الأحد، 3 يونيو 2007

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2567 du 03.06.2007
 archives : www.tunisnews.net


 
البديـل عاجل: نظام بن علي الدكتاتوري يمنع للسنة الثانية على التوالي إحياء اليوم الوطني لمناهضة التعذيب والذكرى العشرين لاغتيال الرفيق نبيل بركاتي الإرادة : الافتتاحيّة الإرادة :صفاقس: البحّارة يعتصمون والحديديّون يضربون وفاجعة ستار أكاديمي لا تندمل الإرادة :في سوسة: طرد العامل المثالي الإرادة : هجــرة مرسل الكسيبي: تونس : كلمات في ذكرى رحيل الشهيد الخالد مبروك الزرن محمد زريق: الثبات على الأولويات عبدالباقي خليفة : إنهم يكذبون عباس أبو احمد: هل مازالت هناك آمال معلقة على جدار اليأس د. محمد الهاشمي الحامدي: الصامتون دهرا.. الناطقون بغضا وكراهية مريم : ولد بلادي يافاعل الخير…النجدة مراد علي: كلمة طيبة موجهة للدكتور الحامدي م ع أبو يوسف: تصبحون على وطن (2) نصر الدين: محنة العقل الناقد.. وقفات مع د.شوكات عامر عياد: دروس على هامش دفاتر النكبة(05-06-1967) رفيق معلــى: تعقيب الادارة العامة لمصنع التقدم بصفاقس على مكتب محمد شعبان :ثقتنا في القضاء، و نعوّل على حياد الإدارة…. الوحدة: تقديم كتاب « الحداثة والحرية » للدكتور حبيب الجنحاني الوحدة: فيلم « كلمة رجال » يواصل عروضه وسط نجاح جماهيري كبير للأسبوع الثامن على التوالي الحياة:امتحانات نهاية السنة لن تمنع تصويت التوانسة أ ف ب: أرملة ياسر عرفات تحتج على مسلسل يعرض لسيرة الزعيم الراحل الحياة: المغرب جذب عام 2006 نصف الاستثمارات الأجنبية في شمال أفريقيا صلاح الدين الجورشي : مبادرة الشراكة مع الشرق الأوسط محمد بوفارس: خيمة العرب د. حسن أبوطالب: تـرهّــل الـدولـة الـعـربـيـة


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows  (


 

نظام بن علي الدكتاتوري يمنع للسنة الثانية على التوالي إحياء اليوم الوطني لمناهضة التعذيب والذكرى العشرين لاغتيال الرفيق نبيل بركاتي

للسنة الثانية على التوالي عمدت الدكتاتورية إلى منع الحركة الديمقراطية التونسية من إحياء اليوم الوطني لمناهضة التعذيب وذكرى استشهاد مناضل حزب العمال الشيوعي التونسي نبيل بركاتي تحت التعذيب. فمنذ عدة أسابيع تعيش مدينة قعفور حالة استنفار بوليسي تحسبا لأي محاولة لإحياء الذكرى العشرين لاغتيال الرفيق. أما صباح اليوم فقد تجاوز الطوق الأمني مدينة قعفور ليشمل، مثلما حصل في السنة الفارطة، كافة مناطق البلاد التونسية ومدنها الرئيسية، وتعقب البوليس خطى المناضلين ومنعهم بالقوة من مغادرة مدنهم.
قعفور وسليانة: حضور بوليسي مكثف عند مداخل المدينتين وحولهما. قام البوليس السياسي بمراقبة طريقي تونس – الفحص – بوعرادة – قعفور وتونس – مجاز الباب – قوبلات – بوعرادة – لعروصة – قعفور. بنزرت: تعرض المناضلون إلى مراقبة بوليسية مشددة ومُنِعوا من مغادرة المدينة، وتم نصب حواجز على الطرق منذ الصباح. قفصة: حضور بوليسي مكثف حول منازل المناضلين ومراقبة تحركاتهم منذ البارحة. عمد اليوم البوليس إلى تتبع المناضلين ونصب الحواجز على طريق الخروج من المدينة باتجاه العاصمة وقام بالتثبت من بطاقات الهوية. الكاف: حواجز عند الخروج من المدينة، تثبت في الهوية ومراقبة الطرق المحيطة بالمدينة. صفاقس: قام البوليس السياسي بمحاصرة منزلي كل من عبد العزيز عبد الناظر، رئيس فرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان، وعلي الزيتوني، عضو فرع الرابطة بصفاقس، مانعا إياهما من مغادرة مقر سكناهما. وفي مدخل مدينة صفاقس اعترض البوليس السياسي سيارة تقلّ مجموعة من المناضلين قادمين من جبنيانة باتجاه قعفور. ماطر: اعترض البوليس السياسي طريق الشاذلي المغراوي، مناضل فرع رابطة حقوق الانسان بماطر، على متن سيارته ثم رافقه من مجاز الباب ليعيده إلى ماطر.
تونس العاصمة:

عمد البوليس السياسي إلى مراقبة المناضلين منذ البارحة.

حاصرت أعداد غفيرة من البوليس السياسي منذ الصباح الباكر شارع قرطاج الذي اتفق المنظمون على الانطلاق منه على الساعة الثانية بعد الزوال باتجاه قعفور. وقد تعرض كل المارة بالشارع إلى المراقبة ومنعت كافة أشكال التجمع منعا باتا كما تم تحجير توقف السيارات. وقامت أعداد كبيرة من البوليس بالزي الرسمي والمدني من تفريق عشرات المناضلات والمناضلين من الشباب والطلبة والحقوقيين والنقابيين والسياسيين. فقد مُنِع سمير طعم الله عضو منظمة العفو الدولية حتى من دخول مقر فرع المنظمة الذي يوجد قرب شارع قرطاج، واعترض البوليس السياسي طريق كل من النقابي والرابطي عبد الله قرام والمحامي وعضو جمعية مناهضة التعذيب الأستاذ منذر الشارني والرئيس السابق للحزب الديمقراطي التقدمي الأستاذ نجيب الشابي والأستاذة راضية النصراوي رئيسة جمعية مناهضة التعذيب وعبد المومن بلعانس القيادي في حزب العمال الشيوعي التونسي والمناضل النقابي والجامعي صالح الحمزاوي والأستاذ العياشي الهمامي عضو هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات وحمادي الزغبي رئيس فرع الرابطة بالعمران-باردو-المنزه والأستاذ حبيب الزيادي عضو الهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان، وغيرهم من المناضلين لمنعهم من التحول إلى قعفور. وحتى المناضلين الذين أفلتوا من رقابة البوليس فقد تم اعتراضهم فيما بعد مثلما حصل للمناضلين العياشي الهمامي والطاهر بلحسين الذين اعترضهما الحرس الوطني والبوليس على مستوى بوعرادة ووقع منعهما من مواصلة الطريق. أما رضا بركاتي، أخ الشهيد، الذي يخضع لمراقبة بوليسية منذ بداية شهر ماي، فقد كان اليوم محل متابعة لصيقة من قبل سيارة بوليس. ورغم نجاحه في الافلات من المراقبة ووصوله عبر مسالك وعرة (« ثنيّة عربي ») صحبة أحد إخوته إلى مدخل قعفور فقد تفطّن إليهما البوليس ومنعهما من دخول المدينة والتحوّل إلى المقبرة وزيارة قبر أخيهما. وقد أعلمه في المساء رئيس شرطة قعفور أنّه تلقى تعليمات بمنعه حتى من التحول غدا إلى المقبرة. (المصدر: البديـل عاجل (قائمة مراسلة حزب العمال الشيوعي التونسي)بتاريخ 2 جوان 2007)


 

عريضة علمنا ان عددا هاما من الصحفيين بصدد امضاء عريضة سيقع توجيهها الى قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل تتضمن رفض الممضين عليها عقد مؤتمر لنقابة  الصحفيين مستنكرة القرار الاحادي الصادر عن بعض هياكل الاتحاد دون التشاور مع المعنيين واخذ رأيهم، معتبرين ان ما يسمى باللجنة التحضيرية لا تتمتع بالمصداقية او التمثيلية بل هي لجنة تم تنصيبها لاغراض لا علاقة لها بالعمل النقابي الصحفي النبيل.

البيع المشروط داخل بعض الفضاءات

 بذلت المراقبة الاقتصادية التابعة لوزارة التجارة والصناعات التقليدية مجهودا بارزا خلال السنة الفارطة في مراقبة المقاهي والفضاءات الترفيهية بشكل عام. ورغم عديد عمليات الغلق والمحاضر المجراة في هذا الجانب فان العديد من اصحاب هذه المحلات مازالوا يمارسون العديد من التجاوزات ويقدمون على عمليات البيع المشروط وذلك بكل من حي النصر وشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة وضاحية البحيرة.

انتداب اطارات  طبية وشبه طبية

ترغب مؤسسة استشفائية بدولة  قطر في انتداب مختصين في القلب والشرايين وطبيبات مختصات في الامراض الجلدية لا تتجاوز اعمارهم 50 سنة وفنيين سامين وممرضين من الجنسين (نظام 3 سنوات) يعملون في اقسام القلب والشرايين ولهم خبرة لا تقل عن 5 سنوات ولا تتجاوز اعمارهم 45 سنة ويجيدون اللغة الانقليزية. فعلى الراغبين في الترشح موافاة الوكالة التونسية للتعاون الفني بملف ترشح في اجل اقصاه 11 جوان 2007. بوابة للمعوقين  بعد اطلاق «البوابة الاجتماعية» www.ijtimaia.tn بادرت وزارة الشؤون الاجتماعية والتضامن والتونسيين بالخارج مؤخرا وبمناسبة الاحتفال باليوم الوطني للمعوقين بوضع بوابة جديدة على الخط خاصة بالاشخاص المعوقين تحت عنوان www.handicap.tn تقدم عديد المعلومات عن هذه الشريحة في تونس وما يحظون به من رعاية واحاطة لمزيد النهوض بهم. وتتعلق هذه المعلومات بالخصوص بمجالات التشريع والمؤسسات والجمعيات التي تعنى بهم وكذلك التعريف بمنتوجاتهم وابداعاتهم في مختلف الميادين تيسيرا لترويجها.

مقاومة الناموس بدأت عديد البلديات في حملة رش المبيدات للقضاء على جحافل الناموس التي بدأت في الظهور خاصة في المناطق القريبة من الاودية والسباخ. لكن مع هذه الحملة المطلوب كذلك حملات نظافة كبرى وحملات تحسيس للمواطنين بضرورة المحافظة على البيئة والمحيط وخاصة عدم القاء الفضلات المنزلية بطريقة عشوائية. الجبة التونسية مع مطلع فصل الصيف يكثر الاقبال على اقتناء ملابس من الصناعات التقليدية وخاصة الجبة التونسية.. ويعمل بعض التجار على التخفيض في الاسعار قصد ترويج بضائعهم لكن الجودة تختلف عن صنف الى آخر وهو امر كثير ما يجهله الحريف.. ويذكر ان هناك انواع عديدة من الجبة اذ نجد جبة الحرير وجبة قرمسود وجبة مقردش وجبة استكردة وجبة قمراية وجبة ملف وجبة صوف وجبة حربلة وجبة قماش.

دورة تكوينية في المعلوماتية والملتيميديا

تنظم مدينة العلوم بتونس ابتداء من 19 والى غاية 30 جوان الجاري دورة تكوينية في المعلوماتية موجهة الى الطلبة والموظفين، وتسعى مدينة العلوم من خلال هذه الدورة الى دعم قدرات الشرائح المستهدفة من خلال هذا البرنامج التكويني على التعامل مع التكنولوجيات الحديثة وذلك في اختصاصات برمجية ادوب فلاش وبرمجية اكس مستوى ثاني. ويمكن للراغبين في التكوين في احد هذه الاختصاصات الاتصال مباشرة بمركز النفاذ الى المعلومة بمدينة العلوم بتونس.

مشروع الاقتصاد في مياه الري ببلدان المغرب العربي

ينظم المعهد الوطني للبحوث في الهندسة الريفية والمياه والغابات بالتعاون مع المعهد الوطني للعلوم الفلاحية ووزارة الخارجية الفرنسية ملتقى دوليا يضم باحثين وفنيين من فرنسا وتونس والجزائر  والمغرب حول موضوع الاقتصاد في مياه الري ببلدان المغرب العربي وذلك يوم غد الاثنين 4 جوان بنزل الكيوبس بنابل.

أجرة -أمين الحرفة-

ضبطت وزارة التجارة والصناعات التقليدية اجرة «أمين الحرفة» بنسبة 4 بالمائة من قيمة المنتوج موضوع الاختبار او التحكيم او الاستشارة على ان لا تفوق هذه الاجرة الـ50 دينارا ولا تقل عن الـ5 دنانير. وتضبط هذه الاجرة بنسبة 1 بالمائة من قيمة المنتوج المقدم للرهن على ان لا تفوق 3 دنانير ولا تقل عن 600 مي في صورة تكليف امين الحرفة باختبار المصوغ المقدم للرهن بالقباضات المالية. (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 2 جوان 2007)


الإرادة     العدد الثاني  جوان 2007

الافتتاحيّة
تستمدّ الإرادة قوّتها منكم قرّاءها الأعزاء وبعد المصافحة الأولى في شهر ماي شهر الكادحين والشغيلة تمد الإرادة يدها لمصافحتكم في هذا العدد الثاني.. تنشد تفاعلكم معها.. تتواصل معكم من أجل مساهمة إعلامية حرّة ترتقي بالكلمة المعبرة إلى مستوى الإبداع الخلاق.. بكم قراءها الأوفياء ومعكم.. تسعى الإرادة إلى شق طريق لها ولكم في سبيل الحرّية والعدالة والتقدم والمساواة.. إنّ شعبنا يستحقّ العيش في كنف الحرّية متمتعا بحقوقه الكاملة في الممارسة السياسية.. حقّه في التنظم الحزبي والجمعياتي على أسس مدنية عصرية وحقّه في التعبير عن همومه ومشاغله وطموحاته دون قيود وبالأشكال المدنية المختلفة وحقّه في الانتخاب والترشح وسحب الثقة عند اللزوم دون وصاية أو إقصاء..
 نعم الإرادة مع الحرّية السياسية التامة والفعلية.. ولكنّها تضع في صلب اهتماماتها قضايا الكادحين المعيشية وتقف إلى جانبهم وتتبنى مطالبهم المشروعة.. وبالمناسبة تحيي الإرادة نضالات الشغيلة من مختلف القطاعات وتدعم الحركة الاضرابية تحت راية الاتحاد العام التونسي للشغل وتتقدم بتهانيها الحارة للقطاعات التي تمكنت من تحقيق بعض المكاسب على غرار مدرسي الثانوي ومدرسي الأساسي .. فالنضالات إنّما تتوج خير تتويج بتحقيق المطالب.. وترجو الإرادة لمختلف القطاعات أن تحقّق مطالبها (البريد والمالية والصحة وشغيلة القطاع الخاص) .. وفي سبيل غد أفضل.. تصافحكم الإرادة على أمل التواصل معكم دون انقطاع..
 
في هذا العدد

الطبقة العاملة والشأن السياسي العام الدورة السادسة عشر للندوة الشيوعية لعالمية متابعات: الوضع الاجتماعي الوضع الاجتماعي: صفاقس، قرمبالية، سوسة، بنبلة هجــرة المحاماة التونسيّة تجدّد هياكلها قراءة في نتائج الإستشارة الشبابيّة الثالثة « الإرادة » الإقتصاديّة الشيـخ إمام دائــما في البـال مأساة ستار أكاديمي العراق: قراءة في قانون المحروقات سوريا : تحيّة لتجمّع اليسار المغرب: محاكمات سياسيّة من قال أن الحرب الباردة إنتهت ؟ الحزب الديمقراطي الأمريكي يصوّت لفائدة قانون دعم القوّات الأمريكية المحتلّة للعراق أمريكا الجنوبيّة المتمرّدة: ـ هوغو شافيز ـ (رئيس الفقراء) فرنسا: التيّار الأطلسي المصالح الإقتصاديّة الفرنسيّة بتونس ساركوزي والمغرب العربي والمتوسّط


الطبقة العاملة والشأن السياسي العام

لا حديث هذه الأيام إلا عن ارتفاع حرارة الجبهة الاجتماعية بما تشهده من اضرابات وتجمعات ومفاوضات وليس في نيتي متابعة هذا الجانب فقد تكفل الرفاق في ركن متابعات الإرادة بانجاز ذلك. ولكنّي سأتوقف عند الدلالة السياسية لهذه التحرّكات.
 1- إنّ هذه التحرّكات هي تحرّكات مطلبية أساسا مدارها المطالبة بتحسين المداخيل المادية للعاملين وتثبيت حقوقهم في العمل القار وتحسين ظروف العمل. 2- إنّ أغلب هذه التحرّكات قد اقترنت بالدفاع عن المؤسسة العمومية وتأهيلها (التعليم / الصحة) وعدم التفريط الكلي في ملكيتها للخواص (الاتصالات). وفي هذا الجانب يقترن المطلب الاقتصادي ببعد سياسي يتعلق بالتوجهات الاقتصادية الكبرى للبلاد. 3- لقد اقترنت جلّ هذه التحرّكات بالتأكيد على ضرورة تشريك ممثلي الأعوان المنتخبين وخاصّة  هياكلهم النقابية المنضوية تحت راية الاتحاد العام التونسي للشغل في صياغة سياسات القطاعات الكبرى التي جدت فيها التحرّكات. وهذا مطلب نقابي ذو بعد سياسي كذلك يتوق إلى اشراك العمال في سن السياسات المتعلقة بأوضاع مؤسساتهم، عبر القناة النقابية أساسا.
 ما من شك في أهمية هذه التحرّكات وجدواها وما تفرزه من ثقة في مؤسسات المجتمع المدني وما تكسبها من مصداقية ( والحديث هنا خاصّة عن هياكل الاتحاد العام التونسي للشغل) وما تفرضه من تقاليد التعامل البناء والمسلكية النضالية والتمشي الديمقراطي الأمر الذي ينعكس ايجابا على مجمل الوضع الاجتماعي بكل مكوناته هذه المكونات مدعوة إلى تجديد خطابها وأساليب تعاملها، مدعوة خاصّة إلى الاقلاع عن الأساليب البالية التي تعتمد على التشكيك والتهرءة من الداخل والتعنت في رفض حل المشاكل والتعويل على الحلول الفوقية والتسلطية التي فات أوانها ولم تعد تخدم أحدا.
 وإذا كنا نلمس نوعا من الوعي بمثل هذه التوجهات يجب أن يدعم وينمّى ويعمل الجميع على اقراره من خلال الطرح المقنع والعقلاني، ولكن أيضا من خلال الجهد النضالي الضروري الذي بدونه لا يمكن لأي توجه إيجابي أن يترسخ.
فإنّنا نلمس كذلك نقيصة كبرى في التعاطي مع الدلالة السياسية لهذا الحراك الاجتماعي المشهود.
فالكثير من العمال وإطاراتهم مازالوا يحصرون النضال في أفقه الاقتصادي والاجتماعي الضيق دون تحقيق ذلك الربط الضروري بينه وبين الأفق السياسي. وأنا لا أتحدث هنا عن أولئك الذين يفعلون ذلك بوعي وعن سابق تخطيط وتدبير وأقصد بهم دعاة الحياد ومنظري العفوية والاقتصادوية ممن فاتهم الزمن. فالأولون يفعلون ذلك حفاظا على مصالحهم وامتيازاتهم التي حقّقوها بحكم تخندقهم في معسكر العداء لسياسة الطبقة العاملة، أما الآخرون فقد فاتهم الزمن وبقوا متقوقعين في شرانق حلقية بائدة يفزعون للاحتماء بها حتى يحجبوا نور ارتقاء الوعي السياسي المقترن ببلورة الذات السياسية الحزبية الواعية للطبقة العاملة، ويبررون بذلك استقالتهم الدائمة. كلا الفريقين لا شأن لي بهما الآن إذ لا يسمح المقام بمجادلتهم إذ هناك ما هو أكثر استعجالا من ذلك. يهمني الحديث عن محدودية الوعي العام بضرورة الربط بين البعد الاقتصادي والاجتماعي في النضال وبين بعده السياسي.
 بل تهمني الإشارة إلى ما يشعر به الكثيرون من خوف إزاء البعد السياسي سواء أكان ذلك بشكل عفوي أو تحت وطأة دعاة التشكيك المحذّرين من الانزلاق نحو المشاغل السياسية وكأن العمال والأجراء والكادحين عموما ليسوا مواطنين ولا علاقة لهم بالشأن السياسي الذي هو في لب مشاغلهم الاقتصادية والاجتماعية.
إنّ عدم رؤية ذلك الترابط هو الذي يبقى النضال الاقتصادي قاصرا دون تحقيق تغيير ايجابي حقيقي ودائم في حياة الكادحين ويبقيه عند حالة رد الفعل الجزئي والهامشي والذي قد يستعمل زخمه النضالي لخدمة أهداف معادية لمصالح الطبقة العاملة وشديدة الخطورة على مستقبلها، وليس أدل على ذلك مما تحفل به دعاية بعض الأطراف السياسية الليبرالية والظلامية من إعلام عن تلك النضالات وذكر لنسب الاضرابات الناجحة ونقل لوقائع التجمعات الحاشدة والتنافس في إظهار التملق لرموز الحركة الاجتماعية الصاعدة، ولكن هل يعلم العمال أن ما يحتجون عليه ـ عن حقّ ـ من سياسات السلطة المطبقة لإملاءات صناديق النهب الامبريالية والتي تدفع نحو الخصخصة، والضغط على التكلفة بالضغط على الأجور والحد من الانفاق الاجتماعي واقرار اجراءات « المرونة » في العلاقات الشغلية أي ضرب حقّ الاستقرار في العمل وإقرار الأشكال الهشة والمناولة الخ… هي في جوهر البرامج والمواقف السياسية المعلنة لمن باتوا يقدمون أنفسهم رموزا لليبرالية وحلفاء الليبرالية الجديدة عالميا و يلعنون صباحا مساء مكاسب النضال الاقتصادي والاجتماعي للطبقة العاملة ويتهمون المدافعين عنه بالتخشب وعدم مجاراة مقتضيات العصر، إنّهم يقدمون أنفسهم باعتبارهم فرسان الخصخصة الأقدر على التحقيق الفوري لها، والأقدر على الانخراط الكامل في تعميم سياسات المبادرة الخاصّة وحرّية السوق، والديمقراطية المنسجمة مع سياسات العولمة الامبريالية بمشاريعها المشهورة والمعروفة (من الشراكة المتوسطية إلى الشرق الأوسط الكبير) فهم يتنافسون مع السلطة القائمة على تحقيق البرنامج الاقتصادي والاجتماعي نفسه ويزاحمونها على ثقة المراكز السياسية والاقتصادية الاستعمارية، ويعدون باندفاع أكبر نحو الليبرالية. لهذا السبب فإنّ إشادتهم بالنضال الاجتماعي للطبقة العاملة هو تملق يراد منه توظيف الزخم النضالي للحراك الاجتماعي لخدمة مشروعهم المعادي في المحصلة لمصالح الطبقة العاملة.
 إنّهم يمثلون الصوت السياسي لتحالف طبقي ربط مصالحه بمصالح الرأسمال العالمي وصاغ خطابا سياسيا يمزج بين المقولات الليبرالية والمرجعيات الدينية المستعملة بمكر لصياغة بديل منسجم مع مصالح الطبقات المستغلة محليا ومراكز النفوذ الامبريالي العالمي. وهكذا يصبح إطراء هذه الأطراف على التحركات الاجتماعية ضربا من النفاق السياسي الذي يريد تأبيد الاستغلال وحرمان الطبقة العاملة من استقلاليتها السياسية الحقيقية، وايهامها ببدائل هي من جنس استبدال الرمضاء بالنار أو استبدال القطرة بالميزاب كما يقول مثلنا الشعبي التونسي.
 فإذا كان من حقّ الطبقة العاملة أن تحتج على الاستغلال وترفض التفريط في المكاسب الاجتماعية وتناهض الخوصصة التي ينتهجها الحزب الحاكم فليس من الحكمة أن تنساق وراء الليبراليين أو الظلاميين الذين وإن كانوا يناهضون بعض وجوه السياسات الاستبدادية فإنّهم يعلنون باستمرا أنهم أكبر إيمانا من الحزب الحاكم بالخوصصة والليبرالية الاقتصادية وأكثر حماسا منه واندفاعا للانخراط في مشاريع العولمة الامبريالية، ويزعمون أنهم على الأقل انجع منه في تأطير الجماهير وترويضها وجعلها تتقبل تلك السياسات باستعمال خداع سياسي متشعب تمتد أحابيله من الديمقراطية الجلبية إلى الاسلام السياسي المعتدل بكل تلويناته واستغلال تعطش الناس الحقيقي إلى الحرّية والعدل وقيم المواطنة ونقمتهم على الحيف والإهانة القومية والدينية بمختلف أشكالها.
ولهذا السبب نرى كل هذه القوى تريد إبقاء الطبقة العاملة أسيرة قمقم النضال الاقتصادي وتريد إبعادها بكل الوسائل عن التطلع لامتلاك استقلاليتها السياسية والارتقاء بوعيها إلى ما هو بديل سياسي مجتمعي شامل.
فهي تريد أن تستعملها حطب محرقة تأجج حرائق اجتماعية تطبخ عليها هي مشاريع استفادتها التسلطية، وبنفس القدر تسعى أطراف عديدة في السلطة إلى منع التطور السياسي للطبقة العاملة، واستمرار تهميش قواها الفاعلة والسعي لتسخير طاقاتها لتكون احتياطيا مسلوب الوعي والإرادة سهل التوظيف والانقياد. وحتى وإن اعترف بعض العقلاء بحيوية هذه الفئات ونجاعة قواها اليسارية في الدفاع عن قيم التقدم والعدل والعقلانية والاستنارة فإنّها تنكر عليها دورها السياسي وتقصر دورها على ما هو ثقافي أي أن دورها لا يتجاوز أن يكون رديفا ثقافيا في مناهضة النكوس الظلامي الرجعي ضمن مشروع سياسي للسلطة الحاكمة.
ولكنّنا نقول بوضوح إنّ كل هذه الحسابات لم تعد مجدية، بل إنّ انعكاساتها الضارة بدأت تتجلّى للعيان، فكلما استمرت مصادرة الوعي السياسي للطبقة العاملة وعموم الكادحين وكلما استمر تهميش قواها الحية وتعبيراتها اليسارية الجدية الواعية والمستنيرة كلما تفاقمت سطوة قوى الهيمنة والتخلف، كلما ازدادت الأوضاع تعفنا وترديا وكلما تسارعت وتفاقمت مناورات ومؤامرات التقاطع مع مشاريع الهيمنة الأجنبية والاستبداد المحلي، كلما ازداد ضياع وتهميش القوى الحية في مجتمعنا، كلما ازداد ضياع شبابنا وراء متاهات التفسخ وأوهام البدائل الظلامية.
وإنّ خطوات شجاعة لمواجهة هذه الأوضاع باتت متأكدة ـ حتى وإن كانت مكلفة، ومن أوكدها إعلان نهاية زمن يتم الطبقة العاملة، وانتهاء قصور جهودها، عند ما هو مطلبي واقتصادي، فهي اليوم ترفع صوتها لتعلن برنامجها السياسي واستقلاليتها السياسية عن كل الاستغلاليين، عن كل الليبراليين والظلاميين، لتخطو خطوات ثابتة نحو رشدها الذي يؤهلها لامتلاك زمام أمرها في الاقتصاد والاجتماع والثقافة والسياسة على وجه الخصوص، ولتدافع مع كل جماهير الشعب من أجل قضايا التحرّر الاجتماعي والوطني ولتلتقي مع كل الوطنيين الصادقين رفضا لكل وصاية أجنبية هيمنية، وتطلعا لعدل حقيقي وتقدم مدني يتصدى لرياح الارتداد والظلام ويقيم المساواة على أسس قانون وضعي تعاقدي بين مواطنين أحرار في وطن حرّ. وذلك هو جوهر مشروع حزب العمل الوطني الديمقراطي، ومشروع الطرح اليساري والوطني الذي نسعى لبنائه مع كل أبناء تونس المخلصين. (المصدر:  الإرادة    » لسان حال حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ  »  العدد الثاني  جوان 2007 )  

حيــاة الحزب
بدعوة من حزب العمل البلجيكي شارك حزب العمل الوطني الديمقراطي ممثلا في الرفيق محمد جمور في الدورة السادسة عشر للندوة الشيوعية العالمية التي التأمت ببروكسال من 4 إلى 6 ماي 2007. وشارك في هذا الملتقى 50 حزبا ومنظمة تنتمي إلى 39 بلدة وملاحظون من 9 بلدان، ينتمون إلى قارات إفريقيا وأروبا وآسيا وأمريكا بجزئيها الشمالي والجنوبي. وتمحورت المداخلات والنقاشات حول المواضيع التالية : » صلوحية وراهنية ثورة أكتوبر 1917 للقرن الواحد والعشرون / تجارب ملموسة لبناء الحزب في صفوف الطبقة العاملة والشببية/ نوع الحزب الضروري لمواجهة تحديات القرن الواحد والعشرين ».
وفي هذا الإطار ساهم ممثل حزب العمل الوطني الديمقراطي بمداخلة حول علاقة الحزب بالشغيلة، سنتولى نشرها لاحقا. واستأثرت تجربة شعوب أمريكا اللاتنية من أجل التحرّر الوطني والإنعتاق الإجتماعي بالنقاش المعمّق خاصّة من خلال تجارب كوبا و فنزولا والأكوادور بوليفيا ، وفي هذا السياق نظمت تظاهرة تضامنية مع الشعب الفنزويلي بحضور وفد برلماني من فنزولا.
هذا وصادقت الندوة على لائحة مركزية حول دروس الثورة الإشتراكية الكبرى وراهنيتها في بناء حزب الطبقة العاملة ، وعلى لوائح تضامن مع كوبا ومع الشعب الفيلبيني ومع شعوب أمريكا اللاتنية وعمال تركيا والمهاجرين في الولايات المتحدة كما تبنى المشاركون لائحة خاصّة بالوضع في الأقطار العربية (سننشرها في كراس خاص بالكامل ) أدانوا فيها الاحتلال الصهيوني لفلسطين ولأجزاء أخرى من أقطار عربية، كما شجبت اللائحة الحرب القذرة التي شنها التحالف الإمبريالي الرجعي بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية على العراق واحتلالها له وشجبت المحاولة الرامية إلى تقسيمه إلى دويلات على أسس طائفية وعرقية وكذلك « مشروع الشرق الأوسط الكبير » الأمريكي وسياسات الإتحاد الأروبي ومشاريعه الاستعمارية تجاه المنطقة العربية بوصفها سياسات استعمارية تهدف إلى إحكام الإحتكارات الإمبريالية على خيراتها واستغلال شعوبها ، وإعاقة استقلالها  وتحرّرها ودعم الأنظمة الرجعية القائمة والقوى السياسية الدينية  الظلامية.
(المصدر:  الإرادة    » لسان حال حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ  »  العدد الثاني  جوان 2007 )

 تهاني  سلّم الرفيق خالد الفالح عضو الهيئة التأسيسيّة لحزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ للسيّدة سهير بلحسن رسالة تهنئة بمناسبة انتخابها على رأس الفدراليّة الدوليّة لحقوق الإنسان. و جاء في الرسالة  » إنّ إنتخابكم لرئاسة هذه المنظّمة يعدّ تقديرا لدوركم الشخصيّ و فخرا للحركة النسائيّة في تونس و بقيّة الوطن العربيّ و دعما للرابطة التونسيّة للدفاع عن حقوق الإنسان ». كما عبّر فيها الحزب عن  » تعلّقه بالمبادئ الكونيّة لحقوق الإنسان و بالحقوق الإقتصاديّة و الإجتماعيّة و بحقّ الشعوب في تقرير مصيرها » و بانخراطه في « النضال من أجل السلم العالميّة و العدالة و المساواة. » و عبّرت السيّدة سهير بلحسن عن شكرها لهذه المبادرة و تم اللقاء يوم 14 ماي بباريس.  …………………………………………………………………………………………………………… اليــسـار  أصدر حزب العمل الوطني الديمقراطي العدد الثاني من مجلّته النظرية الداخلية « اليسار » التي يديرها الرفيق محمد الزريبي وقد خصص العدد لتناول قضية الماركسية والعولمة. وقد تضمّن العديد من الدراسات القيمة والمقاربات المتنوعة والتي يريد أصحابها [وهم مثقفون يساريون من مختلف المشارب]  الإسهام في تحريك السواكن لتحقيق نقلة في الوعي والسلوك لدى مثقفي اليسار بعيدا عن الدغمائية ونوازع المراجعة الارتدادية. ……………………………………………………………………………………………………………  تضامن  تلقى الحزب رسائلا يستنكر أصحابها لجوء السلطة لغلق الموقع الإلكتروني لحزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ. و لقد وردت هذه الرسائل من « حركة أبناء البلد – فلسطين » و مسؤول العلاقات الدوليّة في حزب العمل البلجيكي و العديد من الشخصيّات الديمقراطيّة الأجنبيّة. كما نشرت العديد من المواقع الإلكترونيّة الوطنيّة و العربيّة  و الدوليّة البيان الذي كان اصدره الحزب في تلك المناسبة. (المصدر:  الإرادة    » لسان حال حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ  »  العدد الثاني  جوان 2007 )  

متابعات: الوضع الاجتماعي

تشهد الساحة الاجتماعية تحرّكات نضالية عديدة بدأها قطاع التعليم الثانوي والأساسي باضرابات ناجحة توجت بعقد اتفاق إيجابي في قطاع التعليم الثانوي.  وبقدر ما أظهرت إطارات التعليم من قدرة على قيادة التحرّكات وتأطيرها من التجمع إلى الإضراب فإنّها أبدت مهارة فائقة في خوض المفاوضات واعداد الملفات المدروسة المحكمة، والجرأة والنضج في تقويم الأوضاع وعقد الاتفاقات التي تنمي ثقة القواعد في جدوى النضال النقابي بما تلمسه من ثمار مستحقّة وبما تفتحه من آفاق لمواصلة مسيرة تحقيق ما لم يتحقّق، دفاعا عن المصالح المادية والمعنوية للمدرسين ودفاعا عن مؤسسات التعليم العمومي.
وكان اضراب عمال الشركة التونسية للاتصالات يوم 10 ماي حلقة أخرى من حلقات النضال ضد الخصخصة المنفلتة من كل عقال والتي تهدد بالتفويت في أغلب رأسمال الشركة (51%) إلى شركات أجنبية وذلك بإضافة التفويت في 16% من رأس المال بعدما وقع التفويت سابقا في 35% من رأس المال لشركة إماراتية. ويعترض العمال على هذا التفويت لأنه يطلق يد العرف الجديد ليطبق سياسة تطهير يخشى العمال أن تهدد استقرارهم في مواطن الشغل وبالتراجع في مكاسبهم المهنية وتحول دون إشراك هياكل التمثيل العمالي في نشاط المؤسسة بما يضمن مصالح العمال، كما يطالب العمال بضرورة تحسين أوضاعهم المادية والاجتماعية.
وفي السياق ذاته كان اضراب أعوان المالية يوم 15 ماي وجها آخر من وجوه الحركة النضالية للطبقة العاملة وقد كان السبب الرئيسي للإضراب هو الاحتجاج على المماطلة في المفاوضات وعدم تطبيق اتفاق 27/10/2006 ويشير مناضلو القطاع إلى أن مطالبهم معقولة إذ تدعو لمراجعة منح مضى على إقرار مقاديرها 30 سنة (منحة الاستخلاص) و16 سنة (منحة التحفيز) ويشير مناضلو القطاع إلى أنهم الساهرون على مداخيل الدولة من الجباية (تمثل 75% من مداخيل ميزانية الدولة) ومن حقّهم أن تتحسن أوضاعهم.
وفي نفس السياق ينتظر أن ينفذ أعوان الصحة إضرابا كامل يوم 31 ماي للمطالبة بتحسين الوضع المادي للعاملين بالقطاع واقرار زيادات خاصّة للإطار شبه الطبي والعملة والإطارات والتقنيين والإداريين واقرار حقّ أعوان الصحة في المجانية المطلقة للعلاج والمطالبة بتأهيل المؤسسات الصحية العمومية وفق رزنامة مضبوطة قبل الشروع في تطبيق النظام الجديد للتأمين على المرض.
وهكذا يتضح أن الطبقة العاملة لم تفقد حيوتها النضالية وهي قادرة على التحرّك لتحقيق مطالبها التي تتلخص في الحصول على حقّها الثابت في ما تنتجه من ثروة وما تستحقّه من مكافأة على ما تسديه من خدمات وهي تقرن بين ذلك وبين الدفاع عن القطاع العمومي (المدرسة العمومية، المؤسسة الصحية، المرافق الخدمية العامة). ويتضح كذلك أن الاستجابة للمطالب العمالية  أمر ممكن ومفيد ويدعم ثقة المواطنين في المؤسسات التمثيلية ومن بينها الهياكل النقابية المنضوية تحت راية الاتحاد العام التونسي للشغل الذي من المصلحة دعم استقلاليته وعدم تهميشه أو إضعافه بافتعال صراعات غير مجدية داخله أو غرس بذور تعددية نقابية مصطنعة للتشكيك في وجاهة تمثيليته لأن الاتحاد قناة أساسية من قنوات صياغة المجتمع المدني الحيوي والمحصن ضد نوازع الاستبداد والتخلف.
إنّ نقابة ممثلة وذات مصداقية نضالية وبرنامج اجتماعي تقدمي هي خير رافد لصياغة تونس الجديدة المتطلعة إلى مزيد من التحرّر والديمقراطية والعدل الاجتماعي.
(المصدر:  الإرادة    » لسان حال حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ  »  العدد الثاني  جوان 2007 )  

صفاقس: البحّارة يعتصمون والحديديّون يضربون وفاجعة ستار أكاديمي لا تندمل

 عرفت جهة صفاقس شهرا ساخنا فقد عاشت الجهة عدة أحداث مهمة كانت أولاها كارثة التدافع في حفل ستار أكاديمي والذي أدى إلى موت وجرح عدد من الشباب في عمر الزهور. ومازال الأهالي يطالبون بتحديد المسؤوليات والتشديد في معاقبة المتسبب فيما وقع.
كما أن موجة من السخط على الثقافة الهابطة ومساعي استثمار ميولات الشباب في غير الوجهة السليمة قد عمت أغلب الأوساط وغدت حديث كل منتديات المدينة.  أما الحدث الثاني فقد كان اعتصام البحارة والذي ذكّر أهل المدينة بإضراب 2002 الذي دام شهرا كاملا. وقد عمد أغلب البحارة إلى الرجوع إلى البر صبيحة يوم 14 ماي، واعتصموا في بوابة الميناء احتجاجا على أوضاعهم المزرية والتي باتت تهددهم بالإفلاس والعجز عن إعالة أبنائهم.
وقد أعلنوا أن الاعتصام هو وسيلة للتنبيه لمطالبهم المتمثلة في:
 -مراجعة أسعار المازوط والترفيع في الدعم من 102 مليم إلى 210 مثلما يتمتع به بحارة الشمال والمطالبة بمراجعة سلم العقوبات بما يتلاءم مع أوضاع القطاع دون إخلال بالمحافظة على الثروة السمكية. -إلغاء الضريبة على الإنتاج والمقدرة بـ  2 %
 وقد اعتبر المعتصمون أنهم باتوا غير قادرين على تسديد كل هذه التكاليف رغم عملهم في ظروف قاسية وخطيرة ورغم ضعف التغطية الاجتماعية والحماية بسبب تحايل عديد المشغلين في الإيفاء بها، وتدني مداخيل البحارة كادحي البحر الذين يتقاسمون مجتمعين حصصا من قيمة الإنتاج لا تتجاوز 48% في حين يحصل أصحاب المراكب على 52%.
 الحدث البارز الآخر تمثل في إضراب الحديديين لمدة 24 ساعة وذلك خلال يوم 10 ماي. ورافق الإضراب تجمع نقابي في بهو محطة صافقس عبّرت فيه القاعدة الحديدية على صمودها ووحدتها وعدّد مؤطرو الإضراب الأسباب التي أدت إليه وأبرزها الحقّ في الترسيم والاستقرار في مراكز العمل،
وبعض المطالب الأخرى مثل تمكين الأعوان القائمين بمهن منهكة ومخلّة بالصحة من الرتب النشيطة، وتحقيق مجانية تذكرة الحجز وإرجاع بقية المطرودين .  ولكن أهم المطالب على الإطلاق هو رفض العلاقات الشغلية غير القانونية والتصدي لظاهرة السمسرة باليد العاملة، وهي الظاهرة المعروفة بالمناولة.
ورغم أن هذا المطلب هو مطلب قطاعي وذو بعد وطني فإنّ حديدي صفاقس على عادتهم في تصدر النضالات بادروا بطرحه وجسدوا التصدي العملي لهذه الظاهرة بالإضراب وبالتحرّك النضالي الناجح الذي أنجزوه.
(المصدر:  الإرادة    » لسان حال حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ  »  العدد الثاني  جوان 2007 )

في سوسة: طرد العامل المثالي

لا داعي للعجب فسياسات إعادة هيكلة المؤسسات المطبقة بتوصيات من صناديق النهب العالمية الوفية لمصالح أرباب العولمة الامبريالية والمعادية لمصالح العمال تفعل ذلك وأكثر. فقد هبت رياحها على الشركة التونسية لصناعة الإطارات المطاطية بمساكن وقضت بطرد 43 عاملا يوم 31 أفريل وتواصل الطرد ليشمل 205 عاملا يوم 2 ماي ويتوقع أن تلحق دفعة أخرى من المطرودين يقدر عددها بـ 81 عاملا يوم 31/05/2007. الغريب أن الشركة تعد من الشركات العتيدة في الجهة (مساكن) والأغرب أن قرارات الطرد قد اتخذت في ظل تغييب كامل للعمال بل تمت بقرارات فوقية وترتيبات مريبة بين إدارة المؤسسة وأطراف نقابية متورطة في ضبط قوائم الطرد على أسس بعيدة عن الموضوعية والشفافية، وإلا كيف تفسر طرد أم أرملة تعيل 4 أيتام، وطرد شبان سنهم بين 26 و30 سنة والإبقاء على أكثر من 30 عاملا سنهم فوق الخمسين وإذا كانت حجة الطرد هي السعي « لتأهيل المؤسسة ورفع قدرتها التنافسية لتحقيق الاندماج في السوق العالمية » فكيف نفسر طرد عمال قاموا بتربصات في المؤسسة الأم بإيطاليا وأمضوا عقودا بعدم مغادرة المؤسسة قبل 7 سنوات من نهاية التربص، لما يمثلونه من خبرة مطلوبة في السوق.
 وقد تبيّن أن قوائم الطرد قد ضبطت على أسس جهوية أي طرد من لا ينتمي إلى جهة مساكن أولا، كما تم الطرد على أساس الولاءات النقابية أي التخلص من غير الموالين للكاتب العام للنقابة الأساسية بالمؤسسة.
هكذا تتضافر عناصر التوجهات الاقتصادية الاستغلالية المعادية للعمال مع عناصر الفساد البيروقراطي والتخلف الاجتماعي (التمايز الجهوي محل المساواة في المواطنة) لتصنع مأساة هؤلاء العمال في مناسبة عيد العمال العالمي.
 ولكن ما يبعث الأمل حقّا هو أن هؤلاء العمال لم يستسلموا بل بادروا إلى الاحتجاج والاعتصام في مكان العمل وفي مقر الاتحاد الجهوي بسوسة وانطلقت في الجهة حملة تضامن عمالي واسعة عنوانها التصدي لسياسات الطرد والحفاظ على مواطن الشغل ومعاملة الجميع بالتساوي ومرة أخرى تثبت الطبقة العاملة أنها في طليعة النضال من أجل العدل والتقدم والمواطنة الحقيقية.
(المصدر:  الإرادة    » لسان حال حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ  »  العدد الثاني  جوان 2007 )

قــرمبالية: من يعيد لقمة العيش والبسمة لـ 25 عائلة؟

 نحن عمال وعاملات شركة « إيمان » للمسامير بقرمبالية، نعلم الرأي العام أن صاحب المؤسسة قام بطرد 25 عاملا وعاملة كلّهم مترسمون ولهم أقدمية بين 14 و20 سنة وأصحاب عائلات وتعلل العرف بالظرف الاقتصادي للمعمل، لكن الواقع يثبت عكس ذلك، إذ قام بتعويض كل العمال المطرودين بعمال جدد عن طريق شركة مناولة.
 وهكذا يتبين السبب الحقيقي للطرد التعسفي وهو التخلص من العمال المرسمين وضرب كل حقوقهم المكتسبة. وأساسا التمتع « بالاتفاقية المشتركة للمسابك والتعدين والبناءات الميكانيكية » التي وقع تطبيقها سنة 2006 بعد نضالات مشروعة خاضها عمال المؤسسة. ينضاف إلى ذلك ضرب الحقّ النقابي إذ كان أعضاء النقابة الأساسية أول المطرودين وقد قام العرف بهذه الإجراءات التعسفية ضاربا عرض الحائط بموقف التفقدية الجهوية بنابل، والتفقدية العامة بتونس والطرف النقابي والسلط المحلية والجهوية حيث طالبت كل هذه الأطراف بإعادة المطرودين إلى سالف عملهم فأي عرف هذا الذي يتنكر للعمال الذين ساهموا في تطوير المؤسسة بعرقهم وجهدهم وتضحياتهم؟
 وأي عرف هذا الذي لا يعترف بقوانين الشغل والبلاد وعلى رأسها اتفاقية 135 لحماية المسؤول النقابي؟ وأي عرف هذا الذي لا يحترم مواقف وقرارات السلط المحلية والجهوية والوطنية؟  أليس هناك قانونا يجب احترامه من قبل كل الأطراف ومن بينهم هذا العرف؟
فمن يوقف هذه المظلمة ويرجع العمال لسالف عملهم ويعيد لقمة العيش والبسمة لـ 25 عائلة من أبناء هذا الوطن العزيز؟  إنّنا نطالب السلط وكل الأطراف المعنية بالتدخل العاجل لوضع حدّ لهذه المظلمة.
(المصدر:  الإرادة    » لسان حال حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ  »  العدد الثاني  جوان 2007 )

عاملات وعمال  »Promotion Bembla » يرابطون بالطريق العام

 بعد سنة من الإنتظار والمعاناة والتجويع تمكّن العاملون بمؤسسة  »Promotion Bembla » (النهوض بالنسيج ببنبلة) من إستصدار أحكام في مستحقاتهم. وفي غفلة منهم تمكن صاحب المؤسسة من تفريغها من كلّ محتوياتها (تجهيزات ومواد) حتى لا تقع مصادرتها عند تنفيذ الأحكام، وأمام هذا التلاعب والتحايل رابط العمال أمام المؤسسة وعلى الطريق المؤدية إليها وهي الطريق الرابطة بين مدينة بنبلة ومدينة جمال وذلك طيلة يومين متتاليين (18 و 19 ماي) الشيء الذي فرض تغيير وجهة وسائل النقل إلى الطريق الفرعية عبر حقول الزياتين.
وأغرب ما في الأمر أنّ السلط الجهوية عجزت على وضع حدّ لهذا العبث المتواصل بمصالح عاملات وعمال  »Promotion Bembla  » الذي تجاوز الدائرة الشغلية لتصبح له تداعيات إجتماعية . مع التذكير أن عاملات وعمّال  »Promotion Bembla  » خاضوا في السنوات الماضية صراعا مريرا دفاعا عن حقوقهم الشغلية وكرامتهم من تجمعات بمقرّ معتمدية بنبلة وإعتصامات بالمؤسّسة وآخرها المرابطة بالطريق العام ليومين متتاليين .
كما سبق أن تقدّم صاحب المؤسسة بقضيّة عدلية ضدّ رئيس فرع المنستير للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بعد صدور بيان عن الفرع يندد بالإعتداءات التي سبق أن تعرض لها العاملات من قبل عناصر تم جلبهم للغرض.
(المصدر:  الإرادة    » لسان حال حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ  »  العدد الثاني  جوان 2007 )  

هجــرة
 لايكاد يمر يوم واحد إلا وتطالعنا الصحف اليومية التونسية بخبر إما عن موت شبان تونسيين  » حارقين  » أوحاولوا إجتياز المتوسط للإلتحاق بإيطاليا ، أوعن محاكمة شباب وقع إيقافهم من الدوائر الأمنية قبل أن يحقّقوا  » حلمهم » في الهجرة إلى ذلك البلد علما وأن « الحرقة » أو ما يعبر عنه قانونا بالهجرة السرية تعتبر جناية منذ عام 2002 بعد أن كانت مجرد جنحة بسيطة قبل صدور قانون مكافحة الهجرة السرية وغسل الأموال المتسم بجزريته المفرطة.
 جاء هذا القانون تماشيا مع « روح » مسار برشلونة واتفاقية الشراكة مع الإتحاد الأروبي الذين أطلقا العنان لتنتقل البضائع والراسميل الأروبية نحو تونس وطالبا من البلدان المتوسطية الشريكة للإتحاد الأروبي بمزيد من الحزم تجاه « الهجرة السرية » ويؤكد الإخصائيون أن رأس المال الأروبي واقتصاد بلدان الإتحاد الأوربي يجنيان مغانم كثيرة وكبيرة من الهجرة عموما بما في ذلك الهجرة السرية. فعلى سبيل المثال ساهم المهاجرون بنسبة 1,1% في نمو الإقتصاد الإسباني.
 ويقدر عدد المهاجرين  » غير القانونيين » في بلدان الإتحاد الأروبي بين 3و6 ملايين، ويزداد عددهم بـ  350000 و 500000 سنويا من بينهم عدد هام من مواطني المغرب العربي ، وتساهم اليد العاملة السوداء (المهاجرون غير الشرعيين) بنسبة تتراوح بين 7% و16%  من الانتاج الداخلي الخام لبلدان الإتحاد الأروبي ويشتغل هؤلاء المهاجرون السريون خاصّة في قطاعات الفلاحة والبناء والخدمات (عمل منزلي، المطاعم ، التنظيف) .
 ويخضع هؤلاء العمال لاستغلال فاحش من قبل رأس المال الأروبي إذ أنهم يتقاضون أجورا زهيدة ولا يتمتعون بتخطية إجتماعية علاوة عن تردي أوضاعهم المعيشية وعيشهم تحت الخوف الدائم من ترحيلهم.
وبالنسبة لبلادنا تفيد الاحصائيات أنه وخلال المدة المتراوحة بين 1998 و2003 وقع إيقاف ما لا يقل عن 40000 شخصا من 50 جنسية مختلفة حاولوا إجتياز الحدود بصورة غير قانونية من تونس نحو أوربا ، ومن بين هؤلاء يوجد 30% من التونسيين.
وعن أسباب التفكير في الهجرة أفاد استطلاع قامت به منظمة اليونساف مع 3000 شاب تونسي حول دوافع الهجرة أن:
– 12,5% منهم يبحث عن حياة أفضل بالخارج -31،5% منهم يعتبر أنه ليس هناك مستقبل في تونس –    9% منهم يرى  أنه يمكن الحصول بصورة أسهل عن العمل بأروبا – 10,3% منهم يعتبر أن كسب الثورة أيسر خارج تونس .
وأكد الإستطلاع أن 20,4% من المستجربين يفكرون في  » الحرقة  » مشيرا أن 15,2% من هؤلاء الشبان يتمتع بمستوى تعليمي عال.
ومن الواضح أن السبب الأول لهذه الهجرة السرية هو البحث عن العمل بعدما استفحلت البطالة وأصبحت ظاهرة مزمنة بلغت نسبتها بـ14,4% حسب المعطيات الرسمية ، وسوف لن تقدر نسبة النمو المرتقبة خلال المخطط القادم من القضاء عليها، إذ أن هذه النسبة ستكون في حدود 6,1% سنويا حسب أهداف الدولة والحال أن نسبة النمو القادرة على إمتصاص البطالة يجب ألا تكون أقل من 10% حسب الأخصائيين.
وتثير فينا النسبة الهامة من الشباب (31%) الذين برروا خيار الهجرة بانعدام آفاق مستقبله في تونس، عميق الإنشغال، إذ هذا يعني أن جزءا هاما من شبابنا أصبح يشعر بأن لا شيء يربطه ببلده وأن لا أحد يعير اهتماما بوضعه وبمأساته وبمستقبله.
إنّ عدم توفير الشغل القار واللائق لشبابنا سيرمي بعدد متزايد منه لليأس والإحباط مما سيؤهله معنويا لقبول الحلول المغلوطة كالإنخراط في الجماعات المتطرفة أو المجازفة بحياته من أجل الهجرة بأي ثمن نحو  » الجنة الأروبية » أو سيرمي به في أحضان تجار المخدرات.  إنّ حل مشاكل الشباب وصعوباته مسؤولية الدولة بالدرجة الأولى ولن تستطيع الحلول الترقيعية والجزئية تجاوز هذا الوضع الخطير.
(المصدر:  الإرادة    » لسان حال حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ  »  العدد الثاني  جوان 2007 )


تونس : كلمات في ذكرى رحيل الشهيد الخالد مبروك الزرن

مرسل الكسيبي*-+صحف عربية وشبكات اخبارية :
الأستاذ مبروك الزرن رحمه الله تعالى وأسكنه فراديس الجنان مع الأنبياء والشهداء والصديقين …,رجل لم تتسن لي معرفته قبل سنة 1991 حين جيء به متخفيا من أعين الظلم والقهر الى أحراش مدينة صفاقس التونسية , حينها فقط عرفت الرجل المتقدم في السن وصاحب الاعاقة في الرجل , عرفته متمردا على انحرافات دولة « القانون والمؤسسات » التي وعدنا بها تلفزيونيا وتبخرت أحلامها أمام مارأيناه من هول بطش الة المطاردة والاعتقال والتعذيب في تونسنا المحروسة …! في الذكرى العاشرة لرحيل واحد من أبرز رجالات تونس المصابرة على أذى وقمع جزء نافذ من نخبتها السياسية والأمنية الحاكمة , وددت أن أخلد بعض مشاهداتي العينية عما رأيته أو سمعته عن هذا الرجل الذي كان مفترضا في دولة الحداثة و »القانون » تمتيعه بالوسام الأول للجمهورية نتيجة صبره وجلده على اكراهات الاعاقة الجسدية التي عانى منها دون أن تقعد ايمانه وارادته عن الرغبة في التألق والعطاء … قابلت الرجل مستمعا ومنصتا سنة 1991 في اطار جلسات عامة كان يؤمها عبر محاضراته التي حدثنا فيها عن فضائل الوطنية وعمق الايمان والتجرد في سبيل رفعة شأن تونس وتحررها من مزالق الظلم والقهر  والانحراف  الحقوقي أو السياسي . حدثنا عن المثل القدوة الذي يتقدم الناس في موضوعات التغيير برغم اعاقته التي كانت تفرض عليه حوالي العشرين دقيقة من أجل اتمام شعيرة الوضوء … مازالت صورته خالدة في ذهني ,حين أم حضورنا لأداء فريضة صلاة العشاء بعد أن أمنا وطنية وعظة وتوجيها وتربية في زمن كنا نحسب فيه أن تونس هي فعلا لجميع أبنائها وبناتها, ولكن تبين بالكاشف أنها ملك خاص لأصحاب الرأي الواحد والحزب الواحد والزعيم الواحد والتلفزيون الواحد والنهج الاعلامي والأمني والسياسي الواحد …انها تونس المحروسة التي تحرسها عيون الوشاية والكفران بالرأي الاخر زمن العولمة والتعدد والتنوع الذي أودعه الله تعالى سرا محكما بين جنبات هذا الكون … لقد صادف أن دخلت يوما الى واحد من المقرات المركزية للأمن الوطني حيث تختلط السياسة بالأمن لتلد ابنا غير رحيم بالتونسيين والتونسيات اسمه البوليس السياسي , لأفاجأ حينها وفي مدخل الاستقبال بصورة الشهيد مبروك الزرن بالأبيض والأسود معلقة على واحد من حيطان دولة « الحق والقانون  » … انه مشهد البحث عن رجل أعرج وأستاذ في اللغة العربية ومادة التفكير الاسلامي, ليس له من ذنب ,سوى أنه اختار الانتظام سياسيا داخل حزب وطني واسلامي معتدل فرضت على مناضليه المطاردة والسجون منذ 26 سنة كاملة غير منقوصة … انها فعلا « تونس المحروسة » التي أدمت قلوبنا تهجيرا وسجنا وتعذيبا من أجل رفاهية الأقلية أو الأغلبية الحاكمة , ألا فلتحيا دولة القانون والمؤسسات ! , ألا فلتحيا دولة القانون والمؤسسات , ألا فلتحيا دولة القانون والمؤسسات …! متى تتوب تونس المحروسة عن انحرافاتها القانونية والأمنية والسياسية وتدرك جيدا بأن الالاف من قادة وشباب تونس الذين ينبذون العنف وسيلة للتغيير أو وسيلة لنزع الاعترافات القسرية أو وسيلة لكسر أنفتنا وابائنا وشموخنا الوطني …, تدرك بأن مثل هؤلاء القادة والطلائع الشبابية لايمكن تمزيق ارادتهم في سجون قروسطية أو منافي غير أبدية , وانما لابد أن تستوعبهم دولة الحكم الراشد في مجالس وطنية ومشاركة سياسية واقتصادية واعلامية وحقوقية واجتماعية وثقافية تثري رصيدنا الوطني وذاكرتنا الجماعية بالحياة والعطاء والرقي والنماء ,بدل اثرائها بتخليد ذكرى الأموات والاعاقات الجسدية والنفسية التي تسبب فيها محاورو , واعلاميو وأمنيو وسياسيو وعباد الكرباج في دولتنا اللاوطنية … تحية الى شهيد تونس وشعبها المصابر الأستاذ مبروك الزرن في مرقده الدنيوي وفي مقامه العليوي بين يدي أحكم الحاكمين وقيوم السماوات والأرض , وتحية الى اخوانه ورفاق دربه في السجون , كما داخل وخارج تراب الوطن , تحية الى أولئك الذين بقيت هاماتهم مرفوعة لم تنحنى الا لبارئها وخالقها لتشتكي رداءة وسادية جزء نافذ من نخبنا الحاكمة . تحية الى الأقلام الشامخة والى الأحرار من أصحاب القمصان السوداء فرسان المحاماة , والى أصحاب القمصان البيضاء من الأطباء الذين رفضوا بأن يكونوا شاهد زور على التاريخ حين شخصوا وشرحوا أجساد شهداء تونس البررة , كما تحية الى كل شهم في جهاز القضاء رفض مواصلة اخراج المسرحية العنفية التي تلذذت فيها ماكينة السجن والتعذيب بافناء أجساد ثلة مؤمنة ومناضلة من شباب تونس ورجالاتها الأخيار … تحية الى كل الوطنيين الذين سيكون دورهم حاسما في ايقاف هذا النزيف الذي أساء الى سمعة تونس وشعبها المعطاء , تحية الى الاصلاحيين الذين سيغيرون مجرى التاريخ حين يعدلون مسارات واتجاهات البوصلة التونسية ليحملوا الدولة وأجهزتها على الاصغاء لارادة النماء والحياة … انها تونس الجديدة التي نرتقب لحظة ميلادها … حرر بتاريخ 3 جوان 2007-17 جمادى الأولى 1428 ه . *كاتب واعلامي تونسي/ رئيس تحرير صحيفة الوسط التونسية : reporteur2005@yahoo.de  (المصدر: صحيفة « الوسط التونسية » (أليكترونية – ألمانيا) بتاريخ 3 جوان 2007)

بسم الله الرحمن الرحيم

الثبات على الأولويات

محمد زريق، كندا
إن حال سياستنا وسياسيينا في تونس اليوم كحال من تغوص أقدامهم في أوحال المستنقع وقد تراءت لهم من بعيد على السهل الأخضر شجرة مثمرة،  فعوض التعاون على الخروج من المستنقع حتى إذا تمكنوا من الوصول إلى تلكم الشجرة تعاونوا على رعايتها وتنميتها لتثمر لهم ولأبنائهم، تراهم وهم مسمرون في مكانهم وأرجلهم تزداد غوصا، يتناقشون فيتشاجرون فيتصارعون على قسمة ثمار الشجرة، فلا يفيقون إلا والوحل قد بدأ يلامس أعناقهم فلا يستطيعون حراكا، وكأن لسان حالهم يقول إما الظفر يالنسبة الأكبر من الغنيمة أو الموت للجميع في قاع المستنقع.
حري بنا ونحن نغرق في مستنقع الظلم والديكتاتورية أن لا ينصب اهتمامنا في غير الخروج من هذا المستنقع لأنه من العبث وإضاعة الجهد أن نبحث الآن في وضعنا ومصالحنا وحصصنا عند احتمال الوصول إلى سهل الحرية، والحال أن أقدامنا مازالت تزداد غوصا في الأوحال يوما بعد يوم والسهل يبتعد عنا يوما بعد يوم على الحركة السياسية الوطنية أن تحدد أهدافها وأن تحدد لأهدافها مسارا وأن تحدد لمسارها مراحل تكون واضحة المعالم والمعايير، فبناء تونس الحرية والسيادة والكرامة يتطلب تفكيرا وتخطيطا هادئين وهذا الهدوء لا يتأتى إلا في مناخ من الحرية والتنافس الحر، والحرية لن تسود إلا بالتحرر  من الإستبداد والظلم، لذلك علينا إن نجعل من مرحلتنا الأولى مرحلة التحرر ومن مرحلتنا الثانية مرحلة الحرية وأما الثالثة والتي نتمنى لها الدوام فهي مرحلة البناء   
مرحلة التحرر
تتميز هذه المرحلة بالإنغلاق السياسي والحيف الإجتماعي والتصحر الثقافي ورغم النداءات العديدة الموجهة للسلطة لإنفتاحها على المعارضة وتعاطيها الإيجابي مع مطالب الشعب ورغم العديد من دعوات المصالحة وطي صفحة الماضي إلا أن السلطة مازالت ماضية في سياسة الهروب إلى الأمام وصم آذانها عن كل نداءات الحكمة والتعقل وخاصة تلك الصادرة عن ضحايا عنف الدولة وتنكيلها.
ليس غريبا أن يكون هذا موقف السلطة بل ساذج من ينتظر منها غير هذا الموقف في ظل تناقض مصالحها مع مطالب الشعب في الحرية والعدالة وفي ظل اختلال موازين القوى لصالحها، فغالبية القائمين على السلطة والدائرين في فلكها عاجزين عن استيعاب الحراك السياسي والإجتماعي الذي يعتمل في رحم المجتمع وغير مهيئين  لإدارة عملية سياسية في حالة من الحرية والتنافس النزيه إضافة إلى أنهم غارقون في فساد مالي  وأخلاقي يخشون من حالة الحرية أن تفقدهم امتيازاتهم بل قد تعرضهم للمحاسبة، لذلك ليس من سبيل لتحقيق الإنفتاح السياسي والمصالحة الوطنية الشاملة التي هي بوابة مرحلة الحرية والديمقراطية إلا بإحداث توازن قوة والذي لا يقوم إلا بتحريك سواكن الشعب وتحفيزه لتحمل مسؤوليته في التحرر من براثن الإستبداد والظلم ولا يكون ذلك إلا بإحياء وإعادة تفعيل مؤسسات المجتمع وقواه الحية وخاصة الحركتين الطلابية والنقابية اللتين كانتا تمثلان حصنا المجتمع ومحضنا لفعله النضالي، إضافة إلى الجمعيات و الأحزاب الوطنية.
تتمحور أولوية العمل الوطني في هذه المرحلة حول دحر الإستبداد ورفع الوصاية على الشعب والتأسيس لحالة من الحرية لا يرتبط معيار تحققها بأسماء من يحكمون ولا بعناوينهم ولا ألوانهم وإنما بمدي الطمئنينة لاستقرار واستمرار هذه الحالة بإرساء أسس متينة يتوافق عليها الجميع ويكون الشعب حارسها القوي، أما بوابتها فهي تحقيق المطالب التي أجمعب عليها الحركة السياسية الوطنية  من إفراغ السجون من السياسيين وأصحاب الرأي وتطبيق العفو التشريعي العام وحرية الصحافة والتعبير وحرية التنطم والإجتماع. 
مرحلة الحرية
عند تحقق مناخ الحرية المنشود تتساوى فرص التنافس بين كل فعاليات المجتمع ويتسنى حينها للجميع بناء أفكارهم وتخطيط برامجهم ليتم عرضها على الشعب الذي يمتلك وقتها كل القدرات للإطلاع والحكم والإختيار، ففي خلال هذه المرحلة يكون الوقت مناسبا لطرح قضايا حيوية مثل الهوية وطبيعة الدولة والنظام الإقتصادي والإجتماعي وغيرها من القضايا الأساسية الضرورية لتحديد النمط المجتمعي المنشود والذي على أساسه ومن خلاله قد تعاد صياغة الخارطة السياسيةل، فقد تبرز كيانات سياسية جديدة وتندثر أخرى وتبنى التحالفات على أساس البرامج كما بنيت في المرحلة السابقة على أساس المطالب. فيتم خلال هذه المرحلة الدربة على الممارسة الديمقراطية والتنافس النزيه والقبول بالإحتكام إلى الشعب صاحب المصلحة والقرار، وتتوج هذه المرحلة بعمليات إنتخابية لكل دوائر القرار المحلية والجهوية والوطنية، التشريعية منها والتنفيذية، للإنتهاء ببناء مؤسسات المجتمع والدولة وعندها فقط تنطلق علمية البناء الحقيقية
مرحلة البناء
إذا كان عنوان المرحلة الأولى هو المطالب وعنوان المرحلة الثانية هو البرامج فإن عنوان هذه المرحلة هو الإنجاز فهو المحك الذي تثبت فيه المجموعة المنتخبة حزبا كانت أم تكتلا صدقية برامجها وحكمتها في التخطيط وجدارتها في التنفيذ و هو الإمتحان الذي على أساسه يكون حكم الشعب بين رضاء فتزكية أو رفض فتغيير. وبما أننا بصدد المرحلة الأولى من مراحل نضالنا السياسي علينا أن نتوحد حول مطالب هذه المرحلة ونجعل منها أولوية أولوياتنا الوطنية وأن نتوسل في سبيل ذلك بكل الوسائل المشروعة، وأن نؤجل بقية القضايا، على أهميته،ا إلى المرحلة الموالية حين تتحقق شروط طرحها، كما علينا أن لا نستعجل ويجب أن نتحلى بالصبر حتي لا نسقط في نهج الخلاص الفردي ، أو نسقط في القبول ببعض الفتات الحقوقي على حساب المنطلق الثقافي والمشروع السياسي وعذابات المساجين ودماء الشهداء وهذان النهجان لا يؤديان إلا إلى الإنتحار السياسي.     
بعد تجارب مريرة ساهمت في تمزيق قوى المعارضة وسهلت للنظام الإنقضاض عليها الواحدة تلوى الأخرى أهتدت مجموعة من السياسيين والحقوقيين يمثلون جل الشرائح الفكرية والسياسية إلى طريق العمل المشترك، ودشنت عملها بتحركات نضالية أخرجت العمل السياسي المعارض من الكواليس وكراسي النزل والمقاهي إلى الميدان الجماهيري وألتقت في نضالها على مجموع المطالب التي يمكن أن يتوحد حولها كل وطني صادق وهي مطالب إن تحققت تزيح عن بلادنا آفة الإستبداد وتحقق الحرية للجميع دون استثناء، وأعتبارا لواقعية وصدقية مطالبها ونهجها النضالي الجماهيري استطاعت هذه الحركة أن تمتد في عمق التراب الوطني وأن يصل صداها إلى خارج البلاد وأن تلف حولها الكثير من أبناء الشعب، لكن سرعان ماأرتطمت هذه الحركة بتعسف السلطة من جهة ومن حهة أخرى بتشويش من أطراف في المعارضة، البعض منها لرفضه للحرية والبعض الآخر لإستعجاله لها
فالحركة السياسية الوطنية تتعرض اليوم للتشويش من ناحيتي اليسار واليمين فعلى اليمين من جهة الإسلاميين مجموعة تدعو إلى مصالحة مبنية على أسس وهمية لن تكون مآلاتها إلا الخنوع والإستسلام للإستبداد محملين مسؤولية الإنسداد السياسي للضحايا مسلوبي القدرة على الحركة فضلا عن التقرير مصورينهم على أنهم يملكون مفاتيح السجون مانعينها عن السلطات الرؤوفة الرحيمة لتفتح بها أبواب الزنازين أوكأنهم رافضين استلام رخصة دكانهم السياسي التي « خززت » في أدراج الداخلية، والغريب أن هؤلاء الدعاة على أبواب المصالحة جعلوا لها بابا واحدا وهو قيادة حركة النهضة، وجعلوا قضية تونس « حسبة  » بين النهضة والحزب الحاكم يمكن تصفيتها بجملة لطيفة وتعبير عن نوايا حسنة وأن المرجو من هذه المصالحة هو جواز سفر للمهجرين ليتحولوا إلى فئة المهاجرين ليتمتعوا بعطلة جميلة في أحضان ربيع تونس وصيفها، ولا ندري لما لم بجرؤ هؤلاء على تنفيذ هذه المصالحة بينهم وبين أصحاب النوايا الحسنة من السلطة وفعلوا مثل ما فعل السابقون ممن يضربون بهم الأمثال فينخرطوا في حزب السلطة ويؤثرون من خلاله، ولعل ما لم يستطيعون الإقناع به نظريا قد يقنعون به عمليا، فليكف هولاء عن دعواتهم وأستاذيتهم ووساطيتهم وليطبقوا ما يؤمنون به على أنفسهم وكفى المؤمنين جدالا.
أما على يسار الحركة السياسية الوطنية من جهة العلمانيين ففئة من اليساريين الإنتهازيين الإستأصاليين المتطرفين الذين لا هم لهم سوى استبعاد أي شبح لتقارب بين السلطة والمعارضة الإسلامية ومحاربة أي محاولة لحل ملف الإسلاميين ولو في بعده الإنساني وتراهم من أجل ذلك يحركون معارك جانبية يورطون فيها السلطة لتمعن أكثر في معاداتها للشعب والإسلام والإسلاميين حتي يزيدوا الهوة اتساعا لقطعوا الطريق أمام أي تفكير للعودة إلى قطار المصالحة الشاملة بين السلطة والمعارضة ومصالحة جميعهم مع الشعب، ولا غرابة في توجه هؤلاء حيث أنهم مازالوا يوهمون أنفسهم بأن مسارهم هذا يتماشى وإيديولجيتهم المحنطة التي مازالت تعتبر الدين أفيون الشعوب وأن « رأسمالية » السلطة متقدمة تاريخيا على « إقطاعية » الإسلاميين، والحقيقة هي أن مصالحهم الذاتية والفئوية وقناعتهم بفقرهم الجماهيري هو الذي جعلهم يرتمون في أحضان نظام استبدادي ظالم، وتراهم على قلتهم مؤثرين في مجريات الأمور لما لهم من آذان صاغية لدي أطراف فاعلة في السلطة.      
إن تعسف السلطة وتشويش بعض الفئات في المعارضة ساهما في انزواء حركة 18 أكتوبر لتعوض النضال الجماهيري المطلوب اليوم بإلحاح بالتطارح الفكري الذي في غير أوانه نظرا لعدم توفر شروطه فكيف يعقل أن يطلب اليوم من حركات سياسية ممزقة بين سجن ومنفي وأخرى محاصرة في مقراتها ووسائل تعبيرها أن تحدد مواقفها من قضايا حيوية تتطلب اجتماعا وإجماعا.
فالمطلوب اليوم أن تستعيد الحركة السياسية الوطنية حيويتها ونضاليتها والتحامها بالقوى الحية للمجتمع حتي تحدث التوازن المطلوب المساعد على دفع كل الأطراف للقبول بمصالحة وطنية شاملة تدشن بها بلادنا مرحلة الحرية والديمقراطية المنشودة.
محمد زريق 02 جوان 2007  (المصدر: موقع نهضة نت   بتاريخ 3 جوان 2007)  


 

إنهم يكذبون  

عبدالباقي خليفة

قبل فترة زار وفد أمني تونسي عدد من العواصم الاوروبية من بينها لندن وباريس ،والتقى عددا من القوادة السياسيين ، وإن كانت القوادة السياسية لا تختلف كثيرا عن القوادة المعروفة في المشرق العربي بمفهومها الخاص . ونقل الوفد الأمني المعلومات التي قدمها له أولئك القوادة إلى المخزن بالتعبير المغربي . في تلك اللقاءات كما أخبرني أحد النادمين ولكنه لا يزال داخل شبكة الاشقياء الثلاثة لنقل أخبارهم لإخوانه ، حث الوفد الأمني على إحداث المزيد من الاختراقات في صفوف الحركة الاسلامية ، النهضة ومجموعات أخرى يقودها أشخاص عرفوا في وقت سابق بنشاط ثوري وأرسلوا تهديدات لوزير داخلية سابق ( الآن أصبح الأمر معروفا لدى الجهة المعنية ) طلب الوفد الأمني من المتورطين وأغلب أسمائهم في لائحة الممضين أسفله ، التي نشرت مؤخرا وتحمل حركة النهضة المسؤولية عما جرى في تونس في عشرينية القمع . طلب الوفد الأمني من بعض الافراد المتورطين أن يقدموا له ( معلومات وليس تحيليلات سياسية ) عن وضع الاسلاميين وحركة النهضة تحديدا . البعض ممن التقاهم الوفد ( الاسماء ليست للنشر في الوقت الحاضر ) مواصلة الحديث وباصرار عن خدعة المصالحة ، ودون التفات لما يساق من أدلة وبراهين على أن النظام لا يريد هذه المصالحة ، إلا من باب إحداث التفكك داخل الحركة الاسلامية وإثارة الخصومات داخل حركة النهضة حول النهج الذي يجب اتباعه . الأخ الذي اتصل بي أخبرني أيضا أن توقيت نشر ما سمي بعريضة الموقعين أسفله ، جاءت لدعم هذا الاتجاه وفي هذا الإطار بعد تسفيه عدد من الكتاب لتلك الدعوة و السخرية من أنها لم تحقق أهدافها . وبتوجيه من السلطات الامنية المذكورة ،أن بعض المورطين كتبت اسماءهم دون علمهم ودون إستشارتهم باستثناء الاخ الذي ندد بذلك واعترض على كتابة اسمه . بقي القول أن هناك ملفا باسماء القوادة في الخارج تم نسخه و تهريبه ، فإذا حصلنا على نسخة منه لن نتردد في نشره . أما العبد الضعيف فأرجو أن تذكروه دائما إذا حدث له مكروه والسلام عليكم ورحمة الله بركاته . ملاحظة / سأعود للموضوع بعون الله إن بقي في العمر بقية ، فالقضية ليست خلاف في الرأي كما يريد أن يوهمنا البعض ، وإنما استراتيجية ينفذها من لا يقدرون على التراجع بعد أن قذفهم الموج في أعماق بحر الاستبداد لخدمته وإلا فالغرق .

 
(المصدر: موقع الحوارنت بتاريخ 3 جوان 2007)


هل مازالت هناك آمال معلقة على جدار اليأس

عذرا أيها السادة.

أنا واحد من اولائك المجاهيل الذين تحدث عنهم ذات مرة « كاتم السر ».. ورئيس الأغلبية الرئاسية لحزب النهضة في المهجر. اقرا واتابع ما يكتب… تستفزني بعض المواضيع وتضحكني أخرى… أفكر كثيرا من المرات في الكتابة… ولكنى أجد نفسي مجبرا على السكوت.. تواجهني لافتة مكتوب عليها… إما أن تقول كل ما تعتقد انه حق أو لا تقول…

وقد اطلعت أخيرا على بيان مشترك أمضاه بعض أصدقاء اصحاب مبادرة… بيان ماي التاريخي الذي صدر في السنة الماضية…يدعو إلى إنهاء مأساة طالت… وأردت بهذه المناسبة دعوة أصحاب المبادرة إلى شي من الوضوح والمبد ئية فيما يطرحون…

ولضيق الوقت فقد حاولت التعليق على بعض الفقرات وطرحت أسئلة

وسأفرد النقاط 3 و 4 بالتحليل في مقال قادم إن يسر الله  ذلك

مرّت سنة تقريبا على بيان أصدرناه كمجموعة من التونسيين بالمهجر تحت عنوان « من أجل إنهاء ماساة طالت« ، جوهره الدعوة إلى استخلاص الدروس من تجربة عشناها في إطار « حركة النهضة » و تعبيرا عن تبايننا مع منهجية تعاطي قيادة هذه الحركة مع قضايا جوهرية تهم جميع التونسيين أهمها موقع الإسلام في الصراع السيـاسي و الحـزبي، و قضية المساجين و عودة المغتربين.

ان من حق بل من واجب الجميع استخلاص الدروس والعبر وتقييم المسار وهذا عمل يومي لأصحاب العقول الذين يعيشون واقعهم ولابد ان يكون هذا التمشى نابع من إرادة ذاتية… إرادة صادقة…تبحث عن الحقيقة تتبنى الموقف بعد البحث والتمحيص… لا مجرد افعال سياسية  ناتجة عن خلاف في الموقف أو في الأمزجة …

فالقضايا المطروحة على غاية من الاهمية  وياليت كان لاصحاب المبادرة سبق في تناول كل موضوع منها بالتحليل والدراسة… وادارة الحوار.. انها قضايا لايمكن البت فيها ببيان سنوي … فقد مرت سنة دون أن نسمع ونقرا مساهمات منهم في هذه المواضيع

 فالخلاف على كيفية إدارة الحركة في المهجر لايجب ان يكون مبررا لإدارة الضهر لتاريخ هذه الحركة ومحاكمته بجرة قلم… والارتماء في احضان السلطة…

انه من الشجاعة لمن طالت به الرحلة ان يرفع الراية البيضاء وحده… دون أن يبحث عن مساندين له ويتهم الآخرين

و إننا إذ نعود اليوم لهذه المواضيع لاعتقادنا بأن ما أثارته من جدل يجب أن يرتقي إلى مستوى الحـوار الجـاد و البنـّاء، و لا يبقى في مستوى ردود الأفعال التي تراوح في أغلبها بين التشهير و المغالطة.

امل ان تكون هذه العودة مناسبة – للخروج من الجدل الدائر حول حقيقة المصالحة…  بين متهم ومصفق الى تحليل دقيق ينطلق من معطيات واقعية لا من اوهام وتمنيات…فالسياسة في تونس لايجب ان تكون مجرد خطاب وإنما لابد ان تكون فعل… والكلمة الطيبة مطلوبة ولكنها لا تغير من واقع الحال شيئا إذا لم يتبعها عمل صالح…

ودعونا من ردود الافعال … وحدثونا عن أداء السلطة في هذا المجال… هل من المعقول ان نطلب ممن هو مطروحا أرضا ان يتنازل.اكثر .. اليس العفو عند المقدرة… انه مع الأسف منطق مقلوب يهدف إلى مزيد من التشفي  في خصم اعترف بأنه اخطأ في التقدير والتخطيط  ولكنه مصر على حقه في الوجود والعمل…

 

نعود اليوم لنذكّر بما طرحناه من قضايا و لنسجل ما تحقق من نقاط ايجابية و لو جزئيا:

1- بالنسبة للمساجين تم إطلاق العديد من قيادات حركة النهضة بموجب عفو رئاسي على دفعات متتالية، نعتبر ذلك رغبة في إنهاء هذه المأساة و طيا لصفحة الماضي

هل فعلا هناك رغبة من طرف السلطات في طي صفحة الماضي… ماهي مؤشرات ذالك

 هل هناك معنى للعفو الرئاسي حينما يقضي السجين اكثر من تسعين في المائة من محكوميته

هل هناك معنى للعفو حينما يجد المسرح محاصرا من جديد في رزقه وقوت عياله – بالمراقبة الادارية أحيانا… وبالمتابعة…التي لاتنتهي… اسالو الضحايا ان كنتم لاتعلمون

وبربكم هل ان بيان متشنج يصدر من لندن هو السبب في تعميق هذه ألازمة … هل ما يعانيه عبد الله الزواري مثلا هو نتيجة للبيانات التي توصف  بالنارية والتي يصدرها راشد الغنوشي

هل ان القيادات التاريخية التي خرجت من السجن واكتوت بنار الواقع… تتحدث عن مؤشرات لطي صفحة الماضي ام ان ما تطرحونه هو مجرد حديث نفس…  إن لم نقل غير ذلك …

 

. في مقابل هذا التوجه شنّت قيادة النهضة حملة تشكيك في مسار التسوية و محاولات تشويهه، تارة بالسباب و أخرى باتهام السّلطات التونسية بالمناورة و المغالطة.. و يكفي مراجعة المقالات التي صاحبت فترة إطلاق سراح هؤلاء الأخوة، للتأكد من أنها كانت في مجملها سلبية. مثلما يردّد رئيس الحركة في العديد من المناسبات أن خروجهم لا يعدو أن يكون انتقالا من سجن صغير إلى السجن الأكبر.

هل هناك فعلا مسار اسمه » مسار التسوية »… ومن يتحدث عنه… رئيس الدولة… حكومته…حزب الدولة…في اى صحيفة من الصحف..  إذاعة… تلفزة … وقعت الإشارة لمثل هذا المسار…  وحتى الحامدى الذي ملا الدنيا ضجيجا حول موضوع المصالحة في الفضاء الافتراضي لم يفتح الحوار في فضائياته ومستقلته… فقليلا من الحياء والضحك على عقول الناس…  

ثم أين شنت هذه الحملة… على البيان التاريخي… هل مجرد ابداء الراي وخاصة امام اللهجة المتعالية   القطعية الدلالة…والقطعية الثبوت… التي تميز ت بها هذه النصوص يدخل في إطار حملة… وهل مازلتم تعتقدون ان النهضة في المهجر لها مؤسسات منضمة لشن  مثل هذه الحملات …

 وفي خصوص « أن خروجهم لا يعدو أن يكون انتقالا من سجن صغير إلى السجن الأكبر »

هل فعلا كان مجمل خطاب رئيس حركة النهضة في المهجر وبعض المناضلين بهذا المعنى ام ان هناك معاني يقع التأكيد عليها وأخرى يقع تناسيها رغبة في تلبيس شخص واحد محنة الحركة…بعدما وقع تشخيص الصراع من طرف السلطة…

هل يعتقد أصحاب هذا البيان أن مغادرة راشد الغنوشي لقيادة حركة النهضة سوف يفتح باب الجنة في تونس… فاذا كان ذللك حقيقة… فليكن بيانكم  المقبل. محوره …اقناع إتباعه واصحابه  بذالك و دعوته للتخلي…

 

و بمناسبة هذا البيان، نرجو من سيادة رئيس الدولة أن يوسّع دائرة العفو لتشمل من تبقى من المساجين و تمكين المسرحين من استرداد حقوقهم.

نحن نرجو معكم ان يستجيب سيادته لطلبكم وعندها   فقط  يجوز اخلاقيا ان يفتخ الباب.للجميع ..وخاصة للؤلائك  للذين فضلوا الصمت في انتضار الضروف الصحية  ..ضروف تمكنهم من  ان ينطقوا  ويتكلمو  بحرية  ويدلو بدلوهم في تحديد المسؤولية على مستوى الافكار والاشخاص… اما الجدل الدائر حاليا فانه نوع من المحاكمة التى تتم  في غياب الشهود …

 

2- فيما يتعلّق بقضية العودة إلى أرض الوطن، فانه برغم الحملات الغوغائية، التي حاولت إفشال هذه المبادرة التي طرحت في إطار لجنة مكلفة من رئيس الجمهورية، و ذلك بالتشكيك في مصداقيتها و اتهام كل من انخرط فيها بالخيانة أو السذاجة، فإننا نسجل أن خيار العودة يتقدّم يوما بعد يوم، خاصة و أن السلطات التونسية تعاملت بكل ايجابية في معالجة هذا الملف، و فتحت الباب أمام العديد من الأخوة لاسترداد جوازاتهم و الرجوع إلى أهلهم و وطنهم.

 وحتى تكون الأمور واضحة   فالرجاء الإفادة   بطبيعة وحقيقة هذه اللجنة التي كونها سيادته… من هم أعضاؤها وبمن اتصلت. ومن استفاد… حتى تكون الأمور شفافة ويفهم البسطاء مثلي حقيقة الأوضاع… وبالمناسبة هل أمضى كل المستفيدين على هذا البيان التاريخي…

ماهي الاهداف الحقيقية لمثل هذه البالونات التي يرسلها النضام  في اتجاه المهجر من حين لآخر

هل سويت كل الملفات ولم يبق إلا ملف المهجرين…أم أن هناك حاجة في نفس يعقوب… حاجة اقتصادية..او سياسية…

 هل أن عودة المهجرين وبقاء رموز معروفة باعتدالها داخل السجون سوف يقضي على الاحتقان السياسي…

 ماهو إحساس العائدين عندما يعلمون ان شخصا مثل الدكتور صادق شوروا مازال يعاني السجن والتعذيب… وليس له من ذنب سوى انه تحمل مسؤولية إدارة الحركة في ضر وف صعبة والتزم بقرار الأغلبية… قرار الدفاع عن القيم والمبادى التي تعلمونها الابنائكم… وامن بان المسؤولية جماعية…

وها أنكم اليوم تتخلون عن هذه المسؤولية وتدعون إلى الخلاص الفردي

أمام هذا التطور الإيجابي لا يسعنا إلا أن نؤكد أن الإسراع بتسوية وضعية اللذين تقدموا بمطالب للحصول على جوازاتهم و فتح الباب أمام الراغبين في العودة إلى وطنهم العزيز تونس سيساعد من لا يزال في نفسه شكّ أو تردد على أخذ قراره بيده و أن لا يترك للأحد وصاية على مصيره و مصير أبنائه، فتونس لكل أبنائها.

 نعم  …انه تطور ايجابي ولاشك…ان يسمح لتونسي بالعودة الى وطنه رغم انه لم يرتكب جريمة في حق هذا الوطن… أقصى مااراده الكثير من المشردين. القليل من الكرامة…

اما قصة الوصاية…فان الوصاية الوحيدة التي بقيت للكثير من الشرفاء سواء في الداخل او الخارج – هي وصاية الضمير…الذي يخجل من نفسه وهو يسمع آهات المعذبين…آهات الأرامل… فلا يزيف الحقائق… وينضر بمنضار المتسلط…

من الوصي على من في دنيا التهجير… قليلا من الحياء…

  

عباس أبو احمد

Abbes.abouahmed@gmail.com

 

 همسة –   حتى لابتعب الاستاذ صفوان نفسه في البحث عن صاحب الكلام ويهمس في اذن عبد الله انه لابد ان يكون واحد من الاتباع فاني اهدا من روعه…واقول له … اخطات هذه المرة… صاحب الكلام لم يخف يوما ان يجهر برايه امام السلطان في حين قضل الكثير مسك العصا من النصف…وهو ان كتب باسم مستعار فذلك إيمان منه في هذا الضر ف  إن المهم  ما قيل لا من قال .


بسم الله الرحمن الرحيم

الصامتون دهرا.. الناطقون بغضا وكراهية

 

د. محمد الهاشمي الحامدي

 

من هم الذين إذا قلت لهم: السلام عليكم، أو صباح الخير، أو الله يعينك، لووا رؤوسهم، وأعرضوا وانتفخوا كأنهم فراعنة الزمان؟

 

من هم الذين يعرضون عن كلمة الحق مهما كانت ناصعة وقوية، ويستبيحون لأنفسهم التلاعب بمقالات دعاة الوفاق والحرية، ونزع الجمل من سياقها ليبرروا لأنفسهم الكشف عن بحار البغض والكراهية التي تملأ قلوبهم؟

 

بحار.. أم محيطات يا ترى؟

 

التونسي يرد السلام. فإذا رأيت من لا يرد السلام فخذ حذرك. لأنه إما أن يفعل ذلك عن قلة تربية وأدب، أو عن استغراق في أجواء البغض والحقد والكراهية. استغراق يجعل منه إنسانا غير الناس العاديين الذين نختلط بهم، ونسلم عليهم، ونختلف معهم.

 

خذوا حذركم جميعا يا أحباب، يا إخوتي وبني وطني، من أبناء حركة النهضة ومن عموم التونسيين.

 

هؤلاء صمتوا دهرا. ثم نطقوا يوم نطقوا بمدونات البغض والكراهية.

 

أيام كان إخوانهم يطرقون كل الأبواب من أجل معالجة القطيعة المستحكمة بين السلطة والإسلاميين، كانوا صامتين.

 

أيام كان إخوانهم يخاطرون بأرواحهم وكل ما لديهم من أجل توظيف الإعلام في معركة المصالحة وكشف الحقائق وتأكيد الرابطة الوثيقة التي لا تنفصم بين كل مكونات العائلة التونسية، كانوا صامتين.

 

أيام كان إخوانهم يبذلون كل ما في وسعهم للتخفيف عن ضحايا الصدام وضحايا منطق الصدام، كانوا صامتين.

 

لم يساعدوا فردا واحدا من إخوانهم للخروج من السجن.

 

لم يساعدوا فردا واحدا من إخوانهم للعودة من المنفى.

 

لم يساعدوا فردا واحدا من إخوانهم لاسترداد جواز سفر.

 

وعندما كان إخوانهم يفعلون ذلك، كانوا صامتين.

 

متى وجدوا فائدة في النطق؟

 

عندما حاول البعض إعادة ملف المصالحة إلى أولويات النخبة الوطنية، معلنين في شفافية كاملة، أن الدعوة للصلح قناعة دينية ووطنية تملأ قلوبهم وعقولهم، وموضحين لكل من عافاه الله من أمراض الغل والحقد والكراهية، أن مثل هذه الجهود لا توصل إلى المغانم والمكاسب، بدليل أنه لا يوجد من يدعو إليها من الأحزاب والهيئات الكثيرة المعروفة في الساحة الوطنية.

 

هنا وجدوا الحافز للخروج من الصمت الذي اختاروه لأنفسهم سنين طويلة. ولينفثوا بعض ما في صدورهم من بحار البغضاء والحقد والكراهية.

 

مساكين هم. يقتطعون الجملة مما كتب قبلها وبعدها. يخشون إن نشروها مع التي قبلها أن ينكشف أمرهم، وإن نشروها مع التي بعدها أن ينكشف أمرهم أكثر.

 

صمتوا دهرا. وبدل أن ينطقوا بكلمة خير تقرب بين أبناء الوطن الواحد، نطقوا بالحقد والبغضاء والكره، وما تخفي صدورهم أكثر.

 

كان بوسعهم أن يقولوا: بارك الله في الذين قالوا كذا وكذا، غير أننا لا نرى رأيهم، ولدينا البديل.

 

لكن هذه اللغة يقولها الذين يشاطرون عموم التونسيين أساسيات الأدب والأخلاقو أبسط قواعد المعاملة بين الناس.

 

يزعمون أن الذين يشنعون عليهم، وينطقون بعد صمت الدهر ببغضهم، لم يقولوا كلمة الحق، وهم ليسوا مؤهلين للتدخل في مثل هذه الأمور أصلا.

 

لم يسجنوا يوما.

 

لم يشاركوا في برنامج المغرب الكبير يوما.

 

لم يفاوضوا أحدا في السلطة يوما على حقوق سجين أو منفي أو محروم من جواز سفر.

 

بعيدون عن كل هذا بعد السماء عن الأرض. لا موهبة لهم إلا تثبيط من يسعى للصلح والخير والحرية.

 

جاهلون بمنطق الأشياء وميزان القوى وسنن التاريخ والإجتماع. منقطعون في جزيرة من جزر الكره والحقد، أعمتهم الكراهية فلا يستطيعون أن يروا طريقا يوصلهم إلى شاطئ الأمان، شاطئ الوطن الحر الذي يفتخر بأبنائه جميعا ولا يقصي واحدا منهم.

 

صمتوا دهرا. وعادوا في الوقت الخطأ، يخشون أن ينجح الذين يكرهونهم في اختراق جدار القطيعة بين السلطة والإسلاميين، وهم لم يفعلوا شيئا في حياتهم إلا المساهمة في تعلية هذا الجدار وتقويته.

 

يفعلون ذلك غير عابئين بنتائج ما يفعلون، فهم ليسوا من السجناء، ولا من الخاضعين للرقابة الإدارية اليومية، ولا من الباحثين عن جواز سفر، ولا من الكتاب، ولا من الدعاة، ولا من نشطاء حقوق الإنسان.

 

صمتوا دهرا، ثم نطقوا، فكشف الله ما تخفي صدورهم من الغل والكراهية والحقد.

 

وجهلوا، رغم ما قاله لهم أساتذتهم في معاهد تونس وكلياتها، أن الحقد لا يصنع مشروعا. والكراهية تدمر صاحبها ولا تنفعه بشيء. والإسلام دين الحب والعفو والمغفرة.

 

عودوا إلى صمتكم يا مدوني البغض والكراهية أو اكتبوا المزيد من بضاعتكم الفاسدة. فليس بوسعكم اليوم أن تضللوا الناس، ولا أن تحجبوا نور الشمس، ولا أن تشوهوا سمعة الذين لم يصمتوا مثل صمتكم، ولم يقعدوا مثل ما قعدتم، ولم ييأسوا مثل ما يئستم.

 

كل ما تفعلونه هو أنكم تقدمون مبررا إضافيا لدعاة الصلح والوفاق والحرية من أجل ألا يتراجعوا ولا يتخلوا عن حلمهم الجميل.

 

حلم يتجسد في خطوات ملموسة يتحاشاها أصحاب مدونات نصوص الكراهية لأنهم لا يحبون مضمونها، لذلك أذكرهم بها مرة بعد مرة، ليعرف الناس حقيقتهم:

 

1 ـ الإفراج عن المعتقلين الإسلاميين وإلغاء أحكام الرقابة الإدارية للسجناء السابقين وإدماج الجميع في الدورة الإجتماعية من جديد. ومثل هذا الهدف أمامه فرصتان ذهبيتان ليرى النور بعفو رئاسي كريم من الرئيس بن علي، في العيد الخمسين للجمهورية يوم 25 جويلية، أو في العيد العشرين لتحول السابع من نوفمبر.

2 ـ الحصول على رخصة للعمل الثقافي ضمن قانون الجمعيات. وهذا أيضا أمر ممكن، وبوسع السلطة أن تسمح بتكوين منتدى الإمام مالك أو منتدى ابن خلدون، على شاكلة منتدى الجاحظ الذي يديره عدد من الإسلاميين التقدميين.

3 ـ توضيح المسارات المتاحة للعمل السياسي لمن أراد ذلك من مناصري التيارات الإسلامية. فإذا كان التجمع الدستوري الديمقراطي مستعدا لاستيعاب الراغبين منهم في الإلتحاق بصفوفه فهذا هو الخيار الأفضل للجميع.

 

أما الخيارات الأخرى بعد ذلك فكثيرة: يستطيع مناصرو التيارات الإسلامية المتمسكون بالعمل السياسي أن ينضموا فرادى لأي حزب آخر من الأحزاب المرخصة لأن القانون لا يمنعهم من ذلك.

وهناك موضوعات أخرى سيكون علاجها نتيجة منطقية لهذا الإنقلاب المنشود في العلاقة بين التجمعيين والإسلاميين.

المنشور 108 لن يبقى له داع لأنه صدر أول مرة عام 1981 في أجواء المواجهة الأولى بين الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة وحركة الإتجاه الإسلامي.

والمتدينات المتحجبات اليوم لسن أعضاء في جمعيات سياسية محظورة برنامجها السياسي الأول معاداة السلطة والكيد لها.

كل ما يتصل بالحياة الدينية وحرية العبادة سيتأثر بأجواء الصلح والوفاق.

وستوفر هذه المصالحة خيارات آمنة للشباب المتدين، تقيه من الوقوع في حضن التيارات العنيفة والتنظيمات السرية والنزعات الإرهابية.

هكذا تفتح الصفحة الجديدة التي أدعو إليها في العلاقة بين التجمعيين والإسلاميين. وسيؤدي هذا الإنفراج إلى تعزيز المسيرة الديمقراطية في البلاد، وتحرير هذه المسيرة من الإشكاليات التي تعلقت بها بسبب التوجه السياسي الحالي للإسلاميين، وإلى مصالح أخرى عظيمة لتونس الجميلة وشعبها وقيادتها ». (انتهى النقل).

* * *

 

الصامتون دهرا يتحاشون مواجهة النصوص الواضحة القاطعة التي تنسف أوهامهم ومنطقهم الخادع. لذلك يلجؤون لبضاعة الكره والحقد والبغضاء، يروجونها في ساحة ملت وسئمت وتضررت بما يكفي من بضاعة الكره والحقد والبغضاء.

 

يا إخوتي في الدين والوطن: لا تسمعوا للمتاجرين ببضاعة الكره والحقد والبغضاء.

 

لنجعل الحوار بيننا حوارا بين ديمقراطيين يحترمون حق الإختلاف.

 

ولنتعاون جميعا لمحاصرة تجارة الوهم وخطاب البغضاء والحقد. فتونس تحتاج لاجتهادات تتعامل مع معطيات الواقع لتقترب من المثال المنشود والمأمول.

 

وآخر ما تحتاجه بلادنا هو أن تنخدع مجددا لأوهام الذين لم يثبت عنهم يوما أنهم أحسنوا قراءة الواقع أو أحسنوا التصرف في مواجهة تحدياته.

 


كلمة طيبة موجهة للدكتور الحامدي

بسم الله الرحمن الرحيم

للمرة الالف أصلحك الله يا حامدي ما تقرأه ضدك له مبرراته وأنت وضعت نفسك ووضعتنا في هدا المنزلق يا أخي تطالبنا بالكلمة الطيبة والله ما نردك خائبا ادا ما ألزمت نفسك بها فالكلمة الطيبة رحمك الله تقتضي منك أن تكون عادلا في طرحك وانقد كلا الفريقين وعرج هداك الله إلى أخطاء السلطة كما عرجت على أخطاء النهضة بهدا لن يبقى أمام محاوريك الا أن يحترموا رأيك إن لم يتبعوك أصلا .
أما السب والشتم يا أخي لم أقرأ ولم أعثر على من تجرأ عليه وإنما هناك اتهام وإدانة لك يستعمل فيه وصف أنت وضعت نفسك فيه ولنضرب مثلا على دلك حتى تستبين الرئيا فكثير يصفك بأنك تمدح وتتزلف وكلمات من هدا القبيل بالله عليك فكر قليلا ألم تفعل دلك اختلي بنفسك وحاسبها وقلها ما أقوله في صالح النظام وعلى الملإ ألا يحمل في طياته شئ من هدا القبيل ادا أخي أصلحك الله راجع نفسك وسترى أن لنا عند الله حجة هدا في ما يخص السب وأما الهمز واللمز فهو منهي عنه بصريح القرآن وما تسميه همزا في حقك هو داخل أيظا في طريق النقد ولكن بأسلوب ساخر له أيظا المبررات المدكورة ومن هنا نكون قد أبرأنا دمتنا فيك.
بقي أن أقلك أخي الكريم أن طريقك له ما يؤصله في ميزان الشرع ادا توفرت فيه شروط من بينها أن نلقى مع النظام حد أدنى للتعايش وهو ما لم نلمسه للعداء المستحكم بينه وبين الدين كما يجب أيظا أن لا يحملك هدا الطريق على أن نجعل الباطل حق والعكس بالعكس لانه لو فعلنا فسد الامر كله وضاع كل شئ. ادا رضي الله عنك وعني وعن جميع التونسيين الطريق الدي تسلكه لا تتوفر له أسبابه كما أنه من شروطه أن تترك الشأن السياسي حتى يتسنى لك أن تنجح فيما تنوي وكدلك لاتجر الوبال على اخوانك ظنا منك أنك تخدمهم أما ادا أبيت الا أن تواصل طريقك على النحو السالف فلا منقد لك الا السيد الرئيس فاطلب منه أن يطلق المساجين كصفقة أولى وبعد دلك إن تجاوبت النهضة لما تطرحه كان الخير للجميع سلطة ونهضة أما ادا عاندوا فقد أقيمت الحجة عليهم ولك أن تقول ما تشاء.
هدا أخي هو مربط الفرس ادا كان بالفعل هناك مصالحة أما التعتيم وعدم وضوح الرئيا لا تأتي بالخير والخاسر في النهاية كل التونسيين . أتمنى أن يوفقك الله في خير البلاد كما أتمنى أن يوفق الله رئيسنا لما يحبه ويرضاه. هده كلمة طيبة أهديها لك لعلك تردها علينا بالقسط والعدل فيما كلفت به نفسك .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته مراد علي (المصدر: موقع الحوارنت بتاريخ 3 جوان 2007)  

ولد بلادي يافاعل الخير…النجدة

مريم
الى ابننا البار الهاشمي نحن سكان الحوامد وفايض واولاد حفوز وبن عون وبير الحفي والسكبة والرقاب والذراع والنصايرية….كلنا اولاد سيدي بوزيد سمعنا انك ترفع شعار<<شبيك لبيك الهاشمي بين يديك يا نهضة اركعي وانا من براثن الزين انجيك ,اركعي بالله عليك وصولي الى منصب وزير رهن يديك>>جميل هذا ايها الشهم , دعك من هؤلاء تعالى الينا , زرنا في ارض اجدادك وسترى العجب , سترى انه بامكانك ان تفعل الكثير ان كنت صادق النية , تريد السمو والعلو تعالى وستكتشف اننا عينة حية لمعاناة التونسي بصفة عامة , تونس ليست جنة , لكن عكر جوها هؤلاء ممن تدفعهم للمصالحة كما تسميها , فان فعلوا المطلوب ستحل المشاكل ,لا يا سيدي مشاكل البلاد اكبر من هم هؤلاء والتي الخصها في كلمتين : سرقة قوت المواطن ومحاولة سلخه وطمس هويته ,تامل قليلا ستجد ان مشكلة تونس تتلخص في ذلك …فقط ترى ان مصالحك تتحقق عبر بوابة هؤلاء …
اتعرف سيدي متى يحس الانسان بهموم الآخرين: عندما يغمض عينيه ويحاول ان ينسى من هو ويضع نفسه مكانهم ويجهدها ويحملها على ان تحس بمآسيهم . رغم انك لو زرتنا في سيدي بوزيد لن تجهد نفسك كثيرا في ذلك , لان ملامح وجوه الناس خير شاهد على مايعانون .لو تنظر الى وجوههم ثم تأخذ مرآة وتنظر الى وجهك ثم تقارن , عندها فقط تتجلى لك الحقيقة المرة ان التونسي <<جيعان >>والله <<جيعان>> يا سي الهاشمي والله على ما اقول شهيد , اراهم بام عيني ولا اراهم من وراء نظارات سوداء تنتقي ما تشاء , رغم انه وصدقني ليس هناك ماتشاؤه العين …الشبعان لا يتصور ان هناك جائعا … انت لا تراهم فانت بعيد في لندن في بلد الرفاه ولا تقل انك لاجىء ,كذبة كبرى , الاجىء هو من يعيش في تونس . راينا<< البوم>>صورك عبر المواقع الالكترونية , من حين لآخر تتحفنا فتلحق مقالاتك بصورة جديدة تختلف عن السابقة, ببدلاتك الانيقة وربطات عنقك المزركشة<< الله يدوم عليك النعمة>> لكن اياك والرياء, واحيانا بصورة تحمل هاتفك النقال , على فكرة ان لم تزر الحوامد منذ مدة اعلمك ان حتى افقر الناس والعجائز يملكون الهاتف النقال ولا تقل لي ان هذا من رغد العيش الذي وفره صانع التغيير سيدك الزين بل هي من الامراض المبرمجة والممنهجة لاغراق المجتمع في نمط استهلاكي رخيص , يعود به الى الوراء .
ان لم تستجب لك النهضة تعالى وتوسط لنا الى فخامة الرئيس وحرمه على ان يحسنوا لنا احوالنا , يحمونا ولو من شبكات السرقة المستفحلة في المنطقة, والمكلف بحماية الرعية لا يحرك ساكنا . هل انت فاعل خير ام ماذا؟؟؟لماذا متمسك بحل مشاكل النهضة ؟؟كل المجتمع مظلوم , تعالى لعله من وراء تحسين اوضاع اولاد بلا دك تصبح وزيرا او حتى مدير الاذاعة والتلفزة تعالى سنصفق لك تعرف اننا فالحين في ذلك . والله لقد مللنا من اسطوانتك ليس لانك تدعوا الى مصالحة بين الاسلاميين والحاكم هذا جميل اذا ما اقيم على قواعد الاحترام و الاعتراف بحق الآخرفي الحرية والعيش الكريم …لكن مللنا يتمثل في مسالة اولى: تتمثل في جعلك الظالم مظلوما والمظلوم ظالما وهنا وبحسب هذا المنطق تكون اسس المصالحة المزعومة ذات اسس معوجة تكون نتائجها بالضرورة ظالمة ومجحفة بحق المظلوم …المسالة الثانية تتمثل في تحجيم او بل تغييب مشاكل تونس الحقيقية عن الواجهة, وان ذكرت القليل منها فتحمل مسؤوليتها الآخر الذي هو النهضة والتي وحسب رايي المتواضع ’ تعتبر كغيرها من الحركات السياسية لها اخطاؤها , ولو توفرت لها فرص العمل الحر لصححت الكثير من اخطائها والعيب ليس في الخطء بل في الاستمرار فيه…ثم بالله عليك,السنوات الخمس عشر الماضية, هل هي سنوات وردية بالنسبة للتونسي والحال ان هؤلاء لا وجود لهم على الساحة :بين سجناء ومنفييين ..والله لو كانت مشاكل تونس من وراء <<فعايل >>هؤلاء وان تونس ستصبح جنة على الارض اذا ما قبل هؤلاء بمقترحك , اكاد اجزم ومن باب ان مصلحة البلا د اهم من مصلحة حزب سياسي وهنا اقيس على الحكم الشرعي ان مصلحة الجما عة تقدم على مصلحة الفرد..اكاد اجزم انه يجب دفع هؤلاء ومن باب المصلحة العليا للجميع الى اتباع مقترحك لابل حتى الركوع . لكن سيدي لا نرى في النفق الا الظلام الدامس…دعك اذا من هؤلاء ولا تحاول ان تقنعنا ان هم تونس من ورائهم . ان كنت يا سي الفالح تبحث عن<< شغلانة>> او عن غريق تنقذه لتعبر عبره الى صاحب السمو والضخامة والفخامة فالمشاكل كثيرة واضمن لك ان لا تبقى بطال هنا, ايها المنقذ او صاحب العصى السحرية , وكما قلت لك جماعة سيدي بوزيد <<في حوالة اميزرين >>تعالى الى نجدتهم ..ففيهم العم والخال والاقربون اولى بالمعروف
دعك من النهضة مددت لهم عصاك السحرية ليمتطوها فيحطوا سالمين غانمين في بلدهم فأبوا ذلك وانت فاعل خير..وتعرض خدماتك بالمجان. تعالى الكل يستغيث ويبحث عن وسيط بينه وبين فخامة الرئيس لحل مشاكله….تعالى البطال والجيعان والمريض والذي سرقت كل شبكات السرقة والمافية متاعه وكل ما يملك والذي سلبت حريته حتى في ابسط اشكال العبادة ..كل هؤلاء مستعدون لقبول خدماتك وان تتوسط اليهم واثبت حسن النوايا والذي يريد فعل الخير لا يفرق بين هذا وذاك …ام ان مصالحك مرهونة بانجاز صفقة بين هؤلاء واسيادك الجدد والباقي لا يهمك يافاعل الخير
(المصدر: موقع الحوارنت بتاريخ 3 جوان 2007)

تصبحون على وطن (2)

م ع أبو يوسف

عندما قلت بأن المدّعي العام لا يقدّم مشروع مصالحة ولا حوار ولا هم يحزنون فلم أتجن عليه … فالرجل الذي لا يملك شجاعة الحديث ولو باحتشام عن الانتهاكات الفضيعة لحقوق الإنسان (الحديث هنا عن قتل تحت التعذيب, اعتداء على الحرمات, حرمان من الحقوق الإجتماعية الأساسية, نفي داخل البلاد و…و…و…) يطالبنا بالإعتراف بالمعجزة النوفمبرية وكأنّنا تلاميذ في الصف اﻷوّل وبدل أن يوفّر الفرصة لنا ولغيرنا أن نتحاور عبر فضائيته مثلا حول هذه المعجزة …ويسمع آراء الخبراء(فكلام البنك الدولي وشهادات منتدى دافوس ليست قرآنا منزّلا ولا وجود في العلوم الإنسانية للأرقام المحايدة الصماء) وشهادات المواطنين الذين لم ينعم الله عليهم بأن يكونوا من سكان الحوامد (على فكرة حاولت عبر Google Earth أن أجد قرية الحوامد وأرى المعجزات ولكن بدون جدوى…) يطالبنا بتجديد ” الإعلان عن تأييد(نا) للمبادئ التي تضمنها بيان 7 نوفمبر 1987″ و إشادتنا ” بالإنجازات التي تحققت لبلاد(نا) خلال العقدين الماضيين تحت قيادة الرئيس زين العابدين بن علي، وبالمكانة المرموقة التي حققتها تونس في المحافل الإقليمية والدولية بسبب السياسات الخارجية الرصينة والحكيمة التي انتهجتها الحكومة” ويطالبنا بالإعتراف بفضل الرئيس ” لأنّ الحكومة في تونس يختارها ويرأسها رئيس الجمهورية. لذلك فإن رد الفضل في هذه الأمور إلى رئيس الجمهورية إقرار بحقائق موضوعية” بطريقة بدائية سخيفة ذكرتني بحكاية أحد الشعراء من تالة (حكاية من حكايات رضوان الآداب أيام كنّا نسهر الليالي لإعداد التظاهرات وكتابة المعلّقات ونحن بذلك نصنع تاريخ تونس كما كان المدعي العام يقول …) الذي وقف على المنصّة في حفل تدشين وقال:

“تعيش تالة وامّاليها وسيدي المتعمد(المعتمد)         والوالي اللّي لاهي بيها وبورقيبة الأسد”
وقال رضوان والعهدة عليه أنّ رئيس مركزالحرس الوطني نظر الى الشاعر متسائلا ومهدّدا فأضاف الشاعر: “ورئيس المركز ثانا ” … ما الفرق بين هذا الكلام وما كان المرحوم عبد المجيد بوديدح يقوله في نشرات الأخبار التي كانت تبدأ بـ:” الحزب الإشتراكي الدستوري, شعبة ترنجة…………”
أيمكن أن ينتظر عاقل من رجال كهيثم أوعبدالكريم أوالدكتورالصادق شورو أن يكتبوا أو يوافقوا على مثل هذا الكلام؟ أم أنّه من غير الوارد أصلا الاستماع إلى رأيهم… لو فرضنا أن قيادة النهضة في الخارج لا تريد حلّا سياسيا فمن يمكن أن يفعل ذلك من قيادات الدّاخل …من يمكن أن يحترف “الطبلة والمزمار” و”مسحان الجوخ”  بعد كلّ هذا العذاب…
وحتّى في موضوع الحجاب الشرعي وبدل أن يقول كلمة الحق يجتهد في تبرير الإعتداء على حقوق النساء وحرماتهن بالإدّعاء بأنّ السلوك الهمجي البربري المتخلّف في حقّ النّساء والفتيات له مبررات…” المنشور 108 لن يبقى له داع لأنه صدر أول مرة عام 1981 في أجواء المواجهة الأولى بين الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة وحركة الإتجاه الإسلامي” و ” والمتدينات المتحجبات اليوم لسن أعضاء في جمعيات سياسية محظورة برنامجها السياسي الأول معاداة السلطة والكيد لها” طيب يا سيدنا المدّعي العام لو فرضنا أنّ نساء تونسيّات ضللن على معادتهنّ للسلطة ورفضن دعوتك لزواج المتعة بين الإسلاميين المعتدلين والتجمعيين. هل يبق هناك مبرر لإستباحة أعراضهن؟ إذا كانت “معاداة السلطة والكيد لها” سببا مشروعا لفرض السفور على النساء فإنّ هذا أفضع من التبرير “الطّائفي”
إنّه منطق مرعب لا يشرّع فقط لما ارتكب في حقّ أخواتنا وزوجاتنا وبناتنا طيلة ربع وقرن ولكنّه يؤسس لممارسة عنصرية تمكّن المحاكم السياسية في المستقبل من منع الحجاب الإسلامي على اللواتي هنّ “أعضاء (عضوات) في جمعيات سياسية محظورة” أو التي ” برنامجها السياسي الأول معاداة السلطة والكيد لها ” …
ولا يكتفي المدّعي العام بذلك بل يدخل بنا في متاهة إعادة صياغة علاقتنا برئيس الدولة ككبير للعائلة (يقصد الأب لأنّ “جدّنا” انتقل إلى جوار ربّه) وكأنّنا نعاني من عقدة نفسية…
مذا يمكن أن يكون الحوار وإلى مذا سيؤدّي عندما ينطلق المدعي العام من فرضية أبوّة الرئيس بن علي لنا؟ يا عالم الرّجل لم يمنحنا فرصة انتخابه رئيسا فكيف يمكن أن نتحدّث عن أبوّته لنا …نحن نحلم برئيس ننتخبه لدورتين ونودّعه بإحترام عندما يسلّم الأمانة لغيره…ونحفظ له المقام الذي يليق به في ذاكرتنا وتاريخنا … والمدّعي العام يطلب منّا أن نستفيد من أبوّة بن علي لنا كطريق للخلاص … نحن نتابع التطوّر الديموقراطي في كثير من البلدان متحسّرين على ما يصيب بلادنا والمدّعي العام يطلب منّا أن نعود معه إلى ما قبل الوعي بالمواطنة… المواطنة التي تنظمها العقود والمسؤوليات ولا تنظمها قوانين المزارع الخاصة أو فلسفة الأمم التي لا توجد بدون رؤسائها …
ألا يستحق التونسيون رئيسا يحكمهم بدون التطبيل له مدى الحياة … ألا يستحق التونسيون رئيسا لا يدّعي هو وكهنته أنّه كبيرهم وصانعهم وصانع مستقبلهم …
إذا كان ” تعزيز المسيرة الديمقراطية في البلاد” التي تعلّقت لا بسبب الإستبداد ولا بسبب التطرّف العلماني ولا بسبب التعامل مع البلاد كمزرعة خاصة ولكن” بسبب  التوجه السياسي الحالي للإسلاميين” لا يمرّ إلّا عبر هذا الطريق فإنّ “  مائة من(الإسلاميين) على الأقلّ” يمكن أن تكون بديلا عن الآلاف منهم …ولأنّهم سيحتاجون إلى “أب صغير” ساهم في ” إنقاذهم وإنقاذ عائلاتهم وأقاربهم من العزل والتهميش والحصار” من أجل “خدمة مبادئ حقوق الإنسان والوفاق والديمقراطية في تونس” بعد أن أبَدت القيادات مأساتهم فإنّ السيناريو المستقبلي واضح وضوح الشمس…
لا أدري لماذا تذكرت “الشرفاء”… ومزابل التّاريخ التى تحتاج إليها اﻷمم بعد كلّ التحوّلات الكبرى… لا أدري لماذا أخاف من أن يصير الإسلاميون “جحشا صغيرا” يركبه المدّعي العام …
لاشك في حاجتنا جميعا إلى الحوار والمصالحة وبلورة صيغ جديدة لمأسسة الدّين والتديّن…وتأطير الصحوة ضمن تحدّيات اﻷزمنة الصعبة ( سأكتب حول هذه القضايا إن شاء الله) ولكن ما يطرحه المدعي العام هو من أكثر ما ابتلينا به خلال السنوات اﻷخيرة…
لقد قلت سابقا إن من يطالبنا بتجريم أنفسنا وتبرئة جلادينا وتصفية ذاكرتنا لا يمكن له أن يدعي أنه يحاورنا لأن ما يحصل لا علاقة له بالحوار ولا بوضع النقاط على الحروف …وأقول اليوم لن يرانا المدّعي العام إن شاء الله في جوقته ولن يبيع هذا الجيل تاريخه أو”يعوي” بين صفوف الطبّالين بلا مأوى…

 

(المصدر: مدونة « غربة » بتاريخ 3 جوان 2007) الرابط: http://www.abouyousef.com/?p=24

 

 
بسم الله الرحمن الرحيم

محنة العقل الناقد.. وقفات مع د.شوكات

 

 
نستطيع ان نحصر النقد لغويا ونضبطه اصطلاحا لكننا في فضاءات مفتوحة لا يمكننا ان نجبر النقاد ان يلتزموا بهذه الضوابط لان الناقد يمكن ان يلعب دور الطبيب الذي ينقب عن الجزء المريض ومن ثمة علاجه وبالتالي اصلاح الكل كما يمكن له ان يلعب دور القاتل الذي يبحث عن موطن الضعف لينفذ منه لتحقيق مشروع القتل والابادة.

فمن الكتاب من تأصل فيه البعد الاخلاقي فتعامل مع النقد كحالة تقويم …ومنهم من غلبت عليه فسيفساء التردي والتردد وعدم وضوح الرؤية وغياب الاهداف والغايات وانحرافها، فاحتكر التشويشُ والتجريحُ والقذفُ نصوصَه واستوطنها.

هذا مدخل لننفذ منه الى حالة الكتابة عند السيد خالد شوكات الذي ليس للقارئ أن يكلف نفسه مشقة العناء في البحث عن كل كتاباته لان مقالا واحدا يعثر عليه هو مرآة مقالاته الاخرى. فالرجل يكرر نفسه في كل ما كتب خاصة اذا كان المحور الاسلاميين…وان كان المحور مغايرا ستجده تعسفَ على النص ومزقه ثم دس فيه بعض الجمل الغير متجانسة مع السياق لا لشيء الا لكي لا تفوته محطة يعلن فيها حقده على هذا النوع من البشر. طبعا سوف لن أتوقف عند تناول نص السيد خالد أدبيا ولا منهجيا لأن نصوصه يغلب عليها تمطيط فكرة الجملتين أو الثلاثة ليمسح بها نصه كاملا فتحدث فراغات في المقال يلتجئ لتعبئتها بكتل من الكلمات الملفتة تحدث ارتجاجا في النص ليلفت به انتباه القارئ.ففي فقدانها لكل مقومات الكتابة عادة ما تستنجد مثل هذه الأقلام بالإثارة لتبقى على قيد الحياة. تنبيه : الفقرات التالية اخذت من نص الدكتور خالد شوكات والمقصود هنا ليس التجمع ولا شعبه ولجانه ولا قياداته الأبدية في بروجها ولا صحافته من جريدة الحرية وأخبار تونس …الممولة من قوة الشعب ولا زنازينه من برج الرومي الى حربوب ولا العائلات النافذة والمالكة في قصورها , وأي تشابه في الاسماء والصفات والحالات انما هو من محض الصدفة, لان المقصود هنا هم ابناء حركة النهضة في القبور والسجون والاقامات الجبرية والمنافي. هذه فصول من كتابات د.خالد في مقاله الاخير وهي ذاتها لبنات مقالاته الأخرى « …جمود فكري وقيادة متكلسة مشخصنة وأتباع مرعوبون مؤيدون مصفقون… » « …وازدواجية مريعة بين خطاب يعلي الدين والأخلاق، وسلوك بلطجي مستعد للانحدار بالحوار إلى أسفل السافلين… » « …كما تصرف الأتباع الخلص كما هم أتباع الأحزاب الشمولية أيضا، تصفيق وهتاف بحياة القائد الفذ البطل المتصدي للمؤامرات والدسائس وعملاء المخابرات، وبالموت لخصومه والمعترضين عليه… ». « وكل منتقد لشيخ الحركة العتيد، هو بالضرورة مرتش أو عون مخابرات أو كافر أو زنديق أو فاسق… » (الشيخ راشد) « …ولا يتورع في إباحة كل الوسائل لأتباعه للانتقام من أصحابه وأعدائه، حيث لا ينهاهم عن خلق مشين ولا ينهرهم عن انتهاك عرض أو دين، ومجموعة من « البودي غاردات » القلمية، من نكرات الأسماء في الغالب، ومن الذين لا دور لهم غير الحراسة الغبية ». وأنا أرتب مقال الدكتور خالد واباعد بين بعض السطور الملتصقة استعدادا لاخراجه في احسن حلة قلت لنفسي يا تابع ..يامرعوب ..يا مؤيد ..يا مصفق.. ألم يكن من الاجدر أن تذهب للتصفيق والهتاف بحياة القائد الفذ البطل المتصدي للمؤامرات والدسائس وعملاء المخابرات وتدعك من تصفيف هذا المقال الذي لن تجني من ورائه الا الجحود!!!. فأعود واقول ان ضاقت صفحات صحافة التجمع بأبناء بلدي فابناء الحركة الاسلامية بامكانياتهم المتواضعة سيفتحون صفحاتهم لابناء تونس..كل ابناء تونس ..من اجل ان يستنشقوا نسيم الحرية المفقودة في بلادهم. ان الاقلام الصلبة تواجه الاستبداد وتنازله في مضاربه وتدفع ثمنا غاليا من اجل انتزاع خبزة من افواه القروش لصالح مواطن جائع مستغل مغلوب على أمره, وكسر قيد زنزانة ليتمكن سجين من جرعة من الحرية ويعرض جلده الى الشمس بعد ظلام السنين, وتخليص مقاول صغير من براثين مكاسي القصر … أما الاقلام التي تبحث عن الدفء وتطلب السلامة ومعه تطلب المجد المجاني المزيف وامام انحنائها للمستبد تبالغ في الانحناء حين تكور نفسها حجرة عثر في وجه الهامات العالية التي اختارت الانحياز الى صفوف ناسها. وان غلب علي الأسى من جراء كلمات خالد شوكات سأعزي نفسي وأقول ألم يقل احدهم : الطعام على موائد معاوية أشهى والصلاة خلف علي أتقى. نصر الدين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 
(المصدر: موقع الحوارنت بتاريخ 3 جوان 2007)

 

تعقيب الادارة العامة لمصنع التقدم بصفاقس على مكتب محمد شعبان :

ثقتنا في القضاء، و نعوّل على حياد الإدارة….

      تبادر الإدارة العامة للمصنع التونسي لأدوات الترتيب « التقدم » بتهنئة أسرة المجلة المحترمة « حقائق » إدارة و تحريرا، و في مقدمتها مديرها العام الدكتور الطيب الزهار المناضل من أجل حرّية الصحافة و تطوير الإعلام، و ذلك لعودة هذه المجلة المستقلة للصدور بعد احتجابها هذا من جهة، و من جهة أخرى لاهتمامها في جل أعدادها السابقة مشكورة بصفاقس و جرأتها في تناول عدّة مواضيع حسّاسة و ساخنة بالجهة…

      و الإدارة العامّة « التقدّم » إذ تسجّل دور الاعلام الحر في إنارة الرأي العام الوطني

و تحسيس مختلف الأطراف الاجتماعية، و الإدارة التونسية و المؤسسات الرسمية بمسؤوليتها، فإنها تعتبر أن ما ورد بمجلتكم حول الإعتصام الذي شلّ على امتداد 23 شهرا مصنع « التقدم » يندرج ضمن واجبكم الإعلامي، و تدعو بكل لطف و بعيدا عن التشنج الذي طبع تعقيب الإتحاد الجهوي للشغل بصفاقس في العدد 29 من المجلّة،

و توتير العلاقات بين الجميع، ننشر بعض التوضيحات في نطاق حق الرد القانوني على مكتب السيد محمد شعبان الكاتب العام الجهوي للشغل بصفاقس و الصحفي سامي العكرمي معا….

الاعتصام هو احتلال سنقاومه سلميّا بلا هوادة

        تبعا لمقالي « حقائق » الصادرين في العدد 13 بعنوان : « في أغرب قضيّة متشعّبة بصفاقس : أيّهما الظالم و من هو المظلوم ؟ » لكاتبه محمد باديس، و العدد 23 : « معضلة الإعتصام بمصنع التقدم من يجرؤ على حلّها : الإدارة أم القضاء ؟ » للصحفي سامي العكرمي، فإن الإدارة العامة لمصنع « التقدم » بقدر ما تؤكد ارتياحها لما تضمّنه المقال الأوّل المذكورمن مواقف حياديّة و موضوعيّة إزاء طرفي النزاع عرفا و عمّا لا، فإنّها تعتبر أن المقال الثاني لم يكن متوازنا في بعض فقراته، و هي لا تنكر على السيد سامي العكرمي حقه في أن يكون منحازا للعالامت الثمانية المفصولات عن العمل، لكّنها تلفت نظره أن توصيف حالة الطرد « بالتعسّف » تدخل ضمن مشمولات القضاء لا الصحافة سيما و أن القضايا العرفيّة الجارية مازالت أنذال في طورها الإستئنافي و لم تصدر بشأنه أحكام باتة، و لن تصدر كذلك إلاّ بعد استيفاء كل مراحل التقاضي بما في ذلك التعقيب،

و بالمناسبة فإننا كإدارة عامّة نجدّد تأكيدنا قبولنا بكل أحكام القضاء و حرصنا على تنفيذها، و تمكين كل ذي حق حقه احتراما لسلطة القضاء الموقرة و تجسيما لدولة القانون و المؤسسات.

        و الإدارة العامة لمصنع « التقدم » و هي تؤمن من خلال وكيلها السيد عبد الوهاب معلى بحرية الإعلام، فإنها تعيب أيضا على كاتب المقال تقديم « الاعتصام كوسيلة ضغط سلميّة الغاية منها الاستجابة لمطالب مهنيّة أو اجتماعية » و الحال أن الاعتصام الذي ينفذه محمد شعبان بالمصنع هو احتلال بالقوّة على مرأى و مسمع من السلط و افتكاك ملك الغير بالسواعد المفتولة و المجنّدة عبر نقابة البطالة و شركات المناولة التي ابتدع تأسيسها المسؤولون النقابيون بصفاقس منذ السبعينات….

شـكّــار العـروســة

        إن الإدارة العامّة لمصنع التقدم في شخص ممثلها القانوني السيد رفيق معلى تأسف لإتباع بعض أفراد أسرة تحرير مجلة « حقائق » سياسة المكيالين إزاء مؤسستنا

و الإتحاد الجهوي للشغل بصفاقس إذ فسخت من جهة المجال لمكتبه التنفيذي أن يرمي الورود و يهللّ، و يكبّر، و يقيم عكاظية لكاتبه العام محمد شعبان، و تطلق له العنان من جهة أخرى ليصبّ جام غضبه على السيد عبد الوهاب معلى و يمطره بوابل من الشتائم

و ذلك في التعقيب المنشور في العدد 29 السابق لاحتجاب « حقائق » كالإدعاء باطلا « بضرب صاحب المؤسسة و ابنه بكل القوانين و الاعراف و أخلاقيات التعامل و الدخول في حالة هستيرية من الرغبة في الإنتقام بكل الوسائل غير المشروعة… » و ما إلى ذلك من تهم مجانية و فاقدة لكل سند فضلا عن الثلب الذي مسّ الجميع و الذي نتعالى عن الردّ عليه..

و المؤسف حقا أن يقع اتهامنا أيضا بالإعتداءات الصارخة و المنافية لحقوق الإنسان « في حين أننا الضحية واقعا و قانونا، حيث سلبت أرزاقنا، و لم نتمكن من استرجاعها رغم الأحكام الصادرة لفائدتنا، و التي لا يوجد في كل البلاد التونسية من يقدر على تنفيذها،

و باعتبار أن اللجوء أو الإستنجاد بالقوّة العامّة غير ممكن في صفاقس إذا تعلّق الأمر بمحمد شعبان الفاطق الناطق الوحيد و الأوحد في الجهة، و ما زال البعض رغم ذلك يبحث عن حصر الخلاف في المسائل الشغليّة بينما هي مسائل تتعلق بالنظام العام و تشكل جرائم حق عام يعاقب عليها عادة القانون في دولة المؤسسات…

ما هـو المقابل لعدم الإذن بالقوّة العامّـة ؟

        أوردت مجلّة « حقائق »  في أحد المقالين المذكورين بالعددين 13 و 23 أنّ ردّ وزارة الداخلية و التنمية المحلية الوارد على كتابة المحكمة الإدارية بالنسبة للإذن بالقوّة العامةالصادر عن وكيل الجمهورية لدى محكمة صفاقس و القاضي بالزام مجموعة من العاملات للخروج من المؤسسة لإنعدام الصفة، شأنهم شأن بعض الغرباء : « أن الإدارة المكلّفة بمقتضى مشمولاتها الترتيبيّة بحفظ الأمن العام، لم ترفض الإعانة على تنفيذ الحكم، و إنما أرتأت التريّث في تنفيذه إلى حين تقريب وجهات النظر بين صاحب المؤسسة و الكاتب العام الجهوي للشغل » هذا من جهة…

        و تضمّن من جهة أخرى العدد 29 من نفس المجلّة تعقيب المكتب الجهوي للشغل القائل بأن الحديث عن « تواطئ بين الإتحاد الجهوي للشغل بصفاقس و الإدارة ممثلة في وزارة الداخلية هو حديث لا شكّ مردود على صاحبه حيث أن الإدارة أقدمت على ما أقدمت عليه فأخذا بعين الإعتبار معطى أساسيا هو انعكاسات أي خطورة تتخذها على المناخ الإجتماعي للجهة… »

        و بمعزل على التبريرات التي يقدمها كل الطرفين في هذا الصدد بخصوص عدم الإذن بالقوّة العامّة بحثا عن سلامة المناخ الإجتماعي و تأمينا له من طرف السلطة، أو اعتقادا من المكتب الجهوي بأنه يمثل قوّة مضادّة و مهابة فإن المحصلة واحدة : و هي عدم تطبيق القانون و تنفيذ أحكام القضاء لاعتبارات تربط بين الطرفين بالجهة على حساب دولة القانون و المؤسسات و المجتمع، و هو أمر لا يمكن قبوله من بقية كل الأطراف و لن يدوم و إن غدا لناظره قريب و كما « يقول المثل : دوام الحال من المحال… »

        و في هذا السياق بالتحديد يتجه سؤال المكتب الجهوي : لماذا لا تلازم الإدارة الحياد في قضية « التقدم » ؟ و لماذا تحجم السلطة المعنية عن الإذن للقوّة العامّة بتنفيذ الأحكام و ما هو مقابل ذلك يا شعبان و على حساب من ؟

ثقتنـا فـي المؤسسـة القضائيـة لإنـصافـنـا

        إن الإدارة العامة لمصنع « التقدم« ، أكدت مرار أنها تحترم العمل النقابي الأصيل الذي يحافظ على المؤسسة عمّالا و عرفا، و تعترف بالحق النقابي بكل مكوّناته بما في ذلك حق الإضراب، غير أنها و مهما كانت التعلات ترفض الإبتزاز و العنف على غرار ما حصل بعد المغادرة الطوعية للمصنع يوم 15 سبتمبر 2006، و العودة إليه مجددا يوم 03 أكتوبر من نفس السنة بالخلع و التسور و احتجاز الحارس و هو أمر من أنظار القضاء الذي نثق في أحكامه و نعوّل على استقلالية و حياده و موضوعية لتسوية مختلف المشاكل العالقة في هذا الملف الشانك و التعويض عن خسائرنا…

        لقد تعرّضت مؤسستنا للإحتلال بالقوّة، و قابلنا هذا العسف بالمقاومة السلميّة

 و الصمود الحضاري رغم حجم الخسائر المادية المنجرّة عن رفضنا للبلطجة و الابتزاز، و سنواصل بكل مسؤولية السعي لإرساء علاقات مع الجميع مبنية على الحوار بروح إيجابية مهما كان موقف الإدارة  و مبرارته و مكتب شعبان و وسائله المعتمدة في العلاقة مع الأعراف بصفاقس و مهما كانت الضغوطات…

        في الختام تقبلوا أسرة تحرير مجلّة « حقائق » فائق عبارات التقدير و الإحترام وفقكم الله في مهنة المصاعب هذه لما فيه خير الجميع.

                                                                  و الســـلام

                                                                   رفيق معلــى

                                                   الممثل القانوني لمصنع التقدم بصفاقس   


بسم الله الرحمان الرحيم

دروس على هامش دفاتر النكبة(05-06-1967)

عامر عياد

ما زالت الأجيال التي عاشت النكبة العسكرية لعام 1967تعيش مرارة تلك النكسة التي خذل فيها الفعل العسكري الوجدان الجماهيري ،فقد جاءت هزيمة 67 الماحقة والتي كانت هزيمة شاملة لبنى المجتمع العربي و بقدر ما كانت هزيمة ظرفية لواجهته العسكرية لتؤكد على نحو جارح لا يطيقه الوعي الاجهاضي النهائي لمحاولة العرب ابتداء من فجر النهضة إعادة ترتيب علاقتهم بالتاريخ و قلب معادلتهم من الانفعال إلى الفعل.

ولئن قيل في حينه أن العرب خسروا معركة أخرى ولم يخسروا الحرب فان قانون التردي المتفاقم الذي حكم الوضع العربي منذ هزيمة 67 قد جاء يؤكد على العكس أن خسارة المعركة في سبيلها  أن تتحول إلى خسارة حرب و ذلك ما أكده لا اتفاقية كامب ديفيد و أوسلو ووادي عربة فحسب بل كذلك الفك التدريجي لنطاق العزلة التي فرضت في البداية على تلك الاتفاقيات لتصبح روح كامب ديفيد هي الروح الملصقة بالسياسة العربية في جملتها .

ولنا أن نتساءل هذه الأيام ونعيد التساؤل عن معاني النكبة ومعاني الهزيمة؟هل هي هزيمة عسكرية فحسب؟ أم هي فشل الفكر الذي قاد المعركة ؟ وكيف لنا أن ننهض بعد هذه الكبوات و الهزائم و النكبات؟

أولا ننطلق من فهمنا للهزيمة من ثلاث نقاط:

1-الهزيمة كانت لا متوقعة-فقد كان من أكثر الاستيهامات العربية ذيوعا و من أنشطها اشتعالا و من أكثرها تغذية من قبل أجهزة الإعلام و الدعاية العربية الاعتقاد بان جيوش الدول العربية المحيطة بإسرائيل جيوش »أيوبية » جاهزة عددا وعدة متمثلة منجزات الحداثة وأكثرها تطورا ، لا تنتظر سوى إعلان الحرب لتقتطف النصر من  » عصابات » « دويلة » و كيان هزيل و « مصطنع » عديم القوامية الذاتية ، لا يعتاش إلا على صدقة قوى الاستكبار.

2-الهزيمة اللامتوقعة كانت في الوقت نفسه مغطاة و لا قابلة للتغطية من جهة الانجراحية النرجسية، كانت ضربة صماء للمثال الانوي العربي و من طبيعة اذلالية خالصة و على حد تعبير المرحوم ياسين حافظ « كمشة من البشر »(مما كان الخطاب الإعلامي اليومي العربي يسمهم أصلا ب »شذاذ الأفاق ») تهزم بحرا من البشر على حين أن اليابان لم تهزم إلا بضربة ذرية، فان الهزيمة العربية كانت « بنقرة ».وعلى حين أن الأمة الفيتنامية مثلا لم تهزم رغم أنها واجهت  » فيلا جبلا » فان الأمة العربية انهزمت وهي تواجه  » نملة » و فضلا أن الهزيمة أتت من خصم صغير لا من خصم كبير، لان الخصم الكبير ارضي للنفس و أبرا للجرح النرجسي ، فإنها أيضا كانت كاوية : أفلم تسمى » بحرب الأيام الستة ».؟

3-إن الهزيمة اللامتوقعة واللامغطاة كانت أيضا هزيمة متجددة و غير قابلة للتصريف ، ففرنسا مثلا بعد هزيمتها مع ألمانيا دخلت في طور تحديث مشاريع و ألمانيا نفسها بعد هزيمتها أمام الحلفاء فاجأت العالم بمعجزاتها الاقتصادية و التكنولوجية على نحو ذهل العالم.

و بعد النكبة جعلنا نؤرخ للهزيمة بمفهوم  » الرجة أو الرضة »النفسية بالمقابلة مع مفهوم الصدمة الذي مثله اللقاء الأول بين الشرق والغرب من خلال حملة نابليون بونابرت و لئن خلفت الصدمة الأولى في النفس العربية عقدة بالمعنى النفسي للكلمة فان هذه العقدة قد تطورت في أعقاب  » الرضة »إلى عصاب و الحال أن الفرق  بين العقدة والعصاب قد يكون كالفارق بين الشلل و الإبداع،فالعقدة قد تلعب دور المهماز. و قد كان  » ادللر » أول من استخدم مفهوم العقدة قد ضرب أمثلة عديدة على عقدة النقص التي تترجم عن نفسها تعويضا بالتجلية و التفوق. وبالفعل فعقدة الذات العربية أمام التفوق الغربي كانت هي الحافز إلى إبداع إستراتيجية النهضة  والى تشغيل آلياتها المعروفة.و بالمقابل فان العصاب الجماعي التي تمخضت عنه الرضة لم تمثل للذات العربية مهمازا بقدر ما قام لها مقام الرسن الذي يشل حركتها و إن شدها فالي الخلف.

و ضدا على النهضة و التقدم كان العصر التالي للرضة عصر ردة و نكوص إلى الوراء و ليس من قبيل الصدفة أن يكون التراث هو الذي أمسى قضية القضايا بالنسبة للذات العربية على حد ما يقول الشعار الذي تردد على لسان أكثر من مثقف عربي.

إن الارتداد إلى التراث كما تمارسه شريحة واسعة من الانتلجنسيا العربية ليس ارتدادا ذا طبيعة معرفية أو على نحو ما درج عليه عصر النهضة في عملية إحياءه للتراث بل ارتداد ذو طبيعة نفسية و طفيلية يكافئ ارتداد الراشد عندما يصاب بمرض الطفالة إلى عصمة أب حام ا والى ثدي أم رءوم.

بهذا المعنى جاءت النكسة العسكرية لعام 1967 لترتد بآثارها النفسية على كامل الشعب العربي و على حركة القومية العربية و على الفكر القومي بصفة عامة فكانت آثارها كما وصفها الدكتور حقي إسماعيل بربوتي »بمثابة أكوام البارود التي تقذف عليها القوى الأجنبية و العميلة أعواد الكبريت المشتعلة للنيل من حركة القومية العربية و الفكر العروبي القومي و الوحدوي و إضعاف حركتها الثورية.  »

وما دامت سكين التحدي قائمة فوق الرقاب لا بد من قراءة متأنية و رصينة لأسباب النكوص والهزيمة.

1*الانعزالية السياسية عن الجماهير:

        « لا تحقق أي حركة تاريخية نجاحا بدون الجماهير مهما تسلحت بالغنى الإيديولوجي ».

في تجارب الحركات التاريخية الكبرى في العالم صنعت الجماهير تاريخها فاستقرت الأوضاع سواء في الديمقراطيات الغربية أو غيرها (الثورة الإيرانية-الثورة البرتقالية)في شكل ضمير جمعي و صياغات قانونية لا تثير حماسا أو تلهب خيالا.

حركة القومية العربية في تجاربها شيدت أنظمة اجتماعية مطلقة ،فقد استقرت الأوضاع في هذه التجارب على أن تتطابق كل القيم و النظم في المجتمع مع الغاية التي تريدها السلطة ولو اكره الناس إكراها لذلك تكرست عبادة الشخصية و تبدى الاستعداد الذي يتخطى عراء صور مزيفة للديمقراطية فقد فرض على الناس أن يفكروا و يتصرفوا لا على نحو ما يريدون بل طبق تعليمات مفروضة عليهم.

ورغم أن الرصيد العياني يكشف التفافا جماهيريا حول زعامة عبد الناصر ..هذا التوحد الوجداني الجماهيري مرده ليس رضا و لا حبا في مشروعه الفكري بقدر ما هو التفاف حول الضمير الجمعي المقاوم للصهيونية و الاستعمار.

أما اليوم فان القاعدة الجماهيرية انفضت عن قيادات الحركة القومية بسبب جمودها الفكري و عدم إيمانها بالمنظومة الديمقراطية و الحقوقية و إن تبنتها ظاهرا تحت ضغوط دولية معينة فهو ليس أيمانا مبني على قناعة راسخة مؤطرة إيديولوجيا و فكريا مما يجعل الثقة في الفكر القومي و قادته مهزوزة و مبنية على عدم الثقة ..وكل أهدافه رغم نبلها القومي و ارتباطها بالضمير الجمعي تبقى غير قادرة وحدها على تحقيق النصر ولنا في تجربة صدام حسين في العراق خير مثال.

2*بناء صعيد تراجعي للقيم

     جاءت حركة القومية العربية بمجموعة من القيم القادرة في بعضها تعبئة القوى الجماهيرية لا لان بعض هذه القيم لا يتطابق مع الضمير الديني بل يعاديه في أحايين كثيرة مما خلق صداما بين الفكر القومي و الإسلامي أو لنقل بين الفكر القومي و الضمير الإسلامي  للأمة العربية جعل الثقة وهنا مربط الفرس مهزوزة في قادة التيار القومي.

و جاحد من ينكر أن ليس للقيم التي جاءت بها الحركة القومية دورا بارزا في تبلور السياسات و بناء الشخصية فكان على سبيل المثال التصدي للاستعمار و الصهيونية منهجا ثابتا و قد صاغ جما عبد الناصر القاعدة الرئيسية في النضال من اجل تحرير فلسطين في مؤتمر الخرطوم على أساس اللاءات الثلاثة..لا صلح،لا تفاوض، لا اعتراف..وهو يعي تماما ما تؤسس له من أرضية ثابتة للتحرير و من سدود تقام في وجه المحاولات الرامية إلى قلب القيم و تحطيم رواسخ الذات العربية لتتجرد من رواد عها فتقبل بمشروعات التسوية السلمية مع العدو.

أما في واقع التردي   فلقد ذوت نداءات حركة القومية العربية للضمير العربي و أصبحت محط تقليد قديم و موضة قديمة في السياسة يوصف من يؤمن بها أو ينادي بها بالشذوذ و الخروج على الإجماع لعربي المتهافت على الحل السلمي تحت وطأة الخراب الذي أحدثته التبعية الاقتصادية و ارتهان القرار السياسي للقوى الغربية.

إن هذا التراجع في القيم نشا في كنف تولي الرأسمالية العربية لمقاليد القيادة في الوطن العربي .ففي ظل هذه القيادات تجردت السياسات من الوازع الأخلاقي لتغرس قيما جديدة هدفها تخدير الجماهير و انتزاعها من رواد عها المشيدة باليات دينية و ثقافية عربية ومن ثم أبعادها عن دورها الفعلي في صياغة مستقبلها الاجتماعي و السياسي في ظل وضاع تبقى الأنظمة العربية فيها منشغلة في لعبة البني الفوقية و تبقى الجماهير في حالة من الاسترخاء داخل هذه البني ملهية في عدمية ثقافية و اقتصادية و اجتماعية.

من المؤسف حقا أن توافق قوى حركة القومية العربية الراهنة على هذا الشق التراثي للقيم بعد أن فقدت قدرتها على غرس قيمها في المجتمع و تحويلها إلى قوة ناسفة تصل إلى القاع الاجتماعي لتصوغ العقل العربي على نحو يتواصل مع مرجعيته الإسلامية و تراثه العربي المتلالا ولو كان قديما.

إن الشعب العربي بانتظار السياف الماهر الذي يجتث هذه القيم التراجعية فيعيد عملية التشييد الوطني و القومي على اعمد و القواس منبعها دين الأمة و روحها وتراثها العربي و عقلها بدون تعارض و تصادم.

3*الواقعية المسندة إلى استيراد الوعي الوحدوي من الخارج

   جاء انفصال الجمهورية العربية المتحدة ردا على المساوئ التي صاحبت تلك التجربة ..مساوئ ناجمة عن ممارسة الجهاز الإداري و الفكري الذي صاحب تلك الفكرة كما أن المؤامرات الاستعمارية قد حومت حول تلك التجربة فأجهضتها.

ثم جاء انكسار 1967 ليكشف مدى التناقض بين الخطب الرسمية التي تتحدث عن إمكانية دحر العدو أكثر من أن تنبه إلى مواطن الضعف القاتلة في البناء السياسي و الاقتصادي و العسكري..وهكذا حصلت الهزيمة..

لقد ظل شبح الهزيمة العسكرية مخيما لفترة طويلة رغم أن خسران معركة عسكرية لا يعني الإطاحة بإرادة الجماهير التي أثبتت متى توفرت لها الحرية أنها جماهير تأصلت فيها ثقافة المقاومة.

غير أن الرصيد العياني يكشف عن حقيقة مفادها أن الوعي الوحدوي الراهن لم يأت من الداخل بمعنى انه لم يأت من قبل ضمير شيدته الايدولوجيا ..فالايدولوجيا عجزت عن تشييد ضمير وحدوي اقتصادي و دليل ذلك أننا لم نشهد تكاملا اقتصاديا بين انظمه عربية تنتسب إلى الفكر القومي العروبي.

من أين جاء هذا الوعي الوحدوي الاقتصادي الراهن في الوطن العربي اليوم؟

لقد جاء بفعل ظروف سوسيو اقتصادية عامة احتاطت بكل أقطار الوطن حينما وجدت أن اقتصادها القطري لم يعد يجدي في نجاح خطط التنمية و مواجهة حالة التبعية الاقتصادية للرأسمالية ..(مجلس التعاون الخليجي..محاولة التكامل الاقتصادي بين الدول المغاربية..)

و السؤال الذي يطرح نفسه الآن و بحدة : لماذا عجزت الايدولوجيا القومية على تشييد هذا الوعي الوحدوي الاقتصادي؟

الحقيقة تتمثل في أن تجارب الفكر القومي أخفقت في إنجاح خطط التنمية الخاصة بها  لأنها شيدت أنظمة اجتماعية واقتصادية تخالف روح الايدولوجيا ذاتها.فالأنظمة الاجتماعية مطلقة ومكبلة للحريات،و الأنظمة الاقتصادية قامت مع المركزية و تدخل الدولة السافر ، فالقوانين التي تقر حقوق العمال و الفلاحين لا تتعدى أبواب المصانع و المؤسسات ،ولا دخل للفلاح او العامل في إدارة شؤون مؤسسته..ومن هنا أصاب الفشل التجربة القومية في تحقيق وحدة مركبة بين المبادأة التاريخية للجماهير و بين النظرية التي تعتنقها قواها.

لقد حجر على الجماهير فلم تسهم في عملية إعادة التشييد الوطني القومي بل ناب عنها إرادات سياسية عليا ترسم أعمدة التشييد بالطريقة التي تريدها هي . ومن هنا انفضت الجماهير عنها لأنها لمست عمليا عمق الفجوة بين الشعارات و الواقع.

خاتمة

النكبة التي تحدث لشعب ما ، وخصوصا إذا كانت من النوع الذي حدث لنا تشكل –مهما كانت النتيجة-تحديا يهز الإنسان و هذا التحدي قد لا يقود إلى ردة فعل خلاقة يكون ما يترتب عليها من الم وخسارة و مهانة نتائج سلبية محضة و لكن الواقع التاريخي يدل على أن هذا النوع من النكبات يقود في بعض الأحيان إلى ردود فعل خلاقة يتجاوز بها المجتمع المنكوب ذاته و بالتالي النكبة نفسها.

إذن السؤال الذي يطرح نفسه هو:هل أن النخب العربية قادرة اعتمادا على جملة المتغيرات الدولية أن تعيد أنتاج نفسها بفكر جديد يحترم الذات البشرية و حريته و تأصله الفكري و دون معاداة لدينه و هويته؟  


 

تقديم كتاب « الحداثة والحرية » للدكتور حبيب الجنحاني

 
سليم الزواوي في مرحلة يطلق عليها البعض مرحلة كسوف التنوير وخسوف الحداثة. يصرّ الدكتور الحبيب الجنحاني على أن مشروع الحداثة مازال يملك أحقبة الحضور وإعادة الانتشار لا في المجتمع العربي والعالم الإسلامي فحسب، وإنما في المعمورة بأسرها. وهذه الحاجة المؤكدة لاستعادة خطاب الحداثة المستوحى من عصر الأنوار تزداد مشروعية في مواجهة البدائل المغشوشة المعروضة اليوم في سوق التداول الفكري وواجهات البازار الإعلامي محليا وعالميا كالعولمة في صيغتها الرأسمالية المتوحشة أو الأسلمة في مختلف تعبيراتها الإيديولوجية المتمترسة وراء شعار الممانعة الثقافية ضد ما تخشاه من مشاريع الابتلاع الحضاري والاختراق العولمي، في مواجهة هذه المغالطات. يصدر كتاب الحداثة والحرية الذي نتعرض لبعض مضامينه في هذا التقديم: • الحداثة: لا نعثر على تعريف واضح ومحدد للحداثة عند الدكتور الحبيب الجنحاني ومع ذلك فكثيرا ما تتم الإحالة على عصر الأنوار بوصفه اللحظة التاريخية التي تتخذ مرجعا ………. مبادئ الحداثة وأصولها الفكرية، مع الإقرار بأنها لحظة تأليفية نضجت خلالها أفكار الحداثة كخلاصة للحظات تنويرية سابقة لم تخل منها تجارب الشعوب المختلفة ومساهمات الحضارات والثقافات السابقة على الحضارة الغربية. ولعله بسبب الحضور المكثف للهاجس السياسي ومركزته في المنظور الإصلاحي الذي يتقدم به الدكتور الجنحاني، يلاحظ القارئ طغيان الدلالة السياسية في تعريف الحداثة رغم أن هذه الأخيرة قد بسطت سلطانها على كل أبعاد الفاعلية الإنسانية ومجالات تفكيرها ونشاطها. من هنا نعرّف الحداثة بقيم ذات ارتباط وثيق بالشأن السياسي، فهي حرية الإنسان في تقرير مصيره ومصير مجتمعه عبر اختيار ديمقراطي للسلطة الحاكمة باستقلالية تامة عن أي تدخل من السلطة الدينية في الشأن الدنيوي والسياسي على وجه الخصوص. فالقضية الأساسية التي تشغل بال الكاتب إذن هي الحداثة السياسية باعتبارها الأساس الذي يقوم عليه أي مجهود في التحديث الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، في ضوء هذا الانحياز المبدئي للحداثة السياسية يقرأ الدكتور عوامل الفشل للتجارب التنموية في فضائنا العربي والإسلامي بعد نصف قرن من الاستقلال، فغياب التحديث السياسي هو العامل الرئيسي في انتكاس مشاريع التنمية في بلداننا العربية. • العولــمة: تتميز نظرة الدكتور الجنحاني للعولمة بقدر واسع من الانفتاح على جوانبها الإيجابية من حيث هي ثمرة طبيعية للثورة الإلكترونية أو البنت الشرعية لحداثة عصر الأنوار، غير أنه لا يغفل عن انتقاد أشكال استغلالها من طرف الليبرالية الحديثة المتطرفة. فهذه الأخيرة قد نجحت في تبني ظاهرة العولمة وأدلجتها بحكم ما تمتلكه من أدوات الهيمنة على الإعلام والاقتصاد والسياسات. في إطار مساجلة للطروحات النقيضة يصر الدكتور الجنحاني على اعتبار العولمة ظاهرة جديدة ومرحلة متطورة من التقدم الإنساني، وهذا ما يجعل الموقف الموضوعي منها لا يكون برفضها ومواجهتها بالاحتماء بخصوصيته مزعومة، ومن هنا يبدو الدكتور الجنحاني مخاصما على طول الخط لفكرة الخصوصية بحسبانها ضربا من الانغلاق التام. فهي النقيض الهادم لفكرة الكونية أو العولمة في منحاها الموضوعي والإيجابي، وهو في هذا الإطار يعلن عن اختلافه الجذري عن طروحات عابد الجابري وحسن حنفي، غير أن دعوته للتفاعل الايجابي مع ما تفتحه العولمة من إمكانات وفرص لتشكل ما تسميه بالمواطنة العالمية أو الجماعة الكونية كما حلم بها كانط منذ قرون. لا يعني أن الدكتور الجنحاني لا يبالي بالكوارث التي تصنعها القوى الماسكة بمقاليد العولمة اليوم. ففي الكتاب إشارات عديدة لآليات الهيمنة الاقتصادية والثقافية التي يمارسها الرأسمال العابر للقارات بتحالفاته المشبوهة مع قوى التسلط المحلي في كثير من بلدان الشمال والجنوب. في هذا الصدد لا يكتفي الدكتور الجنحاني بتشخيص موضوعي لواقع العولمة وانعكاساتها السلبية وإنما يقدم خطوطا عامة لإستراتيجية نضالية، فعلى الصعيد الداخلي أي في البلاد العربية على سبيل المثال تبدو المعركة ذات جبهتين: نضال من أجل التصدي للهيمنة الأجنبية التي بلغت حد الغزو المسلح المباشر من ناحية، ونضال من أجل الذود عن الحريات وعن حقوق المواطن وإنشاء أسس تجربة ديمقراطية جدية في الداخل من ناحية ثانية. أما على الصعيد الخارجي، فالثورة الاتصالية تجعل النضال على نطاق عالمي ممكنا وضروريا وذلك من خلال التمام قوى المجتمع المدني في الشمال والجنوب من أجل عولمة بديلة تحقق العدالة والأمن والرفاه لجميع شعوب المعمورة. • الديمقراطية: مفهومان أساسيان يشتغلان بقوة في تفكير الدكتور الجنحاني حول الديمقراطية، وهما مفهوم الحريات ومفهوم المجتمع المدني. ولا غرابة في ذلك، فالحريات الفردية والعامة ضرورة حيوية لانتعاش المجتمع المدني كما أن حيوية هذا الأخير وتعبئة قواه شرط أساسي لنجاح عملية التحول الديمقراطي. فيما يتعلق بالحرية، يؤكد الدكتور الجنحاني على مرجعيتها الكونية مذكرا بتحذيرها في التاريخ العربي القديم والحديث كما يحيل على ما ورد في بعض تقارير التنمية العربية من نتائج إحصائية تثبت تمسك الشعوب العربية بقيم الحرية والعمل في سبيل تحقيقها، بالإضافة إلى ما راكمته أجيال من النخب من نضالات في مجابهة الأنظمة الاستبدادية. هكذا تبدو مسألة الحريات العامة ذات أولوية قصوى في تفكير الدكتور الجنحاني باعتبارها الخطوة الأولى والضرورية لإرساء أسس تجربة ديمقراطية جدية وللدفاع عن حقوق الإنسان، أما بالنسبة إلى المجتمع، فالدكتور الجنحاني يعلق عليه آمالا عريضة باعتباره قوة منظمة وذات مشروع مجتمعي حداثي وديمقراطي، وبالنظر إلى الدور المحوري الذي نهض به في عديد المجتمعات التي رزحت تحت نير الاستبداد عقودا طويلة، فالمجتمع المدني في أوروبا الشرقية قد كان في طليعة القوى التي أطاحت بالأنظمة الشمولية وعبّدت الطريق نحو التحول السلمي باتجاه الديمقراطية. لا يفوت الدكتور الجنحاني ملاحظة أن العلاقة التصادمية بين المجتمع المدني والدولة ليست دائمة أو حتمية. وإنما هي محكومة بمدى توفر الحريات من عدمها، أما في الظروف العادية أو بالأحرى في ظل دولة ديمقراطية تحترم القانون والمؤسسات، فإن الدور المنوط بالمجتمع المدني لا يكون إلا تكامليا مع جهود الدولة في حماية الأفراد والمجتمع وتعزيز قدراتهم على البذل والعطاء. (المصدر: صحيفة « الوحدة » (أسبوعية – تونس)، العدد 549 بتاريخ 2 جوان 2007)


فيلم « كلمة رجال » يواصل عروضه وسط نجاح جماهيري كبير للأسبوع الثامن على التوالي

 
بنجاح هام تستمر بقاعات السينما بتونس ومنها المونديال بوسط العاصمة وأميلكار بضاحية المنار، وللأسبوع الثامن على التوالي عروض الشريط السينمائي التونسي الجديد كلمة رجال للمخرج معز كمون . وسط إقبال جماهيري كبير تجاوز عدده الـ 50 ألف مشاهد، مع الإشارة إلى انه مازال لم يعرض بعد داخل قاعات السينما ببقية الولايات. ويحقق الفيلم بهذا النجاح النادر حدوثه في تونس إنجازا سينمائيا جديدا يسجل بأحرف من ذهب في سجل السينما التونسية كواحد من الأفلام التي حققت نجاحا تجاريا قياسيا و استثنائيا. ويطرح الفيلم الذي أثار الكثير من الجدل و النقاش في مختلف الأوساط الثقافية و الاجتماعية بتونس، بجرأة كبيرة وغير مسبوقة عدة مواضيع و ظواهر اجتماعية هامة و خطيرة لم يتطرق إليها في السينما التونسية من قبل، وشبه مسكوت عنها في المجتمع التونسي منها انتشار ظاهرة الزواج العرفي و الخيانة الزوجية والتفكك الاجتماعي. كما يتعمق في إبراز بعض التغيرات الاجتماعية السلبية التي تمس القيم الإنسانية الإيجابية التي كانت سائدة من قبل. إضافة إلى أن الفيلم يكشف بصراحة عن أسباب تردي الوضع الثقافي والفكري والعلمي ويقدم صورة واقعية عن الممارسات اللاإبداعية التي تسوده. ويعري الفيلم بعض الممارسات الخطيرة التي تحدث في الجامعات و منها تقديم الأطروحات المشكوك فيها .. ويشارك فيه نخبة من ابرز نجوم التمثل في تونس منهم جمال ساسي وفتحي المسلماني وجميلة الشيحي ورمزي عزيز ولطفي الدزيري ونجوى زهير و هاجر حناشي و سوسن معالج و عبد المجيد الأكحل و سفيان الشعري..

وجمع شريط كلمة رجال بين رموز الإبداع السينمائي والأدبي والموسيقي في تونس وهم: منتجه حسن دلدول الذي يعد أحد كبار رموز السينما التونسية و رائد من روادها الكبار الذي كان وراء ظهور اغلب كبار العاملين في المجال السينمائي التونسي من مخرجين و تقنيين و منتجين وممثلين. وعلى امتداد أكثر من 40 سنة أنتج – كليا أو بالاشتراك – أكثر من 50 شريط سينمائي طويل تونسي و عربي وأجنبي منها على سبيل الذكر السقا مات للمخرج صلاح أبو سيف وبيروت: اللقاء للمخرج برهان علوية. والطرف الثاني هو الأديب التونسي الكبير حسن بن عثمان صاحب رواية بروموسبور التي استلهم منها الفيلم، وهي متوجة بجائزة الكومار الذهبي التي تمنح سنويا لأفضل رواية تونسية. والطرف الثالث هو الفنان والموسيقار التونسي القدير لطفي بوشناق الذي اشرف على الجانب الموسيقي للفيلم وأنجز الموسيقى التصويرية وأدى أغنية جنريك النهاية له. والطرف الرابع هو مخرج الفيلم معز كمون الذي يحسب في تجربته السينمائية الأولى مع الأشرطة الطويلة ابتعاده عن الطابع الفولكلوري الذي تعاني منه السينما التونسية، وتعامله بمنتهى الواقعية و الجدية مع الواقع التونسي المعاصر بلغة سينمائية فيه الكثير من الابتكار والإبداع. وهو يمتلك تجربة مهنية ثرية بحكم عمله كمساعد مخرج منذ حوالي 20 سنة مع كبار المخرجين السينمائيين والمسرحيين التونسيين ومنهم النوري بوزيد وتوفيق الجبالي، والعالميين منهم المخرج جورج لوكاش في فيلمه حرب النجوم بجزأيه والمخرج انطوني مانقيلا في فيلمه المريض الأنجليزي.

وذكر المخرج معز كمون في تصريح إعلامي عن نجاح الفيلم: بكل صدق لم أكن انتظر هذا النجاح الجماهيري الكبير لفيلمي ، لأن الظروف التي أنتج وعرض فيها كانت ضده إلى حد ما، من ذلك أن عرضه تأخر أكثر من ثلاث سنوات إضافة إلى إن توقيت عرضه لم يكن مريحا خاصة وأن هذا الموسم عرف عرض ستة أفلام تونسية وكلها عرضت قبله. لكل هذا أنا في ذروة فرحي بهذا النجاح، أولا لأن الفيلم نجح في الدفاع عن نفسه وحقق كل هذا النجاح الباهر وهذا يحسب له. وثانيا لأنني تجنبت بكل قناعة أن استجيب لجميع أنواع الإملاءات والوصاية والإغراءات من أي جهة وكنت صادقا مع نفسي وعملي إلى ابعد حد. وأنا فخور بهذه التجربة لأن الأغلبية من آلاف المشاهدين قبلت أسلوبي وتفاعلت مع الفيلم الذي رأت انه عكس مشاغلها ومشاكلها واهتماماتها وواقعها بكل صدق وعمق. كما أنني احترم موقف الأقلية التي لم يعجبها الفيلم لعدة أسباب أبرزها انه لم يكن وفيا لرواية الروائي التونسي القدير حسن بن عثمان التي استلهم منها. مع أننا أكدنا أنا وحسن على أن لكل عمل إبداعي خصوصياته وفق المجال والرؤية الخاصة بصاحبه. وبغض النظر عن أنني صاحب الفيلم الذي لا أنكر صعوبته لأنه يقدم رؤية سينمائية جديدة للواقع التونسي خالية من كل أنواع التوابل التجارية، فإنني أشيد بردة فعل الجمهور الرائعة تجاه هذا الفيلم التي تؤكد أن الناس يفهمون السينما عكس ما يتم ترويجه. وكل هذا سيمنحني دعما معنويا هاما لإنجاز شريطي القادم الذي اخترت أن يكون عنوانه شهرزاد و سيكون مغايرا كليا لفيلم كلمة رجال لكن أحداثه ستدور حول تونس اليوم كما أراها.

ويضيف المنتج حسن دلدول في نفس السياق: نجاح يمثل نجاح للإنتاج رغم أن إقبال الجمهور لم يكن وفق التقديرات التي كنت أريدها، إذ أنني كنت أطمح إلى أن يتجاوز عدد مشاهديه 100ألف وأن تتواصل عروضه بالقاعات على امتداد 15 أسبوع. ومع ذلك فأنا سعيد جدا بأن يتمكن شريط سينمائي تونسي من تحقيق هذا التميز والتألق، خاصة وأننا لم نعتد في السينما التونسية إلا نادرا ومع كبار المخرجين، على البقاء مثل هذه المدة التي مازالت مرشحة للزيادة بما أن الفيلم مازالت عروضه متواصلة . وأتمنى أن يواصل المخرج معز كمون تألقه ويدعم هذا النجاح في أفلامه القادمة لأنني أعتبره من السينمائيين الجيدين والحاملين لمشروع قادر على تحقيق فائدة مهمة وإضافة حقيقية للسينما التونسية، وهذا ما تؤكده تجربته الأولى مع فيلم كلمة رجال. واعتقد أن الفيلم رغم بعض الصعوبات التي اعترضنه في البداية ومنها تأخر خروجه إلى القاعات واعتماده على لغة سينمائية جديدة مغايرة للسينما التونسية المتداولة، قد حقق عدة نجاحات أخرى أهمها انه شد اهتمام الجمهور بمختلف فئاته واهتماماته من خلال الجدل الذي أثاره والنقاش الثري والعميق الذي أدخله على المشهد الثقافي التونسي وسط أغلب المنابر وخاصة منها الإعلامية التي تفاعلت معه. وأنا أؤمن بأن ما أنجزه الفيلم هو منتهى ما يبحث عنه كل مخرج ومنتج هدفه الأساسي تقديم سينما جادة ترتقي بالسينما التونسية و تمنحها إشعاعا اكبر. (المصدر: صحيفة « الوحدة » (أسبوعية – تونس)، العدد 549 بتاريخ 2 جوان 2007)

 

امتحانات نهاية السنة لن تمنع تصويت التوانسة

تونس – صالح سويسي     الحياة     – 03/06/07//
على رغم إجماع غالبية الشباب التونسيين الذين التقتهم «الحياة» على أن برنامج «سوبر ستار» لم يفقد شيئاً من ألقه مع مزاحمة برنامج «ستار أكاديمي المغرب العربي»، إلا أن عدداً منهم لم يخف قلقه من إمكان ضياع اللقب من المتسابق التونسي مروان علي لمصلحة المغربي سعد المجرد. ويعزو بعضهم السبب الى خروج مواطنته يسرى محنوش في الحلقة الماضية من السباق، والتي كانت بشهادة الجميع الأقرب الى حمل اللقب.
ويؤكد متابعو هذا البرنامج في تونس أنه يقتنص نجاحه وجمهوره من صدقيته، إذ إنه يتعامل مع الأصوات لا مع الشكل، كما أنّه لم ينحز إلى المشرق العربي على حساب المغرب، خلافاً لبقية البرامج المشابهة والتي تركز على أسماء المشارقة. من هنا أبصر النور برنامج «ستار أكاديمي المغرب العربي» على قناة «نسمة تي في»، ليرد الاعتبار إلى الأصوات المغاربية.
وترى مرام ( 18 سنة) أن «سوبر ستار» يتميز «بالحياد»، ولا تجد فيه «محاباة لجنسية عربية على حساب أخرى»، كما أن التركيز على جمال الصوت جعل منه برنامجاً ناجحاً. وتعتبر أن فوز مروان لن يكون مفاجأة، فهو يستحق أن يكون على رأس المجموعة، من دون أن تنسى ذكر الموهبة الكبيرة يسرى محنوش التي خرجت من السباق على رغم أن الجميع كان يتوقع فوزها باللقب. ولم يخف محمد أمين (20 سنة) خشيته من ضياع اللقب من تونس في حلقة اليوم، وإن بدا متفائلاً بعض الشيء، إذ قال: «مهما تكن النتيجة، فالفائز سيكون من المغرب العربي وهذا هو المهم».
يامن (27 سنة) المولع بمثل هذه البرامج يبدو واثقاً أن مروان سيكون السوبر ستار الجديد، ويقول: «مروان يتمتع بكل مواصفات السوبر ستار، صوت جميل وحضور أنيق وسواهما من مقومات النجومية»، من دون ان يخفي إعجابه بالمغربي سعد المجرد الذي يقول عنه «إنه منافس عتيد بالنسبة الى مروان». وتعتبر صفاء (19 سنة) أن «هذا البرنامج جاء في وقت مناسب جداً، ليبرز ما تزخر به منطقة المغرب العربي من أصوات جميلة قادرة على المنافسة». وتضيف: «منذ البداية، كان واضحاً تركيز هذا البرنامج على القدرات الصوتية للمتسابق بصرف النظر عن الشكل. وقد أكد وجود أصوات تونسية رائعة و الدليل صوت يسرى التي غادرت السباق للأسف. أما عن حظوظ مروان فالأكيد أنها كبيرة، وأنا ادعو الجميع الى التصويت له». أما زهور (22 سنة)، فتعتبر أن المتنافسين يتمتعان بالحظوظ ذاتها، وتضيف: «على رغم أنني تونسية إلا أنني أرى أنه في كل الأحوال، ومهما كانت النتيجة، اللقب هذه المرة مغاربي، وهو في حد ذاته مكسب كبير لنا».
أياً يكن الأمر، لا تزال هذه النوعية من البرامج التي تسوِّق لها قنوات عربية مشرقية تتمتع بجمهور كبير في تونس، ومن كل الفئات العمرية. وعلى رغم إطلاق برنامج يعنى بالمواهب المغاربية في قناة «نسمة تي في» إلا أن ذلك لم ينقص من سطوة هذه البرامج. والدليل أن غالبية الشباب، وعلى رغم امتحانات نهاية السنة، يعلمون كل صغيرة وكبيرة عن البرنامج والمتسابقين، إضافة الى كل تفاصيل المنافسة.
(المصدر: صحيفة  » الحياة  » (يومية – لندن) الصادرة يوم 3 جوان 2007)


 
من المتوقع عرضه في رمضان 2008

أرملة ياسر عرفات تحتج على مسلسل يعرض لسيرة الزعيم الراحل

تونس – أ ف ب احتجت سهى عرفات ارملة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات على مشروع لانتاج عمل تلفزيوني اردني حول حياة ياسر عرفات لانها لم تبلغ بالامر مسبقا, على ما افاد المخرج الاردني فيصل الزعبي، وقد اكد مكتب سهى عرفات في تونس الخبر دون اعطاء مزيد من التفاصيل. وقال الزعبي مخرج المسلسل ان سهى عرفات كلفت محاميها بتسليم الجهة المنتجة للمسلسل برقية احتجاج لعدم علمها بمشروع انتاج مسلسل تلفزيوني حول الزعيم الفلسطيني الراحل وحذرت من ان تكون مدة التصوير غير كافية لتتناول مسيرته الزاخرة بالعطاء. وردا على هذا الاحتجاج اوضح المخرج الاردني « ان مراحل اعداد المسلسل لم تنته بعد وتتم بالتنسيق مع مؤسسة ياسر عرفات التي يترأسها ناصر القدوة سفير فلسطين في الامم المتحدة سابقا »، وقال مطمئنا « ان عملية التصوير لن تبدأ قبل ان تطلع السلطة الفلسطينية والسيدة سهى وابنتها زهوة على السيناريو لابداء الرأي حوله ». ولفت الزعبي الى ان « المسلسل من تاليف الشاعر والكاتب الفلسطيني غازي ديبة بمشاركة عشرة كتاب وشعراء فلسطينيين لان مسيرة عرفات زاخرة بالاحداث وتتطلب وقتا وكفاءات للبحث والتمحيص ». يشار إلى أن المسلسل سيتألف30 حلقة على ان يبث في شهر رمضان عام 2008، كما يشار إلى أن السيدة سهى عرفات تزوجت سرا عرفات في 17 يوليو/ تموز 1990 وذلك بعد ان عملت مستشارة له للشؤون الاقتصادية خلال فترة اقامة القيادة الفلسطينية في تونس, وتم اعلان زواجهما في 1992، وهي تقيم في تونس التي عاش فيها ياسر عرفات لمدة 12 عاما (1982-1994).

المغرب جذب عام 2006 نصف الاستثمارات الأجنبية في شمال أفريقيا

الرباط – محمد الشرقي     الحياة     – 03/06/07//
أفـــادت الوكــــالة الفـــرنسية للاستثمارات الخارجية، ان المغــرب حصل على اكـــبر حجم من الـــتدفقـــات الاستثـــمارية الأجنـــبية المبـــاشرة المــوجهة إلى دول شمال أفريقيا العام الماضي والتي بلغت نحو 12 بليون يـــورو، حصــلت الرباط على نصفها، فيما حصلت تونس على 3.8 بليـــون يورو، والجزائر 2.3 بليون. وقـــدرت الوكـــالة مجموع الاستثمارات الأجنبية في جنوب البحر المتوسط وشرقه بـ 65 بليون يورو، منها 16 بليوناً إلى مصر، ثم تركيا 14 بليوناً، تليها إسرائيل بـ 13 بليوناً. وقدر حجم الاستثمار الأميركي في المنطقة، خصوصاً في دول الشرق الأوسط بـ 25 بليون يورو.
وللمرة الأولى تتفوق الاستثمارات الخليجية على الأوروبية في المنطقة، بنسبة 36 في المئة، في مقابل 25 في المئة للاستثمارات الأوروبية، حيث أصبحت الإمارات العربية المتحدة أول مستثمر عربي في مجموع منطقة «مينا» بـ 17.7 بليون يورو، بقيادة مجموعات «القدرة» و «دبي القابضة» و «اعمار»، وتنفذ تلك الشركات استثمارات في المغرب تفوق 20 بليون دولار على مدى السنوات الأربع المقبلة، منها «مشروع أمواج» لتهيئة ضفتي نهر أبي رقرار، ومشروع كورنيش العاصمة «سفيرة»، ومنتج «بوكيمدن» السياحي الجبلي في مراكش، ومارينا الدار البيضاء. وستسمح تلك المشاريع باستقبال 10 ملايين سائح في 2010، وهو الرهان الذي يعول عليه المغرب لتحصيل إيرادات سياحية تزيد على 10 بلايين دولار. كما تسمح المنتجعات الجديدة بجذب أجانب، خصوصاً من فرنسا وإيطاليا وبريطانيا وأسبانيا ودول الخليج.
وأفادت مصادر ان نحو 10 آلاف فرنسي تملكوا منازل ثانوية في مراكش في النصف الاول من العام الجاري، بينما يتجه الإنكليز والأسبان إلى شراء فيلات في مشروع «فاديسا» السياحي في منطقة السعدية على البحر المتوسط. وتعادل التدفقات الاستثمارية إلى المغرب قيمة الإيرادات السياحية السنوية المقدرة بـ 60 بليون درهم، ما يجعل البلاد في وضع جيد في مجال الموارد المالية بالعملات الصعبة، التي تمول عجز الميزان التجاري، وتضاعفت الاستثمارات الخارجية نحو المغرب عشرة أضعاف خلال عقد، بفعل التدفقات المالية العربية، خصوصاً من الإمارات والكويت وقطر، مع عودة قوية للاستثمارات السعودية، حيث أعلنت مجموعة «المملكة القابضة» عن نيتها ضخ استثمارات جديدة بدأتها بمشروع الفصول الأربعة (فور سيزنر) في مراكش بـ 120 مليون دولار.
وقُدّرت الاستثمارات الأوروبية في المغرب بتسعة بلايين يورو بين 2003 و2006، خصوصاً من فرنسا وأسبانيا وبلجيكا، وشملت قطاعات الصناعة والاتصالات والمصارف والعقارات والسياحة والبنى التحتية. وتنفذ شركات أوروبية مشاريع استثمارية في مجال «الاوفشور التكنولوجي» وصناعة قطع غيار الطائرات والسيارات. وأطلــــقت شركـــة «الــــديار» القطرية مشروع «هوارة» في طنجة على المحيط الأطلسي، بكلفة 660 مليون دولار، لبناء 3 فنادق راقية وتجهيزات سياحية وعشرات الاقامات الفاخرة الموجهة إلى السياحة الراقية العربية والأوروبية.
(المصدر: صحيفة  » الحياة  » (يومية – لندن) الصادرة يوم 3 جوان 2007)  


«سوبر ستار – 4»منافسة مغاربية في التصفية النهائية

     الحياة     – 03/06/07// ختامها مغاربي على شاشة «المستقبل». فبرنامج المنوعات «سوبر ستار – 4» الذي بدأ موسمه الرابع منذ شهور، يصل اليوم الى التصفية النهائية. وهي تصفية لم يكن أحد يتوقع ان تنحصر في بلدين من المغرب العربي: المغرب وتونس، وبمتباريين صار لهما من الشعبية في العالم العربي ما يجعل بقية الشعوب تتبناهما، حتى وإن كانت الحماسة الأكبر ستكون من نصيب مواطني بلديهما خلال سهرة الليلة. من المغرب بلد سعد المجرد، ومن تونس بلد مروان علي، صورة لاستعدادات الجمهور وحماسة الشارع للتصويت للمتباريين. بقي ان نعرف إذا كانت الأوضاع الأمنية في بيروت، ستسمح بعرض الحلقة مباشرة، أو يحدث كما في الأسبوع ما قبل الفائت تأجيل طارئ!
(المصدر: صحيفة  » الحياة  » (يومية – لندن) الصادرة يوم 3 جوان 2007)


مبادرة الشراكة مع الشرق الأوسط

صلاح الدين الجورشي – الدوحة تمثل مبادرة الشراكة مع الشرق الأوسط – ميبي- تفاعل حكومة الولايات المتحدة الأميركية مع أصوات التغيير في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا . فهذه المبادرة الرئاسية التي تم بعثها سنة 2002 بتمويل من الكنغرس وبمساندة الحزبين, تعمل على توفير الموارد والتجارب, وعلى تأكيد عزم الولايات المتحدة الأميركية على تعزيز الإصلاح في جميع أنحاء المنطقة. يعمل مكتب مبادرة الشراكة مع الشرق الأوسط في صلب إدارة شؤون الشرق الأوسط بوزارة الخارجية الأميركية. ويمثله في المنطقة مكتبان إقليميان في أبي ظبي بالإمارات العربية المتحدة وبتونس. وتدعم مبادرة الشراكة مع الشرق الأوسط البرامج والمشاريع التي تساعد على بناء التغيير الديمقراطي. وقد ساهمت المبادرة إلى اليوم في إنجاز أكثر من 350 برنامج في 15 دولة, باعتمادات فاقت 300 مليون دولار أميركي من أجل دعم برامج إصلاحية. ويشمل شركاء ميبي منظمات غير حكومية دولية ومحلية و مؤسسات اقتصادية وجامعات ومعاهد عليا وفي بعض الحالات حكومات من المنطقة. وتمثل التمويلات التي تقدمها مبادرة الشراكة مع الشرق الأوسط تكملة للمساعدات الإقتصادية الثنائية التي تقدمها الولايات المتحدة سنويا لدول المنطقة المكاتب الإقليمية حتى يتم تحقيق أهداف الإصلاح الديمقراطي بالتعامل مباشرة مع شركاء من المنطقة، ركزت مبادرة الشراكة مع الشرق الأوسط مكتبين إقليميين في صائفة 2004 . يقع المكتب الإقليمي الأول بأبي ظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة ويعتني ببرامج المبادرة بدول الخليج العربي بالإضافة إلى الأردن واليمن، والمكتب الإقليمي بتونس الذي يشرف على البرامج والمشاريع بدول شمال إفريقيا ومصر ولبنان. وتمثل مبادرة الشراكة مع الشرق الأوسط جزءا من السياسة الخارجية الأميركية، وبذلك يلعب المكتبين الإقليميين دور همزة الوصل بين المكتب المركزي للمبادرة بواشنطن و سفارات الولايات المتحدة الأميركية بالمنطقة، ويتعاملان مباشرة مع شركاء المبادرة، والمشاركين في برامجها، والإصلاحيين ونشطاء المجتمع المدني على مختلف المستويات. المكتب الإقليمي بتونس يقع المكتب الإقليمي في السفارة الأمريكية بتونس وتشمل مسؤولياته إدارة برامج المبادرة في كل من الجزائر ومصر ولبنان والمغرب وتونس والتي تفوق الإعتمادات المخصصة لها سنويا أكثر من 50 مليون دولار. ويعمل بالمكتب الإقليمي بتونس سبعة موظفين يشملون ديبلوماسيين أمريكيين وموظفين من المنطقة لهم تجارب في مجالات الإصلاح الديمقراطي وأنشطة المجتمع المدني وإدارة المنح والمساعدات المالية. وبالإظافة إلى التنسيق مع سفارات الولايات المتحدة بالمنطقة، ينظم المكتب الإقليمي بتونس مؤتمرات إقليمية (مؤتمر نساء الأعمال و مؤتمر القادة الطلاب) ، ويساهم في برامج التبادل (منحة القادة الشبان من أجل الديمقراطية وبرنامج تدريب سيدات الأعمال الشابات)، كما يوفر المكتب العديد من اليات التمويل )المنح الصغرى والمنح المختصة) ويساهم في تنظيم المؤتمرات وتسهيل تبادل الزيارات وإعداد الندوات ودورات التكوين المدعمة للإصلاح. ميبي وبقية البرامج الإصلاحية تمثل مبادرة ميبي واحدة من ضمن برامج إصلاحية أخرى تشهدها المنطقة. فبينما تمثل ميبي برنامجا ثنائيا يحاول تجاوز التحديات في مجال نشر الديمقراطية والإزدهار الإقتصادي وتحسين جودة التعليم ودعم مشاركة المرأة في المجتمع، صدر مشروع الشرق الأوسط الكبير، وهو برنامج منفصل ومتعدد الأطراف، ببادرة من مجموعة الدول المصنعة الثمانية. وكان قد نشا هذا البرنامج خلال قمة سي أيلند سنة 2004 ويدعم برامج أخرى على غرار منتدى المستقبل و مؤسسة المستقبل. فبينما يظل مشروع ميبي مبادرة رئاسية أميركية تديره وزارة الخارجية الأميركية، فإنه يعمل أيضا على تطوير ودعم مشروع الشرق الأوسط الكبير وبقية البرامج الإصلاحية، والتي تدعم بدورها مبادرة الشراكة مع الشرق الأوسط.  (المصدر: موقع سويس إنفوبتاريخ 3 جوان 2007) وصلة إلى الموضوع:http://www.swissinfo.org/ara/swissinfo.html?siteSect=105&sid=7846539

 

 

خيمة العرب  

 
التقديم: كانت خيمة قائمة، رأسها في السماء واعمدتها ثابتة في اديم الارض المعطاء، ابوابها الاربعة مفتوحة للوئام والشيم والسلام والاباء والوفاء والقيم العربية السمحاء، محاطة بحديقة خضراء ـ تتوسطها عين جارية يشرب منها العرب حتي الارتواء… ولما شب بين العرب حريق الانواء، جذب كل فريق عموده في اتجاه الهروب من حريق الحروب الهوجاء، فسقطت الخيمة علي من بقي ساجدا تحتها يرتقب من حكماء الامة الصلح والرجاء. الموضوع: مسلمون وعرب، اشرأبت أعناقهم الي منارات الوحدة والنمو والنماء، وتناسوا انتماءاتهم الضيقة وأغراضهم الاثنية والقبلية والإقليمية، وصبوا جام طموحهم الأسطوري في جراب المؤتمر الاسلامي وصندوق الجامعة العربية، ووهبوا اموالهم واعراضهم وآمالهم وأفكارهم وأكبادهم الي حكامهم لصنع سور العرب العتيد للوقوف سدا منيعا امام الجبهات الاستعمارية والرياح العاتية الاستغلالية لثرواتنا الطبيعية … للوقوف كالطود أمام الارهاب، والاغتيال والخراب والعناد والشقاق والتفرقة والنكســـــة والنكبة والاســـتهتار والاغتراب والانتحار والشعوذة والابتذال والانكسار والغيبة والمغبة والعمالة والخيانة.

لكن الخيبة جاءت سريعة ومروعة لكل عربي ينوء بعزمه وعزيمته لبناء صرح الامة العربية فهذه فلسطين يباح فيها الدم العربي من طرف من كان الاجدر به ان يسلط سوطه وصوته نحو المستعمر الذي يتلذذ بالفرجة عن بندقية الاخ العربي المسلم توجه الي صدر أخيه بشماتة هيستيرية.. وينتظر في المنعرج منتصرا متعبا ليجهز عليه ببرودة دم.. وبدون ندم وبدون ردع من مجلس الامم. والادهي والامر من كل ذلك ان تعتقل فئة فلسطينية فئة من فئة فلسطينية ثانية علي مرأي ومسمع من الفئات الاخري ؟ علي ان هذه الفصيلة ليست من الفضيلة الفلسطينية ولا من رذيلة العرب، ولكن ما العمل؟ وقد استشري الخور في الجسم الواحد الذي كان من المفروض ان يتداعي له باقي البقية من امتنا العربية من اجل حمايته من الترهل الداخلي والتشرذم الخارجي، فإذا كان الاخ لا يجد نصرة من أخيه، فمن اين ستحل النصرة المأمولة؟ ونحن لا نزال ندعي ان اسرائيل هي سبب البلية وسرطان الاتحاد السياسي العربي؟ والخوف كل الخوف أن نسعي لازالة وجودنا من فوق خارطة جغرافيا الواقع ويومها لن ترتعد فرائصنا من واقع قاموس اكسفورد .. الذي روّج لخريطة الشرق الاوسط بدون فلسطين؟

والآن هل فهمنا عقدنا،وهل استوعبنا مشاكلنا الدهرية، وهل آن الاوان الي الانكباب علي دواخلنا المتشعبة لحلها عقدة عقدة، لان الحل والتاريخ اثبت ذلك اكثر من مرة بان صاحب الداء اولي بمعرفة اصل دائه والمصل او الشفاء لا ولن يأتي من الخارج، فهل معني هذا ان تحل عقد الفلسطينيين من اجتماع روحاني من مكة في حين ان موقع فلسطين من اولي القبلتين لا يخفي علي احد، أم ان معاهدة السلام العربية الجديدة المتجددة، التي ولدت من مخاض عسير لقمة بيروت وترعرعت في رحاب القمة 19 للسعودية، يجب ان ننتظرها عقدين آخرين حتي تبلغ رشد الانجاز الملموس؟ ولكن ما العمل؟ وجميع الطروحات من اوسلو الي موسكو الي كامب ديفيد لم تجْد نفعا، وحتي قرارات الامم المتحدة العديدة ( 194و242و 338) لم تحقق دفعا، ومطلب العالم بأسره هو الاعتراف باسرائيل كوطن آمن ومجاور للعرب، ولكن هل في المقابل اعترف العالم بحق شعب فلســــــطين المضطهد والمتخم قمعا؟ وهل رقت أحاسيس جمعيات حقوق الانسان لاطفال فلسطين الذين يموتون قهرا وتعذيبا وفقرا ويذرفون القلــــــوب ألما ودمعا؟

محمد بوفارس القلعة الكبري ـ تونس

 
(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 2 جوان 2007)


تـرهّــل الـدولـة الـعـربـيـة
3حزيران/يونيو2007 – آخر تحديث – 4:00 يمينا أو يسارا، ثمة مواجهة ما في بلد عربي، وشمالا أو جنوبا، هناك أزمة ما تتصاعد في بلد عربي، يستوي في ذلك من يقع تحت قهر قوة خارجية أو من يوصف كبلد مستقل ذو سيادة. هذا القاسم المشترك بين الدول العربية، رغم اختلاف التفاصيل، يعني أن الصيغة العربية للدولة الوطنية تعيش مرحلة ترهل، صحيح أنها تقاوم وتصارع من أجل البقاء، لكن الترهّـل بمظاهره المختلفة آخذ فى الزحف وفي الامتداد، مما يفرض البحث عن بداية جديدة. الترهل العربي يثير أمرين، إما أن الخطأ كل الخطأ هو فى صيغة الدولة العربية القُـطرية ذاتها أو أن الخطأ هو في النخبة الحاكمة ذاتها، التي استأثرت بالحكم لفترة طويلة وأضاعت على وطنها فُـرص التغيير السلمي والتطور الطبيعي، الذي تشهده البلدان الأخرى نحو الأمام. وأيا كانت الإجابة على هذا السؤال، فالنتيجة التي نراها ماثلة هي واحدة، أزمة عربية تنتج أخرى وسقف الأمنيات العربية بات محدودا جدا. حالات بالجملة هذه النتيجة الواحدة تمتَـد من لبنان إلى اليمن، ومن فلسطين إلى السودان، ومن العراق إلى الجزائر، ومن سوريا إلى مصر، لا فرق بين حالات تُعدُّ مستقلة بالمعنى القانوني، وأخرى تُـصارع قوى القهر الخارجي والاحتلال الأجنبي، فالبوصلة تبدو مشوشة ويجدر تغييرها. فما معنى أن تتصارع أكبر قوتين في الساحة الفلسطينية، في الوقت الذي يستمر فيه الاحتلال في قضم الأرض واغتيال الناس واعتقال السياسيين وحِـصار السلطة وسجن كل الفلسطينيين في سجن كبير يسمى غزة أو الضفة الغربية المحتلة؟ وما معنى أن تُفاجأ الدولة اللبنانية بوجود تنظيم فتح الإسلام ذي التوجهات القاعدية، فِـكريا وتنظيميا، ليس في مخيم للفلسطينيين البؤساء، بل في مدينة طرابلس، التي كانت تاريخيا رمزا للاعتدال السُـني ومدينة التسامح والتنوع الديني؟ وكيف يفهم المرء ما يجري في اليمن بعد 17 عاما من قيام الوحدة بين الجنوب والشمال، وتندلع مواجهة عبثية يقودها تنظيم الشباب المؤمن، الداعي إلى إحياء زمن الإمامة البغيض، ويُـقال أن الدولة نفسها كانت تدفع بعض الأموال لهذا التنظيم لسبب غير مفهوم قبل عدة سنوات، وأنها قضت على جزء كبير من عناصره في أغسطس 2004، ولكنه ظهر للوجود مرة أخرى بعد ثلاث سنوات؟ وما معنى أن يتدهور الأمن في الصومال في ظل قوات أجنبية، غير متّـفق على توصيف حقيقة وجودِها بين أهل الصومال أنفسهم، وفي ظل حكومة انتقالية مُـعترف بها دوليا على مَـضض، بعد أن كان الأمن نفسه قد استتبّ جُـزئيا في قطاعات واسعة من البلاد على يد قوى شعبية تشكّـلت بحكم الضرورة تحت مظلة ما عُـرف بالمحاكم الإسلامية، التي قُـضِـي عليها عسكريا، ولكنها لا زالت موجودة كقوة سياسية أو قبائلية أو كمزيج منهما. وفي السياق ذاته، كيف نفهم خِـشية الحكومة العراقية ومَـن يناصرها من احتمالات انسحاب القوات الأمريكية تحت ضغط الداخل الأمريكي نفسه، اللّـهم إلا إذا كانت الحكومة نفسها عاجزة عن فعل أي شيء لبلدها، وكيف نفهم كل هذه الاعتقالات التي تجري يوميا تقريبا فى مصر لأعضاء جماعة الإخوان المحظورة قانونيا، ولكنها ممثلة فى البرلمان بنسبة 20% من العدد الكلي للنواب، اللَّـهم إلا إذا كان ذلك جُـزءا من صورة تعكِـس تخبّـطا سياسيا أفقيا ورأسيا على السواء. كل هذه الأسئلة وغيرها تنطوي على مفارقات كُـبرى يمكن استيعابها فقط في ضوء حقيقة أن الترهّـل وفِـقدان الاتِّـجاه وغلبة الجزئي على الكلي، وسيادة التحركات قصيرة النظر على السياسات بعيدة النظر، بات من السِّـمات السائدة في سياسات الدولة العربية أو ما يعد دولة تحت التشكيل. ترهل على الطريقة اللبنانية ففي المواجهة اللبنانية ضد تنظيم فتح الإسلام، لا يُـمكن فصل الأمر عن حقيقة أن الأزمة السياسية والدستورية، التي يعيشها لبنان منذ أكثر من عامين، قد أفقدت المؤسسات القائمة سِـمة الحيوية وأبعدتها عن دورها الحقيقي وباتت كل مؤسسة سياسية منفصلة تماما عن المؤسستين الأخيرتين. فالحكومة في وادٍ والرئاسة في وادي والبرلمان معطل عن العمل، والكل يبدو متحفِّـزا في مواجهة الكل. ومما زاد الطين بلّـة، أن الخطاب السياسي للغالبية السائدة، يربط دائما وبصورة ميكانيكية أي قصور في الداخل أو غياب للرؤية أو أي تحد سياسي أو أمني بدور خارجي سوري أو إيراني، مما أفقد المؤسسات الأمنية القدرة على إدراك معنى المسؤولية الذاتية في الفشل كما فى النجاح أو استيعاب المتغيِّـرات الجارية في رحم المجتمع، من قبيل الامتداد السلفي والأصولي وما يخرج منه من تنظيمات تُـعلِـن صراحة أنها ضد الدولة وأن لديها مشروعا بديلا ستعمل على تطبيقه بالعنف. والمفارقة كما كشفت عنها مُـجريات المواجهة عبر عدة أيام، ليست في مجرد ضعف قدرات الجيش اللبناني وافتقاده للمعدّات المناسبة والملائمة وقلّـة الذخيرة والآليات وحسب، وإنما أيضا في وجود خلايا أصولية نمَـت وترعرعت في كَـنف محيط سُـني يُـعد تاريخيا محيط الاعتدال والتسامح. ورغم أن مظاهر الامتداد الأصولي كانت واضحة منذ أكثر من عامين، إلا أن استيعاب مغزاها كان عصِـيا على فهم المؤسسات الأمنية والسياسية، التي شغلت نفسها بهوامش القضايا وليس جوهرها. وفي تلك قرينة على ترهل شديد بات كامنا في بنية الدولة اللبنانية. اليمن الموحد في مواجهة الإمامة مفارقات الترهل المؤسسي تبدو جلية أيضا في حالة اليمن وصراعه مع جماعة الحوثيين، وهم الذين وُجّـهت لهم ضربة قوية نِـسبيا في سبتمبر 2004، حين قتل الجيش اليمني زعيمهم آنذاك حسين الحوثي بن العلامة البارز بدر الدين الحوثي. ولكن التنظيم ظهر بعد ثلاثة أعوام وكأنه أقوى مما كان عليه حين قتل زعيمه، وأن له علاقات خارجية وتمويلا وأسلحة جاءت عبر الحدود. أين كان الجيش في السنوات الثلاث الماضية؟ وكيف تمت معالجة الظاهرة التي عادت أقوى من السابق؟ لا إجابات واضحة، ولكن مجرّد عودة التنظيم تعني غياب المتابعة والاكتفاء بما تم قبل ثلاث سنوات، وكأنه إنجاز كافٍ في حد ذاته، أما معالجة أسباب الظاهرة فلم تُـعرف أصلا. من يعرفون اليمن ويعرفون تضحيات أبنائها من أجل الثورة والجمهورية والوحدة، يدهشون حين يعلمون أن جوهر تعاليم الحوثي الأب والابن معا، هي الدعوة إلى إقامة إمامة كتلك التي حكمت اليمن 1200 عاما، وكانت سببا في تخلُّـفه وضَـياع الكثير من حقوقه وحقوق أبنائه. وربما في سياق التعددية الفكرية، يمكن قبول اجتهاد شيعي جعفري أو زيدي حول ضرورة أو وجوب نظام الإمامة، أما في سياق تحويل الفِـكرة إلى تنظيم مسلَّـح يُـمارِس العنف ضد الدولة، فهنا الخطر وهنا الإنذار بأن الترهل بات في صميم عمل مؤسسات الدولة. وهنا وجَـب التنبيه. فلسطين وصراع على الوهم بيد أن التنبيه واجب أيضا وبدرجة أكثر حِـدة وقوة لدى هؤلاء الذين يتصارعون، كما هو الحال في فلسطين المحتلة، على مشروع سلطة محاصَـرة ومشروع دولة مجهض ومشروع لعودة الحقوق القومية المشروعة يعاني الأمَـرّين من احتلال بغيض، ولا مبالاة عالمية وعربية وصلت إلى السموات العلى. يفهم المرء في حالة الاحتلال أن الأولوية هي حتما للوحدة النضالية، السياسية والعسكرية، ضد الاحتلال، أما أن تكون الأولوية هي لمصالح فئوية أو مصالح تنظيم بعينه أو لبناء نفوذ على حساب المصلحة الأولى والأهم، أي التحرير والاستقلال، فهذا أبعد كثيرا من مجرد حالة ترهل عابرة، إنها ولا شك، نهاية غير سعيدة لنِـضال الشعب الفلسطيني بكل فصائله وهيئاته، لاسيما وأن الاحتلال ماضٍ في مشروعه عبر الاغتيال والاعتقال والحصار وبناء الأسوار وتشكيل وقائع مضادة لكل الحقوق الفلسطينية. ورغم قسوة ما يجري في فلسطين المحتلة، فإن الوقت بقي فيه فسحة صغيرة، إن فاتت فلن يجد الفلسطينيون ما يناضلون من أجله، وهذه الفسحة المحدودة هي ما بقي من أمل لاستعادة الوعي الوطني على حساب الوعي الفصائلي، واستعادة بوصلة التحرير بدلا من بوصلة المغامرات، التي لا طائل من ورائها، أيا كانت التبريرات البراقة التي تُـقال بشأنها. وفي الجنوب أيضا جنوبا، ليس الحال بأسعد من الشمال، فالسودان الذي يناضل من أجل تسوية تاريخية لميراث الحرب الأهلية في الجنوب تحت مظلة اتفاقيات نيفاشا الموقُّـعة قبل عامين ونيف، يُـواجه الضغوط تِـلو الضغوط من أجل التحكم فيما يجري في دارفور، والتي يوظفها الغرب بقيادة أمريكية أوروبية لإعادة تشكيل السودان الدولة على نحو يخدم مصالحه بعيدة المدى. وبالرغم من صمود الخرطوم حتى اللحظة في وجه الضغوط، فإن مسيرة بناء دولة متعددة تنتصر للحريات والتنوع والديموقراطية، تواجَـه بعثرات وانتكاسات واحدة تِـلو الأخرى، ومن غير الواضح كيف سيكون الحال إذا ما فُـرض نشر قوات أممية في الغرب، لكن المرجح أن المزيد من ترهل الدولة الموحدة سيكون نتيجة حتمية. وفي الجنوب أيضا، لا يعطي الصومال بارقة أمل بقدر ما يطرح بدوره نموذجا آخر لدولة فاشلة، لم يبق منها سوى قراصنة يحكمون الممرات من وإلى البلاد، وقادة محليين لا همّ لهم سوى جمع الأموال وتنظيم الأنصار، وحكومة انتقالية استضافت قوة غزو، ولا تدري ماذا ستفعل من أجل بناء الدولة وتجميع الشعب تحت مظلة راية واحدة. د. حسن أبوطالب – القاهرة  (المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 3 جوان 2007)


Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.