فيكليوم،نساهم بجهدنا فيتقديمإعلام أفضل وأرقى عنبلدنا،تونس Un effort quotidien pour une information de qualité sur notre pays, la Tunisie. Everyday, we contribute to a better information about our country, Tunisia
|
TUNISNEWS
11ème année, N°40834 du 04.09.2011
archives :www.tunisnew .net
حــرية و إنـصاف منظمة حقوقية مستقلة البريد الإلكتروني: liberte_equite@yahoo.fr تونس في 03/09/1432 الموافق ل 03/09/2011
بيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــان نداء الثورة يعود من جديد التشغيل استحقاق
نظم اليوم 3سبتمبر 2011مجموعة من الاساتذة المعطليين عن العمل منذ سنوات تكاد تفوق العشرة سنوات وقفة احتجاجية بساحة الحكومة بالقصبة بعد ان تم اسقاطهم من قائمة الناجحيين في دورة الكاباس وذلك خلال الاختبار الشفاهي الذي اجري خلال شهر اوت2011 وحيث وحسب البيان الذي تلقت منظمة حرية وانصاف نسخة منه فان هولاء الشباب المعطل عن العمل والذي اجتاز بنجاح الاختبارات الكتابية والشفوية لمناظرة الكاباس قد تم تسويفهم والتلاعب بحقوقهم بعد ان تلقووا عدة وعود من طرف وزير التربية الذي اكد ان اجتياز الاختبار الشفاهي ليس الا مرحلة شكلية ونفسية وسيتم على اثرها انتدابهم للعمل كاساتذة مرسميين نظرا لتوفر اماكن شاغرة ويذكر البيان ان الوزارة قد قامت بخروقات قانونية هامة اذ بعد اجتيازهم الاختبار الكتابي بنجاح تم توجيههم لما يعرف بالمدارس الصيفية قبل اجتيازهم الاختبار الشفوي وهو ما يعد خرقا للقانون وبعد اعلان النتائج النهائية لقبول الاساتذة وقع وعلى غير المتوقع اسقاط قرابة 700مترشح رغم نجاحهم فى المناظرة الكتابية والشفاهية وقد تحولت الاستاذة نجاة العبيدي عضو المكتب التنفيذي لحرية وانصاف لمساندة الاساتذة المعطليين عن العمل في مطالبهم الشرعية و المشروعة لتتوجه رفقة وفد عن الاساتذة المعطليين الى مقر الوزارة الاولى للمطالبة بضرورة حل هذا لاشكال بشكل جذري ونهائي بعيدا عن المماطلة وسياسة انصاف الحلول وبعد التذرع بعدم وجود اي مسؤول في الادارة في ذلك التوقيت حوالي الواحدة بعد الزوال غادر الوفد الوزارة لمواصلة اعتصامهم بساحة القصبة الا ان اعوان الامن الذين كانوا حاضرين بكثافة قاموا بالاعتداء على المحتجيين بالعنف اللفظي والمادي وقد اصر الاساتذة المعطليين مواصلة الاحتجاج الى ان يقع تمكينهم من حقهم في العمل مؤكدين انهم لن يتنازلوا عن حقهم ولو كلفهم الامر الالتحاق بصفوف الشهداء و عدم اعترافهم بالنتائج المعلنة من طرف الوزارة كما يطالبون بايجاد حل جذري وفوري للمظلمة التي سلطت عليهم لمدة سنوات متتالية
وحرية وانصاف تساند الاساتذة المعطليين عن العمل في مطالبهم الشرعية والمشروعة وتدعو كافة مكونات المجتمع المدني من منظمات وجمعيات حقوقية واحزاب الى مساندة حق الشباب في العمل والعيش الكريم تدعو الحكومة المؤقتة الي ايجاد حلول جذرية وعاجلة كالاستجابة لحق الاساتذة المعطليين عن حقهم في العمل تذكر بان الشعار الاول والشرارة الاولى للثورة كان المطالبة بالحق في العمل والكرامة « التشغيل استحقاق.. ….. » تستنكر لجوء الحكومة المؤقتة الى سياسة المماطلة والتسويف وغياب الشفافية في التعامل مع استحقاقات شباب ما بعد الثورة تدعو الجهاز الامني الى ضرورة التعامل الحضاري مع المحتجيين والكف عن منهج العنف و الاعتداء على نخبة المجتمع وابناء الشعب المقهور والمظلوم
عن االمكتب التنفيذي لمنظمة حرية وانصاف الاستاذة نجاة العبيدي
شهدت معتمدية جبنيانة من ولاية صفاقس مساء يوم الجمعة تجددا لأعمال العنف على اثر خلافات نشبت بين عدد من أهالي عمادة المساترية ومنطقة أولاد أحمد من هذه المعتمدية. وتحاول السلط الجهوية والأمنية والعسكرية حاليا حسب ما أفاد به مصدر مسؤول بولاية صفاقس لمراسل (وات) بالجهة تهدئة الأوضاع وتطويق الخلافات بما من شأنه أن يحول دون اتساع رقعتها. وأكد المصدر ذاته أن تبادل العنف بين طرفي الخلاف لم ينجر عنه خسائر وإصابات تذكر. كما يشهد مقر معتمدية جبنيانة اعتصام عدد من أهالي اثنين من المحكوم عليهما بالسجن لمدة سنة بسبب تورطهما في قضايا مخدرات. ويطالب المعتصمون بالإفراج عن هذين الشخصين بدعوى أنه تم اعتقالهما على خلفية أحداث الشغب التي عرفتها المنطقة منذ حوالي الشهر. يذكر أن هذه المعتمدية شهدت في بداية شهر رمضان المنقضي أحداث عنف وشغب أسفرت عن خسائر مادية فادحة وإصابات في صفوف العشرات من المواطنين في كل من مدينة جبنيانة وعمادة المساترية بسبب خلافات بين أفراد من المنطقتين إلى جانب جرائم سرقة وعنف.
(المصدر: جريدة « الصحافة » (يومية – تونس) الصادرة يوم 3 سبتمبر 2011)
تونس (الشروق)
مجدّدا دوّى صوت الرصاص ليصيب ستة أفراد إحداهم أرداها قتيلة…حدث هذا خلال الليلة الفاصلة بين 1 و2 سبتمبر الجاري في مدينة سبيطلة الواقعة على بعد 30 كلم شرق ولاية القصرين ليطرح أكثر من تساؤل حول حقيقة ما حصل.
ما حصل، وفقا لما رواه شهود عيان، خلاف في أحد أحياء المدينة تحديدا حي الملاجئ انطلقت شرارته منذ مساء الاربعاء وتطوّر الى مواجهات مع الدوريّة المشتركة مساء الليلة الموالية فحصل اطلاق نار أصاب 6 مواطنين(بعض المصادر تحدثت عن 40 اصابة ) بينهم فتاة في السادسة عشرة من العمر توفيت على اثر اصابتها، تلته عملية اعتداء على المستشفى المحلي واطاره الطبّي وشبه الطبّي والاعتداء على حافلات للنقل العمومي واعتداء على أملاك خاصة.
الدكتور عادل الراشدي الطبيب المباشر مساء الواقعة روى لـ«الشروق» ما حصل « في حدود الساعة الحادية عشرة و50 دقيقة قدمت الى المستشفى سيّارة من نوع ايسيزي وعلى متنها 6 مصابين كانت اصاباتهم متفاوتة في الارجل واليدين واخطرهم في الفخذ بالاضافة الى اصابة فتاة في جبينها وقد كانت مفارقة للحياة». وأضاف «كانت هناك حالة تشنّج في صفوف المرافقين لذلك خشيت ابلاغهم بوفاة الفتاة لكنهم تعمّدوا في البداية الاعتداء عليّ وعلى الممرض بالعنف اللفظي ثمّ تطوّر الامر الى الاعتداء البدني واعتدوا على المستشفى». كما قال إنّه سيرفع قضيّة شخصية على المعتدين بالتوازي مع القضيّة التي سيرفعها المكلّف بالنزاعات في وزارة الصحّة العموميّة.
وحول الخسائر التي لحقت المستشفى المحلّي قال المسؤول الاول في المستشفى بشير حاجي انّه تمّ الاعتداء على تجهيزات قسم الاستعجالي بالكامل من ذلك تهشيم المقاعد والمكاتب كما تمّ الاستيلاء على «الكاسة» وفيها مبلغ قيمته 500 دينار وكذلك الاعتداء على صيدلية المستشفى وسرقة ألف «حربوشة» من أدوية الأعصاب المخدّرة وهي أدوية ممنوعة ولا يتم منحها للمرضى إلاّ بترخيص من الطبيب.
ووصف حاجي ما حصل في المستشفى المحلّي بالجريمة والمخطّط المسبق «بعد أخذ تلك الكمّية من الأدوية أعتبر أن نيّة السرقة كانت موجودة لدى المعتدين لأنّهم أخذوا نوعا معيّنا من الأقراص المخدّرة».
وأضاف حاجي «ما وقع ردّة فعل على ما حدث من تصادم مع قوّات الامن والجيش لكن ما دخل المستشفى والاطار الطبّي والمرضى المقيمين من اضطرّوا للهروب بعد الاعتداء على المكان».
كما قال إنه تمّت سرقة حاسوب من المستشفى مؤكّدا أنه تمّ تهريب سيّارات الاسعاف حتّى لا تتعرض للحرق.
من جهة أخرى قالت مصادر بوزارة النقل إنّه تمّ حرق حافلتين للنقل بين المدن وتهشيم بلّور أربع حافلات للنقل الحضري وتهشيم واجهة المحطّة. وقدّرت مصادرنا الخسارة الأوليّة بـ200 ألف دينار.
وفي قراءة لأسباب ما حصل من اعتداء على الملك العمومي حدّ التخريب أوضح حسّان القصّار أستاذ علم الاجتماع بجامعة تونس أنّ الاعتداء على الملك العمومي أو ما يعرف بـ«رزق البليك» لدى العامة كان يحدث في السابق كتشفّ من السلطة…لكن المعتدين لم تكن لهم القدرة على الاعتداء على مركز أمن أو مستشفى وغيره لكن بعد الثورة أصبح المواطن يشعر أن كل ماهو عمومي أصبح ملكه وفي اطار غضبه على السلطة يعتدي على هذا الملك.
وأضاف أن خطأ ما حدث منذ البداية أي بعد 14 جانفي حين خطب كبار المسؤولين في الشعب يعدونهم بالجنّة وكأنّ المشكل الاساسي كان في وجود بن علي وحده على رأس السلطة وانّ ازاحته وازاحة آل الطرابلسي ستفتح أبواب الجنّة للشعب لكنّ هؤلاء خطبوا ولم يضمنوا تحقيق ذلك لهذا ظهرت حالة من الغضب على السلطة الحالية فالثورة قامت من أجل تحسين الوضع المعيشي للأفراد لكنه لم يتم ذلك. وتوقّع أستاذ علم الاجتماع مزيدا من التشنّج في الجهات وربّما بأكثر حدّة.
أسماء
وزارة الداخلية: وفاة الفتاة ناتجة عن رصاصة طائشة
انطلقت أحداث مدينة سبيطلة يوم أول أمس الخميس 1 سبتمبر 2011 على الساعة الحادية عشرة ليلا على إثر شجار نشب بين عرشي أولاد بن نومة والدزيرية خلال حفل زفاف، وقد آلت هذه الأحداث إلى تبادل العنف الشديد باستعمال بنادق صيد وآلات حادة وهراوات. وقد تطور الاشتباك ليتحول إلى عمليات حرق عجلات مطاطية وحاويات الفضلات بالطريق العام وسلب المارة بتعمد قطع الطريق قبل التحرك نحو مركز الشرطة قصد حرقه.
وقد استوجب هذا الوضع الخطير تدخّل دورية أمن مشتركة بين قوات الأمن الداخلي وقوات الجيش الوطني التي سرعان ما تم محاصرتها من قبل مجموعة من المعتدين (1000 نفر) الذين تولوا رشقها بالحجارة والزجاجات الحارقة مما أدى إلى إصابة أحد العسكريين بجروح بليغة.
وقد قام العنصر العسكري بإطلاق عيارات نارية في الفضاء لتفريقهم بعد استنفاذ جميع إجراءات الإنذار.
وتجدر الإشارة إلى أن الشجار الحاصل بين أفراد العرشين أسفر عن وفاة فتاة عمرها 17 سنة، وقد تعذر على الطبيب المباشر للمستشفى المحلي تحديد سبب وفاتها حيث تم منعه من معاينة جثمانها من قبل أفراد عائلتها الذين نقلوها عنوة إلى مكان مجهول. وأمام اصرار الجانب العسكري على عرض جثمان الفتاة المتوفات تبين أن الهالكة أصيبت برصاصة طائشة. بالإضافة إلى ذلك فقد أصيب أربعة أشخاص بجروح متفاوتة الخطورة، اثنان منهم أصيبا برش بنادق صيد وإثنان بآلات حادة.
وفضلا عن ذلك نتج عن هذا العمل الإجرامي حرق مركز الأمن الوطني بالمكان وثلاث حافلات بمحطة النقل البري وتهشيم الواجهة الأمامية للمستشفى المحلي وإتلاف المعدات الطبية الموجودة بقاعات العلاج والإضرار بمقهيين اثنين وثلاث شاحنات وسيارة مدنية ونهب محل مجوهرات ومخزن بيع مواد بناء بالجملة. هذا وقد عاد الوضع إلى حالته العادية فجر أمس. منع الجولان بدوز الشمالية والجنوبية
تونس (وات)
قررت السلطات المحلية منع الجولان بدوز الشمالية والجنوبية من الساعة السابعة ليلا إلى الساعة الخامسة صباحا اعتبارا من يوم أمس 2 سبتمبر 2011.
ويأتي هذا القرار وفق بلاغ لوزارة الداخلية على اثر أحداث العنف التي نشبت نتيجة مناوشات بين مجموعتين من شباب دوز الشمالية ودوز الجنوبية يوم أول أمس الخميس 1 سبتمبر 2011 وأدت إلى حصول إصابات عديدة نتيجة التراشق بالحجارة واستعمال الأسلحة البيضاء وبنادق صيد وذلك رغم تدخل قوات الجيش والحرس الوطني للفصل بين المتشاجرين .ويرمي هذا الإجراء إلى تفادي تأزم الأوضاع. قبلي: أحداث عنف بمنطقتي القلعة والعبادلة
شهدت ليلة أول أمس الخميس منطقتا القلعة والعبادلة من معتمدية دوز الشمالية بولاية قبلي أحداث عنف نشبت على اثر مناوشات بين مجموعة من شباب المنطقتين انطلقت شرارتها منذ ليلة عيد الفطر المبارك.
وتصاعدت المناوشات ليلة الخميس مما أسفر عن سقوط 30 جريحا تم نقلهم الى المستشفى المحلي بدوز لتلقي الاسعافات الضرورية نتيجة التراشق بالحجارة واستعمال الأدوات الحديدية وبنادق الصيد الخاصة، وأسفرت هذه الاحداث عن حرق 3 منازل ومحطتين للتزود بالوقود على ملك شخصين من منطقة القلعة بالمدخل الشمالي لمدينة دوز.
ورغم تدخل قوات الجيش والحرس الوطنيين لوضع حد لهذه الأحداث الا أن البعض منهم عاد عند الصباح لتصعيد العنف وقطع الطريق الرابطة بين المنطقتين المتنازعتين والطريق الرئيسية الرابطة بين دوز ومدينة قبلي ومنع الأهالي من الالتحاق بعملهم.
وقام الاطار الطبي وشبه الطبي بالمستشفى المحلي بدوز بوقفة احتجاجية للمطالبة بتوفير الحماية الضرورية لهذا المرفق الصحي وللعاملين به خاصة وانه يقع بين المنطقتين المتنازعتين.
أسماء (المصدر: جريدة « الشروق » (يومية – تونس) الصادرة يوم 3 سبتمبر 2011)
يتواصل منذ يوم الجمعة غلق الطريق الرابطة بين مدينة سيدي بوزيد ومعتمدية الرقاب بسبب اعتصام ينفذه أهالي منطقة المطلق للمطالبة بتزويدهم بالماء الصالح للشرب.
وقد قام المعتصمون بتركيز عديد الخيام وسط الطريق على مستوى جبل المطلق (حوالي 7 كلم غرب الرقاب) ومنعوا مرور جميع العربات والمارين عبر الطريق. ولم تفلح الوعود المقدمة لهم في ثنيهم عن قرارهم.
وأكد عدد من المعتصمين لمراسل (وات) بالجهة ان الامر يتعلق بأكثر من 200 عائلة تعاني من العطش إلى حد اللحظة رغم وعدهم بتزويدهم بالماء الصالح للشرب منذ سنة 2008.
وفي جانب آخر، قامت مجموعة من المواطنين بقطع الطريق الرابطة بين معتمدية السبالة من ولاية سيدي بوزيد ومعتمدية سبيطلة من ولاية القصرين وذلك على خلفية أحداث سبيطلة خلال اليومين الماضيين.
كما تم إحراق عجلات مطاطية وسط الطريق من جهة المدخل الشرقي لمدينة سبيطلة مما أدى إلى تعطيل مرور جميع العربات نحو سيدي بوزيد وصفاقس والقيروان.
(المصدر: جريدة « الصحافة » (يومية – تونس) الصادرة يوم 3 سبتمبر 2011)
علمت كلمة أن قاضي التحقيق بالمحكمة العسكرية بتونس العاصمة أطلق سراح عشرة أعوان و إطارات أمنية تم إيقافهم على خلفية الأحداث التي شهدتها مدينة الوردانين يوم 15 جانفي الماضي و التي ذهب ضحيتها ستة مواطنين إضافة إلى عدد من الجرحى. و قد علمنا أن إطلاق سراح الأعوان و الإطارات الأمنية تم بعد صدور تقرير اختبار الأسلحة الذي اثبت أن الخراطيش و الرصاصات الموجودة على أجساد شهداء الوردانين لا تنطبق مع مواصفات الأسلحة التي يستعملها أعوان الأمن . كما اثبت للتحقيق العسكري أن المدعو قيس بن علي الذي دارت حوله المواجهات لم يكن موجودا مع القافلة الأمنية التي كانت متوجهة إلى مدينة الوردانين في دورية لإنقاذ مركز الأمن بالمدينة بعد أخبار تفيد تعرضه للنهب.
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – تونس)، بتاريخ 3 سبتمبر 2011)
VERITE-ACTION
هل تسعى الهيئة العليا للانتخابات الى انتخابات نزيهة بالفعل؟
مرة أخرى تثبت لنا الأحداث نحن في جمعية الحقيقة و العمل أن لجنة الانتخابات ليست جادة في القيام بدور أمين حتى تمر العملية كما يأمل الشعب التونسي. إن ما قامت به هذه اللجنة من شطب عدد كبير من أسماء المواطنين من القوائم الانتخابية في داخل البلاد و خارجها ( بحسب ما بلغنا إلى حد الآن)، هذا الشطب إنما ينبئ بما بعده و يكشف منذ البداية على طبيعة المسار الذي يراد له أن يكون مسار التدليس و الغش. و لقد ثبت هذا التلاعب في تونس العاصمة و كل من سويسرا و ألمانيا وفق معلوماتنا المؤكدة. فبعد فضيحة قوائم الموتى التي لم نسمع بشأنها إجراءات دقيقة و جدية (حجم الظاهرة و ما اتخذ من إجراءات بشان المتورطين في مثل هذا التدليس الفاضح، الإعلام الشفاف بشان هذه المسالة دون مواربة، ..)، ها نحن نسمع الآن بفضيحة اشد وقعا و تتصل بحرمان مجموعات من المواطنين بالداخل و الخارج من التسجيل بالانتخابات بحجة عدم نقاء سجل سوابقهم العدلية و الحال أن كل هؤلاء حوكموا سياسيا في ظل الرئيس « الغائب » الى حين. إن اعتماد بيانات قديمة مسلمة من وزارة الداخلية تحتوي معطيات تجاوزها واقع الثورة و ذلك باحتوائها على أحكام جائرة صدرت في عهد المخلوع لها دلالات خطيرة تهدف إلى إفشال المسار و خلط الأوراق و بعثرة الملفات و بث الفوضى لتنتفع منها قوى الردة. لنا أن نتساءل لماذا يكون التعليل بان من شطب اسمه متعلق به أحكام مخلة بالشرف هكذا و كان من قام ضد المخلوع وحوكم وقهر وتعذب و استشهد مازال و بعد الثورة في عداد المجرمين و الخونة للبلاد و حسبنا أن هذا هو خطاب المخلوع و أذياله و معناه أن وزارة الداخلية مازلت على نفس المنهج و العقلية و الممارسة. ولقد ساعد الاعتماد على آجال قصيرة (تخللها غلق مطول و غير مبرر في أيام العيد) في حصول الإرباك لدى المواطنين على مستوى التثبت من التسجيل في القائمات, و الترشح لرئاسة مكاتب الاقتراع و الآن لتقديم قائمات الترشح. إننا في جمعية الحقيقة و العمل نتساءل: هل هناك معنى لمرسوم العفو العام و مازال المناضلون يقفون أذلاء على أبواب مراكز الأمن و الإدارات المختصة تتجاذبهم الممارسات المهينة و المماطلة و التسويف و حتى الابتزاز. وهل هناك معنى لمرسوم العفو العام حين يقع توقيف المناضلين بالمطارات و المواني بتعلة أنها متعلقة بهم أحكام منذ عهد المخلوع و عليهم أن يلفوا البلاد طولا و عرضا لتجميع القضايا المتعلقة بهم منذ عشرين سنة و انتظار قرار المحاكم لاستصدار العفو ثم مرسوم كف التفتيش ثم الذهاب إلى العاصمة لتنزيل طلب حذف الاسم من الجهاز الآلي لدى الشرطة العدلية بالقرجاني. إن هذه الممارسات ما هي إلا لعبة مكشوفة لتصفية المناضلين و حرمانهم من حقوقهم الأساسية و استمرار إذلالهم و تذكيرهم أن آلامهم لم و لن تنتهي حتى بعد الثورة التي جاءت لاسترداد حقوقهم المسلوبة. و لذلك فانه إذا لم يقع تفعيل العفو العام بكل معانيه تفعيلا فوريا، فان هيئة الانتخابات سوف تستغل هذه الاخلالات و تواصل الإضرار بالمسار الانتخابي و دفع التجربة إلى فشل محقق يخيب آمال الشعب و يورثه اليأس و الإحباط. إننا في جمعية الحقيقة و العمل نؤكد أن ما سبق يدلل إن هذا الهيئة المنصبة و غير الممثلة لقوى المجتمع المدني و السياسي التونسي تواصل العمل على أجندة مريبة قد تكون من نتائجها تدليس الانتخابات و تزويرها مما يمس بمصداقية الثورة و يؤدي إلى إفشال التجربة الديمقراطية و المس بسمعة تونس بإظهار عدم القدرة على إنجاح أول تجربة بعد التحرر. إننا في جمعية الحقيقة و العمل ننبه إلى خطورة هذا النمشي و الاستمرار فيه و ندعو أمناء الثورة و كل الغيورين على مصلحة تونس العليا من أحزاب سياسية وجمعيات حقوقية إلى القيام بواجبهم و التوحد لتصحيح مسار النمشي الانتخابي و ذلك بإسقاط كل مرجعية قانونية للفترة البائدة و اعتماد حق كل مواطن في الانتخاب على أساس بطاقة التعريف الوطنية و لا غيرها، مع التأكد من عدم إمكانية التلاعب بالقائمات و ذلك بإضفاء شفافية كاملة على عمل هذه الهيئة. كما نؤكد أن أحرار هذه البلاد لن يعدموا الوسائل لفضح هذه الممارسات و منع استمرارها. إن الوفاء للشهداء و الجرحى و للذين تعذبوا و تشردوا و حرموا يحتم على الجميع أن لا نضيف معذبين جدد و مشردين جدد و ذلك بالتغافل عن فرض انتخابات شفافة و نزيهة يسجلها التاريخ سبقا أخر لتونس الثورة. جينيف في 2 سبتمبر2011
جمعية الحقيقة و العمل رئيس الجمعية عماد العبدلي
افادت الهيئة الفرعية للانتخابات بقابس صباح اليوم ان اربعة قائمات تحصلت علي وصول وقتية منذ فتح باب الترشحات للمجلس الوطني التاسيسي .
و ذكر رئيسها حسين الجربي لراديو كلمة ان القائمات المذكورة ستتحصل علي الوصول النهائية نظرا لاحترامها الشروط المعمول بها خاصة مقاييس التناصف و التناوب و اضاف انه وقع الي حد الان تسجيل ترشح قائمة مستقلة وحيدة تحمل تسمية العريضة الشعبية للحرية و العدالة و التنمية الي جانب فروع احزاب التقدمي الديمقراطي و النهضة و حركة الشعب .
و في نفس الاطار افادت مصادر مطلعة لكلمة ان الناشط النقابي و امين عام الجامعة العامة التونسية للشغل الحبيب قيزة سيتراس قائمة مستقلة في جهة قابس يستعد اعضائها لتقديم ترشحاتهم خلال الساعات القليلة القادمة . و تجدر الاشارة الي انه يوم 7 سبتمبر سيكون تاريخ اخر اجل لقبول الترشحات.
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – تونس)، بتاريخ 3 سبتمبر 2011)
تقدمت إلى اللجنة الفرعية إلى حدود إغلاق مقرها يوم أمس ستة قوائم لانتخابات المجلس التأسيسي منذ الإعلان عن فتح باب الترشح منها أربع قوائم مستقلة و تهم الأولى قائمة بلدي الحبيب للسيد فوزي بن علي الميلي فيما تهم الثانية قائمة المستقلون وترأسها سوسن بن محمد بوزير اما القائمة الثالثة فهي قائمة الكرامة و العدالة و السلم الاجتماعية و يرأسها محمد نجيب الحداد والرابعة قائمة لعريضة الشعبية للحرية و العدالة و التنمية و يرأسها عبد المنعم كرير فيما تقدمت حركة النهضة بقائمة برئاسة محمد نجيب مراد و الديمقراطي التقدمي برئاسة محمد نبيل بن صالح السخيري. وينتظر أن تتقدم عديد الأحزاب بقوائمها خلال الأيام القادمة و خصوصا الأحزاب الدستورية التي ستتقدم بقائمات مستقلة حسب مصادرنا.
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – تونس)، بتاريخ 3 سبتمبر 2011)
باردو – بناء نيوز – منير بودالي
دعا عبد الكريم الهاروني القيادي في حركة النهضة أمس أنصار حزبه إلى التصويت لفائدة أي مرشحين غير نهضويين إذا رأى الناخبون أنهم افضل وأولى. وقال الهاروني خلال كلمة ألقاها في احتفالية شعبية تنشيطية نظمها المكتب المحلي لحزب النهضة بباردو وتمت بالساحة الاستراتيجية وسط المدينة التي تؤوي مقرات مؤسسات سيادية هي مجلس النواب ومجلس المستشارين والمجلس الدستوري (منحلّة بعد الثورة)، إن حركة النهضة ستقدم قوائم انتخابية للمجلس الوطني التأسيسي في كافة الدوائر الانتخابية، وهو ما بدأ فعلا بصورة متتابعة. ودعا عضو المكتب السياسي المسؤول عن قطاع الشباب وسط حشد كبير من مختلف الأعمار، إلى أن يختار الشعب ممثليه بحرية تامة تكريسا للارادة المستعادة وللسيادة التي أراد التونسيون استعادتها بفضل ثورتهم. وأكد الهاروني، الذي قضى سنوات طويلة في السجون وسُلب على مدى عشريتين من حقوقه المدنية والسياسية، أن هدف حركته أن يتكون المجلس التأسيسي من افضل ابناء الوطن المتقدمين للمنافسة، وأن الحركة تطلب من أنصارها ان لا يتعاملوا مع العملية الانتخابية بعقلية حزبية تنظيمية بل بروح وطنية منفتحة تنشُد الأصلح والأوفق، مؤكدا في الآن نفسه أن النهضة قدمت عناصر ممتازة وكفؤة لهذا الاستحقاق الوطني المصيري. على صعيد آخر تطرّق المتحدث إلى تصميم حزبه على الدفاع عن الحرية والكرامة والحقوق، منددا بسياسات القمع والاقصاء التي مورست على النهضويين وعلى غيرهم من القوى بالبلاد، ومتعهدا بالتصدي الحازم لكل محاولات الردة. وتولى مكتب باردو للنهضة تنشيط الاحتفالية ليلة أمس من خلال فقرات متنوعة حرصت على تشريك الجمهور واستمالته.
(المصدر: موقع « بناء نيوز » الإلكتروني (تونس)،بتاريخ 3 سبتمبر 2011)
تونس – بناء نيوز – نادية الزاير أصدرت كل من الجمعيات النسائية التالية: جمعية نساء تونسيات ،جمعية نساء و تكامل، جمعية تونسيات وجمعية حواء، بيانا مشتركا أعلنت من خلاله عن تشكيل « ائتلاف نسائي حر » تتمسك فيه بمبادئ مشتركة كأساس لبناء دولة حديثة قائمة على الديمقراطية، العدالة، المواطنة و الكرامة، وهي كالآتي : 1* التمسك بالهوية العربية الإسلامية للدولة. 2* التمسك بالديمقراطية كخيار حقيقي للإصلاح، قوامه المساواة أمام القانون واستقلالية القضاء وحرية الإعلام وشفافية المؤسسات الإدارية. 3* التمسك بتاريخ 23 أكتوبر موعدا لانتخابات المجلس التأسيسي، وبتحديد مدة عمله، حتى يستعيد الشعب سيادته و سلطة تقرير مصيره. 4* التنديد بجميع أشكال التوظيف السياسي للمرأة، وبالوصاية الداخلية والخارجية والأجنبية عليها. 5* التمسك بتشريك كافة الجمعيات النسائية دون إقصاء، سواء سياسيا وذلك للمساهمة في إنجاح المسار الديمقراطي شأن مراقبة شرعية و مصداقية الانتخاباتّ، أو اجتماعيا وذلك في دراسة و صياغة القرارات المتعلقة بالمرأة. 6* المطالبة بعدم المصادقة على المعاهدات الدولية ذات المساس بسيادة الدولة و بهويّتها العربية الإسلامية دون عرضها على الاستفتاء العام. (والمقصود بها اتفاقية « سيداو » التي قام مؤرخا المجلس البلدي برفع التحفظات عن بعض فصولها فيما يتعلق بالمساواة في الارث والحقوق بين الزوجين الخ..) 7* المطالبة بعدم تمرير أي مشروع تربوي أو ثقافي ذو مساس بالهوية العربّية الإسلامية دون إخضاعه للاستشارات الوطنية ( وهي نقطة تشمل مشروع الأفلام الوثائقية التي تعتزم جمعية صورة وصوت المرأة عرضها على الأطفال والشباب بترخيص من وزارة التربية و هي افلام تتضمن عدة نقاط ورسائل تربوية خطيرة ومثيرة للجدل). 8* التمسك بتطوير وتحديث المنظومة التشريعية والمؤسساتية للمرأة، وضبط استراتيجية عمل مفعلة بآليات تكرس حقوق ومكاسب المرأة في العمل والحياة العامة.
(المصدر: موقع « بناء نيوز » الإلكتروني (تونس)،بتاريخ 3 سبتمبر 2011)
محمود جبريلأعلن محمود جبريل رئيس المكتب التنفيذي في المجلس الوطني الانتقالي الليبي أنه أجرى اليوم السبت محادثات مع باجي قايد السبسي رئيس الوزراء التونسي في العاصمة تونس، حول « الأمن المشترك » في تونس وليبيا اللتين تعيشان مرحلة انتقالية بعد الإطاحة بنظامي الرئيس زين العابدين بن علي والعقيد معمر القذافي. وقال جبريل للصحفيين إنه بحث مع السبسي مسائل تهم « الأمن المشترك (التونسي- الليبي) في الفترة الحالية والعاجلة، وعلى الأمد البعيد، وسبل تحقيق الأمن على المستوى السياسي والاقتصادى والعسكرى » دون تقديم مزيد من التفاصيل في هذا الشأن. واقترح جبريل البدء في إقامة « حوار » بين شباب بلدان تونس ومصر وليبيا « يكون معينا لهم في تأسيس أطر دولهم » التي شهدت ثورات أطاحت بأنظمة الحكم. وأشاد جبريل الذي كان برفقته كل من محمود شمام المتحدث باسم المجلس الانتقالى، ووزير العدل الليبي محمد العلاقى، بما قدمته تونس من دعم لبلاده منذ انطلاق الثورة الليبية منتصف فبراير الماضي. واستمرت المحادثات بين جبريل والسبسي حوالي 45 دقيقة وحضرها من الجانب التونسي وزيرا الدفاع والداخلية والجنرال رشيد عمار قائد أركان الجيوش التونسية الثلاثة (البر والبحر والجو). يذكر أن تونس اعترفت بالمجلس الانتقالي الليبي يوم 21 أغسطس الماضي. ومنذ انطلاق الثورة الليبية، لجأ نحو 100 ألف ليبي إلى تونس هربا من المعارك الضارية بين الثوار وكتائب القذافي. وتخشى تونس التي ترتبط مع ليبيا بحدود برية مشتركة طولها 459 كيلو مترا أن يتأثر أمنها بحالة عدم الاستقرار التي تعيشها جارتها. وأعلنت تونس في أكثر من مناسبة اعتقال مسلحين ليبيين موالين للقذافي كانوا يخططون لتنفيذ أعمال « إرهابية » على أراضيها.
(المصدر: صحيفة « الأهرام » (يومية – مصر) الصادرة يوم 3 سبتمبر 2011)
بقلم: صالح عطية ـ لكل ثورة دفاترها… ولأن الثورات فعل في الزمن.. والتاريخ.. ولحظة من المستقبل، نشرع في سلسلة من المقالات التي تحاول أن ترسم أبرز دفاتر الثورة التونسية.. الدفاتر التي تؤرق الثوار.. وتزعج السياسيين وصنّاع القرار… وعسى أن نرضي شهداءنا الذين كانوا مصباحنا في ظلمتنا التي استمرت لعقود… بدأت رائحة «المستقلين» تفوح من كل مكان في البلاد، بعض هؤلاء جزء من «ماكينات» حزبية، والبعض الآخر رد فعل على «أوضاع» محددة داخل الأحزاب، فيما يرغب آخرون ممن لم تستوعبهم خريطة الأحزاب، لأسباب فكرية أو سياسية أو عقائدية (إيديولوجية)، في أن يكونوا أحزابا «من نوع خاص»، فلا هم تشكيلات حزبية، مثلما يقتضيه مفهوم الحزب و«طقوسه» التنظيمية المعروفة، ولا هم مستقلون بالمعنى المتعارف عليه في التجارب التعددية والديمقراطية في العالم.. صحيح أن المشهد السياسي والحزبي بعد ثورة الرابع عشر من جانفي، بات مثل «مخبر التجارب»، أي انه مفتوح على صيغ وتعبيرات وأشكال عمل سياسي واجتماعي مختلفة، وبعضها غير مسبوق في البلاد، لكن الصحيح أيضا، أن تجارب المستقلين في بلادنا، محدودة والكثير منها لم يتبلور في شكل «نماذج» لها خصوصياتها ودائرة تحركها وتحالفاتها، لذلك ظلت على امتداد الأربعين عاما الماضية (وتحديدا خلال فترة حكم المخلوع)، ديكورا للمشهد الانتخابي، أو في أحسن الأحوال، رقما خارج المعادلة، يتم استخدامه لتسويق «الوجه الديمقراطية» للانتخابات، ولذلك كان يتم «انتاجه» مرحليا، والسيطرة عليه بصورة محبكة، حتى لا ينفلت من العقال الذي وضع له، ويتحول الى حراك حقيقي، وهو ما كان النظام السابق يخشاه ويحذر منه، في سياق مقاربته الأمنية التي تعتبر «فئة المستقلين»، مثل أولئك الضباط الخارجين عن الصف… تســــــــاؤلات.. فهل تغيرت هذه الصورة المتعارف عليها بالنسبة للمستقلين؟ هل المشهد السياسي الراهن، قادر على افراز «نمط» جديد من المستقلين يستجيب لطبيعة المرحلة الحالية واستحقاقاتها القادمة؟ بل نكاد نطرح الأسئلة الأهم: هل نحن بحاجة فعلا الى المستقلين في الانتخابات المقبلة؟ هل أن وجود أكثر من مائة حزب في البلاد، يبرر وجود «مستقلين» مثلما يريد أن يقنعنا البعض؟ أسئلة كثيرة تتدافع أمام المرء وهو يتابع «حركة» المستقلين هنا وهناك، ولعبة الشد والجذب بين الاحزاب وبعض الشخصيات. ومع ولادة «التحالف الديمقراطي المستقل» قبل نحو أسبوع، كان لا بد من وقفة لفهم خلفية هذا المولود، وطبيعته، و«وضعه الصحي» وأفقه السياسي، وعلاقته بالاستحقاقات المقبلة… فقد ولد هذا «التيار» من رحم تراكم أعقب ثورة 14 جانفي، بعد محاولات من قبل شخصيات سياسية، مثل السادة حمودة بن سلامة ومصطفى الفيلالي والصادق بلعيد وقيس سعيّد، الذين نشروا نصوصا حول الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة، والمرسوم المتعلق بانتخابات المجلس التأسيسي، وتنظيم السـلط في تـونس(1)، وتنقل هؤلاء في بعض المدن التونسية لشرح وجهة نظرهم من قضايا قانونية ودستورية وسياسية، من موقع «المستقلين» كما كانت لبعضهم مقابلات مع رئيس الوزراء في الحكومة المؤقتة السيد الباجي قائد السبسي.. غير أن هذه التحركات، اصطدمت بـ«الحزبية الجارفة» التي كانت معطلة لأية فعاليات خارج الأطر الحزبية، الى جانب هيمنة الزخم الثوري خلال الأشهر الأولى التي أعقبت الثورة، ما حال دون تطور هذا «الحراك المستقل» الى إطار «تنظيمي» واضح المعالم، قبل أن تتفتت هذه الجهود، ويخلد كل واحد من هؤلاء الى «الراحة القسرية».. معركة «كسر العظم» في تلك الأثناء، كان الأستاذ عبد الفتاح مورو يخوض معركة ذاتية وموضوعية في آن معا.. من الناحية الذاتية، بدا الرجل مترددا أمام «الاستقلال» التام عن «حركة النهضة» التي كان أحد مؤسسيها قبل أكثر من أربعين عاما، عندما أطلت تحت مسمى «الاتجاه الاسلامي»، ترددٌ غلُب عليه حساب التاريخ وترتيبات المستقبل وضغوط «الاخوان».. ومن الناحية الموضوعية، كان الاستاذ يحاول أن يقرأ حسابا لـ«قواعد النهضة» ولشعبيته المتزايدة، ولنظرة خصومه السياسيين، ولعلاقاته ـ ربما ـ بأطراف فاعلة في الحكومة… ويبدو أن الرجل كان «يختبر» ـ من الوجهة السياسية العملية ـ مدى نجاعة «وضعه الجديد»، بعيدا عن «النهضة» وحواشيها، وعلى التماس مع تيارات أخرى داخل الساحة الاسلامية.. لكن هذه «المعركة» سرعان ما انتهت الى شبه قطيعة مع «النهضة»، عبر الدخول في مفاوضات مع الشخصيات المستقلة التي كنا ذكرنا هويتها، ومع عدة أحزاب «وسطية»، أو هكذا تطلق على نفسها، أثمرت ـ في المحصلة ـ اتفاقا على انشاء «التحالف الديمقراطي المستقل»، الذي شهد انضمام الوجه الاعلامي والحقوقي المعروف صلاح الدين الجورشي. فهل نحن أمام تيار مستقل فعلا؟ وما هي هويته الفكرية والسياسية؟ ولماذا ولد في هذه الفترة بالذات؟ وكيف تشكل بنوع من الفسيفساء المثيرة للجدل؟ وبأي معنى تبدو «استقلالية» هذا التحالف الجديد؟ وعمن وإزاء من؟ وكيف يكون التحالف مستقلا وهو يضم عدة أحزاب؟ وأي معنى للديمقراطي ضمن هذا التحالف، في ظل الزخم الديمقراطي على اليمين وعلى اليسار، وحتى في الوسط، إن كان ثمة وسط في المشهد السياسي حقا؟ وهل يقبل هذا التحالف بمستقلين من اليسار أو من القوميين؟ واللافت للنظر في ذات السياق، كما يرى عديد المراقبين، أن الصفة «الاسلامية» للتحالف، ووجود عدة أحزاب ضمنه، تنزع عنه الطابع المستقل.. وربما كان من الأجدى بأطرافه أن يطلقوا عليه «الوسطي» بدل «المستقل»، حتى لا يحدث الأمر بعض التشويش الحاصل لدى الكثير من الملاحظين حاليا… مورو.. و«النهضة» لا شك أن هذا التحالف المنضوي تحت جناحي الأستاذ عبد الفتاح مورو الذي يحاول الاستفادة من «الكاريزما» الهائلة للرجل، وقدرته على الاقناع، وجاذبيته الشعبية الواسعة، مطالب بالاجابة المقنعة والصريحة على تلك التساؤلات وغيرها، لأنه لا يكفي أن تكون «ديمقراطيا» في اطار من التحالف الواسع، لكي تكون مستقلا! لكن في المقابل، ألا يمكن القول أن التحالف نجح ـ على الصعيد النفسي على الأقل ـ في زعزعة حالة الاستقرار التام التي تعيشها حركة «النهضة» منذ الثورة؟ ألا يكون قد وضع لبنة باتجاه خلخلة البنية السياسية والتنظيمية لهذه الحركة، ليس باتجاه تفتتها وتشظيها ـ كما يتبادر الى أذهان البعض ـ ولكن باتجاه إعادة النظر في الكثير من المسائل المهمة، سواء في علاقتها بمكوناتها أو بأرضيتها الفكرية، أو بتعدد مراكز القوى داخلها، أو بالسياق الوطني العام الذي تتحرك فيه؟.. لكن، هل بوسع هذا التحالف أن يحدث كل ذلك في حركة «النهضة»؟! ربما حصل العكس تماما.. فقد يلتف النهضويون على أنفسهم في نوع من «الدفاع الذاتي» فيمنعون الاختراق، ويفسدون «طبخة» مورور ورفاقه، وهذا وارد في منطق السياسة وحبالها… قد نكون أمام منعرج سياسي هام، وقد نكون أمام محاولة جديدة فاشلة، من تلك المحاولات التي قام بها آخرون لتفتيت اليسار أو الحركة القومية… من دون أن ينجحوا.. ولعل المسألة المثيرة للجدل، على خلفية هذا التحالف، أن تشهد الساحة السياسية ولادة «تحالفات مستقلة» من رحم القوميين، وأخرى من تربة اليسار، وبذلك يكون لدينا مستقلون بألوان سياسية ايديولوجية، بمثابة «الحدائق الخلفية» للأحزاب… فما رأي «التحالف الديمقراطي المستقل»؟ هل ينجح في تحريك مياه آسنة في محيطنا السياسي؟ أم يكون جزءا من مياه جديدة، بدأت تنساب في المشهد الوطني، دون أن يكون لها منتهى واضح؟ بصرف النظر عن نتائج هذا الحراك.. فنحن أمام دفتر مهم من دفاتر ثورتنا.. ألا وهو موضوع المستقلين في ديمقراطيتنا الناشئة.. وإلى دفتر جديد… ــــــــــــــــــــــ (1) كانت «الصباح» نشرت هذه النصوص في الإبان
(المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 3 سبتمبر 2011)
تونس (الشروق)
الاستاذ مصطفى الفيلالي ليس راضيا على أداء الهيئات والحكومة…الآن… فهو يرى أنه من باب أولى أن تنظر الحكومة الحالية في ما يهم الوضع الاستثنائي، لا أن تنتقل إلى «فعل» هو من مهام الهيئات المنتخبة. «الشروق» التقته
الأستاذ مصطفى الفيلالي، هو أحد أعضاء المجلس القومي التأسيسي انتخب عن جهة الوسط (القيروان) سنة 1956…. ساهم كما بقية الأعضاء في إعطاء وجه جديد لتونس، وفق فكر آمن بأن «الجمهورية» هي النظام الصالح لتونس…لكن ومن خلال جرد بسيط لأحداث يرى «شيخ» التأسيسي اليوم أن هناك أخطاء ارتكبت لعل أبرزها عدم احترام شروط النظام الجمهوري من تفريق بين السلطات إلى علوية الدستور على القوانين الإجرائية مما جعل بورقيبة يضع «الجمهورية» بين راحتي شخصه…
الأستاذ مصطفى الفيلالي يعتقد اليوم أن الحكومة الحالية متى نعتناها بالمؤقتة يجب عليها أن تتصرف وفق ذلك المبدإ وأن لا تقدم هي أو هيئات معينة من قبلها وغير منتخبة إلى أخذ صلاحيات المجلس التأسيسي المنتخب «محذرا» في شكل نصيحة من مواصلة هذا النهج داعيا إلى اعمال غربال للرشد السياسي في تونس…من هنا، من منظار التذكر والنصح كان السؤال الأول وقد طرحته عليه كالتالي :
ماذا تستذكر أستاذ مصطفى الفيلالي من صور وشواهد ومواقف إن لإنتخابات المجلس القومي التأسيسي أو لجهة الجلسة الأولى للمجلس يوم 8 أفريل 1956؟
دخلت المجلس التأسيسي بعنوانين إثنين : أولا كدستوري مناضل ومسؤول حزبي على منطقة القيروان ثم شاركت في مؤتمر صفاقس للحزب 1955 وقدمت التقرير الاقتصادي والاجتماعي والصفة الثانية كنت من أعضاء الهيئة الإدارية للاتحاد العام التونسي للشغل….حينئذ كنت في قائمة الجبهة الوطنية عن جهة الوسط لأن الانتخابات التي أسفرت عن الجبهة كانت ثلاثية الإتحاد العام التونسي للشغل واتحاد الصناعة والتجارة والحزب.
عند انطلاق أشغال المجلس التأسيسي كنت وزيرا للفلاحة ـ حكومة الباي برئاسة بورقيبة.
هل هناك قصص علقت بالبال قد تكون مشابهة لما يحدث اليوم مثلا من تجاذبات أو صراعات…حول تركيبة ومهام المجلس القومي التأسيسي؟
إن إعادة قراءة مداولات المجلس التأسيسي ومنذ جلساته الأولى تبين النزعات المفترقة التي اتضحت في مداولات المجلس حول القضايا الأساسية الكبرى …من المبادئ العامة فصياغة الفصل الأول تطلب بل ودعا إلى مناقشات وافتراق بين اتجاهين اثنين فقد تقدم الشيخ المرحوم الشاذلي النيفر» والشيخ «كشر يد» بصيغة : «تونس دولة عربية إسلامية » وهما اللفظتان الدالتان على مرجعية تونس.
وكانتا محل نزاع مع الجناح المحافظ داخل الحزب والذي كان يمثله المرحوم الباهي الأدغم… وكان الخوف من هذين اللفظين ناجما عن «فتنة صالح بن يوسف» باعتبار أن صالح بن يوسف استقوى بنظام جمال عبد الناصر وهو نظام القومية العربية كما هو معروف وفي هذه المدرسة الفكرية بذور لنزعة فوقية تعلو على الوطنية وكنا متمسكين بالوطنية التونسية فوق كل انتساب جهوي (اقليمي) ومن الاتهامات أو البراهين التي استعملها صالح بن يوسف أن قبول الاستقلال على انفراد من الجانب التونسي، هو طعن للثورة الجزائرية… حينئذاك كانت الحساسية مفرطة تجاه الوطنية الذاتية.
أما ما يتعلق بلفظ إسلامية فينبغي أن نتذكر بأن الحركة الاحتجاجية الإسلامية التي نشأت على أيدي «الإخوان المسلمين» في مصر وتحديدا على يد حسين البنّا كانت تلقي في «وادي النيل» انتشارا …ومعلوم أن جمال عبد الناصر كان يقاوم هذه النزعة بعد أن استعان بها وألقى في السجن برموزها…ووصل إلى حد قتلهم… بحيث أن الواقع كان هناك نقاش حاد على هذه الخلفية داخل المجلس التأسيسي وحسم بورقيبة بالصيغة المعروفة «الإسلام دينها والعربية لغتها» حصل الافتراق في الرد أي داخل المجلس حول قضايا أخرى كبيرة منها تسجيل الحقوق الإنسانية منها الحق في العمل والحق للمرأة في الانتخاب وأذكر في هذا الشأن أن «الرشيد إدريس» رحمه الله اقترح أن يعلق العمل بحق الانتخاب للمرأة لمدة عشر سنوات وأرجعها الباهي الأدغم في اقتراح إلى خمس سنوات يعلق حق المرأة في الانتخاب) وحسم الأمر السيد محمود الماطري عندما طالب المجلس بأن يسجل المبدأ دون شروط للآجال كذلك في ما يتعلق بحق العمل وحق الملكية كانت هناك نزعة سائدة في صفوف الحزب أو ممثلي الحزب (منهم الباهي الأدغم وغيره) أن الحقوق تسجل ولكن يوضع عليها استثناء بصيغة «حسب ما يضبطه القانون»… في ذلك انقلاب على علوية أحكام الدستور على القوانين الإجرائية في حين أن العكس هو الحقيقة شخصيا لم أكن من جانبا هذا الاعتراض أو التنقيص من سيادة المجلس ووقع بيني وبين السيد الباهي الأدغم جدل كبير حول حق الملكية الزراعية فكنت أطالب وطالبت بأن لا يقع أو يسجل الدستور أن الملكية الزراعية وقف على المواطن التونسي ولا حق للأجنبي في ذلك…وذلك اعتبارا إلى أن أكثر من مليون هكتار من أخصب المناطق الزراعية بالشمال والشمال الغربي كانت بأيدي المعمرين والشركات العقارية الأجنبية فاعترض على هذا الرأي.
لا أريدها حكرا على المواطن التونسي وكنا بصدد استرجاع أملاك تونس من الأجانب.
ماهي فلسفة الباهي الأدغم في ذلك؟
حفظا لإمكانية الاستثمارات حتى لا يهرب المستثمرون…هذه وجهة نظره…حتى أنه اتهمني من على منصة المجلس أني جلبت إلى تونس مفاهيم «الكيبوتسية».
لماذا وماذا كان يقصد؟
في شهر أكتوبر تجتمع المنظمة العالمية للزراعة (FAO)على مستوى وزراء الفلاحة في العالم واقتضى تنظيم القاعة في احدى الجلسات أن يكون مقعدي إلى جانب مقعد الوزير الاسرائيلي صافحني فصافحته وتحدثنا بالفرنسية فسألني هل اطلعت على نظام «الكيبوتس» وقلت له اطلعت على «الكيبوتس» و«المنشاف» وأجد فيها طريقة قد تكون ناجحة…فعرض عليّ أن أزور إسرائيل دون أن تختم سلطات (اسرائيل) جواز سفري…المهم لم أجبه…ولكن عندما رجعت إلى تونس قصصت على الباهي الأدغم والصادق المقدم هذه القصة ولامين الأدغم فقلت له : «مدّ يده فمددت يدي…فقال لو يسمع الرئيس (بورقيبة) فسوف يغضب منك فقلت له : سوف أتولى نقل ما نقلت لكما…) لهذا قال في المناقشة صلب المجلس إن الفيلالي أتانا بمنظومة «الكيبوتس».
المرأة مقصاة من المجلس التأسيسي ولم يكن لها لاحق التصويت ولاحق المشاركة في التـأسيسي وفي الدستور…لماذا حسب رأيك؟ القائمة الانتخابية كانت على أساس جبهة…لم تكن هناك نساء لا في الحزب…لا في الديوان السياسي ولا المجلس المحلي ولا أيضا في الاتحاد العام التونسي للشغل إذن غياب المرأة كان لسبب واقعي المرأة لم تكن حاضرة على الساحة السياسية…ولم تكن حاضرة في مجالات عامة أخرى…
ومجلة الأحوال الشخصية كيف جاءت إذن…أيعقل أن تكون منفصلة عن فعاليات المجلس التأسيسي بهذه الدرجة؟ في 14 أوت 1956 صدر قانون مجلة الأحوال الشخصية ولم يعرض على المجلس التأسيسي…ما يذكر أنه (القانون) أمر ملكي… وممضى من الحبيب بورقيبة ما يقال إن «الأمر» عرض على الباي فرفض التوقيع عليه هذا ما راج وقتها الديباجة فيها : نحن محمد الأمين باشا باي…
ولكن هل يصح هذا القانون أمر يعني الديباحة باسم الباي (السلطان)والإمضاء من بورقيبة؟
تحدثت فيه مع بعض رجال القانون فقالوا ليس سليما من الطعن فهو غير دستوري ولكن في 16 أوت وقع حل المجالس الشرعية ولم يعرض على المجلس كذلك…
هذا يعني أن الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة الحالية مرجعية في استباق قوانين استراتيجية لنص الدستور أكسب كذلك؟ فها نحن اليوم نشهد صدور مراسيم في حجم قوانين من المفترض أن تصدر عبر وبعد الدستور؟
هذا استباق للدستور لأن تلك القوانين من صلاحيات المجلس وهي هيئة غير منتخبة في سبتمبر أو أكتوبر 1956 كونّا لجنة لإصلاح التعليم أشرف عليها بورقيبة يقتضي توحيد المناهج…وبالتالي إلغاء التعليم الزيتوني وهذا القانون لم يعرض على المجلس التأسيسي. وفي عام 1957 كنت في الفلاحة وأحمد المستيري في العدل حررنا نص قانون لإلغاء الأحباس…ولم يعرض على المجلس التأسيسي…وتلك غلطة أدعو الله أن يسامحنا…بشأنها…
كيف؟
هناك الأحباس العامة، الصحة، مستشفى عزيزة عثمانة والتعليم الزيتوني والصادقية وهي من عهد خير الدين باشا نهاية القرن التاسع عشر وأحباس إقامة الطلبة، المدرسة القشاشية والعاشورية كان هناك 20 مدرسة إقامة من ذاك القبيل وكانت إلى جانب ذلك هناك الأحباس التعبدية مثل التحبيس على الحرمين الشريفين والتحبيس على الحي المغاربي في بيت المقدس أمام حائط البراق، هناك حي صغير فيه بيوت بناها مغاربة في المغرب والجزائر وتونس من أجل الزوار ليجدوا مكانا للإقامة إلى جانب الحرم القدسي لأن الحج في السابق لا يتم الحج من مكة والمدينة إلا بالحج إلى بيت المقدس.
هذه الأحباس، بجوانبها العامة تكفلت بها الدولة فهناك موازين للصحة والتعليم…ولم تبق حاجة إلى الأحباس. كانت هناك جمعية الأوقاف من عهد خير الدين بنهج جامع الزيتونة مقرها لم يكن حينئذ من السليم في التصرف الاقتصادي ان تبقى هذه الأحباس وأظن أن الدول الإسلامية كوريا وتركيا حسب رسالة من الشيخ الطاهر بن عاشور، تصرفوا مثلنا بأن الأحباس لا تمس أما الأحباس الخاصة والتي يرجع إلى أهل المحبس وذريته فكانت حالة إهمال وضعف الجدوى المالية والاقتصادية كانت تدعو إلى العلاج والتدارك كان هناك حزام أو هلال ينتشر من غابة سليمان بالوطن القبلي إلى زغوان فبنزرت ويمسح نحو 900 ألف هكتار ومعظم الأحباس الخاصة موجودة في هذا الهلال وكانت الزياتين مثلا موكول التصرف فيها إلى وكلاء معينين من إدارة جمعية الأوقات ومما هو معروف أن ما يصل من ربع هذه الأحباس، إلى المستحقين هو يمثل جزاء قليلا وأن العناية بهذه الأحباس من تقليم الأشجار وحراثة الأرض كانت عناية قليلة وضعيفة.
هذا النص لم يعرض على المجلس التأسيسي؟ ما سرّ ذلك…هل فيه جدل؟
لا…لم يعرض أيضا على بورقيبة سئل في ما يخص قانون مجلة الأحوال الشخصية فأجاب : لو عرض على النقاش لما استطعنا تحقيق نشره وتطبيقه وأن القرارات الحاسمة تؤخذ على عجل…وفي غفلة فكانت في نظري قرارات ثورية وهي التي أبدت النزعة الثورية في العقلية التونسية فيها خط ثوري يؤسس للحداثة وهذا يتصل بمفهوم الحداثة عن بورقيبة وهي تقتضي القطيعة مع الماضي لا إصلاح الماضي.
بخصوص مجلة الأحوال الشخصية يقال إن بورقيبة رنا من خلال هذا القانون إلى إحاطة نفسه في نزاعه مع بن يوسف بأصوات نصف المجتمع…وأن سرّ وقوفه إلى جانب تمكين المرأة من حقوقها وحق التصويت خاصة كان لأسباب إنتخابية على اعتبار أن غالبية سجلت مع بن يوسف هل صحيح ؟
لا أبدا…بورقيبة كان مؤمنا بحرمة الانسان وبحقوقه…وبصرف النظر عن جنسه لا يمكن أن تكون حرية المرأة في مرتبة مقاصد إنتخابية…معرفتي ببورقيبة تؤكد هذا وأقول إنه فعل ذلك عن يقين …بورقيبة كان رجل صدق أي التوافق بين الباطن والظاهر .
بالنسبة إلى المنعرج في المجلس : كيف عشت إعلان الجمهورية بعد أن كلف المجلس بإصدار دستور لملكية دستورية؟
عشته كأي مواطن في سنّ الشباب…عمري في الثلاثين. وأذكر أني كنت عام 1938 ووقعت حوادث 9 أفريل وهربنا من المدرسة الصادقية لأن السيد علي البلهوان كان في حالة إيقاف بشارع باب بنات (المحكمة) وجاء المتظاهرون لننادي جميعا برلمان تونسي في ذاك اليوم المشهود يوم 25 جويلية 1957 استذكرنا في المجلس زيتونيون وصادقيون ذاك اليوم المشهود كان هناك تصرف جماعي : عانقنا الجمهورية…لأننا نادينا بذلك طويلا من قبل لما كنا تلاميذ…. حينئذ عندما جاءت الخطب الحماسية لتأييد الجمهورية…وضرورة الخروج من النظام السابق…ولم يلتفت أي من المشاركين إلى ما يقتضيه النظام الجمهوري من تفريق السلطات والضوابط لماذا يلجأ إلى الجمهورية بعد الملكية لأن السلطة الملكية مزاجية فردية ولم يكن هناك من يفكر أن الجمهورية ستكون رهينة لدى بورقيبة.
كيف أفقتم كشباب طموح وحالم بجمهورية عادلة على حقائق الواقع : الجمهورية بكل سلطاتها بين أيدي بورقيبة وحده؟
بعد ذلك صدمنا بحقائق أخرى وأذكر أن جلولي فارس رئيس المجلس القومي التأسيسي لم يرتفع في خطابه إلى مستوى الحدث قدم سؤالين وكان الاقتراع فرديا هل توافق على الغاء النظام الملكي نعم أم لا والثاني هل توافق على النظام الجمهوري نعم أم لا بورقيبة قدم خطابا حاسما وارتفع إلى مستوى النداء أو الإيحاء بجمهورية وكان خطابه أكثر نقدا للماضي دون أن ينظر إلى المستقبل.
كيف تقبل الناس هذا الأمر الواقع؟
في حياة الشعوب تقع أحيانا محطات فيها التحام بين جميع مكونات المجتمع…يغلب العنصر العشائري في الخبر…كان يوما من الأيام الحاسمة…مثلا لذلك يوم دفن «سي المنصف باي» كان الجميع في موكب الجنازة كذلك الشأن بالنسبة لإعلان الجمهورية.
أطلب منك في الختام تحديد خمس أو لنقل خمس نقاط..كيف ترتبها وماهي أصلا؟
أولا في إعتقادي أن النظام الجمهوري له مقتضيات لم يلتفت إليها نص دستور 1959 وهو بالأساس التفريق المعتدل بين السلط والتفريق المتعاون بين السلط فالسلطة التنفيذية تغلبت على السلطة التشريعية وبالتالي لم يجعل آليات للتفريق بينها مثلما تقتضيه نظرية «مونتسكيو» «Montesque» ثانيا لم يحتط الدستور لقيام الحكم الفردي ولدرء خطر الإستبداد وقد وقعنا في الحكم الفردي والاستبداد بالرأي ثالثا : أهمل الدستور الذاتية الدستورية والقانونية للجهات فهو دستور تركيزي يمركز السلط في العاصمة وهذا ما نعاني من تبعاته إلى اليوم وقد اقترحت مؤخرا عبر الاعلام اقامة مجلس جهات مقابل مجلس النواب لتنفيذ وصنع القرارات بين هذه المؤسسات.
فقد غلبنا النظرة العمودية على النظرة الأفقية وأدت إلى الحكم مدى الحياة لفائدة شخص… رابعا : أخللنا بعلوية مبادئ نص الدستور وعلوية هذه الأحكام على باقي القوانين . ذلك أننا جعلنا التمتع بالحريات مشروطا بأحكام القانون…نجدها عبارة. في كل نص قانوني: حسب ما يضبطه القانون..
والحقيقة ان الدستور هو مرجع القانون..
خامسا: في الجانب الاقتصادي والاحكام الاقتصادية نجدها ضعيفة في الدستور… في ما يتعلق بالتكافؤ بين الانتاج والتوزيع… وتحرير الاقتصاد.. ليس هناك اقتصاد وطني مغلق، اي اختيار الاقتصاد يكون بقرار وطني. أعتقد اننا لم نعط الجانب الاقتصادي حقه ونصيبه في الاستشراف المستقبلي، لأن النخبة المكوّنة للمجلس التأسيسي، ضعيفة التكوين الاقتصادي أساتذة (الفيلالي بن صالح) أطباء ومهندسين لو نأخذ ملامح أعضاء المجلس التأسيسي سنجد ان التكوين الاقتصادي والاختصاص شبه مفقود.
هذا إضافة الى أن الدستور بما انه يقوم على الديمومة وعلى الانفتاح المقنّن..
من خصائص عقلية الحبيب بورقيبة انه كان يمتاز بمنطق اقصائي للحداثة… نحن غارقون في الحداثة كما قالها طه حسين، ونحن في الكثير من الجوانب مجبرون على الانصياع للحداثة يقع الدخول فيها من جانبين: إما ان يتجرد الانسان من الماضي ويتخفف من التراث، باعتبار ان الحداثة هي تطوّر أكثر منها جمود وهي عقلانية أكثر مما هي اتباعية…
الان كيف يمكن تفاديها… اي تفادي النقاط السلبية التي قدّمتها، ونحن مقبلون على مرحلة جديدة ومجلس تأسيسي جديد ودستور جديد؟ الكثير منها… (يضحك)… ثم يغرق بن مصطفى في تفكير لثواني فيقول: الثورة اشعلت عود كبريت في جسم مراهق شجاع… وحفت بها التلقائية والعفوية والصدق.. ولوّح شباب الثورة ببصره الى آفاق بعيدة… آفاق الطهر والبذل والاخلاص.. وآفاق معالجة قضايا الحاضر… في مظلة المستقبل… ونحن إذا بنا أثقلنا كاهل الثورة… بالمؤسسات التي يفرّق بعضها البعض… وبعشرات الأحزاب السياسية التي زجّت بنفسها في الحلبة، دون زاد ولا نظرة استشراف وغلبنا مقتضيات الحاضر على دعوة المستقبل… واتخذنا من الساحة السياسية حلبة، للتبارز والجدل العقيم..
كيف نتجاوز هذه العراقيل؟
نحن بحاجة الى ترشيد المسار وذلك يقتضي ان نغلّب الكيف على الكم… مائة حزب سياسي، ينبغي ان يفعل فيها غربال الرشد السياسي الى تنقيتها وارجاعها الى أصولها النظرية، فيصبح عددها لا يزيد على عدد أصابع اليد.
الهيئات الاستشارية ينبغي ان لا تتقمص مسؤولية القرار وليس لها ان تستبق مداولات المجلس التأسيسي وان تتخذ من القرار ما هو من حقّه وحده، بعد جدل مفتوح بين أعضائه..
مهما كانت المخاوف؟
الحكومة متى اضطلعت بمسؤولية القرار ليس لنا ان ننعتها بالمؤقتة قراراتها ليست وقتية… من ميزانية الدولة الى التعليم..
اذن كان ينبغي على هذه الحكومة ان تتصرف بذاك الموقف، وكان عليها ان تتصرف بحزم، والآن ينقصنا الحزم وعلى رأسها الأمن العمومي ومجال التصرف في الحرية لأن تصرفنا العام في الحرية اتصف بالتعسّف والمبالغة وبعدم احترام الضوابط… مثلا حق الاضراب عن العمل، الذي بادر به تنظيم عمالي مستحدث، هو حق دستوري معلّق في المجتمع الذي يكون في حالة حرب أو في حالة استثناء كما هي حال البلاد التونسية. فما بالنا نستهتر بحق مليون ونصف من سكان تونس في الذهاب الى مواطن عملهم بسبب اضراب وسائل النقل؟ وقد ترتب عن ذلك خسارة عشرة مليارات (مليم) لأن كل ساعة عمل لها ثمن…
التظاهر في الشوارع والاعتصام من الحقوق الدستورية لكن ممارستها ينبغي ان تكون معلّقة، اذا أدى ذلك الى خسارة المصلحة العامة، منذ أسبوعين قطع نفر من الشباب طريق ميناء رادس وتعطل الشحن بهذا الميناء لمئات من المؤسسات ويقدّر الاخصائيون بأن توقف ميناء رادس على النشاط يبلغ 3 مليارات فكان من الواجب الحزم وعلى الحكومة ان تتخذ المراسيم القاضية بتعطيل ممارسة هذه الحقوق، ولها في المواثيق الدولية المصادقة عليها الدولة مما يؤيد هذا الموقف، هذه من النقائص التي يعاني منها المجتمع.
لست متفائلا؟ … التشاؤم ليس من طبعي، لكن التفاؤل بمقدار..
فاطمة بن عبد الله الكرّاي (المصدر: جريدة « الشروق » (يومية – تونس) الصادرة يوم 3 سبتمبر 2011)
يكتبه كمال بن يونس ـ الاضطرابات الجديدة والعودة الى قطع الطرقات وخطوط السكك الحديدية تصعيد خطير ولعب واضح بالنار لمحاولة اجهاض الانتخابات أو افراغها من محتواها.. والسعي الى ان يكون المجلس المنتخب يوم 23 أكتوبر محدود التاثير.. خاصة اذا كانت المشاركة في الاقتراع ضعيفة.. لاسباب عديدة من بينها الاضطرابات الامنية والتعقيدات القانونية والسياسية « البيزنطية » والنقاشات التي تحف بها حلقات بعض خبراء الدساتيروالقوانين.. ومن بين ما يزيد الطين بلة الموجة الجديدة من اعمال العنف وحوادث قتل ابرياء في جندوبة وباجة ثم في القصرين وسبيطلة والعوينات وقبل ذلك في المتلوي وقفصة وسيدي بوزيد. مرة اخرى يتساءل المواطن التونسي: من يقف وراء اشعال الحرائق ؟ ومن المستفيد الاول من جرائم قطع الطرقات والسكك الحديدية والقتل والتعنيف للمارة والعمال والموظفين في مراكز عملهم من تونس الى بن قردان وتطاوين ومن رمادة الى القصرين والكاف وجندوبة وباجة ومنزل بورقيبة؟ ولماذا لا تتدخل قوات الامن والجيش بحزم اكبر لاعادة فتح الطرقات والسكك والمصانع والشركات المغلقة بسبب اضطرابات عشوائية نددت بها القيادة النقابية والاحزاب السياسية مرارا؟ وزارتا الداخلية والدفاع اعلنتا انهما لا تعملان على التدخل عندما يكون سبب التحرك اجتماعيا مطلبيا؟ لكن هل يعقل الصمت وان كان الثمن تعطيل حركة المرور على كامل الطريق الوطنية بما يعني تعطيل النقل بين الجنوب والشمال وبين تونس وليبيا؟ وهل يمكن التسامح مع غلق مجموعة من المعتصمين العاطلين عن العمل لمصنع الاسمنت بالنفيضة ومؤسسات الطاقة في جهة صفاقس وفريانة لمدة اشهر؟ وهل هناك مجال في عام 2011 لقبول » فبركة بلطجية » في القصرين وسبيطلة حينا وفي حي التضامن وفي مناطق الانطلاقة والزهوروالكرم الغربي بالعاصمة حينا اخر لشن هجمات على املاك الخواص وارزاقهم ومساكنهم وان كانت المبررات منطقية مثل التهميش والحيف والبطالة؟ لنسم القط باسمه.. وليقل القضاء كلمته فورا في زعماء المافيات الجديدة الذين يلعبون بالنار لمحاولة جر البلاد الى عنف خطير ستكون من ابرز ضحاياه العملية الانتخابية ومسارالاصلاح السياسي.. لا بد من البحث عن الجناة الحقيقيين الواقفين وراء « الفرن الكبير » والموقد » الحامي » وعدم الاكتفاء باعوان التنفيذ وان ثبت تورطهم في الحرق والقتل وفي السرقات والنهب والتكسيروالتخريب.. وليتوقف الساسة وخبراء القوانين والدساتير عن » تكسير » رؤوسنا بالاف المقترحات المعقدة.. على أن يكون المجلس المنتخب سيد نفسه دون تحفظ.. خاصة أن المؤشرات العلمية تستبعد فوز أي حزب باكثر من 20 بالمائة من الاصوات.. فشيئا من التعقل والوفاق.. حتى لا يغرق بلدنا الذي فتح صفحة مشرفة في تاريخ العالم العربي يوما في دوامة من الفوضى والعنف مجهول العواقب..
(المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 3 سبتمبر 2011)
تشهد فعاليات الدورة 26 للمهرجان الدولي لفيلم الهواة التي تنطلق اليوم في مدينة قليبية الساحلية التونسية مشاركة أكثر من عشر دول عربية وأوروبية منها لبنان وفلسطين والجزائر وإيطاليا وفرنسا وإيرلندا وتركيا، وتستضيف نحو ثلاثمائة من السينمائيين الهواة. وتتواصل فعاليات هذه التظاهرة السينمائية لغاية 10 سبتمبر/أيلول وتنظمها الجامعة التونسية للسينمائيين الهواة بالتعاون مع وزارة الثقافة التونسية. ويهدف المهرجان إلى النهوض بسينما الهواة ودعم التلاقي بين الثقافات بالمجال السينمائي، ومن المنتظر أن يشارك بفعاليات الدورة الحالية حوالي ثلاثمائة سينمائي من الهواة وطلبة مدارس السينما من تونس وعدد من الدول العربية والأجنبية. وسيفتتح فيلم ثقافات المقاومة للمخرجة البرازيلية أيارا لي فعاليات الدورة الجديدة، في حين ستخصص سهرة الاختتام لتوزيع الجوائز على الفائزين بالمسابقات المدرجة، وهي جوائز الصقر الذهبي والميدالية الفضية والميدالية البرونزية، إلى جانب جائزة لجنة التحكيم والتنويهات الخاصة. ويتضمن برنامج الدورة مسابقتين هما المسابقة الدولية، وهي مفتوحة لأفلام الهواة وأفلام المعاهد، ومسابقة أفلام الهواة والمستقلين وتضم أيضا مسابقة السيناريوهات ومسابقة التصوير الشمسي. كما يتضمن أيضا تكريم السينمائي التونسي الراحل الطاهر شريعة مؤسس أيام قرطاج السينمائية، وكذلك السينما المصرية قبل الثورة وبعدها والسينما الفلسطينية. وسيتم خلال الدورة تنظيم لقاء حواري مع الفنان حسن كاسي كوياتي من بوركينا فاسو للتعريف بتجربته التي تشمل العديد من الفنون مثل المسرح والسينما والموسيقى والرقص، إلى جانب تسليط الضوء على دور الثقافة بمساعدة سكان الأحياء الفقيرة.
(المصدر: وكالية يو بي أي (يونايتد برس إنترناشيونال) بتاريخ 2011)
على الأحزاب عقلنة الخطاب والابتعاد عن التجريح والتشاحن ـ لم يضع اقتراب موعد انتخابات المجلس التأسيسي حدا لحالة الانفلات الأمني والفوضى والاحتجاجات وأعمال العنف التي ما فتئت تظهر على السطح في أكثر من منطقة، فبعد المتلوي والمظيلة وجبنياينة ومنزل بورقيبة… عادت التشنجات الى الظهور في دوز وقبلي وقفصة وكانت أخطر في سبيطلة حيث أدت إلى سقوط ضحايا… أحداث الأيام الأخيرة اعتبرها مصطفى التليلي أستاذ في التاريخ الحديث بكلية العلوم الإنسانية 9 أفريل، دليلا وتأكيدا على وجود درجة من الهشاشة في البناء الاجتماعي التونسي فيكفي الشعور بضعف حضور أجهزة الدولة (رجال الأمن والمسيرين..) كي يتجه الأفراد إلى الاحتماء بالهياكل القديمة وهي القبيلة والعرش والحومة… والدخول في إطار اللاقانون. وأقر أستاذ التاريخ الحديث في السياق نفسه، أن تحميل أي جهة مسؤولية هذه الأحداث غير منطقي « فحتى وان فرضنا جدلا تواجد طرف متورط فذلك يحيلنا الى السؤال الحرج لماذا شمل كل هذه الأعداد من المواطنين؟… ويعيدنا بالتالي الى نقطة البداية وهي أصل الداء أي الهشاشة الاجتماعية ». ضعف الدولة وغياب السياسيين وفي قراءته للأحداث الأخيرة أوضح محدثنا أن دور الفاعلين السياسيين والاجتماعيين مفقود عموما في هذه الأحداث فلا وجود لأرضية توافق لا سياسية ولا اجتماعية مما ولد عنفا في الخطاب ترجم في شكل أعمال عنف وتشنج على أرض الواقع. وأضاف أن قوات الأمن بعد أن وجهت لها عدة اتهامات بالقمع والعنف قبل الثورة وبعدها تولد لديها حالة تخوف تم تصديرها الى جميع مؤسسات الدولة (عمد وولاة ومسؤولين…) وأفرزت حالة استقالة واختلط عند الجميع التدخل اللا شرعي بالتدخل من أجل الدفاع عن حقوق المواطنين، ونقد آداء الحكومة وضرورة توليها مسؤوليتها والدور الذي يجب أن يكون للدولة باعتبارها جزء من البناء الاجتماعي وتعتمد على الأجهزة الأمنية التي تسهر على تطبيق القانون… ورأى مصطفى التليلي أن الحكومة والسياسيين أمام الامتحان الفيصل والأهم في المسار الديمقراطي فإما أن تتولى الأحزاب دورها في عقلنة الخطاب وابتعادها عن التجريح والتشاحن وتوفير الهدوء اللازم للفترة القادمة (تقديم الترشحات والحملة الانتخابية والاقتراع..) وتحرص الحكومة على تواجد الدولة بأجهزتها وهياكلها أو تتواصل حالة الانفلات والفوضى التي لها أن تحبط محاولة الانتقال الديمقراطي والوصول الى انتخابات شرعية ديمقراطية… كما أكد أن غض النظر عن أصل الداء دون مواجهة المشكل وتحمل المسؤولية أو محاولة قمعها سيزيد من حدة الأزمة ولن يضعفها أو يخفيها. ريم سوودي
(المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 3 سبتمبر 2011)
هل تم التراجع عن تصوير الفيلم الذي وقع الإعلان عنه منذ فترة حول الراحل محمد البوعزيزي؟ نطرح هذا السؤال على خلفية الصمت الذي يخيم على هذا المشروع السينمائي بعد إعلان المنتج طارق بن عمار عن ذلك وبعد انطلاق محمد الزرن في السيناريو مخيرا الكتابة في باريس بعيدا عن السياق الطبيعي للأحداث في المدن التونسية كسيدي بوزيد أو القصرين أو العاصمة أو غيرها من المدن التونسية التي انتفضت ضد حكم الرئيس المخلوع بن علي… ويذكر أنه في لقاء سابق جمعنا بالمنتج طارق بن عمار سألناه عن أسباب إنتاجه لهذا الفيلم خاصة وأن جدلا يدور حول علاقة الثورة بالبوعزيزي نفسه فقال «لا أخفي سرا عندما أقول أنني ندمت عندما أعلنت عن هذا المشروع السينمائي في الصحافة التونسية ، كان علي أن أنجزه في صمت كما اعتدت ذلك « وأضاف أن الفيلم عن البوعزيزي هو فكرة ومشروع أراد أن ينجزه معه أكثر من طرف في الغرب بمن في ذلك الأمريكان ولكنه فضل أن يكون بإمضاء تونسي من الألف إلى الياء لأنه شأن تونسي على حد تعبيره. فريق عمل عالمي وبخصوص كتابته وإخراجه وفق مقاييس الفيلم العالمي كما أراده المنتج طارق بن عمار سألنا هذا الأخير ما إذا كان محمد الزرن سيفيد كثيرا بمفرده في هذا الجمع بين السيناريو والإخراج فأجاب «أن محمد الزرن مخرج هام لكن لن يكون الفيلم بإمضائه وحده وسيشتغل معه على سيناريو هذا الفيلم وعلى بقية مراحله كفاءات عالمية مشهود لها بالتجربة العالية حتى نضمن له النجاح المناسب في الترشح إلى الدورة القادمة من مهرجان كان وغيره من المهرجانات المختصة. ويذكر أن إنتاج طارق بن عمار للأفلام التونسية يعود بعد غياب طويل بسبب تجاربه السلبية والمريرة على حد قوله التي وصفها بالأخطاء التاريخية وكان قد أنفق عليها أموالا هامة بلا فائدة فنية ولا تجارية على حد تعبيره، لكن يبدو أن هذه العودة قد قرأ لها منتج «آلام المسيح» كل الضمانات اللازمة على ما يبدو وعلى حد ما صرح به لنا… بقي أن نشير إلى أن قرار طارق بن عمار انجاز فيلم عن البوعزيزي كان في الأيام الأولى للثورة، فهل يعدل عن ذلك بعد مسافة زمنية من التأني والتفكير الجيد؟ علما وأننا لم نستطع الاتصال بطارق بن عمار على رقم هاتفه الفرنسي لكن ممثله في تونس نبيل كيلة أخبرنا أنه ليس على علم ما إذا أثرت المعطيات الأخيرة والجدل الدائر حول الأحداث في تونس عن مصير الفيلم أو عدلت في السيناريو ليصبح الفيلم عن الثورة التونسية مثلا وبالتالي الخروج من مستوى الشخصنة التي صبغت تاريخ تونس أو قد يكون المشروع قد ألغى أصلا على حد ما يروج البعض، أما المخرج محمد الزرن العائد الى جرجيس منذ أيام لمواصلة السيناريو فله رأي ثان فهو مقتنع بوجهة ثانية للفيلم سيتحدث في أمرها مع المنتج طارق بن عمار ومفادها التطرق للثورة بشكل عام عوض التحدث عن أشخاص…
وحيد عبد الله (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 3 سبتمبر 2011)
وصل المبعوث الخاص للامين العام للأمم المتحدة أيان مارتن إلى طرابلس السبت لتقديم الدعم لخطط المجلس الوطني الانتقالي لترسيخ نظام ديموقراطي جديد، وقد هبطت الطائرة التي أقلته في مطار طرابلس العسكري بعدما أعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن المجتمع الدولي مستعد للمساعدة على إعادة الأمن إلى البلاد. وقد تحدث مارتن عن أهداف زيارته بالقول: »أنا هنا الآن لإجراء مناقشات مع المجلس الانتقالي حول أفضل أوجه المساعدة التي يمكن أن تقدمها الأمم المتحدة في المستقبل ». وقال مارتن إن تلك المحادثات بدأت قبل يومين في باريس وأضاف: « لقد التقى الأمين العام للأمم المتحدة مع رئيس المجلس مصطفى عبد الجليل ومع الدكتور محمود جبريل في باريس قبل يومين وأنا أتطلع لإكمال تلك المحادثات هنا، قبل أن أعود إلى نيويورك وأحيطَ علما كلا من الأمين العام ومجلس الأمن، بالتوقعات حول مساعدة الأمم المتحدة المستقبلية لليبيا ». دعوة القيادة الليبية الجديدة الى موسكو هذا وقد دعا وزير الخارجية الروسية سيرجي لافروف القيادات الجديدة في المجلس الانتقالي الليبي الى زيارة موسكو لاجراء مباحثات لا سيما بشأن مسائل الطاقة. يعتقد المحلل السياسي الروسي فيتاشي سلاف ماتوزوف أن الدعوة كانت بشأن وضع بدائل للديون الليبية على شكل استثمارات. ويقول ماتوزوف إن مساعي روسيا في ليبيا ليست اقتصادية انما تستهدف نقل الغاز الليبي الى اوربا. جبريل في تونس من جانب آخر، أجرى محمود جبريل رئيس المكتب التنفيذي في المجلس الانتقالي الليبي، فيما بعد، محادثات في تونس السبت مع رئيس الوزراء التونسي الانتقالي الباجي قائد السبسي، تناولت الامن في البلدين. وقال جبريل ان الجانبين عبرا عن دعمهما لاجراء حوار بين الشباب المصري والليبي والتونسي بهدف تشجيع خطاب جديد بينهم، لوضع ارضية ترسم حدود الدول الجديدة التي يجري تشكيلها في كل من البلدان الثلاثة، على حد تعبيره موضحا انه زار مصر قبل زيارته لتونس. ورافق جبريل في الزيارة كل من المتحدث باسم المجلس الانتقالي محمود شمام ومسؤول العدل محمد العلاقي. وكانت تونس اعترفت بالمجلس الوطني الانتقالي الليبي في 21 أغسطس/آب فيما لا تزال تستقبل حوالي 100 ألف ليبي موزعين خصوصا في مناطق جنوب البلاد وتستضيف الكثير منهم عائلات تونسية في منازلها. توقع اقتحام سيرت وقد أكد مراسل قناة الحرة توفيق عياشي أن هناك مفاوضات تجرى حاليا بين ممثلين عن المجلس الوطني الانتقالي وعدد من وجهاء القبائل من مدينة بني وليد بشأن اقتحام سيرت قبل الموعد المحدد السبت القادم وقال أنه تم تجهز كتيبة عسكرية تضم قادة ينحدرون أصلا من قبيلة بني وليد وتوجهوا إلى المنطقة التي أعلنت ولاءها للثوار ومن المنتظر اقتحام المنطقة من عدة محاور.
(المصدر: موقع راديو سوا (واشنطن– أمريكا) بتاريخ 3 سبتمبر 2011)
لا جولا (كاليفورنيا) (رويترز) – بينما تعزز قوات المعارضة سيطرتها على ليبيا وتتعقب الرجل الذي حكم البلاد لمدة 42 عاما تبدو الافاق القانونية للزعيم المخلوع معمر القذافي ضبابية مثل الفراغ السياسي الذي خلفه. فالولايات المتحدة ومسؤولون اخرون يعتقدون ان القذافي لا يزال في ليبيا وربما يكون مختبئا في احدى البقع الصحراوية او الساحلية التي لا تزال تحت سيطرة فلول القوات الموالية له. لكن اينما وجد القذافي فلن يكون هناك عوار في الاختصاص القضائي الذي يمكن من محاكمته. ومنذ دخول قوات المعارضة طرابلس واكتشافها ان القذافي اختفى يصر عدد من قادة المجلس الوطني الانتقالي على ان الحكومة المقبلة ستحاكم القذافي عن الجرائم التي ارتكبتها ضد الشعب الليبي. وفي الوقت نفسه فان القذافي واحد ابنائه ورئيس مخابراته العسكرية السابق مطلوبون لدى المحكمة الجنائية الدولية بلاهاي في جرائم مزعومة ضد الانسانية. ويقول بعض اعضاء في الكونجرس الامريكي انهم يريدون محاكمة القذافي في الولايات المتحدة عن تهم تتعلق بتفجير الرحلة 103 للطائرة التابعة لشركة بان امريكان والتي قتل فيه 270 شخصا والهجوم عام 1986 على مرقص في برلين لقي فيه جنديان امريكيان حتفهما. وقد تظهر ايضا مزاعم بريطانية وفرنسية والمانية جديدة ضد القذافي في حين قد تقفز تشاد المجاورة واعداء الماضي الاخرون الى حلبة المطالبين بالقصاص من القذافي. ولا توجد سلطة قضائية واحدة تحكم ما يحدث لدكتاتور مخلوع لديه تاريخ من القمع في الداخل والارهاب في الخارج. فاذا أسر القذافي فمن المحتمل ان تحدد السياسة وليس القانون الدولي مكان محاكمته تماما مثل ما أنشأت السياسة العالمية في مجلس الامن دعوى ضده امام المحكمة الجنائية الدولية. وقال شون ميرفي استاذ القانون بجامعة جورج واشنطن والمحامي السابق بوزارة الخارجية الامريكية ان الملاحقة الدولية « ليست قرار مجموعة من المحامين في لاهاي. « هذا كان قرار نبع الى حد بعيد من ارادة الدول في الامم المتحدة. » وتؤيد هذه السياسات حاليا ما تفضله الحكومة الانتقالية بالنسبة لمحاكمة القذافي. وبعد سقوط طرابلس الاسبوع الماضي شدد مسؤولو ادارة الرئيس الامريكي باراك اوباما على ان الليبيين انفسهم يجب ان يقرروا ما يجب ان يحدث للقذافي ما دام الحل يفي « بأعلى معايير العدالة الدولية. » لكن وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ودبلوماسيين اخرين اشاروا الاسبوع الماضي الى ان مستقبل القذافي اولوية تقل اهمية عن تأمين الاسلحة الكيماوية الليبية وخفض الامكانات المتاحة للتطرف الاسلامي هناك وتوجيه الدولة الجديدة ناحية الديمقراطية. وفي افادة قبيل اجتماع وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون وقادة المجلس الوطني الانتقالي في باريس هذا الاسبوع قال مسؤولان كبيران بوزارة الخارجية ان « وضع القذافي » لن يناقش بالتفصيل فضلا عن كونها قضية ستدفع واشنطن نحو حسمها. ولم تذكر كلينتون الوضع القانوني للقذافي في مؤتمر صحفي عقب الاجتماع. وبالطبع فان مشكلة ترك محاكمة القذافي لليبيين تتمثل في انه ليس لديهم نظام قضائي حاليا. وكان النظام القضائي الليبي في عهد القذافي قائم على الشريعة الاسلامية لكن « محاكم ثورية » خاصة ومحاكم عسكرية كانت تنظر جميع الاتهامات السياسية والجرائم ضد الدولة. وقال المجلس الوطني الانتقالي ومقره بنغازي مرارا انه يريد صياغة دستور جديد دون ان يحدد الكيفية التي سيخرج عليها هذا الدستور. ولم تعزز البيانات المتناقضة احيانا للمجلس بشأن القذافي وموضوعات اخرى الثقة في قدرة المعارضة على الحكم او وضع اطار قانوني ناجح. وقال ديفيد كاي رئيس برنامج قانون حقوق الانسان الدولي التابع لجامعة كاليفورنيا في لوس انجليس والمستشار القانوني السابق للسفارة الامريكية في لاهاي والذي شارك في المحاكمات عن جرائم الحرب في يوغوسلافيا السابقة « لا احد لديه استشراف بماذا سيفعل. » واضاف كاي انه مما يعقد احتمال محاكمة القذافي في ليبيا ان عددا من مسؤولي المجلس الوطني الانتقالي كانوا في وقت من الاوقات اعضاء بارزين في نظام القذافي وقد تكون ايديهم ملطخة بالدماء وربما يمانعون في رؤية الماضي وقد اعيد فتحه في المحكمة. ومن المحتمل ان تسعى الادارة الجديدة في ليبيا الى تملق المجتمع الدولي بارسال القذافي الى المحكمة الجنائية الدولية او تفعل ذلك حكومة اخرى اذا القي القبض عليه في الخارج. ومحاكمة القذافي في لاهاي ستضعه في اطار قضائي اكثر رسوخا. فالمحكمة الجنائية الدولية اصدرت في يونيو حزيران اوامر اعتقال بحق القذافي وابنه سيف الاسلام ومدير المخابرات العسكرية العقيد عبد الله السنوسي بسبب جرائم ضد الانسانية. وقال المدعون انه بعدما انهارت حكومتا تونس ومصر خلال « الربيع العربي » استخدم القذافي القوات والموارد الحكومية لردع واخماد « المظاهرات المدنية ضد النظام بأي وسيلة بينها استخدام القوة التي تفضي الى الموت. » ولا تتناول الاتهامات سوى الجرائم المزعوم ارتكابها في الاسبوعين الاخيرين من فبراير شباط وقد تشمل محاكمة المحكمة الجنائية الدولية له في اخر الامر اتهامات اكثر وعددا اكبر من افراد اسرة القذافي وأعضاء حكومته. وتسمح قواعد المحكمة الجنائية الدولية للدول الاعضاء بالتعامل مع جرائم الحرب بنفسها في البداية لكن ليبيا ليست دولة عضوا في المحكمة. والولايات المتحدة كذلك ليس عضوا رغم ان ادارة الرئيس باراك اوباما تعهدت بالتعاون مع المحكمة. ومثل المحاكمات عن جرائم الحرب في يوغوسلافيا السابقة ورواندا فمن المرجح ان تستغرق محاكمة للقذافي في المحكمة الجنائية الدولية سنوات من التحقيقيات التحضيرية والشهادات الخطية المصحوبة بالقسم والشهادات الفعلية قبل اصدار الحكم. وسيتعين على المدعين ان ينظروا الاتهامات الواسعة الواردة في اوامر الاعتقال وان يبنوا القضية من خلال مئات وربما الاف المقابلات مع الشهود والادلة التي جمعت على الارض في ليبيا. وستضطر المحكمة الجنائية الدولية الى ان تدفع الاتعاب لمحام اذا لم يستطع القذافي دفع اتعاب محاميه وسيكون له الحق في الطعن على ادراج جميع الادلة وشهادة الشهود. ومما يزيد من تعقيد الامور ان قواعد المحكمة الجنائية تسمح للشهود بالادلاء بشهاداتهم دون الكشف عن هويتهم وذلك خوفا من الانتقام ويستطيع المتهم ان يطعن في ذلك لكل شاهد. غير ان التحدي الاكبر سيكون احضار القذافي الى المحكمة. فاذا فر القذافي فمن المرجح ان تستضيفه عدة دول افريقية اخرى. فزيمبابوي غير الموقعة على المعاهدة التي انشأت المحكمة توضح انها لا تزال تعتبره صديقا. كما ان قادة جنوب افريقيا العضو بالمحكمة لا يزالون على ولائهم للقذافي لدعمه لهم في التخلص من نظام التمييز العنصري. وفي حين لم تقل حكومة جنوب افريقيا انه مرحب به فانها تدعو المحكمة الجنائية الدولية الى التحقيق فيما اذا كان حلف شمال الاطلسي قد ارتكب جرائم حرب بدعمه الجوي للمعارضة. وفي مصر ليس لدى الحكومة التي خلفت الرئيس المخلوع حسني مبارك مانع في مخالفة امر الاعتقال الذي اصدرته المحكمة الجنائية الدولية ضد القذافي. فالرئيس السوداني عمر حسن البشير الذي وجهت له المحكمة لائحة اتهام قبل ثلاث سنوات عن الفظائع التي ارتكبتها حكومته في دارفور كان اول زعيم اجنبي يزور مصر بعد رحيل مبارك لمعرفته انه لا يواجه خطر الاعتقال اذا فعل ذلك. وليس لدى المحكمة سلطة لتنفيذ اوامر الاعتقال التي تصدرها بل تعتمد على مجلس الامن لاستخدام الضغط الدبلوماسي ضد الدول التي تتقاعس عن التعاون. ولدى مجلس الامن سجل ضعيف على هذه الجبهة. وكان مجلس الامن اول ما احال افعال القذافي الى المحكمة الجنائية وساعدت لائحة الاتهام التي اصدرتها في ابقاء التحالف المناهض للقذافي موحدا خلال الشهور التي كانت تمر فيها ليبيا بحالة جمود على ما يبدو. لكن في حين حث المجلس جميع الدول الاعضاء على التعاون فانه لم يهدد بفرض عقوبات او تدابير اخرى مقابل التقاعس عن فعل ذلك. واذا كان القذافي خرج من الصورة في ليبيا فانه ربما يكون صعبا ايجاد اصوات كافية في مجلس الامن لاجبار حكومة اخرى على تسليمه. كما ان روسيا والصين ليستا من انصار المحكمة وقد تستخدمان حق النقض (الفيتو) ضد اي خطوة لتسليم القذافي بالقوة. من جوزيف شومان
(المصدر: موقع « سويس إنفو »(سويسرا) بتاريخ 3 سبتمبر 2011) وصلة هذا المقال
http://www.swissinfo.ch/ara/detail/content.html?cid=31052316
واشنطن- (ا ف ب): أفادت صحيفة وول ستريت جورنال الجمعة أن وثائق مكتشفة في مبنى حكومي ليبي في طرابلس تشير إلى العلاقات الوثيقة التي جمعت في الماضي وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية (سي اي ايه) بأجهزة استخبارات العقيد معمر القذافي. وفي لندن، نشرت صحيفة ذي اندبندنت معلومات مشابهة تتحدث عن العلاقات بين أجهزة الاستخبارات الليبية والبريطانية في الفترة نفسها. وأوردت وول ستريت جورنال بالاستناد إلى وثائق مكتشفة في مقر وكالة الأمن الخارجي الليبي أن السي اي ايه سلمت ابان حكم الرئيس السابق جورج بوش ارهابيين مفترضين إلى نظام العقيد القذافي مع اقتراح الاسئلة التي من المفترض ان يطرحها الليبيون. وخلال هذه الفترة كانت الاستخبارات الليبية بقيادة موسى كوسا. وكان موسى كوسا احد المقربين في السابق من معمر القذافي والذي تولى رئاسة جهاز الاستخبارات الليبية بين 1994 و2009 ثم شغل منصب وزير الخارجية، اعلن انشقاقه عن نظام طرابلس قبل الذهاب الى لندن في 30 اذار/ مارس. وعام 2004، حافظت وكالة الاستخبارات الامريكية على « حضور دائم » في ليبيا بحسب مذكرة وجهها ستيفن كابيس المسؤول الكبير في الوكالة الامريكية إلى موسى كوسا تم اكتشافها في الارشيف الخاص بالامن الليبي. وتم اكتشاف ارشيف الوثائق من جانب باحثين من منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية قدموا نسخا عنها الى صحيفة وول ستريت جورنال.
(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 3 سبتمبر 2011)
غزة – دنيا الوطن ذكرت تقارير صحفية أن الرئيس المصري السابق حسني مبارك، أبدى سعادته بالنهاية التي آل إليها العقيد الليبي معمر القذافي. ذكرت صحيفة « روزا اليوسف » المصرية أن المادة الخبرية التي يهتم بها مبارك المحبوس احتياطيًّا على ذمة قضايا قتل المتظاهرين واستغلال النفوذ؛ هي أخبار العقيد معمر القذافي وأبنائه، مشيرةً إلى أنه يتابعها بسعادة بالغة، ويحكي لكل من حوله أنه سعيد بأن القذافي ينتهي هذه النهاية. في سياق متصل، قالت الصحيفة إن مواد إعلامية موجهة من مبارك إلى مؤيديه؛ ضُبطت قبل وصولها، عن طريق وسيط، إلى شبكة أخبار أجنبية. ونقلت الصحيفة، عن مصادر أمنية، قولها إن السلطات حذرت حسني مبارك من تكرار مخالفة لوائح الحبس الاحتياطي، وطلبت منه عدم تسريب مواد إعلامية جديدة خارج محبسه. من جانبهم، أوضح عدد من زوار مبارك أن المادة الإعلامية المضبوطة خطاب بخط يد مبارك، يشكر فيه من يطلقون على أنفسهم « أبناء مبارك »، ويطالبهم بالقيام ببعض أعمال شغب لإثارة الناس. كما جرى تنبيه سوزان ثابت زوجة الرئيس السابق على عدم معاونة زوجها على كتابة خطابات إعلامية. ونقلت سوزان إلى نجليها علاء وجمال في زيارتها الأخيرة لهما بسجن طره؛ خطابين مطولين يطالبهما بالصبر والتركيز، وطمأنهما فيه على صحته. وطبقًا للائحة مصلحة السجون المصرية، اطلعت إدارة سجن طره على مضمون الخطابين قبل تسليمهما إلى علاء وجمال مبارك. وترتيبًا على هذه التطورات، وعند وصول تعليمات وزارة الداخلية بعدم نقل أية مادة إعلامية؛ دخل الرئيس المخلوع في حالة توتر وعصبية، وطلب من محاميه تقديم شكوى ضد وزير الداخلية بدعوى الاعتداء على حقوقه الشخصية. في سياق آخر، جُهِّزت نظارة طبية جديدة لمبارك بناءً على طلبه، بعد أن شكا من تدهور مستوى الإبصار مؤخرًا.
(المصدر: موقع دنيا الوطن الإلكتروني(غزة) بتاريخ 3 سبتمبر 2011)
بقلم : محمود معروف – الرباط- swissinfo.ch يُـراهن المغاربة على الإنتخابات التشريعية القادمة باعتبارها المحطة الأولى لتنزيل دستورهم الجديد وامتحان نُـخبتهم السياسية في استيعاب ما جاء به من نصوص ومُـمارستها في الحياة السياسية ولتقديم مشهد سياسي ينسجِـم مع ما قرأوه من خلال هذه النصوص. قـدّم الدستور، الذي أقِـرّ باستفتاء الفاتح من يوليو الماضي، على أنه ثورة في البلاد وميلاد نظام ملكي جديد، إذ أنه تضمَّـن فصولا تذهب نحْـو المَـلَـكية البرلمانية، بالنصّ على إلغاء التّـقديس عن شخص الملِـك والتقليـص من صلاحياته لفائدة رئيس الحكومة، الذي بات دستوريا يختاره الملك من الحزب الفائز بالمرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية، ولرئيس الحكومة وحْـده حقّ اقتراح الوزراء الذين يعيِّـنهم الملِـك، كما له وللحكومة اقتراح وتعيين الموظفين السّـامين، بالإضافة إلى ما تضمَّـنه من نصوص حوْل الأمازيغية وحقوق الإنسان وإنصاف المرأة. نصوص فريدة.. يجب ممارستها
وهذه النصوص، لم تَـرِد في أي دستور من دساتير المملكة منذ دستورها الأول الذي أقر عام 1962، إذ شرحت وأبرزت كثيرا، حين نشرت مسودّة الدستور أو خلال حملة الاستفتاء أو بعد ذلك، باعتبارها إشارة على التفاعل المغربي مع نسائم الربيع العربي الذي أطل من خلال شباب حركة 20 فبراير واعتبرت استجابة ملَـكية لمطالب رفعتها الحركة خلال تظاهُـرتها التي نزلت في شوارع جميع مدن المملكة. والنصوص رغم أهميتها، لا تعني شيئا في الحياة السياسية، إذا لم تُـمارَس أو كما يقول فُـقهاء القانون إذا لم يتِـم إنزالها، وأولى خطوات تنزيل الدستور، هي الإنتخابات التشريعية التي ستُـعطي مجلس نواب جديد يفرز أول حكومة في المغرب الجديد. والإنتخابات امتحان للأحزاب بالدرجة الأولى، ليس فقط فيما ستمنحه إياها صناديق الاقتراع، بل قبل ذلك، في كيفية تدبير مرحلة الإعداد لهذه الإنتخابات، إن كان من خلال المساهمة الفاعِـلة في سَـنّ القوانين المنظمة لهذه الانتخابات أو في اختيارها لمرشَّـحيها. انتخابات سابقة لأوانها
كان مُـقرّرا انتهاء ولاية البرلمان الحالي في أكتوبر 2012، إلا أن مطالب حركة 20 فبراير تضمّـنت حلّـه وإجراء انتخابات سابقة لأوانها والأحزاب المغربية التي تعاملت بإرباك مع الحركة ومطالبها، لم تتعامل بجدية كافية مع ما يمكن أن تفرزه. ويعتقِـد الباحث المغربي الحسان بوقنطار أن الأحزاب التي لم تتوقّـع سرعة تفاعل الملك محمد السادس مع الحركة، فوجئت بتداعِـيات الربيع المغربي، إن كان على صعيد الدعوة لإعداد دستور جديد أو إنزال الدستور وما تضمّـنه من جديد على الاستفتاء، ومن ثَـمّ إجراء انتخابات تشريعية سابقة لأوانها. بُـعيْـد الإعلان عن نتائج الاستفتاء على الدستور، تسرّبت أنباء عن انتخابات تشريعية سابقة لأوانها في السابع من أكتوبر القادم، لتسبق الموعد الدستوري للسنة التشريعية، التي تبدأ في الجمعة الثانية من شهر أكتوبر، وهو ما أبلغ به وزير الداخلية الطيب الشرقاوي، قادة الأحزاب المُـعترف بها في أول لقاء تشاوُري معها، وهو موعد لم يلق قبولا من جميع الأحزاب،، حيث لم يُـخف حزب العدالة والتنمية تحفُّـظه على الموعد وأعلن ذلك بشكل رسمي وبصوت مُـرتفع. وإذا كانت هناك أحزاب لها نفس التحفُّـظ، فإن صوتها كان خافتا. ولأن الانتخابات ليست فقط صناديق اقتراع، بل قوانين تنظمها وتنظم المجلس الذي ستفرزه ولأن الدستور الجديد فاجأ الجميع، وجد الفاعل السياسي أن الوقت بات ضيِّـقا للتوافُـق على مشاريع القوانين وإقرارها في مجلس حكومي وتقديمها للبرلمان لمناقشتها والتّـصويت عليها والدّعوة الرسمية للناخبين للتوجه إلى صناديق الاقتراع قبل 45 يوما من الموعد المقترح، لذلك اقترح وزير الداخلية يوم السبت الماضي (13 أغسطس) على الأحزاب، يوم 11 نوفمبر موعِـدا للتداوُل، وبَـعدَ ذلك تبيّـن أنه سيتزامَـن مع عطلة عيد الأضحى، ويبدو أن 25 نوفمبر بات الموعد المقترح رسميا للتداول، لأن 18 نوفمبر يصادِف عيد الاستقلال. وعي جديد في المجتمع
ويؤكِّـد الحسان بوقنطار، وهو عضو مكتب سياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (المشارك بالحكومة) لـ swissinfo.ch أن حركة 20 فبراير كانت الشكل المغربي في التفاعل مع الربيع العربي، الذي هبَّـت نسائمه الأولى من تونس، وأن الحركة استطاعت أن تولد وعْـيا جديدا في المجتمع المغربي، وتحديدا ما رفعته من شعارات حوْل محاربة الفساد والمَـلكية البرلمانية، وأن هذا الوعي سينعكِـس إيجابا على الانتخابات التشريعية القادمة. ويوضِّـح بوقنطار أن ما رفعته حركة 20 فبراير من شِعارات، سيدفع الأحزاب إلى التدقيق في برامجها الإنتخابية ودقّـة اختيار مرشّـحيها وتشديد السلطات على نزاهة سيْـر العملية الانتخابية وتحفيز المواطن على تحمُّـل مسؤوليته، إن كان بالمشاركة بعملية الاقتراع أو ممارسة هذا الحق بوعْـي واستقلالية. إن تفاعل هذه الحوافز والعوامل ستُـساهم في انتخاب برلمان، ذات مصداقية يلعب الدور المرسوم له حسب الدستور الجديد، إن كان في مُـراقبة السلطة التنفيذية أو في سَـنِّ القوانين. نسبة المشاركة.. ثقة وتفاعُـل
وتشكِّـل نسبة المشاركة في التشريعيات القادمة، هاجسا للفاعِـل السياسي المغربي، وهو الهاجس الذي يُـهيْـمن على تفكيره منذ تشريعيات 2007 التي عرَفت عُـزوفا كبيرا من طرف الناخبين ولم يُـشارك بها سوى 37% من المسجَّـلين في اللوائح، كانت 20% من أصواتهم لاغية. وتُـعتبر نسبة المشاركة، حسب بوقنطار، إشارة لمدى ثقة المواطن والنّـخبة السياسية وأحزابها من جهة، والتفاعل مع الدستور الجديد ونصوصه المتقدّمة، إن كان في ميدان مصداقية المؤسسات المنتخبة وميدان الحريات أو حقوق الإنسان وآليات محاربة الفساد، في ظل استمرار حركة 20 فبراير في احتجاجاتها السِّـلمية الأسبوعية، مطالِـبة بالمزيد من الإصلاحات، وهي الحركة التي استطاعت من خلال تظاهُـراتها الاحتجاجية أن تحقِّـق خلال أسابيع ما عجزت الأحزاب عن تحقيقه خلال سنوات من إصلاحات كانت تسكُـت عنها ولا تُـطالب بها، إلا بحَـياء أو دون صِـراع ديمقراطي حقيقي، إن كان داخل المؤسسات أو بالشارع. مخاضات وصراعات الأحزاب
وتعيش الأحزاب المغربية مَـخاضا صعْـبا، إن كان على صعيد صراعاتها الداخلية وتعثُّـر نُـخبها نِـسبيا في إقناع المواطن ببرامجها ومصداقيتها أو في تقديم نفسها كشريك مُـبادر ومُـثير للأسئلة والقضايا بالفعل السياسي، وليس مكتفيا في « التِـقاط » تعليمات أو إشارات السلطة للتفاعل معها وترتيب أوضاعه على أساسها. ويبقى حزب العدالة والتنمية الأصولي حتى الآن، الحزب الوحيد الذي لم يسقُـط في فخّ هذه الصِّـراعات من جهة، والمحافظ على استقلالية نِـسبية ساعَـده عليها جلوسه على مقاعِـد المعارضة. وكغيره من الدول التي هبَّـت عليها نسائم الربيع العربي وولجت مرحلة الإصلاحات السلمية المرموزة لها بالانتخابات، يذهب كثير من المراقبين واستطلاعات الرأي إلى فوز حزب الإسلاميين المغاربة، حزب العدالة والتنمية، الذي يحتل حاليا المرتبة الثانية في البرلمان، في التشريعيات المقبلة وأن يكون أحد كوادره أول رئيس حكومة في ظل الدستور الجديد. إلا أن الحسان بوقنطار لا يُـقر بذلك ويقول مُذكرا بأن « مثل هذه التقارير والتوقُّـعات، ظهرت في تشريعيات 2007 وأعطت حزب العدالة والتنمية المرتبة الأولى بـ 70 مقعدا ولم تُـعطه النتائج سوى المرتبة الثانية بـ 47 مقعدا ». امتحان صعب
ويعتقد الباحث المغربي أن المغرب لا زال يفتقد الأدوات الموضوعية ذات المِـصداقية لاستطلاعات الرأي، على غِـرار تلك التي تجري في الدول الديمقراطية، التي عادةً ما تُـعطي نتائج أولية صحيحة مع نسبة ضئيلة من الخطإ، ويذهب إلى أن استطلاعات الرأي بالمغرب، تحمل في كثير من الأحيان بُـعدا سياسيا قبْـليا، إن كان تُـجاه قياس ردود الفعل أو التأثير على الناخب أو الأحزاب المشاركة بالعملية الانتخابية وتلمس حضورهم وردود فعلهم. وفي المحصلة، يجد الفاعل السياسي المغربي (بمن فيهم أولئك الذين يدعون لمقاطعة الانتخابات) نفسه في خضم مخاض عسِـير وامتحان صعب. فانتظارات المواطن، الاقتصادية والاجتماعية، كثيرة، وتُـراث من تدبير شؤون البلاد وتعثُّـر في إفراز نخب جديدة فاعلة، تجعل التشريعيات القادمة محطة تاريخية في تكريس مظاهر الإحباط والعزوف لدى المواطن أو حافزا له للمساهمة بحماس في بناء المغرب الجديد. محمود معروف – الرباط- swissinfo.ch
(المصدر: موقع « سويس إنفو »(سويسرا) بتاريخ 3 سبتمبر2011)
د. فيصل القاسم
لا شك أن التخلص من الطواغيت العرب وأنظمتهم العفنة والحقيرة هدف عظيم للغاية. ولتعش الأيادي التي ساهمت وتساهم في دق المسمار الأخير في نعوشهم. لكن هناك هدفا آخر لا يقل أهمية وخطورة عن الهدف الأول، ألا وهو قيادة المرحلة التالية بعد سقوط الطغاة. فقد قدم لنا التاريخ أمثلة مرعبة يجب على الثوار العرب أجمعين التعلم منها وتجنبها بكل ما أوتوا من قوة وعقل كي لا يتحول الانتصار على الطغيان وبالاً على الشعوب. لقد نجح المجاهدون الأفغان في يوم من الأيام في التخلص من نظام نجيب الله المرتزق الذي كان مجرد ألعوبة في أيدي السوفيات الأوغاد. لا بل تمكن المجاهدون أيضاً من كنس الاحتلال السوفياتي الغاشم نفسه إلى جهنم وبئس المصير. لكن الانتصار الأفغاني على السوفيات وأزلامهم لم يأت لأفغانستان بالمن والسلوى ولا بالتحرير الحقيقي. فما أن انتهى المجاهدون الأفغان من مهمة تنظيف البلاد من الاحتلال الداخلي والخارجي حتى راحوا يتقاتلون فيما بينهم على الغنائم. لا شك أن الكثير منا يتذكر ما حل بأفغانستان بعد انتصار المجاهدين، فقد تحولت البلاد إلى ساحة حرب من أقصاها إلى أقصاها بين المجاهدين أنفسهم، مما أدى إلى الإمعان في تمزيق البلاد وزعزعة استقرارها وإفقارها وتحويل شعبها إلى لاجئين وجائعين. فبدلاً من التكاتف للملمة جراح أفغانستان الغائرة وتوحيد الصفوف راح المجاهدون يذبحون بعضهم البعض من أجل الاستيلاء على السلطة، وكأنهم جاهدوا ليس لتحرير الوطن من ربقة المحتلين وأزلامهم، بل من أجل أن يحلوا محلهم في الجثم على صدور البلاد والعباد. ومن كثرة ما عانى الأفغان من اقتتال المجاهدين فيما بينهم لم يكن لديهم أي مانع بعد طول عناء من القبول بديكتاتورية جديدة أشد وأنكى من ديكتاتورية الشيوعيين وأزلامهم، ألا وهي ديكتاتورية طالبان التي تمكنت من الانتصار على المجاهدين والفوز بحكم البلاد. قد يجادل البعض بأن حركة طالبان كانت في وقتها أفضل حل لبلد أنهكته الحرب الأهلية. وربما يكونون على حق. لكن الشعب الأفغاني لم يقدم كل تلك التضحيات وقتها كي ينتقل من حضن الديكتاتورية الشيوعية إلى حضن ديكتاتورية دينية خانقة. ولو لم يتقاتل المجاهدون فيما بينهم لما أوصلوا السلطة إلى أيدي طالبان، ولما جعلوا أفغانستان مرتعاً للقاصي والداني كي يتدخل في شؤونها ويستغل معاناة أهلها. لا شك أننا نتذكر كيف أصبحت أفغانستان لاحقاً ساحة للاستخبارات الإقليمية والدولية والقوى المتصارعة على ذلك الجزء الحيوي جداً من العالم. ولا ننسى الدرس الصومالي البشع. صحيح أن الشعب الصومالي استطاع التخلص من الطاغية سيئ الصيت محمد سياد بري، لكنه فشل بسبب احترابه الداخلي ونزاعه الدموي على السلطة فيما بعد في بناء صومال جديد أفضل من ذلك الذي كان يرزح تحت ربقة الطاغوت سياد بري. ولو قارنا وضع الصومال في عهد الطاغية القديم بوضع البلاد بعده لرأينا حجم الدمار والانهيار اللذين حلا بالبلاد على مدى السنين الماضية. فقد أصبح الصومال مضرباً للأمثال في التشرذم والفشل والتفكك، فبدل أن يبني الصوماليون دولة ديموقراطية حديثة بعد التخلص من بري أنتجوا دولة فاشلة بامتياز، لتصبح البلاد مرتعاً ليس فقط للعصابات المحلية المتقاتلة، بل أيضاً للطامعين والعابثين بأمن واستقرار البلاد من خارج الحدود، ولا ننسى أن الفراغ السياسي يغري الخارج بالتدخل دائماً، لا سيما أن الطبيعة نفسها لا تسمح بالفراغ. ومما يجعل الكثير من بلادنا العربية الثائرة عرضة للأفغنة والصوملة أن حكامها « الأشاوس » لم يبنوا على مدى عقود دولاً حقيقة متماسكة، بل حولوها إلى مجرد تجمعات مفككة للملل والنحل والطوائف والأفخاذ والقبائل والعشائر التي لا تأمن جانب بعضها البعض. لقد حاول الطواغيت العرب، وخاصة أولئك القومجيين والثورجيين والوطنجيين ضرب مكونات البلاد ببعضها البعض على المبدأ الاستعماري الحقير: « فرّق تسد ». فتلك هي الوسيلة الأفضل للطغاة العرب للسيطرة على الشعوب والتحكم برقابها. بعبارة أخرى، ليس لدينا دول وطنية حقيقة في البلدان الثائرة بسبب غياب مبدأ المواطنة. وبالتالي، فإن بلداننا مرشحة للسقوط بسهولة في المستنقع الصومالي والأفغاني واليوغسلافي إذا ما سار الثوار العرب على النهج الأفغاني بعد سقوط الأنظمة الحالية. وتلك ستكون أكبر هدية يقدمها الثوار للمستبدين الساقطين الذين سيكونون في غاية السعادة لتشرذم البلاد والعباد بعد سقوطهم. ولا ننسى أن الطواغيت العرب لا مانع لديهم أبداً، عندما يجدون أنفسهم محصورين في الزاوية، في تحويل بلدانهم إلى دويلات متناحرة، أو حتى الانفصال عن البلد الأم وتشكيل كيانات قبلية أو طائفية هزيلة. لقد علمنا التاريخ أن الطغاة ربما يستطيعون بناء دول بالحديد والنار لفترة ما، كما فعل الرئيس اليوغسلافي السابق جوزيف بروس تيتو، لكن ما أن يرحل الديكتاتور أو يسقط حتى تعود البلاد إلى مكوناتها الأساسية. وقد شاهدنا كيف تشرذم الاتحاد السوفياتي رغم قوته الجبارة، وكيف تفككت يوغسلافيا بعد تيتو إلى كيانات ودويلات متناحرة. ورأينا أيضاً كم كان سهلاً تفتيت العراق بعد رحيل الديكتاتورية. وما حل بالعراق وبيوغسلافيا ممكن أن يحل ببعض البلدان العربية ذات التنوع العرقي والطائفي والديني. لهذا على الثوار العرب أن يعملوا جاهدين على رص الصفوف بعد سقوط الطواغيت للحفاظ على النسيج الوطني وحماية الوحدات الوطنية المنهكة. بعبارة أخرى، عليهم أن يعوا الدرس الأفغاني واليوغسلافي والصومالي والسوفياتي والعراقي جيداً كي لا يقعوا في الحفرة نفسها. ويجب على الثوار العرب أن لا ينسوا أيضاً أن هناك الكثير من القوى الإقليمية الطامعة بالمواقع الاستراتيجية للبلدان الثائرة، وهي مستعدة في أسرع وقت لمناصرة جماعة ضد أخرى لتتحول بلداننا إلى ساحات صراع كبرى تكون فيها الشعوب أكبر الخاسرين. فلا ننسى التنافس التركي والإيراني والإسرائيلي والأميركي بطبيعة الحال على المنطقة. وبالتالي، فإن منع التناحر بين الجماعات والمعارضات الثائرة والحيلولة دون الصراع على السلطة بعد نفوق الأنظمة الحالية أمر في غاية الأهمية كي لا نقول إننا استبدلنا قواداً بديُّوث.
(المصدر: صحيفة « السبيل » (يومية – الأردن) الصادرة يوم 3 سبتمبر 2011)
نبيل شبيب ليس للديمقراطية دين ولا انتماء لا أغلال على تحكيم الإرادة الشعبية مخاطر ولادة استبداد جديد
شهدت البلدان التي اندلعت فيها الثورات العربية، سواء في ذلك من وصل منها إلى إسقاط النظام الاستبدادي أو يوشك أن يصل، ظاهرة خطيرة، مشتركة.. ولا غرابة في ذلك، فالشعوب الثائرة تستمدّ وعيها من مشكاة واحدة، والأوضاع الاستبدادية التي ثارت عليها متشابهة في معظم جوانبها، متطابقة في جوهرها. إنّها ظاهرة التناقض الكبير بين جيل الشبيبة الذي صنع الثورات -ومضت الجماهير الشعبية من ورائه ثقةً به وبنقاء قياداته وإخلاصها، ولم تمض من قبل وراء المعارضين والناشطين التقليديين- وبين أولئك المعارضين والناشطين وأحزابهم وجماعاتهم وسياساتهم، في الأعمّ الأغلب. لم تنشأ ظاهرة التناقض هذه عما يقال بصدد تفجر طاقة الشبيبة -ذكورا وإناثا- وحكمة الأكبر سنا، أو بصدد ضعف خبرة الشبيبة والخبرة الطويلة للجيل الذي عايش الاستبداد منذ كان في سن الشباب، ولم يزحزحه من مواقعه، رغم كل ما صنع الاستبداد من نكبات وكوارث وتخلف. إن العنصر الحاسم هو أن رؤى الشبيبة لم تتصلب وتتعقد، فكانت أطروحاتهم واضحة جلية قاطعة، بدءا بالشعب يريد إسقاط النظام.. انتهاء بما يردده ثوار سوريا: الشعب السوري واحد. بالمقابل نجد في البلدان الخمسة السابقة للثورة، سواء تلك التي حقق الثوار فيها هدف إسقاط النظام أو تلك التي لا تزال التضحيات فيها متواصلة إلى أن يسقط النظام.. أن المعارضين التقليديين لم يعقدوا مؤتمرا، ولا طرحوا مبادرة، ولا أنجزوا عملا، إلا وغلب فيه العجز عن التلاقي على الكليات الكبرى المشتركة والضرورية لمستقبل بلدهم.. هذا مع أن جميعهم يرفع ذات العناوين: الديمقراطية، والدولة المدنية، والحقوق والحريات، والمواطنة، وضمان أوضاع الأقليات! أين الخلل؟.. هل هو خلل واحد؟.. ربما كان في جوهره واحدا، وربما يمكن بيانه عبر التأمل في التعامل الجاري مع كلمة « ديمقراطية » كمثال جوهري. ليس للديمقراطية دين ولا انتماء » لم تكد تنضج ثمار الثورات وتضحيات الثوار بعد، إلا واندلع الصراع على احتكار الديمقراطية على حسب منظور مَن يمسك بكلتا يديه مقص مرجعيته لتفصيل الديمقراطية على مقاسه » لقد ولدت الديمقراطية وفق المؤرخين لها، فيما عرف بديمقراطية أثينا، في عصر الإغريق، قبل ولادة الأديان السماوية الثلاث، وقبل ولادة العلمانية أيضا.. فلا يمكن احتكارها لمرجعية دينية ولا لمرجعية علمانية، ويوجد في بلادنا من يتصرّف بصددها وكأنها حكر على مرجعيته فقط! أخذ بالديمقراطية وسيلةً للحكم أهلُ أثينا وهم يعيشون وفق مرجعية طبقية كما تشهد على ذلك مدينة أفلاطون الفاضلة، بينما وجدت استهزاءَ أرسطو (أول من نحت كلمة ديمقراطية) وإنكاره دعوةُ سقراط للاستماع إلى رأي الدهماء، قاصدا العامة من الشعب. وأخذت بجوهر آلياتها في ممارسة الحكم دعوات المتنورين الأوروبيين خلال تمردهم بحق على استبداد الكنيسة والإقطاع، فكان التنوير مرجعيتهم، وليس العلمانية ولا الحداثة، وكلاهما ظهر بعد حقبة التنوير.. وها هي الديمقراطية اليوم تجد التطبيق دون أن تتناقض مع المرجعيات المختلفة للقيم الذاتية، والوعي المعرفي الحضاري الذاتي، المتباين بين أمة وأخرى، كما تشهد على ذلك ديمقراطيات الهند أو اليابان أو الغرب، على ما يوجد بينها من اختلافات. وها هي تطبق في بلدان سادت المرجعية العلمانية المشتركة فيها، واختلفت المنظومات الثقافية، كما هو الحال بين فرنسا وألمانيا، أو فرنسا والولايات المتحدة الأميركية، ولم يمنع هذا الاختلاف من تطبيق الآلية الديمقراطية في الحكم هنا وهناك. لا أحد من تلك الأطراف يزعم أن للديمقراطية ارتباطا احتكاريا، أو انتماء احتكاريا، لمرجعية قيمه أو منظومته الثقافية، كذلك لا أحد ينفي صفة الديمقراطية بسبب اختلاف التفاصيل في أشكال تطبيقها لتكون ديمقراطية شعبية في سويسرا، ونيابية اتحادية في ألمانيا، وملكية دستورية في بريطانيا، ورئاسية تعددية في فرنسا. أما في ساحة ربيع الثورات العربية فلم تنضج ثمار الثورات وتضحيات الثوار بعد، إلا واندلع الصراع على احتكار الديمقراطية على حسب منظور مَن يمسك بكلتا يديه مقص مرجعيته لتفصيل الديمقراطية على مقاسه، ويأبى مرجعية سواه، ويجعل من نفسه وصيّا على الديمقراطية التي تأبى بطبيعتها الوصاية عليها!.. ذاك هو الإقصاء بعينه.. وكان من المفروض أن يقضي نحبه مع من سقط من المستبدين! لا أغلال على تحكيم الإرادة الشعبية لا تصدر ممارسات الإقصاء هذه عن الجيل الذي صنع الثورات، ووجد من ثقة الشعب فيه ما جعل جميع فئات الأعمار تمضي معه في تلك الثورات، بل تصدر عن جيل من المعارضين والناشطين ممن كانوا ضحايا الإقصاء في عهد الاستبداد، منذ كانوا هم في سن الشبيبة، وكان يُفترض فيهم أن يكونوا أول من « يطلّق » الإقصاء اليوم.. فكيف نستوعب أنهم يمارسونه فعلا، ويغرقون أهل بلادنا في موبقاته، ويخاطرون بمصير ثورات بلادنا، من خلال رؤاهم وأطروحاتهم الإقصائية والانتقائية، بعد أن وصل -سواهم- بهم إلى بوابة تطبيق الديمقراطية، ودفع لذلك ثمنا باهظا؟ لا ديمقراطية دون تحكيم الإرادة الشعبية، في كل شيء، ومن يستثني شيئا يفتح ثغرة لتفريغ الديمقراطية من محتواها، ويفتح الباب على مصراعيه أمام حقبة استبدادية جديدة، وهذا ما يسري بصدد تثبيت « المرجعية » في منظومة القيم والمنظومة التشريعية مثلما يسري على سواها. » لا ديمقراطية دون تحكيم الإرادة الشعبية في كل شيء، ومن يستثني شيئا يفتح ثغرة لتفريغ الديمقراطية من محتواها، ويفتح الباب على مصراعيه أمام حقبة استبدادية جديدة » ليس للديمقراطية دين باعتبارها الآلية المعاصرة المثلى لممارسة الحكم، إنما لا فارق هنا في تفريغها من محتواها، عبر أسلمتها مع إقصاء غير الإسلاميين، وعبر علمنتها مع إقصاء غير العلمانيين. ولا يعبر الإسلاميون عن حقيقة الإسلام وتعاليمه عندما يأخذون بالديمقراطية وسيلة لممارسة الحكم، ثم يمارسون إقصاء « الإنسان » غير المسلم، زاعمين لأنفسهم المرجعية الإسلامية، فالإسلام لم يقرر إقصاء أحد من تثبيت الكرامة الإنسانية لجميع « بني آدم »، ولا في تثبيت الحرية لجميع « الناس » في: « متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا »، ولا في تثبيت الحقوق المادية للمؤمن والكافر دون تمييز في: « كلا نمدّ هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا »، ولا في تثبيت العدالة في الحكم بين « الناس » وليس بين المؤمنين فقط.. ولا تنتهي هذه القائمة في جميع ما يتعلق بالحقوق والحريات الإنسانية جميعا وفي شؤون الحكم كافة! كذلك لا يعبر العلمانيون عن العلمانية عندما يفصلونها عن جذورها الأولى التي سبقت ظهور العلمانية، عبر ممارساتهم الإقصائية، أي عندما يجعلون من علمانيتهم هم مرجعية عرجاء، تعطيهم وأمثالهم دون سواهم، حق الوصاية على أصحاب الاتجاهات الأخرى، ويتحولون إلى أدعياء للوصاية بغير حق، فهذا يصلح بمنظورهم وذاك لا يصلح للديمقراطية، كما يستثنون أنفسهم فقط من المطالَبة التي يطلقونها تجاه الإسلاميين تخصيصا، بتقديم الدليل على مصداقية دعواهم بصدد الديمقراطية، وهم يعلمون أن معظم المستبدين في بلادنا قد ادعوا العلمانية ومارسوا بعض جوانبها أثناء استبدادهم، فالأصل إذن أن يقدم العلمانيون اليوم الدليل على أنهم ليسوا مثلهم، أي على مصداقية ديمقراطيتهم! مخاطر ولادة استبداد جديد الجميع جعل من الديمقراطية ليلاه وجعل من ذكرها عنوانا وشعارا وهدفا مغناه، ولكن لا يزال كل طرف -أو معظم الأطراف- يُلبس الديمقراطية لباسه الذي يضيق على « الآخر »، من قبل أن يصل أصلا إلى مرحلة ترسيخ الأسس الأولى لنظام حكم ديمقراطي، فكيف إذا وصل إلى السلطة فعلا؟ آنذاك سيذكّر الشعبَ -وقد بات أوعى من كثير من السياسيين المحترفين- بما سبق أن عايشه الشعب ولا يمكن أن ينساه، أن المستبدين الراحلين الآن بعد عقود متطاولة، قد بدؤوا عهودهم جميعا، بادعاء الديمقراطية شعارا وعنوانا ومنهجا، ثم مارسوا إقصاء « الآخر » من مختلف الألوان بمختلف الذرائع، فلم يبق سوى الاستبداد، ولم يبق سوى المستبدين، وكانت الحصيلة أنهم الآن لا يغادرون كراسي التسلط إلا على أنهار من الدماء وأمواج من الآلام ناهيك عن الأكداس المكدسة من الثروات المنهوبة؟ إن من أخطر ما يتهدد البلدان العربية في ربيع ثوراتها هو الانزلاق مجددا في حقبة استبداد تمتد لجيل أو أكثر، وتنطوي على مزيد من جولات الصراع بين أصحاب الاتجاهات المتنافرة على حساب « الشعب الواحد بجميع أطيافه وفئاته وانتماءاته ». تحرير إرادة الشعب والاحتكام إلى إرادة الشعب، هما في مقدمة ما أعادته هذه الثورات من عالم الأدبيات الخطابية والإنشائية، إلى عالم الواقع، وهما مما سالت من أجله دماء الضحايا من الشعب نفسه، وليس دماء من خاضوا ويخوضون غمار جولات صراعهم مع بعضهم بعضا، دون الانتقاص من قيمة نضال من ناضل منهم ضدّ الاستبداد في الحقبة الماضية، ولكن أمجاد الماضي ليست صك غفران لارتكاب الأخطاء الفاحشة في الحاضر والمستقبل! إن بعض دعاة الديمقراطية اليوم يزرعون بممارسات الإقصاء بذور استبدادهم غدا.. إذا نجحوا في تمرير ما يريدون كما نجح « الأسلاف »، ولا يكاد يبقى سوى وعي جيل الثورة، لا سيما من الشبيبة التي صنعت الثورة، ضمانا، ألا يقع ذلك فيكرر ما وقع من قبل، عندما كانت غالبية شبيبة جيل الحقبة الماضية -وقد أوشك على الرحيل في هذه الأثناء- تصفق لوعود كل حاكم جديد، ولم تحصد سوى موبقات الاستبداد على كل صعيد. » من أخطر ما يتهدد البلدان العربية في ربيع ثوراتها هو الانزلاق مجددا في حقبة استبداد تمتد لجيل أو أكثر، وتنطوي على مزيد من جولات الصراع بين أصحاب الاتجاهات المتنافرة » لا بد أن يدرك الإسلاميون « التقليديون » جميعا -وكاتب هذه السطور إسلامي دون انتماء لحزب أو جماعة- وأن يدرك العلمانيون التقليديون جميعا، أن أي دعوة أو ممارسة أو مبادرة أو « ميثاق وطني » يحمل توقيعهم، وينطوي على إقصاء أي طرف « آخر » من حق المشاركة في الاحتكام إلى إرادة الشعب، على كل صعيد، بما في ذلك اختيار مرجعية القيم والتشريع في البلاد، هو عمل إقصائي يتناقض مع الديمقراطية، ويتناقض مع المصالح العليا تناقضا مباشرا. إذا أدرك هؤلاء وهؤلاء ذلك.. سقط الكثير من التناقضات والعقبات في وجه تشييد بنيان قويم جديد. ولئن كان الإقصاء مرفوضا في الأحوال والأوقات الاعتيادية، فهو مرفوض أضعافا مضاعفة في الفترة الحالية ما بين اندلاع الثورات العربية واستقرار أوضاع قويمة جديدة، فلا ينبغي أن يساهم طرف من الأطراف في إجهاض الربيع العربي، مما بدأ يظهر -للأسف- على الساحة بقوة وبنتائج خطيرة، في تونس ومصر، وظهر مبكرا في الساحة السورية، وهو ما يمنع -أكثر من أي عامل آخر- من تلاقي المعارضة التقليدية على « كلمة سواء » تضمن أرضية مشتركة على أساس الكليات الكبرى المشتركة، وهي كثيرة وكافية، وتشمل معظم ما تعنيه كلمات الديمقراطية والدولة المدنية وحقوق الإنسان، أفرادا وأقليات، والتداول على السلطة وفصل السلطات. إذا التزم الجميع بها آليات مجرّدة من الرؤى المرجعية الذاتية، مع التوافق على تحكيم إرادة الشعب، الذي أصبح الجميع يقولون إنه مصدر السلطات، وسيد قراره، وهو بالتالي الذي يحدد مرجعيته، ومنظومة قيمه. أما من يعمل لفرض شيء من ذلك على الشعب بالإكراه المباشر كما صنع المستبدون، أو تحت عناوين مبتكرة مثل « المبادئ فوق الدستورية »، أو من خلال دعوى ترددت مؤخرا، وتزعم أن الديمقراطية مع مبادئ أصحاب تلك الدعوى، هي فوق مبدأ الاحتكام لصناديق التعبير عن الإرادة الشعبية.. من يصنع ذلك إنما يقصي نفسه بنفسه عن الحاضنة الشعبية الوطنية، التي صنعت ربيع الثورات العربية، وأظهرت من الوعي ما يكفي لتأكيد استحالة ركونها بعد اليوم لمن يزرع المتفجرات والألغام فيها.
(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 4 سبتمبر 2011)