الأحد، 29 أبريل 2007

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2532 du 29.04.2007
 archives : www.tunisnews.net


على العريض للموقف مجلة الأحوال الشخصية اجتهاد في إطار الفقه الإسلامي عبد اللطيف التليلي: لايغوينكم الشيطان  عبدالحميد العدّاسي: كلمة إلى الأخ الهاشمي الحامدي جمال دلالي : لا صمت بعد اليوم (استجابة لدعوة د. الهاشمي) أبو أنيس: للمرة الثالثة: إلى أخي وحبيبي الهاشمي:الرجوع إلى الحق خير من الإستمرار في الباطل عبدالباقي خليفة: هل ستباع مطاراتنا وموانئنا وطرقنا للأجانب قريبا ؟لماذا نعارض ..  أبو أيمن : كيف السبيل للنهوض بالمدرسة التونسية بالدوحة ؟ الموقف: مزالي ينشر مذكراته-عندما تصاب الدولة بمرض باركنسون الموقف: خميس الخياطي في أول دراسة عن القنوات التونسية والعربية الصباح: قيادات في الـ«ح.د.ش» تمهّد لمرحلة «ما بعد بولحية» رويترز: تركيا..أردوغان والغرب يحذران الجيش سحر بعاصيري: أي رئيس إسلامي ؟ بشير عبدالفتاح : الاسلاميون في الانتخابات الرئاسية التركية وخطر وصول الصراع السياسي الى انقلاب عسكري


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows  (


العدد 403 من صحيفة « الموقف » (أسبوعية معارضة) بتاريخ 27 أفريل 2007 http://pdpinfo.org/PDF/403.pdf


 

أخبار الموقف
 
 موقع ناطق أصبح من الممكن التواصل مع موقع الحزب الديمقراطي التقدمي على شبكة الإنترنت بالصورة والصوت. وما انفك الموقع يتحسن ناقلا عدة أخبار ووثائق مكتوبة وصوتية عن الحياة الوطنية التونسية في جميع المجالات.   تعزية تنعى جامعة الحزب الديمقراطي التقدمي بصفاقس المناضل الصديق عبد الله الشابي الذي اختطفته يد المنون على إثر نوبة قلبية حادة يوم الإثنين 23 أفريل الجاري. وكان الفقيد من أهم رموز النضال الديمقراطي والتقدمي والقومي جهويا ووطنيا. وإذ نُعزي أنفسنا وعائلته فإننا نؤكد أن الجهة فقدت واحدا من أبرز الوجوه المتميزة بحضورها الدائم وحركيتها المستمرة. ولاشك أن مناضلي الديمقراطي التقدمي بالجهة فقدوا برحيله صديقا ونصيرا طيب المعشر يُحسن الإختلاف والحوار. مع العلم أن الفقيد عضو بمجلس النواب سابقا عن جهة صفاقس. وبهذه المناسبة الأليمة تتقدم الجامعة بأحر التعازي لرفاقه وكافة أصدقائه وتتمنى من الله عز وجل أن يسكن الفقيد فسيح جنانه ويرزق ذويه أجمل الصبر.   تعدي على القانون مازال الطالب وحيد براهمي الذي يدرس بأحد معاهد مدينة قفصة موقوفا خارج إطار القانون التحفظي، إذ لم يستجب الأمن لاستفسارات والده المُسن وتوسلاته لمعرفة مكان إيقافه وأسبابه، على رغم مرور أسابيع على ذلك الإعتقال الذي تم من دون سبب واضح. وكان براهمي معروفا بانتقاداته الشديدة للحزب الحاكم سواء على أعمدة « الموقف » أو في الساحة الطلابية، لكن كل ما لديه أفكار ومواقف يمكن أن تقارع بالحجة المقابلة… إن وُجدت.   أصابع الشر تعبث بموقع « الموقف » الألكتروني اخترق مجهولون يوم الثلثاء 24 أفريل الجاري موقع صحيفة « الموقف »، وقاموا بربط الموقع بموقع آخر يبدو انه يعود لشخص تركي، مما أدى إلى إتلاف قاعدة البيانات و بنك المعلومات بالكامل. وهذه ليست المرة الاولى التي يتم فيها اختراق موقع الحزب الديمقراطي التقدمي وصحيفة « الموقف »، مع العلم أن هذا الموقع هو من أهم البوابات التي يطلع من خلالها التونسيون على حقائق الأوضاع في بلادهم بعد حجب كل المواقع التونسية الأخرى المنتشرة في المنفى. ويعمل الإطار الفني للموقع على إعادة تشغيله من جديد ومعاودة بناء قاعدة البيانات وكشف من يقف خلف هذا العمل الاجرامي. والملاحظ أن فريق « تونس أونلاين نت » وهو أهم موقع تونسي في الخارج أعرب عن تضامنه الكامل مع « الموقف » مدينا بشدة « مثل هذه الأعمال التي لا هدف لها الا قتل الاصوات الصادقة و الجادة وحرمان الشعب التونسي من الاطلاع على حقائق الأمور من مصادر غير التي يسيطر عليها النظام الحاكم. قذيفة على سفارتنا في بغداد أفادت وكالة رويترز أن قذيفة مورتر سقطت على مبنى السفارة التونسية بغرب العاصمة العراقية بغداد مما تسبب في إصابة حارسين ولم ترد تقارير عن حجم الأضرار في مبنى السفارة. خمس سنوات لمحام سوري أصدرت محكمة الجنايات السورية يوم الثلاثاء 24 أفريل حكما بالسجن خمس سنوات على أنور البني المحامي البارز في مجال حقوق الانسان بعد عام من اعتقاله لتوقيعه على وثيقة تطالب باعادة النظر في العلاقات مع لبنان.   ونقلت المنظمة السورية لحقوق الانسان عن البني (48 عاما) قوله « ان وقوفي أمام المحكمة لم يكن لذنب ارتكبته وانما لاسكاتي عن فضح انتهاكات حقوق الانسان وهو ما لن اتخلى عنه. » مؤازرة للتقدّمي على اثر محاولة إخراج الحزب الديمقراطي التقدّمي من مقره المركزي، تلقّى الحزب وأسرة جريدة » الموقف » زيارة مساندة من الأخ حمّة الهمامي الناطق الرسمي باسم حزب العمّال الشيوعي التونسي. كما وجّه الأستاذ الجامعي والخبير الإقتصادي المعروف الدكتور عزّام محجوب رسالة تضامن مع الحزب والجريدة. وفي السياق ذاته أدّت الأستاذة راضية النصراوي رئيسة الجمعيّة التونسيّة لمناهضة التعذيب زيارة مؤازرة الى مقرّ الحزب. ندوة نظّمت الجمعيّة التونسية لمزروعي النخاع العظمي بالشراكة مع جمعيّات أخرى يوم الأربعاء 25 أفريل 2007، ندوة وطنيّة عنوانها:  » واقع وآفاق التطوّع في البلاد التونسيّة ». شارك فيها ممثّلون عن مكتب الأمم المتّحدة بتونس وعن الهلال الأحمر التونسي والمعهد العربي لحقوق الإنسان والكشّافة التونسيّة . انضمام انضمّ عضو هيئة تحرير »الموقف » الإعلامي والشاعر الشابّ إياد الدهماني إلى الحزب الديمقراطي التقدّمي، وهو خرّيج شعبة الفلسفة ويبلغ من العمر 29 عامًا ومقيم بفرنسا.   (المصدر: موقع الحزب الديمقراطي التقدمي نقلا عن صحيفة « الموقف » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 403 بتاريخ 27 أفريل 2007)

  

على العريض للموقف مجلة الأحوال الشخصية اجتهاد في إطار الفقه الإسلامي

 
محمد الحمروني   حظيت وثيقة 18 أكتوبر حول المرأة بنقاش واسع شمل محتواها وخلفيات أصحابها ومرجعيتها. وتوسع الجدل مؤخرا خاصة داخل التيار وبين أبناء التيار الإسلامي واخذ شكل المقالات والردود عليها. واستزادة في استيضاح مواقف حركة « النهضة » باعتبارها الحركة الممثلة للتيار الإسلامي داخل الهيئة وللتعرف على وجهة نظرها فيما طرح مؤخرا على منابر النقاش سواء في تونس او خارجها كان لنا هذا الحوار مع القيادي والناطق الرسمي السابق لحكة النهضة الأستاذ على العريض    يتساءل البعض لماذا دخلت هيئة 18 أكتوبر في مناقشة مسائل نظرية معلوم سلفا أنها خلافية؟   كما تعلمون فان الهيئة تشكلت منذ أكتوبر 2005، وحددت أهداف نضالها في ثلاث نقاط هي إطلاق المساجين والعفو التشريعي العام وحرية الإعلام وحرية التنظم. ويمكن إضافة هدف رابع هو إدارة حوار جاد ومسؤول بين كل الأطراف حول جملة من المسائل بغية تبديد شبهات وتخفيف ضغوط وتقوية عمل الهيئة ومزيد فتح الآفاق أمامه وصولا الى صياغة عهد ديمقراطي يرتقي بهذه التجربة على قدر رصيد عملها واتساع أرضيتها ونمو الثقة بين مكوناتها ووضوح بعضها لبعض. وأعلنت اغلب محاور النقاش في أكثر من بيان منذ أواخر 2005، ومنها موضوع حقوق المرأة والمساواة بينها وبين الرجل في الحقوق والواجبات. وخلال 2006 وزيادة على التحركات الميدانية والإعلامية الداخلية والخارجية التي تعلقت بالأهداف الثلاثة نظمت الهيئة محاضرات وندوات حول موضوع المساواة وتقدمت بعض أطرافها بورقات في الغرض كانت آخرها ندوات عقدت في ديسمبر 2006 وكل هذه الأعمال وقع تغطيتها إعلاميا ونشرت في عدد من وسائل الإعلام ومن بينها جريدة « الموقف »، وتوجت تلك المداولات كما هو مقرر ببيان مشترك في 8 مارس .    الم يكن أولى بهيئة 18 أكتوبر أن تبقى موحدة حول المطالب الثلاثة وان لا تدخل في جدال حول المسائل الخلافية؟   قد يبدو للوهلة الأولى أن هيئة بهذا التنوع كان أولى بها أن تبقى متّحدة حول المهام الثلاثة الأولى وتحذر الدخول في نقاشات فكرية قد تهدد وحدتها. ولم يكن هذا الأمر غائبا عنا، فالهيئة مدركة لاختلاف مشاربها الفكرية ولكنها، في الوقت نفسه وكما ذكرت سابقا، واعية بعدة ضغوط تفرض عليها الوضوح في بعض المسائل الجوهرية مثل الحفاظ على حقوق المرأة ودعمها ومثل الالتزام بالديمقراطية وحقوق الإنسان حتى يسهل العمل المشترك ويستمر وتتصدى الهيئة بذلك للضغوط والتشكيك فالوضوح المطلوب حاجة موضوعية وذاتية لتطوير عملها وتقوية أرضيته وهو هدف ووسيلة أيضا، وإذا استحال الاتفاق على عهد ديمقراطي نأمل أن يستمر اتحادها على المطالب الثلاثة.    الم يكن الأجدى البدء بقضايا عامة مثل قضية الهوية أو نظام الحكم قبل التطرق لموضوع المراة؟   الهيئة تجمّع سياسي له ظروفه وأولوياته وليس مركزا للدراسات والبحوث، والأجندات السياسية تختلف أحيانا عن صرامة المنهجية العلمية، لان السياسة تعالج واقعا حسب مكوناته واكراهاته وقد تطارحت الهيئة الخيارات ومالت إلى هذا الموضوع، وهي التزمت وملتزمة على قدر طاقتها بالنضال من اجل تلك المطالب الثلاثة رغم كل العراقيل والحوار خدم ويخدم تلك الأهداف.    لكن « الوثيقة » حول المرأة أثارت ردود فعل رافضة أو منتقدة لمرجعيته من أكثر من طرف؟   يقال عادة إن الاتفاقية المشتركة الناجحة هي تلك التي لا ترضي أي طرف من أطرافها بمعنى أنها لا تعبر عن كل طرف كما يريد فتلك وظيفة أدبياته وبياناته. إن جوهر ما في هذا البيان المشترك هو انه سجل جملة من المكاسب التي تحققت للمراة التونسية في مجال الأحوال الشخصية ومجال تعليم والشغل الخ. وسجل الهوة الموجودة بين القانون والواقع وأكد ارتهان كثير من الحقوق بإجراء إصلاحات سياسية حقيقة والتزم بالعمل على مزيد تعميق المكاسب وتنميتها باستمرار تحقيقا للمساواة بين المواطنين رجالا ونساء في الحقوق والواجبات وحدد كل ذلك في نقاط واضحة.وتبين من الورقات والندوات أن الاتفاق كان غالبا في مستوى النقاط العملية الخاصة بمجتمعنا، وذلك على الرغم من تعدد المرجعيات، وليس بالضرورة تناقضها.   هل يعني هذا الكلام أن الوثيقة لم تكن إلا محاولة لصياغة المشترك بين مكونات 18 أكتوبر إذن؟   هو ذاك، فنحن نخوض تجربتنا بكل ما يعترضها من صعوبات ذاتية وموضوعية، وتقديري أن الإصرار على حل الصراع العقائدي بين منظومات مختلفة، أو حتى داخل المنظومة الواحدة، طريق غير سالكة ولا مطلوبة وإنما التوجه يكون للبحث عما يوفر التعايش بينها بدل الاحتراب وهذا دور السياسة، فمهمتها تحييد الخلافات التي يستحيل حلها ويمنع إلغاؤها كما يقول برهان غليون  » فهي تستطيع وحدها بما تقدمه من فرص للتفاهم على قضايا وبرامج عملية تحييد الصراعات المذهبية الطبيعية… ». وما حاولناه هو أن نلتقي على نقاط عملية كما هو الغالب على البيان. هل كان بالإمكان أفضل في هذا الطور؟ ربما.. ولي ثقة فيمن لهم القدرة على التبصر بكل تجربة للنهل من مكاسبها وتطويرها، أما طرح مهام تعجيزية أو ضبط خطوط مستقيمة يجب إتباعها أو إشعال الصراعات الحزبية والعقائدية والتشكيك فلا تفيد غير تأبيد هذا الواقع ودعم المستفيدين من استمراره .    البعض احتج على ما بدا في الوثيقة انه تمجيد لمجلة الأحوال الشخصية وبدا هذا الاحتجاج أوضح داخل التيار الإسلامي؟   تحرير المرأة وتفعيل دورها يختلط فيه الشرعي بالعرفي في أذهان الناس في كل الحضارات. فرغم كل الدفع التحرري الذي حواه القران الكريم والسنة الشريفة فإن أحكام القبيلة والعرف انتصرت على روح التحرر الذي أطلقه القران الكريم والرسول صلى الله عليه وسلم بتشريك المرأة من أول أيامه في الشورى والبيعة والخروج إلى الجهاد وتأكيده احترامها وما سنه الله تعالى في الزواج والميراث وسائر الحقوق. وانا اتساءل هنا: أي وضع كانت ستكون عليه المراة، من حيث نمو شخصيتها ومكانتها، لو استمر سهم التحرير والتفعيل في اتجاهه السوي. المرأة كانت دائما « شأنا خاصا » بالرجل (حرمه وحريمه) ولأنها كذلك كان التدخل في هذا الموضوع عسيرا وبطيئا لاسيما والرجال هم المفاتيح، ولذلك تغلب الخضوع والإذعان بل زاد التنافس في الحجب وستر الحياة الخاصة للرجال، والمرأة معتبرة جزءا منها، وزيد في توسيع دائرة المحرمات تجاهها صوتها ووجهها الخ.   حاد الناس إذا عن قواعد الدين ومقاصده جهلا أو تحايلا فتحولت قوامة الرجل إلى مركب استعلاء وامتياز وإذلال ولم يراعوا رضا المراة في الزواج ولا حتى سنها أحيانا واستعمل حق تعدد الزوجات ورقة لامتهان الزوجة أو تهديدها به لترضخ وأسيء استعمال الطلاق بيد الزوج دون رقابة قضائية فاضطربت الأسرة وصارت رهينة غضبة أو مزاج وحرمت المرأة من نصيبها في الميراث ومازالت إلى اليوم محرومة منه في كثير من مدننا و بوادينا لان المجتمع يوجد دائما من الضغوط والثقافة لصالح الطرف الأقوى ما يجعل المراة تتخلى عن نصيبها قناعة و « اتقاء » لردود فعله وعجزا. وكما يقول عبد الوهاب بوحديبة  » إن ما أدرجه الإسلام لصالحها في القانون يبقى مقبولا شرعا لكن شتان ما بين القول والفعل. فالنظرية هنا … غالبا ليست سوى مظلة لراحة الضمير التي تدحضها الممارسة في كل آن ». لكل هذه الأسباب هبّ مصلحون في كل بلد إسلامي لإنقاذ المجتمع والأسرة والمرأة. هذا هو الإطار الذي ولدت فيه مجلة الأحوال الشخصية.    ولكنها اثارت انتقادات لم تنته موجهة إليها والى صاحبها بورقيبة؟   نعم وقد تتواصل تلك الانتقادات لفترة طويلة، وفي ضوء هذه العوامل ندرك صعوبة كل تغيير في هذا المجال وحساسية ردود الأفعال المنبعثة من الثقافة أو الدين أو المواقع المكتسبة من الرجال عبر التاريخ، فما بالك إذا جاء التغيير بإشراف وفرض من الوزير الأكبر بورقيبة المعروف بتعلقه بالغرب وحطّه من التراث العربي الإسلامي وربط المجلة به وحده خلافا للحقيقة. فالمجلة اعتمدت بدرجة أولى على لائحة الشيخ عبد العزيز جعيط التي أعدها سنة 1947 عندما كان وزيرا للعدل وشيخ الإسلام المالكي، وكان هذا تعبيرا عن الوعي المبكر للتونسيين بضرورة تنظيم مجال الأحوال الشخصية من جهة وتفاعلا مع حركة الإصلاح من جهة ثانية. وتعلمون أن ومن رواد هذه الحركة محمد عبده المعروف بآرائه في قضية المرأة وقاسم أمين الذي ألف كتاب « تحرير المرأة » وقال عنه الشيخ احمد الباقوري مدير جامعة الأزهر أنذلك  » أن هذا الكتاب المنسوب إلى قاسم أمين هو في الحقيقة آراء الإمام محمد عبده لم يستطع المجاهرة بها خوفا من علماء الأزهر فتطوع قاسم أمين وأصدرها باسمه فكان من أمره ما كان ». ولم يكن المجتمع التونسي بمعزل عن هذا التيار الإصلاحي فكان له رواده أيضا. ومع الاستقلال سارع بورقيبة وحكومته إلى تشكيل لجنة برئاسة الشيخ الفاضل بن عاشور، أول مفتي لتونس المستقلة، لصياغة مجلة جديدة فاعتمدت بدرجة أولى على لائحة الشيخ جعيط ونهلت من مجلات أخرى مصرية وسودانية وحتى إيرانية ومن القانون الفرنسي وغيره من المصادر.   فالمجلة إنتاج تونسي خالص لنخبة من العلماء ورواد النهضة والساسة. فهل من الموضوعية العلمية أن يستخف بجهود هؤلاء ومن سبقهم لمجرد تحفظات جزئية؟ وهل من الوفاء لجهود أسلافنا ومصالح مجتمعنا رفض هذه المجلة جملة لمجرد نسبتها لبورقيبة مهما كانت الخلافات معه؟ وما هي لبورقيبة وحده كما هو معلوم.   هل تريد أن تقول أن المجلة تندرج حسب رأيكم في إطار الاجتهاد الإسلامي؟   يجب أن أوضح أنني لست في موضع القضاء ولا الإفتاء هذا اولا. ثانيا يعلم الجميع ان الإخوة في حركة النهضة أعدوا منذ بداية الثمانينات جملة من الدراسات ونظموا عددا من الندوات حول هذه المجلة وخلصوا إلى أنها بصفة عامة لا تعد خارجة عن نسق اجتهادي داخل المدارس الفقهية عدا جزئيات قليلة فيها نظر. أما استغلال بورقيبة لهذه المجلة لدفع مشروع التحديث كما يراه وسعيه لإحداث جذبة فوقية لمختلف أركان المجتمع وبالخصوص الأسرة والمرأة ولو بجره جرا، واعتبار نفسه في موقع الأب الذي يعرف وحده ما يصلح لمجتمع قاصر برأيه، وفي هذا خطر ونظر كبيرين، فكل هذا معروف وفي تقييمه آراء مختلفة وغير قابلة للفصل بينها لغياب ظروف التقييم الموضوعي والعلمي الوفي للحقيقة والمستقل عن السياسة وعن التشنج والايدولوجيا. وإذا عم منطق الإخراج من الملة السياسية ومنطق الإخراج من الملة الدينية فليس لنا أن نبشر بمستقبل أفضل.

(المصدر: موقع الحزب الديمقراطي التقدمي نقلا عن صحيفة « الموقف » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 403 بتاريخ 27 أفريل 2007)


 بسم الله الرحمان الرحيم 
لايغوينكم الشيطان  

قال تعالى <<ولاتنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا ان الله مع الصابرين >> وقال تعالى <<واذكروا نعمة الله عليكم   اذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته اخوانا  وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم اياته لعلكم تعقلون >> وقال تعالى <<كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله >> وقال  تعالى << ولاتكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم >> وقال تعالى <<ولاتكونوا من المشركين الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون  >> وقال تعالى <<انما المؤمنون اخوة فأصلحوا بين أخويكم >> وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم << ان العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لايلق لها بالا  يرفعه الله بها درجات , وان العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لايلق لها بالا تهوي به في جهنم >> وقال صلى الله عليه وسلم <<من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت >> .                                                            

برزت هذه الأيام ظاهرة عمّت وطمت , نرى فيها العجب العجاب من غث وسمين , فهذا يشتم هذا وذاك يخون هذا  والآخر يستبيح عرضه ويرمه بالخيانة ……في أمر تختلف فيه الأفهام  وتختلف زوايا النظر اليه وتتفاوت فيه الآراء , اذ أنه مما لا يمكن أن يحدث حوله اجماع , فهو ليس من المعلوم من الد ين بالضرورة ولامما تواطئت عليه الأمة ولا ذهب اليه جمهـور العلماء علاوة على أن يجمعوا عليه وهو يخضع للنظر ويختلف باختلاف الزمان والمكان والقوة والضعف والآجتماع والتفرق , وفي تقديري أن الخوض فيه بهذا الشكل زلة يجب أن يجتنبها المسلم فالمسلم أخ المسلم لا يخذله ولا يظلمه ولا يسلمه  ولا أظن أن في تناول الموضوع بهذا الشكل المعيب مصلحة للمسلمين حيث سلت الأقلام لتحبر الصفحات كأنها سواد لف أخوتنا الناصعة ,وكان يجدر بنا ان لم يكن من الرد بد أن نعمد الى الحكمة في الرد بالتي هي أحسن ,اذ قال الله سبحانه وتعالى فيمن كفر به وأشرك <<ولاتسبوا الذين كفروا فيسبوا الله عدوا بغير علم >> وقال عن أهل الكتاب << ولاتجادلوا أهل الكتاب الا بالتي هي أحسن >> وقال سبحانه وتعالى في عموم الخلق <<وادفع بالتي أحسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم  وما يلقاها الا الذين صبروا وما يلقاها الا ذو حظ عظيم >> , فمفهوم الآيات السالفات أن المجادلة بالتي هي أحسن وتجنب السب , يفتح أبوابا للحوار ويمد جسور التواصل مما يفتح القلوب لتقبل الحق ,كما أن السب والشتم والنبز واللمز يقطع الطريق عن قبول الحق ويدفع للعناد والمكابرة .                                             

هذا في مبدا الحوار عامة مع المشرك والكافر والآية الأخيرة في فهمي تتناول المسلم أيضا , وقال تعالى في سورة الحجرات << يا أيها الذين امنوا اجتنبوا كثيرا من الظن  ان بعض الظن اثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله ان الله تواب رحيم >> وقال أيضا <<ياأيها الذين امنوا لا يسخر قوم من قوم  …>> وقال أيضا << انما المؤمنون اخوة فأصلحوا بين أخويكم >> … فمهما بلغ الاختلاف وتضاربت الآراء وتفاوتت الأفهام فليس ذلك مبررا للشحناء والتقاطع والتدابر .                                                                           

فالوحدة والأخوة كلية من كليات هذا الدين , وفريضة بها يعز المسلمون وبضدها يذلوا ويتفرقوا  لقوله تعالى <<ولا تفرقوا  فتفشلوا وتذهب ريحكم وكونوا عباد الله اخوانا >> ولقوله تعالى <<هو الذي أيد ك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم >> ,فجعل سبحانه وحدة المؤمنين وتآلفهم من نعمه سبحانه وتعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم وجعلها سنوا للتأييد بالنصر , فان كان الأمر بهذه الخطورة اذ أن الجماعة ووحدة الصف من أسس الدين و دعائمه الكبرى ووفيه عـزه و نصره فكيف نعمد الى نسف هذا الأساس من أجل أمر هو محل اجتهاد ونظر , واني لأرى تمكينا لمخططات أولآمال الظالمين في النيل من المسلمين وتفريق شملهم ذلك أن غاية سعيهم أن نتفرق ولا نتحد ونتقاطع ونتدابرفهذا يمكن منا ويجعلنا قطعانا يسهل الفتك بها  , واني لأدعو جميع الاخوة الى حفظ حق الأخوة فيما بيننا فان رابط الاسلام والايمان أولى بالرعاية والحفظ  وان مااختلفنا فيه أو حوله يجب أن يتسع خلقنا وصدورنا له , فلنختلف ولكن نحفظ وحدة الصف  واني لأذكر نفسي واخواني بآداب الحوار التي أهمها                        

1 –  التجرد للحق وقصد الآلتزام به متى تبين وأن ننطلق من قوله تعالى << انا واياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين >>  وفي هذا غاية التخلي عن التعصب لأمر أو رأي سابق وكمال اعلان الرغبة في نشدان الحقيقة حيث كانت , فهذه الآية في صدد توحيد الخالق أو الاشراك به وهما أمران متضادان على طرفي نقيض لا لقاء بينهــما  وهما يدوران حول أصل عظيم من أصول العقيدة كان من البديهي أن الهداية في أحدهما اذ هو الحق , وأن الضلال المبين هو الآخراذ هو الباطـل ,من أجل ذلك كانت عبارة اعلان التخلي عن التعصب لرأي سابق تتضمن الآعتراف بهذه الحقيقة .                                      

2 –تقيد كل من المختلفين بالقول الحسن البعيد عن كل طعن أو همز أو احتقار أو سخرية للآية السابقة << يا أيها الذين آمنوا لايسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم >>  , فالمسلم مطالب في مجادلته لاثبات الحق الذي يؤمن به ويدعو الناس اليه ويعمل على اقناعهم به اعتماد التي هي أحسن وليس فقط القول الحسن فالمبالغة في الحسن واختيار الأفضل هي سبيله  , فاذا كان من واجب المسلم وآدابه في مخالفته لخصوم دينه ومخالفي عقيد ته التمسك بالتي أحسن فهو مطالب بأكثر من ذلك مع اخوانه المسلمين وانه يحرم عليه مسلك السب و الشتم واللعن والسخرية والفحش والبذاء  وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم << ليس المسلم بالطعان ولا باللعان >>  والقرآن الكريم يزخر بالأمثلة الداعية لذلك والآمرة به  حتى مع أشد الناس لجاجة وأشدهم عذابا يوم القيامة << فقولا له قولا لينا …>>  .                                                         

  3  –  اظهار الود والشفقة <<  مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد ….>> أو هكذا قال صلى الله عليه وسلم  وقال تعالى <<وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن ان الشيطان ينزغ بينهم …>>  .                                

4  ـ حفظ كرامة المحاور وعدم التعرض للزلات والهفوات الشخصية فيما لايخص موضوع الحوار  .                       

5  – تحوير موضوع الحوار أو النزاع ولايتعدى الى غيره  ولا يتجاوزه فنضيع ويضيع القصد  .                             

6  – النزوع الى التجـرد في الطرح وعدم الشخصنة                                                                                    

7  – الانصاف في تقويم حجج المحاور وأدلته وآراءه  .                                                                                

8  – تحديد المرجعية التي يجب التحاكم اليها في حسم الخلاف ( كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم  والشرع في عمومه ) .                                                                                                

وأخيرا معرفة هل الأمر المختلف فيه مما يجوز الآختلاف فيه أو لايجوز, فان كان الآختلاف فيه معتبرا و للمخالف نصيبه من النظر ,فآعتماد قاعدة ( عدم الانكار على المخالف فيما يصوغ فيه الاختلاف )  .                                             

 أما ما يطرح اليوم حول دعوة المصالحة فاني أتساءل ان كانت هذه الدعوة حقيقة واقعية  أم هي أمر افتراضي ليس له في الحقيقة من وجود                                                              

أما المصالحة كمبدا في الخصومات فلا يختلف حوله اثنان ولا يتناطح فيه عنزان ذلك أن ( والصلح خير )  و(  وان جنحوا للسلم فاجنح لها )  وهي أمنية الطيبين من أبناء أرضنا رأفة بالمعذبين والمحرومين والمشردين وتوقا الى الوئام الاجتماعي والانفتاح السياسي والازدهار الاقتصادي والصلاح الخلقي والانعتاق الاعلامي وباختصار توقا الى العدالة والحرية والمساواة والكرامة والعزة لأرض الزيتونة الطيبة وشعبها المتجذر المسالم                                                       

ولا تكون المصالحة الا بين طرفين أو فئتين ينشدان الصلح بعد أن تيقنا المصلحة في ذلك وآل الأمر الى أهل العقل والتروي , على الا يكون ذلك على حساب المبادىء أو التفريط فيما لايجوز التفريط فيه أو اهدار حقوق أساسية خاصة فيما يتعدى حقوق ومصالح المتصالحين وانما مجالها الحقوق الشخصية والمصالح الغير متعد ية  .                                  

ومن خلال معرفة الجميع برأس السلطة المستبد والذي زوى على كرسي الحكم في لحظة ظلام كانت تلف البلاد والذي كان هو أخبث صانعيها فانهم أجمعوا على أنه امرىء سوء لا يقول الا عهرا ولا ينطق الا كفرا . فمن معرفة طبيعة هذه الشخصية يجزم الانسان بأنه ينطبق عليه قول الله سبحانه وتعالى << ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام واذا تولى سعى في الأرض ليقسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لايحب الفساد واذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالاثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد >> وانا وان لم نكن في معرض اصدار الأحكام الا أن تاريخ هذا الطاغية يؤكد انه ما سعى في الأرض الا فسادا وانظر ان شئت الى واقع أهلنا وماآل اليه من انحلال وفساد وضيق وضنك وقد حدثني شيخي الفاضل محمد صالح النيفرأنزله الله الفردوس أنه كان جلب الىمقر الظلم والعدوان ( وزارة الداخلية) أيام المحنة الأولى للحركة وكان الطاغية حينها كاتب دولة ( للأمن ) وكان مما قاله للشيخ الفاضل رحمه الله الذي أحبه كل من عرفه ووقره كل من رآه وهابه العامة والخاصة ( حتى أن أبو رقيبة لم يتعرض له رغم جبروته )  , قال له , أتريد أن أنكل بك رغم شيبتك (تحب نمرمدك على شيبتك )  ( هذا والشيخ رحمه الله في الثمانين من عمره )  وهوالذي نكل بالشيخ الفاضل عبد القادر سلامة رحمه الله اذ أمر بحلق لحيته الكريمة ونزع عنه ثيابه مرغمااياه على الجري في قبو وزارة الداخلية  , قاتله الله انى يؤفك  , وهو الذي أطلق أيدي زبانيته ( حمادي حلاس المعروف بمحمد الناصر و باقي الزبانية ) وأباح لهم أعراض العفيفات  ودماء الأحرار الشرفاء . فهل لهذا الطاغية من عهد وميثاق وفي تاريخه آيات للمبصرين وفي قسمات وجهه المتجهم آيات للمتوسمين .                                                               

ثم علام سنتصالح ان زعم ذلك ( وهو لم يفعل ) هل سيتصالح مع هوية البلد الذي مسخه أم مع الشعب الذي أهدر مصالحه وجعله نهبا لعائلته وأصهاره , هل سيتصالح مع دين هؤلاء الذين سطى عليهم ففرق شملهم ويتم أبناءهم  ورمل نسائهم  وقتل رجالهم وأهان شرفائهم وجوع علماءهم , هل أعاد للحجاب شرعيته رغم مناشدات البعيد والقريب بما فيهم الأخ المتزعم للمصالحة وذلك في العديد من المرات من خلال المنابر الاعلامية أكثر من مرة والذي وصل حد التوسل , هل أطلق سراح المساجين الذ ين يقضون اهمالا ويتعرضون للقتل عمدا  , هل رفع الحيف عن المسرحـين الذين أعجزهم ضربا في الأرض هل ساءل مجرميه عن دماء الأبرياء الذين قتلوا وألقوا على قارعة الطريق !                     

ان المرء قد يتنازل في سبيل المصالحة عن حقوقه الشخصية , وقد يبذل في ذلك ماله وجهده , ولكن أن يتنازل عن واجبات شرعية فليس له ذلك اذ أن الأمر لله  , فنسأل الاخوة الداعين الى ما أسموه مصالحة ( ان كنتم تضمنون عودة الحجاب وحرية المساجد وجريان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واطلاق حرية هذا الشعب المسكين واعادة حق التولية والعزل اليه اذ الأمة مصدر السلطات  , ان فعل ذلك فسأتنازل عن حقوقي الشخصية ولا أظن الا أن أغلب المظلومين سيفعلون ذلك أما غير ذلك وأن ينقلب الطاغية الى ضحية والضحية الى طاغية  والمجرم الى برىء والبرىء الى مجرم , فعلام العذاب الذي تكبدناه والشهداء الذين ضحوا والعائلات التي تشتتت والأطفال الذ ين شردوا ويتموا ….)                              

ولا أخال الداعين للمصالحة ( وهذا من احسان الظن بهم ) يقبلون المساس بهذه المبادىء الأساسية .                      

     وقبل هذا وبعد ه لم نسمع من مصدر مستقل أن الطاغية دعى الى المصالحة أو نادى بها  وماالذي يمنعه من ذلك !

ولما لاتصدر منه بشكل مباشر , بشكل قانون يسن ويطرح على رأس الملأ ,ثم ان كان كما يزعم البعض أن الخلاف بين فئتين سياسيتين لما لا يعمد الى المعني بالأمر  وقد علم أشخاصهم ومواطن تواجدهم  فان كان الخلاف سياسي كما يرى البعض فما شأن الحجاب والمساجد والكتاب والدعاة !  وأخيرا نقول لاخواننا حبا واشفاقا ان النظام الطاغية لا يسعى لخير وانما لفساد ذات البين وبث الفرقة والخلاف وهو كما قال الله سبحانه وتعالى << ودوا ما عنتم  قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر >>  وقوله تعالى << …. مازادوكم الا خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم >>  ولقد علمتم مافعله ربيب الحقد المجرم محمد الناصر من الايقاع بأفاضل الاخوة  ( كمثل الشيطان ) لايسعى الا الى الفتنة وبث الفرقة وهذا دأبهم وانه ليعجبني ما فعله أحد الاخوة الذي لما اتصل به هذا المجرم داسا السم في العسل يزعم المصالحة معه ,فماكان من الأخ الاأن عمد الى استشارة الشيخ راشد حفظه الله ووفقه والذي أشار عليه بأنه  عليه الرفض وألا يجعل سبيل الحوار أجهزة القمع والاستخبارات وكان بفضل الله في هذا الرأي توفيق الله  , اذ عصمه من الفتنة . وهذا الأخ لم تربطه بالحركة رابطة تنظيمية ولكن وفقه الله لما تجرد عن التعصب والهوى  والاستفراد بالرأي , وفي هذا دلالة على أن الشيخ راشد ليس من هواة التصعيد ولا من دعاة مواصلة الهروب الى الأمام  ولكن الحكمة والمنطق يقتضيان أن لكل بيت باب ولكل مهمة مسلك مؤسس والذي يريد الصلح لا يرسل الطغاة والمجرمين  , كما أرسلت قريش سهيل لعقد الصلح مع رسول الله صلى الله عليه وسلم  وفي التاريخ عبرة                                                                        

وهذه أفكار رئيسية ولايقتضي الحال التفصيل  اذ أني على يقين  أن لا دعوة جاد ة للمصالحة وانما هي مكر وكيد ,نسأل الله العصمة من ذلك  .                                                                                     

هذه عجالة أكتبها , وأنا الذي رغم الحاح بعض الاخوة علي بالكتابة واشارتهم الى أنه واجب وكلمة حق يجب أن تقال مستدلين بأحاديث كثيرة  , كنت لأسباب عدة أتجنب التعرض لذلك خاصة في مثل هذه الأمور التي أرى أنه لا ينحصر فيها خلاف ولا أثرب على أحد فيها  زيادة على أني خبرت أن ما أراه اليوم نتيجة ما توفر لي من معطيات وآراء وأدلة قد يتضح لي لاحقا أنه كان ينقصه الدقة وأن ما خفي علي من الأدلة المعارضة ما أراه أولى وأقوى  , وقد يجتمع لي من الأدلة المتعارضة خاصة اذا كانت تتمحور حول تصرف أشخاص أو عملهم ما يجعلني متوقفا في ابداء رأي قاطع  لقوة الأدلة المتعارضة   … ولعل هذا ما يجعلني أوجه دعوة خاصة لبعض اخوتنا أن لا ينساقوا وراء هذه الحملة وهذا الاختلاف فيعمدوا الى تناول ما ليس من صلب الموضوع أصلا  وان كنت قد اشاطرهم الراي فيه في غير هذا المحل ,  ولكن يجب ألا تقودنا مرارة الواقع أو الفشل كما سماه البعض منهم الى الخوض فيما يجدر بنا الصمت عنه  حتى لانكون عامل تثبيط ولا ننساق في هذا المنزلق الخطير فالرابح الوحيد فيه هو الظالم المستبد الذي هو ألد الخصام , المفسد في الأرض .                  

      والله من وراء القصد وهوالهادي الى سواء السبيل                                

عبد اللطيف التليلي

أبو عبد النور                                                    

     ميونيخ 29 -4 -2007                                           


 

كلمة إلى الأخ الهاشمي الحامدي

 

كتبها عبدالحميد العدّاسي

بعد البسملة والدّعاء، استهلّ الأخ الدكتور الهاشمي الحامدي مقالته المنشورة يوم 13 أبريل 2007، وهي بعنوان (رسالة جوابية إلى العزيز سيف بن سالم)، بهذه المقدّمة: أيها الأعزاء سيف بن سالم وسيدي بو وأنور وعبد الحميد العداسي، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته قرأت تعليقاتكم على ما كتبته عن ربيع تونس وعن ضرورة تحقيق مصالحة تاريخية بين السلطة والحزب الحاكم في تونس من جهة، والمنتسبين إلى التيارات الإسلامية المعتدلة من جهة أخرى. لمست في رسالة كل واحد منكم نبرة صدق، ولهجة الباحث عن الحق والمنتصر إليه. وأقر ابتداء أن لكل منكم حقّه في تبنّي وجهة النظر التي يرى صوابها وفي الدفاع عنها. إن ما يشجعني أكثر على التفاعل مع ما كتبتم أنّني وجدتّ مقالاتكم خالية من نزعة مرضية تلبست بقلة من المهتمين بهذا الموضوع، فجعلتهم يتحدثون وكأنهم يمتلكون ختم الوطنية ومفاتيح الفردوس الأعلى. بينما أكثر ما يرفع الإنسان تواضعه، واعتماده المنطق الجميل والكلمة الطيبة مع مخالفيه في الرأي، وإحسانه الظن بالناس. وأبدأ بسيف بن سالم هذه المرة آملا أن أرد على بقية الإخوة في رسائل لاحقة بإذن الله.

 

قلت يومها مَنْ بدأ فسوف يُكمل!… وقد قدّرتُ ما ذهب إليه الدكتور في ترتيبه لمّا بدأ بالردّ على سيف بن سالم، فهو شابّ مسلم مثقّف غيور بارّ بأمّه وأبيه وأهله أجمعين، كما هو بارّ بزوجه، أتّم الله عليهما رضاه ورزقهما الولد الصالح (لا أدري إن كان يقصد الدكتور حضور زواج سيف من الثانية أو الثالثة أو  الرّابعة لأنّ زواجه من الأولى قد مضى في غفلة من الدكتور، ولست أدري إن كان سيفُ سيُقدم على التعدّد لتمكين الدكتور من فرصة الحضور احتراما على الأقلّ للفتته الكريمة التي شمله بها!)، ثمّ عقّب بأخويه لحقيقة يراها وأحترمها، لعلّ من مكوّناتها أنّ تقويم ما بالفكر الليّن الذي لم تشبه الشوائب يظلّ أسهل من تصويب فكر وغل في دماغ كهل على أعتاب الشيخوخة قد تصلّبت شرايين مخّه.

 

مرّت الأيّام إذن دون أن أسمع أو أقرأ ردّا من الدكتور، كنت أرى فيه (الردّ) فرصة لمواصلة الحديث عن مصالحة انطلقت من أكمام مقالة إشهارية امتدحت الرّبيع والزيتون في بلدي الحبيب تونس. وقد ساهم – ربّما – في إنساء الدكتور وعده، بروزُ أفكار سايرت فكره ومدحت منهجه وعظّمت طرحه وحسّنت قوله وذهبت مذهبه، دون أن تجتهد هذه الأفكار كثيرا في معرفة ما قد يكون اقتُرِفَ من طرف الإسلاميين (النهضة) من مساعي حثيثة في سبيل الإصلاح والصلح المبني على التضحية الكاملة من جانب واحد أعني من جانبنا نحن المرؤوسين من التونسيين إسلاميين وغير إسلاميين، ودون أن يشيروا بكلمة واحدة إلى التعنّت الكبير وغير المبرّر من طرف النّظام الحاكم الذي قد يكون ضمن استمراره اللاّديمقراطي في الحكم بعدم الرّجوع إلى الحقّ واطمأنّ إلى ذلك، وهو يرى هذا الجوّ التنافري بين التونسيين من الأقوياء والضعاف من المتنوّرين والظلاميين من أصحاب القول الليّن المؤلّف بين القلوب وأصحاب القول « الفاحش المنفّر » من أصحاب الأسماء الصحيحة وأصحاب الأسماء المستعارة من عشّاق الجمال ومحاربيه من متلذّذي الزيتون والزيت والدقلة وعائفيه، والمبني أساسا على عدم تشخيص الدّاء الحقيقي الذي نخر عظامنا بسبب إجرام حكّامنا.

 

أتكلّم اليوم وأنا أقرأ مقالة الأخ الهاشمي الحامدي « حالة طوارئ غير مبرّرة« ، وقد عبّر فيها عن خيبة أمله الكبرى، وهو يرى المعترضين على فكره يسعون لإفساد مسعى الصلح وتيئيس النّاس منه، ليجعل القارئ أو السامع – سيّما من غير المطّلعين على الملفّ التونسي من التونسيين أوغيرهم من إخوانهم بني البشر – متأكّدا من أنّ الصلح وطاولة الحوار والطرف الأوّل فيه قد توفّروا جميعا، وإنّما حُرمت تونس من الأمن والرّخاء والاستظلال بالزيتونة المباركة بفعل هؤلاء الأشرار من التونسيين (أهل المساجين السياسيين والمهجّرين والمطاردين) ممّن عارض فكر الدكتور الحامدي (الذي أقرّ هو نفسه بعدم استجابة أيّ قلم أو صوت من النّظام أو من أتباعه إليه)، وهو لعمري قول عظيم تكاد الأرض تتفطّر منه ولا تتحمّل وجود قائله على ظهرها. فهو – إلى جانب مشاركته في ظلم الظالم بالكلمة الكاملة (وليس بشطرها) – تدليس للحقائق لا لبس فيه. ولو اكتفيت أخي بقراءة وفهم ما كتب إليك الأخ أبو أنيس – في حلقتين – لوجدتّ فيه بغيتك إلى الخير ولعاد التونسيون كما تحبّ أو خيرا ممّا تحبّ. ولكنّك بدل ذلك ذهبت تنتصر لنفسك ولفكرك المُذهِبِ للهمّة والمشيع كما أسلفت لفكرة « العصا تجيب »، وهو المنطق الذي نُحْكَم به منذ الاستقلال وحتّى اليوم. وإلاّ، فكيف تقبل لنفسك ولشعبك – وأنت ابن الرّيف الذي كان النّاس ولا يزالون في بعض البلدان يرسلون أبناءهم إليه لينهلوا من هوائه ومبادئ المجاهدة فيه – بأن تقنع بمهمّة تطهير منجَّس لا يطهر إلاّ بإزالة كلّ الجانب الذي وقعت فيه النّجاسة (حاشاكم).

 

أنا أشفق عليك حقيقة أخي الهاشمي، وأنا أراك تعتمد هذه اللغة المبنية على المجاملة القاتلة للدّين والمروءة معا، من أجل إظهار نفسك التي اعتدت على نفسك وتطاولت عليها، بمظهر لا تستحقّه أولا تستطيعه، فتترك الفكرة لتستعطف الأفراد وتترك الأفراد لتستبعد الفكرة وتسيء إلى القريب لتتقرّب من البعيد، وتقسّم – كما فعل أعداء الإسلام من قبلك – المسلمين إلى معتدل وغير معتدل، وتجعل شرطَ الحصول على هذا اللقب المؤمِّن للعيش في كلّ بلاد العالم اليوم (معتدل) رهين الخنوع التامّ للظالم السالب للحريّة الفردية والجماعية، من أمثال هذا الذي أظهرته بمظهر المتهوّر المفرط في الحساسية (خطة محكمة، مقصود منها استفزاز الرئيس التونسي ومساعديه لأقصى حد ممكن على أمل أن يحلفوا بأغلظ الايمان، في لحظة غضب، أنهم لن ينظروا في إمكانية قبول فكرة الصلح هذه قطّ) الذي لا يمكن له بأيّ حال من الأحوال (حسب وصفك هذا) أن يكون في قيادة رهط من المسافرين ناهيك عن أن يكون في قيادة بلد هو مِن أكثر البلدان تحضّرا (كان) في المحيط الإفريقي والأروبي. كما أنّي لا أرضى لك هذا التهريج من قبيل نداءاتك الموجّهة إلى الصّامتين من الإسلاميين من أجل تأليبهم على قياداتهم. وسبحان الله! إذا كنت أنت قد أخلصت لظالم بهذا القدر الذي نراه من خلال كتاباتك، أفلا يجوز لهؤلاء الصامتين أن يخلصوا لقياداتهم!… فلماذا تؤلّبهم عليهم؟! أكلّ هذا من أجل الصلح والمصالحة؟! … وهل كان الصلح والإصلاح والمصلحة والمصالحة يُبنى على الإفساد والتفرقة والتشويش على الأفكار!… هداك الله وثبّتنا جميعا على الحقّ…  

وفي الختام أدعوك إلى قراءة ما كتب أبو أنيس (إذا كنت نسيت ما كتب الأستاذ النجّار والأستاذ عبداللطيف المكّي) وفهم ما جاء فيه، فإنّي – وأظنّ الكثير من الصامتين – نشاطره الرّأي فيما كتب…


لا صمت بعد اليوم (استجابة لدعوة د. الهاشمي)

جمال دلالي من الصعب جدا أن تتابع الحوار الدائر حول « المصالحة »!! خاصة إذا كان أحد أطرافه د. الهاشمي وتتمالك نفسك وتضبط قلمك.. ولكن الدكتور دعا جموع الصامتين إلى الكلام تأسيا بالأخوة بوعبد الله ورضا وغيرهما وهاأنذا أستجيب لدعوته وأطرح عليه بعض الأسئلة:
1.    ذكرت في مقالتك « تونس الجميلة » (أنني أسعى بكل ما في وسعي للتخفيف من العداوة وللتخفيف من القطيعة بين السلطات التونسية والإسلاميين المعتدلين،)، فمن تقصد بهؤلاء الإسلاميين المعتدلين؟ هل تقصد أفرادا أم تيارا أم حركة؟؟ 2.    هل تجزم أن عدم نشر أنصار الرئيس بن علي داخل حزب التجمع وخارجه مقالة واحدة تعترض على هذه الدعوة هو قبولا بها؟ ألا يمكن أن يكون تجاهلا لها وأنها لا تساوي الحبر الذي كتبت به؟ أو ربما تكون هناك تفسيرات أخرى كان الأحرى بك وأنت من أنت أن تفكر فيها وأن لا تقفز إلى استنتاجات لا يوجد بين أيدينا ما يدعمها. 3.    لاحظ أنه إلى حد الآن لم يصدر من أي جهة معنية مباشرة بما تقول أنها « مبادرة » أي تعليق وأقصد هنا النظام وقيادة النهضة وكذلك من هم في الداخل والذين يكتوون مباشرة بنار النظام. ألا يدعوك ذلك لوقفة صادقة مع النفس.. هل المشكلة في فكرة المصالحة، أم في الأطراف المعنية، أم في صاحب « المبادرة »؟؟ 4.    لست واثقا بجدوى طرح ومناقشة مثل ما تقوده من « مصالحة » على الملأ، كان الأولى أن تطبخ مثل هذه « المبادرات » على نار هادئة مباشرة مع أصحاب القرار والتأثير إذا أريد لها الوصول إلى الهدف المرجو، أما إذا كانت مجرد أماني وأحلام يقظة و حضور في مشهد إعلامي فهذا أمر آخر. 5.    ألا يمكن أن يفتح هذا النقاش والحوار والمساجلة على قناة المستقلة أو الديمقراطية (يمكنك اختيار الأنسب) حتى تتمكن من الوقوف بنفسك على مختلف الآراء وربما تفسح مجالا للأصوات التي تعتقد أنها تناصر دعواك ولا تجرؤ على الكتابة. حقيقة هناك الكثير من التساؤلات الأخرى التي قد يحين وقتها ولكن سأختم باستفسار غير برئ:     لماذا ذكرت الأخوة الذين ناصروا دعواك ونسيت ذكر الأخت أم أسامة ( لا أدري سهوا أم عمدا) خاصة بعد مقالتها الأخيرة والتي من بين ما جاء فيها:( لذا أنا عندما رأيت الحامدي يتكلم عن المصالحة استبشرت لأنه لا يوجد بيت في تونس العزيزة لم يحطم النظام جدرانه ويهتك عرضه..) علما أن الأخت قد جردت سيفها وأعلنت حربها دفاعا عنك و عن « مبادرتك »!! ولست أدري إن كنت تتبنى كلامها هذا أم لا؟؟  

بسم الله الرحمان الرحيم

للمرة الثالثة: إلى أخي وحبيبي الهاشمي:

الرجوع إلى الحق خير من الإستمرار في الباطل:

إن ما دعوت إليه من مصالحة وطنية هو عين الحق ولب المنطق و الصواب ولكن أجندتك التي تدعو لها هي عين المغالطة والتعمية وجعل المنكر معروفا والمعروف منكرا..إلا أن تكون في طرحك معتمدا مبدأ التقية السياسية أو بعبارة أخرى إزدواجية الخطاب وكلاهما كارثة. أما إن كنت فعلا مقتنعا بما تقول فاسمح لي أن أقول بأنه ليس من حق أي كان أن يفرط في ثمرةعذابات آلاف من المساجين الذين تحملوا سنينا من السجن و القهر والظلم و التعذيب أو أن يفرط في دماء عشرات الشهداء الذين قضوا من أجل حرية الكلمة و عزة هذا الدين.
ماذا ستقول لربك حين يسألك ماذا فعلت لعزة  الدين و نصرة المسلمين؟
ماذا ستقول غدا للشهيد سحنون و الزرن و بوصاع وغيرهم عندما يسألوا ماذا فعلتم بعدنا فيما استشهدنا من أجله؟ بل ماذا ستقول لمن رضي بالسجن طيلة سنوات خلت أملا أن يكون سجنه طريقا للتحرر و الإنعتاق لوطنه و شعبه؟ أستقول لهم عفوا لقد سرنا في الإتجاه الخطأ عندما انتفضنا في وجه الظلم وقلنا لا للقهر لا لتجفيف منابع التدين في أرض الزيتونة و كان الأجدر بنا أن نرضى بالظلم وننحني أمام الطاغية و زبانيته؟ بل كان من الأولى أن لا نعارض بل ننخرط كلنا في التجمع و نطبل للفساد و الظلم ونغلق أفواهنا و أعيننا وقلوبنا إذا ماانتهكت الحرمات و نزع الحجاب ؟ هل هذا ما تريده بعد كل هذه العذابات و الدماء ؟
والله لموت في سبيل الله خير مما تدعونني إليه وحسبنا ما قال يوسف عليه السلام لما دعته امرأة العزيز لارتكاب الفاحشة( رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه...) , إن ما تدعو إليه أخي الهاشمي من صمت أمام سلطان شهد الجميع أنه جائر بل دعوتك للإستسلام لإرادة الفساد و الظلم وجعلها صاحبة الحق لهو أشد على نفوس الشرفاء من الفاحشة .
ولتعلم أنني و إن كنت من أصحاب الأسماء المستعارة الذين هاجمتهم في مقالك ليوم 28 أفريل فإني و كما قلت في مقالتي السابقتين لست ضد المصالحة بل على العكس أنا ألوم التأخر في إنجاز المصالحة التي كان الأصل إنجازها منذ 1992 أو93 و أعرف أن المعركة غير متكافئة  . و لكني أرفض الإستكانة للظالم و مدحه بما ليس فيه حتى لا يشملني حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم (إذا رأت أمتي الظالم ولم تأخذ على يديه فقد تُودع منها ) أو كما قال.
فإن كنت صادقا في مسعاك لإنهاء المحنة فعد إلى الحق وعدل مبادرتك لتكون منصفة واطرح على الرئيس ما أشرت به عليك في مقالي المنشور بتونس نيوز يوم 27/4/ وما اقترحه عليك جل الإخوة الذين أدلوا بدلوهم في الموضوع وكلهم في رأيي يبغي الخير و الإصلاح والله أعلم منك بالنوايا فإن أجابك و قام بخطوة أولى من قبيل العفو العام فسوف تجدنا جميعا خلف مبادرتك و سوف ترى إذاك بنفسك تفاعل كل من وصفتهم بالإستئصاليين و حتى من أعلى قيادة الحركة. أما أن تدعونا للإنخراط في صفوف المطبلين و المزكرين و نعلن توبتنا من كبيرة الإنتماء للحركة الإسلامية و معارضة بن علي في يوم ما و أن نصحح توبتنا بالإنتماء للتجمع فكلا و ألف كلا ولتقل إننا استئصاليون أو متطرفون. أبو أنيس

 
هل ستباع مطاراتنا وموانئنا وطرقنا للأجانب قريبا

؟ لماذا نعارض ..

عبدالباقي خليفة  » إننا لا نفكر بنقد هذا النوع من كتابات أقلام النظام لأنها لا تتيح مجالا جديا للمناقشة، وتنتهي كل القضايا بالنسبة إليها في النقطة التي تبدأ منها في الحقيقة  » تروتسكي في كتابه  » الثورة المغدورة  » ليست المعارضة ترفا فكريا ، ولا عملا ارهابيا ، حتى يحذر منها البعض ، ويتجنبها البعض . كما أنها ليست من ذلك النوع الذي ينطبق عليه قانون السوق أو معادلة الربح والخسارة ،وإن كان فيه خذ وهات بالمفهوم السياسي ، بعيدا عن الابتذال والانتهازية وبيع المبادئ والتجارة في الأوطان . وإذا كان المواطن لا يمكنه السكوت على الاحداث التي تجري في بلاده ،وأعمال الساسة والدبلوماسيين و الموظفين في الدولة والقادة العسكريين لانها تمسه مسا وثيقا . فليست مصلحته الاقتصادية هي وحدها التي تتأثر ، إذ أن بلاده تعني شيئا ما بالنسبة له . فهناك رابطة تجمعه بمواطنيه وبني شعبه وأمته والانسانية . وغيرته على الضحايا من ابنء شعبه تكون بدافع ذاتي وليس بتحريض خارجي كما يصوره الخارجون على الشعب الملهبون حياته بالاستبداد باسم القانون . فإذا كان المواطن العادي كذلك أو يجب أن يكون كذلك ،وهو كذلك في البلاد التي يختار مواطنوها حكامهم ، فإن طلائع الشعوب من المفكرين والمثقفين وأساتذة الجامعات والنقابات والصحافيين والطلبة والاحزاب والتكتلات وغيرهم من قوى المجتمع المدني مدعوون بل مطالبون ببذل الغالي والنفيس ، حتى الحياة ، ( بتعبير بونابرت ، الذي يتمثل به ساركوزي ) من أجل تمكين بلدانهم وشعوبهم من الحرية والانعتاق من ربقة الاستبداد والديكتاتورية . لا تقاس أمجاد الشعوب،بالمذلة والخضوع وطلب السلامة،بل بتضحياتها وتضحيات طلائعها المناضلة . فالأمجاد قد يصنعها جيل أو جيلان أو أكثر ،لذلك يقدم الأبطال أرواحهم ووقتهم وكل ما يملكون فداءا لأفكارهم وتطلعات شعوبهم ، بينما نجد ضيقي الأفق يعدون على أصابعهم تأخر النصر أو سنوات أعمارهم وأعمار معاصريهم . ليس هناك ما يدفع الاستبداد للاستمرار في استبداده ، من شك المعارض أوالضحية ،وفي بلدنا كلاهما واحد ، من جدوى معارضته ،والتفكير في التخلي عن نصرة شعبه وأمته وتخليصهما من الاستبداد الذي يولد الفساد و المحسوبية ويجعل في البلاد في مزاد السوق الدولية . هناك رأيان متناقضان حول الموقف من الاستبداد والديكتاتورية ،يميل الأول إلى المهادنة والخضوع ،ومحاولة الانخراط في دولة المنتصر بسيفه ، ومحاولة التغيير من داخل النظام نفسه ، مشككا في ذات الوقت من امكانية التغيير بالوسائل الديمقراطية أو حتى العنيفة ، ومستشهدا بمآلات المعارضة وفشلها في تحقيق التغيير المنشود ، وتشرد أهلها في المهاجر، وازدياد محنة الملتزمين بالاسلام خاصة ،والمعارضين من كل طيف بصفة عامة . و أن الخلاص يكمن في الانضمام للاحزاب القائمة ، والافضل ( الحزب الحاكم ) وترك الاحزاب ( غير الشرعية ) و(المحظورة ) من قبل الديكتاتورية . والموقف الثاني يدعو لعدم التفريط في نضالات العقود الماضية ، لأنها ستكون رصيدا مهما للشعب في مسيرته نحو التحرر من الاستبداد ، وهي مساهمة كبيرة وفعالة ،لمستقبل أفضل للأجيال القادمة ،ولا تتعلق بقطرنا فحسب ،بل بوطننا العربي الكبير ، ووطننا الاسلامي الاكبر ، بل العالم المستضعف بصورة عامة . ليس هناك شعب تحرر من الاستبداد القاتل للطاقات والمعطل للابداع والمانع للانطلاق نحو آفاق أرحب من الحرية والأمن والاستقرار ،على الآماد القريبة والمتوسطة والبعيدة ، بدون تضحيات . حتى أوربا ( 1 ) التي نجعلها مثالا للتقدم والازدهار والتطور ، ونجمع على وجود قدر كبير من الحرية والديمقراطية داخل بلدانها ، في الوقت الذي تحافظ فيه على الديكتاتورية في بلداننا لخدمة مصالحها ، لم تتخلص من الاستبداد والديكتاتورية وتحالف الكنيسة مع الاقطاع ( عندنا يتحالف شق من اليسار مع الاستبداد للحفاظ على كنيسة اللائكية المشوهة بشكل سافر لدى ذلك الشق أو ضمني لدى بعض الشقوق الاخرى ) إلا بالمعارضة . في بريطانيا قامت اصلاحات دستورية تاريخية بفضل المعارضة ،وفي ألمانيا سجل التاريخ بحروف من ذهب أسماء شارنهرست ، والشاعران أرندت وكيرنير ، وفي سنة 1848 لم يعد بالبلاد سوى مواطنون أحرار فعلا لا قولا ، بعد التخلص من مترنيخ . وفي ايطاليا يلمع اسم غاريبالدي وآخرون . أما في فرنسا فالكثير منا يعلم ما حصل مع الثورة الفرنسية ( 2 ) . وعودة لموضوعنا فإن النازلة على ضخامتها ، ليست بين ديكتاتورية واسلاميين ،أو مساجين سياسيين ، أو آلاف في المهجر شردتهم الديكتاتورية ،أو طاقات مقموعة في الداخل والخارج ،وإنما قضية شعب وأمة وتاريخ و حاضر ومستقبل . فإذا كانت آلة القمع شديدة ، والجمهورية البوليسية ممسكة بتلابيب البلاد ، فنتذكر بأن بلدا اوروبيا رائدا الآن ،كان يعيش قبل أكثر من قرن ونصف من الزمان نفس الحالة في بلادنا ،بينما كانت التغييرات تدور من حوله ،وفي لحظة ما سبق كل تلك الشعوب من حوله وظل رائدا حتى اليوم ،إنه الشعب الالماني ، والسبب هو تضحياته التي فاقت تضحيات الشعوب الأخرى التي بدت في ذلك الحين أكثر حركية منه وكان يصفه المستبدون بالشعب المسالم . وشعبنا الذي ينام خائفا ، ويمشي خائفا ، وينظر خائفا ، ويهمس خائفا ، ويعمل خائفا ، وتحت البطالة الاجبارية خائفا ،ويركب البحر خائفا ،سيصل إلى درجة الغليان حتما رغم محاولات سحق الروح التحررية الكامنة فيه وفي وقواه المناضلة . ربما كانت هذه الحقيقة وراء محاولات جهات في المعارضة تسجيل مواقف مناضلة جديرة بها ، حتى تكون رصيدا لعقبها السياسي في المستقبل ، فحركة التاريخ لا تقتصر على بضعة آلاف من الكليومترات المربعة . لقد استفادت الحركة الاسلامية في العالم من تضحيات الاخوان في مصر ،كرصيد لها ، وكذلك تضحيات المسلمين في القوقاز وآسيا وافريقيا والبلقان ، بل أزعم الاستفادة من تضحيات الشعوب والامم الاخرى في العالم . ولا أحد ينكر مدى استفادة الحركة اليسارية مثلا من نضالات الرفاق في أميركا اللاتينية و ملحمة تشي غيفارة وآسيا و لا سيما الثورة الفيتنامية ،وحتى أوربا ( من الناحية الفكرية فقط ) ، لكن انخراط بعض اليساريين في المشاريع الامبريالية والصهيونية مسح كل ذلك التراث . وهذا ما يراد بالاسلاميين من خلال الدعوة لترك حركاتهم ( المحظورة ) و ( غير الشرعية ) وكأن من وصفهم بذلك شرعي !. فهل يمسح الاسلاميون تاريخهم وتاريخ نضالات رجالات وشهداء ومناضلين بحماقة المغفلين ؟. أم يستمرون في المطالبة بحق التنظيم والتجمع وبحرية المعتقد والرأي كلفهم ذلك ما كلفهم ،وهوما تكفلهم لهم جميع الشرائع والمواثيق الدولية . فليس هناك ديكتاتورية للأبد . وليس نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الامور غلابا ومن البداهة أن الحقوق لا توهب ولا تستجدى ، وإنما تكتسب بالنضالات والتضحيات والصبر والمصابرة . ومن البديهي أن الذي يستجدي لن ينال احترام مضطهده حتى وإن أسمعه كلاما معسولا ،وأن الأبي يفرض احترامه على الآخرين حتى وإن كان داخل الزنازين وفي المهاجر أو تحت سياط التعذيب . إن القوى التي تطالب بالحريات والديمقراطية ودخول عصر الجماهير ورفع الوصاية عن الشعوب والتي تدعو لبناء دولة المواطنة وحق الاغلبية في الحكم مع الحفاظ على مصالح الاقلية ، هي القوى الوطنية الوحيدة ، وهي القوى الوحيدة التي تحب الأوطان وتذود عنها وتعمل على ارتقاء نجمها في سماء المجد والسؤدد . فليختار كل شخص الطريق الذي يرتضيه لنفسه . نحن نعارض لأننا نحب ديننا ، لأننا نحب وطننا ، لأننا نحب شعبنا ، بل نحب حتى أولئك الذين يضطهدوننا ، و من فرط حبنا نعارضهم ، لأننا لا يمكن أن نظل ساكتين ونحن جميعنا في مركب واحد ، ونشعر بأنهم يقودوننا للهلاك على كافة المستويات ، وبدون تفويض من أحد من الراكبين وهو الشعب برمته . حتى وإن ادعوا إنهم يقودوننا إلى بر الأمان . المعارضة لا تعني الحقد ، ولا المناوأة ، ولا التآمر ، ولا اللجوء للسلاح سوى سلاح الكلمة وإن بدت مرة أو قاسية من فرط الشعور بعذابات الضحايا ،ودرجة الظلم المسلط على المواطن التونسي ، وإن صاحب الكلمة نفسه وبمفرده .و الله سبحانه و تعالى يقول في كتابه العزيز  » لا يحب الله الجهر بالسوء إلا من ظلم  » هناك نظام دولي أظهر كفاءته في السياسة ، إسمه الديمقراطية ، ونظام اقتصادي أفضل ما هو موجود اسمه اقتصاد السوق ، وهناك نظام اعلامي ساد الكون كله ، اسمه الفضاء المفتوح ، وهناك نظام اجتماعي اسمه الحرية الشخصية والعيش في تكتلات داخلية وخارجية ، صغيرة وكبيرة ، وكل ذلك يسمى العصر ، نريد أن ندخله ، فهل طالبنا بالمستحيل ، وهل كفرنا ، وهل صبأنا وهل خرجنا على القواعد ،وهل أخطأنا وأجرمنا لاننا نريد أن نكون جزءا من هذا العالم المتحضر ؟!!! عن أي تنازلات يتحدثون ،هل الخروج من التنظيمات ( المحظورة ) واللحاق بالحزب الحاكم أو أحزاب المعارضة المعترف بها ، كما طالب البعض بذلك ، مطلب منطقي .. انساني .. معقول ؟ !!! وهل بعض الاحزاب المعترف بها كالحزب الديقراطي التقدمي ، مثلا ، يشجع على ذلك ، ونحن نشاهد ما يجري له وكيف ينكل به .أم تنضحونا بحزب الخضر أو أحزاب الديكور ؟!!! . يا لكم من طيبين وانسانيين جدا ، وديمقراطيين جدا .. تختارون لنا حتى الاحزاب التي يجب أن ننضوي تحتها ، ونعمل من خلالها . ألغيتم عقولنا ، لذلك تستغفلوننا . يا لها من أبوية مقززة وبائسة ومنحطة أيضا . الحقيقة أننا فهمنا ( وهذا تحصيل حاصل لا محالة ) ما يطرح على أنه دعوة للانخراط في المشروع (الحضاري ) الأمني ، الذي سمعنا عنه في وسائل اعلام النظام ، و( مصادر أخرى ) والذي يحول عدد كبير من المناضلين ( … ) والممتحنين إلى قوادة ، يحاربون الاسلاميين بشكل مباشر وغير مباشر . والحقيقة أيضا أن ما يجري هو مجرد جدل بيزنطي ، فبدون جهاز استقبال لا يمكن لجهاز الارسال أن يحقق نجاحا . وإذا توفر السالب فيجب توفير الموجب . فما يجري ليس حوارا بين اسلاميين ونظام حكم . وإنما بين اسلاميين وأشخاص لا يمثلون أحدا رسميا . وإن كانوا يبحثون عن مقعد في قطار النظام . ولوسملنا جدلا بمقدمات البعض ،فهل من المنطقي العمل على إقناع الضحية بطلب العفو وعدم العودة ( للمحظور ) والتغني بالجلاد وصنيعه . أم الطلب من الجلاد اطلاق سراحه وإعادة حقوقه ،ومن ثم دعوة الضحية للعفو والمصالحة ؟!!! هل الاسلاميين أقل قيمة من اليساريين الذين حاورهم النظام داخل السجون على مستوى وزير الداخلية ، وعرض عليهم مقابلة بورقيبة فرفضوا في ذلك الحين ذلك الطلب ( 3 ) . وإذا نظرنا إلى التجارب العربية ، نرى الملك الاردني حسين رحمه الله يقود سيارته بنفسه و يذهب للسجن ويفك قيد المهندس ليث شبيلات . لماذا صاحب القلب الكبير لا يفعل ذلك فيطلق سراح عبد الكريم الهاروني و دانيال زروق و الصادق شورو و بقية المساجين الاسلاميين ، و يصدر عفوا عاما ، بعدها يمكن و الله القول لقد حان وقت المصالحة و الاتفاق على خطاب معتدل . وفي المغرب تم تعويض الضحايا فما بال عشاق  » التسامح والتعايش  » يطلبون من الضحايا تقديم فروض الطاعة قبل تسوية أوضاعهم . أليس ذلك بعجيب . أليس الحق أحق أن يتبع . تسجنني وتطاردني وتضطهدنني وتطلب مني طلب العفو . أم تطلق سراحي وتؤمنني وتعيد لي حقوقي و بعد ذلك نفتح باب المصالحة قبل فوات الأوان ، فالوقت ليس في صالح أحد . لا يمكن انتظار طلب المصالحة من أناس يمسكون بالجمر ويعيشون عذابات الغربة والسجن والاضطهاد ، حتى الرسول صلى الله عليه وسلم ،( استشهاد لا ينطبق على الحالة إلا في ما يتعلق بالحرية ) عندما طلب من ذلك الصحابي قبل اسلامه أن يسلم وكان أسيرا رفض ذلك الرجل أن يسلم قبل اطلاق سراحه ، ولما ملك حريته عاد وأعلن الشهادتين . فاعلم يا أخي أن المهجر والسجين والمضطهد مثل الاسير لا يملك حريته ، بل القيد يملي عليه مواقفه ، فافهم إن كنت تفهم . أخيرا نريد القول أن المعارضة ولا سيما الاسلامية منها مهمة جدا للبلاد وللشعب ، بل ضرورة استراتيجية يجب على جميع أطياف المعارضة المحافظة عليها ليوم كريهة وسداد ثغر. بل يجب على النظام الكف عن اضطهادها إذا ما أراد إقناعنا و إقناع الشعب بأنه نظام وطني حقا . فتونس في حاجة لمعارضة قوية جدا فبلادنا لا تزال في مرمى الأطماع الدولية ،وهناك محاولات خارجية لاقناع النظام بعرض المطارات والموانئ وحتى الطرق للخصخصة وهناك جهات ايطالية وفرنسية وغيرها تستعد للانقضاض على رموز سيادة وطننا الغالي ،رغم انتهاك سيادته في مواضيع أخرى . إنهم يتحدثون عن ذلك في بعض وسائل اعلامهم ، وفي دوائر مغلقة . ونحن نقول هذا للجميع وفي مقدمة ذلك النظام الحاكم والرئيس بن علي .. إياك إياك فعل ذلك .. وهذا تحذيرا وليس تهديدا .. ومن يحب وطنه يجب أن يرفع عقيرته برفض بيع البلاد ورموز سيادتها للاغراب . قد يقول قائل ، يجري هذا في مختلف أنحاء العالم ، ولكن الأمر هنا مختلف ، هم يريدون السيطرة على كل شئ في أرضنا وعندما تحين الفرصة ينقضون علينا كالوحوش المفترسة . ألم أقل لكم أن بلادنا في حاجة للاسلاميين ، فلصالح من يضربون يا ترى ؟ !!! نحن نرجو أن تصدر تصريحات من النظام ترفض بيع المطارات والموانئ والطرقات للشركات الاجنبية أو السماح لها بالاشراف عليها أو إدارتها . نتمنى أن نسمع منهم تكذيبا لوجود مساعي من هذا القبيل ، لعلنا نستريح قليلا من هموم الخارج لكثرة هموم الداخل . هل علمتم لماذا نعارض .. وهل تستقيم أمور شعب بدون حكم ديمقراطي ومعارضة قوية قادرة على ضبط سياسة الحكم إذا ما جنحت يمينا أو يسارا أو نسيت أنها لخدمة للشعب بتفويض الشعب عبر صناديق الاقتراع . وأن الشعب وحده صاحب السيادة والحق في اختيار من ينوب عنه في إدارة البلاد وفق قواعد السياسة في القرن الواحد والعشرين . (*) كاتب وصحافي تونسي ( 1 ) سأعد بحثا مطولا بعون الله عن حركة التغيير التاريخية في أوروبا : من الاستبداد إلى الديمقراطية. ( 2 ) انظر مقالنا :  » قصة الثورة الفرنسية  » نشر على هذا الموقع . ( 3 ) على عهدة أحدهم نشر موضوعا على تونس نيوز قبل فترة حول هذا الأمر. (المصدر: موقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 29 أفريل 2007)  

إلى من يهمه أمر الجالية التونسية بقطر

كيف السبيل للنهوض بالمدرسة التونسية بالدوحة ؟

بقلم  أبو أيمن أما آن الأوان لأن ترى المدرسة التونسية بالدوحة النور في آخر النفق المظلم الذي وضعتها فيه المنظمة التونسية للتربية والاسرة وكاد أن ينتهي بها إلى الإفلاس والضياع ؟                                             أخيرا وبعد المخاض الذي رافق حالة التوتر التي تعيشها الجالية لتونسية بقطر منذ قدوم المنسق العام رضخت المنظمة التونسية للتربية والأسرة للأمر الواقع ودفعت دفعا إلى القبول بتشكيل مجلس إدارة للمدرسة التونسية ولكن ككل مرة بطريقتها الخاصة الملتوية المعهودة حيث قامت بإرسال وفد على حساب خزينة المدرسة التونسية بالدوحة  كالعادة طبعا!! بقيادة كاتب عام منظمة التربية والأسرة البشير كريم المعروف جيدا في الأوساط التربوية في تونس وخاصة لدى المدرسين الراغبين في الإنتقال من مركز إلى آخر أو في الحصول على الكاباس للقيام بتعيين مجلس إدارة للمدرسة من إختيارالمنسق العام نفسه المورط في كل المشاكل والتجاوزات التي تعيشها المدرسة التونسية بالدوحة بدون إستشارة الأولياء. وفيما تمادى رئيس منظمة التربية والأسرة في الإستهانة بالجالية التونسية بدولة قطر والإستخفاف بمصالحهم ناهيك عن التستر عن تجاوزات المنسق العام التي لم تعد تخفى على أحد، إنغمس هذا الأخير في قضاء مصالحه على حساب المدرسة والقيام بالحملات الدعائية الكاذبة للتضليل وصرف إهتمام الاولياء عما يدور في مدرسة أبنائهم موهما بإنجازات كاذبة لا وجود لها على أرض الواقع أو ناسبا لنفسه بعض المكاسب التي حققها لصالح المدرسة بعض الأولياء الغيورين على مصلحة ومستقبل أبنائهم. واليوم وبرغم نداءاتنا المتكررة لتكوين مجلس إدارة للمدرسة التونسية بالدوحة بالإنتخاب وبرغم تفاؤلنا ببعض الوجوه النيرة من أصحاب الضمائر الحية الذين ضمهم المجلس المعين فإننا نؤكد على ضرورة الإسراع وفي أقرب وقت للإعداد لإنتخابات نزيهة وشفافة أسوة بكل مدارس الجاليات بقطر وتجسيدا كذلك – وهذا مهم جدا-  للصورة المثالية لتونس دولة القانون والمؤسسات .                                                                        وفي إنتظار ذلك نتمنى من بعض أعضاء مجلس الإدارة المعين الذين هم من خارج عباية المنسق العام والذين نتوسم فيهم الخير أن يتوفقوا في تقديم الإضافة اللازمة للمدرسة وان تؤتي تحركاتهم أكلها حتى يتم إنقاذ ما يمكن إنقاذه وأن يضطلعوا بمهامهم بكل أمانة ومسؤولية من حيث ضبط إستراتيجية واضحة المعالم للمدرسة ومتابعة ذلك وإنهاء مسلسل عبث المنسق العام والمتصرف المالي ومحاسبة كل من ثبت تورطه في العبث بممتلكات المدرسة مهما كان موقعه  وكذلك التواصل بإستمرار مع الاولياء والمدرسين لتشخيص حقيقي لطبيعة الوضع بالمدرسة بعيدا عن تزييف الحقائق ومغالطات المنسق العام التي أضحت مفضوحة ولم تعد تنطلي إلا على السيد رئيس منظمة التربية والاسرة التونسية بن عثمان إذا كان فعلا لا يعلم بما يدور في المدرسة التونسية بالدوحة !!!        
(ولي تلميذ بمدرسة الدوحة – دولة قطر)

مزالي ينشر مذكراته:

عندما تصاب الدولة بمرض باركنسون

 
عدنان المنصر « هذا الكتاب مزج سيرتي الذاتية بمحطات رحلتي الإنسانية، أكدت من خلالها نظرياتي وقناعاتي والصراع الذي لم يهدأ في أعمق أعماقي بين الإيمان والفعل، إنه يندرج إذن في صلب تواصل عملي النضالي من أجل تونس، من أجل الإنسان، وهو بمثابة المرحلة الختامية لحياتي ». هكذا صدر الوزير الأول التونسي الأسبق محمد مزالي النسخة العربية من مذكراته التي صدرت منذ بضعة أسابيع تحت عنوان « نصيي من الحقيقة » عن دار الشروق المصرية بحجم تجاوز الستمائة صفحة من القطع المتوسط. وهذا النص وإن كان في معظمه تعريبا للنسخة الفرنسية الصادرة في وقت سابق بفرنسا فإن صاحبها قد أدخل عليها بعض الإضافات وضمنها وثائق وشهادات. وقارئ النص العربي يجد في لغته وأسلوبه من السلاسة والعذوبة ما يذكره بأن صاحبه أديب وفيلسوف قبل أن يكون سياسيا وهو أمر يؤكده في مقدمة نصه عندما يعرض إلى علاقته بالكتابة. غير أن مزالي لا يكتب هنا لمجرد المتعة، فقد أراد من نصه غايتين تتضحان لكل من يقرأه. فقد سعى في البداية إلى تقديم شهادة عن الفترة التي ارتبطت فيها حياته بالمسؤولية السياسية منذ فجر الاستقلال، وفي خضم ذلك يقدم صورة لطبيعة سير الدولة وطريقة اتخاذ القرار في العهد البورقيبي، كما يوضح انجازاته الشخصية في مختلف مواقع المسؤولية، من وزارة التربية إلى وزارة الصحة إلى وزارة الدفاع إلى الشباب والرياضة إلى الإعلام وأخيرا الوزارة الأولى. أما الغرض الثاني الذي من أجله كتب هذه المذكرات فهو الدفاع عن نفسه إزاء ما تعرض له من تشويه وهجوم غير مبرر حاول خصومه من خلاله إلغاء دوره وتاريخه، وهنا يأخذ النص مسحة مختلفة تماما. من هنا فإن الكتاب لا يقدم لقارئه مزالي السياسي فحسب بل أيضا مزالي الإنسان الذي يبدي ألمه لما يعتقد أنه ظلم وقع عليه، وقد خصص جزءا كبيرا من مذكراته لرد « الاتهامات » ودحض « الافتراءات » رغم تأكيده في بداية النص « عدم حاجته إلى الدفاع عن صدق وطنيته وأصالة كفاحه السياسي والثقافي أمام أصحاب الذاكرة المثقوبة ولا التدليل على استقامته وبراءته إزاء الإشاعات الفجة والأكاذيب السمجة والاتهامات الباطلة التي لا تستحق سوى السخرية » (ص 14) انطلاقا من مقولة أن « من عرف نفسه لا يضيره ما قاله بعض الناس فيه ». قسم محمد مزالي مذكراته إلى فصول خمسة تناول فيها مسيرته السياسية التي دامت أكثر من 30 عاما، حيث يمكن القول أنه عاصر عملية ناء الدولة وكل تجاربها وتحولاتها وأزماتها إلى حدود إعفائه من مهام الوزارة الأولى في 1986. من هنا فإن قربه من دوائر صنع القرار طيلة جانب من هذه المسيرة بل ومشاركته الفعلية في صياغة السياسة الحكومية طيلة القسم الأكبر منها يجعل من شهادته ذات قيمة خاصة لكل من أراد دراسة تاريخ دولة الاستقلال. وبالفعل فإن الكاتب يتوجه بشهادته إلى « المؤرخين الذين ستؤهلهم أمانتهم العلمية لمزيد البحث الموضوعي والتنقيب العلمي قصد إعطاء صورة ناصعة، وفية، لتاريخ تونس منذ الإستقلال » (ص15). غير أن متن الكتاب لا يؤكد أن هذه الصورة المراد رسمها لدولة الاستقلال كانت دائما ناصعة، وهذا لا يمس في شيء من صدق النوايا والرغبة في تحقيق ازدهار الشعب التونسي وتحقيق نهضته التي كانت تحدو مؤسسي الدولة الوطنية في تونس. فقد تراجعت النوايا الطيبة أمام ضغوطات مراكز القوى داخل القصر وفي دوائر الحكم وسرعان ما أفسح المجال لصراع أجنحة داخل الدولة عطل اضطلاعها بمهامها الأصلية. هذا الصراع لم يكن يجد تبريره سوى في رغبة الاستئثار بالمواقع القريبة من الصانع الحقيقي لسياسة الدولة وهو الزعيم بورقيبة الذي أتقن بفعالية التحكم في تلك الصراعات وطوعها إلى حد كبير لمصلحة سلطته الشخصية. قد يكون ذلك مقبولا في بعض أنظمة الحكم وربما في أغلبها، غير أن « النموذج التونسي » كان قد تفتق على بدعة قل العثور عن شبيه لها من ناحية الفعالية وشدة التأثير. هذه البدعة كانت شجرة الدر الجديدة، « الماجدة » زوجة الرئيس التي كانت تحكم البلاد من خلف ستار، متقنة كافة أساليب الاستقطاب داخل أوساط الحكومة ومكونة قطبها الخاص. كان « حزب الماجدة » كبيرا وقوي التأثير. وربما تعارض أحيانا مع « حزب الرئيس »، ولا غرابة في ذلك فقد ذكر أحد رموز المعارضة الديمقراطية في عهد بورقيبة أن « المعارضة الحقيقية لبورقيبة موجودة في فراشه ». وفي مذكرات مزالي شهادة على هذا الواقع الذي زاد استفحالا مع تقدم بورقيبة في السن. ولعل أهم مناسبتين يوردهما مزالي في هذا الاتجاه هو أن أكبر الأحداث التي شهدتها تونس في تاريخها القريب قد وقعت نتيجة مؤامرة حبكت « الماجدة » خيوطها واستهدفت في كل مرة الوزير الأول (نويرة في جانفي 1978 ومزالي في 1984) الذي كان بوصفه دستوريا الخليفة المحتمل لرئيس الدولة، يتلقى كل السهام وتحبك لتحطيمه كل « المؤامرات ». ربما أضاءت هذه الشهادة جانبا من الحقيقة غير أنها تبقى قاصرة عن تفسير تلك الأحداث. فأحداث « الخميس الأسود » في 26 جانفي 1978 وقعت لأن كل الظروف كانت تنبئ بوقوعها ولم يكن من الممكن في ظننا منعها. ربما كان عاشور بالفعل عضوا في « حزب الماجدة »، ولكنه ما كان ليجر وراءه كل النقابيين والشغالين لو أن هدفه كان يتلخص فحسب في الإطاحة بنويرة. كذلك الأمر بالنسبة لأحداث الخبز، فربما سهلت انفجارها كما يؤكد مزالي « مؤامرة » نسجت خيوطها بإحكام لكنها ما كانت لتقع لو أن الشعب كان راضيا عن النظام الذي يحكمه. لقد كان الحاكمون يعرفون حقيقة ما يعتمل داخل المجتمع من نقمة على سياسات لم تحقق طموحات شرائح واسعة في حياة كريمة، فسعى بعضهم إلى الاستفادة من تلك الطاقة الهائلة لتصفية حسابات ضيقة لا تكاد آفاقها تتجاوز أسوار القصر. وفي المناسبتين انتفض ذلك المارد ليفرض نفسه في واقع لم يكن يحقق فيه الإنسان إنسانيته برغم أساليب الدعاية والتعمية التي سخر لها النظام كل قدراته. إن المسألة، كما لا يوضحها صاحب المذكرات، مسألة انفصام عميق في العلاقة بين الحاكم والمحكوم، ذلك الانفصام الذي أدى إلى غربة ثم إلى تنافر ثم إلى تحين كليهما الفرصة للانقضاض على الآخر. وفي المناسبتين كانت الكلمة الأخيرة للحاكمين الذين لم يفوتوا فرصتهم لترسيخ عبودية الجماهير بقمع طال الأخضر واليابس. من هنا فإن حصر المسألة برمتها في مقولة « المؤامرة » يبقى قاصرا عن تفسير العمق الحقيقي لذلك الصراع وإن مكن في نهاية الأمر من توضيح بعض جوانبه. والمتمعن في مذكرات مزالي يلاحظ أن الكاتب يضع نفسه كتواصل لسياسات الذين تقلدا منصب الوزير الأول من قبله، الباهي الأدغم والهادي نويرة. وهو لا يجد حرجا في الاعتراف لهما بالفضل على مسيرة التنمية الاقتصادية وعلى مشروع بناء الدولة، وهذا الموقف في حد ذاته موجب للاحترام حيث أننا تعودنا من كتاب المذكرات من كبار رجال الدولة ذلك المسعى المرضي لنسف إنجازات أسلافهم ومحاولة السطو على ما حققوه للبلاد وهو وجه آخر من وجوه العلاقة بين عناصر نخبة الدولة. غير أننا نفهم من ذلك أيضا أن محمد مزالي قد نظر دائما إلى دوره السياسي كمكمل لدور عناصر أخرى سبقته أو عاصرته في العمل الحكومي تحت قيادة بورقيبة. كما أن مزالي يحتفظ باحترام شديد للزعيم بورقيبة وهو من هذه الناحية أيضا يقطع مع تلك الممارسة التي تتمثل في التحمس لتسديد الطعنات كلما كانت « الضحية » عاجزة عن الرد. وهنا لب القضية في نظرنا. فمزالي كان جزءا من نظام، وبغض النظر عن سعيه لتقديم ممارسة مختلفة للشأن العام، فإن ذلك كان عاجزا عن تحقيق تحول فعلي في مسيرة ذلك النظام. ذلك أن القرار لم يكن له، كما لم يكن لغيره مهما علت مرتبته في سلم الدولة. ومرد ذلك في الحقيقة إلى تحول النظام من نظام مصغ لصوت شعبه ساع لخدمته برغم ما وقع من أخطاء، إلى نظام همه الوحيد الإبقاء على سيطرته على المجتمع وإن أخل بأهم مقومات العقد الاجتماعي. ذلك ما نفهمه من التجربة الديمقراطية التي دشنها مزالي في 1981 والتي قتلت في مهدها لأن النظام تهيأ له أن تلك كانت بداية النهاية بالنسبة إليه وبخاصة بالنسبة لأصحاب المصالح في بقائه منغلقا على نفسه ومنعزلا عن الجماهير. هل كان النظام عاجزا بالفعل عن انتهاز تلك الفرصة التي قدمها له مزالي لتجديد نفسه وبناء شرعية جديدة تمنحه نفسا جديدا؟ لقد كان عاجزا عن ذلك ليس لقصور في إدراك مراكز القوى لمصلحتها الحقيقية من تغيير تدريجي وسلمي لا يفقدها سيطرتها على الوضع، بل لأن بعض عناصرها كانت تتصرف بغير حرص على مصلحة النظام العامة. من هنا فإن الإشكال الحقيقي ليس في عدم حرص تلك المراكز على مصلحة الشعب أو مصلحة الدولة، لأن ذلك كان معلوما للسواد الأعظم، بل في عدم حرصها على مصلحة النظام التي كانت تقتضي انفتاحا مدروسا يقيه غائلة التحركات العنيفة. وهذا يعيدنا إلى الطبيعة الارتجالية لصنع القرار التي اتضحت في العشرية الأخيرة من حكم بورقيبة والتي لا ينبغي تبريرها بتقدمه في السن فحسب. فالمسألة تعود في نظرنا إلى عامل هيكلي يتمثل في الطبيعة الرئاسوية للنظام من ناحية، وإلى فشل مسار بناء مؤسسات قادرة على تصويب أخطاء السلطة التنفيذية. من هنا فلا مزالي ولا غيره كان قادرا على تحقيق تحول جذري في طبيعة النظام، ذلك أن مراكز القوى كانت ترى في أي تغيير مهما بدا بسيطا خطرا يهددها مباشرة. ذلك أن بناء مؤسسات حقيقية يعني فقدان تلك المراكز لغاية وجودها. فما هي المكانة الحقيقية التي يعطيها دستور دولة، مهما بلغت العبثية، لزوجة الزعيم حتى تغدو « الماجدة » صاحبة القول الفصل في تعيين الوزير الأول أو عزله؟ وأي نظام يشرف فيه وزير الداخلية (1981)على تزوير إرادة الشعب دون محاسبة أو عقاب؟ وأية دولة تلك التي تملأ الدنيا صراخا حول إصلاحات اجتماعية تجعل للطلاق ضوابط معلومة ثم يكون مؤسسها وبانيها أول من يخترقها؟ لا نشك أن مزالي وغيره كانوا مدركين لعمق الهوة التي تردى فيها مشروع الدولة في تونس، ولعلهم أرادوا تجديد شباب ذلك النظام بعد أن رأوا توغله في الاتجاه الخاطئ. فهم في نهاية الأمر تلك النخبة الشابة والمثقفة التي بنت على الاستقلال كل أحلامها في تأسيس مشروع وطني يعيد للشعب كرامته ويحقق فيه رشده السياسي.غير أن قوانين الهندسة، وليست قوانين السن والتهرم فحسب، أفشلت مساعي الصادقين منهم، ومضمونها أنك لا تستطيع إنجاز بناء صلب على أسس هاوية. وهكذا أدى تجاهل هذه القاعدة إلى إصابة كامل الدولة، وليس بورقيبة فحسب، بذلك المرض الذي يطلق عليه اسم مرض باركنسون، فبدا مرتعشا، متخشبا، فاقدا للإتزان ومكتئبا. (المصدر: موقع الحزب الديمقراطي التقدمي نقلا عن صحيفة « الموقف » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 403 بتاريخ 27 أفريل 2007)


 

خميس الخياطي في أول دراسة عن القنوات التونسية والعربية

رشيد خشانة

يُقدم الزميل خميس الخياطي في كتابه الجديد « تسريب الرمل » قراءة شاملة للمشهد الإعلامي التونسي مُركزا على الإعلام السمعي والمرئي. وقد اخترع في تشريحه لخصائص هذا المشهد تعبيرا بديعا هو « إعلام السيلوفان » في إشارة إلى القطيعة المترسخة بين مضامين القناتين التلفزيتين تونس 7 وقناة 21 من جهة ومشاغل النُخب وانتظارات المشاهدين من جهة ثانية. ورأى الخياطي أن المعضلة الكبرى للفضاء السمعي البصري التونسي أنه لا يعكس بحكم احتكار الدولة له، ثراء المجتمع التونسي ولا الإختلافات السياسية والفكرية . ويقول في هذا الصدد « لو صدقنا ما تقدمه الشاشة الصغيرة التونسية لكنا أمام مجتمع هلامي يخلو من أي نتوء اختلاف. هي النشرة التي تقدمها النشرة الرئيسية للأخبار بأسلوب الروائي أوروال في نقل الوقائع المحلية والعالمية مع تغييب لأنشطة أحزاب المعارضة البرلمانية وحتى للكوارث الطبيعية التي تصيب البلاد والعباد. برامج حوارية يُزايد فيها أعضاء بعض أحزاب المعارضة على أعضاء الحزب الحاكم في تقويمهم للإصلاحات. مجلات إخبارية لا تكف عن جرد هذه الإنجازات بإسهال لغوي و »نقد بناء » مُدعم بالإسمنت المسلح. برامج أخرى ترفيهية إما تلوك علكة الكليبات أو تصطنع الألعاب السمجة أو تصنع « نجوما » ممن يعملون في المطاعم بسورية ولبنان ومصر مقابل أرباح أو هدايا بالملايين من الدينارات أو استنساخ ما يُنجز على « أل بي سي » اللبنانية أو « أم 6 » أو « تي أف 1 » الفرنسيتين مثل « نجوم على الطريق » التي قد تتكلف الحلقة الواحدة منها ما يقارب الخمسين ألف دينار… »

لكن هذا الجانب المُعتم من المشهد التليفزيوني لم يحجب عن الخياطي كنوز الكفاءات الصحفية والتقنية التي تتمتع بها بلادنا ، والتي « لا تقوى أمام التصحر الزاحف جراء تقلص الضمير المهني وتدجين النقابة وتكبيل الكفاءات الفردية ورقابة صرفة يومية لا أول لها ولا آخر في كل صغيرة لا تهم تونس فقط، بل كذلك الدول « الصديقة والشقيقة » من دون اعتبار للمنافسة الشرسة التي يواجهها الإعلام السمعي البصري التونسي من الفضائيات العربية والفرنسية على حد سواء، مما جعل الشارع التونسي يبتدع النكات عن تلفزتيه ».

وفي هذا السياق يستعرض المؤلف ملابسات الإنتقال إلى ظهور أول إذاعة خاصة مع إعلان رئيس الدولة يوم 7 نوفمبر 2003 عن فتح المجال السمعي البصري إذ بدأت محطة « موزاييك أف أم » البث مع الساعة الثالثة بعد الزوال. ويُعلق الخياطي بأسلوبه الحجاجي اللذيذ على ذلك قائلا « لا يخفى على أحد أن محطة إذاعية مهما كان حجمها، لا يمكنها أن تنشأ في أربع ساعات وأن تمضي اتفاقية الإرسال يوم عطلة. لقد أحيط مشروعها بسرية تامة إلى حد إعلان رئيس الدولة عن فتح مجال الإعلام الفضائي للخواص، فهل تمت دراسته من طرف المجلس الأعلى للإتصال، وماذا كان رأيه؟ من تكفل بتركيب هوائيات الإرسال وعلى أي أساس قانوني؟ من هم أصحاب الأسهم في رأس مالها ؟ ما هو كراس شروطها إلى غير ذلك من الأسئلة التي قد يضعها، على الأقل، كل من قدم منذ سنين طلبا لترخيص في إنشاء محطات إذاعية ».

ولكي تكتمل الصورة استعرض الخياطي ظروف بروز قناة « حنبعل » بعد أن أغلقت قناة « الأفق »، مشيرا إلى أن صاحبها السيد العربي نصرة « الذي لا علاقة له بالإعلام سوى من باب الطباعة » كما لاحظ، أعلن أنه سيخصص مبلغ عشرين مليون دينار للقناة وأنه قام باقتناء أهم وأحدث المعدات التقنية الرقمية وسيعمل على استقطاب الكفاءات الصحفية والتنشيطية التونسية التي هجرت البلاد لتعمل في قنوات عربية مشهورة. لكن القناة انطلقت بفيلم مصري قديم عوض مادة إعلامية تونسية. ويمضي المؤلف راسما علامات الإستفهام التي مازالت من دون أجوبة إلى اليوم من نوع « ما هو كراس شروطها؟ هل هي قناة جامعة أم متخصصة؟ ما هي نسب الإنتاج الخاص للقناة مقابل نسب الإستيراد من البرامج؟ ما هي المصداقية المالية والإعلامية لصاحب المشروع؟ هل هو الوحيد صاحب رأس المال؟ وإن تقاسمه مع آخرين فمن هم؟ ».

وعندما يقدم المؤلف جردا للمضامين يتوقف عند ظاهرة وجود قطاع عام من دون ثقافة مقابل إعطاء الصدارة دائما لكرة القدم والمنوعات. وهو يتحدث بلغة أوضح عن توجساته من الخطر المُحدق بالقطاع العام حين يتطرق للإمتيازات التي أغدقت على قناة « حنبعل » إذ حصلت على دعم مقداره 20 في المئة من رأس مالها وسُمح لها بأن تنهل من خزينة القطاع العام السمعية البصرية من دون مقابل إلا سعر الكاسيت البكر، وتم لها استنساخ مسلسلات، مؤكدا أنه « من غير المعقول أن تقدم مؤسسة عامة إلى قناة خاصة نسخا مجانية من برامج صرفت عليها الدولة مالا كثيرا من الخزينة العامة، فماذا يعني أن تكون هذه القناة تلفزة خاصة إن نهلت من البرامج ما تريده من دون مقابل أو أن نعرف شروط هذه المنة ».

من هذا التفكيك الصارم والموثق في آن معا (اعتمد المؤلف على هوامش خصبة تضيء القارئ بمعلومات دقيقة) انتهى الخياطي إلى استنتاج جوهري مفاده أن القطاع السمعي البصري في تونس بحاجة إلى إعادة هيكلة شاملة.

أما في الأقسام الأخرى من الكتاب فتعرض لواقع التليفزيونات العربية مع تعريج من آن إلى آخر على السينما تصديقا لقول الشاعر « ما الحب إلا للحبيب الأول »، فالسينما هي غرام الخياطي الأول و… الأخير. وهنا يتعرض لقضية الخطاب السلفي في الفضائيات العربية الذي هو العنوان الفرعي للكتاب مُهاجما محاكم التفتيش الجديدة ودعاة حرق الكتب، ومحذرا من خطر تفشي الإنغلاق والتزمت اللذين زحفا على عقول الشباب المفتون بتناول « أفيون الفضائيات » مثلما سماه فاضل الجعايبي في المقدمة التي وضعها للكتاب. وفي هذا السياق يقدم الخياطي قراءة شاملة فيها الكثير من الصبر والتقصي والتدقيق للمضامين المنافية لحقوق الإنسان ولقيم الحرية في بعض الفضائيات. كل هذا صحيح من دون شك. لكن كان ينبغي تنسيب الموقف من الفضائيات، وبخاصة الإخبارية، لأنها شكلت نقلة نوعية في حياتنا العربية وأحالت على المعاش الفوري التلفزات الرسمية التي مازالت تعمل على الطريقة السوفياتية. ولا ريب في أن هذا البعد المتصل بكسر القيود عن حرية الخبر وإطلاق العنان للحوار بين الرأي والرأي المعاكس (رغم السلبيات الكثيرة التي يمكن أن تسجل عليه) هو الذي يفسر إقبال الناس على هذا الأفيون الجديد … والجميل.

(المصدر: موقع الحزب الديمقراطي التقدمي نقلا عن صحيفة « الموقف » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 403 بتاريخ 27 أفريل 2007)


 

أيّ آفاق للعمل النقابي بتونس؟

الشاذلي الفارح

ونحن نستعدّ للإحتفال بعيد الشغل بعد أيّام قليلة، يستحضر المهتمّون بالشأن النقابي في تونس تاريخ الحركة العمّالية ابتداءً من المحاولة الأولى لمحمّد علي الحامي ورفاقه، الى تأسيس الإتّحاد العام التونسي للشغل على يد فرحات حشّاد، وصولاً الى المؤتمر الواحد والعشرين المنعقد مؤخّرًا بالمنستير، فالغيورون على الإتّحاد والعارفين بالدور الوطني الذي اضطلع به منذ نشأته خصوصًا بعد الإستقلال وما تلاه من أزمات في سنتي 1978 و1985 وما تخلّلتها من مصادمات مع السلطة، يتسائلون اليوم عن آفاق العمل النقابي ببلادنا والتحدّيات المطروحة عليه مستقبلاً؟

إنّ حساسية المرحلة المقبلة تقتضي منّا استحضار دروس التاريخ الذي أثبت في المحطّات السابقة أنّه كلّما تمسّكت قيادة الإتّحاد بإستقلاليّتها نزلت عليه السلطة بكلّ ثقلها السياسي والأمني.

فما شهدته منظّمة الشغّالين بعد مؤتمر سوسة في 1989 وصعود السحباني الى الأمانة العامّة وما تلاه من إرتماء قيادته في أحضان السلطة والأعراف، وما نتج عن ذلك من تنقيحات لمجلّة الشغل، أفقد المنظّمة كثيرًا من حيويّتها واشعاعها. لكن منذ مؤتمر جربة في 2002 عادت الروح للنقابيين وعاد لهم بعض الأمل في ان تلعب منظّمتهم دورها الوطني الحقيقي كاملاً، ورغم الضغوط التي تتعرّض لها القيادة النقابية فإنّها أصرّت على التمسّك بمواقف أثلجت صدور النقابيين خاصّة فيما يخصّ مجلس المستشارين ودعوة شارون، ووقوفها الى جانب الأساتذة الجامعيين في نضالاتهم، ومساندتها الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان… فهذه المواقف المشرّفة بقدر ما أعادت الإعتبار للإتّحاد فإنّ الملفّات الكبرى القادمة تثير التساؤل حول المواقف المرتقبة لقيادة الإتّحاد منها؟

فكيف ستتعامل هذه القيادة مع قرار الإضراب المتعلّق بملفّ التأمين على المرض الذي تمّ التهديد به في مؤتمر المنستير في حال عدم التزام السلطة بالإتّفاق المُوقّع مع الإتّحاد في ماي 2004؟

ماذا هو موقف قيادة الإتّحاد من الطريقة المُعتمَدة حاليًا في تسيير الصناديق الإجتماعية التي يعلم الجميع من المسؤول عن العجز الذي تعانيه؟

ماذا سيكون موقف الإتّحاد من رفض السلطة التفاوض الثلاثي في بعض الملفّات واصرارها على آحادية القرار؟

ما هو موقف الإتّحاد من الغلاء الفاحش للأسعار والطريقة التي تتّبعها السلطة في احتساب التضخّم؟

وما موقفه من الخصخصة التي اكتسحت كلّ القطاعات دون حسيب أو رقيب، لا سيما المربحة منها ( البنوك، الإتّصالات، النفط، وكلاء شركات السيّارات…)؟

ما هو موقف الإتّحاد من الجباية؟ ومن التجارة الموازية التي أضرّت بالبلاد وبالعباد؟

ما هو موقف الإتّحاد من البطالة ومن ملفّ أصحاب الشهائد المُعطّلين عن العمل؟

ما موقف الإتّحاد من الهجمة التي يتعرّض لها المجتمع المدني (جمعيّة القضاة، عمادة المحامين، الرابطة، النساء الديمقراطيّات..الخ) انّ استعراضنا لكلّ هاته التساؤلات المطروحة بقوّة في الساحة النقابيّة ينبع من حرصنا على ان تبقى المنظّمة الشغيلة كما عهدناها مدافعة عن حقوق العمال والشغّالين وعن مكتسبات شعبنا ككّل، لا سيما في مجال الحرّيات، فهل ستتمكّن قيادة الإتّحاد مواصلة النجاح في المرحلة المقبلة؟ وكيف سيكون تعامل السلطة التي عوّدتنا بردودها المتشنّجة كلّما طُرحت الملفّات الحسّاسة؟ أسئلة تتنتظر جوابًا.

الشاذلي الفارح

الكاتب العام المساعد للجامعة العامة للبنوك

(المصدر: موقع الحزب الديمقراطي التقدمي نقلا عن صحيفة « الموقف » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 403 بتاريخ 27 أفريل 2007)


شخصيات تونسية

محمّد علي الحامي

وُلد بمدينة الحامّة سنة 1896. تحصّل على شهادة في العلوم السياسية والإقتصادية من الجامعة الألمانية قبل ان يعود الى تونس في 1923 وحاول انشاء شركات تعاونية زراعية وصناعية ، اذ قام ببعث شركة التعاون الإقتصادي وذلك لخدمة الطبقة الفقيرة الأمر الذي تمّ في 29 جوان 1924 في جلسة عامّة تأسيسية بقاعة الخلدونية. وسعيًا لتوسيعها بدأ إتّصالاته بالعمّال، وعقد اجتماعات مع عملة الرصيف لحثّهم على الدخول في المشروع. أسّس محمّد علي مع بعض رفاقه كالطاهر الحداد « جامعة عموم العملة التونسيين » سنة 1925 ، ومنها تمّ إحداث عدّة نقابات لعمّال السكك الحديديّة وعمّال سوق الحبوب وعملة النسيج والمطاحن والسرّاجين وعملة الجير والإسمنت. كما تأسّست نقابات بسوسة وصفاقس والمتلوّي وقفصة. ونتيجة لهذه الحركة إنطلقت سلسلة من الإضرابات في مختلف القطاعات العمّالية ممّا اضطرّ السلطة الإستعمارية إلى ايقاف محمّد علي ومجموعة من رفاقه بتهمة الإنتماء للشيوعيّة وتعكير صفو المناخ العام. مات محمّد علي الحامي بالسعودية على إثر حادث مرور غامض في 10 ماي 1928.

فرحات حشّاد

وُلد يوم 2 فيفري 1914 بالعبّاسية في جزيرة قرقنة. التحق سنة 1930 بشركة النقل بالساحل للعمل كمرافق. أسّس فس نفس السنة نقابة مرتبطة بالكنفدرالية الفرنسية للشغل C.G.T . ابتداءً من نوفمبر 1944 شرع حشّاد في تأسيس إتّحاد للشغل بتونس مستقلاً عن C.G.T فتمّ إحداث النقابات الحرّة بالجنوب، تمّ بتونس سنة 1945 مع تأسيس الجامعة العامّة للموظّفين. ومع انتخابه أمينًا عامًا في مؤتمرها التأسيسي بدأ بروز حشّاد على الساحة الوطنيّة والعالمية كرمز للتحرّكات الشعبيّة ضدّ الإستعمار في تونس، كما دفع العمل النقابي عربيًا (مصر، المغرب، الجزائر، ليبيا) وعرّف بقضايا الشعوب العربية والإفريقية والغبن الذي تعيشه تحت الإستعمار.

ونتيجة لنضاله المتواصل وإشعاعه المتزايد على المستوى القطري والإقليمي والعالمي تمّ إغتياله في 5 ديسمبر 1952 . وان لم تُكشف بعد كلّ الحقائق عن واقعة اغتياله فإنّ أغلب الشكوك تشير الى تورّط المنظمّة الإستعماريّة الإرهابيّة « اليد الحمراء ». وان لم تستجب السلطات الفرنسيّة بعد للطلب الذي تقدّمت به أرملة حشّاد سنة 2002 الى الرئيس شيراك لفتح ملفّات الأرشيف الفرنسي حول الموضوع ، الاّ أنّه من الثابت انّ الإغتيال كان بمباركة المقيم العام آنذاك.

(المصدر: موقع الحزب الديمقراطي التقدمي نقلا عن صحيفة « الموقف » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 403 بتاريخ 27 أفريل 2007)


رفضت تسيير الحركة «من بيت الأمين العام»:

قيادات في الـ«ح.د.ش» تمهّد لمرحلة «ما بعد بولحية»

اتجاه نحو عقـــــد مجلــــس وطنـــي خـــــلال الأســــــابيع القادمــة

تونس/الصباح تقرر صلب حركة الديموقراطيين الاشتراكيين، عقد المكتب السياسي يوم الجمعة القادم الرابع من ماي، وسط احتمالات بان يتناول مسألة هيكلة الجامعات والفروع، وتاريح انعقاد المجلس الوطني الدوري للحركة، بالاضافة الى التطورات المسجلة في الحزب، في اعقاب الوضع الصحي الذي ألمّ برئيس الحركة، السيد اسماعيل بولحية. ويأتي قرار انعقاد المكتب السياسي بعد نحو شهرين من العطالة لاسباب مختلفة. وكانت سبقت هذا القرار، خلافات بين عدد من اعضاء المكتب السياسي حول الجهة التي بوسعها، دعوة المكتب للانعقاد، بين شق اعتبر ان المسألة من صلاحيات لجنة التنمية السياسية، وشق ربط الموضوع بلجنة الهياكل. لكن طرفا آخر، اعتبر ان اللجنتين منبثقتين عن المكتب السياسي وليس بوسعهما القفز عليه او الحلول مكانه، وفقا لمنطوق النظام الداخلي والقانون الأساسي للحركة. ويبدو ـ في نظر بعض اعضاء المكتب السياسي ـ ان مقترح لجنة الهياكل مرفوض، ليس فقط لكونها غير مخولة بمثل هذه المهمة من الناحية القانونية، ولكن ايضا، لان هذه اللجنة لم تجتمع منذ ما يقرب عن الشهرين لتفعيل عملية الهيكلة المعطلة من دون اسباب مقنعة، في ضوء «ازمة الثقة» التي باتت مهيمنة بين اعضائها الثلاثة (السادة الصحبي بودربالة وحسين الماجري ومحمد رجاء ليتيم) الى جانب وجود اصوات عديدة كانت نادت منذ فترة بحلها، اثر انتقادات وجهت اليها بسبب بطئها، حيث لم تهيكل سوى اربع جامعات فقط (القصرين وجندوبة وتوزر وأريانة) من مجموع 24 جامعة موزعة على مختلف ولايات البلاد. وحسب المعلومات المتوفرة لديها، فان هذه اللجنة لم تعد تحظى بثقة هياكل الحزب ومناضليه، ومن غير المستبعد ان يتم اجراء تعديلات على تركيبتها خلال الفترة القادمة. حالة شغور.. وتشنج.. من جهة اخرى شهدت الحركة اجتماعات ماراطونية خلال الايام العشرة الماضية بين عدة اعضاء من المكتب السياسي، وتمحورت هذه الاجتماعات حول الشغور الحاصل في الحزب في مستوى الامانة العامة بعد المتاعب الصحية للسيد بولحية. وذكرت مصادر من المكتب السياسي ان قيادات من الحركة اعلنت رفضها «تسيير الحزب من بيت الامين العام» على حد تعبيرها، وبدأ بعض اعضاء المكتب السياسي يتساءلون عن الوضع الصحي للأمين العام، وما اذا كان سيتعافى قريبا أم ستطول فترة نقاهته.. وعلمت «الصباح» في هذا السياق، ان حالة من التشنج هيمنت على مواقف قيادة الحزب بشأن هذا الموضوع، سيما مسألة تسيير الحركة، وبرزت في الاثناء هواجس للزعامة وخلافة الامين العام لاكثر من طرف. وأجمعت عديد الاطراف في تصريحات مختلفة لـ«الصباح» على «الدور الوفاقي» الذي لعبه السيد الطيب المحسني، الذي نجح في تجاوز الصراعات الموجودة، وحرص على أن يكون الخيط الذي يربط بين جميع الاطراف المختلفة صلب الحركة. في هذه الاثناء تتجه الامور في الحزب الى عقد جلسة للمجلس  الوطني خلال الاسابيع القادمة، ومن المرجح ان لا يتجاوز تاريخ انعقاد هذا المجلس، العشرين من الشهر القادم، وهو المجلس الذي من المتوقع ان يضع لبنات مرحلة جديدة صلب الحركة. فهل يؤشر المكتب السياسي القادم، لبدايات الخروج من أزمة «الفراغ القيادي» الذي تمر به الحركة، أم يستمر تسيير الحركة «من بيت الأمين العام»، كحل مؤقت مرشح لان يطول لفترة لاحقة؟ صالح عطية (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 29 أفريل 2007)


المجلس الاعلى للتنمية تستعد الاحزاب الوطنية خلال هذه الايام لاعداد ورقات عمل ستشارك بها في المجلس الاعلى للتنمية الذي سينعقد يوم 3 مارس القادم باشراف الوزير الاول السيد محمد الغنوشي ومشاركة كافة الوزراء. وقد علمنا ان ابرز الملفات المنتظر الحوار بشأنها هي تلك التى تتعلق بالاختيارات الكبرى للمخطط الحادي عشر في المجال الاقتصادي والاجتماعي على وجه الخصوص. التجارة الالكترونية ينتظر ان يتم خلال المدة القريبة القادمة أخذ جملة من التدابير الخاصة بقطاع التجارة الالكترونية ، حيث سيتم عقد ندوة وطنية في الغرض سيقع خلالها الاعلان عن جملة من القرارات الهادفة الى تطوير وتنطيم القطاع مع اصدار كراس شروط ينظم هذا النشاط ويدعم الناشطين فيه.
الفوانيس المقتصدة  للطاقة علمنا ان الديوان الوطني للتجارة الذي تولى مهمة توريد كميات هامة من الفوانيس المقتصدة للطاقة سيتولى خلال الايام القريبة القادمة جلب كميات ثانية من هذه الفوانيس، وذلك في ضوء الاقبال الكبير على هذه الفوانيس من ناحية، واتمام الكمية الجملية التي تقرر توريدها على دفعات متتالية والتي تقدر بملايين الفوانيس. جائزة الابداع في مجال الطب البيطري آلت جائزة 2006 المخصصة للبحث والابداع في مجال الطب البيطري الى كل من د.أكرم الشريف والدكتورة أمينة بوسلامة عن اعمالهما البحثية حول «ايجاد آليات للمتابعة المستمرة لأهم امراض الدواجن». وتسند هذه الجائزة للسنة الثالثة على التوالي من قبل مخابر سيفا-أنتركام بالتنسيق مع المدرسة الوطنية للطب البيطري بسيدي ثابت. يوم البيئة تنظم الغرفة الفتية العالمية بالمنزه اليوم الاحد 29 افريل يوم البيئة تحت شعار «وعينا بمحيطنا» بمنطقة المنزه ابتداء من الساعة التاسعة  صباحا. وتعتبر هذه التظاهرة فرصة لابناء الجهة للمساهمة في تنظيف الحي وتزيينه حيث سيتم القيام بالعديد من الانشطة منها اعادة تهيئة منطقة خضراء، دهن بعض واجهات المباني، مسابقة لرفع النفايات، مسابقة للرسم على الجدران حول موضوع البيئة الرياضة والغرفة الفتية الاقتصادية. تعاون جامعي تقرر مزيد دفع علاقات التعاون بين تونس وبلغاريا في مجال التعليم العالي وخاصة فيما يتعلق بدفع التعاون والشراكة بين الجامعات التونسية والجامعات البلغارية لدعم تبادل الطلبة والاساتذة الزائرين ومزيد استقدام اساتذة بلغاريين في مجال علوم الموسيقى والفنون الجميلة والحرف. (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 29 أفريل 2007)


 

تركيا..أردوغان والغرب يحذران الجيش

 

أنقرة- رويترز – وجهت الحكومة التركية، اليوم السبت انتقادات حادة للجيش بعد أن هدد ضمنا بإمكانية تدخله لوقف انتخابات الرئاسة التي ينتظر أن تسفر عن فوز عبد الله جول مرشح حزب العدالة والتنمية الحاكم، وذلك وسط دعم أمريكي وأوروبي للموقف الحكومي.

ورأى مراقبون أن التحفظ الغربي على موقف الجيش سيحد من إمكانية تدخله لمنع وصول جول ذي التوجهات الإسلامية لرئاسة البلاد، معتبرين أن الجيش لم يعد أمامه سوى دعم المعارضة في اللجوء للقضاء لعرقلة تلك الانتخابات.

وقال المتحدث باسم الحكومة التركية اليوم السبت جميل جيجيك إن رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان تحدث تليفونيا مع ياشار بويوكانيت رئيس هيئة الأركان العامة للجيش التركي بعد تهديد للجيش بالتدخل لحماية العلمانية في البلاد. وأبلغه أنه يتعين أن يبقى الجيش تحت سيطرة مدنية صارمة.

فقد أصدر الجيش الذي أطاح بـ4 حكومات خلال الـ50 عاما الماضية بيانا شديد اللهجة أمس الجمعة أعرب فيه عن القلق إزاء الانتخابات وقال انه مستعد للتحرك دفاعا عن النظام العلماني الذي يفصل بين الدين والدولة.

ويعتقد العلمانيون أن وزير الخارجية عبد الله جول مرشح حزب العدالة والتنمية الحاكم للانتخابات الرئاسية سيقضي بشكل تدريجي على النظام العلماني في حالة انتخابه. وسيكون جول في حالة انتخابه أيضا قائدا للقوات المسلحة. وفشل جول في حسم الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة أمس الجمعة بسبب عدم حصوله علي عدد كاف من الأصوات (الثلثان) داخل البرلمان، غير أنه من المنتظر أن يتم اختياره رئيسا من قبل البرلمان في جولة التصويت الثالثة التي ينخفض فيها النصاب المطلوب إلى 50% + صوت واحد.

وكان الجيش قد أعلن  أيضا أنه سيعلن موقفه بوضوح عند الضرورة، وهو ما اعتبره مراقبون محاولة من الجيش للضغط على المحكمة الدستورية لإلغاء التصويت، وحل البرلمان التركي، بما يحول دون فوز جول بكرسي الرئاسة.

وفي وقت لاحق اليوم اعتبر كنعان ايفرن الجنرال الذي قاد تركيا بعد انقلاب عسكري عام 1980 اليوم السبت إن الجيش محق في التدخل في الخلاف الخاص بالانتخابات الرئاسية في تركيا لأن دوره هو حماية الدولة العلمانية.

غير أن المتحدث باسم الحكومة حذر في مؤتمر صحفي أن « مشاكل تركيا ستحل في إطار القانون ولا يوجد أي سبيل أخر… رئيس هيئة الأركان العامة (للجيش) مسئول أمام رئيس الوزراء. »

وأضاف إن بيان الجيش موجه ضد الحكومة واستهدف التأثير على المحكمة

الدستورية التي ستنظر في طعن قانوني في صحة الجولة الأولى غير الحاسمة من الانتخابات الرئاسية التي أجريت أمس الجمعة.

وقال جيجيك الذي يشغل أيضا منصب وزير العدل في لفتة تصالحية إن الحكومة لن تسمح لخصومها بإثارة التوترات بينها وبين الجيش. كما شدد على التزام الحكومة بالقيم العلمانية.

دعم غربي

وجاء انتقاد الحكومة للجيش في أعقاب انضمام الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لقائمة المحذرين الجيش من التدخل في الشئون السياسية وهو ما يعطي دعما دوليا لموقف الحكومة.

وقال دان فرايد مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية اليوم السبت لرويترز : « نأمل ونتوقع أن يعمل الأتراك على حل هذه المسائل السياسية بطريقتهم بشكل يتناسب مع ديمقراطيتهم العلمانية وبنود الدستور. »

وعند سؤاله حول ما إذا كان سينتقد بيان القوات المسلحة التركية الذي أفاد بأن الجيش يراقب الانتخابات الرئاسية بقلق قال فرايد : »نحن لا نتحيز لأي جانب. »

وأجاب عند الضغط عليه للتعليق على ما إذا كان بيان الجيش ملائما « لا يمكنني التفكير في أي طريقة أجيب بها على هذا السؤال بصراحة وتكون ذات فائدة. »

على الصعيد نفسه وبلهجة تحمل انتقادات أكثر صراحة، قال مفوض توسيع الاتحاد الأوروبي أولي رين للصحفيين اليوم السبت: « من المهم أن يترك الجيش مسألة الديمقراطية للحكومة المنتخبة ديمقراطيا، وهذا اختبار (سيظهر) إن كانت القوات المسلحة التركية تحترم العلمانية الديمقراطية وأسس العلاقات المدنية العسكرية » في إطار هذه العلمانية.

معركة قضائية

وبعد انضمام الغرب إلي جانب الحكومة التركية في تحذير الجيش، رأى مراقبون معنيون بالشأن التركي أنه ذلك أضفى مزيدا من القيود علي تدخل الجيش في تلك الأزمة.

وأوضح المراقبون أن سلسلة القوانين التي وضعها حزب العدالة كي تنطبق مع المعايير الأوروبية على تركيا للانضمام للاتحاد الأوروبي، أفقدت الجيش الكثير من نفوذه السياسي، خصوصا داخل « مجلس الأمن القومي » الذي كان تقليديًّا يتشكل من الجيش للضغط على الأحزاب، حيث أصبح الآن له رئيس مدني وأغلبية مدنية أيضًا.

ويزيد من تكبيل دور الجيش في الضغط أو التدخل العسكري بحسب المراقبين أن تدخله ينهي الحديث عن انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، كما أنه غير مستحب أمريكيًّا بسبب مساندة إدارة الرئيس جورج بوش للحزب كنموذج إسلامي معتدل يصلح للتطبيق عربيًّا.

وكان الجيش التركي قاد انقلابات عسكرية مباشرة عامي 1960 و1980 وضغط على الحكومات لتقديم استقالتها في 1971 و1997 في الحالات التي استشعر فيها خطر تقويض مبادئ العلمانية.

حل البرلمان

ويرى المحللون أنه لم يعد أمام الجيش سوى مساندة القوى العلمانية في المعارضة في المعركة القضائية التي تخوضها لعرقلة التصويت علي اقتراع جول.

وطلب الحزب الشعبي الجمهوري من المحكمة الدستورية التركية اعتبار تصويت البرلمان يوم الجمعة 27-4-2007 باطلا بسبب حضور أقل من ثلثي الأعضاء وقت التصويت بعد تغيب أحزاب المعارضة، في حين قال حزب العدالة إنه من غير المطلوب وجود أكثر من 184 نائبا كي يكون التصويت صحيحا.

من جهتها قالت المحكمة الدستورية إنها ستنظر الاثنين 30-4-2007 طلب الحزب الشعبي بشأن إلغاء التصويت في الانتخابات.

وإذا أيدت المحكمة طلب الحزب الشعبي، يتعين الدعوة إلى حل البرلمان وإجراء انتخابات عامة خلال 90 يوما، بحسب الدستور التركي.

على صعيد متصل، ينتظر أن تشهد تركيا غدا الأحد مظاهرات ضخمة في استانبول لأنصار العلمانية احتجاجا على ترشيح العدالة والتنمية « جول » لرئاسة الجمهورية.

وفي تركيا ينتخب رئيس البلاد من خلال سلسة اقتراعات يجريها البرلمان الذي يتمتع فيه حزب العدالة والتنمية بالأغلبية.

ويجب أن يحصل مرشح الرئاسة على ثلثي أصوات أعضاء البرلمان، أي على 367 صوتًا على الأقل من أصل 550 في التصويت الأول ليصبح رئيسا، وهو ما لم يحدث في تصويت يوم الجمعة.

وترتب على ذلك إجراء عملية تصويت أخرى يوم الأربعاء، ويشترط خلالها أيضا أن يحصل المرشح على 367 صوتا.

وفي حالة فشله في الحصول على هذا العدد، فإن 276 صوتا -أي أكثر من 50% بصوت واحد- ستكون كافية لفوزه بالرئاسة في تصويت ثالث أو رابع في حال فشل الثالث، أما إذا فشل البرلمان في انتخاب الرئيس في الجولات الأربع فهناك مادة دستورية تنص على حله.

ويمتلك العدالة والتنمية 353 مقعدا في مجلس النواب، أي أكثر من 51% من الأصوات؛ الأمر الذي يضمن فوز مرشحه في سباق الرئاسة في الدور الثالث.

ومنصب رئيس الجمهورية مراسمي في الأساس وهو أقل أهمية من رئاسة الوزراء، غير أن أول من تولى رئاسة الجمهورية هو مؤسس الدولة مصطفى كمال أتاتورك بما يجعله ذا أهمية رمزية كبيرة بالنسبة للأتراك.  كما أن رئيس الجمهورية يملك بعض الصلاحيات الهامة ومنها عدم سريان القوانين التي تسعى الحكومة لإقرارها من البرلمان إلا بعد تصديقه عليها.

يذكر أن الجمهورية أعلنت في تركيا عام 1923 وقامت على أساس صارم من فصل الدين عن الدولة.

(المصدر: موقع « إسلام أونلاين.نت » (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 28 أفريل 2007)  


 

أي رئيس إسلامي ؟

بقلم: سحر بعاصيري لم يكن ترشيح حزب العدالة والتنمية عبد الله غول لرئاسة تركيا مجرد اختيار « بديل » من زعيمه رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان الذي قرر عدم الترشح، بل كان قرارا مدروسا بتقديم شخص معروف باعتداله يصعب ان يثير اسمه ازمة لدى العلمانيين. ومع هذا هددت المعارضة العلمانية بالمقاطعة. وما هي الا ساعات حتى ترتسم ملامح المرحلة المقبلة: دورة اولى يكتمل النصاب المطلوب فيها وتنفتح طريق القصر الرئاسي لاول اسلامي في تركيا العلمانية او محاولة سد الطريق بأزمة.
ولكن بين ما يعتبره « العدالة » مرشح تسوية تجاه المعارضة وتهديدات الاخيرة، السؤال هو: اي اضافة سيأتي بها غول اذا انتخب او اية خسارة؟ يختصر غول في شخصيته وتجربته مسار تطور الحركة الاسلامية في تركيا من الهامش الى قلب السلطة ومن عدائية لفرض اجندة اسلامية الى التزام الدستور العلماني واحترام الحرية الدينية والتأكيد ان « المرء يترك هويته السياسية وراءه عندما يصير رئيسا »، كما قال اردوغان قبل ايام.
القصة الاولى المعروفة عنه انه امضى شهر العسل في سجن عسكري وذلك خلال انقلاب 1980. وحتى انتخابه نائبا في 1991 ثم 1995 عمل في مجال الاقتصاد والمال، وفي البرلمان كان عضوا في لجنة التخطيط والموازنة ثم لجنة الشؤون الخارجية. وبرز وزيرا للدولة وناطقا باسم حكومة نجم الدين اربكان زعيم حزب الرفاه الاسلامي (1996 – 1997). وانتقل مع نواب هذا الحزب الى حزب « الفضيلة » الذي تأسس بعدما اجبر الجيش اربكان على الاستقالة وحظر حزبه. وفي « الفضيلة » قاد غول المعتدلين في تمرد على الاسلوب العدائي لاربكان ضد الجيش والمؤسسة العلمانية ومحاولته فرض اجندة اسلامية على البلاد. وقبل ان تحظرالسلطات « الفضيلة » كان غول يقر علنا بأخطاء اربكان ويعلن ان اي حزب اسلامي يحكم يجب ان يسعى فقط الى الحريات الدينية كما في الغرب. ثم اسس مع اردوغان « العدالة والتنمية » الذي يثبت توجهه هذا بالممارسة.
ومنذ تولى وزارة الخارجية في 2004، بقي غول من اركان هذا التوجه يعززه بحضور ديبلوماسي كبير ناجح في القضايا الاقليمية والدولية اكسبه احترام العالم شرقا وغربا وجعله الوجه الدولي لحزبه ولتركيا والشخص الذي يرتاح المسؤولون الى التعامل معه. هذا الوجه نفسه جعله شخصية مقبولة من النخبة العلمانية في تركيا التي راقبته يدافع عن مصالح البلاد وقدرت جهوده وخصوصاً نجاحه في اطلاق المفاوضات لعضوية تركيا في الاتحاد الاوروبي والتزامه الواضح في كل المحافل مواصلة الاصلاحات الاقتصادية والسياسية من اجل تركيا اولا ومن اجل ضمان العضوية في نهاية السنين العشر المقررة قبل الحسم. ولعل هذا المزيج هو ما جعل المؤسسة العسكرية تعتبره الاكثر جدارة بالثقة بين شخصيات « العدالة ».
وليس مصادفة ان يكون اختياره مرشحا للرئاسة اثار حماسة المسؤولين الاوروبيين والاميركيين ولو من دون اعلان اسمائهم لئلا يعتبر ذلك تدخلا في الشؤون التركية. فهم يصنفونه اصلاحيا ويعتبرونه طاقة قادرة على ضخ حيوية جديدة في الرئاسة التركية. التجربة تؤكد حتى الان صحة هذه الفرضية وبما يتجاوز وجهة النظر الاميركية والاوروبية. فاذا انتقل غول الى قصر الرئاسة سيترك خلفه « هويته السياسية » كما قال اردوغان قبل ايام، لكنه يصعب ان يترك مشروعه الاصلاحي للداخل واهتماماته الدولية ورؤيته لدور تركيا في التوفيق بين العالمين الغربي والاسلامي. وهذا فيه الكثيرمن المكاسب لتركيا.
(المصدر: صحيفة « النهار » (يومية – لبنان) الصادرة يوم 28 أفريل 2007)

الاسلاميون في الانتخابات الرئاسية التركية وخطر وصول الصراع السياسي الى انقلاب عسكري

بشير عبدالفتاح (*)  
    ربما كان من أبرز تداعيات الإنقلاب الجذري الذي ألحقه مصطفى كمال أتاتورك بالدولة العثمانية، والتي بدأت إرهاصاته تدوي إبتداء من العام 1922، أن نصب عسكر تركيا الكمالية أنفسهم حماة للعلمانية وحراساً للمبادئ الأتاتوركية من أية ردة راديكالية قد تتقهقر بالجمهورية الحديثة (التي ورثت السلطنة في تركيا) إلى الوراء حيث الإرث الديني الإسلامي والحضاري الثقيل. وفي العام 1951 اجتازت المؤسسة العسكرية التركية أول اختبار لها وحرصت خلاله على تأكيد الدور الذي آلت على نفسها الإضطلاع به، فبعد نجاح الحزب الديموقراطي الإسلامي بزعامة عدنان مندريس في انتخابات عام 1950، أصدرت الجمعية الوطنية العظمى ما عرف وقتها بـ «قانون أتاتورك» لإطلاق يد حماة العلمانية في التعاطي مع مناهضي العلمانية والأتاتوركية، وذلك في مسعى جاد لسد الطريق أمام الحكومة الإسلامية الجديدة. وتتمتع المؤسسة العسكرية التركية بإستقلالية واضحة وصلاحيات رقابية وتنفيذية واسعة، إذ يرأسها رئيس الأركان، ولا ترتبط بوزارة الدفاع، بل برئيس الوزراء من الناحية الشكلية والنظرية فقط، وتقوم باتخاذ جميع القرارات المتعلقة بالجيش (شراء أسلحة، تعيينات، ترقيات، إقالات) من دون أن يكون لوزير الدفاع أو لرئيس الوزراء أي علاقة أو تأثير في هذه القرارات، فقد طرد الجيش قرابة 1000 ضابط من أكفأ الضباط بسبب ميولهم الإسلامية، وكون زوجاتهم محجبات، في إطار عمليات التطهير السنوية التي تجريها المؤسسة العسكرية ضد «الرجعيين» من العسكريين! ومع أن دستور البلاد والنظام الداخلي للجيش يمنعان العسكريين من التدخل في السياسة، إلا أن شيئاً من هذا لا يطبق عملياً، حيث يستند العسكريون على تفسير خاص من جانبهم لبعض مواد في الدستور يزعمون أنها خولتهم مهمة الدفاع عن الأمن الخارجي والداخلي للبلد وعن العلمانية والمبادئ الأتاتوركية، إذ تقرر المادة الثانية من الجزء الأول من الدستور بوضوح، وهي من المواد الدستورية الثلاث المحظور تغييرها بل تقديم مقترح بتغييرها، على أن تركيا جمهورية علمانية تدين بالولاء للقومية الأتاتوركية، وأن الجيش هو المسؤول عن الدفاع عن أمن البلاد ضد الأخطار الخارجية، كما يقوم بالتصدي لأي حركة عصيان مسلحة داخلية. وقد وسعت المؤسسة العسكرية مفهوم «الأمن الداخلي»، وجعلته يشمل تقويض جميع الحركات السياسية التي تحمل أفكاراً وأهدافاً تعدها خطراً على «العلمانية» وعلى «الكمالية». استفادت الحركة الإسلامية التركية، التي انصبت جهودها على المصالحة بين الإسلام والحداثة من خلال الإعتدال والمرونة، من تجربة الأحزاب والحكومات الإسلامية التي اصطدمت بالعسكر ومعاونيهم من العلمانيين والقوميين المتطرفين فكان مآلها التجميد والإبعاد من الساحة السياسية. وبحصافة بالغة ومرونة بارعة بدأ إسلاميو تركيا يتبنون خطاباً سياسياً براقاً لا يختلف كثيراً عن ذلك الذي تعلنه القوى السياسية القومية والعلمانية، فراح حزب العدالة والتنمية بزعامة رجب طيب أردوغان يؤكد تمسكه بالمبادئ العلمانية للدولة ويتعهد بعد نجاحه في انتخابات عام 2002 مواصلة درب الحكومات العلمانية السابقة في الإلتحاق بالإتحاد الأوروبي والإبقاء على التحالف الإستراتيجي مع الدولة العبرية، إلى جانب التأكيد على أن الحزب ليس إسلامي التوجه وإنما هو يسعى إلى تخفيف بعض القيود الصارمة على ممارسة الشعائر الدينية للمسلمين الأتراك من منطلق الديموقراطية والتعددية وحرية الإعتقاد والتعبير. وما إن ترسخت أقدام حكومة «العدالة والتنمية» في السلطة حتى بدأت في سحب البساط تدريجاً وبهدوء شديد من تحت أقدام العسكر، مستندة إلى عاملين مهمين: أولهما، الإنجازات الإقتصادية الداخلية الهائلة والسياسات الناجعة على الصعيدين الإقليمى والدولى، والتي وسعت من قاعدة التأييد الشعبي للحزب. وثانيهما، تعلق الأتراك بحلم الإنضمام للإتحاد الأوروبي، الذي تمكنت حكومة حزب العدالة من انتزاع موافقته على بدء محادثات انضمام تركيا إليه قبل زهاء عامين. فقد اتخذ أردوغان من الشروط والمعايير الأوروبية الصارمة للحصول على عضوية الإتحاد الأوروبي ذريعة ومسوغاً لتقليص النفوذ السياسي الطاغي للعسكر، لا سيما أن المفوضية الأوروبية أكدت غير مرة أن هيمنة مجلس الأمن القومي على الحياة السياسية في البلاد ووصاية الجيش على الدولة التركية يعوقان ولوج تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، الذي لم يقبل ذلك الوضع الشاذ المناقض لجميع المعايير الديموقراطية السائدة في العالم الديموقراطي. وطالب كُونتر فِرهوجن العضو الألماني البارز في لجنة توسيع عضوية الاتحاد الأوروبي والمسؤول عن الملف التركي العام 2000، بتحويل هذا المجلس العسكري إلى مجلس استشاري يخضع لسلطة الحكومة المدنية المنتخبة، كما اتهم الجيش التركي بأنه لا يريد لتركيا أن تلتحق بالاتحاد الأوروبي كي لا يخسر نفوذه السياسي، وذلك تعليقاً على رفض الفريق طونجر قليطش سكرتير مجلس الأمن القومي التركي في ندوة ثقافية علنية عقدت في وقت سابق في اسطنبول، انضمام تركيا للإتحاد الأوروبي، إذا كان يقتضي تقليص صلاحيات المجلس العسكري. الجيش التركي راعي العلمانية حتى بواسطة الانقلاب 
ووسط ذهول العلمانيين وتوجس مشوب بالقلق من جانب العسكريين وانبهار الأوروبيين، تجشم حزب العدالة والتنمية عناء المغامرة وطفق يغير من القوانين المتعلقة بصلاحيات مجلس الأمن القومي وسكرتاريته، مزلزلاً الأرض تحت أقدام المؤسسة العسكرية التركية، التي تساندها وتؤيدها مؤسسات علمانية قوية، مثل المحكمة الدستورية، وسائل الإعلام البارزة، مجلس التعليم العالي الذي يشرف على الجامعات، القصر الجمهوري، القضاء ورجل الأعمال. لقد ألغت حكومة حزب العدالة الصفة التنفيذية لمجلس الأمن القومي وحصرت اختصاصاته وسكرتاريته في مهمات استشارية، إذ تم سحب صلاحية تدخل المجلس في عمل الهيئات والمؤسسات المختلفة والوزارات، وحصر عمله في تقديم الاستشارة إلى الحكومة التي لها مطلق الحرية في الأخذ أو عدم الأخذ بها أو حتى تجاهلها، وجرد المجلس من صلاحية المراقبة والمتابعة التي كان يباشرها على الحكومة، كما سحبت من رئيس الأركان صلاحية تعيين السكرتير العام للمجلس، ونقلته إلى رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية. وألغي شرط كون السكرتير العام للمجلس عسكرياً. وبهذا فقد مجلس الأمن القومي هيمنته على الحياة السياسية، وأصبح لجنة استشارية مثل اللجان الشبيهة في بعض الدول الغربية. كما نصت التعديلات الأخيرة، وللمرة الأولى، على قيام لجان من البرلمان أو من وزارة المالية بتدقيق نفقات الجيش التي طالما تحفظ عليها الإسلاميون لأنها تبتلع 40 في المئة من موازنة الدولة سنوياً. وأعادت حكومة العدالة إسلاميين كان يسميهم الجيش «رجعيين» إلى مناصبهم التي سبق أن فصلهم الجيش منها، الأمر الذي أجج الحديث عن انقلاب عسكري مرتقب، بسبب غضب الجيش واستيائه من تلك الإصلاحات، حتى أن معهد البحوث الإستراتيجية والدولية التركي توقع في تقريره السنوي الصادر في أيار (مايو) 2003، أن يقوم الجيش التركي بانقلاب جديد إذا أقدمت حكومة حزب العدالة والتنمية على مزيد من «الإصلاحات الراديكالية» خلال الفترة المقبلة، في ما يخص قضايا الحجاب وتقليص موازنة الجيش أو إلغاء قوانين مقيدة للحريات يعتبرها الجيش لتنامي «الأصولية». وإذ يواصل الجيش التركي وموالوه من غلاة العلمانيين والقوميين المتطرفين اليوم مساعيهم لتقويض الحكومة المدنية التي يمثلها حزب العدالة ذو الجذور الإسلامية والحيلولة دون هيمنة الحزب على منصب رئيس البلاد لئلا يحكم قبضته على مفاتيح السلطة في البلاد، تطل برأسها حقيقة مهمة، إذ يمكن القول إن إبعاد عبدالله غُل مرشح «العدالة والتنمية» عن قصر الرئاسة لن يضع نهاية حقيقية للصراع السياسي والفكري المزمن داخل تركيا. ويمكن القول أيضاً إن مرونة وحصافة حزب العدالة والتنمية أعانتاه على تجريد الجيش التركي ومعاونيه العلمانيين من مسوغات الإصطدام به وتقويض حكومته على نحو ما جرى من قبل مع أربع حكومات إسلامية، آخرها حكومة أربكان في العام 1998. وظلت خصوصية الحركة الإسلامية التركية، التي تنزع باتجاه الاعتدال والسعي إلى المواءمة بين الإسلام والحداثة، عاملاً مهماً في استساغة الغرب لها والتفاف الشعب التركي حول أحزابها وحكوماتها، التي نجحت في تحقيق إنجازات للبلاد على الصعيدين الداخلي والخارجي لم يتسن لأي حكومة علمانية أو شبه عسكرية تحقيق مثلها. ففي مطلع خمسينات القرن المنصرم، تمكن الحزب الديموقراطي بزعامة عدنان مندريس، بعدما نجح في انتخابات العام 1950 من تحقيق نقلة نوعية مهمة لتركيا في علاقاتها بالغرب حينما أدخلها ضمن مشروع مارشال الأميركي لمعالجة آثار الحرب العالمية الثانية، ثم ألحقها بعضوية حلف شمال الأطلسي. وبعد أعوام من فوزه في انتخابات عام 2002 وتبنيه خطاباً دينياً وسياسياً أشبه بذلك الذي تعلنه سائر الأحزاب القومية والعلمانية في البلاد، نجح حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان في انتزاع موافقة الإتحاد الأوروبي رسمياً على بدء مفاوضات انضمام تركيا إليه وتتويج مسيرة ناهزت الأربعين عاماً من ركض العلمانيين الأتراك خلف الإتحاد الأوروبي. ويبدو أن ساحة الصراع السياسي الداخلي في تركيا شهدت بعض التحول في اتجاهات هذا الصراع، بحيث وجد العسكر أنفسهم وقد زج بهم إلى مواجهة حتمية ومصيرية مع القوى السياسية المدنية التركية، بما تضم من ديموقراطيين وعلمانيين وإسلاميين معتدلين حتى كاد الصراع أن يكتسي طابع المواجهة بين الديموقراطية والحكم العسكري المتسلط، والمتستر بحماية الجمهورية التركية الحديثة، لذلك يمكن الإدعاء أن تركيا تقف اليوم عند مفترق طرق، فإما نجاح القوى السياسية المدنية الديموقراطية في إقصاء العسكر وتجاوز حقبة هيمنة الجيش على السياسة توطئة للولوج بالبلاد إلى عصر الديموقراطية والدولة المدنية، أو التقهقر مجدداً إلى الوراء حيث زمن الانقلابات العسكرية، خصوصاً إذا لجأ الجيش الى سلاحه التقليدي – الانقلاب بغية استعادة نفوذه وانتزاع السلطة مجدداً من أيدي المدنيين الديموقراطيين مثلما اعتاد في الماضي.
(*) كاتب مصري. (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 27 أفريل 2007)

Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.