الأحد، 9 مارس 2008

Home – Accueil

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2846 du 09.03.2008
 archives : www.tunisnews.net
 

 


الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين:حتى لا يصبح أشرف التونسي.. ضحية جديدة للإهمال ..! الرابطـة التونسيـة للدفـاع عن حقـوق الإنسـان فرع توزر ـ نفطة:  بــيــــان الرابطـة التونسيـة للدفـاع عن حقـوق الإنسـان فرع توزر ـ نفطة: بـــيــان صحيفة « الشرق » :وفد أمريكي يزور تونس لبحث اتفاق إطاري للتجارة والاستثمار صحيفة « الحياة »:موفد تونسي إلى أمير قطر وكالة الأنباء الإيرانية إرنا:رئيس جمعيه تونس للدراسات الدوليه: الحوار البناء له مردود ايجابي علي حسن سير العلاقات الدوليه صحيفة « الوطن »:دفاعا عن القطاع العام – دفاعا عن الوطن:ماذا ربحنا بتراجع دور القطاع العام؟ صحيفة « الوطن »:تفاعلا مع دعوة الحوار القومي :من أجل حوار جدّي فعّال ومنتج بين مكونات الطيف الوحدوي في تونس صحيفة « الوطن »: الحياة السياسية في تونس:بين الحركية و الركود…أي دور للأحزاب السياسية؟ مرسل الكسيبي: المشهد السياسي في تونس : مخاطر الانغلاق وترشحات الأزمة … عبدالسلام الككلي: المفاوضات في قطاع التعليم العالي – جلسات تفاوض أم جلسات استماع   ؟ محمد العروسي الهاني :الزكام أصاب حرية الرأي والتعبير السليم حسبنا الله ونعم الوكيل

الشروق: متابعات «الشروق»: حلم «التوحيد» يُراود القوميين من جديد

جريدة « الصباح »:التعددية السياسية في تونس… إلى أين؟:حوار مفتوح بين د. زهير المظفّر وعشرات من المستقلين والمعارضين والتجمعيين

جريدة « الصباح »:التعريب بين المسعدي ومزالي

برهان بسيس »:لفائدة حقوق الإنسان..

موقع الجزيرة.نت:مشاهد من صمود الغزاويين والتفافهم حول مقاومتهم

قدس برس:الحكومة الفلسطينية في غزة تثمن موقف ليبيا الرافض لإدانة المقاومة في مجلس الأمن

صحيفة « القدس العربي »:فوضي في الجامعات التركية بعد السماح بارتداء الحجاب

نور الدين العبيدي: منانة تقيم لطمية لشلومو بدل الحسين

عبدالباقي خليفة :تطبيقات الفيزياء والكيمياء وعلوم الاحياء … في الحروب أشد إرعابا

عبد اللطيف الفراتي: الانحسار

شمس الدين الكيلاني :الأفغاني وعبده بين مدرستي

زهرة مرعي: ام بي سي مشغولة بمشاعر الكلاب وإعلام عربي أكثر وقاحة من الإسرائيلي

صحيفة « الشرق » :رفض فلسطيني لحملة « فتح » ضد « الجزيرة »

موقع إسلام أونلاين.نت:مكناس المغربية.. تذوق زيت الزيتون بديلا للخمور


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)

 


أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين لا تزال معاناتهم وماساة عائلاتهم متواصلة بدون انقطاع منذ ما يقارب العقدين. نسأل الله لهم وللمئات من الشبان الذين اعتقلوا في العامين الماضيين ف رجا قريبا عاجلا- آمين  

21- رضا عيسى

22- الصادق العكاري

23- هشام بنور

24- منير غيث

25- بشير رمضان

16- وحيد السرايري

17-  بوراوي مخلوف

18- وصفي الزغلامي

19- عبدالباسط الصليعي

20- لطفي الداسي

11-  كمال الغضبان

12- منير الحناشي

13- بشير اللواتي

14-  محمد نجيب اللواتي

15- الشاذلي النقاش/.

6- منذر البجاوي

7- الياس بن رمضان

8- عبد النبي بن رابح

9- الهادي الغالي

10- حسين الغضبان

1- الصادق شورو

2- ابراهيم الدريدي

3- رضا البوكادي

4-نورالدين العرباوي

5- الكريم بعلوش


 
“ أطلقوا  سراح جميع المساجين السياسيين “   “الحرية للصحفي المنفي في وطنه عبدالله الزواري“ الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr   تونس في 09 مارس 2008

حتى لا يصبح أشرف التونسي..  ضحية جديدة للإهمال ..!

 
اتصلت بالجمعية السيدة رقية باللطيفة والدة السجين أشرف التونسي لتوجه نداء استغاثة بعد تدهور الحالة الصحية لابنها نتيجة امتناع إدارة سجن المرناقية عن معالجته و إصرارها على مواجهة كل مطالباته بالمعالجة ( على نفقته الخاصة إن اقتضى الأمر )  بالنقل التعسفية بين الغرف و الأجنحة بالسجن و بعقوبات السجن المضيق و الإهانات ، و إذ تطالب الجمعية بتمكين السجين أشرف التونسي  ، و غيره من المساجين ، من العلاج المناسب دون تأخير فإنها تحمل إدارة سجن المرناقية كامل المسؤولية عن تبعات الإهمال المتعمد و الإمتناع عن العلاج خاصة بعد تأكيد جهات رسمية توفر مصحة عصرية بها كافة التجهيزات الضرورية مما ينزع عن إدارة السجن وعلى رأسها مديره الرائد إبراهيم منصور..أي عذر..! عن لجنة متابعة أوضاع المساجين رئيس الجمعية الأستاذة سعيدة العكرمي

 
الرابطـة التونسيـة للدفـاع عن حقـوق الإنسـان فرع توزر ـ نفطة نفطة في : 09 مارس 2008  بـــــيــــــان
 
إن فرع توزر ـ نفطة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بعد زياراته المتعددة لعمال نزل الأفق الجميل بنفطة المعتصمين منذ 01 مارس 2008 داخل مقر عملهم تمسكا بحقهم في الشغل واحتجاجا على ما أقدمت عليه صاحبة الفندق من صد عن العمل تمثل في قطع الماء والكهرباء وإلغاء كل الحجزات المسبقة بهذا النزل وعلى سعي المسؤولة الأولى في هذه الوحدة السياحية  المحموم للتخلص من هؤلاء العمال ورميهم على قارعة الطريق بأقل التكاليف حيث وفي خطوة مفاجئة أحالت مؤسستها على التسوية القضائية متعللة بالمصاعب الاقتصادية التي تمر بها ـ وهي المتسببة فيها ـ وأمام هذا الوضع المأساوي الذي أصبح يعاني منه 41 عاملا وعاملة تصل أقدميه بعضهم إلى 15 سنة بنفس الوحدة السياحية فإن فرع توزر ـ نفطة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان 1.   يساند هؤلاء العمال في كل نضالاتهم الرامية إلى المحافظة على شغلهم مورد رزقهم وأساس استقرارهم المهني والنفساني والمادي . 2.   يدعو العرف إلى احترام حق الشغل وإلى تمكين عمال النزل من مستحقاتهم من حيث الأجور المتخلدة بذمته ( نصف جراية جانفي وجراية فيفري ) في أقرب وقت ممكن وإلى جدولة كل المنح غير المدفوعة منذ سنة 1999 بما يرضي طالبيها . 3.   يطالب السلطة المحلية والجهوية والوطنية بالتدخل السريع لتسوية هذه الوضعية المأساوية الشائكة قبل أن يزداد وضع العمال سوءا. عن فرع توزر ـ نفطة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان الرئيس


وفد أمريكي يزور تونس لبحث اتفاق إطاري للتجارة والاستثمار

 
تونس – يو بي أي – يزور تونس اليوم الأحد وفد أمريكي رفيع برئاسة شون دونالي مساعد وزير التجارة المكلف بأوروبا والشرق الأوسط،لاستكمال المفاوضات حول الاتفاق الإطاري للتجارة والاستثمار بين تونس وأمريكا. وقال روبار غواك سفير أمريكا لدى تونس في بيان وزعته السفارة الأمريكية بتونس امس السبت،إن الوفد الأمريكي يتألف أيضا من مندوبين عن وزارات الخارجية والزراعة والتجارة والمالية. وأوضح أن الوفد الأمريكي سيبدأ بعد غد الإثنين محادثات ومشاورات مع عدد من كبار المسؤولين التونسيين تستغرق يومين ضمن إطار الاجتماع الثالث لمجلس الاتفاق الإطاري للتجارة والاستثمار »تيفا » (TIFA) الذي تم بعثه عام 2002. ويهدف مجلس « تيفا » إلى الدفع بفرص التبادل التجاري والاستثمار من خلال إزالة العراقيل التي تعيق سيولة المبادلات بين الولايات المتحدة الأمريكية وتونس. وسيبحث الجانبان التونسي والأمريكي خلال هذه الاجتماعات مجالات التعاون المشترك بما في ذلك مسألة الملكية الفكرية،والاستثمار وفتح الأسواق والخدمات و دعم القدرات في مجال التجارة والمساعدة الفنية. وكانت العلاقات التونسية- الأمريكية شهدت خلال السنوات القليلة الماضية تطورا ملحوظا،عكسه ارتفاع حجم المبادلات التجارية بين البلدين ليصل خلال العام الماضي إلى 588 مليون دولار،وتطور حجم الاستثمارات الأمريكية في تونس الذي بلغ 600 مليون دولار. وينتظر أن تنطلق هذه الاجتماعات الثالثة بين الجانبين التونسي والأمريكي حول الاتفاق المذكور،من الأسس التي تم التوصل إليها خلال الاجتماع الثاني الذي عُقد في منتصف شهر يونيوحزيران من العام 2005 بواشنطن. وكان الاجتماع الأول حول الاتفاق الإطاري للتجارة والاستثمار بين تونس والولايات المتحدة قد تم خلال شهر أكتوبر تشرين الأول من عام 2003 بتونس. وتعتبر اتفاقيات الإطار بمثابة اتفاقيات مختصرة يتم بموجبها تشكيل لجان من الدولتين تحدد الفرص المتوافرة للتجارة والاستثمار والعوائق التي تقف في طريقهما. وتتيح هذه الاتفاقيات إجراء حوار مكثف حول السياسات المتعلقة بالتجارة والاستثمار،كما تتيح مناقشة الكيفية التي يمكن من خلالها التقدم في الحوار الثنائي إلى وضع يدفع باتجاه التوصل إلى اتفاقية تجارة حرة ثنائية. ودخلت الإدارة الأمريكية منذ سنوات عديدة في مفاوضات مكثفة مع عدد من الدول العربية بهدف للتوصل إلى اتفاقيات تجارة ثنائية، والربط بينها بحيث تتحول المنطقة العربية إلى منطقة تجارة حرة بحلول العام 2013 . وعقدت أمريكا حتى الآن اتفاقيات تبادل حر مع 14 دولة منها 4 دول عربية هي المغرب و الأردن والبحرين وعُمان، كما أنها تتفاوض حاليا مع الإمارات العربية للتوقيع على اتفاقية مماثلة.   (المصدر: صحيفة « الشرق » (يومية – قطر) الصادرة يوم 9 مارس 2008)


شهر ربيع الأول يعلم مفتي الجمهورية التونسية أن يوم أمس السبت 08 مارس 2008 هو تمام الثلاثين لشهر صفر 1429هـ لذا فإن اليوم الاحد 09 مارس 2008 هو الفاتح من شهر ربيع الاول 1429هـ.   تونس والولايات المتحدة:
اجتماع مجلس الاتفاق الاطاري للتجارة والاستثمار ينتظر زيارة وفد امريكي الى تونس بقيادة السفير شون دونالي مساعد وزير التجارة باوروبا والشرق الاوسط ويشمل ممثلين عن وزارات الخارجية والفلاحة والتجارة والمالية. وسيعقد مسؤولو البلدين مباحثات في تونس يومي العاشر والحادي عشر من مارس 2008 في الاجتماع الثالث لمجلس الاتفاق الاطاري للتجارة والاستثمار (TIFA) الذي تم بعثه سنة 2002. ويمثل مجلس «تيفا» فضاء للحوار الرفيع المستوى يهدف الى الدفع بفرص التبادل التجاري والاستثمار من خلال ازالة  العراقيل التي تعيق سيولة المبادلات بين الولايات المتحدة الامريكية وتونس. وسيتباحث وفدا البلدين خلال الاجتماعات حول مجالات التعاون المشترك بما في ذلك مسألة الملكية العقارية، والاستثمار، وفتح الاسواق، والخدمات وكذلك دعم القدرات في مجال التجارة والمساعدة الفنية.   المؤسسات الصناعية الكبرى والافراق   بادرت بعض المؤسسات الصناعية الكبرى مثل ستاغ وصوناد وديوان التطهير والشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق وغيرها باعتماد صيغ الافراق لبعث المزيد من المؤسسات في اطار الخطة الوطنية لبعث المؤسسات الصغرى والمتوسطة. وباعتبار ان برنامج بعث المؤسسات وطني وله اهداف كبرى في مجال التنمية والتشغيل كان لابد للقطاع الخاص من الانخراط في هذا البرنامج ودعمه، خاصة ان هناك عديد المؤسسات الصناعية الكبرى الخاصة بامكانها الدخول في برنامج الافراق الذي يمكنه ان يعود عليها بالنفع في جملة من مجالات نشاطاتها التي قد تمثل عبئا عليها، ويمكن ان تتولاه مؤسسات صغرى تنبثق عنها وتبقى تدور في ركاب نشاطاتها.   (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 9 مارس 2008)


موفد تونسي إلى أمير قطر

 
تونس – الحياة   وصل وزير العدل وحقوق الإنسان التونسي بشير التكاري إلى الدوحة أمس حاملاً رسالة خطية من الرئيس زين العابدين بن علي إلى أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني. ولم تكشف وكالة الأنباء التونسية التي بثت الخبر مضمون الرسالة، إلا أن مصادر مطلعة أكدت أنها تتعلق بمستقبل العلاقات الثنائية والمسائل المدرجة على جدول أعمال القمة العربية المقررة أواخر الشهر في دمشق.   والتكاري هو ثالث موفد شخصي من الرئيس التونسي إلى أمير قطر بعد وزير الخارجية عبدالوهاب عبدالله ومدير الديوان الرئاسي أحمد عياض الودرني، منذ غلق السفارة التونسية في قطر عام 2006.   وربط مراقبون بين إرسال موفدين خاصين إلى الدوحة واستمرار قناة «الجزيرة» ببث أخبار عما اعتبره ناشطون تونسيون «اعتداءات على حقوق الإنسان» في بلدهم. وكانت تونس استدعت سفيرها لدى قطر محمد سعد ثم أعلنت في 25 تشرين الأول (أكتوبر) 2006 غلق سفارتها في الدوحة معتبرة أن تغطية «الجزيرة» للأحداث السياسية في تونس «تجاوزت حرية التعبير بفتح المجال للتحريض على أعمال الشغب والنداء للفتنة بما يتناقض مع الأعراف والمواثيق الدولية وقواعد التعامل بين الدول».   وكان وزير الخارجية التونسي عبدالوهاب عبدالله أعلن خلال مناقشة موازنة الوزارة في مجلس النواب العام الماضي، حصول تطورات إيجابية على صعيد التمثيل الديبلوماسي بين البلدين قريباً، وأكد أن العلاقات بينهما لم تنقطع، مُعتبراً أن «كل ما في الأمر أنه تم تعليق نشاط السفارة التونسية في الدوحة وأن سفير قطر لدى تونس ما زال موجوداً بيننا». لكن السفارة التونسية في الدوحة لم تعاود فتح أبوابها واستمرت السفارة التونسية في البحرين قائمة على شؤون الجالية التونسية في قطر.   (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 9 مارس 2008)


رئيس جمعيه تونس للدراسات الدوليه:

الحوار البناء له مردود ايجابي علي حسن سير العلاقات الدوليه

 
طهران / ‪ ۹آذار / مارس/ ارنا   قال رئيس جمعيه تونس للدراسات الدوليه خالد بوزگنده ان الحوار البناء له مردود ايجابي علي حسن سير العلاقات الدوليه . واضاف في مقابله مع ارنا علي هامش الندوه الدوليه لبرنامج وانشطه ايران النوويه التي تعقد في طهران اننا ندعو كافه الاطراف المعنيه الي اجراء مثل هذا الحوار لتذليل العقبات في اطار القانون . واكد ان جمعيته تولي اهميه بالغه لمثل هذه اللقاء‌ات وقال ان ايران تسعي دوما لكسب ثقه الآخرين من خلال الحوار والتعاون البناء والمثمر وكشف الملابسات . واعرب عن تقديره للقائمين علي مركز الدراسات السياسيه والدوليه التابعه لوزاره الخارجيه في الجمهوريه الاسلاميه الايرانيه لعقدهم مثل هذه الندوه قائلا ان هذا الاجتماع يندرج في اطار التعاون المثمر بين الموسستين الايرانيه والتونسيه للبحث في البرنامج والنشاط النووي السلمي الايراني . وقال بوزگنده ان الجمعيه التونسيه للدارسات الدوليه تولي اهتماما بالغا الي عقد مثل هذه اللقاء‌ات لما لها من مردود ايجابي علي القاء المزيد من الاضواء علي هذه المسائل نظرا الي الانعكاسات الايجابيه وعلي رفع كل الالتباسات التي قد تحصل وتذليل الصعوبات الناتجه عنها من خلال الحوار في اطار قانوني ودولي . واشار الي تصريحات وزير الخارجيه منوجهر متكي وقال ان تصريحات الوزير تدل علي مواصله الحوار البناء داخل المجتمع الدولي لتذليل الصعوبات للوصول الي نتائج ايچابيه تحافظ علي سير العلاقات الدوليه . واوضح ان التونسيين تربطهم علاقه صداقه واخوه مع الايرانيين وان تونس تدعم كل ما هو يخضع للشرعيه الدوليه وتشجع تبادل الآراء بين الاطراف الدوليه.   (المصدر: وكالة الأنباء الإيرانية إرنا بتاريخ 9 مارس 2008)


  

الدول العربية تنتج 146 مليون زجاجة خمر سنويا

 
تنتج الدول العربية سنويا 1،3 مليون هكتوليتر من الخمور، وهو ما يقابل 146 مليون زجاجة، واما رقم الاعمال الذي يقابل هذا الانتاج، فيقارب 220 مليون يورو، فيما تشغل مصانع الخمور المنتشرة في البلاد العربية 50 الف عامل. وتنتج تونس النسبة الكبرى، ذلك ان مناخ هذا البلد مناسب لزراعة العنب الموجه لتصنيع الخمور، وعلى الخصوص في مدينة قرطاج، التي كانت تعتبر سيدة الزراعة التونسية في القرن الثامن قبل ميلاد المسيح. واليوم تعمل قرطاج على تنفيذ برنامج لتأهيل بنيتها التحتية بعدما حصلت على شهادة ايزو 9001 ــ 2000، وهو ما جعل خمورها محل طلب الدول الاوروبية.   (المصدر: صحيفة « القبس » (يومية – الكويت) الصادرة يوم 9 مارس 2008)


 

دفاعا عن القطاع العام – دفاعا عن الوطن:

ماذا ربحنا بتراجع دور القطاع العام؟

محمد مسيليني

مرة أخرى نعود للحديث عن القطاع العام ودوره الريادي كقاطرة للتنمية تنعدم في غيابه الحلول الإستراتيجية للتنمية المستقلة والمستديمة وآليات مواجهة حاجيات المجتمع المتطورة والمتجددة مع الحفاظ على الاستقرار والسلم والعدالة الاجتماعية.

إننا وكل شعوب العالم والدول النامية نواجه معركة مصيرية مع الرأسمالية الجشعة والعولمة المتوحشة والاستعمار الجديد في سبيل التنمية المستقلة والحفاظ على مكتسبات الشعوب وخاصة الضعيفة منها

.

لذلك فان دفاعنا عن القطاع العام هو في جوهره دفاع عن الوطن.

القطاع العام ومؤسساته العتيدة هو الذي بنى تونس وكل الأقطار العربية منذ بداية الاستقلال السياسي: 

1)

انتشر التعليم (المجاني) في كل مراحله وشمل كل المناطق فارتفعت نسب التمدرس وتراجعت الأمية البدائية المرتبطة بالقراءة والكتابة ومكن العديد من البلاد من ضمنها تونس من كوادر وإطارات عليا ومتوسطة تساهم كل من موقعه في التنمية.

لم يكن التعليم العمومي يفرق بين الطبقات وشمل كل التلاميذ في سن المدرسة إلى غاية المرحلة الجامعية. ولعل أبناء الشرائح الميسورة والأغنياء كانوا أكثر استفادة من غيرهم من التعليم العمومي المجاني لأنه مكنهم قبل غيرهم من فرص التعليم والتحصيل في الداخل والخارج. وإن العديد من الذين يتصدرون الآن مناصب عليا في الدولة أو من الذين يدافعون بشراسة عن المبادرة الخاصة واقتصاد السوق ما كان لهم أن يتعلموا لولا القطاع العام.

إن شباب اليوم هم بالضرورة قادة المستقيل وخياره الاستراتيجي فلا يعقل أن يكون مستقبل البلاد والوطن   ومقدراته  وهويته بين أيدي غير متعلمة تعليما جيدا وغير متشبعة بالوطنية والانتماء.

2)

القطاع العام نشر مراكز الصحة بدءا بالصحة الأساسية وانتهاء بالمستشفيات الجامعية ومراكز الاستشفاء العمومي رغم كل هناتها ما كانت لتحافظ على صحة المواطن وسلامته من العديد من الأوبئة والأمراض لولا القطاع العام.

قد تكون خدمات القطاع العام متواضعة أو حتى متدنية في بعض الأحيان ولا ترضي المواطن ولكنها مرتبطة بما يتوفر من إمكانيات وهي تبقى دائما ضمانة لصحة المواطن التي مثلها مثل التعليم لا يصح إطلاقا أن تكون مجال وميدان للممارسات التجارية والربحية التي يمارسها القطاع الخاص بغض النظر عن أخلاقيات القائمين عليه.

هل يتحمل القطاع الخاص حملات التلقيح والعيادات في القرى و الأرياف و التخوم؟ هل يستطيع المواطن في الأحياء الشعبية والقرى والأرياف تحمل النفقات الصحية من الألف إلى الياء بأسعار القطاع الخاص؟

إننا أمام استحقاق لا مفر منه يتمثل في تطوير قطاع الصحة العمومية من كل الجوانب واعتبار القطاع الخاص في هذا المجال متمما ومساندا له لا بديلا عنه. إن الاستمرار في غض الطرف عن تدهور الخدمات الصحية العمومية ، يمثل خيارا خطيرا على مستقبل الطبقات الضعيفة والوسطى.

3)

لقد مكن القطاع العمومي من تطوير البنية الأساسية ومسالك فلاحية وجسور ومحولات وسدود.

كما انه أوصل خدمات الكهرباء والماء الصالح للشراب والنقل والبريد إلى أعلى المناطق فتطورت حياة الناس وتحسن مستوى العيش.

كل هذا ما كان له أن يكون لوترك الأمر للقطاع الخاص لأنه لا يهمه إشباع حاجيات المجتمع المتجددة في غياب الربح والمردود المادي من وراء العملية.

قد تكون الخدمات متواضعة أو حتى متدنية وقد تكون بمقابل رمزي أو يراه المواطن مرتفعا ولكن لا مجال لمقارنته بفاتورة القطاع الخاص.

القطاع العام ملك للمجموعة الوطنية تموله من خلال ما توفره من ضرائب واداءات وما تتلقاه من مساعدات وهبات وما تتحمله من ديون وقروض. لذلك نطالبه بتطوير الخدمات والحفاظ على أسعارها في مستوى قدرتها الشرائية.

ليست الشرائح والطبقات الوسطى والفقيرة وحدها المستفيدة من القطاع العام بكل جوانبه وإنجازاته بل إن الفائدة تشمل كل الشرائح بما فيها المستثمرون. فهل كان ممكنا الاستثمار في الصناعة والفلاحة والنقل والخدمات بدون بنية تحتية وخدمات ضرورية من كهرباء وغاز وتطهير ونقل واتصالات وفرها القطاع العام.

إن الحفاظ على القطاع العام والسياسة الحمائية للاقتصاد الوطني ليست في خدمة الطبقات الضعيفة والمتوسطة فحسب بل إن أغنياء القوم وأصحاب المؤسسات والمشاريع أكثر استفادة من غيرهم لان الانفتاح والانصهار في الدورة الاقتصادية العالمية لا يترك لهم حظوظا كبرى في الاستمرار. إنهم ببساطة كالأسماك الصغيرة التي تحاول دون جدوى الإفلات من الحيتان الكبيرة التي تجوب البحار وتترصد فرائسها من البحر ومن الكائنات الصغيرة.

إن المشكلة  الأساسية والرئيسة التي دفعت إلى الانخراط في اقتصاد السوق واللهث المحموم وراء الدورة الاقتصادية العالمية هي بالتأكيد  مشكلة تفاقم البطالة.

إن انعدام حلول جدية ودائمة لمشكلة التشغيل بما في ذلك تشغيل خريجي الجامعات وحاملي الشهائد العليا يعود إلى ثلاثة أسباب مركزية:

1 –

الخيارات الاقتصادية المعتمدة والمتمثلة في تخلي الدولة عن خيار القطاع العام ودوره الاقتصادي مما أثر على قدرته التشغيلية ومساهمته في التشغيل.

لذلك لابد من إصلاحه وليس التفويت فيه ليستعيد دوره التنموي والاجتماعي.

2-

كل الحوافز والتشجيعات التي وضعت لم تمكن من دفع عجلة خلق المؤسسات بالمستوى والعدد الذي يمكن من التحكم في أزمة التشغيل وذلك لأسباب عديدة منها ضعف رأس المال الداخلي وضيق السوق واشتداد المنافسة على المستوى الدولي وغياب خيارات التنسيق والعمل المشترك في المستوى الإقليمي وانعدام سوق عربية ومغاربية.

3-

الاستثمارات الأجنبية التي تنتصب في تونس في شكل مؤسسات جديدة أو من خلال عملية الخوصصة ليست ذات تشغيلية عالية. بل يمكن القول إنها لا تعتمد كثيرا على القدرات التونسية خاصة في مستوى التسيير والإدارة والهندسة. فإذا استثنينا وحدات النسيج وغيرها التي انتصبت وفق قانون 72 و74 الشهيرين والتي ساهمت في تشغيل يد عاملة في الغالب غير مختصة ورخيصة الثمن،فان بقية المؤسسات تكاد تمر مر الكرام  على هذا الجانب.

إننا لسنا بصدد رمي الورود للحكومة والحكومات المتعاقبة على ما أنجز سابقا في القطاع العام ولكننا أمام خيار وحيد هو الدفاع على القطاع العام ووطنية الاقتصاد مع التوجه جنوبا لخلق تكتلات يمكن أن تصمد أمام العاصفة. انه الخيار الوحيد المتبقي أمام الشعوب الضعيفة والدول النامية. أما سياسة الهروب إلى الأمام المعتمدة حاليا فهي محفوفة بكل المخاطر.

يقولون إن القطاع العام يمثل ثقلا على الدولة ونؤكد مرة أخرى أن المشكلة ليست فيه ولكن في طرق تسييره والتصرف فيه وكذلك في بعض الأحيان في تشجيع المبادرة الخاصة على حسابه.

عندما يتوقف التفكير في القطاع العام على انه « رزق باليك » من طرف الحكومة والإدارة والمواطن يومها فقط يمكن إصلاح وضعه ومساعدته على اخذ مكانه الريادي والطبيعي.

تلجا الحكومة للاستفتاء أو الاستشارة عندما يتعلق الأمر ببعض بنود الدستور لأنه القانون الذي ينظم حياة الناس في المجتمع ولكنها تتصرف في القطاع العام الذي هو ملك للمجتمع والمجموعة الوطنية بدون الرجوع إليه وتكتفي بالاعتماد فقط على نصائح بعض المؤسسات المالية الدولية. أليس هذا تجاوزا للقانون ؟ أليس من حق المالك أن يمنع المتصرف من اتخاذ القرارات الإستراتيجية المتعلقة بالمملوك في غيابه.

(المصدر: صحيفة « الوطن » (لسان حال الإتحاد الديمقراطي الوحدوي) العدد 25 بتاريخ 7 مارس 2008)


تفاعلا مع دعوة الحوار القومي :

من أجل حوار جدّي فعّال ومنتج بين مكونات الطيف الوحدوي في تونس

محمد الأمين

على مدى الأعداد السابقة لجريدة الوطن استرعت انتباهي دعوات للحوار بين ما أسمته المقالات « الوحدويين في تونس » وذلك من أجل تجاوز الغياب الشبه التام لهذا المكون عن الساحة السياسية للقطر إلا ما تعبر عنه بعض الومضات من بيانات موسمية أو بعض الجهود للاتحاد الديمقراطي الوحدوي

.

لقد  بدت لي هذه الدعوات خجولة ثم ما لبثت أن أصبحت ملحة منبأة بـ:

ضرورة قصوى لهذا الحوار وذلك من أجل خلق ديناميكية فعالة لهذه الشريحة من المناضلين والتي من المفروض أن تكون الأكثر تعبيرا عن هموم المجتمع والأمة.

وجود حركية ما داخل الإتحاد الديمقراطي الوحدوي و ربما خارجه آلت على نفسها المبادرة لدعوة الوحدويين للتلاقي والحوار .

وفي قراءة أولى يمكن أن نلاحظ أن هذه الدعوات قد جاءت والساحة التونسية تتميز بـ:

1.

ضعف الحركية السياسية للوحدويين وعدم تمكنهم من الترويج سلميا و بصفة سياسية لمشروعهم المجتمعي و إقناع الجماهير بجدواه.

2.

انسداد الآفاق التقليدية للتحرك على المستويين النقابي و الشبابي.

3.

التكتلات السياسية الواضحة التي أصبحت تسود الحياة السياسية والمتميزة حاليا بالتشكل لأقطاب واضحة المعالم وهي:

القطب الليبرالي الذي يقوده التجمع الدستوري الديمقراطي وينتمي إليه على الأقل كل الأحزاب التي تعلن الالتقاء معه على ذات الأرضية الليبرالية

القطب اليساري والذي يتجاذبه كل من حزبي التجديد والتقدمي و ينتمي إليه مجموعة من الأحزاب اليسارية الغير معترف بها.

القطب ألإخواني المتحالف تكتيكيا مع مجموعات متناقضة فكريا والذي يجاهد بكل الطرق-بما فيها استعمال التودد للسلطة والورقات الأجنبية- لإيجاد موطئ قدم في الساحة السياسية العلنية

4.

غياب قطب وحدوي جاد وذلك لأسباب ذاتية وموضوعية يطول شرحها ويمكن لمثل هذا الحوار فك رموزها.

5.

انتفاء المزايدات التي اعتمدها البعض حيث انخرط الجميع بصفة فعلية ومخالفة لكل ما يقال هنا وهناك من مقارعة للسلطة في العملية التعددية و في التحاليل والمواقف الواقعية ولعل ما جرى و يجري في ساحات مثل المحامين أو الاتحاد العام التونسي للشغل من تماهي مع الواقع إلا الدليل الأكبر على هذا الانخراط .

6.

الجهود الجبارة التي يعمل عليها المناضلون داخل الوحدوي من أجل التمايز مع أركان الحكم دون التنصل من بنود الميثاق الوطني الموافق عليه منذ ما يربو عن العشرين عاما.

وفي هذا الإطار ولأن قدر « التيار القومي التقدمي في تونس » منذ نشأته في منتصف السبعينات سواء عبر أداته الطلابية « الطلبة العرب التقدميون الوحدويون » أو تشكيلاته النقابية المناضلة صلب الاتحاد العام التونسي للشغل وأخيرا عبر مثقفيه و مبدعيه- كان دوما هو صاحب:

الاستشعار الآني للمخاطر التي تحدق بالقطر والأمة وبالأولويات النضالية.

القراءة السياسية الصحيحة للواقعين القطري و القومي المتمثلين حاليا بالهجمة الشرسة لقوى الرجعية والإقليمية والصهيونية والامبريالية وإنما كذلك بظواهر تنبأ بكل الشرور وهي ظواهر الطائفية العفنة والخيانات العقائدية والمصلحية التي أدت إلى ما أدت إليه من استعانة فاضحة بالاستعمار في العراق وإلى تهرئة المد النضالي في فلسطين الحبيبة و إلى الاستنجاد بالغريب عن الأمة سواء كان بعيدا متنمرا أو جارا متربصا

التشخيص الدقيق لحالة التخلف الخطيرة التي يعيشها شعبنا العربي في جميع أقطاره من حيث القدرات الإنتاجية والاقتصادية والابتكارية وذلك في العلاقة مع ميادين الخلق والإبداع والبحث العلمي خاصة التكنولوجي منه.

الانتباه الجيد لما آلت عليه مقومات الأمة من محاولات مسخ لهويتها العربية الإسلامية وانحدار مخيف لمكانة اللغة العربية قطريا و قوميا و عالميا خاصة لجهة مساهمتها إنسانيا في نقل العلوم والتكنولوجيا.

التعرف على مكامن الضعف المؤدية لهذه الحالة المزرية و المتمثلة أساسا في عدم وجود الديمقراطية الحقيقية والحكم الرشيد و التوزيع العادل للثروة والمشاركة في السلطة ووجود الرجل المناسب في المكان المناسب وأخيرا غياب أي تكامل وحدوي اللهم إلا في المجالات الأمنية مما فوت على أجيال إمكانية الدخول في القرن الواحد والعشرين والفعل فيه.

فانه و مساهمة منه- من جديد – في رفع تحدي العمل العلني دون تخل عن الثوابت و اقتناعا منه بضرورة إيجاد القطب الوحدوي في تونس وذلك بتجميع جل القدرات و الكفاءات الوحدوية المناضلة والصادقة يرى أن هذا الحوار لن يكون مجديا إلا إذا استجاب لبعض النقاط الجوهرية:

1.

أن يشمل الحوار الغالبية العظمى من المنتمين فكريا أو فعليا إلى التيار الوحدوي وأن يبذل في ذلك الجهد الأقصى بصفة مباشرة و إعلاميا من خلال جريدة الوطن والندوات.

2.

أن تكون ركيزة هذا الحوار الاحترام المتبادل على قاعدة أن الوحدويين-كل الوحدويين-يقودون ولا يقادون ويتحالفون ولا يذوبون.

3.

أن تشطب جميع محاولات أو حتى عبارات الإلغاء سواء للذات أو للتاريخ.

4.

أن يكون الهدف الرئيسي للحوار هو إيجاد قطب وحدوي عصري و ذو فاعلية حقيقية على الساحتين القطرية والقومية.

5.

العمل على إيجاد آلية واضحة للحوار ترعاه وتطوره.

(المصدر: صحيفة « الوطن » (لسان حال الإتحاد الديمقراطي الوحدوي) العدد 25 بتاريخ 7 مارس 2008)


                                                                                        الحياة السياسية في تونس

بين الحركية و الركود…أي دور للأحزاب السياسية؟

اعداد: نورالدين المباركي

تونس/ الوطن

يعرف المشهد السياسي في تونس حراكا حقيقيا تساهم فيه كافة الأحزاب السياسية كلّ من موقعه وكل حسب قراءته للوضع السياسي… ومع ذلك ثمة من مازال يعتبر « أنّ الركود هو الميزة الأساسية للمشهد السياسي في تونس » وأنّ أداء الأحزاب السياسية في تونس « مازال لم يرتق إلى مستوى الفعل المؤثر« .

ويعتبر هؤلاء أنّ ملامح الحراك السياسي التي بدأت تظهر منذ مدة مردّها المحطات الانتخابية المقبلة.

« الوطن » طرحت وجهة النظر هذه على عدد من الناشطين السياسيين والإعلاميين وهم السادة:

المنصف الشابي (عضو المكتب السياسي للاتحاد الديمقراطي الوحدوي) وصالح عطية (كاتب وصحفي) وعبد الحميد المصباح (ناشط سياسي) والمنصف الشريقي (ناشط سياسي وحقوقي).

وكان من المفروض أن يشارك في هذا الملف السيد محمد القوماني (الحزب الديمقراطي التقدمي) والسيد حسين الماجري (عضو المكتب السياسي لحركة الديمقراطيين الاشتراكيين) لكنهما اعتذرا في آخر لحظة لأسباب موضوعية.

المنصف الشابي (عضو المكتب السياسي للاتحاد الديمقراطي الوحدوي)

السياسات الدعائية عاجزة على الارتقاء إلى أفق المطلب الوطني

قبل الخوض في توصيف المشهد السياسي التونسي الراهن أريد تقديم بعض الملاحظات العامة حول سير الحياة السياسية في بلادنا.

الملاحظة الأولى تتعلق بما يعتري صورة الساحة من تشويش يمنح حصر التموقعات الحقيقية للقوى السياسية وتحديد أحجامها بدقة واستقراء التفاعلات المحتملة في أفق الاستفهامات القادمة. وهذا التشويش يقوم أولا وبالذات على السياسيات الدعائية التي عادة ما تميل إلى المبالغة في التقييمات الذاتية وكذلك إلى المبالغة في تقييم الخصوم وتأسست على هذه الظاهرة ثقافة حزبية راسخة في الأنانية والنرجسية وعاجزة تماما رغم بعض مظاهر التلاقي على الارتقاء إلى أفق المطلب الوطني والمصلحة الوطنية وهذا الكلام يسري على الجميع دون استثناء وهو يتجسد بصورة واضحة في الخطاب السياسي لهذه القوى. فالحزب الحاكم مازالت أطرافه مترددة بين الانسجام مع خطابه الرسمي الداعي إلى التعددية باعتبارها إحدى آليات النهوض بالساحة السياسية وجعلها عنصرا فاعلا في أفق البناء الوطني وبين التشبث بنزعة الهيمنة على الحياة وتوظيف جميع الوسائل الرسمية والشعبية لغرض منع أي تغير في علاقة القوى داخل الساحة السياسية أو أي تطور قد يفضي إلى فرضية التداول على السلطة.

وللحقيقة يجب أن نقول بأن تطوير حزب بحجم التجمع الدستوري الديمقراطي يتطلب جهدا أو وقتا كبيرين وإن ذلك التطوير بحد ذاته أمر ضروري وأن السنوات الأخيرة شهدت استقطابا واضحا للقوى التي يحتوي عليها هذا الحزب مالت فيه كفة القوى الإصلاحية إلى انتصار على قوى الجذب إلى الخلف وهي مسألة محددة لمستقبل بلادنا وهناك إمكانية جدية لتسريع هذه التحولات الإيجابية التي تجعل من هذا الحزب طرفا سياسيا في التفاعلات الضرورية والممكنة للساحة السياسية التونسية.

أما مصدر التشويش الثاني فهو في بعض القوى التي تمارس خطابا لا يتناسب تماما وأحجامها الحقيقية وتطرح لقواعدها ولعموم التونسيين أهدافا لا تمت للمرحلة بصلة عادة ما تكون مطبوعة بطابع الذاتية وشيء من قصر النظر والروح الحزبية الضيقة.

وهي في أغلب الأحيان مدارس متقاربة الرؤى والمشارب إلى حد يعيه لكنها ترفض لأسباب تاريخية وأخرى شخصية أحيانا أن توحد صفوفها أو أنها تفشل في ذلك. قد يعزي الفشل أحيانا إلى عوامل خارجية.

إن هذه العقلية التي سوف أتعمد الامتناع عن وصفها بأية أوصاف سلبية تمثل عائقا كبيرا في سبيل توحيد ما أمكن توحيده من قوى شعبية قد تمثل قطب تجميع وفعل حقيقي يمثل لتونس القوة البديلة في فرضية التداول على السلطة.

وبمعنى آخر فإذا كان هذا التداول لا يمثل اليوم احتمالا جديا فالمسؤولية في ذلك تعود لطرفين بشكل أساسي أولهما القوى المغالبة في صفوف الحزب الحاكم والقوى « المصعدة » في صفوف المعارضة الوطنية.

ونعود الآن إلى المشهد السياسي لنقول بأنه يزداد تعقدا يوما بعد يوم ويتكسر فيه أمل التجميع على صخور الذاتيات المؤمنة والتحريكات الداخلية والخارجية التي لا تنجو منها أية ساحة سياسية في العالم.

فالحزب الحاكم يمثل رسميا تسعة أعشار التمثيل الرسمي وهو في الحياة اليومية للمواطن يمثل أكثر من ذلك بكثير لأنه يسعى من خلال امتلاكها تملكه للآلة ووسائل الدولة وتقمصه دورها في جوانب لا تحصى من حياة المجتمع إلى التأكيد أن لا أحد يقدر على القيام بهذه الأدوار سواه وهو ما يتنافى مع كل مذاهب التعددية والديمقراطية التين أصبحتا شعاره الرئيسي منذ تحول السابع من نوفمبر. وقد رفضت دوائره القيادية حتى اليوم ولأسباب معلومة جميع مبادرات الحوار من أجل التوصل إلى صيغ تعايش ومشاركة حقيقية في القرار والتسيير على نطاق وطني. أما الاستشارات التي تنظمها السلطة فهي تبدو أحيانا وكأنها مزعجة لبعض دوائر الحزب الحاكم لأنها تفتح الطريق لمشاركة أكبر لقوى المعارضة الوطنية في تسيير الشأن العام ويحدوني أمل كبير بأن ينعكس تغلب قوى الإصلاح على القوى المحافظة داخل الحزب الحاكم إيجابا على المشهد السياسي بالتوصل إلى صيغ حوارية تستند إلى العقل وإلى قوة الاقتراح أكثر من إسنادها إلى قوة العدد.

وفي جانب المعارضة هناك قوى جدية تعمل جاهدة على وضع مخططات ورؤى وطنية ناتجة عن قرارات عميقة للمتغيرات الدولية ولتطورات المحيط العربي والإسلامي والإفريقي وغيرها وهي تصيغ جميع مقترحاتها بوضوح كامل في وثائق وكتب وصحف لا ينكر أهميتها إلا المعتمدون رفض الحقيقة والخائفون من التطورات التي تنتظر بلادنا وتنتظرها بلادنا.

فكيف ينفي العاقل أن حركة الديمقراطيين الاشتراكيين وحزب الوحدة الشعبية وحركة التجديد والاتحاد الديمقراطي الوحدوي على سبيل المثال لا الحصر كلها قوى لا تملك بدائل ولا تقدر على تقديم الاقتراحات الوجيهة ولا تقوى على التعبئة الواسعة ومخاطبة الشعب التونسي بما يتوافق مع طموحاته الشرعية وأحلامه أو أن تتحمل مسؤولية المشاركة الفعلية في القرار الرسمي في أفق إصلاحي ضيعه ثلاثين سنة من نشأة بعض هذه الأحزاب تأسست نخبة سياسية جديدة معارضة ووطنية عريقة في التجربة والاقتدار لا يحق لأي كان أن يشكك في مصداقيتها أو أن يدعي بأنها عقيمة أو أن ينعتها بما تتلفظ به بعض رموز المشهد السياسي الوطني من الفاظ ونعوت مشينة إزاءها وقد أثبتت المناسبات الانتخابية الماضية حسن بصيرة قيادات هذه الأحزاب فاحتلت جزءا مما تستحق مجالس التمثيل الشعبي وهي اليوم تخوض معركة إعلاء صروحها وبنائها بوسائل متواضعة وهناك أيضا بعض القوى التي لا تفصلنا عنها سوى مسافات قصيرة في فهم القضايا الجوهرية كالالتزام الوطني والاختيار القومي وحتى الوحدوي. والأهداف السياسية المبنية على المطلب الديمقراطي والاجتماعية المطالبة بالتوزيع العادل لثمار الجهد الوطني والثروة الوطنية.

ونحن من  جانبنا نفضل النظر إلى الساحة الشائعة التي تجمعنا وهذه القوى بالرغم من أنها تصر على التمسك ببعض نقاط الاختلاف والمبالغة في إبرازها منحا لسبل الحوار. فهذه القوى اختارت تكتيكا  آخر للوضع القائم فأعلنت المواجهة. نافية عن النظام القائم وعلى الحزب الحاكم أية توجهات إصلاحية ورافضة الاعتراف بما تم إنجازه في بلادنا من إصلاحات عميقة استهدفت البنى والعقليات والثقافات مقدمة صورة سوداء عما نعيشه مستندة إلى بعض البؤر الراسبة من الماضي البائد وحالمة بوتائر نمو لا يقوى عليها سيرنا بحكم الجغرافيا والتاريخ وضعف الوسائل وإذا شاركناها الرأي بأن أخطاء عديدة ارتكبت فإن الوقت قد حان لأن تنظر بجد إلى ما تحقق ونبحث عن سبل اللحاق بالركب وهو يسير لا أن نمعن في الخطأ والشتيمة لأن ذلك لن يحل مشاكلها ولن يعوضها عن شيء مما خسرته من وقت ومن فرص حضور ومساهمة حقيقية في صناعة المشهد الوطني التونسي ولا أستثني هنا القوى التي لم تتحصل على تأشيرة العمل القانوني فرغم اعترافي لها بأدوارها التاريخية والحالية ورغم اعتقادي أن لها الحق بأن تعمل في إطار القانون وبكل أريحية إلا أنني لا أعتقد أنها ستضيف شيئا كبيرا للمشهد السياسي الوطني إذا استثنينا مجموعة تونس الخضراء التي تحمل مشروعا حقيقيا حضاريا وسياسيا وبالمحصلة فإني أعتقد أننا نسير في اتجاه الاستحقاقات القادمة بصفوف متفرقة  وقد يكون ذلك مفيدا في المدى المتوسط كما أنه سوف يكون من المفيد جدا أن تعطي الفرصة للقوى المحرومة من تأشيرة العمل القانوني بأن تنزل بصورة فعلية إلى ساحات الصراع السياسي حتى نتبين حجمها الحقيقي وتحتل ما يحق لها أن تحتله مساحة في المشهد السياسي الوطني لا أن تكون حوانيت مغلقة لا يعلم محتواها إلا الله.

ولكن التمشي الوطني يفرض علينا جميعا أن يرتقي في هذا المشهد السياسي إلى توجيه قواه لأننا بلد صغير لا يتحمل تشتت القوى الفاعلة فيه ولا يتحمل تصور الصراعات إلى أبعد من حدود معلومة ومتحكم فيها بصورة واضحة وصارمة إن لزم الأمر لأن الانزلاق نحو المجهول والذي نلاحظ تطوراته الخطيرة في عديد الأقطار العربية هو أمر سهل أما الخروج منه إلى النور فهو ما لا يضمنه أحد وليس لبنان الشقيق وعراق الدماء والدموع وصومال التمزق والاندثار سوى أمثلة صارخة على ذلك.

بقي أن نقول إن مسألة اللجوء إلى شهادة الأجنبي على أوضاعنا الداخلية والاستناد إليه في مواجهة السلطة وفتح الأبواب أمامه ليكون حاضرا في أهم أحداثنا الوطنية فكلها مسائل مرفوضة ونحن نختار أن نرد عليها بالنصيحة لا بالتنديد والشتيمة يجب أن يتوقف العمل بهذه الأساليب وأن ننظر إلى بعضنا نضرة بناءة فإذا كنت اختلف عنك فخذ مني ما تراه صالحا وإذا كنت ترى أنني لا أصلح لشيء فلعل نظرك هو الذي يحتاج إلى الإصلاح والمراجعة. فأصلحه وراجعه اعتبارا بتجارب الأسبقين الآخرين وحتى الأجنبيين الذين أتقنوا فن التوحد وتخطي العقبات الذاتية.

أما النقطة الاخيرة التي أود الحديث عنها فهي تتعلق بالتيار الإسلامي وهو يطرح عندي إشكالا كبيرا جدا. فأنا مسلم والناس كلهم في بلدي مسلمون فما الذي يميز الغير عني في الدفاع عن الإسلام في بلد مرجعيته الإسلامية واضحة في قوانيينه وفي حياته اليومية وحتى في هندسته المعمارية أم أن البعض يريدون استمالة العواطف سبيلا لاعتلاء سدة الحكم.

إني لا أمانع من أن يشمل الحوار الوطني من يمثلون هذا التيار حتى لا يشعروا بالغبن ولا يتمترسوا في قناعات   وأساليب عمل لا تمت بشيء إلى المصلحة الوطنية ولكنني قلت في أكثر من مناسبة وأعيد القول أن لهذا الحوار شروطا أولها أن تكون أوراقه مكشوفة وأن يكون الالتزام بنتائجه كاملا وليعلم من أراد ذلك إننا لا نتأخر في أحزابنا وفي اجتماعاتها ومؤتمراتها وعلى أعمدة صحفها عن واجب الدفاع عن الدين الإسلامي الحنيف أيمانا واختيارا لا قصرا وعنوة كما تفرض الديانات والمظاهر الدينية في ما يحيط بنا من عوالم عصيبة ومتقلبة.

تلك هي بعض ملاحظات الشريعة حول توظيف المشهد السياسي في تونس وبعض الآراء الخاصة بآداء القوى السياسية (وليس الأحزاب) اعتقادا منا بأن القراءة العامة تهيئ لقراءات خصوصية ربما تتوفر لنا فرصة قادمة للخوض فيها.

صالح عطية (كاتب صحفي)

المشهد السياسي في حاجة إلى مزيد تفعيله

ليس بوسع أي مراقب نزيه للوضع السياسي، أن يتحدث عن وجود ركود سياسي في البلاد، على العكس من ذلك تماما، ثمة حراك واضح، يطفو حينا ويخبو حينا آخر، لكنه حراك موجود ولافت أيضا … الأمر يتوقف عند مفهوم  » الركود »، فإذا كنا نقصد بذلك وجود مأزق في العلاقة بين السلطة وأحزاب المعارضة، أو بعض مكونات الساحة السياسية، فهذا ما لا يمكن إنكاره، بل إن السمة المميزة للسنوات الثلاث الماضية، هي الركود في هذا الاتجاه نتيجة غياب أي علاقة أو أية آلية حوار جادة وفعالة بين السلطة والأحزاب السياسية المعترف بها، أما إذا كان المقصود بالركود عدم وجود أي نشاط أو فعل سياسي لأحزاب المعارضة، فهذا تقييم غير دقيق، فهناك فعاليات وحراك في جميع الأحزاب تقريبا، وإن بدرجات متفاوتة، فثمة اجتماعات وندوات وموائد مستديرة إلى جانب صدور بيانات ومواقف من قضايا وطنية وعربية ودولية، بل إن المشهد السياسي عرف خلال السنوات القليلة الماضية تشكل تحالفات هنا وهناك، ومشاورات ثنائية وثلاثية وفعاليات سياسية وفكرية مشتركة، وهو ما يعني أن موضوع الركود في المشهد السياسي، لا معنى له في هذا السياق.

الجدير بالذكر والمثير للانتباه في المشهد السياسي الوطني، هو حالة الاستقطاب الثنائي الموجودة بين الحزب الحاكم / السلطة، وتحالف 18 أكتوبر/ الحزب الديمقراطي التقدمي، وهو استقطاب زاد في إضعاف عدد من الأحزاب المكونة للمشهد السياسي، خصوصا تلك التي اصطبغت مواقفها بالتردد أو الديماغوجية السياسية أو الانتهازية، تحت عنوان جذاب : « الموالاة » … وهو وضع تسبب في نوع من الخلل في المشهد الحزبي، على الرغم من وجود بعض الأحزاب من خارج تحالف 18 أكتوبر، التي شكلت لنفسها خطابا مغايرا ومواقف جادة، أقرب للاعتدال والوسطية، منه لنوع من الاصطفاف خلف أحد طرفي الاستقطاب، أو ادعاء نوع من الحياد والاستقلالية المزعومة، ومن بين هذه الأحزاب على وجه التحديد، حركة الديمقراطيين الاشتراكيين والاتحاد الديمقراطي الوحدوي اللذين يعرفان نوعا من التمايز عن باقي الكائنات الحزبية الأخرى

من هنا، فالحديث عن الركود، يصبح حديثا بلا جدوى سياسية، اللهم إلا إذا كان المقصود، حصول شغب ومعارك وصراعات كدليل على عدم وجود ركود في حياتنا السياسية، وهذه – في الحقيقة – من الأمور التي لم تعد مؤشرا لوضع سياسي صحي حتى في التجارب الديمقراطية ذاتها.

وضعنا السياسي حينئذ في حراك، لكنه حراك بطيء بسبب أمرين اثنين :

ضعف بعض الأحزاب من الناحية التنظيمية والهيكلية، ومن جهة شعبيتها وتأثيرها الاجتماعي والسياسي

استمرار السلطة في التعاطي غير السياسي مع الوضع السياسي، بذرائع مختلفة، على غرار الحفاظ على الاستقرار ومكافحة الإرهاب ومقاومة ما يوصف بـ

 » النزعات الميّالة إلى التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية » … وهي ذرائع مفهومة لكنها لا يمكن أن تفسر التضخم في مستوى المعالجة الأمنية لملفات سياسية بالأساس

وعلى هذا الأساس، فالمشهد السياسي يبقى بحاجة إلى توفر جملة من العناصر لمزيد تفعيله، خصوصا مع اقتراب الاستحقاقات الرئاسية المقبلة، ومن بين هذه العناصر :

1-مزيد انفتاح الإعلام الوطني، المستقل والمعارض، على الرأي والرأي الآخر، بعيدا عن أية وصاية أو انتقاء

2-دخول الحزب الحاكم ( التجمع الدستوري الديمقراطي) على خط التجاذب والمماحكة السياسية مع بقية الأحزاب الموجودة، بعيدا عن أي تعال، ربما أضر استراتيجيا بالمشهد السياسي، سيما وأن التجمع الدستوري، يتوفر على خبرة ضخمة وتجربة جد ثرية، وبإمكانه إدارة اللعبة السياسية بشكل شفاف وواضح وبأكثر فعالية

3-تطوير القوانين المنظمة للحياة السياسية بشكل يسمح بتعددية حزبية أكثر فعالية

4-فتح المشهد الإعلامي ( السمعي والبصري)، لمختلف التعبيرات الحزبية القانونية بعيدا عن أي إقصاء أو حسابات سياسوية..

5-إيجاد آلية حوار وطني بين جميع مكونات الساحة السياسية على أجندة واضحة، بينها تطوير المشهد السياسي نحو مزيد من  » لبر لته » في جميع الجوانب، الإعلامية والقانونية والسياسية .. في مقابل رفض  » العكاز الخارجي » تحت أي مبرر أو ذريعة

وفيما يتعلق بأداء الأحزاب، فهو يخضع لعدة عوامل ومعطيات منها حجم الحزب ومرجعيته ومدى شعبيته واصطفافه الإيديولوجي أو السياسي، إلى جانب الدور الذي حدده لنفسه في المشهد الوطني، والأجندة التي ضبطها لتحركه، بالإضافة إلى علاقته بالسلطة … من هنا يمكن  » تصنيف » أداء الأحزاب على النحو التالي :

حزب حاكم قوي، ومهيمن سياسيا وشعبيا على المشهد السياسي.

أحزاب تقف على طرف نقيض مع التجمع الدستوري، شعارها إعادة النظر في قواعد اللعبة السياسية بالبلاد، عبر نوع من القطيعة مع الحكومة، وأجندة مطالب تقفز على الواقع السياسي باتجاه التأسيس لمنظومة قوانين وعلاقات وشروط فعل سياسي مغاير، لكنها أجندة تبدو طوباوية في بعض مكوناتها وحيثياتها ..

أحزاب تحرص على أن تمسك العصا من وسطها، بشيء من البراغماتية، وبعيدا عن أي ارتماءه ضمن هذا الفريق أو ذاك، على الرغم من نعتها بـ  » الموالاة« …

أحزاب تبدو هويتها شديدة الارتباط بالسلطة، وتحرك ضمن أفق محدد، وفي سياق  » ميكانيزم »، هي نتاج له ورقم فيه وليست لاعبا يتوفر على هامش من الاستقلالية في القرارات والمواقف والتحركات … أحزاب هي جزء من أزمة المشهد السياسي، ولا يمكن أن تكون طرفا فاعلا في تحريكه

وفي خصوص الاستحقاقات الرئاسية والتشريعية القادمة

في الحقيقة ثمة تصوران للاستحقاقات الانتخابية القادمة … تصور ينطلق من رؤية إصلاحية، تعتبر أن تعديل القانون الانتخابي، واعتماد القائمات بالنسبية بدل الأغلبية ، وتقليص عدد الدوائر الانتخابية وضبط مكاتب الاقتراع بحيث تسمح بتوفير  » رقباء » من أحزاب المعارضة، وفتح الانتخابات الرئاسية لترشحات عديدة وغير محسوبة، واعتماد نوع من الشفافية والنزاهة في العملية الانتخابية، كل ذلك يمكن أن يجعل من الاستحقاقات الانتخابية القادمة، المقررة في خريف العام 2009، موعدا يؤسس لمرحلة سياسية في البلاد، يمكن أن تؤدي لاحقا إلى التداول على الحكم.

وثمة تصور ثان، يجعل من محطة 2009، المبتدأ والمنتهى للوضع السياسي، فهي إما أن تفتح باب التداول على الحكم، وفقا لشروط وآليات وقواعد لعبة جديدة تقطع مع الأسلوب الممارس حاليا، وإما أن تكون مجرد موعد انتخابي قانوني، تجري بواسطته إعادة إنتاج نفس المشهد السياسي بمكوناته وثقافته وتحالفاته وتوازناته.

أضف إلى ذلك، فإن مشروع القانون الانتخابي » الاستثنائي » الذي يجري إعداده صلب الحكومة بخصوص شروط الترشح للانتخابات الرئاسية والتشريعية، سيكون محددا للمحطة الانتخابية القادمة، سواء باتجاه تفعيلها وجعلها موعدا مهما لجهة تحقيق  » انتقال ديمقراطي حقيقي » – كما يوصف من قبل عديد الفعاليات السياسية – أو باتجاه استمرار نفس الشروط الراهنة، وبالتالي الإبقاء على المشهد الحالي بمكونات وموازين القوى فيه وخطابه وعلاقاته وتحالفاته

شخصيا وبحسب المؤشرات المتوفرة حاليا، لا أتوقع فرزا جديدا للمشهد السياسي، قد يحصل حراك انتخابي موزع بين مشروع وغير مشروع، وقد تبرز بعض الأحزاب بحسن إعدادها التنظيمي والهيكلي لهذه الاستحقاقات، بشكل يسمح لها بأن تكون أكثر فعالية خلال مرحلة ما بعد الانتخابات.. لكن أن ينتج الموعد الانتخابي القادم، تغيرا في المشهد الحزبي، فذلك من المستبعد، لأن الأمور مرتبطة بمدى النضج الحاصل صلب الحكومة و « حزب الأغلبية » و »المعارضة الراديكالية » و » معارضة الموالاة » والتيار الوسطي في المشهد السياسي

 

عبد الحميد مصباح (ناشط سياسي)

الاختلاف في وجهات النظر دليل على وجود فعل سياسي يستوجب التقييم

تسارعت خلال المدة القليلة الماضية وتيرة الجدل حول موضوع تقييم الوضع السياسي على الصعيد الوطني/الداخلي ارتباطا بما شهدته وتشهده الساحة السياسية من حراك وتجاذب تباينت فيه وجهات النظر بين مختلف المتابعين والمراقبين.

مشهد سياسي ديناميكي

من المهم الإشارة في البداية إلى أن حالة الحراك التي يعرفها مسرح الجدل السياسي في تونس، تعتبر علامة صحية وشهادة سلامة بالنسبة للمسار السياسي، ذلك أن اختلاف وجهات النظر وحتى تباينها يقيم الدليل على وجود فعل سياسي يستوجب التقييم. ووجود مناخ سياسي ديمقراطي يوفر إمكانات الإجهار الحر بالتقييم.

فالإقرار العلني والصريح بوجود مناخ سياسي منغلق. إقرار يحمل في ذاته دعائم دحضه، ذلك أن من التوابع الأصلية للمشهد السياسي المنغلق عدم القدرة على الإجهار بالقول بانغلاقه.

ولقد كان للقرارات الرئاسية الأخيرة، المعلنة بمناسبة عشرينية التحول دور مهم في مزيد تكريس البناء الديمقراطي التعددي، ومزيد الدفع بإسهام القوى الوطنية المعارضة في رسم ملامح مجتمع الغد.

هذه القرارات التي نحن على يقين من أنها ستتبع بأخرى سائرة في نفس الاتجاه خاصة مع ما عرف عن الأنموذج التونسي في التسيير السياسي من سير مندرج ومتناسق نحو الأمام.

في ذات السياق، من الواجب الانتباه إلى أن القوى والحساسيات والأحزاب الوطنية المؤمنة بالخيار الديمقراطي التعددي مطالبة اليوم بأن تتحمل مسؤولياتها في حماية مشروعها المجتمعي، وتحصين المكتسبات الحضارية التي ضحى من أجلها أجيال من التونسيين على مر تاريخ تونس الحديث والمعاصر.

وكقوة وطنية معارضة فإننا نؤمن بأن إمكانات مزيد تعهد الوضع السياسي بالإصلاح مسألة ممكنة بل ومتأكدة، بالنظر إلى أهمية الإصلاح السياسي والانفتاح على المختلف في ديمومة استقرار المجتمعات وبالنظر إلى تسارع انساق التحولات وما يستوجبه ذلك من تسريع في نسق الإصلاحات.

في مقولة معارضة الموالاة

بداية فإن مصطلح « الموالاة » يعتبر مصطلحا غربيا عن توصيفات الساحة السياسية في تونس إلى مدة زمنية قريبة، وهو توصيف مستورد نزع من سياقه السياسي والحضاري الأصلي ليتم إسقاطه على مشهد سياسي تونسي لا يمت بأي صلة للواقع الأصلي الذي نشأ فيه التوصيف من حيث الخصائص « الأثنية »/الطائفية. ومن حيث مركزية وفاعلية السلطة السياسية ومن حيث استقلالية القرار الوطني ومن حيث وجود تقاليد للتعايش السياسي بين الاختلافات.

والأصل في الأمور أن المعارضة لا يمكن أن تكون موالية للسلطة أو للحزب المظطلع  بالحكم. لأن ذلك من شأنه أن ينزع عنها الخاصية الأصل لوجودها والأداة الرئيسية لفعلها وتأثيرها السياسي.

ومقابل ذلك فإن المعارضة لا تعني العدائية « تجاه السلطة » « والقطيعة السياسية والتنظيمية » مع هياكل الدولة والسعي المتواصل لإيجاد مرتكزات توتير للساحة السياسية سواء بالافتعال أو بالتضخيم، واستغلال الثقة المهتزة نسبيا من طرف مجموعة كبيرة من التونسيين في إعلامنا الوطني لتمرير بذور التفرقة والتشكيك سواء في سلامة المسار السياسي أو في مناعة النسيج المجتمعي.

فالشرط الأصلي لممارسة المعارضة، بل للممارسة السياسية على العموم، سواء من موقع السلطة أو من موقع المعارضة هو « الولاء المفرد لتونس ». وهو الشرط الذي ستتحدد به وانطلاقا منه كل السلوكات الآتية، فكل ممارسة سياسية في نظرنا تظل مشروطة بوجوب انصهارها ضمن هذا السياق الأصل وبالتالي فإن تقييمها يجب أن يكون مستندا إلى قاعدة عامة أصلية وهي مدى الاندراج من ثابت « الولاء للوطن مفردا« .

وبالتالي إن في اشتراط قاعدة « الولاء للوطن » كشرط أساسي للتفاعل بين القوى السايسية من شأنه من حيث المبدأ أن يوسع في نطاق الاشتراط لكن ذلك وللأسف قد يجعل النطاق أكثر ضيقا بالنسبة إلى البعض.

ومن هذا المنطلق، فإننا لا نرى اعوجاجا في مشهد سياسي أساسه سلطة سياسية ومعارضة وفاقية، طالما كانت السلطة السياسية سلطة وطنية. وطالما كانت وفاقية المعارضة مؤسسة على المبدئيّة .

وأعتقد أنه ليس من الصعب الانتباه إلى أنّ ما يوصف اليوم « بأحزاب الموالاة » كانت الأكثر انتظاما وانسجاما ومبدئية في مواقفها. فقد اختارت (اختيار حر) أن تنظم للمشروع السياسي الوليد الذي تأسس مع التحول فساندته كما سانده الجميع تقريبا. وأمضت الميثاق الوطني الذي عصفت به بعد قوى التظليم وظل خطابها ثابتا كما ظلت مواقعها ثابتة نسبيا من مختلف القضايا وطنيا وإقليميا ودوليا.

إن كثيرا من موردي شعار الموالاة وحتى تخليهم عنها (الموالاة) انتقالهم إلى الراديكالية مازلنا إلى اليوم في انتظار الاطلاع على المرتكزات النظرية الإيديولوجية والمفهومية لهذا التحول.

وفي هذا السياق فمن المهم التساؤل » أي من هذين المشهدين يصح نعته بالغريب؟

مشهد أول تؤثثه سلطة سياسية ساعية لاستقلال قرارها الوطني مؤمنة بالمدنية والحداثة جادة في اتجاهها نحو تكريس الديمقراطية والتعددية ومعارضة وفاقية مدنية التوجه حداثية التصور ديمقراطية البرامج؟

أم المشهد الثاني وشخوصه تحالف بين يسار حداثي، علماني، مدني… ويمين من منظوره أن الديمقراطية بدعة والعلمانية كفر والتحديث إحداث (الإحداث مخالفة السلف).

المنصف الشريقي (ناشط سياسي وحقوقي)

من أجل فتح أفق للتنمية سياسية حقيقية

يشهد الوضع السياسي حراكا يبدو مرتبطا باستحقاقات 2009 ولكنه أعمق بكثير من ذلك فالمشهد السياسي ومنذ 2004 على الأقل، شهد تغييرا ملحوظا.

فمن جهة السلطة وبعد مرحلة من تشنج العلاقة بينها وبين بعض أحزاب المعارضة القانونية ومنظمات المجتمع المدني المستقلة، لاحظنا أن هذا التشنج بدأ يهدأ قليلا وأخلى مكانه لبعض محاولات المعالجة السياسية وفي هذا الإطار تندرج المساعي لفض ملف الرابطة التونسية لحقوق الإنسان والسماح بعقد مؤتمرات حزبي التجديد والديمقراطي التقدمي وفض إضراب نجيب الشابي كما أن أحزاب المعارضة تصدر جرائدها وتنتقد السلطة كل من موقعه كما أصبحنا نسمع ونقرأ عن وعود للسلطة بتنقية الحياة السياسية لا سيما بعد أحداث سليمان التي أقنعت أن الإجراءات الأمنية على نجاعتها غير كافية. وأيضا بمناسبة الاستعداد لاستحقاق 2009.

ولكن والحق يقال فإن التشنج مازال يطبع معالجة بعض الملفات والحراك لم تسفر عنه إجراءات عملية إلى حد الآن.

ومن جهة المعارضة فإن الحراك فيها قد أفضى إلى تغيير الاستقطابات التي عرفناها في 2004. ويمكن القول أن المشهد يمتاز ببداية تشكل قطب للأحزاب المتحالفة مع السلطة. وهي ترى أن بتحالفها ذاك يمكن أن تساهم في تنمية الحياة السياسية ولكن فعلها مازال لم يثمر ما يؤكد منهجها ويضفي عليه المصداقية.

أما قطب 18/10 فهو مولود جديد ما إن تأسس حتى شق صف الحركة الديمقراطية والتقدمية. بل لعل مكوناته حاولوا ذلك حتى قبل التشكل حين لم يساندوا مرشح المبادرة الديمقراطية في رئاسية 2004 السيد محمد علي الحلواني بل اعتبروه « مرشحا علي القياس« !

لقد فرضت مكونات 18/10 إضراب الجوع بمناسبة قمة المعلومات وفاجأتنا بتأسيس هيأتها ومنتداها، وتضم ليبراليين ويساريين وإسلاميين وتطورت من « وحدة عمل » حول ثلاثة مطالب للحريات إلى تحالف دائم حول مطالب سياسية. وهذا التحالف إنما يندرج ضمن تصور أمريكي أوروبي لتقديم الإسلام المعتدل « كجزء من الحركة الديمقراطية بعد الإفراج عن مناضلين وتمكينهم من مكان في الواقع السياسي.

وقد أراد أن يظهر كتحالف معارضة راديكالية ولكن ذلك لم يتجاوز الشعارات وطرق العمل الفردية البطولية الاستفزازية.

وقد تقدم منه مرشح الحزب الديمقراطي التقدمي برئاسية 2009 السيد أحمد نجيب الشابي دون سابق إعلام ودون نقاش حتى مع حلفائه وذلك لوضع الجميع أمام الأمر الواقع مثلما وضعهم في إضراب الجوع.

ولكن « الزعيم » أحمد نجيب الشابي استفاد من الدعم الأمريكي الأوروبي ممن يعتبرهم « أصدقاء الحرية وأصدقاء تونس »! ومن هيئة 18/10 ليتقدم لرئاسية 2009 ببرنامج ليبرالي ويميني وشعبوي وفي إطار ما يطرحه داعموه من القوى الهيمنية، من ضرورة إيجاد حركية بمناسبة الانتخابات 2009.

أما المبادرة الديمقراطية التي تأسست بمناسبة انتخابات 2004 فهي تمثل جبهة سياسية انتخابية أرادت أن تكون معبرا عن الحركة الديمقراطية في مستوى البرنامج والهدف وطرق العمل الجماهرية فجلبت إليها طيفا عريضا من الحركة الديمقراطية والتقدمية. ولكن ما إن خطت الانتخابات رحالها حتى تعثرت المبادرة لما أرادت أن تكون نواة القطب الديمقراطي الدائم المبادرة/الإتلاف. ثم تعطل المسار لما دخل التجديد في تحضير مؤتمره… ومنذ انتهائه لم تقدر مكونات المبادرة/الإتلاف على التقدم وهي تناقض قضايا تمس تشخيص الوضع السياسي ونوعية التحالف وأهدافه وبرامجه ولربما تثمر حراكا فعالا نسبيا.

ولا يمكننا أن نغفل فاعلين جديدين في المشهد السياسي والذين أصبح لهما تأثير ملموس في الحياة السياسية.

أولهما القنوات الخليجية الظلامية التي أصبحت من القوة بمكان بحيث أحدثت ردة فكرية في مجتمعنا وهذا انعكس حتى على الأحزاب والشخصيات ولو بدرجات.

أما الفاعل السياسي الثاني فهي السفارة الأمريكية والتي أصبحت « تتدخل في شأن البلاد الخاص دون تورع ماسة السيادة الوطنية ». وأصبح عديد الوجوه من 18/10 وغيرهم يحجون إليها لكي يتناولوا أوضاع البلاد بالنقاش والتقييم! ولكن المتحمسين لهذا المسار الغريب عن الحركة الديمقراطية والتقدمية قد أصابهم الإحباط بعد أن عرفوا أن البلدان الأقوى في العالم إنما تقف في صف السلطة القائمة بعدما أنجزته من مشاريع استثمارية أجنبية جبارة ومن مقاومة فعالة للإرهاب!

وإذا كان ميزان القوى تراجع للسلطة اليوم فإنه يزيدها مسؤولية في تمثل الوضع وربطه بالمحيط الدولي لإيجاد الإجراءات السياسية الكفيلة بتنمية الحياة السياسية بالفعل لتحصين البلاد والعباد.

إن لمّ الحركة الديمقراطية أمر صعب اليوم ولكنه ليس مستحيلا. فالمهمة هي تجميع كل القوى الديمقراطية والتقدمية المؤمنة بنمط الحكم الجمهوري تحسبا لأعدائه وخاصة من الإسلاميين ممن يطرحون بديلا فاشيا متخلفا بالدين ويتسلون إلى الحركة الديمقراطية عن طريق 18/10 والفضائيات السوداء والانترنت… ويلقون الدعم الأمريكي والأوروبي والرجعي العربي.

تجميع كل القوى الديمقراطية والتقدمية المؤمنة بضرورة إصلاح النظام السياسي وفتح باب المشاركة للأحزاب المدنية وذلك من أجل دعم العلمانية: بتحرير الحياة السياسية وتحرير الدين من أي توضيف وتفعيل المؤسسات

تجميع كل القوى الديمقراطية والتقدمية المناهضة للإمبريالية والصهيونية والرافضة للبدائل التي تحاك في السفارات وعن طريق الشبكات الدولية.

تجميع القوى الديمقراطية والتقدمية المؤمنة بالجمهورية الديمقراطية كبديل حد أدنى وببرنامج للحريات.

ونحن نرى أنه في الإمكان إدراج هذا البرنامج وهذه الأهداف ضمن حركيته وبمناسبة انتخابات 2009 ولكن من الضروري أن تتجمع كل القوى الديمقراطية والتقدمية حول خطة عمل مباشرة تهدف إلى التقدم بمقترح إجراءات ملموسة تسهل الترشح للرئاسة ومجلس النواب والبلديات وتوفر الحد الأدنى من الضمانات لإجراء انتخابات ديمقراطية وشفافة تليق بتونس التي سوف تكون محط أنظار العالم سنة 2009.

ورغم الاضطراب الذي أحدثه السيد أحمد نجيب الشابي بترشحه المسقط والمتسرع إلا أنه من الضروري تجاوزه لأنه لا يمثل الديمقراطية ولا السيادة الوطنية ونحن ندعو كل القوى المؤمنة بالديمقراطية والتقدمية إلى الالتفاف حول أرضية ديمقراطية دنيا هدفها توفير ظروف مناسبة للمشاركة في الانتخابات المقبلة علها تعطي بصيصا من الأمل وتجمع أبناء الوطن المؤمنين بقيم الجمهورية الديمقراطية حتى يحصنون بلادهم ضد التعصب والجمود والتخلف ضد العمالة والاستبداد والإرهاب فيفتحون أفقا لتنمية سياسية حقيقية.

(المصدر: صحيفة « الوطن » (لسان حال الإتحاد الديمقراطي الوحدوي) العدد 25 بتاريخ 7 مارس 2008)


المشهد السياسي في تونس : مخاطر الانغلاق وترشحات الأزمة …

 
مرسل الكسيبي (*)   لايمكن لأحد القطع بأن الجمهورية التونسية على أبواب انتفاضة شعبية أو على مشارف الانتقال الى حالة موريتانية ثانية كما ينشد الكثيرون , غير أن الثابت أن الأزمة السياسية في تونس بلغت درجة من الحدة والقوة ما يرشحها الى أكثر من احتمال …   لقد حاولت وحاول آخرون واجتهد سياسيون أفاضل في البحث عن مخرج مشرف من الأزمة عبر دفع أطراف فاعلة داخل السلطة للأخذ بزمام المبادرة وفتح قنوات تواصل ايجابي ومؤثر مع الوسط المعارض أملا في إحداث حالة إصلاحية متدرجة تخرج بلدنا من حالة الاحتقان , غير أن محاولاتنا قوبلت بالفرملة والاعاقة من قبل جهات متمترسة وراء المؤسسات العليا للدولة …   للوضوح والأمانة التاريخيين حاولنا بعض الشيء التخفيض من نبرة الخطاب النقدي على مدار شهر ونصف في الوقت الذي دقت فيه السلطة أبوابنا رغبة في الاستماع الى وجهة نظر أبرزناها على مدار فترة زمنية معتبرة , وقد سمحت الفرصة قبيل أسابيع بالتواصل المباشر مع جهات سياسية وديبلوماسية تونسية أبدت استعدادها شفها للتقارب مع أصوات الاعتدال , غير أننا بعد أسابيع قليلة لمسنا وجود نوايا من أطراف أخرى تحركت وراء الكواليس من أجل إجهاض مبادرة للتواصل مع أعلى مؤسسة حاكمة , وهو ما دفعنا في شجاعة الى إعلان ذلك للرأي العام رغبة في التوضيح والشفافية ورفعا لكل التباس حول أسباب تغيير مقصود في لهجة الخطاب السياسي …   لم نكن مقتنعين تماما بأن المشهد العام أثناء فترة الحوار المباشر مع السلطة كان مهيئا لمواصلة المشوار , حيث أن رصدنا اليومي لتطورات الوضع الحقوقي والسياسي كان يؤكد لنا بأننا أمام محاولة للمراوغة والترويض أو محاولة من جناح ما داخل السلطة لم يبلغ بعد درجة عالية من النفوذ واتخاذ القرار …, ومن ثمة كان لزاما علينا إثبات شهادة الأهلية في الانسحاب من عملية سياسية لم تتهيأ شروطها على مستوى الوضع الداخلي تونسيا …   وحينئذ فانه لم يكن من باب التناقض مع قناعاتنا ومشوارنا النضالي بالمنفى على مدار 16 عاما ومشوارنا السياسي على مدار ما يناهز الربع قرن أن ننسحب في شجاعة من جولة أعطتنا انطباعا حقيقيا حول مدى جدية السلطة في التعاطي مع النفس المعارض …   خلاصة الجولة الحوارية الأخيرة أكدت لنا يقينا بأن السلطة قلقة تجاه الأقلام الحرة في البرية والتي أفلحت في شد الرأي العام الى الشأن الوطني عبر سلسلة من الكتابات الصادقة التي عرت واقع الزيف والازدواجية بين خطاب سياسي وإعلامي يتحدث عن دخول البلاد في مرحلة التنمية السياسية وواقع يومي تنهشه المحاكمات والاعتقالات وعمليات الخنق الاجتماعي والحقوقي المستمرة …   تبدو السلطة بالتأكيد قلقة لوجود منابر اعلامية بديلة حرة ومستقلة تشكل نافذة حقيقية على ما يدور من أحداث وخروقات وانتهاكات ومعاناة اجتماعية وسياسية داخل ترابنا الوطني , ومن ثمة فانه من المصلحة بمكان ترويض هذه المنابر وإدخالها تحت مقولة « عيش بالمنى ياكمون » ! , وهو ما كنا ندركه دون ريب , غير أننا أردنا أن نقيم الحجة مرة أخرى على نوايانا الحسنة ليس فقط عبر ما نحبره من كتابات أو نقوم به من مراجعات فكرية وسياسية لتجربة سابقة تعلمنا منها الكثير وأنضجتها لدينا تجربة المهجر في معاقل التعددية السياسية …, الا أن هذه النوايا الحسنة ليست سذاجة نقدمها على طبق جاهز لمن يريد أن يجردنا من حقوقنا الوطنية والدستورية ومن أحلامنا في دولة الاستقلال الحقيقي ودولة الحق والقانون , ومن ثمة فقد أثبتنا لكل هؤلاء بأن عقدين من المعاناة والتقلب بين النضال الحقوقي والسياسي والاعلامي كانت كافية للرد على المراوغة بحذق كروي قد يستخف به من بيده مقاليد المال والأعمال والأجهزة المحترفة في صناعة مشهد سياسي مغشوش موبوء بأخبار الاعتقالات والمحاكمات والتحقيقات على مدار ساعات اليوم والليلة …   كنا نتمنى من قلوبنا صراحة نجاح الجولة لأننا بالتأكيد لا نعشق مواصلة اشتباك نخشى أن يتطور الى نزاع على طريقة ما تشهده بعض الأقطار العربية الموبوءة بالطائفية والزعاماتية والحزبية الضيقة التي هي أكبر مما يتحمله الوطن من أعباء , ويكفي أن نتأمل اليوم في خطورة المشهد اللبناني أو الفلسطيني أو السوداني أو العراقي حتى ندرك مخاطر الاستقطاب الثنائي أو الثلاثي أو الرباعي ..على أرضية التحريش الدولي والاقليمي لأطراف لعبة صانعوها هم من مكونات المشهد الداخلي بالأساس …   غير أننا في ظل تقزيم وتحجيم واعدام خيارات التواصل مع سلطة لاتريد التوقف عن مشوار حقوقي وسياسي فاسد بدأته منذ سنة 1990 , نجد انفسنا مضطرين للوقوف صفا واحدا مع من يقف مع طموحات شعبنا ونخبه الفاعلة في دولة تشعرنا بالعطف والانتماء الى خارطة ديمغرافية تعدادها عشرة ملايين تحكمهم أقلية بسلطة القمع والمال والتجريد من القيم والمثل السامية  …   يكفي أن نتأمل اليوم في حجم تفاعل التونسيين والتونسيات مع أحداث غزة المحاصرة والمعتدى عليها برا وجوا وبحرا , أو في حجم تفاعل أبناء هذا الوطن مع السخرية والاستهزاء بنبي هذه الأمة ونبي الانسانية والرحمة للعالمين عليه أفضل الصلاة والسلام كي ندرك بأننا أمام سلطة تريد منا أن ننزع من أنفسنا كل القيم النبيلة وننخرط طوعا وكراهية في ثقافة المزود والزطلة وارقص يازينة خموري على نغمة حبوبة والمطرب « الشعبي » دوري !!!   الجواب على مثل هذه الخيارات السلطوية الفاسدة سوف يكون بمشيئة الله : المثابرة ثم المثابرة ثم المثابرة على مطلب الحرية والكرامة والهوية والديمقراطية والعمل الوطني المشترك حتى الاذعان لارادة أجيال الاستقلال الحقيقي بدل استقلال أول يكاد أن يصبح مضيعا ومغشوشا .   (*) رئيس تحرير صحيفة « الوسط التونسية »   (المصدر: مدونة مرسل الكسيبي بتاريخ 8 مارس 2008) الرابط: http://morsel-reporteur.maktoobblog.com  

المفاوضات في قطاع التعليم العالي

جلسات تفاوض أم جلسات استماع   ؟

 

قررت الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي، دعوة مجلسها القطاعي للانعقاد يوم الثامن من مارس الجاري، لتقييم سير المفاوضات مع سلطة الإشراف، واتخاذ التدابير اللازمة التي تكفل التوقيع على اتفاق ثنائي حول جملة من المطالب المادية والمهنية..

تأتي دعوة المجلس القطاعي للانعقاد، بعد يومين من جلسات العمل التي التأمت بين مسؤولين من وزارة التعليم العالي والجامعة العامة وذلك يوم الأربعاء 27_02_2008

ووصف السيد سامي العوادي، الكاتب العام للجامعة العامة للصحافة في أعقاب اجتماعه بمسؤولين في وزارة الإشراف، اللقاء بـ « التقني »، باعتباره شمل جملة من القضايا والمطالب المادية التي كانت النقابة تقدمت بها إلى الوزارة قبل فترة.. ومن بين المسائل التي تم طرحها، موضوع إحداث منحة تكاليف بيداغوجية، والترفيع في منحة الإنتاج، بالإضافة إلى الترفيع في المنحة الكيلومترية ومراجعة طرق احتساب الساعات الإضافية وسعرها..

وقد كان الوفد النقابي سلم الوزارة ملفا مفصلا تضمن شرحا مدعما بالحجج القانونية والمسوغات الاقتصادية الضرورية التي تبرر مثل هذه المطالب، سيما المادية منها..

وأوضح الكاتب العام للجامعة النقابية، أن المسؤولين في وزارة الإشراف، أبدوا الكثير من التفهم لهذه المطالب، من دون أن يعلنوا موافقتهم أو رفضهم لها، لكنهم وعدوا بإحالة الملف إلى السلطات العليا لإبداء الرأي فيه لاحقا، على حدّ قوله..وقد تمسّك الطرف النقابي بضرورة تقديم الوزارة للردود على المطالب في اقرب الآجال وقبل انطلاق المفاوضات الاجتماعية..

وعلى الرغم من جهود الوفد النقابي للتعرف على موقف الوزارة بخصوص هذه المطالب، وتحديد موعد قبيل انطلاق المفاوضات الاجتماعية، والتوصل من ثمة إلى توقيع اتفاق مبدئي ثنائي ينهي التباينات الموجودة، ويغلق الملف المطلبي للجامعيين، فإن الوفد الوزاري تمسك بإحالة الملف إلى دوائر القرار..( انظر جريدتي الصباح والشروق بتاريخ 1مارس2008)

والحقيقة أن هذه المستجدات تثير فينا بعض الأسئلة والملاحظات التي تلخص بشكل ما ردود الفعل التي يمكن تسجيلها في الوسط الجامعي

 1) يتخذ هذا التفاوض بالصيغة المعروضة علينا شكلا غريبا إذ أن الاقتراحات المقدمة من قبل الهيكل النقابي لم تجد لها أي رد فعل لا ايجابي ولا سلبي لدى الطرف المقابل الذي اكتفى بالتسجيل وكأننا صرنا أمام حصص للاستماع لا للأخذ والعطاء

 2) لا احد يفهم معني كلمتي دوائر القرار فهل هي وزارة التعليم العالي أم الوزارة الأولى أم جهة أخرى غير معلومة ؟ وماذا يعني صمت الوزارة ؟ فهل صارت وزارات الإشراف تفاوض النقابات بالنيابة عن جهات أخرى بحيث لا تقدر والحال تلك أن تمتلك أي سلطة للإدلاء برأيها فيما يخص المطالب المقدمة ؟

 3) إذا افترضنا أن هذه الجهة غير المعلومة هي الحكومة نظرا إلى  أن المطالب المقدمة تتضمن مفعولا ماديا لا يمكن أن يناقش إلا ضمن المفاوضات الاجتماعية  فان مفهوم التفاوض بالوكالة يثير قضية اكبر وأعمق وهو صلاحية النقابات القطاعية للتفاوض أصلا إذ أن المفاوضات مع الحكومة هي من صلاحيات الاتحاد العام لا الجامعات أوالنقابات العامة هذا من جهة ومن جهة أخرى هل أن التطور العام للنشاط النقابي في تونس وفي ظل الزيادات الممنوحة بعنوان تلافي تدهور المقدرة الشرائية سيقود عمليا إلى تهميش القطاعات لصالح المركزية النقابية التي يسهل التفاهم معها إن لم نقل السيطرة عليها . ولقد نوقش هذا الموضوع بحدة في المؤتمر الأخير للاتحاد بالمنستير وعبرت كثير من النقابات عن مخاوفها من أن يقود هذا الوضع إلى مزيد من المركزية التي لا تخدم البتة حيوية المطالب القطاعية المسنودة بالنضال القاعدي

 4)إذا كانت المطالب الخاصة المقدمة من قبل الجامعة العامة ستناقش فعليا ضمن المفاوضات العامة فان الجامعيين يخشون أن تهمل تماما أو في أفضل الأحوال تهمش و يقع الالتفاف على جوهرها

 5)هل يمكن أن يأمل الجامعيون بإفرادهم  ببند خاص ضمن الاتفاقية العامة للزيادات في قطاع الوظيفة العمومية ؟. قد يحدث ذلك وهو أمر ايجابي بلا شك ولكنه وعلى فرض وقوعه فان المستفيد منه أكثر هي وزارة الإشراف لأنه سيجنبها توقيع اتفاق ثنائي مع الجامعة العامة وهو ما يعني اعترافا رسميا قانونيا وإداريا  بها  هذا من جهة ومن جهة أخرى فان الإمضاء على اتفاق ثنائي على فرض وقوعه سيثير بلا شك مشكلة تقنية تتعلق بالأسلاك التي ستشملها الزيادات وبالرتب أيضا لان تعدد النقابات داخل الجامعة (وهو تعدد وهمي تحرص عليه الوزارة )يمنعها عمليا أن تقر للجامعة العامة بتمثيليتها لكل مكونات الجسم الجامعي التي سيشملها الاتفاق في جوانبه المادية والمعنوية لان إقرارها بذلك سيعني عمليا نهاية خرافة الأطر المزيفة التي خلقتها الوزارة ومكنت لها لمزاحمة الهيكل القانوني والشرعي الوحيد الممثل للجامعيين والتشويش عليه

 6)إننا لا نفهم معنى   بلاغ الوزارة الصادر عقب جلسات التفاوض الذي ذكر  » أن اللقاءات التي تمت مع الممثلين لنقابات التعليم العالي، جرت في مناخ طيب ساده الارتياح من جميع الأطراف » إننا لا نفهم معنى  هذا الرضا الجماعي فاذا كانت النقابات الممثلة منها والصورية تقدمت بمشاريع مختلفة بل أحيانا متناقضة على حد اطلاعنا فلأي منها ستستجيب الوزارة  .إن المنطق يدعونا إلى القول أنها إذا اختلفت في ما بينها فلا يمكن أن يكون أكثر من واحد من بينها مقنعا ومقبولا ولكن يبدو أنها كلها مقبولة في نظر الوزارة لأنها في الواقع تمارس نوعا من التفاوض التجميلي التجاملي الذي سيمكنها من الانسحاب من أي اتفاق ثنائي أو غيره بل الأفضل إذا استجابت لأي مطلب مهما كان نوعه أن يكون ذلك منّة منها لا نتاجا لحراك نقابي .

إن الحاصل من علاقة الجامعة العامة بوزارة الإشراف رفض للحوار صريح عندما تعني المسألة قضايا غير مالية فلقد تصرفت الوزارة في كل شيء بمفردها وآخر حلقات هذا السلوك الأحادي صياغتها للقانون التوجيهي للتعليم العالي بمفردها وعرضه للمصادقة على مجلسي النواب والمستشارين برغم كل الانتقادات الموجهة اليه من المجلس الاقتصادي والاجتماعي ومن الجامعة العامة ومن الأساتذة المستقلين عن ايعازات الإدارة أما عندما تعني المسالة مطالب مادية فان الانسحاب من الحوار يتخذ شكلا معقدا بعض الشيء فهي من جهة تستجلب نقاباتها الكارتونية بالتوازي مع الجامعة العامة كي  لا تقرّ للجامعة بتمثيليتها  لكامل الجسم الجامعي وهو ما يمكنها من عدم الالتزام بعد ذلك بوجهة نظر واحدة مستخدمة في ذلك منطق هم كلهم يمثلون فكيف استجيب لواحد منهم يدعي احتكار التمثلية ؟ وهي في اختيارها لمفاوضيها تتجنب دائما أن تكون  الجلسات بحضور الوزير مما يمكّن المفاوضين من السكوت والاختفاء وراء حجة الإحالة على سلطة القرار، كل ذلك في جو من التعتيم والغموض ومن التقديرات المتشائمة التي تجعل من زيادة خاصة قطاعية خارج الزيادات العامة ضربا من المستحيل الذي لا تقبله التوازنات المالية الحالية في ظل الزيادة الخيالية لأسعار المحروقات والحبوب وفي النهاية تصاغ جلسات الحوار في قوالب معلبة محلاة بصيغ الارتياح والاطمئنان وتساق لاستهلاك الجامعيين والرأي العام ترقبا لشيء قد يأتي أولا يأتي … وفي انتظار ذلك فليصبر الصابرون.

لكل ذلك فإننا نعتقد انه ما لم تحل مسالة التمثيلية داخل الجامعة وما لم تأخذ هذه المفاوضات شكل التفاوض الحقيقي الذي يقوم على تبادل المقترحات من قبل مفاوضين مفوّضين ملء التفويض فان وزارة الإشراف ستظل تتعامل مع جلسات التفاوض بينها وبين الجامعة العامة باعتبارها مسالة ديكورية تنتهي دائما بنفس الألفاظ التي تعودنا عليها وبنفس اللغة المتخشبة التي مللناها « وعبرت كل الأطراف عن ارتياحها للأجواء التي سادت اللقاءات « . الكل مرتاح و الكل راض ودار الجامعة كدار لقمان على حالها . 

 

عبدالسلام الككلي

             


بسم الله الرحمان الرحيم                                             تونس في 2008/03/08 والصلاة والسلام على أفضل المرسلين                               بقلم محمد العروسي الهاني الرسالة رقم 413                                                   مناضل كاتب في الشأن التونسي و العربي  والإسلامي على موقع الحرية  
 
                            

الزكام أصاب حرية الرأي والتعبير السليم حسبنا الله ونعم الوكيل

 

هذه الأيام مع تبديل الفصول خاصة خروج فصل الشتاء وحلول فصل الربيع يطرأ على صحبة الإنسان بعض الزكام وأحيانا الشديد وهناك تفاوت في مقاومة الزكام حسب مناعة الجسم وقوة العزيمة والصبر والحمد لله تمر الوعكة الصحية بسلام سواء بالعلاج واستعمال الدواء أو بالمقاومة والصبر بالعقيدة وتلاوة القرآن الكريم أو استعمال الزيت والعسل جعلهما الله شفاء للناس. ومع هذه الزحمة من الزكام الشديد الذي يدوم ايام معدودة وينتهي و يتزامن هذا الزكام مع زكام آخر شديد من صنع الإنسان وهو أشد وأبلغ ولا يستطيع الإنسان مقاومته إلا بالمناعة والصبر والعزيمة وطول النفس وقوة الحجة والبرهان. هذا الزكام البشري أصاب هذه الأيام  الانترنات وترصّد باستمرار رسائلنا الوطنية وعصارة أفكارنا ولبّ مجهوداتنا ونور عقولنا وحرية كلمتنا ووهج تعبيرنا وصدق أقوالنا ونبل وطنيتنا وعمق تحاليلينا وبلاغة لهجتنا وقوة حجتنا ونزاهة فكرنا هذه القيم التي حملتها رسائلنا منذ أعوام طرأ عليها زكام شديد منذ أيام وأصبجت في قفص محبوس مثل العصفور المحبوس في قفص من ذهب وهو ينشد ويغني ويردّد اطلقوني وأعطوني حريتي…؟ العصفور لا يريد قفص من الذهب بل يريد الحرية والعيش في فضاء سليم – فما بالك الإنسان نرجوا بعد هذا الصيد والقرصنة أن تعود الرسائل إلى أمي بعد أن ذهبت بفعل الصيادين إلى خالتي وفتحت الرسائل وفهتها… وكان على خالتي أن تعيد الرسائل إلى أمي حتى تطمئن علي أخبار ابنها البار وهو سليما معافي من الزكام الذي طرأ على حرية الرأي ولعل يزول هذا الزكام بفضل ربان السفينة الذي لا علم له باجتهاد العاملين في السفينة وهو الضامن لسلامة وصول السفينة إلى شاطئ السلامة ولنا كامل الثقة في إزالة ظواهر الزكام حتى يعود الجسم سليما معافا وتتحرر العقول والأقلام ويفرج الله على المقالات التي ذهبت إلى الخالة الحنونة بعد أمي الأكثر حنانا ودفئا بعد هذه الخواطر التي فرضها الزكام الوقتي…لا يسعني إلا أن أواصل مقالاتي في خط الوفاء وقد أشرت في مقالي رقم 412 أن وفاء ولاية سيدي بوزيد لا يمحي من ذاكرتي وأن وفائي لزعيم الأوحد بورقيبة و راسخ رسوخ الإنسان على الأرض وباقي بقاء ذكر الخالدين المصلحين …فهو محرر الإنسان من التبعية والاستعمار ومحرر الوطن من الاحتلال الفرنسي ومحرر المرأة من عهود الانحطاط والجهل والاعتداء على كرامتها التي منحها الله للمرأة وجعلها صاحب حق وفكر وحياة ونشاط وتعمير الكون والأنجاب والتعاون بين الرجل والمرأة من شرائع الله. وهو الذي كرم المراة وميزها بالحياء والحشمة والعفة وبناء الأسرة السعيدة الكريمة ودورها في بناء المجتمع والجهاد والنضال والمرأة كرمها رب العزة بالعقل والحنان والدفء والعطف والرعاية لأبنائها وجعلها الأم الراعية وصاحب البيب السعيد وأوصى بها الرسول صلى الله عليه وسلم وقال أوصيكم بالنساء خيرا…كما لا يفوتني في هذا المقال حول الوفاء أن أجدّد مشاعري الأخوية نحو أخواني الأعزاء الذين عملت معهم في نظاق هياكل حزبنا العتيد حزب الإستقلال والحرية والسيادة…وأخص بالذكر رفقاء الدرب الاخوة احمد بالطاهر بالغيث أحمد عمار الأجنف – حمودة بوعجيلية – عمار بلقاسم – الحاج العجمي العروسي – الحاج رمضان العكرمي في شعبة سيدي حسن الجوفية بصفقاس وإخواني الأعزاء في شعبة الصحافة الحزبية عبد الحميد زقية الشاذلي باشا – محمد علي الحباشي – جمال بوريقة – محمد الحبيب الطياري – الصادق بركات – الطاهر الماجري – المنصف بن عمر – بلقاسم الزوق – محمد الهادي البدوي – حسين المحجوفي – حسين مالك والمرحوم محمود النائلي وحمادي الذوادي – واحمد القديدي – وعبد الله عمامي – والمرحوم أبو بوكر العمامي رحمه الله  وكذلك الدكتور الصادق بوصفارة رئيس شعبة حمام الانف التي عملت في هيأتها و محمد ملاك. كل هؤلاء الإخوة الأفاضل لازلت أذكرهم بكل وفاء وتقدير وإكبار وعندما التقي بهم أكون سعيدا وممنونا وهذا هو عنوان الوفاء والمحبة الخالصة لوجه الله وللوطن… قال الله تعالى : » وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ». صدق الله العظيم. محمد العروسي الهاني هـ : 22 022 354 

              


 
بالسواك الحار-6

منانة تقيم لطمية لشلومو بدل الحسين

 
على غير المعتاد تبدأ هذه الحلقة من يوميات منانة وجحا.. بدأت بالضحك المتوحش وكادت تنتهي بالبكاء، فمنانة التي اعتادت الجلوس قرب جحا أثناء تناوله للحشيش بدأ مزاجها يتغير بشكل غير منضبط في الفترة الأخيرة.. مرة تراها ضاحكة مستبشرة مسرورة كأنها مزطولة.. ومرة تراها غاضبة ثائرة تنفث الهواء من صدرها كأنها ثور هائج، أو كأنها الريح عاتية لا تمر على شيء إلا تركته كالرميم.. منانة تؤكد لجاراتها باستمرار أنها لم ترضخ لمحاولات جحا صرفها عن السياسة عبر الكيف والزطلة.. وتصر على أنها لم تحشش معه ولو مرة واحدة، ففمها، كما تقسم على الدوام بأغلظ الأيمان وأوكدها، لا يدخله الحرام، لكن حالها صار يثير شكوك الكثيرين والكثيرات.. فهدوء المرأة ورصانتها صارتا أثرا بعيدا، ومجرد ذكرى من خوالي الأيام.. لم تعد منانة كما كانت، لكن « النعرة » أو ما يطلق عليه جحا اسم « الكلبة بنت الكلب » لم تغادرها.. ظلت تعبّر بصراحة تصل حد الوقاحة عن أفكارها.. لا تبالي بغضب جحا، وأحيانا كثيرة بات يلذ لها أن تراه مرعوبا خائفا من الخوض في شؤون السياسة فتمعن الحك على الجرح حتى يتقرح.   **********        ********** ذات يوم كان جحا كعادته التي لا تموت، متكئا قرب إبريق الشاي، على مخدة بهتت ألوانها لكثرة ما تراكم فوقها من أوساخ، حتى صارت والأوساخ شيئا واحدا.. كان الرجل طربا منتشيا بقرقرة الإبريق الساحرة، وعلى حين غرة سمع من بعيد ضحكات منانة تنفجر كأنها البراكين.. كان الضحك يهجم عليها فلا يتركها حتى يحمر وجهها العجائزي المتهدل فيكاد يقتلها، ثم يختفي قليلا ليعود أقوى مما كان.. ترك جحا مكانه وذهب يستطلع الأمر وهو يتوجس خوفا على شريكة عمره.. حين رأته هدأت العجوز قليلا، لكن بقايا الضحك وشيء من السعال لم يغادراها، فبادرها الشيخ الهرم بالسؤال: – حجا: اشبيك يا مرا.. إن شاء الله خير.. الله يعطينا خير ها الضحك.. قول لي آش يضحّك فيك؟ – منانة: لا.. لا.. ما ثم شيء.. غير أنا نضحك وحدي. – جحا: آشبيك يا مرا.. آخي هبلت ولا مخك طار؟ ملا هدرة هذه.. تضحكي وحدك.. الضحك بلا طرب يشرّك اللغب. – منانة: آخي ما سمعتش بوش، الله يكسر عظامه كيما تكسرت الدرجية متاعنا هاك العام، مشات فلوس.. ما سمعتوش آش قال.. الراجل مستغرب علاش العرب ما حزنوش على اليهود اللي ماتوا.. هاك الثمانية اللي قتلهم هاك الفلسطيني.. والله هذا آخر الزمان، ما بقانا كان نطلوا وجوهنا بالفحم، ونعملوا زنازة، ونلطموا على هاك اليهود، حاشى السامعين، ونعملوا لهم أربعينية.. تخيل تخيل منانة يا جحا مسودة وجهها بالغنج متاع البرمة، وتلطم وتندب وتعدد وتقول: آه يا كيتي يا شويتي.. آيهودي خوي، حاشا السامعين، مشيت وخليتني وحدي.. آيهودي، حاشى السامعين، لمن خليتني.. آيهودي، حاشا السامعين، الدنيا ولت بعدك ظلمة..   وعاودها الضحك الهستيري من جديد، حين تخيلت المشهد الذي رسمته ريشة خيالها المجنح.. وبعد هنيهة ضبطت نفسها بقوة، وقالت تشرح لزوجها المندهش مما يرى ويسمع قائلة: – منانة: راهو هذاك علاش كنت نضحك آجحا.. راني تخيلت العرب دايرين أربعينية ويندبوا ويلطموا على اليهود، حاشاك وحاشا السمعين، وبوش فرحان راضي عليهم.. تخيلت أوخيانا الشيعة ما عادوش يلطموا ع الحسين، وصاروا يلطموا على غولدشتاين وعلى شلومو وعلى شارون.. هذاك اللي قتلني بالضحك. – جحا: أنت والله نجنيت.. وإلا مخك طار. – منانة: ما طار كان مخك أنت.. أنا لاباس علي.. خير منك.. الحمدولله يا ربي.. – جحا: نسمع فيك تضحكي وتعاودي.. قلت إن شاء الله خير.. ياخي أنت كالعادة لاهية لي في السياسة، وبوش آش قال، وعزرايين آش عمل.. الله يريحني منك ومن همك.. وينك يا عزرايين إيجا خوذها وريحني منها.. أنت مرا ما يجي منك كان الهم والغم. لم تهتم منانة بغضب جحا قليلا أو كثيرا.. استمرت مأخوذة بخيالها.. سيطرت عليها الفكرة إلى حد بعيد.. سألت زوجها مجددا، وهي تنظر بعيني خيالها العابث، قائلة: – وأنت يا جحا قول لي آش ناوي تعمل في الأربعينية متاع وخيانا اليهود، حاشى السامعين، هذوكا اللي ماتوا.. مش تعدد وتجلط وتلطم عليهم حتى أنت.. والله كان تعملها نشبع عليك بالضحك.. بوش وراكم وراكم يا عرب.. يتبع فيكم حتى يلبسكم البرطلة ويخرجكم م الملة.. – جحا: أخطينا م اليهود يا مرا.. فكي علينا م المشاكل.. أنت مرا منحوسة.. لازم نهار تدكينا في الحبس.. – منانة: خليك يا راجل من ها القوسطو، وأنت خايف مرعوب.. ما شفتش الفلسطينيين قداش قتلوا منهم.. نساوين وذراري صغار ذبحوهم ذبيحة.. وينو سي بوش متاعك، الله يهده.. الله يلعن بوه وبو جد بوه حتى لجدارته لوّل.. هذاكم المساكين عينه عمت عليهم.. ما شافهومش.. ما حزين كان على اليهود، حاشى السامعين.. العربي دمه رخص وولى في ها الزمان كي الكلب.. – جحا: فكي علينا يا مرا.. الله يهديك.. إيجي أشربي كويس تاي معاي.. أخطينا من ها السيرة.. فكي علينا يرحم والديك..   **********                                  ********** استجابت منانة، بعد شيء من التردد، لرجاء جحا.. لم تعهد منه، إلا فيما ندر، أن يعاملها بمثل هذه الرقة.. أخذت عكازها تتوكأ عليه، وانتقلت معه حيث إبريق الشاي.. كان الإبريق قد جف ماؤه واحترق ما فيه من شاي.. حين رأى جحا ما حصل لبراده لبسته الشياطين، وبدأت أطرافه ترتعش كأنه قد مسه كبير الجان، فخطف العكاز من منانة وانهال عليها ضربا وهو يقول.. – تحبي تبكي وتعددي وتلطمي ع اليهود.. اليوم نهارك.. اليوم نكسر لك عظامك.. اليوم نقضي عليك.. اليوم نقتلك يا بنت الكلبة بن كلب.. هيا الطمي عليهم وعلى روحك.. – منانة: اجريوا لي يا ناس.. ها المجنون راهو قتلني.. إجريوا لي.. إجريوا لي..   **********        ********** لم يجد مراسل « آفاق تونسية » بدا من التدخل.. رمى بالقلم والأوراق بعيدا.. خشي أن تنتهي السلسلة بموت منانة بين يدي زوجها الغاضب، فأخذ العكاز من جحا، وأبعد منانة عنه.. حاول أن يهدأ خاطر الزوجين، لكن العملية باءت بالفشل، ولم يكن ثمة بد من إرضاء جحا، ولن يرض إلا بإعادة الوضع إلى ما كان عليه.. فكان لابد من شراء براد جديد وما يلزمه من شاي وسكر.. من حر مال المراسل المكسين. حين بدأت رائحة الشاي تفوح في المكان مجددا.. وسمع جحا نغمات البراد تقرقر كأنها موسيقى تنساب من شرفات الجنان، هدأت نفسه، وذهب غيضه، وعاد منشرح الصدر خالي الذهن كطفل يناغي وجه أمه بعد غياب.. هنا قام جحا وخطا خطوات متعثرة نحو منانة ينظر ما أصابها.. ركع تحت قدميها طالبا منها الصفح والغفران.. تمنعت العجوز طويلا.. كانت أوجاعها حية لم تهدأ بعد، لكنها في النهاية غفرت له.. لم تسطع أن ترد توسلاته خائبة.. شربت معه كأس شاي.. هدأت نفسها تماما وودعت مراسلنا وأقفلت خلفها الباب.   **********        ********** علم المراسل لاحقا من جحا أن منانة حششت معه تلك الليلة.. لكن المرأة أنكرت ذلك تماما، أصرت كعادتها على أن جحا يريد تشويه سيرتها حتى يصرفها عن السياسة.. لم تكذب منانة ولم يكذب جحا.. فالرجل غافل زوجته ووضع الحشيش في إبريق الشاي فحششت منانة وهي لا تعرف.. وباتت ليلتها مزطولة بحلال.. **********        ********** آخر الكلام ولم أر ظلما مثل ظلما ينالنا                يُساء إلينا ثم نُؤمر بالشكر  

الشؤون الوطنية

متابعات «الشروق»: حلم «التوحيد» يُراود القوميين من جديد

* تونس ـ الشروق: طفا خلال المدّة الأخيرة حديث وجدل بين مختلف الفصائل والاطراف ذات المرجعية القومية والعروبية على خلفية المبادرة التي أعلن عنها الاتحاد الديمقراطي الوحدوي الرامية الى مد جسور الحوار والتواصل والتفكير في أرضية مشتركة لتوحيد الفعل السياسي القومي في تونس. ويوجد اقرار ضمني وصريح يتناقله حتى قيادات مختلف التيارات القومية أن الفعل السياسي القومي في تونس ما يزال محتشما ومحدودا بالرغم من تجربة الاتحاد الديمقراطي الوحدوي الذي نشأ كاطار للتعبير والمشاركة السياسية العلنية للقوميين وعلى الرغم من مرور عقدين على التأسيس فإن «الاتحاد» بقي عاجزا عن فعل الكثير في اتجاه تجميع كل القوى القومية بل على العكس من ذلك شهد في الكثير من الحالات مسارات للتراجع ناجمة عن خروج عدد هام من الكوادر التي التحقت به ومنها على وجه الذكر السادة فرج منصور وهشام بوقمرة ومنصف لسود وابراهيم بودربالة والفقيد الميداني بن صالح، اضافة الى مواصلة عزوف تيارات اخرى عن الالتحاق بـ «الاتحاد» الذي لم تجد فيه الجاذبية الكافية نتيجة التشكيكات التي رافقت النشأة وعدم الايمان بجدوى العمل السياسي العلني وفي اطار المؤسسات.

 

* تسرّع واسقاط واعتبر عدد هام من المتابعين لمسيرة «الاتحاد الديمقراطي الوحدوي» وحتى من المنضوين فيه أنه كان تجسيدا لرؤى مُتسرعة وكان في بدايته فكرة مغلوطة اذ كان الاصل ان يجتمع كل «القوميين» وعلى اثر حوار معمّق يقع ضبط الاطار السياسي الموحّد للنشاط وهو ما لم يتم عند التأسيس في 26 نوفمبر 1988 حيث بدا «الاتحاد» لدى العديد من التيارات القومية أمرا مُسقطا قاده عضو سابق في اللجنة المركزية للحزب الحاكم. وكنتيجة لذلك حافظت تيارات عديدة بعثية وقومية ناصرية وقومية يسارية على طابعها في العمل السرّي وضمن منظومة «الخلايا» البعيدة عن أعين الرقابة والفعل السياسي العلني. غير أن تبدّلات الوضع السياسي في البلاد اليوم والذي يتجه نحو المزيد من الانفتاح قد يكون افقد هؤلاء منهجية العمل السري وربما سيُعيدهم الى الواجهة من جديد بحثا عن فرص للعمل السياسي القومي الفاعل وانهاء لحالة التجاذب والصراع على الزعامة الذي حكم نشاطاتهم لعقود طويلة. على أن عديد المتابعين يرون أن «ارث العمل السري» الذي فُرض على مختلف التيارات القومية خلال فترة الحكم البورقيبي نتيجة لحالات القمع والاعتقالات والمنع على خلفية الصراع البورقيبي ـ اليوسفي والبورقيبي ـ الناصري (جمال عبد الناصر) على وجه الخصوص، يحتاج الى مُبادرة جريئة وشجاعة تقطع مع ذلك التقليد ومع تلك الممارسة وتدفع الى العمل العلني بما توفر اليوم من آليات ووسائل لذلك العمل.

 

* تفاعلات وانتظارات وفي هذا الاطار علمت «الشروق» أن أحد ابرز التيارات القومية (التيار القومي التقدمي) الى جانب وجوه قومية بارزة في الجهات ونخب وطنية عبّرت عن تفاعل ايجابي مع مبادرة «الاتحاد الديمقراطي الوحدوي» التي يقول أصحابها انها لا تنطلق من ارضية القانون الاساسي للحزب بل من رغبة في وجود عمل مشترك بين كل التيارات بعيدا عن كل مظاهر الاحتواء او الزعامة او القيادة، عمل مشترك يتطلع الى رسم  أرضية مشتركة بين كل التيارات والفصائل القومية. كما أن التيار القومي الناصري الذي يتزعّمه عميد المحامين الاستاذ بشير الصيد قد يكون بعض الناشطين فيه عبّروا عن تفاعل ايجابي مع المبادرة خاصة وهي لا تشترط اللحاق بفضاء الحزب القانوني الموجود حاليا.

 

* امكانيات جديدة ويرى عديدون ومن بينهم قوميون ان العمل العلني سيمنح «مرجعيتهم» امكانيات جديدة للفعل السياسي الناجع، ناهيك أن تجربة العامين الماضيين التي قادها الامين العام الحالي السيد أحمد الاينوبلي أوجدت قدرة على التحاور القومي الوحدوي حتى مع تيارات وأحزاب ذات مرجعيات اخرى في اطار تجربة اللقاء الديمقراطي والتنسيق مع حركة الديمقراطيين الاشتراكيين ومع اشعاع عربي عبر انتخاب امين عام الوحدوي نائب رئيس مؤتمر الاحزاب العربية الذي يضم 10 أحزاب قومية عربية. ويقول متابعون لـ «الشأن القومي» إن نجاح مثل هكذا  مبادرات «توحيدية» بين القوميين التونسيين سيجعل من المبادرة فريدة وأولى على مستوى عمل الاحزاب والتيارات القومية العربية  داخل بلدانها، ويُوجد الكثير من المؤشرات عن مزايا «التوحّد» بالنظر الى اوضاع عربيّة عامة مليئة بالتحديات واستحقاقات وطنية سياسية هامة ستقدم عليها البلاد في المرحلة المقبلة. «العود على البدء» والاقرار الضمني بعجز الاتحاد الديمقراطي الوحدوي بالنظر الى التراكمات التي خلّفتها ظروف النشأة والميلاد قد يكون من أكبر الممهدات لحوار قومي ـ قومي واسع يحترم الخصوصيات ويدفع الى ايجاد فعل سياسي قومي في مشهد سياسي يحتاجه.

 

* خالد الحداد

* الاينوبلي: الأمّة والوطن في حاجة اليوم الى فاعل سياسي لا الى منظر فكري!

أكّد الاستاذ احمد الاينوبلي الامين العام للاتحاد الديمقراطي الوحدوي أن المبادرة «التوحيدية» لا تخضع الى أية شروط أو أرضية فكرية أو سياسية  مسبقة، وأن هذه الارضية مُوكلة لكل الاطراف والتيارات القومية التي هي في حاجة  اليوم الى أن تجلس مع بعضها لتفعيل دور القوميين وعملهم السياسي. وأضاف الاينوبلي: «ليست هناك مُصادرة لأي رأي أو فكرة، وليست هناك اشتراطات هناك دعوة للحوار والتواصل والتفكير في تعزيز الحضور السياسي في تونس». واعتبر الاينوبلي في تصريح لـ «الشروق» أن القوميين اليوم في حاجة الى أن يوحّدوا فعلهم السياسي وأن يتجاوزوا خلافاتهم الايديولوجية، لأن الأمّة في حاجة الى فاعل سياسي وليس الى منظر فكري، وقال ان ذلك ممكن في تونس في ظل انفتاح النظام السياسي الوطني على التعدد السياسي بما في ذلك الوجود القانوني للتوجّه القومي الوحدوي…». وأضاف المتحدّث: «مبادرتنا جاءت استجابة للواقع السياسي الوطني والقومي… وهي منطلقة من المقولة العنوان للزعيم الراحل جمال عبد الناصر: «ان لكل عربي أن يدخل في كل حساب او ان يسقط من كل حساب» ونحن نقول أن العقل السياسي القومي الموحّد مُمكن بعيدا عن الاستكانة وتهميش الذات والتقوقع خلف متاريس الخلافات الايديولوجية والفردية الضيّقة، فالمبادرة مفتوحة لكل الفصائل والقوى الوحدوية والنخب الموجودة بكل تفصيلاتها الايديولوجية ودون اقصاء «لنجتمع ونتحاور ثم نقرر معا ما نتفّق عليه في اطار ديمقراطي».

 

 (المصدر: جريدة « الشروق » (يومية – تونس) الصادرة يوم 9 مارس 2008)


التعددية السياسية في تونس… إلى أين؟:

حوار مفتوح بين د. زهير المظفّر وعشرات من المستقلين والمعارضين والتجمعيين

 
تونس – الصباح: ما هي مستجدات ملف التعددية السياسية والحزبية في تونس؟   وهل تعكس تشكيلة الاحزاب الحالية توجهات الشعب التونسي بمختلف تياراته الفكرية والسياسية؟   وهل لا يزال الحزب الدستوري ـ الذي تأسس قبل حوالي 90 عاما ـ قادرا على لعب دور سياسي حقيقي بما في ذلك التفاعل مع شباب اليوم ومع مشاغله وطموحاته؟   هل يمكن أن يتطور التجمع الدستوري الديمقراطي إلى مؤسسة حزبية تظم عدة تيارات ومجموعات سياسية بينها تنافس علني على غرار بعض الاحزاب الكبرى في أوروبا وأمريكا مثلا؟   وماذا عن مطلب الفصل بين الحزب والدولة.. ,بين أجهزة الحزب والادارة؟   وهل يمكن أن تشهد الجهات الداخلية انفتاحا سياسيا على أحزاب المعارضة وممثلي منظمات المجتمع المدني على غرار ما يحصل في العاصمة؟   هذه التساؤلات وغيرها كانت محور حوار مفتوح بين الاستاذ زهيرالمظفرـ الوزيرالمعتمد لدى الوزير الاول المكلف بالوظيفة العمومية وعضو اللجنة المركزية للتجمع الدستوري الديمقراطي ـ   مع عشرات من المثقفين والاعلاميين والمحامين المستقلين والمعارضين والتجمعيين في دار الثقافة ابن خلدون في المنتدى الفكري الذي يديره الاستاذ رضا الملولي عضو مجلس المستشارين.. بحضور الاستاذ كمال ساسي الامين القار للتجمع الدستوري الديمقراطي والاستاذ محمد مواعدة الامين العام السابق لحركة الديمقراطيين الاشتراكيين .   نقاط استفهام   جلسة الحوار التي استمرت عدة ساعات أثارت عددا من نقاط الاستفهام والتساؤلات والاشكاليات التي تشغل الخاص والعام في تونس وفي المنطقة حاليا من بينها : الاصلاح السياسي , وتعميق المسار التعددي;  وشروط قيام معارضة قوية وذات مصداقية، والفصل بين المعتقدات الدينية والانتماءات العرقية والخطاب السياسي والحزبي، والهوية , والتداخل بين بعض أجهزة الحزب والدولة والضمانات الدستورية والقانونية للتعددية السياسية والحزبية والاعلامية والتوازن المنشود بين الامن والانفتاح السياسي.. الخ   وقد تميزت المداخلة التمهيدية للاستاذ زهير المظفر وحصة النقاش العام وحصة الردود بقدر كبير من الأريحية والجرأة في الحوار وقبول الرأي الاخر.. رغم بعض المداخلات ذات الصبغة الحزبية الاستعراضية..   إرادة سياسية   الفكرة المحورية التي توقف عندها الاستاذ زهير المظفر مطولا هي ما اعتبره وجود ارادة سياسية عليا للاصلاح وتكريس التعددية وتعميقها.. وقدم في هذا السياق قراءة لمسار الاصلاحات السياسية في تونس منذ أواسط القرن الماضي عند تأسيس أول صحيفة تونسية واعلان عهد الامان واول دستور تونسي.. وصولا الى دستور الجمهورية في صيغته الاولى عام 1959 والاصلاحات التي شملته منذ التغيير.. وتضمنت اضافات نوعية تؤكد التمشي الذي جاء به الفصل الثامن من الدستور منذ خمسين عاما من حيث التاكيد على الحريات العامة والفردية.. وجاءت الاضافات الجديدة لتؤكد على الصبغة المبدئية للتعددية السياسية والحزبية واحترام المواثيق الدولية لحقوق الانسان..   انتقادات.. ونقائص   وردا على بعض الانتقادات الموجهة الى أداء الحزب الدستوري منذ عقود وخاصة منذ الاستقلال اعتبر زهير المظفر أن  » من بين نقاط  القوة  في  الحزب الدستوري أن قياداته كانت دوما من النخبة السياسية وفهمت كيف تتفاعل مع المستجدات.. من عهد الزعيم عبد العزيز الثعالبي إلى محمود الماطري والحبيب بورقيبة ثم الرئيس بن علي.. وهو ما يفسرتطوره من حزب يكافح من أجل التحرر الوطني الى حزب بناء وتحديث تبنى الاشتراكية ثم الليبيرالية.. وتفاعل مع مشاغل الفئات الاجتماعية الشعبية ومطالبها مع مواكبة المستجدات في عالمي المال والاعمال ومنها بروز النزعة الليبيرالية وتزايد دور اقتصاد السوق والعولمة.. »   مطلب الفصل بين الحزب والدولة   واعترض د.زهيرالمظفر على عدد من الملاحظات والمطالب التي قدمتها عدة قوى وشخصيات معارضة ومستقلة من بينها الفصل بين الحزب والدولة.. وبين الادارة ومؤسسات الحزب الدستوري.. واستدل بخطوات الانفتاح الرئاسية تجاه أحزاب المعارضة وتشريك عشرات من المعارضين والمستقلين في الحكومة ورئاسة البعثات الديبلوماسية وعضوية البرلمان بغرفتيه وفي ادارة عدة مؤسسات اقتصادية عمومية..   وأقر المظفر أن التداخل كان قائما في العهد السابق بين بعض اجهزة الحزب والدولة.. لكنه اعتبر أن من أهم الاصلاحات التي بادر بها الرئيس زين العابدين بن علي أنه أكد منذ البداية على أنه  » رئيس كل التونسيين والتونسيات  » مهما كانت انتماءاتهم.. رغم رهانه « على حزب الاغلبية وعلى مؤسساته المنتشرة في كامل البلاد.. بل إن الرئيس بن علي كان أمينا عاما للحزب يوم حصول التغيير »..   المعارضة غير القانونية   وشمل الحوار ملف المعارضة غير القانونية والمجموعات التي تقدمت بمطالب للحصول على تاشيرة عمل قانوني فقوبل طلبها بالرفض.. واعتبر المظفر أن هذه المعارضة تنقسم غالبا إلى تيارين : تيار ينتسب إلى المقدسات العقائدية والدينية بما ينفي عنه الصفة السياسية والحزبية التي تفترض أن يجري الحوار حول القضايا السياسية والاقتصادية انطلاقا من مرجعيات بشرية دون السقوط تحت سقف الخلط بين الديني المقدس والبشري..   أما بقية الاطراف التي لم تحظ بالاعتراف القانوني فتنتمي في نظر الاستاذ المظفر الى تيارات يسارية لم تحترم قانون الاحزاب..   وأقر المحاضر بوجود معتدلين في مختلف التيارات المعارضة القانونية وغير القانونية لكنه اعتبر أن الاحتكام ينبغي أن يكون الى قانون الاحزاب وروح الدستور.. دون ارتكاب أخطاء فادحة مثل الخلط بين معتقدات الناس الدينية وافكارهم السياسية..   وسجل المحاضر في هذا السياق بعض الفوارق الرئيسية بين التجارب التركية والمغربية والتونسية والمصرية في التعامل مع عدة ملفات بينها العلاقة بين الديني والسياسي.. بين العقائدي والحزبي..   تيارات   ورغم بلوغ الحزب الدستوري زهاء الــ90 من العمر اعتبر المحاضر انه لا يزال قادرا على قيادة البلاد والتاثير في الواقع والمستقبل.. لكنه نفى أن تكون هناك حاجة لــ »تقسيم الحزب الى أجنحة وتيارات  » على غرار ما هو حاصل في عدة أحزاب عريقة في اوروبا وامريكا..   وسجل المظفر أن « تعدد التيارات كان واقعا قبل إقرار التعددية السياسية والحزبية في البلاد.. وقد كان للنقابيين الدستوريين كتلة برلمانية في 1981.. كما كان النواب الدستوريون يعارضون أحيانا مشاريع حكومية لما كان البرلمان من لون واحد.. لكن لم يعد هناك مبرر لذلك اليوم بعد أن أصبح في تونس 8 أحزب معارضة قانونية.. أي تعددية حزبية وسياسية شاملة  »   وجهات نظر متباينة من عدد من القضايا السياسية أفرزها الحوار مساء الجمعة.. منها تقييم حصيلة أداء الحزب الدستوري وأحزاب المعارضة.. وآفاق المستقبل.. وهي جميعها قضايا في حاجة إلى مزيد من التفكير والنقاش.. الهادئ.. بعمق يتجاوز متطلبات الحماسة في بعض الاجتماعات الحزبية الساخنة..   كمال بن يونس   (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 9 مارس 2008)


التعريب بين المسعدي ومزالي

 
بقلم: الأستاذ علي بالرايس   طالعت مؤخرا مقالا صحفيا زعم أن «المسعدي عارض تدريس النصوص الادبية التونسية» اعتمادا على مذكرات السيد محمد المزالي الذي قال «اذكر أنني طرحت استعمال النصوص التونسية الادبية في اجتماع مجلس الوزراء برئاسة بورقيبة عندما رد المسعدي وهو كاتب وبكثير من الاحتقار أننا لا نملك كتابا جديرين بهذا الاسم».   أولا وكأستاذ عربية أصحح كلمة استعمال بكملة تدريس ثانيا وبالاعتماد على الوثائق ومنها كتاب تدريس النصوص للسنة الثالثة ثانوي (1963) الذي وضعته لجنة كفأة ومقتدرة ووطنية وبإشراف الوزير المبدع والكاتب والاديب الكبير والمفكر والوطني حتى النخاع محمود المسعدي وهو كتاب يحتوي على النصوص الادبية التونسية للمبدعين الآتية اسماؤهم: الشابي والصادق مازيع والرزقي وخريف والدوعاجي والخضر حسين الذي رفض المشائخ «البلدية» للزيتونة انتدابه للتدريس معهم وهاجر ووجد حظه في المشرق حتى أصبح شيخا للازهر هذا إضافة إلى نصوص من القرآن الكريم وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وخطب الصحابة وطه حسين والعقاد وأحمد أمين والجاحظ والمعري وابن رشيق والاصفهاني وغيرهم من المبدعين التونسيين خصوصا والعرب عموما.   لذا فإني اشك في صحة قول السيد محمد مزالي لأن المسعدي يناقض نفسه إذا نفى وجود ادباء تونسيين وفي الآن ذاته يبرمجهم للتدريس في جميع سنوات التعليم ومنها بالخصوص السنة الثالثة ثانوي والذي ذكرته بالقصد لأدعو للاطلاع عليه أولا ثم للاطلاع على كتاب السنة الثالثة ثانوي في عهد «المعرّب» المزالي فيجد ان هذه النصوص التونسية المبدعة وقع حذفها مع النصوص المشرقية التي ذكرتها سابقا.   وأرجو من القارئ العزيز أن يطالع البرنامجين برنامج العربية أيام المسعدي وبرنامج العربية أيام المزالي حتى يقف على صحة قولي وسداد رأيي المدعم بالحجة والبرهان والفعل أيضا إذ كنت أهمل تدريس هذه «النصوص» خاصة وأن امتحانات هذه الاقسام ليست وطنية فكنت أعوضها بكتاب النصوص الذي درسناه في ستينات القرن الماضي عندما كان المرحوم المسعدي وزيرا للتربية وتلاميذي بمعهد راس الجبل الذين هم اليوم من كبار إطارات تونس يشهدون بهذا فكان التلميذ أيام المسعدي يشعر بعظمة العربية وجمال اسلوبها فيغرم بها ويتقنها ثم نقرأ كتاب السنة الثالثة في عهد مزالي وإذا بنا أمام «أدب» السلطة الذي لا علاقة له بالادب اصلا ولعل تردي المستوى وعدم امتلاك اللغتين في عهد مزالي «وتعريبه وتونسته» هو الذي أوصلنا إلى ما يشتكي منه المزالي اليوم والذي خلق جيلا «الام شلبة والبوقاروص» حسب تصريحه في مجلة حقائق بتاريخ 4/17/2/2008 بينما رأينا خريجي المدرسة المسعدية يتألقون في أعرق الجامعات الاوروبية والامريكية وسهروا على مصالح تونس في جميع الاختصاصات منذ ما يقارب من نصف القرن إذ كان التلميذ أيام المسعدي يدرس ما يدرسه الفرنسي في باريس من لغة وعلوم وتقنيات إضافة إلى الادب العربي الراقي والتفكير الاسلامي العميق واللغة الانقليزية ومن ألطاف الله بهذا الوطن أن كان المسعدي على رأس وزارة التربية فعرب التعليم ووحده ونشره وتعاقد مع خريجي الصربون من الفرنسيين الاكفاء فلو قدر الله وتولى الوزارة مكانه أصحاب تضخم «الانا» لتعاقدوا مع الذين ليس لهم مستوى.   ثالثا: أما في مسألة القضاء على التعليم الزيتوني واغلاق جامع الزيتونة وتوحيد التعليم فاعقتد أن أغلبية التونسيين يشطاروني الرأي إذ تجاوزت الاحداث التعليم الزيتوني بعد قرون من نشر المعرفة والعلم وأصبح معلما تاريخيا تقليديا وقد تفطن مشائخ الزيتونة إلى تردي مستوى التعليم الزيتوني ومحدودية آفاقه فلا يتخرج منه سوى المعلمين والمشائخ والقضاة فالحقوا أبناءهم وبناتهم بالتعليم الصادقي والفرنسي منذ الاربعينات بينما التعليم الزيتوني محرم على بقية فتيات خلق الله اللائي كن يعانين الامية حتى جاء المسعدي ووحد التعليم وبعث المدارس المختلطة فإذا بالتعليم الصادقي الرفيع المستوى يعم البلاد والعباد دون الدخول في تفاصيل المناظرات بجامع الزيتونة والتي كان النجاح فيها حليف «البلدية» فالتعريب الحق هو ما قام به المسعدي من تدريس نصوص أدبية راقية وهو تأصيل كيان مع التفتح على العلوم الصحيحة.   أما التعريب الحق البعيد عن الدمغجة فهو كما يقول الدكتور اليمني عبد الرحمان الحرازي في مقاله الصادر بمجلة العربي الكويتية 163 شهر ديسمبر 2003 «شيء جميل أن ننتصر للغتنا العربية ولكن ليس بترجمة ما يقوله الآخرون وإنما من خلال تشجيع البحث والتجريب وتطوير قدرات علمائنا وتنشيط الابداع الذي توقف وتنشيط العقول العربية التي تراكمت عليها أطنان من غبار الخوف والفقر والهزيمة بحيث تكون لنا اسهامات وبصمات متميزة في الجانب العلمي تعبر عن لغتنا وبهذا فقط سننتصر للغتنا العربية  وللتعريب وللعروبة المشرفة لا عروبة نكبة 48 و67 وسيء الذكر أحمد سعيد وفضائع الحرب مع ايران واحتلال الكويت وسقوط بغداد بتواطىء مع مجرم الحرب بوش».   وأخيرا: «قل لمن يدعي في العلم فلسفة علمت شيئا وغابت عنك أشياء».   (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 9 مارس 2008)


لفائدة حقوق الإنسان..

 
بقلم: برهان بسيس   صادق مجلس الوزراء المنعقد نهاية هذا الاسبوع على قوانين جديدة متعلقة بإعادة تنظيم عدد من المؤسسات والهياكل ومنها الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية.   ولقد جاءت هذه المصادقة ترجمة لقرار رئيس الجمهورية بدعم صلاحيات الهيئة واثراء تركيبتها ومنحها مجالات أكبر للتحرّك والنشاط في سياق التعهّد الذاتي بقضايا ذات ارتباط بحقوق الإنسان والحريات العامة بالإضافة الى تمكين الهيئة من صفتها المستقلة اداريا وماليا بما سيضفي على حضورها ضمن المنظومة الحقوقية التونسية مزيدا من المصداقية والنجاعة.   والحقيقة فإن هذا القرار يرتقي الى مستوى اعلان ولادة ثانية للهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية جاء ليجسّد النهج الإصلاحي التدريجي الذي ما فتئت تنتهجه تونس انسجاما مع رؤية الرئيس بن علي الخاصة بالتمسّك الثابت بدعم منظومة حقوق الإنسان في تونس وفق تدرّج هادىء ورصين يضمن الثبات والنجاعة والوقاية من الانتكاس او الارتداد الى دوائر مثبطة ومعطّلة يتقاطع فيها الحماس لقضايا حقوق الإنسان بانحرافات مخلّة تصطدم مع مفاهيم مثل السيادة الوطنية والخلط بين الحقوقي والسياسي او تحوّل قضايا حقوق الإنسان الى أسهم للمضاربة او الابتزاز.   لا أعتقد أن هذا التطوير في عمل الهيئة وصلاحياتها جاء لتعويض عمل رابطة حقوق الإنسان واختصاصها بالرغم من ان التدافع في مجال خدمة قضايا حقوق الإنسان في بلادنا مسألة ايجابية توفر أكثر من باب واحد مفتوح امام طلاّب الحقوق والعاملين في مجال الدفاع عنها وبالتالي تدعم كما هو مطلوب الضمانات الواقعيّة لحماية حقوق من تعرّض للتجاوز او الانتهاك.   لا يمكن للهيئة أن تعوّض رابطة حقوق الإنسان رغم ان ازمة هذه الأخيرة قد طالت دون موجب مقنع بالنظر للمقترحات البنّاءة التي تم تقديمها للهيئة المديرة للرابطة وعودة قنوات التواصل في أجواء من التفاعل الإيجابي الذي يخدم مصلحة الجميع ويسدّ الأبواب أمام كل من لا يملك مصلحة في غلق ملف ازمة الرابطة وهؤلاء إما يوجدون كتيارات سياسية متواجدة ضمن الهيئة المديرة والفروع او كأشخاص محدودي الأفق يدّعون الدفاع عن رؤية السلطة بينما هم يضعون قدراتهم (التي لاتتجاوز الجرأة على البذاءة والشتيمة والوشاية) في صف الاستماتة في الدفاع عن مكاسب الوطن المختزلة في حدود المغنم الشخصي الهزيل جالبين لأنفسهم حالة اجماع نادر كموضوع للاستهزاء والنفور والاحتقار وهم والحمد لله حالة جمع نفسية مختزلة في صيغة فرد لايمكن ان تشوه أبدا تجربة تجمعيين ودستوريين محترمين او مستقلين قريبين من السلطة او رابطيين مختلفين مع الهيئة المديرة الحالية يطالب جميعهم بالحق في أن تكون الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان رابطة الجميع دون اقصاء او استثناء. لقد اجتهد رئيس الهيئة العليا الاستاذ منصر الرويسي لتقريب وجهات النظر بين مختلف الفرقاء الرابطيين بما يؤكد التوجّه الايجابي الذي لايزال ينتظر تفاعلا ايجابيا من طرف الهيئة المديرة للرابطة حتى يتم تجاوز هذا الملف الذي يكاد يحوّله البعض الى نفس درجة استعصاء المأزق السياسي في لبنان!!!   أود أن أخص رئيس الهيئة العليا أستاذي منصر الرويسي بالتهنئة على المرحلة الجديدة التي فتح أبوابها القرار الرئاسي لفائدة الهيئة وهو الذي شكل تعيينه من قبل سيادة الرئيس على رأس الهيئة مرحلة تحوّل نوعي في نشاطها ونسق عملها وليكن ذلك رميا مباشرا للورود أدرك جيدا انه لابد سيحرج شخصا مثل السيد منصر الرويسي بروحه المتواضعة وقناعاته الديمقراطية وولائه لنهج وقيادة الرئيس بن علي ولكن لا بأس أحيانا أن نقول كلمة طيبة في حق أشخاص يستحقونها.   قبل ان اختم ومادام الموضوع حقوقيا لابد لي ان ألفت الانتباه الى وضعية بعض الطلبة الذين تم ايقافهم منذ مدة على خلفية بعض الأحداث التي وقعت بمطعم جامعي بمدينة سوسة وتم الإحتفاظ ببعضهم للمحاكمة بتهم تتعلق بدعوى تقدم بها ضدهم ديوان الخدمات الجامعية بالوسط بعد ان قاموا بتوزيع الأكلة مجانا طيلة ايام على زملائهم لألتمس إطلاق سراحهم بغض النظر عن الأخطاء المرتكبة في مثل اجواء الاندفاع الطلابي الذي عايشته اجيال عديدة منها من يتحمّل الآن مواقع المسؤولية بحيث لا نجعل زلة قدم تقضي على مستقبل طالب اندفع في لحظة احلام شباب ثائر يتوهم اعادة انتاج كومونة باريس داخل مطعم جامعي!!   الذين يتلفون تجهيزات الملاعب يجدون من يدافع عنهم ويلتمس لهم العفو فكيف بنخبة مستقبل البلد.. طلبتها.. حتى لو ذهبت بهم احلامهم الثورية بعيدا..   أرجو من ديوان الخدمات الجامعية للوسط سحب دعواه في حق طلبة سوسة وليسجّل خسارته أيام الأكلة المجانية المتمرّدة في المطعم الجامعي على حساب الفرحة بفوز النجم الساحلي بكأس افريقيا!!   ما أجمل ان نكون أقوياء.. ونبلاء أيضا!   (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 9 مارس 2008)


الانحسار
 
بقلم: عبد اللطيف الفراتي (*)    بانحسار الرئيس الكوبي فيدل كاسترو الفعلي والقانوني من الساحة السياسية في بلاده، بعد غياب استمر سنتين بسبب اشتداد المرض، يكون قد غاب عن قائمة رؤساء الدول المعمرين أحد أكبر رموزها، فالرئيس كاسترو المولود في سنة 1926 نفس السنة التي ولدت فيها الملكة إليزابيث الثانية أقدم رئيس دولة في العالم ، ملكة بريطانيا و15 دولة أخرى منها كندا وأستراليا، كان يملك ويحكم بلا قيود بعكسها التي تملك ولا تحكم.   وبعكس الاعتقاد السائد فإن فيدل كاسترو لا ينحدر من عائلة معدومة فقيرة، مما جعله يعتنق الماركسية والشيوعية، بل من عائلة ثرية، وقد تابع دراسات متطورة في القانون وأحرز الدكتوراه، قبل أن ينطلق في ثورة ضد الديكتاتور باتيستا الذي كان يحكم كوبا بالحديد والنار، ولم تظهر عليه في تلك الفترة بوادر ما سيكون عليه من عداء للولايات المتحدة، بل كانت ميوله غير واضحة، حتى سنة 1961 أي حتى فترة عامين بعد وصوله إلى سدة السلطة، وبعكس الاعتقاد السائد فإن كاسترو لم يتول رئاسة الجمهورية إلا في سنة 1976 أي 17 سنة بعد استيلائه على الحكم، اكتفى فيها بمنصب رئيس الحكومة، غير أنه جمع بين يديه في هذا المنصب أو ذاك كل مقاليد السلطة، واشتهر بخطبه الطويلة التي كانت تستمر 5 أو 6 أو8 ساعات، ينام خلالها ويستيقظ سامعوه، ولا يعيرون منها أهمية سوى لقراراته الثورية.   غير أن الرئيس كاسترو المتنحي بحكم إرادته، وإن ضمن جلوس أخيه غير الشقيق راؤول على ما سماه المراقبون عرش الجمهورية الكوبية، الذي يبدو أقل كاريزما من أخيه الذي كان شخصية آسرة رغم كل ديكتاتوريته كما يقول الذين عرفوه، ـ غير أن كاسترو ـ المنسحب من قمة السلطة في بلاده ليس الأقدم بين رؤساء الدول فالملكة إليزابيث الثانية ملكة المملكة المتحدة وندته سنا سبقته في اعتلاء عرش أجدادها بسبع سنوات فهي على رأس سدة الملكية أي رئاسة الدولة في بلادها منذ 6 فبراير 1952، ولا يبدو أنها كمثيلاتها من ملوك أوروبا الشمالية ستنسحب قريبا، أو تترك مكانها لولي عهدها الأمير شارل الذي لا يبدو أنه يتمتع بشعبية أو بمكانة خاصة لدى شعبه.   وفي ما عدا هاتين الشخصيتين المؤبدتين في الحكم منذ أقل أو أكثر من 50 سنة قبل انسحاب الرئيس كاسترو، فإن العالم العربي يزخر من جهته برؤساء دول من أصحاب الولايات الطويلة، وبعد اختفاء الملك حسين والشيخ زايد بن سلطان والملك الحسن الثاني لم يعد هناك ملك أو أمير يتجاوز في حكمه العشر سنوات سوى السلطان قابوس في عمان الجالس على عرش أجداده منذ 1970، ولا يعتبر بذلك أقدم الحكام العرب، لأن صاحب السبق في ذلك هو العقيد معمر القذافي «قائد الثورة الليبية» الذي لا يعتبر نفسه رئيس دولة، ولكن تتفق كل الآراء على أنه الحاكم الفعلي لبلاده منذ 40 سنة أو تكاد، حيث إنه جلس على سدة حكم بلاده منذ الأول من سبتمبر 1969، ولعله بذلك ليس فقط عميد رؤساء الدول العربية بل عميد رؤساء الدول في العالم بعد الملكة إليزابيث الثانية التي قضت في الملك 49 سنة والرئيس بونغو رئيس دولة الغابون الإفريقية الغنية الذي يجلس على عرش جمهوريته منذ عام 1967 الذي أعلن إسلامه سنة 1973 وتقول ألسنة السوء أن إسلامه جاء لأسباب مصلحية، أي إنه في الحكم منذ 42 عاما ولا ينوي البتة أن يغادر سدة الحكم حيا، وهو نسبيا غير متقدم في العمر «فسنه» لا يزيد على 73 عاما.   ومن هنا فإن الرئيس كاسترو المتخلي يكون قد ضرب في العصر الحديث رقما قياسيا بين رؤساء الجمهوريات الأكثر تعميرا سيمر وقت آخر قد يطول قبل أن يأتي من يزاحمه فيه، فالرئيس بونغو لابد له من قضاء 7 سنوات أخرى في الحكم لتحطيم رقم الرئيس كاسترو القياسي أما العقيد القذافي فيحتاج إلى 10 سنوات أخرى على رأس ليبيا لتحطيم هذا الرقم القياسي.   ولا يبدو أن هذا أو ذاك مهددان في طول بقائهما إذا سلمت صحة كل منهما من أي خطر، فالرئيس بونغو عزز جانبه بوضع ابنه وخليفته المنتظر في منصب وزير الدفاع، أما العقيد القذافي الذي لم يتجاوز بعد سن الرابعة والستين فإنه حصن نفسه ونظامه بعدد كبير من الأبناء والمنحدرين من قبيلته ومن أنصاره الأوفياء، فالوضع على الأقل على المدى المنظور مستقر لهما بحيث لا يتهددهما مهدد.   وعلى مستوى الساحتين العربية والإفريقية فإن عميد السن بين رؤساء الدول هو ألبير موغابي رئيس دولة زيمبابوي، ويعتبر أيضا ثاني أو ثالث عمداء رئاسة الدولة عالميا، فهو من مواليد 1924 أي في سن 84 سنة ويتميز حكمه بالديكتاتورية المطلقة وبسوء التصرف الاقتصادي، فقد انخفض وضع روديسيا القديمة في ظل حكمه من دولة غنية كبيرة الثراء إلى دولة فقيرة، وكان قد تولى الحكم بعد استقلال بلاده في سنة 1980 كرئيس للوزراء، ثم إنه انتخب رئيسا للدولة في سنة 1987، ومنذ ذلك الحين وهو في موقعه أي منذ 28 عاما، أما ثاني عميد من ناحية السن عربيا وإفريقيا فهو الرئيس محمد حسني مبارك وهو من مواليد 1928، وقد تولى رئاسة الجمهورية المصرية منذ سنة 1981 أي منذ 27 سنة بدون انقطاع وذلك مباشرة بعد اغتيال الرئيس السابق أنور السادات.   على أن ارتفاع سن رؤساء الدول ليس خاصية للبلدان النامية، بل لعله أكثر انتشارا في البلدان المتقدمة، على اعتبار أن رجال الحكم ينبغي أن تكون لهم تجربة وحنكة وحكمة كبيرة مرتبطة بالسن، فقد بلغ بريجنيف من العمر عتيا، كما أن ميتران أو شيراك كانا من سن عالية وهما في السلطة، وفي اليونان ارتفع سن كرامنليس، وفي إيطاليا وصل عدد من رؤساء الجمهورية إلى المنصب وقد تقدمت بهم السن عاليا إلى ما بعد الثمانين، والرئيس الإسرائيلي الحالي شيمون بيريز من مواليد 1923 أي إنه في الخامسة والثمانين، ولذلك قيل إن رجال السياسة ليس لهم سن محددة للتقاعد.   (*) كاتب من تونس   (المصدر: صحيفة « الشرق » (يومية – قطر) الصادرة يوم 9 مارس 2008)


مشاهد من صمود الغزاويين والتفافهم حول مقاومتهم

 

 
 أحمد فياض-غزة   أثناء سيطرة قوات الاحتلال على أطراف شرق جباليا في غمرة الحرب الإسرائيلية على غزة، قامت بإجراءات فاقمت من جسامة الخسائر البشرية والمادية التي تكبدها سكان القطاع لا سيما في صفوف المدنيين وتعمدت زيادة معاناتهم، لكن الفلسطينيين حافظوا رغم ذلك على صلابتهم وحماستهم للمقاومة وكذلك على تواصلهم ومساندتهم لبعضهم بعضا.   يروي أبو سلطان، الذي اقتحم الجنود الإسرائيليون منزله وحولوه إلى ثكنة عسكرية، جانبا من صمود عائلته أمام كل عمليات التعذيب الجسدي والنفسي الذي مارسه جنود الاحتلال بغية إجبارهم على الإدلاء بمعلومات عن تحركات المقاومة.   ويقول « بعد أن جمعنا الجنود وأفراد عائلتي المكونة من 13 فردا في حجرة الحمام لنحو ثلاثة ساعات أخرجونا لإحدى غرف المنزل للتحقيق وسؤالنا عن تحركات رجال المقاومة إلا أن كبيرنا وصغيرنا لم يبح لهم بأي معلومة، رغم أن رجال المقاومة كانوا يكمنون لآليات الاحتلال العسكرية في بستان المنزل ».   وأضاف أنه بعد يأس الجنود من الحصول على أي معلومات بكل أساليب الترهيب والضرب التي مارسوها مع أفراد العائلة، صرخ أحد الضباط في وجهه بصوت عال وقال « كيف تبلغ من العمر أكثر من 50 عاما ولا تعرف أسماء جيرانك، ولا ترى رجال المقاومة الذين كانوا يحومون بالقرب من المنزل؟ ».   تابع أنه عندما لاحظ جنود الاحتلال مدى إصراره وأفراد عائلته على عدم الإدلاء بأي معلومة، شرعوا بضرب الأطفال الذين تعالت صرخاتهم، ثم هددوا بنسف المنزل وبدؤوا بتحطيم أثاثه ومقتنياته وجدرانه وخلع أرضياته وتحطيم كل شيء وقعت عليه أيديهم.   لغة العيون   ويستذكر أبو سلطان في حديثه للجزيرة نت كم كانت صعبة عليه تلك اللحظات التي كانت تنهمر فيها الدموع من عيني زوجته وهي تحاول تهدئة روع الأطفال الذين كانوا يصرخون من ركلات وصفعات جنود الاحتلال لإجبارها على الإدلاء بمعلومات عن تحركات المقاومة، إلا أنها كانت تنظر إليه هو يشد من أزرها بنظراته التي كانت تفهمها وكأنه بها يقول « إياك يا أم سلطان أن تخنعي لهؤلاء الأوغاد ».   وأشار إلى أنه رغم شدة المحنة وقسوتها فإنه سعد كثيرا بمدى سرعة ترجمة زوجته لنظراته وإصرارها العنيد على عدم النطق ولو بكلمة عن المقاومة.   أما الحاج عيسى حمودة الذي استشهد ابنه وجرف الاحتلال بستانه، فأكد للجزيرة نت أن قتل المدنيين الآمنين وتخريب مزروعاتهم لم ينل من صمود سكان الحي المؤمنين بأنهم أصحاب الحق في البقاء على هذه الأرض ولن يتزحزحوا عنها حتى ولو جبلت أشلاؤهم بترابها.   التفاف وصمود   وأشار إلى أن صمود أبناء الشعب الفلسطيني في غزة نابع من إدراكهم أن التفافهم وصمودهم إلى جانب إخوانهم المقاومين، رغم فظاعة الجرائم التي لم يسلم منها الصغير ولا الكبير، تغيظ الاحتلال وتضعف قوة ردعه، وتخيب رجاء قادته الذين يفكرون ليل نهار في سبل الخلاص من هوس صورايخ المقاومة.   أما الشاب رائد عبد ربه (30 عاما) من حي عزبة عبد ربه، فيروي للجزيرة نت كيف شرعت قوات الاحتلال في الانتقام من السكان والأبرياء، وقصفهم بالطائرات المروحية والاستطلاعية ومدافع الدبابات، ولم تكف عن جرائمها إلا بعد أن تمكنت المقاومة الفلسطينية من النيل من أحد الدبابات المتوغلة على الأطراف الغربية من الحي.   ويرى أن تفجير أبواب المنازل واقتحامها وإخراج من فيها من الشباب واستخدامهم دروعا بشرية وإطلاق النار عليهم في الشوارع، زاد من نقمة السكان على الاحتلال وبدؤوا بتسهيل تنقل المقاومين بين بيوتهم للتصدي للآليات الإسرائيلية التي كانت تنشر الموت في كل مكان.   (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 7 مارس 2008)


الحكومة الفلسطينية في غزة تثمن موقف ليبيا الرافض لإدانة المقاومة في مجلس الأمن

 
غزة (فلسطين) – خدمة قدس برس   عبرت الحكومة الفلسطينية في غزة عن تقديرها للموقف الليبي الذي وصفته بـ »المسؤول » والدول المساندة لهذا الموقف، « الذين رفضوا إدانة حق الشعب الفلسطيني الثابت في مقاومة الاحتلال ورفض السياسة الأمريكية المتبعة بالكيل بمكيالين وازدواجية المعايير عندما تكون الأمور متعلقة بالشعوب العربية، وخاصة حق الشعب الفلسطيني وثوابته، أو تكون متعلقة بجرائم الاحتلال ضد المواطنين الفلسطينيين ».   وقال طاهر النونو المتحدث باسم الحكومة في تصريح له: « إننا إذ نثمن الموقف الليبي العروبي الوطني الأصيل، نطالب العالم أجمع وجميع المنظمات الحقوقية والإنسانية بالعمل على وقف الاعتداءات الصهيونية على شعبنا واتخاذ القرارات بالعقوبات ضد حكومة الإرهاب الصهيونية التي جاهرت علانية بارتكابها للمحرقة تجاه أبناء شعبنا في قطاع غزة ».   وأضاف: « تعتبر الحكومة أن الحديث عن إلغاء المبادرة العربية للسلام مع الكيان الصهيوني خطوة في الاتجاه الصحيح في ظل استمرار إرهاب العدو الصهيوني وضربه عرض الحائط بكل القيم والمعايير الإنسانية ».   وكان مجلس الأمن الدولي أخفق الخميس (6/3) في إصدار قرار يدين الهجوم الذي استهدف مدرسة دينية متشددة في القدس الغربية وقتل وجرح فيه العشرات، بعد اعتراض السفير الليبي وسفراء آخرين على إدانة العملية، إلا إذا ترافقت بإدانة أعمال إسرائيل لعدوانها ضد غزة.   (المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال (بريطانيا) بتاريخ 8 مارس 2008)

الشهيد علاء أبودهيم …

تعامل معه اليهود … بوحشية واحتقار فقرر الرد في المكان نفسه

القدس المحتلة – محمد جمال

قالت صحيفة معاريف العبرية إن منفذ العملية الاستشهادية في القدس المحتلة، هو الشاب « علاء هشام أبو دهيم » من منطقة جبل المكبر بالقدس، ويبغ من العمر 20 عاماً، وكان يعمل سائق في المدرسة التي نفذت فيها العملية.

وكما يبدوا من التحقيقات الأولية ان طلاب متعصبون تعاملوا معه بوحشية واحتقار فقرر الرد في المكان نفسه وتحداهم في عقر دارهم .وحسب الصحيفة، فإن عائلة الشهيد فتحت بيت عزاء للشهيد في بيته، ورفعت رايات حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على البيت. ولم تعلن مسئوليتها عن العملية لكنها باركتها وأكدت أنها تأتي رداً طبيعياً على العدوان.

ووفق الصحيفة، فإن الشهيد أبو دهيم، كان معتقل لدى قوات الاحتلال قبل شهرين من تنفيذ للعملية، بسبب الاشتباه بانتمائه للمقاومة.وكانت قوات كبيرة من شرطة الاحتلال وطواقم التحقيق والمخابرات داهمت مساء الخميس منزل المواطن هشام ابو دهيم الواقع في حى المدارس بجبل المكبر في القدس المحتلة.

وقالت الصحيفة ان ابو دهيم وهو من مواليد عام 1982 ويحمل هوية مقدسية يحمل معه رشاشاً اوتوماتيكياً من نوع كلاشنكوف و6 مخازن ذخيرة، دخل الى المدرسة بكل سهولة وصعد الى المكتبة واتخذ مكانا بين خزانات الكتب واخذ يطلق النار في كل اتجاه حتى انتهت ذخيرته.

وبعد ان قتل وجرح العشرات حاول الانسحاب الا ان ضابط في الجيش الاسرائيلي تقدم نحوه واصابه, وبعدها وصل مندوبان من المخابرات الاسرائيلية واجهزا عليه.

القناة العاشرة من التلفزيون الاسرائيلي حصلت على شريط مسجل لمحادثة هاتفية بين احد التلاميذ ووالده، وكان التلميذ يهمس همسا ووالده يطلب منه رفع صوته الا ان التلميذ الخائف قال لوالده على الهاتف النقال « يا ابي اذا ارفع صوتي سيسمعني المخرب ويقتلني ».

بعض التلاميذ قفزوا من نوافذ الطابق الثاني للمدرسة فاصيبوا بكسور وصفتها مستشفى هداسا عين كارم بأنها اخطر من اصابات الرصاص.

و أكدت كتائب أحرار الجليل تبنيها للعملية وسردت حقائق من خلال بيان عممته على وكالات الانباء المحلية قالت فيه قامت مجموعة من احرار الجليل بتخطيط العملية وتوفير السلاح اللازم لها ورصدت وجمعت المعلومات والسلاح ووفرت اللوازم اللوجستية.

وجاء في البيان : » تعرف نشطاء احرار الجليل على الاستشهادي وهو ناشط سابق من حماس ( إلا أن الأساس في التعارف ان منفذ العملية كان على علاقة صداقة بالشهيد احمد محمود الخطيب من كفر مندا وهو منفذ عملية طعن لجندي في شوارع البلدة القديمة في القدس السنة الماضية وهو عضو في كتائب احرار الجليل ). مع التأكيد ان حماس في غزة لم تكن تعلم بالعملية ابدا وعلى ما يبدو ان الجهاز العسكري لحماس في الخارج هو الذي تولى التنسيق. 

وأكدت أحرار الجليل أنها لا تريد اعلان اسم الفصيل الثاني المشارك في العملية لان الاعلان يجب ان يكون من طرف ذلك الفصيل وفق الظروف الامنية والسياسية التي يراها مناسبة.

واقتحمت قوات الاحتلال منزل عائلة ابو دهيم في جبل المكبر والذي يعمل سائق باص عمومي مع شركة اسرائيلية, واعتقلت افراد عائلته وعددا من أقاربه وزملائه السائقين . 

ولفت التلفزيون الإسرائيلية إلى أن مائتي مستوطن كانوا في المدرسة لحظة تنفيذ العملية الاستشهادية.

واعتبر محللون إسرائيليون أن العملية من أعقد العمليات الاستشهادية التي نفذت في الأراضي المحتلة عام 48، مرجحين بقوة أن تكون كتائب القسام هي التي نفذتها نظراً لأن أسلوبها مشابه لتخطيط الكتائب. ووصفت مصادر العملية بالكبيرة جداً وقالت إن الجنود انتشروا في محيط المكان بكثرة.

وقال المفوض العام لشرطة الاحتلال إن العملية تأتي بعد هدوء كبير في القدس، ولم يسبقها أي إنذار أمني. وعقب العملية فرض الاحتلال حصاراً مشدداً على معظم المدن بالضفة الغربية. مكان تنفيذ العملية أعطى لها أهمية بالغة، حيث إن المدرسة المذكورة « يشيفات مركاز هراف »، قد تأسست من قبل الراف أو ما يسمى بـ »الحاخام الأكبر » الأول للدولة بعد قيامها، وهو الراف « أفراهام يتسحاك هكوهين كوك »، في العام 1924، كمركز روحاني، « الصهيونية الدينية »، يعمل على دمج التوراة مع ما يسمى « نهضة شعب إسرائيل » في البلاد. وتعتبر المدرسة اليوم أحد أكبر مراكز التوراة في البلاد، ويسكنها المئات من الطلاب، في جيل 18- 30 عاماً، وهم يؤدون الخدمة العسكرية في الجيش.

وتسلم رئاسة المدرسة بعد وفاة مؤسسها « تسفي يهودا » الذي يعتبر الأب الروحي لحركة « غوش إيمونيم » العنصرية الاستيطانية. وقد تخرج من المدرسة المذكورة كبار قادة المستوطنين والرابانيم في المستوطنات. حيث تخرج منها عضوا الكنيست السابقين « حنان بورات »، و »حاييم دروكمان »، العنصريان. والأخير يترأس مدرسة دينية تدعى « أور عتسيون » قرب الخليل ».

كما تخرج من المدرسة « إلياكيم ليفانون »، وهو الراف الأكبر لمستوطنة « ألون مويه » المقامة على الأراضي الفلسطينية قرب نابلس. وكذلك الراف « دوف ليئور »، راف مستوطنة « كريات أرباع » في الخليل ».

وقال خبير عسكري إن المهاجم اختار هدفه بعناية وقد استطاع اقتحام مدرسة من المسلحين اليهود. واعتبر أن العملية تؤكد للمجتمع الإسرائيلي أنه ليس ببعيد عن رد المقاومة على مجازر غزة.

 (المصدر: صحيفة « الشرق » (يومية – قطر) الصادرة يوم 8 مارس 2008)


أمريكا تعطي الضوء الأخضر للتفاوض مع حماس بوساطة مصرية

 بروكسل (رويترز) – تواجه وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس ضغوطا منذ شهور للتعامل مع حركة المقاومة الاسلامية (حماس) وفي الاسبوع الماضي أومأت لمصر كي تتفاوض مع الحركة لانهاء العنف في قطاع غزة.

ويرى محللون أن هذه أول علامة على أن ادارة الرئيس الامريكي جورج بوش قد تغير نهجها مع حماس من العزل الكامل الى تشجيع دول حليفة مثل مصر كي تتعامل مع الجماعة الاسلامية اذا كان الهدف من ذلك هو انقاذ محادثات السلام التي ترعاها الولايات المتحدة.

وبدأت مصر محادثات يوم الخميس مع زعماء في قطاع غزة من حماس والجهاد الاسلامي في اطار مساع تدعمها الولايات المتحدة لترتيب هدنة بين الجماعتين واسرائيل لوقف العنف في القطاع الذي تديره حماس والذي أخرج محادثات بشأن الدولة الفلسطينية عن مسارها.

وقتل مسلح فلسطيني ثمانية أشخاص في مدرسة دينية يهودية في القدس يوم الخميس مما زاد من التوترات. وقالت اسرائيل ان الهجوم لن يخرج محادثات السلام عن مسارها.

وأثناء زيارة للضفة الغربية واسرائيل الاسبوع الماضي رفضت رايس أن تدعو رسميا الى وقف لاطلاق النار وفضلت بدلا من ذلك أن تشير الى  » تهدئة » كي يتسنى للمحادثات أن تعود الى مسارها.

لكنها أوضحت يوم الخميس أن واشنطن تؤيد المهمة التي تضطلع بها مصر لترتيب هدنة وهو مؤشر على أن دور الوساطة الذي تقوم به القاهرة مقبول اذا كان في وسعه انقاذ المحادثات التي بدأت في أنابوليس بولاية ماريلاند في نوفمبر تشرين الثاني الماضي.

وقالت رايس في مؤتمر صحفي في بروكسل حيث تحضر اجتماعا لوزراء خارجية الدول الاعضاء في حلف شمال الاطلسي « تحدثت مع المصريين ونتوقع أن يقوموا بالجهود التي قالوا انهم سيقومون بها لمحاولة تحقيق تهدئة في المنطقة وتحسين الوضع في غزة. »

وأضافت « كما تعرفون.. مصر حليف جيد في هذه الجهود لمساعدة (عملية) أنابوليس (السلام بين اسرائيل والفلسطينيين) وانا على ثقة أن ما يفعله المصريون يتفق تماما مع هذا السياق. »

 ورفضت رايس الخوض في تفاصيل المحادثات لكن الضوء الاخضر لمصر جاء اثر ضغوط قوية من حلفاء أوروبيين وعرب من بينهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس بضرورة التحرك لعمل شيء ما بشكل عاجل لكبح العنف.

ويقول محللون متخصصون في شؤون الشرق الاوسط ان الاستراتيجية تقضي بعدم دفع حماس لان تشعر بأنها أكثر استهدافا وانما باشراكها في العملية.

وقال البروفسور شبلي تلحمي وهو خبير في جامعة ماريلاند « في النهاية اذا وجهت رسالة بأن اللعبة هي تدميرها فانها ستتحرك (بالعنف) في كل مرة يكون هناك احتمال للمضي قدما في المحادثات. » 

وقال ان الولايات المتحدة يجب أن تشجع الدول العربية على أن تقوم بوساطة بين حماس وحركة فتح التي يتزعمها عباس.

وقال المفاوض الاسرائيلي السابق دانييل ليفي ان رايس لا تستطيع أن تغفل أن حماس قد تتحرك كطرف يسعى لافساد المحادثات التي تأمل ادارة بوش أن تؤدي الى اتفاق بشأن دولة فلسطينية بنهاية العام.

وأصاف ليفي الذي يعمل الان مع مركز أبحاث نيو أمريكا فاونديشن « انكم تخاطرون بتجاهل غزة وحماس. »

وتابع قائلا انه من غير المرجح أن تنحسر قدرة حماس على التأثير على المفاوضات سواء باطلاق صواريخ من غزة على اسرائيل أو بأي أعمال أخرى.

وقال « المسار الاكثر ترجيحا هو أن حميع الاطراف ستنتظر ببساطة التصعيد التالي الذي سيأتي حتما وأن عملية أنابوليس الجديدة للسلام ستعاني من موت بطيء. »

وفي الاسبوع الماضي لاقى أكثر من 120 فلسطينيا حتفهم في هجوم على قطاع غزة تقول اسرائيل انه يهدف الى منع الهجمات الصاروخية التي تشنها حماس. وتقول حماس انها تطلق الصواريخ دفاعا عن النفس وانها ستتوقف اذا أوقفت اسرائيل نشاطها العسكري في غزة والضفة الغربية المحتلة وأنهت حصارها لغزة.

وقبل اجتماع أنابوليس في العام الماضي والذي أطلق من جديد عملية السلام كتبت مجموعة تضم دبلوماسيين سابقين ومسؤولين أمريكيين كبارا لرايس والرئيس الامريكي جورج بوش لحثهما على ايجاد طريقة لضم حماس.

ولكن رايس ومسؤولين اخرين في الادارة رفضوا الاقتراح صراحة.

وبينما أعطت رايس موافقة لمصر للتعامل مع حماس فان واشنطن لا تريد أن تعطي شرعية لجماعة تنعتها بأنها ارهابية. وقال مسؤول أمريكي كبير ان سياسة الولايات المتحدة العامة بشأن عزل حماس لم تتغير.

وتأمل الولايات المتحدة أن يلمس سكان غزة مزايا الانضمام لقطار السلام فور توقيع اتفاق بين عباس المؤيد للغرب وأولمرت لاقامة دولة فلسطينية.

وقالت رايس « لندع حماس تقرر ان كانت تفضل أن تكون خارج ذلك التوافق. »

من سو بليمنح 

(المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 8 مارس 2008)


فوضي في الجامعات التركية بعد السماح بارتداء الحجاب

تظاهرات وعرائض من كل نوع، تجمع للاساتذة ورفض للتعليمات الجديدة

 
اسطنبول من نيكولا شوفيرون: تظاهرات وعرائض من كل نوع، تجمع للاساتذة ورفض للتعليمات الجديدة… في اختصار، انها الفوضي في العديد من الجامعات التركية التي شرعت ابوابها للطالبات المحجبات مع بدء النصف الثاني من العام الجامعي. في جامعة بوغازيشي في اسطنبول هتف نحو مئة طالب الاربعاء نعم للحجاب لا لمؤيدي منعه ، علما ان هذه الجامعة هي المؤسسة العامة الوحيدة التي استقبلت منذ زمن طويل الفتيات المحجبات. لكن السماح بالحجاب في التعليم الجامعي عقد حياة الطالبات اللواتي يرتدينه، وذلك بعدما وافق عليه البرلمان التركي بناء علي اقتراح الحكومة المنبثقة من الحركة الاسلامية واصدر الرئيس عبدالله غول قرارا في شأنه نهاية شباط (فبراير). وعلق سعيد اوزتورك الطالب في علم الاجتماع الذي تضامن مع زملائه بارتداء حجاب اسلامي جراء النزاع السياسي الذي وقع اخيرا (حول الحجاب)، اجبرت نساء محجبات علي مغادرة الصفوف بعدما اساء اساتذة معاملتهن . واذا كانت جامعات عدة، خصوصا في الريف التركي، وافقت علي استقبال طالبات محجبات، فان نظيرات لها اعلنت بوضوح انها لن تطبق التدبير الاصلاحي، رغم التحذيرات الصادرة من رئاسة مجلس التعليم العالي تحت طائلة عقوبات جزائية. واوضح بعض رؤساء الجامعات انهم لن يطبقوا الاجراء الجديد قبل صدور مرسوم تفصيلي يلحظ استثناء رموز الاسلام المتطرف، مثل التشادور او النقاب. وثمة مخاوف لدي المدافعين عن العلمنة، النافذين في صفوف الجيش والسلطة القضائية والجامعات، من اسلمة تدريجية لتركيا ذات الغالبية المسلمة في ظل نظام علماني. يدرس اوندر اوزتورك تاريخ ثورة مصطفي كمال اتاتورك، ابي العلمانية في تركيا، والتزم مناهضة ارتداء الحجاب داخل الجامعة. وعلي رأس اتحاد الشباب التركي ـ فرع اسطنبول، وهي منظمة طالبية تضم نحو عشرة الاف منتسب، بادر الي تنظيم العديد من التظاهرات واطلق عريضة في الجامعات رفضا لما اعتبره هجمات خطيرة للحكومة علي مباديء الجمهورية . وقال من وجهة نظر تاريخية، تشكل الجامعات (…) معقلا للجمهورية. انها تمثل العلم والتنوير والحداثة وعليها ان تواصل اداء هذه المهمة ، واضعا امله في حكمة المحكمة الدستورية. والواقع ان المحكمة قبلت الخميس النظر في طعن يطالب بالغاء التدبير الاصلاحي، تقدمت به المعارضة الاشتراكية الديموقراطية. واعتبر عالم الاجتماع فرحات كنتل من جامعة بيلجي الخاصة في اسطنبول والتي استقبلت الطالبات المحجبات، ان مخاوف الاوساط المتمسكة بالعلمنة تظهر تزايد القلق من خطر اسلمة فعلي. وقال الباحث استنادا الي الدراسات التي اجريت، فان الفتيات اللواتي يؤيدن الاسلمة ويردن فرض سلوكهن والتحول جزءا من مشروع سياسي لسن سوي اقلية ، مؤكدا من جهة اخري ان غرق الجامعات في بحر من الفتيات المحجبات امر غير وارد . واضاف خلف الحجج (التي تناهض الحجاب)، اعتقد ان ثمة خوفا من فقدان شكل معين من الهوية التركية. وتابع كنتل ربما ينبغي القبول بامكان ان يكون للمرء صور اخري (…) ان يكون له صور عدة .   (أ ف ب)   (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 8 مارس 2008)


صراع حضارة الدمار والدمار الشامل  ضد بقية الحضارات الاخرى

تطبيقات الفيزياء والكيمياء وعلوم الاحياء … في الحروب أشد إرعابا

عبدالباقي خليفة  (*) 

يعرض الدكتور أنس كاريتش في كتابه النفيس  » مقالات بوسنية  » جملة من الافكار حول   » الحوار الفلسفي بين الاديان عوضا عن صراع الحضارات  » و « مسؤولية العقل و اللامسؤولية لدى بعض المفكرين المعاصرين  » و غيرها من المواضيع  الفكرية الهامة  بعمق كبير ، مرتكزا على توافقات معالمية في دنيا الفكر الانساني  وهو بالتالي لا يغرد خارج السرب  وإنما اختار السرب الذي يغرد فيه أو من خلاله بعد تعدد الاسراب على الرغم من محاولات الهونتيغتونية المدججة بالأدلجة المسلحة أو الأسلحة المؤدلجة .

يبدأ الدكتور كاريتش  بعرض أفكاره في كتابه الجديد ( 333 صفحة من القطع الكبير ) بثقة متناهية معترفا بانجازات العلم وقيمتها إلا أن ذلك لم يمنعه من توجيه النقد في الجوانب التي يراها طغت على المعقول فهو يشير إلى أننا « نعيش في عصر طبع العالم فيه باختراعات العقل البشري ومنتوجاته بشكل لم يشهده من قبل ،لذلك يسمى عصرنا الشامل « العصر الحديث « و »ما بعد الحديث  » و »المدنية التقنية « و »عصر نهاية التاريخ  » … إلخ . و على كل حال فإن أقل قاسم مشترك لكل تلك التعابير هو حكم وسيادة العقل العلمي للانسان على الارض   » . و يرى الدكتور كاريتش أن أشكالا معينة من العقل  تجاوزت المعقول والقدر المناسب من الجرعات وفق حالة العالم الذي شبهه بالانسان  » لم يغتصب هذا الشكل العقلي أشكالا أخرى للعقل البشري فحسب ، بل اغتصب أيضا جميع الاشكال الاخرى للوجود الانساني . أصبح العقل العلمي والتقني قاضيا على كافة  الاشكال الاخرى للعقل البشري ، وكل الاشكال الاخرى لكينونة الانسان  ووجوده  » . و يهدف الدكتور كاريتش في مناقشته لهذه القضية  إلى لمس  صفة واحدة بتعبيره من الصفات الكثيرة للعقل العلمي ، ألا وهي  » استهتاره العالمي  » .

ويجد الدكتور أنس كاريتش أن  » تطبيقات الفيزياء والكيمياء وعلوم الاحياء … في الحروب أشد إرعابا ، فقد عشنا في القرن  العشرين وحده حربين عالميتين وقنبلتين ذريتين ، بينما فاق عدد التجارب السلمية لهذا السلاح أكثر من ذلك بكثير  » . ويرى أن العقل لم يتوجه لامعان النظر في الاخطار والبحث عن حلول  » وعلى كل حال لسنا بحاجة هنا إلى إجراء توصيف لهذه الاشكاليات ، والعجيب هنا ،حقيقة هو أن هذه المشاكل معروفة لكن الحلول مجهولة ،وهي غير معروفة للقسم الاعظم من البشرية وعلى الأقل لا يجري البحث عن الحلول بمسؤولية إضافة إلى عدم توجه العقل المسؤول للبحث عن ذلك  » . ولا يقتصر ما يسميه بالاستهتار على التقنية بل العلوم الانسانية أيضا  » نحن ننطلق هنا من إفتراض أن الاستهتار العقلي للعلوم الحديثة شامل ، في العلوم الانسانية والعلوم الطبيعية على حد سواء ، وأصبح هذا الاستهتار قدر الانسان اليوم وأكثر ، ليتجاوز حدود العالمية  » . والمأخذ الآخر الذي يسجله هو أن  « التقدم العلمي واضح في كل مكان ، لكن دون أن يصاحبه تقدم اخلاقي أو كما قال تيودور آدورونو من صناعة القوس والسهام إلى صناعة القنبلة الذرية تم في الحقيقة إحراز « تقدم  » لانه بهذه القنبلة يمكن قتل أعداد كبيرة من البشر أي أن المشكلة تكمن في غياب التقدم الاخلاقي للبشرية  « .ويضرب أمثلة أخرى على استهتار العقل ( العلمي ) لعصرنا الحاضر الذي من المقدور متابعته بوضوح في العلوم الاجتماعية  » إن نظرية صاموئيل هونتيغتون عن  » صراع الحضارات  » . تعمل مراكز قوى كثيرة على الترويج لها اليوم بشكل هجومي في وسائل الاعلام العالمية . إن ترويجها يشابه اللامسؤولية ذاتها في ترويج النظريتين الفاشية والشيوعية  في القرن العشرين  » . ويعتبر الدكتور كاريتش أن الصيغ الثقافية التي تبرر الصراع وتؤكده أو تقبل به غير مسؤولة   » تعتبر نظرية  » صراع الحضارات  » لا مسؤولة تجاه جميع مرافق الحياة الانسانية . وهي هجومية بشكل مشابه للنظرية الفاشلة عن  » صراع الطبقات  » والاكثر من ذلك إن نظرية هونتيغتون تمثل صدى بعيدا للحزن على الازمنة المتصفة بثنائية العالم  السياسية والاقتصادية و لعقائدية … والتي نشأت على أنموذج التقسيمات القديمة للعالم ، « إلى الاغريق والبرابرة  » و  » المتمدنين والمتوحشين  » إلخ  » . 

 ويرى أن هونتيغتون  من مدرسة  العلماء الذين يتأملون تاريخ العالم ويقرؤونه من خلال  » عدسة الصراع  » البائسة الضيقة ، لذلك فإن المروجين له اليوم في أميركا ليسوا سوى أناس ختمت عقولهم بمنطق  » الحروب الباردة  » وفي الجهة الاخرى  يرحب به الشيوعيون السابقون و يستقبلونه كزوج محترم  لأنه يؤكد مجددا على أن العالم  مؤلف في الحقيقة من صديق عالمي واحد وعدو عالمي واحد وقد قام أنصار هونتيغتون على منح الاسلام  دور العدو العالمي على أية حال  » . إلا أن هونتيغتون كما يشير الدكتور كاريتش  »  له في ذلك أسلاف ، فمنذ حوالي ثلاثين عاما ظهرت في الغرب ولا سيما أمريكا مجموعة من العلماء من ذوي النفوذ في العلوم الانسانية وغالبيتهم من المؤرخين  وفلاسفة التأريخ  وضعوا هدفا أساسيا لأنفسهم هو « الكهانة  » و » التنبؤ  » بالتطورات المستقبلية  » للتأريخ العالمي  » إلا أن هؤلاء ليسوا بأولئك « المستقبليين »أو « علماء المستقبل  » المشهورين من قبل ، والذين  كان منهم الكثيرين في أمريكا  ومناطق أخرى ، بل هم علماء يحتلون مناصب رفيعة في مؤسسات التخطيط والدراسات الاستراتيجية  » ويشرح ذلك بالقول  » تابعت هذه المجموعة من العلماء بدقة وانتباه  » إضافة إلى التخطيط والتشجيع  » انهيار الامبراطوريات الشيوعية الكبيرة أو الصغيرة وظهرت خلال عشرين سنة مجموعة ضخمة من المؤلفات التي وجهت مسارات تحرك أمريكا والعالم   » . ويتساءل  » فهل نشأ عالم أحادي القوة ؟ ، إذا كان الجواب نعم فكيف يمكن التحرك في عالم أحادي القوة ، في عالم بلا قطبين للانحياز إلى أحدهما ، وهل من الممكن قيام عالم القوة الواحدة ، وكيف يمكن منع العالم من التحول إلى عالم آحادي العنف  » ؟ . هذه بعض الاسئلة التي عمل عليها الكثيرون حتى قبل هونتيغتون  مثل فرانسيس فوكاياما في كتابه  » نهاية العالم  والرجل الاخيرحيث أطلق فيه نقاشا عن  » نهاية التاريخ  » فاشتهر بذلك شهرة واسعة في أمريكا ، ولأن هذا الكتاب منح بين سطوره  دورا قياديا لامريكا ،  قائلا بأن أمريكا هي القوة التي  » تنهي تأريخ العالم  » و لكنها أيضا القوة  التي  » تعبد طريق ما بعد التاريخ  » ذلك  » العالم الجديد  » . و منح أمريكا دور القائد الجديد لاجتياح العالم في المستقبل .

 وعن ذلك يقول  » إن فرضيات فوكوياما متفائلة ومتشائمة في آن واحد و أصبح مشهورا لأن الامريكيين ( و غيرهم كذلك ) يفضلون قراءة الرسائل المتفائلة في كتابه . لكنه مثل هونتيغتون و كثير غيره لم يطرح أسئلة كثيرة ، و لم يقدم إجابات موفقة لكثير من الاسئلة ، أو بالاحرى لم يقدم إجابات أصلا  » . و تابع  » إن الصفة العامة لفرضية  » صراع الحضارات  » هي في الحقيقة إعطاؤها صفة البديهية و الطبيعية  تماما كما كانت نظرية  » صراع الطبقات  » بديهية  فهي ابتداء و بشكل بديهي صحيحة ، و تم تسويق فرضية  » صراع الحضارات  » على أنها الحل الوحيد الممكن للعصر في القرن الواحد و العشرين و ما بعده  » .

لماذا ينظر صناع فرضية  » صراع الحضارات  » إليها بهذا الشكل ؟  يجيب الدكتور كاريتش  »  لأنهم مدعومون بوسائل الاعلام ، ولأنهم يروجون بلا مسؤولية  » لصراع الحضارات  »  ليس على إنها الروئ للكثير من روئ المستقبل ، بل مروية  لقدر لا يتغير ! و كأنه يقال لنا : إن  » صراع الحضارات  » قادم لا محالة ، و إنه المصير الذي يصيبنا جميعا ، لذلك فلا خيار ولا مخرج لنا ، وعلينا التصرف كما تعاملنا أيام الاشتراكية و الشيوعية ، فإما نحن متقدمون أو أننا متخلفون ، إما نحن برجوازيون أو أننا طبقة عمالية كادحة ، إما أننا سندخل إلى الجنة الشيوعية أو أننا لن نكون … لا يوجد خيار ثالث ، و لا يوجد خيار رابع ، بكل بساطة لا خيارات  » . و ينصح بأن لا يقرأ هونتيغتون كما أراد هو أن يقرأ   » لا يجب قراءة هونتيغتون بالطريقة التي يقترحها هو لقراءته ، لأنه يرغب أن يكون منظرا لواحدة من النظريات السياسية  – التأريخية ، التي ستغير الالفية بين ليلة و ضحاها . ينبغي التصرف و العمل بها دون السؤال عن صحتها ، و بشكل أقل عن مصداقيتها و مسؤولية افتراضاتها ، فاخترع للغرب عدو مميت  كالاسلام أو الكونفوشيوسية أو ( حتى الآن ) الصين الشيوعية ، و الارثوذكسية أو حتى البوذية النائمة   » . إن من يقرأ هونتيغتون  – كما يقول – بهذه الطريقة ( فإن كان من المسلمين على سبيل المثال ) و  » من يعتقد بأن الغرب هو كما صوره هونتيغتون فإنه يرضى أن تتم قراءة الاسلام  والكونفوشية  و البوذية … بعيون هونتيغتون . وبهذا يتم إسداء خدمة وتسويق لفرضيات هونتيغتون . و هكذا في الحقيقة  يقرؤه الكثير من المسمين بالمسلمين المتطرفين  الذين ظهروا على خريطة  » صراع الحضارات  » المؤمنين  بأنه قاب قوسين أو أدنى من بدايته   » ! يظهر التناقض في نظرية هونتيغتون بوضوح جراء احتفاله بنهاية العالم ثنائي القطب ، وكذلك يشاهد التضارب أثناء نظرته بتشكك كبير عند رؤيته لنجاح وانتشار وشجاعة النماذج الديمقراطية في أرجاء العالم الاخرى ، في مناطق الاتحاد السوفياتي الشيوعي السابق ، ثم في في بلدان العالم الاسلامي ، و الدول البوذية و الكونفوشيوسية …  »  من مآخذ الدكتور كاريتش على هونتيغتون  الازدواجية التي يراها تفقد المفكر الشرف العلمي وشرف التفكير العقلاني ومنها  » الاحتفال بإنتهاء ثنائية القطبية وإحدى الحروب الباردة ، و تسويق واحد من القطبين الثنائيين و حرب باردة أخرى من جهة ثانية ! يقوم هونتيغتون نفسه بهذا و ينادي في كثير من الأماكن في كتاباته  » الغرب ضد الآخرين  » ألا يذكرنا هذا بشعار  » العالم الحر و العالم القابع خلف الستار الحديدي  » .

ليس فقط على هذا  يوجه  نقاده المحترمون الانتباه ، أمثال  الدكتور كاريتش و روي متهاديه الاستاذ في جامعة هارفارد ، و المستشرق اليهودي برنارد لويس الخ ، بل إنهم يطرحون الاسئلة التالية عليه : أولا هل أن العالم ثنائي أو ثلاثي القطبية قد انتهى فعلا ؟ و ثانيا إذا كان قد انتهى فعلا فما هي القطبية الثانئية للعالم التي نشأت ؟ ثنائية القطبية ( ثلاثية الاقطاب ، متعددة الاقطاب ) فالقنابل الذرية و الهيدروجينية مازالت موجودة بالرغم من الغياب  » الظاهري  » لعالم العقيدة ثنائية القطبية ! . إن عالم العقيدة ثنائية القطبية كما يتابع نقاد هونتيغتون  تأكيدهم ، كان بمثابة قناع لستار يترنح للثنائيات القطبية الحقيقية ثلاثية الاقطاب إلخ . إن الثنائية القطبية الاكثر واقعية ( و التي لم تتلاشى ) هي الاقتصادية بالطبع . الدول المتقدمة و حدها المستفيدة الاكبر من ثروات العالم ( بأي حق ) ؟ و باقي الدول المتخلفة ليس لهم من العالم سوى النذر اليسير ! . هذا ومن السهل جدا استبدال العقيدة الشيوعية بأي كلام عقائدي آخر .  » يقرر هونتيغتون مخطئا بأن الارذوكسية كحضارة ستحل مكان حطام عقيدة  » صراع الطبقات  » الشيوعية للاتحاد السوفياتي ، لكن الذي رايناه هناك لحد الآن ليس سوى ظهور الارثذوكسية كعقيدة غير مصاغة بصورة جيدة و ليس كحضارة ، كما رأينا كذلك وصول الطغمات القومية و التكنولوجية إلى حلبة الصراع السياسي ، إما هذه و إما تلك أو كلاهما معا   » !

وضع صوموئيل هونتيغتون في كتابه  » صراع الحضارات  » الاسلام و الصراع مع الاسلام في الموقع المركزي من نقاشاته .  فكما أنه أخطأ  مع الغرب عندما نظر إليه منسجما ، أخطأ بشكل فاضح بنظرته للعالم الاسلامي ، عندما تصور أنه كتلة متناغمة  ومتأهبة لاحتلال الغرب . وفي الحقيقة أعطى هونتيغتون العالم الاسلامي – بشكل ما – دورا نديا للغرب مشابها لدور العالم الشيوعي السابق . و لا يتساءل هونتيغتون عند ذلك : هل الذي يؤكده صحيح و مسؤول حقا ؟!   » إن نظر هونتيغتون إلى الاسلام اليوم عبر المنظور الحلفي منعته من ملاحظة ما في داخل العالم الاسلامي ذاته

إن هونتيغتون   » يمحو كل هذا باستهتار ، فعنده جميع العرب مسلمون ( يوجد من العرب 20 مليون نصراني ، يتقاسمون مع مواطنيهم المسلمين السراء والضراء )  وعنده جميع المسلمين كما يسميهم أصوليون ( علما بأن من يسميهم بالاصوليين المسلمين يعانون جور الانظمة ) والادهى من ذلك اعتباره كل الفرس شيعة مع وجود شعوب أخرى تتكلم الفارسية  وهم سنة  مثل الطاجيك  والاذريون شيعة رغم أنهم يتكلمون التركية  » . وبناء على ذلك فإن هونتيغتون   » لا يعلم أصلا بأن ممثلي الشيعة الاكثر تحمسا لا وجود لهم في فارس ، و لكنهم بين العرب الشيعة  » . وينظر هونتيغتون إلى العالم الاسلامي على أنه منسجم تماما كما ينظر إليه ( لكن لدوافع أخرى مع النتائج الممكنة المماثلة )  » المسمون بالاصوليين المسلمين أو السلفيين أو المتطرفين . لكن كما أنه يمكن إطلاق صفة الانسجام على أي عالم إنساني آخر ، فلا يجوز محاصرة العالم الاسلامي بهذه الصفة  » .

يهمل هونتيغتون كل هذا لأنه لا يتطابق مع فرضية  » صراع الحضارات  »  ولا يتوافق أيضا مع فرضية  » الاسلام المتناغم و المنسجم  » . ومع أن هونتيغتون لا يستحق الكثير من الانتباه . ( الحقيقة أن هونتيغتون شغل العالم منذ تسعينات القرن الماضي  وإلى اليوم )  ، إلا أن هذه الضجة الاعلامية القوية و التسويق الذي يجري له في كل مكان لها أهمية بالغة ، إن أحدا ما يقف بلا مسؤولية خلف تلك الضجة لهدف وغاية محسوبين ، فهل يا ترى أن هونتيغتون ذاته هو بالونهم أم أنه سهمهم المشدود  » . ولكن إن النص الاكثر جدية من فوكاياما و هونتيغتون ذلك الذي قدمه زبيغين بيرزيزكي  المسؤول الامريكي الحكومي في أيام جيمي كارتر  عندما ذكر في كتابه  » خارج السيطرة  » فهو لا يتنبأ ولا يضع في المستوى الاول  »  صراع الحضارات  » و لكنه و بكل اختصار  مرعوب حتى العظم من امكانية تحرك العالم  خارج نطاق السيطرة ، مع خشيته من السيطرة الزائدة . لذلك فهو يخشى من الشرور الممكنة للبشرية غير المنظبطة و اللامسؤولة . يشير الدكتور كاريتش أيضا إلى مؤلف آخر من موقدي الفتن لصالح الغرب  » . ولا يلعب بيرزينزنسكي على بطاقة هونتيغتون القائلة بأن مشكلة الغرب تكمن في روسيا و العالم الاسلامي و الصين ، و تجد أمام روسيا  كذلك مشكلة العالم الاسلامي و الصين ، و بخلاف هونتيغتون فهو يرى بأن تغذية  » صراع الحضارات في آسيا  » سيجعل الغرب يجني  » حصادا  » ثمينا  » !

 ويعود لنقد هونتيغتون « إن هونتيغتون هو صرعة لا مسؤولة ، و تقليد لا مسؤول  » مؤكدا بأن العالم لن يتحارب حول الحضارة  . « لن يتحارب العالم حول الحضارة ، لأن الحضارة و الثقافة إنما يأتيان عقب ذلك ، كقول منيرفين سوفولياغا : إن كل الذي يحصل لاحقا  » يشرح ما قبله  » لكن للأسف ، فالملوك و الرؤساء و القادة العسكريين  والدول والشعوب و باختصار العالم نفسه سيحاربون لاجل الانهار و البحار و البحيرات و الطرق والنفط و الثروات الاخرى … إلخ  » . و بطبيعة الحال حتى الحروب حول الحضارات و الاديان ( لم لا و نحن نعلم أن حربا نشبت في إحدى المرات بسبب مباراة لكرة القدم في جنوب افريقيا ) و مع ذلك ستكون هناك حروب بكل تاكيد .  » ويحاول الكاتب أن يدمر نظرية  » صراع الحضارات  »  كما يبدو من خلال تفكيكها و تعرية مراميها كما سبق  وكما يسطره في ثنايا الكتاب  . « ولازالة نظرية صراع الحضارات بشكل مناسب من المسرح لا بد من أن نطرح عليها بعض التساؤلات : آلا تحتوي ربما فرضية  » صراع الحضارات  » كمصير لا مفر منه حل بالعالم ، معنى يتضمن محاولة العفو عن أنصار ما يسمى  » الازالة العرقية  » في البوسنة أو رواندة من قبل أو في ألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية . ألم يتم تصوير  » صراع الحضارات  » اليوم بالطريقة ذاتها التي صوروا بها سابقا  » صراع الطبقات  » كنقطة  إجبارية  على عجلة التاريخ  العملاقة التي تدوس كل شئ  كقوة  ظلامية و عمياء لا مسؤولة تقتحم زماننا و لا أحد يعلم السبب . هل أنهم يعدون  بنظرية  هونتيغتون و ينسقون خطة تقسيم العالم ، و هل يخطط من خلالها  لجعل القرن الواحد و العشرين قرنا للبؤس و الحروب  » ؟ .  و قال  » نحن هنا ننظر مع ذلك إلى  » نظرية الصراع  » بشكل مختلف  نحن نؤكد عدم وقوع صراع بين الحضارات التقليدية ، و أنه ستحدث توترات هائلة ، بل وصراع بين الحضارة التقنية الحديثة من جهة ، و الحضارات التقليدية من جهة أخرى – حسب تأكيدات الكثيرين من نقاد هونتيغتون – من بينهم سيد حسين نصر . إلى صراع بين الحضارة  التقنية والحضارات التقليدية الاخرى ( الشينتو  » الديانة الاصلية  لليابان  »  الكونفوشيوسية  واليهودية و النصرانية  والاسلامية … ) علة عدة مستويات ك قانونية  واخلاقية …  »  ينتقل الدكتور كاريتش لمناقشة قضية أخرى  تحت عنوان  » الحضارة التقنية  »  بطرح عدة أسئلة  مثل أين تقع لا مسؤولية عقل الحضارة التقنية ؟ وأين و في أي شئ يكمن فشل الحضارة التقنية ؟  » الاجوبة متوفرة على كل حال ،لكن ذلك الفشل يكمن حسب اعتقادنا في روحها  المتجبرة المبتكرة  وفي عدم مسؤوليتها أمام أي طرف  ولا حتى أن تكون مسؤولة أمام ذاتها  » . وضرب مثلا عن ذلك  » أتذكر إحدى الوقائع الفظيعة  عن إمراة قادرة على حمل طفل  لكن مع عدم تمكنها من إتمام حمله  حتى موعد الولادة . و قدم العلماء خلالها حلا لها وهو إخراج جنينها وزرعه في رحم أمها  وقد تم إجراء ذلك فعلا . وعندما وضعت الجدة وليدة أنثى أحست نحوها بعاطفة الامومة ، و لكن وليدتها لم تكن مجرد حفيدة و لا إبنة فقط … بل هي أيضا وليدة لابنة الجدة  التي حملتها أصلا مع زوجها فهل الوليدة هذه شقيتها أم ابنتها  » ؟  و تساءل  » لمن تتبع هذه المولدة قانونيا

وبعد هذا تتابع جميع الاسئلة الاخرى التي يطرحها القانون و الاخلاق والدين والعرف وعلم التربية . لقد وصلنا إلى هذا الوضع  اللامعقول بعدما نظرت الحضارة التقنية إلى الانسان كنظرتها إلى الحاضنة الكهربائية  أو كأنبوب اختبار عادي و نظرتها إلى الطبيعة بأكملها كحقل تجارب لتحقيق جميع رغبات البشر « .ويعتب على هونتيغتون عدم تنبؤه بصراع حضارات آخر ، وللاسف ليهدد به البشرية  « صراع الحضارات التقنية  » من جهة  وجميع الحضارات التقليدية و الطبيعية من جهة أخرى . يوجه كثير من العلماء الانظار اليوم واقع  إلى الصراع الحقيقي الوحيد القائم فعلا و الذي سيكون حسب جميع المعطيات مطبقا في القرن الواحد والعشرين وهو صراع التقنيات ضد جميع الحضارات التقليدية للبشرية  » . ليست مجهولة للراي العام العلمي كتب و نظريات فلسفة الخلود اليوم  الفلسفة و الحكم اللتان تذكران اليوم بالروحانية  المقدسة و العلوم المقدسة  والحاجة للمحافظة عليها في العالم كله وفي الغرب بشكل خاص . لهذا حاول مارتين لينغر في فرضياته ايقاظ الارواح النائمة في الجامعات المحافظة و التقليدية ، الاساتذة الجامعيون العاملون في حقل العلوم الانسانية  و بنفس المستوى أولئك المسؤولون عن الاقسام المسماة  بالعلوم البحتة ( الكيمياء و الفيزياء  و العلوم التطبيقية … ) مارتين لينغز سويه مثل  سيد حسين نصر و فرسثسون شون  و يتال ، و ميرسيا اليادة  و كثير غيرهم  يتحدث عن فقدان جوهر العلم المقدس من العلوم المعاصرة ، و في الحضارة التقنية و في التفكير المعاصر عموما . فحسب رايه   » هذه هي السمة الرئيسية لعصرنا الحالي و الزمن القادم  و ليس  » صراع الحضارات  » الذي يدعيه هونتيغتون  و بناء على المتوقع مجيئه في الأزمنة القادمة ، وبدون أي تشف يتوقع فلاسفة الموت   » صراع الحضارات  » وأن تصبح مجرد مزحة  و شئ تافه لا قيمة له  » . و  » في احدى كتبه الصغيرة الحجم و تحت عنوان  » الايمان القديم و الخرافات الحديثة  » يطرح مارتين لينغز أسئلة أرفع من كونها مجرد ثرثرة  : هل ستتصارع الحضارات في القرن الواحد و العشرين  و هل ستطلق البشرية نيرانها على ما يسمى  » الخطوط المختلف عليها بين الحضارات  » و يعتقد مارتين لينغز أنه من المهم جدا معرفة خط الالتحام المحتمل تشققه على المستوى العالمي ذلك الخط الناتج عن الانتشار المتسارع للتقنيات غير المسؤولة الذي يصعب ايقافه  التقنيات كالقدر لا يمكن ايقافها ، حتمية شرهة  لا تابه بأحد  » . وقد انشغل هذا الحشد من المفكرين لعدة قرون بالتنبيه ليس على مشكلة  » صراع كثير من الحضارات الواحدة ضد الاخرى  » بل على مشكلة صراع حضارات اليوم التقنية من جهة وجميع الحضارات التقليدية  و الحقيقية المتنوعة للبشرية من جهة أخرى . كما يؤمد المؤلف « 

لقد أصبحت  التقنية المعاصرة الجامحة الشرهة اللامسؤولة قدرا فظا ،وفوضى توحد البشرية ، تهاجم وتستأصل جميع الفروقات النافعة للبشرية ، الموجودة في الأديان  والثقافات واللغات  والاوطان . يؤكد هؤلاء الفلاسفة بأن الحضارة التقنية ومنذ زمن و هي في صراع مع البشرية ( تشيرنوبل  ليس إلا خبرا من الاخبار المعروفة ) لذلك سيطرت الحضارة التقنية أو أنها تسيطر على جميع الحضارات البشرية الحقيقية و أصبحت للأسف حسب جميع المعطيات الحضارة العالمية الوحيدة  في الواقع على الارض  و على البحر و على الهواء  و على الفضاء  » .  و  » تشن الحضارة التقنية المعاصرة حربها ضد  جميع الحضارات البشرية الشرعية الاخرى  متحدية كل شئ ولنفسها أحيانا بأسلوب متغطرس مبتكر وبمباركة من العقل اللامسؤول المترافق بدعم من العلوم اللامسؤولة  التي أحكمت الحصار على العالم  و أنتج عنها إفرازات لا يمكن توقعها على كل حال  »  .

يسال الكاتب عن ماهية الفروق الرئيسية بين الحضارة التقنية و الحضارات و الثقافات التقليدية الكثيرة للبشرية ، 

 و يجيب  » أولا في الهدف الموضوع ، الحضارات القديمة و الحضارات التقليدية  ( كالحضارة الاستيكية في المكسيك  والمايانية في غوانتاناما الشمالية  وهندوراس  والانيكا والصينية  واليهودية والنصرانية و الاسلامية  ) التي استجابت لها البشرية على مر الزمان و حتى الآن بأعداد هائلة ، كان لها أسرارها في الهدف أو الاهداف التي لم تتحقق على هذه الارض فقط ، بل أبقت الكثير للانسان في الاجيال المتعاقبة القادمة ، و أبقت الكثير أيضا للانسان حتى في عالمه الآخر ، لعالم الآخرة ، كما يذكر القرآن الكريم  » و أن ليس للانسان إلا ما سعى  » ( النجم الىية 39 / 40 )  » و بعد ذلك وإضافة إلى ما سبق يوجه الانظار إلى امكانية انزلاق  الانسان في الطمع واللامسؤولية  » لذلك نظرت الحضارات القديمة بمسؤولية إلى هذا العالم : ينظر إلى هذا العالم على أنه مخلوق كالانسان ذاته ،  و هو بمثابة  شئ مقترض من الاحفاد و أحفاد الاحفاد  و علينا واجب إعادته إليهم كاملا غير منقوص ) كما قال مؤخرا أجد الزعماء الهنود   » . إن الحضارة التقنية في هجومها اللامسؤول و حربها للسيطرة على هذا العالم كما يقول كاريتش  » تحاول حرمان العالم و الانسان ذاته من كافة الاسرار إذا كان ذلك ممكنا , تحرمه مما هو مقدس و  تحرمه من التشوق للابدية و الاسرار الغيبية  » .  و قال  » إن ما يجري في العالم من عملية غخضاع كل شئ للمعارف البشرية ليس في الحقيقة غلا إحدى النتائج الكثيرة للصراع و حرب الحضارة التقنية ضد الحضارات التقليدية للبشرية  » .

ثانيا  » كانت الحضارات التقليدية  حضارات تربوية  علمت الانسان المسؤولية  فالعلم المسؤول بطبيعته علم مؤطر و محدود . معرفة ليست مستقلة في جميع مستويات وجودها . و كانت الحضارات القديمة  تعلم الانسان هذه المعارف و لم تجامله بقول أنه قادر على تعلم كل شئ أو اكتشاف كل شئ أو الوصول إلى كل شئ  لان الله سبحانه و تعالى يقول في القرآن الكريم  « و ما أوتيتم من العلم إلا قليلا  » الاسراء الآية 85 . « 

أما اليوم  » فقد اختفت من العديد من المناهج العلمية روح المسؤولية فيما يخص المعرفة  و لا سيما المسؤولية المتصلة بالجذور المقدسة للمعرفة . المعرفة ذلك النور المهم الذي عليه أن يرشدنا إلى جادة الجمال و المعاني و الامان  و قد حوله الاستخدام اللامسؤول غلى ظلام تقود غلى الهاوية و الضلال و اللامعقول  » .إننا قد توغلنا ( و الكلام له ) بعيدا في عصر الاستنساخ  ، عصر البيع المريح للاعضاء البشرية ، عصر انتصرت فيه  الارباح على الاخلاق في كل مجال … الحضارة التقنية تعمل بآلياتها الداخلية  لا يمكن ايقافها . عندما ينظر المرء اليوم إلى القوة الرهيبة للحضارة التقنية الحديثة فإن عدة أسئلة تطرح نفسها . هل تتعمق و تتضخم نوعية المعرفة و التعرف على الاشياء بشكل يتناسب مع المعرفة الضخمة عن المعرفة ذاتها ؟ . هل توقفت معرفة اليوم عن كونها معرفة نوعية  ؟ هل أن المعرفة العلمية الحديثة هي معرفة منقذة ؟ . هل أنها أراحتنا بنفس المقدار الذي زادت فيه مقدرتها بالسيطرة على الابعاد  الكمية للعالم ؟. هل أن المعرفة العلمية الحديثة ليست في حقيقتها إلا واحدة من الخرافات التي لاتابه بالمعتقدات القديمة  التي قادت البشرية آلاف السينين  نحو مهنى الحياة الاصلية .  بعد هذه الأسئلة يرى  » إن تحليل و تفصيل هذه الاسئلة في الانتقادات التي وجهت مؤخرا للحضارة التقنية الحديثة  تصيب مجال الايمان والاديان  والفلسفات والقانون  والبيئة والاقتصاد ورجل الدين والفيلسوف والقانوني … وهذه الأسئلة صعبة ومرعبة وتتضاءل أكثر امكانية معرفة الاجابة عنها ، يصبح العالم متاهة للعقل التقني وهذا أمر لا يمكن ايقافه ، لقد تم عزل الحضارات التقليدية  التي حصلت لمدة طويلة على ثقة الانسان  إما بموافقتها على الانسحاب أو بانغلاقها على نفسها أو بضغط و قهر من المعبود  الكاذب المسمى بالحداثة  » . يشاهد صراع الحضارة التقنية مع الحضارات الاخرى و مع الطبيعة من خلال هلاك البشر والاسماك بالكيمياء وبالامطار الحامضية وبمرض الايدز  نقص المناعة  وبجنون البقر وبالقنابل النووية والهيدروجينية وبالتباكي على فجوات الاوزون فوقنا …  » هذه هي المشاكل الواجب حلها ومن العبث إضاعة الجهود في تحويل انتباه البشرية عن هذه المشاكل إلى منطقة  تمني  » صراع الحضارات  » فالله سبحانه و تعالى وحده يعلم ما ينتظرنا في القرن الواحد و العشرين .

وقال  » إن مسؤولية العقل كوظيفة أساسية للانسان  وكوديعة له ظاهرة مستمرة  نجدها في الآثار المدونة للانسان على سطح الارض منذ الزمن الاول الذي يمكن فيه متابعتها . لقد وضعت الكتب القديمة و النصوص المقدسة  مسؤولية العقل الانساني في صلب الوجود  الانساني . فينظر الوحي الالهي و الرسالات الربانية إلى الانسان نظرتها  إلى  الكائنات المسؤولة ، بل أكثر من ذلك ، إن أخذنا من بين الاسئلة القرآن  وجدنا أننا نقرأه وبشرعية تامة  كوصايا سماوية تلزمان  قلب و عقل الانسان على المسؤولية  » . 

الاكثر من ذلك أن القرآن يتضمن مسؤولية الانسان حتى وهو في الجنة ،  حيث وضعت أمامه شجرة منع هو وزوجته الاقتراب منها ، و من أهم ما ترمز إليه هذه الشجرة مبدأ المسؤولية . إذن فإن النصوص القرآنية هي المصادر الاساسية  التي يعود إليها اعتبار الانسان كائنا مسؤولا . و إلا فلماذا أنزلت عليه تلك النصوص أصلا .  » تم في تاريخ الانسان حتى الآن عشرات  الحضارات و الثقافات العظيمة التي حوت في أساسها نصوصا مقدسة من أمثال  الفيدا ( الكتب المقدسة للهندوس ) و التوراة و الانجيل و القرآن . و قد كانت جميعها حضارات مربية للانسان  علمته المسؤولية أو بعبارة أخرى  تلك حضارات صنعها الانسان ذو العقل المسؤول . كان يوجد في تلك الحضارات شيفرات متعددة الجوانب للمسؤولية  مترجمة إلى لغة بسيطة يمكن تبيانها بقاعدة جوهرية ك الانسان مسؤول  أمام الله  ثم البشرية و أمام ذاته نفسها … إن عبء مسؤولية الانسان الموجود في الثقافات و الحضارات التقليدية  نراه بوضوح خاص في الاعمال الادبية للعصرين الاوسط  و القديم  » .

و » نستطيع أن نتذكر بسهولة كيف تم التعامل هناك مع الانسان ككائن  تواب ومدرك للذنب ، ومسؤول و مدرك لحق الغير … وأعني تحت عبارة  » السعادة المسؤولة  » البقاء الكريم للآخرين . يعرف الجميع أن المفاهيم القديمة للعلوم قد اعتمدت بدقة على المسؤولية .  » هذا يعني أنها كانت علوما مسؤولة . العلم الذي روجه ابن سينا حول ذلك ، و البيروني أو كنفشيوس كان علما مسؤولا . و لدينا أدلة كثيرة على ذلك ، ويكفي ايراد واحد منها فقط : لم تنتج الحضارات و الثقافات القديمة و علومها أي شئ غير قابل للفناء بشكل طبيعي  » . و باختصار  » إن نوع العلم المبدع الهائل و السلوك في التفكير والعقل العلمي المعاصر ، بل في عموم العلوم المعاصرة ، لم يكن حتى طابعا جانبيا لعقلية الانسان في العصور القديمة والوسطى … ففيزياء اليوم تقتل ، هذا ماتعرفنا عليه من المعلومات القليلة المتناثرة المنشورة عن مفاعل تشرنوبل ، وكيمياء اليوم تقتل ، هذا ماعرفناه بعد حادث انفجار أحد المصانع الكيمائية في الهند قبل بضعة سنوات  حيث خنق الغاز آلاف البشر ، يقوم اليوم علم الوراثة على قدم وساق بعمل الاستنساخ الشيطاني … كل هذه الاخبار معروفة ، ويمكننا القول بأنها أخبار سلمية اعتيادية . لسنا بحاجة هنا إلى أن نخص بالذكر المشكلة البيئية اليوم والتي أصبحت عالية لانها أصبحت قدر البشرية أيضا و اتفاقية كيوتو ستقلل من آثارها المدمرة  بنسة 5 % فقط  ، وفي حالة انضمت الدول الاخرى إليها وعلى راسها الولايات المتحدة الامركية أكبر ملوث للبيئة في العالم  » . وختم كتابه بالقول  » ليس هناك صراع حضارات وإنما صراع حضارة الدمار والدمار الشامل  ضد بقية الحضارات الاخرى  » .

(*) كاتب عربي مقيم في البلقان

(المصدر: موقع تونس أونلاين.نت (ألمانيا) بتاريخ 8 مارس 2008)


الانحسار
 
بقلم: عبد اللطيف الفراتي (*)    بانحسار الرئيس الكوبي فيدل كاسترو الفعلي والقانوني من الساحة السياسية في بلاده، بعد غياب استمر سنتين بسبب اشتداد المرض، يكون قد غاب عن قائمة رؤساء الدول المعمرين أحد أكبر رموزها، فالرئيس كاسترو المولود في سنة 1926 نفس السنة التي ولدت فيها الملكة إليزابيث الثانية أقدم رئيس دولة في العالم ، ملكة بريطانيا و15 دولة أخرى منها كندا وأستراليا، كان يملك ويحكم بلا قيود بعكسها التي تملك ولا تحكم.   وبعكس الاعتقاد السائد فإن فيدل كاسترو لا ينحدر من عائلة معدومة فقيرة، مما جعله يعتنق الماركسية والشيوعية، بل من عائلة ثرية، وقد تابع دراسات متطورة في القانون وأحرز الدكتوراه، قبل أن ينطلق في ثورة ضد الديكتاتور باتيستا الذي كان يحكم كوبا بالحديد والنار، ولم تظهر عليه في تلك الفترة بوادر ما سيكون عليه من عداء للولايات المتحدة، بل كانت ميوله غير واضحة، حتى سنة 1961 أي حتى فترة عامين بعد وصوله إلى سدة السلطة، وبعكس الاعتقاد السائد فإن كاسترو لم يتول رئاسة الجمهورية إلا في سنة 1976 أي 17 سنة بعد استيلائه على الحكم، اكتفى فيها بمنصب رئيس الحكومة، غير أنه جمع بين يديه في هذا المنصب أو ذاك كل مقاليد السلطة، واشتهر بخطبه الطويلة التي كانت تستمر 5 أو 6 أو8 ساعات، ينام خلالها ويستيقظ سامعوه، ولا يعيرون منها أهمية سوى لقراراته الثورية.   غير أن الرئيس كاسترو المتنحي بحكم إرادته، وإن ضمن جلوس أخيه غير الشقيق راؤول على ما سماه المراقبون عرش الجمهورية الكوبية، الذي يبدو أقل كاريزما من أخيه الذي كان شخصية آسرة رغم كل ديكتاتوريته كما يقول الذين عرفوه، ـ غير أن كاسترو ـ المنسحب من قمة السلطة في بلاده ليس الأقدم بين رؤساء الدول فالملكة إليزابيث الثانية ملكة المملكة المتحدة وندته سنا سبقته في اعتلاء عرش أجدادها بسبع سنوات فهي على رأس سدة الملكية أي رئاسة الدولة في بلادها منذ 6 فبراير 1952، ولا يبدو أنها كمثيلاتها من ملوك أوروبا الشمالية ستنسحب قريبا، أو تترك مكانها لولي عهدها الأمير شارل الذي لا يبدو أنه يتمتع بشعبية أو بمكانة خاصة لدى شعبه.   وفي ما عدا هاتين الشخصيتين المؤبدتين في الحكم منذ أقل أو أكثر من 50 سنة قبل انسحاب الرئيس كاسترو، فإن العالم العربي يزخر من جهته برؤساء دول من أصحاب الولايات الطويلة، وبعد اختفاء الملك حسين والشيخ زايد بن سلطان والملك الحسن الثاني لم يعد هناك ملك أو أمير يتجاوز في حكمه العشر سنوات سوى السلطان قابوس في عمان الجالس على عرش أجداده منذ 1970، ولا يعتبر بذلك أقدم الحكام العرب، لأن صاحب السبق في ذلك هو العقيد معمر القذافي «قائد الثورة الليبية» الذي لا يعتبر نفسه رئيس دولة، ولكن تتفق كل الآراء على أنه الحاكم الفعلي لبلاده منذ 40 سنة أو تكاد، حيث إنه جلس على سدة حكم بلاده منذ الأول من سبتمبر 1969، ولعله بذلك ليس فقط عميد رؤساء الدول العربية بل عميد رؤساء الدول في العالم بعد الملكة إليزابيث الثانية التي قضت في الملك 49 سنة والرئيس بونغو رئيس دولة الغابون الإفريقية الغنية الذي يجلس على عرش جمهوريته منذ عام 1967 الذي أعلن إسلامه سنة 1973 وتقول ألسنة السوء أن إسلامه جاء لأسباب مصلحية، أي إنه في الحكم منذ 42 عاما ولا ينوي البتة أن يغادر سدة الحكم حيا، وهو نسبيا غير متقدم في العمر «فسنه» لا يزيد على 73 عاما.   ومن هنا فإن الرئيس كاسترو المتخلي يكون قد ضرب في العصر الحديث رقما قياسيا بين رؤساء الجمهوريات الأكثر تعميرا سيمر وقت آخر قد يطول قبل أن يأتي من يزاحمه فيه، فالرئيس بونغو لابد له من قضاء 7 سنوات أخرى في الحكم لتحطيم رقم الرئيس كاسترو القياسي أما العقيد القذافي فيحتاج إلى 10 سنوات أخرى على رأس ليبيا لتحطيم هذا الرقم القياسي.   ولا يبدو أن هذا أو ذاك مهددان في طول بقائهما إذا سلمت صحة كل منهما من أي خطر، فالرئيس بونغو عزز جانبه بوضع ابنه وخليفته المنتظر في منصب وزير الدفاع، أما العقيد القذافي الذي لم يتجاوز بعد سن الرابعة والستين فإنه حصن نفسه ونظامه بعدد كبير من الأبناء والمنحدرين من قبيلته ومن أنصاره الأوفياء، فالوضع على الأقل على المدى المنظور مستقر لهما بحيث لا يتهددهما مهدد.   وعلى مستوى الساحتين العربية والإفريقية فإن عميد السن بين رؤساء الدول هو ألبير موغابي رئيس دولة زيمبابوي، ويعتبر أيضا ثاني أو ثالث عمداء رئاسة الدولة عالميا، فهو من مواليد 1924 أي في سن 84 سنة ويتميز حكمه بالديكتاتورية المطلقة وبسوء التصرف الاقتصادي، فقد انخفض وضع روديسيا القديمة في ظل حكمه من دولة غنية كبيرة الثراء إلى دولة فقيرة، وكان قد تولى الحكم بعد استقلال بلاده في سنة 1980 كرئيس للوزراء، ثم إنه انتخب رئيسا للدولة في سنة 1987، ومنذ ذلك الحين وهو في موقعه أي منذ 28 عاما، أما ثاني عميد من ناحية السن عربيا وإفريقيا فهو الرئيس محمد حسني مبارك وهو من مواليد 1928، وقد تولى رئاسة الجمهورية المصرية منذ سنة 1981 أي منذ 27 سنة بدون انقطاع وذلك مباشرة بعد اغتيال الرئيس السابق أنور السادات.   على أن ارتفاع سن رؤساء الدول ليس خاصية للبلدان النامية، بل لعله أكثر انتشارا في البلدان المتقدمة، على اعتبار أن رجال الحكم ينبغي أن تكون لهم تجربة وحنكة وحكمة كبيرة مرتبطة بالسن، فقد بلغ بريجنيف من العمر عتيا، كما أن ميتران أو شيراك كانا من سن عالية وهما في السلطة، وفي اليونان ارتفع سن كرامنليس، وفي إيطاليا وصل عدد من رؤساء الجمهورية إلى المنصب وقد تقدمت بهم السن عاليا إلى ما بعد الثمانين، والرئيس الإسرائيلي الحالي شيمون بيريز من مواليد 1923 أي إنه في الخامسة والثمانين، ولذلك قيل إن رجال السياسة ليس لهم سن محددة للتقاعد.   (*) كاتب من تونس   (المصدر: صحيفة « الشرق » (يومية – قطر) الصادرة يوم 9 مارس 2008)


الأفغاني وعبده بين مدرستين

 
شمس الدين الكيلاني        عندما التقى الشيخ محمد عبده، (1849-1905)، بالسيد جمال الدين الأفغاني، عام 1871، بصحبة أستاذه في المنطق حسن الطويل، كان لا يزال تلميذاً في الأزهر، لا يزيد عمره على 22 سنة، تغالبه رغبة عارمة بالمعرفة، والعلم، منطوياً، تشده حياة التصوف، تحت تأثير خال أبيه الشيخ درويش خضر. أما الأفغاني (1839-1897)، والذي كان لا يكبر تلميذه سوى بعشر سنوات، فقد خاض تجارب روحية وسياسية واسعة وغنية لا يقاس عمقها وغناها بعشرات السنين. فقد شبّ في كابول، وما ان بلغ الثامنة عشرة حتى وقف على جميع العلوم الإسلامية المعروفة، ثم أقام في الهند سنة ونصف السنة تلقى خلالها بعض العلوم الأوروبية الحديثة. ولعل الأزمة الروحية العميقة، التي عاناها في رحلته المكيّة، شبيهة بتلك التجربة الروحية التي عاناها الإمام الغزالي من قبل.   عاد بعدها مباشرة إلى كابول، فدخل السلك الرسمي وارتقى فيه إلى أعلى المناصب عام 1864، بجانب أمير الأفغان دوست محمد خان. وإثر انقلاب الحياة السياسية خرج الأفغاني إلى الهند، ومنها إلى الآستانة، حاملاً خلاصة تجربته الأفغانية، التي بينت له مدى الخطر الذي تشكله السياسة الإنكليزية على بلاد الإسلام، والشرق عموماً.   في عام 1869، دخل الأفغاني الآستانة، عاصمة العالم الإسلامي آنئذ، ألقى خطاباً في الجامعة الجديدة (دار الفنون)، فواجه جمهوره، ومنهم الوزراء والأمراء، فكان لخطابه، وقع الصاعقة على الحياة الثقافية، في عاصمة الإمبراطورية، فضاقت به الآستانة. فغادرها إلى مصر عام 1879، في عهد الخديوي إسماعيل.   تحول عبده، تحت تأثير الأفغاني، من تصوف انطوائي، إلى تصوف فلسفي عملي، ورغبة في الإصلاح الديني والاجتماعي والسياسي، وإلى الكتابة في الصحافة للاتصال بالرأي العام. وعلى رغم كثرة الرجال الذين تتلمذوا على يد جمال الدين، فقد كان عبده أقربهم إلى قلبه، لكن على رغم هذا التقارب، ظهرت التباينات بينهما جلية كلما ابتعدا عن بعضهما بعضاً.   انطلق كلاهما من الاعتراف بضرورة النهضة والتجديد للعالم الإسلامي بالاستعانة بتجربة الحداثة الأوروبية، لكن أساليبهما ازدادت تبايناً، مع مرور الوقت، إلى أن حدثت القطيعة بينهما، بعد إخفاق مشروع «العروة الوثقى» عام 1886.   ففي المرحلة المصرية لحياة الأفغاني (1871-1879)، كان التلميذ يتبع برامج أستاذه الإصلاحية، والسياسية، وانساق تحت تأثيره للكتابة في الصحف، وانخرط في النضال السياسي، الذي قاده الأفغاني، ضد الخديوي إسماعيل لإنشاء حكومة دستورية، ولمواجهة مخاطر التدخل الإنكليزي. ما لبثت أن تعزّزت ميول عبده الإصلاحية، بعد استلام توفيق لسدة الخديوية، وطرد الأفغاني من مصر، حيث كرس صفحات «الوقائع المصرية»، التي ترأس تحريرها للدعوة إلى اعتماد التربيـة والتعليم، وتغيير الذهنيات كأسلوب وحيد للرقي، وهو ما قاده إلى معارضة الحركة العُرابية في بدايتها، والتي لم ينتقل إلى تأييدها إلاَّ بعد أن فرضت الانتخابات البرلمانية، وأصبحت المعركة مع الغزو الإنكليزي حتمية.   أما الأفغاني فقد كان، في هذه الفترة نفسها (1879-1882)، يقارع الإنكليز في الهند، ويدعو المسلمين والهندوس إلى الوحدة لمواجهتهم. ويشن حملة محمومة ضد التيار الثقافي الذي قاده أحمد خان (الأمير علي)، الذي مزج بين الدعوة لاقتباس الحضارة الغربية، ومهادنة الاستعمار الإنكليزي. بعد نفيه إلى بيروت، لبىَّ عبده دعوة أستاذه للالتحاق به في باريس، وأصدرا معاً جريدة «العروة الوثقى»، التي ركزت على دعوة المسلمين، والشرق جميعاً، إلى الوحدة، لمواجهة الغرب. وإلى تجديد حياتهم الثقافية والاجتماعية. إلاَّ أن توقف الجريدة، قاد عبده إلى بيـروت عام 1885، ومنها إلى مصر بعد أن تعهد لكرومر بالابتعاد عن السياسة.   منذ رجوع عبده إلى مصر وحتى نهاية حياته 1905، كرس كل جهوده للتربية والتعليم، وإصلاح المؤسسات التعليمية. التي وجد فيها السبيل الوحيد للرقي، وابتعد نهائياً عن خطط الأفغاني السياسية. واستمر الأفغاني في تجواله في العالم الإسلامي، مبشراً بالجامعة الإسلامية، وبالإصلاح السياسي الدستوري، فحطّ في إيران عام 1886، فاجتذب إلى خطه الإصلاحي الدستوري الكثير من النخب الثقافية والسياسية، ما اضطر الشاه الى إبعاده، إلاَّ أنه عاد مجدداً عام 1889، فاصطدم مع الشاه ثانية، بسبب تبعية الأخير للإنكليز، ومنحهم امتياز الدخان، فأبعده الشاه إلى العراق، ومن هناك ثابر على تحريض الإيرانيين على حكم الشاه، وتابع فضحه للأوضاع الإيرانية من على صفحات جريدة «ضياء الخافقين» في لندن وصل الأفغاني إلى اسطنبول، عام 1892، بناء على دعوات ملحة من السلطان عبد الحميد، وكان يأمل بإقناع السلطان بخططه الإصلاحية الدستورية لعقد مؤتمر إسلامي تحضره إيران، لتعزيز وحدة المسلمين وسرعان ما حدث التباعد بين الرجلين، فقضى بقية حياته شبه سجين في الآستانة، وظلت أسباب وفاته في عام 1897، مثار تساؤل إلى الآن. ‍‍   جمع الأفغاني بين الزعامة الفكرية والسياسية، بين الإصلاح الديني والفكري، لتجديد الحياة الثقافية، والنضال السياسي لمناهضة الطغيان والاستبداد في الداخل، وتوحيد المسلمين، وشعوب الشرق لمواجهة طغيان الغرب الخارجي وقد شاركه محمد عبده في بعض الفترات في اهتمامه المزدوج هذا، لكن مشروع الأفغاني طغى عليه الوجه السياسي، وبدا وكأن الثقافي قد غدا، في بعض الأحيان، تابعاً للسياسـي، بينما رجح الجانب التربوي الثقافي على السياسي، عند تلميذه، إلى أن زال عنده أي اهتمام له بالسياسي في الحقبة الأخيرة من حياته (1889 – 1905). لم يستطع الأفغاني التوفيق دائماً بين شخصية المصلح الديني، الذي يسعى إلى تجديد الإسلام وبين شخصية الزعيم السياسي الذي يسعى لإنقاذ المسلمين من الخطر الغربي. لأنه (سياسي) الأولوية، وبالتالي وضع الثقافة في خدمة السياسة، وسعى إلى توظيف الدين في السياسة، وهي نفسها الاستراتيجية التي يعتمدها اليوم ما يُعرف بـ «الإسلام السياسي». أما عبده فقد اتجه، في مرحلته الأخيرة، وعلى النقيض من أستاذه، إلى استخدام السياسي لمصلحة الثقافي، وإلى توظيف السياسة لخدمة إصلاحه الديني، أي أخضع نشاطه السياسي لتغيير الذهنيات. فقاده هذا المنطق إلى تبرير التعاون مع المحتل، على أمل أن يمكنه هذا من إجراء الإصلاح الديني، والثقافي. فاصطدم بمصطفى كامل، الذي يعتبر بحق استمراراً لخـط الأفغاني، وقد ورث خط عبده هذا، فيما بعد، تيار «الأحرار الدستوريين»، وحزب «الأمة».   ولعل اتجاهي الأفغاني وعبده، قد هيمنا على ميول النخب الثقافية العربية منذ عصر النهضة إلى الآن، فهناك فئة وضعت الثقافي في خدمة السياسي. وجندت المجتمع الأهلي لخدمة الجسم السياسـي، وهو مفهوم تبنته النخـب الدينية، والقومية، والماركسـية، وفرَّخ معه مفهوم «الطليعة»، ومفهوم «حاكمية الله»، وفئة أخرى كرست نفسها لتحرير الذهنيات كمقدمة لتحرير المجتمع ولتقدم الأمة، وهو ما تجلى في سلوك قسم من الإصلاحيين الإسلاميين الذين كرسوا جهودهم لأسلمة المجتمع من تحت، من دون أن يكترثوا بالسلطة القائمة، وفي سلوك التيار العلماني الذي شدَّد على تنوير العقول، قبل إطلاق الديموقراطية للمجتمع، وهو ما جعله يقف مع (السلطان المستنير) ضد المجتمع الأهلي (الجاهل)، ويخاف الديموقراطية، إذا كانت سَتُخرجَ هذا المجتمع من قمقمه.   (المصدر: ملحق « تراث » بصحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 8 مارس 2008)

 


 

ام بي سي مشغولة بمشاعر الكلاب وإعلام عربي أكثر وقاحة من الإسرائيلي

 
زهرة مرعي   ذات مساء وكان الدم ينزف غزيراً من أهل غزة أطفالاً ونساءً ومقاومين وعجزة. وفي يوم كانت بعض القنوات العربية الفضائية تلقي اللوم علي الصواريخ المنطلقة من غزة وتحملها تبعات المجازر المتتالية بحق المدنيين.   وفي ذلك المساء الذي حَملتُ فيه آلة التحكم عن بعد ورحت أرصد اعلامنا العربي الميمون والمظفر، ووجدته قد نسي تماماً أن الصهاينة جاؤوا من كل أصقاع الأرض واغتصبوا فلسطين وشردوا أهلها، ولا يزالون يرتكبون المحارق بحقهم منذ سنة 1948، ووجدته اعلاماً يُحمل المسؤولية للصاروخ المنطلق من غزة دفاعاً ورفضاً للموت ركوعاً ودون سلاح، كما حصل مع أُولئك المقاومين في الضفة الغربية الذين تعهدت السلطة الفلسطينية بحمايتهم من الملاحقة الاسرائيلية، فألقوا السلاح ولا يزالون حتي اللحظة يقتلون بدم بارد واحداً تلو الآخر. في ذلك اليوم تأكدت بالفعل أن بعض اعلامنا يخفي رأسه في رمال صحرائنا العربية المترامية الأطراف. وهو اعلام يتساوي مع الاعلام الصهيوني بل هو يزيد عنه وقاحة لأنه ينطق بالعربية وتسير في شرايينه أموال عربية لا حصر لها.   وبعد أن توقفت طويلاً أمام قناة العربية في خبرها الغزاوي ولحق بي ما لحق من حنق، انتقلت الي نهايات الأخبار في قناة (أم بي سي) التي تستوقفني دائماً في خبرها الأخير والذي يكون علي الدوام خاصاً وملفتاً. وكان الخبر مخصصاً لرصد مشاعر الكلاب عبر الحاسوب. تُري لماذا تنبح الكلاب؟ ما تقول في كل نبحة ؟ وما هي المشاعر التي تنتابها في كل مرة تفتح فيها فكيها؟ رصد تلك المشاعر تمّ في بلد غربي بالطبع. فالغرب انتهي من رصد مشاعر البشر وأمّن لهم حياة كريمة. وبخاصة الغرب الأوروبي الذي كفّر عن ذنوبه تجاه محارق اليهود، وأبعدهم الي فلسطيننا كي يمعنوا بنا قتلاً منظماً وممنهجاً. وكلما ارتفع عدد ضحايانا كلما اطمأن الضمير الغربي الأوروبي منه والأمريكي. لكننا لم نكن يوماً ننتظر أن يعمل الاعلام العربي للمساواة بين الجلاد والضحية. أما وقد فعلها هذا الاعلام الوقح، فنحن نسأله ونسأل مباشرة من قرر في قناة (أم بي سي) البحث في مشاعر الكلاب كلما صدرت عنهم نبحة هل سأل هذا الاعلام أطفال غزة عن مشاعرهم وهم يستشهدون؟ هل سأل الطفل محمد البرعي ابن الـ50 يوماً عن مشاعره وهو يفارق الحياة؟ هل سأل ذويه الذين انتظروا قدومه خمس سنوات عن مشاعرهم وهم يودعونه؟ محمد البرعي مثال علي عشرات الأطفال الرُضع الذين شكلوا صدمة للبشر، كل البشر، المتمتعين بالمشاعر الانسانية الذين راقبوا محرقة غزة، فهم كانوا الهدف، ليس لسبب بل لأن الصواريخ كانت تنطلق من أفواههم.   انه الاعلام العربي الفاجر المناهض لحماس، وفي مناهضته تلك نسي معادلة الموضوعية والانسانية في الاعلام فساوي بين الجلاد والضحية. ونحن بالطبع لا نطالبه رفع لواء حماس بل نطالبه بالانسانية. هذا هو الاعلام الذي يفترض أن تؤدبه قرارات وزراء الاعلام العرب وليس غيره. ولو كان هذا الاعلام بريئاً من دماء أطفال غزة لعاقبته اسرائيل كما عاقبت قناة الجزيرة بمنع ظهور الاسرائيلين علي شاشتها بعد أن اتهمتها وزارة الخارجية الاسرائيلية بالانحياز للجانب الفلسطيني.   لقد جاء القرار من العدو بعدم التعاون مع قناة عربية، وهو تعاون كان يسمح لذلك العدو بأن يقول وجهة نظره بهدف اقناعنا بها نحن العرب. فالحرب المتواصلة علي غزة حتي الآن أثبتت أن هذا العدو استفاد من قنواتنا لتسويق براءته ولتحميل حماس المسؤولية أكثر بكثير مما استطاع أي اعلامي عربي علي هذه القنوات حشر ذلك الصهيوني المحتل وابراز وجهه القبيح.   في مثل الواقع المر الذي نحن فيه في صراعنا مع العدو الاسرائيلي لن يمكننا أن نتقبل ببراءة وجود الرأي الاسرائيلي علي قنواتنا العربية وهو يحملنا تبعية أن نذبح يومياً ويسيل دمنا في كل لحظة، تحت حجة سماع الرأي الآخر الذي لم يكن يوماً يعترف بوجودنا.   كفي الأقنية العربية الفضائية استهبالاً لعقولنا. نحن في صراع والعدو يستعمل فيه كل سلاح من أجل القضاء علينا، فلماذا نسمح لذلك العاهر الصهيوني أن يطل علينا ليحاضر علينا بالعفة؟   (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 8 مارس 2008)

 

رفض فلسطيني لحملة « فتح » ضد « الجزيرة »

 
رام الله – قدس برس:   قوبلت حملة من جانب حركة « فتح » ضد قناة « الجزيرة » الفضائية، تهدف لـ »مقاطعة » القناة في الساحة الفلسطينية، بانتقادات واعتراضات، ودعوات لصون الحريات الإعلامية والحفاظ على حصانة الصحافة من الاستهداف. وأعرب « المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية »، المعروف اختصاراً باسم « مدى »، عن أسفه لقيام عضو المجلس التشريعي الفلسطيني النائب عن حركة فتح نجاة أبو بكر بتنظيم حملة إعلانية لمقاطعة قناة « الجزيرة ».   وقال المركز في بيان أصدره أمس أنّ مثل هكذا حملات في الظروف المعقدة التي يعيشها الشعب الفلسطيني نتيجة للانقسامات الداخلية؛ ستزيد من مستوى التحريض على وسائل الإعلام المحلية والعربية، مما يؤدي أحياناً إلى الاعتداء عليها تحت هذه الحجة، وقد لاحظنا أنّ بعض الاعتداءات على الصحفيين ووسائل إعلامية حدثت كنتيجة للتحريض، حيث تعرضت الجزيرة والعربية العام الماضي لاعتدائين على خلفية التحريض ضد الأولى لأنها منحازة لحماس والثانية لفتح »، على حد تعبير المركز.   وأضاف البيان أنّ النائب أبو بكر « بوصفها إعلامية سابقة وعضو حالي في المجلس التشريعي الفلسطيني؛ مُفترَض بها أن تلعب دوراً يساهم في تعزيز حرية الرأي والتعبير، وليس القيام بخطوات يمكن أن يفهمها البعض على أنها ضوء اخضر للتضييق على الجزيرة أو الاعتداء على مكاتبها أو مراسليها ». وتعتبر النائب عن « فتح » أنّ قناة الجزيرة تورد تغطيات سلبية بحق الحركة وتتهمها بتأجيج الانقسام الفلسطيني الداخلي، إلاّ أنّ الحملة قوبلت بانتقادات واعتراضات في الساحة الفلسطينية لجهة الموقف من الضغط على وسائل الإعلام ولتزامن الحملة كذلك مع حملة إسرائيلية كُشف النقاب عنها ضد القناة ذاتها. وأضاف المركز « إننا نأمل من النائب أبو بكر وقف حملتها ضد الجزيرة، كما نطالب كافة الشخصيات العامة توخي الحذر عند إطلاق تصريحات تخصّ وسائل الإعلام ».   وأكد مركز « مدى » أنّ « إجراءات منع وسائل الإعلام من العمل أو التوزيع التي تمارسها السلطات المعنية في الضفة والقطاع تشكل خطراً على الإعلام الفلسطيني، وتساهم في توتير الأجواء في الساحة الفلسطينية »، مطالباً بإلغاء كافة الإجراءات المتخذة ضد وسائل إعلامية وتمكينها من العمل والتوزيع بحرية. وسبق أن هوجمت قناة « الجزيرة » مراراً في بيانات صادرة عن حركة « فتح » وبعض مجموعاتها، علاوة على إطلاق المتحدثين باسم الحركة تصريحات ذات طابع قاس ضد القناة التي تحظى بأبرز معدلات المشاهدة عربياً. وتفيد المسوح التي تجرى في الساحة الفلسطينية بأن قناة « الجزيرة » تتمتع بإقبال واسع من جانب المشاهدين الفلسطينيين وبما يزيد عن معدل متابعة « تلفزيون فلسطين » الرسمي الذي تسيطر عليه حركة « فتح ».   وفي غضون ذلك لاحظ معلقون فلسطينيون أنّ التلفزيون الفلسطيني الرسمي منح الانطباع بالتراخي في مواكبته للعدوان الإسرائيلي على غزة ولم يتفاعل مع الحملة الإسرائيلية العسكرية والحصار الخانق على القطاع، بينما خصصت عدد من القنوات العربية تغطيات خاصة لتلك التطوّرات وبخاصة قناة الجزيرة التي قدّمت برامج تركز على الجوانب الإنسانية ومعاناة الطفولة الفلسطينية جراء ما يجري.   (المصدر: صحيفة « الشرق » (يومية – قطر) الصادرة يوم 9 مارس 2008)
 


الدول العربية تنتج 146 مليون زجاجة خمر سنويا

 
تنتج الدول العربية سنويا 1،3 مليون هكتوليتر من الخمور، وهو ما يقابل 146 مليون زجاجة، واما رقم الاعمال الذي يقابل هذا الانتاج، فيقارب 220 مليون يورو، فيما تشغل مصانع الخمور المنتشرة في البلاد العربية 50 الف عامل. وتنتج تونس النسبة الكبرى، ذلك ان مناخ هذا البلد مناسب لزراعة العنب الموجه لتصنيع الخمور، وعلى الخصوص في مدينة قرطاج، التي كانت تعتبر سيدة الزراعة التونسية في القرن الثامن قبل ميلاد المسيح. واليوم تعمل قرطاج على تنفيذ برنامج لتأهيل بنيتها التحتية بعدما حصلت على شهادة ايزو 9001 ــ 2000، وهو ما جعل خمورها محل طلب الدول الاوروبية.   (المصدر: صحيفة « القبس » (يومية – الكويت) الصادرة يوم 9 مارس 2008)


مكناس المغربية.. تذوق زيت الزيتون بديلا للخمور

أحمد حموش   مكناس (المغرب)- قرر المجلس الحضري لمدينة مكناس المغربية الذي يشرف عليه أبو بكر بلكورة عضو حزب « العدالة والتنمية » الإسلامي المعارض تنظيم حفل سنوي لـ »تذوق زيت الزيتون » في رد على « حفل تذوق الخمور » الذي نظم في المدنية برعاية السلطات المغربية وأثار ضجة كبرى في نوفمبر الماضي.   وتشتهر المدينة المغربية بزراعة مختلف أنواع أشجار الزيتون، لدرجة أنها تلقب منذ قرون بـ »مكناسة الزيتون ».   ونظمت الدورة الأولى لحفل « تذوق زيت الزيتون يوم السبت الماضي مطلع مارس الجاري، وحضرته شخصيات رسمية منها محافظ المدينة حسن أوريد وممثلو عدد من البعثات الدبلوماسية العربية والأجنبية.   « إعادة الأمور لنصابها »   وقال بلكورة في تصريحات ليومية المساء المغربية: إن « حفل تذوق الخمور كان حادثا مؤسفا »،… وتم الإسراع بتنظيم هذه المظاهرة لتتم إعادة الأمور إلى نصابها ».   وأوضح الثلاثاء الماضي أن تنظيم حفل تذوق زيت الزيتون « جاء لتصنيف المدينة « كمدينة للزيتون وليس مدينة للخمور ».   وبالإضافة إلى كونه ردا على حفل تذوق الخمور الذي أطلق حزب العدالة والتنمية في وقت سابق عليه لقب « حفل أم الخبائث »، أعربت جمعية « اتحاد من أجل تنمية شجرة الزيتون بمكناس »، وهي إحدى الجهات المشرفة على تنظيم الحفل الجديد، عن أملها في أن يسهم هذا الحفل في ضمان تطوير زراعة الزيتون بالمدينة.   ونقلت وكالة أنباء المغرب العربي عن عضو بالجمعية قوله: إن الحفل يمثل إستراتيجية تهدف إلى التعريف بالمنافع الغذائية لزيت الزيتون وحماية المستهلك وتحريك تجارة زيت الزيتون وتشجيع السياحة الجهوية عبر شجر الزيتون ومنتجاته.   وعلى هامش الحفل أجريت مسابقة « جائزة مكناسة الزيتون » التي منحت لأفضل وأجود نوع زيت زيتون قدم في الحفل.   وسبقت دعوة الفنان المغربي الساخر رشيد مسرور الشهير « بمسرور المراكشي » الشهر الماضي مبادرة بلكورة، حينما طالب إقامة حفل تذوق الشاي بالقاعة نفسها التي أقيم فيها حفل تذوق الخمور و »ذلك لإعادة الاعتبار لتاريخ مدينة مكناس وأصالة الشعب المغربي ».   وأوضح رشيد مسرور أن هذا الحفل سيختتم بتنظيم مسابقة « البراد الذهبي » (البراد هو الإبريق التقليدي الذي يقدم فيه الشاي بالمغرب)، مشيرا إلى ضرورة استغلال المناسبة لتسليط الضوء على التراث الشعبي بكل منطقة تنظم بها المسابقة.   « أم الخبائث »   وكانت عدة أحزاب وجمعيات أهلية بمدينة مكناس منها « العدالة والتنمية » قد عبرت عن رفضها عقد حفل لتذوق الخمور نهاية نوفمبر 2007، وبعثت برسائل احتجاج للسلطات.   ونُظِّم حفل « أم الخبائث » بناء على اقتراح من طرف القنصل العام الفرنسي بالمغرب « لافازاري »، وهو اقتراح استحسنه « المجلس الجهوي للسياحة » بالمدينة الذي أكد أن تنظيم اللقاء كان بغرض تشجيع السياحة، حيث حضره أكثر من 12 سفيرا 10 منهم ينتمون إلى أوروبا.   وأكد بلكورة وقتها في تصريح لـ »إسلام أون لاين.نت » أنه « كرئيس لمجلس المدينة فوجئت كباقي المواطنين بتنظيم الحفل، ولم أعرف به إلا بعد أن نشر خبره في الجرائد ».   وأضاف أن أحدا لم يستشره بشأن هذا الحفل، لافتا إلى أنه يشوه صورة مكناس والمغرب إلى جانب كونه يحث على الفساد والرذيلة.   وذهبت أغلب الصحف المحلية ومنابر دولية إلى أن تنظيم الحفل في « مكناس الإسلامية » هو رسالة إلى حزب العدالة والتنمية الذي يشرف على تسيير الشأن المحلي للعاصمة الإسماعيلية. وتسمى مكناس بالعاصمة الإسماعيلية نسبة لمؤسسها الملك مولاي إسماعيل المتوفَّى عام 1727.   وحضر الاحتفال أكثر من 15 شخصية دبلوماسية ومجموعة من رجال الأعمال والسياحة، تذوقوا الخمور على أنغام موسيقى « عيساوة »، الفرقة المتخصصة في الأمداح النبوية بالمدينة، والفرقة الإسبانية للفن والموسيقى « إلموندو دو مياعا فون ». وهو ما تسبب في هجوم عنيف على فرقة عيساوة من الصحف المغربية.   (المصدر: موقع إسلام أونلاين.نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 7 مارس 2008)

 

Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

28 avril 2004

Accueil TUNISNEWS   4 ème année, N° 1439 du 28.04.2004  archives : www.tunisnews.net الصحافة: دور الخطاب الديني في نشر قيم الإعتدال

+ لمعرفة المزيد

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.