الأحد، 5 يوليو 2009

TUNISNEWS

9 ème année, N 3330 du 05.07.2009

 archives : www.tunisnews.net


 

حــرية و إنـصاف:أخبار الحريات في تونس

السبيل أونلاين:فرع منظمة العفو الدولية بتونس ينتخب هيئته الجديدة

حركة النهضة تنعى الأخ أبوبكر بن الصحبي عطية

السياسة:دعوة لاجتماع المكتب التنفيذي الموسع لنقابة الصحفيين الاثنين 6 جويلية 2009

رويترز:سجن استاذة جامعية بتونس لترويجها شائعة على الفيسبوك

دي برس:تونس تعتقل ضابطين وتتهمهما بالتخطيط لاغتيال ضباط أمريكيين

النفطي حولة :دفاعاعن الصحافة الحرة

الصباح «الملف المالي للعميد» يقسم الجلسة العامة للمحامين و«رسائل» انتخابية للمؤتمر القادم

ا ف ب:تونس تقرر وقف رحلات العمرة موقتا بسبب مخاطر الاصابة بانفلونزا الخنازير

السياسة:الشباب والمشاركة السياسيّة في تونس:محاذير ومخاوف

حسان  يونس:الجلسة العامة 84 للنجم الساحلي / لغة خشبية وتوظيف سياسي

ا ف ب:تونس في المرتبة الاولى في مجال تنافسية الاقتصاد في افريقيا

التيار القومي التقدمي ينعى المناضل القومي الحاج محمد بن الهاشمي بن ضو بوعجيلة

الطاهر العبيدي:سعيد بوزيري أحد الحصون التي تفقده الجالية بفرنسا

القلم الحـــــــــرّ سليم بوخذيــــــــــــــر:تَمْتَمَـــــــات

الأسعد الغزواني:الخضراء ليست الأم التي تئد أبنائها

حمادي الغربي:معركة الفتاوى بين تونس و السعودية

خميس الخياطي:المسافر البحري، إبداع « الزنباع » ونرجسية بالصاع…

الصباح:شهادة أحمد بن نصيرشهر «التليسي»:«صبّاط الظلام» بريء من دم اليوسفيين والزواتنة

بشير الحامدي:بعض حقائق حول ما يسمّي بمشروع مدرسة الغد

طلبة تونس:تقريرمن قصر المعارض بالكرم حول :الأيام الوطنية للتوجيه الجامعي

المركز المغربي لحقوق الإنسان یستنكر:بیان

مركز الأرض لحقوق الإنسان:  الصراع على الاراضى الزراعية المملوكة للدولة ….. لصالح من ؟من يملك الارض فى مصر ؟

طارق الكحلاوي :الحدث الإيراني.. بوصفه شأناً تونسياً

المفكّر علي الصرّاف لـ «الشروق»: المقاومة سـ «تحكم» العراق… والعمـلاء سيهربون مع الغزاة

د. عزمي بشارة:حول ما يجري بعد الحرب

ياسر الزعاترة:لماذا تقف فصائل اليسار في مربع السلطة؟!

بلال الحسن:حوارات القاهرة الفلسطينية: ملاحظات حول الفشل المنظم


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


التقارير الشهرية لمنظمة « حرية وإنصاف » حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس  جانفي 2009:https://www.tunisnews.net/17fevrier09a.htm         فيفري 2009:https://www.tunisnews.net/15Mars09a.htm  مارس 2009:https://www.tunisnews.net/08avril09a.htm            أفريل 2009:https://www.tunisnews.net/15Mai09a.htm ماي 2009:https://www.tunisnews.net/15Juin09a.htm


أطلقوا سراح جميع المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 11 رجب 1430 الموافق ل 04 جويلية 2009

أخبار الحريات في تونس

 


1)    منع ناشطين حقوقيين من حضور الجلسة العامة لمنظمة العفو الدولية فرع تونس: منعت قوات البوليس السياسي مساء اليوم السبت 4 جويلية 2009 الناشطين الحقوقيين السادة حمزة حمزة وعمر القرايدي ولطفي العمدوني ولطفي الحيدوري من حضور الجلسة العامة لمنظمة العفو الدولية (فرع تونس) التي انطلقت أشغالها مساء اليوم بفضاء التياترو لتتواصل غدا الأحد. علما بأن السيدين عمر القرايدي ولطفي العمدوني هما عضوان ناشطان بفرع تونس لمنظمة العفو الدولية . وحرية وإنصاف تدين هذا المنع غير المبرر وتدعو السلطة إلى الوفاء بالتزاماتها التي صادقت عليها والمتعلقة بحماية الناشطين الحقوقيين وتسهيل أدائهم لواجبهم. 2)    خالد العيوني يواصل إضرابه عن الطعام: يواصل سجين الرأي السيد خالد العيوني المعتقل حاليا بسجن صفاقس إضرابه المفتوح عن الطعام لليوم الثالث عشر على التوالي للمطالبة بإطلاق سراحه. عن المكتب التنفيذي لمنظمة حرية وإنصاف الرئيس الأستاذ محمد النوري


فرع منظمة العفو الدولية بتونس ينتخب هيئته الجديدة

 


السبيل أونلاين – تونس – خاص   انعقدت بقاعة « التياترو » بنزل المشتل بتونس ، يومي السبت والأحد 04  و 05 جويلية ، جلسة عامة إنتخابية لفرع  منظمة العفو الدولية بتونس ،  وأفتتحت أشغال الجلسة يوم السبت على الساعة الرابعة بعد الظهر  بكلمة تريحيبية من رئيس الفرع الحبيب مرسيط ، ثم تلى ذلك كلمات الضيوف ، ثم كلمات ممثلي فروع منظمة العفو الدولية بكل من هولندا وفرنسا والمغرب ، وختم المداخلات ممثل الأمانة الدولية للمنظمة .  وانتهى اليوم الأول للأشغال بندوة بعنوان « منظمة العفو الدولية والشراكة .   وقد تخلل الأمسية نشاط ثقافي وغنائي والذى نشطته فرقة الحمائم البيض التونسية .   وتواصلت الأشغال يوم الأحد بتلاوة التقريرين الأدبي والمالي وتقرير مدير الفرع ، وفي المساء وقع إنتخاب الهيئة الجديدة للمدّة النيابية 2009 –  2011   ، وقد أفرزت الإنتخابات سبعة أشخاص وهم على التوالي :   رضا الردّاوي من قفصة : 151 صوتا   الحبيب مرسيط  من تونس: 127 صوتا   عبد العزيز عبد الناظر من صفاقس : 125 صوتا   أحلام بن جفّال من سوسة : 115 صوتا   نجاة الحسني من حيّ التضامن بتونس : 109 صوتا   العماري العوايطي من سبيطلة : 98 صوتا   شكري بن جنّات من منزل بورقيبة : 77 صوتا   وقد إستطاع فرع تونس لمنظمة العفو الدولية تجاوز بعض الصعوبات التى مرّ بها طيلة السنة الفارطة ، ليستأنف نشاطه في ظروف أفضل  .   من مراسلنا في تونس – زهير مخلوف   المصدر : السبيل أونلاين ، بتاريخ 06 جويلية 2009


بسم الله الرحمن الرحيم حركة النهضة تنعى الأخ أبوبكر بن الصحبي عطية

 


تنعى حركة النهضة بقلوب ملؤها الأسى واللوعة ، راضية بقضاء الله، الأخ أبوبكر بن الصحبي عطية الذي وافاه الأجل  يوم الأحد 28 جوان 2009 عن سن 65 سنة على إثر جلطة بالدماغ. لقد كان الأخ أبوبكر بن الصحبي عطية من الإخوة الأوائل الذين انتموا  للحركة الإسلامية بتونس  بمدينة قابس بالجنوب التونسي وقد  كان الفقيد داعيا مربيا يلقى الدروس في مساجد الجنوب التونسي وقد تربى على يديه العشرات من شباب مدينة قابس قبل الحملة الشرسة التي شنها النظام التونسي على أبناء الحركة سنوات التسعينات من القرن الماضي. التحق الأخ أبوبكر بن الصحبي عطية  بمنظمة المؤتمر الإسلامي كداعية لمدة 4 سنوات من 82 إلى 86.  هاجر إلى السويد حيث تحصل على اللجوء السياسي ، فارا من ظلم السلطة، وقد واصل مهمته الدعوية بين الجالية المسلمة في السويد حيث كان إماما خطيبا في عدة مدن سويدية أخرها « نيكونبنق »  . وإن حركة النهضة بين يدي هذا المصاب الجلل لتتقدم إلى عائلة الفقيد وكل ومحبيه وإخوانه بأحر التعازي راجية من الله العلي القدير أن يلهمهم جميل الصبر والسلوان وأن يسكن الفقيد فراديس الجنان.  قال تعالى : « من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ». ( الأحزاب ـ 23). لندن في  04 جويلية 2009 رئيس حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي  

تطور جديد في اتجاه المؤتمر الاستثنائي لنقابة الصحافيين الونسيين     

دعوة لاجتماع المكتب التنفيذي الموسع لنقابة الصحفيين الاثنين 6 جويلية 2009


  ورد على « السياسيّة » البلاغ التالي الّذي يهمّ تطورات جديدة في نقابة الصحافيين التونسيّين :  » على إثر رفض الزميل رئيس النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين دعوة المكتب التنفيذي الموسع الى الانعقاد رغم الأزمة التي تمر بها النقابة وبروز عديد القضايا التي لا يمكن أن يبت فيها سوى المكتب التنفيذي الموسع، وعملا بالفصل 38 من النظام الداخلي للنقابة يدعو أغلبية الثلثين في المكتب التفنيذي الموسع الى عقد اجتماع طارئ للمكتب التنفيذي الموسع يوم غد الاثنين 06 جويلية 2009 على الساعة 00.12 بمقر النقابة للنظر في مختلف الخروقات التي يواصل المكتب التنفيذي القيام بها، وفي الشغور الحاصل في صلب المكتب التنفيذي  بعد استقالة أكثر من ثلاثة أعضاء منذ يوم 20 جوان 2009 وفي ما يترتب عن ذلك من إجراءات. »   جمال الدين كرماوي (رئيس لجنة الحريات)  سنية العطار (صحفية الاذاعة التونسية عضو مناوب) ـ رشيدة الغريبي (صحفية بإذاعة صفاقس ـ رئيسة فرع صفاقس) ـ عفيف الفريقي (رئيس لجنة الاعلام والتكنولوجيات الحديثة) ـ الحبيب الميساوي (رئيس لجنة السكن) ـ توفيق العبيدي (رئيس لجنة الرياضة) ـ محمد سامي الكشو (رئيس فرع تطاوين) ـ محمد حميدة (رئيس لجنة المصورين الصحفيين) ـ سلاف حمداني (صحفية رئيسة فرع الكاف) ـ روضة ركاز (صحفية مخيرة رئيسة فرع الوسط والساحل المنستير) ـ بشير الطنباري (رئيس فرع قفصة) ـ عبد الكريم الجوادي (رئيس لجنة المفاوضات والشؤون الاجتماعية) ـ محمد بن صالح (عضو مناوب) ـ لطفي التواتي (رئيس لجنة التكوين) ـ نجم الدين العكاري (عضو المكتب التنفيذي الموسع) ـ سارة الحطّاب (رئيس لجنة البحوث والدراسات) ـ كمال بن يونس (رئيس لجنة أخلاقيات المهنة). (المصدر: موقع السياسية الإلكتروني ( تونس ) بتاريخ 05جويلية 2009)  

سجن استاذة جامعية بتونس لترويجها شائعة على الفيسبوك


تونس (رويترز) – قالت مصادر رسمية يوم الاحد ان محكمة في تونس قضت بسجن استاذة جامعية متقاعدة ثمانية اشهر لترويجها شائعة عن خطف اطفال على موقع الفيسبوك في اول جريمة الكترونية في البلاد.   وأضافت المصادر ان المحكمة الابتدائية بالعاصمة وجهت للمرأة تهمة « توزيع وعرض نشرات اجنبية المصدر على العموم من شأنها تعكير صفو الامن العام في البلاد. »   واجتاحت البلاد الشهر الماضي شائعة تحذر الاباء من ان ابناءهم عرضة للخطف من امام المدارس مما اثار هلع عدد كثيرين. واضطر وزير الداخلية انذاك لعقد مؤتمر صحفي نفى خلاله تلك الشائعة.   وهذه أول مرة يحاكم فيها شخص في تونس على جريمة مكانها افتراضي وهي شبكة الانترنت.   ويرتاد أكثر من 400 الف تونسي موقع الفيسبوك الذي يتيح تبادل الاغاني والافلام والرسائل وشتى انواع المعلومات والدردشة.   واعترفت المتهمة بأنها بثت على الفيسبوك رسالة تحذر اولياء الامور من خطف اطفالهم لكنها قالت انه لم تكن لديها اي نية اجرامية او قصد للاساءة او الترويج لجريمة.   وقالت انها تلقت الخبر من امرأة تقيم في فرنسا فأرسلتها الى معارفها مثلما ترسل لهم الزهور والاشعار التي ترد اليها على الفيسبوك.   وأطلقت صحف مقربة من الحكومة خلال الاشهر الماضية حملة واسعة تحذر فيها من مخاطر الفيسبوك. واغلقت تونس هذا الموقع امام مستخدميه منذ اشهر قبل ان يتدخل رئيس الجمهورية ويأذن باعادة فتحه.   (المصدر: وكالة أنباء رويترز بتاريخ 05 جويلية 2009 )  

تونس تعتقل ضابطين وتتهمهما بالتخطيط لاغتيال ضباط أمريكيين


(تونس – دي برس – د.ب.أ )أعلن محامون أن السلطات التونسية اعتقلت، بموجب قانون مكافحة الإرهاب، تسعة تونسيين، بينهم ضابطان بسلاح الجو التونسي، بتهمة التخطيط لاغتيال ضباط أمريكيين يزورون تونس دوريا للقيام بتدريبات ومناورات عسكرية مشتركة مع الجيش التونسي. وقال سمير بن عمر المحامي المتخصص في القضايا المتعلقة بالإرهاب: إن المحكمة وجهت للمعتقلين التسعة، الذين تتراوح أعمارهم بين 24 و32 عاما، تهم « الدعوة إلى ارتكاب جرائم إرهابية » و »محاولة توفير أسلحة ومتفجرات لفائدة تنظيم إرهابي » و »استعمال تراب الجمهورية لانتداب أشخاص لفائدة تنظيم إرهابي ». ويعمل الضابطان /32 عاما/ بالقاعدة العسكرية الجوية-البحرية في محافظة بنزرت. وقد اتهمتهما السلطات بمحاولة الاستيلاء على أسلحة ومتفجرات من القاعدة لاستخدامها في تنفيذ اعتداء مسلح ضد الضباط الأمريكيين عند وصولهم إلى تونس. وقال بن عمر: « ملف القضية خال من أي أدلة، والمتهمون أنكروا التهم الموجهة إليهم وقالوا إن الشرطة انتزعت منهم اعترافات تحت طائلة التعذيب »، موضحا أن المحكمة ستصدر حكمها في هذه القضية خلال الأيام القادمة. يذكر أن هذه هي ثاني مرة توجه فيها محكمة تونسية تهما بالإرهاب إلى عسكريين بالجيش التونسي. وكانت محكمة الاستئناف التونسية أصدرت في الثالث من حزيران/يونيو الماضي حكما بالسجن ثمان سنوات بحق عريف أول بثكنة للقوات البرية في محافظة القصرين (وسط غرب تونس). واتهمت المحكمة العريف (35 عاما) بمحاولة مساعدة عناصر تنظيم إرهابي على التسلل إلى الثكنة للاستيلاء على ذخيرة وسلاح واستخدامها في أعمال تخريبية. وتعتبر الإدارة الأمريكية تونس شريكا وحليفا وثيقا لواشنطن في مكافحة « الإرهاب » بمنطقة المغرب العربي التي يرابط فيها « تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ». ويجري البلدان بشكل دوري مناورات وتدريبات عسكرية مشتركة. كما يقدم الجيش الأمريكي دعما لوجستيا وعسكريا للجيش التونسي.
(المصدر:موقع دي برس الإلكتروني بتاريخ 5 جويلية 2009 )

دفاعاعن الصحافة الحرة


بقلم : النفطي حولة –  ناشط نقابي  وحقوقي – بتاريخ :  5 جويلية 2009   عاشت النقابة الوطنية للصحافيين بتونس في المدة الأخيرة حملة مسعورة قصد النيل من استقلاليتها شنتها عليها بعض الأوساط المأجورة كان آخرها دفع بعض الأعضاء من الموالاة للاستقالة بهدف الانقلاب عليها والتحكم في مسارها. وفي الحقيقة منذ ميلاد نقابة الصحافيين المستقلة بتونس  في مؤتمر ديمقراطي والذي نجحت فيه القائمة الملتزمة بالدفاع عن حرية الصحافة ما فتئت السلطة تحشر نفسها في الشؤون الدالخلية للنقابة عن طريق أعوانها من أجل خلق أزمة هيكلية داخلية وصولا للانقلاب على الشرعية  ومصادرة القرار المستقل  بدون رجعة مستعملة في ذلك كل أنواع الأساليب  كالترهيب والترغيب . ولعل هذا المسار يذكرنا بالانقلاب الذي نفذه فريق السلطة ضد جمعية القضاة المستقلة  والشرعية حيث عمدت جماعة الموالاة الى القيام بحملة عرائض وامضاءات ترهيبية وتحريضية ضد الهيكل الشرعي الذي يمثل القضاة وقامت بانقلاب في وضح النهار ضد من تطوعوا من المناضلين والمناضلات للدفاع عن استقلالية القرارأولئك الذين تمت معاقبتهم بالنقل التعسفية وبالملاصقة الأمنية وغيرها . اذا نفهم من هذا السياق أن السلطة أرادت أن تجرب نفس الأسلوب مع النقابة الوطنية للصحافيين خاصة على اثر التقرير السنوي للصحافة بمناسبة اليوم العالمي للصحافة  والذي كان يعبر تعبيرا صادقا عن الاستقلالية والديمقراطية التي تسود النقابة ويعكس الموضوعية والحرفية العالية التي تميزت بها في اعداد التقرير. ولكن هيهات فليس كل ما تتمناه السلطة تدركه .فاذا استطاعت السلطة مرحليا أن تنجح في القيام بانقلاب ضد جمعية القضاة المستقلة للأسباب الذاتية والموضوعية المتعلقة بالظروف التي وقع فيها الانقلاب فانه في هذه المرة نريد أن ينقلب السحر على الساحر لان نقابة الصحافيين قد استفادت من الدرس وهي تخوض هذا الصراع واعية منذ الوهلة الأولى لما يطبخ لها من سينيارهوات فهاهي  تعد العدة اللازمة  للدفاع عن شرعيتها واستقلالها وديمقراطيتها . وهاهي تواصل معركتها باقتدار ملتزمة بالمبادىء التي آمنت بها وبالنهج المستقل الذي دخلت من أجله في السباق الانتخابي في مرحلة تأسيس النقابة الوطنية للصحافيين في تونس . فشرًفت بذلك كل الصحافيين النزهاء في الداخل والخارج حيث كان أداؤها سليما  في دفاعها  المبدئي عن التوجه الاستقلالي الذي وجدت  فيه ومن أجله في الهيكل التأسيسي. فنمنى  لها أن تخرج منتصرة  في معركة الاستقلالية . وبهذه المناسبة  نتوجه الى كل الصحافيين التونسيين الذين تمسكوا بخيار الاستقلالية  بتحية اكبار وتقدير في المجهودات المضنية والتضحيات الجسيمة  التي تكبدوها ولا يزالون وعلى رأسهم هيكلهم الشرعي المستقل والممثل في المناضل الشهم الصحافي القدير السيد الناجي البغوري الذي تمسك باصرار الصحافيين الأحرار من أجل المحافظة على الخط المستقل وأصر على الدفاع عن ذلك مهما كانت المهمة صعبة والطريق شاقا . فتحية له ولكل الصحافيين التونسيين الذين وضعوا أنفسهم  ومصيرهم في خدمة الصحافة الحرة  والمستقلة لأنهم آمنوا أنه لا مكانة لتونس بين الدول في العصر الحديث الا اذا كان الصحافييون  يعملون في جو من الاستقلالية والديمقراطية واذا كانت  الصحافة حرة .  
 


«الملف المالي للعميد» يقسم الجلسة العامة للمحامين و«رسائل» انتخابية للمؤتمر القادم


تونس ـ الصباح في اجواء مشحونة تهيمن عليها حالة احتقان شديدة في اوساط المحامين، التأمت امس الجلسة العامة العادية لعمادة المحامين باحد الفنادق بالضاحية الشمالية للعاصمة، بحضور اكثر من 400 محام.. وسبقت الجلسة التي استمرت زهاء الثماني ساعات، تجاذبات بين كتل عديدة، على خلفية ما عرف بـ«الملف المالي للعميد»، حيث تم توزيع تقارير مالية وبيانات ونصوص محاضر جلسات العمادة، عكست في مجملها خطابا يحرص اصحابه على تحميل عميد الهيئة، السيد البشير الصيد مسؤولية ما وصفه البعض بـ«الاخلالات المالية» وما اسماه البعض الآخر بـ«سوء التصرف المالي في العمادة»!! وانسحبت هذه الاجواء على المناخ العام للجلسة العامة، وعلى مضمون المناقشات التي تخللتها فيما كان العميد يتدخل بين الفينة والاخرى لامتصاص جزء من هذا الاحتقان، او لتصحيح ما قال «انه افتراءات وأكاذيب وادعاءات لا اساس لها من الصحة».. حول استقلالية المهنة واعتبر الاستاذ محمد جمور في تدخله، ان الحملة التي تطال العميد «تستهدف في الحقيقة هياكل المهنة واستقلاليتها» مشيررا الى ان الانتقادات ينبغي ان تتوجه لمجلس الهيئة ككل، وليس للعميد شخصيا، مبرزا ان «المساس بالعميد هو مساس بالعمادة كهيكل ينظم المهنة».. ولاحظ الاستاذ شكري بلعيد، ان المهنة مستهدفة في عملية منهجية لتفتيت الهياكل وضربها، باعتبارها رمز الاستقلالية واحد المنابر الوحيدة المتوفرة للمحامين.. وطالب الاستاذ رضا بلحاج، بان تبقى الجلسة العامة مفتوحة الى غاية شهر اكتوبر القادم، حتى استكمال التقارير المالية وحسابات مجلس ادارة صندوق الحيطة والتقاعد التابع للمحامين، باعتبارها قدمت للجلسة العامة غير مستكملة. واعتبرت الاستاذة سامية بن محمد، ان المحامي المتمرن هو المستهدف من داخل المحاماة، في ضوء المشاحنات والتجاذبات والخصومات الموجودة، وطالبت في هذا السياق بايجاد هياكل للمحامين المتمرنين وايجاد امتيازات جبائية للمتمرنين على غرار ماهو متوفر للباعثين الشبان. واقترح الاستاذ جلال الهمامي، عقد جلسة عامة خارقة للعادة تخصص للنقاش حول صندوق الحيطة والتقاعد، ويجري خلالها بحث جميع التفاصيل المتعلقة بذلك.. ووصف الاستاذ مبروك كورشيد العام الجاري بـ«عام المعارك الكبرى» للعمادة حيث نجحت في تحقيق جملة من الانجازات مشددا على ان «المحاماة قلعة الديمقراطية والاستقلالية». ملاحظات.. ومقترحات من جهته، توقف الاستاذ سليم بن عثمان عند ما وصفه بـ«التدهور الكبير الذي تعيشه المهنة» داعيا الى «حد ادنى من الاخلاق في التعامل مع قضايا المحامين، بعيدا عن عمليات التجاذب الموجودة» على حد قوله. وتساءل عما اذا كانت الجلسة العامة التي يحضرها 480 محاميا من مجموع 6575 محاميا، ستقرر مستقبل المحامين فيما يتعلق بالملف المالي ومصير الصندوق..  واقترح اعداد لائحة عامة تعرض على التصويت، تتضمن تشكيل لجان لجلسة عامة استثنائية تخصص لطرح المشاغل الحقيقية والاساسية للمهنة. وتطرق الاستاذ مراد العبيدي الى موضوع السمسرة الذي قال انه يتكثف يوما بعد يوم، فيما شركات استخلاص الديون تسحب الملفات من المحامين وتوظف اصحاب الزي الاسود برواتب وظيفية، وهو ما يهدد مستقبل المهنة، فيما العمادة تبدو غير معنية بخطورة هذا الموضوع. واستمرت الجلسة سجالا بين شق يدافع عن العميد وعن التقرير المالي، وآخر يطعن فيهما ويطالب بحسابات دقيقة وشفافة. ولم تخل المداخلات من اشارات واضحة الى الابعاد السياسية والانتخابية لما يعرف بـ«الملف المالي للعميد» من الطرفين، الى الحد الذي جعل البعض يصف جلسة المحامين بكونها «جلسة تسخينية» للمواعيد الانتخابية القادمة.. صالح عطية (المصدر: جريدة الصباح ( يومية – تونس)  بتاريخ 05 جويلية 2009 )
   

تونس تقرر وقف رحلات العمرة موقتا بسبب مخاطر الاصابة بانفلونزا الخنازير


تونس (ا ف ب) – افاد مصدر رسمي السبت انه امام مخاطر تفشي مرض انفلونزا الخنازير ايه (اتش1 ان1)، قررت تونس وقف رحلات العمرة الى مكة المكرمة لكنها لم تتخذ قرارا بعد بشأن موسم الحج في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر. وقال وزير الشؤون الدينية التونسي ابو بكر الاخزوري ان تعليق رحلات العمرة « قرار ضروري » نظرا لتفشي مرض انفلونزا الخنازير. وقال الاخزوري امام لجنة وزارية في وزارة الصحة ان الاوضاع الصحية في العالم تستلزم التفكير في منع رحلات الحج في 2009. واضاف « سيتقرر ذلك على ضوء التطورات الصحية على المستويين الاقليمي والدولي » داعيا الى « تعزيز التوعية » من خلال « خطاب ديني يستند الى حجج والبينة ». وفي هذه الاثناء شددت السلطات معايير اختيار المرشحين للحج وضاعفت الفحوصات الطبية مستبعدة المسنين والمصابين بامراض مزمنة « الاكثر عرضة » للاصابة. ومن شان تعليق رحلات العمرة التسبب في خسائر لوكالات السفر خصوصا المتخصصة منها في الرحلات الى مكة. وتقدر الخسائر ب150 مليون دينار (اكثر من 80 مليون يورو) بحسب تقديرات نشرها موقع « بيزنس نيوز » الالكتروني. وحتى الان اعلنت تونس عن ثلاث اصابات بانفلونزا الخنازير هم طالبتان عادتا من الولايات المتحدة ومضيفة طيران لدى عودتها من رحلة الى السعودية. وقال وزير الصحة منذر زينادي ان وضع المرض في تونس تحت السيطرة.   (المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية (أ ف ب) بتاريخ 5 جويلية 2009)  

الشباب والمشاركة السياسيّة في تونس:محاذير ومخاوف

 

72 في المائة من المستجوبين في دراسة حكوميّة يرفضون الانخراط في الحياة السياسيّة شباب حاورتهم « السياسيّة »:  » لا نُمارس السياسة لأنّنا نخاف السجن ونخشى البطالة ولا نٌريد إزعاج عائلاتنا  »  

 لم يعد خافيا عن العيان، في العقود الأخيرة، العزوف الكبير للشباب عن المشاركة في الحياة السياسية أو حتى المساهمة فيها من بعيد، وهو ما نلمسه في الدراسات الإحصائية المنشورة في السنوات الأخيرة عن نسب مشاركة الشباب في الشأن السياسي الوطني وقد أثبتت نتائج الاستطلاع الذي أجرته وزارة الشباب والرياضة والديوان الوطني للشباب والمرصد الوطني للشباب عزوف الشباب التونسي عن الانضمام للأحزاب السياسية وضعف متابعته للصحافة المحلية..   وبالنسبة للمشاركة في الحياة السياسية عبر أكثر من 72 بالمائة من المستجوبين أنهم يرفضون المشاركة السياسية والانخراط في الأحزاب السياسية والاجتماعية و 16بالمائة فقط قالوا أنهم ينتمون لمنظمات غير حكومية..   وحسب بعض الشباب الذين سبرنا آرائهم في هذه الظاهرة فإن السياسة في تونس غير مقنعة سواء كانت عند السلطة أو المعارضة وتتميز بازدواجية في الخطاب، كما يراها البعض الآخر تساهم في عدم التمكن من وظيفة أو فقدانها في بعض الأحيان وتؤدي للاضطراب العائلي وعدم الاستقرار والاستبعاد من قبل النظام الحاكم وربما قد تنتهي بالسجن مما دفعهم لعدم الثقة في السياسيين. غياب الثقة.. أساس النشاط السياسي أو النقابي عند الأحزاب والمنظمات الجماهيرية هو رصيد الثقة الذي يجمع بينها وبين أنصارها ومنخرطيها ويتكون عبر مراحل ومن خلال برامج اجتماعية وسياسية ملموسة ومتجذرة في واقعها الأمر الذي تفتقدها الأحزاب والجمعيات التونسية حسب ما أفادتنا به الطالبة بمعهد الصحافة وداد القرامي(24سنة)، وتضيف بنبرة تحسر وحنق  » أنظر مثلا المنظمات النقابية والسياسية بالجامعة ستجدها تتمحور حول طرفين هما اتحاد الطلبة وشبيبة الحزب الحاكم..هذين الطرفين متحاملين على بعضهما دائما..يبالغون في ردود افعالهم حول القضايا التي تخص الطلبة..الأول يعطي صورة سوداوية جدا على أحوال الطلبة والثاني يرسم لنا صورة وردية عن الجامعة والبلاد..لا توجد موضوعية البتة في تقديراتهم وأحكامهم..فما الذي يجعلني أثق في برامجهم!? » وتفصل هذه الطالبة حديثها بعد أن تعدل في جلستها بقولها بأن عوامل أخرى تقف حائلا دون توسع القاعدة الشبابية للمنظمات والأحزاب التونسية لعل أهمها غياب الدعاية والإعلام الجيد لنشاطها.. ويتدخل في هذا المستوى من الحديث الطالب ماهر(22سنة) من كلية الآداب بمنوبة ليضيف لكلام زميلته نقطة أخرى وهي انحسار عمل هذه المؤسسات السياسية في مقراتها الضيقة ويرى أن كل حزب أو جمعية يعكس الواقع حسب رؤيته الضيقة بطريقة سوداوية ولا يعترف بالايجابيات الرسمية والانجازات الحكومية وفي ذات الوقت السلطة والحزب أو الحزب الحاكم يعطيان مشهدا شفافا للواقع وكأنه لا توجد تجاوزات أو أخطاء لينتهي بحديثه إلى نقطة حساسة وهي ضبابية المشهد السياسي في تونس بشكل عام و غياب الموضوعية في التعامل مع الشباب سواء في شق السلطة أو المعارضة. أما بالنسبة للطالبة سعاد.م (24سنة) فإنها ترفض المشاركة في الحياة السياسية وذلك، حسب رأيها، لغياب التعددية الفعلية ولصورية أحزاب المعارضة وعدم اتفاق الجمعيات الحقوقية فيما بينها. هذا وفي تصريحه لـ »السياسية » يصف الشاب كريم .و (سن25) السياسة في تونس على أنها لعبة مسرحية كبيرة تحكمها تجاذبات شتى واستقالة من المشاركة وجهل بالوضع السياسي والتيمم صوب الترفيه وكرة القدم بسبب الضغوط العائلية والخوف..إلخ. قلة الفضاءات و هواجس الحساب.. « الانخراط في الأحزاب والجمعيات يفترض توفر فضاءات عمل متعددة ومنتشرة في مختلف الجهات التونسية، إلا أن واقع الحال تقل فيه الفضاءات وتتمركز خصوصا بالعاصمة كما أن الفضاءات التي توفرها الإدارة التونسية غير قادرة على استيعاب أفكار وآمال وتطلعات الشباب التونسي.. »هكذا تفاعل الطالب بكلية الحقوق عفيف الجامعي(26 سنة) مع الموضوع حينما طرحناه عليه بينما كان يهم بمغادرة محطة المترو الخفيف بشارع محمد الخامس..ويضيف عفيف بان الشباب التونسي، ككل شعوب الكرة الرضية، يتميز بالحيوية والحماس والاندفاع مما يفترض توفر اطر جادة لتحتوي هذه الميزات وتصرفها في الاتجاه الصحيح وغيابها أو (قلتها) أدى لبروز بعض الفضاءات السياسية غير القانونية ذات التوجهات المتناقضة في بعض الأحيان، إذ منها الأطر الايجابية التي تتبنى الديمقراطية والتعددية وتسعى من اجل النشاط القانوني وأخرى سلبية ومتطرفة وتخضع الشباب لمقولاتها الأصولية مما جعلها في صراع عنيف مع السلطة ونتائجها كارثية على المجتمع مما وجب المزيد من الإحاطة بالشباب وتوفير الأطر العقلانية والتقدمية وتشريعها حتى لا ينساق الشباب نحو التطرف والإرهاب.. عزوف عن المشاركة..ونفور من ازدواجية الخطاب.. رمزي أفضال طالب بمعهد الصحافة يعتبر جمود الحياة السياسية في تونس والضغوطات العائلية والهواجس الأمنية وراء التراجع عن المشاركة في الشأن السياسي.. ويضيف في ذات السياق بأنّ الخوف من البطالة والسجن يجعل الطالب « يخمم » ألف مرة قبل المشاركة في أي نشاط سياسي أو نقابي. كما يخاف الطالب من تأثر وظيفة أمه أو أبيه، لاشتغالهما بالقطاع العام، من جراء نشاطه السياسي. إلى ذلك، يرى رمزي بأن « نادرا ما نجد حزبا أو منظمة تحتكم لقاعدة شبابية عريضة..إذ أنها تدار من قبل شيوخ مخضرمين.. » ويضيف رمزي بأن هذه القيادات الحزبية انشغلت بخلافاتها الداخلية وبسلوكياتها البيروقراطية عن التوجه للشباب ومحاورته و تنظيمه..كما أن أغلب المنظمات الحقوقية والنقابية الحالية مزدوجة الهياكل « مما يجعل الواحد فينا في حيرة من أمره..ما يعرف لشكون يتوجه..! ». آمال العلوي النقابية بالاتحاد العام لطلبة تونس تتفق معه في بعض ما قاله وتضيف بأن المنظمات الحقوقية النقابية أنهكها التحزب ومحاولة طرف السيطرة على مقاليدها على حساب الأطراف السياسية الأخرى..وتظيف بأن التوظيف الحزبي للنقابات والجمعيات من شأنه أن يخلق التوتر داخلها ونفور الشباب منها بعد أن يكتشف ازدواجية خطاب البعض فيها ..حيث يرفع شعار الديمقراطية وينتهج البيروقراطية في الممارسة مما من شأنه أن يفقد النقابات والأحزاب المعارضة مصداقيتها. كما ترى بأن موضوع السياسة « محرم » نوعا ما و بأن الشاب التونسي يخاف القمع والتسلط إذا ما أقدم على المشاركة في نشاط معارض. في المحصلة.. بناءا على ما سبق من الآراء المستطلعة، يبدو جليا أن العوامل التي تقف وراء عزوف الشباب عن المشاركة السياسة عديدة ويمكن اختزالها في الخوف من البطالة والسجن، وهذا ما ينتج عنه الإحباط واليأس وانسحاب الشباب من الحياة السياسية تاركين إياها للنخب. كما أن للبيروقراطية الداخلية للأحزاب والمنظمات، حسب مستجوبينا، وخلافاتها الداخلية، وازدواجية البعض من هياكلها وخطاباتها وشعارات الحد الأقصى التي ترفعها بعض الأحزاب والتنظيمات الأصوليّة التي دخلت في فترات معينة في مواجهات مع السلطة جعلها تدفع السلطة باتجاه سياسات أشد مع مختلف مكونات المعارضة..الأمر الذي دفع بالكثير من الشباب المنخرط في هذه الأحزاب أو المحتمل انضواؤه فيها ينعزل تلقائياً وآلياً عنها.. وهذا ما دفع ببعض الملاحظين إلى الدعوة لمزيد تعميق الحوار العقلاني والهادئ حول الشباب وتعديده وتشريك مختلف المكونات الديمقراطية فيه، والانفتاح أكثر على مشاغله وهمومه وتصوراته، والاستماع إلى مقترحاته مهما كانت درجة اختلافها مع التوجهات العامة للسلطة والحزب الحاكم. على هذا الطريق يمكن لنا في المستقبل حصاد شباب متنور..حمّال لوعي سياسي متقدم..وقادر على المساهمة في الشأن العام وصناعة القرار الوطني وعلى حماية مكاسب البلاد والدفع بها للأفضل ، والأمل في أن تضع الجهات المسؤولة في اعتبارها وهي تستعدّ لإعداد استراتيجيّة وطنيّة لسياسة الشباب للفترة 2009-2014 في اعتبارها كلّ هذه النقاط والمحاور. إعداد: بدر السلام الطرابلسي (المصدر: موقع السياسية الإلكتروني ( تونس ) بتاريخ 05جويلية 2009)  


الجلسة العامة 84 للنجم الساحلي / لغة خشبية وتوظيف سياسي


انعقدت الجلسة العامة التقييمية 84 للنجم الساحلي يوم السبت 4 جويلية وسط أجواء مشحونة عقب النتائج المخيبة للآمال التي حققها الفريق و خصوصا فرع كرة القدم و الانتقادات اللاذعة التي يتعرض لها السيد معز إدريس المتهم  بالمسؤولية عن ازمة النتائج التي تعصف بالفريق . و تميزت الجلسة بطغيان منطق الرضاء عن النفس و ثقافة  انه ليس بالإمكان أفضل مما كان و اتهام كل الآراء المخالفة و النقدية بالتآمر و التخريب و عدم طرح المواضيع الأساسية لنقاش من قبيل تدهور النتائج و عدم استقرار الإطار الفني ومطالبة السلطات ببناء ملعب عصري و كبير لائق بفريق في حجم النجم الساحلي و برز ذالك من خلال تلاوة التقرير الأدبي و المالي و تقرير لجان الأحباء التي أجمعت على الإشادة بالانجازات و حسن إدارة رئيس للجمعية رغم كل الإخفاقات و تم التخطيط لذالك بعناية لاستبعاد كل الآراء المخالفة و رموزها حيث كان حضور الجلسة العامة مشروطا بالحصول على استدعاء شخصي تمتع به كل الموالين و تم اختبار المداخلات بعناية. و سجل غياب السيد عثمان جنيح الرئيس السابق للنجم الساحلي و السيد عبد المجيد الشتالي اللذان يعتبران من أهم الرموز المنتقدة لإدارة السيد معز إدريس بالإضافة إلى عديد الوجوه الرياضية لعائلة النجم الساحلي و تم كذالك تغييب كل مجموعات المشجعين الفيراج التي هاجمت رئيس الجمعية بعنف إلى حدود غير رياضية أحيانا. و من جهة أخرى و في سياق غير رياضي حضر التوظيف السياسي الغير قانوني في الجلسة العامة التقييمية 84 للنجم الساحلي بقوة حيث ترأس الجلسة السيد والي سوسة الطيب الراقوبي و ضمت المنصة الشرفية كاتب عام لجنة التنسيق للتجمع الدستوري الديمقراطي بسوسة الذي جلس مباشرة إلى يمين والي سوسة في برتوكول الجلسة و هو ما يتعارض مع قانون الجمعيات الذي ينص على مبدءا الحياد السياسي للجمعيات و لم يتم على قاعدة المساواة دعوة أي حزب سياسي أخر لإشغال الجلسة و هو ما يثير إشكاليات عديدة حول هيمنة الحزب الحاكم على النسيج ألجمعياتي و استغلاله و حضر التوظيف السياسي أيضا من خلال اللافتات الضخمة المساندة لمرشح الحزب الحاكم في الانتخاب الرئاسية 2009 بشكل  يتعارض مع مقتضيات المجلة الانتخابية و لا يتناسب مع مبدءا الحياد و تساوي الفرص بين المرشحين . حسان  يونس  

تونس في المرتبة الاولى في مجال تنافسية الاقتصاد في افريقيا


تونس (ا ف ب) – صنفت تونس الاولى في مجال التنافسية الاقتصادية في افريقيا وذلك قبل جنوب افريقيا وبوتسوانا وجزر موريشيوس بحسب التقرير السنوي للبنك الافريقي للتنمية الذي نشر الخميس بتونس. وحصلت تونس التي تأتي في المرتبة 36 في المستوى العالمي، على افضل نتيجة في افريقيا (4,6 نقاط) تلتها جنوب افريقيا (4,4 نقاط) وبوتسوانا (4,2 نقاط) وموريشيوس (4,2 نقاط) والمغرب (4,1 نقاط) وحلت مصر وناميبيا في المرتبة السادسة باربع نقاط لكل منهما. وقال كبير اقتصاديي البنك الافريقي للتنمية لوي كاسيكاندي ان هذا الترتيب يعكس « مستوى افضل بوضوح بفضل حوكمة جيدة وبنية تحتية فعالة واستقرار سياسي ». ووضع هذا الترتيب بالتعاون بين البنك الافريقي للتنمية والمنتدى الاقتصادي العالمي والبنك الدولي على اساس معطيات احصائية وتحقيقات تغطي العديد من القطاعات (البنى التحتية والاستقرار السياسي والحوكمة والصحة ..). واشار واضعو التقرير الى انه تم في الاجمال تسجيل تحسن في مستوى سوق السلع وسوق العمل « الذي يزداد مرونة » وايضا في مستوى الاعمال. وفي المقابل اشار التقرير الى هشاشة البلدان الافريقية في مستوى البنى التحتية (النقل والكهرباء والاتصالات) وعدم استقرار الاقتصاد الجزئي وغياب الاندماج الافقي والشروط الصحية السيئة خصوصا في بلدان افريقيا جنوب الصحراء. وقال نديكومانا « ان البنى التحتية في مجالي الطاقة والنقل تشكل عائقا كبيرا امام تنافسية افريقيا ». ولتحسين التنافسية يتعين على البلدان الافريقية زيادة الاستثمار والنهوض بالخدمات « ذات القيمة المضافة العالية » وملائمة التعليم لحاجات سوق العمل. وستتيح جهود استثمارية في البنى التحتية لافريقيا زيادة نموها وسيمثل « وسيلة لانعاش الميزانية في هذه الفترة الصعبة »، بحسب نديكومانا. ولاحظ كاسيكاندي ان نحو 66 بالمئة من المشاريع التي يدعمها البنك الافريقي للتنمية تهم البنية التحتية في افريقيا. (المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية (أ ف ب) بتاريخ 5 جويلية 2009)  

التيار القومي التقدمي – تونس بسم الله الرحمان الرحيم

« من المؤمنين رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه. فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا »  23 سورة الأحزاب سيبقى المناضل القومي الحاج محمد بن الهاشمي بن ضو بوعجيلة رمزا العطاء والتضحية

 


ببالغ الأسى والحزن ينعى التيار القومي التقدمي المناضل القومي الحاج محمد بن الهاشمي بن ضو بوعجيلة حيث وافته المنية يوم الثالث من شهر جويلية 2009.  ولد المناضل في 22 أوت 1919 بمدينة جرجيس، وكان من طلائع تونس الذين التحقوا بالمقاومة في فلسطين، وهبوا للدفاع عنها منذ سنة 1948، عاد إلى تونس سنة 1951 وواصل نضاله ضد الاستعمار الفرنسي. تبنى سنة 1955 مواقف الجناح الوطني الذي قاده المناضل القومي صالح بن يوسف: الدعوة إلى الاستقلال التام وفي إطار وحدة المغرب العربي.  يعتبر المناضل القومي الحاج محمد بن الهاشمي بن ضو بوعجيلة المعروف بالاسم الحركي (بوستة) من الوجوه الحركية في الخط العروبي اليوسفي، تمكن من اخراج القائد صالح بن يوسف من القصبة حيث كان محاصرا ومطلوبا من قبل السلطات البورقيبية والفرنسية. ترأس « كتيبة » من المناضلين ساحتها جنوب تونس وقد امتدت لتشمل ليبيا والجزائر ومصر. ألقت عليه أجهزة بورقيبة سنة 1959 في رأس جدير حيث تعرض لكل أصناف التعذيب من الضرب والجلد وقلع الأظافر…وحكم عليه بالسجن خمس سنوات قضاها في غار ديماء ثم تم نفيه في قرمبالية عشرة سنوات حيث قضاه تحت الاقامة الجبرية.  لقد عانى( بوستة) مع إخوته المناضلين الصادقين الذين قالوا نعم لعروبة تونس لا للتغريب.. نعم للتحرير لا لمهادنة الاستعمار.. من غياهب السجون وكل أصناف التعذيب، لكنه صمد ولم ينحن لقد كان رحمه الله رمز التضحية والصمود والوطنية  تميزت سيرته الجهادية بمقارعة الاستعمار والصهيونية والنظام البورقيبي. إن التيار القومي التقدمي يودع رمزا من رموزه، ويقف بخشوع أمام هذه الرموز القومية التي صمدت في دفاعها على عروبة تونس، واستقلالها. ويدعو الله أن يتغمده، وإخوته الذين غيبتهم السجون والمعتقلات البورقيبة الرهيبة ، وسقطوا تحت رصاص الغدر، برحمته الواسعة/ سيبقى المناضل القومي الحاج محمد بن الهاشمي بن ضو بوعجيلة رمزا العطاء والتضحية للجيل الجديد.   التيار القومي التقدمي تونس 3 جويلية 2009  

سعيد بوزيري أحد الحصون التي تفقده الجالية بفرنسا

الطاهر العبيدي  / جريدة الموقف taharlabidi@free.fr يوم 23 جوان 2009 كان نبأ وفاة سعيد بوزيري خبرا متجاوزا للحدود، إذ سرعان ما تناولته الصحف والمواقع والإذاعات…، وتداولته بيانات التعزية الصادرة عن أحزاب فرنسية وشخصيات اعتبارية أجنبية وعربية، ومنظمات دولية وفضاءات حقوقية بمختلف تشكيلاتها، حيث توزّع خبر موته المفاجئ بين الجالية، سواء تجمّعات أوجمعيات أو أفراد الذين عبّروا عن حزنهم العميق، تجاه من كان يعتبر أحد الحصون التي تهاوت، خصوصا والمتوفى سعيد بوزيري التونسي المولد والجنسية والانتماء،يعتبر أحد أهم ركائز العمل المهجري، وأحد الذين انحازوا منذ ثلاثين سنة لهموم ومشاغل المهاجرين، وتجنّدوا تطوّعا وقناعة لخدمة قضايا الجالية، عبر الانخراط في العديد من المؤسسات الحقوقية والإعلامية، من أجل الحصول على عدّة مكاسب للمغتربين، والتعريف بمساهمة الجالية في التنوع الثقافي والاجتماعي، والمشاركة في تنمية المجتمع الفرنسي، والتصدّي للفكر العنصري، الذي يعتبر المهاجرين غزاة في شكل جيوش من الجياع، كما كان لسعيد بوزيري دور في تبنّي قضايا المهاجرين غيرالشرعيين، وكان من الذين قادوا إضرابات الجوع الاحتجاجية من أجل المطالبة ببطاقات إقامة، إلى جانب أن سعيد بوزيري هو أحد مؤسسي جريدة  » ليبيراسيون  » وهي من أشهر الجرائد الفرنسية اليومية القريبة من اليسار، إضافة إلى أنه مؤسس  » إذاعة شمس »
الموجّهة للجالية، وهو أمين مال الرابطة الفرنسية لحقوق الانسان،وله عدّة وظائف حقوقية وإعلامية عديدة، وكان له حضور فاعلا في القضايا العربية باعتباره عضوا باللجنة الفلسطينية، فمنذ قدومه إلى فرنسا سنة 1996 كما تدل عليه آثاره، سخّر وقته لخدمة الجالية والتعريف بتطلعاتها وطموحاتها واستبيان حقوقها، معتمدا في ذلك على التحامه الأرضي بهموم المهاجرين، والنشاط ضمن العديد من لأطر الحقوقية الفاعلة على الساحة، ممّا أكسبه خبرة ودراية في هذا الميدان،حتى أصبح أحد المختصّين، الذي تستفيد من تجربته بعض دوائر صنّاع القرار حول لعديد من القضايا التي تخص الجالية، ويستدعى لأهم الاستشارات، وقد عبّرت عديد لشخصيات الفرنسية سواء في الحكم أو في المعارضة في بيانات رسمية عن ألمها فقدان هذا المناضل الحقوقي، الذي كما ذكرت  » فضيلة عمارة  » وزيرة الدولة لمكلفة بشؤون المدينة أن فعل سعيد بوزيري سيبقى منقوشا في الذاكرة الإنسانية،هذا وقد وقع تكريمه يوم الأحد 28 يونيو 2009 اعترافا من الجميع بدور الفقيد في لتجند للدفاع عن الحقوق المدنية للقادمين من الضفاف الأخرى، من خلال إقامة حفل كريم لقبول التعازي تم بقاعة  » سان برينو  » بباريس الدائرة الثامنة عشر،  المقابلة لكنيسة « سان برنار » رمزية هذا المكان، الذي اعتصم فيه عشرات المهاجرين غير الشرعيين، مدة أكثر من هرين، مضربين عن الطعام من أجل الحصول على بطاقات إقامة، وكان سعيد بوزيري أحد لمنشطين لهذا الإضراب، الذي لاقى تعاطفا شعبيا مهما، واهتماما إعلاميا كبيرا، وقد حضر هذه المناسبة العديد من الحقوقيين والإعلاميين والسياسيين من مختلف لجنسيات، وقد تحولت القاعة إلى متحف، اكتست جدرانها بطاقات التعازي الممضاة من رف مئات الزائرين من مختلف الشرائح السياسية والفكرية والحقوقية والرسمية، وقد كتظت القاعة وازدحمت بجمهور أتى من العديد من المدن الفرنسية، ليتأمل معرضا من لصور، التي تزيّن القاعة لسعيد بوزيري في مناسبات عدّة، ومع رموز وزعماء وشخصيات ومهاجرين، وهي مجموعة من اللوحات المعروضة على الحيطان للمشاهدين، في كل محطات متنوعة للفعل المهجري المقترن بالفقيد، بالإضافة إلى أنه وقع عرض يلم وثائقي تابع من خلاله الحاضرين أهم مفاصل حياة بوزيري النضالية في الحقل لحقوقي.. ذا وقد تسرّبت أخبار ما زالت متداولة وغير مؤكدة أن سعيد بوزيري الذي توفي عمره 62 سنة، كان يوم موته متوجها لترأس اجتماع « جنريك  » على الساعة الثالثة عد الظهر، وفي الطريق وهو بانتظار المترو استخرج وثائقه الشخصية، وطرحها على لأرض ثم أرتمى تحت عجلات المترو، الذي مرّ فوقه، وما زالت هذه الرواية تناقلها أصدقائه دون وجود تفسير لدوافع الإقدام على الانتحار، الذي لم يخرج شيئايقينا حول هذا الموت الغامض، ولعل الرسالة كما يروج التي تركها مع جملة وثائقه إلى ابنته وزوجته، قد ترفع الالتباس وتضع حدا لجملة الأقاويل…  * جريدة الموقف / الجمعة 3 جوان / 2009 

القلم الحرّ يعود إلى تمْتماته على أعمدة « تونيس نيوز »  
 
 ….بعد إستراحة أشهر يعود الصحافي التونسي الساخر القلم الحرّ سليم بوخذير لكتابة عدد من تمْتماته المعروفة الضاحكة على واقع تونس الباكي، وقد أفرد مشكورا « تونيس نيوز » بها ونأمل المزيد ممّا تضخّه علينا قريحته.  
 
تَمْتَمَات  


 * القلم الحرّ سليم بوخذير * نقطة.. وإلى السطر بيْن الطرفيْن كلمة واحدة تُنطقُ بإختلاف بسيط ..الطرف الأوّل:السلطان ، له الخُبز والثاني:الصحفي ، له الخبر..   والعلاقة بسيطة: يكتُب الثاني الخبر فيقطعُ الأوّل الخبز……..وأشياء أخرى! * أيْ نعم..عهد إنجازات  صدقت الحكومة حين قالت إن تونس في منأى عن التأثر بالأزمة المالية العالمية وأن التونسيون لم يشعروا بها ، صدقت والله ، فلا فُضّ فوها وخير القول ما قالت ، فالتونسي لم يشعر بالأزمة البتة ، ببساطة التونسي هو منذ سنوات في أزمة مالية ولذلك لن يُؤثر فيه أن يقولوا له اليوم إن هناك أزمة! *الآن وهنا بإختصار: الوضع اليوم لا يدعو بتاتا لإقامة مهرجان إسمه « إنتخابات » في تونس ….الوضع يدعو بحرارة وبإلحاح لإقامة « إنتِحَابات »……على تونس! *الطريق..والرفيق دُمتُمْ في حفظ الله ..دمتمْ واقفين تملؤون الجيوب من الداخل وتسلخون جُلود الذين تأكُلهم رحى القمع .. دمتم تمُدّون الأيادي إلى الحُكم وراء الستارات الخفيّة وتنالون شرف أن تكونوا معنا وأنتم مع آناتكم الماكِرة .. دُمتم تبنُون أسوار التخفّي لِمكْركم النّزقِ أيّها الخائنون! ..و لن تخونوا إلاّ أنفسكم . * فاقد الشيء..  « كرامة » إبنتي ذات العيْنيْن الدمشقيّتيْن والأسحار الناعمة المُتهاطلة من نظراتها العذبة .. وترانيم النورس المتدفقة من صوتها الملائكيّ وقطوف البراءة الطالعة من أفكارها التي تُحاكي نسائم الربيع الآتي ….كلّها دليل دامغ على أنّ الصحفي إذا أراد فعلا أن تكون له كرامة ، فيجب أن تكون في بيْته أوّلا! *إسم..ورسم الذين يعرفون أخي وعزيزي روبار مينار كلّهم .. كلّهم دون إستثناء ، لا يعرفون أنّه تونسي .. تونسيّ جدّا..   لا تبحثوا عن إسم روبار في قائمة حاملي الجنسيّة التونسيّة التي تُسندها مصالح الحُكم،إبحثوا عنه هناك في القائمة المحدودة جدّا للتونسيين الذين دافعوا عن المضطهدين من الصحافيّين والكتّاب التونسيّين وصرخوا في وجه من إعتدى على كلّ شجرة مُثمرة في البلد..وبذلوا العرق النبيل في سبيل شُموع تُضاءُ في العتمة المُحيطة بإعلام تونس ولعنُوا الظلام ، ستجدون عندئذ روبار تونسيّا أكثر من عديد التونسيين .. …..وسلاماتْ يا صاحبي! * يحيا…….اليحياوي صلاة الله على الطيّبين البررة الذين يملؤون سماءك إجلالا .. صلاة الله على روحك الطّاهرة تُخضّبها كؤوس الرضا وأكواب السّعد.. صلاة الله على نورك المُمتدّ إلى الأحرف المُحلّقة في الآفاق البعيدة .. صلاة الله على طيْفك محفوفا بالسّحر يسكُبُ على خواطرنا آيات الصّبح المُنبلِج قريبا ..صلاة الله وسلام سلام سلام عليْك يا « زُو » * الخالد .  * « زو » : هو الراحل الباقي على الدوام : زهير اليحياوي * فيلم « أنا ومراتي »  ينطق أشقاؤنا المصريون كلمة زواج هكذا : »جواز »، وبالنطق المصري للكلمة نستطيع أن نؤكد وببساطة أن « الجواز » الثاني في تونس ممنوع بمقتضى مجلة الأحوال الشخصية ….  بقي أن أضيف لكم أمرا أكثر بساطة ، وهو أنه بالنسبة لي أنا وعدد من أمثالي المعارضين ممنوع عليْنا « الجواز » الثاني بكل أنواعه بما في ذلك « جواز »…………السفر!   * إلى فائزة أحمد أخطؤوا وأسموك فائزة ..الحقيقة أنّنا نحن الفائزون بكِ يا سيّدتي يا رئيسة جمهوريّة النّغم الطّاهر ! * إلى واحد كأف! الزنزانات.. الظُلمات ..الهرسلة والحرمان من السفر والتجويع والتعنيف والنيْل من الحُرُمات ..كلّها كلّها لم تفعل بنا ما فعلتْه فينا………الخيانات ! * ذهاب..وإياب الذين يسألون من أبنائنا المهاجرين خلال هذا الصيف آباءهم: متى نعود إلى تونس ، أولى بهم أن يسألوا أولا : ومتى تعود تونس إلينا؟ * ملاحظة : هذه التمتمة بالذات كتبتها بإيحاء من مداخلة للعزيزة أم زياد.   * إلى سهام بن سدرين دُمتي يا قامتنا المديدة إلى الصباحات البعيدة …..السعيدة ، وأعانك الله على غربتك من أجل كلمة تُسمع ولواء حقٍّ يُرفع..نُقدر جيدا غربتك ومتاعبها والشوق إلى الوطن ونسائمه العذبة.. ولكن نحن أيضا ما أعظم غربتنا..ما أعظم غربتنا ونحن في وطننا!
 

الخضراء ليست الأم التي تئد أبنائها


يعتبر انعقاد المؤتمر التأسيسي للمنظمة الدولية للمهجريين التونسيين بمدينة جنيف السويسرية محطة فاصلة في تاريخ هذه المأساة الإنسانية التي شارفت على العقدين من الزمن . لقد أظهر المؤتمرون الذين توافدوا من كل القارات مستوى نضج ووعي غير مسبوق في تعاملهم مع حيثيات هذه القضية . وتجل ذلك بوضوح في اصرارهم على فك الاشتباك مع السلطة بالتأكيد على الخصوصية الحقوقية والمطلبية لقضيتهم وعدم السماح لاي جهة سياسية بتوضيف هذا الملف وتعقيده . بل لقد ذهب بعض المشاركين اكثر من ذلك لاعتبار اعلى هرم السلطة في بلادنا وهي مؤسسة الرئاسة الدائرة الاهم في التواصل والحوار وذلك بالتأسيسي لخطاب هاديء ومتعقل يقطع مع منطق التشنج والتجريح وبأسس الى مرحلة جديدة في  التعامل مع هذا الملف على قاعدة الواقعية وحسن المطالبة وليس على قاعدة المغالبة والاستعداء . اننا نتطلع الى لحظة تاريخية شعارها التعقل والحكمة ومضمونها المصالحة والصفح الجميل وحسن النوايا كي نساهم في تجاوز هذه الحقبة بكل ألامها وهمومها خدمة لمصلحة البلاد حتى تبقى تونس وطننا  يتسع للجميع وتعود البسمة الى كل أبنائها بلا استثناء فالخضراء ليست الأم التي تئد أبنائها . اننا نتطلع الى استجابة لهذا الواجب الوطني المقدس من قبل كل الإطراف بما فيها السلطة في بلدنا لطي صفحة الماضي وغلق هذا الملف المؤلم .  انه ليس من مصلحة تونس ان يتعامل مع هذه المبادرة من موقع المتحرف لقتال وبمنطق المؤامرة والريبة والشك كما ظهر ذلك جليا في كلام السيد برهان بسيس . ان هذه المأساة الانسانية تحتاج الى قوة اسناد من قبل كل العقلاء والاوفياء لتونس وكل الحرصين على مصلحتها اننا نأكد مرة اخرى ان هذا المؤتمر لن يكون ورقة توظيف  من أي طرف سياسي أو حزبي لأنه بكل بساطة يتأطر ضمن سياق حقوقي إنساني محض . ان واجب المصلحة الوطنية يقتضي منا ان نمد يد الحوار والمصالحة لتامين عودة أمنة وكريمة وشاملة لكل المهجرين . الأسعد الغزواني ميونخ 06.07.09
 

معركة الفتاوى بين تونس و السعودية

: المقدمة الشيخ سلمان العودة يرفع الستار : فتوى سعودية تقلب الموازين : التلفزيون الرسمي التونسي يُحاكم السعودية : وزير الشعائر الدينية التونسي على الخط : الوزير و الامتحان الصعب : تكتل اسلامي عروبي لحماية الشراكة السعودية التونسية : أسئلة تنتظر جوابا : : المقدمة المتعارف عليه في أوساط الخاصة و العامة أن تونس ليس لها علاقة من بعيد أومن قريب بالمسائل الفقهية و التشريعات الاسلامية ناهيك عن استصدار فتاوى شرعية تعتني بقضايا الدين و الدنيا ….و هي دولة تفتخر بمحاربتها للاسلام و استئصال الاصولية بل ترفع شعار الحداثة و التحرر، و المقصود هنا بالتحرر هو الخروج على الدين و الطعن في هوية الامة و مقدساتها . أما ما نسمعه اليوم من تصريحات ذات طابع ديني أو فقهي بحت ،يجعلنا نستغرب و نستهجن الاسلوب المتبع في استغلال الدين في السياسة عبر اصدار فتاوى من المعيار الثقيل كإلغاء موسم العمرة لهذه السنة و تكبد وكالات سفر الخسائر المالية بملايين الدولارات و إن كانت هذه الوكالات أو توكيلات  الحج و العمرة تابعة لاسرة العائلة الحاكمة ،و الاغرب من ذلك أن التيار الحاكم في البلاد و الذي يمسك بزمام الامور و بالتأكيد ليس رئيس الجمهورية نظرا لانشغاله بأمور أخرى ذات أهمية أكبر كالتوريث و ضمان تجديد ولايته الخامسة – فالتيار العلماني الملحد إلى حد النخاع  و المهيمن على مقاليد السلطة و لكنه في نفس الوقت يستغل الدين الذي يعتبره سبب انحطاط الامة و تخلفها، بل العائق الاكبر في بناء تونس الجديدة فيستغله كورقة ضغط و تلاعب لما يشعر بحاجته الملحة لهذه الورقة السحرية و المضمونة النتائج …و بالتالي الذي يكون محظورا بالامس يصبح مباحا في اليوم الذي يليه …والحلال عليهم حرام على غيرهم، إلى أن أصبحت الحركة الاسلامية التونسية تتحاشى في التعامل مع اصول الدين و أحكامه على الساحة الميدانية لان الطرف المقابل يستعمل حق الفيتو في الطعن في الادوات و وسائل التحليل و التحريك و التعبئة الجماهيرية ذات الطابع الاسلامي و يعتبر إدماج الدين في السياسة من قبيل المتاجرة بالاسلام و ما لله لله و ما لقيصر لقيصر ..و المؤسف في هذا السياق ان جمع كبير من الاسلاميين سقطوا في هذا الفخ و فصلوا الاسلام عن السياسة و أصبحوا مثل غيرهم بدون روح أو منبت بعلة أن مقتضيات السياسة تستوجب ذلك . الشيخ سلمان العودة يرفع الستار : في زيارته الاخيرة لتونس و في إطار أشغال منظمة اليونسكو قام الشيخ سلمان العودة بجولة سريعة و خاطفة لقلب العاصمة التونسية الوجه اللامع للبلاد و ككل أي بلاد ، تكون دائما العاصمة الواجهة الامامية للزوار و السائحين و بما أن زيارته كانت خاطفة و سريعة جاءت إنطباعاته بنفس المقدار خاطفة و سريعة و لم ترتق إلى المستوى العلمي أو الموضوعي كما عاودنا بها فضيلة الشيخ بتحاليله الدقيقة و استنتاجاته المفصلية و لكن في نفس الوقت إحترمنا رأيه باعتباره بشرو له اجتهاداته يُأخذ منها و يُرد ولكن مُؤاخذاتنا عليه كانت في استعجاله في تقديم أوسمة و تزكيات مجانية للنظام هو بنفسه لا يدعيها و يتبرئ منها لانها تُدينه امام شركائه الغربيين والملحدين المتواطئين معه في تصفية الاسلام و معالمه بتونس و تُظهره كالمتخاذل أويملك وجهان لعملة واحدة و لذلك و برغم إستياء رجال الحركة الاسلامية التونسية من تصريحات الشيخ لم تبد الحكومة و اعوانها حد أدنى من البهجة و السرور للثناء السعودي المجاني الذي نزل عليها من السماء و بدون مقابل و الذي قد يُفيدها بالتأكيد في حملتها الانتخابية الرئاسية المقبلة و يُبيض وجهها امام التونسيين الذين كثيرا ما سمعوا و شاهدوا بأم أعينهم انتهاكات غير لائقة في حق الاسلام و أهله . كان حري بالشيخ قبل زيارته لتونس أن يستأنس برأي الحركة الاسلامية التونسية ،و يطلع على آخر تطورات القضية بتونس و يلقي نظرة على قوانين مجلة الاحوال الشخصية أو أن يطلب زيارة للمساجين الاسلاميين أو يقف على ابواب المعاهد و الجامعات ليشهد بعينه وقائع نزع الحجاب و خلعه من رؤوس الاخوات عنوة ،أو  الابحار لدقائق معدودات في الشبكة العنكبوتية و البحث عن قضايا أو مسائل أجتماعية تونسية :كالطلاق ،و الانتحار ،و العنف العائلي ،و الامهات العازبات و المخدرات و الايدز و الجريمة المنظمة و البطالة و الاجهاض والخمرو ما يتبعه،  كافية بتقريب الصورة الحقيقية عن الوضع الطبيعي للبلاد . و لكن بنفس المقدار الذي نلوم فيه الشيخ سلمان فيما ذهب إليه فإننا نحن رجال الحركة الاسلامية و رموزها و شيوخها و علماؤها بالدرجة الاولى قد ظلمنا أنفسنا و بلدنا و لا نلوم إلا انفسنا في المستوى الذي وصلنا اليه من اللامبالات و القعود و العطالة الفكرية و الحركية و السياسية التي نعاني منها و أصبحت العطالة صفة ملازمة للكثير منا ،فأصبح لا يُسمع لنا صوت إلا بعدما ان تُنتهك حرماتنا و اعراضنا… وقتها نبكي و نصرخ  و نقيم المآتم و نفتح بيوت العزاء و صفحات الرثاء على النت و لكن متى…؟ بعد ذبح الشاة و سلخها . فتوى سعودية تقلب الموازين : و كأن الله أراد أن يُنزل سكينته على المؤمنين و يُخفف عنهم الألام والجراح التي خلفها الشيخ سلمان في نفوسهم بعد مدحه و تزكيته لنظام لا يستحقها و لا يستح البتة في قتل المؤمنين و استئصال الاسلام من منبعه و سن قوانين وضعية تستهدف أحكام الله و روح الدين  لم يسبقه بها أحد من العالمين  . جاء في فتوى الدكتوريوسف بن عبد الله الاحمد عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة بجامعة الامام بالرياض بخصوص سفر وفد نسائي سعودي الى تونس الاتي : ان سفر وفد نسائي الى تونس للدراسة هو تحقيق للمشروع الامريكي التغريبي في افساد المراة السعودية …حكومة تونس هي أسوأ حكومة في العالم في محاربتها لشعبها في دينه فهي تمنع الحجاب الشرعي في الدوائر الحكومية و الجامعات و تضيق على المسلمات و تتبنى الاختلاط بأسوأ صورة و تقنن دور البغاء رسميا و تحرم تعدد الزوجات و تحارب الدعوة إلى الله . و نصح الدكتور الوفد الذي يزمع للسفر الى تونس بالتوبة . فتوى الدكتور سببت للشيخ سلمان إحراجا بليغا و بينت أن فضيلته غابت عنه أشياء كثيرة و أنه استعجل في ثنائه على أسوأحكومة في العالم على حد تعبير الدكتور كما أن الفتوى كانت بردا و سلاما على إسلاميي تونس الذين كثيرا منهم انطفأت   شموعهم وذبلت عزيمتهم و أُصيبوا بالاحباط و الحيرة . و في رد رسمي على الفتوى الحاسمة أصدرت سفارة الجمهورية التونسية بالامارات بدل سفارة تونس بالرياض التي كان من المفترض ان تتولى مهمة الرد كعرف ديبلوماسي متبع بين الدول و باعتبار أن الفتوى صاحبها سعودي الموطن ، بيانا لا طعم فيه و لا رائحة ولا لون و هو عبارة عن ترديد اسطوانة قديمة ليس لها اول ولا آخر و إجراء روتيني لا غير . و لكن تدارك السفير التونسي الموقف عبر الديوان الرئاسي بتونس العاصمة بمناسبة الاجتماع الرابع للمجلس الاعلى لمنظمة المرأة العربية بعد تكريم ممثلة الامارات و الثناء على دورها و دور الامارات في تعزيز مسيرة المرأة العربية و نهضتها ثم تكريمها بوسام رئاسة الجمهورية للسابع من نوفمبر و هي بالتأكيد رسالة مبطنة للسعودية التي لا تبتعد كثيرا من حيث المسافة على حدود المملكة فضلا عن الروابط التي تجمع بين الدولتين . التلفزيون الرسمي التونسي يُحاكم السعودية : في سابقة الاولى من نوعها و في عمل صحفي تنقصه اللباقة و الحرفية و الدبلوماسية، صحفي تونسي مغمور يستضيف كاتبة سعودية تدعى زينب حفني غير مرغوب فيها ببلدها و هي شاذة في أفكارها و خارجة عن المألوف و تعاليم الشريعة ، يتعامل معها الصحفي التونسي و كأنها شاهدة إتهام ضد النظام السعودي و تلقي جزافا أحكاما و اتهامات ضد تقاليد المجتمع و شريعته بقولها أن :لا يوجد قانون بالمملكة بل تشريع منذ الاف السنين و تقصد بذلك أحكام الشريعة ، و للكاتبة رواية تحت عنوان- سيقان ملتوية- ذات طابع جنسي في أدب لم يعهده السعوديون من قبل في بلد مهبط الوحي و مرقد رسول الله عليه افضل الصلاة و ازكى التسليم ؟ تاتي هذه المقابلة المشبوهة كردة فعل صبيانية على فتوى الدكتور يوسف بن عبد الله الاخيرة التي منعت صراحة سفر السعوديات الى تونس  باعتبار هذه الاخيرة تُفسد النساء من خلال تبني الاختلاط و تقنين دور البغاء  . وأحسب أنه بهذا العمل الغير مسؤول عبر التلفزيون الرسمي اي بلغة اخرى توجه رسمي تتبناه الدولة او اشخاص نافذين في الدولة يعملون على الإساءة للعلاقات بين الدولتين ، ولمصلحة من ؟ و من سيكون الخاسر …؟ حتما تونس …الصغيرة في كل شئ…..ثم سيفرح العلمانيون المتطرفون في الدولة بقطعهم اواصر الاخوة العربية و الامتداد الطبيعي للجسم العربي المسلم عبر التاريخ و الجغرافيا و الدين واللغة و الحضارة  . كشف المذيع التونسي عن تنسيق متين و مدروس بين علمانيين سعوديين و اخرين تونسيين و ذلك لمحاربة الحجاب و البرقع …و لعمري أنه تدخل سافر في شؤون الدول الاخرى و له توابع غير حميدة على المستوى السياسي و الامني و شكل العلاقات بين الدولتين، جاءت هذه المقابلة على قناة 7 التلفزيون الرسمي لتونس في برنامج اخر الليل من الشهر الماضي . وزير الشعائر الدينية التونسي على الخط : نقلت صحيفة الصريح التونسية يوم السبت بتاريخ 27-6-09 عن أبوبكر الاخزوري وزير الشؤون الدينية بتونس قوله : أنه تم تعليق العمرة في انتظار النظر في مسألة تعليق الحج إذا ما تأكدت خطورة ذلك على صحة حجيجنا – حسب ما يفرضه الوضع العالمي – بما ام السفر الى البلد الموبوء غير جائز . علما و انه الى حين صدور تصريح وزير الشعائر الدينية تم تسجيل ثلاثة حالات تونسية مصابة بانفلونزا الخنازير أو ما يصطلح عليه علميا  » اتش 1 ان 1 الملاحظ أن سيد الوزير كان احر من الجمر في اعلان تعليق العمرة لهذه السنة و أنه بذلك حقق الرقم القياسي و الاول في العالم في الاستباق بمكافحة انفلونزا الخنازير و هو بذلك و كعادة تونس تتصدر العالم العربي في القضايا الاسلامية و لكن بالاتجاه المعاكس فهي ما شاء الله الاولى عربيا في الطلاق و الانتحار والامهات العازبات و استهلاك الخمر و ضرب النساء لرجالهن و تشريع قوانين مخالفة لشرع الله ،إذا غير مستغرب ان يبادر وزيرنا بتعليق العمرة و ذلك بعمل إضافة جديدة في سجل الارقام القياسية بتونس تحت شعائر مطاردة الاسلام و ما يعلق به ، و لعمري إن وجد النظام التونسي و خاصة الجناح العلماني المتطرف إمكانية حذف ما يُسمى بالحج و العمرة من قاموس شعائر الاسلام التونسي لحذفها . و يتسائل المرء هنا …هل حقيقة ما ذهب إليه وزير الشعائر الدينية هو مذهبا دينيا و فقهيا صرفا و خوفا على صحة المعتمرين التونسيين ، ام هنالك مسائل أخرى …؟ ان انفراد تونس بهذا الاعلان من دون العالم الاسلامي يجعل الباحثين ينظرون إلى الامر بشئ من الريبة و الشك و خاصة ان تونس مشهور عنها بمحاربة الدين و احكامه و منذ الاستقلال عن فرنسا علاقة الحكومة التونسية بالاسلام علاقة شد و جذب و مطاردة للاسلاميين على اختلاف توجهاتهم الفكرية ،و الراجح عندي ان فتوى الوزير التونسي بخصوص العمرة هي ردة فعل غير مدروسة لفتوى الدكتور يوسف بن عبد الله التي منعت السعوديات من السفر إلى تونس و بما ان الفتوى السعودية تمنع النساء من زيارة تونس فالفتوى التونسية تأتي في هذا الاطار بمنع التونسيين من السفر الى السعودية و هكذا واحدة بواحدة . إن هذه العملية الحسابية في عالم السياسة لاغبار عليها أما إن يتم حشر الدين و بالاخص شعائر الاسلام و معتقاداته في اللعبة السياسية فهذا مرفوض من أساسه و غير مقبول بالمرة و زلة كهذه لا تُغتفر لمثل شخصية حكومية برتبة وزيرالشعائر الدينية لحكومة مسلمة . و من جهة اخرى فإذا اعتبرنا أن سيد الوزير كان حريصا على تعاليم الاسلام و سلامة المعتمرين و كانت الفتوى في موضعها …فيتحتم علينا في هذه الحالة أن نسأل سيادته عن التجاوزات الفظيعة و الكبائر الشنيعة و الحرب المنظمة على الاسلام التي تشنها الدولة التونسية و التي هو أحد وزرائها و حاميها . فأين غيرته و أسلامه و فتواه و حمايته لاركان الدين و بيضته ؟ ماذا يقول في الحجاب …و منع تعدد الزوجات ….قانون المساجد…..قانون تجفيف المنابع …و تقنين الدعارة التي جاءت في فتوى الدكتور السعودي ….سجن المتدينين…و المبعدين ….و غيرها كثير و القائمة تطول . الوزير و الامتحان الصعب : بالنسبة لنا يعتبر وزير الشعائر الدينية قد سقط في الاختبار الاول بتعليقه لأداء مناسك العمرة لهذه السنة بحجة انفلونزا الخنازير لأن المجلس الاوروبي للافتاء قال ان هذا المرض ليس مبررا لتاجيل الحج و العمرة لانه يمكن تفاديه و المملكة أخذت كل الاحتياطات اللازمة لسلامة الحجاج و المعتمرين ،و لكن الامتحان الصعب الذي سيواجهه وزير الشعائر الدينية التونسي هي الفتوى الرئاسية الكبرى التي تتناول بالتفصيل مسألة الانتخابات الرئاسية و موقف الشرع منها للتصويت لرئيس مسلم تُعادي سياسته و قوانينه أحكام الله و شريعته جهارا نهارا ،علما أن هذه الفتوى صدرت عن علماء من غير التراب التونسي و لكنها مُلمة بأدق تفاصيل الاوضاع التونسية و اعتقد أن هذه الفتوى ستحدث نقلة نوعية في المقاييس و المفاهيم ،و حينها مُطالب من السيد الوزير بالدفاع عن منصبه قبل أن يُدافع عن نظام الدولة  ورموزها و يستعد للمعركة الحقيقية و التي بالتأكيد سيخسرها مثل ما خسر المعركة الاولى في فتوى العمرة . تكتل اسلامي عروبي لحماية الشراكة السعودية التونسية : النخبة العلمانية المتطرفة و اليسار الملحد هما الايادي الخفية و العقول المدبرة التي تقود البلاد و ما البقية الباقية سوى أدوات للتنفيذ و جنود للسمع و الطاعة لاغير و وزير الشعائر الدينية هو أحد هذه الادوات التنفيذية و من مصلحة التطرف العلماني إبعاد تونس عن محيطها العربي و الاسلامي و لذلك تاتي هذه السياسة المعادية للمملكة رمز الاسلام و قبلة المسلمين ،و عليه يستوجب على النخبة الاسلامية و العربية ببناء سد منيع يحمي المناعة الاسلامية من فيروزات العلمانية و الالحاد و يعمل على مطاردتها و غسل الجسم العربي من المغرب الى الخليج العربي و تغيير  الدم الملوث بفيروزات صهيونية التي بدأت تعشش في منطقة المغرب العربي بدم عربي صاف و نقي . أسئلة تنتظر جوابا : ماذا تريد حقيقة الافراد التي وراء الحملة العدائية ضد السعودية ؟ هل فتوى الدكتور السعودي كافية لتبرير هذه الحملة ؟ أو خوف النظام التونسي من صدور فتوى سعودية قوية كالتي صدرت في حق بورقيبة و كفرته ؟ لماذا لم تستجب السعودية لاستفزازات تونس ؟ هل يعملها الاسلاميون المضطهدون من قبل النظام التونسي و يعرضون معاناتهم على شبكة القنوات السعودية ، و العين بالعين .؟ ماذا لو تفرغ علماء السعودية و دعاتها و طلابها في نقد و عرض السياسة التونسية و قوانينها بما فيها مجلة الاحوال الشخصية و قوانين الارهاب و سلسلة قوانين ردة المعادية للاسلام على شاشات التلفزيون العربية التابعة للمملكة و في المساجد و في الكتب التي تتوزع مجانا عبر العالم ؟ ألا تسقط الحكومة التونسية بين عشية و ضحاها ….؟ عاش من عرف قدره ……..؟       حمادي الغربي        Al_gharbi@live.com  

العين بصيرة… لمسافر البحري، إبداع « الزنباع » ونرجسية بالصاع…

خميس الخياطي تعرفون حتما سليمان ابن النبي داوود المشهور بالحكمة وصاحب أول معبد بالقدس حيث ولد في العام 1000 ق م. هذا الملك/النبي خصه القرآن بإحدى أجمل السور حيث، بغض الطرف عن ملكة سبأ، النمل يهرول هاربا من الفيلة والهدهد يتوعده سليمان بعذاب شديد أو يذبحه إن لم يأته بسلطان مبين. القصص الشعبي وشح صدر الملك بنوادر عديدة عن الحكمة منها نادرة البحث عن الأم الحق… جاءت الملك سليمان امرأتان ورضيع… كل تزعم الأمومة وتريد إفتكاك الطفل الذي لم يكف عن العويل والبكاء إن لم نقل شيئا أخر… ولا أحد بإمكانه الفصل بينهما إلا الملك الحكيم الذي فكر قدر ساعة ونيف وجاء بحكمة منطقية مفادها العدل المطلق، ذاك الذي تغرسه الطبيعة في الخلايا الإنسانية الأولى. قال الملك أنه لا يقوى على هضم حق إحداهن في الأمومة. قال أنه مقتنع من أن كلا المرأتين هي أم للرضيع. قال أنه سيستجيب لطلبهما وقرر على الملا باقتسام الرضيع بينهما. حينها، تقول القصة بعد أن استفاضت في وصف هول أحدى النساء، وصرخت امرأة منهما : لا، لا تقطعوه. فلتأخذه بالكامل… عندها، نظر الملك الحكيم إليها وأمر أن يترك لها رضيعها هي التي لم تتحمل فيه أي داء… لو كان الملك الحكيم سليمان يملك في مملكته إدارة مدنية حيث تسجل كل المواليد… ولو امتلكت مملكته مختبرا لتحليل الحامض النووي لكل من الأفراد الثلاث… لعلمنا، دون شاعرية حتما، من هي الأم الحقيقية… الصورة تكره الفراغ مسألة الأبوة أو الأحقية في التبني يعيشها حاليا الميدان السمعي-بصري بلادنا هذا الأسبوع بمناسبة خلاف طرأ بين « حنبعل » و »نسمة » « التيفيتين »… لا شك أنكم شاهدتم على اللوحات الإستشهارية المغروسة حيثما جاء في شرايين العاصمة التونسية تلك الإعلانات عن اقتناء قناة « نسمة » للمسلسل السوري « باب الحارة » في أجزائه الأربعة… قناة الإخوة القروي، خلافا لقناة السيد نصرة، تملك قوة اتصالية لا لشيء إلا لأن الإخوة يحتلون مركز الصدارة مغاربيا وأكثر من مغاربي في ميدان الإعلانات… وبالتالي، وجدت قناة نسمة المصعد شاغرا أو خيل لها كذلك، فصعدت… إلا أن قناة حنبعل لا تأكل من ذاك الكسكسي وصرخت العويل – وهي التي طالما استعملت لغة الأمر الواقع محل السياسة – أنها صاحبة الحق الحصري تونسيا في بث المسلسل لمدة خمس سنوات. وهكذا، أصبح المسلسل السوري الذي أخرجه بسام الملا لصالح شركة « ميسلون للإنتاج » تفاحة الخصام بين القناتين الخاصتين التونسيتين، خصام طال المحاكم الإبتدائية التونسية… ويقول مصدر مسؤول من نسمة أن شركته اشترت الحقوق للأجزاء الأربعة كاملة من « أم، بي، سي » التي اشترتها بدورها من الشركتين المنتجتين للمسلسل، فإن هذا المصدر يزعم أن عقد حنبعل لا يشير إلى الحصرية أبدا… وكما قالت شخصية « بانيس » في رواية لمارسيل بانيول: من هو الأب؟ هل هو الذي يعطي الحياة أم الذي يعطي الرضاعة… ونحن هنا أمام أبوين اثنين اهتما بالرضاعة الفائضة… سؤال بسيط يتبادر إلى ذهن أي مواطن لا يفقه في أمور التلفزة شيئا مفاده : لماذا لا نملك إدارة ولو على صيغة مكتب بموظف وحاسوب تسجل فيها كل الإقتناءات التلفزية الموجهة للجمهور التونسي عبر القنوات الأربعة الموجودة حاليا في الخارطة؟ بل يمكن التساؤل كذلك بكل وقاحة: ما دور المجلس الأعلى للإتصال إن لم يسد خدمة لأهل المهنة من هذا النوع أم أنه بارع في « ضربان الخفيف »؟ فإن كانت الطبيعة تكره الفراغ، فالصورة لها الكره المضاعف له وما على سلطة الإشراف إلا أن تسارع إلى ملئ هذا الفراغ القانوني… أود الإشارة إلى برنامج « ناس نسمة » الذي تبثه القناة السالفة الذكر ويسهر على إنتاجه إلياس الغربي (موزائيك سابقا) ويقدمه بن تمسك فواز. بدأ هذا البرنامج يحتل حيزا هاما سواء بأناقة الحاضرين فيه بالديكور وبحرية التناول الشبابي… وتبرز من بين الحاضرين فيه الممثلة سوسن معالج في محاورتها للضيوف فيما بدت إدارة البلاتوه من طرف بن تمسك « ماسطة شوية وغير مفلفلة » كما يتوقع من أسلوب البرنامج لو قارناه بمثيلة على « كانال بلوس »… غدا، موعد مع العظيمة الجزائرية « بايونا » من سلالة الممثلة كلثوم. من أفلامها « فيفا لالجيري »… الضحك مؤمن والوقاحة كذلك كما كانت مع لطفي العبدلي الذي عرف كيف يستأثر باهتمام وسائل الإعلام. السباحة ضد التيار في إجاباته والتموقع في زاوية غير متوقعة. « إش يا ذبانة… » من ماسي تلفزة القطاع العام في بلادنا أنها انقسمت إلى مقاطعات لأمراء تلفزيين لهم عرابيهم داخل دواليب الدولة والمؤثرين في الخطط الإعلامية… على سبيل المثال: هذه مقاطعة هالة الركبي وهذه مقاطعة أسما بالطيب، هذه لعلي بن نصيب وأخرى ليسر صحراوي والكبرى لسامي الفهري إلخ… ومن أمراء الهجالة الذي اقتطع له نصيبا من الإنتاج والبث يستعمله كما يشاء ومتى يشاء وكأنه في « ملك السيد الوالد »، الأمير لطفي البحري… من الأمانة كذلك الاعتراف بأن لطفي البحري صحفي يعرف مهنته. وقد تكون معرفته بمهنته وظهره المسنود ممن لا نعرف السبب الرئيسي في نشوء وتفاقم نرجسيته وكأن شمس التلفزة لم تشرق في بلادنا إلا بإذنه، لحد أن برنامجه « مسافر زاده الإبداع » الذي أنجز أول حلقة منه في العام 2000 قد يستحق شعار « إش يا ذبانة ما ثمة إلا أنا »… ذلك أن صور لطفي البحري من اليمين ومن اليسار، من فوق ومن تحت، لطفي يمشي في الشوارع، لطفي ينظر في المحلات، لطفي يفكر، لطفي لا أعرف ماذا يفعل… كل هذه الصور للطفي البحري تدبج مقدمة البرنامج الذي ماعدا العنوان وإعداد وتقديم من الأمير، لا يحمل لا إسم مخرج ولا أسماء المصورين… وهي سمة من سمات الإقتطاع… الحلقة الأخير من هذا البرنامج، الذي تعرفه الهجالة بـ »برنامج ثقافي »، والخاصة بالممثلة الإيطالية الجنسية والتونسية المولد « كلاوديا كاردينالي » تم إعادة بثها يوم الأحد مساء بعد أن أضاف إليها لطفي البحري بعض المشاهد المناسباتية وكأن تلفزتنا تريد أن تكفر عن ذنوب اقترفتها في حق الثقافة التلفزية تحت حكم رئيس مدير عام قيل لنا أنه « مثقف ويحب الثقافة »… يهدف برنامج لطفي البحري الذي اعارته ثوتها الزميلة أماني بولعراس – الإذاعة الوطنية – يهدف إلى التعريف بالمسيرة السينمائية والحياتية للنجمة كلاوديا… ومع المحاورة، إخثار لطفي البحري العديد من مقاطع الأفلام – 150 فيلما مثلت فيها-  وكانت هذه المقاطع تنزل علينا دون سابق إنذار ولا بمنطق كرونولوجي إلا منطق ضمني لدى الأمير لطفي البحري… هذا المنطق البحري يدور حول حب البلد والوفاء للبلد والشوق والحنين للبلد… وحينما يعاد تعبير البلد وبنت البلد أكثر من ألف مرة، يصبح الأمر قريبا من البلادة… وكأن الغرض من الحلقة ليس الاحتفاء بهذه الممثلة العالمية التي رأت النور في بلادنا، بل رسالة إلى من يهمه الأمر في حب البلاد… المدخل إلى الفاشية… ولو قدم لنا لطفي البحري إضاءة جديدة لأعمال كلاوديا كردينالي السينمائية من وجهة الأداء التمثيلي وسياستها في تعاملها مع عديد المخرجين والمنتجين ذوي الأصول والثقافات المختلفة، لغفرنا له كلامه الفضفاض. لكنه صدع الأذان واجهر العيون بجمل فارغة نسوق البعض منها للقارئ… في البدء يقول لطفي البحري بصوته الجهوري وكأنه من جماعة مسرح يوسف وهبي : « وتصل بنت البلد إلى حيث البلد… أرض الوطن… الشوق والحنين »… « وتناديني كل الأزقة إليها وكأني بها تقطفي خطايا »… « وتواصل الصور حكايتها…وتتعلق الألوان بالألوان والبلد »… « هكذا استقبل المكان بنت البلد وهكذا استقبلها أبناء البلد »… إن التركيز على البلد وحب البلد هو الطريق المفتوحة نحو الفاشية. وقد بين لطفي البحري مرة ذلك حينما أتهم من لم يحضر من الفنانين إحدى برامجه وبغني بها بأنهم « لا يحبون البلد »… وتكون قمة حب البلد حينما علق على لقاء رئيس الجمهورية بالنجمة قائلا: » وتأتي هذه اللحظات، لحظات الشوق العظيم، رئيس الجمهورية يستقبل النجمة… تحقق ذاك الحلم… تونس أرض الحضارات وأرض الثقافات… » هل هناك حديث يعد هذا؟ وبما أن مثل هؤلاء الأمراء التلفزيين « لا حشمة ولا جعرة عندهم »، فإننا نستمع إلى سيل من الأسئلة الساذجة التي يقدمها الأمير لطفي البحري كونها بحث في الإبداع، كقوله « سؤال ساذج ولكن الإجابة عنه تضيء البلد,,, »، « سألتها إذا كانت تحلم بنجاحات أخرى وهي التي… » أو « هل أنت في حاجة الأن لإثبات شيء ما؟ » وهي أسئلة على ماثلة البحث في كروية الأرض أو مائية الماء… لأمير الهجالة، لطفي البحري كما لغيره حرية ولوج عوالم الآخرين والبحث عن قواعد إبداعاتهم، ففي ذلك إثراء لذهنية المواطن التونسي… أما أن تكون هذه البرامج صورة لنرجسية متفاقمة وبأموال المواطن التونسي وفي سهرة يوم الأحد وفي برنامج تمت عليه بعض التحويرات، فإن في الأمر أكثر من ريبة… رحم الله من قال: « ملك البيليك… » نشر بالطريق الجديد العدد 135، ص 9Khémais KHAYATI Journaliste . Port : 0021620549597 fixe  : 0021671784472 Tunis-Tunisie  

«صبّاط الظلام» بريء من دم اليوسفيين والزواتنة  أعضاء من الحزب الدستوري القديم ساهموا في المقاومة المسلحة


تونس ـ الصباح مسائل هامة كشف عنها المناضل أحمد بن محمد بن مبارك بن نصير شهر «التليسي» بمؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات للادلاء بشهادته التاريخية… أهمها تأكيده على أنه لم يقع قتل أي يوسفي أو زيتوني في خمسينات القرن الماضي في «صباط الظلام» ولا يوجد أبدا بئر في هذا المكان الواقع في قلب مدينة تونس العتيقة لإلقاء المناوئين فيه بهدف قتلهم.. وذكر أن الشيخ حسن العيادي (الذي ارتبط اسمه بصباط الظلام) عذّب اليوسفيين فعلا لكنه لم يقتل أحدا في «صباط الظلام».. وتجدر الاشارة الى أن تاريخ «صباط الظلام» ظل لعقود طويلة حلقة مفقودة لا يعرف عنها المؤرخون الشيء الكثير.. كما أن العديد منهم فوجئوا أمس عند الاستماع الى شهادة التليلي بأن اعضاء الحزب الدستوري القديم ساهموا في المقاومة المسلحة… ذكر الدكتور عبد الجليل التميمي مدير هذا المنتدى أن أحمد التليسي هو من مواليد سنة 1934 بالتلالسة بالمهدية.. وأنه أطرد من التعليم الثانوي سنة 1952 اثر قيادته مظاهرة تلمذية وتم ايقافه وايداعه السجن بالمهدية وذلك يوم 21 مارس 1952.. وأضاف أن التليسي تعرض للتعذيب في السجن وأنه بعد اطلاق سراحه تحول الى تونس العاصمة ثم التحق من هناك بالمقاومة المسلحة بجبل برقو وعرف عددا من قادة المقاومة بعدة أماكن أخرى. وسلم التليسي سلاحه يوم 5 ديسمبر 1954 ببرقو، وكان على معرفة بتفاصيل دقيقة حول الخلاف اليوسفي البورقيبي. وعيّن التليسي بعد الاستقلال باقتراح من بشير رزق العيون أول حارس شخصي للزعيم الحبيب بورقيبة.. وتقلد مسؤوليات حزبية في مستويات مختلفة، وجعله ذلك على اطلاع على تصفية اليوسفيين وله معلومات حول الشيخ حسن العيادي و«صباط الظلام» الذي صفى فيه العديد من التونسيين.. وحول شبكة الجوسسة الفرنسية وتعاون بعض التونسيين معها.. وفي الأثناء قام باحباط محاولة اغتيال أحمد بن صالح عندما كان أمينا عاما لاتحاد الشغل.. وكانت للتليسي علاقات مباشرة مع رجال الدولة القياديين وتحصل على الصنفين الرابع والثالث من وسام الاستقلال وعلى وسام الشباب.. ماذا قال عن العيادي؟ قال أحمد التليسي في شهادته التاريخية انه عرف الشيخ حسن العيادي عن كثب والتقاه في العاصمة و«كان قائدا مقاوما.. يتمتع بعديد الخصال.. وفيه الكثير من المساوئ.. وكان من أكبر قادة المقاومة المسلحة في تونس ورئيسهم، لكن المنجي سليم والطيب المهيري والمختار عطية كسروا له شوكته».. وخلافا لما يقال في بعض الاوساط ومفاده أن العيادي كان بورقيبيا خالصا.. بين التليسي أن هذا الرجل كانت له علاقة بصالح بن يوسف ولكن عندما حاول اليوسفيون تصفيته أصبح شرسا.. وأضاف التليسي: «بعد أن قع الخلاف اليوسفي البورقيبي، لاحظنا أن كل الناس في تونس العاصمة ساندوا بن يوسف باستثناء شعبة الدويرات.. وبدأ نادي الدويرات بمعارك مع اليوسفية.. وخوفا من اليوسفيين وجد «صباط الظلام» في ركن خفي مظلم في قلب العاصمة.. وقيل انه كان يحتوي على بئر ورمى فيه أناس وهذا ليس صحيحا، فهو اشاعة، وأقسم التليسي أمام الحاضرين عدة مرات للتأكيد على عدم وجود بئر قتل فيه يوسفيون وزواتنة.. وقال التليسي «رغم أن حسن العيادي أساء لي كثيرا، فإنه ليس مجرما.. لقد أساء لي وهو معذور لأنني وشيت به.. ونبهت أحمد بن صالح عندما كان أمينا عاما لاتحاد الشغل بأن العيادي سيقتله»… ولكن من الذي أمر العيادي بقتل بن صالح؟ عن هذا السؤال أجاب التليسي «من عساه يكون… إنه بورقيبة».. وأضاف التليسي أن حسن العيادي لم يشارك فيما بعد أي في الستينات في المؤامرة للاطاحة بالزعيم بورقيبة.. بل هو الذي كشفها وأعلم بورقيبة بها.. وعن سؤال يتعلق بالزواتنة، أجاب التليسي أنه لا يعرف إن كان قد تم تعذيب الطلبة «الزواتنة» في «صباط الظلام»، الا اذا كان يوسفيين، وأضاف «لما كنت رئيس مركز أمن في رادس (بئر التراس) أرسل لي الحزب زواتنة منهم عبد الستار الهاني ومحمد الزراع فتم ايقافهم هناك الى أن وقع تسليمهم الى المحكمة ولو كانت هناك تصفية لليوسفيين لما وقعت تصفية الهاني والزراع.. وانني واثق انه لم يقع قتل أي انسان في «صباط الظلام»، لأن كل الزواتنة المطلوبين سلموا الى المحاكم.. نعم تم تعذيب اليوسفيين.. وأنا نفسي عذبت اليوسفيين لأنهم حاولوا قتلي أكثر من مرة.. عذبتهم من تلقاء نفسي ولم أتلق أمرا من الحزب لأفعل ذلك».. وإجابة عن سؤال طرحه نجل حسن العيادي عن قاتل الشيخ الهاشمي بن نصير، قال التليسي إن الهاشمي كان عينا من عيون المراقبة الفرنسية، فتقررت تصفيته وقتله حسين التليسي ولا دخل للعيادي في هذه التصفية.. لأن عملية تصفية الخونة انطلقت من الساحل.. مقاومون من الحزب القديم أزاح التليسي في شهادته التاريخية الرماد عن جانب مجهول من تاريخ المقاومة المسلحة في جبل برقو.. وبين خاصة دور اللجنة التنفيذية والحزب القديم في المقاومة وذكر بعض الأسماء على غرار محمود السهيلي وحسن الشرميطي وهلال الفرشيشي ومحمد اليعقوبي.. هذه اذن بعض العناصر التي تطرق اليها أحمد التليسي في شهادته التاريخية.. وينتظر أن يواصل التليسي الحديث عن الحركة الوطنية في حلقتين قادمتين أولها يوم 11 والثانية يوم 18 جويلية الجاري.. سعيدة بوهلال (المصدر: جريدة الصباح ( يومية – تونس)  بتاريخ 05 جويلية 2009  )


بعض حقائق حول ما يسمّي بمشروع مدرسة الغد مشروع مدرسة الغد مشروع مستورد


في الحقيقة إن كل أنظمة التعليم التي طبقت في بلادنا ومنذ 1958 لم تكن إلا مجرد إستيراد ونقل لأنظمة تعليم البلدان المهيمنة. لقد كان ذلك وجها من وجوه عجز البرجوازية التي استلمت الحكم في 1956 عن الاستقلال عن إستراتيجية الاستعمار الجديد.لذلك ودون التعمق في هذا المبحث يمكن القول أن كل مشاريع التعليم التي طبقت في بلادنا قد منيت بالفشل ولم تحقق الأهداف المفروض تحقيقها باعتبارها لم تتصد لمعالجة مشكلات مجتمعنا ولم تنفذ إلى حقيقة متطلبات الإنسان والبنية الاجتماعية لتطويرهما. إن البرجوازية التونسية التي تسلمت الحكم في 1956 في إطار إستراتيجية الاستعمار الجديد وعبر مشاريع التعليم التي تبنتها لم تكن قادرة بصفة عامة إلا على إعداد المتعلمين للقيام بالأدوار التي فرضها واقع الهيمنة. وبذلك وظف التعليم وكغيره من المجالات الأخرى لمزيد ترسيخ تبعيتنا وتخلفنا. فانحصر في المعارف المتجاوزة و التكنولوجيات البالية في حين كان التعليم في البلدان التي نقلنا عنها يدور حول المعارف الإنتاجية واستراتجيات المستقبل ويؤثر في الإنسان و المجتمع و يساهم في تقدم وتفوق هذه المجتمعات على كل الأصعدة.  لم تختلف الدولة بعد البورقيبة عن سابقتها في التعاطي مع مسألة التعليم لقد ارتبطت بدورها بإستراتيجية البلدان المهيمنة  فانخرطت في العولمة وتبنت مخطط الإصلاح الهيكلي الذي يعدّ مشروع مدرسة الغد أحد أركانه الكبرى.  إن المنظمات المالية الدولية [صندوق النقد الدولي ــ البنك العالمي ــ المنظمة العالمية للتجارة ــ الخ…] مثلما خططت لخوصصة المؤسسات الاقتصادية العمومية وقطاع الخدمات العمومي خططت كذلك لخوصصة قطاع التعليم في إطار الاستراتجيا العالمية المعروفة بمخطط عولمة التعليم. إن خوصصة قطاع التعليم عملية مربحة جدّا لهذه الدوائر وللحكومات التي تنفذها وللمستثمرين في نفس الوقت. فالدول ستتخلى عن تمويل التعليم مثلما تخلت عن تمويل قطاعات عمومية أخرى عديدة والاستثماريون سيربحون سوقا كبيرة تعدّ بالملايين من الناس [مستهلكون جدد] لسلع التعليم [ حواسيب ـ خدمات ـ أقراص ـ برمجيات ـ دروس عن بعد ـ تعليم ذاتي ـ مدد تكوين…] إضافة إلى المكاسب الأخرى التي سيعمل على تحقيقها هؤلاء الاستثماريون على المدى المنظور والمتعلقة بالترويج لثقافاتهم وقيمهم وأنماط سلوكهم. إن خوصصة التعليم في البلدان التي جرفها تيار العولمة وعولمة التعليم ومنها بلادنا تعني وفي مختصر دال: إفراغ التعليم من كل محتوى يهدد سيطرة رأس المال الاحتكاري وتحميل المتعلم كلفة تعليمه وإعفاء الدولة من الإنفاق على التعليم وانتقاء نخبة تكنوقراطية مطوّعة ومفصولة عن واقعها قادرة على التأقلم والتجدد والتطور في خدمة رأس المال و دكتاتورية الأسواق. لذلك وضع مشروع مدرسة الغد أسس أقلمة مدرستنا مع مقتضيات الانخراط في العولمة وعولمة التعليم فبمقتضاه وقع مراجعة وظائف المدرسة وغايات التعليم. فوظيفة المدرسة أصبحت إكساب روادها الكفايات والمهارات التي يحتاجها حرفاء المدرسة والمقصود بهم الاستثماريون وأصحاب المؤسسات الاقتصادية. أي الرأسماليون. والتعليم أصبح انخراطا في عملية تعلم دائمة لإكتسات كفايات تؤهل للعمل متغيرة باستمرار نظرا لتسارع نسق تغير المهن نفسها. هذا الكلام تؤكده الوثيقة المرجعية المؤسسة لمشروع مدرسة الغد و القانون التوجيهي اللذين صدرا تباعا سنة 2000 و2002. لقد ورد بالوثيقة المرجعية في صفحاتها 6 و7 و 16 ما يلي:‹‹ إن مدرسة الغد… تقوم على آليات كفيلة بجعلها تتفاعل مع المستجدات المعرفية والتكنولوجية والاقتصادية والاجتماعية وتتلاءم مع حاجيات البلاد ومقتضيات العولمة… وغايتها تأهيل خريجيها وتمكينهم من قابلية فائقة للتشغيل في إطار اقتصاد معولم وتهيئتهم للتعلم مدى الحياة.›› وكذلك المدرسة مدعوة إلى ‹‹ إعادة النظر في وسائلها التعليمية وفي المناهج البيداغوجية وفي العلاقة الثلاثية بين العلم و المعلم  والمتعلم.›› مشروع مدرسة الغد مشروع مسقط  ورد في وثيقة الخطة التنفيذية لمدرسة الغد 2002 ـ 2007 وفي الوثيقة المرجعية لمشروع مدرسة الغد التي صدرت قبل ذلك بعامين أنه تكونت لجنة  سنة 1998  ضمت 50 عضوا يمثلون مختلف الوزارات والهيئات التي لها علاقة بقطاع التعليم والتكوين وأن هذه اللجنة عرضت نتائج عملها على استشارة وطنية موسعة نتج عنها تبلور مقترحات حول الحلول الكفيلة بتأهيل المدرسة التونسية أنتجت في صياغتها الأخيرة ما أصبح متعارفا عليه بمشروع مدرسة الغد. في الحقيقة إن البدء في التخطيط لمدرسة الغد  ولنظام تعليم الكفايات قد انطلق قبل 1998 بكثير. لقد بدأ منذ شرعت الوزارة وبتمويل من البنك الدولي سنة 1993 في تقييم النظام التربوي المطبق وقتها بإشراف ـ BIEF ـ   ـBureau d’Ingénierie en Education et en formation  ـ بإدارة السيد ـ Xavier Roegiers ـ لقد تكتّمت الوزارة على إعلان أن ـ BIEF ـ هو الذي قام بتقييم نظامنا التربوي وهو الذي اقترح المشروع البديل ـ مدرسة الغد ـ وـ نظام تعليم الكفايات ـ وهو الذي أوكلت له مهمة تكوين الإطار البيداغوجي الذي أشرف في ما بعد على تمرير المشروع وتابع تنفيذه.  إن الاستشارة المفبركة التي وقع الحديث عنها والندوات التي أقيمت واللجان التي كونت لم تكن في الحقيقة إلا عملية تزكية لما قرّره ـ BIEF ـ والبنك الدولي ولا يمكن أن تحجب الطابع الفوقي والمسقط للمشروع. لقد غيبت وزارة التربية والتكوين المعلمين والأساتذة في التعليم الثانوي وفي التعليم العالي ولم تعتبرهم طرفا في العملية برغم نداتهم المتكررة وعبر هياكلهم النقابية بضرورة تشيكهم في كل ما يهم التعليم والمدرسة لأنها تعرف أن مشروعها لو يعرض عليهم وعلى الرأي العام لعورض معارضة شديدة لخطورته على مستقبل الأجيال ومستقبل البلاد. لذلك لجأت إلى سياسة الهروب إلى الأمام وإلى التعتيم والفرض. فهي مثلا عندما تحدثت عن هيئات لها صلة بقطاع التعليم والتكوين لم تحدّد هذه الهيئات ولم تبيّن ما هي هذه الصلة التي تربطها بالتعليم والتكوين وتكتّمت على أعضائها. إن هذه الهيئات لم تكن في الحقيقة غير هيئات حكومية تمثل أصحاب القرار السياسي وتركيبتها لا يمكن أن تعكس غير الطرف الحكومي ومواقفها ليست إلا مواقف السياسة الرسمية. إن تلك الاستشارة وتلك الندوات وتلك اللجان والهيئات المتحدث عنها وكل ما قامت به لم يكن في الحقيقة غير إجراءات شكلية لهيئات شكلية لتزكية خطة جاهزة مسبقا ومشروعا مسقطا. مشروع مدرسة الغد ليس مقاربة تونسية ورد في الوثيقة المرجعية  لمشروع مدرسة الغد أنه تخلّل عمل اللجنة التي تكونت تنظيم ندوة دولية في ماي 1998 ساعدت في تحديد ملامح المقاربة التونسية لمدرسة الغد وتضيف الوثيقة بأن خبراء ممن لهم تجارب في مجال إصلاح الأنظمة التربوية من تونس ومن بلدان عديدة من العالم قد ساهموا في هذه الندوة. ولكنها تسكت عن تسمية هؤلاء الخبراء ولا توضح بماذا ساعد هؤلاء تلك اللجنة ولا تفسر ما المقصود بمقاربة تونسية. إن مفهوم مقاربة تونسية في ميدان التعليم يحيلنا إلى مغالطة كبرى ملخصها أن مشروع مدرسة الغد كان معالجة تونسية لإصلاح النظام التعليمي لا تأثير لأي جهة أجنبية فيها. إن هذه المغالطة مفضوحة ولا يمكن أن تقنع أحدا لأن قضايا التربية و التعليم لا يمكن معالجتها كقضايا خارجة عن تأثير الإختيارات الكبرى للبلاد عموما. فكيف لبلاد مثل بلادنا قطعت أشواطا في تنفيذ برنامج الإصلاح الهيكلي ومنخرطة في اتفاقيات الشراكة الأورومتوسطية أن تستقل في إقرار نظامها التعليمي و أن لا تخضع في ذلك لشروط الدوائر المرتبطة بها. كيف يمكن لها ذلك وهي الملتزمة بتنفيذ كل شروط هذه الدوائر المالية العالمية الداعمة لبرنامج الإصلاح الهيكلي والمانحة للمعونات التي تتلقاها . إن لهذه الدوائر وعبر عديد الاتفاقية التي تلتزم بها بلادنا وتنفذها خططا لإعادة هيكلة نظامنا التعلمي و لا يمكن الحديث عن مقاربة تونسية بمعزل عن هذه الخطط. أما عن الخبراء فالكل يعلم أنهم خبراء البنك الدولي والمنظمة العالمية للتجارة والإتحاد الأوروبي.إنهم خبراء الأرباح المكلفون بتسويق الأفكار والخطط الرامية إلى تحويل التعليم إلى نشاط استثماري وتحويل المتعلمين والمجتمع ككل إلى قدرة استهلاكية دائمة لسلع معدّة للتعلم تتنوع وتتجدد باستمرار. مشروع مدرسة الغد مشروع لربط المدرسة بالمستثمرين أتاحت الأنظمة التعليمية السابقة لمدرسة الغد الفرصة ولو نسبيا لكل المتعلمين من سن ست سنوات إلى ستة عشر سنة أن يتعلموا قدرا مشتركا من التعليم بغض النظر عن محتوى هذا التعليم عموما وعن المعارف والمهارات التي يحصل عليها كل واحد منهم في نهايته. ولكنها عجزت على أن تتيح لهم الفرصة في الحصول على القدر التالي من التعليم [ ثانوي وعالي] إلا لنسبة ضئيلة منهم. لقد كان من المسلم به أن تلك الأنظمة من التعليم أنظمة انتقائية لا ديمقراطية انعدم فيها أي تكافئ للفرص بين المتعلمين. وكرّست تفرقة طبقية فيها للأغنياء وللقادرين على تمويل تعليمهم حظ أوفر لمواصلة التعلّم والحصول على شغل.  إن مشروع مدرسة الغد وبعد سنوات من إرسائه لم يعالج هذه المشكلة. بل بالعكس زاد في تعميقها. ولنا في حجم بطالة خريجي التعليم العالي وفي التراجع في مجانية التعليم وفي تراجع الميزانية المرصودة له وفي واقع المؤسسة التعليمية والموارد المخصصة لها وفي مؤشرات عديدة أخرى خير دليل. إن الأخطر من كل هذا هو الانتقال إلى ربط المدرسة بالمستثمرين وذوي النفوذ المالي. إن هذه الخطوة والتي بدأت بوادرها تظهر للعيان  ستجعل التعليم خارج دائرة الشأن العام .إنها ستفسح المجال للطبقة ذات النفوذ الاقتصادي بالإشراف عليه وتسييره وربطه بمتطلباتها ومصالحها هي فقط. إن أصحاب المؤسسات وذوي النفوذ المالي والمستثمرين وإن أتاح لهم  مشروع مدرسة الغد اليوم الاستثمار في التعليم والمدرسة والتدخل بشكل مباشر للتخطيط لهما وتوجيههما الوجهة التي يريدون، فإنه سيتيح لهم غدا أن يقرّروا للمدرسة مدرستهم ماذا ستعلم؟ وكيف ستعلم؟ ومن ستعلّم؟ وبكم ستعلّم. ولن ننتظر هذا الغد طويلا فلقد بدأ هذا التوجه بعد في الظهور.  إن إلحاق المدرسة والتعليم بالمؤسسة الإقتصادية وبذوي النفوذ المالي يعني تحويل المؤسسة التعليمية والمتعلّم والمعلّم إلى مستهلكين دائمين لمنتجات المؤسسة الإقتصادية التي تتعدّد باستمرار وترتفع أسعارها باستمرار. ذلك فالمتعلّم والمعلّم نفساهما وفي إطار هذا الارتباط سيتحولان إلى سلعة. ومن منطق أساسه وقوامه الربح والربح فقط ستتمكن المؤسسة الإقتصادية من توسيع سوق بضاعتها وتكوين جمهور واسع من المستهلكين. لكن في المقابل لن تختار من هذا الجمهور للعمل إلاّ عددا قليلا جدّا تمليه عليها احتياجاتها لمواصلة دورة إنتاجها. وبالتالي سيكون من استهلك أكثر وأكثر من المتعلمين هو الأوفر حظا في الحصول على شغل. وفي كلمة ستفقد المدرسة وظيفتها كمؤسسة للمجتمع لتصبح مؤسسة للطبقة المسيطرة في هذا المجتمع و بالتالي ستتحول إلى منشأة خاصّة بالمؤسسات الاقتصادية أو ملحقة بها تتصرف فيها هذه المؤسسات بما يتلاءم ومصالحها. ووقتها ستكفّ المدرسة بالفعل عن أن تكون مؤسسة مجتمعية تعلّم وتربّي وتزوّد الناشئة بما هو مطلوب من معارف وعلوم وخبرات هم في حاجة إليها لفهم واقعهم و العمل على تغييره لتفسح المجال لمدارس أخرى من نوع آخر هي مدارس المستثمرين وذوي النفوذ المالي والتي ستخضع مرتاديها ومنذ ولوجها لمشيئة ومصلحة رأس المال و الربح. إن المدرسة المنشأة التي يبشر بها مشروع مدرسة الغد هي المدرسة التي ستحوّل الناشئة من أبنائنا إلى مجرد احتياطي للعمل تحت تصرف المؤسسات الاقتصادية بما أن أغلبية أبناء الشعب لن يتمكنوا من تمويل التعليم الذي يمكن أن يؤهلهم للحصول على عمل وبما أن المؤسسة الاقتصادية نفسها لا تقدر على تشغيل كل المتعلمين منهم. إن مدرسة المؤسسة هذه ستعمق الفروقات الطبقية القائمة، وستزيد من بطالة أبناء الطبقات الفقيرة وسترمي بالغالبية الساحقة منهم إلى المجهول. إن المدرسة التي يعد لها مشروع مدرسة الغد و التي أسمتها وثيقة وزارة التربية بالمدرسة المنشأة          ‹‹منتجة الذكاء›› هي في الحقيقة إلغاء تام لإمكانية حصول غير القادرين على تمويل تعليمهم حتى على قدر يسير من التعليم ناهيك عن حصولهم على شغل. هذه هي في النهاية الأوضاع التي ستترتب عن استكمال تنفيذ مشروع مدرسة الغد. ــــــــــــــــــــــ بشير الحامدي ملاحظة ـ هذا النص كتب في فترة سابقة وقد وقعت مراجعته في ماي 2009  


طلبة تونس WWW.TUNISIE-TALABA.NET

تقريرمن قصر المعارض بالكرم حول : الأيام الوطنية للتوجيه الجامعي

 


طلبة تونس – خاص – انتظمت يومي الجمعة 3 و السبت 4 جويلية 2009 بقصر المعارض بالكرم  » الأيام الإعلامية الوطنية الحادية عشرة للتوجيه الجامعي و الصالون الوطني للطالب  » و قد كان حضور الناجحين الجدد في الباكالوريا ضعيفا بحيث بدا قصر المعارض بالكرم شبه خاليا إلا من بضع مئات قدموا للإستفسار عن آفاق التوجيه الجامعي و حظوظهم في الحصول على الشعب التي يرغبون فيها و قد ساعدهم في ذلك عدد من المرشدين في مجال الإعلام و التوجيه و بعض الأساتذة الجامعيين إضافة إلى التوضيحات الواردة في المطويات و في بعض الأقراص المضغوطة و على ضوء المشاهدات الحاصلة يمكن إيراد الملاحظات التالية : – حضور الطلبة الجدد – الذين نتمنى لهم النجاح و التوفيق في مسيرتهم الجامعية – كان ضعيفا بشكل ملفت للإنتباه ربما بسبب الضعف في الإعلام أو بسبب بعد قصر المعارض بالكرم عن أماكن السكنى و عدم تخصيص وسائل نقل مجانية و ربما كذلك لقناعة أغلبهم بعدم جدوى الذهاب لقلة الفائدة خاصة و أن نسبة كبيرة منهم قد رسموا في أذهانهم الشعب التي يرغبون فيها بالنظر إلى الأعداد المتحصل عليها  – عدد الموظفين الإداريين كان أكبر من الأساتذة الجامعيين الأقدر أكثرمن غيرهم على الإجابة بصفة واضحة عن النواحي البيداغوجية و الآفاق العلمية و المهنية للدراسة في مختلف الإختصاصات – غياب إحصاءات نسب النجاح في المؤسسات الجامعية خاصة بالنسبة للسنوات الأولى لأن ذلك كان من شأنه أن يعطي فكرة للطالب الجديد عن إمكانيات النجاح و مقارنة مختلف المؤسسات الجامعية التي بها نفس الشعب أو الإختصاص ….. و من خلال النقاشات التي حصلت بين الطلبة الجدد و الأساتذة أشار بعض هؤلاء أن هناك إمكانيات متعددة للمرور من شعبة إلى أخرى أثناء الدراسة الجامعية و خاصة مابين مدارس المهندسين و كليات العلوم …. أحد الأساتذة في اختصاص الإعلامية عبّر للطلبة الجدد عن الإحباط الذي يشعر به بسبب تهاون طلبته في القيام بالحدّ الأدنى من واجباتهم الدراسية سواء تعلق ذلك بمراجعة الدروس أو القيام بالتمارين ….. بعض الأولياء كانوا يمرون بين الأروقة صحبة أبنائهم و يتحدثون معهم بصوت مرتفع عن الإختصاصات و الشعب و كأنهم يتحدثون عن اختيار نوع من الملابس أو المأكولات و كأن المسألة ليست مرتبطة بمصير مهني و اجتماعي …… تونـــــــس السبت 4 جويلية 2009  

 
 

بیان المركز المغربي لحقوق الإنسان یستنكر

 


بشدة الحكم الصادر ضد شكیب الخیاري ویطالب بإطلاق سراحھ تلقى المركز المغربي لحقوق الإنسان باستنكار شدید الحكم الصادر ضد شكیب الخیاري بالسجن لمدة 3 سنوات وغرامة مالیة تفوق 750 ألف درھم، وذلك بتھمة الإدلاء بتصریحات عدیدة لوسائل ي شمال المغرب ، الإعلام الوطنیة والدولیة وفي مؤتمرات في أوروبا عن الاتجار في المخدرات ف متھما بعض المسؤولین بالتواطؤ في الاتجار أو التخاذل في مكافحة الاتجار في المخدرات ومنتقدا إساءة معاملة المھاجرین من قبل قوات الأمن المغربیة والإسبانیة على حد سواء. وإذ یعتبر أن محاكمة شكیب الخیاري اتسمت بطابع سیاسي ولم تتوفر فیھا شروط المحاكمة العادلة، فإن المركز المغربي لحقوق الإنسان ، لیعبر عما یلي : – استنكاره الحكم الجائر والقاسي الصادر في حق الناشط الحقوقي شكیب الخیاري ویعتبر أنھ لم یتمتع بحقھ في محاكمة عادلة كما ھو منضمون في القانون المغربي والمواثیق الدولیة ذات الصلة مما یطرح من جدید إشكالیة استقلال القضاء بالمغرب؛ – اعتبار ھدا الحكم مساس خطیر بحریة الرأي والتعبیر، ومحاولة لتكمیم أفواه فاضحي الفساد ونشطاء حقوق الإنسان ؛ – الإطلاق الفوري لسراح المعني بالأمر؛ – مطالبة القضاء الاستئنافي بتصحیح أخطاء الحكم الابتدائي من ضمان ظروف محاكم عادلة.  
حرر بالرباط في 30 یونیو 2009 عن المكتب الوطني للمركز المغربي لحقوق الإنسان  

مركز الأرض لحقوق الإنسان    76 شارع الجمهورية شقة 67- الدور الثامن بجوار مسجد الفتح – الأزبكية – القاهرة
نشرة اعلامية 
القاهرة  5/  7 / 2009        

الصراع على الاراضى الزراعية المملوكة للدولة ….. لصالح من ؟ من يملك الارض فى مصر ؟

مئات الالاف من الافدنة المملوكة للهيئات المختلفة بداية من هيئة الاصلاح الزراعى وهيئة الاوقاف وهيئة التعمير وهيئة املاك الدولة  يتصارع على ملكيتها المزارعون الصغار من ناحية  وكبار الملاك والبلطجية ورجال الاعمال والمسنودين من السلطات المختلفة من ناحية أخرى . عشرات القصص تحكى جبروت رجال الاعمال والسلطات للتعدى على اراضى هيئة الاصلاح الزراعى بمحافظات مصر المختلفة وتؤدى الى تدهور اوضاع صغار المزارعين وتزيد من ثروات مدعين الملكية والاعمال وكبار الملاك والتى يدعمهم سلطات ونفوذ جهات امنية واعضاء مجالس شعبية ومحلية . بالاضافة الى ارتكازهم على بعض الموظفين الفاسدين بتلك الهيئة المتلاعبين بقرارات الاستيلاء والافراج ونماذج بحث الفلاحين ومستندات ملكية الارض . تلك الشبكة التى تواجه صغار المزارعين تتسم بمعرفة طرق التحايل على القانون وتحاول ان تخلق وضع قانونى سليم من الناحية الشكلية وتستخدم القضاء فى معركتها وتنتهز عدم المام المزارعين بالقوانين وسوء اوضاعهم الاقتصادية وايمانهم حتى الان بمساندة الدولة لهم لتتعدى على حقوقهم فى الحيازة الامنة والحياة الكريمة . ولعل ابرز الحالات لدى المركز فى القرى الاتية: – عزبة اشرف البارودى والاشراك والمغازية وابو حمص بالبحيرة (3000 فدان) -بعض قرى المنتزه وطوسون بالاسكندرية (2000فدان) -منطقة جنوب بورسعيد (3000 فدان) -قرى كفر الجريدة بكفر الشيخ (1500 فدان) -قرى مركز دكرنس بالدقهلية (500فدان ) هذه القصص والمشاكل المتشابهة والتى تحتاج الى حملات بديلة لحماية تلك الرقعة من الارض التى لازالت تمتلكها هيئة الاصلاح الزراعى ويقتات منها عشرات الالاف من صغار المزارعين واسرهم ولكن هل يسمع احد فى مصر اصوات هؤلاء الفقراء ؟. وتأتى فى المرتبة الثانية للصراع على ملكية اراضيها « هيئة الاوقاف « انه صراع غير متكافئ بين صغار المزارعين واضعى اليد على هذه الارض وبين بعض كبار الملاك وبقايا الاقطاع القديم مستخدمين معلوماتهم عن ملكية اراضى الوقف المنتشرة فى محافظات مصر . ويدعمهم بعض الموظفين الفاسدين الذين تقع تحت ايديهم حجج الاهالى ومستندات الوقف الاهلى والوقف الخيرى ، ولعل ابرز الحالات لدى المركز تلك الحالة : –       عزبة سدس ورشوان وغالى ببنى سويف              (200 فدان ) –       كفر الفرعونية – المنوفية                               (400 فدان) –       قرية سامول وشمير ومركز طنطا – الغربية          (562 فدان) –       كفر الشرفا – القليوبية                                    (40 فدان) –       مركز المنيا ودير مواس بالمنيا                           (30فدان)                      أما اراضى ملك هيئة التعمير والتى يتصارع عليها حيتان تسقيع الاراضى فى مصر ويساندهم البلطجية والفاسدين بأجهزة الدولة والتى استطاعوا ان يحصلوا خلال الفترة الماضية على مئات الالاف من الافدنة بمبالغ زهيدة فاقت فى بعض القطع المليار جنيه نتيجة غياب الرقابة وانتشار الفساد والاهمال وبعد ان خصصتها  الدولة لهم  لزراعتها قاموا بالبناء عليها كمنتجعات سياحية ومبانى وكسبوا من وراء ذلك مليارات الجنيهات ، فى نفس الوقت الذى ترفض فيه هيئة التعمير تمليك صغار المزارعين وشباب الخريجين والمتضررين من تطبيق سياسات الحكومة مساحات اراضى صغيرة لا تزيد عن 5 افدنة بدعوى ان الدور لم يصيبهم بعد والامثلة كثيرة على ذلك ولعل من اهمها : – طريق مصر اسكندرية الصحراوى      (22 الف فدان) – وادى النقرة بأسوان                    (عشرة الالاف فدان) –  غرب الدلتا بالمنوفية                   (خمسة الالاف فدان) – غرب طهطا سوهاج                     (عشرة الالاف فدان) – اراضى البساتين بالقاهرة                       (16 فدان) – اراضى مركز قنا                        (خمسة الالاف فدان) وهناك عشرات الالاف من الافدنة والتى تمتلكها هيئة املاك الدولة وينطبق عليها نفس الصراع بطبيعته وليس ادل على ذلك من ضياع 132 فدان من اجود الاراضى الزراعية فى كفر الدوار والبحيرة لصالح بعض اصحاب النفوذ والتى كانت تمتلكهم هيئة املاك الدولة وخمسين الف فدان  اخرى ببنى سويف تم الاستيلاء عليها دون حساب أو رقيب وتعدى واستيلاء رجال الاعمال على حوالى خمسة الالاف فدان بمحافظة سوهاج تحت دعوى استثمارها . والشئ المؤسف ان كبار الملاك والفاسدين الذين استطاعوا خلال العشر سنوات الماضية الاستيلاء على عشرات الالاف من الافدنة وطرد صغار المزارعين منها لم يقوموا فى الاغلب بزراعتها لكنهم قاموا بالبناء عليها كمساكن وفيلات وملاعب ومنتجعات سياحية أو تسقيعها للاتجار فيها . وللاسف فان وزارة الزراعة حتى الان ليست لديها رؤية لوقف التعدى على هذه الاراضى أو تمكين صغار المزارعين من زراعتها لدعم الانتاج الزراعى ، وتحسين الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية لمئات الالاف من الفلاحين بل بالعكس تقوم فى تواطؤ واضح بمناطق كثيرة بتمكين كبار الملاك واصحاب النفوذ من الاراضى لاهدارها والاتجار فيها مما يهدد ثروتنا الزراعية وينتهك حقوق مئات الالاف من صغار المزارعين واسرهم فى فرص العمل والحياة الكريمة . كما ان معظم الحالات التى رصدها المركز قامت فيها وزارة الداخلية بدور سلبى مكنت فيه كبار الملاك ومدعيين الملكية من التعدى على حقوق صغار المزارعين وقامت تهديدهم وحبسهم وانتهاك حقوقهم فى الامان ووصل الامر فى بعض الحالات الى التدخل بشكل غير قانونى أو اخلاقى ضد حقوق الفلاحين فتم تعذيب بعض هؤلاء الفلاحين أو اقتلاع مزروعاتهم وحبس نسائهم وتعذيب أطفالهم لاجبارهم على ترك الارض لكبار الملاك . والشئ المؤسف انه ورغم كل الضمانات والمساحات والاعفاءات التى تقدمها الدولة لكبار الملاك فانها تخنق تحركات المزارعين لحماية حقوقهم الجماعية فلازالت القوانين تمنع كفالة حقهم فى تنظيم انفسهم بالاستقلالية بعيداًَ عن اجهزة الدولة ،كما ان قانون التعاون رقم 132 يكبل ويقيد الجمعيات التعاونية ويجعلها كالجثث الميتة وسط منازل وحقول الفلاحين بسبب وصاية وزارة الزراعة على هذه الجمعيات لتخل الدولة فى النهاية بالتوازن الاجتماعى والاقتصادى والسياسى لصالح رجال الاعمال وتساهم فى نمو نماذج مشوهة  للتنمية مصيرها الفشل وتدهور اوضاع المجتمع المصرى. وقد تقدم المركز بشكاوى المزارعين للمسئولين لوقف انتهاك حقوقهم وحماية ثروتنا الزراعية  من الاهدار ويطالب المركز مؤسسات المجتمع المدنى والقوى الوطنية فى المجتمع بضرورة التحرك لتغيير السياسات الراهنة وبلورة رؤية بديلة تمكن صغار المزارعين من زراعة اراضى الدولة ووقف الانتهاكات التى يتعرضون لها وحماية حقوقهم فى الامان والحرية والعدل والمساواة . لمزيد من المعلومات يرجى الاتصال بالمركز     ت: 27877014- 202+      ف: 25915557-202+   البريد الإلكتروني:Lchr@thewayout.net  –  lchr@lchr-eg.org Website www. Lchr-eg.org 

الحدث الإيراني.. بوصفه شأناً تونسياً


طارق الكحلاوي      أتاحت الفضاءات الافتراضية العامة، خاصة الشبكة الاجتماعية « فيس بوك »، في الأسابيع الأخيرة فرصة لتونسيين متعطشين لنقاش الشأن العام للخوض في طبيعة الأزمة الإيرانية ومعانيها بحماسة لافتة توحي بأنهم بصدد مناقشة شأن تونسي. الانخراط (الافتراضي) التونسي تراوح بين التفكير والانخراط العاطفي ضد ومع الاحتجاجات. بدا أن الحدث الإيراني بالأهمية التي جذبت اهتمام حتى من لا يهتم عادة بالشأن الإقليمي ولا يراه ذا علاقة بالشأن المحلي. بالإضافة لتأثير العولمة الإخبارية الإلكترونية كان من الواضح أن الزوايا التونسية المتلقية لمشهد الأزمة الإيرانية طغت عليها الانشغالات المحلية؛ إذ وجدت في هذا المشهد كل المكونات الكافية للشأن المحلي من الصراع حول الإدماج السياسي والحريات وعلاقة الدين بالسياسة وبالدولة وعلاقة الشأن الوطني/ المحلي بالشأن القومي/ الإسلامي ومن ثَمَّ موضوع الصراع العربي- الإسرائيلي وأيضا موضوع الهوية المذهبية والعلاقة السنية الشيعية. لم يكن لإيران الكثير من الحضور في الذهنية العامة التونسية حتى بداية الثمانينيات. حينها فقط أمكن للتونسيين التعرف على الصورة الجديدة لإيران كأنها صورتها الأبدية، صورة « الثورة الإسلامية » وصورة الإمام الخميني. كان الوسيط الرئيس لعملية التعارف هذه صعود الحركة الإسلامية التونسية والتي عمدت السلطة التونسية آنذاك للترويج لأعضائها عبر التعبير الشعبوي الاختزالي « الخمينيين ». ولكن لم يكن ذلك مجرد إسقاط دعائي؛ إذ تشير معظم المصادر المتاحة إلى أن « الثورة الإسلامية » أصبحت بسرعة بالنسبة لحركة « الاتجاه الإسلامي » التونسية نموذجها « الثوري » المفقود في ظرفية سياسية كان فيها لكل طرف سياسي تونسي معارض ذو ثقل، وبالتالي كل طرف سياسي يعمل خارج الأطر القانونية « ثورته النموذجية » التي تميز طريقة « الثوري » الراديكالي. ربما لم تكن كل الحركة بنفس درجة التعلق بروح الثورة الإيرانية وبأسلوبها ومن ثَمَّ بتصورها الخاص بتونس لكن كان من الواضح أن الخطاب التعبوي الإسلامي استلهم بعمق مشهد الثورة الإيرانية، خاصة في سياق سجالاته مع بقية الخطابات التعبوية الثورية المتنافسة على كسب تعاطف جمهورٍ تونسيٍ كانت ذائقته السياسية آنذاك تميل للقطع مع السلطة بشكل راديكالي. وفي المقابل درج الخط الرئيس للخطاب الثوري المضاد خاصة منه اليساري الماركسي التونسي لاعتبارات أيديولوجية عامة وسياسية محلية للتركيز على النموذج الإيراني بوصفه « رجعيا » و « ظلاميا » و « دليلا » على أن أية حركة إسلامية هي « حركة بالضرورة استبدادية ». لكن عبر السنين كانت هناك أيضا وسائط أخرى أسهمت في تشكيل صورة إيران، أو صورها، في الذهنية العامة التونسية. كانت الحرب العراقية- الإيرانية إحدى تلك الوسائط، ليس لأنها موضوع يومي في نشرات الأخبار بل أيضا والأهم لوجود عمالة تونسية كبيرة نسبيا في العراق ولأن النظام العراقي حرص على التواجد في تونس بما في ذلك من خلال طبع كتب مجانية في مادة التاريخ لطلبة الثانويات. ثم كان الانخراط الإيراني في الشأن العراقي والذي انتهى إلى تشكّل صورة « مذهبية » لإيران بدلا عن صورتها القديمة « الثورية ». السياق العراقي لنظر التونسيين لإيران كان في الغالب سلبيا وأخذ بعدا مذهبيا متصاعدا، خاصة في السنوات الأخيرة من خلال امتداد خطاب « سلفي » إلى شبيبة تونسية حديثة التدين في مقابل أقلية جديدة من الشباب التونسيين « المتشيعين »، وكان هذا الاستقطاب واقعيا على ما يبدو عبر سجالات دارت عبر مساجد وأحياء شعبية، وضمنه يمكن أن نستمع إلى اختزال إيران في التوصيف السالب « الرافضة ». ومن المناسب الإشارة هنا إلى أن هناك تركيزا في الاستقطاب المذهبي الشيعي فعلا وترويجا على الوضع التونسي بوصف تونس مهد أول « خلافة شيعية » (الدولة الفاطمية) وفي هذا الإطار نجد أكثر « المتبصرين » (أي السنة الذين تشيعوا) رواجا في المنابر الشيعية من أصل تونسي. لكن في المقابل كان هناك وسيط آخر يفعل في اتجاه مضاد للوسيط السابق وهو القرابة السياسية والاستراتيجية بين « قوى الممانعة العربية »، وبالخصوص حركتا حزب الله وحماس، مع النظام الإيراني. التعاطف الشعبي التونسي مع هذه القوى وبالخصوص في ظروف المعارك الموضعية مع إسرائيل كان يعني تعاطفا مع النظام الإيراني، خاصة أن هذه القرابة السياسية والاستراتيجية تتعالى واقعيا على الاستقطاب المذهبي بما هي مؤسسة على رؤية محددة للصراع العربي- الإسرائيلي بمعزل عن سنية أو تشيع أي طرف. إذاً إيران أو نموذجها السياسي والفكري كان لما يقارب الـ3 عقود بشكل من الأشكال شأناً تونسياً. وبهذا المعنى كانت ردود الفعل مفارقة ومتناقضة المصادر والرغبات إلى حد أنه من الصعب أن نجد انطباعا تونسيا منسجما فيما يخص الأزمة الإيرانية، حتى بالنسبة للشخص الواحد أحيانا. وكانت السجالات التونسية الأخيرة تسقط أحيانا بسهولة في التقييمات السياسوية المبسَّطة وحتى المتناقضة بما في ذلك تحمس بعض الحركيين الديمقراطيين للوضع في إيران إلى درجة تخالهم فيها جزءا من الحركة الاحتجاجية في طهران، والأشرطة الخضراء على جبهاتهم ومعاصمهم (الافتراضية)، في الوقت الذي يرفضون فيه عادة وبشكل صارم أي انشغال تونسي بـ « أحداث شرق أوسطية لا تهمنا ». لكن كان من اللافت بشكل خاص خلال السجالات التونسية التي حدثت في الأسابيع الأخيرة تقييم علاقة الخارج بعملية التغيير الديمقراطي ونماذج « الثورات المخملية » المعلبة. بدا من الواضح حتى بالنسبة لبعض المؤمنين الجديين (نظريا وعمليا) بمقولات التغيير الديمقراطي بما في ذلك في أشكاله الاحتجاجية أن هناك حساسية شديدة من أية إمكانية تشير إلى تجيير قوى خارجية خاصة منها الغربية للتحركات الداخلية بما يهدد استقلالية الدولة الوطنية/ القومية في مقابل خطاب آخر يجتر الاهتمام الحقوقي الدعائي لبعض الإعلام الغربي السائد والسطحي للوضع في إيران. يأتي ذلك حتى بمعزل عن اتهامات « الاستقواء بالخارج » التي تتردد بشكل روتيني؛ إذ إن الإشكالية الإيرانية هي بالنسبة للبعض أيضا إشكالية تونسية رغم بعض الفوارق؛ إذ حتى من دون عامل الصراع بين إيران وبعض القوى الغربية فإن المسألة التي تستدعي الانتباه بشكل حاسم في أزمات مماثلة هي مدى جدوى وقيمية القبول بأجندة خارجية للتغيير الداخلي. وقد كان النموذج العراقي بالنسبة لكل من تجاهل هذه المعادلة المعقدة إذ أصبحت رموز « الانتقال الديمقراطي » في عراق محتل جزءا من أزمة التغيير ذاتها. إذ إن النقاش الحقيقي في هذا السياق ليس حول أطروحات تبسيطية وتعميمية من نوع تمثيل أحمدي نجاد لـ « الفقراء » مقابل « تبرجز » تيار « الإصلاحيين » واختصاصهم بـ « الفساد » أو حتى الاتهامات العامة والمؤسسة على تأويلات غامضة حول « الموقف المعادي للمقاومة » لتيار « الإصلاحيين ». إذ مثلما أشرت سابقا الصراع في إيران هو داخل النظام بكامله؛ حيث لا يوجد تخصص في علاقة بـ « الفساد » و « الاستثراء عبر السلطة » وليس الصراع أيضا حول أدوات ثابتة لـ « الأمن القومي الإيراني » حسب تصور النظام. النقاش الحقيقي، تونسياً، والذي لا يبدو صريحاً بما فيه الكفاية هو حول ما إذا كانت أزمة البديل المعارض ستجد أية فاعلية حتى في سند إعلامي مكثَّف من الخارج في الوقت الذي تلقت فيه حركة احتجاجية شعبية واسعة في إيران ضربة قاسية من قِبَل نظام محاصر دوليا ليس إعلاميا فحسب بل سياسي أيضا. لفت انتباهي في هذا الإطار تصريح إحدى الناشطات التونسيات في مؤتمر في جنيف أخيراً حول ضرورة « إقناع » التونسيين المقيمين في الخارج للمنابر والمؤسسات الرسمية في الدول التي يقيمون فيها وحصلوا على جنسياتها بالتوقف عن دعم السلطة. كان ذلك عنوانا لاستراتيجيا متأزمة وليس حلاً استراتيجياً لأزمة البديل. لكن من الصعب لوم العوامل الذاتية في هذا السياق بما في ذلك الخيارات الاستراتيجية لبعض الناشطين. إذ إنه، ومثلما يحصل في إيران وفي ظرفيات أخرى عرفت الانتقال الديمقراطي، فإن تحولات بنيوية من هذا النوع تتم عادة بشكل متفاوت السرعة وبمشاركة من داخل الأنظمة القائمة بتأثير ظروف موضوعية أساسا، وهو الأمر الذي يجب أن يستدعي انتباها مركّزا من أي ناشط سياسي. لكن لم تقع قراءة تاريخ الدمقرطة والاستفادة من دروسها بالنسبة للناشطين الديمقراطيين بالقدر نفسه الذي كان فيه مثلا بعض هؤلاء، عندما كانوا ناشطين في اليسار الماركسي، يدرسون بعناية فائقة، وحتى مبالغ فيها، ظروف « الانتقال الثوري » وأنماط المجتمع؛ إذ انتقل الناشط السياسي التونسي من مرحلة الاسترخاء والتأمل الفكري النشط إلى مرحلة الممارسة الروتينية المنقطعة بشكل كبير عن أي إسهام فكري عميق.  أستاذ « تاريخ الشرق الأوسط » في جامعة روتغرز  (المصدر: جريدة العرب ( يومية – قطر)  بتاريخ 05 جويلية 2009 )
                                          

المفكّر علي الصرّاف لـ «الشروق»: 
المقاومة سـ «تحكم» العراق… والعمـلاء سيهربون مع الغزاة

 


* تونس ـ (الشروق): قليلون أولئك الذين يعرفون العراق مثل الأستاذ علي الصراف.. وقليلون اولئك الذين يدافعون عن العراق مثلما يدافع عنه علي الصراف.. ولذلك اختلف معه البعض ولكن هذا الاختلاف في الرأي.. لم يمنعهمم من ان يقدموا «شهادة» على وطنية هذا الرجل واتساع فكره… وفي مقدمة هؤلاء الرئىس الراحل صدام حسين… غادر العراق عام 1979 .. وكان معارضا لنظام صدّام حسين ولكنه أصبح بعد الاحتلال واحدا من أبرز المدافعين عن الرئىس الشهيد بل إنه بعث برسالته الشهيرة الى صدام وهو في السجن بعنوان «رسالة اعتذار الى دكتاتور رائع».. هذه الرسالة كان وقعها كبيرا على معنويات صدّام وهو في سجنه حيث عبّر لمحاميه عن سعادته بالرسالة وبكاتبها وردّ عليها برسالة احترام وتقدير محييا الأستاذ علي الصراف على روحه الوطنية وعلى كتاباته المناهضة للاحتلال.. وللأستاذ علي الصراف بهذا الخصوص عديد المؤلفات والمقالات التي دوّنها على مدى ربع قرن أو يزيد في قضايا الفكر والثقافة… وهو لايزال الى اليوم «على العهد»… لم يتزحزح البتة عن مبادئه وأفكاره التي عرفه بها القارئ العربي منذ ان «اقتحم» عالم الصحافة والفكر… بالرغم من البعد عن الوطن حيث يقيم في لندن.. الأستاذ علي الصراف يتحدث في هذا اللقاء مع «الشروق» عبر الهاتف من لندن عن قراءته لآخر المستجدات على الساحة العراقية… ويحلل الوضع بالعراق بعد الانسحاب الأمريكي. وفي ما يلي هذا الحوار: * حوار: النوري الصل * بداية كيف تقرؤون الخطوة التي أقدم عليها الاحتلال بالانسحاب خارج المدن العراقية… وماهي برأيكم مدلولات وأبعاد هذه الخطوة؟ ـ ما أريد قوله بخصوص هذه المسألة إن الولايات المتحدة لم تنسحب فعليا من المدن وإن قواتها مازالت تشرف على حركة القوات الأمنية التابعة للمنطقة الخضراء وتقدّم لها الدعم اللوجستي.. ما حصل هو مجرّد تمثيل بادعاء التخفيف من الحضور الأمريكي في الشارع الذي يسبب للولايات المتحدة مشكلة كبيرة في العراق هذا فضلا عما تسببه المقاومة العراقية للأمريكان من خسائر حيث انها تتعرض الى ما لا يقل عن 100 عملية يوميا في العراق. الولايات المتحدة تتعرض اليوم الى هجمات متواصلة وخسرت عشرات الآلاف من الآليات العسكرية… وهذا يعني من حيث العدد ان العمليات مستمرة في كل أنحاء العراق… الولايات المتحدة تحاول اليوم أن تقلّص خسائرها المادية بدرجة اولى وتترك الميليشيات الطائفية في الواجهة كي تدفع الثمن بدلا من قواتها. في اعتقادي ان اعلان أمريكا عن الانسحاب من المدن هو من ناحية أخرى اعتراف بالفشل لأن القوات الأمريكية والقوات التابعة للحكومة أجبرت على ذلك تحت ضغط هجمات المقاومة… الانسحاب في ظل التعرض الى الهجمات يعني  ان أحد طرفي المعركة قد اعترف بهزيمته… وهذا ما هو حاصل الآن بالنسبة الى الولايات المتحدة التي لم تعد تعرف ماذا تفعل اليوم… وحالها كحال «الأطرش في الزفة».. * ما تقوله الولايات المتحدة اليوم، بعد الانسحاب، بأنها حريصة على تحقيق المصالحة بين السنّة والشيعة.. ألا يمكن ان يدشن ذلك، برأيكم، مرحلة جديدة في مسار الأوضاع بالعراق.. وهل يجوز القول ان ظروف المصالحة قد نضجت اليوم بعد تحقق أحد الشروط الرئيسية التي كانت تتمسك بها القوى الوطنية والمتمثل في الانسحاب الأمريكي؟ ـ القول ان الولايات المتحدة تدعو الى المصالحة بين السنّة والشيعة هو خطأ من حيث المبدإ.. لأن السنّة والشيعة ليسوا في حالة خصام بل يعيشون في وطن واحد اسمه العراق… الخصام اليوم ليس  بين السنة والشيعة بل بين الاحتلال والمقاومة.. النزاع القائم في العراق اليوم هو بين طرفين الاحتلال وحكومة الاحتلال من ناحية والشعب العراقي الذي يريد استقلال العراق وعودته الى وضعه السابق. اليوم لا يوجد صراع بين السنّة والشيعة لكي تحصل مصالحة بينهم.. هم يريدون بذلك ان يجعلوا من السنة أعداء والشيعة أصدقاء… عملا بالفكرة الساذجة التي تقول لكي تكسب طرفا ما عليك باستعداء الطرف الآخر… الأمريكان لا يعرفون العراق.. دخلوا العراق بمعلومات سياحية وليس بمعلومات استراتيجية وبمعرفة حقيقية لطبيعة الوضع… الأمريكان لا يعرفون مثلا ان قبائل شمّر هي قبائل سنّية وشيعية… فهل يجوز لابن العم ان يتحول الى خصم؟ القصد إذن بالمصالحة التي يتحدث عنها الأمريكان هي مصالحة العملاء مع بعضهم البعض… والوضع في الأصل لا علاقة له بالسنّة والشيعة بل إن المشكلة هي مع الاحتلال نفسه.. * الانسحاب الأمريكي أثار مخاوف لدى البعض وخاصة منها الجهات المقرّبة من الاحتلال من اشتعال الأوضاع في العراق… فهل أن هذه المخاوف مبرّرة برأيكم؟ ـ لينسحب الأمريكيون وليكن ما يكون وسنرى ان عملاء الاحتلال سيهربون قبل دباباتهم.. حكومة الاحتلال تريد بقاء الاحتلال لكي يوفّر لها الحماية… وهم يخترعون أوهاما بأن حربا أهلية قد تحدث… وبأن التنظيمات المتطرفة سترتكب مجازر… هذه أوهام… طبيعة الشعب العراقي لا تحتمل تطرفا دينيا… والفسيفساء العراقية لكي تستمر يجب ان تعيش بتوافق بمعنى ان تقدّم كل الاطراف تنازلات لبعضها البعض.. هذا الوضع لا يسمح بطبيعته بأن تكون هناك مجموعات متطرفة في العراق… وبالتالي فإن مثل هذه السيناريوهات التي يروّج لها البعض المستفيد منها هو الاحتلال.. فإذا انسحب الأمريكان سيكون العملاء وجها لوجه مع شعبهم وسيُسأل كل واحد منهم «من أىن لك هذا؟».. العراق اليوم هو واحد من أكثر بلدان العالم فسادا… والعملاء ينهبون اليوم مليارات الدولارات… وزارة التخطيط العراقية أعلنت ان هناك اربعة مليارات دولار لا يمكن معرفة اين سيكون مصيرها… اي ان هذه المليارات سوف تذهب في مجاري الفساد…  حكومة المالكي هي حكومة فساد… ولكي تواصل النهب فإنها تحتاج الى حماية.. * في هذه الحالة كيف ترون مستقبل المقاومة العراقية في مواجهة «فلول» الاحتلال وعملائه… وكيف ترسمون صورة العراق في المستقبل؟ ـ المقاومة بالعراق هي مقاومة شعب هي ليست مقاومة حزب ولا تيار ولا اتجاه سياسي واحد… ولذلك يوجد ما لا يقل عن 60 فصيلا… كل فصيل يمثل جزءا من الشعب العراقي… وبالتالي فإن عمليات المقاومة سوف تستمر قد ترتفع او تنخفض ولكنها لن تتوقف. اليوم 90 من الشعب العراقي يقولون انهم يعارضون الاحتلال و90 يرفضون حكومة الفساد هذه.. هذه الأرضية هي السبب الرئيسي لاستمرار المقاومة… فطالما الاحتلال موجود والفساد موجود فماذا تتوقع؟ فحتى لو كان العراقيون هنودا حمرا فإنهم سوف يقاومون.. والتاريخ يقول انه لا قوة احتلال وارهاب وقتل وجرائم انتصرت في نهاية المطاف… كل أعمال القتل التي ارتكبوها ارتدت عليهم بأعمال مقاومة.. العملاء جاؤوا مع دبابات الاحتلال… ويخرجون مع دبابات الاحتلال… هذه حقيقة التاريخ.. الآن الأمريكيون ينسحبون لأنهم يواجهون العراق بكل اطيافه… عندما قال صدّام عاش العراق… فإنه كان يعرف ما يقول… العراق قاوم الغزاة على مرّ التاريخ… وكل الغزاة هزموا.. في كل مرّة ينهزم الغزاة ويخرج العراق منتصرا… * الفراغ الذي تركه الأمريكان في العراق.. ألا «يشرّع» برأيكم الباب واسعا امام إيران لتعزيز نفوذها في هذا البلد ويجعّل في الأثناء بالصفقة الايرانية ـ الأمريكية لتقاسم الكعكة بالشرق الأوسط؟ ـ الصفقة الأمريكية ـ الايرانية غير جديدة.. هي موجودة في الواقع منذ اللحظات الأولى للغزو… الايرانيون مهدوا الطريق لاجتياح العراق… واليوم هناك احتلال صفوي.. هذا ما هو حاصل… حكومة بغداد باعت العراق لإيران… بعض مسؤوليها ذهبوا ليصوّتوا في الانتخابات الايرانية… اليوم هناك حكومة ايرانية في بغداد… هذه حكومة حزب الدعوة الحاكم هو حزب ايراني أسسته المخابرات الايرانية والمجلس الأعلى أسسه الحرس الثوري الايراني… هذا ليس سرّا… وحكومة المنطقة الخضراء لا علاقة لها بالعراق… اليوم هناك مشروع تريد ايران تصديره الى العراق أمريكا تقاسمت الحصص مع إيران لتقاسم الكعكة معها… اليوم نصف النفط العراقي يذهب الى الشركات الغربية والنصف الآخر يذهب الى خدمة عملاء إيران.  
(المصدر: الموع الإلكتروني لجريدة  « الشروق  » (يومية – تونس) الصادرة يوم 5 جويلية  2009)  

حول ما يجري بعد الحرب

د. عزمي بشارة أثناء كل حرب سجلت فيها المقاومة صمودا هَزَمَ العدوانَ وأفشل أهدافَه كانت الناس تخرج للتظاهر تضامنا، مجترة تعبيرات غير مسبوقة عن الغضب على إسرائيل وعلى العجز العربى. وأمل البعض أن يتحوَّل هذا المزاج الشعبى إلى إعصار، أو يستقر على الأقل كحالة دائمة من التضامن مع المقاومة ورفض التسوية. وفى كل مرة يثبت أمر آخر تماما. فالناس تعود إلى أشغالها، وهذا طبيعى. فالجمهور لا يحترف التظاهر، وتسييس حركة الاحتجاج هو ضمان ديمومتها. ولا يمكن تسييسها فى غياب المشاريع السياسية الحاملة لأفكار المقاومة سوية مع هموم المواطن من ضمن مشروعها للنهوض بالأمة.. (1) أثناء العدوان ينكفئُ المناهضون للمقاومة، من الشامتين بها وحتى المؤيدين للعدوان، وذلك خجلا أو خوفا من المد الجماهيرى. وبعده تختلف الصورة. فبعد العدوان على لبنان عام 2006، وحتى إزاء هول الجريمة وفعالية ونجاعة الصمود والمقاومة غير المسبوقين عربيا، ازداد الموقف الذى يتهم المقاومة بالمسئولية عن الحرب تصلبا وتحديا بعد الحرب. ووصل التحدى السياسى الداخلى للمقاومة حد تكذيب إسرائيل نفسها حين أعلنت مؤسستها الرسمية فشل عدوانها فى صيف ذلك العام… وعلى المستوى الإقليمى عُقِد بعد العدوان على لبنان اجتماع أنابوليس الذى أضاف دولا عربية جديدة إلى قائمة الدول التى تجتمع مع إسرائيل، وأُجلِست الوفود العربية لتستمع لخطابات بوش وأولمرت يعظونها بضرورة التطبيع مع إسرائيل والتحالف معها لعزل «المتطرفين». وكوفئَ أولمرت بترسيمه رجل سلام واعتدال. ويذكر المواطن العربى مصير الكلام عن جرائم الحرب التى ارتكبت فى لبنان فى حينه متمنيا ألا يكون مصير الكلام عن جرائم الحرب فى غزة مشابها… وأثناء الحرب على غزة وبعدها أكدت السلطة الفلسطينية الالتزامات الأمنية لإسرائيل، واعتبرت «هدوء» الضفة إنجازا لها. أما موقف غالبية الدول العربية من حصار غزة فلم يتغير، لم يصبح مثلا أكثر جرأة فى تحدى الحصار تأثّرا بالعدوان الوحشى. وبقى الحصار وسيلة ضغط على حماس لقبول شروط الرباعية. وتراجع الدور العربى بشأن غزة. وبالعكس جرت محاولة رسمية عربية لحقن المقاومين بالعقل والتعقل وقبول الشروط الإسرائيلية للانخراط فى عملية التسوية. كأن هدف المقاومة هو دخول التسوية التى اكتسبت المقاومة شرعيتها من معارضتها. كما سُجِّلَت أرقامٌ قياسية جديدة فى التكاذب العربى عند إنكار تورط أنظمة عربية فى الجريمة والعدوان والحصار، والتحريض الدموى على من يقول الحقيقة. ولا تقف ديماجوجيا التحريض فى مثل هذه الحالات عند توسل سياسات الهوية وعصبياتها طعنا بأصل القائل وفصله لا بمضمون كلامه (وهى آلية متخلفة ومنتشرة وحاجبة للعقل والتفكير وتهوى بكل نقاش إلى قعر الانحطاط) بل تطالب الضحية بالإشادة بدور الأنظمة. ومن صفات الأنظمة العربية استدعاء مدحها على ما تُنَفِّذ عكسَه ممارسةً. ولكن التشدق بنقيض السلوك العملى هو دليل على أن هذا السلوك ما زال غير شرعى بنظر الناس. ومن هنا جاءت كلمة الـ«بعض» نجدة لنا جميعا، إذ يمكنك توجيه النقد للـ«بعض»، ويمكن للمقصود بهذا النقد التظاهر أنه ليس المقصود. (2) لقد ثبت مرة أخرى أن التأكيد على معاناة السكان فى غزة وإبراز حجم ألم الأطفال المصابين والولولة أمام الكاميرات أثناء الحصار والحرب فى غزة، أو مشاهدة حجم الهدم فى ظل القصف الإسرائيلى للبنان بحد ذاته لا يغيِّر موقفا، بل لا تتفاجأنَّ المقاومةُ إذا جارتْها فيه القوى الإقليمية المعادية لها. فهى قد تسمى ما تقوم به إسرائيل محرقة وإبادة شعب تهويلا، وذلك ليس لكى تتهم إسرائيل، بل لكى تؤكد على الثمن الذى تدفعه الناس نتيجة لفعل المقاومة. فوحشية إسرائيل بنظرهم هى معطى مفروغ منها، وتكمن المشكلة بنظر هؤلاء فى تحدى المقاومة لهذه الوحشية. والمشكلة أن بعضهم لا يؤمن بقرارة نفسه حتى بوحشية إسرائيل، فهو يحسدنا على ديمقراطيتها حين يلزم، ولكنه يستخدم هذا النعت لكى لا يُتَهَّم بأنه يمتدح إسرائيل، أو يستخدمه بسوء نية للتخويف. على المقاومة فى علاقتها مع المعادين لها أن تتذكر ما يقوله العميل السرى لمن قبض عليه فجأة فى فيلم أمريكى: «من حقك أن تلتزم الصمت، فإن أى شىء تقوله قد يستخدم ضدك». لا تشكُ لخصومك ما تتعرض له، فسوف يستخدمون الشكوى ضدك. ونحن نعرف من سلوك الأنظمة مع شعوبها وقادة الطوائف مع أبناء طوائفهم والطوائف الأخرى من أبناء بلدهم بعض الأمور عن مدى حساسيتهم لمعاناة البشر. فهل يمكن أن يكون لدى هؤلاء حساسية فعلا لمعاناة الفلسطينيين؟ ترتبط ردود فعل القوى السياسية بما فيها الدول على الوقائع بموقفها السياسى وزاوية نظرها المختلفة بقدر ما يرتبط بالوقائع ذاتها. فبالنسبة لمن دعم فى حينه حرب العراق على إيران لم تعن معاناة العراقيين والإيرانيين شيئا، ولم تنعت وسائل الإعلام العربية الداعمة مقتل مئات الآلاف فى حرب عبثية إبادة شعوب، بل غضَّت النظر حين كان موقفها داعما للحرب التى كلّفت بعضُ أيّامها عشرات آلاف الضحايا. وكذلك الأمر إبان العدوان الأمريكى واحتلال العراق، لقد غضّت النظر عن حجم المعاناة الناجمة عن التدخل الأمريكى بدايةً، أى حين كان الهدف إسقاط نظام العراق وضرب هذه الدولة (التى سقطت لأنها لا تملك سلاحا نوويا وليس لأنها تملك سلاحا كهذا). يتم تحدى خصوم المقاومة بالصمود وتخفيف الآلام لا تضخيمها، وتطوير المقاومة وتدفيع الاحتلال الثمن، وتقليل خسائر المقاومة، وإظهار قوة على التحمل حين تقع الخسائر، والحفاظ على التواضع والعلاقة السليمة مع المجتمع دون تبجح وإملاء. أما ما يسمى بالشرعية الدولية والمؤسسات الحقوقية الدولية فتساوى بين المحتل والواقع بين الاحتلال فيما يتعلق بجرائم الحرب. وهى فى أفضل الحالات تصلح لضبط سلوك الدول فى الحروب أو ضد المدنيين، أما المقاومة فليست هذه ساحتها. وسبق أن تطرقنا إلى هذا الموضوع. (3) أنشأ المستوى الرسمى العربى بعد الحرب، بخطابه ولغته ووسائل إعلامه، ما يشبه التوق إلى «المعتدلين» الإسرائيليين الذين شنوا الحرب على غزة ولبنان فى مقابل المتطرفين فى الحكومة الإسرائيلية الجديدة. وحين أكدنا أن هناك تغييرا فى السياسة الأمريكية، وأن الشعب الأمريكى غيَّر قيادته، وأن هذا التغيير ناجم عن النهج الذى قاوم السياسة السابقة( وليس بفضل من لم يفوِّت فرصة لتأييد بوش، ودعاه حتى لإسقاط أنظمة عربية أخرى) ادعى المروجون للسياسة الأمريكية من جديد أننا لا نرى تغييرا. وفى الحقيقة نحن نرى الثابت والمتحوّل فى السياسة الأمريكية داخليا وخارجيا، ونرى فى الوقت نفسه أنه لا تغيير فى سياسات العرب الذين يصفقون لرئيس أمريكا بغض النظر عما يطرح. وهم لن يعترفوا لنا أننا نرى التغيير إلا إذا وافقنا أن أمريكا سوف تقوم بكل ما يلزم مع إسرائيل نيابة عن العرب. وفى قضية فلسطين تحديدا كانت حتى حملة الرئيس الأمريكى الجديد الانتخابية صهيونية للغاية. ولن يتحرر منها إلا بقدر ما تتيح ذلك حملته القادمة، إلا إذا وفر له العرب أسبابا. والانبهار والانحسار ليسا سببا. وهم يصفقون للإدارة الجديدة وهم أقرب عقلا ومنطقا وسلوكا للإدارة السابقة، فيما نعتقد أن الطريق الوحيد للاستفادة من التغير فى أمريكا يتم ببلورة سياسة عربية ضاغطة على الولايات المتحدة… وبدون ذلك، وتحديدا فى قضية فلسطين، لن يكون هناك تغيير فى السلوك الأمريكى. بل أكثر من ذلك، سيُطالَب العربُ بدفع ثمن الكلام المعسول الذى يقدم لهم. وطبعا إذا تفاءل مؤيدو المقاومة أنه بعد خطاب نتنياهو سوف يتبخر سحر خطاب أوباما على هذا النوع من العرب، هو وقوع فى مثل هذه الأوهام. فلا علاج للمسحورين بأمريكا بوش وأمريكا أوباما، رغم أنهم جميعا رأوا كيف رحّبت أوروبا وأمريكا أوباما بخطاب نتنياهو. يمنّى هؤلاء النفس أن أوباما سوف يضغط على نتنياهو. وسوف يكتشفون قريبا إنهم يدفعونه فقط للضغط على إسرائيل لقبول شروط تجديد ما يسمى بـ«عملية السلام» لا أكثر ولا أقل.. وسوف يطالبون هم أيضا بدفع ثمن هذا التجديد وحده تطبيعا. (4) تتوفر تفسيرات بنيوية لغياب مشروع سياسى جدى معارض على المستوى العربى يحمل فيما يحمل هم القضية الفلسطينية والمقاومة وغيرها بشكل يربطها مع مصالح الناس كمواطنين وكأمة. ويمكن تطوير هذه التفسيرات. وهناك أيضا تفسيرات متعلقة بأخطاء المقاومة، التى لا يمكنها أن تتكلم كالمنتصر وتتصرف كالمهزوم. وتميِّز الناس طبعا بين أخطاء المقاومة وضلال من يتعاون مع إسرائيل أمنيا، بين الأخطاء على طريق مقاومة الاحتلال من جهة، والطريق الخاطئ برمته الذى يتنباه المعوِّلون على إسرائيل واحتلالها فى بناء نفوذهم الداخلى محليا وإقليميا من جهة أخرى. وبعد أن ميزنا وأكدنا أن النقاش من موقع المقاومة ولصالحها أمر، والنقاش لمناكفتها والإيقاع بها وإضعافها شعبيا شىء آخر، علينا أن نميز فى المرحلة الثانية بين نوعين من النقاش، (أ) ما يمكن أن تتحكم به المقاومة فى بنيتها وخطابها، (ب) الحالة المفروضة عليها من الواقع العربى الراهن. ونبدأ بالحالة العربية. عند كل محطة صدام مع إسرائيل وعند كل تعبير عن عدوانيتها، فإن الحالة الشعبية العربية تُستَنفَرُ (قوميا أو دينيا أو إنسانيا، ليس هذا موضوعنا الآن، المهم أنها تستنفر كحالة عربية متجاوزة القطرية والطوائف). وليست مصادفة أن يلتقى فى هذه اللحظات المواطن الواعى لحقوقه والمطالب بالديمقراطية بالعربى المنتمى إلى قضية الأمة فى نفس الشخص. ولكن بعد انقضاء حالة الطوارئ تعود الحالة العربية إلى واقعها المحلى سياسيا ومعنويا. ومع العودة إلى المحلى نعود إلى الطوائف والعشائر والأسر الحاكمة. وما أن تبدأ لعبة الدولة العربية القطرية بإعلامها ومثقفيها من جديد حتى يجد الناس أنفسهم فى لغة وسياق يقود للتسوية مع إسرائيل. ولن يتغير هذا الحال ما دامت الأمة تعيش فى هذه التجزئة، وما دام المواطن يحرم من حقوقه كمواطن، وما دام مفهوم الأمة العربية يتعرض إلى هذا الكم من الهجوم عليه وعلى مجرد وجوده الثقافى فى الوعى المناهض للطائفية والعصبيات الأخرى. ولكى تتحول قضية فلسطين إلى قضية ثانوية تجرى التسويات المنفردة دون حلها يجب أن يتم تغييب مصطلحات المواطن والأمة سوية من عالم السياسات العربية. حين تعى ذاتها على مستوى الإيديولوجية تتبنى الدولة العربية القطرية عاجلا أم آجلا نمط التسوية المنفردة أو تنتظره. وكان بعضنا يعتقد أن الحالة الفلسطينية كحالة قطرية تشكل الاستثناء بين زميلاتها، بسبب التناقض بين الهوية الوطنية الفلسطينية والتسوية مع إسرائيل. وأيد هذا البعض نظرية الكيانية الفلسطينية فى الصراع مع إسرائيل من منطلقات وطنية مخلصة، وخوفا من فرض الشروط القطرية العربية على الفلسطينيين. فتبين أنه حال تبنى القيادة الفلسطينية نمط الكيانية القطرية إيديولوجيا، وليس سياسيا فحسب، فإنها تضع التناقض على مستوى الهوية مع دول عربية بنفس مستوى التناقض مع إسرائيل، وتهرول نحو التسوية مستغلةً، (1) وقف المعاناة كدافع لصالح قبول تسوية غير عادلة، (2) كونها هى «صاحبة الشأن»، (3) ادعاء أن الدول العربية ذهبت أو سوف تذهب باتجاه الصلح المنفرد (حتى حين لا تذهب). لهذا الغرض تحظى استقلالية القرارات العربية القطرية والفلسطينية القطرية باحترام متبادل فى خدمة نفس الهدف: التسويات المنفردة مع إسرائيل فى إطار نظام عربى استبدادى ومتحالف مع الولايات المتحدة، بل يشكل مزرعة لها. صراع الوجود هو الصراع بين الصهيونية والأمة العربية، أما الصراع القائم بين الدولة القطرية العربية وبين إسرائيل فهو فى أفضل الحالات صراع حدود. وخيار الدولة العربية القطرية الأول هو التسوية، أو للدقة «عملية السلام»، ولو دون تسوية. وينقلب إلى تنسيق أمنى من قبل أى كيان عربى مع إسرائيل ضد كيانات عربية أخرى فى زمن الانحطاط.. كما جرى بين الدولة الصليبية وبعض الكيانات المحيطة. وكنت قد أشرت سابقا إلى كتاب «أن تكون عربيا فى أيامنا» أنه منذ أن تدهورت الحالة العربية إلى هذه الخيارات باتت المقاومة تنفجر حين تضعف الدولة متطرقا إلى حالات العراق ولبنان وفلسطين. وأجد نفسى الآن أضيف إن المقاومة حين تندمج فى المنطق القطرى القائم، أو فى مسايرة ثقافته الطائفية والعشائرية القائمة، قد تضحى بالهدف حمايةً لنفسها. ولكن نفسها دون الهدف ليست نفسها. وطبعا، الرهان على ضعف الدولة هو رهان تكتيكى ناجم عن وضع مؤقت لم تختره المقاومة بل وجدت نفسها فيه. وتوأم ضعف الدولة ليس المجتمع المدنى بل الطائفة والعشيرة. وتكريس واقع الطائفة والعشيرة والبناء عليه يتحول من التعايش مع هذه المثالب أو التغاضى عنها حين تجرى المقاومة إلى تقديمها لنا وكأنها مناقب حين تنحسر. رهان المقاومة الطبيعى والبعيد المدى هو المشروع السياسى فى الدولة/ الأمة.. وتوائمها المواطن والمجتمع والحيِّز العام.  
 (المصدر : موقع البشير للاخبار الإلكتروني بتاريخ 5 جويلية 2009)  

ماذا تقف فصائل اليسار في مربع السلطة؟!

ياسر الزعاترة في سياق ما يجري في الضفة الغربية من عملية اقتلاع لحركة حماس، تبدت على نحو أكثر وضوحاً مواقف فصائل اليسار من الوضع في الساحة الفلسطينية، لاسيما النزاع الدائر بين السلطة وحركة حماس، وليس بين حركتي حماس وفتح، لأن هذه الأخيرة تم استيعابها في مؤسسات السلطة، ومن رفضوا ذلك يغردون بلا جدوى خارج السرب. نقول ذلك لأن ربط استهداف المجاهدين وبرنامج المقاومة بالانقسام ليس صحيحاً بحال، بدليل أننا إزاء سلطة تعلن ليل نهار التزامها بخريطة الطريق التي ينص البند الأول منها على « وقف العنف والتحريض ». ليس من العسير القول إن مواقف قوى اليسار وعلى رأسها الجبهتين الشعبية والديمقراطية كانت معظم الوقت منحازة لطرف السلطة، وقد تجلى ذلك على نحو أكثر وضوحاً في مسلسل حوارات القاهرة، وحيث يصعب إيجاد أي فرق بينها وبين الوفد الذي يمثل حركة فتح نظرياً والسلطة عملياً، اللهم باستثناء مواقف هامشية لا تقدم ولا تؤخر في مسيرة الحوار. نتذكر هنا أن الجبهتين كانتا ضد أوسلو، ولكنهما انخرطتا عملياً في مؤسساته، وعاد الأمين العام للجبهة (أبو علي مصطفى) إلى الداخل قبل أن يغتاله الإسرائيليون إثر مشاركة الجبهة في الفعاليات العسكرية أثناء انتفاضة الأقصى، فيما آثر نايف حواتمة البقاء في الخارج، وهي خطوة ذكية في واقع الحال، لأنها تركته يصول ويجول ويطلق التصريحات، بينما لم يكن بالإمكان ضمان مصيره في الداخل، أقله من زاوية الحصول على بطاقات الفي آي بي التي يحصل عليها قادة السلطة، وهي بطاقات يعرف الجميع ثمنها السياسي. اليوم تقف الجبهتان على صعيد واحد إلى جانب السلطة. وبينما يغرد أحد قادة الشعبية في دمشق (ماهر الطاهر) خارج السرب، يعمل قادتها في الداخل مع السلطة في ظل غياب الأمين العام أحمد سعادات داخل السجن، وبعد تحول عبد الرحيم ملوح إلى جانب السلطة تأكيداً على تمثيلها لفصائل منظمة التحرير، وبالطبع بعد أن خرج من السجن في واحد من الحوافز التي قدمها الإسرائيليون للسلطة كي تواصل التزامها ببنود خريطة الطريق. لا يعرف بالطبع كيف يكون الموقف على هذا النحو، وكيف يجيب قادة الجبهتين عن سؤال المستقبل، مستقبل القضية في ظل واقع السلطة والعقيدة التي تعمل على أساسها أجهزتها الأمنية، وفي ظل الإصرار على ما يسمونه هم أنفسهم المفاوضات العبثية. لنفترض أن حماس أخطأت بمشاركتها في انتخابات أوسلو، وهي كذلك من وجهة نظرنا على الأقل، لكنهم (أعني قوى اليسار) ارتكبوا ذات الخطأ من قبل، والفارق أن حماس لم تنكس راية المقاومة، وهي نفذت عملية الوهم المتبدد بعد شهور من فوزها في الانتخابات، والتي كلفتها ثمناً باهظاً، لا سيما في الضفة باعتقال جميع نوابها، ثم ها هي تسمح للجبهتين بأجنحة عسكرية في قطاع غزة (دعك من حجم مساهمتها في الواقع). عندما يعمل هؤلاء حثيثاً على إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل الانتخابات، وفي ظل وضوح سافر في البرنامج السياسي للطرف الذي يتحالفون معه، وعندما يتواطئون مع مطالبة السلطة لحماس بالاعتراف بشروط الرباعية، عندما يفعلون كل ذلك، فهل يمكن تفسير ذلك بغير العداء الأيديولوجي (ليس اليساري بالضرورة)، إلى جانب المصالح الشخصية؟!. يبقى القول إن حصة جميع قوى اليسار في الساحة الشعبية (بحسب القائمة النسبية) هي في حدود 7 في المئة (4 منها للشعبية)، حتى لو مثلت في الحوارات ثقلاً بانحيازها الكامل لفريق دون فريق، لكن الخلاصة الواقعية أننا إزاء قوىً يتبخر مددها الشعبي، وهي تقترب من النهاية أكثر فأكثر بسبب بؤس المواقف وتناقضها وضآلة الدور.   (المصدر: صحيفة « الدستور(يومية -الأردن) الصادرة يوم 5 جولية  2009)  

حوارات القاهرة الفلسطينية: ملاحظات حول الفشل المنظم

بلال الحسن أصبح الفشل كلمة موازية لمفاوضات الحوار الفلسطيني في القاهرة. ففي كل شهر أو شهرين، تنعقد جولة من جولات المفاوضات، ويقول الإعلام بأن هذه الجولة ستكون الجولة النهائية، ثم تبدأ الجلسات، وتبرز الخلافات، ويتدخل الوسيط المصري مهدداً ومنذراً ومذكراً بمخاطر الفشل، إلى أن يتم الإعلان في النهاية عن جولة مفاوضات جديدة ستبدأ بعد شهر أو أقل. كان هدف المفاوضات حل الخلافات بين حركتي «فتح» و«حماس». وكان هدف المفاوضات صياغة اتفاق تفاهم ما يمكن بعده أن تأتي أموال المساعدات للبدء بإعادة إعمار قطاع غزة، ومعالجة جريمة الحرب الكبرى التي خلفتها « إسرائيل » هناك. أما مع الوقت، ومع تكرار الاجتماعات، فقد أصبح الهدف هو أن تستمر، وأن لا تنقطع، وأن لا يتم إعلان أنها فشلت، مع أنها تفشل في كل شهر مرة. وهنا لا نستطيع إلا أن نلاحظ، أن لهذه الاجتماعات صداها العربي المقرر. وعند الجولة الأخيرة انعقدت سلسلة من اللقاءات العربية. لقاء في جدة جمع الرئيس حسني مبارك مع الملك عبد الله. ولقاء في شرم الشيخ بعد أيام قليلة فقط جمع الرئيس حسني مبارك مع الملك عبد الله، وانضم إليهما ملك البحرين. وقبل ذلك أرسلت السعودية مستشار الملك عبد الله إلى دمشق، وسط أنباء متتالية تقول إن القاهرة والرياض تتشاوران باستمرار حول مضمون ومجرى المفاوضات الفلسطينية في القاهرة. ينم هذا الجهد العربي عن الاهتمام أولاً، ولكنه ينم أيضاً عن اهتمام دولي بالمفاوضات الفلسطينية، ربما كانت رسائله ومطالبه تتم عبر العواصم العربية. وبهذا يكون الموضوع الفلسطيني، من التسوية السياسية إلى تعمير غزة، قضية دولية بامتياز، كما هو قضية عربية بامتياز. وإذا كان كل هذا الاهتمام يتم حول الحوارات الفلسطينية، فلماذا إذا تفشل بهذا الشكل المتكرر؟ لن نتحدث هنا عن العوامل الفلسطينية، وهي موجودة بالتأكيد، وسنكتفي للحظة بالقول إن الوضع الدولي لم ينضج بعد، بحيث يعطي إشارة الانتقال إلى الاتفاق. لا يعني هذا أن الأمور تتحرك دولياً بالإشارة على طريقة الروموت كونترول، بل تعني أن الأطراف المحلية، الفلسطينية منها والعربية، تراقب الدبلوماسية الأميركية، وتلاحظ أنها لن تبدأ تحركها في الشرق الأوسط إلا في شهر آب المقبل، (ربما بعد انتهاء فترة الإجازات العالمية)، وهي تؤجل الوصول إلى نقطة الاتفاق حتى ذلك الحين، لعلها تستفيد من الوقت لصالح أجندتها الخاصة أكثر فأكثر، عبر التمنع، أو عبر الضغوط المادية المباشرة. لنأخذ قضية الاعتقالات كمثال واضح على ذلك، فهذه الاعتقالات التي تجري في الضفة الغربية ضد أعضاء حركة «حماس»، تنشط بشكل ملحوظ قبل بدء جولة من جولات الحوار. ولا يغيب عن الأذهان هنا أن الاعتقالات تستعمل كوسيلة ضغط على الطرف الآخر لعله يرضخ ويقبل ما يريده الطرف المقابل. وحين يتصاعد صوت الاحتجاج على الاعتقالات في حوارات القاهرة، لا يتورع شخص من نوع عزام الأحمد مثلاً عن القول بأن الاعتقالات ستستمر إلى أن يتم حل موضوع الانقسام، وبعد انتهاء الانقسام فقط، نبحث حل مشكلة الاعتقالات. وبسبب ذلك يحتدم الجدل حول موضوع الاعتقالات بين الطرفين المتحاورين، «فتح» و«حماس»، من دون أن يرى الوسيط الأكبر بينهما، أنه من المفيد أن يرفع صوته للضغط باتجاه وقف الاعتقالات أو التخفيف منها على الأقل. وإذا كانت الأمور تجري مطولاً بين حركتي «فتح» و«حماس»، فأين هي المنظمات الفدائية الأخرى؟ ما هو موقفها وما هو دورها؟ والغريب هنا أن الجواب على هذه الأسئلة ليس إيجابياً، بل ربما كانت فيه جوانب سلبية مزعجة، فالجبهة الديمقراطية مثلاً، وكنموذج على مواقف اليسار، لا تنثني تنتقد الحوارات بين «حماس» و«فتح»، وتعتبرها حوارات محاصصة ثنائية، وهي تطالب بحوار وطني شامل لا يحمل أي مضمون سياسي جديد، سوى أن المحاصصة بين تنظيمين تصبح مقاسمة بين عشرة تنظيمات، وتنال الجبهة الديمقراطية منها قسمتها الصغيرة. وهكذا يتدرج موقف الديمقراطية كما يلي: أولاً: مدح دور الراعي المصري، لأن هذا المدح هو شرط من شروط البقاء ضمن الصورة، مع أن الراعي المصري هو الذي يرعى ويقترح كل ما تنتقده الجبهة الديمقراطية. ثانياً: إعلان رفض وجود قاعدتين للانتخابات (قاعدة النسبية، وقاعدة القوائم)، لأن النسبية هي المدخل الوحيد لكي تستطيع الديمقراطية أن تنال مقعداً وحيداً لها في المجلس التشريعي، وإذا ألغيت قاعدة النسبية، سيضيع ربما حتى هذا المقعد الوحيد. ثالثاً: تطالب الديمقراطية بإلغاء ما يعرف بنسبة الحسم، وهي 4%، حتى يحق لأي قائمة أن تنال بعض المندوبين. ربما بسبب خوفها؛ هي وسواها من الفصائل التي فقدت صلتها مع الجمهور الفلسطيني، أن تحصل على نسبة الحسم هذه في أي انتخابات مقبلة، فتخسر مندوبها الوحيد في المجلس التشريعي. وإذا كانت هذه هي اقتراحات الديمقراطية لتجاوز المحاصصة التي تنتقدها بين تنظيمين كبيرين، فإن المقاسمة التي تقترحها بين عشرة تنظيمات ليست أفضل حالاً. وبخاصة إذا لاحظنا أن اقتراحات الديمقراطية أصبحت تخلو تدريجياً من الاقتراحات السياسية، وهي التي اعتادت أن تجعل من نفسها منظراً كبيراً في هذه القضايا، واختارت بدلاً من ذلك، أن تلتحق بالسلطة الفلسطينية، وأن تقف مساندة لمواقفها السياسية، سواء على صعيد الرئاسة أو على صعيد رئيس الحكومة سلام فياض. ويقود هذا كله إلى القول بأن أي محاولة للاعتماد على منظمات اليسار من أجل أن تلعب دوراً فلسطينياً توفيقياً اعتادت عليه، قد بات أمراً من الماضي، فهذه الفصائل لم تعد معنية إلا بمكاسبها التنظيمية، وباتت تتساهل بمواقفها الفكرية والسياسية من أجل تلك المكاسب. وهناك ظاهرة أخرى برزت ولا تزال تبرز في حوارات القاهرة، تلك التي تتعلق بتطبيق (خطة خارطة الطريق) التي وضعت عام 2002. فما إن تتجه الوفود إلى القاهرة للحوار، حتى تصدر التصاريح المتوالية مشيدة بالتزام السلطة الفلسطينية بخارطة الطريق، وماضية قدماً في تطبيق بنودها. والبند الأول في خارطة الطريق يدعو إلى (ضرب الإرهاب)، أي ضرب المنظمات الفدائية التي تقاوم الاحتلال، على أن تقوم « إسرائيل » في الوقت نفسه بوقف الاستيطان. وما ينساه مسؤولونا الكبار هنا ثلاثة أمور: الأمر الأول: أن المفاوض الفلسطيني سبق له وقال إنه يوافق على خطة خارطة الطريق، في سياق أن « إسرائيل » استنكفت عن القبول علناً ببنود تلك الخطة. وكان موقف عدم الموافقة الإسرائيلية، يعفي الجانب الفلسطيني من تبعات الموافقة على الخطة. الأمر الثاني: أن آرييل شارون رئيس وزراء « إسرائيل » في حينه، رفض علناً الموافقة على الخطة، وقال علناً أيضاً إن لدى « إسرائيل » أربعة عشر تحفظاً عليها. الأمر الثالث: أن قيادة السلطة الفلسطينية، عادت فجأة، ومن خلال خطة أمنية يشارك بها الجنرال دايتون، إلى البدء بتنفيذ خطة خارطة الطريق من طرف واحد. وترجمت التنفيذ بعملية اعتقالات تجري في الضفة الغربية منذ أشهر تحت شعار ضبط الأمن، وتحت شعار أن السلاح الشرعي الوحيد هو سلاح السلطة، وسلاح الأجهزة الأمنية، بينما بدأ الجنرال دايتون يقول في محاضرات رسمية «إن الأمن هو طريق السلام». إن هذا كله يجري التذكير به، عبر التصريحات، أو عبر الاعتقالات، عند كل جلسة من جلسات الحوار، لتذكير المتحاورين أن هذا هو المضمون الذي لا بد من اعتماده لإنجاح الحوار، وإلا فإن الحوار سيمتد شهراً آخر، ثم شهراً آخر، وتبقى غزة محاصرة. نسأل هنا.. هل يستطيع طرف فلسطيني، وإزاء أربعة عشر تحفظاً إسرائيلياً، على خطة خارطة الطريق، أن يصوغ ضدها تحفظاً واحداً فقط؟ ونسأل هنا.. هل يضمن المفاوض الفلسطيني أن « إسرائيل » ستتراجع عن تحفظاتها الأربعة عشر، بعد أن يطبق الطرف الفلسطيني كل ما يترتب عليه؟ تحوم هذه الأسئلة وغيرها في أجواء الحوار الفلسطيني في القاهرة، وتحوم في أجواء الاتصالات العربية المعنية بهذه الحوارات. والأسئلة هنا كثيرة كثيرة، ولكن الإجابات حولها قليلة قليلة. (المصدر: صحيفة « الشرق الأوسط » (يومية – لندن) الصادرة يوم 5 جويلية 2009)  
 
 

 

Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.