها الخزينة العامة للدولة نتيجة الزيادات المزمع المصادقة عليها وتملك بطبيعة الحال ما يكفي من المعطيات لمواجهة الحجج التي يتقدم بها الوفد النقابي حول نسبة التضخم وغيرها من الأرقام التي استعملها للدفاع عن مقترحاته. وبالمقابل ما يزال الاتحاد بدوره مصرا على بناء خطته التفاوضية على أساس ‘ النسبة على كتلة الأجور ‘ وهو يرى بالملموس كيف أن هذه الخطة تعطي للحكومة الفرصة للانحراف بالتفاوض إلى الطريقة التي تيسر لها محاصرة مقترحاته وجره لميدان لا يملك القدرة على التحكم فيه ولخطة تفاوضية لا يستطيع المسك بخيوطها. ومن المنتظر أن يبدأ الوفد النقابي في التنازل عن مقترح 8.5 % من كتلة الأجور بعد أن قدمت الحكومة مقترحها الجديد بزيادة الـ 30 مليار مليم للمبلغ العام لقيمة الزيادات للثلاث سنوات الماضية (l’enveloppe globale)، وعليه فمن المتوقع أن تكون الزيادات القادمة شبيهة بالتي سبقتها مع ترفيع طفيف لا يتناسب وحقيقة ما سجلته المقدرة الشرائية من خسارة واهتراء. لقد أثبتت طريقة التفاوض كما سبق وقلنا عدم جدواها من وجهة نظر حماية المقدرة الشرائية وبات من الملح أن تعيد قيادة الاتحاد النظر في رؤيتها للسياسة التعاقدية مع الحكومة والأطراف الاجتماعية أو على الأقل لسياستها التفاوضية حول الأجور في ظل التحولات التي جرت وتجري على كل الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية، وقد يكون من الأسلم اليوم التفكير في فتح حوار نقابي عميق واستشارة واسعة تشرك فيهما كل الكفاءات والخبرات من أبناء الاتحاد ومناصريه وأصدقائه لتخرج بخطة تفاوضية جديدة تتلاءم ومتطلبات الظروف الجديدة والتعقيدات المرتقبة. من المؤكد أن الوقت لا يسمح الآن بإنجاز هذا العمل والاعتماد عليه في الجولة الحالية من المفاوضات خصوصا وأنها بلغت شوطا متقدما، لكن ذلك لا يمنع البتة من الانكباب فورا، في إطار الحوار والاستشارة المذكورين، على إعداد الخطة الجديدة والتي من المرجح أن تقع بلورتها قبل الشروع في الجولة المقبلة من التفاوض. ويمكن أن يقع عرض أعمال الدراسات التي ستنجز على المجلس الوطني القادم (بعد سنة أو سنتين) بصفته السلطة العليا قبيل انعقاد مؤتمر 2011 للتصديق على رؤية الاتحاد الجديدة. ولعله أفضل إنجاز سيحسب للقيادة الحالية. إن التحولات الجارية على مجمل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية تفترض من الاتحاد الكف عن معالجة الملفات بالطرق التقليدية وتتطلب منه التعامل مع المستقبل بنظرة استشرافية لتمتين روابطه بالعمال وترسيخ موقعه في المجتمع. وعلى سبيل الاقتراح ومن أجل تنشيط هذا الحوار أسوق بعض الأفكار الأولية أرى فيها ملامح أولى لسبل تجاوز الطريقة القديمة وخطوطا عريضة لخطة تفاوض جديدة تقوم على مبادئ علمية منسجمة وناجعة. فلكي نعيد للعملية التفاوضية اعتبارها كآلية لحماية المقدرة الشرائية ولتعزيز شرعية التمثيل النقابي وجدارة المنظمة لا فقط في نظر منظوريها ومناضليها بل وكذلك في نظر شركائها في الدولة والمجتمع لا بد وأن : 1 – يتغير منطق التفاوض من تفاوض مركزي تقرر نتائجه بين الحكومة والقيادة فيما لا تمثل المفاوضات القطاعية سوى عمليات جس نبض وترويض من هذا الجانب أو ذاك. 2 – تستبدل طريقة ضبط قيمة الزيادات في الأجور المتبعة حاليا وذلك في شكل نسبة على كتلة الأجور بطريقة احتساب نسب تدهور المقدرة الشرائية كالآتي : – نسبة التدهور الناجمة عن التضخم المالي – نسبة التدهور الناجمة عن ارتفاع حجم الضريبة على الأجر – نسبة التدهور الناتجة عن تراجع قيمة العملة – نسبة التدهور الناتجة عن ارتفاع مقادير المساهمات والأعباء الاجتماعية مع تحديد النسبة الواجب تخصيصها من الناتج الداخلي الخام لصالح العمال كشكل من أشكال التوزيع العادل للثروة بين كل من ساهموا في خلقها ولمنع مزيد تعميق الفوارق الاجتماعية ولتشجيع الاستهلاك الداخلي والادخار وبالتالي لتشجيع الاستثمار المنتج لمواطن الشغل ولتنشيط الدورة الاقتصادية ككل. وتجدر الإشارة هنا إلى أن مسألة هامة لم تعد تحض بالاهتمام الذي يليق بها وهي الاتفاق على معنى نسبة التضخم المالي وكيفية تحديدها. كان من تقاليد النقابات النظر مع الحكومات، في مؤشر الأسعار وبالتالي في نسبة التضخم المالي ونسبة تدهور المقدرة الشرائية قبل الاتفاق على مقادير الزيادات في الأجور. وفي هذا الإطار كان يجري جدلا كبيرا حول مكونات ‘ قائمة الأسعار ‘ أي حول محتويات قفة المواطن أي حول قائمة المواد التي يتفق الطرفان على أنها أساسية لمعيشة المواطن. وغالبا ما شكلت هذه القائمة خلافا كبيرا بين النقابات والحكومات. فهذه الأخيرة تعمل دوما على التلاعب بهذه القائمة، توسعها وتضيق فيها حسب الظرف. فإذا شملت الزيادات أسعار بعض المواد الاستهلاكية فقط تجنح الحكومات إلى توسيع القائمة حتى يكون معدل نسبة التضخم ضعيفا وبالتالي تجبر النقابات على القبول بنسبة تضاهيها في زيادات الأجور. وإذا كانت الزيادات في الأسعار قد شملت كل المواد تعمل الحكومات على حصر محتويات قفة الاستهلاك في أقل ما يمكن من المواد وخاصة المواد التي سجلت أسعارها أضعف النسب وذلك حتى تكون نسبة التضخم محدودة وتجبر بالتالي النقابات على قبول نسبة زيادة في الأجور تضاهيها. وفي كل الأحوال كان يجري صراع مرير حول هذه المسألة التي تشكل أساس كل اتفاق حول الزيادات في الأجور. ومن المعروف في تونس أن الحكومة ومصالح الإحصاء كانت على الدوام تتصرف وحدها في تحديد مؤشر الأسعار ونسبة التضخم فتحصر قائمة الأسعار في عدد محدود من المواد الاستهلاكية وبالتحديد في المواد المدعمة وبعض المواد الأخرى، وبما أن تحرير الأسعار قد أصبح هو القاعدة في التعامل في السوق فإن الحكومة تتلافى احتساب الزيادات التي تشمل المواد المحررة وهو ما يفسر دوما النسب الضعيفة التي تعلن عنها بخصوص تطور مؤشر الأسعار. ومهما كان من أمر فإن ما يعاب على مؤشر الأسعار المعتمد حاليا هو أنه غير واقعي ولا يأخذ بعين الاعتبار جملة التحولات الجارية على نمط استهلاك العائلة التونسية وبالتالي لا يأخذ في الحسبان الكثير من مكونات سلتها التي أصبحت أركانا قارة في استهلاكها. وما يعاب على الاتحاد العام التونسي للشغل هو طريقة تعاطيه مع مسألة مؤشر الأسعار وعدم اعتماده عليه كشرط وكمعطى أساسي للتفاوض في نسب الزيادات المطلوبة في الأجور. وعلى عكس ما كان معمولا به خلال السبعينات زمن الفقيد النقابي الحبيب عاشور في إطار ما يسمى آنذاك بـ’السياسة التعاقدية’ و’موعد أفريل’ السنوي الذي ينظر فيه الاتحاد والحكومة سويا في مؤشر الأسعار ونسبة التضخم أولا ثم في الزيادة في الأجور المناسبة، رغم أنه لم يقع العمل بذلك لفترة طويلة بحكم اندلاع أحداث 26 جانفي 1978، على عكس هذا التمشي السليم والمعتمد في التجربة النقابية العالمية (النقابات الفرنسية وكافة النقابات الأوروبية لا تزال تعمل به حتى الآن)، فقد أهمل الاتحاد طيلة الجولات التفاوضية السابقة هذه المنهجية وسقط في الطريقة المعمول بها حاليا والتي تتحكم الحكومة في سيرها وفي نتائجها. 3 – يقع التخلي عن دورية التفاوض كل ثلاث سنوات، المعمول بها حاليا، لتصبح الدورية مرتبطة بسقف نسبة تدهور المقدرة الشرائية التي يقع الاتفاق عليها مسبقا ثم بناء على ذلك يقع اللجوء آليا لمفاوضات جماعية ( مركزية أو قطاعية أو الاثنين معا ) بحيث يقع الاتفاق على الزيادة في الأجور كلما : – ارتفع مؤشر الأسعار بنسبة كذا ( شرط أن يعاد النظر في طريقة احتساب هذا المؤشر ) – زاد حجم الخصم على الأجر بعنوان الضرائب أو بعنوان المساهمات الاجتماعية – تراجعت قيمة العملة أو تم التخفيض فيها بنسبة كذا أي بلغة أخرى كلما سجلت المقدرة الشرائية، لسبب من الأسباب، نسبة محددة من التدهور يقع تعويضها وتفتح لهذا الغرض جولة من التفاوض. وبلغة أخرى تقع العودة لربط الأجور بالأسعار وهي سياسة في صالح العمال والدولة وحتى الأعراف على حد السواء بما أنها ستحمي المقدرة الشرائية من جهة وتضمن الاستقرار في السوق وتنمي الاستهلاك الداخلي وتشجع على الإنتاجية والاستثمار وتنشط الدورة الاقتصادية كلها من ناحية أخرى. جيلاني الهمامي الكاتب العام السابق لجامعة البريد أكتوبر 2008 [1] جاء في البلاغ المشترك بين الحكومة والاتحاد إثر الجلسة التي ضمت عددا من أعضاء الحكومة ووفدا عن الاتحاد يوم 08 أفريل 2008: ‘اتفق الطرفان على ما يلي: أولا – فيما يخص الوظيفة العمومية 1 – إنهاء التفاوض حول الحق النقابي في قطاع الوظيفة العمومية في إطار اللجنة الفنية المشتركة ترفع أعمالها إلى اللجنة العليا 2 – الشروع في التفاوض حول الزيادة في الأجور لمدة تغطي الثلاث سنوات 2008 – 2010 …. ثانيا – فيما يخص المؤسسات والمنشآت العمومية 1 – الشروع في المفاوضات حول الزيادة في الأجور في المؤسسات والمنشآت العمومية بجانبيها المادي والترتيبي لمدة تغطي الثلاث سنوات 2008 – 2010 مع الأخذ في الاعتبار طاقة كل مؤسسة ومنشأة وخصوصياتها وذلك دعما للقطاع العمومي وحفزه على مجابهة التحديات 2 – مواصلة تسوية وضعية المتعاقدين بمختلف المؤسسات والعمل على استكمال إصدار الأنظمة الأساسية المتبقية مع مراعاة الإجراءات المعمول بها. [2] جاء في بيان المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل بتاريخ 02 سبتمبر 2008 ما يلي ‘ ويعبر المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل عن انشغاله إزاء تعثر المفاوضات بالوظيفة العمومية جراء المقترحات غير الواقعية للطرف الحكومي فيما يتعلق بالزيادة في الأجور…’ [3] جاء في بيان المكتب التنفيذي بتاريخ 02 سبتمبر 2008 ‘وهو (أي المكتب التنفيذي) إذ يعتبر قرار سيادة رئيس الدولة بصرف تسبقة على الزيادات المقبلة للأجور خطوة إيجابية للحد من تدهور الطاقة الشرائية للأجراء…’ [4] ‘… وهي المقترحات التي لا تستند لأي معطى موضوعي مثل نسب التضخم وتطور إنتاجية الموظفين وأعوان الدولة ونسبة النمو المسجلة بالبلاد ولا تلبي بالتالي الحد الأدنى لطموحاتهم….’ من بيان المكتب التنفيذي 02 سبتمبر 2008 [5] تعريف مفهوم الإنتاجية من المسائل الصعبة نسبيا وأصعب منه قياسها ولكن يمكن تلخيصه فيما يلي : يعرفها البعض على أنها النسبة بين الإنتاج الإجمالي المحقق في وقت محدد وباستخدام عوامل إنتاج محددة، ويعرفها البعض أيضا بكونها إنتاج رجل /ساعة مع الأخذ في الاعتبار عنصر الجودة ويمكن القول أن الإنتاجية هي نسبة الإنتاج الحقيقية إلى كمية العناصر المادية المستعملة الحقيقية (مواد اولية، رأس مال…).فهي فهي إذن إنتاج قدر من السلع أو الخدمات بذات الجودة أو أفضل بنفس العوامل ( راس المال، عدد العمال، ظروف العمل ) أو بوحدات أقل من عوامل الإنتاج في فترة زمنية محدودة . فإنتاجية العمل هي العلاقة بين مجهود العمل والانتاج الذي يقدمه العمال وبين كمية السلع والخدمات التي ينتجونها بنفس رؤوس الأموال والموارد المادية الأساسية التي تستخدم لإنتاج هذه السلع والخدمات في فترة زمنية محدودة. [6] أنظر تقرير المنظمة الأمريكية Heritage – سبتمبر 2008 [7] يذكر أن خوصصة شركة اتصالات تونس مكنت الدولة من مداخيل هامة ( 3200 مليار من المليمات ) بواسطتها تم دفع جزء هام من الديون الخارجية البعض منها قبل آجال تسديدها. [8] التضخم المالي هو نسبة الخسارة التي تلحق بالقدرة الشرائية للعملة ( الدينار في تونس) والتي تترجمها الزيادة العامة والمتواصلة للأسعار ولتحديد نسبة التضخم المالي يقع عادة اللجوء لمؤشر الأسعار للفترة المحددة. [9] مؤشر الأسعار عند الاستهلاك هو مقياس للتضخم، فهو يساعد على تقدير نسبة معدل التطور في أسعار مواد الاستهلاك للعائلات ما بين فترة وأخرى، فهو إذن مقياس تحليلي لتطور أسعار المواد بنفس الجودة. (المصدر: البديـل عاجل، قائمة مراسلات موقع حزب العمال الشيوعي التونسي بتاريخ 14 أكتوبر 2008)
مشاهدة نتائج الإستفتاء: هل الحجاب لباس دخيل على المجتمع التونسي
بعد اشتداد الحملة على المحجبات تونس:
دعوات للمفتي ووزير الشؤون الدينية للإفتاء في «الحجاب»
تونس – محمد الحمروني أصدرت لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس بيانا أكدت فيه اشتداد الحملة على المحجبات. وتتركز الحملة وفق اللجنة على الطالبات بالمعاهد الثانوية والجامعات والمعاهد العليا. وقالت اللجنة في بيان وُزع يوم أمس الثلاثاء 14 أكتوبر الجاري وحصلت «العرب» على نسخة منه «إن المدعوة قمر بوسنّة مديرة المعهد الثانوي بنابل (60 كم شمال شرق العاصمة تونس) تمارس منذ أسابيع مضايقات شديدة على الفتيات المحجبات، فهي تمنع كل فتاة تحمل أي نوع من أنواع غطاء الرأس من الدخول للدراسة، وتقوم بإهانتها أمام زملائها». وعبرت اللجنة عن سخطها تجاه تصرفات المديرة واعتبرت سلوكها تجاوزا لصلاحياتها الإدارية، ومنافيا لأبجديات التربية والتعليم، وطالبتها بالكف عن التعرض للفتيات المحجبات، كما طالبت إدارات التعليم المختلفة بالتدخل لوقف تجاوزاتها. وحمّلت اللجنة أصحاب القرار المسؤولية المباشرة على تصرفاتها، ودعتهم إلى إعفائها من مهمتها. ودعت السلطات التونسية إلى معاملة الفتيات المحجبات معاملة كريمة، بدلا من الانتقاص من حقهن في التعليم بسبب لباس اخترنه. وتتوالى في تونس بيانات المنظمات الحقوقية التي تكشف كل يوم عن انتهاكات جديدة تتعرض لها المحجبات. وفي بيان صدر يوم أمس أعلنت منظمة «حرية وإنصاف» للدفاع عن حقوق الإنسان عن قيام مدير معهد محمود المسعدي بنابل -المدعو صالح الجملي- بطرد الطالبة نورس الجازي من المعهد بسبب ارتدائها لـ «فولارة» تونسية وليس للخمار على الطريقة المعروفة اليوم في مشارق الأرض ومغاربها. وحتى لما اصطحبت الجازي أباها أصر المدير على طردها وحرمانها من حقها الشرعي والوطني في طلب العلم الذي هو مفتاح سعادتها وسعادة أسرتها -وفق ما جاء في البيان. وفي سوسة (150 كم جنوب شرق العاصمة) قام مدير معهد الفتيات بالمحافظة بطرد الطالبة سارة مخلوف بسبب ظهور أمها في برنامج على شاشة قناة الحوار اللندنية تدافع عن زوجها بوراوي مخلوف السجين السياسي التونسي القابع في السجن منذ سنة 1991 بسبب انتمائه لحركة النهضة الإسلامية التونسية. حملة شاملة ولا تقتصر الحملة على المحجبات في تونس على الطالبات بل تشمل مرتديات اللباس الشرعي بصفة عامة. وفي هذا الإطار أكدت منظمة «حرية وإنصاف» في بيان لها – نُشر مؤخرا على الإنترنت – أن أعوان الأمن يشنون حملة متواصلة على المحجبات في الأماكن العامة ويجبرونهن على الإمضاء على التزام بعدم العودة إلى لبس الحجاب. وضربت المنظمة مثالا على ذلك بما قام به أعوان أمن بالزي الرسمي يوم السبت الماضي بالسوق الأسبوعية ببني خيار (50 كم شمال شرق) بإكراه النساء المحجبات على إمضاء التزام بنزع الحجاب. دعوة للإصداع بالحق في هذه الأثناء وجهت إدارة أحد المواقع الإلكترونية رسالة مفتوحة إلى مفتي الديار التونسية ووزير الشؤون الدينية حول تواصل العدوان على الطالبات بسبب ارتدائهن الحجاب. ودعا أصحاب الرسالة المسؤوليْن التونسيّيْن إلى «التصريح بالحكم الشرعي» في لبس الحجاب و «الفولار» وهو غطاء رأس تقليدي تونسي والإفتاء بجواز أو عدم جواز ارتداء المرأة التونسية للحجاب وإذا كان الأخير لباسا طائفيا أم لا. وقالت الرسالة إن «النساء (في تونس) صبرن صبرا جميلا يحاكي صبر الصحابيات العظيمات لما اضطهدتهن قريش وفُتنَّ في دينهن فتنة.. وهن الآن يلجأن إلى كل حيلة للجمع بين عبادتي الطاعة في تغطية شعر الرأس وبين طلب العلم». ودعت الرسالة المفتي ووزير الشؤون الدينية إلى الاقتداء بكبار المشايخ الذين صدعوا بالحق وعارضوا بورقيبة بجرأة وعلم مثل الشيخ عبدالعزيز العكرمي والشيخ عبدالرحمان خليف والشيخ محمد صالح النيفر والشيخ محمد الأخوة وغيرهم كثير. يُذكر أن الحملة على المحجبات بدأت سنة 1981 إثر إصدار الرئيس التونسي السابق الحبيب بورقيبة القانون رقم 108 الذي يعتبر الحجاب «زيّاً طائفيّاً»، وليس فريضة دينية، ومن ثَمَّ تم حظر ارتدائه بالجامعات ومعاهد التعليم الثانوية والمؤسسات العمومية. وفي ديسمبر 2006 قضت محكمة تونسية بعدم دستورية القانون رقم 108، مؤكدة أن القوانين التي تمنع ارتداء الحجاب بتونس غير شرعية وغير قانونية بل ومخالفة للدستور. يُذكر أن الرئيس التونسي زين العابدين بن علي صرح بأن تونس ليست ضد اللباس المحتشم وأن السلطة الرسمية لا تمنع ارتداء «الفولار» (غطاء الرأس التقليدي في تونس). وفي رمضان الماضي كرم الرئيس التونسي فتاة محجبة حجابا شرعيا كاملا واستقبلها في قصر قرطاج. غير أن القائمين على الجامعات والمعاهد التونسية يفعلون عكس ذلك ويمنعون كل أشكال اللباس المحتشم بما ذلك القبعات والفولار التونسي.
(المصدر: صحيفة « العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 14 اكتوبر 2008)
منع عشرات المحجبات من مزاولة الدراسة في تونس
إسماعيل دبارة من تونس قال مصدر حقوقي ينتمي إلى لجنة الدفاع عن المحجبات اليوم إنّ مدير المعهد الأعلى للدراسات التكنولوجية بمنطقة منزل عبد الرحمن بمحافظة بنزرت (شمال) قام بـ’شن حملة محمومة على المحجبات ومنع أكثر من 60 طالبة محجبة من الدخول إلى المعهد’وذكر المصدر الذي رفض الكشف عن إسمه إنّ توفيق بن بريك مدير المعهد المذكور’هدّد المحجّبات بالطرد النهائيّ من المعهد إن لم يخلعن كل أشكال تغطية الرأس الأمر الذي أثار بلبلة في صفوف الطلبة’ واستنادا إلى ذات المصدر تجمّعت المحجبات أمام المعهد مما اجبر الكاتب العام على أن يطلب من بعضهن الدخول إلى مكتبه للتفاوض قبل أن يتّفق مع عدد منهنّ على تغيير شكل حجابهن وارتداء زيّ تونسي حتىّ يتسنّى لهن الدخول و مزاولة دراستهنّ. وأشار المصدر إلى أنّ مدير المعهد الأعلى للدراسات التكنولوجية سبق أن ضايق عدد كبيرا من المحجّبات و هدّدهن كتابيّا في أكثر من مناسبة. واستنكرت ‘لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس’ وهي منظمة حقوقية غير معترف بها ‘ إقدام مدير المعهد على التعرض للطالبات المحجبات، وطالبته بالتوقف عن مضايقتهن معتبرة ما قام به ‘تجاوزا خطيرا’. كما دعت السلطات التونسية إلى ما أسمته ‘ وقف هذا الانحدار المشين الذي يمسّ من القيم الدينية والوطنية للشعب التونسي ومراجعة هذه الممارسات التي لا تخدم البلاد وتساهم في تأبيد الشرخ بين الحاكم والمحكوم’. كما ناشدت اللجنة الهيئات الحقوقية المحلية والعربية والدولية للاهتمام بـ’المعاناة التي تتكبدها الفتيات والنساء المحجبات في تونس ، داعية علماء الأمة ودعاتها إلى وقفة حازمة تجاه الممارسات التي تقع في تونس بحق المرأة المحجبة وتطالبهم بتنسيق المواقف لإبلاغ السلطات الرسمية التونسية وقف تجاوزاتها بحق المحجبات ‘. وكانت عدد من الجمعيّات والمنظمات الحقوقية تحدّثت خلال الاسابيع القليلة الماضية عما اسمته بـ’حملة أمنية ‘ تهدف إلى منع الطالبات المحجّبات من التسجيل بالكلّيات و المعاهد و المبيتات الجامعيّة. وتتهم تلك المنظمات الحكومة التونسية بمعاداة الحجاب ومحاولة الالتفاف على الحقّ في اللباس. و تعتبر الحكومة التونسية الحجاب لباسا طائفيا و أصدرت منشورا يقضي بمنعه في الجامعات و المعاهد و الإدارات العمومية، الأمر الذي أثار جدلا واسعا بين علمانيّ البلاد و متديّنيها.
انتقادات واسعة وجهت لها تونس: المسلسلات الرمضانية ضعيفة فنياً.. ومنحلة أخلاقياً
تونس – محمد الحمروني
اعتبرها المشاهد التونسي صدمة له ومنافية وخادشة للحياء، فيما وصفها النقاد بالمغامرات الفنية التي غابت عنها الحبكة وحضر فيها بشكل واضح ضعف الأداء لدى الممثلين. وما بين نقد الجوانب الفنية واستنكار محتوياتها ما زالت المسلسلات الرمضانية التي بثتها القنوات التونسية وعلى رأسها قناة «تونس 7» الرسمية محل انتقادات واسعة وذلك رغم مرور نحو أسبوعين على انتهائها. الحبيب بلهادي الناقد والمنتج السينمائي المعروف انتقد تركيز الإنتاج الدرامي لإدارة الإذاعة والتلفزة على شهر رمضان «مما جعل البلاد تعيش حالة من التصحر الدرامي في بقية أشهر السنة». واعتبر بلهادي في تصريح لـ «العرب» أنه لا توجد استراتيجية واضحة في إنتاج المسلسلات «فلجان النصوص مقصّرة ولجان القراءات غائبة تماما وأغلب مسلسلات هذا العام مرت دون أن تقرأ أو هي فرضت على التلفزة فرضا لذلك لاحظنا نفس الشخوص الاجتماعية ونفس الديكور يتكرر في أكثر من مسلسل». أما خميس الخيّاطي الإعلامي والناقد السينمائي والوجه التلفزيوني المعروف فرأى في مقال نشر مؤخرا بصحيفة «الطريق الجديد» التونسية، في المسلسلات الرمضانية الأخيرة غيابا تاما للحرفية و «مغامرات» لا علاقة لها بالفن. والسبب حسب رأيه هو اعتماد المخرجين على ممثلين هاوين. وفيما رأى عدد من النقاد في المسلسلات الرمضانية غيابا للحبكة وضعفا فادحا في النص، رأى آخرون أن نسبة نجاح الممثلين في مسلسلات هذا العام كانت أكبر منه في السنة الماضية. ويتفق هؤلاء على أن ما وجّه من انتقاد لهذه المسلسلات خارج الإطار الفني إنما يندرج في خانة الانتقادات الأخلاقية التي لا تقدم بالفن الدرامي في تونس. اختلاف مواقف النقاد حول الجوانب الفنية قابله اتفاق الشارع التونسي على نقد الجوانب المضمونية لمسلسلات هذا العام. ويعتبر هذا الشارع أن إنتاج رمضان شكل صدمة للذوق العام ولقيم الحياء والحشمة كما قال العم بشير وهو سائق سيارة أجرة. وبحسب محدثنا فأصحاب هذه المسلسلات لم يراعوا ما يمثله شهر رمضان بالنسبة للتونسيين من حرمة ولم يحترموا «اللمة» العائلية في هذا الشهر وحاولوا أن يصدموا شعور الناس بما يعتقدون أنه يساهم في إحداث الرجة النفسية المطلوبة لنشر ثقافة يتوهمون أنها تصلح المجتمع. وفي اتصال مع «العرب» أكد العم بشير أنه بصدد رفع قضية ضد مؤسسة الإذاعة والتلفزة التونسية يتهمها فيها بخدش الحياء وعدم احترام مشاعر التونسيين خلال شهر رمضان المبارك. تتمحور انتقادات الشارع التونسي للدراما الرمضانية لهذا العام حول الصورة التي حاولت المسلسلات أن تقدمها عن المجتمع – وخاصة مسلسلي «مكتوب» و «صيد الريم»- من أنه مجتمع تنتشر فيه بشكل واسع جدا مظاهر التحرش والعلاقات الجنسية المحرمة وما ينتج عنها من حمل خارج الأطر الشرعية وما يترافق مع ذلك من مظاهر الانحلال الأخلاقي بدءا من اللباس الخليع والكلام المائع. بل إن هذه المسلسلات وخاصة مسلسل «صيد الريم» بالغ -وفق ما جاء في تقارير صحافية عديدة نشرت بتونس- في التركيز على الجوانب الجنسية في معالجته للقضايا الخاصة بالفتيات العاملات بمصانع النسيج ومن ورائهن الفتيات التونسيات بصفة عامة، حتى «بتن لا ينظر إليهن إلا وكأنهن كتلا من الجنس المتحركة لا هم لها إلا اصطياد المتعة أو البحث عن شهوة وفي أحسن الحالات عن زواج». وبدل الانكباب على المشاكل الحقيقية للمجتمع من فقر وبطالة وغلاء أسعار يُقدم الشباب التونسي على أنه يرفل في نعيم سيارات «الهامر» وسهرات العلب الليلية الحمراء. وتساءل الباحث الاجتماعي محسن المزليني عن الغاية من طرح قضايا الجنس بهذه الطريقة في الدراما الرمضانية. وقال في تصريحات لـ «العرب»: «ليس المشكل في طرح القضية في حد ذاتها لكن الإشكال في طريقة طرحها، وهل كان أصحاب هذه المسلسلات يهدفون إلى معالجة الظاهرة أم إلى نشرها». ويرى المزليني أن «المعالجة تقتضي عدم تقديم الأمر وكأنه لا حرج فيه بحيث تتحول معالجة الظاهرة إلى ترويج لها». ورغم اتفاق الجميع على ضعف الإنتاج الدرامي لهذا العام فنيا ومضمونا، فإن الجدل متواصل بين من يحاول أن يرى في تلك المسلسلات كشفا وتعرية للواقع التونسي، وبين من يعتبر أن المعاجلة الدرامية ليست مجرد نقل أو تقديم نسخة مطابقة للأصل للواقع، ذلك أن أي نقل تحكمه خلفية ما. (المصدر: صحيفة ‘العرب’ (يومية – قطر) الصادرة يوم 15 أكتوبر 2008)
الأفلام المسروقة تهدد مستقبل السينما التونسية
خميس بن بريك-تونس ارتفع عدد المحال التجارية، التي تقوم بقرصنة البرمجيات وبيع الأفلام المسروقة إلى أكثر من سبعين ألف محلّ تجاريّ في تونس، بينما لم تكن تتعدى سوى العشرات منذ بضع سنوات. وتستقطب هذه المحال، التي تبيع أحدث البرمجيات والأفلام والموسوعات والألعاب المقلّدة، أعدادا كبيرة من التونسيين نظرا لتدني أسعارها مقارنة بأثمانها الحقيقية. ولا يتعرض التجار إلى ملاحقات قضائية بالرغم من أنّهم يقومون بانتهاك القانون بعرض منتجات تتمّ قرصنتها عن طريق الإنترنت، أو تقليدها من نسخ أصلية. ومع أنّ المشرع التونسي تفطّن إلى أعمال القرصنة، إلا أنّ قانون سنة 1994 المتعلق بالحماية الأدبية والفنية لا يطبّق بصرامة، وهو ما يعدّ خرقا لقواعد السوق حسب بعض المراقبين. وكشف تقرير أميركي صادر عن منظمة ‘تحالف برمجيات الأعمال’ أن تونس تأتي في المرتبة الثانية عربيا بعد الجزائر من حيث قرصنة البرامج المعلوماتية والأفلام عبر الإنترنت. وتواجه صناعة البرمجيات في العالم مأزقا حقيقيا بالنظر إلى الخسائر المسجلة في إيرادات كبرى الشركات المنتجة، كما بقيت صناعة السينما هي الأخرى عالقة في عنق الزجاجة. السلطات أغلقت حوالي مائة محلّ للقرصنة لكن الوضع لا يزال على حاله (الجزيرة نت) تحذيرات وشكاوى وحذّر منتجون ومخرجون من الخطر الذّي أصبح يحدق بالإنتاج السينمائي في تونس، بينما تحاول وزارة الثقافة احتواء هذه الظاهرة لكن دون جدوى. وأعرب خالد العقربي رئيس نقابة المنتجين والمخرجين السينمائيين للجزيرة نت عن مخاوفه من انهيار القطاع نتيجة قرصنة الأفلام التونسية وتوزيعها في أقراص بخسة الثمن قبل عرضها في السينما. كما لاحظ أنّ التونسيين أصبحوا يميلون أكثر إلى شراء الأفلام المسروقة في أقراص مضغوطة يقل سعر الواحدة منها عن دولار عوضا عن ارتياد قاعات السينما. وقبل عقدين كانت تنتشر في تونس تسعون دارا للعرض السينمائي، لكن عددها أصبح الآن 28 قاعة توقف نصفها عن شراء الأفلام الجديدة نتيجة ظهور نسخ مسروقة منها في المحال. إلى ذلك، اشتكى عماد مرزوق، منتج تونسي، للجزيرة نت من قرصنة أحد أفلامه التي أنتجها منذ سنتين بعنوان ‘كحلوشة’ قائلا إن إيرادات الشريط تراجعت بشدة نتيجة أعمال القرصنة. وفي السنة الماضية لم يكن يتبقى سوى بضعة أيام على عرض شريط ‘آخر فيلم’ للمخرج التونسي الشهير النوري بوزيد، حتى ظهرت في المحال نسخ مسروقة تم بيع كميات كبيرة منها دون أي رقابة. عقوبات خفيفة ويرجع خالد العقربي استفحال أعمال القرصنة في القطاع السينمائي إلى تساهل القانون في التعامل مع هذه الظاهرة باعتبارها تقوم بتوظيف آلاف الشبان، حسب رأيه. ولا يعاقب القانون منتهكي الحقوق الأدبية والفنية إلا بغرامة تتراوح بين خمسمائة دينار (386.4 دولارا) وخمسة آلاف دينار (3.864 آلاف دولار)، وقد تصل إلى عشرة آلاف دينار (7.72 آلاف دولار) والسجن ثلاثة أشهر في حال تكرار المخالفة. بينما يرى المخرج منصف ذويب أنّ مثل هذه العقوبة تبقى غير كافية لمواجهة أعمال القرصنة، مشيرا إلى أن القانون الفرنسي يعاقب بالسجن لمدة تصل إلى سنتين في مثل هذه القضية. وبالرغم من أنّ السلطات قالت إنها أغلقت حوالي مائة محلّ تجاري للقرصنة وإنها حذّرت البقية من المتاجرة في الأفلام التونسية المسروقة، إلاّ أن الوضع ما يزال على حاله. لكن مصادر مطلعة في وزارة الثقافة التونسية قالت للجزيرة نت إنّ السلطات بصدد إعداد دراسة تهدف إلى تفعيل القانون لحماية حقوق المنتجين والموزعين الرسميين من القرصنة. يشار إلى أن الجامعة العربية تعقد اجتماعا في جدّة أيام 19-21 أكتوبر/تشرين الأوّل الجاري لدراسة ظاهرة القرصنة وانتهاك الملكية الفكرية في العالم العربي التي تقدّر بنحو 72 مليار دولار سنويّا حسب بعض التقديرات. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 15 أكتوبر 2008)
احتجاج ضد ‘لامارسياز’ بملعب فرنسا الدولي!
باريس– مرة أخرى تعرض النشيد الوطني الفرنسي ‘لا مارسياز’ إلى التصفير وصيحات الاحتجاج أثناء عزفه في ملعب فرنسا الدولي بباريس من قبل شباب الجيل الثاني ومن الفرنسيين من أصول عربية أثناء المباراة الودية التي جمعت المنتخب الفرنسي بالمنتخب التونسي. هذه الواقعة أثارت غضب الطبقة السياسية الفرنسية التي دعت إلى وقفة حازمة من أجل التصدي للاعتداء على حرمة النشيد الوطني الفرنسي من قبل شباب يفترض أنهم فرنسيون. وفي المباراة الودية التي جمعت الفريقين أمس الثلاثاء 14-10- 2008، أطلقت الجماهير المشجعة للفريق التونسي والتي كان أغلبها من الجيل الثاني والثالث الذين ولدوا بفرنسا صفارات الاحتجاج والصياح لما شرع في إنشاد ‘لا مارسياز’؛ حيث امتدت صيحات الاحتجاج ضدها إلى نهاية عزفها. ورغبة من فيدرالية كرة القدم الفرنسية في إضفاء أجواء من الصداقة على المباراة الودية (التي انتهت بفوز الفريق الفرنسي بثلاثة أهداف مقابل هدف وحيد لنظيره التونسي)، قامت باستدعاء منشدتين من أصول تونسية وهما ‘لامعا’ و’أمينة’ لغناء النشيد الوطني لكلا البلدين. إلا أن العديد من الجماهير، والتي قدر عددها بـ 60 ألف متفرج أغلبها من أصول تونسية أخذت في الصياح عند سماعهم ‘لامرسياز’ والتصفير على اللاعب الفرنسي من أصول تونسية ‘خاتم بن عرفة’ والذي فضل حمل ألوان الفريق الفرنسي على ألوان علم والديه التونسيين. صدمة وفي ردة فعل رسمية فرنسية على الحادثة اعتبرت وزيرة الرياضة الفرنسية أنها شعرت ‘بالصدمة’، في حين اعتبر الوزير الأول الفرنسي فرنسوا فيون في تصريحات صحفية اليوم الأربعاء أن ‘التصفير ضد لامارسياز هو إهانة لفرنسا وللاعبيها’، كما طالب فيون مستقبلا ‘بوقف أي مباراة إذا ما وقع فيها التصفير والاحتجاج ضد النشيد الوطني لأي بلد مهما كان’. من جهته وفي بيان أصدره أدان الحزب الاشتراكي الفرنسي التصفير على النشيد الوطني الفرنسي من قبل فرنسيين، في إشارة إلى الفرنسيين من أصول تونسية الذين قاموا بذلك. وفي تعليقه على ما وقع اعتبر رازي حمادي الأمين العام الوطني للحزب الاشتراكي والذي يعود إلى أصول تونسية في بيان أصدره ‘أن التصفير ضد المارسياز غير مقبول، حتى ولو كان الدافع لذلك أن فرنسا اعتمدت سياسة استعمارية ضد تونس لمدة طويلة، وحتى لو كان الفرنسيون من أصول تونسية والمغاربة بشكل عام بفرنسا يتعرضون للعنصرية’. وأضاف ‘عدم وفاء الجمهورية (فرنسا) بوعودها لهؤلاء لا يبرر أن يحتجوا على النشيد الوطني الفرنسي’. من جهتها اعتبرت الأمينة العامة للحزب الشيوعي الفرنسي ماري جورج بيفي ‘هؤلاء الذي أطلقوا صفارات الاحتجاج ضد المارسياز لا يشعرون حتما أنهم في بلدهم، واحتجاجهم بهذه الطريقة يدل على كونهم يشعرون بمعاناة’. المرة الثالثة وهذه المرة الثالثة التي يقع فيها التصفير والاحتجاج ضد النشيد الوطني الفرنسي ‘لا مارسياز’ في ملعب فرنسا الدولي بباريس، حيث سبق أن وقع نفس الحادث في المباراة الودية التي جمعت المنتخبين الفرنسي والجزائري في أكتوبر 2001، كما تكرر نفس الأمر بالمباراة التي جمعت المنتخبين المغربي والفرنسي بنفس الملعب في شهر نوفمبر سنة 2007. ويعتبر العديد من المراقبين أن التمييز الذي يعاني منه الشباب الفرنسي من أصول مهاجرة، والذي أغلبه مغاربيون يدفعهم في الكثير من الأحيان إلى اتباع أساليب في الغالب احتجاجية ضد الرموز التي تربطهم بفرنسا؛ بإظهار انتمائهم إلى بلدانهم الأصلية. واندلعت بفرنسا سنة 2005 أحداث شغب عرفت بثورة الضواحي وقعت فيها مواجهات كبيرة بين شباب الجيل الثاني من أبناء المهاجرين والشرطة الفرنسية، وشملت العديد من الأحياء الفرنسية ذات الغالبية المهاجرة، ولم يوقف هذه ‘الثورة’ إلا الإعلان عن ‘حظر تجول’ في هذه المناطق لمدة أشهر. (المصدر: موقع إسلام أونلاين.نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 15 أكتوبر 2008)
ساركوزي يستدعي رئيس اتحاد الكرة بعد ‘حوادث’ لقاء فرنسا-تونس
عبرت الرئاسة الفرنسية عن استيائها الشديد على اثر الحوادث التي شهدتها مباراة فرنسا-تونس بباريس، وقد استدعى الرئيس نيكولا ساركوزي رئيس إتحاد الكرة الفرنسي لاجتماع بحضور وزيرين من حكومة فيون. استدعى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي صباح الأربعاء رئيس اتحاد الكرة الفرنسي جان بيار ايسكاليت لاجتماع في مقر الرئاسة غداة اللقاء الودي بين منتخب فرنسا ونظيرة التونسي على ملعب ‘ستاد دو فرانس’ (3-1). وقام أنصار المنتخب التونسي بالتصفير والصياح أثناء عزف النشيد الوطني الفرنسي. وانتقدت الرئاسة الفرنسية في بيان هذه الحوادث واصفة إياها بـ’الفاضحة’. وأوضحت مصالح الرئاسة الفرنسية ان وزيرة الصحة والرياضة روزلين باشلو وسكرتير الدولة للرياضة برنار لابورت سيحضران الاجتماع. وكان رئيس الوزراء فرنسوا فيون انتقد في وقت سابق على أمواج إذاعة ‘أر تي إل’ الفرنسية حوادث ملعب ‘ستاد دو فرانس’، ودعا الهيئات الساهرة على تنظيم الأحداث الكروية على ‘توقيف المباراة’ في حال حدوث أحداث مماثلة. (المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية (أ ف ب) بتاريخ 15 أكتوبر 2008)
5.6 مليون سائح زاروا تونس خلال تسعة أشهر
تونس (رويترز) – أظهرت أرقام رسمية يوم الاربعاء أن 5.6 مليون سائح زاروا تونس خلال الأشهر التسعة الأولى من هذا العام أي بزيادة بنحو ثلاثة في المئة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. وعزا تقرير للديوان التونسي للسياحة هذا الارتفاع الى نمو عدد السياح الوافدين من أوروبا بزيادة بلغت نحو 100 ألف سائح. وتأتي السوق الفرنسية في مقدمة أسواق السياحة الوافدة على تونس حيث بلغ عدد السياح الفرنسيين الذين قدموا الى تونس خلال تسعة أشهر نحو مليون شخص مُسجلا نموا بنسبة خمسة بالمئة. ويتوقع مسؤولون حكوميون أن يصل عدد السياح خلال كامل العام الى نحو سبعة ملايين سائح. وتغطي السياحة قرابة 75 بالمئة من العجز التجاري لتونس وهي المصدر الاول للعملة الجنبية وثاني مشغل لليد العاملة بعد القطاع الزراعي بنحو 360 ألف فرصة عمل. وأشار التقرير الى أن عدد السياح المغاربة من ليبيا والجزائر ارتفع الى أكثر من مليوني سائح خلال الاشهر التسعة الاولى من العام أي بزيادة بنسبة 3.2 بالمئة. (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 15 أكتوبر 2008)
بسم الله الرحمان الرحيم *قوانتانمو*
هذه رحلة العذاب التي يقصها علينا أحد العائدين من معتقل « قوانتانمو »، والذي قبض عليه في أفغانستان ثم أطلق سراحه بعد ذلك بتهمة الإنتماء للمجاهدين العرب.
فلا اعتقال ولا قبل وحدي أُساق كهارب مل الفرار من الوطن وجهتي أرض المحن[1] بلد كئيب[2] فلا دموع ولا بكاء وهن السكون واعتراف يعني البقاء[3] و »سوبر ماكس » تعني السكن[4] سفر وعود[5] ورحلتان من الشقاء إلى الألم[6] وهلم كتذكار الرحيل إلى « قوانتانمو » فهناك أزدرد المرار وأبتلع السم ثم أبتسم وهناً تجلجل ضحكتي والقلب يندمل ندم فهنا.. هناك.. داخله الكل عدم شفة تشقق من ظمأ وجنون إرهاب مهيب[7] كل الجنون ولا جنون وهم كذئب جاء ليلا واختفى فعندما تشكو تئن وعندما تبكي تموت والعقل يصاب بالشلل من هول ذاك المعتقل كالحمل تدور في المكان وتتمنى زمنا كل الأماكن تبقى وذاك يزل ولم تعد تلك أرض تريح[8] ولم أعد قلبا يطير..[9] وتحطم عندي ذاك الصنم[10]
فتحي العابد Fathi.abed@gmail.com أفغانستان هي أرض المحن[1] بلد دمرته الحروب[2] تعترف بما يملى عليك لا بما أنت هو، واعترافك هذا يعني بقائك حيا[3] سوبر ماكس هي زنزانة ذات حصانة عالية من إسمنت مسلح وحديد مقوى بقوة 1000 كلغ في المتر المربع مربوط بالقاع والسقف معدة للذين يعتقدون أنهم من قيادات القاعدة[4] سفر من باكستان إلى افغانستان ثم عودة، هذه الطريق التي اتبعها معظم المجاهدون العرب[5] رحلتان: الأولى إلى شقاء أفغانستان والثانية إلى ألم قوانتانمو[6] إرهاب نفسي وبدني مريب داخل معتقل قوانتانمو[7] ولم تعد أفغانستان أرض يستريح فيها طالب الشهادة[8] ولم أعد أهفو إلى الجهاد في تلك الربوع[9] تحطمت عندي منظومة الديموقراطية التي تنادي بها الدول الغربية[10]
أمام صاحبة الجلالة
إلى الذين رسموا بالحرف طريقا مسكوا به على الجمر فإحترقوا بناره ولم يتلونوا أو يكسروا أقلامهم … إليهم شموعا تنير ليل الوطن
أمام صاحبة الجلالة … أمام صاحبة الرسالة انتصب الناس وقوفا … وانحنيت … إجلالا قالوا … ما باله ؟ دائما … يكون غريب الفعال قلت … لقد أقسمت أمام أمّي الدامعة أن أسجد … لكلّ من حََمَل الإنسان رسالة … قيل الطامع … دائما مطيع الاعتراف بالجميل … بات قليل والوفاء … كاد يضيع ثمّ نزلت الدموع … على الخد مدرارا … سبحت في الدمع أبحرت في الوجع أبحث … عن سرّ آهات ماتت في الصدر … وكلمات … باتت محالا أمام المرآة … نزعت الستائر و خبا بريق الكلمات فكان الجسد … عار وإذا صاحبة الرسالة كما عهدتها … دوما بلا وجه … بلا رسالة . باتت كما كلّ جارية مطليّة بكلّ الألوان ترقص على كلّ الأنغام عاريّة .. بحثت عن الإنسان إنسان … بلا سند إنسان … بلا ألوان قيل … مات منذ زمان في مدينتهم … الألوان زاهيّة قوانين … موضوعة رايات … مرفوعة للعدل … للحرّية للإنسان … صدّقتهم يوما وانتهيت … مدان
حتى لا يشوش على الواجب الشرعي – الحلقة الحادية عشرة
أدعو إلى محاكمة للأحداث وفق المنهج القرآني (9) هل تخرّجت حركة النهضة بالشدائد في النموذج الرسالي أم أُخرِجت منه؟
بقلم : محمد شمام
تفاعلا مع موقف الأخ الفطناسي بالدعوة إلى محاكمة قرآنية للأحداث وفق المنهج القرآني، كانت هذه الحلقة الحادية عشرة في هذه السلسلة. وستكون هذه الحلقة في عدة أجزاء ، كان الأول منها في وقفات مباشرة مع موقف الأخ الفطناسي، وتناول الثاني مقدمات في الواقع وفي المنهجية، والثالث طبيعة محكمة الإسلام وحقيقتها ومناخها وروحها التي بقدر إدراكنا لها بقدر ما يحصل لنا فقه محكمة الإسلام وفقه تناولها للقضايا والأحداث، وتناول الرابع محاكمة حركة النهضة إلى مهمتها الأصلية من زاوية أسسها، والخامس يواصل هذه المحاكمة ولكن من زاوية الإعلان والصدع بدعوة الإسلام وتبليغها، وواصل الجزء السادس محاكمة حركة النهضة إلى مهمتها الأصلية من زاوية تعاملها مع خطة الاستئصال التي تعرضت لها ومدى ثباتها وسلامة سعيها لفك الانغلاق. تمهيد حركة النهضة التونسية هي حركة من حركات الإسلام، همها إقامة الإسلام دعوة والتزاما ، فيما يليها من بلاد المسلمين (وهي تونس) ، متظافرة في ذلك مع كل الامكانيات التونسية الخيرة. هذه هي مهمتها الأصلية وهي مهمة كل الأنبياء والرسل ، ومهمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، فأين هي منها الآن؟ أين هي من مهمة إحياء الإسلام وإحياءا على منهاج النبوة ؟ وحتى نجيب على هذا السؤال سوف نحاكمها إلى مسيرة نبينا صلى الله عليه وسلم في نسقها وسياق تطورها العام ، متوقفين عند العديد من العينات والمحطات بما تتجلى به الروح العامة والقيم والضوابط التي كانت تحكم تلك المسيرة. لقد مرت دعوة الإسلام في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم – بعد أن شرفه الله بالنبوة والرسالة – من زاوية أدائها وتطورها بمراحل خمسة. ولقد مرت محاكمة حركة النهضة إلى المرحلة التأسيسة لدعوة الإسلام، وإلى مرحلة إعلان الدعوة والصدع بها وتبليغها في أهل مكة، وإلى مرحلة خطة استئصال مسيرة النبوة حتى الانفراج وانفتاح الآفاق. وبدأنا في الجزأين السابع والثامن محاكمتها إلى مرحلة التمكين لدعوة الإسلام وتأسيس نموذجه المجتمعي، وسنتم هذه المحاكمة إلى هذه المرحلة في هذاالجزء التاسع وذلك في العناصر الباقية التالية: 1.دور الشدائد في عملية التخريج 2.صلح الحديبية كان تخريجا للصحابة في المرونة مع المحافظة على الثوابت أصولها وفروعها 3.حجة الوداع ليست إعلانا لحقوق الإنسان لقد رأينا في الجزء السابع ، المرحلةَ من مسيرة النبوة في ذاتها ، وفي الجزء الثامن رأينا العنصرين الأولين من محاكمة حركة النهضة إلى تلك المرحلة؛ ونحن هنا – في هذا الجزء التاسع – سنتناول العناصر الثلاث الباقية من محاكمة حركة النهضة إلى تلك المرحلة. دور الشدائد في عملية التخريج : بالخطوة الثالثة خطوة الركائز التأسيسية التنظيمية والإطارية مع خطوتي بيعة الإسلام وبيعة النصرة، أقيمت دولة الإسلام ومجتمع المسلمين في المدينة، اللتان ستستمران عملية تخريجهما طوال المرحلة حتى حجة الوداع ونزول قوله تعالى « اليوم أكملت لكم دينكم…”، وذلك بأساليب متعددة ومنها بأسلوب الابتلاءات والشدائد. توظيف الشدائد والمحن في عملية تخريج دولة المدينة ومجتمعها وأفرادها لقد كانت المهمة المحورية لهذه المرحلة تخريج المجتمع الإسلامي ومتابعة تخريج أفراد هذا المجتمع ، بكل ما يعنيه من تتبع كافة المناشط لتكون تبعا لما جاء به الإسلام في ظاهرها وفي أعماقها. وقد كانت الأحداث الكبيرة في هذه المرحلة مناسبات هامة جدا لاختبار مستوى تخرج المسلمين في دينهم أفرادا ومجتمعا ، وكشف الإخلالات والنقائص فيه… لقد كان القرآن الكريم – كما يقول سيد قطب – يتنزل في إبان الابتلاء أو بعد انقضائه , يصور الأحداث , ويلقي الأضواء على منحنياته وزواياه , فتنكشف المواقف والمشاعر , والنوايا والضمائر . ثم يخاطب القلوب وهي مكشوفة في النور , عارية من كل رداء وستار ; ويلمس فيها مواضع التأثر والاستجابة ; ويربيها يوما بعد يوم , وحادثا بعد حادث ; ويرتب تأثراتها واستجاباتها وفق منهجه الذي يريد . ولم يُترك المسلمون لهذا القرآن , يتنزل بالأوامر والنواهي , وبالتشريعات والتوجيهات جملة واحدة ; إنما أخذهم الله بالتجارب والابتلاءات , والفتن والامتحانات . ويتنزل القرآن ليكشف لهذه النفوس عن حقيقة ما يقع ودلالته ; وليوجه تلك القلوب وهي منصهرة بنار الفتنة , ساخنة بحرارة الابتلاء , قابلة للطرق , مطاوعة للصياغة ! إن حركة الإسلام في مرحلة النبوة وظفت الشدائد والابتلاءات بما في ذلك خطة الاستئصال ، في عملية تخريج الأفراد والعائلات المسلمة في الفترة المكية ، وزادت عليها عملية تخريج المجتمع المسلم والدولة المسلمة في الفترة المدنية. وكان من يعيش مع تلك الأحداث يشعر أحيانا وبوضوح بنقلة واضحة في عملية التخريج هذه مباشرة عقبها كما رأيناها في غزوة أحد مثلا، وكما رأيناها في عمر رضي الله عنه بعد صلح الحديبية ونزول سورة الفتح ، وأيضا في الثلاثة الذين خلفوا في غزوة تبوك… حركة النهضة سارت عمليا في الاتجاه العكسي لعملية الوصل والتخريج وحركة النهضة كانت أبعد ما تكون عن عملية التخريج والتكوين بالشدائد والمحن التي مرت بها، بل لم يكن، في ممارستها العملية ، في الفترة السابقة ، غير العمل السياسي و ما والاه، الموظف كله في عملية الصراع ، حتى استهلكت جهودها السابقة في التخريج ، ووصلت إلى مشارف استهلاك صفتها وطبيعتها وثوابتها. لقد مرت حركة النهضة بمحن وشدائد متعددة، ولكن لم يكن هناك وعي ولا توظيف لها في عملية التخريج، ولا إحساس تبعا لذلك بنقلة واضحة حصلت لها عقب هذه المحن إلا عقب محنة وسجن 81 – 84. وأما عقب الأحداث الأخرى فكأنها طاشت وانزلقت بها على نقيض التخريج المطلوب في نموذجها ومبدئها. ولأنه غاب من اهتماماتها ضرورة الوصل بمصدر قوتها والاستمرار في عملية التخريج ، فمن الطبيعي ، مع الزمن ومع عمليات الاستنزاف والتآكل ، أن تجد نفسها وقد تقهقرت في تمثل مبدئها ونموذجها الإسلامي حتى سقطت في الاختزال والتسطيح، وحتى بلغ تقهقرها هذا مشارف الثوابت والقيم والمفاهيم الإسلامية. وهكذا نرى أن العملية العكسية هي التي حصلت لحركة النهضة ، فبدل التقدم في التخريج كان التقهقر للخروج ، حتى كتب أحد الغيورين على دينهم معلقا على ورقة 8 مارس 2007 يحذر حركة النهضة قائلا: (تضمنت الوثيقة التنصيص على « مواصلة الحوار بروح وطنية بناءة حول القضايا الخلافية العالقة مثل مسألة المساواة في الإرث ». فماذا يعني هذا الكلام؟ هل يخضع النص القطعي الثبوت القطعي الدلالة، {يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} (النساء11)، للحوار الذي يعني تقديم التنازلات خدمة لمصلحة الوطن؟ إنني أحذركم من هذا، فالله سبحانه وتعالى بيّن الفروض، ثم قال بعدها: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يُطِع اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14)} (النساء). فالحذر، الحذر من وضع حدود الله على مائدة الحوار، فمن قبل الحوار فيها، قبل التنازل عنها.) ويواصل فيقول: (وإني لأخشى أن يقع هذا التنازل، خصوصا وقد تعهدت الوثيقة « بالعمل على تحقيق المساواة الكاملة بين الجنسين »، ونصت على وجوب « التنصيص على مبدأ المساواة بين الجنسين بصفة صريحة في الدستور وفي مختلف القوانين التونسية وتخليصها من كل لبس وتنقيح أو إلغاء كل القوانين التي تتضمّن أيّ شكل من أشكال التمييز ضد المرأة بما يحقق مساواتها الكاملة مع الرجل ». وقد استغلّ حمّة الهمامي الماركسي هذه النقطة فقال: « يقرّ بعض رموز التيار الإسلامي، التاريخيين على غرار الشيخ حسن البنا، بوجود اللامساواة في الإرث في الإسلام، ولكنه لا يرى في هذه اللامساواة مسا بحقوق المرأة، بل يعتبرها من باب « العدل ..)(انتهى كلامه) لقد كان ثبات هذه الحركة وثبات أبنائها عموما ثباتا بطوليا إلا أنه كان ثباتا في السياسة، فلماذا لم يكن ثباتا بنفس الدرجة في الدين؟ لقد كان ثبات وصمود مسيرة النبوة على محورية الدعوة إلى الله في أثناء وعقب خطة الاستئصال وفي كل الفترة المكية ثم الفترة المدنية ، رافضا أي سياسة لا تحفظ هذه الدعوة وهذه المحورية أو تضرها أو تأتي عليها ؟ فأين هذه المحورية للدعوة في حركة النهضة ؟ وما دلالة تحول هذه المحورية للعمل السياسي متفلتا عن المبدأ ؟ إن أكبر الأبواب الذي دخل منه على حركة النهضة الضعف والوهن والخلل، ليس مجموع ما أصابها من البلاءات والشدائد، ولكن تفريطها في القرآن ومدده وشحنه ، وفي العمق الإيماني للأحداث والأعمال. لقد كان سر ثبات وصمود مسيرة النبوة هوعيشها مع القرآن ، بكل أعماقه وآفاقه بما في ذلك آفاق التمكين في الآخرة وأيضا في الدنيا، ليس بالمعنى العجول الذي يعاصره المبتلون ولكن بالمعنى المجرد عن حظوظ المعاصرة له. لقد حرمت حركة النهضة نفسها من المصدر الحقيقي للزاد والطاقة خاصة في وقت الشدائد، وهو المصدر الذي لا يقدر أحد أن يحول بينه وبينها بخلاف كل ما سواه. وهذا الزاد وهذه الطاقة كما هما قوة ثبات وصمود هما قوة وصل وصهر ووحدة للحركة، وهما أيضا قوة دفع وعمل. إنه بحرمان هذه الحركة نفسها من هذا الزاد آل به حالها إلى نفاذ الطاقة لدرجة العجز والشلل، وأصبحت مهددة في وحدتها، وأيضا في ثباتها وصمودها حتى في الجانب السياسي نفسه. وأخطر من كل ذلك أصبحت مهددة في هويتها وصفتها الإسلامية. لقد سجنت نفسها في عالم السياسة مجردا عن عمقه الإسلامي فأصابها الإحباط وسكنها اليأس. ولامخرج لها مما تردت فيه إلا بتوبة إلى الله صادقة تقوّم الزيغ وتستعيد ما ضاع…. لقد كان تقدم مجتمع الصحابة في عملية التخريج وفي الاستفادة من البلاءات والشدائد ونجاحهم فيهما هو من وراء انفراج شدائدهم وتحولهم خطوة خطوة نحو اليسر والتمكين. ولأننا لم ننجح نحن في ذلك بل تقهقرنا في الاتجاه العكسي فقد كان ذلك هو السبب الحقيقي في استمرار أوضاع الشدة وانغلاق الأبواب دوننا . ولن تخرج حركة النهضة من تلك الحال حتى تدرك تلك الحقيقة وتعمل على تداركها تماما كما أدركها وتداركها يوسف عليه السلام في محنة سجنه. صلح الحديبية كان تخريجا للصحابة في المرونة مع المحافظة على الثوابت أصولها وفروعها صلح الحديبية هو الحدث المؤسس لخطوة الفتح والتمكين الموالية لخطوة تأسيس مجتمع الإسلام ودولته ، وكان هدفه واضحا يتمثل في تخليص دعوة الإسلام من الصراعات والحروب والصدامات المعيقة لإنسياح هذه الدعوة. لا شك أن مثل هذا الهدف يُسعى إليه ويُضحى من أجله بكل شيء، وبطبيعة الحال من غير الإضرار والمس بالدعوة ذاتها ولا ثوابتها . هذا ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية، وأراد أن يعلّم به المسلمين التفريق بين الثبات على الأصول والحقيقة والطبيعة والتوجه والهدف ، وبين المرونة في الوسائل والأساليب ، والتضحية حسب الاقتضاء بالشكليات ، وبالاعتبارات النفسية والمعنوية ، والحساسيات الوجدانية . لقد تم بهذا تخريج المسلمين من زاوية لم يسبق أن تعرضوا لها . وهو تخريج يكسبهم فهما ومرونة ونضجا ورشدا، يدعهم يسْلمون من القولبة والتنميط والانغلاق … ليهتدوا ويدوروا مع الدعوة والحق حيث دارا ، متسامين على الاعتبارات النفسية والملابسات الشكلية والظرفية. إن الرسول صلى الله عليه وسلم الذي صدع بالحق ذلك الصدع في الفترة المكية ، وثبت ذلك الثبات المعروف عنه في فترة الاستئصال وفي حدث أحد والأحزاب وغيرها ، هو نفسه الذي اتصف بتلك المرونة العجيبة في صلح الحديبية التي وجدت عنتا وصعوبة في تقبل الصحابة لها وخاصة من عمر رضي الله عنه . السياسة الحقة هي التي تذهب مع المصلحة الخادمة للمبدإ والمضمون ، التي قد تدعو إلى التنازل على بعض الشكل وبعض الاعتبارات والحساسيات و النفسيات والملابسات من غير التنكر لهذا المبدإ وهذا المضمون. إن خطوة صلح الحديبية كانت خطوة من أجل الدعوة مضحية بالاعتبارات السياسية ظاهرا ، ولكنها حتى من هاته الزاوية كانت في حقيقتها خطوة سياسية بامتياز . ليس قمة السياسة في خدمتها وتطويع المبدأ من أجلها كما انزلقت إليه حركة النهضة ، ولكن في خدمة المبدأ وتطويع السياسة من أجله . لقد كان درسا صعبا أوشك أن يوقع فتنة في الصحابة حتى نزل القرآن يبشر بالفتح « إنا فتحنا لك فتحا مبينا » . لقد كان بالفعل فتحا مبينا لدعوة الإسلام وسريانها في الآفاق وفي الأنفس كما دلّ عليه بجلاء ذلك الجيش الذي تحرك لفتح مكة بعد عامين من صلح الحديبية حيث أصبح قوامه عشرة آلاف شخص ، بعد أن كان لا يزيد على ألف وخمسمائة عند صلح الحديبية. لقد أخذت دعوة الإسلام تنساح من وقتها في جزيرة العرب حتى كان فتح مكة ذاتها ودخول أهلها في الإسلام… وهكذا نرى أن حدث صلح الحديبية كان تخريجا للصحابة في المرونة نقضا للقولبة والانغلاق مع البقاء مع حقيقة الإسلام ، فما أحوج حركة النهضة إلى هذه المرونة وإلى ذلك الثبات ، وإلى تلك الآفاق. حجة الوداع ليست إعلانا لحقوق الإنسان حجة الوداع هي حدث ختمِ وتتويج التخريج ، تخريج مجتمع الإسلام ودولة الإسلام . ولذلك فموضوع خطبة حجة الوداع هذه ليس كموضوعات الخطوات السابقة التأسيسية وما بعدها ، بل هو موضوع ختم وتتويج ووصية ووداع : بين أن يكون تكميل ما لم يكتمل، أو تأكيد ما يحتاج إلى تأكيد ، أو وصية لما يحتاج إلى توصية … إنها جامعة لمسائل ليست بالضرورة مترابطة كما هو شأن خطوات التخريج السابقة ، فكيف يتم مع هذا التعسف عليها وجعلها إعلانا لحقوق الإنسان. صحيح أنها اشتملت بعض ما يتعلق بكرامة الإنسان وحرمته ، والخطبة كلها لا تخلو في الحقيقة من ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر ، ولكن أن تصبح إعلانا لحقوق الإنسان فهذا تحريف للكلم . وياليت من يقول بهذا لا يستعمل الأسلوب الإنتقائي فيأخذ معها أيضا ما صاحب ما انتقاه وبعضه مناقض لروح ومنطوق حقوق الإنسان كما يدعونها ويدعيها الغرب من مثل: 1 – (وربا الجاهلية موضوع، وأول ربا أضع من ربانا ربا عباس بن عبد المطلب، فإنه موضوع كله) . فهل يقولون بهذا والربا هو من ركائز حياتهم وحضارتهم ؟ 2 – (فاتقوا اللّه في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمانة اللّه، واستحللتم فروجهن بكلمة اللّه، ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مُبَرِّح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف). وهذه نقطة أخرى تنقض ركيزة أخرى من ركائز منظومتهم ، وتنقض حقوق إنسانهم في روحها ومنطوقها. 3 – (أيها الناس، إنه لا نبي بعدي، ولا أمة بعدكم، ألا فاعبدوا ربكم، وصلوا خمسكم، وصوموا شهركم، وأدوا زكاة أموالكم طيبة بها أنفسكم، وحجوا بيت ربكم، وأطيعوا أولات أمركم، تدخلوا جنة ربكم). 4 – (ألا لا يجني جَانٍ إلا على نفسه، ألا لا يجني جان على ولده، ولا مولود على والده، ألا إن الشيطان قد يئس أن يُعْبَد في بلدكم هذا أبداً، ولكن ستكون له طاعة فيما تحتقرون من أعمالكم، فسيرضى به). 5 – (قد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به، كتاب اللّه). فهل هذه الثلاث الأخيرة تقول بها حقوق الإنسان كما تُقدّم لنا ؟
انتعاشة الخطاب الأيديولوجي في ظل الأزمة المالية العالمية
صلاح الجورشي ما إن انهارت بورصة نيويورك وتبعتها بقية كبرى بورصات العالم، حتى انتعش الخطاب الأيديولوجي وخرج من القمقم الذي وضعته فيه تداعيات الأحداث التي ترتبت عن انهيار الاتحاد السوفيتي، وأخذ يشارك بأصوات مرتفعة في تحليل الأزمة المالية العالمية الراهنة. عاد الخطاب الماركسي ليؤكد من جديد على نهاية الرأسمالية واتجاهها نحو مصيرها الحتمي الذي تنبأ به ماركس في كتابه «رأس المال». ولا شك في أن هذا الخطاب بالتحديد سيستفيد كثيرا من تصريحات عدد من كبار الاقتصاديين في العالم الذين أكدوا، سواء في الولايات المتحدة الأميركية أو في أوروبا، على أن الليبرالية الاقتصادية تواجه هذه المرة تحديات حقيقية، وأن عددا من مقولاتها أو دعائمها الأساسية أصبحت في حاجة للمراجعة الجدية والجذرية، خاصة فيما يتعلق بدور الدولة وحرية السوق. ومما سيزيد من إكساب الخطاب الماركسي أهمية إضافية أن الأزمة المالية والاقتصادية العالمية تأتي في ظرف تشهد فيه قوى اليسار السياسي صعودا قويا في عدد من مناطق العالم، خاصة في أميركا اللاتينية حيث نجحت الأحزاب السياسية عبر انتخابات ديمقراطية نزيهة وشفافة في السيطرة على ستة دول أساسية، مثل البرازيل ونيكاراغوا والأرجنتين، هذا في وقت لا يزال يعاني فيه اليسار الأوروبي من حالة انحصار وتفاقم الخلافات بين مختلف مكوناته الرئيسة. الخطاب الأيديولوجي الثاني الذي رفع صوته بقوة هذه الأيام هو الخطاب الإسلامي الذي توفر له الأزمة العالمية الراهنة فرصة للتذكير ببعض مقولاته الرئيسة. ولا شك في أن ما قاله الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد، دليل على تمسك قطاع حيوي من أصحاب هذا الخطاب باعتقادهم أن الغرب الرأسمالي سيلقى نفس مصير الغرب الاشتراكي بسبب الابتعاد عن الله وتعاليمه. كما أن تداعيات الأزمة الراهنة على مختلف المجالات الاجتماعية والأخلاقية، نتيجة الجشع الذي أصاب المتحكمين في المنظومة الرأسمالية الأميركية بالخصوص، من شأنه أن يوفر بدوره المجال لكي يعود الخطاب الإسلامي التقليدي إلى مقارباته «الأخلاقوية» التي كانت ولا تزال تفسر حركة التاريخ وصعود المجتمعات أو الحضارات أو إخفاقها واندثارها انطلاقا من عاملي الإيمان والأخلاق باعتبارهما محركيْ التاريخ. الأكيد أن الأيديولوجيا لم تمت رغم مراسم التأبين التي أقيمت لها في أكثر من مكان ومحفل. فالأيديولوجيا لا تزال حاجة نفسية ومعرفية ملازمة لحياة الأفراد والشعوب. لكن ذلك لا يعني عدم الاستفادة من التجارب والوقوع في إعادة إنتاج مقولات المرحلة السابقة دون مراعاة التطورات النوعية التي حصلت منذ نهاية الحرب الباردة. بمعنى آخر أن اليسار -خاصة في المنطقة العربية حيث لم ينجح في أن يتعافى من أزمته الهيكلية التي وضعته على هامش الأحداث والصراعات- لا يذهب الظن بمناضليه ومناضلاته الصامدين حتى الآن أن مجرد الصعوبات الهيكلية التي يواجهها النظام الرأسمالي في أميركا أو في أوروبا كفيلة لوحدها أن تعيد الحيوية والاعتبار لمشروعه السياسي والأيديولوجي، ويفتح أمام اليساريين الأبواب التي أغلقت في وجوههم طيلة الفترة الماضية. فاليسار مطالب بتجديد نفسه فكريا وسياسيا وتنظيميا وأخلاقيا لكي يضمن لقواه وفعالياته حجز موطئ قدم في معركة بناء المستقبل العربي. أي أن يتحول اليسار إلى جبهة عريضة تضم قوى متعددة، يجمعها الإيمان بقيم أساسية مثل العدالة والحرية والتقدم والديمقراطية، مع تجنب الانغلاق الفكري أو القطع مع مكونات الذات الجماعية لشعوب المنطقة. هذا النمط من اليسار يلبي حاجة فعلية ومهمة أساسية من مهام المرحلة. أما الإسلاميون الذين ترشحهم الأوضاع في أكثر من بلد للقيام بأدوار رئيسة، فهم مدعوون بدورهم إلى ألا تغرهم مظاهر الأزمة الراهنة، فيعيدون الوقوع في ذات المطبات التي لم يخرج منها الكثير منهم حتى اليوم. فالأحكام المطلقة التي سبق أن أصدرها بعضهم لإدانة الغرب والتبشير بسقوطه، لم تفض إلى تقديم حلول قابلة لتنفيذ ومعالجة أوضاع شعوبهم التي تعاني من الفقر والبطالة والتفاوت الاجتماعي. وهي مشكلات تتخبط فيها الشعوب الإسلامية بما ذلك الشعب الإيراني. كما أن النظام غير الربوي، من خلال تجربة البنوك الإسلامية، لا يخلو من مشكلات عويصة، وحوله جدل متواصل حتى داخل الدائرة الإسلامية. وفي كل الحالات قد تكون لهذه البنوك فوائد، لكنها بالتأكيد لا تشكل في حد ذاتها منظومة اقتصادية يمكن أن تصلح بديلا عن اقتصاد السوق، خاصة أنها أصبحت جزءا منه. صحيح الغرب مأزوم، وأزمته مستمرة لم تتوقف منذ أن نجح في توفير شروط النهضة في أواخر القرن الـ 15 وبداية القرن الـ 16 الميلادي. لكن ما يميز الغرب أيضا أنه كلما تورط في أزمة ضخمة وتعالت الأصوات من داخله ومن خارجه تبشر بسقوط حضارته، نجح بعد سلسلة من الاجتهادات والمحاولات في تجاوز أزماته الظرفية أو الهيكلية، ليس لكونه قوة لا تقهر، وإنما يعود الفضل في ذلك إلى عوامل عقلانية ومفهومة، وفي مقدمتها قيمتا العدل والحرية التي تتمتع بها شعوبه، والتي توفر إمكاناته واسعة جدا للاجتهاد والإبداع والصراع، وبذلك تتوفر لكل مشكلة 100 حل. ولهذا علينا التخلي هذه المرة عن المثل العربي القائل «مصائب قوم عند قوم فوائد».
(المصدر: صحيفة « العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 14 اكتوبر 2008)
«قد فهمتكم» كيف يتم إنتاج الخطاب السياسي وكيف يتمّ استقباله؟
عبدالسلام المسدّي (*)
ليلة 1 ديسمبر 1999، اجتمع في مدينة سياتل الأميركية رؤساء 137 بلداً، فيما سمي بقمة «منظمة التجارة العالمية» التي بعثت في لقاء وزراء التجارة من 120 دولة في مراكش في 15 أبريل 1994، وبدأت تشتغل فعليًّا في أوّل عام 1995، فخَلَفت ما كان يعرف بـ «الجات» التي هي الاتفاقية العامة على التعريفات الجمركية والتجارة، والتي يعود تأسيسها إلى عام 1947، وتعود بداية اشتغالها إلى أول عام 1948، وكانت اتفاقيات الجات كالنسي المنسي منذ ذلك العهد، إلى أن تم تبنيها من طرف 117 دولة في جنيف بتاريخ 15 ديسمبر 1993، والعالم كله قد بدأ يترسّم حركاته على إيقاع النظام العالمي الجديد. في سياتل، كانت النخوة بالغة بالأميركيين ذروتها، وكانوا يستعدون لاحتفاء عظيم يكرس على مدى الأيام الأولى في آخر شهر من 1999 تفوقهم في صنع القرار، وانفرادهم في الإمساك بعنان الشأن الدولي، وكان الزهو كثيفًا لأن قائمة الدول المترشحة للالتحاق بمنظمة التجارة العالمية قد بلغت يومها 31 دولة، ولأن المنظمة قد سبق لها أن عقدت قمتين مرتا بسلام تام، الأولى في سنغافورة (9/12/1996) والثانية في جنيف (18/5/1998).. وكانت المفاجأة هي الانتفاضة الشاملة التي طوّق فيها خمسون ألف متظاهر مدينة سياتل ومقر لقاء القمة، وعمت الفوضى في ذلك اليوم عواصم أخرى، ولاسيما لندن حيث أعلنت حالة الطوارئ فعليّاً. في لحظة الغضب الجماهيري تلك، خرج بيل كلينتون ليقول للمتظاهرين قولة مختصرة، قال لهم: «قد فهمتكم»، ومن ثم عمدت أجهزة الإعلام إلى أن تكرر في نشرات أخبارها تلك الجملة بإيقاعها عندما يترجمها المترجمون إلى لغة وكالاتهم. إنها جملة من أبسط ما يفوه به أي متكلم عند أية لحظة من لحظات التداول، ولكنها هنا قول سياسي، فاه به رجل سياسي، في لحظة من أعسر ما يعرفه العمل السياسي، ولذلك فهي قول يشف عن ساعة امتحان عريض، لاسيما أن كل العالم مشرئب بأعناقه إلى ذلك الحدث. إذا أخذنا هذا القول على ظاهره فقد لا يعني شيئاً مهمّاً، لأنه لا يعدو أن يكون كلاماً صادراً عن قائد ارتبك فجأة، فأفلت من قبضته زمام أمره ففاه بما قد يسترضي جميع الغاضبين، أما إذا بحثنا عن المعنى السياسي المتواري فسنعثر عليه ضمن حيثيّات قرائنيّة أخرى هي تلك التي منها يتكوّن العرف السياسي، وبها يتمّ تأثيث معمار الذاكرة السياسية الجماعية، وما لم ننتبه إلى تلك الواجهة الخلفية أو لم يكن لنا التهيّؤ الثقافي لاستيعابها، فسنظل خارج دائرة المعنى من حيث هو سياج المقاصد، وسيظل الفهم ملتبساً باللافهم التباساً فظيعا، وفظاعته وافدة من أن كلا الطرفين على يقين قاطع بأنه هو الفاهم. من جديد ينبري السؤال حادّاً ملحاحاً: كيف يتدفق الإدراك في مسافة ما بين اللغة والسياسة؟ بل كيف يختبئ المعنى خارج اللحظة التي قيل فيها، ففي يوم من الأيام، كانت الثورة الجزائرية في أوجها بعد مضي أربع سنوات على اندلاعها في 1 نوفمبر 1954، وكان الفرنسيون متعلقين جميعاً بوهمهم، وهو أن الجزائر قطعة من وطنهم الفرنسي، وكان التصدع قد طال مؤسسات الدولة حتى تعطلت، وكان العسكريون في الجزائر يستنجدون بالوطن الأم ويستغيثون (بشارل ديغول) أن يُنقذهم وأن ينقذ «الجزائر الفرنسيّة» حسب ندائهم، وكان جلّ الفرنسيين يهيمون بالرجل المنقذ، وفي يوم 13 مايو 1958، اندلعت ثورة كبرى بين صفوف الفرنسيين في الجزائر وحرب التحرير في أوج انتصارها، فرتب ديغول بيته سريعا، وسافر إلى الجزائر يوم 4 يونيو 1958 وخرج إلى كل الجموع وأطلق خطابه الذي هو -في قناعة الجميع- موجه إلى الفرنسيين المستنجدين به بين مدنيين وعسكريين، ورفع ديغول -من أعلى المبنى المهيّأ له كالمنصّة- يده اليمنى وفتح ما بين الإبهام والوسطى مجسما الحرف اللاتيني الذي هو الحرف الأول من كلمة الانتصار، والذي غدا رمزا في كل لحظات النضال وفي كل ساعات المواجهة، وقال قولته الشهيرة: «قد فهمتكم»، فغدت مثلاً منقوشًا على دفاتر السياسة الكونية، صفق له الجميع وكان العسكريون أول المبتهجين، ثمّ عاد وسيطر على الموقف وهيّأ محادثات إيفيون وحصلت الجزائر على استقلالها في 3 يوليو 1962، فانخذل المتشددون من العسكريين بعد أن صفقوا. حين خاطب بيل كلينتون جموع الثائرين على العولمة وعلى رمزها الاقتصادي الأكبر: منظمة التجارة العالمية، فقال لهم: «قد فهمتكم»، كان متعينا ألا يؤخذ القول على معناه التداولي المألوف وإنما يؤخذ على دلالته فوق المقامية، والدليل أن بيل كلينتون بعد أن أرسل جملته تلك خاطب جموع المشاركين في القمة وقال: «إن دخول هؤلاء الغاضبين خارج القاعة إلينا سيعمّق الحوار، وسيعين على اقتناع الناس بجدوى سياسة منظمة التجارة العالمية»، فردد بذلك القالب الديغولي المنقوش في الذاكرة الإنسانية، وكان يعني أنه سيفعل مع المحتجين المتظاهرين ما فعله ديغول مع العسكريين الفرنسيين في الجزائر. عندما قالها ديغول، كان المعنى مُرجَأ إلى الزمن القادم، ولما قال كلينتون للمتظاهرين في سياتل ضد العولمة «قد فهمتكم» كان المعنى ساكنًا فيما مضى من الوقائع، ولكن كلا المعنيين واقع في خزانة الذاكرة التاريخية المجسمة للبعد الرابع من أبعاد الكلام. إن عملية التلقي اللغوي لئن احتاجت دوماً إلى وعي ذهني مصحوب بوعي نفسي وإلى تيقظ فكري يساعد على جمع القرائن وتثبيت الحيثيات فإن السمة الإدراكية -تلك التي تحتاج إلى إعداد وإلى تجهيز أدوات الفهم بجلب عناصر المعنى من خارج نص القول- تتفاوت كثافتها بين الكلام التداولي والكلام الأدبي والكلام السياسي، بل إنها في كثير من الأحيان تكون عنصراً حافزاً يجعل للغة وقعاً آخر على السامع ما كان لها أن تحققه لولا تلك الشحنة الإدراكية. (*) كاتب ووزير سابق من تونس (المصدر: صحيفة ‘العرب’ (يومية – قطر) الصادرة يوم 15 أكتوبر 2008)
إفلاس الرأسمالية أم أفول الغرب؟
د. أحمد القديدي (*) كتب هذا الأسبوع مدير المجلة الباريسية (لوبوان) افتتاحيته في شكل صرخة فزع حيث بدأها بطرح السؤال المخيف التالي: ‘هل نحن نعيش مرحلة سقوط الغرب؟’ ثم يجيب عن سؤاله بقوله:’ اذا ما ثبت أن الغرب ينهار فان ذلك من صنيعنا نحن لأننا جمعنا بين الجشع و الغباء! و يضيف الكاتب بمرارة ‘ان أزمة النظام النقدي الغربي التي تهز مجتمعاتنا هذه الأيام أخطر من أزمة 1929 لأننا اليوم مهددون بأن يحل لاعبون دوليون آخرون محلنا ويعوضونا في تصريف شؤون الدنيا أمثال الصين وروسيا والخليج العربي (يطلق الكاتب على الخليج مصطلح الإمارات وهو خطأ شائع في الغرب! راجع عدد مجلة لوبوان بتارخ 9 أكتوبر الصفحة السادسة). نعم. هذا ما يدور بخلد حكماء الغرب وهم يرون كيف تخون الرأسمالية نفسها و تقوض بنيانها من الأساس باعلان عودة قوية للدولة تتدخل لانقاذ مؤسسات مالية خاصة وأحيانا تؤممها بمبالغ مالية خيالية مأخوذة عنوة من الخزانة العامة أي من أموال الضرائب ومن ايداعات المواطنين. فالحكومة الأمريكية التي كانت منذ انتخاب الرئيس دبليو بوش تعتمد على شعار رفعه المرشح نفسه وهو ‘دعوا الرأسمالية تعدل مسارها بذاتها ‘ تضطر اليوم أمام فداحة افلاس المصارف وشركات الاقراض الى ضخ 700 مليار دولار في هياكل هذه المؤسسات في مخطط بولسون، كما أن الاتحاد الأوروبي ضخ مبلغ 100 مليار يورو وتبعه اليابان بضخ 50 مليار دولار. هذه هي المراكز الثلاثة التي تشكل قلب الغرب النابض التي تعتبر المؤتمنة العتيدة على الخيار الرأسمالي الليبرالي وحرية الأسواق بعد القضاء الأيديولوجي على العدو الشيوعي المتربص بل واقحامه هو الآخر في دوامة الرأسمالية كشريك للغرب! وهنا لا بد أن أرفع التباسا ربما يشتبه على القارئ العربي لأقول انني أنقل أفكار مفكري الغرب وهواجسهم الصادرة هذه الأيام في كتب تباع بكثرة وتهتم بها وسائل الاعلام ولست أنا الذي يتهم الغرب من منظوري العربي المنحاز! حاشا لله فأنا وأسرتي نعيش في هذا الغرب وندرك فضائله ونشارك في تنميته ومصيره. لكن حركة نشيطة من المراجعات بدأت تخترق الفضاءات الفكرية والسياسية للغرب تؤطرها العقيدة الديمقراطية واحترام الرأي المخالف والخضوع في النهاية للأغلبية. وأبرز هؤلاء المفكرين الاقتصاديين الذي أنذر الغرب بأنه ينهار نجد ( جوريف ستيجليتز ) أستاذ الاقتصاد في جامعة كولمبيا الحاصل على نوبل للاقتصاد عام 2001 والمدير المساعد للبنك الدولي ومستشار الرئيس كلينتون وقد أصدر كتبا عديدة منها ( الوهم الكبير) و( حين تفقد الرأسمالية عقلها ) لينبه الغرب المغرور بأنه أشد هشاشة مما يتصور وبأن التفوق العسكري والتكنولوجي لا يضمن الرفاة الأبدي للغرب في ظل نظام رأسمالي جائر يستعبد أمم الأرض ويدوس على الحق و القانون الدوليين. ومن جهة أخرى يصدر هذا الأسبوع في باريس كتاب الرئيس السابق للمركز الوطني للبحوث والدراسات الحكومي الفرنسي العالم ( أندريه لوبوه) بعنوان: ( انغلاق الكون) وهو يتهم الغرب بتبديد طاقات الأرض وممارسة التخمة وتلويث المحيط وتدمير الطبيعة بتعلة تطويعها لخدمة مصالحه الضيقة واستعباد الشعوب المختلفة عنه تحت ستار العولمة المزيفة، لينتهي العالم الفرنسي الى نتيجة يسميها ( الاسراع نحو الكارثة) والكارثة طبعا هي التي يعيشها الغرب هذا الأكتوبر الأسود بانهيار أسواق المال وافلاس المصارف، وبالتالي انهيار قيم الغرب الرأسمالية الخاطئة كما يقول الكاتب على رؤوس الناس جميعا أينما كانوا ! أما المفكر الثالث الذي صدر كتابه الأخير هذه الأيام فهو الفرنسي البلغاري (زفيتان تودوروف ) وعنوانه (الخوف من البرابرة ما بعد صدام الحضارات ) يخصصه الكاتب لظاهرة سوسيولوجية وسياسية وثقافية استفحلت في الغرب خلال السنوات الأخيرة وهي ظاهرة الخوف من الاسلام، حتى كاد الغرب يتخذ منها أحد أسس العلاقات الدولية بل ويشن حروبا استباقية باسمها. يقول الكاتب ان الخوف من الاسلام خوف مهووس ولا يرتكز على أسباب موضوعية وانحدر بالغرب الى اعتبار المليار مسلم كأنهم أمة خارجة عن سياق التاريخ. و يربط المفكر بين الحروب الأمريكية ضد العراق وأفغانستان وبين الانهيار المالي والمؤسساتي الذي ضرب الغرب، داعيا الى اعادة النظر في العلاقات بين الغرب والعالم الاسلامي على أساس الاحترام المتبادل وتجاوز النمطيات الجاهزة ومركبات الحروب الصليبية والاستعمارية. أوجز السيد جاك شوميناد المرشح الأسبق لرئاسة جمهورية فرنسا في افتتاحية أسبوعيته (نوفل سوليداريتيه) يوم السبت الماضي هذا التحول المنشود لنظام بريتن وودس المنهار فقال: نريد بعثا جديدا للعلاقات الدولية على أسس مختلفة تماما، نريد لا نظاما نقديا جديدا ولا نظاما اقتصاديا جديدا اننا نطمح الى نظام حضاري جديد ينقذ الرأسمالية من التوحش وينقذ الغرب من الأفول وينقذ العالم من الفناء المبرمج. (*) كاتب وسياسي من تونس (المصدر: صحيفة ‘الشرق’ (يومية – قطر) الصادرة يوم 15 أكتوبر 2008)
الأهداف الأميركية من التطبيع النووي مع الهند
توفيق المديني في الوقت الذي تبحث فيه المجموعة الدولية السبل الكفيلة لمنع إيران من تخصيب اليورانيوم كخطوة استباقية للحيلولة دون امتلاكها السلاح النووي، صادق الكونغرس الأميركي الأسبوع الماضي على الاتفاق النووي بين الولايات المتحدة والهند، الذي توصل إليه الطرفان خلال زيارة الرئيس بوش لنيودلهي في شهر مارس 2006، والذي شكل في حينه تغييراً ثوروياً في القواعد الحاكمة للانتشار النووي. وبمصادقة الكونغرس الأميركي هذه على الاتفاق هذا، فإنه سيضع حداً لعزلة الهند النووية، وذلك على الرغم من أن البلد لم يفتح منشآته النووية العسكرية للتفتيش الدولي. وقد وقعت الولايات المتحدة والهند يوم الثلاثاء 7 أكتوبر الجاري اتفاقاً نووياً سيتيح لنيودلهي الحصول على التكنولوجيا النووية المدنية الأميركية للمرة الأولى منذ ثلاثة عقود. وتولى التوقيع وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس ووزير الشؤون الخارجية الهندي براناب موخيرجي بعد سنوات من المفاوضات الشاقة. وكان الاتفاق أثار انتقادات من انصار منع الانتشار النووي. وأشار موخيرجي، قبل أن يوقع الاتفاق، إلى فرص الأعمال التي تنتظر الشركات الأميركية قائلاً: «نحن نتطلع الى العمل مع الشركات الأميركية لتحديد الخطوات التجارية لتنفيذ هذا الاتفاق التاريخي». وكان الرئيس الاميركي جورج بوش وقع الأربعاء الماضي القانون الذي أقر هذا العقد التاريخي للتعاون النووي المدني خلال احتفال أقيم في البيت الأبيض. لا شك أن هذا الاتفاق سيدخل هذا البلد الآسيوي في مصاف نادي القوى العظمى النووية المعترف بها، وبمباركة أحادية الجانب من جانب بوش الذي لم يكلف نفسه حتى عناء التشاور مع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، ناهيك عن إشراك المنظمات والهيئات ذات العلاقة، وعلى رأسها الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي اقتصر دورها ودور مديرها العام محمد البرادعي على مجرد التعليق على ما حدث، تعليقا إيجابيا مُشيدا. وكان الرئيس بوش أبدى تفاؤله في قدرته على إقناع الكونغرس بإنهاء الحظر التكنولوجي الأميركي على الهند، منذ إجرائها تجارب نووية، وصولاً الى تطويرها سلاحاً ذرياً، الأمر الذي استغرق 30 عاماً، ورأى أن الاتفاق الجديد يسمح بتذليل عقدة استمرت عقوداً، «علماً أن الشراكة الممتازة مع الهند في موضوع حظر الانتشار النووي تكرست طيلة العقود الماضية». وأوضح الرئيس بوش في زيارته للهند قبل سنتين أن «ما يقوله هذا الاتفاق، هو أن الأشياء تتغير والأزمنة تتغير. أحاول أن أفكر بطريقة مختلفة، وأن لا أبقى عالقاً في الماضي». وقال «إن في مصلحتنا أن تحصل الهند على الطاقة النووية لتخفيف الضغط على احتياجاتها من الطاقة»، مضيفاً «كلما قل الطلب على الوقود العضوي، كان ذلك أفضل للشعب الأميركي، هذا ما سأقوله للكونغرس». في مقابل الفصل بين برامجها النووية المدنية والعسكرية، ستحصل الهند من الولايات المتحدة الأميركية على نقل التكنولوجيا النووية، وإمدادات مستمرة من الوقود النووي لتلبية احتياجاتها المتزايدة من الكهرباء، ولتطوير صناعتها ومنشآتها العسكرية بمعزل عن أية رقابة، شرط أن يوافق الكونغرس الأميركي على هذا الاتفاق. وكانت الهند محظورة عنهما بسبب عدم توقيعها على معاهدة حظر الانتشار النووي حتى الآن. وبموجب هذا الاتفاق وافقت الهند على وضع 14 من مفاعلاتها النووية من أصل 22 مفاعلا نوويا هندياً على أنها مفاعلات «مدنية»، تحت الإشراف الدولي. ويعتبر هذا التنازل من جانب الهند طفيفا وشكليا، إذ يتمثل في إخضاع منشآتها النووية المدنية للرقابة. ويعتبر هذا الاتفاق تغييرا كبيرا في السياسة الأميركية بشأن حظر الانتشار النووي. فهناك قانون أميركي يحظر تصدير التكنولوجيا التي يمكن أن تساعد البرنامج النووي لبلد غير موقع على معاهدة حظر الانتشار النووي. وكانت واشنطن فرضت عقوبات على الهند بعدما قامت هذه الأخيرة بالتفجيرات النووية في العام 1998. علماً أن واشنطن قادت طوال 30 عاماً جهود عزل التكنولوجيا النووية الهندية، وعدم الاعتراف بها «كونها انتهكت الأعراف الدولية عبر إجراء تجارب نووية وتطوير أسلحة». وفي السابق، تراجعت واشنطن عن اتفاق تمنح بموجبه الوقود للمفاعل النووي الهندي تارابور (الذي سلمته الولايات المتحدة) بعد أول تفجير نووي هندي العام 1974. التقارب الأميركي- الهندي يحمل في سيرورته بعدا استراتيجيا، إذ يدخل في سياق مواجهة الصين القوة العظمى الآسيوية الأخرى، حيث تبدو الهند في نظر الدول الغربية القوة الموازية لها التي لا يجوز تجاهلها.. فبعد عقود من تجاهل الهند بسبب الدور الريادي الذي لعبته في حركة بلدان عدم الانحياز التي كانت قريبة جدا من الاتحاد السوفياتي سابقا، ها هي الولايات المتحدة الأميركية تعيد اكتشافها من جديد في ضوء المتغيرات الجيوبوليتيكية التي شهدها العالم بعد نهاية الحرب الباردة، وبروز الصين كقوة عظمى على المسرح العالمي. وها هي الولايات المتحدة الأميركية في ظل إدارة بوش التي تتصرف وفق ما تقتضيه مصالحها الامبراطورية ذات البعد الأناني الضيق، تنصّب الهند قوة نووية «شرعية»، بما يشبه المرسوم الإمبراطوري، في تناقض كلي مع ما تنادي به من منع لانتشار أسلحة الدمار في العالم، في سبيل مراعاة مصالحها بأكثر المعاني ضيقا: محاصرة القوة العظمى الناشئة الصينية، أو ما شابه ذلك من مثل هذه الهواجس والحسابات الاستراتيجية. وتظل الولايات المتحدة الأميركية عرضة للانتقاد بسبب سياسة الكيل بمكيالين: فالهند ستواصل برنامجها النووي العسكري من دون أن تتعرض لأية مساءلة، أو تفتيش من قبل وكالة الطاقة الذرية الدولية، بينما إيران هي الآن خاضعة لتهديد العقوبات الدولية بسبب إصرارها على مواصلتها برنامجها النووي المدني. إن الاختلاف في التعاطي مع الهند و إيران يظهر لنا على أية حال القناعات الراسخة منذ زمن بعيد لدى الاستراتيجيين الأميركيين، من أن خطورة السلاح النووي ليست تقنية، وإنما سياسية، إذ إنها متعلقة بطبيعة الأنظمة السياسية التي تمتلكها. فالتبرير الأميركي يقول إن الهند دولة ديمقراطية كبيرة وعريقة، ولاسيما أنها دولة «مسؤولة» يمكن أن نثق بها لدعم الاستقرار، بينما إيران هي دولة ثيوقراطية تشجع الإرهاب وتهدد جيرانها. وفي الواقع، إن «الديمقراطية» ليست شرطا لامتلاك دولة ما السلاح النووي، فهذا الشرط من السهل دحضه، إذ شهد العالم (ويشهد) أنظمة استبدادية أو توتاليتارية، امتلكت السلاح النووي من دون أن تخوض مغامرة إفناء البشرية.
كاتب من تونس
(المصدر:صحيفة أوان(يومية كويتية) الصادرة يوم, 15 أكتوبر 2008)
«إرهابيون إسلاميون» في ضيافة الولايات المتحدة!
ياسر الزعاترة يقول الخبر الذي لم يلتفت إليه أحد: «أمرت محكمة أميركية السلطات بإطلاق سراح 17 معتقلاً من الصينيين الإيغور المسلمين (من أهالي إقليم سينجيانغ الصيني) من معتقل خليج غوانتانامو في كوبا، والسماح لهم بالإقامة في الولايات المتحدة». وفي حين أعلن البيت الأبيض معارضته قرار المحكمة في موقف شكلي كما يبدو، فقد أدركت بكين دلالة الحكم، إذ قال الناطق باسم الخارجية الصينية، إن الرجال المشار إليهم أعضاء في حركة تركستان الشرقية الإسلامية المدرجة على قائمة المنظمات الإرهابية في الولايات المتحدة، وطالب الحكومة الأميركية بتسليمهم للصين بالسرعة الممكنة. ربما كان من المبكر الحديث عن انقلاب جذري في التعاطي الأميركي مع الحركات الإسلامية، لا سيما تلك المتهمة بممارسة العنف، لكن المؤكد أن الموقف الذي تبنته الولايات المتحدة من تلك الحركات لم يكن ذا صلة بالإيديولوجيا ولا بالأديان بقدر صلته بالاستراتيجية التي تبنتها خلال السنوات الـ20 الماضية، تحديداً منذ نهاية الحرب الباردة ومن ثم حرب الخليج. منذ قرار التركيز على منطقة الشرق الأوسط، أكان في سياق السيطرة على منابع النفط في المرحلة الأولى، أم خدمة لمصالح الدولة العبرية بعد ذلك (مرحلة كلينتون، وبشكل أوضح مرحلة بوش)، صار الإسلام السياسي (السلمي منه والعنيف) عدواً للولايات المتحدة، وبالطبع تبعاً لتهديده لبرنامجها الجديد، وقد حدث ذلك بعد زمن من اللقاء معه في سياق الحرب الباردة ومواجهة النفوذ السوفيتي. هل سنكون إزاء مرحلة لقاء جديدة بين الإسلاميين، وأقله بعض أطيافهم وبين الولايات المتحدة خلال المرحلة المقبلة؟ هذا ما يشير إليه الخبر الذي أوردناه في مقدمة المقال، فكيف ذلك؟ من المؤكد أن مسلسل الفشل الذي واجهته الولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة، والذي تفاقم وما زال يتفاقم خلال الشهور الأخيرة من مرحلة بوش سيحتم على الولايات المتحدة، وأياً كان رئيسها (أوباما أم ماكين) أن تعيد النظر في الاستراتيجية السابقة التي ركزت النظر على منطقة الشرق الأوسط، تاركة القوى الأخرى الأكثر تهديداً لنفوذ الولايات المتحدة تصعد وتراكم أسباب القوة. وسط انشغال أميركا بالشرق الأوسط وقضاياه، والحرب البائسة على ما يسمى الإرهاب، كانت الصين وروسيا والهند والبرازيل تصعد بقوة، ولو قدّم بوش مصالح بلاده على مصالح الدولة العبرية وليس العكس، لما ترك المنافسين الكبار وجاء إلى منطقة ليس فيها منافسون حقيقيون لنفوذ بلاده، أقله خلال العقود القليلة المقبلة. الآن يتوقع أن تركز الاستراتيجية الجديدة (هذا إذا لم يغيّب العقل من جديد) على مواجهة الصين وروسيا (قد تضم إيران كقوة إقليمية صاعدة)، وهو ما سيحتم قدراً من اللقاء، وأقله تخفيف العداء مع القوى الإسلامية، لا سيما تلك التي يتوقع منها المساهمة في خدمة الاستراتيجية المشار إليها، كما هو حال بعض المجموعات الإسلامية في الصين، وكذلك في الشيشان وبعض مناطق روسيا والدول التابعة لها، ولا يستبعد البحث عن صيغة للتفاهم مع طالبان مقابل التفاهم على التعاون ضد روسيا، إذا لم تبادر هذه الأخيرة إلى دعم الحركة في مواجهة الأميركيين والناتو. كما يتوقع العمل على تصعيد المواجهة السنية الشيعية. حكاية الصينيين في الولايات المتحدة تذكّرنا بزعماء الأفغان، وبالشيخ عبدالله عزام، الذين كانوا يزورون الولايات المتحدة ويبشرون بالحرب ضد الشيوعية، وما إن ولّى الشيخ وجهه صوب فلسطين وبدأ يدرّب كوادر حماس حتى تم اغتياله من قبل الإسرائيليين، تماماً كما وقع لكل من درّبهم وتواصل معهم (أحدهم اغتيل في دمشق وهو عزالدين الشيخ خليل). لا يعني ذلك أن مرحلة التصدي للإسلاميين قد انتهت، فهي ماضية ما بقيت الدولة العبرية وما ظلوا على عدائهم لها، وما استمر تهديدهم لمصالح أميركا في المنطقة، وهي هنا استقرار الأنظمة القائمة، لكننا نتحدث عن أشكال من اللقاء مع بعضهم (إضافة إلى اللقاء الواقع عملياً مع سلفيي طاعة ولي الأمر، ومع الصوفية) تساهم في مواجهة الأعداء الأكثر أهمية خلال المرحلة الجديدة، كما نتحدث عن تخفيض لحدة المواجهة المباشرة، مع ترك الملف للأنظمة تتعامل معه بالطريقة التي تراها مناسبة، وهي التي حققت نجاحات لافتة لا ينكرها عاق
(المصدر: صحيفة « العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 14 اكتوبر 2008)
أميركا التي كانت.. ماذا عن أيتامها؟
مهنا الحبيل لو أنّ أحد الوعاظ الاشتراكيين في حقبة الحرب الباردة أو أحد المتدينين من أي ملة، تحدّث للناس في زمن سابق عن مآل يتوقعه لمستقبل الولايات المتحدة خاصة, أو المدار الغربي الرأسمالي ذي العقيدة الليبرالية الاستئصالية لمناهضيها, لرُجِم باللفظ أو بالحجر ربما، وفي أقل تقدير بالسخرية العنيفة لتحرشه ومسّه لعقيدة أضحت ذات ارتباط متداخل في حياة الناس المتعلقين بها، حتى وكأنها بالنسبة لهم كهنوت مُقدّس. وإن خاضوا في السخرية منه حيناً أو التلمظ عليه والتذمر منه حينا آخر, لكن حين تتساقط الأحداث كأنها أحجار الدومينو المصفوفة وتصل إلى العمق المالي, يتيه أولئك المبهورون وكأنما أقيمت عليهم القيامة. ونحن هنا نؤكد مسارين مهمين لتعاطينا مع الزلزال المالي العابر للقارات: الأول، أننا لا نتمنى لأهلنا من شعوب الوطن العربي أو فقراء العالم ومحتاجيه وتجارته العادلة أينما وجدت الخسارة والإحباط, ولسنا نشمت بهذه الشريحة الكبرى بل نتفهم معاناتها ونرجو لها عوضا كريما، ولسنا أيضاً نُعلن انتهاء التاريخ الأميركي في هذه اللحظة, غير أن الشرق أرض الرسالات، وهو أيضاً له عقل وقراءة وفلسفة، وقد كان عبر التاريخ أستاذها الأول. وعليه، فإن الخوض في هذه القضية القائمة إنما يأتي من الإبطال الأولي لحالة شبه الألوهية التي أُخضعت لها الإنسانية مع هيمنة المدار الاستعماري الاقتصادي الغربي بقيادة الولايات المتحدة وإعادة بعث العقل. نعم العقل الذي حدثونا عنه وصاية لاشرعية.. اليوم يؤذن للناس بالكشف عنها, لكي تعاد قراءة التاريخ المعاصر سياسة واقتصادا، وعلاقته بالعقيدة الأيديولوجية التي صاغته، والأهم حجم ما شكلّته هذه السيطرة من كوارث إنسانية أصابت العالم الأرضي في علاقته الاجتماعية والصحية والسياسية، ثم أخيراً برز قصورها الأصلي في موطنها. وليست مصيبتها الاقتصادية على الإنسان وليدة الأحداث، بل ذلك من زمن بعيد حين سحبت أرزاق الخلق لأجل تبعية إله الغرب في وول ستريت وأخواتها, وأقصي الناس عن مسار التداول الطبيعي بين الشعوب والخليقة، فيرزق بعضهم بعضا برعاية خالق الفطرة وهاديها. والغريب أن البعض لم يستفق للحقيقة ورؤيتها، وإن كان ليس ذا مال خاسرا بالضرورة, لكن المسكين من شدة خديعته بخطاب العقلانيين الجُدد وتعلقه بفكرة أنّ الغرب لا يسقط حتى يشار له من أهل الفهم الراقي, فأصبح يجلد في الخطاب الديني الذي ذكّر الناس بأصل الخلل الفلسفي الذي قامت عليه أسواق الرأسمالية ووجهها الليبرالي المتوحش بغض النظر عن قصور الخطاب الديني هنا وهناك, لكن أيتام الانبهار المتوحش لم يدع لهم غرورهم وزهوهم فرصةً ليقرؤوا.. فقط يقرؤوا.. أو يراجعوا العشرات من التصريحات التي صدرت عن فلاسفة هذه الحضارة إن جاز تسميتها بذلك. وقياداتها السياسية والاقتصادية كلها خرجت بصوت واحد تُجمع فيه بلا تردد أنّ ما جرى هو انهيار لتلك الحالة والظاهرة, حتى ولو عادت الأسواق فإن أصل البنيان الفلسفي فقد قاعدته، أي بطل تشريعه من حيث التفوق والقدرة, وأن العالم -وهذا كلامهم- يتقدم إلى عهد جديد في فلسفة الاقتصاد. وسواء صَدّق أيتام الانبهار أم ركنوا إلى كهنوتهم، فهذا لا يُغير من حقيقة السؤال: إلى أين يتجه العالم الآن؟ المدار الأميركي والعرب السؤال المُهم هو أن بسط السياسة الأميركية وعمق هيمنتها الاستراتيجي لم يكن فقط في إحكام القبضة على القرار الرسمي ترغيبا أو ترهيبا في العالم الآخر كله، عربيه وثالثه، ولكنه ممتد في العمق الأخلاقي والاجتماعي كرديف لتلك الهيمنة، فكيف ذلك؟ إن تلك الهيمنة تصاعدت مع زحف فكري إعلامي جامح، وصل مؤخرا إلى أن تُنقل لنا وتترجم أقصى قنوات الليبرالية المتوحشة, وأقصى حالات الاستهانة والتجاوز للعلاقات الإنسانية الطبيعية, وطرح كل أسئلة تهدم أي تحفظ تدريجي أو ممانعة فطرية لفوضى الأخلاق, حتى أصبحت الرذيلة فلسفة تُغرس من خلال تلك القنوات المترجمة, عن طريق شبكات عربية أو قنوات موازية لها تعرض السوق الإباحية بكل قوة في المجتمعات الشرقية. وكلا البرنامجين ارتبطا بقوة أيديولوجية واحدة، انطلقت منها تفاصيل خطتها الهجومية، أكانت عربية النُطق أم الترجمة فالقضية واحدة. لذا نفهم هلع أولئك الأيتام من أبناء تلك المؤسسات والشخصيات والمجموعات البشرية المُقيمة في أرض العرب، وهواها عقيدة وسلوكا بات جزءا لا يتجزأ من تلك الأيديولوجية. ومن المؤكد أنّ القضية ليست صعود مؤشر الاقتصاد هنا وهناك, ولكنها مؤشر الحياة، نعم الحياة بالنسبة لهم في وقت دقيق وحساس شعروا فيه أن ما وراء الحجب والغيب المُعلِم بالفطرة اليقينية, والدلالة العقلية المنظورة القاطعة بوجود الحياة الأخرى وسبيل النجاح الموازن بين الأرض والسماء والجسد والروح قد نجحوا في إخفائها مع ضجيج الحياة الغربية فكيف يهتز ذلك ويترنح؟! كيف يقول لهم ذوات من نفس العالم الغربي الذي حضنوه وآمنوا به واستقاموا على طريقته فصاح صائحهم يهتف في الأيتام أنّ إلهنا وإلهكم قد مرض ولربما قُتِل في وول ستريت! صيحة العقل التي يكرهها الغرب أمرٌ غريب! مع أن الغرب هو من فزع لمصابه فتحرك في الشرق وجدان العقل يشير إلى الطريق بكل هدوء أنه هو.. هو المنهج.. المنهج الحق وليس النظام والشاهد القائم.. هو الرسالة بين الإيمان والفطرة وهدي النجاح لطوق النجاة, ولكنهم يكرهون هُتاف اليقظة برغم أنّ الدليل هذه المرة لسقوطهم مرّ من هناك حيث الأحبة.. في نيويورك! ولاس فيغاس! إلى حمائم السلام في البيت الأبيض وصقور الحرية في البنتاغون! فلم يستطيعوا أن يوقفوا الحقيقة فقد طاشت الدفاتر والصور.. الضحايا المدنيون والعسكريون تبعهم ضحايا اقتصاديون, ومع ذلك فلا سبيل إلاّ المكابرة. أنكِرْ العقل وجادلْ في الحقيقة واغمس نفسك مع رسل من آمنت بهم من الليبراليين المتوحشين حتى تفنى فيهم وبهم, ثم التفت إلى المجتمع المأسور برباط الأصل والفرع، فرغ شحناتك لنقده ولعنه وتشريحه, حتى لا يسألوك وماذا عن آلهتك وسلطتها الكبرى.. لا جواب.. لا جواب.. بل السخرية والعبث.. حتى لحظة اليقظة الكبرى فيأتيهم اليقين وحينها وقد زحفوا إلى أوليائهم مستنصرين… فهل تنفعهم شفاعة الشافعين؟ (المصدر: صحيفة ‘العرب’ (يومية – قطر) الصادرة يوم 15 أكتوبر 2008)
مُـراجـعـات فـكـريّـة مـطـلـوبـة في زمـن الأزمـة
حسن نافعة (*) يشهد النظام العالمي هذه الأيام أزمة ثلاثية الأبعاد: بعد اقتصادي, يتصل بالأسباب المباشرة التي أدت إلى تفجيرها, وبعد سياسي يتصل بهيكل وموازين وعلاقات القوة القائمة في النظام الدولي لحظة انفجار الأزمة, وبعد أيديولوجي يتصل بتأثير الأزمة الراهنة على مستقبل الرأسمالية والفكر الليبرالي. ففي بعدها الاقتصادي، يحدثنا المتخصصون عن «فقاعة رهن عقاري» تسربت إلى مؤسسات التمويل والائتمان الأميركية منذ سنوات وراحت تتمدد إلى أن انفجرت عام 2007 محدثة عطبا كبيرا, لم يقتصر تأثيره على المؤسسات التمويلية والائتمانية وإنما تعداه ليشمل بقية القطاعات الاقتصادية في الولايات المتحدة ومنها انتقل إلى بقية أنحاء العالم, وأصبح يهدد النظام الاقتصادي العالمي كله بحالة من الركود العام. نحن إذن أمام أزمة تعد الأخطر منذ الكساد العظيم الذي شهده النظام الرأسمالي في نهاية عشرينات القرن الماضي. وفي بعدها السياسي، يرى كثيرون أن الأسباب الاقتصادية المباشرة للأزمة لا تستطيع أن تخفي أبعادا سياسية تتجلى مظاهرها في: 1- انفجار الأزمة في موقع القلب من النظام العالمي, أي في دولة كانت وما تزال تصر على الهيمنة المنفردة عليه ولفترة طويلة مقبلة. 2- وفي لحظة تواجه فيها القوة المهيمنة أزمة مصداقية شاملة على الصعيدين السياسي والأخلاقي تعمق الشكوك في أهليتها للقيادة, وفي نهاية حقبة سيطر فيها تيار يميني متطرف ثبت للجميع إفلاس سياساته على مختلف المستويات. 3- تزامن الأزمة مع بداية مرحلة انتقالية تبدو فيها روسيا الاتحادية في وضع يمكنها من التمرد على حالة الهيمنة المنفردة, وتبرز فيها قوى دولية جديدة, مثل الصين والهند والبرازيل وغيرها, تطمح في لعب أدوار إقليمية ودولية تتناسب مع مكانتها الاقتصادية. نحن إذن أمام أزمة نظام دولي يشهد فجوة بين حقائق وموازين القوة الفعلية وطموحات الفاعلين فيه. أما في بعدها الفكري أو الأيديولوجي، فيرى كثيرون أن الأزمة الراهنة تفتح باب الجدل من جديد حول تناقضات النظام الرأسمالي ومدى قدرة الليبرالية الجديدة على حل أو تجاوز تناقضات هذا النظام في زمن العولمة. ولأنه سبق لنا تناول البعدين الاقتصادي والسياسي بقدر من التفصيل فسنخصص مقال اليوم لمعالجة الأبعاد الفكرية والأيديولوجية للأزمة بقدر أكبر من التفصيل. من المعروف أن الثورة الصناعية, التي ظهرت في أوروبا منذ ما يقرب من ثلاثة قرون ومنها انتقلت إلى بقية أنحاء العالم, كانت أحدثت انقلابا جذريا في أنماط ووسائل الانتاج وفرضت تقسيما جديدا للعمل ترتب عليه تغير ضخم في علاقات الانتاج وظهور طبقات اجتماعية مختلفة عن تلك التي عرفتها المجتمعات الزراعية والاقطاعية وتبلور نظام اقتصادي واجتماعي جديد عرف باسم النظام «الرأسمالي». غير أن هذا النظام مر بمراحل تطور متعددة قبل أن يستقر كنظام عالمي تحت تأثير عاملين, الأول: استعمار أوروبي لقارات إفريقيا وآسيا والأميركتين حولها إلى مصادر لمد الصناعات الأوروبية الوليدة بالمواد الأولية التي تحتاجها وإلى أسواق لتصريف منتجاتها, والثاني: شركات عملاقة ظهرت أولا في كنف الاستعمار وتحت حمايته لكنها راحت بعد انتهاء الحقبة الاستعمارية تقوى وتتحول إلى شركات عملاقة متعددة الجنسيات لتصبح أحد أهم مرتكزات وآليات عولمة النظام الرأسمالي. غير أن الطريق إلى عالمية الرأسمالية كنظام اقتصادي, وإلى حد ما الليبرالية كنظام سياسي, لم يكن معبدا أو مفروشا بالورود, وإنما كان مليئا بالعقبات وبالمآسي الإنسانية أيضا. فقد ساءت أحوال الطبقة العمالية كثيرا بسبب ما تعرضت له من استغلال بشع من جانب الطبقة البورجوازية الوليدة, ما دفع العديد من المفكرين الإصلاحيين إلى طرح أفكار «اشتراكية», وصفت في حينها بالمثالية قبل أن يتمكن ماركس من إعادة صياغتها وبلورتها في رؤية «علمية» متماسكة بدت وكأنها «قوانين» حتمية لتطور المجتمعات. ورغم ما تعرضت له الرؤية الماركسية من انتكاسات متكررة على مدى قرنين من الزمان, إلا أنها اتسمت بحيوية مثيرة ومؤثرة مما جعل لهيبها ما يكاد يخبو حتى يتوهج من جديد. ترتكز رؤية ماركس «الجدلية» للتاريخ الإنساني على فكرة بسيطة مفادها أن التطور المتراكم في وسائل الانتاج يؤدي بالضرورة إلى تغييرات نوعية في علاقات الانتاج, أي في شكل الملكية وما تفرزه من أوضاع طبقية وفي شكل ونوعية الأفكار التي تستخدمها الطبقات الحاكمة لتبرير مصالحها والدفاع عنها. ووفقا لهذه الرؤية قسم ماركس تاريخ البشرية, قبل ظهور النظام الرأسمالي, إلى ثلاث مراحل, تفضي كل منها إلى الأخرى في سلسلة متوالية: المرحلة الشيوعية الأولى, ثم مرحلة العبودية, ثم المرحلة الإقطاعية. ويوضح ماركس كيف أدى ظهور التكنولوجيا والاختراعات الحديثة في المجتمع الإقطاعي إلى تشكل طبقة بورجوازية جديدة تتناقض مصالحها مع مصالح الطبقات السائدة من النبلاء وأمراء الإقطاع واندلاع صراع بينها لا بد أن ينتهي بانتصار الطبقة البورجوازية وتحول المجتمع الاقطاعي إلى مجتمع «رأسمالي». ومع تطور ونضوج النظام الرأسمالي تنشأ تناقضات من نوع جديد بين مصالح الطبقة البورجوازية, والتي ستتحول إلى طبقة مهيمنة, وطبقة البروليتاريا, والتي سيزداد عددها ووعيها بمصالحها, ويندلع بينهما صراع سينتهي حتما بانتصار طبقة البروليتاريا وقيام نظام اشتراكي يفترض أن يمهد بدوره الى المرحلة الأخيرة والنهائية من مراحل التطور البشري ألا وهي مرحلة «الشيوعية». يلفت الانتباه هنا اهتمام ماركس الشديد بتحليل تناقضات المرحلة «الرأسمالية» وإهماله شبه الكامل لتحليل طبيعة وشكل النظام السياسي والاجتماعي الذي تقع على عاتق طبقة البروليتاريا الصناعية مهمة ومسؤولية إقامته خلال المرحلة الاشتراكية التي يفترض أن تمهد لمرحلة «شيوعية» تختفي فيها أشكال التناقضات كافة يساهم فيها كل فرد بقدر ما يستطيع ويحصل منها بقدر ما يحتاج! كما نود أن نلفت الانتباه أيضا إلى نقطة مهمة هنا وهي أن منطق التحليل الماركسي قام على افتراض مفاده أن «ثورة البروليتاريا» ستندلع في أكثر حلقات النظام الرأسمالي تقدما (إنكلترا أو ألمانيا), وهو ما لم تثبت صحته من الناحية التاريخية. فقد اندلعت أول ثورة في العالم تستلهم الأفكار الماركسية في إحدى أضعف حلقات النظام الرأسمالي وهي روسيا القيصرية. ولأنه تعين على القائد التاريخي لهذه الثورة, فلاديمير لينين, أن يبرر هذا «الانحراف الإيديولوجي», فقد كان من الطبيعي أن تظهر أطروحات وتنظيرات جديدة تحت مسمى «الماركسية – اللينينية» تفسر لماذا تعين بناء الاشتراكية في بلد واحد وكيف يمكن لنظام اشتراكي يبنى في بلد يقع على هامش النظام الرأسمالي أن يتحول إلى نظام عالمي ليحل محل نظام آخر لا يمكن إلا أن يكون عالميا بطبيعته. لم ترق مبررات «بناء الاشتراكية في بلد واحد» لتيار أساسي في الحركة التي أشعلت الثورة البلشفية, قاده تروتسكي, كان يرى أنه لا مستقبل لأي نظام اشتراكي إلا في سياق نظام اشتراكي عالمي يحل محل نظام رأسمالي لا يمكن إلا أن يكون عالميا بطبيعته, كما كان يرى أن بناء الاشتراكية في دولة واحدة تقع على هامش النظام الرأسمالي, وليس في قلبه, من شأنه أن يعوق حركة التطور نحو الاشتراكية ولا يعجل بها. وأثبت التطور التاريخي أن تروتسكي كان على حق. صحيح أن النموذج السوفياتي للاشتراكية صمد لمدة سبعين سنة, لكنه سقط في النهاية بسبب عجزه عن التحول إلى نظام عالمي قادر على تقديم حلول للمشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه المجتمعات البشرية المختلفة بأفضل مما يقدمه النظام الرأسمالي وليبراليته الغربية. تجدر الإشارة هنا إلى أن الكساد الاقتصادي الذي اجتاح دول العالم خلال الفترة 1929-1931, فيما عدا الاتحاد السوفياتي الذي كان الدولة الوحيدة التي تطبق النظام الاشتراكي, نبه قادة الدول الرأسمالية إلى صحة بعض الأطروحات الماركسية حول طبيعة التناقضات الكامنة في بنية النظام الرأسمالي، وراح عدد من مفكريه, على رأسهم الاقتصادي البريطاني الشهير كينز, يعيد النظر في بعض أسس الفكر الليبرالي التقليدي المتمحور حول مقولة آدم سميث «دعه يعمل دعه يمر» مطالبا بتدخل الدولة, ليس فقط في المجال السياسي وحماية الحقوق المدنية للأفراد ولكن أيضا في المجال الاقتصادي لمعالجة الأزمات الدورية الناجمة عن الخلل في أداء آليات السوق وفي المجال الاجتماعي لمعالجة الخلل في توزيع الثروة. ومع ذلك فإن عتاة الليبراليين وعلى رأسهم فوكوياما, راحوا يبشروننا بأن الليبرالية هي نهاية التاريخ, متناسين حقيقتين على جانب كبير من الأهمية: الحقيقة الأولى: أن قيام نظام اشتراكي في دولة كبيرة مثل الاتحاد السوفياتي كان شكل تحديا كبيرا ضاعف من قدرة النظام الرأسمالي الليبرالي على الابتكار في المجالات كافة ومكنه من تجديد دمائه على نحو مستمر. وعندما سقط النظام الاشتراكي وانهار الاتحاد السوفياتي بدأ النظام الرأسمالي الليبرالي يترهل وانفتح الطريق أمام أكثر التيارات الليبرالية جمودا وتطرفا, كالمحافظين الأميركيين الجدد, للسيطرة على قلب هذا النظام وقيادته, وهو عامل ساهم في وصوله إلى مأزقه الراهن. الحقيقة الثانية: أن القوى الرأسمالية الليبرالية لم تتردد في التحالف مع النظام الاشتراكي في الاتحاد السوفياتي لمواجهة خطر مشترك أكبر مثلته النظم النازية والفاشية والعسكرية التي قامت في ألمانيا وإيطاليا واليابان وتسببت في إشعال الحرب العالمية الثانية. وكان انتصار النظامين معا, من خلال انتصار الحلفاء على المحور, هو الذي ساعد على تأسيس منظمة الأمم المتحدة وفتح الطريق أمام إنهاء الحقبة الاستعمارية. صحيح أن هذا التحالف لم يستمر طويلا, وأن حربا باردة ما لبثت أن اندلعت بين معسكرين أحدهما رأسمالي تقوده الولايات المتحدة والآخر اشتراكي يقوده الاتحاد السوفياتي, غير أن حقبة الهيمنة الأميركية المنفردة التي تلت انهيار الاتحاد السوفياتي فتحت الطريق من جديد أمام عودة الاستعمار المباشر, بزي أميركي هذه المرة, وكبدت الإنسانية خسائر بشرية ومادية أكبر بكثير من الخسائر التي تكبدتها خلال حقبة الحرب الباردة. لذلك لم يكن غريبا أن تندلع في قلبه أزمة تهدد بانهياره من داخله. قد يحلو لعتاة الليبراليين الجدد تجديد ثقتهم بقدرة النظام الرأسمالي على التعامل بنجاح مع الأزمة الاقتصادية الراهنة مثلما تعامل مع كل أزماته الدورية السابقة, بما في ذلك أزمة الكساد الكبير في نهاية العشرينات من القرن الماضي. غير أن الأزمة الحالية تبدو مختلفة نوعيا من زاويتين: الأولى: أنها تأتي في مرحلة عولمة شبه شاملة للنظام الاقتصادي العالمي, على الأقل في جانبه المالي والائتماني, وبالتالي فإن الحلول التي يتعين طرحها لتجاوز أزمته الراهنة يجب أن تكون عالمية وأن تمتد لتشمل مؤسسات النظام الاقتصادي العالمي كله, بما فيها البنك وصندوق النقد الدولي. الثانية: أنها تأتي في مرحلة لا تتماشى فيها آليات عولمة اقتصادية تجري على قدم وساق مع آليات عولمة سياسية واجتماعية وثقافية تبدو متعثرة تماما. ومعنى ذلك أن الحلول التي يتعين طرحها لتجاوز الأزمة الراهنة يجب أن تأخذ في اعتبارها مصالح الدول الأخرى في نظام سياسي غير معولم ويفتقد لقيادة متفق عليها, وهو أمر ليس بالسهل أو الميسور. ربما كان يكفي في عام 1929 ظهور رجل مثل كينز لإنقاذ نظام رأسمالي لم يكن وصل بعد إلى مرحلة العالمية وكان يقف في مواجهته, وعلى نقيضه, نظام اقتصادي سياسي اجتماعي آخر يبدو جاهزا ومتلهفا لتسلم الراية. أما اليوم فتحتاج عملية الإنقاذ إلى شيء آخر أكثر بكثير: تغيّر جوهري في آليات عمل النظام الأميركي من داخله, ورؤية لنظام سياسي عالمي جديد. (*) كاتب مصري (المصدر: صحيفة ‘الشرق’ (يومية – قطر) الصادرة يوم 15 أكتوبر 2008)
نافيا أن يكون معبرا عن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يترأسه العوا: حديث القرضاوي عن التشييع رأي شخصي
مصطفي عاشور – عبد الله الطحاوي الدوحة – صرح د.محمد سليم العوا الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن الدكتور يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد، أكد في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر أن تحذيره من التمدد الشيعي في البلدان السنية، ووصفه للشيعة بأنهم ‘مسلمون مبتدعون، وليسوا كفارا’، يعبر عن رأيه الشخصي، وليس موقف الاتحاد، مشددا على أن تصريحاته أتت بدافع حرصه على وحدة الأمة وعدم كتمان الحق. وجاء ذلك في تصريح أدلي به العوا للصحفيين في حضور الشيخ القرضاوي، في ختام الجلسة الافتتاحية لاجتماع مجلس أمناء الاتحاد، الذي بدأ اليوم الثلاثاء في العاصمة القطرية الدوحة، ويستمر يومين بمشاركة عدد كبير من أعضاء المجلس الذين شاركوا في المؤتمر السادس لمؤسسة القدس الدولية، الذي اختتم أعماله في الدوحة مساء أمس. ومن أبرز المشاركين في الجلسة الافتتاحية للمجلس، التي حضرها مراسل ‘إسلام أون لاين.نت’ وعدد من الصحفيين: المرجع الشيعي آية الله محمد علي تسخيري، نائب رئيس الاتحاد، والشيخ عبد الله بن بيه، وهو نائب أيضا للرئيس، ود. محمد سليم العوا، الأمين العام للاتحاد، بجانب الشيخ فيصل مولوي أمين عام الجماعة الإسلامية في لبنان. وعلمت إسلام أون لاين أنه قد شارك أيضا في الاجتماع الفقيه الدكتور على القرة داغي والمفكر الإسلامي فهمي هويدي، والشيخ حارث الضاري، الأمين العام لهيئة علماء المسلمين بالعراق، ود.عصام البشير، والشيخ سلمان العودة، فيما اعتذر المفكر الدكتور أحمد العسال لطارئ صحي. وبحسب العوا، فقد أوضح د.القرضاوي موقفه من الأحداث الأخيرة، التي جرت على خلفية تصريحاته الصحفية بشأن التشيع، في ثلاث نقاط: أولاها أنه انطلق في حديثه من واجب البيان الشرعي الذي أخذه الله تعالى على العلماء في بيان العلم وعدم كتمانه، معتبرا أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز شرعا. وفي النقطة الثانية، أكد أن حديثه تأسس انطلاقا من حرصه على وحدة الأمة الإسلامية والحفاظ على نسيجها الديني والاجتماعي من التمزق والشرور. أما النقطة الأخيرة فأوضح فيها أن بيانه جاء من باب مسئوليته تجاه أمته بصفته الشخصية لا بصفته رئيسا للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وليس باسم الاتحاد. وشهدت الجلسة المغلقة الأولى، التي أعقبت مباشرة الجلسة الافتتاحية، واستمرت ثلاث ساعات، مداخلات لعدد آخر من الحضور أظهرت تباينا في وجهات النظر بشأن معالجة الملف السني – الشيعي. وينتظر أن تعقد مساء اليوم جلسة مغلقة ثانية، حسبما ذكر لـ’إسلام أون لاين.نت’ مصدر مقرب من اجتماع مجلس الأمناء. وكان الأمين العام للاتحاد نفى صحة ما نشرته بعض الصحف حول عزم مجلس الأمناء في اجتماعه الحالي مناقشة تعيين رئيس جديد له بدلا من د.القرضاوي. وقال د.العوا في بيان: ‘لا أساس من الصحة مطلقا لما قيل من أن مجلس الأمناء سيبحث بأية صورة من الصور تعيين رئيس بدلاً من سماحة العلامة الشيخ القرضاوي المنتخب بإجماع أعضاء الاتحاد لفترة تنتهي في يوليو 2010’. وفي إشارة إلى أن الأحداث الأخيرة التي جرت على خلفية تصريحات د.القرضاوي بشأن التشيع لم تنل من مكانته كرئيس للاتحاد، أكد الأمين العام أن ‘الخلاف بين العلماء أمر وارد تاريخيا وواقع حاليا، ولا يفسد ذات البين بينهم، وإنما تفسدها الوقيعة والوشايات’. وأهاب د.العوا بوسائل الإعلام أن تستوثق من الأخبار قبل نشرها توقيا لوقيعة لا تفيد سوى أعداء الأمة، على حد قوله. الدوحة.. تقارب سني شيعي وشهد مؤتمر القدس عناقا حارا بين د.القرضاوي وعلي أكبر ولاياتي، مستشار المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية، الذي حمل رسالة شكر شفوية للقرضاوي من مرشد الثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي للشيخ. وفي السياق ذاته، استنكر علي أكبر محتشمي، وزير الداخلية الإيراني الأسبق، الأوصاف التي أطلقتها وكالة الأنباء الإيرانية ‘مهر’ على الشيخ القرضاوي، واتهمته فيها بالعمالة للصهيونية العالمية على خلفية حديثه عن المد الشيعي. وأكد محتشمي أنها لا تعبر عن رأي إيران، مؤكدا أن هذا ليس موقفه وحده، وإنما موقف أعلنته العديد من المراجع الشيعية. (المصدر: موقع إسلام أونلاين.نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 14 أكتوبر 2008)
رسالة اخوية مفتوحة الى شيخنا القرضاوي!
محمد صادق الحسيني (*) لم اكن اريد الدخول في هذا المعترك يوما ولا اريده الآن ايضا، لكن نداء الشيخ الكبير القرضاوي الاخير الذي ورد في رسالته المفتوحة الى الاخ الكبير الدكتور كمال ابو المجد اثر في كثيرا، خصوصا ذلك الجزء الختامي منه الذي قال فيه ما نصه: ‘في الختام، أريد أن أسجل هنا نقطة مهمة، فمن العجيب أن وكالة الأنباء الإيرانية قد صمتت، ومراجع الشيعة قد توارَوا إلى الخلف، وتركوا أهل السنة يردُّ بعضهم على بعض، وهم يتفرَّجون! وهو مشهد مذهل حقًّا: ألا يوجد في المجتمع الشيعي كاتب واحد ينتصر لموقفي، أي لأهل السنة، في إيران أو العراق أو لبنان أو الخليج! على حين ان نفرا من رجال السنة من هنا وهناك – ولا سيما في مصر بلد الأزهر- مَن ركب جواده، وامتشق سلاحه، دفاعا عن الشيعة المظاليم! اللهم إنا نشهدك على أننا لا نريد إلا الخير والسلام لأمة الإسلام. وكفى بك شهيدا. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته’. ولانني احترم هذا الشيخ الجليل واقدره، ولانني اجل مواقفه المعروفة والمشهورة في عدائها للصهيونية والاستعمار والامبريالية، ولانني ‘شاهد على العصر’ فيما اريد ان انتصر له من مواقف مرسل الرسالة الشيخ الكبير ومواقف المرسل اليه الاخ الاكبر وكلاهما من الاصدقاء الذين يعز علي ان اجدهما يختلفان في الحق وانصاف الحقيقة تذكرت ذلك الحديث المشهور والذي لا اعرف سنده لكننا لطالما سمعناه من شيخنا القرضاوي وغيره وهو حديث النبي الاكرم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم حيث قال ما مضمونه: انصر اخاك ظالما او مظلوما، فقيل: يا رسول الله ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما؟ قال تردعه عن ظلمه. واستذكار هذا الحديث الشريف هنا الهدف منه نصرة القرضاوي كما طلب هو ولكن ليس من حيث هو مظلوم بل من حيث هو ‘ ظالم’! فهو في رسائله الاخيرة – وليسمح لي وانا من احبائه ـ فقد ظلم كل محبيه وليس فقط الدكتور كمال ابو المجد والدكتور طارق البشري والدكتور فهمي هويدي والدكتور سليم العوا الذين تنادوا بحق ليصوبوه، بعد ان ظلم الطائفة الشيعية الكريمة المسلمة، بل وظلم امة المسلمين من اهل السنة والجماعة بل و حتى ظلم نفسه في هذا الخروج غير الموفق عن الطريق الذي كنا نسير عليه سويا بامامته وهديه ورعايته التي لا يجوز ان ينكرها عليه احد وهو الرائد الذي لا يكذب اهله كما قال ونحن نقر له بهذه الريادة على طريق الهدى ان شاء الله. فايران التي معها تختلف ليس لديها ‘مخطط تشييع رصدت له اموالا ورجالا لاهداف ومصالح قومية’ يا فضيلة الشيخ الجليل! ومن يقتل ويصفي ويرتكب المجازر في العراق من فرق الموت ليسوا شيعة ولا سنة بل موسادا ومخابرات امريكية يا فضيلة الشيخ الجليل! وحزب الله اللبناني الذي بات فخر الامة واحرار العالم لم يجتح بيروت كما نقل لك زورا وبهتانا، وبيروت ليست سنية، والاضرار التي الحقها الآخرون بأهلها قد عوضها الحزب رغم عدم مسؤوليته المباشرة عنها، والمعركة سياسية بامتياز وهي بين خط المقاومة الذي تجل وخط الاستسلام الذي تفضح يا فضيلة الشيخ الجليل! واما عن’ خبرية’ ان كل من اسمه عمر او عثمان او عائشة يقتل من قبل شيعة العراق او غيرهم فهذا بهتان كبير وظلم لا يغتفر بحق مظلومين فقدوا عشرات الالوف من عوائلهم فقط لانهم شيعة او ايرانيو التبعية او الانتماء! وان التبشير والغزو والاجتياح و…. انما هي مصطلحات عودتنا انت ومثلك من كبار المجاهدين الاحرار الا تستعمل الا مع العدو الصهيوني والاستعمار الاجنبي فما عدا مما بدا حتى صارت تستعمل مع الاخ والشقيق وابناء الملة والدين الواحد؟! والله لو كنت وضعت يدك على الجرح الذي يوغل حاليا في جسد الامة الا وهو الفتن ومن يحركها ويشعل فتائلها ويوقظها من على منابر بعض الفضائيات ويقسم الامة الى اقليات واكثريات وهمية فيها النظرة الفاشية او النازية وبتخطيط من رجال الاستخبارات، ووجهت بوصلتك نحو القدس السليبة والدامية والمغتصبة، وطلبت منا النفير العام دفاعا عن اهل السنة والجماعة لكنا جميعا من شيعتك وسرنا خلفك على سنة رسول الله وسنتك واولهم شيعة ايران وكل شيعة العرب وليس فقط رفيق دربك وناصحك الدكتور الكبير احمد كمال ابو المجد يا شيخنا الجليل! ولكن نقولها لك بصراحة وبمحبة وتقدير: ما هكذا تورد يا شيخنا….. الابل! فبشقشقتك هذه وقعت واوقعت معك كل محبيك بما خشيت ان يقع، من فتنة بسبب ‘موجات التشيع’ الموجه على حد قولك، رعاك الله بعينه التي لا تنام ان شاء الله، والله من وراء القصد! (*) كاتب من ايران (من مواليد النجف بالعراق) (المصدر: صحيفة ‘القدس العربي’ (يومية – لندن) الصادرة يوم 15 أكتوبر 2008)
الردّ على رسالة محمد صادق الحسيني
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أبوجعفر العيوني
الردّ على رسالة محمد صادق الحسيني , التي توجّه بها إلى الشيخ الفاضل الدكتور يوسف القرضاوي عن طرق القدس العربي,فنقول له وبالله التوفيق.والله يا أخي صادق لا أخيّر على الصدق شيئا,رسالتك لطيفة و لكنّ السمّ في الدّسم وقلت علّها تمرّ بالأسلوب الذي اخترته, ولي بعض الملاحظات عليها والتّفّظ وهذا, وهذه بعض التفسيرات تعقيبا على أقوالك فقولك مثلا:م ص ح- فايران التي معها تختلف ليس لديها ‘مخطط تشييع رصدت له اموالا ورجالا لاهداف ومصالح قومية’ يا فضيلة الشيخ الجليل!اللهمّ نعم ومستيقن بذلك وبأدلّة لا تقبل التّقية ,ففينا يخصّ المادّة التي يحصل عليها بعض المستبصرين , تفضحها كتاباتهم وكلّها تصبّ في خانة تكفير الصحابة والأمة جمعاء.وأمّا القومية الفارسية ,فالإستماتة على تسمية الخليج فارسيّا في وسائل الإعلام, وبلسان المسؤولين وأنت ضمنهم,وقد قاطعوا من أجله قناة الجزيرة مدّة لابأس بها ,قبل التّراجع عن ذلك لاحقا.وأمّا قولك : م ص ح – ومن يقتل ويصفي ويرتكب المجازر في العراق من فرق الموت ليسوا شيعة ولا سنة بل موسادا ومخابرات امريكية يا فضيلة الشيخ الجليل! – الحقيقة هذه المشكلة بدأها الإحتلال, للوقيعة بين الشعة والسنّة ,ولكنّ الشيعة أوغلوا في القتل والتعذيب بالدّريل وغيره ,والبراهين لا تحصى ولا تعدّ وهي موثقة,ونشر بعضها في وسائل الإعلام. وقولك: م ص ح- واما عن’ خبرية’ ان كل من اسمه عمر او عثمان او عائشة, يقتل من قبل شيعة العراق او غيرهم فهذا بهتان كبير وظلم لا يغتفر.أنت تريد يا أخي إيهام القرّاء بعكس ذلك دون براهين وليس على جهل بالقضية,ولكنّها مراوغة مقصودة , والحقّ أولى أن يتّبع ومئات الجثث المكدّسة في الأنهار والمزابل تؤكّد صحّة الخبر.وأمّا قولك واختلافك مع الشيخ حفضه الله في وصفه: م ص ح – وان التبشير والغزو والاجتياح و…. انما هي مصطلحات عودتنا انت ومثلك من كبار المجاهدين الاحرار الا تستعمل الا مع العدو الصهيوني والاستعمار الاجنبي.- فأنا معك بأنّ الوصف غير صحيح ولا دقيق ,ولكنّ الواقع المتّبع, هو وصف المتشيّعين بالمستبصرين, ولا أراك تنكر ذلك , فهاته الكلمة وردت مرّة واحدة في القرآن ,تصف المخطئين الضّالّين بهذا الوصف.وأمّا قولك : م ص ح – والله لو كنت وضعت يدك على الجرح الذي يوغل حاليا في جسد الامة الا وهو الفتن ومن يحركها ويشعل فتائلها ويوقظها من على منابر بعض الفضائيات.- عجبا يا أخي وحضرتك الإعلامي الذي لا يُشق له غبار,فهل فاتك ما يذاع على القنوات الشيعية-الفيحاء والفرات والكوثر والزّهراء والأنوار وغيرهم كثير,يشكّكون في القرآن والتاريخ ويحطّون من قدر العرب .ولكن نقولها لك بصراحة وبمحبة وتقدير: ما هكذا تورد الابل يا صادق ! لا ألومك على اعتزازك وفخرك بإيرانيّتك قبل عروبتك ,ولكن مهلا أخي فلا تستخفّ بعقولنا من فضلك,واعمل على تغيير هذا الواقع الأليم.والسلام
اعترف بجهود الرباط وإصلاحاتها السياسية والاقتصادية … الاتحاد الأوروبي يمنح المغرب صفة «شريك مميز»
الرباط – محمد الشرقي منح وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي المغرب صفة «الوضع المتقدم»، الذي يقل عن العضوية الكاملة ويتجاوز مجرد الشراكة الاقتصادية، خلال اجتماع مجلس الشراكة الذي عقد مــساء الاثــنين في لوكســمبورغ، بعد ســبع جولات من الــمفاوضات انــطلقت عام 2000. ويرتبط المغرب باتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي منذ عام1996، الذي تلى اتفاقاً سابقاً (1976)، أما أول اتفاق بين الجانبين فيعود إلى عام 1960. وقال وزير الخارجية والتعاون الطيب الفاسي الفهري الذي ترأس الوفد المغربي إلى مؤتمر لوكسمبورغ، ان «الوضع المتقدم» يفتح أفاقاً واسعة للتعاون في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية والأمنية والإنسانية، واعتبر ان التصديق على برتوكول مجلس الشراكة الأوروبي – المغربي، اعتراف بالجهود والإصلاحات السياسية والاقتصادية، التي بذلتها الرباط طيلة السنوات الأخيرة في كل المجالات، وجعلتها تقترب من المعايير الأوروبية. وسيكون في وسع المغرب الاستفادة من الدعم الاقتصادي والمالي الأوروبي، والاندماج التدريجي في مجموعة منطقة اليورو، والانخراط في الهياكل المؤسساتية الأوروبية على مستوى القمة، ومجلس الوزراء واللجان البرلمانية باستثناء تلك المتعلقة بالقرارات الخارجية، على ان تكون للرباط أدوار إقليمية في الفضاء الاوروبي – المتوسطي- الأفريقي كحلقة وصل بين العالمين. ويشمل التعاون كذلك مجالات البحث العلمي ونقل التكنولوجيا، وسيواكب الاتحاد الاوروبي جهود المغرب التنموية لتحسين مستويات معيشة السكان، وتقريب الهوة بين الشمال والجنوب، ومحاربة الهجرة السرية. وأبلغت مصادر أوروبية «الحياة»، ان الرباط حصلت على افضل وضع لبلد من خارج أوروبا، على حساب دول أخرى مثل أوكرانيا ومولدوفيا وإسرائيل، التي لا زالت تطالب بالصفة ذاتها (الوضع المتقدم). ويفتح «الوضع المتقدم»، إمكان إقامة منطقة حرة (معفاة من الرسوم الجمركية) تسمح للشركات الأوروبية بالانتقال إلى المغرب، بخاصة في قطاع صناعة السيارات والاتصالات من بعد، والاوفشور، والملابس والطاقة وخدمات الإعلام. وشرعت «رينو – نيسان» ببناء مصنع لإنتاج 400 إلف سيارة سنوياً قرب ميناء طنجة التجاري، وساهمت في تمويله استثمارات عربية. ويعتبر المغرب اكبر الشركاء التجاريين للاتحاد الاوروبي في جنوب البحر المتوسط، بنحو 70 في المئة من المبادلات، ويحصل على دعم مالي بنحو 640 مليون يورو، وتستفيد الرباط من استثمارات أوروبية سنوية بنحو 3 بلايين يورو. كما تعول خزانة المملكة على عائدات السياحة وتحويلات المغتربين في أوروبا (12 بليون يورو سنوياً)، ويعيش في المدن المغربية اكثر من 200 ألف أوروبي نصفهم من الفرنسيين في الدار البيضاء ومراكش. (المصدر: صحيفة ‘الحياة’ (يومية – لندن) الصادرة يوم 15 أكتوبر 2008)
الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي كان «حلم» الملك الرّاحل الحسن الثاني … «اتّفاق لوكسمبورغ» يدمج المغرب في الفضاء الأوروبي
الرباط – محمد الأشهب في ثمانينات القرن الماضي سُئل الملك الراحل الحسن الثاني إن كان جاداً في طلب بلاده الانضمام إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، فردّ قائلاً: «من حقّنا أن نحلم، ففي السياسة يبدأ كل شيء من خلال الحلم». وقتها كانت اسبانيا والبرتغال انضمتا للتوّ إلى السوق الأوروبية المشتركة، وكانت المنافسة على أشدها بين المنتجات الزراعية المغربية ومثيلاتها في اسبانيا والبرتغال. وحين استعصى أمر الانضمام على المغرب ابتدع الملك الراحل فكرة استضافة بلاده مونديال كرة القدم، فقد كان ينظر إلى التظاهرة الرياضية بمثابة حشد للدعم السياسي والاقتصادي لبلد في طريق النمو، غير أن الأقدار لم تمهله في تحقيق أي من الحلمين. أول من أمس حظي المغرب كأول بلد في منظومة حوض البحر المتوسط وبلدان الجنوب بوضع متقدم في علاقاته والاتحاد الأوروبي من خلال إبرام «اتفاق لوكسمبورغ» الذي يطاول في بعده السياسي «بدء حوار سياسي واستراتيجي» يتوخى الدمج التدريجي للمغرب في فضاء الاتحاد الأوروبي. فهو اتفاق أكثر من الشراكة وأقل من العضوية الكاملة، إذ ينص الاتفاق على الحوار بين المؤسسات الاشتراعية وانخراط الرباط في معاهدات وآليات الاتحاد الأوروبي. وجاء التصديق على الوضع المتقدم في فترة رئاسة باريس الاتحاد الأوروبي، ما يفيد وفق مصادر ديبلوماسية بأهمية الدور الذي اضطلعت به فرنسا في دعم موقف المغرب، إلى جانب اسبانيا وأطراف أوروبية أخرى. وقال وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير «انني إلى جانب المغاربة» وإن العمل مع المغرب «ليس ضرورة تاريخية أو مسألة راهنة، ولكنه بالأساس أمر مفرح»، ما يدفع الى الاعتقاد في أن الوضع المتقدم للمغرب يشكل خطوة انفتاح كبرى لناحية تفعيل الاتحاد من أجل المتوسط الذي تراهن عليه باريس. أما وزير خارجية اسبانيا انخيل موراتينوس فرأى أن ذلك «فتح صفحة جديدة بين المغرب وأوروبا»، موضحاً أن ذلك يعني أن المغرب «سيكون شريكاً في السياسات الأوروبية على الأصعدة كافة» في اطار حفظ خصوصياته وتاريخه وانتسابه للعالمين العربي والافريقي. ورأى أن الأمر يتعلق باطار «سيعزز روابط التعاون الاستراتيجي للمغرب مع كل الدول الأعضاء» في الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى دمجه في السياسة الاقليمية وسياسة الجوار التي ينهجها الاتحاد، مؤكداً متانة العلاقات المغربية – الاسبانية التي تشكل «حلقة الوصل القوية التي تجمع أوروبا وافريقيا». ورأت مصادر ديبلوماسية أن هذا التطور سيؤشر الى معاودة الاشتغال بالخطة الطموحة في الربط القاري بين أوروبا وافريقيا عبر مضيق جبل طارق، لا سيما أن منظومة الاتحاد من أجل المتوسط ستركز على الأبعاد الاقتصادية والتجارية للمشروع المهم. وتأتي هذه التطورات لتعزيز وضع المغرب على صعيد العلاقة مع بلدان حلف الناتو، كونه حظي في وقت سابق بصفة مراقب من خارج بلدان الحلف، بمبادرة من الرئيس الأميركي جورج بوش. وستبرز انعكاسات ذلك على صعيد تعزيز مجالات التعاون الأمني، خصوصاً في «الحرب على الإرهاب» والتصدي للهجرة غير الشرعية، إضافة الى البحث في وسائل استتباب الأمن والسلام والاستقرار في منطقة الشمال الافريقي. وكانت المبادرات التي أطلقها العاهل المغربي الملك محمد السادس لجهة المضي قدماً في طي ملفات انتهاكات حقوق الانسان والتصديق على مدونة الأسرة ومباشرة اصلاحات سياسية واقتصادية في مقدم العناصر المشجّعة لتحقيق هذا التطور. (المصدر: صحيفة ‘الحياة’ (يومية – لندن) الصادرة يوم 15 أكتوبر 2008)