الأحد، 7 سبتمبر 2008

 

TUNISNEWS
8 ème année,N°3029 du 07.09.2008
 archives : www.tunisnews.net 


النفطي حولة : دفاعا عن نجيبة البختري عضو النقابة الجهوية للتعليم الثانوي ببن عروس

عبدالحميد العدّاسي : حديث شريف وعبــــــــــــــــــــــــرة

ملحق مواطن : نصرة الحجاب بالوكالة مشروع يخدم بن علي ويدفع الفتاة للزواج من جزائري او ليبي

مراد  رقية:تألق البوابات الالكترونية للمعارضة التونسية في مصادرة الفكر الحر بوابة الحزب الديمقراطي التقدمي وموقع كلمة و »تونيزيا واتش » نموذجا؟؟؟

عبدالله الونيسي : رسالة سريعة على الحساب إلى شيخنا الفاضل  حفظه الله.

حاتم الفقيه : لا حللت اهـــــــلا و لا نزلت سهـــــــــــلا

رويترز: رايس تحثّ على إصلاحات سياسية في تونس

ا ف ب : بعد الجزائر تبحث رايس في الرباط ملف الارهاب

الشروق : المنذر ثابت لـ «الشروق»: لهذه الأسباب أرفض الترشح لمنافســـــــة بن علي… ووجــــود «ح.د.ش» مهــــــمّ لإنجاح تمشي اللقــاء الديمقراطـــــــــي

‘كلمة’ : الأم العزباء في تونس…بين مقاييس المحيط الاجتماعي والتشريعات

‘كلمة’:المواطن يتذمر من ارتفاع الأسعار خلال شهر رمضان و البائع يتهم المزود

‘كلمة’:الحــــــــــــوت على الحــــــــــــــــــــــــوت

قدس برس : تونس: مصادرة 800 علبة فياغرا مهربة على الحدود الليبية

النشرة الدورية لموقع الشيخ عبد الرحمن خليف رحمه الله  عدد خاص بشهر رمضان 1429

محمد العربي التونسي : البعث والسلطة في تونس : البقعة المعتمة في ترجمة السيد محمد الغرياني

مختار الدبابي : تونس: مبادرات متواصلة لتدعيم قاعدة الفكر الدينى المستنير

منية بن الإمام : اللغات الأجنبية : مركب لنشر العلوم والفنون أم لنشر مركبات النقص في أفراد بعض مجتمعات اليوم؟

عبد العزيز السبيعي : على خلفية مشروع الاتحاد من أجل المتوسط

كمال بن يونس : نحــــــــــــــــــــــــــــــــــــن وواشنطن

 برهان بسيس : بوركت يا رمضـــــــــــــــــــــــــــــان!!!

د. أحمد القديدي : 2009 مئوية الشابي وإرادة الحياة

حمدي عبدالرحمن  : تجديد الخطاب الإسلامي في إفريقيا (1-3)

عبد اللطيف الفراتي : الباب المفتــــــــــــــــــــــــــــــــوح

توفيق المديني : اعتذار إيطاليا عن الاستعمار.. يعزز العلاقات الأوروبية – الليبية

د حسن حنفي : إسرائيل… سؤال الوجود والشرعية

طارق الكحلاوي : في معنى «نائب الرئيس» في السياق الأميركي

 سامي يوسف  :  بين الدعاية الغبلزية و الوقائع : 9/11( الجزء الثاني)


 

(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To readarabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين تتواصل معاناتهم ومآسي عائلاتهم وأقربهم منذ ما يقارب العشرين عاما بدون انقطاع. نسأل الله لهم  وللمئات من الشبان الذين تتواصل حملات إيقافهم منذ أكثر العامين الماضيين فرجا قريبا عاجلا- آمين 

 

21- هشام بنور

22- منير غيث

23- بشير رمضان

24- فتحي العلج 

 

16- وحيد السرايري

17-  بوراوي مخلوف

18- وصفي الزغلامي

19- عبدالباسط الصليعي

20- الصادق العكاري

11-  كمال الغضبان

12- منير الحناشي

13- بشير اللواتي

14-  محمد نجيب اللواتي

15- الشاذلي النقاش

6-منذر البجاوي

7- الياس بن رمضان

8-عبد النبي بن رابح

9- الهادي الغالي

10- حسين الغضبان

1-الصادق شورو

2- ابراهيم الدريدي

3- رضا البوكادي

4-نورالدين العرباوي

5- الكريم بعلو


دفاعا عن نجيبة البختري عضو النقابة الجهوية للتعليم الثانوي ببن عروس

 النفطي حولة بلغنا أن وزارة التربية والتكوين كانت عازمة على تقديم الأخت نجيبة البختري  عضو النقابة الجهوية للتعليم الثانوي ببن عروس  على مجلس – التأديب- بافتعال ملف و إيجاد  مسوغات  تافهة على خلفية نشاطها النقابي  جهويا ووطنيا ودفاعها المبدئي على الزملاء التزاما منها بممارسة الحق النقابي الذي يكفله الدستور والقانون  في كل دول العالم  ومن بينها تونس التي أمضت على كل المواثيق الدولية الداعية إلى حرية النشاط النقابي . وحتى يكون الأمر واضحا للنقابيين والقراء عموما نحيطكم علما بان التجاوزات التي قام بها مدير 2 مارس الزهراء ضد الزملاء هي التي كانت سببا في توتر المناخ التربوي وانعكاس ذلك على العلاقات بين الإدارة والأساتذة الشيء الذي حتم على الأخت نجيبة البختري الوقوف بحزم في وجه المدير ضد كل السلوكيات غير اللائقة بالأساتذة والتي لا تراعي ادني احترام للأسرة التربوية والتي صدرت عنه في العديد من المناسبات . ونذكر على سبيل المثال وبصفة خاصة بالعريضة الممضاة من طرف اغلب الأساتذة  و الموجهة للإدارة الجهوية  والمؤرخة في  13 ابريل  2007 والذي وصل فيها حدا لا يطاق  وكذلك بالعريضة الممضاة من نفس الزملاء  بالمدرسة  والتي تضمنت تنديدا شديدا بالمدير بالطريقة الغير محترمة سواء للأساتذة أو للإطار النقابي زيادة على تعمد هذا الأخير  تحريض بعض الأولياء الذين يتدخلون في شؤون الأساتذة  وصل في بعض الأحيان إلى اهانة كرامة الأساتذة أمام مرأى ومسمع منه ولم يحرك ساكنا                                                                   فما هو ذنب الأخت نجيبة إذا كانت ملتزمة أدبيا وماديا  بالدفاع عن زملائها ضد التطاول الذي يقوم به المد ير على الأساتذة  وعدم احترامه للإطار النقابي؟ أليست وزارة التربية والتكوين  هي من تؤكد في كل مناسبة  في كل رسائلها  وزياراتها   على الاحترام المتبادل بين الأساتذة والإدارة  واعتبار كرامة الأستاذ فوق كل اعتبار ؟ هل السعي لتوتير الجو داخل المعهد  يساعد على تنقية الأجواء وعلى توفر مناخ سليم يساعد الجميع على القيام بمهامهم على الوجه المرضي ؟ هل من المعقول أن تترك وزارة التربية والتكوين بعض المديرين  يساهمون في تسميم العلاقات و التسبب في أزمات حادة في بعض الأحيان لا يمكن ضبطها بسهولة؟ لماذا التجني على النشطاء النقابيين ؟ لماذا يعمد بعض المديرين إلى  إعداد الملفات الفارغة في اغلب الأحيان على أتفه الأسباب  للنيل من بعض الأساتذة الغيورين على عملهم كما هم غيورون على الحق النقابي ؟ انه لا يمكننا أن نفهم هذا التمشي إلا في إطار استهداف  الحق النقابي وهمنا نذكر على سبيل المثالب لا الحصر  التضييق على الإخوة النقابين النقابيين كالذي جرى للأخ  رفيق التليلي الكاتب العام للنقابة الأساسية للتعليم الثانوي بالشابة والإخوة نورالدين الورتتاني ومحسن حجلاوي و رشيد الشملي من وزارة التعليم العالي وهم بدورهم مسئولين وناشطين نقابيين  في تونس.                                                                             فعوض أن تتجه سلطة الإشراف للتحقيق بكل مسؤولية ووضوح في تجاوزات الإدارة التي كانت سببا أساسيا في الوضع المتردي داخل المؤسسة بدأت في تهديد الأساتذة عن طريق تحضير ملف للأخت نجيبة البختري محاولة بذلك ثنيها عن ممارسة نشاطها النقابي تمثل باطلا على مجلس التأديب –و نحن نقول لسلطة الإشراف ومن يمثلها في الإدارة الجهوية  كان حريا بها أن تتريث وتحقق في شان بعض المديرين الذين عادة ما يكونون سببا في الأزمة . وهذا ما يخلق توترا داخل بعض المؤسسات التربوية  . وهذا المناخ المتوتر يظهر وحدة الأساتذة ولحمتهم و تمسكهم بنقابتهم الممثل الشرعي للدفاع عليهم ماديا ومعنويا  و يزيد من عزلة الإدارة و مسئوليتها عن تفاقم الوضع داخل المؤسسة التربوية . 
  عن 1952nafti.maktoobblog.com  و assirioun on line  


 

حديث شريف وعبرة

 

  عبدالحميد العدّاسي:   جاء في باب التحذير من الرّياء ما رواه مسلم عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « إنّ أول الناس يقضى يوم القيامة عليه، رجل استشهد، فأتِيَ به فعرّفه نِعمَه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلتُ فيك حتى اُستُشهدتُ، قال: كذبت، ولكنك قاتلتَ لِأَنْ يُقال جريء، فقد قيل،  ثم أمر به فسُحِبَ على وجهه حتى ألقِي في النار. ورجل تعلّم العلم وعلّمه وقرأ القرآن، فأتِيَ به، فعرّفه نِعمَه فعَرَفَهََا، قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمتُ العلمَ وعلّمتُه وقرأتُ فيك القرآنَ، قال: كذبت، ولكنك تعلمتَ العلمَ ليُقالَ عالِمٌ وقرأتَ القرآنَ ليُقالَ هو قارئٌ، فقد قيل، ثم أمِرَ به فسُحِبَ على وجهه حتى ألقِيَ في النار. ورجل وسّع اللهُ عليه وأعطاه من أصنافِ المالِ كلِّهِ فأتِيَ به فعرّفَه نِعمَه فعَرَفَهَا، قال: فما عملتَ فيها؟ قال: ما تركتُ من سبيل تحبُّ أن يُنفَقَ فيها إلاّ أنفقتُ فيها لك، قال: كذبتَ، ولكنك فعلتَ ليُقالَ هو جوادٌ، فقد قيل، ثم أمِرَ به فسحب على وجهه ثمّ ألقِي في النّار »… وفي رواية للترمذي: « … ثم ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ركبتي فقال يا أبا هريرة أولئك الثلاثة، أول خلق الله تسعر بهم النّار يوم القيامة »…   حديث مخيف ويعلم الله سبحانه وتعالى أنّني أخاف كثيرا ممّا ورد فيه وفي نظيره الذي يحكي عن الخواتيم والذي جاء في بعضه: « … فوالذي لا إله غيره إنّ أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلاّ ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها… »، ويعلم الله أنّني أدعو بـ »اللهمّ أجرني مِن (قد قيل) » وأكثِرُ من « يا مقلب القلوب ثبّت قلبي على دينك »، فقد كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يُكثر منه، وإنّي لأرجو أن يُكثر المسلمون جميعُهم منه… والحديث وارد ضمن كتاب الإمارة، وقد عجبت حقيقة لوجوده بين دفّتيه، وتحت باب « من قاتل للرّياء والسمعة استحقّ النّار »… غير أنّه لم يكتف بالحديث عن الرّياء في باب القتال وإنّما توسّع ليشمل ميادين العلم والقرآن والمال وأعمال البرّ جميعها، إذ ما من عمل فيها إلاّ وللنفس فيه توق إلى البروز واعتلاء المكانة التي بها تُذكر عند النّاس عياذا بالله تعالى… وهو لعمري الأمر الذي يجعلني أفهم بدقّة قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: « سدّدوا وقاربوا واعلموا أنّه لن يدخل أحد الجنّة بعمله! قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟! قال: ولا أنَا إلاّ أن يتغمدني الله برحمته »، إذ كيف يعتمد مؤمن صادق على عمله وهو يرى ثلاثة قد يكون عدّهم من أصدق النّاس وأكثرهم ربّانيّة يسحبون على وجوههم لتسعّر بهم النّار!…   ولقد أوقفني على هذا الحديث المزلزِلِ خبرٌ تردّد هذه الأيّام كثيرا على صفحات الإنترنت، يحكي ويشيد بعمل جليل من أعمال حاكم البلاد التونسية، وهو المتمثّل في إعادة فتح موقع فيس بوك لمستخدمي الإنترنت. فقد تدخّل الرّجل شخصيّا – حسب تعبير المدّاحين الشروق والصريح – بإعطاء تعليماته لإعادة فتح الموقع وذلك حالما علم بغلقه من قبل مستخدمي الإنترنت في تونس… فالخبر لا يعكس الرّياء والسمعة فقط ولكنّه يعكس كذلك الكثير من المغالطات والبلاهة التي قد تتّضح لكلّ ذي لبّ بمناقشة بعض الأفكار ومنها:   – يبيّن الخبر أنّ عمليّة غلق الموقع المشار إليه قد تمّت منذ شهر تقريبا، ما جعل المدافعين عن حقوق الإنسان في تونس وخارجها يحتجّون ويطالبون برفع الرّقابة الحكوميّة على الإنترنت، ثمّ تأتي الشروق والصريح المتخصّصتين ربّما في تزيين الصورة التي بها يكبّ صاحبها في نار جهنّم (وقد لا يكون أفضل من الثلاثة المذكورين في الحديث) لترتكبا جرما كبيرا في حقّ رئيس البلاد التونسية، وذلك بإظهاره آخر المطّلعين على الخبر، فقد أمر سيادته بإعادة الفتح حالما علم بغلقه، وهو ما يعني أنّ الرّئيس – وهو المسؤول الأوّل في البلاد – لم يعلم بما جرى في منطقة نفوذه إلاّ بعد مرور شهر كامل، إذ لو سبق إلى علمه (وهو ما يقتضيه استعمال حالما علم…) لمَا ترك مواطنيه – وهو الحريص على مصلحتهم – يلاقون كلّ هذا العنت وكلّ ذاك الأذى بسبب ذلك الإجراء المتخلّفّ!… والسؤال كيف يمكن لرئيس يعمل بتأخير شهر أن يضبط شؤون بلاده في وقت تُولَى فيه الثواني الأهمّية القصوى لفهم والسيطرة على ما يجري من أحداث في العالم… أمَا لو كنت أنا الرّئيس الممدوح لقاضيت(*) أسرتَيْ الشروق والصريح المنافقتين (إذا حدّث كذب) كي لا تفكّران مجدّدا في اتّهامي بعدم الأهليّة!…   – ألا يبدو جليّا أنّ الذي أمر بالفتح، قد يأمر بالغلق بل ربّما قد أمر به!… إذ من هي وكالة الرّقابة الحكوميّة على الإنترنت ومن هم العاملون فيها؟!… أم أنّ الرّئيس لا يعلم كذلك قيام ووجود هذه الوكالة، وإذن متى يبلغ ذلك إلى علمه؟!… قد يأمر الرّئيس – وهو المنصرف عن سماع الحديث أعلاه وغيره – بالغلق فإنّ مفتوحا لا يُفتح!… بل قد يأمر بالإفساد هنا وهناك كي يُصلح بعد ذلك قيلاً وصحافة وتصويرا وتزيينا!… ألا ترى أنّ الجميع يُصلح باستمرار في البلاد العربيّة ويغيّر بل ويصنع التغيير؟! ألا تتساءل من الذي أفسد حتّى يُصلح هؤلاء برَهَق؟! ألا تتساءل متى حصل الفساد والإفساد حتّى يبادر هؤلاء منذ استقلال بلادنا بإصلاح ما لم يفسده الاستعمار؟!… ألا تدفعنا تساؤلاتنا هذه إلى الجزم بأنّه كلّما وقع التبكير في تعويض الحاكم كلّما قلّصنا نسبة الإفساد المترتّبة عن بقائه!… وإذن فلماذا يفكّر « التونسيون » في التعدّي على دستور البلاد بالتجديد إلى رجل لا يعلم بما يدور فيها؟!…       – أصحيح ما تُردّد بعضُ الأفواه والأقلام من أنّ رئيس الدولة في تونس لا يتحمّل كلّ ما يجري فيها، وأنّ دواليب الحكم قد تعقّدت حتّى صار من الهيّن تسرّب بعض « الفاسدين العالمانيين المتطرّفين » الذين قد ينفّذون أشياء ليس عليها ختم الرّئيس… أشهد أنّني لا أؤمن بهذا القيل!… ولكن إذا جارينا الرأي وقبلنا فرضيته، ألا يجوز لنا المطالبة بوجود رئيس أكثر قدرة على مراقبة مجريات الأحداث للتمكّن من خدمة التونسيين وإبعادهم بالتالي عن مناطق فعل الساديين من النّاس ممّن بطّأ بهم إيمانهم وعملهم الصالح… فقد رأينا الرّئيس يكرم متحجّبة في قصره وقد سمعناه يصف اللّباس الشرعي بأنّه طائفي دخيل… وقد قرأنا عن الرّئيس يعترف بأخطاء إداريّة رسمية ارتكبت في حقّ أهلنا في الحوض المنجمي وما سمعناه يأمر بمقاضاة من قتل النّاس في الرديّف أو من أسرهم وما رأيناه – وهو القائد الأعلى للقوات المسلّحة – يستقبح سفالات أفراد الشرطة أو الجيش على حدّ السواء… وقد رأيناه يفتح المواقع وما تعرّفنا على المجرم الذي قام بالغلق…   أنا أعتقد أنّ صانع التغيير هو الذي يصنع كلّ شيء في تونس بيده أو بأمره أو بسكوته أو بما جُبِل عليه: فإن كان حسنا فلبقيّة خير فيه أو خدمة لكلمة « قد قيل » التي سوف تكبّه على وجهه في النّار إن لم يتب، وإن كان سوءا وسوادا فلأنّه لم يحرص على ما ينفع التونسيين، إذ لو كان فعل لالتزم بما جاء في بيانه الأوّل صبيحة السابع من نوفمبر سنة 1987، ولما حرص على منصب لا يزيد إلاّ من تورّطه وعدم قدرته على إيجاد الإجابة لسؤال الواحد الأحد: « لمن الملك اليوم »!… أسأل الله لجميع المؤمنين والمؤمنات محاسبة للنّفس عسيرة خاصّة في هذا الشهر الذي يرجو كلّ مسلم أن يبلغه طمعا في أن يغفر الله له ما تقدّم من ذنبه!… تقبّل الله صيامكم وبارك إفطاركم!…         ــــــــــــــــــــــــــــ (*): أقاضي ولا أعاقب، لأنّني لو كنت رئيسا فلن أكون إلاّ مسلما متّبعا لسيرة سلف هذه الأمّة!…


نصرة الحجاب بالوكالة مشروع يخدم بن علي ويدفع الفتاة للزواج من جزائري او ليبي

كلما قرب موعد العودة الا واعتلت اصوات بعض الجمعيات التي نصبت نفسها وكيلا على المحجبات في تونس بالصياح والنواح والتباكي بدموع الاقلام ونواح بالبيانات مذكرة العالم بما يحصل من محاربة الحجاب في تونس ظاهرة الدفاع بالوكالة انتشرت في تونس في مقابل ذلك خمد صوت المحجبات المعنيات بالامر واولياؤهن فالمعني بالامر صمت وتجمد مكتفيا بالبيانات الخارجية التي تصدرها الجمعيات التي تولت مهمة الوكالة فالحجاب كقيمة ورمز لقيم الشريعة من اقتنع به  عليه ان يستميت في الدفاع عنه بقدر ما هو حريص على لباسه  بدل التباكي والظهور بمظهرالضعيف  فمن لا تستطيع الدفاع عنه لماذا ترتديه والاب او الاخ الذي لا يستطيع ان يحمي حجاب زوجته او اخته لماذا يسمح لها بلباسه   واذا نزعوه منها يوكل من يدافع عن شرفه بالبيانات وعبر الجمعيات هذا المواطن الذي لا حول له ولا قوة تجاه اليد التي انتزعت من ابنته او زوجته او اخته او امه الحجاب ولا يستطيع ردع هذه اليد بالقوة التي توازي قوة تمسكه بالحجاب هو جبان  ولا قيمة للحجاب عنده ويكتفي بتوكيل بعض الجمعيات للحديث عنه وهذه الجمعيات اسلوبها معروف وله نزعة سياسية بحكم ما بينها وبين بن علي من خصومات سياسية وبوضوح فالتيار الاسلامي في تونس لا يحسن الا التباكي امام عتبات الجمعيات والمنظمات ولما اغلقت هذه الجمعيات والمنظمات ابوابها في وجهه بعد ان ملت من شكواه  اسس التيار الاسلامي جمعيات  ذاتية حتى يستمر اسلوب التباكي لاثارة خصمه السياسي تونس اليوم هي البلد الوحيد الذي جعل من الحجاب قضية سياسية وهي تتمسك بهذا المنع لانه يخدمها عند الغرب فهي البلد الرمز في العداء للحجاب وبهذا المنع كسب تعاطف كل الدول ونال تاييدها وجعل من محاربة الحجاب  بل من مجرد ذكره تظهر تونس في المرتبة الاولى ولن يفرط النظام في هذا المكسب الوطني  وهذه المرتبة لذا هي حريصة كل الحرصع على ان لا يزاحمها احد على هذه المرتبة  ا والمصيبة كلما ارا د العالم نسيان الحديث عن تونس تاتي هذه الجمعيات التي نصبت نفسها وكيلا عن المحجبات حتى تذكر العالم بهذه المكانة التي تحتلها تونس فيظهر من جديد اعتزاز القوى السياسية الغربية بهذا المجهود التونسي ولا  تستغربوا ان تطلب تونس من حلفائها الغربيين والعرب من ان يتم ادراج محاربة الحجاب ضمن الالعاب الاولمبية حتى تضم حصولها دوما على المدلية الذهبية فما لا يقدر عليه الرياضي قد يحققه البوليسي اي رجل الامن ولكم حرية تصور شكل هذه اللعبة فمن لا تسطيع ان تدافع بنفسها عن حجابها  ولا يستطيع وليها حمايتها عار عليها ان توكل غيرها  لان اسلوب التباكي هذا يخدم السلطة من حيث حرصها على تلهية الاسلامين  بهذا الموضوع الذي لن تنتهي حلقاته لان التباكي ووالتوكيل لن يزيح منشور منع الحجاب ولن يغير منه مجرد حرف بل دفع السلطة الى ان تجعل منه رمزا لشرفها وثباتها امام الغرب ومجرد تغيير حرف في المنشور هو خطوة للظلام تبعد السلطة عن انصارها من اليهود والصهاينة فالرجاء من كل متحجبة ان تسحب التوكيل الذي منحته للمنظمات كي تتحدث باسمها والرجاء من اتباع هذه الجمعيات التخلي عنها لمحام شاطر يخدم الحجاب لا السلطة والفتاة ان كانت قادرة على حماية حجابها بنفس القوة التي  تعتقد بشرعيته فلها ذلك والا فلتستورد لها رجلا اي تتزوج  من ليبيا او الجزائر فهذا خير واشرف وضامن لحجابها ملحق مواطن

تألق البوابات الالكترونية للمعارضة التونسية في مصادرة الفكر الحر بوابة الحزب الديمقراطي التقدمي وموقع كلمة و »تونيزيا واتش » نموذجا؟؟؟

مراد رقية ان المقالات والآراء المدرجة لا تعبر الا عن وجهة نظر أصحابها ولاتتحمل ادارة الموقع أي مسؤولية عنها ان لمن المفارقات العجيبة الغريبة التي أصبحنا نعايشها في بلادنا هذه الأيام والتي لا تبشّر بانبلاج قريب لفجر الحرية ولقيام الديمقراطية المرغوبة والمطلوبة اعتماد دكاكين المعارضة التونسية المرخص لها وغير المرخص  لازدواجية وتعددية الخطاب التي تتجسّم أساسا وبصفة مباشرة في عدم تطابق القول مع الفعل،أو الشعارات مع الواقع؟؟؟ وفي اطار التعريف بمحنة الجامعيين التونسيين الذين يعانون من تظافر جهود وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا كطرف أول اغتيالا للحقوق بأنواعها في سنة الخمسينية برغم اشراف حقوقيين بارزين على حظوظ الوزارة،وجامعيين متمرسين في آن واحد،وكذلك جهود الاتحاد العام التونسي للشغل الذي تحوّل الى وزارة داخلية موازية،أو الى سلطة انتداب عمالية خاصة بعد اصدار المنشور83 الذي نصّب على رأس  الاتحاد هيكلا بيروقراطيا مغتصب لخيرات وأملاك الاتحاد ويلتزم أكثر من السلطة القائمة نفسها في الضحك على ذقون الشغالين ،وفي قتل حرياتهم بعد ضمان فقرهم الذي يتعمق ويتجذر من سنة الى أخرى في ظل ورعاية المفاوضات الاجتماعية.فتحوّل الجهاز البيروقراطي برغم الشعارات المرفوعة بقصد التضليل الى معني أساسي بالقضاء على الطبقة الشغيلة برغم الاحتفال بيوم غرة ماي الذي أصبح يجسّم خضوع وتواطؤ قيادة الجهاز وحرصه على قبض ثمن السمسرة أكثر من أي شيء آخر؟؟؟ وفي ظل هذه الوضعية المتعفّنة التي يعاني منها الجامعيون أرسلت بعديد المقالات بالعربية والفرنسية نشرت بعضها بوابات الفجر والحوار والوسط والسبيل أون لاين وتونس أون لاين ،وكذلك تونس نيوز ،أرسلت بها الى ثلاث بوابات ألكترونية تدعي لنفسها النطق باسم المعذبين والمكلومين ومهضومي الجانب بأنواعهم،وترفع باصرار وصمود متجد د عبر صحفها ومواقعها و »لمّاتها »لواء مقاومة مصادرة الحريات وخنق الصحافة الحرّة والتضييق عليها من خلال ما تقدم عليه من حين الى آخر من اضرابات جوع مدعومة اعلاميا من القنوات الفضائية،أو من خلال ما يتعرض اليه قياديوها من مضايقات بعد حضورهم لمناسبات حقوقية خارج البلاد؟؟؟ لقد أصبحت دكاكين المعارضة التي نصّبت نفسها في موقع الضحية ،وبرغم عدم امتلاكها للسلطة التنفيذية على غرار السلطة القائمة تمارس حقها في مصادرة الفكر الحر دون تقديم مبرر يذكر،أو دون حتى اصدار رسالة الكترونية توضح موقفها مما يجعلنا نشك وبامتياز في صدقية كل المواقف والشعارات المرفوعة والاستعراضات المنظمة بامتياز وتميز عبر القنوات الفضائية كالجزيرة والعربية وبيبي سي،اضافة الى القنوات الفرنسية،وعبر قناة الحوار التونسي جلبا  للعطف والشفقة المبتزة بالزور والبهتان؟؟؟ لقد أصيبت دكاكين المعارضة التونسية بذات الأمراض التي تعاني منها الأجهزة الرسمية على اعتبار أنها أصبحت تسمح لنفسها بمراقبة ذاتية تلقائية فتقبل على نشر نوعية معينة من المقالات تكرس فردانية الزعيم الواحد الأوحد المخلص للجماهير من كل شرورها،والتي تكرّس رغبتها ورغبة قيادييها في الحفاظ على لزمة الدكان المرخص بكل الوسائل المكشوفة حينا والمحجوبة حينا آخر في غياب القواعد التي تعتبر السند الحقيقي لأي حركة سياسية جادة تحترم نفسها عوض اللجوء الى الاستعراضات الاعلامية المبتزة للعواطف؟؟؟ وليس أدل على هذا الضعف والتفكك الذي تعاني منه هذه الدكاكين سوى الانشقاقات التي تتعرض لها دوريا التي وان ادعت قياداتها بأنها مشحونة الكترونيا فان الواقع يفيد بأن هذه الحركات أو هذه التنظيمات تتميز بشلليتها ونخبويتها وعدم ارتباطها الحقيقي بالقواعد.ان ممارسة دكاكين المعارضة عبر صحفها ومواقعها الالكترونية للمصادرة غير الشفافة يؤكد بما لا يترك مجالا للشك نفاقية وتقلب هذه الحركات أو التنظيمات وليست الأحزاب كما تدعو نفسها،واصابتها الأكيدة بفيروس الأنظمة القائمة التي تعاونت معها سابقا في التشريع لنفسها،وهو فيروس مصادرة الفكر الحر والرأي المخالف عبر صحفها ومواقعها التي تذكرنا دائما بأنها محرومة من الاشهار والتمويل؟؟؟ ولكن يجب احتراما لنفسها أن تذكرنا أيضا وفي كل عدد أو في صفحة الاستقبال بأنها صحف ومواقع تعتمد النفاق السياسي الرائج هذه الأيام،وبأنها ملتزمة بمصادرة الفكر الحر تركيزا لنفاقية المعارضة التونسية وتعددية معاييرها ،وهروبها الأكيد من مسؤولياتها التاريخية في التعجيل بقيام نظام ديمقراطي وهي تعتبر أولى المؤجّلين لقيامه بنفاقها ومراوغتهاوتعددية معاييرها؟؟؟
 
(المصدر : مدونة مكتوب ( إلكترونية – تونس ) بتاريخ 7 سبتمبر 2008)


بسم الله الرحمن الرحيم  رسالة سريعة على الحساب إلى شيخنا الفاضل  حفظه الله.

مصطفى عبدالله الونيسي/باريس

الشيخ الفاضل أ. محمد بن مصطفى الزمزمي حفظه الله تعالى. السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته، وبعد ، لقد قرأت أخي الحبيب ردك على رسالتي التي  كنت قد  وجهتها في منتصف شهر أوت إلى السيد أبوبكر لخزوري  وزير الشئون الدينية عبر الصحافة الإلكترونية في المهجر. و لا أخفيك   أنّني   استغربت  من  حدّة الأسلوب التي اتسم  بها  ردّك ، لأنني بعد الإنتهاء من قراءة رّدكم  شعرت وكأنّني ارتكبت منكرا أو انتهكت معلوما من الدّين بالضرورة و تجاوزت حدود الله تعالى، في حين أنّني كنت أظّن أنِّي  فعلت  حسنا. واستغربت أكثر  من أسلوبك في الدّس والتعريض والتلميح بما لا يُرضينا  و كأنّه بيننا خصومة شخصية. لقد تساءلت فيما بيني و بين نفسي  أيصل الغضب ،حتى لا أقول شيئا آخر، بأخي الشيخ الزمزمي إلى  هذا الحد ، و هو الذي أعرفه و يعرفني  ، فيرد عليّ و كأنّه يرد على يساري متطرف، أو عضو تجمّعي من الحزب الحاكم، مع أنّني شخصيا حتى الخصوم لا أرد عليهم بهذا الأسلوب. لماذا ننسى في خضّم خلافاتنا الفرعية، والتي هي عندي ثراء للمشروع الإسلامي، أنّ الصحوة الإسلامية هي أكبر من خلافاتنا و أمزجتنا وأنّها تسعنا جميعا بمختلف تجاربنا و اولوياتنا وأساليبنا ومناهجنا ،طالما أنّنا نتحرك في الإطار الذّي يجيزه الشرع الحكيم و الإجتهاد الذي تحتملة النصوص و يجيزه العقل المنضبط  بالإطار الشرعي؟   واسمح لي اخي الحبيب ،بحكم أنّه ليس لنا ما نُخفيه على القراء الكرام، أن أوجه لهم دعوة وخاصة منهم أولئك الذين قرءوا ردّك و لم يطلعوا على فحوى ما كتبته إلى الوزير أن يعودوا إلى الرسالة المذكورة يَجِدُونَهَا في ( تونس نيوز أو الحوار نت  ) ولهم وحدهم بعد أن يطلعوا عليها و أن يحكموا لها أو عليها . أمّـا عن رأي الخاص فيما ذهبت إليه أستاذي  من أحكام  و اتهامات ظاهرة و خفية ، فسأنتظر حتى تنتهي من ردودك لأنك وعدتنا بأنه للحديث صلة ولا ندري متى ينتهي وقد يستغرق  ذلك حلقة أو حلقتين كما كان شأنك في الرد على الأخ عمر النمري . أخي الحبيب سأحاول، بعد أن تُكمل حديثك ، رغم قلة الوقت أن أوضح لك  و للقراء  أسلوبي في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وعندها ،إن كان الأمر قد خفي عليك ، فستعرف المقاصد النبيلة التي رميت إليها من خلال هذه الرسالة.   أخي الفاضل : أسأل الله تعالى أن يتقبل منّا ومنكم الصيام و القيام وصالح الأعمال ، وأسأله أن يحفظكم وأهلكم من كل سوء. لا تنسانا من صالح دعاءكم  في هذا الشهر الكريم.    أخوكم مصطفى عبدالله الونيسي / باريس  

لا حللت اهلا و لا نزلت سهلا

مثلت زيارة كوندوليزا رايس الى تونس مناسبة لجدل حول وضع حقوق الانسان في تونس فهناك من يامل من زيارتها تحسنا للوضع و هناك من هو مستبشر بزيارتها و ينتظر نتائج ضغطها على السلطة و انا كناشط حقوقي ارفض زيارتها و ارفض تدخلها في شاننا الداخلي فمهما كانت قساوة الظروف و مهما كانت درجة الاستبداد عالية فان الاستقواء بالاجنبي مرفوض و الحقوقي الصادق هو الدي يعول على قواه الخاصة و لا ينتظر هدية مسمومة من رهيس او غيرها فامريكا عدوة امتنا العربية والاسلامية فهي تحتل العراق و تدعم الاستيطان الصهيوني و تقود حملة مسعورة على الاسلام فهل نرحب بزيارتها ام نندد بها وهل نسينا سجن ابو غريب و معتقل غانتنامو و سجون الاحتلال في فلسطين المجاهدة فرايس عدوة لحقوق الانسان و المشجعة الاولى في العالم للانتهاكات فمن المسؤول عن سجن المئات من شبابنا المتدين اليس القانون الدي فرضته امريكا على الدول العربية تحت عنوان المشاركة في المجهود الدولي لمكافحة الارهاب و هل نسي الحقوقيون ما ارتكبه البعض في حق العراق و الامة عامة عندما استقووا بامريكا فماتت الحوق بكل انواعها.فالمعركة الحقوقية معركة داخلية و غير مفصولة عن معركة الامة عامة بل ان حق الامة في مقاومة الاحتلال و دحر الاستيطان و الدفاع عن هويتنا العربية الاسلامية هي حقوق متى غابت عن النضال الحقوقي وقع التعارض بين المسالةالوطنية والمسالة الحقوقية و قد حان الوقت لتعديل المفاهيم و الابتعاد عن الاستنجاد بالاعداء و طرق ابواب السفارات و الحقيقة ان الاستقواء بالجماهير هو الحل و تحويل المعركة الحقوقية الى معركة الجماهيربكل مظاهرها فاين هؤلاء الحقوقيون من حصار غزة و ما رايهم في قضية الاسلاميين المساجين والمسرحين والمغتربين و ما  هو رايهم في قضية محاكمات الشباب المتدين فاكيد انها لا تهمهم لانها لا تهم امريكا فكل من يستقوي بالاجنبي خائن حتى و ان كانت قضيته عادلة ولدلك اقول لكوندليزا رايس لا حللت اهلا و لا نزلت سهلا حاتم الفقيه.مناضل نقابي و حقوقي  

 رايس تحثّ على إصلاحات سياسية في تونس

 

تونس (رويترز)  حثت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس يوم السبت على إجراء إصلاحات سياسية أعمق وانتخابات حرة في تونس التي يوجه منتقدون اتهامات اليها بانتهاك الحقوق وخنق حرية الصحافة. ويزمع الرئيس زين العابدين بن علي (71 عاما) الذي يتولى السلطة منذ عقدين من الزمان الترشيح لإعادة انتخابه في العام القادم ويقول مؤيدوه ان توليه فترة رئاسة أخرى سيجلب لأكثر الدول تقدما في شمال افريقيا مزيدا من الرفاهية. وتونس دولة مؤيدة للغرب. ويقول منتقدون ان استمرار بن علي في منصب الرئيس ينطوي على مخاطر التحول الى نظام استبدادي وفرض قيود مشددة على الساحة السياسية والصحافة في البلد الذي يبلغ تعداد سكانه عشرة ملايين نسمة. وقالت رايس التي أدلت بهذه التصريحات بعد محادثات مع بن علي للصحفيين الذين يرافقونها في جولة في دول المغرب ان تونس حققت تقدما في المضي قدما نحو الديمقراطية لكن يمكن القيام بالمزيد وخاصة في الفترة السابقة على انتخابات الرئاسة. وأضافت « 

كنا واضحين تماما في اننا نأمل في ان تقوم تونس بالمزيد من الخطوات) وخاصة في الفترة السابقة على انتخابات عام 2009 ) وأن تصبح وسائل الاعلام متاحة وضمان حرية الانترنت وان يصبح التلفزيون متاحا للمعارضة. » وقالت رايس « ومثلما يوم الانتخابات مهم فان الفترة السابقة على الانتخابات مهمة أيضا لحرية ونزاهة الانتخابات » مضيفة انها أثارت قضية الإصلاحات مع بن علي.

وخاض بن على الانتخابات بنجاح أربع مرات سابقة ولم ينافسه أحد في الانتخابات مرتين. وحصل على 94..4 في المئة من الاصوات في الانتخابات الاخيرة التي جرت في عام 2004 . ويقول بعض المعلقين ان تونس تعكس ورطة تواجهها واشنطن في الشرق الاوسط ككل تتمثل فيما اذا كان يتعين عليها تقييم الحكومات على أساس سجلها في مجال حقوق الانسان والديمقراطية أم إعطاء أولوية للتعاون ضد التشدد الديني. وينسب الى بن على الفضل على نطاق واسع في المحافظة على الاستقرار الاجتماعي والنمو الاقتصادي القوي. لكن خصومه يقولون انه يتعين عليه عمل الكثير لتعويض نقص الديمقراطية. ووصل بن على الى السلطة في عام 1987 عندما أعلن أطباء ان الرئيس التونسي آنذاك الحبيب بورقيبة غير لائق لتولي الحكم. وأجري استفتاء في عام 2002 لتعديل الدستور ليسمح للرئيس بتولي المنصب عددا غير مُحدد من فترات الرئاسة التي تبلغ خمس سنوات. وبدأ تطبيق تعدد الاحزاب في أوائل الثمانينات وتقول الحكومة انها بدأت منح جماعات المعارضة الشرعية دعما ماليا لتعزيز الديمقراطية. ويهيمن حزب التجمع الدستوري الديمقراطي على البرلمان حيث 80 في المئة من مقاعد الجمعية المكونة من 189 مقعدا محجوزة للحزب الحاكم. ويتنافس على المقاعد الباقية ستة أحزاب مُعارضة. وقالت رايس « تونس صديق جيد للولايات المتحدة. » وأضافت « انها علاقة عميقة ويوجد بيننا تعاون واسع النطاق في عدد من القضايا. » وخلال زيارة في عام 2003 حث وزير الخارجية الامريكي آنذاك كولين باول تونس على إجراء إصلاحات سياسية ونقل عن بن علي قوله انه مُلتزم بالاصلاح لكن بايقاع  » يتفق مع طموحات » شعبه. من سو بليمنج  

(المصدر : وكالة الصحافة الفرنسية ( أ ف ب ) بتاريخ 7 سبتمبر 2008 ) الرابط : http://ara.reuters.com/article/topNews/idARAOLR67092020080906  

 بعد الجزائر تبحث رايس في الرباط ملف الارهاب  

 
الرباط (ا ف ب) – انتقلت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس مساء السبت الى الرباط حيث يتوقع ان تبحث خصوصا مسالة مكافحة الارهاب التي تناولتها ايضا في مباحثاتها مع الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في الجزائر العاصمة. وقد وصلت الى الرباط محطتها الاخيرة في جولتها على المغرب العربي التي بدأتها الجمعة بزيارة تاريخية الى ليبيا عند الساعة 21,50 تغ بتأخير اكثر من ساعتين عن موعد وصولها المقرر وذلك بسبب مشاركتها في افطار دعاها اليه بوتفليقة. وكان في استقبال الوزيرة الاميركية في المطار نظيرها المغربي الطيب الفاسي الفهري. وستتناول محادثاتها صباح الاحد في الرباط ايضا نزاع الصحراء الغربية والتعاون بين المغرب والولايات المتحدة. كما ستشمل المباحثات في الرباط عملية التكامل بين دول اتحاد المغرب العربي. وقال مصدر حكومي مغربي لوكالة فرانس برس ان « كل المسائل الدولية والاقليمية سيتم بحثها » مع رايس. فبالاضافة الى موضوع العلاقات الثنائية الاميركية المغربية التي تصفها الرباط بالممتازة ستتناول المحادثات « مكافحة الارهاب ومسألة الصحراء الغربية وعملية التكامل بين دول اتحاد المغرب العربي » كما اوضح المصدر. وكان مصدر في الوفد المرافق لرايس اكد في وقت سابق ان قضية الصحراء الغربية سيتم بحثها في الجزائر والرباط على حد سواء. ويقترح المغرب منح الصحراء الغربية حكما ذاتيا في اطار ابقاء المستعمرة الاسبانية السابقة تحت سيادته الا ان جبهة البوليساريو مدعومة من الجزائر تطالب بالاستقلال الناجز عن المغرب. ودعا رئيس جبهة البوليساريو محمد عبد العزيز وزيرة الخارجية الاميركية « الى التدخل لدى المغرب من اجل احترام حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير » كما ذكرت وكالة الانباء الصحراوية. واعرب عبد العزيز عن امله في ان تغتنم رايس فرصة زيارتها للمغرب العربي للتدخل لدى المسؤولين المغاربة و »اقناعهم بالرجوع للشرعية الدولية لاعطاء المفاوضات بين طرفي النزاع في الصحراء الغربية امكانية الوصول الى تمكين الشعب الصحراوي من حقه في تقرير المصير عبر استفتاء عادل ونزيه ». واكد عبد العزيز في رسالة مفتوحة الى رايس ان الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (بوليساريو) « قدمت كل الجهود الضرورية من اجل التوصل مع المغرب الى حل عادل ودائم مبني على تمكين الشعب الصحراوي من حقه في الاختيار والقرار ». وذكر عبد العزيز في رسالته بان البوليساريو قدمت في 10 نيسان/ابريل 2007 الى الامم المتحدة خطة حل تستند الى اجراء استفتاء لتقرير المصير يطرح فيه الاستقلال كخيار من ثلاثة على ان يكون الخيار الثاني الانضمام الى المغرب والثالث الحكم الذاتي علما ان الخيارين الاخيرين اقترحتهما الرباط. وتأسس اتحاد المغرب العربي في 1989 ولكنه مشلول عمليا منذ 1994 وخصوصا بسبب الخلاف بين الجزائر والمغرب حول قضية الصحراء الغربية حيث تأخذ الرباط على جارتها الشرقية دعمها جبهة البوليساريو الانفصالية المسلحة. والى المغرب والجزائر يضم هذا الاتحاد كلا من تونس وليبيا وموريتانيا. وبعد لقائها بوتفليقة قالت رايس انهما تحدثا عن « اهتمامهما الكبير في مكافحة الارهاب والتعاون » في هذا المجال. واضافت « كانت لدي فرصة الاستفادة من معرفة الرئيس بوتفليقة بالمنطقة. انه حقا واحد من الرجالات الاكثر حكمة في المنطقة في المغرب العربي وحتى ابعد من ذلك ». وتابعت « فان كان تعاوننا جيدا (في المنطقة) … فمن الممكن دوما عمل المزيد لتعزيز تقاسم المعلومات ». وفي تونس حثت رايس الحكومة التونسية على تسريع وتيرة الاصلاحات السياسية كما بحثت التهديد الارهابي في المنطقة خلال لقائها مع الرئيس زين العابدين بن علي في قصر قرطاج. وقالت رايس للصحافيين في ختام لقائها مع الرئيس التونسي « نحن اصدقاء جيدون وبامكاننا بهذه الصفة اجراء محادثات جيدة ومكثفة حول امور تتعلق بالسياستين الداخلية والخارجية ». وقالت ايضا في وقت لاحق خلال رحلتها في الطائرة من تونس الى الجزائر في تصريح لعدد من الصحافيين « لقد حصلت في تونس اصلاحات سياسية » مضيفة

« قلنا بشكل واضح اننا نرغب بان تقوم تونس بالمزيد ». واشارت الى انها اجرت مع الرئيس التونسي « مناقشة جيدة جدا ومكثفة » حول حرية الصحافة وحرية الانترنت وتمكين المعارضة من الظهور على التلفزيون.

وغالبا ما تحث الادارة الاميركية تونس على اقرار المزيد من الاصلاحات الديموقراطية مشيدة بالانجازات الاجتماعية-السياسية التي تحققت في هذا البلد وب »الدور الاساسي » الذي تقوم به تونس في مجال مكافحة التطرف الاسلامي والتهديد الارهابي. ولم تشذ رايس عن هذه القاعدة عندما رحبت بالتقدم الاجتماعي في تونس. وقالت « اود الاشارة الى اني تحدثت عن الدور الاستثنائي الذي لعبته النساء في تونس. لقد حققت النساء تقدما كبيرا هنا » في اشارة الى قوانين الاحوال الشخصية في تونس بشكل خاص التي تعود الى العام 1957 والتي تعطي المرأة حقوقا واسعة مقارنة مع بقية الدول العربية والاسلامية. وجاء لقاء رايس مع الرئيس التونسي بعد ترشيحه لولاية خامسة في الانتخابات الرئاسية المقررة العام 2009. ويطالب قسم من المعارضة في تونس باصلاحات سياسية وبتداول السلطة في البلاد. وتختتم رايس في الرباط جولتها على المغرب العربي التي استثنت منها موريتانيا بسبب ادانة واشنطن الانقلاب العسكري الذي اطاح بالرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله في السادس من اب/اغسطس. وتأتي هذه الجولة في ظرف اطلق فيه متطرف اسلامي عبر الانترنت نداء لاغتيال رايس اثناء جولتها المغاربية. وقالت رايس في الجزائر ردا على سؤال حول تهديد بتعرضها لاعتداء من تنظيم القاعدة في المغرب العربي « ان الارهابيين يحاولون. وهم يختارون اهدافا وللاسف حصلت سلسلة تفجيرات هنا. لا اعتقد ان خطرا معينا موجود في هذه المنطقة ». (المصدر : وكالة الصحافة الفرنسية ( أ ف ب ) بتاريخ 7 سبتمبر 2008 )


 

المنذر ثابت لـ «الشروق»: لهذه الأسباب أرفض الترشح لمنافســـــــة بن علي… ووجــــود «ح.د.ش» مهــــــمّ لإنجاح تمشي اللقــاء الديمقراطـــــــــي

* تونس (الشروق) تواصل الشروق سلسلة لقاءاتها مع الأمناء العامين للأحزاب السياسيّة لاستشراف آفاق السنة السياسيّة الجديدة، هذه السنة المليئة بالمواعيد السياسيّة والانتخابيّة والمليئة أيضا بالعديد من الملفات الاقتصاديّة والاجتماعيّة والتنمويّة الّتي تتطلّب هي الأخرى قراءات ومواقف من مختلف الفاعلين السياسيين. الشروق التقت السيّد منذر ثابت الأمين العام للحزب الاجتماعي التحرّري، الّذي قبل مشكورا الإجابة عن جميع الأسئلة برغم أنّ بعضها كان يحمل طابع الاستفزاز عبر نقل أجزاء ممّا يجري تداوله في الكوالىس حول نشاط الحزب وشخصيّة أمينه العام وطريقة التسيير والتصرّف وموقع الحزب وأمينه العام في الساحة السياسيّة الوطنيّة. * أجرى الحوار: خالد الحداد الحديث مع منذر ثابت ممزوج بالسياسة والفكر والفلسفة، وممزوج كذلك بحماسة لدى الرجل الّذي وضعته الأحداث وتطوّرات الأوضاع في موقع متقدّم على الساحة السياسيّة الوطنيّة، موقع غير محسود عليه سواء داخل حزبه حيث ما يزال يُعاني إرث القيادة السابقة للحزب أو على المشهد الوطني حيث بدا وأنّ الوضع غير سهل بحكم العديد من التجاذبات والمواقف والتحالفات والتباينات في الآراء. * بعد أكثر من سنتين على توليكم رئاسة الحزب الاجتماعي التحرري، ماذا أنجزتم عمليا في إطار هيكلة الحزب وإعادة الاعتبار له بعد النهاية الصعبة للحزب مع تجربة  المؤسّس محمد منير الباجي؟ ـ أول مكسب حققناه هو ضمان الاستقرار داخل الهياكل حيث قطعت القيادة الجديدة مع الحلقة المفرغة التي انزلقت الىها القيادة السابقة من حيث الإقصاء والتهميش الذي طال عددا هائلا من مناضلي الحزب وكوادره و الاستقرار كما تعلمون شرط حيوي لضمان المراكمة، هذا إضافة إلى إعادة إدماج قياديين سابقين بالحزب ضمن لجنة الكوادر التي تضم عددا هاما من الكوادر الشابة من المختصين في مختلف المجالات ويشكل هذا الهيكل الإطار اللوجستي الذي يؤطر صياغة مواقف وطروحات الحزب.   ونجحنا في تأسيس منظمة الشباب التحرري التي ساهمت في الحوار الوطني للشباب وكان لها حضور متميز على الواجهة الإعلامية إضافة إلى منظمة المرأة التحررية التي حققت تقدما ملحوظا في المستوى التنظيمي والبرنامجي وذلك في ظرف زمني وجيز وعلى الصعيد الجهوي تمكنت القيادة الجديدة من تركيز ثلاثة عشر مكتب جامعة جهوية ومن فتح بعض المقرات ووجدنا صعوبات في فتح مقرات ببعض الجهات هذا وينعقد المجلس الوطني الأول خلال شهر أكتوبر المقبل للنظر في الخطة التنظيمية والسياسية التي سيعتمدها الحزب خلال المرحلة المقبلة، والملاحظ في هذا السياق أن الحزب الاجتماعي التحرري اختار خلال مؤتمر جويلية 2006 التركيز على الشباب بصفة خاصة وراهن تنظيميا على إدماج النخب المثقفة لذلك تحول المنتدى التحرري إلى منبر فكري وسياسي مفتوح للحوار حول القضايا الوطنية والدولية وآخر الحلقات كانت تلك التي نظمتها منظمة المرأة التحررية حول صورة المرأة في الثقافة العربية المعاصرة. * لكن هناك من يرى مبالغة في التركيز على النشاط الخارجي حتّى أنّ البعض يزعم أنّكم حوّلتم الحزب إلى أشبه ما يكون بـوكالة أسفار ـ  ما هو تعليقكم؟ ـ الواجهة الخارجية للحزب الاجتماعي التحرري شهدت منذ سنتين حراكا استثنائيا دشنته مشاركتنا في المؤتمر 51 للأممية الليبرالية بمراكش وتوجه قبول الحزب خلال مؤتمر بلفاست (إيرلندا الشمالية) الأخير كعضو كامل الحقوق بعد مرحلة فشل طبعت تحرك القيادة السابقة هذا إضافة إلى انتخابي عضوا في قيادة شبكة الليبراليين العرب خلال اجتماع القاهرة (ماي الأخير) وانتخاب السيد عبد الرحمان الملوح في منصب أمين مال الشبكة الليبرالية الإفريقية خلال مؤتمر دار السلام بتنزانيا(أوت الفارط)  هذه النتائج الاستثنائية جاءت كتتويج لإستراتيجية وضعتها  القيادة الجديدة رهانها الأول الدفاع عن التجربة التونسية والإسهام في بناء حركة ليبرالية عربية وإفريقية تحد من هيمنة اللوبي الأنقلوسكسوني على المنظمة الليبرالية العالمية. ونعتبر أنّ المكسب الحقيقي لا يكمن في دخولنا وإسهامنا في تأسيس الشبكات الجهوية بل في عدم تقديمنا لتنازلات مبدئية في طرحنا للقضايا ومقاربتنا للإشكاليات فالتحرري دافع عن منهج الإصلاح التدريجي وعن جدارة أطروحة التنمية الموازية بين المسارات وعن قضية الخصوصية في مقاربة الوقائع وطرح المواقف وليس أدل على ذلك من رفضنا لخيار العقوبات ضد نظام روبار موغابي في زمبابوي وطرحنا لخيار التفاوض وصيانة الوحدة الوطنية، بالطبع كان هذا عندما راجعتنا الأممية الليبرالىة في هذا الصدد اعتبارا لكون زعيم المعارضة في زمبابوي عضو بالأممية الليبرالىة،إنّ الواجهة الخارجية مصيرية بالنسبة لبلادنا نظرا لالتزاماتنا الدولية وحاجتنا الموضوعية لتسويق النموذج التونسي بكل ما يحمله من إضافات جديرة بأن تحاكى وأن تحترم،وعليه ليس ثمة مبالغة في خطتنا الخارجية. * هناك من ينتقدكُم ويتّهمكم بالانفراد بالرأي وعدم العودة الى رفاقكم في الحزب للاستشارة والاستئناس بأفكارهم ووجهات نظرهم ويقول بأنّ العلاقة بينكم وبينهم دائما متوترة؟ ـ إذا كان المقصود بهذا القول أنني مستبد برأيي فهذا حكم خاطئ ومجانب للحق فالتحرري الىوم يشهد لحظة استثنائية في تاريخه  حيث الاستقرار والانسجام وكل المواقف والقرارات نابعة عن حوار ومشاورات يومية أجريها مع قياديي الحزب وكوادره على المستوى الوطني والجهوي وأشغال المكتب السياسي تبرز في أكثر من مناسبة وجود مقاربات مختلفة لعدد من القضايا لكن النقاش يقود في محصلته الى صياغة موقف موحد، ثم أنت تتحدث عن أطراف أو أفراد يتهمونني بالانفراد بالرأي في حين لم أسجل داخل هياكل الحزب أي احتراز من هذا الصنف لذلك أنفي وجود مثل هذا الموقف. * أعضاء من المكتب السياسي لحزبكم يعيبون عليكم فسح المجال لزوجتكم للتصرف وأخذ هامش واسع من النفوذ والقرار..  ما تعليقكم؟ ـ  سؤال جيّد خاصة وأنني أحبّذ الأسئلة الاستفزازية للتوضيح: فأولا، لم أكن من المتحمسين لدخول المواطنة روضة السايبي إلى هياكل الحزب الاجتماعي التحرري والعلة في ذلك أنني أعلم تخلف بعض قطاعات الساحة السياسية التي راهنت طويلا على غياب الحزب الليبرالي الوحيد في البلاد، وكان دخول السيدة روضة باقتراح من المجموعة النسائية في الحزب اعتبارا لتجربتها ولتمثيلها الحزب في المستوى الإعلامي ومساهماتها السابقة في طرح العديد من التصورات، ويعترف الجميع لها بنضالها منذ المرحلة الطلابية من أجل الديمقراطية والعدالة وتعلم العديد من الأطراف أنها لم تأت الى الساحة السياسية على سبيل المصادفة، أما من الناحية المبدئية فأنا من المؤمنين بأنّ لكل مواطن الحق في النشاط السياسي والفكري وفي التنظم وأن العلاقات الشخصية والعائلية لا يمكن أن تكون حجة لحرمان مواطن من حقوقه الدستورية شريطة أن تخضع المشاركة بالطبع الى القوانين الجارية والى مبدأ الشفافية، والملاحظ أنّ هذه القضية تحولت في الراهن العربي الى إشكال مفتعل فاقد لأسسه المنطقية، فالمواطنة مبدأ كلي لا يحتمل الاستثناء والمساواة في الحقوق والواجبات بين المواطنين نتيجة ضرورية لمفهوم المواطنة وعليه علينا أن نتخلص سريعا من الأسئلة المفتعلة والوهمية لبناء مفاهيم دقيقة، فالتاريخ السياسي المعاصر يبرز إمكانية التداخل بين الشخصي والسياسي كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية عائلة كينيدي عائلة بوش عائلة كلينتون وأخيرا في فرنسا عبر دخول نجل الرئيس الفرنسي ساركوزي إلى الحياة السياسية وهو في سن 21 سنة، هذا بالطبع دون ذكر الرئيسة شامولو في الأرجنتين التي خلفت زوجها في رئاسة الجمهورية كذلك يمكن ذكر عائلة غاندي في الهند، المهم في هذا التمشي أن يكون في إطار الديمقراطية وضمن الاحترام الكامل للقوانين و الدساتير.  أما عن النفوذ وهامش التصرف فالكل يعلم داخل الحزب أن السيدة روضة لا تحظى بأية معاملة خاصة وأنها لا توافقني الرأي في العديد من القضايا لكنها ملزمة بمبدأ الانضباط الحزبي ككل مناضل آخر، وأغتنم الفرصة للقول بأنني لم أعارض دخول أي شخص إلى هياكل الحزب بل حرصت على تشريك الجميع وتأطيرهم والحزب يضم العديد من أشقاء عناصر قيادية أو من أبنائهم وأعتبر الأمر طبيعيا ما لم يتعارض مع شروط الديمقراطية. * أنتم موضوعون ضمن أحزاب الموالاة وعدد من المتابعين يرون في مواقفكم تزلفا كبيرا للسلطة السياسية في البلاد بحثا عن غنائم ومواقع ومكاسب شخصية وأنّ تميزكم كحزب معارض ليس بيّنا بحكم التوافق الكبير بين برامجكم وتصوراتكم وما لدى السلطة والحزب الحاكم؟  ـ  أولا، بصدد الغنائم والمكاسب الشخصية أودّ أن ألفت انتباهك إلى أنني لم أتحول بعد إلى ثري من أثرياء البلاد وأنّ ما لدي من طموحات لا يتجاوز ما هو شرعي وقانوني وأنّ مواقفي من السلطة لم تتغير منذ أن كنت عضوا بالمكتب السياسي للحزب الاجتماعي التحرري مكلفا بالعلاقات الخارجية في مطلع التسعينات، ساندت منهج الإصلاح الذي أسس له الرئيس بن علي واعتبرت أنّ تونس لا يمكنها القفز في المجهول وأنّ الرئيس بن علي يشكل الضامن الحقيقي لتحقيق المراكمة الإصلاحية التي من شأنها أن تمكن البلاد من الانتقال إلى نظام ديمقراطي متطور وقيام مجتمع تعددي مفتوح وحداثي هذه المواقف عبرت عنها من خلال كتاباتي وعبر المنابر التي شاركت فيها يوم كنت مهمشا ويوم أغلقت في وجهي أبواب الحزب وأبواب المشاركة في الحياة العامة، وهي ليست كما يضمر سؤالك مواقف انتهازية تمليها لغة المصالح و المواقع.  أما عن علاقتنا بالسلطة فنحن نعتبر السلطة السياسية في البلاد سلطة وطنية حافظت على استقلالية القرار وعلى السيادة الوطنية والتزمت بالدفاع عن المصالح القومية وحققت نتائج هامة على مسار الإصلاح.   وأكدنا في أكثر من مناسبة على أننا حزب ليبرالي اجتماعي عقائديا وأنّ دورنا يكمن في الدعاية للمواقف التحررية والدفع نحو مزيد الإصلاح اجتماعيا وسياسيا وثقافيا وأنّ التباين بيننا وبين الحزب الحاكم واضح على المستوى السياسي والثقافي وأن أكثر من ملف يدفعنا إلى الاحتراز على الصعيد الاقتصادي لكننا نميز بين البرنامج التحرري الانتقالي وهو البرنامج الذي نعتمده في المرحلة الراهنة والبرنامج التحرري الاستراتيجي الذي يتمحور حول مقولة التقليص من سلطات الدولة في المجتمع، نحن نتعاطى مع المرحلة الراهنة بواقعية من يعتبر إمكانات الداخل وضغط المحيط الدولي لذلك أكدنا على أن المرحلة الانتقالية لا تزال جارية وهي تحتاج موضوعيا لوجود الرئيس بن علي في أعلى هرم السلطة للمعادلة بين الوحدة الوطنية ومواصلة مسار الإصلاح. * لكن بماذا تفسرون ترشيحكم للرئيس بن علي لرئاسية 2009 في حين أنّ التعديل الدستوري منحكم أنتم حق الترشح، هناك من يرى أنكم بموقفكم هذا أضعتم عن الحزب فرصة لتكريس الممارسة التعددية في أهم موعد انتخابي وطني وهو ما لم يفعله سلفكم محمد منير الباجي الذي ترشح عن الحزب لرئاسة 2004؟ ـ كما ذكرت منذ حين الانتخابات الرئاسية موعد هام والأهم منها الوظيفة الرئاسية وما تمثله من مسؤوليات، شخصيا لم أتعاط مع المسألة من زاوية الحضور الشكلي في مثل هذا الموعد وسلفي منير الباجي في تقدير كل الساحة السياسية لم يكن مُقنعا عند مشاركته في انتخابات سنة 2004 ومثل هذه الترشحات في اعتقادي ساهمت في تقديري في تعميق أزمة المعارضة وللتذكير فإنني أصدرت سنة 1998 بيانا تحت مسمى حركة الإصلاح آنذاك أكدت فيه على أن الأساس هو تعميق مسار الإصلاح وليس تسطيحه وأن القضية لا تطرح في مستوى رئاسة الجمهورية بل في مستوى إيجاد البنية التحتية لنظام ديمقراطي متطور وأن قيادة الرئيس بن علي ضمانة لتواصل المسار الإصلاحي وتأمينا له من مخاطر الانتكاسة، المرحلة المقبلة ستكون مرحلة تجديد الوفاق ورص الصفوف لمواجهة تحديات جديدة شديدة الدقة و التعقيد، لذلك لم أتعاط مع قضية الترشح الى رئاسية 2009 من زاوية الطموح الشخصي وإنما فقط من زاوية المصلحة الوطنية. * هناك من يرى أن علاقتكم بعدد من الأحزاب الوطنية ليست على ما يرام و أنّ أسباب التوتر نابعة من بحثكم عن موقع متقدم في صراع زعامة المعارضة؟ ـ الحكم بأن العلاقة بين التحرري و باقي أحزاب المعارضة علاقة متوترة هو حكم اعتباطي عار عن كل المسوغات، نحن نقيم علاقات طبيعية مع كل الأحزاب الوطنية، نحترم وجهة نظرها ونتمسك بمواقفنا ونرفض تقديم تنازلات على سجل مبادئنا.   أما عن قضية زعامة المعارضة فموقفنا واضح حيث نرفض أصلا الصراعات الوهمية حول زعامة غير منتجة واستقراء تاريخ المعارضة في تونس يبرز أن كل طرف حاول البروز كقطب رئيس داخل المعارضة انتهى الى أزمة لا مخرج له منها، لذلك إذا كان ثمة بالفعل صراع زعامة داخل المعارضة فنحن لسنا طرفا فيه.   وأود أن أشير الى أنّ أبشع أشكال الاستبداد هو ذلك الذي يولد داخل صفوف المعارضة وأن رفضنا لمنطق الحزب الواحد في البلاد يقودنا الى رفض منطق الحزب الواحد داخل المعارضة. نحترم تجارب الأطراف الأخرى ونعاملها كما تعاملنا. *  لكم موقف مخصوص من القضية القومية العربية يستبطنُ في ما تستبطن وبحسب المتابعين للشأن السياسي دعوة للتطبيع مع الكيان الصهيوني؟ ـ  موقفنا من القضية القومية يقوم على اعتبار الوحدة استحقاق موضوعي يحتاج التحقيق على قاعدة الإصلاح الديمقراطي السلمي والمتدرج ونعتبر أنّ النهج التحرري بديل فعلي عن التجربة الاشتراكية التي قادها العسكر في المنطقة العربية خلال المرحلة السابقة والعلاقة بين الوحدة والاشتراكية غير ضرورية ومهمة الوحدة تقترن بمفهوم الدولة الأمة الذي قامت عليه الإمبراطوريات في أوروبا خلال القرن التاسع عشر وفشل الوحدة العنيفة لا يترك أمامنا الىوم إلا خيار الوحدة المتدرجة عن إصلاح الأنظمة السياسية وإصلاح الجامعة العربية لبناء دولة فيدرالىة. ونحن نعلم أن هذه الغاية لن تدرك إلا على مراحل أولاها تأسيس منظومة اقتصادية متكاملة وتوحيد السياسات التنموية، وموقفنا من القضية الفلسطينية لا يخرج عن هذا السياق نحن نقدر الوضع الراهن لموازين القوى الدولية ونفكر وفق إحداثية الأمن القومي العربي ولا نعول إلا على القدرات الحقيقية التي يفرزها الواقع العربي لذلك نعتبر أن أوسلو إطار حقيقي لغرض مسار السلام وانتزاع دولة فلسطينية كاملة السيادة، الرهان هو إذن قيام دولة فلسطينية كاملة السيادة و ليس تدمير إسرائيل لأنّ إسرائيل في طرحنا دولة دينية عسكرية لا تحتمل السلام ولا يخدم الإيديولوجية الصهيونية في الواقع إلا الطرح القصوي والمتطرف الذي يقدم إسرائيل الى الرأي العام الغربي في صورة الدولة المهددة بعدوان عربي. أما عن الواقعية فنحن نعتبر أن الهزيمة العربية استفحلت من النكبة الى النكسة  الى إعدام الرئيس صدام حسين وأن المراهنة على تنفذ قوى إقليمية من خارج الخارطة العربية هي خيانة للقضية العربية في أساسها الأول، ولو طرحنا القضية في مطلقها النظري لقلنا بأنّ المبدأ في قيام دولة لائكية ديمقراطية مشتركة بين الفلسطينيين والاسرائليين على قاعدة المساواة في المواطنة لكن الوضع الراهن لا يسمح إلا بوجود دولتين، أما عن التطبيع فإن موقفنا محدد بتطور الموقف الفلسطيني ومشروط بقيام دولة فلسطينية. * أنتم أصحاب رؤى علمانية ولائكية وضعكم القسم وأداء اليمين مؤخرا في مجلس المستشارين  في موضع حرج هل هي بداية لمنحى عقائدي جديد؟ ـ  هذا السؤال يعيد إلى ذهني ذكرى محاكم التفتيش خلال القرون الوسطى الأوروبية ويعيد الى تمثلي بيانات التيارات التكفيرية، أولا المبدأ لدينا أن حرية المعتقد حق شخصي مقدس وأساس من أسس حقوق الإنسان، ثانيا في سؤالك خلط بين اللائكية والإلحاد: أما اللائكية فهي حياد المجال السياسي تجاه المعطى الديني ولا يعني أنّ الدولة تعادي الدين أو تقاومه بل على العكس الدولة تحترم الدين كمعطى ثقافي واجتماعي. ثالثا،لم يضعني القسم في مجلس المستشارين في إحراج لأنني مؤمن. *  في فترة ما تحمستم للقاء الديمقراطي بمعية بقية الشركاء ولكن شيئا فشيئا فتر ذلك الحماس … من المتسبّب في ذلك الفتور ؟ ـ  في تقديرنا اللقاء الديمقراطي إمكان متاح لأحزاب الوسط ولا يزال قائما كاستحقاق موضوعي ويمكنه العودة على أسس جديدة أكثر دقة ووضوح في سياق المرحلة القادمة وفي علاقة مباشرة بتطوير الحوار السياسي في البلاد وضمن إستراتيجية الشراكة السياسية التي ستشكل في فهمنا للأشياء الإطار العام لعلاقة السلطة بالمعارضة خلال المرحلة القادمة، مرحليا مكن اللقاء الديمقراطي من تقريب وجهات نظر مكوناته حول جملة من القضايا السياسية الوطنية وخاصة تقييم المنجز، لكن الاستحقاق الانتخابي واختلاف الاستراتيجيات بصدده كانت نقطة فارقة بين المواقف لذلك نعتبر أنه من الضروري تطوير  التشاور بين مختلف الأطراف بصدد العمل المشترك ونعتقد أنّ حضور حركة الديمقراطيين الاشتراكيين أمر هام لإنجاح هذا التمشي. * كيف تقرؤون مستقبل الحراك السياسي في البلاد وخاصة قدرة أحزاب الوفاق على الاضطلاع بدورها كاملا في المعارضة وتأطير المناضلين وخدمة الشأن العام؟ ـ  أودّ أن أشير في البداية الى مركزية دور أحزاب الوفاق في تأمين المسار الديمقراطي في البلاد فهذه الأحزاب تفاعلت مع خصوصيات الوضع بمسؤولية عالىة وصمدت في وجه استفزازات التيارات الراديكالىة والمحافظة وفي غياب إمكانات فعلها خلال فترة طويلة ومن حسن حظ تونس أنّ الرئيس بن علي كان في مقدمة الداعمين لدور هذه المعارضة الوطنية والمقدرين لحيوية ودقة موقعها في توازنات الخارطة السياسية ونحن نؤمن بأنّ أحزاب الوفاق حجر الزاوية في المشروع التعددي وأنها شريك فعلي للحزب الحاكم الذي طرح على نفسه أمانة التغيير أي أمانة إنجاح المشروع الديمقراطي ومن البديهي أنّ الديمقراطية لن تكون نتاج حزب واحد مهما كان حجمه.   أما عن القدرة السياسية والتنظيمية على الفعل فنحن نعتبر أنّ الأحزاب الوطنية مطالبة بتوضيح مواقفها من القضايا المركزية المطروحة وطنيا ودوليا وأن تنبثق الى ضرورة المراهنة على الشباب لتصليب بنائها التنظيمي ومن البديهي أنّ هذه الأحزاب لا تزال تواجه معوقات حقيقية لطرح أفكارها وتصوراتها على الرغم من التطور النسبي الذي يشهده المعطى الإعلامي.  أنتم والأينوبلي والخماسي جيل جديد في قيادات المعارضة البعض رشحكم لعمل الكثير في الساحة السياسية تحريكا لها ودفعا لها نحو أكثر فاعلية لكن خُطاكم ما تزال بطيئة وفيها الكثير من الهنات.  في البداية أودّ أن أعبر عن مناهضتي لفكرة صراع الأجيال في المجال السياسي فالأجيال تتكامل وتتلاحق لبناء مشروع حضاري ومجتمعي هو الأساس في كل فعل سياسي وإذا اعتبرت التكامل الوظيفي بين الجيل السابق وجيلنا للاحظت أنّ الخبرة تتمّم الإرادة وأنّ الواقعية تحد من تسيب النقد وعلى كل فإنّ الجيل الجديد أضاف بالفعل حركية في بناء التصورات ودفع الآلية التنظيمية نحو دينامية  منتجة، وأنا شخصيا أبذل جهدا يوميا على أكثر من واجهة لبلورة الموقف التحرري في الداخل والخارج وفي تصليب البناء التنظيمي للحزب الاجتماعي التحرري ونجحت في تقديري في إلغاء المنهج البيروقراطي وإرساء تقالىد عمل جماعي عبر الحوار الىومي مع المناضلين، وأعتقد أنّ جيلنا محمول على الديمقراطية لا كشعار فقط بل كممارسة يومية وأنّ نجاحه لن يكون إلاّ في تواصله مع الجيل السابق واستناده الى خبرته. * لكن بعض القرارات تبعث على الحيرة وسطكم كأحزاب وفاق، مثلا حدّدتم أنتم يومي 10 و11 أكتوبر موعدا للاحتفال بعشرينيّة حزبكم، نفس هذا الموعد حدّده في فترة سابقة عنكم حزب الخضر للتقدّم موعدا لإنجاز مؤتمره الأوّل ؟ ـ  أبدا المسألة تقنية بحتة ولا تحمل أيّة خلفيات أو قراءات بعيدة أو بحث في النوايا، إذ أقررنا منذ فترة أن يكون شهر أكتوبر شهرا للأنشطة المكثّفة ففيه الى جانب احتفالات العشرينيّة موعد للمجلس الوطني، وشخصيّا سأتفاعل مع ذلك المعطى وسأقوم بتعديل ما يجب تعديله حتّى تنجح كلّ المواعيد الحزبيّة، والجميع يعلم العلاقات الجيّدة الّتي تجمع حزبنا بحزب الخضر للتقدّم.  
(المصدر: جريدة « الشروق  » (يومية – تونس) الصادرة يوم 07  سبتمبر  2008)


الأم العزباء في تونس…بين مقاييس المحيط الاجتماعي والتشريعات

 

 فاتن الحمدي الأمّهات العزباوات في تونس موضوع مسكوت عنه، محرّم ومنبوذ، ولكنّهنّ في النهاية جزء من المجتمع وحقيقة لا يمكن إنكارها. كلمة سبرت أغوار الموضوع وحاولت تقديمه للقرّاء بين رؤى متعدّدة منها رؤية الشارع التونسي ورؤية القانون للمسألة ولم تنس منح فرصة لسماع شهادات لنساء عازبات يعبّرن عن أنفسهنّ. و حسب مركز الصحّة الإنجابية في تونس فان معدل سن الزواج للإناث هو 29 سنة أما للذكور فهو 36 سنة. وحسب نفس المصدر فان 80 بالمائة نسبة الممارسات الجنسية تكون مع شريك عرضي تحديدا 50 بالمائة من هذه الممارسات لفئة الشباب و التي قدرت بين سن 18 سنة و 29 سنة. فاسمعونا… لاستماع أو تحميل الملف يرجى استعمال الرابط التالي: http://www.kalimatunisie.com/ar/4/30/242/ (المصدر: مجلة ‘كلمة’ (اليكترونية- تونس)بتاريخ 4 سبتمبر2008).  

المواطن يتذمر من ارتفاع الأسعار خلال شهر رمضان و البائع يتهم المزود

 

 أمام ارتفاع أسعار الخضروات و الغلة خلال شهر رمضان نجد المواطن يتذمر و يتهم البائع بارتفاع الأسعار . من جهته البائع يلقي اللوم على المزود و يتهمه من جهته بالترفيع في الأسعار. كلمة توجهت إلى إحدى السوق الأسبوعية بالعاصمة التونسية و التقت بالمواطنين و البائعين و كانت هذه مداخلتهم…فاسمعونا لاستماع أو تحميل الملف يرجى استعمال الرابط التالي: http://www.kalimatunisie.com/ar/4/30/245/ (المصدر: مجلة ‘كلمة’ (اليكترونية- تونس)بتاريخ 5 سبتمبر2008).  

الحوت على الحوت

 

مروى الرقيق     تتميز ولاية صفاقس بثروتها السمكية وبجودة أنواعها في السوق التونسية وفي بعض الأسواق بالخارج. غير أن هذه المادة الغذائية أصبحت صعبة المنال لشرائح عديدة من المجتمع التونسي لأسباب أهمّها الارتفاع الماهول للأسعار. راديو ‘كلمة’ كانت له جولة بين أبناء الجهة حول هذا الموضوع ليقول النّاس كلمتهم في السمك أوما يعرف في عاميتنا بالحوت أو سي الحوت … لاستماع أو تحميل الملف يرجى استعمال الرابط التالي: http://www.kalimatunisie.com/ar/4/30/241/ (المصدر: مجلة ‘كلمة’ (اليكترونية- تونس)بتاريخ 4 سبتمبر2008).  
 

تونس: مصادرة 800 علبة فياغرا مهربة على الحدود الليبية
  تونس – خدمة قدس برس   ألقت الشرطة التونسية في مدينة بن قردان الحدودية جنوب تونس، القبض على شبكة لتهريب حبوب الفياغرا وتورط فيها مهرب وطبيب وصيدليّان. وقد قاد الاشتباه في شخص يرتدي معطفا في أحد أيام الصيف الحارة، إلى الكشف عن وجود 800 علبة فياغرا مخبّأة بعناية بين طيات المعطف تم تهريبها من ليبيا. وأدت التحقيقات إلى إلقاء القبض على الثلاثة الآخرين المتورطين في العملية وتبيّن أنّ لهم سوابق في مجال تهريب الأدوية. وتمنع وزارة الصحة التونسية تداول الفياغرا في البلاد، ولا يسمح بإدخالها عبر الحدود إلاّ بترخيص مسبق من الوزارة لبعض الوصفات العلاجية.   (المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال (بريطانيا) بتاريخ 7 سبتمبر 2008)


 
بسم الله الرحمن الرحيم  

النشرة الدورية لموقع الشيخ عبد الرحمن خليف رحمه الله   عدد خاص بشهر رمضان 1429

 

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته يسر موقع الشيخ عبدالرحمن خليف أن يهنئكم وباقي الأمة الإسلامية بحلول شهر رمضان المبارك . و نسأل الله عز و جل أن يبارك لنا في الأعمال و أن يوفقنا لأفضل الطاعات و أن يرفعنا إلى أعلى الدرجات و أن يتقبل منا الصلاة و الصيام و القيام . كما ندعوه أن يجعله شهر خير و نصر و رفعة للأمة الإسلامية و أن يجمع كلماتها و أن يوحد صفوفها  و أن يعيد لها مجدها و سؤددها . و إليكم ما تم رفعه بالموقع خلال الشهر الماضي وهي مواضيع تتناول جلها موضوع الصوم ورمضان و ليلة القدر و عيد الفطر.  الملف الرمضاني  الدروس الفقهية: اثنا عشر درسا في فقه الصيام الكتب : كتاب آفاق الصيام في الإسلام كتاب مسائل الصوم الخطب : خطبة مسموعة: رمضان شهر ميزان الأعمال خطبة مسموعة: أحوال الناس في رمضان و فقه زكاة الفطر خطبة مسموعة: بمناسبة رمضان : وصايا للشباب المسلم خطبة مسموعة: أصحاب الأعذار و قضاء أيام الإفطار خطبة مقروءة : ليلة القدر المحاضرات: مسامرة الشيخ ليلة السابع و العشرين من رمضان تحدث فيها عن موقف المؤمن بين الخوف و الرجاء و أيهما أفضل للمؤمن العيد : خطبة( مسموعة)في عيد فطر 1416-1996 تحدث فيها الشيخ عن بشرى الصائمين بفرحتين و تحدث في الخطبة الثانية عن تاركي الصلاة خارج رمضان وما توعدهم الله به في الدنيا و الآخرة خطبة مسموعة في عيد فطر 1404-1984:في العيد : التهاني و صلة الأرحام والمرح البريء و لكن حذار من تصرفات محرمة من النساء و الرجال خطبة مقروءة في عيد فطر 1419 -1999 : يدور موضوع الخطبة حول مدى صدق بعض المؤمنين في علاقتهم مع ربهم , و مدى غير صدق البعض الآخر بعد رمضان خطبة مقروءة :ألقى الشيخ – رحمه الله – هذه الخطبة في أسبوع العيد من سنة 1417-1997 . حيث نبه إلى البدع و المناكر التي تقع في المقابر يوم العيد .و نادى باتخاذ الإجراءات اللازمة و الضرورية لكف هذا الدمار اللاأخلاقي و اللاشرعي . خطب أخرى  خطبة جمعة صوتية : لا تتساوى المرأتان أبدا http://www.cheikhelif.net/site/site.php?rub=3&tk=10&k=35 خطبة جمعة مرئية : لا تتساوى المرأتان أبدا http://www.cheikhelif.net/site/site.php?rub=3&tk=10&k=36 خطبة جمعة مقروءة : لا تتساوى المرأتان أبدا http://www.cheikhelif.net/site/site.php?rub=3&tk=10&k=37 خطبة مقروءة : المرأة المسلمة في المجتمع المسلم http://www.cheikhelif.net/site/site.php?rub=3&tk=10&k=38 خطبة مسموعة : كيف ننتصر في محاربة الشيطان لنا ؟ http://www.cheikhelif.net/site/site.php?rub=3&tk=11 خطبة مقروءة : كيف ننتصر في محاربة الشيطان لنا ؟ http://www.cheikhelif.net/site/site.php?rub=3&tk=11&k=40                                                                                              و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته   
 
 

البعث والسلطة في تونس: البقعة المعتمة في ترجمة السيد محمد الغرياني
لقد سقط عمدا جزء من ترجمة حياة السيد محمد الغرياني الأمين العام الجديد للتجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم في تونس، وهو المتعلق بماضيه في الحركة الطلابية وتحديدا في صفوف الطليعة الطلابية العربية التي كانت تضم في الثمانينات الطلبة البعثيين الموالين للنظام العراقي. فقد كان السيد محمد الغرياني آنذاك ناطقا باسمهم في كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس حيث كان يدرس آنذاك علم الاجتماع، وكان يتدخل في الاجتماعات العامة على هذا الأساس. ولكن بعد 7 نوفمبر 1987 تحول إلى صفوف الحزب الحاكم وكان أول أمين عام لمنظمة طلبة التجمع. إن ذلك يدفعنا إلى التساؤل حول هذا التحول وطبيعته وخلفياته، ولا يمكن للجواب أن يخرج من إحدى فرضيتين لا ثالث لهما: أولاهما: أن السيد محمد الغرياني كان قبل تحوله إلى صفوف الطلبة الدستوريين على علاقة وطيدة بالداخلية آنذاك، والداخلية لم تكن بعيدة كما يبدو عما كان يجري في الجامعة، رغم وربما بسبب غياب وجود طلبة دستوريين على الساحة الطلابية. وحسب هذه الفرضية فالرجل كان مندسا أو متسربا في التنظيم البعثي الطلابي، مثلما كان غيره مندسا في تنظيمات أخرى. ومما يدعم هذه الفكرة تسميته مباشرة على رأس منظمة طلبة التجمع الدستوري الديمقراطي بعد تأسيسها سنة 1988، بما يعنيه ذلك أنه كان محل ثقة مرؤوسيه في الداخلية آنذاك واستمرت تلك الثقة بعد ذلك أي بعد أن تحول وزير الداخلية السيد زين العابدين بن علي (الخبير في المخابرات) ليصبح رأس الدولة. وحينئذ فالثقة المتجددة في السيد محمد الغرياني اليوم تعود إلى تلك الأيام عندما كان مجرد فليك أو قواد على رفاقه البعثيين. ولم تكن هذه الثقة نابعة من صفوف التجمعيين حيث لم يقع انتخابه من قبل القواعد ولا من قبل اللجنة المركزية وإنما جاءت تسميته بقرار من رئيس التجمع. ثانيهما: أن السيد محمد الغرياني كان بعثيا خالصا غير أنه تحول من البعث إلى الحزب الحاكم، أو من الطليعة الطلابية العربية إلى منظمة طلبة التجمع الوليدة عند تأسيسها سنة 1988. وبالتالي فإن الكشف عن مساره هذا ضروري لفهم ما يجري على الساحة السياسية التونسية من تحولات آنية ومستقبلية. والحقيقة أن المسار الذي سلكه محمد الغرياني لا يختلف عن مسارات عدد آخر من الانتهازيين خاصة من اليسار ومن ضمنه قدماء اليسار الطلابي، وما مثال السيد سمير العبيدي عنه ببعيد. وهل يكون من المصادفة أنهما سميا معا هذه الأيام في مواقع سامية، وقدما من قبل وسائل الإعلام على أنهما رمز الشباب والتشبيب؟ إلا أن هذا المسار لم يكن فريدا من نوعه ولا جديدا، والكل يعرف تحول السيد محمد الصياح التلميذ الشيوعي بمعهد صفاقس في أواسط الخمسينات إلى صفوف الطلبة الدستوريين ومنهم إلى الاتحاد العام لطلبة تونس، ثم أنه قفز إلى أعلى السلم الحزبي وإلى دوائر القرار داخل النظام البورقيبي. ومن الطريف أنه كان رمزا للتشدد وابتنى لنفسه ميليشيا عرفت به وسميت باسمه وتحول الحزب الاشتراكي الدستوري في عهد إدارته له من حزب ليبرالي إلى حزب على الطريقة الستالينية. علما وأن مكانة مدير الحزب التي احتلها الصياح آنذاك شبيهة بمكانة الأمين العام حاليا. وقد لا يكون من الطرافة أن بعض المتابعين للشأن العام في تونس رأى في المؤتمر الأخير للتجمع (جويلية/أوت 2008) شبيها بمؤتمر الحزب الحاكم في أكتوبر 1964 والذي أصبح محمد الصياح إثره مديرا للحزب. وها أن ملاحظتهم تتأكد بتسمية السيد محمد الغرياني ماسكا فعليا بدواليب التجمع الحاكم. وبالعودة إلى مسألة اندساس البعثيين في النظام والحزب الحاكم. فهذه المسألة ليست غريبة أبدا، ولا فريدة ولعل أول مثال على ذلك بالنسبة للبعثيين التونسيين المرحوم عمر السحيمي الذي كان في الستينات طالبا قياديا في الطلبة الدستوريين، وإذا به عند الكشف عن التنظيم البعثي في مارس 1968 يتبين أنه كان أحد رؤوسه وقيادييه، وعلى هذا الأساس حوكم بالفعل في فيفري 1968 وهو في حالة فرار، ثم اغتيل فيما بعد في بيروت. كما لا شك أن هناك من البعثيين من اندس في صفوف الحزب الحاكم بعد إعلان انسحابهم من البعث ومن بين هؤلاء الميداني بن صالح الذي سمي فيما بعد رئيسا لاتحاد الكتاب التونسيين وسمي في مجلس المستشارين. واتخذ البعثيون بعد 7 نوفمبر مثاله قدوة لهم، ومن أبرز من برز منهم على هذا الصعيد السيدان الصادق شعبان وزهير المظفر وهما ممن تكلم عن تأثيره عليهما بنخوة السيد محمد الصالح الهرماسي، عندما استضافته مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات يوم 8 سبتمبر 2007. فقد كانا من تلاميذه بمعهد طريق العين بصفاقس عندما كان هو أستاذا لمادتي التاريخ والجغرافيا، أما الآن فهو عضو القيادة القومية لحزب البعث السوري. ولا يستغرب أن لعب الرجلان -بالإضافة إلى آخرين- دورا هاما في الدفع بنجم السيد محمد الغرياني إلى الأمام، مثلما لعبا دورا هاما في الإبقاء على العلاقات السورية التونسية في مستوى رفيع، ولم يهزها الموقف الأمريكي من النظام البعثي في سوريا. من الملفت للنظر أن البعثيين التونسيين قد انطووا على أنفسهم منذ مطلع التسعينات، ولم يعد لهم وجود علني أو شبه علني، فهل أن صمتهم وانطواءهم كانا خيارا لهم في انتظار الاستحواذ على السلطة من داخلها؟ ربما وتسمية السيد محمد الغرياني على رأس الحزب الحاكم يخدم ولا شك هذه الاستراتيجيا، لكن المهم والطريف في نفس الوقت أن ما فقده البعثيون في المشرق العربي، يبدو اليوم وكأنهم يعوضونه في الضفة الأخرى من الوطن العربي وتحديدا في تونس. وللحديث بقية. محمد العربي التونسي

تونس: مبادرات متواصلة لتدعيم قاعدة الفكر الدينى المستنير
  تونس– مختار الدبابي
أعلن فى تونس مع انطلاق شهر رمضان الحالى « 1429 هـ » عن إطلاق فضائية دينية تحمل اسم « الفردوس » تخصص مساحة هامة لقراءة القرآن الكريم والأحاديث النبوية، فضلا عن فقرات فقهية ودروس فى السيرة. وتأتى هذه الفضائية بعد سنة فقط من إطلاق إذاعة للقرآن الكريم حملت من الأسماء « إذاعة الزيتونة » فى إشارة إلى ارتباطها بجامع الزيتونة، وهو أحد أبرز المعالم الإسلامية فى المنطقة العربية. ويتوقع مراقبون أن تلقى فضائية الفردوس نفس النجاح الذى حققته إذاعة الزيتونة التى تعرف رواجا كبيرا فى تونس وأصبحت أهم أبرز الإذاعات المحلية استماعا فى البلاد. ويفسر المراقبون سر نجاحها بكونها جاءت معبّرة عن حاجة التونسيين إلى مادة دينية تلامس واقعهم بعيدا عن التعقيدات الفقهية والفتاوى الغارقة فى التاريخ والأزمنة القديمة. وكانت وكالة الأنباء التونسية الرسمية قدمت لـ »الزيتونة » فى انطلاقتها السنة الماضية بأنها تهدف « للتشجيع على إشاعة الفكر النير والمستنير ونشر قيم الإسلام الصحيحة وفى مقدمتها التسامح والتكافل والاعتدال ». ويقول محللون محليون إن تونس فهمت قبل غيرها أن مواجهة التشدد والتطرف لا تقف فقط عند الرؤية الاجتماعية والاقتصادية التى حققت فيها نجاحات كبيرة، بل تحتاج إلى مقاربة مستنيرة من داخل الفضاء الدينى تفضح تهاوى التشدد. ويضيف هؤلاء المحللون بأن الرئيس زين العابدين بن على يحرص على إعطاء كل مقومات النجاح لهذا الخط المستنير من خلال الاحتفاء بالمصلحين التونسيين الذين نهضوا بمهمة التنوير والاجتهاد « الإمام محرز بن خلف والزعيم الشيخ عبد العزيز الثعالبى والعلامة الشيخ محمد الطاهر بن عاشور والشيخ محمد الفاضل ابن عاشور.. » ، فضلا عن إقامة مركز للدراسات والبحوث الإسلامية فى مدينة القيروان، المدينة الإسلامية الأولى فى الشمال الأفريقي. وأعلن الرئيس التونسى منذ سنوات عن تأسيس جائزة عالمية للدراسات الإسلامية تشهد إقبالا لافتا من دول عربية وإسلامية عديدة وتلقى صدى إيجابيا فى العالم الإسلامي. وتحظى المناسبات الدينية بعناية خاصة من الرئيس بن على نفسه، إذ يشرف على موكب الاحتفال بختم الحديث النبوى الشريف فى ليلة القدر بجامع الزيتونة، ويؤدى صلاة العيد بجامع العابدين الذى بُنى فى السنوات الأخيرة فى ضاحية قرطاج ويعتبر معلما دينيا بارزا. ويبث الآذان فى الأوقات الخمسة على شاشة التلفزيون بعد أن كان غائبا قبل التغيير الذى قاده بن على سنة 1987، كما تُبث صلاة الجمعة وتقدم الدروس الدينية فى مختلف الأجهزة الإعلامية الرسمية. ولا يتخوف التونسيون من أن يكون فى التركيز على شؤون الدين نوعا من التراجع عن المكاسب التحديثية التى عرفت بها تونس. ويؤكد محللون محليون أن خيار التحديث أصبح جزءا من ثقافة المواطن التونسي، فلا يمكن بأى حال حتى مجرد الافتراض أن تونس يمكن أن تتخلى عن المكاسب التى تحققت فيها للمرأة مثلا، فهى مكاسب نابعة من رؤية تأسست على تأصيل إصلاحى توارثه التونسيون ويستمد مشروعيته من قراءة تنويرية للإسلام تأخذ بالمقاصد، وهى مدرسة عريقة فى التاريخ العربى الإسلامي، تعطى الأولوية للعدل والمساواة والوسطية والاعتدال كقيم ثابتة فى النص القرآني، وتجعل الاجتهاد عنصرا مفصليا فى قراءة النصوص والربط بينها وبين المتغيرات، أى أن يكون للعقل دور كبير فى صياغة معالم الحياة. ويضيف هؤلاء أن الرئيس التونسي، الذى أمر ببث الأذان فى التلفزيون منذ وصوله إلى الحكم، أكد فى كل خطاباته أن خيار التحديث ثابت أساسى فى رؤيته لتونس الغد، تماما مثل التعدد الفكرى والسياسى وحرية التدين.   (المصدر: جريدة العرب (يومية – بريطانيا) بتاريخ 7 سبتمبر  2008)

اللغات الأجنبية: مركب لنشر العلوم والفنون أم لنشر مركبات النقص في أفراد بعض مجتمعات اليوم؟
  منية بن الإمام (*)   صدر بجريدة  «الصباح» بتاريخ يوم 29 جوان 2008 بركن « وجهات نظر » بقلم الدكتور محمد الذوادي تحت عنوان « اللغات الأجنبية بوابة لنشر مركبات النقص في أفراد بعض مجتمعات اليوم ». لئن حرص الدكتور محمد الذوادي بأسلوب يبدو بسيطا لإبداء وجهة نظره في المجتمع التونسي وعقدة اللغات الأجنبية في حياته اليومية ونفسيته فإن دراسته بدت لي منقوصة من الكثير من الموضوعية كما أنها تفتقر إلى قراءة في القوانين التونسية في هذا المجال وإلى دراسة أعمق للمجتمع وتأثير اللغة الأجنبية عليه. وفي هذا الرد والذي أريده أن يفهم بكل موضوعية سأتطرق إلى بعض النقاط التي لا أوافق الدكتور الرأي فيها كفرد من أفراد هذا المجتمع وبغض النظر على الألقاب فأنا لست دكتورة في علم الإجتماع ولكني أستاذة في اللغة الإنقليزية!  ورد في مقالة الدكتور الذوادي الحديث عن « تربة النسيج الإجتماعي للمجتمع التونسي » والذي اكتشف الدكتور أنه نتاج لتربية ماشية الذكور في الشمال الشرقي للبلاد التونسية كما أن للفرنكو أرأب الأنثوية الفضل فيما أسماه « بالتخلف الآخر » وهذه النقاط تبدو غير مفهومة للقارئ وكان لزاما على الكاتب أن يفسر تلك النقاط ويحللها أكثر حتى لا يعم الغموض والالتباس فإن كان الدكتور يقصد بالأنثوية « النسوية » فإن دراساتي في هذا الميدان قراءاتي لنوال السعداوي بالعربية أو لــ ـ Judith Butler, Christina Crosby, Linda Singer, Samira Azzam, Alifa Rifaat أو Kristina باللغة الإنقليزية لم أجد فيها ما يفيد لا من قريب أو بعيد بأن النسوية لها علاقة « بالتخلف الآخر »! فالتخلف الآخر الذي هو حسب الدكتور مزج العربية بلغات أجنبية وهو ما يتهم به المجتمع التونسي بصفة عامة هي ظاهرة عالمية ولا تقتصر على المجتمعات العربية ولا على البلدان التي في طريقها إلى النمو كتونس أو البلدان المتخلفة أو بلدان العالم الثالث ففرنسا مثلا منذ ما يقارب العقد تعاني من هذه الظاهرة وذلك ناتج لغزو الثقافة الأمريكية وسياسة « العم سام » في أوربا ففي باريس لك أن تسمح كل هذه المفردات من أفواه باريسية أب عن جد: »ok « hi » « bye » « no problem » « impossible » وبلكنة أجنبية مع نطق « the » « ذ » « ze » « R » « ز » « غ » إن زمن العولمة الذي نعيشه ونعيش تبعاته الإقتصادية والسياسية والإجتماعية هو المدين هنا ولم تسلم لا الشعوب المتقدمة ولا الشعوب التي في طريقها إلى التقدم من مخلفات هذه العولمة  ولا رأى أن الفرد التونسي هو الذي يقف في قفص الاتهام وبالتالي تبنى عليه نظريات وآراء جد ذاتية بل هي مجموعة أسباب ومسببات جعلت البعض يعاني مما أسماه الدكتور « التعريب النفسي ». إن الإصلاحات التربوية التي قامت بها الدولة في ميدان التعريب لأحسن دليل على الغيرة الوطنية سياسة وشعبا على اللغة العربية فالتلميذ في التعليم الأساسي يدرس المواد العلمية من إيقاظ علمي وتربية تكنولوجية ورياضيات وعلوم حياة الأرض والعلوم الفيزيائية حتى التاسعة بلغته الأم كما أن خدمات شركة الماء والكهرباء قد عربت فاتوراتها منذ زمن ونفس الشيء في الوظيفة العمومية بكامل فروعها فكيف يمكن للدكتور الذوادي أن يؤسس اتهامه على ما تبقى من مؤسسات -وهي قليلة- ليشكك في غيره التونسي على لغته التي هي منبع أصالته. ومن « أسباب جذور هذا الموقف المشين من اللغة العربية » حسب الكاتب هي اعتماد بعض السياسيين بعد الفترة البورقيبية إلى اللغة الأجنبية بدل اللغة العربية ربما لم يتفطن الدكتور أن الحقبة التاريخية لفترة ما قبل الاستقلال وما بعدها لها أحكامها وأن استعمال لغة المستعمر كان لزاما سياسيا وضرورة أكثر منها تملصا أو اجتثاثا للغتنا الأم. وإن خطابات بورقيبة كان جلها في ذلك الوقت ناطقة بالعربية رغم حساسية وضع تونس بعد الإستقلال وإن هذه السياسة ازدادت تأصلا في سياستنا فاختيرت العربية لغة المؤتمرات والملتقيات الدولية وناطقا رسميا في كل الندوات ذات الصبغة الإقتصادية وحتى العلمية فلم التجني؟ ويواصل دكتور علم الإجتماع تحليل التناقض الموجود في الفرد والدستور التونسي فمن جهة ينص الدستور أن اللغة العربية هي اللغة الأم وهي اللغة الوطنية من جهة أخرى يتصرف الفرد التونسي بتجاهل أو عدم احترام للغته فهي « لا تحتل المكانة الأولى في قلب وعقل واستعمالات معظم التونسيين » وهذا ما يطلق عليه علماء الإجتماع « التنافر الإدراكي » ويقترح الكاتب إما عدم التنصيص دستوريا بأن العربية هي اللغة الوطنية وهو ما لا يقبله العقل ولا القلب. وإما على التونسي أن يغير ما بنفسه حتى يغير واقعه وهو كلام سليم والدولة تسعى جاهدة لتركيز العربية في جميع مدارسها بأرض الوطن وخارج أرض الوطن فاليوم تنعم الجاليات التونسية في أوربا وبعض الدول الآسيوية وحتى في أمريكا الشمالية بتعليم عربي تونسي كما أن الدولة تهتم سنويا بتمكين أبنائنا المهاجرين من دروس صيفية باللغة العربية.وكل ذلك لأجل أن تعيش لغة الضاد وتستعيد إشعاعها. إن القارئ للمجتمع التونسي عن قرب يكتشف بلا شك هذا الزخم من التناقض والألوان والاختلافات الكثيرة بين أفراده. ولكنه يأنس لطيبة معاشرته وحسن أخلاقه ويندهش لقدرته على الإستعاب والإدراك. فالتونسي ذكي بالدرجة الأولى ويعرف من أين تؤكل الكتف وكيف يؤثر على مخاطبه متبعا في ذلك مقولة « وخاطب القوم بما يفهمون ». وقد أكدت التجربة الميدانية أن التونسي سريع في تعلم اللغات الأجنبية وقادر على تملكها واستعمالها. فتونس بلد سياحي منفتح على المتوسط وقبلة للزائرين من العالم بأسره. فو الله إنها لمفخرة للتونسي بأن يجيد الخطاب والتخاطب بدون أن يكون ذلك سببا في شعوره بمركب نقص تجاه لغته أو إدانته بأنه استعمر ثقافيا. والمدقق في الحركة الثقافية للبلاد سيكتشف أن خيرة أساتذة اللغة الفرنسية بالجامعة التونسية اختاروا اللغة الأم لكتاباتهم الروائية فمن فرج لحوار إلى حافظ الجديدي والهادي الخليل وغيرهم كثيرون! الأكيد إننا نعيش في زمن صعب وصعب جدا وأن التحديات المناطة بعهدتنا كبيرة ومسؤولياتنا في هذا المجال ثقيلة ولكن هدفنا وطموحنا واضح وهويتنا لامجال للتشكيك فيها ولغتنا هي لغة ديننا الإسلامي. ومهما كانت هذه العراقيل فما نحن بصدد بنائه اليوم ستنعم به الأجيال القادمة وآمل أن يفهم الجميع أن اللغات الأجنبية هي بوابة نشر العلوم والإستفادة من تجارب أمم قد سبقتنا بقرون في هذا الميدان. لا أن نشكك في أهميتها ونغلق على أنفسنا أبوابا من الحضارات والثقافات بتعلة أن التونسي يستعمل العربية مدخلا عليها بعض المفردات الأجنبية!  (*) أستاذة أولى للتعليم الثانوي – أكودة   (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) بتاريخ 7 سبتمبر  2008)

على خلفية مشروع الاتحاد من أجل المتوسط

 

 عبد العزيز السبيعي   كان ذلك يوم 13 أكتوبر 2002 في الصفحة 12 حيث نشرت جريدة « الصباح » مقالا تحت عنوان « نعم لحوار الثقافات… لا للصراع » بقلم عبد العزيز السبيعي وقد أتى هذا المقال في بدايته على مسألة حوار الثقافات والتي أصبحت من أبرز المسائل المطروحة اليوم على النخب الفكرية والسياسية في المجتمع العربي والغربي. ويتوافق هذا الموضوع المطروح في المقال مع المبادئ العامة التي أتى بها مشروع الإتحاد من أجل المتوسط في صائفة 2008 مركزا بالتالي على الباب المتعلق بالثقافة، باعتبار أن الثقافة اليوم هي الأساس الاجتماعي التي تقوم علية كل عمليات التنمية والتطور والاستقرار بين الشعوب المنطقة الواحدة … وقد جاء في المقال  » أن السؤال الجوهري الذي يطرح نفسه بإلحاح هو:  من نحاور وحول ماذا نحاور وكيف نحاور؟ وفي محاولة للإجابة عن هذا السؤال من المستحسن أن نبدأ من النهاية من نقطة يتّفق حولها الجميع، هذه النقطة لا تحتاج إلى كثير من الذكاء والتمحيص لندرك أننا في حاجة إلى مشروع ثقافي يخصّ دول البحر الأبيض المتوسط تقدمت فيه آليات عملية بطريقة واعدة ومدركة، نتبناه ونمارسه ونفعّله مع كل من ينادي بحوار الثقافات » وقد جاء في المقال:  » أن دول منطقة البحر الأبيض المتوسط تشكل نوعا ما نموذجا مصغّرا ومثالا معبّرا للمجموعة الدولية وتستطيع بهذا المشروع أن توفّر الأرضية النموذجية لتطبيقه وبالتالي تعميمه على كافة بلدان العالم من شماله إلى جنوبه، فالمعطيات الجغرافية والثقافية وأقدمية الصلات التاريخية القائمة بين مناطق البحر الأبيض المتوسّط تعود إلى تاريخ البشرية الشيء الذي ولّد قرابات ثقافية بينها وأصبحت بالتالي مطالبة أكثر من أي يوم آخر لإحياء الحوار بين ثقافاتها تكون أسسه الموضوعية تسامحا وتآزرا وتضامنا دائما وإتحادا شاملا، خاصة وأن مثل هذه القيم الإنسانية بإمكانها الآن المساهمة في إنشاء نظام عالمي جديد » ويتطرّق المقال إلى شكل ومضمون الحوار الذي يجب أن يكون في ثوب جديد تماشيا مع متغيرات العصر ومع تتالي الأحداث العالمية منها بالخصوص، فالنظام الاقتصادي العالمي الجديد أفرز علاقات وروابط اجتماعية جديدة وأخلاقيات جديدة…. ومن البديهي أن تتفطّن تونس إلى هذه المتغيرات فأصبحت المقاربات تبنى على أسس صحيحة ودراسات استشرافية جادّة ويأتي المقال على محتوى هذا المشروع الثقافي من أجل المتوسّط نسرد منه  بعض النقاط: – تنظيم ندوات ثقافية سنوية في عواصم بلدان المتوسّط على أن يختار موضوع الندوة البلد المنظم حسب خصوصياته الثقافية وتوجّهاته السياسية والاجتماعية فمثلا ندوات تخصّ ثقافة التضامن داخل المتوسط بكل مفاهيمه مقوّماته ولنا في تونس الأسبقية لطرح مثل هذا الموضوع لما نملكه من تقاليد وتجارب رائدة في هذا المجال (بنك التضامن، صناديق التشغيل ،صندوق التأمين على المرض، الصندوق العالمي للتضامن…) – إنشاء نوادي قائمة بالحوار المتوسّطي في شتى المجالات ذات العلاقة المشتركة. – الرفع من شأن الدروس المتعلّقة بثقافة التضامن والتآزر والتسامح داخل جامعات وكلّيات دول البحر الأبيض المتوسط. – إقامة مؤسسات بنكية متوسطية مهمّتها الاستثمار في الأعمال الثقافية المتوسطية تتبلور أهدافها الرئيسية في تكريس قيم التآزر والتضامن والتسامح لدى شعوب المنطقة المتوسطية، تشجيع المبدعين كل الأعمال الرامية إلى التسامح والتضامن والتآزر. – حلّ مشكلة تعاريف المصطلحات ومفاهيمها وتوحيد معانيها ورموزها خاصّة في مثل ما يشهده العالم اليوم من تباين في الاختلاف حولها. – التباين في مفهوم الكتاب المدرسي ومضمونه مع احترام القيم الخاصّة بكل ثقافة. – نشر المؤلفات الداعية إلى التسامح والتضامن بأكثر من لغة. ــ استغلال التكنولجيات الحديثة لانجاز موسوعة في الثقافات بين دول المنطقة المتوسطية لإظهار الجانب التاريخي والإنساني الذي ضمن ويضمن الآن ومستقبلا التعايش بين مختلف دياناتها وخصوصياتها الثقافية. – مدّ صلة التعارف والتعاون بين مختلف الجمعيات المجتمع المدني والعمل على مزيد التنسيق بينها لمزيد تكريس كل ما من شأنه أن يدعم الإتحاد داخل المتوسط. لا شك أننا نتفق أننا إذا انطلقنا من أن الثقافة هي ظاهرة اجتماعية لا بدّ لها أن تنصهر وتتفاعل وترسّخ للإنجاح المهمّة المنوطة بعهدتها يتأكد لدينا أن الثقافة لا تقتصر على كونها عامل متوازن لعملية التنمية الاقتصادية والتكنولوجية، بل من الأجدر أن تكون هي الأساس الاجتماعي الذي تقوم عليه هذه الغايات نفسها لأن الفكر الاقتصادي لأي مشروع يجب عليه أن يرتكز على جوانب المنظومة الثقافية زيادة على ذلك أن الثقافة تعطينا الحرية والمرونة لنستشرف وهذا ما يجعل من الثقافة ميدان تنظير وممارسة وفق متغيرات العصر ومتطلباته. ربما أقر هنا وهذا حسب رأيي أن السياسة أسرع من الثقافة، والاقتصاد أسرع من السياسة ولكن الفرد الذي يحرّك كل هذا ازداد شعوره بتأثير الثقافة على ذاتيته ورفاهيته وبقائه، وكنتيجة لهذا الوعي المتزايد بأهمية الثقافة ما انفكت الجهود المتناهية تتضافر في تونس لتعزيز الإمكانات الثقافية والالتزام بتقويم البنية التحتية للثقافة. إن نشأة الأفكار يمكن أن تأتي من نتاج مغامرات العقول وفي كتابة هذه الفكرة وتوثيقها هي في المقام الأول إشباع ومتعة ذاتية وتحقيق للذات، ثم تأتي عملية الاعتراف بما ينتجه الكاتب وخاصة ما يجنيه الكاتب من تقدير واعتراف لمجهوداته، ولعلّ الاعتراف هنا يتجلى في التعبير بأكثر أمانة في هذا الوطن الآمن والبحث عن السمو والابداع والتعلم وتكريس قيم التضامن والتآزر بين الناس والتي تعتبر أهم الأشياء في الحياة .   (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) بتاريخ 7 سبتمبر  2008)

نحن وواشنطن
  كمال بن يونس   التصريحات التي أدلت بها وزيرة الخارجية الامريكية رايس أمس في تونس بعد لقائها مع الرئيس زين العابدين بن علي بحضور وفدين رفيعين من البلدين أكدت على الصبغة الاستراتيجية للعلاقات الثنائية بين الحكومتين والشعبين. واذ تندرج زيارة السيدة رايس الى تونس أمس في سياق جولة تشمل 4 دول مغاربية ـ من بينها لاول مرة منذ 55 عاما الشقيقة ليبيا ـ فانها تكتسي صبغة سياسية واستراتيجية مميزة بالنسبة لكل بلد مغاربي فيما يتعلق بعلاقاته الثنائية في مختلف المجالات مع القوة الاقتصادية والعسكرية والسياسية الاعظم في العالم. ورغم المسافة الجغرافية الهائلة التي تفصل تونس والمنطقة المغاربية عن الولايات المتحدة فان مختلف المعطيات وتصريحات رايس أمس تؤكد تزايد الاهتمام الاقتصادي والعسكري والامني والسياسي الامريكي بدول شمال افريقيا ومستقبل شعوبها. ان واشنطن تبدو اليوم أكثر اهتماما بالمنطقة المغاربية الغنية بثرواتها ومن بينها النفط والغاز والفوسفاط.. وبفرص الاستثمار الجديدة فيها.. خاصة في صورة تطور العلاقات الاقتصادية البينية المغاربية وتقدم انجاز المنطقة الحرة الاورومتوسطية التي تضم 12 بلدا من جنو ب البحر الابيض المتوسط بينها البلدان المغاربية الخمسة ومصر والاردن وسوريا وتركيا. لكن تونس التي تميزت طوال العقود الماضية بديبلوماسيتها الهادئة وباستقرارها الامني والسياسي وبتقدم مواردها البشرية وعراقة التقاليد السياسية والثقافية الديمقراطية فيها تهم واشنطن واشنطن وحلفاءها أكثر فاكثر. لقد عارضت الادارة الامريكية لمدة طويلة خطوات التعاون الثنائي بين عدد من الدول ـ بينها تونس ـ مع الشقيقة ليبيا في مرحلة فرض الحصار عليها ، لكن القيادة الامريكية فهمت لاحقا صواب الموقف التونسي.. ودعمت الجهود الديبلوماسية التونسية لتشجيع الحوار الليبي الامريكي حتى حصلت المصالحة الشاملة الامريكية الليبية التي جاءت زيارة رايس الى طرابلس أول أمس لتتوجها.. بعد أكثرمن 20 عاما من التوتر وسوء التفاهم والتصعيد الاعلامي السياسي والاعلامي.. إن لغة المصالح هي التي تنتصرعندما تؤخذ مصالح جميع الاطراف بعين الاعتبار وليس مشاغل جهة واحدة. كما لابد لكل الاطراف أن تدرك أن الاختلافات في وجهات النظر لا تتنافى مع قيام علاقات شراكة وتعاون متطورة بين الجانبين. فعسى أن تشهد المرحلة القادمة ترفيعا لمستوى التعاون بين الولايات المتحدة والدول المغاربية بما يخدم مصالح كل الاطراف.   (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) بتاريخ 7 سبتمبر  2008)

بوركت يا رمضان!!!
برهان بسيس   من الصعب جدّا أن نجد حالة تناقض وتباعد بين الخطاب والممارسة بمثل ما نجده في حالة تعامل مجتمعاتنا مع شهر رمضان. حفظ التاريخ للزعيم بورقيبة أنه تجرّأ على عرض تأويل خاص للتعاطي مع شهر رمضان نزّله في سياق ما سماه بمعركة الجهاد الأكبر ضد التخلف والفقر الذي يعطي للمسلم ما أعطته له الشريعة من مسموح وجواز في الجهاد والسفر والمرض، كان بورقيبة حينها جريئا واستفزازيا، مجدفا بعيدا في عرض قناعاته الاجتهادية التي يمكن أن تتفهمها بعض النخب لكنها مرفوضة بالضرورة من قطاع واسع من الشعب. بغض النظر عن ملابسات وتفاصيل القصة البورقيبية مع كل ما يتعلق بقضايا الهوية والاجتهاد الديني فإن جزءا من الاشكالات التي سكنت هذا العقل البورقيبي لا تزال تملك شرعيتها بالنظر إلى واقع التأويل الاجتماعي السائد لعديد الطقوس الدينية – ومنها صيام رمضان – الذي ما انفك يرسّخ قيما متناقضة مع جوهر الدين ذاته الغني بالقيم السامية. أصبح الأمر متعلقا بحالة فصام مزمن وشديد مثير للإشمئزاز بين خطاب نظري يحتفي برمضان كشهر لسكينة النفس وقيم العمل والعطاء والتحكم في الشهوة وواقع ممارسة يؤكد أن هذا الشهر هو عبارة عن مهرجان للاستهلاك الجشع واستعراض سلوكات الفضاضة والعنف والتجهّم في الفضاء العام بالاضافة إلى القضاء المبرم على كل ما يتعلق بقيم العمل والجدية والانضباط والمسؤولية والسلوك المدني المختنق بقبضة «اللّهم إنّي صائم». مواسم الحرب على العمل والانتاج عديدة في تخطيط عاداتنا الاجتماعية الحميدة، مبعث اعتزازنا وفخرنا بذاك المفهوم الهلامي الذي نسمّيه «هويّة» لا شيء في هذه العادات غير ثقافة القعود والخمول وقلّة الذوق والفقر في الانتاج والعطاء والجمال، لا أفهم كيف تملك أمتنا جرأة الحديث عن طموحات النهضة والتقدّم والتطوير بهذا الإرث المتكلّس من الممارسات الاجتماعية المغلفة بقداسة  الدين ومهابة الهوية. رمضان شهر التلفزيون والمليون بيضة ومقاهي الشيشة المكتظة والموظف النائم في مكتبه ومملكة الشعب العبوس، هو بالتأكيد رمضان مختلف عن ذاك الذي تخيّله  النبيّ لأمّته.   (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) بتاريخ 7 سبتمبر  2008)

2009 مئوية الشابي وإرادة الحياة

 

د. أحمد القديدي (*) أدعو من هذا المنبر الكريم الدول العربية، ووزراء الثقافة و المجالس الوطنية للثقافة والتراث، والنخبة العربية وخاصة في تونس موطن الشاعر الأصلي إلى إعداد برنامج إحياء الذكرى المئوية لميلاد شاعر إرادة الحياة: أبي القاسم الشابي، الذي رددت الجماهير العربية على مدى مراحل مقاومتها للاستعمار وتحريرها أبيات قصيدته الخالدة : إذا الشعب يوما أراد الحيـاة فلا بد أن يستجيب القـدر و لا بـد لليـل أن ينجلـي ولا بد للقيـد أن ينكسر ولد الشاعر في مدينة توزر على مشارف الصحراء التونسية وفي قلب الواحات الرائعة في 24 فبراير من سنة 1909، منذ قرن بالضبط، حينما يحين عام 2009، ووالده هو الشيخ الفاضل القاضي محمد الشابي الذي تلقى تعليمه بالقاهرة في الجامع الأزهر، وعاد إلى تونس فتولى القضاء في عدد من المدن و القرى التونسية الى وفاته سنة 1929 . للشاعر شقيقان هما محمد الأمين الذي تولى وزارة التربية والتعليم في أول حكومة تونسية بعد الاستقلال وعبد الحميد الشابي. ثم وافاه الأجل رحمه الله يوم 9 أكتوبر 1934 وهو في مطلع الشباب الغض لم يتجاوز الخامسة و العشرين، وقد أسعدني الله سبحانه بإتاحة فرص فريدة لي شخصيا لن أنساها للتعمق في أدب الشابي المتمرد، والاطلاع على رسائله وبعض قصائده بخط يده رحمه الله، وهي منحة من رب العالمين حيث كنت في مطلع الشباب أبحث عن نفس ثائر باللغة العربية الرائعة، يتلاءم مع ما يشعر به أبناء جيلي في ذلك العهد من نزوع للقيم الإنسانية بالفطرة، فكان الشابي هو الجواب عن أسئلتنا الحائرة و المرفأ المثالي لمراكبنا التائهة. ففي المدرسة الثانوية حين كنت يافعا مغرما بالأدب وأحاول كتابة نصوص شعرية، كان أستاذ الأدب العربي عندنا بالقيروان هو الأديب الشيخ محمد الحليوي رحمة الله عليه، وكان من أقرب الأصدقاء لشاعرنا العبقري ولد مثله سنة 1909، وتعرف إلى الشابي من خلال النوادي الثقافية التي كان الرفيقان يرتادانها بعاصمة تونس، وترسخت الصداقة بينهما الى درجة أن الشابي كان يراسل الحليوي أسبوعيا بالبريد، وفي عهد لاحق قام الحليوي بنشر كتاب شديد الأهمية وهو ( رسائل الشابي) يعتبر مرجعا ثريا لاكتشاف نفسية الشاعر و عصره و همومه. ومن أفضال الأستاذ الحليوي علي، وعلى كل من يأنس فيهم محبة الأدب في القيروان سمح لي بزيارة مكتبته الغنية بأمهات التراث، و بالرسائل الأصلية بخط أبي القاسم، و بحبره البنفسجي الجميل، وكانت هذه القراءات بالنسبة لي دخولا بعد استئذان الى عالم حميمي خاص لشاعرنا العبقري، وحواره التلقائي مع رفيق دربه الوفي محمد الحليوي ،أما الفرصة الثانية فهي اغتنامي للقاءات المنعشة مع شيخنا الكبير وأستاذنا رحمة الله عليه المختار بن محمود في الستينيات من القرن الماضي، حين كنا نرتاد جمعية قدماء الصادقية في 13 نهج دار الجلد بالمدينة العتيقة تونس، وهي أيضا مقر مجلة الفكر المجيدة، فأستمتع بأحاديث الشيخ المختار عن بدايات أبي القاسم الشابي، لأن الشيخ المختار كان نشر له أول قصائده في مجلته ( العالم الأدبي) و يحتفظ بذكريات، كنت أنا وأبناء جيلي نشعر أننا مؤتمنون عليها لنرويها للأجيال العربية الصاعدة، التي هي مطالبة بصيانة هذا الأدب الخالد. واليوم نحيي الذكرى المئوية لميلاد هذا الشاعر العبقري، الذي كان قلبا نابضا بالثورة على الاستعمار، والاستكانة والرضى بالدون، من أجل إحياء قيم خصها أبو القاسم بالتمجيد في قصائده، وهي قيم الكبرياء والعنفوان ورفض الظلم. تلك القيم العظمى التي نحتاجها اليوم كأمة مسلمة تتعرض لأقسى أصناف الاحتلال والاستغلال والحقد والعنصرية والإذلال. وهي قيم نجدها مبثوثة في الأبيات التي لا يعرفها عموم الناس، من نفس قصيدة ( إرادة الحياة) حيث يقول الشاعر: ومن لم يعانقه شوق الحيـاة تبخر فـي جـوها واندثر فويل لمن لم تشُـقهُ الحيـاة من صفعة العـدم المنتصر كذلـك قـالت لي الكائنـات وحـدثنـي روحها المستتر إذا ما طمـحت إلى غـاية ركبت المنى ونسيت الحذر ومن لا يحبَّ صعود الجبال يعش أبد الدهـر بين الحفر وقالت لي الأرض لما سألت أيا أم هل تكرهيـن البشر؟ أبارك في الناس أهل الطموح ومن يستلذ ركـوب الخطر وألعن من لا يماشي الزمـان ويقنع بالعيش عيش الحجر هو الكون حي يحب الحيـاة ويحتقر الميـت مهمـا كبر فلا الأفق يحضن ميت الطيور و لا النحل يلثم ميت الزهر’ (*) كاتب وسياسي من تونس (المصدر: صحيفة ‘الشرق’ (يومية – قطر) الصادرة يوم 3 سبتمبر 2008)  

تجديد الخطاب الإسلامي في إفريقيا (1-3)

  حمدي عبدالرحمن  إذا كان الإسلام هو أكثر الأديان انتشارا في إفريقيا، حتى أنها وصفت بقارة الإسلام، فإنه في جوهره بالنسبة للشعوب الإفريقية يعد دينا إفريقيا انتشر بقوته الذاتية وخصائصه الدفينة. إنه أكثر الأديان صلاحية وارتباطا بالواقع الإفريقي، ألم تكن هجرة المسلمين الأولى إلى الحبشة؟ وهو ما يعني أن الدعوة الإسلامية وصلت في انطلاقتها الأولى إلى إفريقيا قبل أن تصل إلى المدينة المنورة. الملاحظة الأساسية هنا ترتبط بحقيقة الأديان التقليدية في إفريقيا، إذ إنها محلية الطابع، فهي أشبه بالجزر المعزولة، أي أنها لا تمتلك أي فعالية خارج نطاق الجماعة الدينية المؤمنة بها، وهي لا تطرح أي رؤى تجديدية، وليس من أهدافها تجاوز جماعتها العرقية والانتشار على المستوى الوطني أو القاري. فضلا عن ذلك، فهي مشدودة إلى الماضي والأسلاف أكثر من استشرافها للمستقبل، فكل الذي تقوم به هو الإبقاء على الوضع القائم ومقاومة أي تغيير. وعليه فلم تشهد القارة قبل قدوم المسيحية أو الإسلام ما يمكن أن نسميه بظاهرة الحروب الدينية أو حركات الإحياء الديني. وعليه، فإن دراسة الظاهرة الإسلامية في إفريقيا تطرح عددا من الملاحظات المهمة لعل من أبرزها: – إنه رغم التحديات التي تواجه الإسلام في إفريقيا- ولاسيما غير العربية- فإنه كجوهر لنظام حضاري وقيمي لا يزال بمقدوره أن يمارس دورا هاما في عملية النهضة والتطور للشعوب الإفريقية، من خلال طرح نموذج تنموي بديل يعبر عن واقع وطموحات الإنسان الإفريقي في بداية القرن الـ 21. – القضية الأساسية في إفريقيا غير العربية ذات جانبين: أولهما، يتمثل في حركة التجديد الديني بهدف العودة بالعقيدة إلى مرحلة النقاء الأول. والثاني يرتبط بعملية نشر الدعوة، إذ يعد الإسلام أكثر الأديان انتشارا. وربما يعزى ذلك إلى قدرته على التطويع والتطبع إزاء الواقع الإفريقي، فضلا عن تأكيده على قيم العدالة والمساواة، والنظر إليه في الإدراك الإفريقي على أنه ليس دينا أجنبيا. – إذا كانت مسالك الإسلام في إفريقيا متعددة ومتشعبة، بحيث تشتمل على دور التجار والدعاة من الأفارقة أنفسهم فضلا عن الطرق الصوفية، فإن حروب الجهاد الإسلامي خلال القرنين الـ 18 والـ 19 التي شهدتها بعض مناطق إفريقيا مثل بلاد الهوسا قد اكتسبت أهمية خاصة، نظرا لأنها أدت إلى قيام دولة إسلامية تصدت بقوة للغزو الأوروبي، وشكلت بذورا للمقاومة الوطنية للاستعمار، ومن جانب آخر في كونها طرحت رؤى إصلاحية وتجديدية تهدف إلى تنقية الإسلام والعودة به إلى الأصول، ولاسيما من خلال الفقه المالكي، وذلك في مواجهة تأويلات الصوفية التي انتشرت على نطاق واسع في المجتمعات الإسلامية الإفريقية. – لقد خضع تحليل الظاهرة الإسلامية في إفريقيا لعملية دعاية في الكتابات الأوروبية المتخصصة، إذ بدأ الحديث منذ نهاية القرن الـ 19 عن ظاهرة الإسلام الأسود. إنه إسلام خضع لعملية إعادة صياغة وتفكير، فأضحى أكثر توافقا مع الخصائص النفسية للأجناس السوداء. وقد تجاوب بعض المفكرين الأفارقة -ولاسيما في إفريقيا الفرانكفونية- مع هذه الدعوة، وقالوا بوجود مصادر محلية للإسلام أو ما أطلق عليه «أفرقة الإسلام». وعادة ما يشير مفهوم «الإسلام الإفريقي» إلى المعتقدات والممارسات التي طورها المسلمون الأفارقة على مدى السنين، والتي تعبر عن واقعهم الإفريقي. ويلاحظ أن الطرق الصوفية مارست تأثيرا مهما في هذا السياق، أما مفهوم «الإسلام في إفريقيا» فيستخدم للإشارة إلى فكر الإصلاح الديني الذي يطالب بتطبيق الشرعية الإسلامية. – سعت النخب الحاكمة في الدول الإفريقية الإسلامية بعد الاستقلال إلى محاولة تحييد المتغير الديني، من خلال فرض دساتير علمانية تفصل بين الدين والدولة وتؤكد على حرية المعتقد. وقد ظهر واضحا في الخطاب الديني الرسمي المرتبط بالدولة أو المتحالف معها أنه يسير وفق المشروع الوطني للنخبة السياسية الحاكمة. وإذا أخذنا الحالة السنغالية حيث يدين أغلب سكانها بالإسلام، لوجدنا أن ليوبولد سنغور أول رئيس لها كان مسيحيا كاثوليكيا، بل إن خليفته عبده ضيوف -وهو مسلم- كان متزوجا من مسيحية من طائفة الروم الكاثوليك. وعلى أي حال، فإن ثمة اتجاهات متعددة لإصلاح وتجديد الخطاب الإسلامي المعاصر في إفريقيا. وبرغم أن مفهوم الخطاب نفسه يحمل العديد من الدلالات المعرفية والأبعاد الإيديولوجية المرتبطة بمصدره وسياقاته المجتمعية المختلفة، فإنه يعد أحد المداخل الأساسية لفهم ودراسة تقاليد الإصلاح والتجديد في الفكر الإسلامي المعاصر. والمفهوم في عمومه يشير إلى التقاليد النصية كما وردت في القرآن والسنة، وتقديمها بشكل يجعلها تبدو مقنعة وضرورية. وعليه، يمكن اعتبار هذا الخطاب وريث التقاليد الإصلاحية التي استطاعت منذ القرن الـ 18 أن تترك بصمات واضحة في عقل وحياة الأمة المسلمة. ويرى البعض انطلاقا من ذلك أن تجديد هذا الخطاب الإسلامي يعني في حقيقة الأمر محاولة اكتشاف ما يمكن أن يقوم مقام الحداثة في الفكر الغربي، على أن يكون هذا الاكتشاف من داخل المرجعية الإسلامية. وعليه، فقد أضحت دعوات التجديد في العالم الإسلامي تعني بالأساس تجديد الخطاب نفسه. وعلى أي الأحوال، فإن تنوع مصادر وبيئة الخطاب الإسلامي أفضى إلى وجود صور وأشكال مختلفة لتقاليد الإصلاح والتجديد في العالم الإسلامي. بيد أن القاسم المشترك ظل يتمثل غالبا في التوكيد على سمو المعايير النصية وتفوقها على مختلف التقاليد التي تصوغ حياة المسلمين في شتى المجالات. إن خطاب التجديد الإسلامي المعاصر يؤكد على أن المقاصد العليا والقيم الأساسية في الإسلام تدور حول العدالة والحرية والمساواة والشورى والمسؤولية والمساءلة. والمتأمل في جملة تلك المبادئ يجد أنها تتضمن بعض عناصر ما يسمى «الحكم الصالح» (أو الرشيد) الذي تبشر به المؤسسات الدولية المعاصرة. واستنادا إلى كل ما سبق، فإنه لا يمكن القول بوجود خطاب إسلامي واحد، بل توجد أنماط مختلفة ومتعددة من ذلك الخطاب، والتي تعكس اجتهادات العقل المسلم في إطار حدود للزمان والمكان بغية فهم العالم من حولنا، وبما يتواءم مع الرؤية الشرعية. فما الذي تبوح به الخبرة الإفريقية في هذا الصدد؟   (المصدر: جريدة العرب (يومية – قطر) بتاريخ 7 سبتمبر  2008)  

 البــــاب المفتـــــــــــــوح  
 
عبد اللطيف الفراتي (*) نجح العقيد معمر القذافي فيما لم ينجح فيه رئيس دولة من قبل، من حيث إنه استطاع أن يقتلع من إيطاليا، الدولة التي استعمرت القطر الليبي بين 1911 ونهايات الحرب العالمية الثانية، اعترافا إيطاليا بالجرائم الإيطالية في ليبيا وعلى تعويضات مالية قدرت بخمسة مليارات دولار. وكانت إيطاليا ارتكبت في الفترة ما بين 1911 و1943 جرائم يمكن أن توصف بجرائم الحرب والإبادة الجماعية في تلك الفترة، وهو تماما ما حصل مع عدة بلدان أخرى في مستعمراتها ومنها بالخصوص فرنسا وبريطانيا العظمى، فقد تم استغلال البلدان المستعمرة واستنزاف ثرواتها بما لا يمكن تقديره أو ضبط آثاره. ـ وإذا كانت التعويضات المالية من الضآلة بحيث لا تمثل شيئا كبيرا، سواء بالقياس إلى الضرر الحاصل من الاستعمار الإيطالي لليبيا، وهو الشبيه بالاستعمار الفرنسي، التوطيني الذي طرد سكان البلاد من أراضيهم الأكثر خصوبة وعوضهم بما أسموه ‘معمرين’،، أو بالقياس إلى محاولات فسخ هوية شعوب بأكملها بالسعي إلى تنصيرها، وتجنيسها، واعتبار بلادها حقا مباحا يصح اقتراف كل شيء في حقها. فمبلغ 5 مليارات دولار، ليس مهما لتغطية كل آثار النهب الذي مارسته إيطاليا كما مارسته فرنسا في كل من الجزائر وتونس والمغرب، وكل آثار التفقير وتحويل الثروة، من يد أصحابها إلى الوافدين من أوروبا، وعدد منهم من شذاذ الآفاق ومن الذين صدرت ضدهم أحكام في بلادهم، ممن يجري نفيهم وتمكينهم من مقدرات البلدان التي فرضوا عليها. وهو قليل سواء بالنسبة لما تم نهبه أو بالنسبة لمقدار الثروة الليبية التي انتفخت من جراء تأثير ارتفاع أسعار البترول، ولكن يبدو أن القيادة الليبية اكتفت بالمقدار الضئيل، لأن ما يهمها أساسا هو الاعتراف الإيطالي بالإساءة إلى الشعب الليبي في حقبة من التاريخ امتدت إلى نحو أكثر من ثلاثين سنة، وعلى أساس أن تلك التعويضات هي رد اعتبار للشعب الليبي وانتقام من إيطاليا على ما ارتكبته من فظائع ليس فقط في ليبيا، بل وفي أثيوبيا والصومال وأريتريا وجيبوتي. وكما يقال، فإن العقيد القذافي الذي كم دفعت بلاده من تعويضات سواء في قضية لوكربي وهي الطائرة المتهمة بإسقاطها الجماهيرية الليبية، أو علبة الليل البرلينية المتهمة بتفجيرها المصالح الليبية، أو غيرها من المغامرات غير الموفقة، يقف اليوم منتصرا وقد اعترفت إيطاليا بسابق ما ارتكبته في بلاده من مجازر لعل أوقعها على النفس عملية إعدام عمر المختار الذي ذهب مثالا في الوطنية والتضحية، وتم شنقه باسما إيمانا بقضية بلاده، وهو الذي ينام بعد اليوم مستريحا في قبره، ودفعت إيطاليا أو أنها ستدفع تعويضات هي مهما بدت ضئيلة، فإن رمزها يبقى كبيرا في نفوس كل الذين ابتليت بلدانهم بالاستعمار، ونالت من تعسفه الكثير. وإذ كانت ليبيا وإيطاليا، قد توصلتا لاتفاق يعتبر تاريخيا، باعتبار أن إيطاليا ليست في واقع الحال اليوم بلدا منهزما، ولا ليبيا بلدا منتصرا، فإن التوازنات الإقليمية والدولية هي التي فرضت هذا الاعتراف وهذا التعويض، كما ان المصالح هي التي تدفع إليه، وهو ما يجعل إيطاليا تضطر للقبول بما لم يقبله بلد آخر زمن السلم، لضمان قسطها من الكعكة الدسمة التي تعرض ليبيا استغلالها على البلدان الكبيرة والمتقدمة تكنولوجيا. وإذ عرفت ألمانيا ‘ذل’ الاعتراف بالذنب نتيجة الحقبة النازية، وإذ دفعت من التعويضات الشيء الكثير، وتحمل كاهلها الأموال الطائلة، التي اضطرت لدفعها لمن يستحق ولمن لا يستحق بحكم ‘القانون الدولي’ وتحملت صاغرة ما لم يتحمله بلد آخر، فإنها أجبرت والحسرة في النفس وتحت ضغط الدول الكبرى المنتصرة إلى تخصيص جزء كبير للتعويض لإسرائيل التي لم تكن بين الدول المنتصرة سنة 1945، ولا حتى كانت موجودة أصلا، وعلى العكس فإن إيطاليا اليوم وهي تعترف بما ارتكبته أجيال سابقة، تحت الحكم الفاشي، فإنما تفعل ذلك من موقع عزة ورفعة، وتحقيقا لمصالحها، وضمانا لها. ولكن للمرء أن يتساءل، هل يصبح ما نالته ليبيا، وما اضطرت إليه إيطاليا، مثلا يبدو أكثر إلحاحا، بشأن الجزائر بالذات، ومن ورائها بقية بلدان شمال إفريقيا، التي عرفت الاستعمار الفرنسي الشبيه بالاستعمار الإيطالي، والذي استمر، لا فقط 30 سنة كما كان الشأن في طرابلس، بل 130 سنة في الجزائر و75 سنة في تونس و44 سنة في المغرب، وسلب البلدان الثلاثة من ثرواتها، واضطهد أهلها، ومارس معهم شر ما عرفته البشرية من ألوان التعذيب المادي والمعنوي، ولعل آخر مذكرات الجنرالات الفرنسيين تكشف عن كل هذا.. ورغم ذلك فإن فرنسا لا تريد أن تعترف ولا تريد أن تعوض. مواصلة الصلف الذي عرفت به. ولعل وراء هذا الذي حصل،هو نضج شعبي في إيطاليا بحيث بات أمر الاعتراف والتعويض مقبولا حكوميا وشعبيا، وهو نضج لم تبلغه فرنسا، حيث ما زال الناس ـ عدا الحكام ـ غير قادرين على الاعتراف بأن بلدهم قام بأسوأ الممارسات، في سبيل تفقير شعوب بأكملها، وتجهيل تلك الشعوب، إضافة لعدم فعل أي شيء لتطوير منظومة صحية جديرة بذلك الاسم فيها خلال كل الفترة التي حكمت فيها باريس مناطق شاسعة من إفريقيا، وعلى سبيل المثال فإن سنة خروج فرنسا من تونس عام 1956، سجل عددا من الحاصلين على الباكالوريا لم يتعد بعض العشرات من بين 3.6 مليون ساكن، فيما إن عددهم هذا العام تجاوز 90 ألفا من أصل 10 ملايين ساكن. ويفتخر الفرنسيون رغم ذلك بأنهم جاءوا لنشر التمدن والحضارة، فيما العكس هو الصحيح. إن الاعتراف والتعويض الإيطالي يبرز مدى تقدمية شعب إيطالي يعيش عصره، كما يدل على إصرار ليبيا على استعادة حقوقها، ولعله يأتي يوم تستعيد فيه فرنسا نبل فكرها، فتعترف بالأعمال السيئة التي أتتها وليس مسؤولا عنها الجيل الحاضر، وتعوض عن كل ما اقترفته أيدي حكامها في وقت سابق. وهو ما أقدمت عليه فرنسا تجاه اليهود بالاعتراف بإساءة نظام حكومة فيشي الفرنسية تجاههم، وما تستنكف من القيام بمثيل له تجاه العرب والمغاربيين بصفة خاصة. (*) كاتب من تونس (المصدر: صحيفة ‘الشرق’ (يومية – قطر) الصادرة يوم 7 سبتمبر 2008)

اعتذار إيطاليا عن الاستعمار.. يعزز العلاقات الأوروبية – الليبية
  توفيق المديني في زيارة خاطفة قام بها رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني إلى بنغازي في ليبيا يوم 30 أغسطس الماضي، وضع حدا لأربعين سنة من العلاقات الصعبة بين ليبيا وإيطاليا، الدولة التي استعمرت هذا البلد العربي من عام 1911 ولغاية 1943. فقد قال برلسكوني في معرض تقديم روما اعتذارها لليبيا: «إنه من واجبي كرئيس للحكومة الإيطالية، أن أعبر لكم باسمي وباسم الشعب الإيطالي عن أسفنا واعتذارنا عن الجراح الغائرة التي سببها الاستعمار الإيطالي للشعب الليبي». وأضاف برلسكوني قائلا: «انه اعتراف كامل ومعنوي بالضرر الذي ألحقته إيطاليا بليبيا». ويقدر المؤرخون عدد الليبيين الذين قتلوا من قبل إيطاليا بنحو 20000 وإلى أكثر من 100000 ليبي تم نفيهم في صحراء سرت، حيث لقي 40000 حتفهم من جراء تفشي الأمراض المعدية والإعدامات. وقد ترافق مع الاعتذار الإيطالي هذا توقيع الزعيم الليبي معمر القذافي ورئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني «اتفاقية تعاون وشراكة وصداقة» في مدينة بنغازي شرق العاصمة طرابلس، تقدم روما بموجبها خمسة مليارات دولار تعويضا عن الحقبة الاستعمارية، وقال برلسكوني للصحافيين بعد وصوله إلى بنغازي إن «الاتفاق يشمل استثمارات بمبلغ 200 مليون دولار سنويا لمدة 25 عاما»، وأوضح أن من ابرز المشاريع، شق طريق ساحلية من غرب ليبيا إلى شرقها. وقد شهدت السنوات الأخيرة العديد من المتغيرات الجديدة النابعة من البيئة الليبية والأوروبية، والظروف الإقليمية والدولية التي من شأنها أن تؤثر على مسار العلاقة بين ليبيا وبلدان الاتحاد الأوروبي وتوجهاتها وقضاياها في المستقبل. فمن جانب ليبيا، شهدت السياسة الخارجية تغيرات جذرية في السنوات القليلة الماضية، لجهة «التكيف التدريجي» مع النظام الدولي الجديد بزعامة الولايات المتحدة الأميركية بأقل ما يمكن من التصادم. إزاء هذه السياسة السلمية الجديدة، لم تكتف أوروبا بالوقوف متفرجة، فهي تتفهم ليبيا أكثر من الولايات المتحدة الأميركية، وذلك بسبب تاريخها الاستعماري للمنطقة العربية. فليبيا كانت وما تزال منطقة مهمة لأوروبا بسبب القرب الجغرافي، والموقع الاستراتيجي كبوابة كبيرة لإفريقيا، وثرواتها النفطية الكبيرة، إضافة إلى أنها سوق استهلاكية كبيرة قادرة على استيعاب المنتجات الصناعية الأوروبية. وفضلا ً عن ذلك، فإن أوروبا، ولاسيما بلدانها الجنوبية وتحديداً إيطاليا، تعاني منذ سنوات من تدفق هائل من المهاجرين غير الشرعيين القادمين من السواحل الليبية. ويجسد قرار رفع العقوبات التجارية المفروضة على ليبيا من جانب الاتحاد الأوروبي، ولاسيما قرار رفع الحظر على بيع الأسلحة، الذي اتخذه وزراء الخارجية الأوروبيين في اجتماعهم الذي التأم باللوكسمبورغ في 11 أكتوبر 2004، نتيجة منطقية لسياسة المصالحة التي انتهجها الاتحاد الأوروبي تجاه طرابلس منذ خمس سنوات. وكانت هذه العقوبات فرضتها الأمم المتحدة في قرارين صادرين عن مجلس الأمن عامي 1992و 1993، ثم من قبل الاتحاد الأوروبي تطبيقاً لهذين القرارين، عقب سقوط طائرة البانام الأميركية فوق مدينة لوكربي عام 1988، وحادثة طائرة يوتا الفرنسية في صحراء النيجر عام 1989. وكانت هذه العقوبات تم تعليقها في عام 1999، عندما سمح العقيد القذافي للمحققين الفرنسيين بزيارة طرابلس لإجراء تحقيق حول حادثة طائرة يوتا، ثم بعد تسليمه الليبيين المتهمين بتورطهما في حادثة لوكربي. بيد أن الحظر على الأسلحة الذي يعود إلى عام 1986، ظل مستمراً. وجاء قرار دول الاتحاد الأوروبي برفع العقوبات المفروضة نهائياً، كما فعلتها الأمم المتحدة في سبتمبر 2003، ليضع حداً للحظر بشأن صادرات الأسلحة إلى ليبيا. بيد أن التحول في علاقات ليبيا مع الغرب حصل عندما قررت طرابلس التخلي عن برنامجها بشأن أسلحة الدمار الشامل في ديسمبر 2003. وفي يناير 2004، التزمت ليبيا بالانضمام إلى معاهدة تدمير الأسلحة الكيمياوية. وفي مارس 2004، وقعت على بروتوكول إضافي لمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، يسمح بالتفتيش المفاجئ. وأخيرا ً قبلت طرابلس دفع تعويضات مالية لضحايا طائرتي البانام الأميركية، ويوتا الفرنسية، والمرقص الليلي في برلين. ومنذ حينئذ ما انفكت مسيرة عودة ليبيا إلى المجتمع الدولي تسير بخطى متسارعة. ففي مارس 2004، استقبل العقيد القذافي في طرابلس الغرب وتحت خيمته، رئيس وزراء بريطانيا طوني بلير، وهو أول رئيس حكومة بريطاني يزور ليبيا منذ زيارة ونستون تشرشل عام 1943. واستقبل العقيد القذافي بحفاوة بالغة في بروكسل من قبل رئيس المفوضية الأوروبية رومانو برودي، بعد شهر من تلك الزيارة. ومن جهتها رفعت الولايات المتحدة الأميركية قسماً من عقوباتها المفروضة على ليبيا. كما تم رفع الحظر على الأسلحة من قبل دول الاتحاد الأوروبي بناء على طلب تقدمت به إيطاليا. كما أبرمت روما التي تواجه تدفقاً هائلاً من المهاجرين غير الشرعيين، الذين يحاولون الوصول إلى الشواطئ الإيطالية منذ فترة، اتفاقاً مع طرابلس لمكافحة الهجرة غير الشرعية، عقب زيارة برلسكوني الأخيرة إلى ليبيا. وينص هذا الاتفاق على تزويد ليبيا بالمعدات الضرورية للقيام بهذه المهمة من طائرات هيليكوبتر، وزوارق سريعة، خاصة تلك التي تسمح لها بمراقبة تدفق المهاجرين. ويعتبر الاتحاد الأوروبي أن التعاون مع ليبيا بشأن مكافحة الهجرة غير الشرعية هو «جوهري وملح» ويدعو طرابلس إلى القيام بـ«عمل فعلي» ضد الهجرة غير الشرعية. وسوف ترسل لجنة تقنية مكلفة دراسة وسائل تنظيم هذه العملية. ويقترح الاتحاد الأوروبي شراكة استراتيجية جديدة مع ليبيا أسوة بدول المغرب العربي الأخرى، على نحو يأخذ في الاعتبار المصالح المتبادلة، وبصورة لا تخل باختلاف حقائق الاجتماع والسياسة والاقتصاد بين طرابلس والعواصم الأوروبية. ويدعو وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي أيضاً إلى ضم ليبيا في الشراكة مع الاتحاد الأوروبي الذي تربطه مع اثني عشر بلدا جنوب المتوسط، في أسرع وقت ممكن. وعلى الرغم من إرادة ليبيا تغيير سياستها، والتصرف بطريقة «مسؤولة»، فإن وزراء خارجية بلدان الاتحاد الأوروبي يعبرون عن بعض القلق تجاه موقف طرابلس. فهم يذكرون أن تحسين مجال حقوق الإنسان في ليبيا يعتبر «عنصراً جوهرياً» لتطوير علاقتها مع الاتحاد الأوروبي. وهم يعلنون انشغالهم في مواجهة «العقبات الخطيرة» المتعلقة بحرية التعبير والتنظيم، وتجاوزات القضاء: تعذيب المشتبه بهم، الأخطاء القضائية، ظروف الاعتقال غير الإنسانية. ويشيرون أيضاً إلى معارضتهم حكم الإعدام. وتقوم النظرة الأوروبية على مفهوم الأمن الشامل، فهي تأخذ الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية للأمن في الاعتبار، ومن ثم تركز على أهمية التحول الديمقراطي وفق الرؤية الأوروبية، وهو يشمل التعددية الحزبية، وتوازن السلطات، وحرية الصحافة والتنظيم، والشفافية، ومكافحة الفساد، وقضاء حراً وفعالاً، وضمان النظام العام من خلال مقاومة الإرهاب والجريمة المنظمة، وإنهاء احتكارات الدولة الاقتصادية والثقافية، وإيجاد نظم تربوية وتعليمية حديثة. غير أن تطوير العلاقات الليبية – الأوروبية نحو الشراكة الكاملة، لا يزال يصطدم بتحديين: الأول- اقتصادي حيث إن ليبيا قامت بخطوات إصلاحية في اقتصادها المركزي ليقترب من الاقتصاد الحر، لكنها لم تكتمل بعد. فلكي تتأهب أوروبا للانغماس في السوق الليبية، وبالتالي تجلب استثماراتها، لا بد على طرابلس من خصخصة القطاع العام بما في ذلك النفط والمصارف. الثاني- يتعلق بالإصلاح السياسي الداخلي، والذي يطرح حاليا في ليبيا، خاصة أنه لا يمكن لليبيا أن تطور علاقتها مع أوروبا وتنهج سياسة خارجية منفتحة على النظام الرأسمالي العالمي، بينما يظل نظامها السياسي ينتمي إلى مخلفات مرحلة الحرب الباردة. كاتب من تونس  
(المصدر : صحيفة أوان (يومية كويتية ) بتاريخ 7 سبتمبر 2008)  

إسرائيل… سؤال الوجود والشرعية

 

د حسن حنفي سؤال يتردد في بعض القطاعات في إسرائيل الآن ويتزايد باستمرار عن شرعية وجود إسرائيل بعد ستين عاماً من تأسيسها (1948-2008). وقد ظهر ذلك في المبالغة في هذه الاحتفالات لتغطية أزمة الوجود الشرعي. كما كشفت عنه زلة لسان الرئيس الأميركي وهو يشارك في الاحتفالات بثنائه على الستين سنة الماضية وسؤاله عن مستقبل إسرائيل في الستين سنة القادمة. لقد انتهى عصر هرتزل منظر »الدولة اليهودية » في مؤتمر بازل1897. وانتهت أساطير التكوين الأولى, « شعب الله المختار », « أرض المعاد », الوعد التي دحضها كثير من المؤرخين والساسة والمفكرين والباحثين وعلى رأسهم جارودي وشومسكي. وانقضى القرن التاسع عشر بروحه القومية والعودة إلى الأرحام والرومانسية والدولة الوطنية كحل لمشكلة الإمبراطوريات الأوروبية النمساوية والمجرية وغيرها من القوى الأوروبية التقليدية. وفي نفس الوقت انتهى عصر الضعف العربي منذ النكبة في 1948 والذي بلغ الذروة في النكسة في 1967. فقد تم إغراق المدمرة إيلات بعد أشهر من الهزيمة في أواخر 1967. وصمدت القوات المصرية في معركة رأس العش في نفس العام. وسرعان ما نشبت معركة الكرامة في وادي الأردن بين الفلسطينيين وجنود الاحتلال في 1968. واندلعت حرب الاستنزاف على ضفاف القناة عامي 1968- 1969. ثم اندلعت حرب أكتوبر1973. وتم عبور القناة بإبداع عربي أصيل. وفشل حصار بيروت 1982. وتم تحرير جنوب لبنان في 2000. واندلعت الانتفاضة الفلسطينية الأولى في 1987 والثانية في 2001, والثالثة على الأبواب. وأخيرا جاء انتصار يوليو 2006 تتويجاً لسنوات طويلة من المقاومة بإبداع عربي أصيل. شعب في مواجهة جيش. ومقاومة في مواجهة دولة. ورجل في مواجهة دبابة. وصاروخ على المدن في مواجهة طائرة تقذف المدنيين. وانتهى غرور القوة في إسرائيل, وأسطورة الجيش الذي لا يقهر, وذراع إسرائيل الطويلة. واستمر الصمود العربي وعدم التنازل عن الحقوق. بل إن الدول العربية الثلاث التي اعترفت بإسرائيل, مصر والأردن وموريتانيا, ظهرت فيها أكبر حركة لمقاومة التطبيع. وتحولت القضية الفلسطينية إلى قضية شعبية بعد أن كانت حكراً على الأنظمة العربية. قويت الحركة الشعبية الرافضة للتطبيع في الأردن ومصر. وأصبح الاعتراف الموريتاني أحد العوامل المشكلة في السياسة الموريتانية, وأصبح وقفه مطلباً رئيسياً لكل الأحزاب السياسية. والغالبية من النظم العربية مازالت رافضة للصلح والاعتراف قبل نيل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. وقدم العرب مبادرة السلام العربية ليبينوا للعالم أن السلام خيار استراتيجي, وأنهم دعاة سلام لا حرب, وأنه فرق بين المقاومة والإرهاب. المقاومة مشروعة ضد الاحتلال. والإرهاب بمعنى ترويع الآمنين غير مشروع. ومازال التعبير « إسرائيل المزعومة » الذي أصبح مناط التهكم والإحساس بالهزيمة يسري في اللاوعي العربي. فلا أحد من العرب يعتقد أن وجود إسرائيل وجود شرعي. وقد بدأ نفس الإحساس يتزايد في الوعي الإسرائيلي. بدأ لدى اليسار التقليدي خاصة الماركسي ثم الليبرالي ثم المتدين متمسكاً بمبادئ اليهودية وشريعة موسى وليس بالعقيدة الصهيونية وشرائع جابوتنسكي وهرتزل وبيجين وشارون. وبدأت حركة اليسار الجديد تعتمد على حقوق الإنسان. يشارك فيها عديد من المثقفين والفنانين وأساتذة الجامعات في إسرائيل مطالبين برفع الظلم عن الشعب الفلسطيني, وأنه يمكن إقامة دولة إسرائيل دون الصهيونية مع الاعتراف بحقوق شعب فلسطين في دولة علمانية متعددة الجنسيات والطوائف. وهو ما نص عليه الميثاق الوطني الفلسطيني الأول قبل الاعتراف بمشروع الدولتين, وإعلان قيام دولة فلسطين من جانب واحد والتي تمثلها الآن السلطة الوطنية الفلسطينية. وأكبر مُعبر عن هذا التيار الجديد « إيلان بابيه » الذي يطالب بالاعتذار التاريخي من دولة إسرائيل على ما حل بالفلسطينيين من تشريد وطرد واضطهاد وقتل منذ 1948. ثم يطالب بالمصالحة التاريخية بين الفلسطينيين والإسرائيليين والعيش في دولة ديمقراطية واحدة يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات. لم يعد الوعي الإسرائيلي, في قطاعات متزايدة منه, يتحمل الفظائع التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي في الأراضي المحتلة ولا الإرهاب الذي يمارسه المستوطنون ضد الشعب الفلسطيني. لم يعد يتحمل ما تتناقله وسائل الإعلام من تجريف للأراضي وهدم للمنازل وقتل للنساء والأطفال والشيوخ وتصفيات جسدية لنشطاء المقاومة. القوة وحدها لا تقيم شرعية, بل العدل. ومهما بلغت القوة من مدى فإنها ليست بديلاً عن الحق. فالحق فوق القوة. القوة أمدها قصير. وتخضع لتبدل موازينها. في حين أن الحق أمده طويل. ولا يتغير طالما تمسك به أصحابه. على الحق قامت السماوات والأرض، وعلى العدل قامت الشرائع السماوية والأرضية. وبعد الانتفاضتين الأولى والثانية, وبعدما شاهد العالم كله من تضحيات لشعب فلسطين بدأ العالم يعترف تدريجياً بحقوق شعب فلسطين في أوساط المثقفين وفي أروقة الجامعات. ثم تحول إلى الساسة, أوروبا وأميركا بالإضافة إلى شعوب العالم الثالث. بدأ الاعتراف المتبادل بين إسرائيل وفلسطين. وصيغت ورقة كلينتون لإقامة دولتين. وأعادت صياغتها خريطة الطريق. واعترفت العديد من المنظمات الدولية بحقوق شعب فلسطين. وظهر فلسطينيون يمثلون الضمير العالمي مثل إدوارد سعيد ومحمود درويش وناجي العلي مع غيرهم من المثقفين والأساتذة الإسرائيليين مثل إسرائيل شاهاق. وتمت صياغة وثائق مشتركة من الفلسطينيين والإسرائيليين تعترف بحقوق شعب فلسطين مثل وثيقة جنيف. وعقدت مؤتمرات لتحقيق هذه الغاية مثل مؤتمر مدريد القائم على الأرض في مقابل السلام, بل « اتفاقيات أوسلو » التي شرَّعت لوجود السلطة الوطنية الفلسطينية وعودة ياسر عرفات من المنفي إلى فلسطين. وازداد الرأي العام العالمي وعياً بالقضية. وبدأت منظمة العفو الدولية ومنظمات حقوق الإنسان تكشف عن الممارسات القمعية التي تقوم بها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني. وقامت المظاهرات من داخل إسرائيل ضد جدار الفصل العنصري. وأصدرت محكمة العدل الدولية قراراً ببطلان هذا الجدار العازل وعدم شرعيته. وأصبحت مئات القرارات الدولية لصالح القضية الفلسطينية تمثل ثقلاً على الضمير العالمي. المعركة طويلة بين الشعب الفلسطيني والكيان الصهيوني ليس فقط عن طريق الجيوش العربية كما حدث في الحروب العربية الإسرائيلية الخمس السابقة, ولا عن طريق المقاومة الشعبية كما يحدث في فلسطين ولبنان بل عن طريق التمسك بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وعدم المساومة على أي منها. وبقدر ما يقوى هذا التمسك تضعف شرعية الوجود الإسرائيلي ويزداد الوعي بأن غطرسة القوة لها حدود, وبأن القوة لا تصنع حقاً وليست بديلاً عنه. لقد نشأت إسرائيل وموازين القوى ليست في صالح العرب. فقد احتلت معظم الدول العربية بعد الحرب العالمية الأولى وخسارة تركيا الحرب وتوزيع إمبراطوريتها الواسعة على القوى الغربية الصاعدة, فرنسا وبريطانيا. واعتمدت إسرائيل في نشأتها على بريطانيا ابتداء من وعد بلفور في 1917. ولما تحولت الموازين الدولية من بريطانيا إلى أميركا اعتمدت إسرائيل على الولايات المتحدة الأميركية بالسلاح والتأييد الدولي. والآن تتغير موازين القوى مرة ثالثة. فالإمبراطورية الأميركية ليست دائمة. وبعد الغزو الأميركي لأفغانستان والعراق والتأييد المطلق للعدوان الإسرائيلي بدأ ينقشع أيضاً غرور القوة. ولن تبقى أميركا إلى الأبد القوة العسكرية والاقتصادية الأولى في العالم. الآن تتبدل موازين القوى من الغرب إلى الشرق, ومن أوروبا إلى آسيا, ومن أميركا إلى الصين. والآن تسترد روسيا عافيتها ودورها الدولي. وبدأت دول عربية وإسلامية تلعب دورها على الساحة الدولية مثل سوريا ولبنان وتركيا وماليزيا وإندونيسيا وباكستان والهند وبعض دول أواسط آسيا. قد يتغير محور القوة من الغرب إلى الشرق. هنا يحدث تحول في القضية الفلسطينية. وكما انحاز الغرب إلى إسرائيل في نشأتها ينحاز الشرق إلى فلسطين لاستعادة حقوقها. الوجود بلا شرعية سرعان ما يتلاشى. والشرعية بلا وجود سرعان ما توجد. فالقوة وجود بلا شرعية, والحق شرعية ووجود. (المصدر: موقع التجديد العربي بتاريخ 7 سبتمبر 2008)  

 
في معنى «نائب الرئيس» في السياق الأميركي
طارق الكحلاوي 2008-09-06 كانت السمة المميزة للأسابيع الأخيرة للحملة الانتخابية الرئاسية في الولايات المتحدة أجواء اختيار المرشحين الديمقراطي والجمهوري لنائبيهما للرئاسة، وكان التشويق الذي أحاط بمسار اختيارهما ناتجا عن عوامل مختلفة، أكثرها بدهية التنافس القوي الذي ميز الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، وما نتج عنه من دعوات لـ «بطاقة الحلم» تجمع أوباما بهيلاري كلينتون في سياق الرغبة في «توحيد الحزب»، وفي الجهة المقابلة، كانت هناك دعوات بنفس القوة لجذب المرشحين المستقلين والغاضبين من الديمقراطيين جراء ترشيح أوباما، من خلال ترشيح السيناتور الديمقراطي سابقا جو ليبرمان. رفض أوباما وماكين الخضوع لهذه التوقعات، واختيارهما على التوالي جو بايدن وسارة بالين كان جزءا من التشويق الذي ميّز عملية الاختيار حتى لحظاتها الأخيرة، غير أن الأهمية الملقاة على منصب نائب الرئيس في انتخابات 2008 لا ترجع فقط إلى هذه العوامل الظرفية، إذ كان هذا الموقع سابقا جزءا من معادلات رمزية لا غير. منذ البدء لم تكن صلاحيات «نائب الرئيس» تشمل الشؤون التنفيذية، غير أن موقعه الاعتباري شهد نسقا تنازليا منذ التأسيس لمؤسسة الرئاسة، في البدايات، وتبعا للفصول الأصلية في الدستور، كان منصب نائب الرئيس موقعا تعويضيا للطرف الخاسر في الانتخابات الرئاسية، وهكذا كان هناك عدد من الحالات التي أدت الى التصادم القوي بين الرئيس ونائب الرئيس، مثلما حصل على إثر انتخابات عام 1796 بين الرئيس «الديمقراطي – الجمهوري» توماس جيفرسون ونائبه «الفيدرالي» جون أدامز. لكن بمرور الوقت أضحى اختيار نائب الرئيس يتم في إطار كل حزب على حدة قبيل موعد الانتخابات. أصبحت رمزية المنصب عالية إلى درجة أن عملية اختيار نائب الرئيس لم تعد تعني شيئا إلا المساعدة المعنوية على دعم فرص انتخاب الرئيس، هذه الطبيعة المنسية لموقع نائب الرئيس خلّدها بسخرية توماس مارشال الذي شغل نفس المركز بين العامين 1913 و1921 عندما قال: «كان هناك شقيقان. ذهب أحدهما إلى البحر وأصبح الثاني نائب رئيس، وبعدها لم يعرف عنهما شيئا»، وهو ما انطبق حتى فترة قريبة على معظم نواب الرؤساء الأميركيين، حتى إثر منحهم مكتبا خاصا في البيت الأبيض، ودعوتهم لحضور اجتماعات الرئيس مع فريقه الحكومي. غير أن عهد الرئيس بوش الابن جلب معه وضعا أكثر تعقيدا، استطاع من خلاله نائب الرئيس، ديك تشيني، أن يلتف واقعيا على صلاحياته التشريفاتية. الظروف التي أحاطت بقدوم تشيني إلى البيت الأبيض أنبأت بنفوذ غير مسبوق، ولا يتعلق الأمر بالخبرة الضعيفة للرئيس بوش الابن فحسب، بل أيضا بالتاريخ الطويل لتشيني في الأروقة التنفيذية البيروقراطية في واشنطن، خاصة في البنتاغون. هذه الخلفية المميزة، مضافا إليها انخراطه الحثيث في صعود المحافظين الجدد في واشنطن منذ أواسط التسعينيات، أبرزت تشيني ليس كمجرد بيروقراطي سابق محال إلى التقاعد (في مجلس إدارة شركة «هاليبورتون» في تكساس)، بل كوجه بارز يشارك في صناعة توجهات بديلة للسياسة الخارجية للرئيس كلينتون. وهكذا، لم يكن من المفاجئ البتة أن يتحول مكتب نائب الرئيس تشيني في البيت الأبيض إلى صانع فعلي للسياسات خاصة في حقل الشؤون الخارجية، ليتنافس أحيانا، بل ويتغلب على الصناع التقليديين لهذه السياسات بين وزارتي الخارجية والدفاع والاستخبارات المركزية ومكتب مستشار الأمن القومي، ولا يبدو أن هذا الوضع كان نتيجة لظروف اعتباطية، ومثلما أشار مقال شهير في صحيفة واشنطن بوست في يونيو 2007، علق تشيني على ملاحظات تشير إلى الدور التشريفاتي لمكتب نائب الرئيس بأنه «ليس هذا ما اتفقت عليه مع الرئيس». وهكذا، خلف التشويق المحيط باختيارات كل من أوباما وماكين لا تكمن الحسابات الانتخابية فحسب، بما في ذلك ضمان أصوات بعض الأوساط العمالية البيضاء والصوت اليهودي مع جو بايدن، والأوساط الإنجيلية المحافظة مع سارة بالين، بل يوجد أيضا الهاجس الذي تركته تجربة تشيني خلال السنوات الثماني الماضية، ينطبق ذلك بشكل خاص على التعليقات التي أحاطت باختيار أوباما لبايدن، ووفقا للرواية الأكثر ترددا، بناء على استطلاعات الآراء، والتي تضع أوباما في موقع «غير الخبير» بالشأن الخارجي، تم النظر إلى اختيار بايدن في سياق دور تنفيذي نشط مماثل لدور تشيني، هكذا يتم النظر إلى بايدن على أنه ديك تشيني الخاص بباراك أوباما، لكن ذلك لا يبدو مصيبا على أية حال. وبدون الدخول في تقييم تصورات بايدن في الشؤون الخارجية، وبعيدا عن العناوين الإعلامية الاختزالية التي يؤدي تكرارها إلى غياب صورة دقيقة عنه، يجب قبلا أن نفهم حدود تأثير بايدن في الفريق المتوقع الصانع للسياسة الخارجية لدى أوباما، وإذا أجرينا مقارنة سريعة مع تجربة تشيني لتوقفنا بدون شك أمام معطى أساسي، وهو الطابع الفردي المميز لبايدن، إذ لم يأت ضمن فريق متجانس أيديولوجياً يعمل بشكل مشترك لسنوات مثلما كانت الحال مع تشيني وفريق المحافظين الجدد قبل اختياره نائبا للرئيس عام 2000. أكثر من ذلك، أصبح من غير الواضح إلى أي اتجاه يذهب فريق أوباما للسياسة الخارجية، وحتى الرجوع إلى هذا الموضوع في المرة القادمة، يجب التوقف الآن عند معطى أساسي آخر، وهو وجود ما لا يقل عن ثلاثمئة مستشار للشؤون الخارجية لدى أوباما، فيما يشبه «وزارة خارجية» قبل الأوان، كما كشفت صحيفة نيويورك تايمز في أواسط شهر يوليو الماضي، وفي هذا السياق فلن يكون من المفاجئ أن لا يتعدى دور بايدن فعليا منصب المستشار رقم ثلاثمئة وواحد. رغم كل الشعور الطاغي بدور تنفيذي جديد لمنصب نائب الرئيس، والذي تركه عهد بوش إثر الدور النشط الذي لعبه مكتب ديك تشيني، إلا أن ذلك يبدو الآن جزءا من الماضي سيتوقف على الأرجح في يناير 2009. وإثر إجراء الفريق الرئاسي الجديد القسم لا يجب أن يكون مستغربا أن «لا نسمع شيئا» عن بايدن أو بالين، بمعزل عن هوية الرابح. أستاذ «تاريخ الشرق الأوسط» بجامعة روتجرز  tkahlaoui@gmail.com   


 

بين الدعاية الغبلزية و الوقائع : 9/11( الجزء الثاني)

 
 سامي يوسف  
 
||- كيف أمكن للطائرات « المختطفة » بلوغ أهدافها؟  
-1- حالة طائرة الرحلة 11    حسب خبراء الدفاع و الأمن في الولايات المتحدة الأمريكية و خارها لم يكن بأمكان أيا من الطائرات المختطفة أن تصل الى أهدافها لو وقع الإلتزام و إتباع المعايير و الإجراءات القانونية المفروض إتباعها في مثل هذه الحالات،لكن ما حصل يوم 9/11/2001 مناقض و مخالف كليا لتلك المعايير و الإجراءات فقد تمكنت ثلاث طائرات « مختطفة » من ضرب أهدافها بكل دقة و راحة و بدون أية تضييقات من أي نوع من أي جهة كانت. و عليه يصبح من المنطقي و المشروع التساؤل : لماذا لم يتم الإلتزام بتلك المعايير و الإجراءات ؟    هنا كذلك و مرّة أخرى نجد الحكومة الأمريكية و لجنة « تحقيقها » تصوغان فصلا جديدا من الرواية الرسمية مبني على إستغباء و إستغفال و جهل عامة الناس،أي بناءا على معرفتهما بعدم معرفة عامة الناس بالقوانين و الإجراءات المفروض إتباعها الى جانب عدم معرفتهم بالمعطيات و التفاصيل التقنية. فالحكومة تقوم دائما بإغراق عامة الناس في أفكار عامة و ضبابية مجارية و مستغلة الحس المشترك كما الكسل الذهني لدى العموم الذين لا يسعون وراء التفاصيل خاصة تلك التي ترتبط بمشاعر القلق و الخوف . و في التفاصيل تكمن الشياطين كلها.    و الى حيث تكمن الشايطين نجد أن أول طائرة يقع « إختطافها » هي طائرة الرحلة 11 التابعة لـ »أمركان آرلينز » و التي غادرت مطار مدينة بوسطن في الساعة 7:59 صباحا.و بعد إقلاعها من أرض المطار قامت إدارة الطيران المدني الفيدرالي بالإتصال بها  لتطلب منها البدء في عملية الصعود الى أعلى غير أن جهاز الراديو فيها قد إنطفىء و لم تقع عملية الإتصال.و عندما قام مراقب الطيران بأستكشاف وضع طائرة الرحلة 11 على شاشة جهاز ردار المراقبة لم تظهر له تلك الطائرة على تلك الشاشة.و في التفاصيل الشيطانية التقنية يعني ذلك أن جهاز « الترانسبوندر » الخاص بتلك الطائرة قد إنطفىء. و »الترانسبوندر » هو جهاز إلكتروني تجهز به جميع الطائرات التجارية و العسكرية و يرسل إشارات راديو بتردد محدد خاص بكل طائرة يلتقطها الرادار و تسمح بتحديد هوية كل طائرة في الجو.كما يسمح هذا الجهاز بتحديد موقع و إرتفاع الطائرة مما يسمح بمراقبة سير رحلة الطيران على إرتفاع و مسار محددان بدقة حتى يمنع إصتدام الطائرات في الجو. لذلك فان إنطفاء جهاز « الترانسبوندر » في الطائرة و هي في الجو يعني إعلان حالة الطواريء لدى إدارة الطيران الفيدرالي لأن الطائرة المعنية تصبح خطرا على نظام الملاحة الجوية. فقد يحدث إصطداما في الجو في أي لحظة.و في ظرف دقيقة واحدة أو بضع دقائق على أقصى تقدير يتوجب على إدارة الملاحة الجوية إعلام مركز القيادة القومية للجيش في النتاغون الذي عليه أن يعلم بدوره مباشرة فرع الجيش الخاص بالمنطقة التي تقع فيها الطائرة مصدر الخطر و في حالة الحادي عشر من سبتمبر كانت القيادة الشمالية للجيش هي المعنية.    و حسب القوانين الخاصة بادارة الطيران المدني و قيادة الجيش يعني إنطفاء « الترانسبوندر »و في كل الحالات إعلان حالة الطواريء، سواء كان سبب الإنطفاء  خللا فنيا أو مشكلا أمنيا مثل إختطاق الطائرة و تحويل وجهتها حيث يطفيء الخاطفون ذلك الجهاز وهو ما يجعل من غير الممكن إقتفاء أثرها و ملاحقتها.    و في الساعة 8:20 صباحا خرجت طائرة الرحلة 11 عن المسار المحدد لها  و في تفاصيل عمل مراقبي الملاحة الجوية يمكن أن يعني ذلك أن الطائرة يُحتمل أن تكون قد إختُطفت.و قبل هذا الوقت يفترض أن إدارة الطيران الفيدرالي كانت قد أعلمت مركز القيادة القومية للجيش في البنتاغون الذي يجب أن يكون بدوره قد أعلم  القيادة الشمالية للجيش بحالة الطائرة و يُفترض أن تكون هذه الأخيرة قد بدأت الإجراءات اللازمة لمعالجة مثل هذه الحالات. و في الساعة 8:28 صباحا دارت الطائرة صوب نيويورك. و عند الساعة 8.46 صباحا ضربت طائرة الرحلة 11 البرج الشمالي. و كان ذلك بعد 32 دقيقة من إدراك إدارة الملاحة الجوية الفيدرالية للسلوك غير العادي لتلك الطائرة عند إنطفاء جهازي الراديو و الترانسبوندر فيها، وبعد25 دقيقة من التيقن من أن الطائرة قد وقع إختطافها.    بالنسبة لأي إنسان « عادي » قد تبدو الرواية الرسمية ممكنة و جائزة أما بالنسبة  الى أي مراقب أمني و عسكري فان تلك الرواية غريبة جدا و لا يمكن أن تصدق. لا يمنك قبول أن طائرة مختطفة في المجال الجوي الأمريكي ظلت تطير نحو هدف ما  و لمدة 32 دقيقة دون أي تدخل من طرف نظام الدفاع الجوي الأمريكي.    لقد كان توقف جهاز راديو طائرة الرحلة 11  عن العمل في الساعة 8:14 صباحا كفيلا بأن ينذر مراقب الملاحة الجوية ببدإ إجراءات الطوايء ثم أن إنطفاء  الترانسبوندر كذلك على نفس الطائرة كان من شأنه تأكيد وجود حالة طواريء حقيقية. و تقضي إجراءات نظام الطيران الفيدرالي أن يحاول المراقب ربط إتصال بالطائرة و إذا فشلت المحاولة فان عليه أن يتصل بمركز القيادة القومية للجيش في « ظرف دقيقة واحدة » و تحتاج القيادة القومية للجيش ممثلة في القيادة الشمالية للجيش الى « بعض دقائق » « لتستعجل إرسال » مقاتلات في مهمة إعتراضية للطائرة مصدر الخطر.و من المعلوم أن القواعد العسكرية الجوية منتشرة في كل أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية.و تتوفر كل واحدة منها على مقاتلتان على أهبة الإستعداد  على مدار الساعة للإقلاع تحسبا لأي طاريء. و يفترض أن تصدر الأوامر الى أقرب قاعدة جوية لمكان الطائرة مصدر الخطر.و حسب نفيض أحمد تحتاج الطائرة العسكرية من نوع « أف 15 » الى دقيقتين منذ تلقيها أمر الإقلاع لتبلغ إرتفاع 2900 قدم ليكون في إمكانها الطيران بسرعة 1850 ميل بحري في الساعة [13] « فاذا » إتبعت الإجراءات المفروض العمل وفقا لها فان المقاتلات كان كان بامكانها إعتراض طائرة الرحلة 11 عند الساعة 8:24 صباحا و على أقصى تقدير عند الساعة 8:30 صباحا أي قبل 16 دقيقة من بلوغها هدفها و إتخاذ الإجراءات اللازمة ضدها.    إذن كان ثمة متسعا من الوقت لإعتراض طائرة الرحلة 11 قبل أن تصل الى نيويورك و ذلك لو إتبعت الإجراءات المنصوص عليها في قوانين كل من  إدارة الملاحة الجوية الفيدرالية و القيادة الشمالية للجيش.    و السؤال المحير هنا هو : لماذا لم يقع الإلتزام بتطبيق الإجراءات المفروضة قانونيا لإعتراض الطائرة و تحييدها بشكل أو آخر لما كانت تمثله من خطر أكيد؟    قد يذهب البعض من من يعتقدون في أسطورة رجل الكهوف و العصور المظلمة أسامة بن لادن الى أنه بحكمته و عبقريته و من معه و بتوفيق من الله، قد فاجأ نظام الدفاع الجوي الأمريكي و أربكه و بالتالي فقد عجز ذلك النظام بطم طميمه عن تحديد الرد المناسب ضد طائرة الرحلة 11. و قد يذهب البعض الآخر الى أن سبب عدم الإلتزام ذلك يعود الى خلاف بين قيادات الجيش حول كيفية الرد فضاع وقت ثمين في حل ذلك الخلاف و أهدرت بذلك فرصة إتخاذ الإجراء المناسب في مواجهة ما مثلته طائرة الرحلة 11 من خطر أكيد.    الفرضية الثانية مردودة على أصحابها لعدة إعتبارات منها خاصة أن نوعية العملية في حد ذاتها ليست جديدة و مبتكرة بالنسبة لإستراتيجيو وزارة الدفاع الأمريكية فهذا النوع من العمليات كان محتملا وقوعه منذ أوائل الستينات و قد تدرّب الجيش الأمريكي على سبل مواجهتها كما تم تبيان ذلك في مكان آخر من هذا البحث.ثم أن الإختلافات و المجادلات التي يمكن أن تضيع الوقت محسومة قبل حدوث العملية يوم 9/11/2001.إذ أن آليات عمل إدارة الملاحة الجوية الفيدرالية قادرة على كشف إختطاف الطائرات حال وقوعه من خلال علاماته المميزة كإنطفاء كل من الراديو و الترانسبوندر و خروج الطائرة عن مسارها.كما أن القيادة القومية للجيش لها بدورها آليات و إجراءات تعامل محددة و دقيقة و معمول بها منذ عقود  لمواجهة مثل هذه الحالات من إختطاف الطائرات. فالقانون الفيدرالي ينظّم آليات عمل كلا من إدارة الملاحة الجوية الفيدرالية و القيادة القومية للجيش بحيث لم يترك شيئا للإجتهاد الشخصي لمراقبي الملاحة الجوية أو الطيارين و ضباط الجيش. فمثلا إعتراض الطائرات التجارية أو الخاصة التي تظهر سلوك غير عادي صار إجراءا روتينيا يحدث أكثر من مائة مرّة في السنة في الولايات المتحدة الأمريكية.    إن الحكومة الأمريكية و في مناسبات عديدة تستغل جهل و عدم دراية عامة الناس ببعض القوانين و المعطيات التقنية لتروّج الأكاذيب تبريرا لسياساتها. و كمثال فاقع على ذلك و في برنامج « ميت ذي براس » على قناة « أن-بي-سي » يوم 16 سبتمبر 2001 قال « ديك تشني » نائب الرئيس في الولايات المتحدة الأمريكية تبريرا لتأخر إعتراض الطائرة المختطفة، أن إسقاط طائرة تجارية « قرارا رئاسيا » و هو من هو وقائلا ذلك يقوم نائب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية بالخلط بين إجرائين مختلفين ، و هو خلط مقصود طبعا فالرجل من مهندسي ما حصل يوم 9/11/2001 كما سيتم تبيانه لاحقا.يخلط « تشني » عمدا بين عملية إعتراض الطائرة المختطفة و عملية إسقاطها.إن إعتراض طائرة تشكل خطرا سواء لأنها إختطفت أو لخلل فني أصابها هو إجراء أمني وقائي روتيني لا يحتاج الى إستشارة المراتب العليا لوزارة الدفاع أو الرئاسة.أنه إجراء يحدث عشرات المرات في السنة الواحدة في الولايات المتحدة الأمريكية.أما إسقاط طائرة تعتبر مصدر خطر على أرواح المواطنين في حالة إمتناعها عن الإنصياع الى إنذار الطائرات الإعتراضية فهو منصوص عليه بوضوح  في معايير القيادة القومية للجيش التي تنص على معاملة الطائرة مصدر الخطر بشكل تدرجي »…و في بعض الظروف يقع إسقاطها بواسطة صاروخ » و ذلك من أجل »تقليص الخسائر البشرية » و « الحد من الخسائر في الأملاك »[14] حسب ‘نوراد’.    و السؤال الذي يطرح نفسه هنا و بالحاح هو : لماذا لم يقع إسقاط الطائرة الخطرة و لم يقع إعتراضها أصلا بحيث واصلت طريقها نحو هدفها بكل راحة لتتسبب في دمار كبير و قتل جماعي؟    قد يرد البعض بأنه لا أحد كان يعلم أن الطائرة ستضرب البرج الشمالي لمركز التجارة العالمي.طبعا إن مثل هذا الرأي لا يبرر عدم إعتراض طائرة الرحلة 11 و قطع طريقها نحو هدفها.ثم أنه إذا قبل هذا الرأي بصدد طائرة الرحلة 11 فانه لا يمكن قبوله بأي حال مع طائرة الرحلة 175 بعد أن تكون قيادة الجيش قد شاهدت ما حصل مع طائرة الرحلة 11. -2- كيف أمكن لطائرة الرحلة 175 أن تضرب هدفها؟    غادرت طائرة « يونايتد آرلينز »، رحلة عدد 175 مطار مدينة بوسطن عند الساعة 8:14 صباحا ، و هو الوقت الذي إستشعرت فيه إدارة الملاحة الجوية الفيدرالية وجود مشكل في علاقة بطائرة الرحلة 11 أي عندما إنطفأ جهازي الراديو و   الترانسبوندر الخاصين بها.و عند الساعة 8:42 صباحا إنطفأ جهازي الراديو و الترانسبوندر في طائرة الرحلة 175 كما أنحرفت عن مسارها.و هذه العلامات الثلاث لإختطاف الطائرات حسب معايير كل من  إدارة الملاحة الجوية الفيدرالية و القيادة القومية للجيش.و قبل هذا الوقت يُفترض أن يكونا كلاهما،إدراة الملاحة الجوية و قيادة الجيش، قد تأكدا من إختطاف طائرة الرحلة 11 بعد أن كانت قد خرجت عن مسار طيرانها المحدد بدقة و إتجهت صوب نيويورك في الساعة 8:28 صباحا.و يُفترض في إدارة الملاحة الجوية الفيدرالية أن تكون قد أعلمت القيادة القومية للجيش بأمر السلوك الغير العادي الخطر لطائرة الرحلة 11. و هذا يعني أن القيادة القومية للجيش و فرعها المعني بما تمثله طائرة الرحلة 11 من خطر، و هو القيادة الشمالية للجيش،تعلمان « باختطاف » طائرة « أولى » ثم طائرة « ثانية » و هو العلم الذي من شأنه أن يزيد في خطورة حالة الطواريء و هو الأمر الذي من المفروض منطقيا أن يدفع الى التشدد و الصرامة في الإجراءات التي يجب إتباعها تحسبا لما يمكن أن يحدث و هو خطر أكيد. لقد كان على إدارة الملاحة الجوية الفيدرالية أن تعلن حالة طواريء عامة تحسبا لعمليات إختطاف أخرى . و كان على القيادة القومية للجيش أن تفعل نفس الشيء وتعلن حالة طواريء عامة و تستغل كل إمكانياتها، وهي ضخمة، للقيام بعمليات إعتراض للطائرات التي تأكد إختطافها.فاذا كان هناك طائرة أولى و طائرة ثانية فقد تكون هناك ثالثة و رابعة و ربما أكثر.    و بعد « دقيقة »، حسب شهادة الجنرال »إبرهارت » قائد القيادة الشمالية للجيش أمام الكونغرس في أكتوبر 2002، يجب أن تكون إدارة الملاحية الجوية الفيدرالية قد أعلمت القيادة الشمالية للجيش بسلوك طائرة الرحلة 175 أي الساعة 8:43 صباحا. و في ظرف دقائق قليلة كان قد توجّب على القيادة الشمالية إستعجال إرسال مقاتلات في مهمة إعتراضية. و تعلم تلك القيادة أن طائرة الرحلة 11 قد ضربت أحد أبراج مركز التجارة العالمية على الساعة 8:46 صباحا، و ذلك ما كان يجب أن يدفعها الى التعامل بالجدية و الحزم  المطلوبين مع حالة طائرة الرحلة 175 الى جانب إتخاذ أقصي التدابير لمنع حدوث عملية إختطاف أخرى خاصة و أن ردارات القيادة القومية للجيش تراقب الطائرة و هي متجهة الى الوجهة ذاتها، التي إتجهت إليها طائرة الرحلة 11: مانهاتن-نيويورك. لقد كان على القيادة الشمالية للجيش أن تقوم بما من شأنه »تجنب خسائر بشرية أكبر » و « تجنب خسائر أكبر في الأملاك »، حسب ما ينص  عليه قانون الدفاع.لقد كان على المقاتلات تحييد طائرة الرحلة 175 أي إسقاطها.    أما ما حدث فعلا فهو مواصلة طائرة الرحلة 175 طيرانها نحو هدفها لتضرب البرج الجنوبي لمركز التجارة العالمي عند الساعة 9:03 من صباح يوم 9/11/2001 بدون أن تعترضها أي مقاتلة.    و بالتأكيد إن إختيار توقيت الأحداث ليس صدفويا، صباحا.فهل نام نظام الدفاع الأمريكي؟ إن ما لا يمكن أن يقبله أي خبير عسكري هو أن لا يقع إعتراض طائرة الرحلة 175 خاصة بعدما علمت القيادة الشمالية للجيش بأمر طائرة الرحلة 11.إذ لم يكن أمر إعتراض الطائرات إجراءا خارقا للعادة لدى القوات الجوية بل هو إجاء عادي جدا، إنه روتين يقع أكثر من مائة مرّة في السنة كما سبقت الإشارة الى ذلك.فكيف صار فعلا روتينيا لدى القوات الجوية أمرا مستحيلا؟ و حسب السيد « تشني »،  نائب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ، أمر رئاسيا؟    لقد ذكرت القيادة الشمالية للجيش أنها إستعجلت إرسال المقاتلات لإعتراض طائرة الرحلة 175 غير أن المقاتلات و صلت مأخرة ويرجع ذلك الى أن إدارة الملاحة الجوية الفيدرالية قد أعلمتها بأمر الإختطاف بشكل متأخر.و هذا يعني أن تلك القيادة تلقي المسؤولية على إدارة الملاحة الجوية.إلا أن هذا الأمر يبدو صعب التصديق. إذ لم تسجل حالات سابقة أعلمت فيها إدارة الملاحة الجوية الفيدرالية القيادة القومية للجيش بحالة طواريء بشكل متأخر فالقوانين والقواعد واضحة لدى إدارة الملاحة الجوية الفيدرالية. و إذا كانت القيادة القومية للجيش تحمل مسؤولية التقصير في الرد الى إدارة الملاحة الجوية الفيدرالية فان « بول تومبسون »و « ألان وود » يتساءلان لماذا لم يقع تتبّع مراقبي الملاحة الجوية قضائيا و إداريا لأن تقصيرهم المُفترض قد أدى الى قتل آلاف المواطنين الأمريكيين و ألحق الدمار بأملاك آخرين.فالى يومنا هذا(2008) لم تقع محاسبة أي موظف من إدارة الملاحة الجوية الفيدرالية. و هذا مما يدل على تحمل القيادة الشمالية للجيش المسؤولية كاملة و مع ذلك لم نشهد كذلك الى اليوم(2008) محاسبة لأيا كان من تلك القيادة على ذلك « التقصير » البين.    إن عدم محاسبة أي موظف من إدارة الملاحة الجوية الفيدرالية أو أي ظابط من القيادتين القومية و الشمالية للجيش هو من أهم الأدلة على عدم صحّة الرواية الرسمية وهو دليلا على أن الأمر يتجاوزهم الى مناصب عليا هي التي عطّلت إتباع الإجراءات المعمول بها في نظام الدفاع الأمريكي في حالات مماثلة لما حصل يوم الحادي عشر من سبتمبر 2001كما تلك الأقل خطورة منها.    و في إطار ذلك « التقصير » أو « الإخلال » الذي كان مقصودا كما ستتم محاولة تبيانه في مختلف مفاصل هذا السفر، و في خطوة مستغربة أصدرت القيادة الشمالية للجيش أوامر الإعتراض الى قاعدة « أوتيس » للقوات الجوية بـ »كاب كود » التي تبعد مسافة 180 ميل عن نيويورك و لم تصدر تلك الأوامر الى قاعدة « ماك قواير » الجوية بولاية نيوجيرسي التي لا تبعد الا 70 ميلا فقط.    فعندما ضربت طائرة الرحلة 175 البرج الجنوبي كانت طائرات الإعتراض لاتزال على بعد 70 ميلا. و حسب القيادة الشمالية للجيش إحتاجت الطائرات الى 19 دقيقة لتبلغ نيويورك و مع أن طلب الإعتراض من مقاتلات « أوتيس » بدلا عن مقاتلات « ماك قواير » كان « خطأ فادحا » فانه كان بامكان تلك الطائرات إنقاذ الموقف لو طارت بسرعتها القصوى أي 1850 ميل في الساعة بحيث كان بامكانها بلوغ فضاء نيويورك في ظرف ثمانية دقائق بدلا عن 19 أي كان بامكانها أن تصل قبل 3 دقائق لإسقاط الطائرة الخطرة على الأرواح و الأملاك.غير أن ذلك لم يحصل لأمر في نفس يعقوب.    و حسب كل المرقبين المحايدين و المنصفين لقد كان على القيادة الشمالية للجيش أن تعطي أمر الإعتراض الى أقرب قاعدة أي الى قاعدة « ماك قواير » الجوية التي تحتاج مقاتلاتها الى 3 دقائق فقط لتصل الى نيويورك بحيث يكون لديها متسعا من الوقت لأخذ أحسن التدابير لمنع وصول الطائرة الخطرة الى هدفها.لكن حسابات « الشيطان » كانت غير ذلك.    في اليوم الموالي للأحداث صرّح قائد القوات الجوية الروسية « أناتولي كونوكوف » لجريدة « البرافدا » قائلا: » عموما إنه مستحيل تنفيذ عملية إرهابية بالسيناريو نفسه الذي حدث في الولايات المتحدة البارحة[15] » إن عملية من هذا النوع لايمكن أن تحصل في بلد بقدرات أقل  من قدرات الولايات المتحدة الأمريكية. لا يمكن أن يحصل ما حصل يوم الحادي عشر من سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة الأمريكية إلا في بلد ذي قدرات جوية ضعيفة.أما الدولة التي تملك أحدث تكنولوجيا الرادارات و أحدث و اسرع المقاتلات و أهم علماء الإستراتيجيا فلا يمكن أن يحدث فيها ما حدث يوم 9/11/2001 في الولايات المتحدة الأمريكية إلا إذا كان هناك تواطيء أو تآمر داخلي، إلا إذا كان الشيطان في الداخل.إن الذي يروج للرواية الرسمية لا يقوم إلا بالضحك على ذقون العالم و يتمادى بأن يطلب من العالم أن يصدق أن شيخ الكهوف و العصور المظلمة أسامة بن لادن و قاعدته المزعومة قد صاغا و خططا و نفذا كل ما حصل يوم الحادي عشر من سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة الأمريكية.    في ذلك اليوم المأساوي و التراجيدي، لأنه بالفعل كان و بكل المقايس مأساويا وتراجيديا، كان ثمة من عطل إتباع الإجراءات المتبعة من قبل نظام الدفاع الأمريكي، و من عطل تلك الإجراءات لابد و أن يكون طرفا قادرا على ذلك بأمر فيطاع مثل رئيس الدولة أو وزير الدفاع أو قائد الجيش أو قائد القيادة الشمالية للجيش و القوات  الجوية أو الكل في نفس الوقت.   3- كيف أمكن ضرب مقر وزارة الدفاع الأمريكية؟    غادرة طائرة « أمريكان آرلينز »، رحلة 77 مطار « دولز » بولاية ميريلاند المحاذية لإقليم كولومبيا حيث العاصمة واشنطن على الساعة 8:20 صباحا. و عند الساعة 8:46 صباحا إنحرفت عن مسار خط طيرانها.و هذا يعني أنه صار متأكدا لدى إدارة مراقبة الملاحة الجوية الفيدرالية أن الطائرة قد وقع إختطافها و تحويل وجهتها، حسب المقاييس المتبعة.و عند الساعة 8:50 صباحا إنطفأ جهار الراديو على تلك الطائرة و أصبح الإتصال بها غير ممكن. و عند الساعة 8:56 صباحا إنطفأ جهاز الترانسبوندر و غابت الطائرة من على شاشات رادار إدارة الملاحة الجوية الفيدرالية و طبعا لا يمكن لها إن هي غابت هناك أن تغيب كذلك من على شاشات رادارات القيادة القومية للجيش.    و حسب المعايير الإجرائية القانونية المتبعة يُفترض أن تكون إدارة الملاحة الجوية الفيدرالية قد أعلمت القيادة القومية للجيش بالسلوك غير العادي لطائرة الرحلة 77 دقيقة واحدة بعد خروجها عن مسار رحلتها أي على الساعة 8:47 صباحا. و بعد دقائق معدودة يُفترض أن تكون القيادة الشمالية للجيش قد إستعجلت إرسال مقاتلات في مهمة إعتراضية للطائرة مصدر الخطر.    و بعد أن ضربت طائرة الرحلة 11 البرج الشمالي و ضربت طائرة الرحلة 175 البرج الجنوبي كانت طائرة الرحلة 77 هي الثالثة التي يسجل إختطافها. و في مثل هذه الظروف يُفترض أن تكون كلا من إدارة الملاحة الجوية الفيدرالية و القيادة القومية للجيش قد رفعتا من درجة حالة الطواريء في صفوفهما تحسبا لأي طائرة أخرى قد تختطف أو قد تكون إختطفت بالفعل.لقد كان على القيادة القومية للجيش أن تكون قد إستعجلت إرسال طائرات مقاتلة في عدة إتجاهات إستراتيجية داخل الولايات المتحدة كلها و خاصة العاصمة الفيدرالية واشنطن حيث توجد مقرات كل من الرئاسة و الكونغرس و القيادة العامة للجيش ذلك إضافة الى أهمية المنطقة إقتصاديا و بشريا إذ تعتبر منطقة أقليم كولومبا و المناطق المحاذية لها من ولايتي فرجينيا و ميريلاند من أكثر المناطق كثافة سكانية في الولايات المتحدة الأمريكية إضافة الى أنها تضم كل السفارات و البعثات الديبلوماسية الاجنيبة و التي يُفترض في حكومة الولايات المتحدة الأمريكية توفير الأمن و الحماية لها. لقد كان من المفروض إستعجال إرسال مقاتلات لحماية البلاد من أي خطر ممكن حتى بدون أن تتلقى القيادة القومية للجيش نبأ إختطاف طائرة الرحلة 77.غير أن هذا المفروض والواجب فعله و الذي لا يحتاج الى أية عبقرية إستثنائية و الذي ينم عن الحد الأدنى من المنطق و الحس الأمني و القيام بالواجب لم يحدث، رغم أن المسؤولين الأمريكيين ممثلين في الرئاسة،مثلا، كانوا على علم بأن الولايات المتحدة الأمريكية قد وقعت مهاجمتها، ألم يسّر « أندي كارد » رئيس موظفي البيت الأبيض الى الرئيس بوش الأبن بعد أن ضربت الطائرة الثانية هدفها: »…أمريكا تُهاجَمُ/يُعتدى عليها » لقد واصلت طائرة الرحلة 77 طيرانها في كل راحة لتضرب مقر وزارة الدفاع(9:38 صباحا)الأمريكية، أي ضربت مقر القيادة العامة ليس لصاحبها أحمد جبريل إنما مقر القيادة العامةلأحدث و أقوى جيش نظامي في العالم.و هو ما يدفع الى إستحضار سخرية حسنين هيكل عندما سئلته « الغارديان » اللّندنية حول ما إذا كان أسامة بن لادن هو المسؤول عن أحداث الحادي عشر من سبتمبر حيث رد قائلا »عندما أسمع بوش يتكلم عن القاعدة…فاني أضحك لأني أعرف ماذا هناك »[16]    و هنا جائز لنا أن نسأل: كيف كان من الممكن مهاجمة مقرّ القيادة العامة للولايات المتحدة المريكية سواءا جوّا أو برّا أو بحرا؟ كيف أمكن ضرب مقر الدماغ المفكر لجسد الجيش الأمريكي و ما  أدراك ما الجيش الأمريكي؟أبهذه الدرجة من اليسر و السهولة يمكن الوصول الى مقرّه و ضربه في عقله و من من ، من مجموعة صغيرة من الإرهابيين المفترضين؟ فماذا لو كان من صاغ و خطط و نفذ الهجوم هم الجنرالات الروس. فقد يكون السيناريو المحتمل هو إحتلال واشنطن في سويعات.    و عليه و بعيدا عن الرواية الرسمية التي تقوم كالعادة على إستغباء و إستغفال عامة الناس بحكم إفتقادهم للمعلومات التقنية، ما الذي ضرب مبنى النتاغون؟ كيف ضرب الجيش الأمريكي على دماغه؟.    إن سؤال: كيف أمكن لطائرة أو أي جسم طائر من أي نوع كان أن يضرب البنتاغون هو أكثر الأسئلة إحراجا و إرباكا للرواية الرسمية، و الإجابة عليه من أكثر الإجابات التي توجه إصبع الإتهامم الى مسؤولي البنتاغون نفسهم كما سيتم تبيانه لاحقا.    لكن في هذا المستوى من العرض يمكننا أن نسأل : ألم يكن للبنتاغون نظام دفاع خاصّ به بأعتباره مقرّ قيادة الجيش؟ و لأن البنتاغون يقع ضمن نطاق العاصمة واشنطن دي سي باقليم مولومبيا، ألم يكن للعاصمة الفيدرالية الأمريكية نظام دفاع لحمايتها من أي هجوم؟ هل يمكن أن نتصور و نقبل أن العاصمة واشنطن لم تكن محميّة؟ و إذا كانت محميّة ما الذي عطل نظام الدفاع الخاص بها يوم الحادي عشر من سبتمبر 2001 بحيث لم يضطلع ذلك النظام بالمهمة المناطة بعهدته؟ -أ- نظام البنتاغون الدّفاعي    بالإضافة الى أن أمن البنتاغون يتبع أمن العاصمة واشنطن فان له نظام دفاع خاص به يتكون من خمس بطاريات صوارخ أرض-جو.و طبعا لا يجب أن نتصور تماشيا مع الإستغباء الرسمي أن تلك الصواريخ تشتغل بالفحم الحجري و تُشغل يَدويا. فهذه المنظومة لابد و أن تكون من أحدث ما أنتجت المركبات الصناعية العسكرية الأمريكية. و هي ليست صواريخ مضادة للطائرات فقط و إنما للصواريخ كذلك.إنها مخصصة لإعتراض و إسقاط أحدث ما أنتجته الصناعت العسكرية الروسية، فمن روسيا تنتظر الولايات المتحدة الأمريكية الهجوم و تستعد له.    و بالتالي، إذا كان نظام دفاع البنتاغون مخصص لإحباط هجوم روسي بصواريخ متطورة جدّا فكيف لم يتسنى له إحباط هجوم بطائرة تجارية ثقيلة و بطيئة السرعة و الحركة مثل البوينغ 757 يوم الحادي عشر من سبتمبر 2001؟ إذا لم تكن الصواريخ العدوة قادرة على إختراق ذلك النظام فكيف إخترقته طائرة بوينغ 757؟. و كما يقول « تيري مسون »: « لابّد من إيجاد تفسير »    ينطلق « تيري مسون » من معطى علمي/تقني و هو أن كل طائرة عسكرية أو صاروخ يكون مزودا بجهاز ترانسبوندر.و هو الجهاز الذي يسمح للطائرات الأمريكية،مثلا،بأن تتعرّف على بعضها البعض بأعتبارها طائرات « صديقة » فلا يهاجم بعضها البعض.كما يجعلها ذلك الجهاز قادرة على التعرّف على الطائرات الحليفة و تمييزها عن الطائرات المعادية كما يمكن الترنسبوندر الصواريخ الأمريكية من تمييز الطائرات الأمريكية فلا يهاجمها. و بناءا على ذلك فان بطارية صواريخ أمريكية لا تهاجم طائرات عسكرية أمريكية في حالة مرورها ضمن مجال عملها، لأن الترانسبوندر الخاص بها يُرسل إشارات تتعرف بموجبها بطارية الصواريخ عليها باعتبارها « صديقة » أما الأجسام التي لا ترسل تلك الإشارات فيقع تعريفها ،بالإعتماد على نظام تحديد هوية الأجسام الطائرة،على أنها « معادية » و تقع مهاجمتها.    و ها هنا تَنحَلُ واحدة من أكبر المعضلات التي طرحتها إعتداءات الحادي عشر من سبتمبر و المتعلقة بمهاجمة مقر قيادة أركان أحدث و أقوى جيش في العالم،أحصن مكان في العالم ربّما. لقد دخل « الجسم الطائر » سواءا كان صاروخا أو طائرة عسكرية مجال عمل نظام دفاع البنتاغون و لم يقع الرّد عليه من طرف بطاريات الصواريخ أرض-جو و لم يحصل ذلك لأن تلك الصواريخ و بالإعتماد على نظام تحديد هوية الأجسام الطائرة قد تعرّفت على ذلك « الجسم الطائر » كـ… »صديق ». و تتأكد تلك « الصداقة » عندما نعلم أنه عند إقتراب ذلك « الجسم الطائر » من البيت الأبيض القريب من البنتاغون ليَدُور قبل أن يضرب هدفه، فان بطاريات الصواريخ الخاصة بحماية البيت الأبيض لم تهاجمه كذلك لأن تلك الصواريخ كذلك قد تعرّفت على ذلك « الجسم الطائر » كـ … »صديق »، لقد كان ذلك الجسم يرسل إشارات « صديق » بواسطة الترانسبوندر الخاص به.    و بانحلال هذه المعضلة تنحل معضلة أخرى تتعلق بطبيعة الجسم الذي ضرب الجيش الأمريكي على دماغه، البنتاغون، هل هو طائرة تجارية هي طائرة الرحلة 77 كما تذهب الى ذلك الرواية الرسمية أم هي طائرة عسكرية أم صاروخا؟.    إن ما سبق ذكره و حسب « تيري مسون » يكشف بما لا يقبل الشك أن الجسم الذي ضرب البنتاغون لم يكن طائرة من بوينغ 757 التجارية لأن هذه الأخيرة ليست مزودة بجهاز ترانسبوندر من النوع ذاته الذي تزود به الطائرات العسكرية و الصواريخ.فترانسبوندر الطائرات التجارية يُحدد موقعها و إرتفاعها على شاشات رادارات المراقبة و لا يحدد هويتها « صديقة » أم « عدوة » كما هو الشأن بالنسبة للطائرات و الصواريخ العسكرية. إن ما يخلص اليه « تيري مسون » في كتابه « فضيحة البنتاغون » أو « البنتا-غيت » هو أن مسؤولين في البنتاغون و من أعلى مستوى هم من قام بمهاجمة البنتاغون.إذ لم يكن ممكنا لأي جسم طائر أن يهاجم أحصن المواقع العسكرية في العالم ، البنتاغون بدون أن يغامر بوجوده قبل الوصول اليه.و لم يكن ممكنا لهذا الجسم أن يهاجم دماغ الجيش الأمريكي لو لم يكن « يعلم » أن طريقه اليه سالكة و وصوله الى تلك الدّماغ آمنا/مؤمنا.و يتضمن ذلك الحقيقة الفجة و المؤسفة التالية: يوم الحادي عشر من سبتمبر 2001  من كان المفروض فيهم أن يكونوا حماة البنتاغون هم « حراميوه » بحسب العبار الدارجة.لقد كان الشيطان في الداخل هذه المرّة كذلك.    و بناءا عليه فليست عبقرية شيوخ القاعدة و حرفية هاني حنجور القائد المفترض لطائرة الرحلة 77 هما اللّتان إخترقتا نظام دفاع الولايات المتحدة الأمريكية و أبطلا فاعليته.    إن ما سبق من شأنه أن يفسر كذلك لماذا ضرب البنتاغون في جناحه الأكثر تحصينا حيث تم حديثا تجديد الجناح و تدعيمه. و لأن بعض الأشغال لاتزال جارية فيه فقد كان خاليا من موظفيه تقريبا. و لأن عساكر واشنطن هم الذين دبروا بليل العملية فلم تحتمل قلوبهم أن يقع عددا كبيرا من الضحيا بينهم. لقد كان إغلب ضحايا « خدعة » البنتاغون من عمّال البناء الذين كانوا يباشرون الأشغال هناك.    ولأغبى إنسان أن يسأل: لماذا لم يهاجم « الإرهابيون » الجناح الشرقي لمبنى البنتاغون حيث لا يخفى على أحد أنه يضم مكتب وزير الدفاع « دونالد رامسفيلد » و موظفين سامين آخرين؟هل أراد الإرهابيون توفيرهم و عدم الإضرار بهم هم الباحثون المفترضين عن إحداث أكبر ما يمكن من الدمار و الضحيا و ياحبذ لو كانوا من أعلى مستوى؟    و ليَضرب ذلك « الجسم الطائر »، المفترض أن يكون طائرة الرحلة 77 حسب الرواية الرسمية، ذلك الجناح الخالي فقد إحتاج الى أن يقوم بحركة بهلوانية صعبة جدا و خطيرة تمثلت في النزول من إرتفاع 7000 قدم في ظرف دقيقتين و نصف بشكل لولبي، و الحال أنه كان بامكانه ضرب المبنى من فوق مباشرة و هو ما من شأنه إحداث خسائر أكبر في المبنى و في الأرواح و هو الهدف المفترض للإرهابيين المفترضين.    -ب- نظام واشنطن دي-سي الدّفاعي    ثمة بداهة يمكن الإنطلاق منها للنظر و التحقيق في ما جد يوم الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة الأمريكية، و تتمثل في كون أن العاصمة في مختلف بلدان العالم بما فيها عواصم أكثر البلدان تخلفا يجب أن تكون محميّة و ذلك لأن العاصمة هي رمز سيادة كل دولة و مقرّ تلك السيادة و فيها تتركز أغلب مؤسسات الدولة و أجهزتها.إضافة الى أن أغلب العواصم السياسية هي في الأن ذاته عواصم إقتصادية. و لاشك أن أمن و إستقرار كل بلد  يقتضي أمنه و إستقراره الإقتصادي.    وإذا إتسحضرنا واقع الثقل السياسي و الإقتصادي للعاصمة الفيدرالية الأمريكية واشنطن الواقعة باقليم كولومبيا الذي يتوسط و لايتي فرجينيا و ميريلاند المترابطتان من كل النواحي مع العاصمة، أمكن لنا إن نحن قمنا ذلك أن نقدر حجم الحماية التي يجب أن تكون متوفرة لعاصمة بلد بحجم و قوّة و ثراء و أهمية الولايات المتحدة الأمريكية.    إن الهجوم الذي وقع على عاصمة الولايات المتحدة ، واشنطن و رمز قوّتها، البنتاغون،مثيرا للغرابة حقا و لا يكاد يُصدق وقوعه كما هو شأن باقي أحداث ذلك اليوم. باديء ذي بدء يمكننا أن نسأل: لماذا أمرت القيادة الشمالية للجيش إستعجال إرسال مقاتلات من قاعدة « لنقلي » للقوات الجوية التي تبعد مسافة 130 ميل عن العاصمة و لم تصدر تلك الأوامر الى قاعدة « أندرو » الجوية التي لا تبعد أكثر من مسافة 10 أميال فقط، نعم عشرة أميال فقط، و هي القاعدة الجوية المناط بعهدتها حماية واشنطن العاصمة الفيدرالية للولايات المتحدة الأمريكية. و قد جاء الرد على هذا السؤال على لسان الجنرال « لاري أرنولد »، من قاعدة « أندور » نفسها، حيث قال حسب جريدة « يو أس أس توداي »: » لم يكن لدينا أيّة طائرة في حالة إستعداد/تأهب »[17] و في نفس العدد من من جريدة « يو-أس-أي توداي » صرّح مسؤولا في البنتاغون قائلا: » إن الحرس الجوي القومي لإقليم كولومبيا كانت له طائرات مقاتلة بقاعدة أندرو للقوات الجوية التي تبعد مسافة 15 ميل عن البنتاغون، غير أن تلك الطائرات لم تكن في حالة تأهب و لم تكن جاهزة »[18]    إذن هناك مسؤول في وزارة الدفاع ينفي أن تكون لقاعة « أندرو » طائرات أصلا و الثاني أقر بوجود طائرات لكنها لم تكن في حالة تأهب لتخرج في مهمة إعتراض. و هنا يمكن أن نؤكد أن كلا منهما لم يقدم المعلومات الصحيحة و كلاهما يفتقد الى المصادقية و هما لا يقولان الحقيقة. و حسب ما صرّح به مسؤول عسكري في الحرس القومي للولايات المتحدة الأمريكية لجريدة الـ »سان ديياقو يونيون تريبيون » ليوم 12/09/2001 كتبت هذه الأخيرة « أن الدفاع الجوي حول العاصمة توفره أساسا طائرات  مقاتلة من قاعدة « اندرو » للقوات الجوية في ميريلاند المحاذية لإقليم كولوميبا و يتخذ الحرس الجوي القومي لإقليم كولومبيا مقرا له هناك.و هو مجهز بطائرات مقاتلة من نوع أف-16. و حسب ما ذكر ناطقا باسم الحرس القومي  » غير أن المقاتلات لم تحلق في فضاء واشنطن إلا بعد الهجوم على البنتاغون »(أين مرجع)    و حسب الموقع الإلكتروني لقاعدة « أندرو » الجوية تضم هذه القاعدة سربين من الطائرات جاهزة للقتال. الأول هو سرب المقاتلات الواحد و العشرين التابع للجناح المقاتل المائة و الثالث عشر المجهز بطائرات أف-16 و يحدد الموقع الإلكتروني للقاعدة مهمة هذا السرب المقاتل على أنها :  » الجاهزية و القدرة على الرّد و الدّفاع عن إقليم كولومبيا في حالة كارثة طبيعية أو طواريء مدنية » كما تضم قاعدة « أندرو » السّرب 321 للمقاتلات المهاجمات التابع للبحرية التابع للفرقة 49 للبحرية.و يضم هذا السّرب المقاتلات المتطورة من نوع « أف-أي-18 هورنيت » و له مقاتلات دائما على أهبة الإستعداد لأي حالة طواريء. كما تضم قاعدة « أندرو » مقر الحرس القومي للأقليم كولومبيا الذي ورد على موقعه الإلكتروني أن مهمته هي « توفير وحدات مقاتلة على أعلى درجة من الجاهزية ».    و هنا أمكننا أن نسأل و عن حق، عن عذر الجيش الأمريكي بكل فرقه و فروعه في عدم الدفاع عن أمن العاصمة الفيدرالية رغم جاهزيته الكاملة و هي مسألة في صلب مهامه.    طبعا لم يكن هناك أي رد منطقي من القيادات العسكريّة الأمريكية على مثل هذه الأسئلة المحرجة.أما الرد الوحيد الذي قاموا به فهو المسارعة بتغيير عناوين المواقع الإلكترونية للقواعد الجوية و حذف و تغيير عدّة معطيات لتلائم الرواية الرسمية.و قد لاحظ كل من « توميسون » و أحمد نفيض، و غيرهما ذلك التغيير و هو ما من شأنه أن يزيد في تدعيم الشكوك في ضلوع المؤسسة العسكرية الأمريكية في إعتداءات الحادي عشر من سبتمبر 2001.و إلا ما مصلحة البنتاغون في تغيير المعلومات على المواقع الإلكترونية كما تساءل « ترايبلي »[19]( أن-بي- أتش 43/ مرجع غير دقيق يا سي سامي).    -ج- لماذا لم يقع إستعجال إرسال مقاتلات لحماية العاصمة و البنتاغون؟    و إذا كان إقليم كولومبيا له نظام دفاع خاص به مزوّدا بأحدث المقاتلات و على درجة عالية من الجاهزية للرّد و للدفاع عن أمن العاصمة الفيدرالية الأمريكية فلماذا لم يقع إتباع « المعايير الإجرائية المتبعة » و التي تقضي باستعجال إرسال مقاتلات في مهمة إعتراضية في حالة وجود طائرة مدنيّة مختطفة تشكل خطرا ممكنا؟ لقد كان إتباع تلك المعايير كفيلا بابطال الهجوم على العاصمة و رمز سيادتها و قوتها، البنتاغون.    إن التفسير الذي يقدمه عساكر واشنطن لهذا « الفشل » في الرّد هو أن إدارة الملاحة الجوية الفيدرالية لم تعلم القيادة القومية للجيش بأمر السلوك غير الطبعي لطائرة الرحلة 77 إلا في وقت مأخر و هو ما أخر الرّد. و لأن تلك الإدارة لم تعلم عساكر البنتاغون فلا سبيل لهم لمعرفة أمرها.    أولا هل يُعقل أن نَقبل أن إدارة الملاحة الجوية القيدرالية لم تعلم القيادة الشمالية للجيش بأمر إنقطاع الإتصال بطائرة الرحلة 77 و خروجها عن مسارها؟ و هل يمكن لأي سبب أن تكون تلك الإدارة لم تقم بما يجب عليها القيام به،واجبها؟ المرجح منطقيا و واقعيا أنه لم يكن هناك أي داع حتى لا تقوم إدارة الملاحة الجوية الفيدرالية باعلام القيادة الشمالية للجيش بأمر طائرة سلكت سلوكا غير طبيعي ثم أنه لم تسجّل أي حالة من هذا النوع ضد تلك الإدارة سابقا. و كما سبق ذكره لو كان التقصير من مراقبي الملاحة الجوية في غرفة الرادار التابعة لإدارة الملاحة الجوية لماذا لم تقع محاسبة أي موظف و تتبعه عدليا و إداريا نظرا لإخلاله بواجبه المهني و تسببه في موت الآلاف حسب الرواية الرسمية؟.    ثم إن هذا التفسير الذي قدمته القيادة القومية للجيش يتناقض مع تصريح « لورا براون » الناطقة باسم إدارة الملاحة الجوية الفيدرالية لوسائل الإعلام حيث ذكرت أن إدارتها قد بدأت إتصالا متلفزا عبر الأقمار الصناعية « في ظرف دقائق » من ضرب الطائرة الأولى للبرج الشمالي و ذكرت « براون » أن إدارتها شاركت القيادات العسكرية و الأمنية كل المعلومات حول كل الطائرات المختطفة في الوقت المناسب بما فيها طائرة الرحلة [20]77    إن كون إدارة الملاحة الجوية الفيدرالية أعلمت القيادة الشمالية للجيش هو الأمر الأرجح فحصول تلك الإتصالات المتلفزة التي ربطت الشخصيات العسكرية والسياسية و الأمنية تؤكده عدة جيهات و هي إجراء ضروري يحدث في كل حالات الطواريء من أجل التنسيق بين كل الأطراف المعنية و إتخاذ القرارات و الإجراءات المناسبة لمواجهة حالة طواريء.    إن إنكار وزارة الدفاع الأمريكية علمها بأن طائرة الرحلة 77 وقع إختطافها و خرجت عن مسارها و هي متجهة صوب العاصمة واشنطن يفتقد الى المعقولية و ليس ثمة ما يدعمه في الواقع. و هنا و مرّة أخرى يقوم مسؤولوا وزارة الدفاع الأمريكية المسؤولين عن الدفاع عن الوطن بتزوير الحقائق و عدم قولها معولين في تصديق ما يقولونه على جهل عامة الناس بالحقائق و المعلومات التقنية. فهل يمكن لعاقل أن يقبل أن تطير طائرة في غير مسارها و لا ترصدها رادارات الجيش الأقوى في العالم؟ إن ما لا يمكن قبوله من قبل الخبراء( و حتى من قبل الأغبياء)، هو زعم وزارة الدفاع الأمريكية بأنه لم يكن لها علم باختطاف طائرة الرحلة 77، فمن غير المعقول و ما لا يمكن قبوله و تبريره أن تطير طائرة في غير مسار رحلتها و لمدة 29 دقيقة و في إتجاه العاصمة الفيدرالية الأمريكية و لا تتمكن الرادارات العسكرية للأقوى جيش في العالم من كشفها.لقد قال ناطق باسم البنتاغون »ببساطة لم يكن البنتاغون يعلم أن هذه الطائرة متجة صوبنا »(مرجع غير دقيق يا سي سامي)[21] وهنا نباغت مسؤولا أمريكيا يحاول الكذب على ذقون العالم. فحسب « تيري مسون » إذا لم تكن رادارات إدارة الملاحة الجوية الفيدرالية قادرة على إقتفاء أثر طائرة الرحلة 77 بعد إنطفاء جهاز الترانسبوندر فان الأمر يختلف مع أحدث أجيال الرادارات التي يمتلكها الجيش الأمريكي. و دائما حسب مؤلف « بنتا-غيت » يغطي   « المجال الجوي لأمريكا الشمالية كلها أي الولاياتPAVE  PAWS  نظام رادار  » المتحدة الأمريكية و كندا و آلاسكا و لا يفوته أي شيء يحدث في هذا المجال. و هو قادر على كشف و تصوير عددا كبير من الأهداف في نفس الوقت مثل إطلاق غواصة لعدد كبير من الصواريخ البالستية.و يتساءل صاحب كتاب « فضحة النتاغون » إذا كان هذا الرادار قادرا على القيام بذلك و بفاعلية كبيرة جدا فهل يريدون لنا أن نصدق أنه لم يكن بامكانه كشف و تصوير و تتبع طائرة تجارية من نوع بوينغ 757 خرجت عن مسارها و متجهة صوب العاصمة .[22]    و عليه فان المعطيات التقنية و الميدانية تبين و بدون أي ذرة شك أن القيادة القومية للجيش لصاحبتها إدارة الرئيس بوش الإبن كانت على علم بأن طائرة الرحلة 77 قد وقع إختطافها و هي متجة الى العاصمة واشنطن و كان لتلك القادة متسعا من الوقت للرّد. و مما يؤكد أن مسؤولي البنتاغون و البيت الأبيض كذلك، كانوا على علم بأمر تلك الطائرة ما ذكره وزير النقل الأمريكي و ليس غيره « نورمان مينيتا » في شهادته التي أدلى بها أمام لجنة التحقيق الرسمية، لجنة كين-هاملتون، لقد شهد مينيتا » بأنه ذهب صباح يوم الحادي عشر من سبتمبر 2001 الى قاعة الإجتماعات في ملجأ تحت البيت الأبيض حيث كان نائب الرئيس « ديكك تشني » ماسكا زمام الأمور.و ذكر وزير النقل أن « تشني » كان على علم بأن الطائرة تقترب من البنتاغون الساعة 9:26 صباحا أي قبل عشر دقائق من إصطدامها بالمبنى.إن شهادة وزير النقل الأمريكي تعني أن نائب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية السيّد « ديك تشني » كان على علم بأن الطائرة المختطفة متجهة صوب واشنطن و لم يقم بأي إجراء ليحول دون وقوع تلك الكارثة.و هنا تصح و تتأكد القاعدة « إذا عرف السبب بطل العجب ».    إن ما يمكن إستنتاجه، على أساس ما سبق، هو أن « فشل » نظام الدفاع الأمريكي رغم ما يقال لنا عن شدة تقدمه، في الرّد على الإعتداء على العاصمة الفيديرالية الأمريكية ممثلة في البنتاغون لم يكن فشلا عاديا ناتجا عن خلل في المعايير و الإجراءات التي يعمل وفقا لها ذلك النظام أو كذلك عن خلل فني ، و إنما كان « فشلا » مبرمجا دبر بليل من طرف قيادات عسكرية و أمنية و سياسية أمريكية كما يجمع على ذلك كل الخبراء و المحللين غير المغردين مع السّرب الرّسمي.    أحمد نفيض، يستنتج هذا الفشل مشوب بالضنّة لنظام الدفاع الأمريكي من تحليله لرد « ديك تشني » نائب الرئيس الأمريكي عن سؤال في ندوة صحفية حول أهم قرار إتخذه الرئيس بوش الإبن يوم الحادي عشر من سبتمبر 2001.كان رد السيّد « تشني » : » حسنا أعتقد أن أصعب قرار كان يتعلق بمسألة ما إذا توجّب إعتراض طائرة تجارية أم لا…لقد قررنا أن نفعلها. و فعلا لقد وضَعنا دورية جوية مقاتلة(قتال جوي) فوق المدينة، تضم طائرات أف-16 و أواكس، و هي نظام رادار طائر…غير أنه لا يجدي نفعا و ضع دورية قتال جوي إذا لم تعطها الأوامر بأن تفعل[23] إذا إرتأت أن الفعل ضروريا[24] ».    أحمد نفيض يخلص من ذلك الى أن « ديك تشني » نائب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية قد جعل إتخاذ قرار إستعجال إرسال طائرات عسكرية في مهمة إعتراضية يحتاج الى قرار رئاسيا.كما أن السيّد « تشني » في ما يقوله يربط/يخلط إعتراض الطائرة و إسقاطها. إلا أنه بذلك يقدم معلومات مغلوطة الى الجمهور الأمريكي. فاعتراض طائرة مصدر خطر منصوص عليه في وثائق إدارة الملاحة الجوية الفيديرالية و وزارة الدفاع و المعروفة باسم « المعايير الإجرائية المتبعة[25] » و كانت قد تمت الإشارة سابقا ال أن عمليات الإعتراض تتم بشكل روتيني في الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من مئة مرّة في السنة و بدون أي إذن من الرئيس أو وزير دفاعه. أما قرار إسقاط طائرة تجارية تشكل خطرا على الأرواح و الأملاك فهو منصوص عليه كذلك في الوثائق ذاتها و لا يحتاج لإذن من الرئيس أو نائبه.و إذا كان الأخ الأكبر « تشني » يرد إتخاذ مثل هذا القرار الى الرئيس، فان أحمد نفيض يخلص من ذلك الى إستنتاج خطير جدا و هو « إن البيت الأبيض قد تدخل بشكل ما في المعايير الإجرائية مما أدى الى تعطيلها[26] فـ »ديك تشني » قد أضمر أن الرئيس هو الذي قرّر بان لا يسمح باستعجال إرسال الطائرات بساعة و نصف الساعة[27] »و هو ما يعني تحميل الرئيس المسؤولية الكاملة في إفشال نظام الدفاع المخصص لحماية المواطنين الأمريكيين و أملاكهم مما تسبب في عملية إبادة جماعية لهم، طالما أن الرئيس لم يعطي الأوامر لدورية القتال الجوي بالفعل عندما ترى ضرورة ذلك و هي أصلا لا تحتاج أمره لتفعل. و يخلص أحمد نفيض الى أن تصريح « ديك تشني » قد يفسر بشكل كامل عدم الرّد من قبل نظام الدفاع الجوي الأمريكي يوم الحادي عشر من سبتمبر 2001.    في أعقاب كل ذلك و على أساسه يمكننا التساؤل عن ما إذا كان « ديك تشني » نائب رئيس الولايات المتحة الأمريكية قد صرّح بما صرّح به على سبيل الخطأ/السهو أم أنه كان يعني/يعي ما يقوله و إستتباعاته؟. إذا كان « تشني » يقصد ما يقول فان ذلك قد ينسجم مع بعض التحليلات التي ترى في الرئيس بوش الإبن شخصية ضعيفة تنفذ مخططات أطراف تتجاوز نفوذه. كما أن ما سبق ذكره يتناقض كذلك مع إدعاء وزارة الدفاع الأمريكية بأنها لم تكن تعلم بأمر طائرة الرحلة 77 المتجهة الى واشنطن.فحسب تصريح « تشني » لقد تمت مناقشة مسألة إسقاط الطائرة.فالكل ، الرئيس و كل مستشاريه و وزير دفاعه و مستشاريه و قيادة هيئة الأركان و الوكالات الأمنية، كان يعلم بأمرها و أمر الطائرات السابقة و مع ذلك لم يقع تفعيل الإجراءات الدفاعية المتبعة فضربت الطائرات الثلاث أهدافها و بكل راحة طيران.    و عليه و على النقيض من أساطير الحادي عشر من سبتمبر، فليست كرامات شيخ الكهوف و العصور المظلمة أسامة بن لادن و بركاته و توفيق السماء هي التي عطّلت نظام الدفاع الأمريكي و هو ما هو، و إنما كان العمل داخليا بحتا.لقد كان الدّود من  داخل التفاحة و الشيطان كامن في تفاصيلها.    4- ما الذي ضرب البنتاغون: طائرة أم صاروخ؟    بناءا على ما يذهب إليه « تيري مسون » في علاقة بمعضلة عدم رد نظام الدفاع الخاص بالبنتاغون على الجسم الطائر الذي هاجمه يمكن إرجاع إنعدام ذلك الرد الى أن هذا الجسم مزود بنظام « صديق-عدو[28] » الذي يعرّفه لدى رادارات البنتاغون على أنه « صديق ». و بدون هذا النظام لا سبيل الى أن يقترب أي جسم طائر من البنتاغون دون أن يقع إطلاق الصواريخ عليه.و على أساس ذلك ينتهي « مسون » الى تحديد طبيعة الجسم الطائر الذي ضرب مقر وزارة الدفاع. إن الطائرات و الصواريخ العسكرية هي الوحيدة فقط المزودة بنظام « صديق-عدو » أما الطائرات المدنية التجارية و الخاصة و لأنها لا تشارك في المعارك الحربية فهي غير مزودة بذلك النظام.و هذا التفصيل التقني هو الذي يدفع الخبراء الى إستخلاص أن الجسم الطائر الذي ضرب البنتاغون ليس طائرة الرحلة 77 من نوع بوينغ 757.ذلك أنه و بحكم أن هذه الطائرة غير مزودة بنظام « صديق-عدو » فانها و بمجرد دخولها في مجال فاعلية بطاريات الصواريخ الحامية للبنتاغون ستكون في خبر كان.    إن التأكد من هذه الفرضية يقتضي إلقاء نظرة على مكان الحادث لتفحص ما إذا كان أثر الإنفجار ناتجا عن ضربة طائرة بوينغ 757 أم جسما طائرا من نوع آخر و ما إذا كانت بقايا ذلك الجسم الطائر تدل على أن بوينغ 757 قد إنفجرت هناك أم أن البقايا تعود الى هوية مكانيكية أخرى.    يبلغ طول طائرة البوينغ 200-757 ، 155 قدما و عرض جناحيها125 قدما و يبلغ إرتفاعها 18 قدما و قطرها 13 قدما.    و حسب قياسات الخبراء فان الفجوة[29] التي حصلت في الجدار[30] تتراوح في أقصى الحالات ما بين 15 و 20 قدما و هي مساحة بالكاد تناسب حجم جسم الطائرة الرئيسي.و حتى بعد إنهيار جزءا من جدار المبنى فان المساحة الجملية لا تبلغ نصف المساحة المفترض إحداثها من قبل طائرة بوينغ 200-757،حيث طول الأضرار 19 متر و طول جناحي الطائرة 38 متر.إن المفروض حسب الخبراء أن تكون السماحة المتضررة أكبر من حجم الطائرة نفسها بحكم إنتشار قوّة الضربة على مدى مساحة أكبر من مكان الضربة ذاتها.    إن المساحة المتضررة من جدار مبنى البنتاغون صغرة جدّا بالمقارنة مع حجم طائرة البوينغ 200-757. و إن كانت مساحة سطح الضربة لا تتناسب مع حجم الطائرة فان عُمقها كذلك لا يتناسب مع قوّة الطائرة حيث يمتدُ الثقب المحدث أفقيا في إتجاه الداخل على مدى ثلاث حلقات من التحصينات التي تشمل ستّة جدران. و هو ما يستحيل على جسم البوينغ 757 المصنوع من الألمنيوم إحداثه. فقوة إندفاع الطائرة البوينغ 757 لا يمكن أن يخترق جدران المبنى المحصنة تحصينا قويا لمواجهة هجوما بالصواريخ الباليستية. ثم أن إلقاء نظرة على مكان الحادث لا يكشف عن وجود بقايا طائرة بوينغ 200-757 إذ لا أثر للمحركات أو الذيل أو العجلات أو المقاعد أو أمتعة المسافرين. و الأغرب أنه لم يقع إنتشال ضحايا من الركاب المفترضين للطائرة المفترض أنها هاجمت مبنى الينتاغون.    و عدنما سُئلت مساعدة وزير الدفاع للشؤون العامة عن بقايا الطائرة فانها لم تجب على أسئلة الصحافيين و لم تستطع إلا أن تشير الى قطعة من المعدن و قالت : »أعتقد أنها مقدمة الطائرة[31] ». و تلك القطعة التي عرضها البنتاغون على الصحفيين لم تكن عليها أثار إنفجار أو إحتراق و ذلك يعني أن لا علاقة لها بالحادث و هو ما جعلها مثارا للشك في الرواية الرسمية لا دليلا على صحتها حسب « ترابيلي »( أين المرجع يا سي سامي).    و عندما سئل قائد فرقة مقاومة الحرائق « أد بلوهير » عن بقايا الطائرة قال: » هناك بعض الأجزاء الصغيرة…لكن لا توجد أجزاء كبيرة…و بعبارة أخرى، لا وجود لأجزاء من جسم الطائرة[32] ».و هذه شهادة من شخص كان على عين المكان.    إن عدم وجود بقايا طائرة الرحلة 77 من نوع بوينغ 200-757 في مكان الحادث  هو دليل على أن الطائرة لم تصل الى هناك و لم تضرب مبنى البنتاغون. و مما يزيد في تدعيم الشكوك في صحة الرواية الرسمية هو رفض البنتاغون تقديم أي صور تبين وجود الطائرة حول البنتاغون قبل الحادث رغم أن المبنى تغطيه كامرات التصوير من كل الجهات.إذن ما الذي يمنع البنتاغون من تقديم أشرطة التصوير؟ إن تكتم وزارة الدفاع على أشرطة التصوير يمكن إعتباره دليلا آخر على أن طائرة البوينغ 757،رحلة 77 لم تحلق فوق مبناها و لم تضربه.و مما يدعم هذه الفرضية هو أنه بعد « دقائق » قليلة من الحادث ذهب أعوان الـ »أف-بي-أي » الى المؤسسات الخاصة المحاذية للبنتاغون و صادروا منها أشرطة التصوير الخاصة بنظام المراقبة فيها[33] و ذلك لأنهم يخشوا أن تفضح تلك الأفلام حقيقة الجسم الطائر الذي ضرب البنتاغون.    ومما يدعم واقع أن ما ضرب البنتاغون لم تكن طائرة البوينغ 200-757 للرحلة 77، شهادة مراقبة الطيران في مطار « دولّز » بولاية فرجينيا الممتدة عمرانيا مع واشنطن « دانيال أُبراين » حيث صرّحت لقناة « أي-بي-سي-نيوز » حول ما كان إنطباعها هي و زملائها في غرفة الرادار ، فقالت: » إن سرعة و طريقة القيادة و الطريقة التي دارت بها جعلتنا كلنا في غرفة الرادار،و كلنا مراقبي طيران متمرسين، نعتقد أنها طائرة عسكرية[34] ».    و ذكر شهاد آخر و إسمه « ستيف باترسون » لجريدة « الواشنطن بوست » محاولا أن يحدد الجسم الطائر الذي رآه يضرب البنتاغون »أن الطائرة قادرة على حمل ما بين 8 و 12 راكبا »(في أي عدد من الوشنطن بوست ورد ذلك) و هو مايدل على أن ما رآه لا ستناسب بأي شكل من الأشكال مع حجم طائرة ضخمة مثل البوينغ 757. وفي نفس السياق تذهب شهادة « مايك واتّر » الذي قال لقناة سي-أن-أن : » إنها طائرة… و قد رأيتها.أقصد، لقد كانت تشبه صاروخ كروز بأجنحة[35] »    في يوم الحادث كانت « أبريل قلُّوب » في جناح البنتاغون الذي ضرب لذلك تعرضت الى جروح أدخلتها الى المستضفى.و قد كانت « أبريل » غاضبة لأن حياتها تعرضت للخطر و مع ذلك فهناك من لا يزال قادرا على الكذب.لقد قالت: » إعتقد أنها قنبلة…كنت هناك و لم أرى أي طائرة أو حتى بقايا طائرة.أعتقد أن حكاية الطائرة قد أوجدوها لغسل الأدمغة[36] ».كما ذكرت هذه الموظفة بالبنتاغون أن المسؤولين الذين زاروها في المستشفى قالوا لها بأن « تأخذ أموال التعويض للضحايا و أن تَسكت[37] ».    إضافة الى هذه الشهادات كان هناك شهادات أخرى لم يجزم أيا منها بأنه رأى طائرة بحجم بوينغ 757 تطير في إتجاه البنتاغون باستثناء شهادة بعض موظفي البنتاغون نفسه ممن أدى يمين الولاء. و مع ذلك فان لجنة التحقيق الرسمية لم تأخذ أيا من الشهادات التي لا تتفق مع الرواية الرسمية بعين الإعتبار كما حصل في عدة مفاصل أخرى من الأحداث.و يستتبع ذلك منطقيا نفي صفة « لجنة التحقيق » عنها فهي لم تكن عمليا إلا لجنة مهمتها فبركة رواية تنسجم و تدعم الرواية الرسمية، لقد كانت لجنة لطمي الأحداث و تزويرها.    و يتأكد ما سبق، أي كون ما ضرب البنتاغون لم تكن طائرة بحم بوينغ200-757 من خلال تصريحات المسؤولين الأمريكيين أنفسهم، على قاعدة من فمك أدينك، حيث لم يكن بعضهم قادرا على أن يؤكد أو يشير الى أن ما ضرب البنتاغون كان طائرة الرحلة 77 من نوع بوينغ 757، إذا كان هناك تردد و عدم وضوح في تحديد هوية الجسم الطائر في أول الأمر. فنائب الرئيس الأمريكي « ديك تشني » و ليس غيره قد تحدث لجريدة « لوس أنجلس تايمز » بتاريخ 17/09/2001 عن الكيفية التي علم بها بحادثة البنتاغون قائلا: »أوّل تقرير حول الهجوم على البنتاغون إقترح طائرة هيليكوبتر و فيما بعد أقترح طائرة خاصة ». و عليه فهذا نائب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية بشحمه و لحمه و الذي كان « ماسكا بزمام الأمور » في ملجأ البيت الأبيض على حد قول وزير النقل الأمريكي كذلك و أثناء الأحداث يؤكد أن التقارير الرسمية جدا لم تتحدث عن طائرة بوينغ 757. و الفرق شاسع و كبير جدا  بين البوينغ 757 و طائرة الهيليكوبتر أو الطائرة الخاصة الصغيرة.هل يعقل و في جميع الظروف و الحالات أن يخلط الخبراء الذين عاينوا مكان الحدث  بين طائرتين من حجم صغيرو طائرة ضخمة بحجم البوينغ 757. المنطق و العقل يقولان أن ذلك الخلط مستحيل.    ثانيا يؤكد كلام « ديك تشني » عن هيليكوبتر أو طائرة خاصة روايات الشهود الذي أكدوا أنهم لم يروا طائرة بحجم البوينغ 757 و إنما ما شاهدوه كان جسما أصغر منها بكثير و هو ما يدفع الى رجحان كفة فرضية الصاروخ.    و قد ذكر « مارس[38] » أن وزير الدفاع الأمريكي « دوناد رامسفيلد » قد قال لمجلة « بَرَاد » أن الجسم الطائر الذي ضرب البنتاغون كان « صاروخا » و كانت زلة لسان.و يتفق ذلك مع شهادة الطيار الذي كان في مهمة إعتراضية فوق البتاغون حيث ذكرانه لم يرى أية طائرة و أن ما شاهده ينطبق على صاروخ فقد قال: » قد إعتقدت أن اللّقطاء(يقصد الروس) قد مرّروا واحدا من بيننا(أي صاروخا)…لا يمكنك رؤية أية طائرة[39] ». و طبعا لجنة التحقيق التي إستمعت الى شهادته لم تأخهذها بعين الإعتبار كغيرها من الشهادات التي لا توائم الفبركة الرسمية.    و كما سبقت الإشارة اليه و رغم أن مبنى البنتاغون تغطيه كامرات التسجيل من كل الجهات فان وزارة الدفاع الأمريكية  المفروض فيها أن تكون معنية بابعاد الشبهات عن نفسها و هي شبهات قائمة بالفعل، لم تعرض تلك الوزارة أبدا أي شريط مسجل للطائرة المفترض أنها ضربت مقرها، و لأنه لا يوجد مانعا معلوما و معقولا لهذا الحظر فيكمننا إعتباره حجة أخرى ضد صدق الرواية الرسمية.و المريب يكاد يقول خذوني.    و في 6 مارس 2006 حصلت بعض المؤسسات الإعلامية الأمريكية على بعض الصور للحادث. و قد نشرت جريدة « الواشنطن بوست » صورة لم تكن واضحة تماما و يظهر فيها شيئا باهت البَيَاض صغيرا ذى ذيل صغير و هما لا يتناسبان مع جسم و ذيل  بوينغ 200-757.ثم أن طائرة « أمريكان آر لينز » مطلية بالّون الفضي لا الأبيض و يعني ذلك أن ذلك الجسم و بغض النظر عن أنه بوينغ 757 فهو لا يتبع « أمريكان آر لينز » كما هو مفترض في طائرة الرحلة 77.كما تظهر تلك الصورة وجود ما يشبه الخيط الأبيض من الدخان الذي لا يجب خلطه مع ذلك الخيط الأبيض الذي تخلفه الطائرات عندما تطير على علو مرتفع أما الطائرات التي تطير على علو منخفض كما هو حال الطائرة المفترضة فهي تخلف ورائها إلا خيطا قصير جدا.و هو ما يدل على أن ذلك الجسم ليس لطائرة حسب الخبير « قيرهارت وايزنيوسكي » الذي يذهب الى[40] »أن هذا الخيط من الدخان لا يدل على وجود طائرة و إنما يدل على قذيفة[41] » و يتفق ذلك مع ما يذهب اليه العقيد الفرنسي « بيار-هنري بونال » خريج كلية الدراسات العسكرية  الشهيرة بـ »سان سير » و يعمل بوحدة المدرعات بالجيش الفرنسي، و شارك في حرب الخليج مع قوات التحاف سنة 1991.    و قد كان هذاالعسكري الفرنسي من أوائل المشككين في صحة الرواية الأمريكية الرسمية حول طبيعة و هوية الجسم الذي ضرب البنتاغون.و ينطلق في شكه من التساءل حول ما إذا كانت طائرة بوينغ 200-757،إذا أخذنا بعين الإعتبار قوّة جسمها و سرعتها و قوّة فيولها عند إنفجاره،قادرة على إختراق تحصينات مبنى وزارة الدفاع الأمريكية أم لا.    هنا لابد من التذكير بأن مبنى وزارة الدفاع هو مقر قيادة أركان الجيش الأمريكي أين يقع التنسيق بين مختلف فروع الجيش البرية و الجوية و البحرية والإستخباراتية. و هنا يقع التخطيط الإستراتيجي لكل الحروب و العمليات العسكرية كما تصاغ مكونات أساسية للسياسة الداخلية و الخارجية الأمريكية.إن البنتاغون له أهمية سياسية و عسكرية قصوى. و من المعلوم أن جيش كل دولة هو رمز قوتها و أمنها وإستقرارها.و البنتاغون هو كفيل فاعلية و نجاعة الجيش الأمريكي. و نظرا لهذه الأهمية الإستراتيجية لوزارة الدفاع الأمريكية فقد وقع تحصينها تحصينا يمكن أن يصمد تحت أي هجوم عليها بما في ذلك  الهجومات بأسلحة غير تقليدية.    و المعلوم المتأكد هو أن الجسم الذي ضرب البنتاغون قد إخترق ثلاث حلقات تحصين في المبنى حيث تظهر الصور المأخوذة فجوة في آخر الحلقة الثالثة.و حسب « بونال » ، عسكري « سان سير » لا يمكن لجسم طائرة البوينغ 200-757 المقدود من الألمنيوم أن ينفذ من الحلقة الأولى لتحصينات البنتاغون نظرا لهشاشته و قوّة التحصين.أما فيول الطائرة فليست له القدرة على إنتاج كمية كبيرة من الطاقة تكون قادرة على إختراق التحصين.إن ما يمكن أن ينفذ عبر تحصينات البنتاغون و يخترقها هو مادة لها قوّة تفجيرية كبيرة جدا.و دائما حسب « بونال » قوة فيول الطائرة لايمكن أن تخدش التحصين الذي قُدَّ ليصمد لتفجير بواسطة شحنات شديدة الإنفجار »فأقصى ما يمكن أن يحدثه فيول الطائرة هوما تحدثه مفرقعات الأطفال[42] و هو أمر غير كاف لإحداث إنفجار[43].أما الصور فتبين كتلة من الناربيضاء اللّون و ساخنة و هو ما يدل على حصول إنفجار قوي الأرجح أنه ناتجا عن مادة ذات قوة تفجيرية عالية من نوع المواد المستعملة في بعض الصواريخ لا بمفعول طائرة بحجم 757، و هو ما يؤكده ذيل الدخان الذي خلفه مخرج عادم[44] الجسم الطائر كما يظهر في الصور التي قدمها البنتاغون ذاته[45] »    و في ثنايا تحليله يعيد عسكري « سان سير » الى الأذهان قنابل[46] إختراق الملاجيء والمخابيئ و التحصينات التي إستعملت أثناء الحرب على العراق لإختراق التحصينات العراقية.و من وجهة نظره التقنية فان تفجيرا واحدا غير قادر على إختراق التحصينات القوية لذلك وجب إعتماد تفجيرات متتالية للنفاذ. فالسلاح الذي إستعمل لضرب البنتاغون لابد و أن يكون »متعدد الشحنات » و تقنيا « فالشحنة الأولى تكسر الإسمنت في حين أن الشحنة أو الشحنات اللاحقة تنفذ لتنفجر. و هو ما يؤدي الى إفراز كمية من الطاقة و المواد السائلة التي تنفذ الى التحصين لتنشر كميات من المواد الحارة في الداخل مدفوعة بتيار من الطاقة الذي تخترق الجدران مثل مثقب. و تؤدي الحرارة المرتفعة…الى إشتعال كل شيء قابل للإحتراق في الداخل[47] ».و حسب مؤلف كتاب « فضيحة البنتاغون »، الفرنسي كذلك، لايمكن لكمية الطاقة الناتجة عن إنفجار فيول الطائرة و قوة جسمها أن تنفذ عبر التحصين القوي الذي صمم ليصمد في مواجهة هجوم نووي على واشنطن.لذلك فهو ينفي كليا أن يكون ما ضرب البنتاغون هو طائرة الرحلة 77 التابعة لـ »أمريكان آر لينز » من نوع بوينغ 200-757 و يؤكد فرضيّة صاروخ من نوع « كروز » و يستدل على ذلك بسلوك الجسم الطائر الذي ضرب المبنى.    فحسب العسكري الفرنسي تقسم رحلة صاروخ « كروز » الى ثلاث مراحل: 1- أطلاقه.2- تحليقه . 3- زيادة السرعة عند الإقتراب من الهدف ليبلغ سرعته القصوى مباشرة قبل ضرب هدفه. و تقع برمجة رحلة الصاروخ في حاسوبه الذي يحمل خرائط دقيقة تقوده نحو هدفه.و يذكر « بونال »: » أنه لأمرا متواترا أن صاروخ ينهي مساره بدوران ضيق لتدقيق مساره[48] »و هذا التفصيل التقني يمكن أن يفسّر الدورة الخطيرة التي قام بها الجسم الطائر عندما نزل آخر 7000 قدم في ظرف دقيقتين و نصف.و قد نسبت الرواية الرسمية هذه الحركة البهلوانية التي من الصعب إن لم يكن من الستحيل أن تقوم بها طائرة مدنية تجارية مثل البوينغ 757  الى المختطف المفترض لطائرة الرحلة 77 هاني حنجور غير أنها لم تكن إلا من فعل نظام الطيران المبرمج في حاسوب الصاروخ.(و لم تكن من كرامات الشيخ أسامة).    كما إنتبه عقيد « سان سير » الى مسألة هامة جدا و تدل على أن الجسم الطائر الذي إصطدم بالبنتاغون لم يكن طائرة تجارية من نوع بوينغ 757 .و هي أن رجال المطافيء الذين باشروا عمليات الإطفاء في البنتاغون لم يستعملوا الرغوة[49] كما يقتضي إطفاء نار فيول الطائرات و إنما إستعملوا مواد أخرى تعتمد الماء مكوّنا أساسيا.و هو ما يدل على أن النار لم تكن ناتجة عن إحتراق الفيول.    و إذا لم تكن طائرة الرحلة 77 هي التي ضربت البنتاغون فما هو مصير الطائرة؟ ما كان مآلها؟ هذا ما تعذرت الإجابة عنه بدقة من قبل الخبراء و المحللين. طبعا الكل يتفق أنه وقع إسقاطها في مكان ما، الأرجح أنه المحيط لأنه لاأحد نقل أمرها في البر.و يبقى سؤال لماذا تم إختطافها إذن معلقا.    إن الأهداف التي ضربتها الطائرات المختطفة يوم 9/11/2001 تم إختيارها بدقة كبيرة.فضرب أهداف صغيرة بتوجيه طائرات تجارية ضخمة ليس بالأمر السهل تقنيا كما قد يظن البعض.فقيادة طائرة تجارية ضخمة لا يشبه في شيء قيادة سيارة أو شاحنة. فقيادتها لا تعتمد على الرؤية بالعين المجرّدة و إنما تعتمد على حواسيب مجهزة بخرائط هي التي تحدد إرتفاع و إتجاه طيرانها.و تعتبر عملية تحويل وجهة طائرة تجارية ضخمة مثل البوينغ 757 نحو هدف صغير عملية صعبة جدا.و تحتاج الى معرفة دقيقة و خبرة طويلة في قيادة الطائرات. لذلك عندما إستفسر أحمد نفيض الخبير العسكري « ستان غوفّ » عن جواز هذا الأمر عبر هذا الأخير عن سخطه من الرواية الرسمية لأنه رأى فيها إستغباء للحس المشترك و الخبرة العسكرية إذ قال: »يريدوننا أن نصدّق أن طيارا قد تدرّب في مدرسة طيران بفلوريدا على طائرات ‘بيبر كلوب[50]’ و ‘سيسّنا[51]’ قد قاد عملية نزول لولبي بشكل محكم، حيث نزل 7000 قدم في ظرف دقيقتين و نصف ليجعل الطائرة منخفظة جدا … و يقودها بدقة الى جانب السياقة بسرعة 460 عقدة[52] ». و الطيار المعني هنا هو هاني حنجور الذي يفترض أنه قاد طائرة الرحلة 77 التي قيل أنها ضربت البنتاغون. و حسب رواية وردت في جريدة « النيويورك تايمز » لم يكن لهاني حنجور أيّة مهارات في الطيران بل على العكس كان طيارا سيئا جدا. فقد ذكر أحد العاملين باحدى مدارس الطيران للجريدة أنه : » …لازال الى اليوم مندهشا كيف إستطاع أن يقود الطائرة الى البنتاغون…بل كيف إستطاع أن يقود الطائرة أصلا[53] ».و إذا لم يكن حنجور الخاطف المزعوم قادرا على قيادة الطائرات الصغيرة أصلا من نوع « سيسنا[54] » فكيف إستطاع أن يقود طائرة تجارية ضخمة من نوع بوينغ 757 الى هدف صغير و يقوم بتلك الحركة الخطيرة جدا[55]؟ و حسب تقرير لقناة « سي-بي أس-نيوز » فان إحدى مدارس الطيران بولاية أريزونا التي سجل فيها الحنجوري للتدرّب على الطيران قد نقلت أمره خمس مرّات الى إدارة الطيران المدني الفيدرالي ليس لأنهم شكوا في أمره كإرهابي و إنما لأن مهاراته في الطيران سيئة جدا و مع ذلك فهو يحمل رخصة طيار حيث قالت مديرة المدرسة لاحقا: »لم أصدق أنه يحمل رخصة تجارية من أي نوع(تقصد رخصة قيادة الطائرات التجارية) نظرالقدراته السيئة[56] ». كما ذكر « زويكر[57] » أن إحدى شركات تأجير الطائرات رفضت تأجير طائرة صغيرة من نوع « سيسنا » و هي طائرة بمحرك واحد لهاني حنجور بعد أن أخضعته لإمتحان و ذلك بعد أن أبدى عدم القدرة على قيادتها.    إن الطريقة التي تمت بها « قيادة » الجسم الطائر الذي ضرب البنتاغون تنم عن حرفيّة عالية جعلت مراقبي الملاحة الجويّة في غرفة الرادار التابع لإدارة الملاحة الجويّة الفيدرالية كلّهم يعتقدون، مثلما مرّ معنا سبقا،أنها طائرة عسكريّة لا طائرة تجارية.فذلك النزول الولبي لا يجرأ عليه الطيارون المحترفون. و نعلم أن أغلب الطاريين المدنيين يعملون لسنوات في سلاح الجو الأمريكي قبل إلتحاقهم بالشركات التجارية.    و هنا يمكننا أن نخلص الى أن هاني حنجور لا يمكن أن يكون الطيار الذي قاد طائرة الرحلة 77 إذا إفترضنا جدلا أنها هي التي ضربت البنتاغون يوم 9/11/2001.و يتضمن ذلك أن طائرة الرحلة 77 لم تصل أبدا الى البنتاغون كما تزعم الرواية الرسمية.إذ لا أثر لها في مكان الحادث.أما الجسم الطائر الذي ترك أثره واضحا هناك  فهو صاروخ « كروز ».

 

Home – Accueil الرئيسي

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.