TUNISNEWS
7 ème année, N° 2204 du 04.06.2006
المؤتمر من أجل الجمهورية: بيان نداء الى المسلمين في العالم: على الرئيس التونسي أن يعتذر للمسلمين الجزيرة.نت: على خلفية قضية « تدنيس » القرآن الكريم: إطلاق مراسل الجزيرة نت بتونس بعد اعتقاله ساعات وات: مصرع ثمانية أشخاص وإصابة خمسة آخرين في انهيار جدار بتونس الطاهر العبيدي: بعــضُ مشاهـد من جمهـورية الـرّعـب الأستاذة رشيدة النفزي: إن في صمودهم لعبرة أم درة: كيف سينتهي صراع السلطة مع الحجاب في تونس؟ لها أونلاين: نساء تونس إلى أين؟ محمد بوسنينة: حقوق الإنسان.. في الممارسة عبدالحميد العدّاسي: بعض ما كشفه موقع بالمكشوف التونسي ونصف : وأخيرا اليكم البيان الأغر محرر صفحة 18 أكتوبر: حوار مع صنم محمد العروسي الهاني : أبعاد ومعاني قرار 30 ماي 1956 الطيب السماتي : طالبوا معي: باستقالة الرئيس بن علي و اسقاط النظام السياسي الخبير منصف الكعبي لـ «الشروق»:سعر البرميل مرشح للوصول الى 120 دولارا اذا استمر التوتر في ايران وات: أفلام تونسية في مهرجان روتردام للفيلم العربي الشروق: مصطفى المصمودي:هكذا كانت علاقة بورقيبة بالصحافة… ولهذا قابلت أنديرا غاندي وهي على فراش المرض الأمجد الباجي: الحرب الاهلية تمتد علي كامل مساحة العالم العربي توفيق المديني: استقلال الجبل الأسود ونهاية التاريخ اليوغوسلافي صالح بشير: إيران: ما معنى «القوة الصاعدة» ؟ بلال الحسن: يهود وأوروبيون وأميركيون يقاطعون إسرائيل ويصفونها بالعنصرية
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).
|
والقضية التي أحيل فيها شيخ المناضلين على القضاء،لعقابه على التشهير بتدنيس القرآن من قبل جلاد ما ، لها دلالة بالغة الرمزية، حيث تظهر عمق القطيعة بين نظام لم تعد تربطه بالشعب الذي يدعي تمثيله وخدمته وقيادته ، لا أواصر الدين، ولا صلة التراحم بين أبناء الوطن الواحد ، ولا عقد نزيه يعطي للحاكم شرعية الحكم، ولا مصالح متبادلة يقع التفاوض حولها .
إن المؤتمر من أجل الجمهورية مؤمن أعمق الإيمان أن النظام الحالي، وراء مؤسسات صورية، هو تحالف عصابات بن علي وأخوته، وليلى الطرابلسي وأخوتها، والعصابات المصاهرة والقريبة والمتمعشة بحماية فلول البوليس السياسي ،وأن مكان مثل هذه العصابات في أي بلد يحكمها القانون وراء القضبان…أنها لا تطمح لشيء إلا لمواصلة التحكم أطول وقت ممكن في دولتنا لاستنزاف خيرات المجتمع وتهريب أقصى قدر ممكن من الأموال للخارج …وأنها مستعدة لتحقيق هذا الهدف الدوس على القرآن وعلى كل القيم والأعراف والقوانين والمصالح المشروعة لهذا الجيل وحظوظ كل الأجيال المقبلة.
لذلك لم يعد من المسموح اليوم لوطني شريف مواصلة تكرار خطاب الاستنكار والإدانة والمطالبة . فمثل هذا النظام لا يعالج إلا بالاقتلاع والرمي في سلة مهملات التاريخ والمحاسبة العسيرة للنفس كيف سمحنا لشخص مثل هذا الدكتاتور بحكمنا بل و طيلة عقدين من الزمن الضائع على البلاد والعباد. ومن ثمة فإن المؤتمر من أجل الجمهورية :
– ينادي الشعب التونسي إلى هبة للدفاع عن مقدساته التي داستها الأقدام القذرة علما وأن حادثة سجن بنزرت لم تكن الأولى من نوعها . – يستبشر ببداية الصحوة داخل قطاعات الصحة والتعليم ويدعو كل المواطنين ،العاملين منهم والعاطلين إلى هبة اجتماعية تفرض حقهم في الحياة الكريمة على قوى شريرة مقرة العزم على مواصلة سياسة اجتماعية واقتصادية تزيد من الغلاء وتردي الخدمات والتسيب والفساد . – يذكّر الأغلبية الصامتة من رجال الشرطة المكلفة بحماية هذا الانزلاق الجماعي نحو الهاوية ، وخاصة الشبان منهم ،أن واجبهم ومصلحتهم تحتم عليهم أن يدينوا بالوفاء لتونس ولشرفهم الشخصي ولشرف السلك الذي فقد محبة واحترام التونسيين لطول وقوفه بجانب جلاديه …لا لعصابات من مجرمي الحق العام يحتقرونهم ويستعملونهم في أقذر المهام ولن يتورعوا للزج بهم في قتل الناس أو تعريض حياتهم للخطر لمواصلة النهب والسلب بانتظار آخر لحظة للفرار إلى حيث تنتظرهم الثروات التي سرقوها من لقمة الشعب اليتم .
إن المؤتمر يتوجه لرجال الأمن وأيضا لرجال القضاء ولرجال الدولة في كل المواقع لكي يتحملوا مسئوليتهم فالهجمة التي أشهرتها العصابات الفاسدة لفرض جورها واستبدادها لن تترك الخيار لأحد منهم.. فإما أن يكون مع كبار اللصوص والمفسدين والمتعدين على أقدس المقدسات، أو مع شعبه في معركة الكرامة والوجود. *** عن المؤتمر من اجل الجمهورية د.منصف المرزوقي
٭ وزراء الداخلية العرب ينددون بالرسوم من تونس، وفي تونس يداس القرآن الكريم .
٭ فضيحة برج الرومي وصمة عار على جبين النظام القائم ما لم يعتذر للمسلمين عنها، والاحتجاج عليها فرض عين على كل مسلم ومسلمة من جاكرتا إلى طنجة.
٭ لنجعل من يوم الجمعة القادم يوم احتجاج عالمي على فضيحة برج الرومي
نحن الموقعون أدناه من المسلمين من مشارق الارض ومغاربها، وبعد أن علمنا بالاعتداء على كتاب الله العزيز بسجن برج الرومي بتونس من طرف مدير السجن وبعض أعوانه،
ونظرا لخطورة الفعل الدنيء الذي أقبل عليه هذا الضابط ومساعدوه واستخفافهم بمشاعر أكثر من مليار مسلم في أقدس مقدساتهم، فإننا :
أولا ـ نطالب الرئيس التونسي نفسه بالاعتذار الفوري للمسلمين كافة عن هذا الفعل الشنيع و الجريمة البشعة المقترفة في حق القرآن الكريم.
ثانيا ـــ نطالب بإقالة ومحاكمة علنية وشفافة لمدير سجن برج الرومي وأعوانه الذين شاركوا في هذا الجرم الشنيع .
ثالثا ــ نعتبر أن ما وقع في سجن برج الرومي مصيبة أعظم وطأة على الضمير الجمعي للأمة من الرسوم المسيئة للرسول الكريم، ومن ما وقع من تدنيس للمصحف في غوانتنامو وسجن أبوغريب، لأن تلك الاعتداءات صدرت عن غير المسلمين وفضيحة برج الرومي تقع في دولة مسلمة ومقترفوها من موظفي تلك الدولة.
رابعا ــ ندعو كل المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ، وفي مقدمتهم علمائها ونخبها الفكرية والجمعوية والحزبية إلى التحرك فورا للاحتجاج المدني والميداني على بشاعة الجريمة المقترفة في حق أقدس مقدسات الأمة.
إطلاق مراسل الجزيرة نت بتونس بعد اعتقاله ساعات
مصرع ثمانية أشخاص وإصابة خمسة آخرين في انهيار جدار بتونس
بعــضُ مشاهـــــد من جمهــــــورية الـــــــرّعــب
الطاهر العبيدي
ليس تكرارا لنشر ما نشر سابقا أو جفافا للقلم ولكن تدعيما لقضية الإساءة والاعتداء على المصحف الشريف بتونس التي حصلت أخيرا ضد أحد السجناء فليس جديدا الإساءة إلى المقدسات في بلد الزيتونة وبلد عقبة ابن نافع فقد وقع أفظع من هذه الحادثة في شهر سبتمبر سنة 1991 بمعتقل الكاف فاقرؤوا هذه الشهادة الواقعية بالاسم واللقب لأحد السجناء وكنت معه في نفس المعتقل والعديد من السجناء الأحياء شهودا على هذه الواقعة الفظيعة.
الرجاء ممّن كان عمره أقل من 20 سنة عذاب أن لا يقرأ هذه الفصول الحقيقية…
المشهد الأول
في مركز بنعنين بالكاف الذي يوجد قبالة قصر العدالة، أعوان قاموا بتعذيب أحد السجناء وهو سمير العرفاوي بطريقة عنيفة جدا لأنهم أمروه بالتبوّل على المصحف الشريف فرفض، ولما ذكر هذا أمام القاضي يوم الجلسة تجاهل هذا الأخير شكواه تماما، وحكم عليه بخمس سنوات سجن…
المشهد الثاني
روى لي أخيرا بمدينة بون الألمانية، المحامي الأستاذ محمد الهادي الزمزمي قال: في سنة 1991 كنّا مجموعة من السجناء في زنزانات وزارة الداخلية، وأحد الأيام وفي الصباح الباكر وحوالي الرابعة والنصف صباحا، سمعنا صراخا فضيعا يدمي القلوب، وصياحا مؤلما يخترق الأبواب والأقفال، وإلى حد الآن لا زال ذاك الصراخ لم يمحّ من ذاكرتي، حيث جاء بعض الأعوان ورموا العجمي الوريمي في الساحة أمام الزنزانات، وهو لا ينقطع عن الصراخ المر طيلة حوالي أربع ساعات ونصف، صراخا متواصلا يرجّ الأنفس، وكنّا نسمع أصوات الأعوان ينادونه باسمه ويأمرونه بالسكوت، غير أنه وطيلة كل هذه الساعات لم ينقطع لحظة عن الصراخ، وحين أطلق سراحي قدّمت إنابة للدفاع عن العجمي الوريمي، ولمّا قابلته مباشرة سألته، لماذا كنت تصرخ في تلك اللحظة بهذا الشكل؟فأجابني لقد عذّبت كثيرا وفي الأخير صبّوا مادة l’éther في عيني (مادة حارقة للعينين ) فوجدت نفسي من شدة الألم البليغ الذي أصاب عيني أصرخ دون وعي وبلا انقطاع..
المشهد الثالث
أحد السجناء نهض في الصباح وروى لأصدقائه أنه رأى في المنام النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وكان أحد مساجين الحق العام بين الحاضرين فوشى به إلى الإدارة، التي حولته من جديد إلى وزارة الداخلية وهناك تعرّض للتعذيب الشديد لمدة 15 يوما وتحقيق واستجواب دقيق، مع وابل من الأسئلة ماذا قال لك محمد في المنام؟ متى موعد الانقلاب؟ متى ستحكمون؟ ما هي الخطة التي أمركم بها للانقضاض على الحكم؟ بماذا أوصاكم؟ والسجين في حالة يرثى لها مرددا أنه حلم…
المشهد الرابع
حدثني الأستاذ نجيب الحسني الناطق السابق للمجلس الوطني للحريات بتونس، أن المرحوم جلال الجبالي اللاجئ السياسي الذي توفي أخيرا بفرنسا، سجن وهو حدث لم يبلغ بعد السن القانونية حيث لا زال تلميذا بالسنة الخامسة ثانوي لمّا تمّ القبض عليه، وأضاف تحرّكت حقوقيا من أجل وضعيته، وقد تمكنت من استدعاء بعض المنظمات وأحد الإذاعات الكندية للتعريف بهذه المظلمة، غير أن والده رفض الشهادة لصالح ولده، بل أنكر أن له ابنا في السجن، وبعد مدة تقابلت معه فسألته لماذا رفضت الإدلاء بشهادة قد تفيد ولدك المسجون فأجابني ببراءة المواطن المقهور « اعذرني سي نجيب عندي 5 أولاد نخاف نشهد يزيد ينتقموا مني، ويسجنوا البقية الله غالب حكم ربي تجيني في واحد خير من خمسة »
المشهد الخامس
في أحد الجهات التي امتازت بوجود فقهاء في التعذيب، قام بعض أعوان الحرس الوطني بتعذيب مجموعة من الموقوفين تعذيبا لا يوصف، بعدها امتطى كل عون ظهر موقوف وأمروهم أن يكونوا كالدواب على أربع، ويطوفون بهم أرجاء الزنزانة والأعوان بزيهم الوطني وشعاراتهم المكتوب عليها نظام حرية عدالة ومسدساتهم، ويهمزونهم بعصيهم كلما توقف أحدهم عن التحرك من شدة الألم والتعب والثقل الذي يحمله، مع العلم أن الذين عوملوا مثل الدواب هم مهندس وأستاذ وبيطري…
المشهد السادس
أحد الأصدقاء اليساريين، المتقدمين في الوعي الفكري والسياسي والناضجين اجتماعيا، ممّن أمضوا بعض السنوات في سجون » تونس الخضراء « ، نجيب البكوشي حدثني قال: يا صديقي إن من بين الصور الكثيرة الفظيعة التي ارتسمت في ذهني خلال سنوات السجن، هي انه في بعض الأحيان عندما يعطف علينا حارس العنبر ويفتح التلفزيون، وحين يأتي برنامج الصور المتحرّكة، أرى بعض الشباب يقفزون إلى الأمام للفرجة في اهتمام وانتباه كبيرين، وقد شدّني هذا المشهد واستغربته، وقد تبدّد استغرابي ليحل محله الأسى والألم، حين عرفت أن هؤلاء المساجين الصغار، هم مساجين محاكمين باسم حركة النهضة التونسية، رغم أن طفولتهم لم تكتمل، لقد تمّ القبض عليهم وهم أحداثا، فما أفظع يا صديقي أن تسجن وتعذّب الطفولة، في أوطان تدّعي أنها مركزا للاهتمام والرعاية بالطفولة والعمل لفائدة النشء…
المشهد السابع
في أحد الأيام وأنا أحد الشهود الأحياء على هذه الحادثة، جيء للمعتقل بأحد الشباب البسطاء الأبرياء، وبسرعة وأمامنا انهالوا عليه بالضرب والرفس دون مقدمات ودون أي سؤال، فأخذ يصرخ وقال بعفوية ليس من حقكم ضربي وإهانتي، فأين حقوق المواطن، سأشكوكم إلى منظمات حقوق الإنسان، وهنا انفجر الأعوان ضحكا وسبابا له ولكل منظمات حقوق الإنسان، وقالوا سنسهر هذه الليلة على لحمك، يا ابن الكلب يا ابن … وفعلا وقع تعذيبه إلى حد الإغماء مما جعله يختل في عقله، ومع ذلك حوكم بـ 4 سنوات سجن أمضاها كلها، رغم اختلال مداركه العقلية التي صارت غير سليمة، وبلغني يقينا أنه خرج من السجن بعد أن أمضى مدته كاملة فقد فيها عقله تماما، وهو الآن يمشي في الشوارع نصف عاري…
المشهد الثامن
أحد المساجين أنهى مدة عقوبته وهي سبع سنوات ونصف، فأطلق سراحه فعاد إلى مدينته وبينما هو لا زال يتقبل تهاني الأهل والعائلة وفي نفس اليوم أعيد للسجن، وتمّت محاكمته من جديد من أجل نفس التهم السابقة، وحوكم بتسع سنوات ونصف…
المشهد التاسع
جيء بزوجة أحد الفارين إلى وزارة الداخلية، ووقع تعذيبها من أجل الاعتراف على مكان اختفاء زوجها التي لا تعرف مكانه وقد تم كسر كتفها ومع ذلك لم يحصلوا على شيء، فتمّ القبض على أخيها وأمروه أن يغتصب أخته وهي مقيدة وتصوروا هذا المشهد…
المشهد العاشر
لما ألقي القبض على بوراوي مخلوف المحكوم بالمؤبد، كانت زوجته سهيلة بن مصطفى على ميلاد، وقد كادت أن تجهض من شدّة الرعب حين داهموا المنزل فنقلت إلى المستشفى، وهناك ولدت بنت سمّيت سارّة، وكبرت هذه البنت وكانت أمنيتها أن تعانق وتحتضن مباشرة والدها في يوم من الأيام ، إلى أن بلغت من العمر سبع سنوات، وهذا الحلم يسكنها ويعشّش فيها، وفي أحد الزيارات إلى السجن مع أمها رأت والدها من خلف القضبان، فبدأت تلحّ على العون الذي رقّ حاله لها، فسمح للسجين من مدّ إصبعه الصغير من وراء القضبان لتقبّله البنت سارة، وظلت هذه البنت تحكي لصديقاتها ولكل من تعرفهم أني قبلت أبي عانقت إصبع أبي، وهي فرحة وتروي فرحة حكايتها حتى للعبها…
المشهد الحادي عشر
الأمجد الشايب لاجئ سياسي بسويسرا قاضيا كان في تونس، لما كان بالسجن في محاولة لإذلاله يطلبون منه أن يقلد صوت الدجاجة، فرفض فوقع تعذيبه حتى لم يستطع الوقوف على قدميه، ولا زالت آثار التعذيب إلى الآن، وللعلم فإن تقليد أصوات الحيوانات عملية إجبارية وممارسة شائعة جدا في السجون التونسية…
المشهد الثاني عشر
أحد اللاجئين الموجودين حاليا بهولندا، العديد من المرات ونكاية في ابنه الفار، يستدعون والده البالغ من العمر 80 سنة، ويبدؤون بإهانته والسب والشتم وتهديده، وتواصلت هذه المعاملة معه عدة مرات، مما جعله يموت كمدا، وابنه على علم بهذا ولم يستطع إظهار هذا الخبر، مخافة أن ينتقموا من والدته العجوز…
المشهد الثالث عشر
قبض على أحد الأخوين الشقيقين، ومن جملة الممارسات والتعذيب التي تغرّضا لهما، أنهما قابلوهما وجها لوجه، وأمروهما أن يصفع الواحد الآخر، ومن يتوقف يجلدوه واستمرت هذه الحالة مدة ساعتين، الصفعة والصفعة المضادة وبحرارة لمدة ساعتين، ثم كان فصلا آخر من التعذيب، حيث أجبرا أن يسبّ كل واحد منهما الآخر، ويقذفه بكلمات جارحة جدا…
—————————————————-
ملاحـظة
:
هذه بعض الشهادات الواقعية، البعض بأسماء أصحابها، والبعض الآخر خيّرنا أن لا نذكر الأسماء، اجتنابا لرد الفعل، وطبعا هناك مئات من شهادات التعذيب المرعبة والممارسات البشعة خيرنا أن لا ننشرها رأفة بالقراء، وفضلنا أن نحتفظ بها في الذاكرة الخصبة، قد يأتي وقتها ومن يدري لعله يوما يصبح الإدلاء بالعديد من الشهادات في العلن وفي وضح النهار وعندها ماذا سيكون موقف هؤلاء الجلادين الذين يدوسون على الضمير الإنساني …
إن في صمودهم لعبرة
إنّها خالتي فاطمة: امرأة فاضلة يقارب سنّها العقد الثامن حينها. كثيرة ارتياد المساجد حريصة على حفظ القرءان الكريم، تتسابق مع عدد من صويحباتها في حفظ كلام الله تعالى و أحكامه في أحد مساجد المدينة ، حتى إنّهن من شدة حرصهن ليتفوقّن على أخواتنا المتعلمات. كانت هذه الشخصية متميزة، لها تجربة نوعية. عايشت عهد الاستعمار، و الحركة الوطنية و دور جامع الزيتونة فيها، و عهد النظام السابق بكل ملابساته. و لها وضوح شديد في التحليل، و كأنّك تتحدث مع سياسي محنّك. وكنت قد ابتعدت عن أماكن اللقاء بها نظرا لظروف المتابعة الأمنية، إلاّ أن الأقدار شاءت أن ألتقي بها مباشرة بعد الانقلاب الذي قام به النظام الحالي، فاحتضنتني بشدّة يتخللها الخوف عليّ و الشوق، وهي تسأل باسترسال عن ظروف إقامتي و تدعو لكلّ من تعرف ثمّ قالت: ماذا أنتم فاعلون؟ أعلمتها بأننا سننتظر قليلا ثم نعود و نسأل الله العلي القدير أن تكون الأيام القادمة أفضل من التي خلت. قالت :أفضل !! مع هذا؟ انتبهي بنيّتي لا يغرنّكم كلامه وخطابه الذي يتلكأ فيه؟ من أين أتى؟ أليس هو من ابتدع سياسة المسح الأمني للأحياء في تونس، بحثا عن المصلين الملتزمين وروّع الكبار والصّغار؟ متى جفت يداه من دماء المؤمنين الذين قتلوا تحت التعذيب؟ بنيتي لا تنسي أنه وزير الداخلية في النظام السابق… بنيتي سيفعل كما فعل من سبقه مع » الزواتنة « عندما قام بتصفيتهم ، الواحد تلو الآخر. إنه أخطر على البلاد من الذي سبق . ظلت كلماتها ترنّ في أذنيّ إلى أن عدت من حيث أتيت . وكنت أذكر كلامها في بعض « الدردشات » التي تحلّل الوضع السياسي وقتها.. و انهمكنا في العمل بالوتيرة العادية نأمل أن يتغير الوضع… ونسعى لأن نحسن الظنّ رغم التخوفات،. إلى أن التقيت بها مرة بعد الخطاب الذي ألقاه الرئيس الحالي، ووعد فيه بطي صفحة الماضي، و بناء عهد جديد، عهد الديمقراطية و الاحتكام إلى صناديق الاقتراع، وعزمه فتح الباب لقبول ترشح المعارضة في الانتخابات البرلمانية و الرئاسية. غير أنّ الجميع اختار عدم الترشح للانتخابات الرئاسية و الاكتفاء بالبرلمانية. فكانت رحمها الله تتابع الأخبار بكل حرص، و قالت كلمات من واقع تجربتها الطويلة ، ظلت منحوتة في ذاكرتي: » لا تصدّقوا كلامه وانتبهوا، إنّها مجرد حيلة يريد أن يعرف بها الأطول لسانا للمسارعة بقصّه، و الأقوى و الأقدر على معارضته ليضعه على رأس قائمة المُنكّل بهم. إنّه فخّ انتبهوا .لقد عشت العهد السابق بكل ملابساته فلو كان صادقا لألغى منشور منع الحجاب و التضييق على المساجد ».. حقّا لقد حدث تقريبا كل ما نبهت إليه.إذ مباشرة بعد الانتخابات حصل ما حصل، و انقلبت البلاد إلى ثكنة . وها هو منشور منع غطاء الرأس ساري المفعول إلى يومنا هذا، ويمزق الحجاب من على رؤوس النساء. ويتواصل الضغط عليهن قصد حرمانهن من اللباس الذي اخترن، أو مغادرة قاعات الدراسة و الامتحانات و بالتالي منعهن من المشاركة في الحياة العامة. بل ها هو القرءان الكريم نفسه يستهتر به السجّانون للإمعان في استفزاز مشاعر المساجين في داخل السجون و خارجها . وها هو التّعدي على الحريات و الحقوق لم يتضرر منه الإسلاميون فحسب، بل تعداه إلى كل معارض حر، وإلى كل شرائح المجتمع المدني: من محامين، و صحافيين، و حقوقيين، و إلى كل من خالفه الرأي ورفض الظلم و السكوت عن الحق، و لم يقبل الذل و الهوان. و لكنّ وعد الله حق، و الحق يعلو و لا يعلى عليه.فها قد لاح من واقع الظلم و الظلام و الانغلاق شعاع الإرادة الحرّة القوية و الهمّة العالية، ضاربة عرض الحائط كل وسائل التنكيل، قاهرة بأجساد ضعيفة أنهكها التعذيب و المرض، و بالكلمة الحرّة المدوية أقوى وسائل السيطرة، لتقول إن الله معنا وهو وحده القادر على حفظ الدعوة، وها هي الصحوة تنمو رغم غلق جامع الزيتونة و تهميشه، ورغم كل القيود، و كان ذلك خير جواب على عجز وسائل القمع عن تحدي إرادة الشعوب و كسرها. و أنّ الخيارات الحرّة لا يمكن لأي قوة ظالمة أن تتحدّاها . فبالأمس جيلنا نحن تصدّى لمنشور 108 وكابد المشاقّ، و اليوم جيل جديد يستميت في الدّفاع عن خياراته و حقوقه متضامنا مع القوى الحرّة الضاغطة في البلاد التي تحملت مسؤولية كسر الطوق الأمني. فمن يدعمها و يقويها؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟. ! »
« و لا تهنوا و لا تحزنوا و أنتم الأعلون »
(المصدر: موقع نهضة.نت بتاريخ 3 جوان 2006)
كيف سينتهي صراع السلطة مع الحجاب في تونس؟
بقلم: أم درة حكاية صراع السلطة مع الحجاب بدأت ولم تنتهي , حيث بدأت بمنشور صاغه بورقيبة عرف بمنشور 108 سيء الذكر , وبمقتضى هذا المنشور وحسب نصه : يمنع على أي فتاة تلبس لباس طائفيا من الدراسة أو العمل وتحرم أيضا من أي نشاطات اجتماعية, و بذلك كان الإعلان الفعلي على محاربة الحجاب , فكان أن غيروا المسميات فالحجاب أصبح زيا طائفيا دخيلا على تونس , استورد من الخارج ولا يمت لتونس ولا لثقافتها بأي صله, إنه زيا يحدث الفرقة بين أفراد المجتمع ويجعل فئة تتميز على الباقين لذلك هو طائفي , يكبل المرأة ويرجعها إلى عهود الظلامية والإنحطاط ووووووووو……….., فهو يميز بين الأفراد و هم لا يريدون التميز فأفراد المجتمع كلهم سواسية , نعم إنه حال حكومتنا العادلة : :! : , ألا تقد ّرون أنهم يحققون العدالة الاجتماعية , ,مغالطات يضحكون بها على هذا الشعب المسكين الساذج الذي تربى على الإرهاب بكل ما لهذه الكلمة من معنى, شعب أريد له أن يكون جبانا لا يعرف إلا التصفيق والمباركة, إنه يبحث على السلم والعيش بأمان حيث تخيل أن السلم سيتحقق بمجرد خروج المستعمر من البلاد , لكن هيهااااااااات أن يكون له هذا , وكيف يكون وأذياله لم ترحل بعد , لقد تركوا بعدهم من يتكفل بتحقيق مخططاتهم وحصل لهم ما أرادوا…… فمنذ السبعينيات والشعب التونسي يعاني من هذا الموال , وكنت من اللذين عايشوا بدايات هذا الصراع حيث تطلعت كغيري من الفتيات إلى الدراسة وطرد شبح الجهل اللذي كان يخيم على المرأة في قريتنا وكان لي ذلك , كانت عائلتي محافظة ربتني على الخجل والاحتشام و هذا هو شرطهم علي في البداية ….. ومضت السنوات حتى وصلت إلى المرحلة الثانوية كان المنهج التعليم آنذاك يحتوي على مادة التربية الإسلامية التي همشت فيما بعد, ومنها عرفت أن حشمتي هذه يجب أن تتوج بالحجاب لأنه واجب على كل امرأة بالغة, فلبسته بتدرج لأن مثل هذه الأشياء غريبة ومن الممنوعات عندنا ولكن بعد ذلك انتشر الزي الإسلامي قليلا ففي هذه الفترة كان يشهد العالم الإسلامي صحوة مباركة واصبح الزي الإسلامي من أهم مظاهرها, لكن هذه الحال لم ترضي النظام البورقيبي وشن حربا على الحجاب مقننة وعلى الاسلام بصفة عامة , فأحدث قانون المساجد أي أن المساجد لا تفتح إلا وقت الصلاة فقط ,وجفف جميع المنابع الدينية وكانت محنة 1987 بمرارتها اللتي لا تنسى …….., وسقط نظام بورقيبة في نوفمبر1987و وتولى زين العابدين الحكم بعده, يااااااااه ألتقطنا أنفاسنا وقلنا ان هذا الكابوس أنتهى سنعيييش آمنين بديننا , سيرجع لنا حقنا في التعبد كغيرنا ومثل بقية الشعوب الإسلامية كيف لا والزين وعد بتحقيق الحريات وإحداث مصالحة مدنية شاملة بمقتضى بيان 7 نوفمبر , وأول ما بدأ أن أقام الأذان في التلفزة ,….. أشهرا قلائل و كشر على انيابه , وظهرت نواياه و كما قال الشاعر:
إذا رأيت نيوب الليث بارزة فلا تظنن أن الليث يبتسم
ورجعنا من حيث انطلقنا وكانت الحرب مرة الاخرى على العفة والاحتشام , عانينا فيها الأمرّين , فهناك من استسلم وانقلب على عقبيه , وهناك من اتخذ من المماطلة حلا حيث ترى من المتحجبات من تلبس في الشارع وتنزعه داخل المؤسسات التعليمية أوفي العمل,لكن لم يرضيهم هذا بل لا حقوهن في الشارع وحتي في المؤسسات الاجتماعية كالمستشفيات وغيرها , فالمتحجبة لا حقوق أجتماعية بل ولاحقوق انسانية لها ….. وكنت من المماطلات لأني خلتها أزمة وتنتهي ولكن الأمر كان غير ذلك … إنها خطة مدروسة لعزل تونس عن بقية العالم الإسلامي وسلب هويتها العربية الإسلامية , والقضاء على كل مظاهر التدين فيها. خلال هذه المدة كنت مسلوبة الهوية أحس أن لا وطن ولا انتماء لي, أين أخواني وأخواتي أين ديني, لا أثر له لا أعرف نفسي, أحس أني مجرد منافقة لا مع هذا ولا مع ذاك ألبس وانزع وكأني أعيش حالة مرضية , أو أنا منفصمة الشخصية ومثلي كانت الكثيرات , كلامي محسوب ,لباسي ,علاقاتي حركاتي سكناتي بل وأنفاسي أيضا, أعمل عقلي في كل شيء, إلى أن تخرجت ولكن شاء الله ان حرمت من العمل بسبب هذا الموضوع, وعوضني الله بزوج وأسرة …… من خلالهما عدت لنفسي وديني والحمد لله . ولكن مشكلة الحجاب في تونس تتعدى شخصي , إنها مشكلة إسلام وكفر ,حق وباطل , حشمة وتعري ……. هذه الحرب الشعواء أثرت في الناس , أصبح الحجاب رعبا وشبحا نخوف به الأطفال في تونس, انعدم وجوده في الشارع إلا من بعض العجائز الطاعنات في السن أي الحاجات…….. وفجأة ودون توقع من أحد رجع الحجاب و عادت الكثيرات للعفة مرة أخرى ,أي هذا العام وهاهي ظاهرة الزي الإسلامي تكتسح الشارع التونسي من جديد وبقوة في صفوف الشابات كالعادة , كانت ظاهرة وعبرة لمن يعتبر ورسالة إلى كل أعداء الاسلام ومن ضمنهم ظالم تونس بأن الإسلام لا يقهر, إنه دين الله وله الغلبة , فمهما جفف منابع هذا ا لدين ومهما حارب مظاهر التدين في هذه البلاد, سيبقى دين تونس الإسلام رغم انفه , شعبها مسلم وبناته طاهرات عفيفات وإن لم يعجبه الأمر فليتنحى ويترك البلاد لأهلها……… غير انه لم يع الدرس, ولم يفهم الرسالة , وبالتالي لم يعتبر وشمر من جديد فأعلن الحرب على طاهرات تونس , حفيدات فاطمة العفيفة الحيية , منعهن من التعلم حق كل انسان, فلا تسجيل للمحتشمة في الجامعات , ولا قبول لهن في المؤسسات الجامعية ولا في أي مكان ……. كنت ألتقيت ببعض من تحجبن من الطالبات في هذه الفترة الاخيرة , وبهرني إيمانهن بل وشدة اصرارهن على تطبيق سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى في أدق التفاصيل , أما محبة الله فكانت تضفي على وجوههن إشراقات نورانية واضحة. كن بمثابة الزهرات المتفتحات …… فرحححححت بهذا كثيرا وطلبت من الله أن يثبتهن ……….. لكن ومع اقتراب الدراسة تغيرن ….. ذبلت الزهرات من الحيرة ومن الموازنة الصعبة اللاتي وضعن أمامها : حجاب وانقطاع عن الدراسة أو تعري وتعلم؟…اختلطت الأولويات عندهن و لم يفهن شيئا , فكلما التقيت بواحدة منهن وجدت واجمة , متساااائلة ….يا الله عادت القصة من جديد نفضوا الغبار على المنشور سيء الذكر وعادوا للحرب مرة اخرى وعاد الشبح….. فيااللللللله أغثنا من هول الأعداء , يا الله إنا ظلمنا فانتصر لناااااااا… …… ياربييييي إنهم يقتلون فينا الحياء…….. هذا هو الحال في تونس أيام عصيبة تعيشها اخواتكن ولا يعلم عاقبتها إلا الله. فترى كيف ستكون نهاية هذا الصراع المتجدد بين الحجاب والسلطة في تونس؟ نداء
هل سنترك هذا الظالم يعري العفيفات, و هل نتركه يعيد الكرة ويكمل مشوار الكفر والتعدي على الحرمات؟ بل هل ستتركونه أنتم يا أخوتي و أخواتي يستمر في معاداة الله ورسوله ودينه, أين أنتم يا أبناء هذه الأمة بل أين علماءنا ومشايخنا ألا يتدخلون ويضعون حدا لهذه المعاناة , ألسنا بناتكم وأخواتكم وأمهاتكم ووووو…. ألا هلا وقفتم معنا في هذه المحنة القديمة الجديدة؟, اليس من حقنا أن نتعبد بديننا ونتذوق حلاوة الإيمان ,أليس من حقنا أن نتعلم ونعمل, أليس من حقنا أن نمارس حياتنا الاجتماعية كغيرنا؟ …….. . إليكم ندائي فهل من مجييييييب؟؟؟؟
أختكم المسلمة التونسية تهتف واااااااااإسلاماه (المصدر: المنتدى العام لموقع « لـهـا أون لاين » بتاريخ 9 فيفري 2003) وصلة الموضوع: http://forum.lahaonline.com/archive/index.php/t-92.html
نساء تونس إلى أين؟
لها أونلاين – باسل النيرب في عام 1929م وقف شاب عمره لم يتجاوز السادسة والعشرين في إحدى الندواتيرد على امرأة سـافــرة تـدعـــو إلى يسمى تحرير المرأة، فقال: « الحجاب يصنع شخصيتنا، وبالنسبة لخلعه: جوابي هو الرفــض، وارتـفــع الضـجيج في القاعة، وانتقل الجدال إلى الصحف، وتابع الشاب الدفاع عن الحجاب بنشر مقالات فـي صحيفة تونسية فرنسية، ولم يكن هذا الشاب سوى « الحبيب بورقيبة » الرئيس التونسي نفــســـه الذي قام في اليوم التالي للاستقلال بسحب غطاء الرأس عن النساء التونسيات ». فمنذ أن أعلن قاسم أمين دعوته لتطوير واقع المرأة والتي استغلت فيما بعد لخلع الحجاب، سار كثيرون في العالم العربي على نهجه فأصدروا كتبهم المسمومة، مثلكـتـاب: « امرأتان في الشريعة والمجتمع » للطاهر الحداد في تونس عام 1930، و »السفوروالحجاب » لنظيره زين الدين في سوريا في العشرينيات، واسـتمـرت جهـود المثقفينوالمفكرين ـ المتبنين للمنهج التغريبي ـ في الترويجللـتـبـرج حتى أصـبـح واقــعــاً مفـروضــاً إلى جوار الحجاب، وتولى زمام ما عـجــــز عنه الاستعمار، وعمدوا إلىالقضاء على البقية الباقية من الحجاب في بلادهم. وفي تونس ظهرت بداية الجدل حول السّفور والحجاب بين أنصار السّفور، وبخاصة من الاشتراكيين الفرنسيين ورجال الحزب ـ الذي سمي بالإصلاحي ـ القريبين منهم وبقية النخبة. وكانت البدايات الفعلية على يد التونسية « منوبية الورتاني » التي أثارت الجدل في الموضوع يوم 15 يناير 1924 على منبر الجمعية الثقافية « الترقي » التي كان ينشطها الاشتراكيون، وكان عنوان الندوة « مع أو ضدّ الحركة النسوية ». وقد دخلت الورتاني سافرة وطالبت بما ادعته وقتها « تحرر المرأة من الحجاب »، وأنهت كلمتها ناقدة المثقفين بالقول: « عندما يحقق الأتراك نصرا اجتماعيا تسعدون هنا في تونس وتقيمون الأفراح فمن الأجدر أن تقتدوا بهم في ذلك ». ومن هذه الحادثة اندلعت معركة السفور، فبعد خمس سنوات تجرأت امرأة أخرى بالحديث سافرة الوجه، وهي « حبيبة المنشاري » التابعة للفرع النسائي للحزب الاشتراكي الفرنسي في تونس، وكان ذلك أيضا على منبر جمعية « الترقي » في أمسية بنفس العنوان السابق. وتحدثت المنشاري عن الحالة النفسية للفتاة المسلمة، وزعمت تعاستها التي تدعو إلى الرثاء، وادعت أنها تجبر على ارتداء الحجاب منذ الثانية عشرة من عمرها، وتزوّج بعد ذلك من رجل يكبرها عادة، وترغم على التحجب عند الخروج، وتعيش حياة تتناقض مع مقتضيات الحضارة العصرية. وزعمت أن الحجاب ليس حاميا لعفّة المرأة المسلمة، بل هو نقيض ذلك، بل هو ليس من الإسلام في شيء. النساء العاملات وتشغل المرأة التونسية العاملة عـددا قليلا نسبيا مــن الـوظائف الحكومية العليا (3% على المستوىالوزاري)، ولكن هناك عددا من الهيئات الحكومية التي أسست خصيصا للتعامل مع شؤونالمرأة، من أهمها: « وزارة المرأة والشؤون العائلية » و »اللجنة الوطنية للمرأةوالتنمية »، و »المجلس الوطني للمرأة والأسرة ». وقد حصلت المرأة في الانتخابات النيابيةلعام 1999 على 21 مقعدا من مجموع 182 مقعدا نيابيا. كما أن المرأة في تونس تشارك بـ 17% من المجالس البلدية، وتشكل النساء 31% من قوة العمل. ويقدر عدد التونسيات العاملات بـ 36%، وعدد النساء اللواتي يشغلن مراكز رفيعة في مجال الأعمالوالتجارة بـ 1500 امرأة. الأحوال الشخصية وقد بدأ صدور القوانين المجحفة بحق الحجاب والمحجبات في تونس كانت في عهد الرئيس التونسي « الحبيب بورقيبة » ووزيره الأول « محمد مزالي » بعد الاستقلال مباشرة، إذ أصدر مرسومه الشهير رقم (108) القاضي بمنع الحجاب فـي الـمـؤسـسـات الرسمية للدولة، بزعمه زيا طائفيا، ولا يمت للشعب التونسي بأيصلة، ودعا التونسيات « ألا يُشْعِرْنَ السياح الأجانب بالغربة في بلادهن ». وفي عام 1965 صدر قانون الأحوال الشخصية للمرأة التونسية الذي قيل أنه أكد على ما أسماها « المساواة التامة بين المرأة والرجل »، ومنع تعدد الزوجات. وأكد القانون أن النساء مواطنات كاملات الحقوق، ولا يحتوي القانون على أي إشارات صريحة للإسلام. وقد سعت الحكومة التونسية إلى تغيير الاجتهادات في مجالالشريعة الإسلامية المطبقة في دول إسلامية أخرى، ومنها الادعاء بالمساواة بين الجنسين في مجالات الزواج والطلاق وحضانة الأطفال والحريةالاجتماعية للمرأة وتطبيقها على تونس. وآخر جولة من القوانين كانت في عام 1993 التي طبقت للمواءمة بين القانونالتونسي والمقاييس الدولية لحقوق الإنسان. وقد صادقت تونس على اتفاقية القضاء على جميع ما يعرف بأشكال التمييز ضد المرأةفي سنة 1985، مع تحفظها على ما يتعارض مع القيم الإسلامية. الجدير بالذكر أن الحكومة التونسية وضعت في سنة 1966السياسات الخاصة بإجازات الولادة وبحماية وظائف الأمهات، كما أعلنت وزارة الدفاع التونسية في 26/11/2002 فرض الخدمة العسكرية الإلزامية على المرأة التونسية، ابتداء من سنة 2003 تعزيزا للمساواة بين الجنسين! وكان نواب في البرلمان التونسي، بينهم نساء، طالبوا خلال الأعوام القليلة السابقة بأن تكون الخدمة العسكرية إلزامية على النساء. وصرح وزير الدفاع بأن تجنيد النساء سيطبق تدريجيا. مشاكل المحجبات ويلقى موضوع العودة إلى الحجاب في تونس وتدفق الشبان على المساجد،تفسيرات عدة ، فهي في نظر الأغلبية إحساس بالهوية، وقد أشار المجلس الوطني للحريات في تونس إلى المضايقات التي تتعرض لها النساء التونسيات اللواتي يرتدين الحجاب، وطالب باحترام حقوق المرأة والرجال في ارتداء ملابسهم بحرية. وقد ذكر التقرير الصادر عن المجلس الوطني للحريات أن عديدا من الطالبات منعن من دخول قاعات الامتحانات في عديد من المؤسسات والكليات التعليمية بموجب إجراءات وزارة التعليم العالي التي تحظر وضع الحجاب. وأشار المجلس إلى حالة طالبات أحلن إلى هيئة التأديب خلال فترة الامتحانات بسبب ارتداء الحجاب. كما ذكر أنه تمت إقالة موظفات في القطاع الخاص بسبب وضع الحجاب، والاعتداء على المواطنات المتحجّبات في الطريق العام ووسائل النقل العموميّة ومؤسّسات التعليم والمحاكم والمستشفيات. وقد اتخذت هذه الحملة أشكالا مختلفة، منها إيقاف المواطنات في الطريق العام ووسائل النقل، واقتيادهنّ إلى مراكز الشرطة لإجبارهن على نزع الحجاب وإمضاء تعهدات بعدم العودة إلى لباسه، وكذا تعنيف المواطنات جسديّا ولفظيّا. وقد بلغ الأمر حدّ تحرير محاضر في شأن بعضهنّ قصد رفعه إلى وكيل الجمهوريّة. وكانت الجمعية التونسية للنساء الديموقراطيات قد عبرت عن قلقها العميق لتنامي ما وصفته ظاهرة ارتداء الحجاب في تونس؛ حين أكدت في بيان صدر لها عن « رفضها القاطع للحجاب لما يرمز إليه ما وصفته من انغلاق ورجعية »، ومع دفاعها عن « حق المرأة في اختيار لباسها »، ترى هذه الجمعية أن ارتداء الحجاب يشكل « قطيعة مع كل تقاليد اللباس في البلاد ويبرز نمطا منتشرا في البلدان التي لا تزال فيها المرأة تعاني من تعدد الزوجات والطلاق وغيرها من أشكال التمييز الأخرى » حسب تعبير الجمعية! وقد منعت الجامعات التونسية الطالبات المحجبات من التسجيل في العام الدراسي الحالي 2003 في أغلب الكليات التونسية في العاصمة وسوسة وصفاقس وقابس وبنزرت؛ بحجة وصول أوامر مؤكدة على محاربة ما تسميه السلطات بـ »الزي الطائفي »، خاصة في المؤسسات التعليمية. وقالت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان إن منع الطالبات المحجبات من حق التعلم، وإحالتهن إلى مجالس التأديب،اعتداء على حرية التدين، وحرية اللباس، وهي حقوق مكفولة في كل المواثيق والمعاهدات الدولية. وقد شكلت لجنة عليا لمحاربة الكتاب الإسلامي بزعامة مثقف شيوعي هو (أنس الشابي)، الذي عمل على مصادرة الكتاب الإسلامي من جميع المكتبات ومعارض الكتب. ويسري المفعول نفسه على المطبوعات الإسلامية الأخرى « حتى غدت تونس في التسعينيات البلد الوحيد في العالم تقريباً الذي لا تدخله أية مجلة أو جريدة إسلامية ». وعممت نوادي الرقص المختلط في المدن والأحياء، وحظرت الدروس الدينية المختلفة (بما فيها تجويد القرآن) في المساجد وذلك بموجب « قانون المساجد » الصادر عن مجلس الوزراء مباشرة وينفذ بإشرافه، وألغيت المصليات والمساجد المنشأة في الدوائر الخاصة والعمومية مثل المصانع والمعاهد والجامعات والإدارات والمؤسسات المختلفة. وفيما يخصّ التعليم الديني فقد عيّن وزير للتربية شيوعي هو « عبد المجيد الشرفي » الذي قام بتغيير مناهج التربية الإسلامية في كافة القطاعات التعليمية وصولاً إلى جامعة الزيتونة، التي شهدت قطيعة معرفية مع جامعة الزيتونة التاريخية. وقد ركزت لجان تغيير البرامج في القطاعات والاختصاصات كافة، وفيما يخص مادة التربية الإسلامية، على: – النزعة التي تنحو منحى التشكيك في كل شيء بما في ذلك المعلوم من الدين بالضرورة، مثل الأنبياء والعصمة والملائكة والقرآن والسنّة، ونحوها من المسائل الغيبية. – استبعاد المسائل الشرعية والفكرية الإسلامية التي لها علاقة بالفكر السياسي الإسلامي، مثل الحكم والخلافة وحاكمية الشريعة ونحو ذلك. – إظهار التاريخ الإسلامي السياسي بمظهر الصراع اللانهائي على السلطة والقتل والخداع في سبيل « الكرسي » والحفاظ على العرش حتى ولو سخّر الدين ووظفت آلياته ومخزوناته في سبيل ذلك. – التركيز على علم الكلام بما فيه من فرق إسلامية متناحرة وتقاتل مذهبي حول مسائل « بيزنطية فارغة » لا طائل منها في الدين ولا في الدنيا. بحيث ينشأ الطالب متشككاً حائراً ينظر إلى تراثه الإسلامي وإلى تاريخ الإسلام والمسلمين كعنوان عريض للتقاتل والتناحر و »الدروشة » والتقليد ومحاربة الاجتهاد والمجتهدين. خروج عن المألوف في منشور تربوي وزع على المعاهد الثانوية في تونس، أثار رفض الآباء ونددت به نقابة التعليم التونسية، وهو بعنوان « تمرين الطلاق »، وهو عبارة عن تشكيل مجموعات أو فرق تتكون من 4 إلى 6 أشخاص، ومدة التمرين 15 دقيقة، تشكل المجموعات دائرة، في المرحلة الأولى يطالب من كل مشارك تكوين زوج مع المشارك المجاور له. وفي المرحلة الثانية يقوم الأزواج معا ببعض الأنشطة التي يحددها المشرف على التمرين ويجب إعطائهم بعض التعليمات مثل » اليد في اليد » أو » الرأس يلاصق الرأس « . وفي المرحلة الثالثة يعلن المشرف عن طلاق المجموعات، وعلى المشاركين أن يبحثوا عن شركاء جدد ثم تعطى فيما بعد تعليمات مثل « ركبة لصيقة بركبة » أو « الظهر لصيق بالظهر ». أو « كتف لصيق بكتف » أو « أمسكوا بأيدي بعضكم ودوروا » أو « أضربوا بأيديكم على بعضها »، وهكذا دواليك للحصول على تغييرات متواترة. كما يقوم المشرف على « اللعبة » بإعطاء أوامر غريبة مثل: أخرجوا ألسنتكم واكتشفوا من له أطول لسان. ويوصي « التمرين » اللعبة بالبحث عن مشاركين جدد، والتزام الحذر في المجتمعات التي تكون فيها الاتصالات الجسدية محرمة عادة كما جاء في نصوص التمرين. وهكذا تتجه الدولة في تونس بنسائها وفتياتها إلى واد سحيق بعيد كل البعد عن الالتزام بفرائض الإسلام وتعاليمه. (المصدر: موقع « لـهـا أون لاين بتاريخ 13 نوفمبر 2003)
حقوق الإنسان.. في الممارسة
بعض ما كشفه موقع بالمكشوف
كتبه عبدالحميد العدّاسي كان الصحابة رضوان الله عليهم – من فرط حبّهم – للرّسول صلّى الله عليه وسلّم يمتنعون عن تسمية أبنائهم باسمٍ صَاحَبَ كنيته صلّى الله عليه وسلّم أو يمنعون بعضهم من ذلك، كما حدث مثلا مع من سمّى ابنه قاسما، حيث قالوا: » والله لا نكنّيك بكنية رسول الله « ، أي لن ينادوه أبا القاسم، لأنّ أبا القاسم ليس أحدا غير مَن جاء بالحقّ بشيرا ونذيرا. ولقد سمعت أحد علمائنا من بلاد الكنانة يقول مثلا بكراهة اسم جميل جدّا سميّت به أنا نفسي في أبنائي ( إيمان )، وحجّته في ذلك ما دأب عليه قومه عند التخاطب، فلعلّ أحدهم رفع السمّاعة سائلا عن ( إيمان ) أهي بالبيت أم لا فأجابه المتلقّي: لا، والله ما عندنا إيمان، إيمان ما فيه …وسمعت عن بعضهم يكره اسم نور الدّين وبهاء الدين وسراج الدين وغيرها من الأسماء المنسوبة إلى الدين خاشيا من أنّ حامليها قد يسيؤون إلى الدين بفعلهم ممّا يفقد هذه المصطلحات مدلولاتها، ونحن نرى حقيقة كم من » نوردين » كان جاهليا جاهلا وكم من » بهاء دين » كان تشوّها كاملا وكم من » سراج دين » كان ظلاما دامسا، بل كم من » زين عابدين » كان عربيدا فاجرا.
ولقد رأيت المدعو محمد البشير اسماعيل يكتب على صفحات ما يسمّى بالمكشوف ( * ) تحت عنوان « رسالة الأزهر العبعاب الى نجيب الشابي والآخرين » معلّقا على ما كتبه الأخ الأزهر العبعاب ذات يوم على صفحات تونس نيوز، فيدلّس عليه وعلى الآخرين ويدخل من كوّة النصّ على النّاس ( من يعرف منهم ومن لا يعرف ) فيطعن في شخصياتهم وفي تصرّفاتهم دون أن يردعه ما بشّر به محمد صلّى الله عليه وسلّم: « إنّ الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما كان يظنّ أن تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه، وإنّ الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت يَكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه « ، ممّا يجعلني قياسا أقول بكراهة اسم هذا الكاتب، فما كان والله حميدا ولا بشيرا ولا أخذ من اسماعيل عليه الصلاة والسلام صدق وعده ولا أمره بالمعروف ولا نهيه عن المنكر.
غير أنّ ما آلمني لم يكن نتيجة ما اقترفه هذا الإمّعة، فهو مجرّد متعلّم بليد الذهن في مدرسة سبقه إليها غيره من المنافقين من أمثال بسيس والملّولي وغيرهما، ولكنّ الذي آلمني هو أن يكون حجّته في كيل الشتائم لشيخ علّم النّاس دينهم وأرشدهم دائما إلى الصبر على بلوائهم هو الأخ الأزهر الذي لا أرضى له بكلّ حال من الأحوال أن يكون ضمن القطيع ( والعبارة مختارة لهم ) الذي نزع أو دعا إلى نزع الحجاب، والذي دنّس أو رضي بتدنيس القرآن الكريم، والذي سجن أو انشرح صدره إلى سجن رجالات البلاد. يعزّ عليّ ذلك كثيرا ويؤسفني أن يبجّل الأزهر لديهم وربّما يُتناول عرضه عند بعض إخوانه ممّن قصّر بهم صبرهم على الأذى.
إنّي أشفق على أخي الأزهر وإخوتي الذين صاغوا البيان ( ** ) الأخير ودعوا إلى تبنّيه ومساندته، من رؤيتهم نزلاء هذه المواقع الساقطة، وهم يحظون بالتبجيل الكامل من طرف أناس وضيعين عافوا الصدق والحقّ والرّجولة وامتشقوا الكره للإسلام لمحاربة أهله بالتفتين بينهم وباتّباع عوراتهم وإذكاء نار نزاعاتهم… مقياس دقيق وصحيح أيّها الأحبّة…أن ترى نفسك أين تُذكر وبما تُذكر. ولقد أعجبني كثيرا تصرّف الأخ نورالدين الختروشي من قبل، عندما مدحه أحدهم لاشتمام رائحة الفرقة بينه وبين إخوانه من الإسلاميين، فردّ عليه ردّا يذكّر، كما قال عمّي الهادي ( *** )، بموقف كعب بن مالك رضي الله عنه وأرضاه.
وفي انتظار ردّ الإخوة على مادحيهم من أهل الرّذيلة، أقول: بأنّه لن يكون بيننا وبين إخواننا جميعا إلاّ الودّ والمحبّة لأنّنا انطلقنا لمّا انطلقنا عاملينا لله، ورسولنا صلّى الله عليه وسلّم بيّن أنّ ما كان لله دام واتّصل. ولن ينجح أهل الفساد والإفساد بإذن الله في إقصاء بعض منّا عن سربه لينفردوا به ويأكلوه كما أكلوا بن سعيد وغيره من قبل، لأنّ رسولنا الكريم صلّى الله عليه وسلّم قد علّمنا كذلك، أنّ ما كان لغير الله انقطع وانفصل… ولن يفلح قوم بالغوا في العمل لغير الله حتّى انتهوا بسماجة مكشوفة ( كما هو شأنهم دائما ) إلى محاربة الله، واسألوا عن ذلك – إن شئتم – أهل مدينة الجلاء بنزرت… ــــــــــــــــــــــــــــــــــ (*) … والتونسيون سلائل التغيير يعملون على كشف كلّ شيء: كشفوا عوراتهم وكشفوا مفاسدهم وكشفوا كرههم لخالقهم وتمثّل ذلك أساسا في الاعتداء على المصحف الشريف، كلام الله العزيز، وكشفوا حبّهم للصهاينة وكشفوا كلّ الحجب والستر، مع أنّنا لم نعلم من آبائنا وأمّهاتنا ثباتا على سلوك أكثر من ثباتهم على دعاء يردّدونه: » سترك يا ربّي، يا ربّي استرنا، يا ربّي ما تكشفنا ولا تكشف حالنا ولا تكشف صغارنا!.؛ وإذا اطمأننت إلى ورود استجابة الله لهم، أكّدت بأنّ من يحكمنا اليوم في تونس ليس من نسل آبائنا! والله أعلم … (**) (أول الغيث.. عرائض ( عنوان أخر في موقع بالمكشو. كوم ) وفيه:يبدو أن الاوضاع داخل هياكل حركة النهضة، قد بدأت تفلت من قبضة راشد الغنوشي،، الذي نجح والى فترة ليست ببعيدة في احتواء كل تغيير أو نفس نقدي داخل هياكل التنظيم… هذا البيان، الذي أصدرته مجموعة من النهضويين بفرنسا، عرّى من جديد الشيخ راشد، وفضح تعامله « الغليظ » مع ابناء التنظيم، فالناشطون بالمهجر مقموعون، أما المساجين فهم بضاعة يتاجر بها… ومن الحقائق الاخرى التي كشفها نفس البيان، تواطئ بعض اوساط المعارضة مع الغنوشي، حيث استغلوا من جانبهم ملف المساجين النهضويين، ووظفوه لحسابات سياسوية، لا تخدم الا مصالحهم الحزبية الضيقة… ( انظروا رحمكم الله إلى ما أخِذ من بيانكم لتلحظوا أنّهم وضعوكم في نفس سلّتهم كارهين لراشد الغنّوشي الدكتاتور صاحب القبضة الغليظة، مندّدين بالمعارضة المتواطئة المستغلّة لقضايا المجتمع في خدمة أغراض سياسوية، ليغيّبوا بكم حقيقة ما يجري في البلاد تحت قيادة سيّد الرّئيس الملاك الذي ما خير في أمرين إلاّ اختار أيسرهما وأرفقهما » به وبثلّته طبعا « ) (***) هو أكبر منّي ولكنّي أسنّ منه، وقد دأب الجميع تقريبا على مناداة الهادي بريك » عمّي الهادي ». وقد تعوّدنا أنّ الذي ينصح ويوجّه لا يكون إلاّ كبيرا، وهو بالضبط ما كبّره عندنا فكان عمّنا.
وأخيرا اليكم البيان الأغر
( بيني وبينكم ما نعرفش بالضبط اش معناها الأغر..كنت
نسمع في الإذاعة الليبية تقول الفاتح من سبتمبر الأغر(ههههههههه) ما ورد باللون الأحمر من إضافة عمكم التونسي ونصف ———————— بسم الله الرحمن الرحيم بيــان (وتوضيح) من أجل إنهاء مأساة طالت ( مانيش عارف مأساة النظام وألا المساجين) كثر الجدل خلال الأشهر الأخيرة حول قضية المساجين الإسلاميين في تونس و دواعي و خلفيات العفو الرئاسي عن بعضهم في مناسبات متتابعة وكذلك حول إمكانية عودة بعض المغتربين في هذا الإطار. (انا في بالي ثمه اجماع موش جدل الناس الكل فرحو بخروج المظلومين وطالبوا بخروج البقية) يتساءل العديد من المهتمين بالشأن التونسي حول خلفيات هذا العفو، و يعتبره البعض مناورة من السلطة تهدف من خلالها تلميع صورتها في الخارج و إضعاف المعارضة و شق صفها.( خاطيه النظام ناس ملاح يحب المعارضة ويحب يقويها) لئن كان هذا الموقف لا يستغرب من بعض الذين لا يخدمهم إخلاء السجون التونسية من الإسلاميين وخاصة في الظرف السياسي الحالي، هؤلاء الذين استغلوا، من خلال حملات إعلامية دعائية، أخطاء قيادة النهضة (قصدك حركة النهضة…على خاطر على حد علمي المتواضع الحركة تطبق في الشورى وقراراتها قرارات الأعضاء إلي فيها ورئيسها نجح في أخر دورة بضربات الجزاء ما نجحش كيما الرئيس متاعكم ب 99.99%)بمُضِيها في مغامرة تصعيدية مع السلطة، دفع ثمنها غاليا ألاف التونسيين من أعضائها والمتعاطفين معها. والشعب التونسي الكل إن كان موقف هؤلاء ليس غريبا، فانه لا بد من الوقوف عند موقف قيادة النهضة من هذه القضية وكيفية تعاطيها مع كل المحاولات الفردية و الجماعية التي بذلت من أجل الإفراج عن المساجين. لقد توخت قيادة النهضة ( ماهو قلنا حركة النهضة موش قيادتها ياخي بانا لوغة تفهمو)منهجية واحدة ( ربي هو الواحد) في التعامل مع قضية المساجين تقوم على سياسة المغالبة والتشهير من خلال البيانات التي تصدرها بالخارج بعض الجمعيات التي هي عبارة عن أكشاك خاوية .(هاو مليح قالك الحركة هندها اكشاك فارغة المرة الجاية توه نقولوهم يعمروها ما يخلوهاش فارغة)تنشر بيانات لا يكاد يتجاوز صداها أذان أصحابها (كيفاش لم يتجاوز صداها اذانهم وانتم سمعتو بيها) لم تتجرأ هذه القيادة علنيا على القيام بنقد ذاتي ومراجعة عميقة لمنهجها السياسي، الذي أوصلها إلى هذه الكارثة و هذا الانهيار الكبير في مؤسساتها( مسكين الراجل قلبو ماكلو على الحركة ويحب ليها كل الخير شكرا لك بالنيابة عنهم). فلم يعد لديها من رصيد سياسي يشدّ مَن حولها في المهجر سوى ورقة المساجين، لحماية نفسها من المحاسبة و من تحميلها هذا الفشل الكارثي و تبرير سياسة الهروب إلى الأمام و تجاهل الواقع الأليم.( هذه غناية مشروخة غناها قبلك واحد » مستقل » وبعدين لقاها ما تنفعش رماها… وانت ما زلت فيها ههههه ) و بالتالي فأنها لم تسع بجدية لإيجـاد حل لهذه المأساة، بل شككت في كـل المحاولات المنادية بالحوار مع السلطة من أجل إيجاد حل لقضية المساجين الإسلامييـن و رمت أصحابها بالخيانة.( لا ابدا… هم وطنيون أحرار والبعض منهم من فرط حبه للوطن مشى عمل طله ورجع) و هذا ما فعلته مع العديد من المبادرات الفردية ( كيما المبادرة متاع سي الهاشمي الله يذكروا بالخير)و الجماعية ( الجماعية هذه ما سمعتش بيها على خاطر صداها كيف صدى الأكشاك الخاوية)التي أدت إلى العفـو على عشرات المساجيـن و بعض المغتربين ( المغتربين:ماو قلنا هاذوكة قلبو الفيسته وتابوا وعفى الله عما سلف – قال تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر (ومابدلوا تبديلا) ) و كادت آنذاك أن تشكل بذرة حوار مع السلطة. قد خشيت قيادة النهضة سقـوط هذه الورقة الأخيرة من يدها، فأرادت المحافظة على وضعية الضحـية التي تحـميها من كل نقــد أو محاسبة و تحمّل مسؤولية فشل أدائها السياسي.( يا له من تحليل عميق في باليش بيك محلل استاتيجي الى هذه الدرجة) أمام هذا الإصرار من طرف قيادة النهضة( تقصد حركة النهضة علي بالي بيها غلطة مطبعية) على منهجها في التعامل مع هذه المأساة و انطلاقا من إيماننا بان الوقت قد حان لوضع حد لهذه السياسات فإننا كمجموعة معنية بهذه القضية و متحررة من رواسب الحزبية الضيقة: – نعلن اختلافنا مع قيادة النهضة و مع سياساتها التي تساهم في تمديد هذه المأساة. ( هو ثمه واحد قال ليكم ما ما تختلفوش، سبحان الله) – ندعو بعض الفصائل المعارضة التي توظف هذا الملف لتصفية حسابات سياسية ضيقة أو للإعداد لحملاتها الانتخابية بمغازلة قيادة حركة النهضة، ندعوها إلى تحمل مسؤوليتها و الابتعاد عن المتاجرة بمعاناة المناضلين.( هههههههههه وتوه نقولوا ليهم الجماعة راهم حابين يدخلوا الحملة الإنتخابية ما تخطفولهمش الورقة الرابحة من يديهم …مبروك النجاح مسبقا)) – ندعو كل المتضـررين من استمرار هذه الأزمة، سـواء من الإخـوة ( والأخوات)الذين لا يزالـون داخل السجون أو الذيـن خرجوا مـنهــا و كذلك المهجرين،( والمهجرات وحتى الذين قلبوا الفيسة واستقالوا وسبو النهضة في يوم من الأيام ….) إلى تحمّل مسؤوليتهم التاريخية و أخذ زمام أمورهم بأيديهم( على خاطر هوما راشدين يلزم يقوموا على انفسهم وما يحتاجوش وصاية… وأنت سي الشباب اش قاعد تعمل توه!؟!؟!؟ ماكش تمارس في وصاية وتدعي انك احق بالدفاع عنهم) و ذلك بسحب هذه الورقة من أيدي المزايدين بها، بعيدا عن المغالبة والتوظيف الحزبي الضيق لهذه المحنة الإنسانية، من أجل دفع حوار مع السلطة لإنهاء مأساة السجن و تمكين المسرحين من استرداد حقوقهم.( كلام جميل…كلام معقول.. ماأقدرش اقول….حاجة عنـّو…) – نعتبر أن العفو الرئاسي المتكرر و تكليف لجنة رئاسية بتسوية ملف المغتربين هي رسائل ايجابية من سيادة رئيس الجمهورية( وقتاش كان رئيس هل هذا اعتراف منكم بأن الإنتخابات كانت سليمة وان بن علي البغل منتخب شرعي!؟!؟!) نرجو أن تشمل من تبقى من المساجين، من أجل أن يتصالح كل التونسيون مع ذاتهم و مع بعضهم البعض مهما اختلفت آراؤهم ما دامت ضمن المصلحة المشتركة و في إطار القانون.( يا عيني على المصالح عفوا قصدي المصالحة… وآه منك يا قانون) إن بداية الحل لهذه المأساة يكمن في إرادة كل منا تجاوز مرحلة القبول بالأمر الواقع و اعتبار أن قراره ملك يده في السعي إلى استرداد حقه( من قيادة النهضة المستبدة الظالمة الغاشمة الفاتحة للسجون والمعتقلات المشردة للألاف والطاردة لألف الفتياة من الجامعات للبهن الحجاب ، قيادة النهضة هي سبب أزمة التوانسة وأزمة البطالة في تونس …وهي التي منعت تونيس من التقدم… وهي التي تهرب أمةال الكادحين الى الخارج وهي التي تمص دماء العمال… وهي التي تمد يها لشارون وتستدعيه باش يعفس على قبر عقبة …قيادة النهضة هي سبب البلا والمشاكل) العيش حرا في وطنه و بين أهله و المساهمة في دفع وطننا نحو المزيد من الحرية و التقدم لمواجهة التحديات الحقيقية لأمتنا. والله وليّ التوفيق. الثلاثاء 30 ماي 2006جمعة الإمضاءات الأولية 🙁 والنهائية والتي سبدأ عدده يتناقص يوما بعد يوم) فرنسا عبعاب الأزهر فرنسا العماري محمد دنمارك التونسي رضا فرنسا الأسود د.عبد السلام فرنسا بصيد محمد الهادي فرنسا الخليفي ياسين دنمارك بن علي مصطفى فرنسا العرضاوي د.محمد بن الطاهر فرنسا الميلي عبد المجيد فرنسا بسرور كمال فرنسا الخليفي علي فرنسا القنطاسي محمد الطاهر فرنسا العزابي عمر فرنسا ضو محرز فرنسا الرياحي خالد سويسرا العونلي صالح فرنسا العابد محمد صالح فرنسا الهوش عبد السلام ندعو الأخوة و الأخوات الراغبين في دعم هذا النداء من أجل إطلاق سراح كل المساجين، إرسال التّوقيعات على العنوان التالي: natiha@moutradia.com نطيحة@متردية.كوم سينشر هذا النداء مع إمضاءات أصحابه في إحدى الصحف( طبعا النشر مجاني وكفول مسبقا) في وقت قريب بعون الله. وهاني نشرتهولكم في الحوار نت وان شاء الله الجماعة المشرفين ما يخيبوش ظني ويخلوه وما يلعبش بيه المقص
(المصدر: مقال نشره « تونسي ونصف » في المنتدى السياسي لموقع الحوار.نت يوم 3 جوان 2006 على الساعة العاشرة و7 دقائق مساء بتوقيت وسط أوروبا )
وصلة الموضوع:
http://www.alhiwar.net/vb/showthread.php?t=4853حوار مع صنم
بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على أفضل المرسلين
تـــونس في 03-06-2006
بقلم محمد العروسي الهاني مناضل دستوري
رئيس شعبة الصحافة الحزبية سابقا تونس
ذكرى 3 جوان 1955
الحلقة الثانية
أبعاد ومعاني قرار 30 ماي 1956
على بركة الله أواصل الحديث حول أبعاد قرار الرئيس الحبيب بورقيبة يوم 30 ماي 1956 في أول عهد حكومة الاستقلال الوطني.
وقد أشرت في الحلقة الاولى التي نشرتها بمواقع الانترنات يوم 29 ماي 2006، العناصر الثلاثة لمغزى القرار وابعاده وانعكاساته الايجابية وأهدافه السامية لتأسيس الدولة المبنية على العدل والمؤسسات وتسوية أفراد العائلة الحاكمة البايات آنذاك مع سائر المواطنين له انعكاساته ودلالاته الايجابية.
وقد تفاعل الشعب التونسي مع هذا القرار الذي جاء تتويجا لسلسة من القرارات التي تعيد للمواطن كرامته وتحفظ حقوقه وترفع المظالم على الناس… وتؤسس هذه القرارات الجريئة الى بناء دولة القانون والمؤسسات …
وفعلا كان القرار في مستوى طموحات الشعب التونسي الذي عانى من قهر وظلم وتجاوزات البايات.. والثراء على حساب الشعب.. والعائلة تفعل ما تشاء.. دون رقابة ولا محاكم ولا ضمير..
ويعتبر قرار يوم 30 ماي 1956 كما اشرت في الحلقة الاولى من أكبر القرارات الشجاعة للزعيم الحبيب بورقيبة بعد الاستقلال بـ46 يوما دون خوف أو تردد من سلطة الباي آنذاك …
والزعيم بورقيبة الذي أصدر القرار في مجلس وزاري هام يدرك ابعاد القرار. و قد كان حرص طيلة حكمه -الذي دام 31 سنة ونصف- على التقيد بهذا السلوك الاخلاقي لممارسة الحكم.. وأعطى المثال في ذلك.. وكان حريصا على صيانة أموال المجموعة..
ولنا عديد الامثلة أسوق منها على سبيل المثال لا الحصر كلما دعت الحاجة للسفر الى الخارج لزيارة رسمية أو خاصة أو للعلاج كان..
بورقيبة مثال في التقشف
يحرص أن يستعمل الطائرة العادية للركاب دون شراء طائرة خاصة له و يمتطي الرتل مع المسافرين.. ويجلس في الحديقة مع الناس.. وينفق بقدر وباقي العملة الصعبة يعيدها للبنك المركزي باعتبارها أموال المجموعة… ويسعى لعدم الافراط في شراء الملابس الشتوية والصيفية..
والجميع يعلم أن الزعيم بورقيبة له بدلتان للصيف وبدلتان للشتاء.. وحذاء للشتاء وآخر للصيف.. وكم من مرة يسعى نجله الحبيب بورقيبة الابن لتجديد حذائه ولكن الزعيم يرفض ويقول له الحذاء مازال صالحا وشراء حذاء بــ5دنانير تبذير.. لم يكن يعلم بورقيبة أن ثمن الحذاء أصبح 40 دينار.
العقارات والقصور على ملك الدولة
حرص الزعيم على أن تكون القصور والعقارات على ملك الدولة حسب وثائق إدارية هامة بما في ذلك قصر سقانص بالمنستير الذي وقع بيع جانب منه مؤخرا لفائدة الدولة..
الجراية الشهرية والعناية الصحية
الجراية العمرية التي قررتها الحكومة بعد التغيير عام 1987 وهي التي سترت بورقيبة وحفظت ماء الوجه والكرامة.. ولولا هذه الجراية العمرية وبعض الامتيازات والرعاية الصحية لكان مصيره كبقية المهمشين من الشيوخ طيلة 13 سنة من 1987 الى 2000 ويسكن في دار الولاية..
لماذا.. لان الزعيم لم يفكر في المكاسب والثراء وشراء المساكن الفخمة والضيعات والشركات.. ولم يفكر في تحويل حساب بنكي في الخارج بل فعل العكس..
ماذا صنع وفعل بصك الملك فيصل
في زيارته الى المملكة العربية السعودية في مارس 1965 -عندما قام الرئيس بورقيبة بزيارة الى المشرق مصر والسعودية وفلسطين وألقى خطاب اريحا يوم 3 مارس 1965 التاريخي المشهور المبادرة البورقبببية التي ضيعها العرب والفرصة التاريخية الهامة- زار في إطار جولته السعودية واكرمه الملك فيصل آل سعود رحمه الله وألح عليه في قبول صك مالي هام لشراء مسكن خاص.. وقد رفض الزعيم بورقيبة هذا العرض.. وأمام إصرار الملك فيصل رحمه الله قبل الصك.. وعند عودته دعى المرحوم الهادي نويرة رحمه الله محافظ البنك المركزي آنذاك.. وسلمه الصك لوضعه في حساب الدولة..
المكاسب والجواهر النفيسة للبايات
اذن بورقيبة وضعها في متحف باردو لتبقى للتاريخ دون التفريط فيها ، أما الاملاك الغير شرعية فقد أممها لفائدة خزينة الدولة.
الروضة المقبرة بالمنستير
فكر بورقيبة في الموت والخلافة والشغور وحرص على اقرار فصل في الدستور ينص في حالة الشغور أن يتولى الوزير الاول لرئاسته البلاد الفصل 57.;
كما حرص على شراء قطعة أرض 6التي تسمى الآن التربة6 وأقام عليها المقبرة الخاصة بآل بورقيبة وروضته لأنه يعلم أن الموت حق ولا خلود في الدنيا والبقاء لله وحده.. قال تعالى : » كل شيء هالك الا وجهه له الحكم واليه ترجعون » . صدق الله العظيم.
وقد اشترى قطعة الارض التي أقام عليها الروضة بماله الخاص وسجلها في القباضة وله عقد باسمه الخاص والحمد الله أنه فكر في بناء قبره وهو على قيد الحياة..
بورقيبة رفض أعادت اصول زيتون باعها ابان الحركة الوطنية
ليعلم الشعب أن الزعيم بورقيبة باع أصول زيتون من ارث والده.. ابان الحركة الوطنية التحريرية.. وبعد الاستقلال وتركيز الدولة اقترح مناضلو الساحل الاوفياء إعادة اصول الزيتون بمالهم الخاص واسنادها للزعيم بورقيبة التي باعها من أجل تونس.. وفعلا جمعوا مبالغ مالية لشراء أصول الزيتون..
وفي زيارته الى المنستير اعلمه السيد الوالي بمبادرة المناضلين فرفض الزعيم المبدأ.. وقال: « رئيس الدولة ليس فلاحا ولا يمكن أن يكون له أملاك خاصة »..
بل فعل العكس منابه من ارث والدته فطومة بورقيبة -من أرث عائلتها خفشة- تبرع بمنابه الى وزارة التربية الوطنية لاقامة أكبر معهد ثانوي بالمنستير..
الخلاصة والخاتمة
بورقيبة بعبقريته وحسه السياسي وبعد نظره وحكمته واستراتيجيته وذكائه.. وحرصه الشديد على نظافة الدولة وعدم انسياقها وراء المادة والشبهات واستغلال النفوذ.. وما طبقه على العائلة الحاكمة البايات في 30 ماي 1956 .. هو نفس القرار الذي تمسك به طيلة حياته النضالية:
الزهد في الدنيا وعدم استغلال النفوذ وعدم الجري وراء المادة.. وفي نفس الوقت حرص على الابتعاد على فكرة التوريث السياسي كما أشرت في الحلقة الاولى..
إذا فالزعيم بورقيبة أكبر ديمقراطي بالمفهوم الاخلاقي.. لم يستعمل الحكم للمكاسب والمنافع.. و لا لتوريث ابنه كما يفعل ويفكر غيره…
وهو أول زعيم عربي في المشرق والمغرب على هذه الصورة الكاملة.. ويأتي في المرتبة الثانية في انعدام المكاسب المادية الخاصة جمال عبد الناصر وفي المرتبة الثالثة هواري بومدين رحمهم الله..
« ولمثل هذا فليعمل العاملون » . صدق الله العظيم.
محمد العروسي الهاني تونس
مناضل دستوري
بسم الله الرحمان الرحيم
الطيب السماتي
الحزب الاسلامي التونسي
tunisian_islamic_party@yahoo.fr
طالبوا معي:
باستقالة الرئيس بن علي
و اسقاط النظام السياسي
في كل مراسلاتكم
هل من لجنة وطنية لمانسدة إخواننا في الدين
داخل الجمهورية الإسلامية الإيرانية؟
كتبت اخيرا ما مفاده ان الغرب ابرز الخلافات المذهبية في الاسلام و درسها لابنائنا و عمل على تثبيتها و اختلق الفجوات و الثغرات بين المسلمين. اليوم يكاد ينجح في التفرقة و بث الفتنة بين ابناء الوطن الواحد في العراق و يحاول بقوة الانفراد باخواننا الشيعة في ايران ليذيقهم ويل الاستعمار المعجرف البغيض، فهلا تحركت فينا سنة نبينا صل الله عليه و سلم و وقفنا و لو بالكلمة الى جانب اخواننا في الجمهورية الاسلامية الايرانية؟
تنتسب الجهورية الإسلامية الإيرانية جغرافيا لقارة آسيا، لكن من الناحية الدينية و الحضارية و التاريخية ترتبط إيران ارتباطا وثيقا بعالمنا الإسلامي و العربي،.
بنجاحها في تجربة التحديث بعد الثورة المباركة أصبحت إيران إحدى الدول العظمى التي امتلكت بسرعة فائقة الكثير من العلوم و التقنيات العصرية الحديثة المتطورة التي كانت حصرا على دول الغرب دون سواها، هذا الغرب الذي سعى و يسعى منذ حروبه الصليبية على المسلمين، سعى من اجل حرمان كل مسلم من الأخذ بأسباب التقدم و الرقي و ليس أدل على ذلك هذه الهجمة الشرسة التي تترأسها أمريكا من اجل منع إيران الإسلامية من حقها وفقا للشرعية الدولية في امتلاك التكنولوجيا النووية.
أيقن مسلمو إيران منذ فجر انتصار الثورة الخمينية المباركة أن اقتباس العلوم من الخارج لن يقدم نتائج ايجابية في التحديث السليم للوطن ما لم تصبح البنية الأساسي tunis.news@hotmail.comة الداخلية، خاصة منها « الإنسان الحر المبدع« جاهزة لتقبل تلك العلوم و التفاعل الايجابي معها و اكسائها الصيغة الوطنية و تطويرها حتى تتلافى سلبيات التغريب و تتحول إلى حداثة ذات جذور محلية سليمة،اثبت النظام السياسي الإسلامي الإيراني أن العنصر البشري هو أهم عوامل الحداثة و العصرنة و التنمية المستديمة، فالإنسان الحر في المجتمع الديمقراطي لما في الديمقراطية من حرية و ثقافة و مسؤولية قادر على تحقيق التنمية الصناعية و الاقتصادية و الاجتماعية، كما راهن نفس النظام السياسي الإسلامي الإيراني على كفاءة العنصر البشري.
ولن الإنسان الحر المثقف قادر على استفادة المجتمع الذي ينتمي إليه من موارده الطبيعية و العلوم العصرية و التقدم التكنولوجي و الرقي و الحضارة، فرض النظام السياسي الاسلامي الايراني الثقافة الدينية الواحدة و الموحدة و نظام التعليم الموحد و نزاهة كبار مسئولي الدولة الإسلامية فشكلت هذه العوامل مجمعة العمود الفقري في ارتقاء الدولة الإيرانية و انظما مها إلى خانة الدول العظمى اقتصاديا و عسكريا.
أيقن المسئول الإيراني أن ثروة وطنه تكمن في الرأس المال البشري، فجعل من وطنه احد اكبر البلدان توظيفا في ألراس المال البشري من اجل أفضل بناء لمجتمع يطمح إلى غد أفضل و أصبحت إيران إحدى الدول الأكثر إنفاقا في ميادين التعليم و الصحة و الثقافة و البحث العلمي، بينما تؤكد عديد الإحصاءات أن بقية الدول العربية المسلمة من أكثر الدول إنفاقا في ميادين ثانوية غير مستقبلية و ليست ذات بعد استراتيجي رهينة وضعيات متغيرة حساسة و غير ثابتة مثل السياحة و الصناعات الثقيلة…
أدرك أعداء الأمة الإسلامية، الغرب عامة و الولايات المتحدة الأمريكية خاصة امتلاك الجمهورية الإسلامية الإيرانية أسباب « العظمة » و خاصة بعد خوضها ميادين حرمها الغرب على جميع المسلمين وهو سلاح الدفاع الشرعي على النفس، سلاح الردع، و حصولها على التكنولوجيا المطلقة، قرر ذات الغرب و بكل وقاحة، راميا عرض الحائط بالشرعية الدولية المؤكدة لحق الشعوب في امتلاك التكنولوجية النووية، قرر وضع 70 مليونا من إخواننا المسلمين تحت دائرة الضغط و فرض عقوبات اقتصادية غير إنسانية و عير منطقية، لا مبرر لها.
لان العلاقات الإسلامية الغربية مبنية منذ الحروب الصليبية على قاعدة أما غالبا و إما مغلوبا، و لان قرار الغرب بهزيمة المسلمين اتخذ منذ تلك الحروب الصليبية و لا يزال ساري المفعول حتى يومنا هذا فان الغرب عدو المسلمين ماض قدما و بخطى حثيثة لضرب إخواننا المسلمين في إيران ضربة قوية لا قدر الله
لن يتهاون الغرب في استعمال أبشع أسلحته لضرب المسلمين في إيران المسلمة و ما العقوبات الاقتصادية التي يطالب بفرضها إلا مقدمة حتى تخر قوى الجمهورية الإسلامية و لن تستطيع الدفاع عن نفسها عندما يبعث الغرب المجرم بجيوشه ليفعل بإخواننا في الدين ما يفعله اليوم في العراق الشقيق.
و نظرا أن التجربة الحربية الغربية في العراق اليوم قدمت نتيجة عكسية لما كان يضن العدو، حيث المقاومة تحصد الجيوش الغادرة كل يوم و أصبحت الولايات المتحدة تعبر عن خطاها و ندمها للاجتياح العراق و دخول مستنقع لن تغادره سالمة، فان أخشى ما نخشاه، نحن المسلمون، عن إخواننا في إيران، إمكانية حرب خاطفة و ضربات جوية غادرة لا قدر الله على إيران المسلمة، تصبح أكثر احتمالا.
ربما يستعمل هذا العدو الغادر نفس السلاح الذي استعمله في هيروشيما و ناقازاكي، لان قذارة هذا العدو لا حدود لها.
ارجو من الاخوة المسلمين خاصة المقيمين خارج اوكانهم العربية التعاطف مع اخواننا الايرانيين في محنتهم هذه و العمل على بعث لجان مساندة لايران نظرا اننا داخل اوطاننا نجد صعوبات جمة في استعمال الانترنت.
فهل أدركنا نحن المسلمون السنة في العالم العربي عامة أن واجبنا الديني يفرض علينا مساندة و مساعدة إخواننا الشيعة في محنتهم هذه؟
و السلام
الطيب السماتي
21840725
سعر البرميل مرشح للوصول الى 120 دولارا اذا استمر التوتر في ايران
أفلام تونسية في مهرجان روتردام للفيلم العربي
هكذا كانت علاقة بورقيبة بالصحافة… ولهذا قابلت أنديرا غاندي وهي على فراش المرض
الحرب الاهلية تمتد علي كامل مساحة العالم العربي
الأمجد الباجي (*) العراق في حالة حرب اهلية الي جانب حربه التحريرية، وفي فلسطين خطط اليهود بدقة علمية لشق الشعب الفلسطيني ودقه علي حائط بعضه. ولكن هذين البلدين المحتلين ليسا وحدهما تضرم فيهما نار الكره الداخلية. الحرب الاهلية جاءت علي كل العالم العربي وهي بدرجات متفاوتة يتم فيها القتل والذبح والتنكيل بالاقارب والاهل والاصدقاء علي مساحات تختلف حسب امزجة وطبائع العرب والعربان. الامريكان والفرنسيس والطليان والانكليز وكل تلك القوي الكاثوليكية الاستعمارية كدست من المعارف بالعالم العالم العربي ما جعلها قادرة علي استدراجنا ضد بعضنا في اية لحظة ارادت ذلك. وهي تبادر الي تاجيج احقادنا ضد بعضنا كلما ارادت ان تقتصد حربا علي شعب من شعوبنا. ونحن دائما كالذباب نطير الي حيث نحترق. لقد ترهلت قدراتنا العقلية وحللنا مكانها اداة الامعاء كتعويض عن ضعف الرؤية والبصيرة. ووفرت لنا وسائل الاتصال الحديثة فرصة لالقاء فواضل امعائنا علي وجوه بعضنا البعض. فتحولت الفضائيات والانترنات الي مجرد وسائل جديدة لتصفية الحسابات القديمة التي ورثناها من احقاد قديمة مدمرة. وعوض ان نحسن استعمال هذه الوسائل الي خلق شرايين اتصال بيننا واعادة تنظيم صفوفنا حولناها مرة اخري كما كنا نفعل في السابق الي اداة للكذب وجرجرة الشعوب الي مزيد من الهزائم. الاستعماريون منقسمون ولكننا لم نفعل شيئا لاستغلال ذلك الانقسام ليكون لفائدتنا. بل تركناهم ياخذون الوقت لاعادة جمع صفوفهم واعادة ترتيب بيوتهم حتي يستعيدوا هجمات اقوي مما كانوا يفعلون في السابق. وفي المقابل بدأت الة التفريق تعمل بيننا بصورة فعالة. في فلسطين وفي العراق وفي الاردن وفي اليمن وفي مصر وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا وسورية ولبنان وداخل بلدان الخليج العربي. انقساماتنا باتت اليوم اكبر هدية نقدمها للاستعماريين كي يواصلوا سياستهم الاستعمارية التي نعاني منها علي مدي قرنين من الزمن. ولقد كنا نتركهم يفعلون ولا زلنا كذلك. وغابت عنا الحكمة والتبصر حتي في ابسط قواعد التلاعب بالاوراق السياسية. فكما تركناهم في السابق يلعبون علي وتر كرهنا وحقدنا علي الاتراك العثمانيين وفتحنا لهم ديارنا حتي استباحوها واستباحوا اعراضنا وارزاقنا. ثم تركناهم يتـــــلاعبون بانقساماتنا القبلية وتقوقعنا في دوائر القوميات الضيـــقة فحرضوا الجزائر علي المغرب وتونس علي ليبيا ومصر علي اليمن وسورية علي لبنان والعراق علي الكويت وسربوا بينــــنا الغلمان والمومسات والمومسين لتحريضنا علي مسك السلاح في وجه الاخر طالما ان هناك شيئا من المصلحة في الدفاع عن مواقع القبيلة. واليوم تركناهم يتلاعبون بورقة الاسلام والاسلاميين. فبلغت المهزلة ان تحول جورج بوش الابن الي اكبر مفتي للاسلام وتكدست معاهد الدراسات الاستراتيجية التي صارت تنظر في الخطط التعليمية عندنا وكيفية تدريس القرآن والسنة حتي كدت تتاكد ان المدارس الاسلامية الكبري مثل الازهر لم يعد لها وجود. انهم يتلاعبون بورقة الاسلاميين كما يحلو لهم. طالما ان الحكمة انتهت في العالم العربي والاسلامي. وطالما ان التفكير بالامعاء اخذ مكان التفكير بالدماغ. فتكاثر الصياع والعويل ولم يعد هناك مجال لفهم ما يحاك ضدنا وما يتم تخطيطه للمستقبل. ورغم هذا فهناك حقائق بسيطة علي ارض الفعل السياسي تؤشر لكل ما يرنو اليه الاستعماريون ويريدون تحقيقه علي المدي البعيد والمتوسط. هذه الحقائق التي يفهمها رجل الشارع ولا تغيب عنه لم نعمل لحظة علي دراستها وتقديم نماذج لتخطي عتباتها. اولي هذه الحقائق هي جملة الاستعدادات التي اخذها الاستعماريون لاغلاق منافذ الخطر علي الصين كقوة عظمي صاعدة. وربما هذه الحقيقة الوحيدة التي سيكون لها دور رئيسي في مسار التخطيط للمستقبل. لذلك فان الحفاظ علي عالم عربي منقسم وضعيف هو من المهام الكبري علي المستوي التكتيكي. فطالما يبقي الوضع علي ما هو عليه فان الصينيين لن يكونوا جاهزين للدخول الي البحر المتوسط الا وهم تحت ضغوطات متعددة. ولا يفوت الامريكان وحلفاؤهم ان يقراوا في ادمغة الاسلاميين حاجتهم الي تجميع صفوف العرب والمسلمين. لذلك استبقوا هذه المعركة علي الاسلام والمسلمين بدفعهم في اتجاه ادلجة مفهوم صدام الحضارات الذي تدور رحاه ليس بين قوي غربية وقوي اسلامية حتي وان كنا نحضر في العراق علي هذا الصدام العسكري وبكثير من الاحتراز علي جزء كبير منه. لان جزءا كبيرا من القوي الاسلامية الموجودة في الحكم اليوم ليست في صدام مع الامريكان بل تعتبر حليفة لهم. هذا الصدام يتم داخل المجتمعات العربية الاسلامية، بين حكومات مرتبطة بالغرب ومشاريعه الحضارية وبين قوي اجتماعية منضوية تحت لواء الاسلام وتطبيق الشريعة. وهو الصدام الذي سينهك هذه المجتمعات وربما سينهيها ويعد المنطقة كي تبقي سياسيا وعسكريا واقتصاديا في حالة غثيان وضعف وترهل ويجعل مهمة الصين في التقدم نحو البحر المتوسط صعبة ومعقدة وباهظة الثمن. ان الاستعماريين سيربحون علي جميع الاصعدة طالما اننا نواصل اعطاءهم الفرصة للتلاعب بورقة الاسلام والاسلاميين. وطالما تواصل الحكومات العربية ممارسة الضغــــط علي نفسها حتي تزيد عزلتها وضعفها. وبالمقـــــابل تواصل القوي الاسلامية الاعتقاد الخاطئ انها قــادرة علي مزيد التقدم، وحشد القوة دون ان تكون عرضة للخطط الاستعمارية التي لن تقبل بقيام منظومة عربية اسلامية موحدة وقوية. وبالمقابل فالصدام بين الصين والغرب آت لا ريب فيه. وهو الصدام الذي سيغير ملامح الحضارة الانسانية عموما. وحتي الصين ربما تفكر من الان التوافق مع الرؤية الغربية علي ان يبقي العالم العربي والاسلامي ضعيفا و منقسما. فما هي مصلحتها في قيام قوة في جنوب البحر الابيض المتوسط طالما انها لا تمتلك ادوات مراقبة هذه القوة وستعمد الي المساومة بكل ما يساقط بين ايديها ولن تتراجع عن بيع من تريد بيعه طالما ان الثمن سيكون مغريا. علينا ان نفهم اننا لا نمتلك مستقبلا خارج تغيير عقلياتنا والتوجه الي نظام الاختلاف والاستعداد لاستعمال كل ذرة قوة نملكها في مواجهة قوي ما انفكت تكدس القوة. علي حكوماتنا ان تعود الي رشدها وتفكر مليا في حجم مسؤوليتها التاريخية وان تترك ابواب الحوار مفتوحة وان تواجه حقيقة انها اجهزة مخترقة وعليها ان تقلل من داء ذلك الاختراق. وبالمقابل علي القوي الاسلامية ان تعيد النظر في خططها واستراتيجياتها وان تخفف من قناعتها بانها علي حق والعالم في ضلال. وان اكبر عدو لهذه القوي هو قناعتها بانها الممثلة الوحيدة لطموحات شعوبها، وكل ذلك الكبرياء من انها الصوت الوحيد الذي يجب ان يسمع. ان الخطط الاستعمارية ستتهاوي كقطع الورق الملفق عندما نفهم ان لا مستقبل لنا نحن العرب المسلمين الا داخل نظام ديمقراطي تعددي، وان اختلافاتنا نحلها بالحوار لا بالسلاح. وان نعد منطقتنا الي قيــــام قوة اقتصادية وعسكرية قادرة علي صد كل اهانة لشعوبنا. ما عدا ذلك فالحروب الاهلية التي بدات منذ بعض الوقت لن تخدم الا الاستعمار. (*) مخرج سينمائي تونسي (المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 3 جوان 2006)
استقلال الجبل الأسود ونهاية التاريخ اليوغوسلافي
توفيق المديني (*) حصل الداعون إلى استقلال جمهورية الجبل الأسود (مونتينيغرو) عن صربيا بموجب الاستفتاء التاريخي الذي أجري في 21 أيار (مايو) الجاري، وبلغت نسبة المشاركة فيه 86.3 في المئة من أصل 485 ألف ناخب يحق لهم التصويت، أكثر من 55 في المئة من أصوات المقترعين الذين صوتوا لمصلحة الاستقلال. ما يعني أن هذه الجمهورية الصغيرة أصبحت مستقلة عن صربيا. وكان الاتحاد الأوروبي قد حدد نسبة 55 في المئة للإعتراف باستقلال الجمهورية. وكان رئيس وزراء الجبل الأسود ميلو دجوكانوفيتش أعلن بعد صدور نتائج الاستفتاء أن بلاده اختارت الاستقلال، بعد 88 سنة من انضمامها الى صربيا. وظلت هذه الجمهورية، بحسب قرارات مؤتمر برلين لترسيم الحدود الأوروبية العام 1878، دولة مستقلة ملكية حتى العام 1918 عندما تخلى آخر ملوكها نيكولا بيتروفيتش عن السلطة نتيجة الضغط الشعبي، فانضمت إلى صربيا. من المعروف تاريخياً أن يوغوسلافيا الاتحادية كانت تضم أكثر من 22 مليون نسمة، وتتألف من ست جمهوريات وإقليمين للحكم الذاتي هما كوسوفو وفوفودينا الذي تسكنه غالبية مجرية وكان ألحق بيوغوسلافيا في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وإقليم السنجق المسلم الذي اقتطع من البوسنة في مؤتمر برلين 1878 وتم تقسيمه بين صربيا والجبل الأسود. ويقع هذان الإقليمان ضمن جمهورية الصرب. وقد لعب الزعيم الراحل جوزيف بروز تيتو دور الموحد للشعب اليوغوسلافي المتكون من قوميات عدة، وخاض حرباً تحريرية ضد الاحتلال النازي الألماني. غير أنه برحيل تيتو وتجدد الخلافات القومية، انهارت ركيزة التماسك الوطني للنظام الفيديرالي اليوغوسلافي. ومع نهاية الحرب الباردة انهار جدار برلين مع زوال الاتحاد السوفياتي. في غضون ذلك كانت يوغوسلافيا تعيش أزمة كوسوفو في خاتمة عقد (1991-1999) من التقلبات والفوضى وترسم إطاراً جديداً للقرن المقبل. في وقت كان إقليم كوسوفو يشكل قنبلة موقوتة في يوغوسلافيا، حيث شهد منذ عقد الثمانينات من القرن الماضي صراعاً بين الأقلية الصربية والأكثرية الألبانية. على رغم هذا الإئتلاف النادر والمعقد للإيديولوجيات القومية والاشتراكية، من الواضح أن يوغوسلافيا مريضة بجمهورياتها، وبالصراع بين الصربيين والألبان، الذي عاد بنزعاته القومية إلى نبش التاريخ. لقد كان الاتحاد اليوغسلافي يتألف من 6 جمهوريات فيديرالية استقل منها سلوفينيا وكرواتيا في أولى الحروب اليوغوسلافية التي بدأت في عام 1991 وشهدت أبشع المجازر. وفي نيسان (أبريل) عام 1992، اعترف الأوروبيون بجمهورية البوسنة والهرسك، التي أعلنت عن استقلالها في خريف 1991. وفي 1993، أصبحت مقدونيا جمهورية مستقلة وقبلت عضويتها في هيئة الأمم المتحدة. وفي 21 تشرين الثاني (نوفمبر) 1995، وقع الرؤساء الصربي والكرواتي والبوسني اتفاقات دايتون، التي صدّقت على تقسيم البوسنة إلى كيانين: جمهورية صربيا والفيديرالية الكرواتية المسلمة. وتبدو المصالح متناقضة لمختلف الموقعين على اتفاقات دايتون، فإذا كان الزعماء المسلمون قد دافعوا دوماً، على المستوى الرسمي، عن فكرة البوسنة الموحدة، فالقوميون الصرب لا يترددون في إطلاق صفة «الدولة ذات السيادة المحدودة» على كيانهم. وما يمكن أن يزيد اليوم انقسام البوسنة حدة ويرسخ أكثر فأكثر في أرض الواقع تجزئة النفوس، مطالبة كرواتيو الهرسك بـ «كيان ثالث» لهم (على أساس شعارات من نوع: «لماذا هناك ثلاثة شعوب وكيانان اثنان؟»). لقد ذهب النموذج التيتوي في حماية الهويات أدراج الرياح مع تفكك الاتحاد اليوغوسلافي. وعملت جميع الدول التي ورثته على أن تستمد كل شرعيتها من طابعها القومي. وتوج هذا التطور إلى حد ما بنجاح التجربة في كرواتيا، لكن على حساب هجرة القسم الأكبر من سكانها الصرب. أما في مقدونيا فكان من شأن الرغبة في تأسيس شرعية الدولة على مقاربة اتنو – قومية وقوع البلاد في حرب أهلية. وللمفارقة فإن صربيا ظلت إحدى الدول المتعددة الإتنيات أكثر من غيرها في المنطقة. وكان من شأن «ثورة» تشرين الأول (اكتوبر) 2000 الديموقراطية أن حملت إلى الواجهة رهان تأسيس صربيا كدولة – أمة. وفي زمن تفكك يوغوسلافيا، وبروز النعرات القومية، وظهور «القيادات البديلة»، قرر الجبل الأسود في ذلك الحين البقاء ضمن يوغوسلافيا التي أصبحت بعد ذلك جمهورية « صربيا والجبل الأسود». لكن هذا التحالف سرعان ما بدأ بالتفكك، وازداد تصدعه بعد حرب كوسوفو 1998-1999. وفي عام 2000 اتخذ الجبل الأسود إجراءات استقلالية تتعلق بالجمارك والعملة، وبدأ سياسيوه يتصرفون كحكام دولة مستقلة ما استدعى تدخل الاتحاد الأوروبي الذي أشرف على «اتفاقية بلغراد» الموقعة بين صربيا والجبل الأسود في آذار (مارس) 2003. وبذلك شكلت الجمهوريتان، اتحاداً «هشاً» على أنقاض ما تبقى من يوغوسلافيا ونصت الاتفاقية على اجراء استفتاء على الاستقلال في الجبل الأسود بعد ثلاث سنوات، وهو ما حدث أخيراً. وكانت المجموعة الدولية، لا سيما الاتحاد الأوروبي، قد اشترطت حصول المطالبين بالاستقلال على نسبة 55 في المئة من أصوات الناخبين يستوفي الاستقلال الشروط القانونية. والحال هذه، فإن نتيجة الاستفتاء لا تغير شيئاً في الواقع، إذ إن الروابط بين المكونين للاتحاد بين صربيا والجبل الأسود كانت متفككة. فقد كان لجمهورية الجبل الأسود رئيسها وحكومتها وعلمها وعملتها (اليورو). ومن الناحية الرمزية، يصعب على صربيا أن تتقبل انفصال الجبل الأسود، لأنها تجد نفسها متقلصة إلى حدود إثنيتها القومية. وفضلاً عن ذلك، سيمهد استقلال جمهورية الجبل الأسود لاستقلال إقليم كوسوفو، إذ لا توجد أي معارضة لذلك من قبل الدول الكبرى بما في ذلك روسيا والصين اللتين أعربتا عن عدم اعتراضهما على استقلال كوسوفو. فبعد وفاة الزعيم إبراهيم روغوفا، لم يتغير شيء في المعادلة: فقرار الأمم المتحدة الرقم 1244، والذي يقضي بمنح كوسوفو حكماً ذاتياً جوهرياً غير مطبق. وقبل الحديث عن وضع الإقليم يجب تحقيق الشروط الضرورية لمجتمع ديموقراطي ومتعدد الإثنيات، بينما مواقف الصرب والألبان متناقضة جذرياً. هكذا بات الحل الوحيد للإقليم هو التقسيم بين المسلمين والصرب. فالقسم الشمالي لكوسوفو الذي يعيش فيه 100 ألف يجب أن ينضم إلى صربيا، بينما يحصل بقية الإقليم الذي يسكنه الألبان على الاستقلال. ولم يعد الاعتراض موجوداً سوى لدى صربيا وهو اعتراض مهزوز داخلياً جراء وجود مؤيدين ومعارضين لهذا الانفصال الجديد. بيد أنه ليس إقليم كوسوفو وحده هو الذي يعاني من الاضطهاد الصربي، فالأقلية المجرية (300 ألف في إقليم فوفودينا) أرسلت طلبات للاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، تطالب بمنحها حكماً ذاتياً، وإنهاء ما تصفه بالتمييز الذي تتعرض له داخل صربيا، في حين تجد الأقلية المسلمة (500 ألف نسمة) التي تقطن في إقليم السنجق نفسها في وضع صعب لأنها لا تجد من يتبنى قضيتها على الصعيد الدولي. توصلت المجموعة الدولية إلى نتيجة مفادها أنه لا يجوز ارغام شعوب على العيش بالقوة في إطار كيان واحد، فالإستقلال مبدأ جدير بالا حترام، على رغم المخاطر. وإذا طبق بحذافيره، يمكن أن يقود إلى مزيد من بلقنة المنطقة عن طريق العدوى، في جمهورية البوسنة والهرسك، حيث التعايش بين البوسنيين والصرب والكرواتيين مفروض بالقوة ومصطنع إلى حد كبير، كما أن التوازن هش بين السلاف والألبان في مقدونيا. (*) كاتب تونسي، دمشق. (المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 4 جوان 2006)
إيران: ما معنى «القوة الصاعدة» ؟
صالح بشير (*) خافيير سولانا، وهو في الاتحاد الأوروبي بمثابة وزيره للخارجية، تفوه، في الآونة الأخيرة، بكلام لا ريب في أنه أثلج صدر الملاّقراطية الحاكمة في إيران، إذ وصف دولتها بأنها «قوة صاعدة»، مدليا بـ»اعتراف» لا تتستر الجمهورية الإسلامية عن توقها إلى نيله. ليس واضحا إن كان المسؤول الأوروبي أراد، بكلامه ذاك، أن يقر بواقع أو أن يجامل حاضّا طهران على سلوك مسلك التفاوض حول سياستها النووية وحول شؤون أخرى كثيرة، لا سيما تلك العراقية منها. ولكن الخوض في ذلك قد يكون نافلا بيزنطيًّا، لأن الأمر سيّان في نهاية المطاف، ولأن الاعتراف والمجاملة قد يكونان متلازميْن لا يفترقان، ولأنه لولا حيازة إيران بعض «قوة» وقدرا من «صعود» لما فكر أحد في مفاوضتها. ولكن، وإذا سلمنا بأن إيران أضحت «قوة صاعدة» على ما قال سولانا وعلى ما يتردد كثيرا هذه الأيام، فإن الجمهورية الإسلامية قد توخت في بلوغها تلك المكانة وسيلة غير معهودة أو ما عادت معهودة في هذه الحقبة. إذ هي تباين سائر «القوى الصاعدة» الأخرى في أن قوتها المفترضة لا تستند إلى أي من مقاييس ومقومات القوة في هذا الزمن، أي لا تقوم على نمو أصابته الجمهورية الإسلامية على وزن اقتصادي باتت تتمتع به، إنتاجا وتصديرا وإبداعا تكنولوجيا. وهكذا، وفي حين أن «القوى الصاعدة» التي برزت في جنوب العالم في العقود والسنوات الأخيرة والتي بات يُحسب حسابها كانت آيات نجاح اقتصادي في المقام الأول والحاسم، وفي حين أن منها ما هو نووي شأن الصين أو الهند ومنها ما هو ليس كذلك، شأن البرازيل، فإن الإنجاز التكنولوجي الوحيد الذي يُحسب لإيران، على صعيد التقدم والتنمية، هو امتلاكها المهارة النووية أو بعضها، وهذه الأخيرة هي كل مناط قوتها. وذلك ما يجعل «القوة الإيرانية»، قائمة كانت أم منشودة، ناجمة في المقام الأول، لا عن قاعدة صلبة، بل عن إرادوية إيديولوجية، ومعلوم أن اعتماد هذه الأخيرة والتوقف عندها، لم يعصم إمبراطورية كتلك السوفياتية الآفلة، حكمت نصف العالم وامتلكت من مثل تلك التكنولوجيات العسكرية ما لا قبل لإيران حتى بالحلم به، من أن تنهار انهيارا مزريا مشينا كذلك الذي رأينا قبل عقد ونيف من الزمن. وعملا بالقياس هذا، أو بالمقياس هذا، تكون إيران، في صورة نجاحها في التحول إلى قوة نووية، أقرب إلى الأنموذج الكوري الشمالي، منها إلى أنموذجي الهند أو الصين… ومعلوم أنه إذا ما كان لجمهورية الخالد الذكر كيم إيل سونغ من «مزية»، فهي البرهنة على أنه بوسع بلد فقير، مدقع، جائع، متخلف، أن يمتلك ناصية الطاقة النووية… وبديهي أن بلدا كذاك، ليس له من أسباب القوة غير ذلك، لا يتاح له من الفعل على الصعيد الدولي، أو الإقليمي، سوى الابتزاز وما كان في عِداده. وجه آخر ربما اقتدت في شأنه إيران بكوريا الشمالية هو احتماء كل منهما بحالة إقليمية بالغة الخصوصية. فإذا كانت بيونغ يانغ قد تمكنت من تطوير قدراتها النووية مستفيدة من تعذر التدخل الدولي (أي الأميركي) ضدها، لأنه إن تم، لا يمكنه أن يكون إلا على نحو يفضي إلى إرباك أو إلى تقويض التوازنات الإستراتيجية المحلية، وهو ما لا يرتضيه العملاق الصيني المجاور، فإن إيران، من ناحيتها، تنتهز، على صعيد إقليمها، عجزا أميركيا مماثلا، من حيث النتيجة، وإن اختلفت أسبابه. فالإدارة الأميركية مغلولة يداها عسكريا في العراق وسياسيا في الكونغرس، ما يجعل مخاطرتها بعمل عسكري ضد الجمهورية الإسلامية أمرا عسيرا إن لم يكن مستحيلا… يبقى أن مقومات المناعة، في الحالتين، ليست ذاتية. نسوق كل ذلك من أجل إضفاء قدر من النسبية على ما يُقال حول تحول إيران إلى «قوة صاعدة»، إذا ما توقفت أسباب تلك القوة عند المقدرات النووية واقتصرت عليها. إذ بسببٍ من طبيعة تلك «القوة»، واستطرادا من حدودها الآنفة الذكر، قد لا يوجد أمام الجمهورية الإسلامية سوى أحد احتمالين: إما أن توغل في برنامجها النووي، حتى القدرة على إنتاج أسلحة الدمار الشامل، فتصبح فعلا قوة نووية ولكن محاصرة على نحو ناجز كامل (بالنظر إلى حدة اعتراض العالم والجوار المباشر)، على نحو ما هي عليه حال كوريا الشمالية، فتنال بذلك قدرات عسكرية أقصى ما يُرجى منها الحفاظ على النفس دون الاضطلاع بأي دور أو نفوذ دوليين، اللهم لدى بعض المنظمات المناوئة والمهمشة هي بدورها، أو مقايضة برنامجها النووي بإعادة تأهيلها داخل المجموعة الدولية وتمكينها من بعض نفوذ إقليمي، يضفي عليها صفة الشريك. وقد يكون ذلك ما يتأهب العالم على عرضه على طهران. فقد توالت في الآونة الأخيرة الدعوات، تضمنتها تصريحات مسؤولين دوليين وافتتاحيات صحف نافذة، لإجراء حوار أو تفاوض مباشرين، بين إيران والولايات المتحدة، وقد جاء كلام خافيير سولانا السالف ذكره، والذي اعترف فيه بالجمهورية الإسلامية «قوةً صاعدة»، في معرض التبشير بمثل ذينك الحوار والتفاوض… هذا في حين عبرت واشنطن، في الأيام الماضية، عن ترحيبها بما أبدته طهران من «استعداد للتفاوض». وهكذا، ربما كانت الفرصة سانحة، ربما للمرة الأولى منذ الثورة الخمينية، أمام الجمهورية الإسلامية للانتقال من موقع «الدولة المارقة» إلى موقع «الدولة الخصم». أي من دولة تُقاطَع وتعامل معاملة المجرمين، إلى دولة تنتمي إلى مجموعة الأمم وإن على قاعدة الخلاف والاختلاف مع مراكز السلطة والنفوذ على الصعيد الإقليمي أو الكوني… قد يكون ذلك هو المكسب المتاح والواقعي الذي بإمكان إيران نيله من برنامجها النووي. وهو مكسب لا يستهان به. خصوصا وأن الجمهورية الإسلامية لم تتورط بأن جعلت امتلاك السلاح الدمار الشامل «ثابتا» من «ثوابتها»، فهي لا تنفك تردد بأن أغراضها النووية سلمية، ولا تني تستظهر بفتوى للإمام الخميني، تحرم استخدام ذلك السلاح، كما أنها سبق أن برهنت، في الحربين الأفغانية والعراقية، أنها تواقة إلى الاضطلاع بدور الشريك المسؤول في علاقتها بـ»الشيطان الأكبر». وإذا ما توسلت إيران برنامجها النووي للخروج من موقع «الدولة المارقة» إلى موقع «الدولة الخصم»، فإنها ستتصرف بذكاء، أما كل فاق ذلك فتنطع صرف وانتحار مؤكد. (*) كاتب تونسي، إيطاليا. (المصدر: ملحق تيارات بصحيفة الحياة الصادرة يوم 4 جوان 2006)
يهود وأوروبيون وأميركيون يقاطعون إسرائيل ويصفونها بالعنصرية
بقلم: بلال الحسن تبدو إسرائيل أمام نفسها وأمام العرب وأمام العالم، قوة سياسية واقتصادية وعسكرية لا يستهان بها. فهي تحتل فلسطين، وتخيف العرب، وتهدد دولا عظمى مثل فرنسا وتتهمها باللاسامية، حتى انها تحرض مواطنيها اليهود بالهجرة إليها انتقاما من مواقفها. أما على الساحة الدولية، فإن إسرائيل تظهر كفاعل محتمل في ضرب ايران من أجل وقف تطورها النووي، وتمتلئ الصحف الإسرائيلية بنقاشات تدور حول نقطة واحدة: هل تندفع إسرائيل في هذه المعركة المحتملة إلى المقدمة، أم تبقي دور المقدمة للولايات المتحدة الأميركية؟ وحاليا.. تحاول إسرائيل أن تستفيد من قوتها هذه، وتسعى إلى إقناع المجتمع الدولي بتجاهل الفلسطينيين والعرب، وقبول صيغة حل إسرائيلي منفرد للصراع العربي ـ الإسرائيلي، يتم فيها قضم نصف أراضي الضفة الغربية، والقدس، والمياه، مع ترسيم لحدود دولة إسرائيل يباركه المجتمع الدولي ويصفق له. إنها إذا دولة مهيبة ومهابة، تنضوي على شعب منتج وناجح وقوي، تهدد الآخرين ولا يستطيع أحد أن يهددها. تملي الحلول ولا يستطيع أحد أن يفرض عليها حلا. هكذا ترسم إسرائيل صورتها، وهكذا تقدم نفسها، وهكذا تحب أن يراها الآخرون. فهل هذه الصورة حقيقية؟ توجد بالمقابل صورة أخرى ترى أن إسرائيل هشة وضعيفة، بل وترى أن إسرائيل معرضة في النهاية للزوال. ويرى أصحاب هذه الصورة المضادة أن إسرائيل تسير نحو بلورة نموذج عنصري يشبه النظام العنصري الذي ساد في جنوب إفريقيا، وهي لذلك يجب أن تحاصر، وأن تحارب لكي تغير نفسها وتغير سياساتها، وإلا فإن الحصار سيتسع من حولها ويؤدي إلى سقوط نظامها كما سقط نظام جنوب إفريقيا العنصري الأبيض. وليس العرب ولا الايرانيون هم الذين يقولون هذا الرأي، إنما يقوله يهود متحمسون للحركة الصهيونية، وأوروبيون تولوا على مدى نصف قرن أو يزيد، دعم إسرائيل وحمايتها والدفاع عنها. إنهم يتجمعون الآن. يتوافدون من كل مكان، ليقولوا إنهم يرفضون سياسات حكومات إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، وليعملوا على محاصرة إسرائيل والتضييق عليها، ليصلوا في النهاية إلى إسقاط صورتها الأخلاقية أمام العالم، مع تكرار للأزمة واحدة تشبه إسرائيل بنظام جنوب إفريقيا العنصري، وهو النظام الذي حورب أوروبيا وأميركيا، وحورب من قبل العالم كله بحسب قرارات صادرة عن الأمم المتحدة، بسبب عنصريته. وهناك قائمة طويلة من الأحداث والمواقف والتطورات، تكشف عن هذا الواقع الجديد الذي تواجهه إسرائيل، تكشف عن هشاشة الدولة والتجربة والكيان، بدل صورة القوة والمتانة والتلاحم التي تحاول أن تظهر بها. نبدأ بمثل «يهودي» بارز. ففي شهر نيسان/ ابريل من العام 2005، كتب الصحافي الأميركي بنيامين شفارتس أحد محرري مجلة «أتلانتيك» الأميركية في بوسطن، وأحد أبرز اليهود المؤيدين لدولة إسرائيل، مقالا تنبأ فيه ان إسرائيل لن تستطيع أن تعيش حتى تكمل عامها المائة، وأنها ستتلاشى كدولة قبل ذلك. وقد أحدث المقال هزة كبيرة داخل إسرائيل، بسبب مكانة الكاتب، وبسبب التعاطف المعروف عنه مع دولة إسرائيل. وخضع المقال لمناقشات سياسية وفكرية، ونبه البعض إلى ضرورة فهم دلالاته، وقال بعضهم إن موقفه يوضح لنا إن دعم أميركا لإسرائيل ليس أبديا. ونأتي بمثل ثان أوروبي شامل، ففي 4/11/2003، نشرت نتائج استطلاع للرأي في 15 دولة أوروبية، وكان السؤال الأساسي المطروح هو: من هي الدولة التي تشكل أكبر خطر على السلام العالمي؟ وجاء الجواب بأن إسرائيل هي هذه الدولة، وتراوحت نسب التعبير عن هذا الرأي بين 74% في هولندا المعروفة بتأييدها التاريخي لإسرائيل، والسويد 52% والتي تعتبرها إسرائيل متحفظة في تأييدها. بينما تراوحت نسب الدول الأوروبية الأخرى في حدود الثلثين (بين 60% و69%)، وذلك في دول مثل ألمانيا وبلجيكا وبريطانيا واليونان والنمسا واسبانيا. وقد هزت نتائج هذا الاستطلاع إسرائيل، وردت عليه كما هي العادة بأنه يعبر عن موقف معاد للسامية. وكانت قد انطلقت قبل ذلك من داخل بريطانيا، حملة تطالب بمقاطعة إسرائيل جامعيا وأكاديميا، وذلك بسبب احتلالها للأرض الفلسطينية وتمادي الاحتلال في قمع الشعب الفلسطيني. انطلقت الحملة من بريطانيا صيف عام 2002 إبان الانتفاضة الفلسطينية الثانية، وفي ذروة إقدام إسرائيل على إعادة احتلال الضفة الغربية بقيادة آرييل شارون. بدأ الحملة أستاذان جامعيان ستيفن روز وهيلاري روز، ثم نشرا رسالة مفتوحة في صحيفة «الغارديان» تحمل 123 توقيعا لأكاديميين بريطانيين، وتحولت الرسالة إلى عريضة تحمل ألف توقيع من بلدان أوروبية متعددة، حتى انها حملت أيضا توقيع عشرة أكاديميين إسرائيليين. واتسع نطاق هذه الدعوة في عام 2004 ووصل إلى الجمعيات الأكاديمية، وتبنت الدعوة جمعيتان كبيرتان هما «الجمعية الوطنية لمؤسسات الدراسات العليا» و«جمعية أساتذة الجامعات». ولا تزال هذه الحملة البريطانية تتفاعل حتى الآن. وقبل أيام، وبالتحديد في 30/5/2006 صوت تأييدا لهذا الموقف أعضاء أكبر نقابة لأساتذة الجامعات والتعليم العالي في بريطانيا. وقال ستيفن روز مطلق الحملة إنه يأمل بأن يتسع تأثير هذه الحملة أسوة بحنوب أفريقيا عندما تبنت الأمم المتحدة المقاطعة، وتحول التحرك الذي بدأ على مستوى أفراد ليصبح أحد أسباب هدم نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا. وردت إسرائيل كما هي العادة بأن هذه الحملات هي حملات معادية للسامية. وانتقلت المواقف نفسها من أوروبا إلى كندا. وفي شهر أيار/مايو 2006، قررت 21 منظمة كندية بينها نقابات ومؤسسات كنسية، مقاطعة إسرائيل سياسيا وتجاريا، وذلك بسبب مواقفها العنصرية التي تمارسها ضد الفلسطينيين. وجاء قرار المنظمات الكندية إثر نشاط استمر أشهرا، بدأته كنيسة في مدينة اوتاوا، واختتم بمؤتمر عقدته كبرى النقابات الكندية (C.U.B.A) في إقليم اونتاريو. وقالت كاترين نستويفسكي رئيسة «لجنة التضامن الدولي» في النقابة التي تمثل 200 ألف عامل «إن إسرائيل تمارس سياسة شبيهة جدا بسياسة الأبارتهايد التي اتبعت في حينه في جنوب إفريقيا. وفقط بعد أن قاطع العالم كله النظام العنصري في جنوب إفريقيا توقفت العنصرية وسقط نظامها… وينبغي ألا نوقف هذه المقاطعة إلا إذا حظي الشعب الفلسطيني بحقه في تقرير المصير، وحظي اللاجئون الفلسطينيون بحقهم في العودة أو في قبول التعويض». ومن كندا إلى الولايات المتحدة نفسها. ويكفي أن نشير هنا إلى الدراسة التي أصدرها الباحثان جون ميرشهايمر وستيفان والت في 13/3/ 2006، والتي عرفت باسم «دراسة هارفرد». لقد أحدثت الدراسة ضجة كبيرة في العالم كله، وذلك بسبب المكانة العلمية الكبيرة التي يتمتع بها الباحثان، وبسبب مواقفهما المعروفة بالتعاطف ضد مأساة المحرقة النازية إزاء اليهود في الحرب العالمية الثانية، وكذلك بسبب صدور الدراسة (وإن بشكل غير رسمي) عن جامعة مرموقة مثل جامعة هارفرد. إن فكرة الباحثين الأساسية هي أن الولايات المتحدة الأميركية ترسم سياستها الخارجية في الشرق الأوسط بما يناسب حكومة إسرائيل، وليس بما يناسب مصالح الولايات المتحدة الأميركية، وأن ذلك يتم بسبب نفوذ وأساليب عمل اللوبي الإسرائيلي (لاحظ: اللوبي الإسرائيلي وليس اليهودي) داخل الكونغرس الأميركي، وهو ما يجب أن يتغير. وقد أقلق صدور الدراسة إسرائيل، وانتقدتها، ولكنها لم تستطع أن توجه تهمة اللاسامية إلى الباحثين. أما دلالات صدور هذه الدراسة فقد استوعبتها إسرائيل تماما، وفهمت أن الرأي العام الأميركي قد يتغير تجاهها، وأن هذه الدراسة هي نوع من البدايات. ولعل ما يؤكد أن هذه الدراسة هي نوع من البدايات فقط، أن باحثا أميركيا آخر هو مايكل ماسينغ، نشر مؤخرا مقالة تنتقد «دراسة هارفرد»، لأنها لم تكشف أساليب وتفاصيل عمل اللوبي الإسرائيلي (ايباك: اللجنة الإسرائيلية ـ الأميركية للشؤون العامة) في التأثير على أعضاء الكونغرس الأميركي لصالح إسرائيل. وأورد ماسينغ أمثلة محددة عن التبرعات التي تنظم ايباك تقديمها إلى المرشحين لتمويل حملاتهم الإعلانية، وتحجبها عن آخرين يعارضون إسرائيل فلا يصل صوتهم الإعلاني إلى الناخب الأميركي. وأوضح الباحث كيف تقوم ايباك بعد ذلك بتجهيز مشاريع القوانين الداعمة لإسرائيل، حيث يتبين في التصويت من هم أعضاء الكونغرس المؤيدون لإسرائيل، ومن هم المؤهلون بالتالي لتسلم المزيد من التبرعات المالية. ويورد الكاتب قولا لـ «إم. جي. روزينبرغ» الذي عمل في ايباك بين عامي 1982 ـ 1986، جاء فيه «عملت في الكونغرس عشرين عاما، وأي نقد لإيباك، أو معارضة لمشاريع قوانينها، سيعرض الشخص للخطر». أخيرا لا بد أن نشير إلى زيارة المفكر الأميركي الكبير نعوم تشومسكي، وهو يهودي، إلى لبنان، وتصريحاته ضد الإرهاب الإسرائيلي. وإلى نشاط رئيس بلدية لندن كين ليفينغستون ضد سياسات حكومة إسرائيل، وهو الذي قال في مقال له في «الغارديان»: «إن شارون مجرم حرب، ويجب أن يكون في السجن وليس على رأس حكومة». وأن نشير أيضا إلى مبادرة ناشطين أوروبيين إلى تقديم دعاوى ضد جنرالات إسرائيليين بتهمة أنهم مجرمو حرب، حتى أن جنرالات إسرائيل أصبحوا يتجنبون زيارة أوروبا، خوفا من الاعتقال. ماذا تعني كل هذه الشواهد؟ تعني أن العالم يعيش حالة يقظة ضد سياسة دولة إسرائيل تجاه الفلسطينيين والعرب، ويدين هذه السياسة بأنها عنصرية. ومع اتساع نطاق هذه المواقف يوما بعد يوم، تظهر هشاشة دولة إسرائيل، رغم أنيابها العسكرية البارزة. ولكن هل حكامنا العرب مقتنعون بهذه الهشاشة؟ إنه السؤال المر. (*) كاتب فلسطيني. (المصدر: صحيفة الشرق الأوسط الصادرة يوم 4 جوان 2006)