الأحد، 6 فبراير 2011

فيكليوم،نساهم بجهدنا فيتقديمإعلام أفضل وأرقى عنبلدنا،تونس Un effort quotidien pour une information de qualité sur notre pays, la Tunisie. Everyday, we contribute to a better information about our country, Tunisia

TUNISNEWS 10ème année, N°3911 du 06.02.2011  

archives : www.tunisnews.net


يو بي أي:وزير الداخلية التونسي يقرر تجميد نشاط الحزب الحاكم سابقا بإنتظار حله

كلمة:قتلى وجرحى في مدينة الكاف

يو بي أي:تجدد المظاهرات وأعمال الشغب في عدد من المناطق التونسية

كلمة:الحركة السياسية و الشعبية تواصل رفضها للولاة الجدد

كلمة:تواصل الاحتجاجات المطلبية

كلمة:هيومن رايتش ووتش تعتبر السجون التونسية سيئة

كلمة:جلسة عامة للبرلمان التونسي للتفويض للرئيس المؤقت إصدار مراسيم

الصباح:في تجمع عمالي بالعاصمة نقابيون يطالبون برحيل جراد ومكتبه التنفيذي

المتضرّرون الفعليّون في منطقة بلطة:إلى لجنة مقاومة الفساد التي نتوسّم فيها العدل

كلمة:بعد سرقة الحواسيب محاولات لإتلاف وثائق في الديوانة

السبيل اولاين:مواطنون تونسيون يروون بعض مظالم نظام الرئيس الهارب

السبيل اولاين:ضابط متقاعد..بن علي حوّل جهاز المخابرات إلى جاسوس على المواطنين

سمير الدوالي:أذناب بن علي يختبئون في المنظمات العربية

محمد عبدالكريم:لا يمكن أن نتحدث عن ثورة اليوم ولا غداً حتى تطهر هذه الأرض من جلاديه

عبد الفتاح مورو:كل التونسيين اكتووا بنار النظام البائد.. لكن الإسلاميين كانوا داخل الفرن

الصباح:ممنو ع من الحياد الحرب على الفساد من أين تبدأ؟

كاظم المحجوب:سؤال مازال يثير الجدل: من صنع تغيير 7 نوفمبر؟

رشيد خشانة:بوعزيزي يدخل التاريخ… وبن علي يخرج منه

عادل الثابتي:الإعلام وثورة الكرامة سقط فرعون وبقي السحرة

في حوار مع الطاهر العبيدي:النظام التونسي عسكرَ التكنولوجيا الحديثة

رشيد خشانة:الجزائر تشد الأنفاس استعدادا لمجابهة بين الحكومة والشارع

عبد الحسين شعبان:الغضب المصري بعد الانتفاضة التونسية 

القدس العربي:الاخوان : اقتراحات الاصلاح التي قدمها النظام غير كافية والبرادعي ينفي دعوته للحوار مع السلطات

الجزيرة نت:اختلاف بين المعارضين بمصر حول الحوار

سويس انفو:برقيات مسربة : عمر سليمان سعى لتخويف أمريكا من « وحش » الاخوان المسلمين

عزمي بشارة:الثورة المصرية الكبرى: آفاق ومخاطر

الجزيرة نت:التباس بشأن مسار الحوار مع سليمان

نيويورك تايمز:حيرة السياسة الأميركية في مصر


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivan : Affichage / Codage / Arabe Windows)To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)  


منظمة حرية و إنصاف التقرير الشهري حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس  نوفمبر 2010


وزير الداخلية التونسي يقرر تجميد نشاط الحزب الحاكم سابقا بإنتظار حله


Byمن الجمعي قاسمي تونس, تونس, 6 (UPI) — قرر وزير الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية التونسية الموقتة فرحات الراجحي تجميد نشاط الحزب الحاكم سابقا في تونس « التجمع الدستوري الديمقراطي »، وذلك في إجراء يُمهد لحله. وبحسب بيان وزعته مساء اليوم الأحد وزارة الداخلية التونسية، فإن هذا القرار جاء « إعتبارا لصبغة التأكد القصوى،وتفاديا للإخلال بالنظام العام،وحفاظا على المصلحة العليا للوطن ». وأوضح البيان أن قرار تعليق (تجميد) نشاط حزب التجمع الدستوري الديمقراطي، يشمل أيضا « كل إجتماع أو تجمع لأعضائه،وغلق جميع المحلات التي يملكها هذا الحزب أو التي يتصرف فيها وذلك في إنتظار التقدم بطلب في حله لدى السلط القضائية ذات النظر ». وإستند وزير الداخلية في إتخاذ هذا القرار على مقتضيات المواد 2 و18 و19 من القانون الأساسي عدد 32 للعام 1988 الصادر في 3 مايو/آيار1988 والمتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية. ويأتي هذا القرار على خلفية تزايد المظاهرات والمسيرات التي تطالب بحل هذا الحزب ،والذي تتهمه بالوقوف وراء أعمال الشغب والتوتر الأمني الذي تشهده البلاد منذ هروب الرئيس المخلوع بن علي إلى السعودية في الرابع عشر من الشهر الماضي. وبهذا القرار، يجد الحزب الحاكم سابقا في تونس « التجمع الدستوري الديمقراطي »، نفسه في وضع صعب، حيث لم تفلح التنازلات التي قدمها خلال الأيام الماضية في إمتصاص غضب الشارع، وفي الحد من عاصفة الإحتجاجات التي تنادي بحله وإبعاده عن الحياة السياسية . يشار إلى أن هذا الحزب، الذي هيمن على الحياة السياسية في تونس حتى فرار بن علي من تونس في الرابع عشر من الشهر الجاري، شهد تقلبات عديدة دفعته إلى تغيير إسمه أكثر من مرة. وترجع جذور هذا الحزب إلى أول حزب وطني تونسي، أي »الحزب الحر الدستوري » الذي أسسه عبد العزيز الثعالبي في مارس/آذار من العام 1920 . وفي العام 1934، حصل انشقاق في الحزب قاده الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة وعدد من رفاقه، ليبرز حزب ثان هو « الحزب الدستوري الجديد ». وبمرور الوقت أصبح « الحزب الدستوري الجديد » أبرز الأحزاب السياسية الوطنية في تونس، حيث إنخرط في مرحلة التحرير الوطني، ليقود بذلك البلاد إلى الإستقلال في العام 1956. ومنذ ذلك التاريخ تمكن الحزب من الهيمنة على الحياة السياسية بإسم الشرعية النضالية، حيث أعلن في العام 1957 النظام الجمهوري، إلى جانب سن العديد من القوانين الهامة منها قانون الأحوال الشخصية. وفي العام 1964، وجد الحزب نفسه في بوتقة المد الإشتراكي الذي شمل مختلف الدول العربية آنذاك، حيث عمد إلى تغيير إسمه ليصبح « الحزب الإشتراكي الدستوري ». واحتفظ بهذا الإسم رغم الإطاحة برئيسه الحبيب بورقيبة في إنقلاب أبيض قادة زين العابدين بن علي في السابع من نوفمبر من العام 1987. غير أنه وبعد عام من هذا الإنقلاب الأبيض،عمد بن علي إلى تغيير إسم الحزب ،ليصبح يعرف في السابع والعشرين من فبراير/شباط من العام 1988 بإسم « التجمع الدستوري الديمقراطي ». وبصدور هذا القرار، يبدو مصير هذا الحزب الذي حكم تونس منذ إستقلالها في العشرين من مارس/أذار من العام 1956،غامضا بحيث لا أحد يستطيع التكهن بما سيؤول إليه مستقبله على ضوء التطورات التي تعيشها البلاد منذ نحو شهر.
(المصدر: وكالية يو بي أي (يونايتد برس إنترناشيونال) بتاريخ 6 فيفري 2011)


قتلى وجرحى في مدينة الكاف


حرر من قبل التحرير في السبت, 05. فيفري 2011 اثر احتجاجات شعبية قام بها عدد من المواطنين في مدينة الكاف يوم السبت 5 فيفري أمام منطقة الشرطة وذلك تنديدا بالاعتداء العنيف الذي تعرضت له إحدى المواطنات من قبل رئيس المنطقة خالد الغزواني .  قامت قوات البوليس بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين مما تسبب في مقتل عدد من المحتجين يتراوح بين 2 و5 قتلى حسب مصادر غير متطابقة. فيما تم نقل أكثر من عشرين إصابة إلى عدد من المستشفيات ثلاث منها في حال الخطر. وأفادنا شهود العيان أن عصابات يعتقد إنهم من المأجورين اندسوا وسط المحتجين وأشعلوا النار في عدد من سيارات الأمن إضافة إلى شاحنة لأحد المواطنين وهو ما اجبر قوات الأمن على إطلاق النار وقد علمنا أن احد القتلى يدعى عادل نصيري والثاني لم تتحصل إلا على لقبه وهو بجاوي. من جهة أخرى أصدرت وزارة الداخلية أمس السبت بيانا قالت فيه أن قوات الأمن أطلقت الرصاص بعد استنفاذ ما لديها من غاز مسيل للدموع و إطلاق الرصاص في الهواء وقد أذنت وزارة الداخلية بالتعاون مع وحدات الجيش إيقاف رئيس منطقة الشرطة بالكاف خالد الغزواني وجلبه إلى مقر الداخلية للتحقيق معه، كما أعلنت أنها أرسلت على الفور التفقدية العامة للأمن للتحقيق حول مستجدات الحادث. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 05 فيفري 2011)  

تجدد المظاهرات وأعمال الشغب في عدد من المناطق التونسية


تونس, تونس, 6 (UPI) — شهد عدد من المدن التونسية اليوم الأحد مظاهرات احتجاجية تخللتها أعمال شغب وحرق بعض مراكز الشرطة، فيما تدخل الجيش في أحيان كثيرة بإطلاق الرصاص في الهواء لتفريق المتظاهرين دون جدوى.

وقال زياد سهيلي مسؤول مكتب حركة الديمقراطيين الإشتراكيين (حزب تونسي معارض) في مدينة الكاف في إتصال هاتفي مع يونايتد برس انترناشونال اليوم إن مظاهرة حاشدة شهدتها اليوم مدينة الكاف الواقعة على بعد 200 كيلومتر غرب تونس العاصمة التي شيّعت اليوم جثامين الشهداء الذين سقطوا مساء أمس برصاص الأمن.
وأضاف السهيلي أن المشاركين في هذه المظاهرة عمدوا إلى حرق مركز شرطة المدينة إلى جانب حرق العديد من السيارات، ما دفع الجيش إلى التدخل في أحيان كثيرة إلى تفريق المتظاهرين بإطلاق الرصاص في الهواء.
وأوضح أن أهالي مدينة الكاف رفعوا خلال هذه المظاهرة الحاشدة شعارات تنادي بإسقاط حكومة الوحدة الوطنية الموقتة، وبإقصاء رموز الحزب الحاكم سابق « التجمع الدستوري الديمقراطي ».
وأكد السهيلي أن رموز الحزب الحاكم مازالوا ينشطون في محافظة الكاف، وقد عمد البعض منهم إلى تهديده، حيث « زار بعضهم منزل والدتي وأبلغوها بأن حياتي ستكون في خطر إن واصلت نشاطي في كشف وفضح رموز النظام السابق ».
وكانت مدينة الكاف التونسية قد شهدت مساء أمس مواجهات دامية بين المتظاهرين وقوات الأمن ،سقط خلالها قتيلان و17 جريحا بحسب وزارة الداخلية التونسية، وأكثر من أربعة قتلى بحسب مصادر نقابية وحقوقية.
وتزامنت هذه المظاهرة وما رافقها من أعمال شغب، مع أحداث مماثلة شهدتها مدن أخرى ،منها مدينة قفصة (350 كيلومترا جنوب غرب تونس العاصمة) التي شهدت اليوم الأحد مسيرة كبيرة تنادي برحيل المحافظ الجديد الذي عُيّن قبل أربعة أيام.
ورفع المتظاهرون في هذه المسيرة التي شارك فيها نقابيون وحقوقيون ومسؤولو أحزاب سياسية ومنظمات المجتمع المدني،شعارات ولافتات تطالب بالقطع التام مع رموز النظام السابق وتندد بتعيين شخصيات اعتبروها متورطة في الفساد.
وذكر مصدر رسمي أن محافظ مدينة قفصة محمد قويدر الذي عُين في هذا المنصب قبل أربعة أيام إضطر إلى مغادرة مقر المحافظة تحت حماية أفراد من الجيش أمنوا خروجه في سيارة عسكرية وسط تجمع حاشد من المواطنين المطالبين برحيله.
وفي الأثناء، ذكرت وكالة الأنباء التونسية الرسمية أن شخصا لقي حتفه صباح اليوم الأحد في مدينة قبلي (350 كيلومترا جنوب تونس العاصمة)، إثر إصابته بقذيفة قنبلة مسيلة للدموع على مستوى الرأس.
وأوضحت أن مجموعة من الشبان أقدمت على إقتحام مقر منطقة الحرس الوطني(الدرك) وإضرام النار في مكاتبه في مدينة قبلي، ما دفع أفراد الأمن إلى محاولة التصدي للمهاجمين بإستخدام القنابل المسيلة للدموع،حيث سقط إلى جانب القتيل أربعة جرحى.
وأضافت أن المتظاهرين حاولوا أيضا إحراق مقر المحافظة،غير أن أفراد الجيش تدخلوا وحالوا دون ذلك،علما وأن هذه المظاهرات والإحتجاجات إندلعت على خلفية التعيينات الجديدة للمحافظين التي أقرتها الحكومة التونسية المؤقتة ،وهي تعيينات أثارت إستياء وغضب المواطنيين بإعتبارها حافظت على رموز الحزب الحاكم سابقا. (المصدر: وكالية يو بي أي (يونايتد برس إنترناشيونال) بتاريخ 6 فيفري 2011)


الحركة السياسية و الشعبية تواصل رفضها للولاة الجدد


حرر من قبل التحرير في السبت, 05. فيفري 2011 تتواصل التحركات الشعبية الرافضة للقائمة الجديدة للولاة نظرا لتاريخهم المرتبط بتحمل مسؤوليات في صفوف حزب التجمع الدستوري الديمقراطي ، حيث تجمع في سوسة عدد من الحقوقيين و السياسيين أمام مقر الولاية و احتجوا على تعيين الوالي الجديد الذي اعتبروه احد وجوه العهد القديم معلنين عزمهم على منعه من ممارسة مهامه ، من جهة أخرى تجمع عدد من أعضاء اتحاد الصناعة والتجارة و بعض الوجوه التجمعية للتنديد بعزل والي بنزرت شكري بن حسين معتبرين أن رفضه تم على أساس جهوي مطالبين بإعادته لصف الولاة و أعلنوا الاعتصام في مقر الولاية إلى حين إعادة شكري بن حسين إلى منصبه. وفي مدينة قبلي واصل أغلب أهالي المدينة يوم 5 فيفري اعتصامهم أمام مقر الولاية للتعبير عن رفضهم تنصيب الوالي الجديد والمطالبة بتعويضه بشخصية مستقلة لم تنتم سابقا للتجمع الدستوري الديمقراطي. وأكد عدد من المواطنين لراديو كلمة أن تحركاتهم الاحتجاجية لن تتوقف إلى غاية عزل كل رموز الحزب الحاكم سابقا من الحكومة المؤقتة. مشيرين إلى أن تحركاتهم تشهد تعتيما إعلاميا من طرف التلفزة الوطنية التي قدمت إلى الجهة يوم الجمعة و أكتفت بمحاورة أشخاص معروفين بولائهم للنظام الرئيس المخلوع « بن علي » دون تصوير مظاهر الاحتجاجات أو لقاء المشاركين فيها. و تستمعون إلى تصريح من « وهيبة زغدود » مواطنة شاركت في التحركات الاحتجاجية المذكورة وفي مدينة قفصة عبر المواطنون عن رفضهم تعيين الوالي محمد قويدر وقالوا انه تجمعي متشدد صرف مبالغ مالية كبيرة من ميزانية التجهيز أثناء الحملة الانتخابية الرئاسية لسنة 2009 عند إشرافه على الإدارة الجهوية للتجهيز.  سياسيا رفض الديمقراطي التقدمي المشارك في الحكومة في بيان له صدر يوم 5 فيفري الأسلوب الذي تم به تعيين الولاة مما يعكس حسب البيان ترددا في القطع مع أساليب الحقبة السابقة القائمة على احتكار القرار.كما عبر عن استغرابه من تغييب وجوه معروفة من المجتمع المدني و السياسي ضمن قائمة الولاة مقابل استمرار تعيين تجمعيين لتسيير الجهات في مرحلة انتقالية.  من جهته أعلن المؤتمر من اجل الجمهورية رفضه المطلق للتعيينات الأخيرة في سلك الولاة التي جاءت بوجوه تجمعية وقال أن عددا كبيرا منهم متورط في قضايا رشوة وفساد ثابتة. واعتبر المؤتمر من اجل الجمهورية في بيان له صدر يوم 4 فيفري أن هذه الخطوة تزيد من الشكوك في النوايا الحقيقية للحكومة الحالية .ودعا المواطنين في مختلف الجهات لرفض هذه التعيينات بإشكال سلمية وحضارية واختيار مجالس شعبية في جميع المدن والقرى لتسيير الأمور والحفاظ على الأمن العام وذلك من اجل فرض إرادة الشعب . وعبر المكتب التنفيذى لاتحاد الشغل في بيان له صدر يوم 5 فيفري عن قلقه إزاء التعيينات الأخيرة للولاة باعتبارها ضمت عديد الأسماء التي تقلدت مسؤوليات مختلفة في التجمع الدستورى الديمقراطي مشددا على ضرورة أن يتم اختيار الولاة والمعتمدين ورؤساء المؤسسات والمرافق العمومية من ضمن الشخصيات الوطنية التي تجمع بين الكفاءة والحيادية والنزاهة. كما عبر المحامون في لائحة أصدروها في أعقاب الجلسة العامة الإخبارية للمحامين عن رفضهم لقائمة الولاة التي أعلن عنها وزير الداخلية يوم الأربعاء الماضي لارتباطها الوثيق بالنظام السابق. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 05 فيفري 2011)


تواصل الاحتجاجات المطلبية


حرر من قبل التحرير في السبت, 05. فيفري 2011 تواصلت الاحتجاجات المطلبية في عدد من مدن الجمهورية للمطالبة بتحسين الاوضاع المهنية و الاجتماعية. ففي مدينة قابس استنكر متفقدو الشغل بالولاية المعتصمين بالإدارة الجهوية للشؤون الاجتماعية يوم الجمعة 3 فيفر موقف وزير الشؤون الاجتماعية بالحكومة المؤقتة الرافض الاعتراف بنقابة متفقدي الشغل. وعبروا عن تمسكهم بمطالبهم المشروعة الرامية لتحسين ظروفهم المادية والمعنوية بما في ذلك الحق النقابي مع الاستعداد للدفاع عنها عبر جملة من التحركات الاحتجاجية إلى حين تلبيتها. كما قرر عدد من مديري المؤسسات التربوية يوم الجمعة 3 فيفري تأسيس نقابة خاصة بهم صلب الإتحاد الجهوي للشغل. وذكر عدد منهم لراديو كلمة أن هذه المبادرة تهدف إلى ضمان حقوقهم المادية والمعنوية والدفاع عن كرامتهم تماشيا مع مرحلة الانتقال الديمقراطي الذي عيشه البلاد هذه الفترة على حد قولهم. من جهة نفذ عمال « شركة المعدات الصناعية بقابس » صباح يوم 5 فيفري اعتصاما داخل مقر الإتحاد الجهوي للشغل دام أكثر من 3 ساعات.  وجاء هذا التحرك للمطالبة بجملة من الحقوق أهمهما ترسيم الأعوان المنتدبين صلب الشركة عن طريق المناولة واستعادة الصبغة العمومية للمؤسسة بعد التفويت فيها قبل أشهر لفائدة الخواص وهو ما نتج عنه تسريح عشرات العمال وتأخر متكرر في صرف المرتبات. جدير بالذكر أن عمال « شركة المعدات الصناعية » خاضوا خلال فترة حكم الرئيس التونسي المخلوع أكثر من مرة تحركات ميدانية للتصدي إلى عملية خوصصة المؤسسة والدفاع عن حقوقهم المادية والاجتماعية وهو ما أشرنا له في نشرات سابقة. و في مدينة تونسقرر أعوان المراقبة الاقتصادية وأعوان وزارة التجارية و السياحة الدخول في إضراب عام مفتوح وتنظيم اعتصام أمام مقر وزارة التجارة و السياحة ابتداء من الأربعاء 9 فيفري لحين الاستجابة إلى مطالبهم المهنية وذلك حسب بيان أصدروه يوم السبت. وكان أعوان المراقبة الاقتصادية وأعوان وزارة التجارة والسياحة قد نفذوا وقفة احتجاجية يوم 1فيفري أمام الوزارة كما شهدت مدينة نفطة مسيرة حاشدة جابت الشوارع الرئيسية للمدينة ورفع المتظاهرون شعارات تطالب بعزل التجمعيين من مناصب الدولة وهاجموا مقر المعتمدية قصد طرد المعتمد الذي تعرض للسب و الشتم قبل تدخل الجيش الوطني . ثم اتجه المتظاهرون إلى مقر البلدية حيث طالبوا بإقالة رئيسها باعتباره احد ابرز التجمعيين في المدينة وتوجهوا اثر ذلك إلى مقر خلية الإرشاد ألفلاحي وقاموا بطرد رئيسها موجهين له اتهامات بالفساد الإداري والمالي. وفي منطقة حاسي فريد بولاية القصرين قام مجهولون بحرق منزل المعتمد و احد أقربائه ، كما أضرموا النيران في متجرين ومخزن لبيع الأعلاف على ملكهما .  يذكر أن المواطنين الغاضبن قاموا اثر الثورة مباشرة بطرد المعتمد المتهم بالتواطؤ ضد المنتفضين .ويعتقد عدد من الأهالي أن المعتمد مختفيا في الجبال القريبة من المنطقة عند بعض أقاربه. كما تم أمس السبت 5 فيفري غلق مداخل معتمدية السند بولاية قفصة بالعجلات المطاطية المشتعلة، كما تجمع المئات من الاهالي و المواطنين بالشارع احتجاجا على تجاهل المسؤولين للمنطقة وعدم اكتراثهم بمطالب التشغيل والتنمية . وقد تواصل غلق منافذ المدينة إلى ساعة متأخرة من ليلة السبت حيث تم منع السيارات و الشاحنات من العبور عبر الطرق التي تعبر مدينة السند ، ورغم حضور الجيش فقد تواصل احتجاج الشباب الغاضب الذي نصب الخيام لمواصلة اعتصامهم. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 05 فيفري 2011)

 
 


هيومن رايتش ووتش تعتبر السجون التونسية سيئة


حرر من قبل التحرير في السبت, 05. فيفري 2011 أعلنت منظمة  » هيومن رايتش ووتش » في بيان نشرته على موقعها يوم السبت 5 فيفري أن السجون التونسية كانت تظم اعلي عدد من النزلاء في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بعد إسرائيل في عهد الرئيس المخلوع. وقالت المنظمة أن عدد المساجين وصل إلى في عهد بن علي إلى حوالي 31 ألف سجين. كما قالت المنظمة أن معظم السجناء يحتجزون في زنازين سيئة التهوية مساحتها 50 متر مربع وفي كل منها 40 سجينا على الأقل. وعبرت المنظمة عن أملها في أن تتحسن الظروف السجنية خصوصا مع التفهم التي أبدته وزارة العدل التونسية. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 05 فيفري 2011)

 


جلسة عامة للبرلمان التونسي للتفويض للرئيس المؤقت إصدار مراسيم


حرر من قبل التحرير في السبت, 05. فيفري 2011 عقد أمس الجمعة مكتب مجلس النواب جلسة برئاسة الصحبي القروي و عبر عن مساندة مجلس النواب الشعب التونسي في ثورته المجيدة كما عبر عن تقديره لدور الجيش الوطني وكافة الهياكل الأمنية و عبر عن إكباره للمجتمع المدني بمختلف حساسيته السياسية الذي وقف ضد العنف وأعمال التقتيل و التخريب، كما أكد على أن مجلس النواب مازال يواصل عمله كمؤسسة دستورية قائمة الذات طبق الدستور و القوانين ذات المرجع والنظام الداخلي للمجلس. ودعا المكتب إلى عقد جلسة عامة يوم الاثنين 7 فيفري الجاري للمصادقة على مشروع القانون المتعلق بالتفويض إلى رئيس الجمهورية المؤقت اتخاذ مراسيم طبقا للفصل 28 من الدستور. ومن المنتظر أن يتخذ رئيس الجمهورية المؤقت مراسيم إلى غاية انتهاء مهامه وذلك في مجالات العفو العام وحقوق الإنسان و الحريات الأساسية و النظام الانتخابي و الصحافة و تنظيم الأحزاب السياسية و الجمعيات و المنظمات غبر الحكومية ومكافحة الإرهاب في منع غسيل الأموال و تتنمية الاقتصاد و النهوض الاجتماعي و المالية والجباية. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 05 فيفري 2011)


في تجمع عمالي بالعاصمة نقابيون يطالبون برحيل جراد ومكتبه التنفيذي


رفع عدد هام من النقابيين امس ببطحاء محمد علي بالعاصمة شعارا دعوا فيه إلى رحيل الامين العام عبد السلام جراد والمكتب التنفيذي للمنظمة بعد اتهامهم بالتفاف على الثورة والتعاطي مع الحكومة المؤقتة وهددوا باعتصام بمقرات الاتحادات الجهوية والمحلية لحين تنفيذ طلبهم. واحتشدت جموع غفيرة من نقابيين ووجوه سياسية بعد الدعوة التي اقرها اللقاء النقابي الديمقراطي في بيانه الصادر اول امس الجمعة حيث اعتبر  » أن نجاح العمال وعموم النقابيين في صيانة الثورة والانخراط التام في النضال مرتبط بإزاحة التيار البيروقراطي المسيطر على عديد الهياكل النقابية للإتحاد العام التونسي للشغل وعلى رأسه جراد وجماعته. واضاف نص البيان أن الهدف الأول « هو التعجيل بتحرير المنظمة والشغالين من هذه القيادة البيروقراطية عبر السعي للإطاحة بها ومحاسبة رموزها الضالعة في الفساد النقابي والمالي والعمل سويا للتعجيل برحيلها حتى تتمكن الطبقة العاملة وعموم الشغالين من تفجير طاقاتها النضالية وتوظيفها بالكامل لتحقيق أهداف الثورة وطموحات الشعب ». ومن جهته اوضح مصدر مسؤول بالاتحاد العام التونسي للشغل أن دعوة رحيل الامين العام ومكتبه التنفيذي هي دعوة صادرة عن نقابيين لا مسؤولية لهم وهم ينشطون خارج الهياكل. » ووصف المصدر  » أن ما اتاه النقابيون يدخل في اطار الفوضى والتشفي من الاطار النقابي القائم ». خليل الحناشي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 06 فيفري 2011)
 


إلى لجنة مقاومة الفساد التي نتوسّم فيها العدل والقانون،إلى الشرفاء من السلط الأمنيّة ،إلى الشرفاء من ممثّلي القضاء ورموزه:


نحن متساكني منطقة بلطة من معتمدية بلطة بوعوان ،والممضين أسفلَه، نُعلِنُ ما يلي : لقدْ تعرّضْنا في السنواتِ الأخيرة لمظالِمَ عديدةٍ مختلفةِ الأشكال، على يد المَدْعوّةِ هدى العلْوي بنت لخضر العلوي. لقدْ تعرّضنا لأضرار جـسيمةٍ مادّيّا ونفسيّا وأمنيّا وقضائيّا حتّى، جرّاء سلوكٍ هَـمَجيّ عشْوائيّ خارج عن القانون وغير مسؤول من قبل سالفة الذكرِ، وعلى يَـدِ عصاباتِها من عُمّالٍ، بعضُهم غرباءُ، وبعضهم معروفون مِنْ أبناء المنطقة. وكانتْ تستخدمُ الكثيرين منهم حرّاسا شخصييّن.. هذه المرأة واسعة الثراء، كوّنتْ ثروة طائلة في وقت قياسيّ . وهذا يعنينا من ناحية فـحسب،هي: أنّها استغلّتْ ثراءها الفاحشَ ضمن سلسلةٍ مِن عمليّاتِ التخريبِ والفساد والإفساد والترهيبِ الذي أصبح ظاهرةً تتجاوز القانون وتخرقُه خرْقا واضحًا، كما استغلّتْ في ذلك نفوذها ونفوذَ أيادٍ خفيّةٍ ، لا شكّ أنّ الطرابلسيّة على رأسِهم، خاصّة أنّها اعترفتْ بلسانِها بصلتِها بهم، ضاربةً عرْض الحائط بكلّ القوانين والأعراف و القرابات والجيرة، إذْ قالتْ: « إيهْ نعرف الطرابلسيّة، وبش نحرقـْـكم الكلّ ». لقدْ بلغتْ هذه المرأة مِن العنجهيّة والتغطرس حدًّا لم يعُدْ يسمحُ بالصبرِ والاحتمال والصمتِ..لقد ضقْنا ذرْعا بهذه الممارسات التي تطوّرتْ سلْبا لتهديد وجودنا و أمْننا واستقرارنا.. فنحْنُ ،لم نعدْ قادرين على النّوم منذ أشهرٍ عديدة، وتحديدا خلال الأسابيع القليلة المنقضية. حيث عمدتْ إلى تسليح أفراد عصابتِها بأسلحة بيضاء(هراوات ـ حجارة ـ قضبان حديديّة ) ووزّعتهم في سيّارات من نوع isuzu،وأمـرتـْـهم برشقنا بالحجارة ليْلا متى أمكنَها، على مرأى ومسمعٍ من الحاضرين. كما قاموا بخلْعِ المحلاّت التجاريّة وتكسير أبوابِها. كما أنّ لها عصابات ليليّة أخرى تمارسُ أنشطةً مشبوهةً في حفريّات بالمناطق الأثريّة، وهي بذلك تُثبتُ ما راجَ كثيرا حول الاتّجار بالآثار وتهريبِها مع ذوي النّفوذ من سلطة عائلة بن علي..هذه المرأة هدى العلوي، تتجوّل نهارًا مع أفراد عصابتِها، وتستفزُّ كلّ من تعتقدُ أنّه يناصبُها العداء، وتُهدّدنا بأبشع الشتائم وأقذع السّـباب..وسابِقًا،التجأ الكثيرون منّا إلى أفراد الأمنِ عساهم يُمارسون سُلطتَهم ودوْرَهمْ. لكنْ ،بلا جدْوى، ما مِنْ مُجيبٍ،وهو وما يدعونا إلى اعتبار أنّ السلط الأمنيّة في الحكم السّابق ضالعةً في حماية هدى العلوي كامرأة مارقة عن القانون.. وهو ما يستوجبُ بحثًا حقيقيّا، وتحقيقا ميدانيّا صارِما.. نناشدكم أيّها الشرفاء أنْ تُطبّقوا العدالة َ والقانون الذي قامتْ الثورة ُ أساسا لأجلِه.. المسألة في غاية الخطورة.. نريد تدخّلا سريعا عاجلا فعليّا. نريد حمايةً حازمة لأرواحنا وأسرِنا..
إمضاء :المتضرّرون الفعليّون في منطقة بلطة من معتمديّة بوسالم/ ولاية جندوبة  

 

بعد سرقة الحواسيب محاولات لإتلاف وثائق في الديوانة


حرر من قبل التحرير في السبت, 05. فيفري 2011 بعد أن تمت سرقة عدد من الوحدات المركزية التي تحتوي على منظومات إعلامية خاصة بأنظمة المراقبة الديوانية للبضائع والموردين وهو ما كنا اشرنا إليه في نشرة الأمس أحبط عملة التنظيف يوم السبت 5 فيفري محاولة قام بها مدير المكتب الأمني للتخلص من عدد من الملفات التي يمكن أن تدينه آو تدين بعض الأطراف المشبوهة. وبتواصل عمليات السرقة ومحاولات طمس وإتلاف ملفات قد تدين بعض من يعتقد انهم استفادوا بطرق غير قانونية من معاملات مشبوهة خلال العهد السابق و يعتقد عدد من الملاحظين أن رياح الثورة لم تهب بعد على وزارة المالية حيث مازال الأشخاص و المديرين المرتبطين بالعائلات الطرابلسية يحتلون المناصب المهمة و المفصلية إضافة إلى أن المسؤولين التابعين لسليمان ورق و حافظ قريش ما زالوا إلى اليوم محافظين على مناصبهم.  
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 05 فيفري 2011


مواطنون تونسيون يروون بعض مظالم نظام الرئيس الهارب

السبيل أونلاين – تونس – وكالات يغفو حراس امام مبنى عادي قديم تخفي واجهته 23 عاما من الآلام والتعذيب والاستيلاء على الاراضي واصبح مقرا للجان التحقيق في نظام مستبد وطماع.وامام السياج، يصطف تونسيون ينتظرون بفارغ الصبر « كشف ما حدث بهم » و »الحصول على تعويضات » او مجرد « رواية » جحيم يومي عاشوه في عهد زين العابدين بن علي الذي اطيح في 14 جانفي. ويقف مهدي بن حسن في المكان منذ الساعة الرابعة صباحا. ويعتقد هذا المزارع الذي يبلغ من العمر 54 عاما وجاء من منطقة المهدية التي تبعد 300 كلم جنوب غرب العاصمة ان هناك فرصة لاستعادة اراضيه. وقال « اسعى منذ عشرين عاما. سرقت الاراضي التي املكها من قبل نائب المدير العام للتجمع الدستوري الديموقراطي (الحزب الحاكم سابقا) محمود سعيد ». وروى لوكالة فرانس برس وهو يتمسك بظرف يحوي وثائق ان « ثلاث دعاوى قضائية جرت بين 1990 و1994. المحكمة لم تنظر الى سندات التمليك ثم ادعوا انهم اضاعوا ملفي ». اما نبيل بن ابراهيم هو طالب في الرابعة والعشرين فيريد استعادة المنزل الذي بناه والده المريض في احدى ضواحي العاصمة في 2006 « بكل ما اقتصده طوال حياته ». ويقول انه « كان البناء جاريا. في احد الايام مر احد المقربين من بن علي ووجد ان المنزل جميل فاخذه ». وسيضاف ملفاهما الى حوالى 800 شكوى سجلت حتى الآن منذ بدء عمل اللجنة المكلفة النظر في الفساد والاختلاسات، قبل خمسة ايام. وفي الطابق الثاني من المينى يستمع مسؤول في لجنة التحقيق في اعمال العنف التي ارتكبت خلال الثورة لوسام ساسي عامل البناء الذي ضرب خلال تظاهرة. وقد اصيب بكسرين في الساق. ويقول انه لم يعد قادرا على العمل و »لا يستطيع اعالة » زوجته واولاده الثلاثة. وفي مكتب ضيق تتكدس الملفات، كومة للاحياء واخرى للشهداء. ويفتح المسؤول ملفا اختاره بشكل عشوائي وينظر الى صورة شاب. ويقرأ « قتل برصاص قناص في شمال العاصمة ». ويبدو المكان الذي اصابته الرصاصة فوق القلب تماما واضحا. وفي ممر، يقف وليد قدارة (31 عاما) بانتظار دوره للحصول على « تعويض عن التعذيب » الذي تعرض له في 12 جانفي. ويقول « اوقفني شرطي اراد الضغط على عائلتي للحصول على المال. عذبت بالصدمات الكهربائية وضربوني بالمصحف ». ويلخص توفيق بودربالة رئيس اللجنة حول العنف ان « الناس ينتظرون بفارغ الصبر احلال العدالة ». واضاف هذا الرجل البالغ من العمر 68 عاما وكان رئيس الرابطة التونسية لحقوق الانسان « سنحقق وسنستمع الى الشهود وكذلك الى الذين يشتبه بتورطهم » في القضايا. وسينشر تقرير هذه اللجنة وتقرير اللجنتين الاخريين بعد شطب الاسماء « لحماية الشهود واحترام حقوق الدفاع »، قبل ان يسلم الى القضاء وطلب التعويضات. وفي الطابق الرابع يبدو اعضاء لجنة الاصلاح السياسي الذين يفترض ان يدرسوا القانون الانتخابي، منهكين. وفي قاعة الاجتماع حيث تفوح رائحة العرق والقهوة الباردة، يفتح رئيس اللجنة اياد بن عاشور نافذة ويعلن عن بدء الاستراحة. لكن في الممرات يتابعون النقاش عن كيفية « بناء » تونس المقبلة. ويرى احدهم انه « يجب المرور بمجلس تأسيسي لوضع اسس شرعية فعلا » للمؤسسات الجديدة. ويؤكد آخر انه يجب العمل « بسرعة » لان « الناس غاضبون ». لكن الثالث بينهم يريد تأجيل المهلة التي حددت لتنظيم الانتخابات ستة اشهر. وقال ان « الحزب الدستوري هو الحزب الوحيد الذي يملك بنية على المستوى الوطني. لذلك سيغير اسمه ويحصل على الاصوات ». وفي سياق متابعة القناة الأولى لملفات الاستيلاء على الأموال والعقارات والشركات قال مذيع القناة أنها كثيرة جدا بحيث تحتاج مجلدات لإحصاء المظالم التى اركبها الرئيس الهارب وعائلته . كما ان سلسلة تقارير تلفزيونية وصحفية أظهرت ان عائلة الرئيس التونسي المخلوع استأثرت بالكثير من الأملاك بعد انتزاعها من أصحابها .  
(المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس)، بتاريخ 06 فيفري 2011)

أرملة تونسي قتله قناصة بن علي: خطفوه مني ودمروا حياتي ضابط متقاعد..بن علي حوّل جهاز المخابرات إلى جاسوس على المواطنين


السبيل أونلاين – تونس قال ضابط متقاعد في الجيش الوطني أن الرئيس المخلوع بن علي عمل على تحويل جهاز المخابرات من خدمة الوطن إلى جاسوس على المواطنين من حام للبلاد إلى جاسوس على العباد لتكريس الخوف داخل كل المؤسسات الإدارية والأمنية وحتى العسكرية كما سعى إلى انتزاع الولاء الأعمى لمبادئ الحزب الحاكم . وقال محسن الكعبي المتحصل على شهادة الهندسة في الإلكترونيك من كبرى المدارس العسكرية الفرنسية والضابط بالقوات المسلحة التونسية والمشاة – في تصريحات صحفية – أنه أوقف عن ممارسة واجبه سنة 1991 بتعلة انتمائه إلى « حركة النهضة » وصرّح: »إنني رجل نشأت على احترام المبادئ العسكرية التي تحظر على كل عسكري الانتماء إلى أي حزب سياسي وانتمائي الحقيقي كان إلى تونس لا غير…أذكر في هذا الصدد أنني نزلت إلى الشارع في أحداث جانفي 1978 وثورة الخبز سنة 1984 وخاطبت المواطنين بالقول من حقكم التظاهر وإبداء آرائكم لكن حذار ثم حذار من تخريب الممتلكات العمومية » . وأكد الكعبي أن بن علي غرس الخوف من المؤامرات التي تطال أركان الدولة بهدف حماية نظامه « وما حادثة اغتيال الجنرال سكيك إلا أخلص مثال على ما أقول لأن الرجل كان لا يشك عاقلان في نقاوة تاريخه ووطنيته و التحقيق كفيل بأن يكشف كل شيء كما ان الاعترافات التي انتزعت منا كانت تحت وطأة التعذيب والمهانة النفسية والبدنية أفظع مما حدث داخل سجن أبو غريب لقد كانت رؤوسنا تغمس في مياه نجسة وتنتزع ملابسنا ونجلس القرفصاء للساعات الطوال داخل أقبية وزارة الداخلية والحال أننا لو كنا فعلا مذنبين كان حريا أن تعرض ملفاتنا على أنظار القضاء العسكري الذي يبقى المؤهل الوحيد لإصدار أحكام ضدنا ». وأضاف الضابط: »تعرض الجيش الوطني إلى مؤامرة من رجل للأسف الشديد كان محسوبا على هذه المؤسسة العريقة وسخر أجهزة المخابرات التي كانت مطالبة بجمع معلومات حول الأعداء الخارجين إلى جاهز يجمع المعلومات حول المواطنين وكان لا يتوانى عن المجاهرة بعدائه للإسلام لأن الدستور يكفل للأشخاص ممارسة شعائرهم الدينية بكل حرية وأذكر في هذا السياق إقفاله للمساجد داخل الثكنات العسكرية ومع ذلك التزمنا بأداء واجباتنا الدينية داخل بيوتنا لأن الانتساب للجيش يفرض الامتثال لقرارات السلطة السياسية. » الكعبي بصدد الإعداد لبعث مشروع صناعي بالاشتراك مع مستثمر ألماني في مجال استخراج السماد العضوي من غبار البلور وهو يستعد رفقة رجال الجيش ممن سلطت عليهم مظالم إلى مقابلة السيد وزير الدفاع الوطني لرفع هذه المظالم بعد أن انجلى الليل الطويل. أرملة تونسي قتله قناصة بن علي: خطفوه مني ودمروا حياتي تزوج بلقاسم قبل شهرين فقط، وقتل في السادسة والثلاثين من العمر بثلاث رصاصات في القصرين، وسط تونس، في الثامن من جانفي الماضي، عندما أطلق الرئيس التونسي المخلوع، زين العابدين بن علي، قناصته، في محاولة أخيرة لقمع المظاهرات. وتقول سميرة أرملة بلقاسم (25 سنة)، وهي تحمل صورا عن فترة سعادتها القصيرة: « لم يتسن لي الوقت لأن أكون سعيدة فعلا. لقد دمروا حياتي ». وأضافت: « لقد خطفوه مني. لماذا قتلوه عندما كان يتظاهر سلميا مع أصدقائه؟ ». وتكرر باستمرار وهي تجهش بالبكاء: « القناصة.. القناصة ». وتقول والدته مريم (65 سنة) وهي تبكي: « ماذا فعلنا لنستحق مثل هذه المأساة؟ »، متهمة أتباع زين العابدين بن علي (الرئيس التونسي المخلوع) بالوقوف وراء هذه الجريمة، حسبما أفادت به وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير لها حول الموضوع. وأفادت مصادر طبية متطابقة بأن 25 متظاهرا، أغلبيتهم من الشباب، قتلوا في القصرين خلال الثورة على النظام التونسي، ومعظمهم برصاص قناصة. وكان الثامن والتاسع من جانفي الماضي الأكثر دموية في هذه المدينة، التي يقدر عدد سكانها بـ100 ألف نسمة. ويروي سكان لا يزالون تحت وقع الصدمة لـ »فرانس برس » هذه الممارسات الفظيعة والدامية. وقال شاب يدعى بلال عيدودي، وهو في الـ25 من العمر: « كنا تجمعنا سلميا قرب مسجد الزهور في حي فقير من المدينة للاحتجاج على البطالة والديكتاتورية والمطالبة بالحرية. لم نكن نتوقع أن نتعرض لإطلاق نار ». وأضاف أن الشاب محمد أمين مباركي، البالغ من العمر 17 سنة، أصيب برصاصة في الرأس أطلقتها الشرطة، وتابع بلال: « حاولنا سحب جثته لكننا تعرضنا لإطلاق نار. على الشخص الذي أصدر الأمر بإطلاق النار على أبرياء أن يُحاكَم أمام المحكمة في لاهاي كمجرم حرب ». ويغص عندما يستذكر يوم العاشر من جانفي الذي شيع خلاله محمد أمين، وقال: « أطلقت الشرطة النار على الأهل والأقارب لمنعهم من حضور الجنازة. وأصيبت شقيقتي عفاف، ولقينا صعوبة لإقناعهم بالسماح لنا بنقلها إلى المستشفى ». وقالت عفاف عيدودي (20 سنة) من سريرها في المستشفى: « لا أدري كيف وجدت نفسي على الأرض، لكني فخورة بكوني شاركت في الثورة ». وتعرف جيدا أنها لن تتمكن من إتمام عامها الجامعي، وقالت: « كنت أريد أن أنهي دراستي الجامعية بسرعة والعمل من أجل مساعدة أسرتي، لكن القدر شاء غير ذلك ». كما لم يرحم القدر أسرة زهرة مجري، وهي أم لخمسة أولاد يعيشون في غرفتين صغيرتين؛ فقد قتل ابنها محمد (23 سنة) برصاص قناص في التاسع من جانفي. وقالت وهي تبكي: « ابتعد محمد عن مجموعة المتظاهرين الذين تم تفرقتهم بالغاز المسيل للدموع، وحاول اللجوء إلى مسجد، وعندها أصيب برصاصة في الرأس ». وأضافت: « كان ولدي البكر. وعلى الرغم من فشله في المدرسة، تسجل في مؤسسة خاصة، وكان يعمل بدوام جزئي ويريد الحصول على شهادة البكالوريا ». وقالت بغضب: « بن علي، فليأتوا به إلى هنا وليحاكم الشعب مجرم الحرب هذا ». ونجا حمزة منصوري (18 سنة) من الموت بأعجوبة، وهو يقول من سريره مشيرا إلى صدره: « لقد دخلت الرصاصة من هنا وخرجت من الجانب الآخر. الحمد لله نجوت من الموت ». ويقول بغضب: « لقد تظاهرنا من أجل الحرية والكرامة. الناس هنا عاطلون عن العمل ولا يستطيعون تأمين لقمة العيش. للحصول على وظيفة بسيطة يجب دفع رشاوى بقيمة ألفي يورو وعندما تحصل على راتبك عليك تقاسمه مع الشخص الذي وفر لك الوظيفة ».  
(المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس)، بتاريخ 06 فيفري 2011)


أذناب بن علي يختبئون في المنظمات العربية


لاذ عدد من أذناب الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي ببعض المنظمات التابعة للجامعة العربية لكي ينساهم الرأي العام ويُفلتوا من المحاسبة الشعبية. وأبرز مثال على ذلك محمد شكري الذي أذاق المواطنين الأمرين لما كان واليا لقفصة، ثم أصبح مسؤولا مركزيا بوزارة الداخلية مع تقديم خدمات شخصية لرئيسه بن علي يعرف طبيعتها زملاؤه في الوزارة. وقد كافأه عليها فعينه مستشارا للأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب، لكنه لم يكن يداوم أبدا في المجلس مع أن راتبه المقدر بآلاف الدولارات يُحول إلى حسابه بشكل منتظم. ورغم بلوغه سن التقاعد  ظل شكري في منصبه اعترافا له بالخدمات التي يقدمها لبن علي وخاصة لصهره سليم شيبوب لما كانت « ساقه في الركاب » ثم لعائلة الطرابلسي. وجمع شكري ثروة طائلة من الخدمات المختلفة التي يقدمها لأسياده منها مجموعة من الفيلات الفخمة والعمارات في أرقى أحياء العاصمة، من بينها فيلا فسيحة في المنزه السادس أجرها لمجلس وزراء الداخلية العرب لسنوات طويلة قبل أن يُؤجرها لوزارة الصحة حاليا، على إثر بناء مقر مستقل للمجلس في ضاحية البحيرة. فهل ستستمر الوزارة اليوم في استئجارها بالشروط المجحفة التي فرضها عليها؟ والأدهى من ذلك أن شكري الذي لم يكن يضع أقدامه في مقر الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب أصبح اليوم مواظبا على الحضور لإجراء اتصالاته الهاتفية من المكتب المخصص له بعدما تم طرد أصدقائه من وزارة الداخلية. وكذلك يفعل زميله في التمعش والإنتهازية رضا صفر المتمسح على أعتاب الوزراء المتعاقبين على الداخلية كي يبقى في الخدمة بعد بلوغه سن التقاعد. إلا أن الإنتهازي الأكبر هو وزير القمع الأسبق الشاذلي النفاتي « الخانس » في ضاحية البحيرة حيث أهداه رئيسه بن علي مركز الجامعة العربية في تونس ليصول فيه ويجول ويحكم بأحكامه جاعلا المركز في خدمة أقاربه وأسرته الصغيرة. فبعد الأموال الطائلة التي أنفقت على تهيئة المقر السابق للمركز في حي الخضراء بما في ذلك تجهيز قاعة محاضرات حديثة، لم يجد غضاضة في نقل المركز إلى ضاحية البحيرة في مبنى أصغر وبإيجار أعلى بدعوى أن حي الخضراء لا يليق بالجامعة العربية بينما فيه مقر الأمم المتحدة واتحاد الصناعة والتجارة وغيرهما. ولا يمكن أن ننسى أن النفاتي الذي عينه بن علي وزيرا للداخلية في التسعينات قبل أن يكلفه بالأمانة العامة للتجمع الدستوري، مسؤول عن جرائم كثيرة وسيبدأ ضحاياه قريبا في تقديم الشهادات التي ستكشف عن قسم من تلك الجرائم، فهل يُعقل أن يبقى هؤلاء المتمعشون والإنتهازيون في هذه المواقع الحساسة، وهل يمكن أن يمثلوا تونس الثورة في المنظمات العربية؟  
سمير الدوالي      


لا يمكن أن نتحدث عن ثورة اليوم ولا غداً حتى تطهر هذه الأرض من جلاديه


الليلة أربعة قتلى في مدينة الكاف وكالعادة سيطلع علينا وزير الداخلية مزمجراً من إحدى القنوات « الوطنية » أو ربما مستغرباً أو حتى باكيا . أنا لا أخون الرجل ولكن لا استطيع أن أعطيه ثقتي وكيف يمكنني فعل ذلك ومواكب القتلى والحرقى لا تريد أن تنتهي. مايزال يوجد في بلادي رؤساء أقسام شرطة قادرون على تعنيف إمرأة بكل وقاحة أما الشعب والجيش وفي الطريق العام فعن أي ثورة تتحدث يا شعبي و نساء الوطن تهان ولم يكتمل الشهر عن عمر الثوره ؟ لا يمكن أن نتحدث عن ثورة اليوم ولا غداً حتى تطهر هذه الأرض من جلاديها.  
محمد عبدالكريم


عبد الفتاح مورو كل التونسيين اكتووا بنار النظام البائد.. لكن الإسلاميين كانوا داخل الفرن


منع بيع الخمر وقطع يد السارق وارتداء « الفولار » ليست من مشاغلنا ـ بطلاقة كبيرة تغلب عليها روح الدعابة تحدث الأستاذ عبد الفتاح مورو أحد مؤسسي حركة النهضة في تونس أمس طيلة خمس ساعات عن هذه الحركة.. وقال أمام حشد من المثقفين من مختلف الأطياف السياسية وغيرهم من رواد مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات: « هناك أولويتان مطروحتان على تونس اليوم وهما حماية الكيان التعددي الديمقراطي من خلال إيجاد صيغة يتمتع فيها الجميع بحقهم في الحديث بحرية والحوار الذي يقوم على الحجة والمحاجّة من ناحية، والتصدي لكل فكر دكتاتوري يمكن أن يهيمن على الأفكار الأخرى ويقمعها من خلال إعداد ترسانة من القوانين.. وتجدر الإشارة إلى أن الأستاذ مورو هو من مواليد العاصمة في غرة جوان 1948 وقد أحرز على إجازتين في الحقوق والشريعة من الجامعة التونسية, وانضم لسلك القضاة ثم إلى سلك المحاماة. وبين أنه من البرامج التي ترى حركة النهضة ضرورتها ما يتعلق بإعادة صياغة الفكر التونسي صياغة لائقة تقوم على الانفتاح الحداثي الذي لا ينقطع عن الماضي.. وأكد مجيبا على أسئلة عدد من الحاضرين أن مكاسب المرأة في تونس هي مكاسب ثابتة لا رجعة فيها، بل هي محل اهتمام وتطوير.. وأضاف موضحا: « من بين الأسئلة التي طرحت علينا عندما خرجنا للناس بعد عقود من العمل السري: هل يمكن الآن الزواج بأربع؟ هل ستفرضون لباس « الفولار »؟ هل ستقطعون يد السارق والسارقة؟ فأجبناهم أن هذه المسائل ليست من مشاغلنا وأننا لا نهتم بموضوع بيع الخمر أو منعه أو بموضوع ارتداء الفتيات لـ « البيكيني » أو للحجاب أو إطالة اللحى فهذه المسائل ليست قضيتنا بل هي مسائل تهم المجتمع ككل.. إن ابنتي لا تردي « الفولار ».. وقد خرجت هذا الصباح لتقتطع تذكرة للذهاب ليلا إلى المسرح وهي حرة تفعل ما تريد.. يجب أن يفهم الجميع أن ما يهمنا كحركة هو التنمية العادلة.. وتحقيق التضامن الفعلي بين أفراد المجتمع ونحن نريد أن يكون لهذا التضامن في تونس بعدا ثقافيا ودينيا وعقائديا وفكريا.. وليس التضامن بمعنى « صندوق التضامن 26ـ 26″ الذي لم يخضع منذ بعثه للمحاسبة.. إن قضيتنا هي قضية تنمية وقضية استقلالية في اتخاذ القرار وهي لا يمكن أن تكون إلا من خلال التنمية التي تخلصنا من التبعية ». وقال مورو: « ما يشغلنا الآن هو مستقبل تونس.. وإن ما ننعم به من حرية جاء نتيجة انتفاضة شعب مشحون بالغضب ومثقّل بالأحزان والظلم.. كما أن من بين أسبابها أيضا التنكيل الذي لحق الإسلاميين ولحق حتى من عرف الإسلاميين ومن جاورهم وهناك من حوكم بخمس سنوات سجن لا لشيء إلا لأنه قدم مساعدة مالية لزوجة « خوانجي ». وتحدث مورو بإطناب عن تاريخ نشأة حركة النهضة وبين أنها كانت حركة لاهثة.. مشردة.. ألصقت بها عديد التهم وقيل إن عناصرها عملاء.. للقذافي.. وللسعودية.. وللخميني.. وأضاف:  » قيل فينا الكثير.. ولا أريد اليوم أن استدر العطف لأن الكل يعلم ما قاسيناه.. ولأن كل التونسيين اكتووا بنار النظام السابق لكن بدرجات متفاوتة.. فقد كنا نحن داخل الفرن ».   إقصاء   عن سؤال يتعلق بموقفه من إقصائه من حركة النهضة وعدم إدراج اسمه في القائمة التأسيسية للحزب الجديد بين أنه لم يعلم بهذه القائمة إلا من خلال ما طالعه في وسائل الإعلام.. وقد زاره بعض القياديين يتقدمهم حمادي الجبالي وقالوا له إنه ما يزال في القلوب والأفئدة والأعماق وهم يعولون على تفهمه فرد عليهم ببسمة صامتة ولم يستطع الرد عليهم. وأضاف: « كما زارني الأستاذ راشد الغنوشي في بيتي وكانت زيارة مجاملة وإنني أرى أن العلاقة التي جمعتنا مع بعضنا لا يمكن أن تنتهي.. وهي ليست المرة الأولى التي نختلف أو المرة الأولى التي أقصى فيها من حركة النهضة رغم أنني تبنيت المنهج الإسلامي قبل أن تولد الحركة.. لقد تعودت أن أعيش مثل هذا الموقف وهذا لا يؤثر على الحركة والاختلاف في المواقف ليس بالأمر المؤلم كما يرى البعض لأن كل عمل جماعي يقتضي أن يكون هناك حوله خلاف.. وأنا وفي لهؤلاء الرجال وعلى رأسهم الأستاذ راشد.. نعم أختلف معه ولكن هذا لا يزعج.. وعبر الدكتور عبد الجليل التميمي مدير المنتدى في خاتمة اللقاء عن رغبته في تنظيم لقاء ثان يحضره الأستاذان عبد الفتاح مورو وراشد الغنوشي معا على طاولة واحدة. سعيدة بوهلال (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 06 فيفري 2011)


ممنوع من الحياد الحرب على الفساد من أين تبدأ؟


بقلم اسيا العتروس ـ ربما لم يكن العلامة عبد الرحمان بن خلدون يدري عندما كتب بان السلطة مفسدة وان السلطة المطلقة مفسدة مطلقة انه كان بذلك يضع الخارطة الكفيلة بمحاربة الفساد ويؤسس لشروط كسب الحرب على الفساد الذي ينخر كل مجالات الحياة وينذر بالخراب… ومن هذا المنطلق فان المسؤولية التي عهدت الى لجنة تقصي الحقائق في الفساد وتبديد المال العام والتي يترأسها العميد السابق لكلية الحقوق السيد عبد الفتاح عمر مسؤولية جسيمة وهي مسؤولية لا اعتقد ان هناك من يحسده عليها والامر لا يتعلق بشخص رئيس اللجنة فهو بالتاكيد أهل وكفؤ للضلوع بمثل هذه المهمة ولكن الامر يتعلق بخطر وعمق جذورالفساد الذي تحول الى ظاهرة في البلاد… والواقع انه رغم ان قضايا الفساد المالي والاخلاقي المنتشر في اوساط العائلة الحاكمة وبطانتها لم تكن غائبة عن وعي اغلب التونسيين حتى قبل ان تنجح الثورة الشعبية في اقتـــلاع عرش الرئيس المخلوع ودفعه للهروب الى الخارج, ورغم ان اخبارالاموال المهربة والمشاريع الاستثمارية العملاقة وغير المشروعة سواء كانت في الداخل او الخارج كانت تتسرب بشكل او بآخر وتخترق المواقع المحجوبة لتصل اسماع العامة والخاصة من الناس فان الارجح انه لا احد من ابناء هذا الشعب الكادح كان يتوقع او يتخيل حجـــم ما سلب من امــــوال البـــلاد والعباد ومن نهب للكنوز والاثار والمتاحف خاصــة وفي غياب ثقافة المحاسبة والمراقبة والمساءلة…  واذا من الصعب الوقوف عند حدود الفساد القائم فربما يكفي التوقف عند مثال الطائرة الرئاسية الفخمة الاولى التي سرعان ما اقدم الرئيس المخلوع على استبدالها بثانية من طراز بوينغ 737 وتهيئتها لتكون مطابقة لمواصفات طائرة الرئيس الامريكي ما يؤكد حجم الاستخفاف واللامبالاة باحتياجات البلاد وما تستوجبه من ضرورة التعجيل بخلق فرص الشغل والقضاء على البطالة في صفوف الشباب… ولعل من امكن له الاطلاع على كتاب «حاكمة قرطاج «la regente de carthage قبل ان يصبح متداولا لدى التونسيين قد ادرك درجة الفساد في البلاد والذي بدا يتحول من فساد مادي الى فساد سياسي وتعليمي واقتصادي الى فساد اجتماعي واخلاقي وجد في مؤسسات اعلامية مفلسة في اغلبها ارضية مهيئة لتبليد العقول وتجميدها ونشرالرداءة والبذاءة والتمييع كل ذلك من اجل ان تظل الانظار متجهة الى ما لا ينفع المجتمع او يدعو لإصلاحه… ومن يدري فقد يكون حجم ما خفي حتى الان اثقل من كل ما اعلن عنه خاصة وان التجاوزات والانتهاكات والخروقات التي ارتبطت بعائلة الرئيس المخلوع واصهاره لم تكن لتستثني مجالا من المجالات الاقتصادية الحيوية او قطاع الخدمات فكانت بذلك كذيل الحية التي تنفث سمومها على الجميع.ولعله من المهم الاشارة الى ان انتشار الفساد لم يكن بسبب غياب للقوانين والتشريعات بقدرما كان بسبب التفرد بالراي وتجميع السلطات في جهة واحدة بعيدا عن كل انواع المراقبة او المساءلة كل ذلك الى جانب سياسة تكميم الافواه ووجود معارضة برلمانية اقرب منها للدمى المتحركة من المعارضة الموضوعية جعل البلاد تتحول الى جمهورية للموز. ثمانية مائة ملف هو حجم الملفات التي بلغت اللجنة المكلفة بالفساد حتى نهاية هذا الاسبوع ولاشك ان الرقم سيرتفع وشكاوى المظلومين ستتضاعف في المرحلة القادمة وهو ما يعني ان ما ستخرج به اللجنة من نتائج في نهاية المطاف يجب ان يؤسس الى مرحلة جديدة تقضي على كل اسباب الرشوة والمحسوبية وتجعل لزاما على كبار المسؤولين التصريح عن الاملاك عند تولي المسؤولية وعند مغادرتها… وفي انتظار ما يمكن ان يكشفه المستقبل فان الاكيد انه ومهما يكون حجم الثروات المنهوبة والارصدة المفتوحة في الخارج فان الثروة البشرية والفكرية لهذا الشعب وحدها ستكون الحصن المطلوب مستقبلا…بالامس اعلن في باريس عن اقامة نصب تذكاري لرمز ثورة الكرامة ليسجل بذلك البوعزيزي ابن الشعب صاحب عربة الخضار دخوله التاريخ من اوسع ابوابه فيما يوقع الطغاة سقوطهم من التاريخ… atrousessia16@yahoo.fr (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 06 فيفري 2011)


سؤال مازال يثير الجدل: من صنع تغيير 7 نوفمبر؟

بقلم كاظم المحجوب طرح السيد الهادي البكوش الوزير الأول الأسبق في الحوار الذي نشرته له صحيفة « الصباح » يوم الثلاثاء غرة فيفري أفكارا تستحق الإهتمام والتعليق باعتباره قد كشف لنا خلاله، للمرة الأولى، أنه هو الذي كان « وراء تحول السابع من نوفمبر » على حد تعبيره. وقدم في هذا الحديث موقفا واضحا من رفيق دربه زين العابدين بن علي ومن الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، مما يستدعي وقفة متأنية لفهم الجديد الذي كشفه لنا والتثبت من الوقائع التي ذكرها من أجل مقارنتها بما صرح به السيد البكوش نفسه في مناسبات سابقة، وبالتالي استجلاء الحقيقة التي يسعى لمعرفتها الرأي العام. من ظلم بورقيبة؟ قال السيد الهادي البكوش في حديثه لـ »الصباح » اعتقادي أن بورقيبة مظلوم والسابع من نوفمبر ظلمه كشخص وكرمز. وهذا موقف هام حين يصدر عمن أكد في الحديث نفسه أنه صانع السابع من نوفمبر وأنه هو الذي « حرر البيان التاريخي من الألف إلى الياء ». فهل أن البيان أخطأ حين انتقد شيخوخة بورقيبة وعجزه، وهل أنه أسس بذلك للظلم الذي لحق الزعيم طيلة 23 عاما، أم أن البيان كان مُصيبا في ما قاله عن بورقيبة وعندها ما هو المقصود بالظلم؟ وإذا كان عهد السابع من نوفمبر أساء لبورقيبة كما يقول اليوم السيد الهادي البكوش، فما الذي أجبره هو على إعلان رأي معاكس تماما مرارا وتكرارا في محاضراته ومداخلاته المنشورة في الصحف سواء بمناسبة ذكرى عيد الشهداء أو الذكرى الخمسين لإعلان الجمهورية أو ذكرى خمسينية سن الدستور؟ بل إن الكثيرين تساءلوا لماذا اختار بن علي السيد الهادي البكوش من دون جميع الوزراء السابقين ليكون المؤرخ الرسمي لعهد 7 نوفمبر؟ من صنع التغيير؟ الفكرة المحورية الثانية التي أتى بها الحديث الصحفي هي أن السيد الهادي البكوش كان وراء تحول السابع من نوفمبر وليس بن علي. وعندما نُدقق في هذه الرواية الجديدة نجد أن الأمر يكاد يقتصر على تحرير بيان السابع من نوفمبر، فهو العمل الملموس الوحيد الذي يُبرهن به السيد الهادي البكوش على أنه كان مشاركا في صنع « التحول ». وقبل ذلك أكد أنه « تحرك صحبة الحبيب عمار وبن علي وجلسنا قبل 15 يوما من التحول وخططنا لإحداث تغيير ». لكن لا أثر لوقائع ملموسة تؤكد هذه الرواية، ففي مساء 6 نوفمبر 1987 كان السيد الهادي البكوش يشارك في حفل الإستقبال الذي أقامه السفير السوفياتي بتونس بمناسبة الذكرى السبعين للثورة البولشفية، ولما عاد إلى بيته تلقى مكالمة من زين العابدين بن علي أخبره فيها بأنه مع وفد أجنبي في وزارة الداخلية وأنه يحتاج إلى أن يراه بعد ذلك في الوزارة في حدود منتصف الليل. كان بن علي قد شرع في انقلابه في كنف التكتم الكامل فلم يُشعر أحدا ممن التحقوا به في وزارة الداخلية بحقيقة ما كان يُخطط له. ولما وصل البكوش بعد منتصف الليل وضعه بن علي في أحد المكاتب وكلفه بكتابة البيان. لكنه لم يكتبه بنفسه وإنما استعان بصديقيه فرج الشايب المدير العام لوكالة تونس إفريقيا للأنباء آنذاك والعربي عزوز مدير عام الدار التونسية للنشر، وجلس الإثنان في مكتب الشايب بالوكالة في حي المنار، وحررا مسودة البيان وأرسلاها إلى البكوش. لا أظن أن السيد البكوش يستطيع تغيير حرف واحد من هذه الرواية لأن الشهود عليها كثيرون، ومن حسن الحظ أن جميعهم أحياء يُرزقون. وعليه فقوله في الحديث الذي أدلى به لـ »الصباح »: « أنا كنت وراء تحول السابع من نوفمبر » كلام غير دقيق ومجانب للوقائع التاريخية. وكذلك الشأن بالنسبة لقوله « أنا دخلت معه (أي بن علي) على بيان كنت حررته من ألفه إلى يائه لم يشارك فيه هو بحرف (واحد) ».   سباق مع الحبيب عمار أما قوله في الحديث نفسه « تحركت صحبة الحبيب عمار وبن علي وجلسنا قبل 15 يوما من التحول وخططنا لإحداث تغيير » فأمر بعيد عن الواقع أيضا، لأن الإجتماع الوحيد الذي ضم الثلاثة في أكتوبر 1987 وطُرحت فيه فكرة التغيير أبدى فيه السيد الهادي البكوش رفضه للإنقلاب على بورقيبة، بل ونصح الوزير الأول آنذاك زين العابدين بن علي بالإستقالة، مما أدى إلى استبعاده من التحضيرات اللاحقة. ولم يكن مُقررا أيضا أن يكون السيد الهادي البكوش الوزير الأول الجديد، إذ اختار بن علي حامد القروي لذلك المنصب. غير أن الحبيب عمار غريم القروي بسبب خلافات على بلدية سوسة اعترض بشدة على تلك التسمية وهدد بالإنسحاب، مما حمل بن علي على القبول بالبكوش للوزارة الأولى. واستطاع هذا الأخير عندها أن يُعين ثلاثة من أصدقائه في الحكومة هم الصادق بن جمعة وتوفيق شيخ روحه وعبد السلام المسدي. وهناك مسألة أخرى تستحق التوضيح أيضا فالسيد الهادي البكوش يوحي لنا في ذلك الحوار بأنه لم يُجامل بن علي وتعفف عن مجاراته، لكن وقائع كثيرة تؤكد العكس، وسنكتفي منها بثلاث لضيق المجال، على أن نعود للموضوع بتفصيل أكثر إذا أراد السيد الهادي البكوش. ففي الإحتفال الذي أقيم بمناسبة ذكرى حوادث ساقية سيدي يوسف يوم 8 فيفري 1988 قال السيد البكوش بحضور نظيره الجزائري والوفد المرافق له إن بن علي شارك في تلك الأحداث وأصيب برصاصة استقرت في ساقه. واندهش الجميع لهذه « المعلومات » بمن فيهم بن علي الذي يعرف أنه ليس من عادته أن يغادر مكتبه، ولم يكن في الساقية يومها أصلا، خلافا لزميله عبد الحميد بالشيخ الذي كان مناضلا وسُجن أيام الحركة الوطنية.  والواقعة الثانية هي تكليف بن علي له بإلقاء محاضرات عن بورقيبة في اليونسكو والجزائر وغيرهما دون المثقفين والسياسيين التونسيين الآخرين الذين لا يقلون عنه جدارة. والواقعة الثالثة هي المكالمة التي تلقاها السيد الهادي البكوش من بن علي ليُعلمه بقرار تسميته رئيسا لمجلس المستشارين، والإمتنان الكبير الذي عبر عنه البكوش بتلك المناسبة، قبل أن يعيد بن علي الإتصال في اليوم نفسه ليقول له « الوخيان شافوا أن الأفضل باش نحطوا سي عبد الله القلال حتى يكون ثمة توازن (يقصد بين رئاسة الوزراء (سوسة) ورئاسة مجلس النواب (تونس) والمستشارين (صفاقس) ». وعبر السيد البكوش مُجددا عن نفس الإمتنان ورضي طيلة السنوات الماضية بكرسي مستشار تحت سلطة عبد الله القلال. على كل حال شكرا للسيد الهادي البكوش الذي طبق التكتيك المعروف « الهجوم أفضل دفاع »، فبمبادرته الجريئة فتح الباب لوضع الملفات على المائدة، وهي ملفات ربما يعرف صاحبها متى يفتحها لكنه لا يعرف متى ستُغلق وفي أية ظروف، خصوصا إذا تطرقت للجوانب المالية.
كاظم المحجوب أستاذ جامعي 


بوعزيزي يدخل التاريخ… وبن علي يخرج منه

رشيد خشانة   سيدرس مجلس بلدية مدينة باريس في اجتماعه المقرر ليومي الإثنين والثلاثاء المقبلين اقتراحا تقدم به أعضاء من المجلس، ويرمي لإطلاق اسم الشهيد محمد بوعزيزي على أحد الأماكن في العاصمة الفرنسية. وجاء في بيان أصدره مكتب رئيس البلدية برتراند دولانوي، الذي زكى الإقتراح، أن هذه الخطوة تندرج في إطار توجيه تحية إلى روح الشهيد بوعزيزي الذي قدح زناد الثورة التونسية في وجه القمع والفساد. وذكر البيان بالظروف التي رحل فيها الشهيد يوم 4 جانفي الماضي، مؤكدا أن ما قام به كان « ضربا من المقاومة يرمز إلى كفاح كافة التونسيين من أجل الديمقراطية والعدالة والحرية ».

معنى ذلك أن قرار المجلس البلدي محسوم سلفا، وهذا القرار علامة قوية على أن مدنا أخرى ستحذو حذو باريس، خصوصا في عواصم الثورات القادمة، شقيقات الثورة التونسية ومشتقاتها. ومعروف أن بعض الفضائيات أظهرت قمصانا بيضاء مصنوعة في مصر عليها صور بوعزيزي وإلى جانبها اسمه وعلم تونس.
قبل سنوات من هذا القرار الذي ستتخذه بلدية باريس بذل أصدقاء الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة من رجالات السياسة في فرنسا وتلاميذه وأعضاده في تونس جهودا مضنية لإقناع بلدية باريس بإطلاق اسمه على ساحة صغيرة في المدينة. لم يُستجب لرغبتهم إلا بشق الأنفس، مع أن بورقيبة محام ومثقف وزعيم وطني ورجل دولة، وهو فوق كل ذلك صديق فرنسا.
أما زين العابدين بن علي فبالرغم من أن الدولة أمنت له منحة ليدرس في أعرق الكليات الحربية الفرنسية، ورغم أن الفرصة أتيحت له ليكون من التونسيين الأوائل الذين زاروا الولايات المتحدة في الخمسينات لمتابعة تكوينه في الإستعلامات والتعرف في الوقت نفسه على حضارة عريقة، يبدو أن أمور الإستخبارات كانت هي همه الوحيد. وعندما أرسل له القدر سدة الجكم ليصعد عليها بساقيه ذات نوفمبر 1987 لم يستوعب اللحظة ولم يقتنص الفرصة لبناء ديمقراطية يدخل بها إلى نادي الخالدين. وهو لم يعرف باب التاريخ إلا في كتب أزلامه من الصادق شعبان إلى حميدة نعنع ومن سالفاتوري لومباردو إلى علي طعمة.
هناك عسكريون من أمثال الجنرال شارل ديغول (1890 – 1970) والجنرال كارل فون كلاوزفيتز (1780 – 1831) استطاعوا الدخول إلى رحاب التاريخ من البوابة الكبيرة لأنهم اجتهدوا لصياغة رؤية تتسامى على الخطط الحربية لتغدو مشروعا للوطن أو للإنسانية. وعلى رغم الصداقة الحميمة التي جمعت الرئيس المخلوع بن علي برئيس بلدية باريس ديلانوي، لم يكن في قدرة هذا  الأخير وضع اسمه في سجل التاريخ. لا يعني هذا أن من اعترف به المجلس البلدي بباريس وكرمه قد ضمن الولوج إلى عالم الخلود، أو أن من لم يلتفت له ستنساه ذاكرة التاريخ.  
لكن هذا مؤشر من ضمن مؤشرات أخرى على قامة كل شخص والذكرى التي ستبقى منه في ديوان التاريخ. ونتذكر هنا بعض الصغار الذين ألقي بهم في غياهب النسيان لكنهم عرفوا على الأقل كيف يخرجون بكرامة، فعندما أدرك آخر رئيس أبيض في جنوب أفريقيا فريدريك لوكلير أن نظام الميز العنصري إلى زوال، وأن غريمه نلسون مانديلا، زعيم الغالبية السوداء، هو الرئيس المقبل للبلد، فضل العودة إلى بيته واعتزل السياسة، ولم يمسه أحد بسوء بعد ذلك. وسار على خطاه آخر رئيس لروديسيا سابقا (زمبابوي حاليا) إيان سميث. لكن يبدو أن بن علي ومبارك لا يستحقان حتى هذه النهاية مع أن هذا المصير يدعو إلى الشفقة. تفاعلا مع حديث السيد الهادي البكوش للصباح  


الإعلام وثورة الكرامة سقط فرعون وبقي السحرة


عادل الثابتي   
في خضم الصراع بين الجديد والقديم وبين الثورة وقوى الردّة، وفي أتون التجاذبات التي أفرزتها ثورة الكرامة، مثلما سمّتها أخت الشهيد محمد البوعزيزي في تصريح لإحدى القنوات التلفزية الأجنبية، بقي الإعلام التونسي خندقا مليئا بالألغام  يتمترس فيه أعداء هذه الثورة من مزيني وجه الديكتاتورية القبيح ومبرّري كل الأفاعيل الدنيئة التي ارتكبت في تونس على مدى 23 سنة. سحرة فرعون هؤلاء الذين كانوا يصنعون الصور الجميلة لدكتاتورية دموية في الوقت الذي كانوا فيه يُقبِّحون صورة كل معارضي النظام البائد نراهم اليوم يركبون الموجة ويتقدمون الصفوف في مخاتلة سمجة يحافظون فيها على العداوات الإستراتيجية تجاه خصوم الأمس من الذين ذاقوا ويلات غطرسة النظام السابق من سجن وتقتيل وتعذيب وتهجير ويحاولون صياغة أبشع صورة لضحايا الدكتاتور، ربّما أملا منهم في صياغة مشهد يحافظون فيه على نفس الامتيازات. 

   لقد باتت هذه اللعبة الهابطة جليّة لكل المتابعين اليقظين للبرامج التلفزية التي تبثها القنوات الرسمية وشبه الرسمية، التي لم تكن لِتَنَال  رخصها لولا ولاؤها للدكتاتورية، فهذا منشّط يختلق كذبة ضد مَن يتصوره عدوّا استراتيجيّا لخيارات القناة التي يعمل فيها والتي يعتز صاحبها بصداقته للصهيوني ميردوخ ليفسح المجال لصحفي في جريدة حكومية لم نسمع يوما أنه أدان انتهاكات حقوق الإنسان طيلة العهد البائد بأن يسبّ ويشتم ذلك « العدو » في ضحك فجٍّ على عقول المشاهدين. وهذه أستاذة جامعية وصحفية تتهكم على طرف سياسي وفكري وتنعته بشتى النعوت دون أن يكون هذا الطرف حاضرا ليتمتع بحق الرد في محاولة يائسة لمواصلة القيام بدور أدّاه مرتزق إعلامي يعرفه كلّ من تابع برنامج المنظار خلال سنوات الجمر في التسعينات عندما كان هذا البرنامج يقدِّم غطاء إعلاميا لانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان وصلت حدّ التصفية الجسدية . أما الأغرب من كلّ هذا فهو مواصلة ظهور منشطة برنامج « الحقيقة » الذي تبثه قناة حنبعل على الشاشة وهي منشطة أشبعت قناة الجزيرة – قناة التونسيين الوطنية زمن الدكتاتورية السابقة- شتما وفسحت المجال لـ « غوبلز » العهد البائد -برهان بسيس- ليحرّض السلطة على المتظاهرين في سيدي بوزيد والقصرين وتالة. ومستفزّ جدّا لأهالي شهداء ثورة الكرامة وكلّ التونسيين رؤية منشطة برنامج « الحقيقة »  تنشِّط برامج تتحدث عن الثورة في أسلوب حربائي يتلون حسب الأرض التي يقف عليها.
   أما القناة الرسمية التي كانت تسمى « قناة 7 » فإن استفزازها لشباب الثورة وشعبها لا يقل شأنا عن القنوات الأخرى. فهذه مقدمة أخبار كانت تُلقي « جام » تشويهها للتحركات الاحتجاجية التي أدت إلى سقوط الطاغية ووصفت شهداءنا ومناضلينا بالعصابات الملثمة وفبركت الأشرطة لتقدم الثائرين في صورة العصابات وقطّاع الطرق، وكانت تستدعي زبانية بن علي من أمثال محمد مواعدة وغيره ليسبُّوا المعارضين الحقيقيين، تختفي لمدة قصيرة جدا لتعود فتقدم لنا أخبارا عن الثورة والثائرين وتدعو محللين على المقاس ليناقشوا الثورة.
 
كم نتألم عندما نشاهد الحرس القديم المعادي لكل تغيير والمساند لكل الانتهاكات والمزين لكل الجرائم يعاود الإطلال علينا من شاشات تلفزة نموِّلها من جيوبنا. نحن لا نطالب بتوقيف هؤلاء عن عملهم، فليس من شيم الثائرين تجويع غيرهم حتى وإن أساؤوا إليهم، بل نطالب بأن يقدِّم هؤلاء اعتذارا علنيا للشعب التونسي، كما نطالب تغييرهم في تقديم البرامج بوجوه لم يألف المشاهد رؤيتها ضمن الجوقة القديمة، فصورة مداح الديكتاتور تستدعي حتما صورة الدكتاتور نفسه ، فلماذا هذا التحدّي لإرادة الشعب التونسي في التغيير؟ !  
أما الصحافة المكتوبة فإن الأمر لا يختلف فيها كثيرا عن الجرائد الرسمية وشبه الرسمية التي تدّعي الاستقلالية. لقد أصبحت هذه الجرائد صالحة لكل العهود تذمّ الزائل وتمدح القائم، فصحف دار الأنوار التي امتدحت في الثمانيات الوزير الأول الأسبق محمد مزالي في سبع مقالات وذمّته في سبع مثلها بعد الإطاحة به وقدّست بورقيبة وألَّهت الدكتاتور بن علي، نراها اليوم تركب موجة الثورة وتقدِّم نفسها حارسة لها ، ربما تلعب بمكر على ذاكرة تعتقد أنها ضعيفة، ولكن المسرحية لن تنطلي. فهذه الصحف التي تمتعت بامتيازات النظام السابق حتى الثمالة  ونعتت المعارضين بأقذع النعوت عليها واجب متأكد هو الاعتذار للشعب التونسي إن قبل الشعب الاعتذار. أما صحافة العار: « الحدث » و »كل الناس » فكان لصاحبها من الصفاقة ما جعله يتجرّأ على الصدور في زمن الثورة، وحقّ عليها قول « إذا لم تستح فافعل ما شئت »، ويبقى على قضاء مستقل مهمّة النظر في الشكاوى التي رفعها ضحايا هاتين الجريدتين من نشطاء سياسيين وحقوقيين نساء ورجالا تم الاعتداء على أعراضهم وكالتا لهم شتى النعوت الدنيئة بعد أن أهملَ تلك الشكاوي قضاء مدجّن في العهد البائد.
    أما الجهة الإعلامية الأخرى التي يتمترس فيها الحرس القديم فهي الجهة المسؤولة عن شؤون الإعلام في المؤسسات الرسمية من وزارات وإدارات مركزية وغيرها. فهؤلاء لا يزالون معدَّلين على الموجة السابقة للثورة ولا يزالون محتفظين « بالتعليمات » القديمة المتمثلة في إقصاء صحف العارضة الجدية ومنها صحيفتنا « مواطنون « ، وقد يكون الحظر قد رفع عن صحف المعارضة المشاركة في الحكومة الحالية. هذا الحرس القديم لا يزال يحافظ على تقاليد عمله البالية، فكل الندوات الصحفية التي نُظِّمت بما فيها تلك التي نظمها معارضو الأمس لم تقع دعوتنا لتغطيتها. قد يزول ذلك بالنسبة لأعضاء الحكومة من المعارضين السابقين بعد زوال ارتباك تسلم المهام الرسمية عنهم كزائرين جددا لمحلات القصبة وينتبهوا إلى أنّ هناك صحيفة تعاني مما عانت منه صحفهم..ربما…
   إن المؤسسة الإعلامية في حاجة إلى عملية تطهير كبيرة من الحرس القديم المعادي للثورة، الذين سيعمدون إلى الأساليب القديمة في التمسُّح لأي نظام قائم وبالتالي الوقوع في تضليل الرأي العام والمسؤول في آن واحدـ تطهير ثوري هادئ مثلما كانت ثورة الكرامة هادئة قدمت الشهداء دون أن تتورط في أي عنف حتى لا تصبح العملية مسألة تصفية حسابات شخصية. ونحن نعتقد أنه لا إمكان لإعلام حرّ دون صحفيين أحرار لا يبيعون ذممهم لأي قوة سياسية أو اقتصادية مهما تعاظم شأنها، فالسلطة الرابعة يجب أن تقوم بمهامها في استقلالية عن كل السلطات مهما كان النظام الماسك بزمام الحكم.
جريدة مواطنون عدد 141، فيفري 2011  


النظام التونسي عسكرَ التكنولوجيا الحديثة


شبكة الصحافة العربية نيورك / 8 يناير/ كانون الثاني / 2008 يقول الطاهر العبيدي، أحد قلائل الصحفيين التونسيين المستقلين حقا، إن الرئيس زين العابدين بن علي قد « عسكر التكنولوجيا الحديثة » من أجل إحكام قبضته عليها، ويرى أن الوضع في تونس لا يختلف كثيرا عن بلدان عربية أخرى. ويذهب هذا الصحفي التونسي الذي يعيش حاليا في منفاه الفرنسي إلى أن وسائل الإعلام المستقلة التي تستخدم تقنيات الإتصال الحديثة لا تشكل تهديدا لصحافة البلد، ذلك أن أكبر ما يهددها هو محتواها الرجعي الذي لا يهم القراء بالكاد وينأى عن احتياجات المواطنين التونسيين ومطالبهم. بقلم: صامويل هنري

شبكة الصحافة العربية: يقال أن تونس بلد متطور في ميدان تكنولوجيات الاتصال الحديثة. هل يتواجد فيها إذن ما يسمى بمجتمع المدونين أو لا؟  
الطاهر العبيدي :  دعني بداية أشير لك أن تونس لا تشذ عن الواقع السياسي العربي المتعثر في العديد من المجالات، والمختنق أكثر في المناخ الإعلامي، الذي ظل مرتهنا  لهيمنة النظم وتغوّل القرار السياسي..
من هنا فإننا نقول أن تونس من أهم الدول العربية المنفتحة على استيراد تكنولوجيا المعلومات، ما يعني ظهور شريحة من المهتمين أغلبهم من الشباب، الذين يحسنون التعامل مع أجهزة الكمبيوتر، ويملكون ثقافة الإبحار والسباحة في المواقع الافتراضية، غير أن وجود مقاهي عمومية للانترنيت، وانتشار مغازات لبيع معدّات التكنولوجيا الحديثة لا يعني حرية التدوين، وحرية السباحة،  فعالم الانترنيت في تونس يخضع لعسكرة أمنية دقيقة، ومن أجل ذلك استوردت تونس أجهزة تقنية متطوّرة، وانتدبت خبرات وكفاءات عالية في هذا المجال، للرّصد والمحاصرة وقرصنة وتحطيم أي موقع أو مدوّنة مخالفة للرأي، ولم تسلم المواقع التونسية المستقلة والمعارضة التي تبث من أوروبا وأمريكا من القرصنة التقنية وزرع الفيروسات، ونذكر هنا الاعتداءات المتكررة التي تعرضت لها نشرية  » تونس نيوز « ،- موقع  » تونس اونلاين  » – نواة – الحوار نت – وموقع  » الدكتور منصف المرزوقي  »  في محاولة لتعطيل هذه المواقع المزعجة للسلطة، ورغم المراقبة التكنولوجية، شهدت تونس تجارب إنشاء مدونات بصمت المشهد الإعلامي الافتراضي، الذي لوّنه المرحوم  » زهير اليحياوي  » كأحد المدونيين، الذي انتفض على الواقع السياسي من خلاله إنشائه لمنتدى  » تونزين « ، الذي لاقى إقبالا كبيرا، وكان يمضي باسم مستعار وقد ألقي عليه القبض ليسجن في 18 جويلية 2001  ويطلق سراحه  يوم 18 نوفمبر 2003، نتيجة تحرك إعلامي وحقوقي كبير، وقد تتالت العديد من التجارب في شكل مدونات ومنتديات، والأغلبية كانت تحت أسماء مستعارة، تجنبا للاعتقال والسجن، فلا يمكننا أن نتحدث بسهولة عن مجتمع المدوّنين في واقع عسكرة التكنولوجيا الحديثة. شبكة الصحافة العربية: في الغرب، أصبحت تكنولوجيات الاتصال الجديدة ( المدونات، فايس بوك ودايل موشن) تشكل خطرا حقيقيا على الإعلام التقليدي كالجرائد وتنافسها بشدة. هل ينطبق هذا الوضع على تونس مثلا؟ الطاهر العبيدي : حسب رأيي لا يمكن أن تستوي المقارنة، ذلك لأن الصحافة الغربية لها مساحات من الحرية والحركة، وفضاءات مهمة للرأي والتعبير، لهذا نجد التنافس يأخذ شكل التدافع من أجل الإبداع والتطور والخلق، في حين أن المشهد الإعلامي عندنا يظل باهتا مسكونا بعقلية الأحادية والتسلط الأمني، ممّا يجعل المنابر خارج نسق التنافس، خصوصا وأنها في أغلبها لا تنبثق من طموحات المواطن  المنفض منذ زمان من حولها، والمتجه إلى فضاءات أكثر رحابة واتساعا، وعالم المدوّنات وإن كانت فيه بعض المحاولات، إلا أنه في الوقت الراهن لا يشكل ثقلا، نتيجة الحصار والمراقبة.

شبكة الصحافة العربية:هل التكنولوجيات الحديثة تهدّد مصير الصحافة المكتوبة في تونس. وكيف تحاول هذه الصحافة الصمود في وجهها؟
الطاهر العبيدي : يا سيدي الصحافة المكتوبة في تونس لا تهدّدها التكنولوجيا الحديثة، بل يهدّدها محتواها المتسلل عن هموم ومشاغل الناس، فماذا تنتظر من صحافة تقسّم صفحاتها بين أخبار العرّافين والمشعوذين وكرة القدم ، وتخصيص أعمدة للأكلات المفضلة للفنانين، والتغني بالانجازات، وهي بطبعها مهدّدة بالاندثار لولا دعم أصحاب القرار، وضخّ الإعلانات والعلاوات، وتبقى بعض الصحف المعارضة على قلتها تعاني من غياب الدعم والمحاصرة والاختناق. شبكة الصحافة العربية:يقال أن الرئيس بن علي يحب كثيرا ويفضل الإنترنيت. هل تعتقد أن هذا الحب قائم على حساب الصحافة المكتوبة؟
الطاهر العبيدي: لا يمكنني التنبأ بذلك لعل الجواب تجده عند أهله. شبكة الصحافة العربية:هل تعتقد أن الإعلام المكتوب تطور خلال حقبة الرئيس بن علي أمالعكس؟

الطاهر العبيدي: معذرة  سيدي عن خروجي عن نص السؤال لأستسمحك ، في نقل هذه الأخبار الآتية من الداخل التونسي، من مصادر موثوقة ، حيث وقع في المدّة الأخيرة الاعتداء على الزميلين محمد الحمروني، وسمير ساسي، أثناء دخولهما مقر جريدة الموقف التي يشتعلان بها، وللعلم فإن هذه الصحيفة تعرّضت في مناسبات عديدة للمصادرة والسحب من الأكشاك والمحاكمة،  جريدة  » مواطنون  » تمّ حجز عددها الأخير واستدعاء مديرها  » مصطفى بن جعفر  » ، للمثول أمام مساعد وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية –  » موقع كلمة  » الذي تشرف عليه الزميلة  » سهام بن سدرين  » وقع تخريبه وكذلك  « موقع الحزب الديمقراطي التقدمي  » – الزميل لطفي الحجي، معتمدا من طرف قناة الجزيرة كمراسل لها من تونس، منذ خمس سنوات لم يتمكن من الحصول على بطاقته المهنية – معز الجماعي  » مراسل موقع الحزب الديمقراطي التقدمي  » تم الاعتداء عليه بالشارع ويخضع لمراقبة أمنية لصيقة –  نزيهة رجيبة  » رئيسة تحرير موقع كلمة  » هذه الأيام تحال على المحكمة  من أجل مقال رأي- الفاهم بوكدوس « مراسل قناة الحوار » وجهت له تهم جنائية بعد أن قام بتغطية أحداث  » الحوض المنجمي « ، وهو الآن في حالة اختفاء –  الصحفي عبد الله الزواري بعد أن أمضى 12 سنة في السجن يطلق سراحه، ومنذ مدة 5 سنوات يخضع للمنفى الإجباري في الجنوب التونسي، ممنوعا من الالتحاق بأهله بتونس العاصمة، والقائمة طويلة في هذا المجال…  شبكة الصحافة العربية : ما مصير الصحافة المكتوبة والمرئية  في ظل غياب حرية التعبير في هذا البلد؟
الطاهر العبيدي : الصحافة المكتوبة والمرئية يا سيدي هي أوعية للخطاب الرسمي، وبالتالي فمصيرها مرتهن بمصير النظام. شبكة الصحافة العربية:هل تمكنت التكنولوجيات الجديدة في تطوير نوعية الصحافة و حرية التعبير؟ الطاهر العبيدي: أعتقد أن تطوير الصحافة في بلد ما لا يمكن أن تتمّ من خلال تكديس الأجهزة والآلات التكنولوجية، فالصحافة لا يمكن أن تنمو وتطوّر إلا في مناخ حر، كما ترجمها أحد الأمثال الانجليزية بالقول  » أن تموت جوعا وأنت حر خيرا لك أن تعيش عبدا وأنت سجين » شبكة الصحافة العربية:هل توجد في تونس جرائد يملكها خواص؟ وإذا كان الجواب لا، فما هو السبب في ذلك؟
الطاهر العبيدي: الصحافة في بلدنا هي مؤمّمة من طرف الحكومة، والحديث عن صحافة خاصّة هو نوعا من الترف الإعلامي، لأن الخصخصة في هذا المجال بالضرورة تتحوّل غصبا دون الرضاء إلى منابر موالية، وإن حاولت التمرّد والتملص تحال على دوائر الاتهام. 


الجزائر تشد الأنفاس استعدادا لمجابهة بين الحكومة والشارع


  بقلم رشيد خشانة   تعيش الجزائر على وقع سباق يشد الأعصاب ويكاد يقطع الأنفاس بين حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وقوى المعارضة المتحفزة لإطلاق حركة احتجاجية شبيهة بالتي شهدتها تونس ومصر. وفيما حددت المعارضة يوم السبت المقبل ميقاتا للمطالبة الجماعية برفع حال الطوارئ، السارية منذ نحو عشرين عاما، أمهل بوتفليقة وزراء الحكومة التي يرأسها أحمد أويحيى شهرا واحدا لتحريك قطاعاتهم وتنفيذ ما طلبه منهم في اجتماع مجلس الوزراء الذي ترأسه بنفسه. وحاول بوتفليقة صب الماء على النار الملتهبة في الشارع الجزائري، المُعجب بما فعله التونسيون والمصريون، بإعلان نيته رفع حال الطوارئ لكنه ترك تاريخ الرفع مفتوحا مازاد من الإحتقان. ويُرجح أن يسعى للمزيد من ترضية الشارع بإعطاء تطمينات للجزائريين بأن شقيقه لا يعتزم تشكيل حزب سياسي للمشاركة في الإنتخابات المقبلة والحلول محله. وذهب بعض المحللين إلى حد توقع الإقدام على عملية تطهير للطاقم الحكومي الحالي أسوة بما فعله الرئيس حسني مبارك بحكومة أحمد نظيف، في إطار إجهاض أي تفكير في إطلاق حركة احتجاجية الأسبوع المقبل في العاصمة والمحافظات الداخلية. شهر هل يكفي؟ ولوحظ أن مهلة الشهر التي أطلقها بوتفليقة ترددت في أكثر من ملف عرض للدرس في اجتماعات مجلس الوزراء، سواء تعلق بالتشغيل أم بتوزيع المساكن أم بتخفيف الأعباء البيروقراطية على المواطنين. ورأى محللون في ذلك رسالة لوزراء الطاقم الحكومي بأنه قد  »أعذر من أنذر ». وتمت قراءة هذا التحذير للحكومة بوصفه ورقة في يد بوتفليقة لامتصاص غضب الشارع، خصوصا فئة الشباب، ومن جهة أخرى لإرضاء الأحزاب التي تُقلل من أولوية البعد الاجتماعي وتطالب بالانفتاح والإصلاحات السياسية. ولوحظ أيضا أن بوتفليقة فضل برمجة اجتماع ثان لمجلس الوزراء قبل نهاية الشهر الجاري، أي قبل استئناف البرلمان دورته الربيعية، وفي ذلك إشارة إلى أنه في عجلة من أمره لمعالجة التداعيات التي أفرزتها أحداث الشارع. ويؤشر هذا الأمر أيضا إلى أن بوتفليقة قد يصدر القرارات التي أعلن عنها في مجلس الوزراء عن طريق  »مراسيم » بين دورتي البرلمان، مثلما يخوّله الدستور، وعدم انتظار دور بقية المؤسسات، مما يفهم منه أنه يريد إنقاذ فترة حكمه من الضربة العنيفة التي تلقاها في احتجاجات الشارع الأخيرة. وخلافا لما تقوله الأحزاب المشاركة في الإئتلاف الحكومي، وخاصة حزب جبهة التحرير الوطني بزعامة عبد العزيز بلخادم والتجمع الوطني الديموقراطي بزعامة أحمد أويحيى للتقليل من تداعيات أحداث الشارع، فإن الإجراءات التي بادر بها بوتفليقة، برغم محدوديتها ميدانيا، تؤكد أن ما جرى ويجري في تونس ومصر يُؤرقه. وبدا ذلك جليا عندما أعلن يزيد زرهوني نائب الوزير الأول عن رفض إلغاء حالة الطوارئ، فخرج رئيس الجمهورية في أقل من 24 ساعة بقرار يعاكس توجه زرهوني تماما، وفي ذلك أكثر من رسالة. وأجمع المراقبون على أن تلك المبادرة تهدف في المقام الأول إلى سحب البساط من تحت أقدام المعارضة التي دعت إلى مسيرة في 12 الجاري من أجل المطالبة برفع حال الطوارئ. وعندما يجد يزيد زرهوني نفسه، وهو الذي يُعتبر من أشد المقربين إلى الرئيس، يغرد خارج السرب، فإن ذلك لا يترك مجالا للشك بأن ما بادر به بوتفليقة يدل على قناعته بحجم الاحتقان السياسي الموجود في البلاد. لكن السؤال المطروح الآن هو هل بإمكان هذه الإجراءات إزاحة شبح الاحتجاجات التي انطلقت من تونس وانتقلت إلى مصر وهي بصدد البحث عن بلد آخر تحل فيه؟ هروب إلى الأمام؟ وفي هذا السياق تساءل معلقون عن نجاعة الإجراءات التي لجأ إليها بوتفليقة وقال الإعلامي علي جري في مقال بعنوان « الجزائريون ليسوا حيوانات يا سي عبد العزيز » مُوجها كلامه لوزير الدولة الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عبد العزيز بلخادم « ما أقدمت علية السلطة في الجزائر منذ احتجاجات الخامس من جانفي الفارط، لا يبعث على الارتياح، فإجراءات التهدئة التي اتخذتها السلطات العمومية بهدف تجنب انفجار الشارع، خاصة بعد ثورة الأشقاء التونسيين وما يحدث في مصر هذه الأيام، يؤكد للمرة الألف أن القائمين على هذا البلد يتجنبون رؤية الحقيقة ويستمرون في اتّباع سياسة الهروب إلى الأمام ». ورد على تصريحات بلخادم الذي توقع أن ما حدث من اضطرابات سياسية في تونس ومصر لن يتكرر في الجزائر، كون المحتجين في الجزائر ليست لديهم مطالب سياسية مثلما هو الحال في تونس ومصر واليمن والأردن، واعتبر أن هذه الرؤية تنظر للجزائريون على أنهم مجرد  »حيوانات استهلاكية » لا يهمهم سوى حشو بطونهم، وليست لديهم مطالب ديموقراطية على غرار الشعوب العربية الأخرى.  وأشار إلى التصريح الذي أدلى به وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط قبل أيام معدودة من انفجار الشارع المصري، وقال فيه بلغة الواثق من نفسه  »إن مصر ليست تونس وتوقعات انتقال ما جرى في تونس إلى مصر كلام فارغ، فالشعب المصري معزول عن ارتفاع الأسعار العالمية.. » لكن المصريين انتفضوا بعد أيام قليلة من هذا التصريح منادين بمطالب سياسية وعلى رأسها ذهاب النظام برمته بعدما كانت مطالبهم في البداية تتعلق برفع حال الطوارئ والمزيد من الحرية والديموقراطية ورفع الغبن الاجتماعي. وهذه مطالب « لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تتجزّأ لا في مصر ولا في أي بلد آخر بما في ذلك الجزائر » على رأي جري. انفتاح إعلامي؟ ولم تقتصر خطوات بوتفليقة الإستباقية على الوعد برفع حال الطوارئ وإنما حاول أيضا ترضية المعارضة بفتح الإذاعة والتليفزيون في وجه قيادييها والإعتراف بحق جميع التشكيلات السياسية والجمعيات في التعبير عن آرائها ومواقفها في مسيرات عبر المحافظات وإقامة تجمعات داخل القاعات في العاصمة. لكن كريم طابو السكرتير الأول لجبهة القوى الاشتراكية المعارضة أطلق شكوكا حول قانون مكافحة الإرهاب الذي سيحل محل قانون الطوارئ. وتمنى طابو ألا تكون النصوص القانونية التي كلف بوتفليقة الحكومة بإعدادها أكثـر  »قسوة » من حال الطوارئ نفسها. إلا أن حزب جبهة القوى الاشتراكية لم يدع أعضاءه للخروج في المسيرة المقررة للسبت المقبل مؤكدا أن  »الجزائريين لن يقبلوا بما رفضه المصريون.. » وعاد طابو للتأكيد على شروط حزبه بخصوص أي تغيير محتمل مشددا على أن  »الجزائريين يطلبون تغييرا جذريا وشاملا بما يتيح قيام ديموقراطية كاملة الأوجه ». أما الأمين العام لحركة النهضة فاتح ربيعي فرأى أن الإجراءات الأخيرة التي أقرها الرئيس بوتفليقة تدل على أن السلطة أقرت بأن المشكل في البلاد  »سياسي » بالدرجة الأولى. وأكد أن قرار بوتفليقة رفع حال الطوارئ يشكل استجابة لواحد من مطالب الحركة « التي رأت منذ البداية أن المشكل في الجزائر سياسي بالدرجة الأولى وليس اجتماعيا كما ترى الحكومة ». وشدد على أن  »الجزائر ليست بمنأى عما يحدث في محيطها العربي، خاصة إذا علمنا بأن الشعب الجزائري يعشق الحرية »، بينما كان يتحدث عن  »انتفاضة الشعب المصري المباركة بعد أن دشن الشعب التونسي ركب التغيير قبل ذلك ». وانتقد ربيعي بقاء أحزاب متفرجة على ما يحدق بالبلاد من مخاطر  »نتيجة سياسات خاطئة انتهجتها الحكومة وتضييق مساحة الحريات وتهميش الطبقة السياسية المعارضة والتضييق عليها ». وقال إن  »مؤسسات الدولة عاجزة عن التكفل بانشغالات المواطنين، فيما أدى الانغلاق والتضييق إلى جعل التعددية مجرد ديكور ». وشدد على أن  »الفساد المالي وعدم جدية السلطة في معالجته وانعدام المسؤولية السياسية فيه زاد من يأس المواطن وإحباطه ».  


الغضب المصري بعد الانتفاضة التونسية

عبد الحسين شعبان الانتفاضة التونسية التي أجبرت الرئيس زين العابدين بن علي على الرحيل لم تتوقف عند حدود تونس فقد امتدّت إلى خارجها، وكان صوت الشعب التونسي يجد صداه في عدد من البلدان، لعل أبرز ذلك ما شهدته مصر من تحركات شعبية عارمة، بدأت شرارتها الأولى في 25 يناير/كانون الثاني 2011.
ومثلما جاءت الانتفاضة التونسية عفوية ودون تخطيط، فقد جاءت الانتفاضة المصرية كذلك، احتجاجًا على البطالة والفساد وشحّ الحريات. هكذا أصبحت الشرارة التي انطلقت من سيدي بوزيد والقصرين وتونس والقاهرة والإسكندرية والسويس، حريقًا هائلاً التهمت نيرانه مراكز شرطة ومؤسسات أمنية في رمشة عين، وكأن الحدث يعيد نفسه، وسط تأييد شعبي منقطع النظير، متجاوزًا حاجز الخوف، الذي ظلّ مهيمنًا سنوات طويلة.  » أصبحت الشرارة التي انطلقت من سيدي بوزيد والقصرين وتونس والقاهرة والإسكندرية والسويس، حريقًا هائلاً, وسط تأييد شعبي منقطع النظير متجاوزًا حاجز الخوف، الذي ظلّ مهيمنًا سنوات طويلة  » وسارعت القوى السياسية والنقابية ومؤسسات المجتمع المدني في مصر مثلما ما هو في تونس بمشتركاتها المعروفة وعلى اختلاف توجهاتها، لتعلن بصورة جماعية إصرارها على التغيير، وإنْ كانت قد انتصرت في تونس وسط ذهول كبير، فما تزال تواصل الزحف والتظاهر لتحقيق هدفها الأول في مصر. وكان غياب قيادة سياسية ميدانية في البلدين، واستمرار حالة الفوضى والعنف، قد وضعَا تونس وبعدها مصر أمام خيارين قاسيين فإمّا الانفلات، خصوصًا بأعمال السلب والنهب ومداهمة البيوت والأملاك العامة والخاصة، وإمّا تسليم السلطة إلى الجيش. وإذا كان الجيش التونسي قد تدخّل لحسم الأمر والضغط للاستجابة للمطالبة الشعبية، فإن الجيش المصري سعى أيضا لتهدئة الخواطر، لاسيما بعد غياب الأجهزة الأمنية، وإذا كانت تونس قد أنجزت مهمتها الأولى، فإن ملامح تجربة متميزة لا تزال تتشكل في مصر بكل ثقلها. صحيح أن بن علي غير حسني مبارك. الأول حسم أمره « مضطرًا »، أما الثاني فقد أقال الوزارة وشكّل وزارة جديدة وعيّن عمر سليمان نائبا له وهو شخصية عسكرية تقول عنها المعارضة المصرية إنها محترمة، ولكنها ليست كافية لتحقيق الانفراج وحل عقدة الحكم. وقد أصبح الحكم يُدار من ثلاثة عسكريين، الرئيس مبارك والجنرال عمر سليمان ورئيس الوزراء الجنرال شفيق، لكن الجماهير ظلّت تصرّ على رحيل النظام. هكذا فرضت الاحتجاجات السلمية حضورها وإرادتها في أرقى ممارسة للحق من غير عنف، وفي التعبير عن الرأي بالسلم، ومواجهة الرصاص بصدور عارية، وفي المحصلة انتصر هذا الخيار على الخيار العنفي الذي ظلّ النظامان في تونس ومصر متمسكين به حتى اللحظات الأخيرة. وكعادة الأنظمة الفردية فقد اعتمد النظامان التونسي والمصري على الدعم الخارجي، اعتقادا منهما أن تقديم التنازلات لصالح القوى الخارجية سيحميهما من ردّ الفعل الشعبي، دون الالتفات إلى مشاكل الشعب وهمومه وآلامه، التي تمّ الاستهتار بها على نحو من عدم المبالاة والشعور بالمسؤولية، الأمر الذي فاقم الأوضاع سوءًا، وهو ما أدّى إلى عزلة النظامين وساعد بالتالي على الإطاحة بالأول واستمرار المظاهرات ضد الثاني، بتلك الطريقة المدنية الحضارية السلمية المثيرة. فهم بن علي الدرس أخيرًا لينجو بنفسه وكانت آخر إطلالاته على الشعب التونسي المنتفض هي استجداء التسامح والعفو، لأن هناك من « غرر » به قاصدًا بطانته السيئة، وفي محاولة للمناورة اختار تكتيك التراجع المنظّم، ليتبنّى بعض مطالب الشعب وليؤكد على « صدقية » حديثه، فوعد بالانفراجات وتأمين الحريات مؤكدًا أن لا رئاسة مدى الحياة، وكان يحسب أن الجيش والقوى الغربية، لاسيما فرنسا ستعمل على حمايته، ولكن حديثه لم يهدئ من روع الشعب، ولم يزرع في قلوب الجماهير الطمأنينة، كما أن الجيش كان في طريقه إلى الانحياز إلى جانب الشعب ضد السلطة. وفهم النظام المصري الدرس وإنْ كان متأخرًا، فدعا الرئيس مبارك إلى المزيد من الديمقراطية وتحقيق الإصلاحات والاستجابة للمطالب الشعبية، لاسيما الملحّة والعاجلة منها والتي تتعلق بالأوضاع الاقتصادية القاسية، والغريب أنه في تلك اللحظات العصيبة، أوعز إلى نائبه سليمان الاتصال بالمعارضة والاستماع إلى رأيها، ولم يكن ذلك بمعزل عن إرادة خارجية تم التعبير عنها من جانب الولايات المتحدة والعديد من الدول الغربية.  » التوازن الدولي قد يختل في المنطقة بغياب الرئيس مبارك ونظامه وهو ما يمكن أن يسبب تصدعًا في العلاقات المصرية الإسرائيلية، وقد يؤدي إلى نقض معاهدة كامب ديفد وإلى إعادة النظر في الموضوع الفلسطيني  » تولّى السلطة محمد الغنوشي بموجب « تفويض » أثار جدلاً دستوريًّا، لاسيما أن بن علي لم يعد له من أمل في العودة إلى بلاده رئيسًا، نظرًا لما صادفه من تخلّي أصدقائه. وتولّى الجنرال شفيق رئاسة الوزارة بتكليف من مبارك نفسه، الذي لا يزال حتى لحظة كتابة هذه المقالة ممسكًا بزمام الأمور حتى وإنْ أخذ يفلت من بين أصابعه، لكنه ظلّ يراهن على قطاعات أخرى، فضلاً عن الدعم الخارجي، خصوصًا أن التوازن الدولي قد يختل في المنطقة بغياب الرئيس مبارك ونظامه وهو ما يمكن أن يسبب تصدعًا في العلاقات المصرية الإسرائيلية، وقد يؤدي إلى نقض المعاهدة الموقعة بين البلدين (كامب ديفد) منذ عام 1978-1979 وإلى إعادة النظر في الموضوع الفلسطيني، حيث إن إسرائيل في ظل هذا الوضع نشرت الآلاف من الجنود الإسرائيليين في الجهة المحاذية لغزة خوفًا من الدعم المصري الجديد للقطاع. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد لفت الانتباه إلى قلق إسرائيل إزاء اختلال توازن القوى، وهو ما ركّزت عليه الصحافة الإسرائيلية، ذلك أن تغيير الأنظمة في الدول التي تحيط بـ »إسرائيل » قد يحمل في طياته خطرًا كبيرًا على الأمن القومي الإسرائيلي، كما تروّج له إسرائيل نفسها، وموضوعيًّا فقد تعتمد الأنظمة الجديدة أجندات جديدة تشكل بحد ذاتها إعادة نظر في السياسات القائمة، وتلك إحدى احتمالات الغضب المصري. لعل المصير « المأساوي » الذي واجهه زين العابدين بن علي، لاسيما دراما تنقّل طائرته الرئاسية بين مطارات العالم تبحث لها عن أرض تحطّ فيها وسط رفض أغلب الدول الغربية وتنكّرها له بدءًا من فرنسا وانتهاءً بإيطاليا، له دلالة بالغة الرمزية ليس بالعودة إلى الماضي فحسب، بل في النظر إلى المستقبل، فقد يتكرر مثل هذا السيناريو مع زعماء آخرين في المنطقة ما لم يستوعبوا الدرس جيدا. وإذا كان الرئيس مبارك أكثر عنادا فإن تطور الأمور قد يؤدي إلى صدام يدخل فيه الجيش كأحد اللاعبين الأساسيين، سواءً لحساب نفسه أو لحساب أحد الأطراف، مؤثرًا في المعادلة السياسية. لعل الحدثين التونسي والمصري يطرحان دلالة مهمة وهي أن مصادرة إرادة الشعب لها حدود، لاسيما عندما يطفح الكيل، فيصبح التغيير أمرًا لا مفرّ منه. وكلا الحدثين اعتمد على القوى الذاتية، فالحلول من خارج الحدود لا تشكل ضمانات للحكام أو للمعارضات، بل ستؤدي إلى إضعاف الهوية الوطنية والوحدة الوطنية، كما أن أول دروس الديمقراطية لا تبدأ بالفوضى، سواء كانت خلاّقة أو غير خلاّقة، ولن يتحقق مشروع الشرق الأوسط الكبير أو الجديد طبقا لوصفات خارجية لا تستجيب لطموحات شعوب المنطقة وحقوقها، وفي المقدمة منها حق الشعب العربي الفلسطيني في تقرير المصير وإقامة دولة مستقلة قابلة للحياة، وحق اللاجئين في العودة. ومن دلالات الانتفاضتين التونسية والمصرية، الدور الكبير الذي لعبه الإعلام وتكنولوجيا الاتصالات، فلم تعدْ أية وسيلة قمعية قادرة على الوقوف في وجه التكنولوجيا الحديثة التي تمكّنت من تخطي الزمان والمكان ونقل الصورة والصوت والحرف إلى أقاصي الدنيا في لحظات قليلة من الحدث، عن طريق الفيسبوك والتويتر والإنترنت والهاتف النقّال، لتخرج صورة البوعزيزي في ثوان من سيدي بوزيد إلى كل مدينة وقرية وشارع في تونس والعالم أجمع لتشعل الانتفاضة وتؤدي إلى رحيل الرئيس بن علي، مثلما انتقلت صورة المظاهرات من مدن مصر وشوارعها وحاراتها إلى العالم أجمع، ولم ينفع إغلاق قناة الجزيرة أو حتى قطع الإنترنت والهاتف النقال، في وقف الموج الهادر من البشر الذين يطالبون بالتغيير.  » نجح التونسيون والمصريون في تحقيق ثورة سلمية بامتياز، بوسيلتها الناجعة وهي اللاعنف، وهذا يدلّ على بلوغ التونسيين والمصريين درجة عالية من الوعي والثقافة والوطنية لحماية الوطن من الاحتراق وصون الدماء الوطنية  » نجح التونسيون والمصريون في تحقيق ثورة سلمية بامتياز، بوسيلتها الناجعة وهي اللاعنف، وهذا يدلّ على بلوغ التونسيين والمصريين درجة عالية من الوعي والثقافة والوطنية لحماية الوطن من الاحتراق وصون الدماء الوطنية. وقد آن الأوان للملمة الوضع وتضميد الجراح والتخلّص من مظاهر التخريب والعبث واليأس، والسير إلى الأمام، فنصف الانتصار قد تحقق ومهمة البناء والتنمية والديمقراطية والرفاه ستكون طويلة وهي النصف الأهم من المعركة. وكانت الوحدة الوطنية لجميع التيارات والقوى بمختلف مشاربها وتوجهاتها الفلسفية والسياسية، قد ساهمت في تعضيد المدّ الجماهيري الذي قاده الشباب الغاضب، لاسيما بوحدة الهدف وعدم تجزئة المطالب، فقد التقت الأحزاب والقوى السياسية والمدنية على أهداف مشتركة، على الرغم من تباين وجهات نظرها، وبذلك فوتت الفرصة على السلطة في البلدين لاستعداء بعضها على بعض. وكشفت أحداث تونس ومصر أن الشباب كانوا سدى الانتفاضة ولحمتها، لاسيما من المتعلمين وأبناء الطبقة الوسطى، ومن أصحاب الشهادات الجامعية، أي أن الخبز لم يكن وحده هو المحرّك الأساسي، بل كانت الكرامة والشعور بالإجحاف والغبن والبطالة وانعدام الحريات أساسًا لا غنى عنه لنزول الجماهير الهائجة إلى الشارع، ولا يمكن إلا فرض إرادتها، مهما طال الانتظار. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 6 فيفلري2011)
 

الاخوان : اقتراحات الاصلاح التي قدمها النظام غير كافية والبرادعي ينفي دعوته للحوار مع السلطات


2011-02-06 واشنطن – اعتبر القيادي في الاخوان المسلمين محمد مرسي الذي شارك في جلسة الحوار الاحد بين نائب الرئيس المصري عمر سليمان وممثلين للمعارضة، ان البيان الذي تضمن الاقتراحات بشأن الاصلاحات السياسية « غير كاف ». وقال في مؤتمر صحافي ان « البيان غير كاف ». من جهته قال عصام العريان المتحدث باسم الاخوان المسلمين في المؤتمر الصحافي نفسه « لم يستجيبوا لغالبية المطالب وما استجيب اليه تم بطريق شكلية ». واضاف في اشارة الى استمرار الحوار « ان ما حصل اليوم هو نقطة واحدة في طريق طويل بزمن قصير ». كما قال نائب المرشد العام للاخوان المسلمين محمود عزت في تصريح لوكالة فرانس برس « ان ما حصل اليوم هو اعتراف الحكومة بان هناك ثورة شعبية وان مطالبها مشروعة، واحد مطالبنا هو ضرورة مغادرة الرئيس ». واعتبر عزت ان هذا « الامر مرتبط بالضغط الشعبي ونحن نقوم بهذا الضغط الذي لا بد ان يستمر ». من جانبه نفى المعارض المصري محمد البرادعي الاحد ان يكون دعي الى الحوار الذي بداته السلطات المصرية مع ممثلين للمعارضة، واصفا هذه المفاوضات بانها « غير واضحة ». وقال البرادعي لشبكة ان بي سي « لم ادع للمشاركة في المفاوضات، في هذا الحوار، لكنني اتابع ما يحصل ». وللمرة الاولى تجري السلطات المصرية حوارا رسميا مع جماعة الاخوان المسلمين، ابرز قوة معارضة في مصر. واعتبر البرادعي ان هذه العملية « غير واضحة »، مضيفا « لا احد يعلم من يتحاور مع من حتى الان (…) العملية يديرها نائب الرئيس (عمر) سليمان والجيش، وتلك هي المشكلة ». وتابع ان « الرئيس عسكري ونائب الرئيس عسكري ورئيس الوزراء عسكري. اعتقد انهم اذا ارادوا فعلا ارساء الثقة، لا بد من اشراك مدنيين ولهذا السبب اقترحت وضع خطة انتقالية يكون فيها مجلس رئاسي يتالف من ثلاثة اشخاص ويضم الجيش، على راس حكومة انتقالية ». وفي الاطار نفسه، انتقد البرادعي « الالتباس الكبير » الذي اثارته السبت تصريحات فرانك فيسنر موفد الرئيس الاميركي باراك اوباما الى مصر والتي سارعت الادارة الاميركية الى النأي بنفسها عنها. وفي مقابلة اخرى مع شبكة « سي ان ان » قال البرادعي ان « الولايات المتحدة كانت اعلنت بوضوح ان على (الرئيس حسني مبارك) ان يرحل. ثم اعلن فرانك فيسنر ان على مبارك ان يبقى وهذا الامر اشاع التباسا كبيرا، خيبة امل كبيرة ». وشدد المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية على ان « المصريين رحبوا بتصريحات باراك اوباما لجهة ان وقت انتقال السلطة قد حان »، مؤكدا ان « المصريين يريدون نظاما جديدا ورحيل مبارك سيكون مؤشرا واضحا الى اننا على الطريق السليم ». ونأت الادارة الاميركية بنفسها السبت عن تصريحات لفرانك فيسنر الذي كان توجه الى مصر بناء على طلب الرئيس الاميركي. ودعا فيسنر السبت الى بقاء مبارك في الحكم في اطار مناقشة خلال المؤتمر الامني في ميونيخ شارك فيها من الولايات المتحدة عبر الدائرة التلفزيونية. وعلى الاثر، اعلن مسؤول كبير في ادارة اوباما لفرانس برس ان ما قاله فيسنر « يلزمه هو وليس الحكومة الاميركية ». (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 06 فيفري 2011)

اختلاف بين المعارضين بمصر حول الحوار


اختلف تعاطي المعارضة الرسمية والشعبية في مصر مع دعوة الحوار التي وجهتها الحكومة المصرية لإنهاء الاحتجاجات الضخمة المستمرة منذ نحو أسبوعين، ففيما تصر قيادات الشباب الذين نظموا حركة الاحتجاجات على تغييرات جوهرية في النظام في مقدمتها تنحي الرئيس حسني مبارك، وافقت بعض القوى على الحوار، وقدمت أخرى شروطا قبل البدء فيه. وبعد أن كانت أحزاب وصفت بالرسمية لم تتضح هوياتها وشخصيات قد بدأت حوارات مع نائب الرئيس المصري عمر سليمان لم تعرف نتائجها ولا تفصيلاتها، أعلنت جماعة الإخوان المسلمين أنها ستدخل في هذه الحوارات، متراجعة عن موقف سابق بهذا الخصوص. وقدمت الجماعة -التي سيلتقي ممثلون عنها مع سليمان صباح اليوم- تأكيدات بأن قائمة مطالبها التي تتضمن تنحي الرئيس مبارك لم تتغير. وأكد محمود عزت نائب المرشد العام للجماعة أن قرار التحاور مع الحكومة جاء بعد استجابتها لعدة شروط.  وأوضح -في اتصال هاتفي مع الجزيرة- « لقد اشترطنا وقف العدوان على الشعب المصري الكريم فأوقفوه، كما اشترطنا محاكمة ومعاقبة كل من تسبب في الأذى للشعب المصري طوال الـ30 عاما وبدؤوا في الاستجابة لذلك ».  وعما إذا كانت الجماعة قد تراجعت عن مطلبها بتنحي الرئيس حسني مبارك، قال عزت « لم نتخل عن هذا المطلب، وما زلنا نطالب بتنحيه ».   لكن وكالة رويترز نقلت عن القيادي في الجماعة محمد مرسي أنه « لا يوجد إلى الآن اتفاق بين أحزاب المعارضة المختلفة على سيناريو واحد ». وذكر أن الجماعة تقترح أن يتولى رئيس المحكمة الدستورية صلاحيات رئيس الجمهورية وفقا لما يقضي به الدستور « لأن البرلمان علق فعليا منذ اندلاع الاضطرابات في مصر ». وأشار مرسي إلى أن رئيس المحكمة الدستورية سيدعو عندئذ إلى انتخابات برلمانية، حيث يمكن للبرلمان المنتخب أن يدخل التعديلات الضرورية على بنود الدستور لإجراء انتخابات رئاسية عادلة ونزيهة. وأضاف أن « معظم بنود الدستور تتعلق بالرئيس، والرئيس يجب أن يرحل، لذلك نحاول إيجاد مخرج دستوري إذا لم يعد الرئيس موجودا في منصبه ». وكان التلفزيون الحكومي قد قال إن سليمان بدأ أمس السبت اجتماعات مع شخصيات مستقلة ومن المعارضة لبحث الخيارات التي تركز على « كيفية ضمان إجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة في ظل التقيد بالدستور ». ولم يذكر التلفزيون أسماء تلك الجماعات. قيادة الشباب وفي هذه الأثناء, تحدث صحفيون للجزيرة عن تشكيل قيادة موحدة تمثل الشبان الذين قادوا ما بات يوصف بـ »ثورة الـ25 من يناير ». وأوضح الصحفي توفيق غانم أن المتظاهرين شكلوا لجنة من عشرة أعضاء تمثل قوى شبابية وسياسية مختلفة، تدعمها لجنة من 20 شخصية من كتاب ومفكرين وسياسيين ونشطاء مجتمع مدني، من ضمنهم المستشار طارق البشري نائب رئيس مجلس الدولة السابق والناصري حمدين صباحي، والإخواني محمد البلتاجي. ولم يتضح بعد ما إن كانت هذه القيادة ستتولى الحوار مع نائب الرئيس، غير أن الإصرار على التعديلات الجوهرية في بنية النظام المصري تقلل كثيرا من احتمالات مثل هذا الحوار. وكانت لجنة أسمت نفسها « لجنة الحكماء » قد تولت الحوار مع الحكومة، واقترحت نقل صلاحيات الرئيس إلى نائبه عمر سليمان كمخرج من الأزمة، لكن عددا من الشباب المنظمين احتجاجات الـ25 من يناير نفوا الأنباء التي ترددت عن توصلهم لاتفاق مع هذه اللجنة حول مقترحها. واعتبر شريف منصور -أحد هؤلاء الشباب- أن ما جاء في بيان الحكماء محاولة للالتفاف على مطالب الثورة التي عبرت عن رأي وضمير الشعب المصري. من جانبه أكد الناشط أحمد القصاص أن القبول بمبدأ تفويض مبارك صلاحياته لعمر سليمان يعني بقاء مبارك في منصبه، وهو الأمر الذي يتعارض مع أول أهداف « الثورة »، مشددا على أن من يعطي التفويض من حقه أن يسحبه في أي وقت، وبالتالي تعود الصلاحيات كلها بيده. وعبر القصاص عن احترامه لأعضاء لجنة الحكماء، لكنه شدد في ذات الوقت على أن أي حزب أو تيار سياسي وافق على التفاوض مع السلطة قبل تنحي مبارك فهو « لا يمثل ثورة التغيير ». ومن بين الأشخاص الذين تضمهم لجنة الحكماء فهمي هويدي وعمرو موسى ويحيى الجمل وأحمد كمال أبو المجد وبهاء طاهر وسلامة أحمد سلامة. وقال ضياء رشوان من مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية وعضو « لجنة الحكماء » لرويترز إن جميع فصائل وقوى المعارضة بما في ذلك جماعة الإخوان دعيت لإجراء محادثات يوم السبت، لكنها اختلفت بشأن بعض القضايا، « بينما لم يكن بعضها مستعدا لبقاء الرئيس حسني مبارك حتى لو كان بقاؤه بشكل رمزي ». وأشار إلى أن حركة الشباب لا تقبل وجود مبارك بأي صورة أو شكل وأضاف قائلا إن لجنة الحكماء تحاول إقناعهم بقبوله والتوصل إلى حل وسط. يذكر في هذا الصدد أن جماعات المعارضة الرئيسية تتألف من الإخوان المسلمين والجمعية الوطنية للتغيير التي يرأسها محمد البرادعي وحركة كفاية وحزب الوفد اللبرالي وحزب التجمع اليساري, فيما تمثل حركة 6 أبريل الشباب. اقتراح البرادعي من جهته قال المعارض المصري محمد البرادعي إن الوسيلة الوحيدة لنزع فتيل الأزمة السياسية هي تنحي مبارك بسرعة وتشكيل حكومة انتقالية ملائمة. وقال إذا بقي مبارك « فسيجعل ذلك الشعب أكثر غضبا وسيصبح الناس أكثر إصرارا على مواصلة مظاهراتهم ». واقترح تشكيل مجلس رئاسي مؤلف من ثلاثة أشخاص, بينهم شخص واحد من القوات المسلحة, واثنان من المدنيين, مع حكومة انتقالية ملائمة. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 06 فيفري 2011)

برقيات مسربة : عمر سليمان سعى لتخويف أمريكا من « وحش » الاخوان المسلمين

لندن (رويترز) – كشفت برقيات دبلوماسية سربها موقع ويكيليكس ان عمر سليمان النائب الجديد للرئيس المصري سعى دوما الى رسم صورة مخيفة لجماعة الاخوان المسلمين المعارضة خلال اتصالاته مع المسؤولين الامريكيين. وتثير هذه التسريبات الشكوك بشأن دوره كوسيط أمين في الازمة السياسية الحالية في مصر. وتضمنت برقيات للسفارة الامريكية سربها موقع ويكيليكس واطلعت عليها رويترز حصريا من بين 250 ألف وثيقة دبلوماسية أن سليمان رئيس المخابرات المصرية السابق اتهم الاخوان بتفريخ المتطرفين المسلحين وحذر في 2008 من انه اذا قدمت ايران الدعم للجماعة المحظورة فسوف تصبح « عدونا ». يأتي التسريب في الوقت الذي التقى فيه سليمان يوم الاحد بممثلين لجماعات واحزاب معارضة من بينهم ممثلون لجماعة الاخوان المسلمين المحظورة رسميا بغرض بحث سبل انهاء أسوأ أزمة سياسية تشهدها مصر منذ عقود. وطرحت واشنطن خيارات للتعجيل باستقالة الرئيس حسني مبارك ومن بينها سيناريو يتضمن تخليه عن كافة سلطاته لحكومة انتقالية يرأسها نائبه ويدعمها الجيش. وعين مبارك الذي ظل بلا نائب طوال حكمه الممتد منذ 30 عاما سليمان (74 عاما) نائبا له في 29 يناير كانون الثاني فور اندلاع احتجاجات شعبية مطالبة بانهاء حكمه. ولن يثير ما يبديه سليمان سرا من ازدراء للاخوان دهشة المصريين الذين اعتادوا موقف حكم مبارك المناويء للاسلاميين. غير ان الكشف عن هذه البرقيات قد يثير الشكوك في الوقت الذي يسعى فيه سليمان الى جذب الجماعة المحظورة منذ زمن طويل الى الحوار بشأن الاصلاح. والمؤشر الواضح من البرقيات المسربة يتمثل في ان المسؤولين الامريكيين كانوا متشككين في جهود سليمان لتصوير الاخوان المسلمين على أنهم « وحوش ». واستغلت حكومة مبارك كثيرا التهديد الاسلامي لتبرير استمرار حكمها الاستبدادي لسنوات. كما تشعر الولايات المتحدة واسرائيل بالقلق بشأن مصير معاهدة السلام المصرية الاسرائيلية الموقعة عام 1979 في حالة حصول الاخوان المسلمين على مزيد من النفوذ السياسي في مرحلة ما بعد مبارك. وقال بي.جي. كرولي المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية عند سؤاله عن الوثائق التي اطلعت عليها رويترز « نحن نرفض التعليق على أي وثيقة سرية منفردة. » وفي برقية بتاريخ 15 فبراير شباط 2006 يقول السفير الامريكي في القاهرة انذاك فرانسيس ريتشاردوني ان سليمان « أكد ان الاخوان المسلمين فرخوا 11 منظمة اسلامية متطرفة اهمها جماعة الجهاد المصرية والجماعة الاسلامية. » وسحقت قوات الامن المصرية الجماعات الاسلامية التي استهدفت السائحين والاقباط ووزراء في الحكومة ومسؤولين اخرين في التسعينات في حملتها الساعية لاقامة دولة اسلامية وما زالت تحكم قبضتها عليها حتى الان. وشكلت جماعة الاخوان المسلمين جناحا عسكريا سريا من قبل لكنها تقول الان انها ملتزمة بنشر سياساتها من خلال الوسائل السلمية والديمقراطية. ولم تستطع الحكومة اثبات ضلوع الاخوان في تدبير أي عمل عنيف منذ ما يزيد على 50 عاما. وأنحى مبارك باللائمة في حديث أدلى به لقناة ايه.بي.سي يوم الخميس على الاخوان في اعمال العنف التي اندلعت يوم الاربعاء خلال احتجاجات شهدها ميدان التحرير بوسط القاهرة. وقال شهود عيان ان أنصار مبارك كانوا البادئين بالعنف. وتقول برقية بتاريخ 2006 ان سليمان تحدث الى روبرت مولر مدير مكتب التحقيقات الاتحادي الذي كان يزور القاهرة في فبراير شباط عام 2006. وتقول البرقية ان سليمان قال انه اخبر مولر بأن الاخوان « ليست منظمة دينية ولا منظمة اجتماعية ولا حزبا سياسيا وانما هي خليط من كل ذلك. » ومضت البرقية تقول « الخطر الرئيسي من وجهة نظر سليمان هو استغلال الجماعة للدين في التأثير على الناس وحشدهم. « وصف سليمان النجاح الاخير للاخوان المسلمين في الانتخابات البرلمانية بأنه مؤسف مضيفا رؤيته بأنه على الرغم من أن الجماعة غير شرعية رسميا الا ان القوانين المصرية القائمة لا تكفي لكبح الاخوان المسلمين. » وتشير البرقية الى الانتخابات البرلمانية التي اجريت في نوفمبر تشرين الثاني وديسمبر كانون الاول 2005 التي حقق فيها الاخوان مكاسب قوية على الرغم من احتفاظ الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم بالاغلبية. وفي برقية أخرى بتاريخ 2 يناير كانون الثاني 2008 قال ريتشاردوني ان سليمان قال ان ايران ما زالت تمثل « تهديدا كبيرا لمصر. » واعتبرت الحكومات الامريكية المتعاقبة حكم مبارك درعا ضد توسع النفوذ الايراني في العالم العربي وهو تصور استغله الرئيس المصري لصالحه في الحصول على مساعدات عسكرية بمليارات الدولارات. ونقل السفير الامريكي عن سليمان قوله ان « ايران تدعم الجهاد وتفسد جهود السلام وكانت تدعم المتطرفين في مصر من قبل واذا دعمت الاخوان المسلمين فهذا سيجعلها عدوا لنا. » وقال ريتشاردوني في برقية بتاريخ 25 أكتوبر تشرين الاول ان سليمان يتبع خطا متشددا على نحو خاص بشأن طهران وانه يشير الى الايرانيين كثيرا بلفظ « الشياطين. » وتشير البرقيات الى أن المسؤولين الامريكيين ردوا دائما بتشكك في التحذيرات المصرية بخصوص الاخوان المسلمين. وقال ريتشاردوني في برقية بتاريخ 29 نوفمبر تشرين الثاني 2005 لمولر قبل زيارته لمصر ان المسؤولين المصريين « لديهم تاريخ طويل من تهديدنا بوحش الاخوان المسلمين. » وكتب يقول « ربما يحاول نظراؤك (المصريون) الاشارة الى أن اصرار الرئيس (جورج بوش انذاك) على ديمقراطية اكبر في مصر هو السبب وراء النجاح الذي حققه الاخوان المسلمون في الانتخابات. « يمكنك أن ترد على ذلك بالقول أنه على العكس فان صعود الاخوان المسلمين يشير الى الحاجة لمزيد من الديمقراطية والشفافية في الحكومة. « صور التخويف والتزوير التي ظهرت من الانتخابات الاخيرة تصب في صالح المتطرفين الذين نعارضهم نحن والحكومة المصرية. الطريقة المثلى للتصدي للسياسات الاسلامية ضيقة الافق هي انفتاح النظام. » وفي برقية بتاريخ 29 يناير كانون الثاني 2006 بدا ان ريتشاردوني يستشرف الاضطرابات الحالية عندما كتب لمولر يقول « لا نقبل الطرح بأن الخيارات الوحيدة لمصر هي اما نظام مستبد بطئ الاصلاح واما نظام اسلامي متطرف كما لا نرى أن المزيد من الديمقراطية في مصر سيؤدي بالضرورة الى حكم على رأسه الاخوان. » من مارك هوسنبول (المصدر: موقع « سويس انفو » (سويسرا) بتاريخ 06 فيفري 2011)

الثورة المصرية الكبرى: آفاق ومخاطر

عزمي بشارة 
 
الخروج من النفق افتتحت الثورتان التونسية والمصرية عصرا عربيا جديدا يتاح فيه الجمع بين الحرية والحقوق وبين السيادة والمواطنة. لن تستهين الأنظمة بشعوبها بعد اليوم. وسوف تجد نفسها مضطرة إلى أن تختار بين الإصلاح الشامل ورحيل النظام. وعلى مستوى القوى السياسية والانقسامات الإيديولوجية سوف يتغير كل شيء. ستفقد الانقسامات السابقة معناها. فقد تضاءل وزن النقاشات الفكرية بين التيارات الإيديولوجية السابقة. لم يتمكن أي منها من خوض التحدي. وصعدت ظاهرة القوى الاجتماعية الجديدة الرافضة للظلم والمتمسكة بالقيم. وسوف تنشأ تعددية جديدة. وسوف يتقدم فيها الصفوف ذلك الفكر القادر على الجمع بين الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والهوية العربية من دون التنكر للحضارة الإسلامية.  
في مصر * بعد عقود من تراكم الشعور الشعبي بالقهر، انتفض الشعب المصري أخيراً ضد النظام الحاكم. لقد ربطت غالبية الشعب ما تتعرض له بطبيعة النظام الحاكم. وأصبح النظام عنوان المرارة من التعسف في أقسام الشرطة، ومن الفساد في المعاملات الرسمية، ومن الشعور بالفاقة في ظل الإثراء بواسطة الفساد، والمال والجاه الناجم عن التقرب من ذوي السلطان والشوكة. لقد رُبط كل هذا أخيراً بنظام الحكم السائد، تجلى ذلك في النقمة والنكتة الشعبية على حد سواء، كما تجلى في السخرية والقصائد والأغاني، وفي الاكتئاب وعدم الارتياح الشامل الذي لاحظه كل من زار مصر في السنوات الأخيرة. وبلغ الأمر حد أزمة الهوية، إذ مس النظام بالكبرياء المصرية وفهم المصريين لذاتهم ولدورهم. وللتعويض عن ذلك كان على النظام أن يؤجج وطنية مصرية على شكل عصبية فارغة مجوفة غير مستندة إلى المصلحة الوطنية ولا إلى افتخار الناس بإنجازات اقتصادية أو علمية أو سياسية، عصبية جوفاء غاضبة يسهل التحكم فيها لتتحول إلى غضب ضد الآخر، أو إلى مجرد ولاء للنظام وتعصب ضد منتقدي الرئيس كأنهم ينتقدون البلد. واستغلت حتى لعبة كرة قدم لهذا الغرض. ومثل بقية الأنظمة العربية نشر هذا النظام المرتكز على استبدال الكفاءة بمراءاة ذوي السلطة والنفوذ حتى في ميادين الثقافة، والمهنية بالقرابة والقربى، والإنتاج بالاستهلاك، كما نشر أخلاقيات الكذب والرياء في التعامل مع الدولة والنفاق في التعامل بين المرؤوسين ورؤسائهم، والفظاظة في التعامل مع النقد… حتى تحول كل مسؤول إلى فرعون في التعامل مع من هم تحت إمرته وإلى عبد في التعامل مع آمريه، كما نشر عنفاً شارعياً على مستوى التعاملات بين البشر يتحول بسهولة إلى طائفية وغيرها، كمسارب لتفريغ نقمة ومرارة الناس من نظام سياسي اجتماعي مجحف شحَنَ النفوسَ وحقَنَها بالعنفِ.   * ربما كانت ثورة تونس المجيدة هي السبابة التي ضغطت على الزناد، وربما بلغ السيل الزبى على أي حال. وربما كان الشباب المصري الواعي والمثقف الذي يمثل نقيض الثقافة التي نشرها النظام هو السبابة وهو الزناد. إنه الشباب المتواضع والمهذب والمنفتح على العالم والرافض للفساد وعدم الكفاءة، والنافر من الظلم و »البلطجة » السياسية والتهريج الإعلامي. لقد دعي هذا الشباب للانتفاض يوم 25 يناير/كانون الثاني بعد « بروفات » عديدة قبل ثورة تونس، كان أهمها إضراب 6 أبريل/نيسان الذي دعي إليه في المدونات تضامنا مع عمال المحلة، والمحاولات المستمرة لنقل معاناة المواطنين عبر الإنترنت من الكاميرات التي يحملها الشباب على هواتفهم، و »حركة كفاية » التي كسرت حاجز الخوف واجترحت ظاهرة التظاهر ضد التجديد والتوريث، واستمرت في التظاهر فترة طويلة في مرحلة الركود، والاعتصامات المستمرة أمام نقابة الصحفيين، وتجاوز بعض الصحفيين المصريين حاجز الخوف في توجيه نقدهم لما كان يعتبر محرماً على النقد مثل الرئيس وعائلته.   * وكانت النفوس محتقنة جاهزة لاستقبال النداء، وكانت العقول مقتنعة تنتظر الفعل والممارسة. فوقعت دعوة الشباب يوم 25 يناير/كانون الثاني وقوع صاعقة في السهوب الجافة بعد صيف طويل. لم يكن واضحاً حين خرجت الجموع هل يوم الغضب هو يوم احتجاج أم ثورة سياسية جامعة. جاء هذا اليوم بعد أسابيع معدودة من ثورة سياسية شاملة في تونس قامت في ظروف شبيهة، أي تولدت عن حركة احتجاج غير مخططة. فتولد فورا الوعي بأن المصريين يتظاهرون ليس ضد خطوة محددة قام بها النظام، ولا للتعبير عن تضامن مع ضحية بعينها، بل ضد النظام بشكل عام. لكن الثورة المصرية اختصرت الطريق من العيني إلى العام، إذ بدأت بالشأن العام مباشرة. لقد انطلق أهالي ناحية سيدي بوزيد في تونس احتجاجاً على ما يتعرضون له من بطالة ومهانة بعد أن أشعل شاب نفسه احتجاجاً، ثم انتشر الاحتجاج بالتدريج وتحول -عبر تفاعله مع ظروف الناس ووعيهم بظروفهم- إلى ثورة شاملة سعت إلى تغيير نظام الحكم. ونستطيع الجزم بأن هذا لم يكن هدف المواطنين الأصلي في ناحية سيدي بوزيد. ولكن وضع الناس، بما فيه وعيهم، كان مهيّئاً لذلك. أما في مصر فقد كان يوم الغضب عاماً منذ اللحظة الأولى، لم يكن مطلبياً موجهاً ضد البطالة أو أو أ, لرفع الأجور أو احتجاجاً على رفع الأسعار، بل كان الغضب عاماً ضد كل ما يعانيه الشعب المصري في العقود الأخيرة، ويُعتَبَر النظام سبباً له.   * أما في العنوان فقد رُبط هذا الأمر بالرئيس وعائلة الرئيس كما يحصل في أي نظام استبدادي. فرمز النظام الدكتاتوري هو الحاكم. وكانت مسألة التوريث مؤشرا قويا لسلوك النظام أنه يملك البلد، ولا يحكمها فحسب. وشكّل التوريث موضوع التندر والنقمة في أحاديث الشارع المصري في الأعوام الأخيرة، كما استحوذ توريث المنصب من الرئيس لابنه على أحاديث هذا الشارع. لا غرابة إذن أن يتركز الاحتجاج في شعار إسقاط الرئيس ومنع التوريث.   * هذا لا يعني طبعاً أن هدف الشعب المصري هو الإتيان بدكتاتور جديد أو استبدال الرئيس برئيس مخابراتي ليعيش الشعب ثلاثين عاماً أخرى في ظل نفس نظام الحكم. يحتاج المرء إلى خيال من نوع ملتوٍ لكي يتخيل أن عنوان رحيل الرئيس يعني الاكتفاء برحيله شخصيا. وكل من حاول أو يحاول أن يلخص مطلب المتظاهرين بذهاب الرئيس، فإنما يسعى إلى احتواء الثورة أو إجهاضها والالتفاف عليها بالإبقاء على نظام الحكم كما هو. وفعلاً، لو كان الهدف التخلص من الرئيس المريض والمتقدم في السن لكان بالإمكان انتظار وفاته، أو انتظار انتهاء مرحلته بعد ستة أشهر مادام تعهد بعدم الترشح مرة أخرى. وكما قال رئيس الحكومة المعين الجديد يوم 3 فبراير/شباط على محطة « بي بي سي » (BBC) العربية فإن عدم الترشح في هذه الحالة يعني الرحيل وكفى.   الإصلاح والثورة والرئيس ونائب الرئيس * يشوب طرح رحيل الرئيس كأنه يعني مسألة نقل الصلاحيات إلى نائب الرئيس -وكأن هذا النقل للصلاحيات هو تلبية لمطلب الثورة- استخفافٌ بعقول الناس واستهانةٌ بتضحياتهم. لا يصنع الناس ثورة نادرة في تاريخ العرب والإقليم بهذا الاتساع والشمول، وبهذا الزخم الشعبي، وبهذا الكم من التضحيات (واسمحوا لي أيضاً أن أقول بهذا الجمال) لكي يسلم الرئيس السلطة لنائب الرئيس. فالرئيس يسلم السلطة لنائبه في حالة فقدان قواه العقلية أو الجسدية، أو في حالة الوفاة، أو في حالة صراع قوى وانقلاب داخل النظام. أما اختزال العمل الثوري إلى مطلب تولي نائب الرئيس مهام الرئيس فقد يعني نوعا من دعم جناح ضد آخر داخل نظام الحكم نفسه.   * يقوم نظام الحكم -أي نظام حكم- بإصلاح نفسه إذا لم يعد قادراً على الحكم بنفس الأساليب. والنظام الذي يُدرك ذلك يستبق الثورات الاجتماعية الشاملة ضده بإصلاح ذاته. وفي كثير من الحالات يشمل الإصلاح انفتاحاً على فئات اجتماعية يستوعبها نظام الحكم، وقد يتجنب بذلك مخاطر الإطاحة به بشكل كامل. أما في حالة مصر فيبدو أن النظام لم يستنتج الحاجة إلى إصلاح، بل فوَّتها عن سبق الإصرار في عدة مناسبات. بل وقد ازداد غروراً وتبجحاً وتدهورت حالته عبر السنين، وانعزل الحاكم عن شعبه في شرم الشيخ، وازداد خطابه استهانة بالنقد، وأمعن في ممارساته الأمنية ضد خصومه. ووصلت الدعاية الإعلامية الفارغة حد العبث غير المتقن الإخراج (كما جرى في مونتاج صورة الزعماء المعروفة في الأهرام، حين بدا مبارك يتقدم الرؤساء الذين يصغرونه سناً بثلاثين عاماً لكي تُظهره صحيفة الأهرام شاباً)، وكما ظهر من خطابه وخطاب بعض المثقفين إبان الحرب على غزة، وفي تبرير عدم معاقبة مرتكبي فظائع فساد في قطاع البناء وفي قطاع المواصلات أدت إلى مقتل آلاف المصريين في حريق العبارة وحريق القطار وغيرها.   * إن التوجه القاضي باعتبار الثورة احتجاجاً له مطالب، وأن هذه المطالب سوف تُلبّى بمجرد ظهور الرئيس -أو نائبه- ليعد المتظاهرين بقبول بنود الدستور 76 و77، وعدم ترشيح الرئيس لدورة رئاسة إضافية، والتعهد بعدم ترشيح ابنه، هي ليست تعبيرا عن تشخيص خاطئ لماهية الثورة فحسب، بل يرجح أنها كاذبة عن قصد وترصد. لأن السلوك برمته يشي برفض المطالب. ومن يريد الإصلاح يُفترض أن يقوم به قبل تفجر الثورة. فالثورة ليست مطلباً موجهاً له بل هي حركة ضده. وليس مطلوباً منه أن يستجيب لمطالب الثورة بل مطلوب منه أن يستنتج أن عليه أن يرحل لأنه غير قادر على البقاء.   * من المثير للاستغراب أن يظهر نائب رئيس الجمهورية المُعين كنتيجة من نتائج هذه الثورة ويشكر الشباب، لأنه من دونهم لما حصل هذا الإصلاح، أي لأنه من دونهم لما عُيِّنَ نائباً للرئيس، هذا لو قصد أن يشكرهم على تعيينه نائباً للرئيس. ولكنه لم يقصد ذلك بل حاول أن يخدع الثورة وأن يلتف حولها. فمن يشكر لا يمكن أن يحاصر من يشكرهم في الوقت ذاته، وأن يطلق عليهم الزعران والمجرمين، وأن يعتقل الصحفيين لكي لا يُغطوا نشاطهم، وأن يحرض على وسائل الإعلام التي ترفع صوتهم، بل وأن يتهمهم بالعمالة لقوى أجنبية.   * ليس هنالك شك في أن النظام غير صادق في استجابته لما يسميه « مطالب الشباب ». فهو قادر على تنفيذ قسم كبير منها الآن لو كان صادقاً: مثلاً أن يرفع حالة الطوارئ الآن، ومثلاً أن يُعلن أن انتخابات مجلس الشعب غير شرعية الآن، وأن يوقف ملاحقة الصحفيين الآن. ولكنه يقدم الدليل تلو الدليل على أنه غير صادق في قبولها الآن، فما بالك بتنفيذها بعد حين إذا اقتنع الشعب المصري بالمناشدات وفض الثورة، وعاد إلى المنازل؟ ما الذي سيدفع النظام حينها إلى تنفيذ ما رفض سابقا قبولَه حتى شفويا، وهو الذي اعترف -على لسان نائب الرئيس المعين- بأنه لولا الثورة لما فكر أصلاً في قبول المطالب نظرياً؟، فهل سينفذ وعوده عملياً في غياب الثورة من الشارع، أم ستبدأ حملة تحريض على « شبكات الجواسيس » و »العملاء » و »المخربين » و »مثيري الشغب »، خاصة بعد أن يثبِّت النظامُ نفسَه، ويستعيد علاقاتِه الدولية معتمدا على براغماتية الغرب بقبول حلفائه القائمين كما هم في غياب الثورة؟، ألم يقبل الغرب النظام المصري كما هو قبل الثورة؟، ألم تتحرك في عروقه دماء حقوق الإنسان والديمقراطية فقط بعد أن نشبت الثورة المدنية؟، لا بد من الافتراض أنه سيعود لقبوله والتحالف معه إذا نجح في فض الثورة. لا تجوز إذن العودة إلى الحياة الطبيعية إلا بعد تنفيذ المطالب. فالوعود في ظل الثورة لا تعني شيئا في غيابها. وقد ينتقل النظام إلى الهجوم على الثوار وفتح معسكرات الاعتقال لهم إذا سمح له بالاستمرار وفضت الثورة لأنه وعد.   الحكمة والذكاء * هذا كله مفهوم، لكن ما هو غير مفهوم هو أن يروج مثقفون يعتبرون أنفسهم نقديين (أو كانوا نقديين في إطار الوضع القائم) لمثل هذا المزاج السياسي الذي يعتبر الثورة مأزقاً، ويرى أن مصر في مأزق، وفي الثورة أزمة تحتاج إلى حل. ثم يروجون أن في جعبتهم حلولاً تتلخص في نقل صلاحيات الرئيس إلى نائبه بشكل « سلس » كما يقولون، وفي « تهدئة » الشارع ثم التفاوض مع نائب الرئيس على مطالب الثورة. هذا لا يليق بمثقفين نقديين بل بـطاقم استشاري « Think Tank » يعرض على النظام سيناريوهات مختلفة لكيفية الخروج من المأزق.   * والترويج لرئيس مخابرات النظام الذي أصبح نائبا للرئيس بأنه « نظيف » و »محترم » هو أمر غريب إلى حد الاستهجان، خاصة مع علم المروّجين بدوره المحلي والإقليمي في تثبيت النظام طيلة عقود، ومع علمهم بأنه ليس مجرد موظف في خدمة الدكتاتور، كما كان محمد الغنوشي في خدمة زين العابدين بن علي مثلا، بل أحد أركان الدكتاتورية المُأَدلجين كما تجلى في علاقاته الخاصة مع إسرائيل والولايات المتحدة في الأزمات التي مرت بها المنطقة في العراق وفلسطين ولبنان وغيرها.   * ولن نعلق هنا كيف ولماذا تقرر مجموعة من المثقفين أن يسموا أنفسهم « لجنة حكماء »، وما المقصود بـ »الحكماء »، ومقارنة بمن؟، يتضمن هذا افتراضاً غير مقبول في مراحل الثورات، وهو أن الجماهير الثائرة هوجاء وأن النظام متشدد وأنهم هم الحكماء. كما  يتضمن تهرباً غير حكيم على الإطلاق (أو ربما يكون « حكيماً » ولكنه مكشوف وغير ذكي) من اتخاذ موقف والبقاء على الحياد في هذه المرحلة.   * تحتاج الثورة إلى مثقفين يبلورون ويصوغون أهدافها ويشرحون خططها الإستراتيجية، ولا تحتاج إلى مثقفين يستغلونها في ترتيب علاقاتهم مع نظام قائم يفترضون دوامَه، أو لنصرة جناح على جناح داخل النظام.   ولا شك أن جناح الأمن داخل النظام قد انتصر على جناح الحزب الوطني، وأن جناح الأمن في داخل النظام سيضحي ببعض الرموز من داخل الحزب الوطني لكي يظهر وكأنه جاد في محاربة الفساد، فيمنع تنقلهم ويقوم بمصادرة أموالهم ليبدو وكأنه يلبي ما يسميه « مطلب الشارع » أو « مطالب الشباب ». لا يستبعد على هؤلاء حتى الغدر بأصدقائهم لكي يبدوا كمن يقومون بعملية محاربة للفساد، والحقيقة أنهم جزء من الفساد.   * المثقفون والسياسيون المصريون الذين انتقدوا كيفية إدارة النظام لشؤون البلاد، أو لم يجدوا لأنفسهم موطئ قدم في داخله، أو كانوا نقاداً له بحق وإخلاص، ولكنهم اعتادوا على سقف معين للنقد هو سقف النظام القائم. هؤلاء جميعاً لا يمكنهم استيعاب ماذا تعني مجازفة الخروج لتغيير النظام. في مثل هذه الحالة يلتزم هؤلاء الصمت ويجلسون في منازلهم بانتظار النتائج أو ينتقلون لأحد المعسكرات. أما أن يحاولوا تأطير الثورة في إطار هذه العقلية التي تعتبر الاجتماع بعمر سليمان إنجازاً مقارنة بالاجتماع بمباحث أمن الدولة، فهو أمر غير مقبول ويجب أن ينتقدهم المثقفون على ذلك.   عن إستراتيجية الثورة وآفاقها * كانت الثورة المصرية عفوية، وانضمت إليها القوى السياسية ذات الشعبية بشكل طبيعي. وهي الآن في طريقها نحو الهدف، ولم أسمع في تاريخ الثورات كلها عن ثورة أخرجت هذا الكم من المتظاهرين ضد النظام في عدة مدن بشكل متزامن. لم تعد هذه الثورة بحاجة إلى أدلة على أنها شعبية، لكنها بحاجة إلى تصميم وإستراتيجية للوصول إلى الهدف. فالنظام المصري يقاوم مصيره المحتوم بوسائل عديدة، من ضمنها ترويج الأكاذيب والتخويف من الفوضى وادعائه قبول مطالب المحتجين حين يلزم، وادعاؤه أنهم جواسيس حين يلزم، وقمعهم حين يمكنه ذلك.   ويخطئ من يعتقد أن المسألة مسألة عناد شخص، أو أنها مسألة شخصية. ليس الموضوع طباع مبارك العنيدة ولا معاندته. وأستطيع أن أخاطر بالقول إنه لم يعد يحكم مصر، وأن من يحكم مصر فعلياً الآن هو عمر سليمان ورئيس الحكومة المعين الجديد أحمد شفيق، وأنهما يحاولان تثبيت نفسيهما في النخب الحاكمة وداخل الدولة كرموز لنظام الحكم. ليس الموضوع عناد شخص وطباعه الشخصية بل إنها زمرة حاكمة تحاول الدفاع عن نفسها وعن مصالحها، وأن تنقذ نفسها في الصراع. إنه صراع سياسي وليس شخصيا.   يُحسم هذا الصراع عندما يعرف هذا النظام أنه إما أن تستمر الثورة حتى تتحول تدريجيا بطبيعة الأمور إلى حالات من الصراع العنيف، أو عندما يقبل بعملية نقل للسلطة عبر مرحلة انتقالية، والشروع في عملية تفاوض على كيفية تطبيق الشروط. ويمكن أن يجري التفاوض على كيفية تطبيق المرحلة الانتقالية لرحيل النظام مع أي كان.   ليس الموضوع شخصيا، بل يكمن في اعتراف الحكام بأنه لا بد من نقل السلطة سلمياً، وأن هذه العملية تحتاج إلى مرحلة انتقالية، وأن التفاوض معهم يتم فقط على آليات المرحلة الانتقالية. هذا تفاوض وليس حواراً. إنه تفاوض على نقل السلطة عبر آلية موثوقة. ولا يستطيع النظام نفسه أن يدير المرحلة الانتقالية. هذا صراع يحتاج إلى تصميم وإستراتيجية وإلى فهم لطبيعة هذا الصراع.   * دخل النظام المصري في طور العزلة الدولية الكاملة. ويجب تعميق هذه العزلة لأنها تضعف النظام وتضعف ارتباط أصحاب المصالح به، ولتعميق عزلته لا بدّ من الاستمرار ولا بدّ من الوضوح دولياً في أن الثورة هي المنتصر، وقد يحصل ارتباك في ذلك إذا سُمِح للنظام بالتقاط أنفاسه. لقد أدركت الولايات المتحدة وأوروبا أنه من الأفضل لها أن تتخلى عن رموز وشخصيات خاسرة في النظام على أن تخسر النظام برمته وأن تعادي الشعوب العربية كافة، وهو ما لم تدركه في حالات إيران وتونس.   * يجب التمييز بين أعمال احتجاجية -يعقبها تفاوض على مطالب في إطار النظام القائم- وثورة لتغيير النظام. الثورة لتغيير النظام ليست مجرد احتجاجات تتوقف في ظل النظام، بل هي سلسلة من الأفعال المستمرة طالما بقي النظام قائماً. وهذا يعني منع تحول الثورة إلى فعل بعينه، اعتصام مثلاً أو مظاهرة. ولا بدّ من الانتقال إلى شكل آخر غير متوقع حيث يُربك النظام بكافة تفرعاته. وقد يعتاد النظام على مجرد اعتصام في ميدان التحرير إذا لم يكن هذا الاعتصام مركزاً لقيادة الثورة خارجه. بالإضافة إلى الاعتصام يمكن أن يتم التظاهر في كل مكان، وأن تندلع الثورة في مصنع وفي صحيفة وفي وسيلة إعلام. تكون الثورة شاملة، إذا شملت كافة فئات المجتمع فيثور الطلاب في الجامعات، ويتمرد الصحفيون في وسائل الإعلام ضد الإملاء عليهم، ويثور العمال في مصانعهم. ليس مطلوبا أن يقوم هذا دفعة واحدة بل أن يجتاح القطاعات والمجالات كافة، حتى يقود بعد وقت إلى انتقال جماعات المصالح ومؤسسات الدولة -وأهمها الجيش- إلى الطرف المنتصر. وما من شك في أن العديد منهم ينضمون كأفراد لهذه الثورة. ولكن في مرحلة ما ينتقل هذا التفاعل الكمي المحسوب بأعداد البشر إلى نقلة نوعية تشمل مؤسسات القضاء والجيش. ولكن الجيش لن يختار ذلك إلا إذا وصل إلى قناعة نتيجة تفاعلات دولية ومحلية، أو إذا وصل إلى مرحلة يُخيّره فيها الثوار عبر أفعالهم بين مصادمتهم وبين الانتقال إلى صفهم. وهذا أمر تصلح له المظاهرات المليونية المتحركة نحو مؤسسات الدولة والتي يصعب على الجيش أن يُطلق النار عليها ويضطر إلى التصالح معها. وهذا لا يتم إذا اعتقد الناس أنهم يقنعون الجيش بمجرد الإكثار من مديحه.   * لقد أخرجت الثورة المصرية من الشعب أفضل ما فيه، وأظهرت صورة من التمدن والتنوع والحوار والتواضع غير مألوفة في الحياة السياسية المصرية في ظل النظام. فمنذ زمن بعيد لا يذكره الكثيرون لم يسمع الناس خطيبا يوم الجمعة يتحدث عن ملايين المصريين والمصريات، أو يتحدث عن أخلاق الإسلام والمسيحية، ولم يروا هذا الكم من الرجال والنساء المحجبات وغير المحجبات دون ظواهر التحرش، والملايين تُنشد سوية وتسير في مظاهرات منظمة من دون فوضى؟.   هذه الأنظمة المستبدة تخرج أسوأ ما في مجتمعات العرب عن تعصب وطائفية وجريمة في ظلها. وقد رأينا عينات من سائبة « البلطجية » التي أطلقها النظام أو رجالاته ضد المتظاهرين، فظهرت وجوه النظام المتخلف والبدائي في مقابل الشعب المتحضر، وذلك خلافا لما يروج هو عن شعبه في الغرب الذي يحتاج برأيه إلى حكم الاستبداد لأنه متخلف.   أما حين يخرج الشعب ضدها فكأنه يمر بعملية تطهّر من أوساخ وقذارات ثقافة هذه الأنظمة الاستبدادية. لم يبق إنسان مصري أو عربي إلا وانفعل وأبدى انفعاله من مظاهر الزهو والفرح التي رافقت مظاهرات يوم الثلاثاء (1 فبراير/شباط) أو يوم الجمعة (4 فبراير/شباط)، في مقابل وحشية وتخلف ما فعله النظام يومي الأربعاء والخميس( 2 و3 فبراير/شباط).   لقد عاد الشعب إلى ذاته، وعادت مصر متصالحة مع ذاتها، ويبدو أن العرب في المرحلة الحالية إنما يتصالحون مع ذاتهم عندما يخرجون ضد الأنظمة الاستبدادية الحاكمة. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 05 فيفري 2011)

التباس بشأن مسار الحوار مع سليمان

لا يزال الغموض يلف مسار المفاوضات التي أجرها العديد من القوى السياسية المصرية مع  عمر سليمان نائب الرئيس. ففي حين يؤكد الإخوان المسلمون أن سليمان اعترف بوجوب تحقيق مطالب الشباب، يقول بيان للحكومة صدر بعد اللقاء إن المتحاورين اتفقوا على أن أي حل يجب أن يكون منبثقا من « الشرعية الدستورية ». ففي تصريحات للجزيرة قال عصام العريان القيادي في الإخوان المسلمين المشاركين في إحدى جلسات الحوار، إن نائب الرئيس أقر بالشرعية التي فرضها الشارع المصري. وأضاف أن سليمان اعترف بأن مطالب الشباب يجب أن تتحقق. وكان سليمان أجرى محادثات اليوم مع ممثلين للمعارضة شارك فيها ممثلون عن الإخوان وأعضاء في أحزاب معارضة وخبراء قانونيون ورجل الأعمال المصري نجيب ساويرس، إضافة إلى ممثل لمحمد البرادعي الذي يتزعم ما يعرف بجمعية التغيير. وذكرت وكالة الأنباء المصرية أن سليمان التقى أيضا بممثلين عن الشباب المتظاهرين في ميدان التحرير، لكن قيادات من الشباب المتظاهرين شككوا في حوارات مع الجزيرة في مدى تمثيلهم للمتظاهرين. شرعية دستورية في الأثناء أفاد بيان صادر عن السلطات المصرية بأن اللقاء أكد على توافق كافة أطراف الحوار على تقدير واحترام حركة الـ25 من يناير وعلى ضرورة التعامل الجاد والعاجل والأمين مع الأزمة الراهنة التي يواجهها الوطن ومع المطالب المشروعة لهؤلاء الشباب والقوى السياسية في المجتمع. وقال البيان إن أطراف الحوار الوطني اتفقت على عدد من الترتيبات السياسية والإجراءات الدستورية والتشريعية، وتوافقت فيما بينها على أن تكون ذات طبيعة مؤقتة وإلى حين انتخاب رئيس للبلاد بعد انتهاء الولاية الحالية للرئاسة. هذا إضافة إلى تحقيق الانتقال السلمي للسلطة وفقا لأحكام الدستور وإجراء تعديلات دستورية تشمل المواد 76 و77 وما يلزم من تعديلات دستورية أخرى تتطلبها عملية الانتقال السلمي للسلطة. من جهته قال رئيس حزب الغد الليبرالي المعارض أيمن نور إنه لم يشارك في الحوار رغم استعداده لذلك -كما قال- « في إطار جماعي وبحضور كافة القوى، وذلك على أساس غياب الرئيس مبارك عن المشهد السياسي ». أما القيادي في حركة كفاية أحمد بهاء الدين شعبان فقال إن طلب رئيس الوزراء المصري أحمد شفيق بقاء الاعتصام في ميدان التحرير وعودة الحياة بشكل طبيعي إلى أنحاء البلاد الأخرى يستهدف التعويل على عامل الزمن لتآكل حركة الاحتجاجات مع مرور الوقت. وأضاف شعبان أن هناك حرب إرادات عنيفة بين المحتجين والنظام الذي تلقى ضربات عنيفة، لكنه لا يزال يملك مقومات للمناورة، على حد تعبيره. انسحاب من الحوار في الأثناء أعلن الحزب العربي الناصري انسحابه من الحوار الجاري الآن مع عمر سليمان نائب الرئيس المصري، مشددا على أنه لن يعود إلى الحوار إلا بعد إعلان الرئيس حسني مبارك تنحيه عن الحكم. وبررت أمينة الشؤون العربية بالحزب نشوى الديب في تصريح للجزيرة نت عدم المشاركة في الحوار بإصرار نائب رئيس الجمهورية على التمسك ببقاء الرئيس مبارك في الحكم حتى نهاية فترته الدستورية التي تنتهي في سبتمبر/أيلول المقبل. وأضافت أن النائب الأول للحزب الناصري سامح عاشور كان التقى بالسيد عمر سليمان لتقديم مبادرة الحزب التي تطالب برحيل مبارك وحل مجلسي الشعب والشورى، إلا أن إصرار سليمان -في الحوار الجاري اليوم مع القوى الوطنية- على بقاء مبارك دفع الحزب لمقاطعة الحوار. وأشارت نشوى الديب إلى أن المبادرة التي طرحها الحزب الناصري كانت تهدف إلى تجنيب البلاد الدخول في فراغ دستوري حيث يتم حل مجلس الشعب قبل رحيل الرئيس وأن يفوض سلطاته إلى نائبه ويستقيل لإتمام بقية الإجراءات الدستورية لنقل السلطة بصورة آمنة وسلمية. وشددت على أنها قامت شخصيا بالاتصال بقيادات الحزب الناصري في جميع المحافظات ورصدت إجماعا من كافة كوادر الحزب على الرفض التام للحوار مع النظام حتى يرحل مبارك عن السلطة. في الأثناء أعلن منسق حركة 6 أبريل أحمد ماهر أن الأخبار « الآتية من المفاوضات بين سليمان والقوى الوطنية لا تبشر بخير ». وأعلن ماهر أن الأيام المقبلة ستشهد تصعيدا جديدا في المظاهرات كما ستشهد بروز « تكتيكات جديدة ».   المصدر:الجزيرة + رويترز (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 06 فيفري 2011)

حيرة السياسة الأميركية في مصر


قالت صحيفة نيويورك تايمز اليوم إن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما تسعى جاهدة لتحديد ما إذا كان من الممكن أن يُكتب لثورة ديمقراطية في مصر النجاح، على أن يظل حسني مبارك محتفظا بمنصبه على رأس النظام، حتى ولو تم تقليص صلاحياته وإقصاؤه من الحوار بشأن مستقبل البلاد. على أن آخر تحدٍ تواجهه إدارة أوباما جاء أمس السبت عندما أعلن موفدها الخاص إلى مصر فرانك ويزنر -أمام مجموعة من الدبلوماسيين والخبراء الأمنيين- أن « استمرار الرئيس مبارك في منصبه مسألة حيوية ». وسرعان ما انبرت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون لتصحيح تلك التصريحات، قائلة إن على مبارك أن يفسح المجال لنائبه عمر سليمان، لكي ينخرط في حوار مع قادة الاحتجاجات حول كل الأمور، من ضرورة القيام بتعديلات دستورية إلى إجراء انتخابات حرة ونزيهة. ولعلها المرة الأولى التي تبدو فيها إدارة أوباما في حيرة من أمرها فيما يتعلق بالأزمة في مصر، فهي تبذل جهدها لكي تبقى على الجانب الصحيح من التاريخ، وتتحاشى في الوقت نفسه دفع عجلة ثورة يتعذر التحكم في دورانها. وقالت الصحيفة إن رسائل الإدارة الأميركية المتناقضة هذه جاءت « مربكة وأحيانا محرجة »، وهو انعكاس لسياسة صيغت على عجل. ونسبت الصحيفة إلى مسؤول أميركي رفض الكشف عن هويته، قوله إن « هذا الارتباك هو ما يحدث عندما تؤخذ على حين غرة ». وأضاف « عقدنا جلسات متواصلة في العامين الماضيين حول إستراتيجيتنا لسلام الشرق الأوسط واحتواء إيران »، مشيرا إلى أن أيا من تلك الجلسات لم يتناول بالتحليل احتمال أن تتحول مصر -وربما تتبعها دول أخرى- من حالة الاستقرار إلى الاضطراب. ويصر مسؤولو الإدارة على أن تصريحاتهم كانت أقرب إلى رد فعل على أحداث متسارعة منها إلى انعكاس لتغير جوهري في الأهداف. ووصفوا إستراتيجيتهم الأخيرة بأنها ترمي إلى حث النخب المصرية على عزل الرئيس مبارك إلى الحد الذي يجعله يصبح بالضرورة متفرجا حتى نهاية فترة حكمه. وأقر مسؤول في البيت الأبيض بأن الدبلوماسية الهادئة التي تتبناها واشنطن تغذي الاعتقاد الشائع في القاهرة ومناطق أخرى بأن أوباما ربما يكون على استعداد لجعل اللحظة الثورية هذه تمر خوفا من تأثيرها على المصالح الأميركية. ولتبديد ذلك الاعتقاد، عكف الرئيس الأميركي طوال أمس السبت على إجراء اتصالات بزعماء المنطقة من تركيا وحتى الإمارات العربية المتحدة، ربما لتبادل الآراء حول كيفية الضغط على مبارك لدفعه إلى التنحي عن السلطة.   
المصدر:نيويورك تايمز (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 06 فيفري 2011)
 

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.