الأحد، 29 نوفمبر 2009

Un effort quotidien pour une information de qualité sur notre pays, la Tunisie. Everyday, we contribute to a better information about our country, Tunisia

TUNISNEWS

9 ème année, N 3477 du 29.11.2009

 archives : www.tunisnews.net

الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو

ولضحايا قانون الإرهاب  


Ben Ali transporté d’urgence en avion médicalisé: Le roi est out? A bas la reine

مجلة « كلمة » الإلكترونية: طمئنونا على صحّة رئيسنا السبيل أونلاين :ما صحة أنباء إصابة الرئيس التونسي بن علي بإنفلونزا الخنازير؟ حــرية و إنـصاف:أخبار الحريات في تونس

السبيل أونلاين :عاجل..المواطن التونسي سمير بالخير يعتقل بعد عودته إلى تونس

السبيل أونلاين :عاجل..أم يحي تزور زهير الذي أكد أنه لم يرفض الزيارة

مجلة « كلمة » الإلكترونية:أخبار

المرصد التونسي للحقوق و الحريات النقابية:فعاليات اليوم التضامني مع الشعب الفلسطيني في قليبية

جريدة الصباح :إغـلاق المبيتـات الجامعيـة الخاصة..  إخلالات بالجملة وعقوبات.. بالتفصيـل

جريدة الصباح :وزارة التجارة والصناعات التقليدية:مستحضرات التجميل بريئة من الانفلونزا

خلدون الخويلدي: متخنزر قرطاج وحيدا في غرفة، و الحجيج سالمين على صعيد عرفة…

جريدة العرب :زعيم حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي لـ «العرب»:كيف يمكن قلب نظام مسلح بأكوام من الكتب والأوراق وأدوات الطباعة؟

زياد الهاني:مهات بزنس الوطنية » : « الأمومة » قد تصبح مصدرا للخجل!!؟

جريدة العرب :في الحساسيات المغاربية – المصرية: محاولة للفهم بمناسبة المواجهة الكروية (2-2)

جريدة النهار:هل نبقى دائماً عرضة للاستغباء؟

موقع الجزيرة.نت:نهضة الغرب على أكتاف العرب


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivan : Affichage / Codage / Arabe Windows)To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


منظمة حرية و إنصاف

التقرير الشهري حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس

جانفي200
فيفري2009    

أفريل 2009     
جوان2009  https://www.tunisnews.net/20juillet09a.htm      جويلية 2009  https://www.tunisnews.net/23Out09a.htm   أوت/سبتمبر2009    
أكتوبر 2009


نظرا لأهمّيته يدرج هذا المقال الفرنسي في الصفحة العربية  

 

Ben Ali transporté d’urgence en avion médicalisé: Le roi est out? A bas la reine!

Slim BAGGA L’affaire est encore tenue secrète, mais les Etat-Majors de la police et de l’armée seraient en état d’alerte. Tard dans la nuit du 27 novembre, la santé du Général-président Ben Ali se serait gravement détérioré si bien que son maintien sur place a été jugé risqué par son médecin personnel. C’est ainsi qu’il a été décidé de le déplacer en urgence vers une unité de soins encore inconnue. L’hopital militaire de la VIème Flotte américaine à Malte? L’Allemagne où il a l’habitude de se faire soigner? A cette heure, nous l’ignorons encore. Et la situation explosive que vit la Tunisie depuis de longues semaines sur fond de déchirements pour la succession ne facilite pas les choses quant à la circulation de l’information. Immobilisé pour une durée de 5 jours, officiellement pour cause « d’inflammation du pharynx », personne ne croyait à la raison officielle invoquée pour annuler, entre autres, la visite du roi d’Espagne mardi 24 novembre en Tunisie. En revanche, nous savions que le cancer dont est atteint Ben Ali a franchi une étape plus grave ces derniers temps, et des sources proches de son entourage immédiat ont ouvertement parlé de métastase. Indépendamment de sa maladie, il nous semble urgent que Carthage communique à ce sujet pour ne pas laisser s’enfler les rumeurs…et les manipulations de l’information dans lesquelles son propre staff est passé maître, et sous sa houlette. Si nous prenons le risque de dévoiler à chaud cette information capitale, c’est parce que nous craignons surtout que les tractations entre divers clans et les forces de la police ne s’accélèrent, au vu de la nouvelle donne, pour l’accaparation du pouvoir, et en dehors de ce que prévoient les institutions et la Constitution. Dans un Etat de droit ordinaire, l’état de santé du président de la République est du domaine public. Mais en Tunisie, sous la tyrannie des Ben Ali-Trabelsi, la population est toujours exclue de l’information et de tout ce qui la concerne. En attendant, prions pour que Zinochet ne soit pas tout simplement séquestré par la Bande à Leïla et que nous n’en arrivions pas à le réclamer nous-mêmes à cor et à cri… D’autant plus qu’à l’heure où nous parlons, il y a bel et bien deux célèbres tunisiens « disparus »: Taoufik Ben Brik, depuis onze jours et Zinochet depuis quatre…


طمئنونا على صحّة رئيسنا


حرر من قبل معز الباي في السبت, 28. نوفمبر 2009

الكثير من نقاط الاستفهام ومن الأسئلة المعلّقة تحيط بالحالة الصحّيّة للرئيس التونسي زين العابدين بن علي، البالغ من العمر 73 سنة. هذه الأسئلة انفجرت فجأة بشكل دبلوماسي في مطلع الأسبوع الجاري إثر إلغاء زيارة الملك الاسباني يوم الاثنين 23 نوفمبر أي قبل يوم من موعد الزيارة بحجّة أنّ الرئيس التونسي أصيب بالتهاب في الحنجرة ألزمه الفراش بأمر من طبيبه الشخصيّ لمدّة خمسة أيّام ابتداء من يوم الاثنين.  الإعلان عن مرض الرئيس لم يأت من مصادر تونسية في البداية بل أبلغت عنه الخارجية الاسبانية لتفسير أسباب إلغاء زيارة الملك والملكة إلى تونس، في سابقة لم تعرفها العلاقات التونسية الاسبانية التي أثثتها أربع زيارات للملك إلى بلادنا منذ 2004.  إثر إعلان الخارجية الاسبانية، أصدر الناطق الرسمي باسم الرئاسة التونسية بلاغا صحفيا مقتضبا عن إصابة بن علي بمرضه المعلن والراحة التي أمر له بها طبيبه.  بعض المراقبين أشاروا إلى أنّ مرض الرئيس التونسي يبدو ديبلوماسيّا، وعلّقت بعض الصحف الأوروبّيّة أنّ حنجرة الرئيس التونسي لم تستسغ إحدى افتتاحيات صحيفة « الباييس »، إحدى أكثر الصحف الاسبانية انتشارا والتي تحدّثت عن الديكتاتورية الناعمة للرئيس التونسي.  لكنّ نفس الصحيفة فجّرت القنبلة التي شغلت الرأي العام الدولي وطرحت الكثير من الأسئلة في بلد تشقى الأسئلة فيه كثيرا قبل العثور على إجابة.  ففي مقال صادر بتاريخ 24 نوفمبر، ذكرت « الباييس » وشقيقتها « إي بي ثي » أنّ الرئيس التونسي أصيب بعدوى الخنازير، وأنّ حفيدته هي التي نقلتها له بعد أن التقطت فيروس الانفلوانزا الوبائيّة في بعض المحاضن، واستندت الصحيفة إلى مصادر ديبلوماسية إسبانية في تونس.  وعلى إثر انتشار الخبر في وسائل الإعلام الدوليّة وخاصّة بعد أن نقلت قناة الجزيرة الخبر، خرج عليهم الناطق الرسمي باسم الجمهورية التونسية ببيان لم يطّلع عليه الرأي العام المحلّي نافيا ما راج من شائعات مؤكّدا من جديد الرواية الرسمية في حين تجاهلت أغلب الصحف التونسية المسألة حتى الصحف الرسميّة وصحف الحزب الحاكم مثل الحرّية وغيرها.  

من جهة أخرى تحدّث بعض الصحفيين عن تعكّر الحالة الصحيّة لبن علي، وعن حالة تأهّب أمنيّ وعسكري تحسّبا لأيّ طارئ، مستندا إلى مصادر مقرّبة من القصر

.  

بل ذهب صاحب المقال إلى أنّ الحالة الصحّيّة للرئيس تعكّرت ليلة العيد بشكل خطير ممّا استوجب نقله إلى… مكان مجهول

.  أن تتحوّل صحّة رئيس الجمهورية إلى محور اهتمام محلّي ودولي، فهذا أمر مفهوم وطبيعيّ، بل لعلّ الاهتمام بها وإنارة الرأي العام حول كلّ ما يتعلّق بالرئيس يعدّ من الأهمّية بمكان خاصّة في تونس، البلد الذي يحتكر رئيس الجمهورية فيه جميع الصلاحيّات تشريعيّة وتنفيذيّة و… ويتمركز القرار السياسي في يديه.  في مثل هذا النظام الذي كرّسه الحكم السّابق وأكّده ودعّمه الحكم الحالي يغدو الوضع الصحّي لرئيس الجمهورية موضوعا حيويّا بالنسبة لكافّة أفراد الشعب، وفي حالة وجود خطر يهدّد صحّة وحياة الرئيس فإنّ الدولة بأكملها تتأثّر فكلّ مقاليدها وموازينها تستقرّ في يديه. ويصبح من أوكد حقوق الشعب أن يعلم ما يجري، وأيّ مصير ينتظره، خاصّة وأنّ الأخبار حول تعكّر الحالة الصّحيّة لرئيس الجمهورية ليست حديثة عهد، فقد سبق وأن ذكرت تقارير إعلاميّة أنّ حالة زين العابدين بن علي ليست على ما يرام، وأنه يتلقّى العلاج بشكل دوريّ.  لكن أن يصمت الإعلام التونسي عن هذه المسألة البديهيّة ويترك الشعب غفلا من كلّ معطى فهذا لا يمكن أن يعكس غير الاستخفاف وعقليّة الوصاية التي ما فتئ النظام يكرّسها.  ثمّ إنّ الخطاب الرسمي الذي وجّه إلى الخارج مغيّبا الشعب التونسيّ من معادلته الإعلاميّة، هاضما حقّه في معرفة ما يجري في أعلى هرم السلطة، لم يقنع أحدا.  قد يكون مرض بن علي ديبلوماسيّا، كما جاء في بعض التقارير الصحفية، بل قد لا يكون فقط سوء هضم لما أوردته « الباييس » – فقد تعوّدت معدة وحنجرة نظامنا على هضم خطاب أكثر قسوة من هذا – بقدر ما هو التهاب ناجم عن الخطاب المستاء الذي قابل به حلفاء الأمس النظام التونسي المتجدّد إثر الانتخابات الأخيرة.  وقد يكون رئيسنا في وضع صحّي يوجب التساؤل ويثير القلق والمخاوف، خاصّة مع ما راج في كواليس السياسة من صراعات محتدمة بين أجنحة السلطة ومن سيطرة لشقّ غير مريح بالمرّة.  لكنّ ما يزيد الطين التونسيّ بلّة، هو تلك التجربة السابقة مع مثل هذه اللحظات الحاسمة في تاريخ البلاد، تجربة 1987 التي علّمت التونسيّين التوجّس من سيناريوهات المرض الرئاسي وما يرافقه ويتبعه من منعرجات خطيرة تحكم مصائر ملايين المواطنين دون أن يكون لهم أيّ رأي أو اختيار فيها.  ولم يساهم التعتيم الإعلامي سوى في إذكاء نيران الخوف والقلق.  فإلى متى يعامل المواطن التونسيّ كقاصر تحجب عنه مسائل مصيريّة مثل صحّة الرئيس، ووضع البلاد؟  ثمّ لماذا يغيّب الإعلام من المنعرجات الحاسمة في تاريخ الوطن؟  وهل أنّ ما يحدث لا يعدو أن يكون زوبعة في فنجان أم أنه تمهيد لسيناريو أطلّ كابوسه بشدّة في الفترة الأخيرة، سيناريو التوريث؟  ألم يئن الأوان بعد لكي نصرخ في أصحاب الحلّ والعقد أن « طمئنونا على صحّة رئيسنا »؟  ليس بدافع من الحبّ فلن يصدّقنا أحد إن ادّعينا ذلك، ولكن بدافع من الحرص على حقّ كلّ تونسيّ في الإطّلاع على مستقبل البلاد الضبابيّ، ودرءا لوباء أكثر التهاما لأبناء هذا الوطن من وباء الخنازير، هو وباء الإشاعة. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 28 نوفمبر 2009)


ما صحة أنباء إصابة الرئيس التونسي بن علي بإنفلونزا الخنازير؟


السبيل أونلاين – تونس – وكالات   أشيع على نطاق واسع أن الرئيس التونسي زين العابدين بن علي قد أصيب بالمرض الأكثر شهرة هذه الأيام وهو أنفلونزا الخنازير والذي ألغي بسببه موسم الحج هذا العام في تونس وهي سابقة في التاريخ ، ونقلت وكالات الأنباء والصحف عن صحيفتا ‘الباييس’ و’إي.بي.ثي’ الإسبانيتان واللتان نقلتا بدورهما عن دبلوماسيين أوروبيين خبر إصابة بن علي بالمرض الذي إنتقل إليه عن طريق حفيدته ، وذلك في سياق حديثهما عن إلغاء الزيارة الرسمية التي كان مقررا أن يقوم بها الملك الإسباني الأربعاء الماضي إلى تونس .   وما غذى هذه الشائعات هو الأسلوب الذى يعتمده قصر قرطاج حيال مرض رئيسه منذ سنوات طويلة ، فرغم أن بن علي يقوم برحلات علاجية إلى الخارج في نطاق السرية وتتحدث الأنباء عن إصابته بالسرطان ، فإن التعتيم هو سيد الموقف حياله رسميا ، ولكن في الأوساط الشعبية التونسية يروي الناس ما يشبه الأساطير حيال أسرار القصر وخاصة مرض الرئيس ورحلاته العلاجية إلى ألمانيا الإتحادية .   وكانت الرئاسة التونسية قد أعلنت أن بن علي سيخلد للراحة لمدة خمسة أيام لإصابته بإلتهاب في الحنجرة ، ولكن هذه الرواية لا تحظى بالمصداقية . وإذا كنا لا نجزم بصحّة خبر إصابة رئيس بلادنا بأنفلونزا الخنازير ، فإننا لا نستطيع نفيه ، ولكن الكثير من الأوساط التونسية والدولية لا تقف عند الخبر ولكنها تتحدث عن تداعيات صحّة الرئيس التونسي في ظل أنباء عن صراع أجنحة الحكم على خلافته .   (المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس) ، بتاريخ 29 نوفمبر 2009)

الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف منظمة حقوقية مستقلة 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com *************************************************************************** تونس في 12 ذو الحجة 1430 الموافق ل 29 نوفمبر 2009

أخبار الحريات في تونس


1)    اعتقال المواطن التونسي الفرنسي سمير بالخير: اعتقل أعوان البوليس السياسي المواطن التونسي سمير بالخير لدى عودته صباح اليوم الأحد 29 نوفمبر 2009 إلى تونس، على إثر وفاة والدته يوم السبت 28 نوفمبر. وقد عاد السيد سمير بالخير، الذي لم يزر تونس منذ بداية تسعينات القرن الماضي، وهو يحمل الجنسية الفرنسية ويستخدم جواز سفره الفرنسي،  ويرجح أن يكون معتقلا الآن بمقر وزارة الداخلية بتونس العاصمة. 2)   حتى لا يبقى سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو عيدا آخر وراء القضبان: لا يزال سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو وراء قضبان سجن الناظور يتعرض لأطول مظلمة في تاريخ تونس، في ظل صمت رهيب من كل الجمعيات والمنظمات الحقوقية، ولا تزال كل الأصوات الحرة التي أطلقت صيحة فزع مطالبة بالإفراج عنه تنتظر صدى صوتها، لكن واقع السجن ينبئ بغير ما يتمنى كل الأحرار، إذ تتواصل معاناة سجين العشريتين في ظل التردي الكبير لوضعه الصحي والمعاملة السيئة التي يلقاها من قبل إدارة السجن المذكور.   عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري

عاجل..المواطن التونسي سمير بالخير يعتقل بعد عودته إلى تونس


السبيل أونلاين – باريس – تونس – عاجل  أفادت مصادر خاصة بالسبيل أونلاين اليوم الأحد 29 نوفمبر 2009 ، أن المواطن التونسي سمير بالخير الذي لم يزر تونس منذ بداية تسعينات القرن الماضي ، أعتقل من قبل الداخلية التونسية لدى عودته صباح اليوم الأحد إلى تونس ، وذلك بمناسبة وفاة والدته (رحمها الله) أمس السبت .  وعاد بالخير الذي يحمل الجنسية الفرنسية إلى البلاد مستخدما جواز سفره الفرنسي . ونقلت المصادر عن رئيس « المنظمة الدولية للمهجرين التونسيين » نور الدين ختروشي ، أن بالخير محتجز الآن في وزارة الداخلية .  بالتعاون مع الناشط الحقوقي – ابراهيم نوّار – سويسرا   (المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس) ، بتاريخ 29 نومفمبر 2009)  

عاجل..أم يحي تزور زهير الذي أكد أنه لم يرفض الزيارة


السبيل أونلاين – تونس – عاجل   تمكّنت أم يحي من زيارة زوجها زهير مخلوف في السجن المدني بالمرناقية يوم عيد الإضحى المبارك الموافق ليوم الجمعة 27 نوفمبر 2009 ، وذلك بعد أن رفضت إدارة السجن يوم الإربعاء الماضي إتمامها وهو اليوم المعتاد للزيارة الأسبوعية ، وتذرّعت بأن مخلوف يرفض المقابلة .  وقد تبيّن أن مراسلنا في تونس المناضل الحقوقي زهير مخلوف لم يرفض أو يمتنع عن مقابلة أسرته ومحاموه ، بل كان قرارا من إدارة السجن يقضي بحرمانه من الزيارة لأسباب غير معلومة .  وأفادتنا أم يحي أن معنويات زهير عالية وهو بصحّة جيدة ، ولكنه عبّر عن إنشغاله على أسرته في غيابه ، ومشاكل عمله الذي سببها إعتقاله .   بالتعاون مع الناشط الحقوقي – سيد المبروك   (المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس) ، بتاريخ 29 نوفمبر 2009)

المنظــمــة الــدّولــيّـة للـمـهـجّـريـن الـتّـونـسـيّـيـن « معا لإنهاء محنة المهجرين، نحبك يا تونس وطنا للجميع » تهنئة  بمناسبة عيد الإضحى المبارك


بمناسبة عيد الإضحى المبارك تتقدم منظمتنا، باسم جميع أعضائها المهجرين ، بأحر التهاني وأصدق عبارات المحبة والإكبار والوفاء إلى شعبنا التونسي الأبي. هذا الشعب الذي نحبه ويحبنا ونتحرق شوقا للقائه ومعانقة أهل وأحبة وجيران وأصدقاء جمعتنا ميادين العلم والعمل وساحات المرح والنضال وأشواق العدل والحرية. شعب نتظلم إليه، في هذا العيد السادس والثلاثين بعيدا عن الأهل والأحبة بالنسبة لأغلبنا ، ونشكو له تهجيرا وإبعادا عن وطن فاضت به أحلامنا وعجزت عن وصف الحنين إليه ألسنتنا وأقلامنا. عيد آخر نقضيه بعيدا بأجسادنا عن تونس الحبيبة، محلقين بأحلامنا وأحزاننا فوق سمائها، معللين النفس بقرب وصل ولم شمل وغد مشرق جميل.    رجاؤنا أن يحل العيد القادم وقد فرجت كربة كل مهجر وعمت الفرحة كل بيت وكل عام وتونس بألف خير. المكتب التنفيذي، باريس، الجمعة 27 نوفمبر 2009

أخبار

الأمن التونسي يعتدي على مدافعين عن حقوق الإنسان في بنزرت أورد فرع بنزرت للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان أنّ عددا كبيرا من أعوان البوليس بالزي المدني طوقوا منذ صباح عيد الأضحى كل الطرق المؤدية إلى مقر الفرع الذي يقع في الطابق السفلي لمقر سكنى رئيس الفرع علي بن سالم. وقد حجرت عناصر البوليس الاقتراب من المكان على عدد من المدافعين عن حقوق الإنسان الذين كانوا يعتزمون التوجه لمعايدة السيد بن سالم. وذكر بيان لفرع الرابطة أنّ العناصر الأمنية اعتدت بالعنف على الزوّار وعمدت إلى الإضرار بسياراتهم.  وقد ضرب الصحفي لطفي حجي ومحمد الهادي بن سعيد وسامي الرايس ومحمد العباسي وعبد الجبار المداحي. وبرّر مسؤولون أمنيّون هذا التدخل بوجود حكم قضائي يمنع أنشطة فرع الرابطة ببنزرت.  وقد قرّر بعد ضحايا الاعتداء التوجه إلى القضاء لتقديم شكايات في الغرض. الشروع يوم الاثنين في محاكمة الطلبة النقابيين  
تنطلق يوم الاثنين 30 نوفمبر محاكمة مجموعة من الطلبة والطالبات النقابيين على خلفية مشاركتهم في اعتصام احتجاجي بمقر إدارة المبيت الجامعي بمنوبة للمطالبة بحق السكن الذي حرمت منه أكثر من مائة طالبة. وكان قد تم اعتقال 14 طالبا إثر مداهمة ليلية لمقر التحرك أول الشهر الجاري وأودع السجن عشرة منهم، وقد وجهت لنحو عشرين، بينهم أربع طالبات تهم حق عام مثل تعطيل حرية الشغل والإضرار بملك الغير. السلطات تتصدّى لمبادرة خاصة لبعث مدرسة قرآنية  
حذرت السلط الجهوية بقابس أحد رجال الأعمال في الجهة من مواصلة الحصول على تبرعات من بعض أصحاب المشاريع التجارية قصد بعث مدرسة قرآنية. وذكرت مصادر خاصة في تصريحات لراديو كلمة أنّ تحذير السلط الجهوية كان بطريقة شفوية دون إخضاع رجل الأعمال المذكور إلى استجواب أو تحقيق رسمي بعد التأكد من عدم انتمائه إلى أي تنظيم سياسي معارض للحكومة. وأضافت ذات المصادر أنّ أصحاب فكرة بعث المدرسة القرآنية في جهة قابس قرروا مراسلة وزارتي الداخلية و الشؤون الدينية في الموضوع و تفسير أهدافه وتأكيد طابعه الاجتماعي وعدم وقوف جهات أجنبية وراء المشروع . قرية بلطة تحرم من تجهيز الطريق بسبب سوء التخطيط  
توقفت منذ ما يزيد عن ستة أشهر أشغال تهيئة الطريق الذي يشق قرية بلطة أكبر قرى الشمال الغربي من حيث التعداد السكاني . وقال عدد من متساكني القرية إنّ الأشغال توقفت بعد أن تأكد اصطدام القنوات التي سيتم تركيزها بعيون مائية من بينها عين « الكرمة » وعين « جمعة » إحدى أهم مصادر الماء الصالح للشرب للمتساكنين فضلا على أنّ مخطط الأشغال تبيّن أنّه سيلحق أضرارا بمنازل المتساكنين قد تصل حد الانهيار.  من جهة أخرى كشفت مصادر مطلعة أنّ السلط المحلية برّرت توقف الأشغال بضعف التمويل، فيما يعتبر بعض الأهالي أنّ الجهات المعنيّة تجهل طبيعة القرية الحضارية وتاريخها لاسيما وأنّها توجد في موقع مدينة رومانية قديمة، كما يشكك البعض بوجود تلاعب بالمال العام. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 28 نوفمبر 2009)

فعاليات اليوم التضامني مع الشعب الفلسطيني في قليبية


أرادته البيروقراطية الجهوية راكدا وأراده مناضلوه مناضلا انعقدت حلقة نقاش بالاتحاد المحلي للشغل بقليبية حمام الغزاز الهوارية احياءا لليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني وكانت ناجحة بكل المقاييس خلافا لما أرادته بعض الأيادي التي عملت منذ الاعالان على الفعالية لافشالها عبر دفع البعض أو التهديد الضمني بالهاتف ومقاطعتهم لحضورها ولقد ساهم كل الحضور في النقاش الذي كان رصينا جادا حضره حشد من النقابيين من كافة القطاعات واهمها التعليم بشقيه الثانوي والأساسي و4 من اعضاء المكتب المحلي وعضو بالاتحاد المحلي بمنزل تميم/الميدة ورئيس فرع قليبية قربة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان نشط الحلقة الأستاذ بالتاريخ السيد رشيد بن مسعود وأشرف عليها الكاتب العام للاتحاد المحلي وسبقها اصداح موسيقي لفرق ملتزمة تغنت بالقضية الفلسطينية. نقابي من نابل المرصد التونسي للحقوق و الحريات النقابية

إغـلاق المبيتـات الجامعيـة الخاصة..  إخلالات بالجملة وعقوبات.. بالتفصيـل


تونس ـ الصباح رغم التوجه نحو التعويل على المبيتات الخاصة والتشجيع على إنشائها، ورغم استيعابها لـ11 ألف طالب وطالبة بما يساعد على حل مشكلة سكن الطلبة في تونس، فقد أغلق في ظرف سنتين 29 مبيتًا خاصًا تابعًا لديوان الخدمات الجامعية بالشمال. إغلاق المبيتات الجامعية الخاصة يمثل مشكلاً حقيقيًا خاصة أن القطاع لم يعد يسجل إحداثات جديدة لمبيتات عمومية إضافة إلى الإقرار بوجود نقص يقدر بـ4500 سرير لإيواء الطلبة هذه السنة والتزايد المستمر سنويًا لعدد الطلبة بالمؤسسات الجامعية. عملاً بأحكام القانون عدد 127 لسنة 1994 المؤرخ في 26 ديسمبر 1994 المتعلق بقانون المالية لسنة 1995 وخاصة الفصول 76 و77 و78 منه، وبأحكام مجلة تشجيع الاستثمارات الصادرة بمقتضى القانون عدد 120 لسنة 1993 المؤرخ في 27 ديسمبر 1993، وخاصة الفصل 52 ثالثًا منها، كما تم تنقيحها أو إتمامًا بالنصوص اللاحقة وخاصة القانون عدد 101 لسنة 2001 المؤرخ في 17 ديسمبر 2002 والمتعلق بقانون المالية لسنة 2003، ضبطت كراس الشروط المتعلقة بالعقارات المنجزة أو المسوغة من طرف المستثمرين الخواص لإيواء الطلبة والمؤهلة للانتفاع بالحوافز الجبائية والمالية الجاري بها العمل، ويتضمن الفصل 13 من كراس الشروط أنه يمكن بالنسبة إلى الاستثمارات المنجزة في ميدان السكن الجامعي الخاص الانتفاع بالامتيازات التالية وهي: منحة استثمار أقصاها 25% من كلفة المشروع، إسناد أراضٍ بالدينار الرمزي وفقًا للتشريع الجاري به العمل. ووفقًا للفصل 18 من كراس الشروط، يتم الترخيص في استغلال المبيتات الجامعية الخاصة المعدة لإيواء الطلبة بعد المعاينة الميدانية للمحل المستوفي الشروط المذكورة في نفس الكراس وذلك من طرف لجنة تضبط مشمولاتها وتركيبتها وطرق سير عملها بمقرر من الوزير المكلف بالتعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا. وتلغي أحكام كراس الشروط وتعوض كراس الشروط الخاص بتسويغ العقارات المؤثثة والعقارات غير المؤثثة والمعدة لإيواء الطلبة وفق قرار من وزير التعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا المؤرخ في 14 جويلية 2008 والمتعلق بتنقيح القرار المؤرخ في 17 أكتوبر 2003. مشاكل المستثمرين رغم إشادتهم بالقرارات المتخذة من أعلى سلطة القرار المشجعة على بعث مبيتات جامعية خاصة، ورغم الحوافز والتشجيعات التي يلقاها باعثو هذه المشاريع، إلا أنه اعترضت العديد منهم صعوبات وإشكاليات وصلت حد إصدار قرارات بإغلاق هذه المبيتات وسحب رخص استغلالها. فقد لقي بعضهم مشكلاً أثناء إنجاز المشروع وبعده وذلك بإلزامه بإمضاء كراس الشروط الجديدة وإلغاء ما تضمنته دراسة الجدوى الموافقة لما تنص عليه كراس الشروط القديمة وهو ما أسفر عن خسائر مادية كبيرة لهؤلاء. ويشتكي المستثمرون من التسعيرة التي يرى أصحاب المبيتات أنها «بخسة جدًا» ولا تكفي لاسترجاع المصاريف التي تم ضخها لاستكمال المشاريع الخاصة إضافة إلى المصاريف العادية واليومية التي ترافق حسن سير مبيتاتهم أيام استغلالها. كما يعتبر أصحاب هذه المشاريع العقوبات التي تنص عليها الإدارة، عقوبات مجحفة تؤدي إلى فشل هذه المشاريع وذلك لأن سحب التراخيص واسترجاع الامتيازات الجبائية قد يؤدي إلى مضاعفة المشاكل وتراكمها، ويتعرض لها أصحاب المبيتات خاصة إذا علمنا أن معظم هذه المشاريع ترى النور بالاعتماد على القروض البنكية. ويرى المعنيون بهذه المشاريع أنهم يلقون صعوبات في التعامل مع الإدارة خاصة أن مطالبهم تبقى دون تجاوب من الهياكل الراجعة لها بالنظر والتي تأخذ بعين النظر وضعياتهم الصعبة حسب رأيهم. وإضافة إلى جملة هذه الصعوبات يلقى باعثو مثل هذه المشاريع صعوبة كبيرة في تجاوز المخالفات والتجاوزات التي تنبه إليها الإدارة خاصة أنها تكون في الغالب أثناء السنة الجامعية ووجود الطلبة بهذه المبيتات. وتتعرض من جهة أخرى مطالب أصحاب المبيتات الجامعية لاقتناء قروض عدم استجابة من البنوك وذلك لأنها ترفض تمويل مشاريع مهددة بالخسارة. مطالبهم في اتصال «الصباح» ببعض أصحاب المبيتات الخاصة التي تكتنفها مشاكل، صدرت في خصوصها إجراءات تصل حد سحب الرخص واسترجاع الامتيازات، طالب السيد الهادي دربال صاحب المبيت الخاص «بابل» الكائن بحي الغزالة أريانة، بإعادة النظر في إجراءات سحب الامتياز والرخصة وباسترجاع الامتيازات لإعادة الروح للمبيت وتحسين مردودية الجدوى الاقتصادية والتخفيف من عبء الخسارة، كما عبّر عن استعداده لتفعيل الشراكة مع ديوان الخدمات الجامعية حتى لا تذهب استثمارات ومنح الدولة هباء دون استغلالها على الوجه الأكمل. وفي نفس السياق، أكد السيد عز الدين فرحات صاحب مبيت المعز بحي 18 جانفي حي التضامن، أنه تكبّد خسائر كبيرة في إنجاز مشروعه بعد أن ألغي الاعتماد على ما ورد بدراسة الجدوى المطلوبة وفق كراس الشروط القديمة وذلك بعد 90% من إنجاز المشروع والاعتماد على كراس الشروط الجديدة التي تضبط الأسعار. وهنا طالب بإعادة النظر في كراس الشروط المعتمدة حاليًا والتي اعتبرها لا تخدم صالح أحد وذلك «للإجراءات المجحفة» التي تطال، حسب رأيه، المبيتات الجامعية ومنها سحب رخصة الاستغلال واسترجاع الامتيازات. من جهته اعتبر السيد البشير العوسجي، صاحب المبيت الجامعي ابن خلدون بالعاصمة، أن المسؤولين عن مراقبة المبيتات الجامعية لم يعطوه الفرصة لتجاوز المخالفات التي لاحظوها، فسرعان ما اتخذت القرارات دون الاستماع إلى صاحب المشروع. هذه المبيتات المهددة بالغلق، أمثلة قليلة من عدة حالات أخرى، إذ تأوي لوحدها مجتمعة قرابة 1000 سرير وهو رقم كبير إذا ما أضفنا إليه جملة المبيتات الخاصة الأخرى المهددة بالغلق، ويناشد جميع من اتصلنا بهم السلط المعنية لإعادة النظر في القرارات الصادرة ضدهم واستعدادهم التام للتعامل بجدية مع كل اقتراحات الإدارة. التجاوزات الحاصلة في تتبع التجاوزات الحاصلة في المبيتات الجامعية الخاصة يمكن حصرها في عدم إنجاز المبيت الجامعي أو تحويل وجهته الأصلية بصفة غير مشروعة، وقد رصدت مخالفات في هذا الصدد، وخاصة وجود مقيمين غير قانونيين بالمبيت واعتماد تعريفة غير مطابقة للتعريفة التي تم تحديدها بصفة رسمية من طرف اللجنة المختصة بالنسبة إلى كراء السرير المعمول بها، حيث أن تسعيرة المبيتات الخاصة المتحصلة على منحة استثمار هي باتة ويجب اعتمادها بصفة رسمية وإعلام الطلبة بها، عدم توفر التجهيزات المنصوص عليها بكراس الشروط، فالقانون ينص على أن تتوفر في الغرف المكونة للمباني المعدة لإيواء الطلبة جملة من التجهيزات الأساسية والمرافق المشتركة. عدم توفر المرافق الصحية اللازمة والنظافة في عدد من هذه المبيتات وهي تجاوزات ترصدها اللجنة المكلفة بمراقبة المبيتات الخاصة ويتم الإعلام بضرورة الإسراع في تلافي هذه التجاوزات. أيمن الزمالي ـــــ ما مصير الطلبة؟ الإقرار بوجود عجز يقدر بـ4500 طالب لإيوائهم إضافة إلى غلق المبيتات الجامعية الخاصة مثل إشكالاً لم يطل المستثمرين في هذا القطاع فحسب، إنما امتد ليشمل الطلبة المنتفعين بالإيواء في هذه المبيتات، فما مصير هؤلاء خاصة أن معظم هذه الإجراءات المتخذة تقرر أثناء السنة الجامعية، وإذا علمنا أن أكثر المبيتات الخاصة تأوي الفتيات اللاتي لا يخفن تجربة الكراء المنفرد ويأوين المبيتات التي عادة ما تتوفر فيها شروط الأمن، فما هو مصيرهن؟ ورغم أن الفصل 23 يقر أنه في صورة سحب الترخيص يمكن للوزارة طلب تسمية متصرف يتولى تسيير المؤسسة إلى موفى السنة الجامعية على نفقة المستغل للعقار، فإن هذا غير حاصل في الواقع كما أكده لنا بعض أصحاب هذه المشاريع. قد تمثل إجراءات غلق المبيتات الجامعية ردعًا لأصحاب هذه التجاوزات حتى يلتزموا بما ورد في القانون، إلا أن مثل هذه الإجراءات قد تفاقم في مشكلة عدد الأسرّة الناقصة لتحمّل تزايد إقبال الطلبة على الجامعة التونسية وأيضًا قد يحد من عدد المقبلين على الاستثمار في مثل هذه المشاريع ولا ننسى أيضًا التشجيعات المالية التي توفرها الدولة لباعثي مثل هذه المشاريع والتي يمكن أن تخسرها في صورة فشل إنشاء المبيتات الخاصة وهو ما يطرح التساؤل الآتي: من المستفيد من إغلاق المبيتات الجامعية الخاصة؟ ــــــــــ ماذا يقول القانون؟ مكّن التشجيع الذي توليه الدولة للاستثمار في القطاع الخاص من تطوير عدد المبيتات الخاصة في تونس لتبلغ 144 مبيتًا، فالدولة تمكّن هؤلاء المستثمرين من امتيازات عملاً بأحكام الفصل 52 ثالثًا من مجلة تشجيع الاستثمارات وتتمثل هذه الامتيازات في إسناد منحة تقدر بـ25% من كلفة المشروع ويتم إسناد أراض بالدينار الرمزي وفقًا للتشريع الجاري به العمل. في المقابل ترصد اللجنة المكلفة بمراقبة المبيتات الخاصة وتعلم المعنيين بالأمر بتلافي التجاوزات المرصودة وتلزمهم بتفاديها ثم ترفع تقريرًا مفصلاً عن نوعية المخالفة لمدير ديوان الخدمات الجامعية، بعد ذلك تقوم نفس اللجنة بزيارة ثانية لمراقبة مدى تطبيق التعديلات، وعند تواصل التجاوزات يقع تحرير مطلب في الغرض يرفع إلى وزير التعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا لضبط الإجراء المناسب وتحدد العقوبة حسب نوعية الامتيازات التي يتمتع بها صاحب المبيت، فالمتمتع بمنحة الاستثمار مطالب بتسديد قيمة الامتيازات كما تسحب منه رخصة الاستغلال. وينص الفصل 22 من كراس الشروط على أن للوزير المكلف بالتعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا هو من يحتفظ بحق سحب تراخيص الاستغلال للمحلات المعدّة لإيواء الطلبة في حالة تبيّن له وجود خرق أو إخلال بالشروط والأحكام الواردة بهذا الكراس وذلك بعد توجيه تنبيه كتابي إلى مستغل المبيت لمطالبته بتدارك النقائص أو الخروقات في أجل محدد والاستماع له. وقد مثل تتالي قرارات سحب الرخصة واسترجاع الامتيازات إشكاليات عدة في القطاع وذلك لتراجع عدد المستثمرين في إنشاء مبيتات جامعية خاصة، وتفاقم إشكالية إيواء الطلبة الذين يتزايد توافدهم إلى المؤسسات الجامعية في تونس من سنة إلى أخرى.  (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) بتاريخ 29 نوفمبر 2009 )

وزارة التجارة والصناعات التقليدية: مستحضرات التجميل بريئة من الانفلونزا


تونس ـ الصباح بعد بلوغ انفلونزا الخنازير مرحلة الانتشار السريع اثير جدل واسع بين الاوساط العامة حول مدى ارتباط مستحضرات التجميل المصنوعة من مشتقات دهون الخنزير بفيروس AH1N1. وتوجد دهون الخنزير في مادة الشمبوان والصابون ومختلف مواد التجميل من الكريمات المرطبة للبشرة واقنعة الوجه واحمر الشفاه. وفي توضيح لأخصائي الجلدة الدكتور نوفل بن تقية اشار الى ان خطر الاصابة يفيروس انفلونزا الخنازير عن طريق مواد التجميل المصنعة بدهون الخنزير امر غير وارد بالمرة لان العدوى بهذا الفيروس تتم عبر الهواء او عبر الاتصال المباشر مع الاشخاص الحاملين للفيروس. واضاف ان استعمال مواد التجميل المصنوعة بدهون الخنزير يتسبب في بروز آثار جانبية على مستعمليها مثل التهابات جلدية وحساسية مفرطة». رفض 20674 قطعة تجميل موردة ولان اغلب مواد التجميل الموجودة بالسوق التونسية موردة خصوصا من البلدان الاوروبية مثل فرنسا وايطاليا واسبانيا والمانيا وبعض البلدان العربية فانها تخضع لعملية مراقبة آلية من قبل وزارة التجارة والصناعات التقليدية. وتشمل عملية المراقبة مراعاة جملة من المواصفات اهمها: ـ المتعلقة بالتعريف وتصنف مواد التجميل ـ تضبط قائمة الاضافات التي يجوز استعمالها في تركيبة مواد التجميل. ـ المتعلقة بشروط صنع مواد التجميل ويؤكد السيد سامي عزيز مدير بادارة الجودة وحماية المستهلك بوزارة التجارة والصناعات التقليدية انه وقع سنة 2009 اعادة تصدير ما يعادل 20674 قطعة من مواد تجميل ورفع 564 عينة قصد التحليل. وتخص التحاليل المجراة على مواد التجميل الموردة أربعة معطيات اساسية وهي التحاليل الجرثومية والتحاليل الفيزيوكيميائية (مراقبة تركيبة مواد التجميل) اختبار الالتهاب ومراقبة التأشير. مواد السوق الموازية غير مراقبة وقد اضاف نفس المصدر خلو مواد التجميل ومستحضراته المتواجدة في السوق بشكل قانوني من دهون الخنزير، ونعني هنا استثناء المواد التي تباع على ارصفة الشوارع من هذه المكونات لانها بكل بساطة لا تخضع للمقاييس والمعايير التي تؤمنها كل اشكال المراقبة ومدى احترامها لمراحل الانتاج والقواعد المنصوص عليها بالمواصفات المضبوطة. كما تخضع مواد الصحة الجسدية لنفس مراحل ومعايير مراقبة مواد التجميل سواء الموردة منها او المحلية باعتبارها مصنفة تحت نفس التعريفة الديوانية وهي مواد العناية بالبشرة والفم ومواد الاستحمام والمواد المزيلة للرائحة. وتتمثل المعاينات المطلوبة في هذا الشأن التثبت من الحموضة PH وطبيعة المادة الفعالة ونسبتها ونسبة الملح وطبيعة المادة الحافظة ونسبتها. اضافة الى التأكد من صحة البيانات الموجودة على بطاقة التأشير وذلك بالتثبت من كيفية الصنع ومن الوثائق والبراهين المقدمة في الغرض مثل الفيتامين. وما يؤكده الدكتور نوفل بن تقية اخصائي الجلدة ان مواد التجميل والصحة الجسدية لا تعتمد بشكل مطلق على دهون الخنزير حيث تتوفر لدى الشركات المصنعة لهذه المواد عدة خيارات لاستعمالها مثل دهون الخرفان والابقار والقطط والكلاب كمواد اساسية لمستحضراتها. حنان حساينية  (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) بتاريخ 29 نوفمبر 2009 )  

متخنزر قرطاج وحيدا في غرفة، و الحجيج سالمين على صعيد عرفة…


بقلم: خلدون الخويلدي
حدث مصعب بن جبير الحكيم، إبن أخيه اليتيم قال: تفكر أعزك ذو الجلال، و أمدك بالمال الحلال، هداك الباري، و أخصك بصالح الذراري، في ما يحكى عن تصرف الولاة مع رعاياهم من البشر. يا بنيّ، أرجوك و أدعوك، أن تقرأ أهم السير، و إذا قرأت فدقق و أمعن النظر، في المعاني و ما وراء الكلمات، لتستخلص الدروس من بين المفردات، خاصة وفي القرآن ثلث للقصص و العبر، و قال أن فيها عبرة لمن يعتبر. لك مني ثلاث حكايات، هي من الآيات المعجزات. خذها على الحساب، لأن فيها كل الخير و الثواب، لمن اعتبر و تاب، و استوعب الدرس و فصل الخطاب. أما من آثر العناد، و سياسة اليد على الزناد، ليسوق الناس بالإرهاب، كالبهيمة الى الزريبة، أو مثل الدواب، فتبين فيما يلي مآله، و سوءعاقبته و خيبة عياله. (1) روى لي أستاذ علماني، قصة ابنة سلطان روماني، كانت له سببا في شرح الصدر، و الإيمان بالقضاء و القدر. كان الملك تؤرقه مسألة التوريث، فأقسم أن يحرم زوجته من الحلي و بيتها من التأثيث،  ثم أن يطلقها بالتثليث، إن لم تنجب له الولد، ليخلفه على عرشه في الغد. ثم كان أن رُزق من بعد هرمه، و تكررِ مرضه و سقمه، بمولودة أنثى من حرمه، فأقام لها الأفراح، و الليالي الملاح، و رغم أن الأنثى غير الذكر، فإنه قرر أن يستمر، في تدليلها و سعودها، الى أن يشتد عودها. و لم يبد كـَـلاًّ، بأن يحظر لها باليد أكلا، و بالأخرى دلالا، و تعليما و استدلالا. و ذات يوم، قرر جمعَ علـْـية القوم، و من تأخر منهم وجه له شديد اللوم. أتى بهم من كل التخوم، و حول موائد الفواكه و اللحوم، طلب منهم النصيحة، في توريث إبنته المليحة. فدلوه على الإستفتاء، و من نتيجته سوف لن يستاء، بل سيرى منهم ما يسره، و ما نقص بعد التسعات فلن يضره. قال أنه لن يقبل أبدا لحكمه أن ينهار، لا في ليل و لا في وضح النهار، لأنه يرفض نقل السلطة الى السفالة، من الرعاع و الحثالة، و لم لا تكتبوا لأمها الكفالة، أو أن تحكم بالوكالة، حتى تكبر ذات الحسب و النسب، و تعتلي المكان المناسب، التي هي به جديرة، و جينيا هي له مؤهلة و قديرة ؟. قرّب منه العرّافين، ومن البطانة المرجفين، فتكهنوا أن ابنته الأميرة، ستموت من لدغة عقرب صغيرة، إن لم يأخذ الإحتياط، و يفك بينها و بين الناس كل إرتباط. لم يجد في الأرض متسعا، و لا مكانا مرتفعا، سوى أن يأخذها الى جزيرة، حيث بنى لها قلعة منيعة شهيرة. جعل لها سريرا عاليا، في مكان من القصر خاليا، و قرر ألا يستقدم الجواري و الخدم، و أن يخدمها بنفسه قبل أن يندم حيث لا ينفع الندم.  وفي يوم من الأيام، أشتهت الأميرة، أن تأكل من العنب عنقوداً، فبذلوا في طلبه جهدا و نقودا، ليجلب من أرض بعيدة فيها كروم وفيرة، ولسوء الحظ أو قل ليتوفر السبب، فإن عقربا استطاع أن يختبئ بين الحب، دون أن ينتبه له كل محب، وعندما باشرت تأكل من العنب، لدغها، فقالوا: يا للعجب !!، ماتت من عنب، هل كان فيه عقرب، أم كان فقط السبب؟؟.   (2) والكل يعرف كيف وصل موسى الى قصر فرعون، في صندوق على الأغلب للماعون، كي يخرج من سجن العلب، و يدخل مباشرة الى القلب، فتغمره الزوجة بالعطف و الحب، و ينجو من البطش و التذبيح، ثم يترعرع في البلاط و ينقلب على الفعل القبيح. ربى موسى في حجره مختارا، ليسفهه يوم الزينة مرارا و تكرارا، ثم يسعى و راءه كفارا، حتى يقطع موسى البحر شرقا، فيتبعه ليلقى حتفه غرقا. فيندثر ملكه و يبقى بدنه و جثته، ليكون عبرة لمن على شاكلته و ملته.   (3) قال الملك كارلوس إخوان: نحن منذ قرون من الزمان، نتربع على عرش الإسبان، رغم أنهم قوم شجعان، اشتهروا شيبا و شبان، بمصارعة الثيران، التي لا تقتات إلا أفضل وجبة، و لا تشرب سوى المياه العذبة. ثم إنا ألحقنا بها مقاطعة الأندلس، التي بعدها لم يبق من بيننا مفلس. لقد التزمنا الحرية و منعنا الإحتكار، و استثمرنا في التكنولوجيا و البحث و الإبتكار، فتضاعف رصيدنا من اليورو و الذهب و الدولار، ما تنوء بحمله العصبة، و كله من إنتاج تلك التربة الخصبة.  وفرنا لكل المواطنين ما يكفيهم من الوظائف، فأصبحت بلادنا ملاذا للجائع و الخائف. يأتون من الضفة الأخرى، فنرجعهم مكبلين أسرى، إذ بلادهم بهم أولى و أحرى. رغم أننا نعرف، أن البقاء و العمل عندنا لهم أشرف، من العودة الى دويلات هي كمملكات الطوائف، تدعي استقلالا زائف، و تطبق أنظمة ردائف، الحر إزاءها بين رافض و عائف. قال الملك: تاقت نفسي الى أن أتفسح و أجوب، في مقاطعات الجنوب، و منها في جولة الى المرسى و قرطاج، كي أتذوق الكسكسي بلحم الخروف أو بالدجاج،  فأرسلت الى الوالي، كما كان يفعل جدي في الأيام الخوالي، فإذا هولا يخرج من قصره، و لا يجول ببصره، خارج جدرانه، إلا لضرورة زيارة أحد جيرانه، الذي كان يخشى هيجانه و غضبه، و فرض مزيد من الأتاوات على شعبه. يفضل أن يبقى في بيته متمترس، و على شعبه متغطرس. يتلذذ باستقبال السفهاء، ممن يعــيـِّـنهم كوزراء، و لا يدخل عليه إلا المقربون من الأقارب، و الطامعين في نهب الثروة من المستعمرين الأجانب. لقد ناصب مواطنيه العداء، و يؤكده مع كل إجراء، خنقا للحريات، و جرأة على المقدسات. فبعد أصدار قانون خلع الحجاب، ومنع أو خنق الأحزاب، و التلاعب بالدستور و نتيجة الإنتخاب، و تشريد و تهجير الشباب، الى السجون و المنافي، و لا يطلق سراحا إلا الى المقابر و المشافي، لا يزال يرفض العفو التشريعي العام، بل يطلب المنازلة و الإلتحام، ويمارس التعذيب و العنف، على كل مخالف من أي لون أو صنف. وفي أحدث طلعاته و صفــاقاته، تجرؤه على الله و صفاته، وجد التعلة و التبرير، في شماعة أنفلوازا الخنازير، فترك التلاميذ في جهل دامس، و حرمهم من التعلم و الذهاب الى المدارس، و أخيرا منع الناس من أداء ركن الإسلام الخامس !.  قال الملك خوان كارلس:أيها السادة، لكم مني هذه الشهادة، بينما كان الحجيج بالملايين سالمين على صعيد عرفة، كان متخنزر قرطاج يتلوى وحده في غرفة. لم يكن لكل الإحتياطات أي جدوى، و أبى الله إلا أن تصله العدوى، عن طريق الأحفاد، و الرقة على فلذات الأكباد. نعم إنه رغم أنفه تخنزر، و في عزلة لايأكل إلا الجزر، في آية أخرى من الآيات الربانية، تذكر بقصة العقرب مع البنية، و موسى مع الفرعونية. فسيرى نفس النهاية، ليكون لمن بعده آية.

زعيم حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي لـ «العرب»: كيف يمكن قلب نظام مسلح بأكوام من الكتب والأوراق وأدوات الطباعة؟


أجرى الحوار- نورالدين قلالة   وصف زعيم حركة النهضة التونسية الشيخ راشد الغنوشي الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي جرت مؤخرا في تونس بـ «المهزلة»، مؤكدا أن النهضة قاطعت هذا الموعد الانتخابي حتى تنأى بنفسها عن المشاركة فيما أسمته بـ «حفلة تنكرية تهين كرامة الشعب التونسي وذكاءه». كما قال الغنوشي في حوار مطول مع «العرب» إن تونس حظيت بأطول تقارير منظمة العفو الدولية في قضايا حقوق الإنسان وممارسة التعذيب، نافيا في الوقت ذاته الاتهامات التي توجهها السلطات التونسية لحركته بأنها حركة إرهابية، متسائلا: كيف يمكن لحركته أن تقلب نظاما مسلحا بأكوام من الكتب والأوراق وأدوات الطباعة؟ وهل يمكن أن تظل في تونس سياحة لو أن النهضة اعتمدت نهج العنف؟ وقال زعيم «النهضة» إن مؤسسات الإسلام في تونس صودرت منذ فجر «الاستقلال». كما تحدث الغنوشي في هذه المقابلة عن الأوضاع والقضايا في بعض الدول الإسلامية كمصر والجزائر وإيران. وفيما يلي نص الحوار..   ¶ قاطعت حركة « النهضة » الإسلامية الانتخابات الرئاسية والتشريعية الأخيرة التي جرت في تونس وفاز بها الحزب الحاكم والرئيس بن علي. كيف تقاطعون انتخابات لا تستطيعون أن تكونوا أصلا طرفا فاعلا فيها بحكم أنكم « حزب محظور »؟ بسم الله الرحمن الرحيم، أحيي جريدة « العرب » الغراء مقدرا جهدها المثابر في خدمة قضايا العرب والمسلمين، والدفاع عن المظلومين، وتنوير الرأي العام بالخبر الأمين والتحليل الرصين، حول ما يجري في المنطقة والعالم، ومنه القطر التونسي المبتلى بدكتاتورية مغلفة -دون إتقان- بحداثة مغشوشة، أخذت ثورة الإعلام تزيح عنها اللثام. أما ما يتعلق بسؤالك، فقد أفسدت الدكتاتوريات في منطقتنا كل شيء، بدءا باللغة التي لم يعد في استعمالهم لها ما تشير إليه مما يطابقها في الواقع، بل على الضد من ذلك تشير إلى عكس مدلولاتها، ومن ذلك نسفهم للقاموس السياسي، ومنه القاموس الديمقراطي، من مثل « حكم المؤسسات، وفصل السلطات، ودولة القانون والدستور، والانتخابات، والمسؤولية، والشفافية، واستقلال القضاء، وحقوق الإنسان..الخ »، فليس من ذلك شيء له مدلول مطابق في الواقع، بل المدلول ينطبق على عكس الدال بالتمام، لدرجة أنه بقدر ما أجمعت المنظمات الحقوقية المعتبرة المحلية والدولية بما في ذلك منظمة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان على إدانة الملف الحقوقي التونسي بالتعذيب المنهجي إلى حد القتل والإعاقات المزمنة، تعذيبا يجد -حسب تعبير « أمنستي » المنظمة الحقوقية العلمانية المعتبرة- الدعم من أعلى هرم السلطة، حتى حظيت تونس بأطول تقارير منظمة العفو الدولية -حسب تعبير حازم صاغية- بقدر ما أمعنت هذه السلطة في تتويج نفسها بتاج حقوق الإنسان، حتى أنها أمرت بتدريس الإعلان العالمي في المدارس، بل وتعليقه على أبواب السجون ومراكز الأمن، بينما باطنها يُسلخ فيه الأحرار. فعن أي انتخابات يمكن الحديث الجاد عنها في ظل مثل هذه السلطة؟ هل يصدق أحد به مُسكة من حجى أن تظل نسبة التأييد الشعبي لبشر خلال أكثر من عقدين لم تكد تنزل عن %90 حتى لو كان نبيا؟ وكيف تعد انتخابات بمعنى اختيار شعبي حر بين مُمْكنات، والحال أن صاحب السلطة يتولى في كل « سباق » تغيير القانون بما يقصي المرشحين الأكفاء مثل الشابي وابن جعفر والمرزوقي والهمامي والصادق شورو وحمادي الجبالي وغيرهم؟ هل يعد سباقا والفائز فيه فارس ذاك الذي يقصى منه الفرسان الأكفاء والخيول العتاق، حتى لا يبقى من مسابق غير العرجاء والنطيحة وما أكل السبع؟! أما دعوتنا لمقاطعة هذه المهزلة فليس لأننا حرمنا من المشاركة، بل لأننا نربأ بأنفسنا أن نشارك في حفلة تنكرية تهين كرامة شعبنا وذكاءه. لقد كان يسعنا أن نزكي لدى شعبنا جهة من الجهات المشاركة لو كان في العملية حد أدنى من المصداقية، ولقد سبق لنا أن فعلنا ذلك في أول انتخابات « تعددية » سنة 1981، إذ طلب منا يومئذ صديقنا الزعيم الأستاذ أحمد المستيري رئيس حركة الديمقراطيين الاشتراكيين، بينما كانت رحى السلطة تدور علينا ونساق إلى محاكم ظالمة -كما سيق ولا يزال كل معارض جاد- فأوعزنا إلى أنصارنا أن يدعموه ففعلوا وحقق فوزا ساحقا، إلا أن حليمة عادت إلى عادتها القديمة، فزورت النتائج لصالح الحزب الحاكم، كما فعلت معنا في أول انتخابات نظمها ابن علي سنة 1989 حيث شاركنا بقوائم مستقلة حققت اكتساحا واسعا للساحة، فلم يتردد عهد التغيير والوعد بالديمقراطية في السير على خطى أسلافه منذ بداية « الاستقلال » معترفا لقوائمنا بحوالي %20 فقط، وهو ما جعلها باعترافه زعيمة المعارضة، بينما مجموع الأحزاب الأخرى المشاركة لم تتجاوز مجتمعة %3. وما تعرضت له النهضة بعد ذلك من أهوال لم يكن سوى نتيجة لذلك الفوز الكاسح. هكذا الفوز في الانتخابات يقود أصحابه -حيث للغة مصداقية- إلى سدة الحكم، بينما يقود حيث تفرغ اللغة من محتوياتها إلى المشانق. وهو الدرس الذي تعلمته وحرصت على إبلاغه لكل إخواني في الحركات الإسلامية: أنكم إذا عزمتم على المشاركة في الانتخابات وكنتم حريصين على السلامة ومواصلة عملكم ولو بالحد الأدنى، ففروا من النجاح الكاسح فراركم من حيوان مفترس.. فصاروا إذا شاركوا حجّموا مشاركتهم إلى الربع أو الخمس أو أقل من ذلك. ¶ أنتم « حركة إرهابية » في نظر السلطة، وبالتالي من المستحيل السماح لكم بالنشاط السياسي؟ إذا كان المقصود بالإرهاب -رغم أن كبار الوالغين فيه ظلوا مصرين على رفض تعريفه- ترويع الآمنين بالعدوان على أرواحهم أو أموالهم أو أراضيهم، أو مصادرة حرياتهم، أو التنكيل بهم، أو التهديد بذلك، ففعله كله أو بعضه هو الإرهاب. ونحن حركة فكرية سياسية تنطلق من فقه إسلامي استقر عليه جمهور فقهاء أهل السنة، فقه يحظر التقاتل بين المسلمين، ويقصر الجهاد القتالي على دفع العدوان عن دار الإسلام، واستتباب السلم داخلها، فقه يعتمد في إصلاح ما ينجم من منكرات الحكام والمحكومين داخل الأمة -مهما عظمت- على الأساليب السلمية التي تتدرج من الموعظة الحسنة إلى المقاطعة إلى تحشيد الجماهير بزعامة نخبها للضغط سلميا على مقترفي المنكرات وحملهم على التخلي عنها، أو حملهم بذلك على التنحي. ونحن نعتز بما وفقنا الله إليه أننا من السابقين في عصرنا إلى الدعوة لهذا النهج السلمي الديمقراطي والتأصيل له والدعوة إليه في أوساطنا وفي أوساط الحركة الإسلامية في العالم، تشهد على ذلك منشوراتنا وبياناتنا وكتبنا ومسالكنا. ذلك أن العنف ليس مجرد ممارسة في الخفاء، إنه ثقافة قبل كل شيء، تصوغ شخصية المقاتل صياغة معينة تحمله على الإقدام مطمئنا على سفك الدماء وبذل نفسه وماله طيعا في ذلك. فمن يصدق أن حركة تتبنى العنف نهجا لها تدأب في كل منشوراتها على التأصيل لمنهج سلمي مضاد وتبذل الوسع في نشره؟! إن للناس عقولا فاحترموها.. إن دأب السلطة على تجريم معارضيها الأكفاء بالعنف والإرهاب لم يبدأ مع النهضة، وإنما بدأ صبيحة « الاستقلال »، فاتُّهم اليوسفيون -وهم رفاق الدرب لبورقيبة- بالإرهاب، واتهم اليساريون والنقابيون والقوميون والشيوعيون، حتى إذا صعد التيار الإسلامي استجابة لشعور الناس بالخطر على دينهم، استدارت له ماكينة القمع بكل بطشها منذ 1981 حتى اليوم؛ بسبب تصديه لنهج الدولة في سلخ الشعب عن هويته وفرض الكفر والتغرب عليه فرضا. فمنذ فجر « الاستقلال » صودرت مؤسسات الإسلام مثل جامع الزيتونة والأوقاف والقضاء الشرعي واللغة العربية، وانتهكت حرمة الصيام جهارا من قبل الرئيس السابق، ومزق الحجاب على المنصة، ووضعت اليد على المساجد، وتعرض القرآن الكريم ومعجزات الأنبياء للسخرية من قبل أعلى سلطة في الدولة، وتم الترخيص للخمارات والمواخير، وأعفي الزنى بالتراضي من التجريم، ناهيك من استباحة أموال الناس وأعراضهم ودمائهم، وتكميم أفواههم وتزييف إرادتهم في انتخابات مزورة، وسيق عشرات الآلاف من الأحرار من كل الاتجاهات -وبخاصة من دعاة الإسلام- إلى مسالخ التعذيب والمحاكم المزيفة، فضلا عن التجويع بالطرد من الوظائف ومصادرة الأموال، فماذا يمكن أن يدعي فاعل ذلك؟ وهل لو أن ضحاياه رفعوا السلاح في وجهه، أما يكون سلوكهم مفهوما؟ وهو ما فعلته مجموعات ذات توجهات مختلفة نظرت له. أما النهضة فرغم أن حظها من القمع فاق أي حركة أخرى بسبب حجمها حتى بلغ شهداؤها المائة رحمهم الله، فإنها كظمت غيظها واعتصمت بالصبر والمصابرة، حتى أن محاكمات النهضة بالإرهاب والانقلابات تحولت إلى مناسبات للتندر: كيف يمكن قلب نظام مدجج بحوالي 200 ألف حامل سلاح، ومن ورائه حزب أعضاؤه بالملايين، كيف يمكن قلبه بمحجوزات لا تعدو أكواما من الكتب والأوراق وأدوات الطباعة؟ وهل يمكن أن تظل في تونس سياحة لو أن حركة كبيرة كالنهضة اعتمدت نهج العنف؟ نحن رفضنا ونكرر رفضنا للعنف سبيلا لفض الاختلافات الفكرية والسياسية، أو سبيلا للوصول إلى السلطة أو البقاء فيها. وحتى بعض الجماعات من غير النهضة التي مارست قدرا ضئيلا من العنف لا يعد شيئا أمام ما دأبت عليه السلطة منذ الاستقلال، وبخاصة في العهد الأخير من عنف منظم منهجي ضد كل صوت حر. واسألوا المنظمات الحقوقية الإنسانية، واسألوا المحاكم الأوروبية التي تعمل في دول علمانية مشهود لقضائها بالاستقلال، هل جرمت بالإرهاب عضوا واحدا من بين حوالي ألفين من مهاجري النهضة؟ كلا بل متعهم بحق الإقامة، بل بالجنسية، رغم دأب السلطة -شأن سلطة قريش- في ملاحقة من هاجر إلى الحبشة على تجريمهم، ومعلوم أنه لا حق في اللجوء السياسي لمن يتبنى العنف نهجا وفكرا. بل إن كل صحيفة في الغرب غررت بها السلطة فاتهمتنا بالعنف رفعنا أمرها إلى القضاء، فحكم لنا ضدها وغرمها مئات الآلاف من الجنيهات واليوروات لصالحنا. ¶ في مصر هناك أكثر من 80 نائبا لحركة الإخوان في البرلمان، لكنهم مصنفون في خانة « المستقلين »، ألم تفكروا في خوض الانتخابات على هذا النحو؟ على ما بين النظامين المصري والتونسي من تشابه من فردية وبوليسية وطبيعة عائلية، فالاختلاف بينهما واسع من حيث المساحة التي تمكن كلا من المجتمعين انتزاعها من دولته التي يعالجها. وواضح أن المجتمع المصري قطع في ذلك شوطا أبعد، فهو أجرأ على فرعونه بما لا يكاد يكون له سابقة مع أسلافه. صحيح أن الحركة الإسلامية في كل من القطرين « محظورة »، وهي الهدف الرئيسي لمؤسسات القمع، ولكن في زمنين مختلفين. إسلاميو تونس هم في زمن مصري ناصري من حيث العلاقة مع الإسلاميين (الخمسينيات والستينيات)، الإخوان اليوم محظورون قانونا، ولكنهم واقعا المعارضة الأكبر للسلطة، وكتلتهم في البرلمان تقود المعارضة، ولهم مقراتهم ونفوذهم الواسع في مؤسسات المجتمع الأهلي، رغم الوجود المستمر لعشرات من الإخوان المصريين في مضافات الجمهورية. وهكذا، فهناك ما لا يقل عن ثلث قرن فرقا بين زمني مصر وتونس. إسلاميو تونس بالكاد خرجوا من مرحلة تحدي البقاء والوجود مستأنفين حضورهم ببطء تحت الشمس. وكلما نطق أحدهم بكلمة إلى وسيلة إعلامية مهما كانت لينة، أو حاول تلبية دعوة من حزب معارض رسمي لإلقاء كلمة إلا وتصدت له أجهزة القمع ووجهت له التهديد والوعيد. إذن يجب على قرائكم الكرام في المشرق أن يتنبهوا للفروق الأساسية بين الحالتين المصرية والتونسية، ولئن كان منهاج الإسلاميين هنا وهناك متشابها من حيث الالتزام بالمنهج السلمي الوسطي، فإن فرص الإسلاميين التونسيين في المشاركة السياسية الرسمية هي اليوم معدومة خلافا لمثيلتها المصرية. ولكن الثابت أن مستقبل الحزب الحاكم وراءه، بينما مستقبل النهضة أمامها زاهر بإذن الله تعالى. ¶ السلطات التونسية تنفي وجودكم السياسي، فماذا بشأن وجودكم الاجتماعي؟ وعلى أي أساس تقيمون قوة الحركة في المجتمع التونسي؟ السلطة التونسية سلطة فردية غاشمة، لم تعترف منذ نشأتها بشعب تونسي، الأصل أن تكون خادمة له معبرة عن إرادته، إلا أنها بحكم تغربها وفرديتها ودكتاتوريتها كان رهانها دائما التسلط عليه وتفكيك مقومات شخصيته العربية الإسلامية. وحتى عندما « اعترفت » في ظروف من اختناقها بالتنازل عن سياسة الحزب الواحد والقبول بالنظام التعددي، فقد كان تنازلا شكليا، إذ ظلت رافضة للاعتراف بالتجمعات السياسية الحقيقية التي أفرزها المجتمع التونسي، مصرة على احتفاظها بحقها دون منازع في أن تهب شهادات الميلاد لمجموعات صغيرة كثيرا ما اصطنعتها اصطناعا، بينما تسلم شهادات وفاة لقوى سياسية أفرزتها حركة المجتمع التونسي تنتمي لتيارات مختلفة، عروبية وشيوعية وإسلامية، هلعا من المنافسة وإصرارا على الاحتفاظ بديكور سياسي ديمقراطي، يختار فيه الرئيس بحرية كاملة الأحزاب والشخصيات التي ستنافسه وقانون اللعبة. وفي غياب صناديق اقتراع شفافة وتنافس سياسي جاد بلا إقصاء، لا يمكن أن نصدق شيئا مما تعلنه السلطة من أرقام سواء في المستوى السياسي أو الاقتصادي. ويكفي شاهدا على طبيعة الغش في كل ذلك ما تفرضه السلطة من تكميم لأفواه الصحافيين وقمع لهم، وحظر للمراسلين الأجانب من غربيين وعرب، و « الجزيرة » شاهد على قطع العلاقات مع قطر بسبب فرص قليلة منحت لمعارضين. كما فشل تفاوضها لاعتماد مراسل في تونس. ¶ ولكن ماذا يمثل أنصار الحركة في صفوف الشعب التونسي؟ ما الدليل على أن النهضة بعد الأهوال التي سلطت عليها لا تزال موجودة؟ لو أن أحدا صدق أن النهضة التي حصلت منذ 20 سنة على حوالي %20 -وهو الحد الأدنى الذي اعترفت به السلطة والحقيقة أنها حصلت على الأغلبية- قد أجهز عليها القمع نهائيا، فلماذا يظل القمع يلاحقها؟ ولماذا لا يوكل أمر هذا الكيان الميت لحكم الشعب؟ والسؤال ذاته يثار في حق بقية الأحزاب المحظورة، لماذا لا تترك السلطة أمر دفنها للشعب؟ لم تحرص هي على أن تفعل ذلك؟ نحن نزعم أننا وحلفاءنا من الأحزاب الملتقية في حركة 18 أكتوبر (6 أحزاب) الأكثر تمثيلا لأوسع القطاعات الشعبية، فلم لا يقبل الحزب الذي لا يزال يحصل على أكثر من %90 في « الانتخابات » التي ترتبها الأجهزة الأمنية التحدي؟ نحن نزعم أنه يطاردنا لا بسبب ضعفنا وفنائنا، وإنما بسبب يقينه أننا الحقيقة الأعمق في ضمير شعبنا والتي عليها الطلب الأعظم الذي فشلت كل ماكينة القمع في الوصول إليه وتجفيف ينابيعه، فعبر عن نفسه في صحوة أوسع وأعظم هي مستقبل البلاد وأملها في حياة حرة كريمة. ¶ عديد من الأنظمة وحتى بعض الشعوب أصبحت تخشى من الأحزاب الإسلامية بالنظر إلى ما حدث في الجزائر ومصر وأفغانستان وغيرها من الدول، هل تشعرون أنكم مختلفون؟ وهل ستكونون أكثر ديمقراطية من غيركم إذا ما تسنى لكم الوصول للحكم أو على الأقل المشاركة فيه؟ لئن كانت الحركات الإسلامية تلتقي في المرجعية الإسلامية فهي تختلف سياساتها من قطر لآخر باختلاف ظروفها وفهومها. فينبغي تجنب التعميم، أما عن المثال الجزائري الذي أشرت إليه فإن إسلاميي الجزائر ممثلين بأعظم حركاتهم، أعني الجبهة الإسلامية للإنقاذ، هم مثل حركة حماس مظلومون، فقد فازوا في انتخابات ديمقراطية شهد لها الخصوم، إلا أنه بتشجيع من أعداء الإسلام تم التنكر لحق كل من الحركتين، فاجتمعت كلمة القوى الدولية وأتباعها المحليين على إقصائهما بكل الوسائل المتاحة، فخرجت في الجزائر الدبابات تسحق صناديق الاقتراع وتتحدى إرادة الشعب، زاجة بحكام الجزائر الشرعيين في غياهب السجون، وفاتحة على الوضع الجزائري كله أبواب الجحيم، بما أتاح الفرصة أمام قوى الاستئصال من كل منزع، رسمي وشعبي محلي وإقليمي ودولي، لأن ترمي بحطبها في النيران الملتهبة، بما شوه صورة الإسلام والإسلاميين، وقدم مبررات للمزيد من التسلط على الشعب والتحكم في ثرواته وتأبيد إقصاء الجبهة المظلومة. وماذا فعل إخوان مصر حتى يكرههم الناس غير أنهم دأبوا على الدفاع عن حقوق الناس وتقديم الخدمات لهم، والوقوف في وجه سلطة غاشمة فاسدة متذيلة للقوى الدولية مطبعة مع العدو، متخلية عن دور مصر التاريخي العظيم في قيادة المنطقة. الثابت أنهم القوة الأعظم في مصر، دليل ذلك الانتخابات التي جرت في أكبر النقابات: الأطباء والمهندسين والمحامين وهيئات التدريس واتحادات الطلبة. ومعنى ذلك أن أوسع قطاعات النخبة المصرية قد ارتحلت في اتجاه الإسلام والحركة الإسلامية. ولا يختلف الحال عن هذا في معظم بلاد الإسلام، بما يؤكد أن الحركة الإسلامية قد كسبت معركة الرأي العام، وهو أمر مهم جدا، وهي في بلاد مشاركة في الحكم بحجمها أو أقل، وفي بلاد أخرى حاكمة، وفي البقية لا يمنعها من ذلك غير القمع، ولن يدوم، فهي بإذن الله حاكمة غير بعيد أو مشاركة في كل بلاد العرب والمسلمين وفي الكثير من بلاد الأقليات الإسلامية ذاتها. ومن خلال الممارسة ستطور فكرها وبرامجها ومناهجها. والنهضة جزء من هذا المسار التاريخي التطوري، نحسبنا في طليعته إن شاء الله. ¶ تتحدثون في خطابكم السياسي عن الانغلاق السياسي، واستمرار الاعتداءات والمضايقات على الأحزاب والجمعيات والصحف، لكن السلطات التونسية تنفي كل هذه الاتهامات، هل لديكم أدلة على هذه المواقف؟ في المثل: « يمكن لك أن تكذب مرة واحدة على شخص واحد، ويمكن لك أن تكذب على الكثيرين مرة واحدة، ولكنك لا يمكنك أن تكذب على كل الناس في كل الأوقات ». منذ أكثر من نصف قرن والبلاد تحكم من حزب واحد ظل يحصل ورئيسه دون انقطاع على أكثر من %90، حتى قرر أن يوزع كوتاً من المقاعد والأصوات على أحزاب قزمية ورؤسائها، اصطنعها، حاجبا بالقوة غيرها، فهل هذا حزب من الملائكة حتى يتوقى سُنّة معروفة في أن السلطة مفسدة؟ ولماذا إذن تداولت القمع والسجون والتعذيب والمنافي كل الاتجاهات السياسية في البلاد ولا يزال الرئيس السابق للنهضة أستاذ كلية الطب د.صادق شورو في غياهب السجون منذ عقدين، إلى آلاف من المعارضين معظمهم من الشباب الإسلامي في غياهب السجون؟ أدعوكم فقط إلى قراءة تقارير المنظمات الحقوقية المحلية والدولية، ومنها المنظمة الحقوقية التابعة للأمم المتحدة والتي وجهت للسلطة تهم التعذيب لمعارضيها حتى القتل. هل كلهم متآمرون على السلطة لصالح معارضيها؟ ألا يكفي الاحتفاظ بالسلطة دون انقطاع أزيد من نصف قرن والفوز بالنسب التسعينية في كل الانتخابات علامة ثابتة على نوعية هذه السلطة وماركة مسجلة لا تختلط بغيرها؟ ¶ ملاحقتكم أمنيا من طرف السلطة التونسية امتدت إلى ما يقرب 20 عاما، ما عطل وتيرة الحوار بين التيار الإسلامي والتيارات العلمانية. هل هناك تنسيق من أي نوع مع التيارات المختلفة داخل تونس؟ مع حركة « التجديد » اليسارية مثلا التي قال مرشحها للرئاسة أحمد إبراهيم إنه لن يترك الميدان فارغا من المعارضة الجدية رغم كل تضييقات السلطة؟ نعم هناك بدايات تنسيق بيننا وبين أوسع قطاع من الأحزاب والهيئات والشخصيات المعارضة المنضوية من كل الاتجاهات في تجمع 18 أكتوبر. وبعضهم أراد أن يشارك في المنافسة الرئاسية، فتم تكييف القانون الانتخابي بما يضمن إقصاؤه. أما الانتخابات النيابية فقد شارك فيها بعضهم، إلا أنه تم إقصاؤهم أيضا، بما شهد على أن خيار المشاركة في ظل غياب الحد الأدنى من شروط انتخابات حرة هو نوع من المشاركة في حفلة تنكرية وتقديم الشرعية لأوضاع قائمة على الغش والزيف. ورغم أنه صحيح أن إقصاء النهضة باعتبارها زعيمة المعارضة بشهادة السلطة في أول انتخابات اختبارية نظمها ابن علي 1989، أدخل البلاد في بحر من الظلم والفساد لم تخرج منه، إلا أن الأمر أكبر من كونه إقصاء لشخص أو لحزب؛ لأنه يتعلق بالتسلط الدائم -قبل وبعد تلك الواقعة- على إرادة شعب بكامله وحرمانه من حقوقه أن يختار بحرية بم وبمن يحكم. ¶ قررتم ترك منصب قيادة « النهضة » في المدى المنظور، هل ترون أن هنالك من يستطيع خلافتكم في المنصب؟ رغم أهمية الأشخاص في الحركات فإن الأهمية تبقى للمشروع. النهضة مشروع إصلاحي إسلامي كما قدمنا تبلور عبر الكفاح خلال ثلاثة عقود من الذود عن الهوية الإسلامية العربية لتونس، وانطلاقا من مرجعيتها لتحديث البلد والاندراج به مجددا ضمن سياقه الحضاري العربي-الإسلامي، بما يحقق عزته ورفاهه، هذا المشروع ليس مرتبطا بشخصي، هو بسبيله إلى أن يشكل مسارا عاما هو أكبر من أي حزب، بل أكبر من القطر ذاته. هو مسار تاريخي يعبر عن تطور تاريخي لأمتنا. ¶ ألا تعتقدون أن قرار ترككم لقيادة « النهضة » قد يكون بوابة للتفاهم مع نظام الحكم القائم في تونس؟ كنا ولا نزال دعاة مصالحة بين الدولة ومجتمعها وقواه الحية دون استثناء ولا إقصاء، ولكن السلطة التي حكمت البلاد هي التي لا تزال ترفض كل نداءاتنا وغيرنا للإصلاح وللمصالحة، ولا تبدي أي مؤشر على استعدادها للنزول من شجرة الزقوم (الدكتاتورية والإنفراد) إلى أرض الواقع والاعتراف بمكوناته على ما هي عليه. ولو أنها فعلت ذلك لوجدت منا ومن غيرنا كل الترحيب والاستعداد للعفو عما سلف، وإذن فما تكون هناك حاجة لإقصاء زيد أو عمرو من هذا الحزب أو ذاك، رشوة أو لقمة تلقى في فوهة الأسد حتى يسكن غضبه. كلنا ماضون، فما ترانا تاركين وراءنا وآخذين معنا؟ ¶ أليس غريبا أن تكون إحدى أكثر الحركات الإسلامية الموصوفة بالانفتاح والعقلانية غير قادرة على التفاهم مع نظام حكم يصف نفسه هو الآخر بالعقلانية؟ لا لا غرابة في الأمر، لو عرف السبب زال العجب، لو كان للسائل الكريم حد أدنى من العلم بالواقع المرير الذي يعيشه شعب تونس وأمثاله منذ زهاء قرنين، أعني منذ بدأ النفوذ الأجنبي يتسرب إليه: سيطرة على موارده وإفسادا لنخبته وتغريبا واستلحاقا لها، بما مهد للاحتلال، قاطعا الطريق عن مشروع إصلاحي إسلامي كان يستهدف نهوض البلاد والحيلولة دون الاحتلال، فتكثف في ظل الاحتلال عمل الاستلحاق والتغريب، ورغم أن الإصلاح الإسلامي استأنف في ظل الاحتلال دوره الإحيائي فأثمر إصلاحا تعليميا ونهضة أدبية وعلمية تبلورت في حركة سياسية وطنية تناضل من أجل الاستقلال، ورغم أنها نجحت بعد تضحيات جسام، فإن الاختراق لبنية المجتمع كان قد تم، إذ انشقت النخبة لأول مرة في تاريخ البلاد بين تيار عربي إسلامي قبلته إلى المشرق وبين تيار تغريبي قبلته الغرب، وتدخل الاحتلال مرجحا كفة الذين تربوا في أحضانه حتى وإن عارضوه سياسيا ليستأمنهم على البلاد، فقامت دولة الاستقلال حاملة رسالة تفكيك لمقومات الشخصية العربية للبلاد وفصم عراها عن جذورها المشرقية لربطها بقوة الدولة بما وراء البحار. ولا يزال هذا محورا أساسيا من محاور الصراع، إلى جانب المحور الاجتماعي والسياسي، فاجتمع في نخبة الدولة تغرب ودكتاتورية وانحياز إلى أصحاب المصالح وتنكب عن المشرق، فأي عقلنة يتحدث عنها السائل الكريم؟ إن ما تعيشه البلاد من صراع على كل المستويات الحضارية والاجتماعية والسياسية هو استمرار مستفحل لمعركة الأمة منذ قرنين مع ميزان القوة الدولي، وما هو بالأمر العرضي العابر. التغرب والدكتاتورية صنوان، العنف هو النقيض للسياسة والعقلانية. ¶ هل تعتقدون في إمكانية أن تلعب الدول الأوروبية دورا مؤثرا على صعيد حلحلة الوضع الديمقراطي في عالمنا العربي؟ لا أرى ذلك، لأوروبا والغرب عامة مصالح في منطقتنا هي أحرص عليها من كل مبدأ آخر. لا شك أنها تود لو ترى فينا صورة تشبهها في ديمقراطيتها، ولكن بشرط ضمان مصالحها، لقد ساعد غرب أوروبا شرقها على التحول الديمقراطي، فلم لم يساعد شمال المتوسط جاره الجنوبي على ذلك؟ السبب واضح أن الديمقراطية في شرق أوروبا أطاحت بأنظمة معادية وجاءت بأنظمة موالية، بينما الاختبارات الديمقراطية الأولية في منطقتنا أفرزت أوضاعا ليست منسجمة مع مصالح الغرب. في فلسطين أفرزت حماس، وفي الجزائر ومصر وتونس لو مضت الأمور في طريقها فمن الواضح أنها ستغير الأوضاع بشكل لا يتحمله الغرب. وحتى المسحة الإسلامية الخفيفة لحزب العدالة التركي الحاكم في ظل نظام علماني أطلسي غدت باعث قلق غربي. فمن التوهم تصور ترحيب غربي بعالم إسلامي وبخاصة عربي محكوم بالإسلام والإسلاميين، ولكن الغرب ليس إلهاً يقول للشيء كن فيكون، كثير مما يحصل في العالم لم يتوقعه الغرب ويعاني منه معاناة شديدة، يرفضه اليوم لكن إذا صمد فيمكن أن يعترف به غدا ويتعامل معه، الغرب يكره الإسلام ولكنه عقلاني وواقعي، له مصالح حريص كل الحرص على تحقيقها -وذلك أيسر- مع أتباعه في عالم الإسلام، ولكن إذا حل محلهم غيرهم وفرضوا أنفسهم ولو كانوا من أشد أعدائه فسيتحاور معهم نهاية، كما يفعل اليوم مع إيران ويفكر فعله حتى مع طالبان؛ لضمان مصالح له في بلاد الإسلام لا يمكن له الاستغناء عنها، وما يمكن للإسلاميين أنفسهم أن يستغنوا عنه أيضا. وإذن فأوروبا وهي الأبعد من الولايات المتحدة في علاقتها بالإسلام، بحكم الإرث التاريخي والقرب الجغرافي والتنافس، لا ينتظر منها حلحلة ديمقراطية في المنطقة لاسيما وملامح الوليد إسلامية، ولكنها ستتعامل معه إذا فرض نفسه وأثبت جدارته. ¶ كيف تشعرون إزاء كونكم واحدا من قلة قليلة من قادة المشروع الإسلامي قررت ترك المنصب الأول بهدوء ودونما ضغط من المناضلين؟ أشعر بالارتياح من نواح عدة، منها التدليل العملي على أن النموذج الإسلامي رغم أنه وريث لقرون طويلة من الحكم الوراثي الملكي فإنه أقرب إلى الحداثة السياسية من الأنظمة الحاكمة التي صدعت رؤوسنا تبجحا بالحداثة والعصرنة، ومع ذلك فكلها تقريبا مشغولة بهمّ التوريث، ولا يترك أحدهم السلطة وفي صدره بقية من نفس. ولا يتركها إلا لذي قربى، بينما قادة الحركة الإسلامية، الممثلون الحقيقيون للحداثة الأصيلة وليست المغشوشة، قد تركوا في جماعاتهم السلطة وهم في تمام شعبيتهم وصحتهم مثل أبي الأعلى المودودي، ونجم الدين أربكان، ومحمد مهدي عاكف، والدكتور الريسوني في حركة التوحيد والإصلاح المغربية، والدكتور سعد الدين العثماني في العدالة والتنمية المغربي، وفتحي يكن، والقاضي حسين أحمد، والبروفيسور غلام أعظم، والزعيم الطيب رجب أردوغان الذي أعلن أنه لن يعيد ترشحه، بينما هو في عز النصر وتمام الصحة. هذه نماذجنا فليأت شانئنا بمثلهم. ¶ بين نماذج الترابي وأسامة بن لادن ومحفوظ نحناح رحمه الله، أي النماذج ترونها مناسبة لتحقيق المشروع الإسلامي؟ كل يؤخذ منه ويرد. ¶ هل بن لادن في نظركم مجاهد أم إرهابي؟ لعل الشيخ قد طلب الحق فأخطأ طريقه. ¶ كيف ترون مستقبل الحكم في تونس باعتبار عدم وجود شخصيات راجحة يمكن لها أن تخلف بن علي؟ تونس ليست محرومة من الكفاءات العالية، ولكن الدكتاتورية حرمت منها المجتمع. وعلى التونسيين وأمثالهم من العرب المكتوين بنار الاستبداد أن يتناسوا إلى حين كل مشاكلهم الأخرى؛ ليتفرغوا صفا واحدا لمواجهة هذا الداء الوبيل الذي جعلهم -رغم ضخامة مواردهم- في ذيل أمم المعمور، فإن لم يفعلوا ذلك فسيزداد وضعهم سوءا، وسينتقل ما تبقى من دولهم قائما إلى دول فاشلة ومنهارة ومفلسة ومعرضة للاحتلال أو المجاعات، ومنها تونس للأسف. حصاد الدكتاتورية لا يمكن إلا أن يكون زقوما مهما بدا الأمر إلى حين على غير ذلك. ¶ لو قدر لكم المشاركة في الانتخابات المقبلة، هل سيترشح الشيخ راشد الغنوشي للرئاسة في تونس؟ من حق كل حزب أن يكون له مرشحه للرئاسة أو لأي موقع في الدولة يستحقه، بل ذلك حق لكل مواطن إن لم يكن واجبا شرعيا. والنهضة هي الحزب الأهم في البلاد بعدما شبع الحزب الحاكم شيخوخة وفسادا، فمن حقها بل قد يكون من واجبها أن تحكم أو تشارك أحزابا أخرى، إلا أن مثل هذا الحديث سابق لأوانه، ففي ظل الدكتاتورية لا حديث جادا ومشروعا غير العمل على تنحيتها ورد السلطة إلى صاحبها الأصلي: الشعب، ليختار حكامه وبما يحكمون. ¶ هل لديكم تفسير لما يحدث حاليا من انقسام بين الفلسطينيين؟ وهل تعتقدون أن التفاوض مع إسرائيل يمكن أن يقود إلى تسوية، أم أنكم ترفعون راية الجهاد ضد الاحتلال؟ الانقسام في فلسطين بين قوى المقاومة ممثلة بحماس وقوى التطبيع والمساومة بقيادة عباس هو الأمر الطبيعي والمحتم، بل الإيجابي، وإلا لحكمنا على شعب فلسطين كله بالموات والانقراض على غرار ما آل إليه أمر الهنود الحمر، وليس مستوطنو اليهود بأقل شرا وسوء من المستوطنين الأوروبيين الذين احتلوا أرض الهنود الحمر ليطبقوا شعارهم الأثير: أرض بلا شعب. ولقد أثبت عقدان من المفاوضات التي لا تنتهي أنها لم تسترجع شبرا واحدا من الأرض للفلسطينيين فيه سيادة، بينما حررت المقاومة الجنوب اللبناني تحريرا شبه كامل، وحررت المقاومة تحريرا نسبيا قطاع غزة لدرجة أن العدو من أجل الدخول إليه يضطر لإعلان حرب شاملة يخوضها بكل عنجهيته ثم يرتد عنها حسيرا خاسئا، بينما هو يسرح ويمرح في الضفة الغربية ويقيم فيها الحواجز ويقطع أوصالها ويتجول في أرجائها، يعتقل أو يقتل من يشاء أمام سمع وبصر عشرات الآلاف مما يسمى «الأمن الفلسطيني « و «السلطة الفلسطينية»، بل رئيس هذه السلطة المعرة لا يخجل من نفسه إذ ينتظر إذنا من سلطة الاحتلال حتى ينتقل داخلا أو خارجا. عقدان من المفاوضات البائسة أثبتا لمن يحتاج إلى إثبات أن الجهاد وحده السبيل لتحرير الأوطان من الاحتلال، تلك تجربة أمتنا وبقية أمم الأرض وقوانين الأرض والسماء، فهل يستثنى من ذلك قوم أوسلو؟ إن «سلطة» تحت الاحتلال هي سلطة لا على الأرض، فتلك سلطة المحتل، بل هي سلطة تستمد شرعيتها لا من شعبها بل من المحتل، لضبط الشعب نيابة عن الاحتلال بسلبه الحق والقدرة على المقاومة، فأي لعنة حلت بشعب فلسطين المقاوم من هذه السلطة؟ لعنة حولت أكبر وأغنى حركة مقاومة في المشرق كله إلى سلسلة معقدة من أجهزة القمع والاستخبارات تعمل ليل نهار إلى جانب المحتل لإجهاض كل محاولة لمقاومة الاحتلال. ¶ هل تعتقد أن إيران تشكل خطرا على العرب والمسلمين أكبر من الخطر الذي تشكله إسرائيل، وما موقفكم من الصراع الإيراني مع الغرب فيما يتعلق بامتلاك النووي؟ للأسف لا يزال العرب الرسميون في معظمهم يكررون ما دأب على اقترافه ملوك الطوائف في الأندلس وعدد من الإمارات في المشرق العربي التي والت أعداء الأمة، فحاربت في صف العدو جهات إسلامية، بما وفر له الفرصة للإجهاز على الجميع، وفي العقد الثاني من القرن الماضي كرر عرب آخرون القصة نفسها، فوقف من يسمون بالأشراف حكام الحجاز يومئذ إلى جانب البريطانيين في حربهم على الأتراك، مخدوعين بوعد كاذب بإمبراطورية عربية بديلا على الخلافة العثمانية التي تمردوا عليها وحاربوها تحت لواء بريطاني، حتى أجلوا جيوشها من بلاد العرب ومنها فلسطين، لتقع هذه تحت الانتداب البريطاني. وتحت حمايته ومساعدته بدأت الهجرات اليهودية، وبدأ زرع السرطان في قلب الأمة. لم يبرأ العرب من داء الخيانة والغباء هذه بإدمانهم الولاء لغير الأمة والحرب بالوكالة لمصلحة العدو، فكانت الحرب المدمرة التي شنها حكام العراق -بدعم غير مجذوذ من دول الخليج ومن مصر- على الجمهورية الإسلامية الوليدة في إيران، وكانت لتوها قد نقلت أعظم أقطار الخليج من قلعة إمبريالية ومرتكز للكيان الصهيوني وشرطي مرعب لأهل المنطقة إلى قوة رئيسية من قوى المنطقة، وشوكة في حلق قوى الهيمنة وقاعدة إسناد رئيسية لقوى المقاومة للصهيوني العدو الألد للأمة، كانت حقا حربا مدمرة لملايين من النفوس والمنشآت. وأخطر من ذلك أنها فجرت أمواجا من الكراهية بين أجزاء الأمة الواحدة بين طوائفها وأعراقها، فهل كان للأمة مصلحة فيها؟ كانت مصلحة خالصة لأعدائها، فكانت –موضوعيا- حربا بالوكالة عنهم. ولقد خرج العراق من تلك الحرب بجيش قوي مسلح تسليحا حديثا، فبدأ الكيد له من أجل تدمير قوته هو الآخر من خلال استغلال أخطائه الشنيعة، فانقلب حلفاؤه بالأمس متعاونين مع أعداء الأمة على تدميره إلى حد إخراجه من توازنات القوة في المنطقة، وهي مصلحة غربية-إسرائيلية نفذت مرة أخرى بيد غربية ومشاركة عربية فاعلة. ولأن إيران قد أفادت مما فعله التحالف الدولي وحلفاؤه العرب من إزاحة حكم العراق المعادي لها وتوفير الفرصة لها أن تتغلغل وتقوي نفوذها داخل العراق وأفغانستان، فقد حرك الأخطبوط الإسرائيلي آلة حربه الممتدة في العالم بكل فعاليتها ونفوذها لشيطنة نظام الجمهورية وتكثيف الضغوط عليه، من أجل عزله وخنقه وحتى تفكيكه من الداخل، كل ذلك من أجل تجريده من قدراته العلمية، وبخاصة تصميمه على امتلاك التقنية النووية القابلة للتحول سلاحا نوويا يجعل من إيران قوة إقليمية قادرة على موازنة الكيان الصهيوني، بما يضع حدا لتفرده بالقوة في المنطقة، وهو خط أحمر ممنوع على أي دولة من دول المنطقة تخطيه. وهكذا كما جردت السياسة الغربية محمد علي حاكم مصر في النصف الأول من القرن التاسع عشر من مشروعه النهضوي الذي أوشك أن يجعل من مصر قوة كبرى في المنطقة، تكرر نفس الكيد الغربي مع مصر الناصرية، وتكرر مع عراق صدام، ومع محاولة القذافي. وها هي السنوات الأخيرة تتكرر في مواجهة نظام الجمهورية الإسلامية، والكيد لباكستان. إن اكتساب القدرة العلمية التقنية المتقدمة وكذا الوحدة هي خطوط حمراء وسياسة غربية ثابتة منذ القرن التاسع عشر في مواجهة محاولات الأمة النهضوية لإجهاضها، بصرف النظر عن فريق الأمة الذي يقود هذه المحاولة، عربيا أم أعجميا، إسلاميا أم علمانيا، سنيا أم شيعيا. هذه تفاصيل لا يلقي لها بالا الاستراتيجي الغربي الذي يضع على طاولة التخطيط خريطة العالم الإسلامي، فتنصبّ خططه على هدف واحد هو ضمان استمرار وضع يده على موارد المنطقة وعناصر القوة فيها، فكل ما يحقق هذا الهدف مشروع ومطلوب لشل محاولات النهوض والتوحد، والدفع إلى المزيد من التمزق والتخلف. وفي هذا السياق جاء زرع الكيان الإسرائيلي في قلب الأمة لتفتيت الجسم وشل عوامل نهوضه وعناصر المقاومة فيه. ¶ التصادم الكبير بين الشيعة والسنة في العراق وإيران واليمن وغيرها.. في مصلحة من؟ وهل هو مجرد واجهة لصراعات أخرى؟ نصيحتي لشباب الأمة ودعاتها أن لا يذهلوا لحظة وهم يتعاملون مع الخلافات والتناقضات في صفوف الأمة مهما عظمت عن هذه المخططات الغربية الثابتة في نظرتها الشمولية للأمة. بما يوجب علينا أن نرتفع فوق خلافاتنا ونفكر بمنطق الأمة لا بمنطق الطائفة. منطق الأمة الواحدة هو الترجمة العملية لعقيدة التوحيد التي تنص على أن من نطق بالشهادتين فقد اندرج في سلك الأمة، والباقي تفاصيل. منطق الأمة هو الذي يترجمه مؤتمر الحج، حيث لا يسأل أحد عن طائفته ومذهبه. منطق الأمة على الضد تماما من سكرات المونديال ومعاركه الهامشية. ثم لك أن تقول ما شئت في نقد التشيع، إلا أنك ما ينبغي أن تذهل قط أنه ليس بمذهب حديث ولد البارحة حتى تكد ذهنك في البحث عن فتوى فيه، فقد فرغت الأمة من هذا الأمر. وفي كل كتب الفرق الإسلامية يحتل التشيع بمختلف مذاهبه مكانا بين فرق الأمة، فهل من حاجة لأن يستفتى فيه أحد؟ قد لا يكون التشيع هو التعبير الأفضل عن الإسلام، ولكنه لون من ألوانه وفرع من شجرته، والدليل القاطع أن أحدا من أئمة الإسلام وحكامه عبر أربعة عشر قرنا لم يتنطع فيصادر حق فرقة من الناطقة بكلمة التوحيد ومنها فرق التشيع من حقها في الانتساب للإسلام وحجها بيت الله الحرام. فلم التنطع اليوم وكأن التشيع مذهب جديد؟ ولم كانت إيران الشاه وهي شيعية مقبولة مرحبا بها بينما إيران الجمهورية الإسلامية الشيعية مرفوضة؟ ألأنها طردت النفوذ الصهيوني الأميركي من إيران؟ أم لأنها دعمت المقاومة العربية الإسلامية ضد الكيان الصهيوني لتحرير أرض عربية، وكانت الحكومات «السنية» العربية أولى بذلك؟ وما الذي يضيرنا من تقنيتها النووية حتى ولو طورتها إلى سلاح عسكري -ويا ليتها تنجح في ذلك-؟ كيف يمكن لحاكم عربي بل لمحكوم أيضا أن ينام قرير العين وفوق رأسه أكثر من 200 رأس نووي إسرائيلي موجهة لكل العواصم العربية، وبدل أن يفعل ما فعل بوتو حاكم باكستان السابق عندما صمم على امتلاك القنبلة النووية للدفاع عن بلده في مواجهة الهند قائلا: «سنفعل ذلك ونحن الفقراء حتى لو اضطررنا لأكل الأعشاب»، نرى هذا العربي المسكين يبذر ثرواته الطائلة في غير موضعها متخذا من إيران عدوا بدل إسرائيل، مشتركا في الضغوط الغربية عليها لتجريدها من مشروعها النووي، بدل أن ينافسها أو يتركها وشأنها. إن هناك فراغا قد تركه الانسحاب العربي من قضايا الأمة الكبرى مثل دعم المقاومة، تقدمت جهات إقليمية ودولية لملئه مثل تركيا وإيران، فلم تلام إيران وهي تتصرف كدولة ذات مصالح قد تتفق أحيانا مع مصالحنا، كما هو الحال في القضية الفلسطينية وفي مواجهة السيطرة الغربية على المنطقة، وقد تختلف كثيرا أو قليلا كما الحال في مسألة العراق. ويبقى اللوم على العرب المستقيلين أو المتواطئين، لم لم يتقدموا لملء الفراغ؟.. إن مصلحة الأمة -ولاسيما وهي تواجه مخططات غربية خطرة جدا قد تولّى كبر وضعها العدو الصهيوني المتغلغل في مراكز القرار والعقل الغربيين- في وحدة صفها من أجل التصدي لمخططات تمزيقها وضرب بعضها ببعض. إن ضرب الإسلام بالإسلام هو الاستراتيجية التي نطقت بها التقارير والمخططات الصادرة عن مراكز الدراسات الاستراتيجية، مثل مركز راند التابع للبنتاغون الذي تولى في أحد تقاريره تصنيف قوى الأمة: صوفية وسلفية سنية وشيعية تقليديين وعصريين، مسديا لصانع القرار في البنتاغون وفي الكونغرس والبيت الأبيض النصح في التعامل مع كل الأصناف من طريق ضرب بعضها ببعض. إن عالم الإسلام بصدد تجاوز مرحلة العلمنة في اتجاه زمن إسلامي، بما يؤكد أن كثيرا من المعارك الجارية في ساحات العالم الإسلامي وما هو قادم أكثر، ليست بين يساريين وليبراليين كما كان الشأن في الخمسينيات من القرن الماضي، ولا بين إسلاميين وعلمانيين كما هي سمة معارك ربع القرن الماضي ولا تزال ذيولها قائمة، وإنما تتجه المعارك للتمركز في الساحة الإسلامية ذاتها بين شيعة وسنة بين صوفية وسلفية. فالأمة تستشرف زمنا إسلاميا، وبسبب ضعف الوعي السياسي والاستراتيجي في أوساط نخبها الإسلامية، وضيق التصور الديني لدى قطاع واسع منهم، فليس عسيرا على القوى الدولية أن تمارس لعبتها المفضلة في ضرب المسلمين بعضهم ببعض ضمانا لمصالحها من أيسر طريق، وهو ما يجعل كثيرا من الحروب الجارية: في الصومال وفي اليمن وفي العراق وفي أفغانستان وفي باكستان وعلى نحو ما في السودان حروبا بالوكالة، تصب نهاية في مصلحة إسرائيل والغرب، يا للعار ويا للأسى. فليتق دعاة الإسلام -خاصة- ربهم في أمة محمد، فلا يكونون فيها معاول هدم وتمزيق وأعوانا للعدو وثغورا يؤتى الإسلام من قبلها، وإنما عوامل توحيد للصف وجمع للشتات وجبر للكسور وإصلاح لذات البين، إبرازا لما يجمع لا لما يفرق، ولعناصر الإلف والوئام والحب والتعاون لا لعناصر التنافر والتعادي والاختلاف، استجابة لنداء الرحمن «يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون*واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا».  (المصدر: جريدة العرب (يومية – قطر) بتاريخ 29 نوفمبر 2009 )

المفكرة رجاء بن سلامة لـ »الصباح »:  العنف والإرهاب يتغذيان من الفراغ القيمي


حوار: علياء بن نحيلة رجاء بن سلامة مفكرة وباحثة وكاتبة تونسية حاصلة على درجة دكتوراه الدولة في اللغة والآداب والحضارة العربية، كانت أستاذة محاضرة في كلية الآداب والفنون والإنسانيات بجامعة « منوبة » قبل أن تستقر منذ أكثر من أربع سنوات في مصر لأغراض عائلية. هي حاليا عضو وعضو مؤسس لعدة جمعيات غير حكومية وتحاول من خلالها إرساء قيم جديدة وتنظّر لبناء رابط اجتماعي على أساس سياسي- مدني والمساهمة في تقديم أدوات تحليل للواقع وكلمات لتسمية ما لم يسمى بعد حتى تتجلى الآفاق أمام لفرد العربي ليؤكد ذاته بعيدا عن كل تسلط. إضافة إلى مؤلفاتها، تساهم رجاء بن سلامة بمقالاتها في تأثيث موقع « الأوان » الذي تديره حاليا إضافة إلى محاضرات وبحوث مختلفة قوامها تفكيك الإرث الفكري العربي الإسلامي والبحث في آفاق معرفية جديدة بها ترسي قيم الحداثة والمواطنة. عرفت رجاء بن سلامة بمواقفها الصارمة والثابتة في مناصرة الدفاع عن الفرد والحرية ضد كل أشكال الهيمنة والتسلط والاستعباد والاستعمار، مما جعلها هدفا لعدي الموجات « التكفيرية »… وبإصرارها على أن العلمانية ليست وراء احد وإنما هي أمام الكل، تترائي كأفق مازال هناك من يصبو إليه، الأفق تدفع إليه ضرورة الخروج من المآزق السياسوية والدينية والثقافية التي تعيشها المجتمعات العربية الآن. للحديث عن قناعاتها هذه وعن انعدام المرجعية الدولية واختلال التوازن بين الأفراد والمجموعات ومسالة المساواة في الإرث بين الإخوة والأخوات وعلاقتها بالشعر والتحليل النفسي التقتها « الصباح » فكان الحديث التالي:   أنت من الذين يعملون على ارساء ثقافة عقلانية علمانية تنويرية، مما دفعك لان تكوني عضوا مؤسسا » لرابطة العقلانيين العرب » ولجمعية « بيان الحريات بفرنسا » و »للجمعية الثقافية التونسية للدفاع عن اللائكية » غير المعترف بها، ما مدى حضور هذه الجمعيات في ذهنية المواطن التونسي وهل يرضيك هذا الحضور؟ هناك عامل مهمّ في نظري هو بناء تراكم ثقافيّ يسدّ الفراغ القيميّ الذي أنتجته قطيعة الحداثة.. هذه القطيعة أدّت إلى  تآكل القيم والتّرابطات التّقليديّة، فلا بدّ من إرساء قيم جديدة، ولا بدّ من بناء الرابط الاجتماعيّ على أساس سياسيّ ومدنيّ. العنف والإرهاب يتغذّيان من هذا الفراغ القيميّ والمدنيّ والسّياسيّ. وفي هذا الإطار من البناء القيميّ كان لا بدّ من إبراز سؤال الحرّيّة الغائب في خطابات النّخب العربيّة، الثّوريّة والقوميّة والإسلاميّة، للخروج من مأزق الهويّة الخانقة ومأزق عدم الحداد على الأوهام الضّائعة والبحث عن الأصل وما أدّى إليه من كوارث. سؤال الحرّيّة، خلافا للتّأكيد المأزوم للهويّة، هو ما يسمح للذّات بأن تكون أخرى، وما يسمح بإدخال الاختلاف إليها، بدل جعله خارجا عنها. هو ما يسمح بهويّة قائمة على التّعدّد والإبداع بدل التّكرار والمتعة « المازوشيّة » بلعب دور الضّحيّة. إعلام الفضائيّات النّاطقة بالعربيّة لا يقدّم في الغالب إلاّ محتويات تتنافى مع الحرّيّة والبناء الإيجابيّ، ولا يقدّم إلاّ الصّراخ الذي يغذّي الفراغ ومتعة التّباكي.. أو يغذّي النّعرات البدائيّة، والنّرجسيّات الجماعيّة.. أمّا صيغة العمل الجمعيّاتي، فأملتها العزلة التي يشعر بها المثقّفون، وشعورهم بالخطر الذي تمثّله عودة محاكم التّفتيش، وخاصّة في مصر. لكنّ مثل هذه الجمعيّات ليست أحزابا ولا تهدف إلى التّعبئة الجماهيريّة، بل إلى تقديم أدوات تحليل للواقع، وتقديم كلمات لتسمية ما لم يسمّ بعد. يكفي أن تصل بعض الأصوات وأن تصل إلى بعض الأفراد، لا سيّما الشّبّان. الكلمة الصّادقة لا بدّ أن تسمع وأن تأخذ طريقها، حتّى وإن لم تكن لها إمكانيّات واسعة للتّأثير والنّفاذ. بل الأفضل هو الزّهد في وسائل التّاثير والاستعراض لأنّها قد تفضي إلى الاسترضاء والدّيماغوجيا.
الشعور بالذنب

هل تعتقدين أنه مازال للعلمانية مستقبل بعد الحصانة التي امتلكتها كل الدول العربية من خلال تنصيصها على دياناتها في البنود الأولى في دساتيرها، حتى وإن أمنت حرية المعتقد في بنود ثانوية ؟ العلمانيّة ليست فقط شعار فصل الدّين عن الدّولة. إنّها فعل مدنيّ يوميّ يجسّد مطلبي المساواة والحرّيّة، ويؤدّي إلى التّوحيد بين المختلفين رغم اختلافهم. نشهد في هذا العصر إفراطا دينيّا أدّى إلى  إخراج الإله من عالم السّماوات وتنزيله إلى الفضاء العامّ، وهذا مصدر عنف وانحلال للرّابط الاجتماعيّ، لأسباب عدّة منها وجود من يتكلّمون باسم الإله والحال أنّهم بشر خطّاؤون ولهم مصالح، ووجود من يعتقدون أنّهم موضوع نظرة الإله، ينظر إليهم الإله نظرة تأثيم ومطالبة بالدّم، أي بالتّضحية. العلمانيّة هي الهامش الذي يسمح بعدم الانتصاب الدّينيّ الفوضويّ، وبتقييد الدّوافع المنفلتة، نتيجة وجود المقدّس في كلّ مكان، وتحوّله إلى سلطة مطالبة بالدّم. من هذا المنطلق فإنّ العلمانيّة تبقى  قابلة للتّحقيق وتبقى مجال تفكير ومطالبة يوميّة. حسب رأيي، يجب أن لا نكتفي بمطالبة الدّول بتهيئة مجال علمانيّ للحياة العامّة، بل على كلّ منّا أن يكون علمانيّا في حياته العمليّة وعلاقاته : أن يكون محايدا في عمله، ولا يُدخل الدّين أو العقيدة أو الإيديولوجيا في الاعتبار عندما يمارس مهنته، وأن لا يفرض عقيدته على الآخرين، وأن يطالب بحقّه في أن يمارس أو لا يمارس الشّعائر الدّينيّة (…) بما تفسرين ظاهرة الفتاوى ولجوء المسلمين إلى الاستنارة بها دون إعمال الفكر فيها؟ الفراغ القيميّ والسّياسيّ يؤدّي إلى بحث الفرد عن نماذج قصوى يتماهى معها. هناك علاقة بيّنها فرويد بين « العصاب الوسواسيّ » والدّين. كلاهما مثلا يحمل مداراة للقلق، عبر إنتاج الطّقوس والالتزام بها التزاما يكون مفرطا أحيانا. الفتاوى حسب رأيي هي أجوبة عن أسئلة وسواسيّة تتعلّق بالنّجاسة والطّهارة بالمعنى العامّ، وتتعلّق بإنتاج الطّقوس وجعلها تملأ كلّ فراغات الحياة، ومن هنا اكتساحها الفضاء العامّ، وميلها إلى تعويض التّشريع والقرار السّياسيّ. هناك طبعا عوامل أخرى تتعلّق بـ »البيزنس الدّينيّ » في علاقته بالإعلام. لكنّ للعوامل النّفسيّة دورا أساسيّا، والمتّجرون بالدّين يستغلّون هذه العوامل.  كتبت مرة أن الحجاب متعدد المعاني وهو لا يعني بالضرورة ظاهرة إيمانية بقدر ما هو ظاهرة اجتماعية… ألا ترين بأن السياسي يستغل تعدد المعنى هذا لأغراض سلطوية؟ لا أذكر أنني كتبت هذا بالضّبط. هناك استعمالات متعدّدة للحجاب، لم تعد مقصورة على مطالب الإسلام السّياسيّ. لم تعد المحجّبة منتمية بالضّرورة إلى حركة سياسيّة. الشّعور بالذّنب هو المحرّك الأساسيّ للتّحجّب، وهو أعمّ من المطالبة السّياسيّة. الشّعور بأنّ الشّعر عورة لها علاقة بالأعضاء الجنسيّة، ويجب تغطيتها كالعورات الأخرى. 
المساواة ليست مطلب مثقّفين  
يرى البعض ان مطالبتك بالمساواة بين الجنسين في الميراث قضية بلا قاعدة أولا لان التركيبة الفكرية والاجتماعية العربية-الإسلامية وثقافة المرأة الإسلامية تقول ان « الملك لله وحده » وان الميراث عملية تصرف وقتي وان النص القرآني جاء فيها صريحا لا لبس أو إمكانية اجتهاد وذلك على عكس تعدد الزوجات… فيما يرى آخرون أن المساواة في الإرث موجودة في واقع الممارسة ولا داعي لإثارة النعرة في هذا… ما قولك في مثل هذه العقبات ؟ « الملك لله وحده » مسألة عقائديّة تتعلّق بالأرواح، لكنّنا لسنا نعيش في عالم الأرواح، بل في عالم النّفوس والأجساد. إسقاط هذا المبدأ الدّينيّ على العلاقات الاجتماعيّة هو أحسن مثال على التّمويه الذي يهدف إلى إدامة الهيمنة الدّنيويّة تحت غطاء الدّين. إذا كانت الزّوجة حسب التّشريع الإسلاميّ لا ترث إلا ثمن ما يتركه زوجها إذا كانت لهما أبناء، فهل تتنازل عن مطالبتها بحقّها لأنّ « الملك لله وحده » أم هل تنتظر الآخرة لكي تنال نصيبا محترما ممّا تركه زوجها، شريك حياتها، وممّا اشتركت غالبا في جمعه مع زوجها؟ المطالبة بالحقّ يجب أن تكون فوق كلّ النّعرات، وتحقيق المساواة هو واجب السّلطات العامّة مهما كانت الظّروف، ومهما كانت قوى الضّغط الإيديولوجيّ. لا بدّ من هذه المساواة واقعيّا ورمزيّا. واقعيّا لأنّ النّساء أصبحن ينفقن على أنفسهنّ ويشتركن مع الإخوان والأزواج في الكسب، ولأنّ الفقر يطول النّساء أكثر من الرّجال حسب كلّ الإحصائيّات المتاحة. ورمزيّا، لأنّ عدم المساواة في الميراث مرتبطة في المنظومات القديمة بعدم المساواة في القيمة. فدية المرأة المقتولة في النّظام الفقهيّ هي نصف دية الرّجل، والمرأة في هذا النّظام عموما لها قيمة نصف رجل، ولا يمكن أن تقوم حياة مدنيّة مقبولة في نظام يعتبر نصف أفراده أنصاف مواطنين. عدم المساواة التّامّة بين النّساء والرّجال يعني عدم تحقّق الكرامة للجميع. تعدّد الزّوجات مثلا لم يكن منتشرا قبل إصدار مجلّة الأحوال الشخصيّة، ومع ذلك تمّ إبطاله، لأنّ في إبطاله رفعا لمنزلة المرأة، ودفعا للضّيم الذي يلحقها نتيجة حرّيّة يستمتع بها الرّجل على حساب المرأة. تعدّد الزّوجات مبعث للألم والغيرة القاتلة، ولتشرّد الأبناء، ولا بدّ من الحدّ للألم الذي لا مبرّر له، وللحرّيّة التي تتضمّن اعتداء على كرامة الآخرين. استمعت في بعض البلدان العربيّة إلى نساء حدّثنني عن معيشهنّ لتعدّد الزّوجات، وعن الألم الذي يسبّبه لهنّ، وعن شعورهنّ بالهوان، وبأنّهنّ بضاعة كسد سوقها… هذا ما يعني أنّ المساواة ليست مطلب مثقّفين مترفين، بل ضرورة يحتّمها واجب دفع الألم الذي لا مبرّر له. أمّا في ما يخصّ النصوص القرآنيّة « الصّريحة »، فهناك نصوص « صريحة » أبطل العمل بها، تتعلّق بالربا والرّقّ والعقوبات الجسديّة، فلماذا يتمّ التّشبّث بالنّصوص التي تضمن مصالح الرّجال على حساب النّساء؟ هل الآيات التي نظّمت علاقات الرّجال بالنّساء منذ خمسة عشر قرنا صريحة أكثر من الآيات التي تنصّ على قطع يد السّارق مثلا؟ ولماذا نواصل اعتبار النّصّ المقدّس مرجعا قانونيّا، بدل الحفاظ عليه بعيدا عن المعاملات الدّنيويّة المتحوّلة، باعتباره مرجعا روحانيّا تعبّديّا؟   يعيش العالم بشرقه وغربه عودة قوية الى « العنصر الديني » و »التدين »… ألا يعتبر ذلك إعلانا صريحا عن فشل تيار العلمانية في حياة الإنسان أم أنها مجرد خيبة أمل من سياسات الدول لا غير؟ لا أومن بعودة التّديّن(…) لأنّ التّديّن الحاليّ يتّخذ شكل ردّة الفعل على تفكّك المنظومات الدّينيّة التّقليدية، ومن هنا الإفراط والعنف. العلمانيّة هي عمليّة الفصل بين الحياة العامّة والدّين، حتّى لا ينتصب أيّ طرف باعتباره ناطقا باسم الإله، وحتّى لا تنتصب أيّ مجموعة عقائديّة باعتبارها تمثّل العقيدة الأفضل من غيرها، مع بقاء هيئات أو أشخاص ينظّمون العبادات، فإدارة شؤون المقدّس لا مناص منها، لكنّ من يديرون شؤون العبادات يجب أن لا يبرحوا هذه الدّائرة. العلمانيّة هي مبدأ المساواة بين المؤمنين بمختلف أديانهم وبين المؤمنين وغير المؤمنين، مساواة أساسها أنّ الانتماء إلى الوطن يأتي قبل وجوه الانتماءات الأخرى، والعلمانيّة هي مبدأ حياد الدّولة والمؤسّسات، وهي مبدإ الحدّ من الإفراط الدّينيّ المؤدّي إلى العنف كما ذكرت. هي وعد أو أفق نسعى إليه، ولا يمكن أن نحكم بالفشل على وعد لم يتحقّق بعد، أو على أفق لا مناص لنا من الاتّجاه نحوه. في الهزات التي عرفها العالم مؤخرا شعرت الشعوب بعد م وجود فكر ولا قانون ولا  شرعية دولية تحميهم  تحفظ إنسانيتهم (تلوث البيئة، انتشار الأسلحة النووية واستعمال المحظور منها، غوانتنامو…) فأين مؤسسات الفكر والعقد العلماني من هذه الشؤون وهذه التساؤلات؟ لا يمكن أن نحمّل العلمانيّة ما لا تحتمله. العلمانيّة وجه من وجوه النّقد والفكر النّقديّ لا يقتصر عليها. الفكر النّقديّ يجب أن يوسّع مجالات نظره حتّى يتمكّن من توجيه الواقع. اقتصاد السّوق بالشّكل الوحشيّ يهدّد الإنسانيّة، وغياب فاعليّة المنتظم الأمميّ من المخاطر التي تهدّدها أيضا. يجب أن يلعب المنتظم الأمميّ دور الثّالث الذي لا يجسّده أيّ طرف، ولا تتغلّب عليه أي دولة تنصّب نفسها بوليسا على العالم. انعدام الثّالث هو انعدام للمرجعيّة المجرّدة التي نحتاج إليها لبناء المجتمع السّياسيّ على النّطاق المحلّيّ أو الكونيّ. انعدام الثّالث يعني أنّ كلّ واحد يصبح خصما وحكما في الوقت نفسه، فيشتدّ الخصام دون وجود قانون وهيئة مجرّدة يحتكم إليها. هذا هو سبب الاختلال بين الأفراد والمجموعات، بل وسبب الجنون أيضا، بمعنى من المعنى.  لعبة النّفي والإثبات أنت منشغلة دوما بإعادة قراءة التراث، من طقوس الموت إلى مسألة الإرث، وذلك من زاوية عقلانية… ألا تخشين إخراجك عن المجموعة الاجتماعية وتكفيرك لا سيما وعامل الدين أصبح المحدد الرئيسي للهوية في جميع الدول العربية؟  منذ مدّة تركت الجدل مع الإسلاميّين لا بسبب الخوف من التّكفير، فتهمة التّكفير لا تخيفني، ولا أردّ عليها بإثبات الانتماء النّمطيّ. يخيفني فقط التّهديد وهدر الدّم في ظلّ غياب تشريعات تحمي الحياة وتحمي حرّيّة الاعتقاد وعدم الاعتقاد. تركت الجدل مع الإسلاميّين، لسببين، أوّلهما إيماني بأنّ المجادل يشترك مع خصمه في لعبة النّفي والإثبات نفسها، ويؤول به الأمر إلى تفسير كلّ شيء بالدّين، وإلى هدر طاقاته في اللاّءات وفي الدّفاع. وثاني الأسباب رغبتي في العودة إلى البحث في المجالات القريبة إلى نفسي، وإلى الكتابة الهادئة التي لا تلغي تعقّد الواقع، ولا تدين البؤس الفكريّ والنّفسيّ إلاّ بقدرما تحاول فهم أسبابه.  . يتهم البعض العلمانيين بالانهماك في قضية الإصلاح الديني والانشغال بقضايا فقهية هم بغنى عنها على الأقل في الوقت الراهن وذلك على حساب تأثير تلك الظواهر على الحريات العامة … لا تهمّني شخصيّا قضايا الإصلاح الدّينيّ إلاّ من حيث أنّ التّديّن السّائد يهدّد هذه الحرّيّات. لا يمكن أن ينتصب العلمانيّ مفتيا في قضايا الدّين، لأنّ مقاربته للدّين يجب أن تبقى غير دينيّة. ما يمكن أن يطالب به هو وضع الحدود للتّديّن العنيف الذي يلغي مقوّمات الحياة المدنيّة. لست معنيّة مثلا بقضيّة زواج المتعة من حيث أنّه حلال أو حرام، بل من حيث أنّه يتمّ على حساب النّساء، دون ضمانات لهنّ وللأطفال الذين ينجبون في إطار هذا الزّواج. 
  المقدس يعنينا ونعنيه. 
  ماذا تعني لك لفظة « الاستقرار »؟ هل تشعرين احيانا بالخوف من الدخول في مملكة « المقدس » وهل تعتقدين ان من سبق واتخذ منك موقفا معاديا لم يفهم قصدك ام انه فهمه جيدا… و لمن تتوجهين بمشروعك الفكري؟ نحن معنيّون بعالم المقدّس لأنّه معنيّ بنا، ويهدّد باكتساحنا، لتحويلنا إلى قرابين. الأشكال التي يظهر بها المقدّس في فترات الأزمات خاصّة بشريّة أرضيّة جدّا ومن حقّ كلّ واحد التّفكير فيها وتفكيك علاقتها بالسّلطة والهيمنة. لا أسعى إلى الوفاق وإلى رضا كلّ النّاس عمّا أكتب، لأنّ الاختلاف ضروريّ ولا مناص منه. المشكل في طبيعة العداء، وفي طبيعة الحوار. أتوجّه إلى المتردّدين والمفتقرين إلى مرجعيّة، والمفتقرين إلى كلام يعبّرون به عمّا لا يفهمونه في الواقع، وإلى الشّبّان خاصّة. صرحت بان الإنسان قادر على تغيير ذاته وبان الكلمة قادرة على الفعل ان لم تكن هي نفسها فعلا… كيف ذلك في عالمنا العربي اليوم حيث الأمية منتشرة والقضاء والقدر مبسوط على جميع الفئات… هل مازلت تعتقدين هذا ام ان الظروف قد تغيرت؟ ما زلت أعتقد بأنّ الذي يريد تغيير العالم يجب أن يبدأ بتغيير نفسه أوّلا، وإلاّ فإنّ محاولاته تبوء إلى حكمة مشبوهة تعيد إنتاج الأعراض على نحو جماعيّ. الذي لا يقبل النّقد لنفسه مثلا لا يمكن أن يكون ناقدا صادقا لما حوله. أومن بأهمّيّة الكلمة لأننا نعيش في عالم الكلام. هناك قوى مادّيّة اقتصاديّة تحكم العالم لكنّ بالكلام يمكن أن نفكّر في القيم التي نحاول بها توجيه القوى العمياء. درست علم النفس وترجمت كتاب الإسلام والتحليل النفسي، فأية مكانة لهذا العلم في مجتمعنا العربي الإسلامي حاليا ولماذا لم يخص فرويد الدين الإسلامي بما خص به اليهودية والمسيحية من دراسة وتحليل… هل هو تقصير منه أم ان العلاقات بين أفراد المجتمع الإسلامي مختلفة عما هي عليه في الديانات السماوية الأخرى؟ هذه المعرفة والتّقنية بدأت تنتشر في البلدان العربيّة، وقد تكوّنت فيها عدّة جمعيّات للتّحليل النّفسيّ. لكنّ الطّريق ما زال طويلا أمام ترسّخها، لأنّها مازالت غائمة، وما زال الفهم المسطّح والمبسّط لها سائدا. إلى الآن لم تصدر الأعمال الكاملة لفرويد بالعربيّة مثلا، وإلى الآن لا توجد مؤسّسة تحليليّة على النّطاق العربيّ.  فرويد كتب عن الظّاهرة الدّينيّة بصفة عامّة، وكتب عن التّوحيد وذكر الإسلام في بضعة جمل هامّة، تحتاج إلى إعادة النّظر. التّوحيد يجمع بين الأديان الثّلاثة، ولكنّ صيغه تختلف، بحسب دور الأب والابن في كلّ ديانة. ربّما يكون الإسلام ديانة أساسها الابن، على نحو مغاير للمسيحيّة تمارسين حاليا التحليل النفساني… هل ثقافتك في قراءة وتفكيك النصوص التراثية العربية-الإسلامية تساعدك على تفهم لاوعي مرضاك أم هو جانب آخر من ممارساتك لحريتك الشخصية؟      في التّحليل النّفسيّ لا  يتعلّق الأمر بمريض وطبيب، بل بمتحلّل يحاول فهم ذاته وبناء سرديّته، ومحلّل يقترح إنصاتا تأويليّا. النّتائج العلاجيّة تأتي بصفة لاحقة، والمتحلّل هو الذي يقوم بالعمل الأساسيّ. هو تجربة خاصّة مختلفة عن الطّبّ، لذلك دافع « فرويد » عن التّحليل النّفسيّ وعن استقلاليّته عن مجالين يمكن أن يحتوياه هما الطّبّ والدّين. اللاشعور ليست له هويّة ثقافيّة مخصوصة، لأنّه يشتغل وفق قانون الكلام لا اللّغات. جميع البشر مهما كانت لغاتهم وثقافاتهم وأديانهم يعيشون تجارب أساسيّة : الخروج من الرّحم، وأزمات الانفصال والعلاقة الأوديبيّة المزدوجة بمن يمثّلون السّلطة، وضرورة الخصاء والخوف منه والموت… لكن لكلّ ذات فرادتها : قصّتها، والدّوالّ التي تحكّمت فيها ابتداء من الاسم. دراستي الأصليّة للّغة والأدب والنّصوص التّراثيّة تساعدني على الإنصات إلى الدّوالّ، وتساعدني على نقل المعرفة التحليليّة إلى اللّغة العربيّة.  زوجك باسط بن حسن شاعر… كيف تتعاملين مع ما يكتبه وأنت المختصة في تفكيك النصوص؟ لا أفكّك النّصوص الشّعريّة بل أستمتع بقراءتها، وتفتح لي إمكانيّات اكتشاف الكلمات والدّوالّ. توسّع من ممكنات التّفكير. لا أدّعي لنفسي وعيا نقديّا يتسامى عن التّعلّم من الشّعر، ومن كلّ استعمال إبداعيّ للّغة، إبداعيّ لأنه يقاوم اللّغات الخشبيّة ويفاجئ، وينتج أفكارا وصورا لصيقة بالتّجربة. لا أريد أن أكون ناقدة للشّعر بل متعلّمة منه.   خمسة على خمسة
سلوى الشرفي (أستاذة جامعية) كيف تفسرين عدم قدرة الفكر العقلاني على إقناع المتلقي في مجال الخطاب الديني؟ الفكر العقلانيّ يبقى مسقطا على الذّات المتديّنة إذا لم تقم هي نفسها بعمل طويل النّفس على معتقداتها ومصادر تأثّمها. يجب أن لا ننسى أنّ الدّين متغلغل في الشّعور وفي اللاّشعور أيضا، وله ارتباط بالعلاقة الأوديبيّة وبالأب. والحجج العقليّة لا نفع فيها إزاء اللاّشعور، وخاصّة إزاء قوّة الأنا الأعلى عندما تكون قاسية. حسب تجربتي في التّحليل النّفسيّ، يمكن للمرأة المتحجّبة التي خاضت هذه التّجربة أن تكتشف تدريجيّا أنّ الذي أمرها بالتحجّب ليس شخصيّة ملائكيّة رأتها في الحلم، بل الأنا الأعلى المؤثّم، فتنتقل هكذا تدريجيّا من الصّراع الدّينيّ بين صوت الشّيطان داخلها وصوت إلهيّ خارجها إلى صراعها الدّاخليّ بين رغبتها في أن تكون امرأة تبرز أنوثتها وبين أنا أعلى صارم. من غير المفيد أن تقول لها إنّ الحجاب غير ضروريّ أو مكبّل لها، بل بالعكس هذا الكلام قد يزيدها مقاومة وتمسّكا بأعراضها. لا بدّ من صبر، ومن مساهمة في بناء نماذج حرّيّة. هذا لا يلغي أهمّيّة الحجاج الفكريّ، ولكنّه يجعله ثانويّا، ويجعله مرتبطا بمدى قدرة المخاطب على الإنصات إلى نفسه ومراجعتها. شكري المبخوت (أستاذ جامعي) بحسب تجربتك في « الأوان »، ما هي إمكانية نجاح موقع تنويري عقلاني مثل « الأوان » في تونس، ما دامت هيئة الموقع في أغلبها من التونسيين وما دام أهم ما يكتب فيها بأقلام تونسية؟ حسب إحصائيّاتنا في موقع الأوان هناك مئات من التّونسيّين يزورونه يوميّا. لكنّ أعلى نسبة من الزّوّار تعود إلى مصر والسّعوديّة، ممّا يعني أنّه ليس موقعا تونسيّا. هذا العدد ليس كافيا في المطلق، لكنّه كاف لكي نواصل العمل. مع ذلك فإنّ النّجاح لا يقاس بالكمّ فحسب. يكفي أن يخلق هذا الموقع فضاء لتبادل الرّؤى، وأن يمكّن بعض الشّبّان من الاطّلاع على أصوات لا يسمعونها في المنابر السّائدة.  ألفة يوسف (أستاذة جامعية ومديرة المكتبة الوطنية) ماهي الحدود التي يمكن أن ينتهي إليها منهج التفكيك في تعامله مع نصوص التراث؟ ما يمكن أن يفضي إليه التّفكيك هو اختيار ما نرث، وترك ما لا نريد أن نرث، وتغيير منطق الانتماء بحيث أنّ الموروث ينتمي إلينا ولا ننتمي إليه. إذا كان التّفكيك بحثا في الممكنات التي أقصيت لكي يتمّ بناء منظومة قائمة على السّلطة، فإنّ التّفكيك قد يكون اختيارا للإرث الذي تمّ إقصاؤه، لا للإرث الذي تمّ إرساؤه، لمصلحة ما، كما يقول درّيدا. لكنّ التفكيك فعل لا حدود له لأنّه متحرّر من افتراض وجود نواة إيمانيّة مقدّسة لا يمكن المساس بها، وهناك فارق بينه وبين التّأويل الذي يفضي إلى دائرة هرمنوطيقيّة : ننطلق من الإيمانيّات لنعود إليها.   آمال قرامي (أستاذة جامعية) يعاب على رجاء بن سلامة تمركزها حول ذاتها ورفضها الانخراط في مشاريع بحثية جماعية أو ثنائية تونسية توضح مدى التزامها بالعمل المشترك وإيمانها بتكوين شبكات تضامنية من أجل النضال الفكري. بما تفسرين هذا الموقف؟ أقيم منذ أربع سنوات بالقاهرة، بعيدا عن الجامعة، إضافة إلى أنّني اخترت منذ 9 سنوات على الأقلّ طريق التّحليل النّفسيّ، وهو مسار خاصّ يشترط القيام بتحليل نفسيّ طويل، وبتكوين نظريّ وإكلنيكيّ أخذ منّي سنوات طويلة، وما زال متواصلا. مع ذلك فإنّي لم أقطع صلتي ببعض الجمعيّات النضاليّة. لكنّ العمر قصير، ولا يمكن أن أقبل كلّ دعوات العمل المشترك لضيق الوقت وبعد المسافات لا غير. كمال عمران (أستاذ جامعي ومدير إذاعة « الزيتونة للقران الكريم ») قال أحد الباحثين العرب من النصف الثاني من القرن التاسع عشر أن « التقدم في نظر مفكري الإسلام لا يكون إلا نحو الأسوأ »… إلى أي حد يمكن القول أن مفكري بداية القرن الواحد والعشرين العرب يرون أن التقدم لا يكون إلا نحو الأفضل؟ حصلت نقلة ناتجة عن الحداثة في تصوّر الزّمن. القيامة والآخرة لم تعودا حاضرتين حضورهما في التّفكير التّيولوجيّ القديم. أصبح الفردوس والجحيم أرضيّين بالأساس، ونهاية العالم كذلك. لا أعتقد أنّ التّقدّم يسير في اتّجاه واحد بلا نكسات. تعجبني صورة الأفق الذي نتّجه إليه دون الوصول إليه، وقد سبق أن ذكرتها. لكنّنا مع ذلك لا يمكن إلاّ أن نؤمن بالتّقدّم، لأنّ اليأس موقف غير أخلاقيّ. الإنسانيّة حقّقت تقدّما في مجال الصّحّة والأمل في الحياة، وحقّقت تقدّما في مجال حقوق الإنسان، فأبطلت الرّقّ مثلا، وهو مكسب هامّ. في المقابل يتواصل تدمير البيئة، وتظهر أشكال جديدة من الرّقّ، وهذا ما يعني أنّ التّقدّم مسار معقّد يتطلّب إيمانا أقلّ سذاجة من إيمان عصر الأنوار، وإن كانت الأنوار وعدا نتمسّك به بعين ناقدة.  (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) بتاريخ 29 نوفمبر 2009 )

مهات بزنس الوطنية » : « الأمومة » قد تصبح مصدرا للخجل!!؟


« أشعر بإحراج شديد كلّما ذكرتُ بأني أمّ »!؟ قالتها ببرود يثير الأعاصير في سامعها!! « الأمومة أجمل آيات الوجود.. الأمومة أنبل شعور عرفَــته منذ بدء الخليقة الكائنات الممزقة بين غرائزها العدوانية وحساسيتها المرهفة لكل ما هو جميل.. الأمومة أعظم أسرار الوجود ودفق العطف والحنان والمحبة اللاّمتناهي مداده.. الأمومة معنى الحياة وروحها التي دونها العدم.. الأمومة رياحين ونسيم عليل يتسلل في ثنايا لفح هموم الحياة وقسوتها.. ومع ذلك.. واحتراما لذكرى والدتي الأغلى عليّ من روحي، ولنفسي كأمّ، ولأبنائي الذين أفنيت حبّا زهرة شبابي في تنشئتهم حتى أصبحوا نخلا باسقا.. احتراما منّي لكلّ أمّ جديرة بحمل هذه الصفة السامية النبيلة، يحرجني أن أعلن نفسي أمّـا!؟ يسيئني أن أقدّم نفسي كذلك.. طالما ظلت « أمّهات بزنس الوطنية » فلكلورا جمعويّا مبتذلا ومصدر ارتزاق مخز، وخبزا مصنوعا من طحين المذلّـة تقتات منه الحثالات والعقارب وجماعات احتراف العهر السياسي »!!؟ وأدرك الدّومري الصباح، فأطفأ المصباح، وأمسك عن الكلام المباح… زياد الهاني * الدّومري : موقد القناديل التقليدية في أزقة المدن العتيقة

في الحساسيات المغاربية – المصرية: محاولة للفهم بمناسبة المواجهة الكروية (2-2)


طارق الكحلاوي 2009-11-29 أصبح الصراع المصري الجزائري مسألة شخصية في الأسابيع الأخيرة. طرح علي أحد الجزائريين « تحدياً » يتمثل في احتمال « إقناع أي مصري باتباع الحق وليس العصبية ». بدا لي ذلك أمراً مغلوطاً. ليس من جهة التعميم التبسيطي فحسب أو الطهرانية الضمنية لكل ما هو جزائري. كان الخلل الأساسي هو التقسيم التبسيطي بين ما هو « مصري » وما هو « جزائري ». اسم عائلتي « الكحلاوي » فحسب كافٍ لخلخلة هذا التقسيم التبسيطي، حيث للعائلة فروع مغاربية من تونس إلى المغرب مروراً طبعاً بالجزائر، وعائلة « الكحلاوي » المصرية أيضاً لا تحتاج التعريف، وهذا ليس أمراً استثنائياً إذ هي كثيرة العائلات والعشائر التي تتقاسم هذه « الأوطان » الملتبسة بخصائص « ما فوق قُطرية » تتركز في المفهوم الثقافي (وليس العرقي بكل تأكيد) المتمثل في الهوية العربية. إزاء هذه الانسيابية المتيسرة عبر التاريخ والجغرافيا تصبح هذه الهويات الجوهرانية (« مصري »، « جزائري »، « تونسي »…) الممتدة افتراضاً آلاف السنين تصورات وليست هويات مصفاة. كيف يمكن لـ »مصري » من قبائل بني سليم أن يكون أقرب للحضارة الفرعونية مثلاً من أمازيغي من شمال إفريقيا، يشترك مع الأخيرة في الأصل « الحاميّ » اللغوي؟ هل يكفي التواجد على أرض مصر أو الجزائر حتى نتحدث عن « أصل » و »انتساب » يخترق التاريخ بعيداً عن الثقافة؟ ثم هل من الصعب أن لا نرى البعد المسيّس خلف سرد الهوية هذا والذي من الصعب ألا نراه كأحد أركان الزاوية لـ »الدولة-الأمة » (« الأمة » بمعناها القُطري) المولودة إثر الكولونيالية؟ ومن ثم ركن الزاوية في الدولة التسلطية المؤسسة على فوضى المؤسسات؟ قبل وفاته حاجج الرئيس الراحل السادات في خطاب شهير أمام مجلس الشعب المصري إثر القطيعة مع النظام العربي الرسمي بأن « هؤلاء (بقية العرب) ينسبوننا (أي مصر) إليهم.. لكن لا! هم ينتسبون إلى مصر »، ليواصل السادات بنبرته المميزة والملأى بدراما مصطنعة وسط تصفيق حار من النواب الذين وصلوا إلى هناك عبر انتخابات « نزيهة » تماماً: « ألم تكن هاجر أم سيدنا إسماعيل أبي العرب مصرية؟ ». لم يكن الرئيس المصري الراحل وحده من يستسهل، عبر « حجج » مفحِمة وخارقة من هذا النوع، صناعةَ وتركيب وإعادة تركيب « الهوية الوطنية » في المرحلة ما بعد الكولونيالية مصرياً أو عربياً. كانت تلك ممارسة منتظمة ومؤسساتية. لكن من غير الممكن تجاهل عمق وتأثير هذا التصور. كنت حاججت في مقال بالإنجليزية (The Politics of Soccer: The Algerian-Egyptian Confrontation) قبل مباراة الخرطوم بأنه إلى جانب الظرف السياسي الراهن (وضع ما قبل التوريث) والشحن الإعلامي والتنافس الرياضي التقليدي فإن الأزمة الراهنة كشفت أمراً أساسياً يمس شعور قطاعات غير هيّنة من الجمهور من الجانبين. وأعتقد أن ما حدث بعد مقابلة الخرطوم يؤكد ذلك ولا ينفيه. ما أقترحه هو أن ننظر بجدية أكثر إلى تأثير عشرات السنين من « الإيديولوجيا الوطنية » (بمعناها القُطري) على مخيلات وتصورات شعوب المنطقة كأحد الأسباب التي يمكن أن نفهم منها الأزمة الراهنة، وهذا يعني ضرورة التخلص من الخطاب الخشبي الذي يمكن أن يبدر من قبل بعض الفصائل العروبية والذي يستسهل نفي تأثير ودور الخطاب « الوطني » بما هو في تنافس مع « القومي » وليس مكملاً له ضرورة. إحدى أشهر الجمل « الوطنية » المصرية هي مقولة مصطفى كامل: « إذا لم أكن مصرياً لوددت أن أكون مصرياً ». طفت هذه الجملة، وليس ذلك مجرد مصادفة، في الأسابيع الأخيرة في المنابر المصرية. وهنا نحن إزاء وضع معقد، إذ كان التصريح بكل إمكانات التعصب والنرجسية المضمنة فيه تصريحاً ضرورياً ومصرُ تحت استعمارٍ يشكّك المصريين في حيازتهم على هوية مستقلة تقوّض الأساس التاريخي والثقافي للوجود الأجنبي البريطاني. وهو نفس الشعور « الوطني » المؤسس على رد الفعل المستهدِف لرفع الثقة أو استرجاعها الذي ميز كل نماذج الخطاب « الوطني » زمنَ الاحتلال على المدى العربي. وربما من المهم بالنسبة للكثير من المصريين أن يعرفوا أن تعريف مصر من خلال « ماضٍ فرعوني » تم تحديداً برعاية فرنسية وليس قبل بداية القرن العشرين في سياق ترسيخ الثقة بماضٍ « عظيم ». لكن خطاب « الأمة المصرية »، و »الأمة الجزائرية »، و »الأمة التونسية »، في ظل ظروف قهرية من ذلك النوع هو غير نفس الخطاب في ظروف « الدولة الوطنية »، إذ مع الأخيرة يصبح إعادة إنتاج تصريح مصطفى كامل نوعاً من التغطية على مسيرة معقدة من النجاحات والإخفاقات ومن حالة نرى فيها قطاعات مهمة من الشباب العربي ترغب في الهجرة حتى في أحلك الظروف والانتساب إلى مجموعات سكانية وثقافية أخرى غير عربية. غير أنه سيكون من التضليل أن ندّعي أن « الإيديولوجيا الوطنية » بدأت تحديداً منذ عهد الاستقلالات، إذ يمكن أن نرى لها جذوراً حتى في عمق المرحلة الكلاسيكية العربية الإسلامية. يمكن استحضار أمثلة عديدة لكن سأقتصر عند إصرار بن خلدون « المغاربي » (ثقافة وجغرافيا وانتسابا) على التمسك بلباسه وخطه « المغربيين » وهو ما كان أحد مصادر تذمر نخبة القاهرة الدينية والحساسيات الناشئة بينهما. وعموماً لا يمكن لأحد أن يدّعي أن جغرافيات « الدولة الوطنية » في شمال إفريقيا (من مصر إلى المغرب) هي تعبير عن جغراسياسية مصطنعة من ألفها إلى يائها منذ الفترة الاستعمارية. وهذا ما يحتاج وحده تفصيلاً خاصة إزاء خطاب قومي مشرقي لا يدرك خصوصيات الجناح المغاربي-المصري ويسقط عليه المقولة التبسيطية « التجزئة صنيعة الاستعمار ». ملخص الأمر أن « الدولة الوطنية » شوهت « الهوية الوطنية » وسوغتها لخطابها التسلطي الذي يحشر جموع الرعايا خلف الحاكم لكنها لم تختلقها من فراغ. وفي الأسابيع الأخيرة بسبب القصور الإعلامي الجزائري واتساع المنظومة الإعلامية المصرية كان على الجمهور العربي المخترق لحدود « الدولة الوطنية » عبر الساتلايت الاطلاع على المباشر وبشكل مكثف على النسخة الأكثر قبحا وتعصبا للتسويق التسلطي للخطاب « الوطني » في الحالة المصرية. وبعد أسبوع من الردح الإعلامي الذي تجاوز كل الخطوط الأخلاقية الممكنة وتبعاً لأي معيار ممكن يمكن لنا أن نستنتج ما يلي: أولاً، بدا من الواضح أنه بقدر ما هناك « عظمة » إعلامية مصرية من حيث الكم في أقل الأحوال فإن « الدولة الوطنية » المصرية وبالتحديد النظام التسلطي الذي قاد بشكل مباشر الحملة الإعلامية التعصبية (عبر رموزه أحيانا مثل الوريث المحتمل جمال مبارك و »شباب الحزب الوطني ») غير قادر على ترجمة أي من تهديداته بـ »القصاص ». ليس لضعف الحجج المصرية والتي لم يقدم عليها باعتراف صحف مصرية مستقلة ونزيهة أي دليل « مرئي » (فيديو أو غيره) برغم اتساع الآلة الإعلامية المصرية، بل بسبب محدودية وسائل النظام التسلطي والذي يبدو أنه في بعض لحظات الردح الإعلامي صدّق نفسه أكثر من اللازم. وكان على رؤساء الفضائيات المصرية الخاصة أن يقوموا آخر الأسبوع بالأمر الوحيد المتبقي لفضائياتهم أن تقوم به، تحميل مسؤولية الانحدار لمقدمي البرامج الإعلامية المصرية واتهامهم بالمبالغة. ثانياً، بعيداً عن الخطاب الإعلامي السائد في الجانبين شاهدنا في الفضاء الإعلامي المصري والفضاء الافتراضي عموماً أصواتاً أكثر استقلالية. هناك عشرات المجموعات في شبكة « فيس بوك » اشترك فيها آلاف الجزائريين والمصريين تحت عناوين « المصالحة ». كانت مناسبة العيد فرصة أخرى للمعايدة التي يقال إنها تمت على الهواتف بين مواطنين مصريين وآخرين جزائريين. وهذا دلالة في ذات الوقت على نبض شعبي مستقل عن الخطاب السلطوي وعلى استمرار الشعور بالهوية « ما فوق القُطرية » رغم قوة « الإيديولوجيا الوطنية ». ثالثاً: رغم استمرار النبض « ما فوق القُطري » والعربي أساساً فإنه من غير الممكن أن لا نرى في هذه الأزمة أولاً وأخيراً تعبيراً عن إخفاق « الدولة الوطنية ». إخفاق في طموحاتها وفي نوع المعارك التي تنحشر فيها وتحشر فيها خلفها جموع الرعايا. وإخفاق في تركيبتها بما هي تركيبة غير مستقرة وغير مرتاحة شكلاً ومضموناً. تبدو عصبيتها كاريكاتورية على الرغم من واقعيتها. كاريكاتورية لأنها تصرفت مع « معركة المونديال » بجدية تضاهي التصرف مع معارك التنمية والتحرير ورفع الأمية. وتساوت في ذلك نخب الأنظمة التسلطية وجموع الرعايا « المقهورين » و »الفنانين » و »المثقفين » و »المحامين ». ولم يعد من المبالغة بعد ما شاهدناه ورأيناه وضع كل هذه الفئات بين ظفرين. إذ أصبح المشهد تقريباً سوريالياً ويحتاج إلى إثبات.   tkahlaoui@gmail.com (المصدر: جريدة العرب (يومية – قطر) بتاريخ 29 نوفمبر 2009 )

هل نبقى دائماً عرضة للاستغباء؟


– بقلم كلوفيس مقصود أحياناً لا أدري كيف تنظر الإدارات الأميركية المتلاحقة الى النزاع العربي – الاسرائيلي؟ لا اعني بهذا السؤال اننا لا نعرف مدى التحيز الاميركي لاسرائيل ومدى قدرة اللوبي الاسرائيلي على انتزاع اكثرية حاسمة من اعضاء مجلسي الشيوخ والنواب لردع اي توجه من البيت الابيض ووزارة الخارجية عن رسم سياسة موضوعية تمكن الولايات المتحدة من السعي الى ما يوصف بـ »الحل الشامل ». وهذا بدوره يفسر ان صياغة سياسية خارجية واضحة وناجعة وقادرة اميركية تفترض مسبقاً ان اي توجه من هذا النوع يجب ان يأخذ الحسابات الانتخابية كل عامين للكونغرس وللرئاسة كل اربع سنوات. وهذا يعني ان فرص استيعاب مقومات الصراع العربي – الاسرائيلي على المستوى العملي، لا ترقى الى مستوى تأمين حقوق عربية، وبالاخص حقوق الشعب الفلسطيني، حتى المعترف بها دولياً. وهذا يفسر ان اسرائيل منذ قيامها لا تجيز للادارات الاميركية ان يكون لها دور اساسي في مراحل ايجاد حلول تقبل بها اسرائيل وتسعى الى ان تسلم بها الدول العربية والشعب الفلسطيني في نهاية الامر. • • • صحيح ان هذا يشكل خلفية اجازة اسرائيل للولايات المتحدة الاستئثار بامساك مفاصل « مسيرات السلام » وخريطة الطريق وغيرها من المؤتمرات والمحاولات لايجاد الحلول التي ترضى عنها اسرائيل او اتاحة الفرص كي تشتري المزيد من الوقت وتحقق في اثنائه المزيد من العدد الاستيطاني غير عابئة بالقرارات الدولية وأحكام محكمة العدل الدولية، متوقعة من الولايات المتحدة استعمال حق النقض سلفاً اذا حصلت ادانة او محاولة اخضاع اسرائيل للقرارات التي تمت المساومة عليها من خلال تمييع بنودها، كي تتمكن الولايات المتحدة من الامتناع عن استعمال حق النقض بغية عدم استفزاز الدول العربية. ولعل آخر دليل على هذا النهج هو التجاوب الاميركي مع المطلب الاسرائيلي بعدم احالة ملف تقرير غولدستون على مجلس الامن. من المسلم به ان هذا النمط الاميركي في تداول قضايا مصيرية عربية، في طليعتها القضية الفلسطينية صار معروفاً، ولكن يجب في شكل قاطع الا نسلّم به، بل ان نستعيد المبادرة في عملية التفنيد المتواصل لا للتشويه المستمر للحقائق والتلاعب بالمصطلحات اللذين تقوم بهما اسرائيل وانصارها، بل ايضاً الايصال الى المجتمع الدولي، وعلى الاخص الادارة الاميركية برئاسة باراك اوباما ان الاستماع الى الرواية الفلسطينية بخاصة والعربية بعامة اسلم واقوى وافعل واشرف واكثر وحدة وتماسكاً من الخريطة الجغراسية الراهنة التي لا تبدو مستنفرة في شكل كاف لتوضيح حقائق ساهم في تمييعها الكثير من السلوك العام للنظام العربي السائد، والذي أوحى استعداداً لدى هذا النظام العام للرضوخ للحلول المبتورة والقبول بحقوق منقوصة، وكذلك السقوط في مصائد خانقة من حيث قيودها على التعبئة وسلامة الالتزام، بذريعة الواقعية لكون النظام سلم بأن ما دامت اسرائيل لا تقبل سوى مداخلة الولايات المتحدة، فإن الواقعية تفرض الامتثال لما أملته اسرائيل مما ينتج المعادلة التي افرزت سياسات التطبيع، ومن ثم مكنت الولايات المتحدة من أن تطالب بالجزئيات… ومقابل ماذا؟ ان يبدي العرب استعدادات تطبيعية، كفتح مكاتب في العواصم العربية، والسماح للطائرات الاسرائيلية المدنية بالتحليق في سماء الدول العربية، اضافة الى ان علينا التسليم بأن ما يقوله نتنياهو عن استعداده لتجميد بناء المستوطنات عشرة أشهر هو موقف مشجع، وان نقبل كما قالت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون بأن هذه سابقة لم تقم بها أي حكومة سابقة، بمعنى ان على السلطة الوطنية أن تنهي المقاطعة وتعاود المفاوضات. صحيح ان السلطة الفلسطينية اشترطت تجميداً فورياً للاستيطان، لكن عليها ألا تقبل بـ »التجميد »، بل يجب أن تطالب بوضوح بتفكيك المستوطنات، لأن عملية الاستيطان دليل قاطع على ان اسرائيل تتعامل مع الاراضي المحتلة وكأنها مالكتها. ولا أدري لماذا لا يسأل العرب بمن فيهم الفلسطينيون لماذا لا تنتزع الادارة الاميركية من اسرائيل اعترافاً بأنها في الاراضي المحتلة هي محتلة، لئلا يبقى الغموض القانوني الذي يجعل « التفاوض » عملاً من العبث؟ أما الأنكى فيكمن أولاً في وصف نتنياهو تجميد الاستيطان عشرة اشهر مع حق استمرار بناء المدارس والحدائق والمعابد في المستوطنات بأنه كان قراراً « صعباً » و »أليماً » لأن هذا « التنازل » كان بمثابة محاولة « إرضاء » للرئيس أوباما! كان على الرد العربي – وخاصة الفلسطيني أن يكون حاسماً بأن التنازل يكون عما تملك لا عما تحتل… الا ان اسرائيل – والى حد أقل الادارة الاميركية تتجاوز رداً كهذا لأنه لم يحصل! والاكثر استفزازاً ان وقف الاستيطان الموقت في نظر حكومة نتنياهو لا ينطبق على تكثيف التهويد من خلال الامعان في الاستيطان، وكأن اسرائيل حسمت الموضوع، وان القدس – قدسنا، قدس النصارى ومسلمي العرب والعالم – اخرجتها اسرائيل من التداول، تعبيراً  عن غرور متأصل في المشروع الصهيوني يعبر عنه بعفوية استفزازية نتنياهو. ان اعلان اخراج القدس من التفاوض وتأكيد ضمها عاصمة « أبدية » يستوجبان اجراء فورياً لتعبئة جادة واستنفار كل القيادات الروحية عالميا لئلا تصبح هذه الصفاقة العدوانية نمطاً قائماً، ولعله حان الوقت للجنة القدس بقيادة العاهل المغربي لتتخذ فورا الاجراءات اللازمة من أجل التصدي لهذا الاجراء الذي لا يمكن السكوت عنه. هذا قليل من كثير، واذا لم نسرع في توحيد الصف الفلسطيني، ليستعيد العرب التنسيق الملزم في ما بينهم، واذا لم يتخذوا الاجراءات العقابية لهذا الصلف الاسرائيلي، واذا لم تستعد منظمة التحرير شرعية تمثيلها كل شرائح الشعب الفلسطيني… عندئذ ستبقى عملية الاملاء بدون ردع والاستغباء بدون رد قاطع. (المصدر: جريدة النهار  بتاريخ 29 نوفمبر 2009 )  

نهضة الغرب على أكتاف العرب


نقولا طعمة-بيروت يواصل الباحث اللبناني الدكتور يوسف مروة منذ الخمسينيات أبحاثه في أثر الحضارة العربية على العلم الغربي، وقد وضع العديد من الأبحاث التي تعنى بهذا الشأن رغم أنه تخصص في الفيزياء النووية. وبعد تقاعده منتصف التسعينيات، واظب مروة على عمله الاستشاري في نطاق الفيزياء النووية، لكنّه ركّز عمله على الأبحاث الفكرية والثقافية والعلمية المتعلقة بالحضارة العربية في الأبعاد المهملة من العلم والتراث الحضاري العربي. ويشرح مروة نظرته للجزيرة نت بقوله « لاحظنا على مدى زمني طويل أن الشباب العربي الذي يهاجر إلى بلاد الاغتراب يصاب بما يمكن تسميته بالصدمة الحضارية، فالشباب يعتبرون أنفسهم قادمين من بلاد متخلفة، ويشاهدون التطورات في بلاد الغرب فينبهرون ويصابون بنوع من الصدمة. وغايتنا في الأبحاث التي نجريها أن نثبت ذلك لرفع معنوياته وثقته بنفسه بأنه قادر على التقدم والتطور ». أدلة قاطعة وعرض مروة لبعض الأدلة التي تشير إلى تأثير الحضارة والعلوم العربية على الغرب أولها -بحسب رأيه- أن الأرقام التي تستخدم في غالبية لغات العالم هي أرقام عربية ومعترف بها على هذا الأساس. يضاف إلى ذلك -يقول مروة- أنه لا توجد لغة في أوروبا إلاّ وفيها آلاف الكلمات العربية، ففي الفرنسية 3100 كلمة، والإنجليزية 2800 كلمة، والألمانية 3000 كلمة أو أكثر. أما الدليل الثالث فموجود في كتب الفلك باللغات المختلفة التي تضم 120 اسما لنجوم مصدرها عربي، ونحو 90 اسما للمجموعات النجمية. ويختتم مروة تأكيده على فضل العرب على الغرب بالإشارة إلى أن أكبر علماء النهضة الأوروبية انتحلوا ما قام به العلماء العرب، وهذا مثبت في ما لا يقل عن 120 مرجعا غربيَّ المصدر. سرقات علمية فمؤرخو العلوم في القرنين التاسع عشر والعشرين، شكلوا لجنة خاصة أسموها « لجنة العلوم العربية » وعملوا على كشف السرقات العلمية التي حدثت، مثل كوبرنيكوس والنظام الشمسي، حيث نجد أنه أخذه عن البغدادي والبيروني والمهاني، وقد عثروا في مكتبته على مخطوطات عربية لا تزال محفوظة حتى الآن. كما أن بصريات ديكارت -الذي وضع انعكاس النور وانكساره– مأخوذة عن ابن الهيثم، حيث وجدوا عند ديكارت مخطوطات عن ذلك. وينسحب الحال نفسه على إسحق نيوتن الذي يعتبر من أكبر علماء الفيزياء والرياضيات في الغرب خلال القرنين الماضيين حيث تبين أن نظريته « ثنائية الحد » Binomial Theory مأخوذة عن العالم العربي الكاشي الذي عاش قبله بـ340 سنة. قبل أرخميدس وأفاد مروة بأنه -من خلال دراسته الشخصية في هذا المجال- اكتشف أن أقدم عالم رياضيات في تاريخ الرياضيات امرأة من صور هي « ديدون » التي أسست قرطاج، وكانت موجودة سنة 815 ق.م. أي قبل أرخميدس وسواه. ويضيف مروة أن هذه المرأة « كانت على علم واسع وتعرف المحيطات والأشكال الهندسية ومساحاتها، وهي اختارت الدائرة كأوسع مساحة من أي شكل آخر لديه ذات المحيط كالمستطيل والمربع ومثلث المتساوي الأضلاع، مما يدل على نبوغها في ذلك العصر ». وتابع أنه « في وقتنا الحاضر لا يوجد مختبر أو مركز بحث ودراسات إلا وفيها عدة أدمغة من أصل لبناني أو سوري أو مصري أو فلسطيني ». يذكر أن مروة واحد من أهم المتخصصين في الفيزياء النووية وعمل في أكبر محطة نووية في العالم وهي محطة بيكرينغ الكندية. بيد أن اختصاصه العلمي لم يمنعه عن متابعة التراث العلمي العربي حيث وضع العديد من الكتب منها « تاريخ نشوء الأرقام العربية » سنة 1956، و »الأثر العربي في العلم الحديث » سنة 1967، و »المآثر العربية في الحضارة الغربية » سنة 1971، وثلاثة مؤلفات عن أخطار التقدم العلمي والتخطيط الصناعي والأبحاث الذرية الإسرائيلية، وذلك عامي 1968 و1969. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 24 نوفمبر 2009)

 

Home – Accueil الرئيسية

 

 

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.