TUNISNEWS
7 ème année, N° 2197 du 28.05.2006
الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان: أخبار سريعة (ملحق بتاريخ 28 ماي 2006) الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان فرع سوسة فرع المنستير : بيان الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان فرع فرع جندوبة : بيان د.منصف المرزوقي: رسالة إلى الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان حركة الـديمــقراطيــين الاشـتـراكين جـامعة بـنـزرت: « بــيـــان » التحالف الشعبي العربي المقاوم : بيان د.عبد السلام الأسود: توضيح حول النص الذي نشر بتاريخ 27-05-06 الحوار نت :إقتراح محور » من ذكـريـات الـدّعـاة « عبدالحميد العدّاسي:مناشدة ملحّة صــابرالتونسي:معركة بين جلاد وشيطانه عبد المجيد المسلمي: الحكومة مسؤولة عن توتر الوضع الإجتماعي مصطفى الونيسي:رأي في السياسة عموما وفي الديمقراطية خصوصا 1 من 2 د. أحمد القديدي:الديمقراطية ورحلة الشتاء والصيف أبو خولة: سباق ضد عقارب الساعة بين عباس وحماس أبو يعرب المرزوقي : مفارقات الخطاب الإسلامي المعاصر( 2من 2) محمد جمال عرفة: الحكم بأشهر قضية نسب في مصر « انتصار للشرع د.رفيق حبيب: الإخوان بين التشريعي والرئاسة أبو إيناس : من ديمقراطيّة المعتقدات إلى ديمقراطيّة البرامج
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).
|
الرابطــة التونسيــة للدفــاع عن حقــوق الإنســان
أخبار سريعة (ملحق بتاريخ 28 ماي 2006)
الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان
فرع سوسة
فرع المنستير
سوسة في 27 ماي 2006
تم اليوم 27 ماي 2006 منع أعضاء هيئتي فرع سوسة و فرع المنستير للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان من التنقل إلى العاصمة للمشاركة في المؤتمر الوطني السادس للرابطة الذي تقرر عقده يومي 27 و 28 ماي. فقد تم إيقاف بعض الأعضاء الذين استقلوا سيارات خاصة في الطريق العام و منعوهم من التحول إلى تونس و العودة من حيث أتوا في حيت تم أمر بعض الأعضاء الذين نجحوا في الوصول إلى تونس إلى العودة من حيث أتوا سواء في محطة الحافلات أو محطة سيارات الأجرة أو محطة القطارات. و كان كل أعضاء الهيئتين تعرضوا منذ يوم الجمعة 26 ماي إلى مراقبة لصيقة من طرف أعوان الأمن حيث وضعت وراء كل عضو سيارة خاصة يستقلها عونين أو ثلاثة أعوان ترابط أمام المنزل و تتبعه حيث انتقل. و قد قامت سيارة أمن بمراقبة سيارة الأخ سالم الحداد رئيس فرع المنستير إلى تونس ثم تم أمره بالعودة إلى زرمدين.
إن أعضاء هيئتي فرغ سوسة و المنستير للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان:
أولا: ينددون بمنعهم من حقهم في التنقل و يعتبرون ذلك ضربا لأبسط حقوق الإنسان
ثانيا: يدينون منع السلطات بالقوة لانعقاد المؤتمر السادس لرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان و يعبرون عن استعدادهم لمواصلة النضال للدفاع عن الرابطة و من أجل عقد مؤتمرها السادس
ثالثا: يعبرون عن مساندتهم لفرع تونس لمنظمة العفو الدولية و لرئيسها الذي تعرض للاعتقال يوم 22 ماي و يطالبون السلطة بالكف عن مضايقة الجمعيات المستقلة و احترام استقلاليتها و حقها في النشاط رابعا: يعبرون عن مساندتهم للمحامين التونسيين و لهيئة عمادتهم المنتخبة في نضالهم من اجل الدفاع عن مطالبهم المشروعة.
خامسا: يدعون كل القوى الديمقراطية و التقدمية إلى التجند و التكتل من أجل الدفاع عن الحريات العامة و الفردية
هيئة فرع المنستير
هيئة فرع سوسة
(المصدر: موقع pdpinfo.org بتاريخ 27 ماي 2006)
رسالة إلى الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان
iحركة الـديمــقراطيــين الاشـتـراكين المــكتـب السـيــاســي جـامعة بـنـزرت عــــــ225ــــدد. ح.د.ش.ج.ب.م بنزرت في: 26 مـاي 2006 « بــيـــان »
بيان صادر عن التحالف الشعبي العربي المقاوم حول قمع القضاة والمتضامنين معهم في مصر والاعتقالات في سورية والقمع في تونس
نتابع بقلق بالغ الاحداث التي تعصف بمصر العربية والمتمثلة بتجاهل السلطات المصرية لمطالب اهم السلطات الثلاث – السلطة القضائية- والتضييق الشديد على الجسم الممثل للقضاة في مصر –نادي القضاة- وتحويل اثنين من قيادات هذا النادي من القضاة المستشارين الى المحاكمة وهم المستشار محمود مكي والمستشار هشام البسطويسي، وتوجيه عقوبة لفت نظر الى احدهم وهو المستشار هشام البسطويسي.
هذا اضافة الى القمع الشديد الذي ووجهت به المظاهرات والاحتجاجات والاعتصامات الشعبية المؤيدة للقضاة، والاعتداء بالضرب والشتم والاهانة على العديد من المواطنين والصحفيين والنشطاء السياسيين وخصوصا السيدات منهم وبطريقة مهينة جدا، واعتقال العديد من النشطاء والنشيطات وتوجيه تهم أمنية اليهم.
كما نتابع بقلق بالغ الاعتقالات الني تجري بحق مجموعة من الوطنيين في سورية ومنها اعتقال فاتح جاموس القيادي في حزب العمل الشيوعي، وذلك رغم حساسية الظرف الحالي وحاجة سورية الى كل المخلصين من ابناءها لمواجهة التهديدات التي تحاك ضدها من قبل الولايات المتحدة وفرنسا والكيان الصهيوني وحلفائهم المحليين.
و نعبر ايضا عن عميق انشغالنا لما يحدث في سلكي القضاة والمحاماة في تونس، اذ حرم القضاة من جمعيتهم وتسعى السلطة لتقزيم قطاع المحاماة وضرب استقلاليته.
ان التحالف الشعبي العربي المقاوم وهو يسجل تضامنه مع مطالب الشعب العربي في مصر ومع قضاة مصر حراس العدالة ومع المعتقلين على خلفية التضامن مع القضاة، وتضامنه مع معتقلي الرأي في سورية، و القضاة والمحامين في تونس، يطالب بما يلي:
اولا: على الساحة المصرية:
-
ضمان استقلالية القضاء وعدم التدخل الحكومي في شؤونه وتلبية مطالب القضاة فيما يتعلق بالقوانين والتعديلات التي يطلبونها لضمان استقلالهم وضمان العدالة.
-
التوقف عن التضييق على الجسم الممثل للقضاة (نادي القضاة) وافساح الحرية الكاملة له وسحب التهم والعقوبات الموجهه الى المستشارين المحولين الى المحاكمة.
-
انهاء حالة الطوارىء الغير دستورية وافساح المجال امام حرية الرأي والتعبير والتضامن الشعبي والتوقف عن سياسات الارهاب التي يتبعها الحزب الحاكم ضد معارضي سياساته.
-
الافراج الفوري عن جميع المعتقلين على خلفية التضامن مع القضاة وجميع المعتقلين السياسيين بشكل عام.
-
محاسبة جميع المتورطين في الاعتداء على المتظاهرين والمعتقلين واهانتهم بشكل حازم يضمن عدم تكرار مثل هذه الافعال الشائنة.
ثانيا: على الساحة السورية:
-
الافراج الفوري عن جميع المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي.
-
افساح المجال امام حرية الرأي والتعبير والتضامن الشعبي، والتوقف عن تكميم الأفواه وإرهاب المجتمع .
-
تمتين الجبهة الداخلية السورية في مواجهة التهديدات الامريكية والفرنسية والصهيونية عن طريق فتح الساحة السياسية لمشاركة جميع القوى والشخصيات الوطنية ليتعزز الطرح المقاوم ويلتحم الجميع في مشروع المواجهة، وعقد مؤتمر مصالحة وطنية وفتح حوار وطني ديمقراطي لتشكيل جبهة وطنية وعربية للوقوف في وجه المؤامرات الخارجية التي تحاك ضد سورية ولقطع الطريق على التغلغل الداخلي للمتعاملين والمتآمرين مع أمريكا والصهيونية بسبب شل الحراك السياسي والاجتماعي .
ثالثا: على الساحة التونسية:
-
نندّد بالممارسات التعسفية التي تهدف لضرب استقلالية المحاماة و القضاء.
-
نطالب برفع اليد عن الجمعيات و الاحزاب والنقابات المستقلة وفسح الجال لحرية التعبير والتنظيم.
الموقعون:
التحالف الشعبي العربي المقاوم
عن اللجنة الوطنية لمقاومة الصهيونية، تونس، الهادي المثلوثي
نادي فلسطين العربي – النمسا
Anti- imperialista
بسام حلاوة
عادل سمارة
سامية صالح
باسم خضر
علي ملاح
اللجنة الشعبية لحقوق المواطن بشمال سيناء
ربى عطية
ليلى فيصل
منتدى الفكر الاشتراكي الاردني
فراس محادين
الجمعية الفلسطينية لحقوق الإنسان (راصد) لبنان _ من داخل مخيم عين الحلوة
حزب العمل الشيوعي في سورية
المنظمة العربية لحقوق الإنسان في سورية
قاسم عزاوي طبيب وشاعر لجان إحياء المجتمع المدني في سورية
ملكة ناعسة مهتمة بالشأن العام – سورية
دلال جزماتي مهتمة بالشأن العام – سورية
إزار جاموس مهندس _ سورية
مايا جاموس خريجة من المعهد العالي للفنون المسرحية
سلوى زكزك مهتمة بالشأن العام – سورية
مروان علي شاعر سوري
هشام فهمي شاعر مغربي مقيم في كندا
تمام تلاوي شاعر سوري
إدريس علوش شاعر وصحفي مغربي
صالح الصويان ناشط اجتماعي في السعودية
توفيق خربة مهندس سوري يقيم في قطر
تركي عامر شاعر فلسطيني
نصار صالح شاعر سوداني
بريهان قمق كاتبة وإعلامية أردنية
دياب أبو جهجه رئيس الرابطة العربية الأوروبية www.arabeuropean.org
أحمد الخميسي . كاتب وصحفي مصري
(المصدر: قائمة مراسلات راد- أتّـاك بتاريخ 27 ماي 2006)
إعتداء عنيف على وفد من الهيئة المديرة للرابطة
توضيح حول النص الذي نشر في تونس نيوز بتاريخ 27-05-06
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
لقد وزّع بيان عن طريق البريد الالكتروني بداية من يوم الاثنين 22-05 و بلغ كل الذين بلغهم و في أعلى النص عبارة » نسخة ليست للنشر، للتداول العام بداية من 30-05-2006″. جمع هذا البيان كذلك إمضاءات أصحابه (14 اسما) ودعوة للإمضاء على البيان في أخر الصفحة.
نشركم لهذا البيان على أنه مقال أرسلته إليكم، عار من الصحة، وعمل غير دقيق لا يليق بمنبر إعلامي حر، و يجعلني أوضح ما يلي:
1- إن هذه فرصة كريمة لشكر الأخوة الذين ساهموا في صياغة النص و دفعوا به إلى الساحة في تواصل صادق و تراكم طبيعي مع سابق التزامهم في القضايا المطروحة في نص البيان.
2- أأكد أني لم أرسل البيان إلى الأخوة في تونس نيوز وكنت أتمنى أن يكون ناشره صادقا-لم يخنه إلا الحرص على السبق- فينشر البيان كاملا من أوله إلى أخره. أوله التنبيه على أنها نسخة ليست للنشر و أخره أمضاءات أصحابه.
3- أذّكر أن تاريخ 30-05 هو تاريخ بيان سابق نشر السنة الفارطة على صفحات تونس نيوز وعانى البيان نفس ما يعني البيان الحالي ( انظر مقال السيد لزهر عبعاب بتاريخ 15-05-06).
4- سينشر هذا البيان بعون الله في تاريخه أي 30-05 و يبقى بعون الله تعالى مفتوحا للإمضاء.
ولا يفوتني أن أدعو -في هذه المناسبة- بكل حرص أخواني في تونس نيوز على اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لتتثبت في مصادر المراسلات إليها كأن تطلب رقم هاتف أو أي تدقيق يؤكد لها صدقية المصدر.
دمتم في حفظ الله.
د.عبد السلام الأسود
رد من « تونس نيوز »:
1- لقد تلقت هيئة التحرير رسالة اليكترونية يوم السبت 27 ماي 2006 على الساعة 18 و8 دقائق بتوقيت وسط أوروبا بالمواصفات المنشورة أسفله ومتضمنة للنص المنشور في عدد أمس من تونس نيوز موقعا من طرف « د. عبد السلام لسود » يطلب فيها صاحبها نشر المقال المرافق.
2- في الواقع، هذه هي المرة الأولى التي يرسل لنا شخص يوقع باسم « د. عبد السلام لسود » مقالة للنشر لذلك لم يتجه تفكيرنا للوهلة الأولى إلى التثبت من الهوية الدقيقة للشخص خصوصا وأننا نتلقى وننشر يوميا العديد من المقالات والآراء والتحاليل لشخصيات معروفة أو لمواطنين عاديين بأسمائهم الحقيقية أو بالكنية التي يختارونها.
3- نفهم من توضيحات الدكتور عبد السلام الأسود المنشورة أعلاه أن هناك من انتحل اسمه وصفته لتوريط هيئة تحرير تونس نيوز في نشر البيان بصيغة مبتورة ومحرفة عن نصه الأصلي وبدون التوقيعات المصاحبة له وهو ما يعني أننا كنا ضحية تلاعب من جهة ما تريد أن تشوش على البيان الأصلي بشكل أو بآخر.
4- دعانا الدكتور عبد السلام الأسود إلى « اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لتتثبت في مصادر المراسلات إليها كأن تطلب رقم هاتف أو أي تدقيق يؤكد لها صدقية المصدر »، وهو أمر معقول ومنطقي لكن ظروفنا وقلة عددنا وإمكانياتنا لا تسمح لنا بذلك. ففي هذه الحالة مثلا، نحن لا نعرف أصلا لا د. عبد السلام الأسود ولا د. عبد السلام لسود فكيف لنا أن نتكهن بأن باعث الرسالة منتحل لاسم شخص آخر؟ أو أنه يريد أن يشوش على مشروع لا نعرف عنه شيئا بالمرة؟. لا شك أننا نتثبت في الحالات التي نشعر فيها بأن هناك من يريد أن يتلاعب أو يعبث ولكن نرجو أن يفهم الجميع أننا لسنا مؤسسة ضخمة يعمل فيها طاقم إداري وفريق صحفي ولديه ميزانية ضخمة تتيح له الإتصال هاتفيا بكل من يرسل إلينا مقالة للتثبت من هويته ومن نواياه قبل اتخاذ قرار بالنشر!
5- أخيرا، نؤكد للدكتور عبد السلام الأسود (الحقيقي) وللسادة القراء الكرام أننا نحرص على الدقة والمصداقية والأمانة في كل ما نعمل وننشر ولكن في حدود ما تسمح به طاقتنا وإمكانياتنا . قال تعالى: « لا يُكلف الله نفس إلا وُسعها ». ومع أننا نعتذر للجميع عن أي خطإ غير مقصود أو تقصير من جانبنا، إلا أننا نؤكد أننا كنا ضحية هذه المرة لمقلب سخيف من طرف شخص أو جهة لا زال يظن أنه قادر على استبلاه التونسيين أو استغفال القراء المحترمين. ولكن حبل الكذب أقصر من القصير في عصر الإنترنت. لذلك نقرر سحب النص من الموقع وتوجيه الرسالة التي تلقيناها إلى الدكتور عبد السلام الأسود ليكون على بينة من الأمر تماما.
(*) مواصفات الرسالة التي تلقيناها يوم السبت مساء:
Date: Sat, 27 May 2006 18:08:49 +0200 (CEST)
À: Tunis-News-@yahoogroups.com
De: « abdessalem L. » <abdessalem.l_mai2006@yahoo.fr>
Objet: Veuillez publier cet article S.V.P
Titre du Fichier : Article_Mai_2006.doc
Taille : 27 ko
بسم الله الرحمن الرحيم
د. عبد السلام لسود
كثر الجدل خلال الأشهر الأخيرة حول قضية المساجين السياسيين الإسلاميين في تونس ودواعي وخلفيات العفو الرئاسي عن بعضهم في مناسبات متتابعة وكذلك حول إمكانية عودة بعض المغتربين في هذا الإطار.
يتساءل العديد من المهتمين بالشأن التونسي حول خلفيات هذا العفو، ويعتبره البعض مناورة من السلطة تهدف من خلالها تلميع صورتها في الخارج وإضعاف المعارضة وشق صفها.
لئن كان هذا الموقف لا يستغرب من بعض الذين لا يخدمهم إخلاء السجون من الإسلاميين وخاصة في الظرف السياسي الحالي، هؤلاء الذين استغلوا، من خلال حملات إعلامية دعائية، أخطاء قيادة النهضة بمضيها في مغامرة تصعيدية مع السلطة دفع ثمنها غاليا آلاف التونسيين من أعضائها والمتعاطفين معها.
إن كان موقف هؤلاء ليس غريبا، فإنّه لا بدّ من الوقوف عند موقف قيادة النهضة من هذه القضية وكيفية تعاطيها مع كلّ المحاولات الفردية والجماعية التي بذلت من أجل الإفراج عن المساجين. لقد توخت قيادة النهضة منهجية واحدة في التعامل مع قضية المساجين تقوم على سياسة المغالبة والتشهير من خلال البيانات التي تصدرها بالخارج بعض الجمعيات التي هي عبارة عن أكشاك خاوية تنشر بيانات لا يكاد يتجاوز صداها آذان أصحابها.
لم تتجرأ هذه القيادة علنيا على القيام بنقد ذاتي ومراجعة عميقة لمنهجها السياسي، الذي أوصلها لهذه الكارثة وهذا الانهيار الكبير في مؤسساتها. فلم يعد لديها من رصيد سياسي يشد من حولها في المهجر سوى ورقة المساجين، لحماية نفسها من المحاسبة ومن تحميلها هذا الفشل الكارثي وتبرير سياسة الهروب إلى الأمام وتجاهل الواقع الأليم. وبالتالي فإنّها لم تسع بجدية لإيجاد حلّ لهذه المأساة، بل شككت في كلّ المحاولات المنادية بالحوار مع السلطة من أجل إيجاد حل لقضية المساجين الإسلاميين ورمت أصحابها بالخيانة. وهذا ما فعلته مع العديد من المبادرات الفردية والجماعية التّي أدّت إلى العفو على عشرات المساجين وبعض المغتربين وكادت آنذاك أن تشكل بذرة حوار مع السلطة.
قد خشيت قيادة النهضة سقوط هذه الورقة الأخيرة من يدها، فأرادت المحافظة على وضعية الضحية التّي تحميها من كلّ نقد أو محاسبة وتحمل مسؤولية فشل أدائها السياسي.
أمام هذا الإصرار من قيادة النهضة على منهجها في التعامل مع هذه المأساة وانطلاقا من إيماننا بأنّ الوقت قد حان لوضع حد لهذه السياسات فإنّنا كمجموعة معنية بهذه القضية ومتحررة من رواسب الحزبية الضيقة :
– نعلن اختلافنا مع قيادة النهضة ومع سياساتها التّي تساهم في تمديد هذه المأساة.
– ندعو بعض الفصائل المعارضة التّي توظف هذا الملف لتصفية حسابات سياسية ضيقة أو للإعداد لحملاتها الانتخابية بمغازلة قيادة حركة النهضة، ندعوها إلى تحمل مسؤوليتها والابتعاد عن المتاجرة بمعاناة المناضلين.
– ندعو كلّ المتضررين من استمرار هذه الأزمة، سواء من الإخوة الذين لا يزالون داخل السجون أو الذين خرجوا منها وكذلك المهجرين إلى تحمل مسؤوليتهم التاريخية وأخذ زمام أمورهم بأيديهم وذلك بسحب هذه الورقة من أيدي المزايدين بها، بعيدا عن المغالبة والتوظيف الحزبي الضيق لهذه المحنة الإنسانية، من أجل دفع الحوار مع السلطة لإنهاء مأساة السجن وتمكين المسرحين من استرداد حقوقهم.
نعتبر أنّ العفو الرئاسي المتكرر وتكليف لجنة رئاسية بتسوية ملف المغتربين هي رسائل إيجابية من سيادة رئيس الجمهورية نرجو أن تشمل من تبقى من المساجين، من أجل أن يتصالح كلّ التونسيين مع ذاتهم ومع بعضهم البعض مهما اختلفت آراؤهم ما دامت ضمن المصلحة المشتركة وفي إطار القانون.
إنّ بداية الحلّ لهذه المأساة يكمن في إرادة كلّ منّا تجاوز مرحلة القبول بالأمر الواقع واعتبار أنّ قراره ملك يده في السعي إلى استرداد حقه في العيش حرّا في وطنه وبين أهله والمساهمة في دفع وطننا نحو المزيد من الحرية والتقدم لمواجهة التحديات الحقيقية لأمّتنا.
واللّه ولي التوفيق
الجمعة 27 ماي 2006
بسم الله الرحمن الرحيم
إخواننا الكرام ،أخواتنا الكريمات، رواد منتدى الحوار نت www.alhiwar.net
عبد المجيد المسلمي
تشهد الساحة الاجتماعية هذه الأيام توترا ملحوظا. فبعد إضراب أساتذة التعليم الثانوي يومي 18 ماي و 19 أفريل أضرب المعلمون يوم 11 ماي و قد يضربون من جديد يوم 7 جوان و الحال أن المطالب التي رفعوها إلى سلطة الإشراف لم تتحقق. من جهة أخرى، يبدو من شبه الأكيد أن أعوان الصحة سيضربون هم أيضا يوم 31 ماي بعد فشل جلسة العمل الأخيرة مع وزارة الصحة العمومية. وفي قطاع الصحة أيضا حمل الأطباء الجامعيون الشارة الحمراء أيام 10 و 11 و 12 ماي كما قرروا تنظيم تجمعات بكليات الطب الأربعة في تونس و سوسة و المنستير و صفا قس يوم 24 ماي و أقروا هم أيضا مبدأ الإضراب إذا لم تسفر المفاوضات عن نتائج إيجابية. من جهتهم، حمل أعوان المؤسسات التابعة لوزارة المالية الشارة الحمراء لمدة 3 أيام و هم يلوحون بالإضراب مثلهم مثل أعوان العدلية و أعوان الإذاعة و التلفزة و عديد القطاعات الأخرى التي تتهيأ بدورها لخوض نضالات في الأيام القادمة.
و ما يمكن ملاحظته من خلال القراءة المتمعنة للوائح هذه القطاعات أنه و بالرغم من أهمية المطالب المتعلقة بإصلاح تشريعات العمل و بالدفاع عن الحق النقابي التي ترفعها هذه القطاعات فإن جزءا أساسيا من هذه المطالب يتعلق بالزيادة في الأجور سواء عبر الزيادة في بعض المنح أو استحداث منح جديدة مثل منح العودة المدرسية بالنسبة لرجال التعليم ومنح العدوى و منح التأطير البيداغوجي بالنسبة للسلك الطبي و الشبه طبي…و المفارقة أن هذه الحركة الإضرابية تأتي بعد أقل من 5 أشهر من إمضاء الإتفاق بين الحكومة و الاتحاد العام التونسي للشغل في شهر نوفمبر2005 والمتعلق بالزيادات في أجور موظفي القطاع العمومي، هذا الإتفاق الذي على حد تعبير أحد المسؤولين النقابيين لم يجف حبره بعد و الذي يقضي بأن لا تتم المطالبة بالترفيع في الأجور خلال السنوات الثلاثة القادمة. و هو ما يدل على أن ذلك الإتفاق و رغم المدة التي استغرقها التفاوض و التي دامت أكثر من سنة و رغم صبر الشغالين على ذلك فإنه لم يتمكن من التعويض إلا بصورة نسبية عن تدهور و نزيف القدرة الشرائية للشغالين في مواجهة الارتفاع المهول للأسعار. كما أنه يدل على فشل الحكومة في الاستجابة لطموحات الأعوان و الموظفين الذين تشغلهم في تحقيق ظروف عمل أحسن و مستوى عيش أفضل بالرغم من تباهيها بدعمها للقطاع العام و من تفاخرها بالنجاحات الاقتصادية.
و ليس من باب الصدفة أن تشمل الحركة الإضرابية قطاعين عموميين ذو طابع استراتيجي أي قطاعي الصحة و التعليم بجميع أصنافه و هي قطاعات خدمات تضررت في العمق من جراء السياسات الليبرالية للحكومة. ففي حين كان من الضروري دعم هذه القطاعات نظرا لدورها الاجتماعي و الحيوي لمستقبل البلاد و الأجيال فإن الإعتمادات المالية المرصودة لها ما فتئت تتقلص مقارنة بالحاجيات المتنامية إضافة إلى تخطيط غير موفق لا يستجيب دائما للحاجيات الحقيقية و يطغى عليه التوظيف السياسي و أساليب تسيير بيروقراطية عقيمة في حين يتطور القطاع الصحي الخاص بسرعة هائلة و كذلك الشان في قطاع التعليم مما ينبئ بأننا نسير باتجاه نظام صحي و تعليمي للأغنياء و أخر للفقراء.
و قد عبرت مختلف الهياكل النقابية عن تخوفاتها من الأوضاع التي تعيشها هذه القطاعات مجددة مطالبها بضرورة الإصلاح. و لكن سلطة الأشراف تصم آذانها عن تلك النداءات و حتى و إن قامت ببعض الإجراءات هنا و هناك فإنها تكتفي باستشارة المقربين منها دون الأخذ بعين الاعتبار رأي الطرف النقابي ناهيك بالمجتمع المدني من أحزاب وجمعيات مستقلة و هي المغيبة و المقصية أصلا من الحوار و المشاركة في الملفات الوطنية.
لقد تم منذ سنة 1990 إرساء سياسة اجتماعية تعاقدية ثلاثية الأطراف بين الدولة و الأعراف و اتحاد الشغل تقضي بالزيادات في الأجور كل 3 سنوات مقابل عدم المطالبة بالزيادات في الأجور و الحفاظ على السلم الاجتماعية خلال تلك الفترة. و قد تم منذ ذلك التاريخ إمضاء 6 اتفاقيات بين الأطراف الثلاثة التي عملت عموما على احترام بنود ذلك العقد الإجتماعي. ولكن يبدو اليوم للعديد من النقابيين أن الشغالين كانوا أكثر المتضررين من هذا الوفاق الإجتماعي الذي تم على حسابهم و أنه حان الوقت لمراجعة قواعد ذلك الوفاق. فعديد المختصين يؤكدون أن الزيادات الثلاثية في الأجور المتبعة منذ سنة 1990 و إن ساهمت في الحد من نزيف القدرة الشرائية إلا أنها لم ترتق بها إلى ما كانت عليه سابقا أي في بداية الثمانينات. و في حين يطلب من الشغالين مراجعة الأجور كل 3 سنوات فإن الأسعار ترتفع بصورة مستمرة وعلى الأقل مرة في السنة بالنسبة للمواد الأساسية ناهيك عن المحروقات التي تمت الزيادة في أسعارها عدة مرات في السنة الواحدة.
و من الانتقادات الموجهة لهذا العقد الإجتماعي التغييب التام للمنظمة الشغيلة في تحديد سياسة الأسعار التي تستأثر بها الدولة فترفع متى تريد أسعار المواد التي تريد. كما أن مدة 3 سنوات التي يستغرقها تجميد الأجور طويلة في حين تتغير الأسعار بسرعة نتيجة ارتباطنا بالسوق العالمية و هو ما يتطلب ربط الزيادة في الأجور بالزيادة في الأسعار واعتماد سلم متحرك للأسعار و الأجور مثلما هو معمول به في بعض البلدان المتقدمة. ناهيك بأن الالتزام بعدم المطالبة بالزيادات خلال 3 سنوات يكبل القيادات النقابية إزاء المطالب العادلة للعمال و يمثل عائقا لنضالهم المشروع.
إن تنامي الإضرابات القطاعية التي كانت خلال التسعينات شبه ممنوعة و التي شملت عديد القطاعات بموافقة القيادة النقابية و نفذ بعضها قبل الإمضاء على الإتفاق مع الحكومة و بعضها بعد ذلك بما فيها إضراب قطاعي التعليم احتجاجا على حضور وزير خارجية إسرائيل قمة مجتمع المعلومات لا يصح تفسيره بالحسابات الانتخابية للمؤتمر القادم للاتحاد العام التونسي للشغل كما يعتقد البعض. و لكنه برأينا يعبر عن نهوض واضح و تجذر حقيقي و متصاعد للحركة النقابية. و تمثل النضالات الأخيرة حلقة جديدة من المواقف الهامة التي اتخذها اتحاد الشغل في الفترة الماضية سواء من خلال التعبير عن رفض دعوة شارون لزيارة تونس أو انسحاب الإتحاد من مجلس المستشارين و صولا إلى دعم الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان و دعم النضال من أجل الحريات و المساهمة النشيطة في تأسيس المنتدى الإجتماعي التونسي.
إن الإصلاح السياسي من أجل إرساء النظام الديمقراطي يرتبط وثيق الارتباط بالإصلاح الإجتماعي من أجل إرساء العدالة الاجتماعية. و لا يمكن لأي حركة إصلاحية وطنية أن تشتد و يقوى عودها إلا بالمعاضدة و المساندة بين ديناميكية النضال الإجتماعي من جهة و ديناميكية النضالي السياسي من جهة أخرى.
و لقد بدا للبعض في لحظة ما أن الحركة الاجتماعية تأخرت بعض الشيء عن الحراك السياسي الناهض من أجل الحريات و من أجل الديمقراطية في بلادنا و اعتبر بعض المتشائمين أنه تم احتواءها و استيعابها. و لكن النضالات والمواقف الأخيرة إذ تفند ذلك فإنها تبين أن تجسير الهوة بين المسار السياسي و المسار الإجتماعي ليس فقط ممكن لا بل هو أمل و قدر تاريخي لتحقيق ما يصبو له شعبنا من ديمقراطية سياسية و اجتماعية.
(المصدر: موقع pdpinfo.org بتاريخ 27 ماي 2006)
مناشدة ملحّة
عبدالحميد العدّاسي
جازى الله خيرا عنّا إخوة كراما دأبوا على إرسال بعض الرّقائق أو المختارات ( وما منّا من أحد – أحسب – إلاّ وله في ركن من حاسوبه مجلّد مختارات) التي يرون فيها تنمية الخير في النّاس وتعليمهم بعض ما قد يكون غاب عنهم من السنّة والفضائل. غير أنّه كثيرا ما صوحب ذلك بغياب الذوق أو نقص فيه. فهذا يقسم عليك بنشر هذه الرّسالة والحال أنّ ما فيها قد لا يكون بتلك الأهميّة التي تُلجأ إلى القسم، فلعلّ الجميع قد علمها باستثناء المرسل الذي تأخّر به تقصيره. وآخر يصدّرها بهذه العبارة: » إذا كان نشرها يرهقك، فلا تنشرها ( إلى هنا مقبول ولكن اسمعوا البقية )، فلن تستحقّ أخذ الثواب لأنّ ثوابها عظيم ( وما سكت عنه أنّ الذي لا ينشر تلك الرسالة ليس أهلا لهذا الثواب العظيم ) « . والنتيجة: فإنّ قراءة هذه الرّقيقة قد تجعلني أحسّ بالذنب لأنّني قصّرت في أداء أمر يعتبره المرسل » واجبا متأكّدا « .
رجاء!… ما هكذا يكون الأمر، وما هكذا تكون الدعوة إلى الخير!…وقد سبقني أخ كريم لا أذكر اسمه بهذه الملاحظة، وإن أكّدت عليها اليوم فلأنّها مزعجة جدّا!
نريد أجرا لا نريد حرمانا منه… نريد راحة بال وضمير لا نريد عقدة إحساس بالذنب… نريد ذوقا رفيعا، أصلح الله حالنا وحالكم…
ولقد تردّدت في نشر تلخيص كتاب الأذكار المنتخبة من كلام سيد الأبرار صلّى الله عليه وسلّم لكاتبه الإمام النووي رحمه الله كتبته بيميني وصاحبني أكثر من ثلاث سنوات، ولكنّي اليوم أشرع على بركة الله في نشره على حلقات أسبوعية وحسب أبواب توخّاها الكاتب رحمه الله راجيا من ذلك جلب الفائدة وتعميمها، ولكنّي إذ أقوم بذلك فإنّي أرفقه بالوصيّة التالية: » إقرأه إن طابت نفسك له، خذ منه ما وسعك، لست مطالبا بنشره غير أنّ الدالّ على الخير كفاعله وجازاك الله كلّ خير »
القسم الأوّل من هذا التلخيص:
في الأمر بالإخلاص و حسن النيّات في جميع الأعمال :
– ترك العمل لأجل النّاس رياء ، و العمل لأجل النّاس شرك ، و الإخلاص أن يعافيك الله منهما . أبو علي الفضيل بن عياض .
– الإخلاص أن تستوي أعمال العبد في الظاهر و الباطن . حذيفة المرعشي .
– الإخلاص : التوقّي عن ملاحظة الخلق ، و الصدق : التنقّي عن مطاوعة النّفس ، فالمخلص لا رياء له و الصادق لا إعجاب له . أبو علي الدقّاق .
– كيف أدعوك و أنا عاص ؟ و كيف لا أدعوك و أنت كريم ؟! يحيى بن معاذ الرّازي .
سئل الشيخ الإمام أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله عن القدر الذي يصير به من الذاكرين الله كثيرا و الذاكرات ، فقال : إذا واظب على الأذكار المأثورة ( ما أثر من الذكر عن الشارع الحكيم e ) المثبتة ، صباحا و مساء و في الأوقات و الأحوال المختلفة ليلا
و نهارا ، كان من الذاكرين الله كثيـــــــــــــــرا و الذاكرات ، و الله أعلم .
قال الإمام أبو حامد الغزالي في الإحياء : آداب الدعاء عشرة :
– أن يترصّد الأزمان الشريفة كيوم عرفة و شهر رمضان و يوم الجمعة و الثلث الأخير من الليل و وقت الأسحار .
– أن يغتنم الأحوال الشريفة كحالة السجود و التقاء الجيوش و نزول الغيث و إقامة الصـــــــــلاة و بعدها.( و حالة رقّة القلب، قاله الشيخ النّووي ) .
– استقبال القبلة و رفع اليدين و يمسح بهما وجهه في آخره .
– خفض الصوت بين المخافتة و الجهر .
– ألاّ يتكلّف السجع و قد فسّر به الاعتداء في الدعاء، و الأولى أن يقتصر على الدعوات المأثورة .
– التضرّع و الخشوع و الرهبة .
– أن يجزم بالطّلب و يوقن بالإجابة و يصدّق رجاءه فيها .
– أن يلحّ في الدّعاء و يكرّره ثلاثا و لا يستبطئ الإجابة .
– أن يفتتح الدّعاء بذكر الله تعالى. ( و بالصّلاة على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، بعد الحمد لله و الثّاء عليه، و يختمه بذلك كلّه أيضا، قاله الشيخ النّووي ) .
– التوبة و ردّ المظالم و الإقبال على الله تعالى . وهو أهمّها و الأصل في الإجابة .
قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: لئن يضعني الصّدق و فلّما يفعل ، أحبّ إليّ من أن يرفعني الكذب و قلّما يفعل .
قال الجنيد : حقيقة الصّدق أن تصدق في موطن لا ينجيك منه إلاّ الكذب .
ذكر غير مقيّد بوقت :
سبحان الله و بحمده عدد خلقه ، و رضا نفسه ، و زنة عرشه ، و مداد كلماته . و في رواية : سبحان الله عدد خلقه ، سبحان الله زنة عرشه ، سبحان الله مداد كلماته .
لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، له الملك و له الحمد ، وهو على كلّ شيء قدير .
لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، الله أكبر كبيرا ، و الحمد لله كثيرا ، و سبحان الله ربّ العالمين ، لا حول و لا قوّة إلاّ بالله العزيز الحكيم ، اللهمّ اغفر لي و ارحمني و اهدني و ارزقني .
رضيت بالله ربّا ، و بالإسلام دينا ، و بمحمّد e نبيّا و رسولا .
اللهمّ إنّي أسألك العفو و العافية ، اللهمّ إنّي أسألك الهدى و التّقى و العفاف و الغنى .
اللهمّ إنّي أسألك العافية في الدّنيا و الآخرة ، اللهمّ إنّي أسألك العفو و العافية في ديني و دنياي و أهلي و مالي ، اللهمّ استر عوراتي و آمن روعاتي ، اللهمّ احفظني من بين يديّ و من خلفي و عن يميني و عن شمالي و من فوقي ، و أعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي .
…ترقّب القسم القادم إن شاء الله.
معركة بين جلاد وشيطانه
بقلم: مصطفى الونيسي
لا زالت مشكله النهضة بمعناها الشامل هي المشكلة المركزية في بنية الفكر الإسلامي وهي إشكالية مرتبطة بمجموعة من التداعيات الفكرية و السياسية والاجتماعية و الثقافية و الفنية. ولا زلنا في حديثنا عن الإصلاح و النهضة نستسهل الرجوع إلى التاريخ أي إلى الماضي الإسلامي وما حققه الأجداد القدامى من أمجاد و إنجازات و انتصارات حضارية علمية واجتماعية و دينية …..ولا نتجاوز ذلك إلى البناء وأخذ العبرة فنبقى شعرنا بذلك أم لم نشعر نراوح مكاننا و أسيري هذا التاريخ نلوكه ونردده دون أن ننصرف إلى التفكير الصارم والجدي في حاضرنا و مستقبلنا و ما يجابهنا من تحديات حقيقية سياسية و تنموية و علمية……..معتقدين أن الماضي أو التراث الإسلامي وحده قادر بعصا سحرية على بناء الحاضر و تخليصنا مما نحن فيه من تخبط ‘ فلا إبداع و لا تأسيس و لا ابتكار و لا إضافات نوعية و لا تجديد ‘ إنما هو الماضي ‘ بصفحاته البيضاء و السوداء ‘نبكي عليه ونتمسك به ونعتز به ونحن لا ندري في أحيان كثيرة على ماذا نبكي بالضبط ؟ و بماذا نتمسك ونعتز؟
إن التراث الإسلامي ،و لا شك ، نستفيد منه و نستأنس به و نوثق به و معه صلتنا ، فهو ذاكرتنا الجمعية، ولكنه لا يُعفينا من بذل الجهد لفهم الواقع والتفاعل معه و الإهتمام بإصلاحه و تحسينه أو حتى تغييره إن اقتضى الأمر ذلك،في الحاضر و المستقبل. فلا العمل على تحسين مستقبلنا يمكن إن يلغي ماضينا المليء بالأمجاد ولا الإهتمام بماضينا يمكن أن يكون على حساب مستقبلنا و حاضرنا. التفكير في النهضة و الإنشغال بالإصلاح يعني التفكير في قضية الإنحطاط أو التخلف الذي تعاني منه مجتمعات <الشرق الإسلامي>كوجه مقابل للنهضة .كما أن التفكير في الإصلاح وتحقيق النهضة يفرضان علينا التفكير بصفة تكاد تكون طبيعية و آلية في كيفية العلاقة مع الآخر المغاير لنا كيف تكون، وخاصة منه الغرب ،هذا الآخر <الديمقراطي> المتقدم و المسيطر على الحضارة و الحداثة والذي ينبغي أن نستفيد منه في أشياء كثيرة و لا شك.
وأمام كثافة المشاكل و تعددها ،و ضُعف الحلول المقترحة و قلتها ،وغياب التضامن الإجتماعي العام ،و ضُعف الخدمات العامة و العمل التطوعي ،و ظهور التطرف و الأنانية و العنصرية في كل المستويات،و تضاعف مظاهر العنف و الإقصاء و التهميش بكل أشكاله و صوره، أضحى من الضروري ،أكثر من أي وقت مضى ،سواء في العالم بصفة عامة أو في عالمنا العربي و الإسلامي بصفة خاصة ، الإهتمام بالعمل السياسي العام على نطاق واسع و تخليصه مما لحق به من تشويه ورد الإعتبار إليه كخطاب و ممارسة سياسية انسانية ، نبيلة و مُتقدمة لصيانة المصلحة العامة و الدفاع عنها لحماية كل مواطن من الإستبداد و مُخلفاته الخطيرة على شخصية الأفراد و المجتمعات. وهي أهداف و غايات لا يمكن الدفاع عنها و تحقيقها إلا عن طريق إحياء العمل السياسي وتصحيحه و رد الجاذبية إليه ،و إلا فإن تخلفنا سيتضاعف و مشاكلنا ستتعمق و تتعقد أكثر فأكثر،و عندئذ سيترسخ الإستبداد و تتوسع مساحته وتمتد عروقه في كل اتجاه كالأعشاب الطفيلية عندما لا تجد من يقتلعها.إن ما ينبغي أن نعترف به هو أننا ،كمواطنين وشعوب في بلادنا العربية و الإسلامية، في مأزق سياسي حقيقي سواء كنا حكاما أو محكومين، و نحن جميعا تبعا لذلك في مفترق طرق و ليس لنا من خيار إلا الإهتداء إلي الطريق الصحيح و الموصل إلى بر الأمان ، و هو ما يعني سياسيا الأخذ بأسباب الحياة الحقيقية في كل المستويات ، بعيدا عن الأوهام و العاطفيات الجوفاء و الحلم بالأمجاد السالفة و إلا، لا قدر الله ، فالإنقراض سيكون أُفقنا و الإستبدال الحضاري مصيرنا و الخراب الشامل مستقبلنا .
فالتفكير في كل ما يمكن أن يُنقذ الإنسان و يضفي على حياته معنى هو بكل المعايير ،الدينية والعقلية و المصلحية ..، واجب و أمر مُستعجل. كما أن رفض الإستقالة و السلبية و التصدي، على المستوى الميداني ، لكل ما يمكن أن يهدد الإنسان و خاصة في بلادنا العربية و الإسلامية في كرامته و حريته و عزته و عرضه و ماله و هويته هو عمل ضروري واستعجالي لإنقاذ ما يمكن انقاذه قبل فوات الأوان و حلول الطوفان. و في هذا السياق أثبت التاريخ أن أفضل ما يرمز إلى هذه القيم و هذه المبادئ الإنسانية و الكونية الخالدة في عالم الواقع المتحرك و المتغير ،كما أن أفضل آلية للدفاع عن هذه الأخيرة و صيانتها من التلاعب هو العمل السياسي الصحيح و العادل في بُعده الشامل و النبيل و السامي . فالعمل على تحقيق التنمية الشاملة و العادلة عن طريق تشجيع الإستثمار النافع والمدروس و عن طريق تنمية الثروات القومية و توزيعها توزيعا عادلا هو في جوهره عمل سياسي . كما أن العمل على توفير الفرص لكل من يستطيع أن يضفي على حياة الناس جمالا و سعادة وشعورا بالأمن و الطمأنينة هو عمل سياسي صميمي وهو ما تحض عليه كل المبادئ و الأخلاق والفلسفات و الأديان السماوية الكبرى و خاصة منها الإسلام و قد قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم <إنما بعثت لأُتمم مكارم الأخلاق > .
إننا في وضع وفي وقت لا نملك فيهما،إذا ما أردنا الإصلاح و إنقاذ أنفسنا،إلا التسلح بالجدية والجرأة و مضاعفة الجهود وممارسة عملية الإجتهاد من أجل الإبداع و الإبتكار و تفجير الطاقات الإنسانية لتخليص أنفسنا و أمتنا ومن حولنا ممن يُحبنا و يثق فينا من براثن التخلف و العجز و ما نحن فيه من استبداد شامل و ليل طويل ، فتحررنا من هذا الإستبداد و خاصة منه السياسي و خروجنا من ظلمة هذا الليل الطويل إلى نور الصباح و ضياءه هو بداية الخروج من النفق و أخذ الطريق الصحيح والموصل إلى بر الأمان . إنها غايات لا نشك أننا قادرون على بلوغها إذا ما توفرت الإرادة السياسية الضرورية والكافية و إذا ما أخلصنا لأمتنا و بلادنا و ضحينا من أجل ذلك ببعض ما نملك من غال و نفيس . فعالم السياسة في الحقيقة ، مهما قيل فيه،هو عالم مُنفتح بالضرورة و متقلب الأطوار و مُتعدد الأبعاد و الإمكانيات والخيارات ،وللأمم و الشعوب بمقتضى ذلك إمكانية الطموح إلى حياة أفضل و أكرم مما هي عليه الآن في هذا الزمن الأمريكنو صهيوني. كما أن الأمم والشعوب لها الحق أن تختار مصيرها و تحدده كيفما تشاء ،ولا يتم ذلك إلا عن طريق السياسة [العادلة]،لأنه في كل الأحوال لا يمكن تصور تغيير سياسي بدون مشروع و آليات و اجراءات سياسية . كما أن الإهتمام بالجانب الأخلاقي وإيلاءه المكانة اللائقة به في العمل السياسي ،خطابا وممارسة، هو شرط يقينا شرور انحراف العمل السياسي عن أهدافه المرسومة له التي تقتضي منه خدمة الإنسان وتكريمه. فالإلتزام بالبعد الأخلاقي في العمل السياسي يمر حتما [بأنسنة ] هذه الأخيرة.
و العمل على نهضة أمتنا ينبغي أن يتحقق عن طريق هذا النوع من السياسة و بعيدا عن هيمنة أخلاقيات و تأثيرات السياسات العامة [للعولمة] وخاصة منها [لبيرالية السوق] المُتوحشة والعنيفة التي تريد أن تفرض علينا معايير أخلاقية تدعي أنها شمولية وعالمية كونية لا تقل شمولية وعالمية عن تلك المعايير التي حاول النظام الإشتراكي الشمولي سابقا فرضها على العالم و خاصة منه العالم الثالث والذي ادعى النظام الرسمالي الحر محاربته باسم الحرية و الديمقراطية أيام الحرب الباردة.
إن ما ننادي به ، ولو على مستوى الشعارات مرحليا ،هو العمل الجاد و المستمر بالتعاون مع الأمم المُحبة للسلام على إيجاد بدائل انسانية شاملة و متعددة متميزة عن بدائل الهيمنة و التسلط يكون هد فها خدمة الإنسان ،تكون بدائل واقعية و يتحقق فيها قدر من العدالة الإجتماعية على المستوى الإقتصادي،وطموحة ،تعبوية على المستوى النفسي، وابداعية تنويرية على المستوى الثقافي،ومدافعة عن الإنسان و كرامته ،أنى كان أصله و دينه و أفكاره،و خادمة لحرياته الأساسية ،الفردية و الجماعية على المستوى الحقوقي و السياسي،ما دام هذا الأخير يؤمن بالحوار و الصراع السلمي. إنها مطالب استراتيجية دنيا ضرورية لا ينبغي التنازل عنها كلفنا ذلك ما كلفنا إذا ما أردنا أن نسير باتجاه النهضة و تحقيق الحد الأدنى الضروري من التنمية. فبديل إنساني بمثل هذه الشمولية ،ليس من السهل أن يتحقق في عالم الواقع البشري إلا إذا كان مشروعا سياسيا بالأساس ،و هو ما سيُفرز ،بالصبر والمثابرة و المراكمة ،بشكل شبه طبيعي على المدى البعيد صيغا جديدة نريدها أن تجمع بين الحرية والمسئولية من ناحية و السعادة الفردية و التضامن الجماعي من ناحية ثانية ،وهو ما سيقلل و يُخفف من ظاهرة الأنانية المنتشرة و المُخلة بالمصلحة العامة . إن مصلحة كل مواطن ،كما تطرحها الصيغ الجديدة في إطار السياسة العادلة ،ستكون كامنة و مُعلقة و لا تنفصل عن مصلحة الآخرين. إن ما ينبغي أن يفهمه المواطن و يتشربه هو أن مصلحته و نجاته مُرتبطتان بمصلحة و نجاة الآخرين. فسعادة الأفراد و المواطنين هي نتيجة لسعادة المجتمع وازدهاره و ليس العكس.
على هذا الأساس من التكافل العام و الشعور بالمصالح المشتركة ينبغي أن تُبن ثقافة المجتمع وحسه الديني في تقدير المصلحة العامة. و بهذا المعنى تصبح السياسة دفاع مُستميت و ذكي عن القضايا العادلة و حق الشعوب الثابت في الداخل و الخارج في تحديد مصيرها و اختياره و من ذلك و لا شك الدفاع عن القضية الفلسطينية التي لا تزال و صمة عار في جبين مُحترفي السياسة العالمية. و هي ،أيضا نضال من أجل توزيع الثروة بعدالة للقضاء على الفقر و تمكين الإنسان من الشروط الضرورية التي تمكنه من ممارسة حقه السياسي و التصرف فيه كيفما شاء دون إكراه أو إلزام. وهي دفاع عن حقوق الإنسان و خاصة المرأة التي لا تزال مُضطهدة في كثير من بلاد العالم ،و هي بحث عن التطوير الدائم و المستمر،و دفاع عن الأخلاق المهنية ،و خاصة في المجال الطبي ، و مقاومة لتجارة المُخدرات و تبيض الأموال بكل أشكالها و صورها،و دفاع عن سلامة المناخ و البيئة و حُسن استثمار المياه ،و حماية الطفولة و تحديد تصور انساني عادل لظاهرة الهجرة و خاصة منها الهجرة نحو الشمال،و ادماج المهمشين والمحتاجين و رد الإعتبار إليهم ،اجتماعيا و سياسيا و غير ذلك من القضايا العادلة و الحيوية للإجتماع البشري و سلامته.
فالسياسة ،عندنا، تنطلق من فكرة أولى أساسية وهي أن الفعل السياسي هو جُملة من التجارب الإنسانية التي تحاول المجتمعات من خلالها عبر مر العصور وضع أحسن النظم لتصريف شئونها العامة و الخاصة. ومهما قيل عن السياسة و السياسيين من سلبيات ،في هذه النطاق،إلا أنه في الحقيقة لا خيار لنا ،إذا ما أردنا الإصلاح و الفاعلية ،إلا الإنتباه الدائم و السعي الجاد و المتدرج إلى التحسين و التحكم في التوازنات و ضبط الخروقات والتجاوزات لتفاديها من ناحية ثم التطوير و المزيد من الضبط عبر بناء الموسسات واحترام القانون والدفاع عن حقوق الإنسان و إعادة الإعتبار إلى الأخلاق و القيم و إضفاء معنى إيجابي لحياة الإنسان ليكون حرا و مسئولا من ناحية ثانية. و بناء على كل ما تقدم فلنضع حدا للعن السياسة و السياسيين ولننصرف لأخذ زمام الأمور بأيدينا قبل فوات الأوان ،فإنارة ولو شمعة واحدة هي أولى بكثير من لعن الظلام بشكل هستيري و غير عقلاني . يقول العلامة ابن القيم في تحديده لطبيعة السياسة ومكانتها في حياتنا الإجتماعية: [فلا يقال إن السياسة العادلة مخالفة لما نطق به الشرع بل هي موافقة لما جاء به بل هي جزء من أجزاءه……وهي ما كان فعلا يكون الناس معه أقرب إلى الصلاح و أبعد عن الفساد و إن لم يضعه الرسول و لا نزل به وحي ] 1
إن ما نريد الدعوة إليه من خلال هذا النص هو محاولة التبشير بخطاب جديد يتعامل بإيجابية مع العمل السياسي والشأن العام. وهو أيضا محاولة تندرج في تفعيل هذا المسار الإصلاحي العام الذي بدأت بشائره تلوح من هنا و هناك ولو بشكل محتشم. و حديثنا عن العمل السياسي في رأينا لن تكتمل صورته و تُفهم أبعاده إلا عندما نكون قد حددنا موقفا واضحا من الديمقراطية، وهو ما ننوي القيام به في الجزء الثاني من هذا المقال. فإعطاء موقف واضح من الديمقراطية هو أمر أساسي و حيوي ،و كإسلاميين أولا و إصلاحيين ثانيا لا ينبغي أن نقف منها موقف المحايد والمتفرج ولا المعارض الجاهل و الدوغمائي ولا المتبني المنبهر والتابع. فتحديد موقف من الديمقراطية هو أمر ضروري ولكن ينبغي أن يبن على موقف نقدي ودراسة موضوعية.
الديمقراطية ورحلة الشتاء والصيف
المصدر : صحيفة البيان الخليجية 27 ماي 2006 ركن إصدارات موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي www.liqaa.net
سباق ضد عقارب الساعة بين عباس وحماس
القاهرة- محمد جمال عرفة
دلالات فقهية وتداعيات قانونية اجتماعية أثارها الحكم النهائي الذي أصدرته محكمة مصرية في أشهر قضية نسب شهدتها مصر بإثبات نسب الطفلة « لينا » إلى الممثل أحمد الفيشاوي.
فعلى المستوى الشرعي، اعتبرت أوساط فقهية الحكم بمثابة « انتصار للشريعة »؛ لأن محكمة استئناف الأسرة اعتمدت على أسانيد شرعية في حكمها باعتبار الفيشاوي متزوجا من أم الطفلة وبالتالي بنوته للطفلة.
وعلى المستوى القانوني، تتوقع مصادر قانونية أن يثير هذا الحكم الأول من نوعه شهية العديد من منظمات المرأة التي تتبنى الحالات التي يرفض فيها الآباء الاعتراف بالأبناء، لرفع قضايا مماثلة استنادا لصدور أول حكم بنسب هؤلاء الأبناء، خاصة في ضوء وجود أكثر من 14 ألف طفل وطفلة مصرية بلا اسم ولا هوية أو نسب ولا وجود قانوني أو رسمي بعدما رفض آباؤهم الاعتراف بهم.
كما توقعت المصادر نفسها في تصريحات لـ »إسلام أون لاين.نت » السبت 27-5-2006 أن يفتح الحكم الباب أيضا لصدور قانون رسمي عبر البرلمان يسمح باستخدام تحليل الحامض النووي للبصمة الوراثية « D.N.A » في إثبات نسب الأطفال المجهولين.
وأصدرت محكمة استئناف الأسرة بالقاهرة الأربعاء 24-5-2006 حكما نهائيا في قضية إثبات نسب الطفلة « لينا » بعد عامين من تداولها في المحاكم وعبر وسائل الإعلام بين عائلتي « هند الحناوي » و »أحمد الفيشاوي »، قضت فيه بإثبات نسب الطفلة إلى الممثل أحمد الفيشاوي نجل الممثل فاروق الفيشاوي، وألغت بذلك حكم المحكمة الابتدائية السابق بعدم الاعتداد بنسب الطفلة لأبيها.
وشهدت المحاكمة اعترافا من الممثل الشاب بوجود علاقة غير شرعية بينه وبين هند الحناوي لمدة أسبوعين من الممكن أن تثمر عن وجود طفل، إلا أنه رفض إجراء تحليل « D.N.A« ، وأنكر أيضا زواجه من هند؛ فقامت هيئة المحكمة بالمقارنة بين شكل الفيشاوي وشكل الطفلة الصغيرة وتحققت من التشابه بينهما.
وأوضحت المحكمة في حيثيات الحكم أنها اطمأنت تماما إلى أن الطفلة لينا جاءت نتيجة علاقة زوجية بين الفيشاوي وهند بشهادة الشهود، وأنه لا يشترط لإثبات الزواج تقديم عقد الزواج بل يكفي لذلك البينة والقرائن والمعاشرة الزوجية، وليس من الضروري أن يشهد الشهود العقد بل يكفي أن تكون شهادتهم بالتسامع وأن يشهدوا بعلمهم بحدوث الزواج.
« انتصار للشرع »
ويرى الباحث الشرعي بـ »إسلام أون لاين.نت » مسعود صبري أن ما حدث من إثبات نسب « لينا » إلى « أحمد الفيشاوي » هو انتصار للشرع؛ وذلك لأن المحكمة استندت إلى الحكم بوجود علاقة زوجية بناء على شهادة الشهود، وهي إحدى وسائل الإثبات الشرعية التي أخذت؛ فالحكم يثبت شرعا بالإقرار أو البينة أو الشهادة.
ويبين أن « الزواج العرفي » مباح شرعا في أصله، وأن العرف جرى على هذا منذ آدم وعصر الأنبياء جميعهم حتى محمد صلى الله عليه وسلم، ولكن جاءت الدولة الحديثة بشكلها فكان من المناسب توثيق الزواج بطريقة أخرى تتماشى مع طبيعة الحياة المدنية الحديثة، ولكن الزواج العرفي كان يوثق بالشهود قديما، وبمعرفة الناس أن فلانا قد تزوج فلانة، وأنه أنجب منها أبناء يعرفهم المجتمع، والكل يقر بأنهم أبناؤه.
ويخلص إلى أنه في مثل هذه القضايا يجب الرجوع إلى طبيعة التوثيق القديم لإثبات الحقوق ومحاربة للذمم الخربة، وهو ما قامت به المحكمة وفق فهمها لقواعد الشرع الحكيم.
وليس صحيحا -كما يؤكد الباحث الشرعي- أن يفهم من حكم المحكمة أنها أقرت النسب بالزنا، ولكنها أقرته بزواج عرفي فإن ادعت المرأة أنها تزوجت زواجا عرفيا، وأنكر زوجها وكانت هناك بينات أو شهود، وجب العمل بها؛ لأن هذا يعني أنه يخرج الناس من عقاب الله الدنيوي من إقامة الحد، كما أنه لا يعتبر ما حدث زنا يعاقب عليه، بل هو صورة من صور الزواج التي لا نشجعها، ولكن يؤخذ بها في مثل هذه الحالات.
ويعتبر أن الحكم برأ « أحمد الفيشاوي » كما برأ « هند الحناوي »، وذلك بإثبات أن « لينا جاءت عن طريق الزواج الشرعي، وليس عن طريق الزنا المحرم ».
ويضيف أن المحكمة لم تأخذ في حكمها بمسألة البصمة الوراثية، وهو ما يتسق أيضا مع توجه علماء بارزين في مقدمتهم الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ومفتي مصر الدكتور علي جمعة بعدم جواز الاستعانة بتحليل البصمة الوراثية « DNA » لإثبات نسب ولد الزنا وفقا لقاعدة فقهية تقول إن « ماء الزنا هدر »، أي ما ينتج عنه غير معترف به.
وثار مؤخرا خلاف فقهي حول هذه القضية، حيث أجاز في المقابل قسم من علماء الأزهر الاستعانة بتحليل البصمة الوراثية، معتبرين أنه سيقلل من جرائم الزنا.
14 ألف طفل بلا نسب!
على صعيد آخر، تستعد العديد من منظمات الأسرة والمرأة في مصر للاستفادة من هذا الحكم القضائي الأول من نوعه في إثبات نسب أكثر من 14 ألف طفل مصري على أقل تقدير كشفت إحصائية حكومية مصرية صادرة أواخر 2005 عن أنهم بلا اسم ولا هوية أو نسب ولا ثبوت قانوني أو رسمي، بعدما رفض آباؤهم الاعتراف بهم، وأن أغلبهم جاءوا نتاج زواج عرفي أو غير رسمي ينكره الأب دائما.
وكشفت هذه الإحصائية عن أن أغلبية هذه الزيجات التي تثمر أطفالا غير معترف بهم وبلا هوية هي نتاج زواج المصريات الفقيرات صغيرات السن من أثرياء عرب أغلبهم من دول الخليج.
وأوضحت المنظمات النسائية أن هؤلاء الأطفال ليس لهم وجود رسمي فلا يمكن استخراج شهادات ميلاد لهم؛ وهو ما يعني عدم قدرة أمهاتهم على إعطائهن التطعيمات ضد الأمراض، أو الحصول على الرعاية الصحية المناسبة خاصة مع ظروف الأمهات اللاتي في الغالب لن يستطعن الإنفاق على الطفل في المستشفيات الخاصة، أو أي شكل من أشكال الرعاية التي تحتاج إلى أوراق رسمية.
وشهدت الجلسة واقعة لافتة، قبل أن يصدر قاضي المحكمة المستشار أحمد رجائي دسوقي حكمه بإثبات النسب الطفلة « لينا »، حيث ألقى قصيدة لنزار قباني ترفض فيها فتاة أن تقوم بعملية إجهاض.
وألقى قاضي المحكمة قصيدة من ديوان « طفولة نهد » للشاعر السوري الراحل نزار قباني تقول: « ليراتك الخمسين تضحكني.. لمن النقود.. لمن يجهضني.. لتخيط لي كفني.. هذا إذًا ثمني.. يا بؤرة العفن.. أنا سأسقط ذلك الحمل.. فأنا لا أريد أبا نذلا ».
(المصدر: موقع إسلام أون لاين.نت بتاريخ 27 ماي 2006)
مفارقات الخطاب الإسلامي المعاصر (2 من 2)
** لا يمكن للمسلمين استعادة دورهم الحضاري دون التخلص من تحريف العلماء للقرآن.. وإفساد الأمراء لمؤسساته
** لو طبق المسلمون قاعدة الاستعداد الرادع القرآنية لما اضطروا لتحويل الجهاد الي هذا السلوك البدائي الانتحار
أبو يعرب المرزوقي (*)
لنبدأ في عجالة بالحد الأقصي كميا والأدني كيفيا حتي نفرغ لمقصود الاسئلة اعني الحد الأدني كميا والاقصي كيفيا أو الخطاب الاسلامي الصادر عن الحركات الاسلامية. فمم يتألف هذا الخطاب؟ أليس هو خطاب مؤلف من فكرتين رئيسيتين مستحيلتي التحقيق ودالتين علي الجهل بشروط العمل الحقيقي في التغيير الثقافي الحضاري والاقتصادي السياسي:
1- الفكرة الاولي يمكن عنونتها بالتنمية البشرية: يتضمن الجمع بين مطالب الديموقراطية الشعبية التي كان عليها فكر اليسار والقوميين بمطالب الديموقراطية البرجوازية التي صار عليها. واذن أليس هو فكرا أدواته مناقضة لغاياته إذ هو ينسي أن ما حققته الديموقراطية البرجوازية مما يسمونه التنمية البشرية في تقاريرهم الثلاثة التي صارت وسيلة أمريكا الأساسية للكذب علي الشعوب العربية لا يمكن أن يتحقق من دون تضحيات قدمها الغرب خلال قرون الثورات العلمية الصناعية والسياسية الاجتماعية والثقافية التربوية وكررته آسيا غير الاسلامية بنفس التضحيات التي يتصور مفكرونا المتعجلون التنمية البشرية قابلة للتحقيق من دونها بل يعكسون فيتصورونها شرطا فيها.
2- والفكرة الثانية يمكن عنونتها بالثورة الثقافية: وتتضمن الجمع بين ما قبل الاسلام من حضارات الشرق العربي (مثل الفرعونية والبابلية الفنيقية والقرطاجنية والسبأية إلخ من الخرافات السخيفة) وما يتصورونه فعلا إن ليس قولا وتضمينا إن ليس تصريحا تاليا للاسلام من الحضارات الغربية ظنا أن دوره قد انتهي. ولا أحد منهم أدرك أن المحافظة علي ما كان حيا في ما تقدم علي الإسلام هو أولا من أهم أركان الثورة المحمدية احياء لما قتله التحريف من تجارب بشرية كادت تحصر الاديان والنبوات في بني اسرائيل فاعاد القرآن البشرية بخصوصها إلي الحقيقة التاريخية مذكرا بعموم الرسالات لكل شعوب العالم. كما أنهم لا يدرون ثانيا أن من أهم أركان الثورة المحمدية هي التحرر من كل ما يحول دون الاستئناف الدائم للحضارة حتي إن أهم نقد يوجهه للشعوب هو الاحتجاج بـ هذا ما وجدنا عليه آباءنا .
فما يدعون إليه من ثورة ثقافية ليس إلا محاولة لقتل الثورة الثقافية الحقيقية التي هي ثورة الاسلام لتبرير تقليدهم الذليل للغرب بالعودة السخيفة للشرق أو لنكن صرحاء ليماشي ذلك أمنية دفينة في نفوس مسيحيي الشرق سواء كانوا من العرب الأصليين أو ممن استعرب من بقايا الصليبيين المتحالفين مع الغالي من فرق الاسلام (متوسلين النعرات القومية التي فتتت الامة الإسلامية) أمنية محو الاسلام من ذاكرة الشرق حتي يعود إليهم لكأنه قوسان فتحتا ويجب غلقهما إلي الابد: إذ ليس من الصدفة أن يصدق ذلك علي جل زعماء الفكر العلماني والقومي المغالي في هذا الاتجاه. وخاصة من كان من المؤسسين المزعومين ! وهذا أيضا تقليد سخيف لأن ما حاوله الغرب في نهضته هو ادعاء تجاوز الدور الاسلامي والعودة إلي ما تقدم عليه عند اليونان في بلاد اليونان وفي ما صار مستعمرات لها من الشرق العربي حتي يتخلص من دور الاسلام في تاريخه الوسيط دوره الذي لا يمحي: فكل فكر الغرب بعد القرون الوسطي بما في ذلك الاصلاح المسيحي لا يمكن أن يفهم إذا جردناه من هذا الدور وآثاره.
فتكون ثورتهم ليست مقصورة علي تقليد الغرب من حيث علاقته بذاته فحسب بل هي تذهب إلي تقليده في محاولته محو ذاتنا من تاريخه مرتين باسطورة العبقرية اليونانية للتخلص مما تقدم علي الحضارة اليونانية وبأسطورة العبقرية الاوروبية للتخلص مما توسط بينهم وبين الحضارة اليونانية كما يتبين من محاولات مؤرخي الغرب وفلاسفة التاريخ محاولاتهم التي يغلب عليها كبت هذا التأثير للتحرر من سلطان التراث الشرقي عامة والشرقي العربي الاسلامي، خاصة كما بينا في الكثير من بحوثنا لكأن اليهودية والمسيحية من الغرب. وحتي اليونان فدعوي انتسابهم إلي الغرب الحالي من الاساطير: فلا هم كذلك جغرافيا و لاهم كذلك حضاريا بدليل أن أكبر فلاسفة اليونان كان يعرف اليونان في كتاب السياسة بالمقابلة بين ذكاء الصيني الجبان وغباء الاوروبي المتهور!
تقويم التاريخ لبيان الحق
وإذن فليس تقويمنا التاريخ بهدف بيان فضل المسلمين بل لإحقاق الحق فتكون الحقيقة التاريخية حقيقة سوية وليست مجرد دعاية لتثبيت الذات الغربية: فلا يعقل أن يؤرخ المرء للبشرية ويهمل من تاريخها ثمانية قرون علي الاقل كانت فيها الريادة الفكرية والحضارية في الرقعة التي يؤرخون لها بيد المسلمين. لذلك كان الدين الوحيد الذي يعترف بكل الاديان المتقدمة عليه بالزمان حتي إنه اشترط في اسلام المسلم أن يؤمن بكل الرسالات والنبوات لانه لا يمكن أن يكون الدين صحيحا إذا اعتمد علي نفي التاريخ الحقيقي لتجــــربة البشرية الدينية السابقة.
ولنعد الآن إلي موضوعنا المقصود بالذات. فنأخذ القسم الذي يعنينا أي الحد الأدني من خطاب المسلمين: خطاب الاسلاميين منهم. ولندرسه في مذهبيه. فكلاهما مذهب متعدد التقازيح لكنه قابل للرد إلي حدين متقابلين تماما كما كان الشأن دائما في الفكر الاسلامي منذ بداية الحرب الاهلية الاسلامية أو ما يسمي بالفتنة الكبري: المذهب السني بغالبيته إلي أن صيغت نسقيا في المذهب الاشعري والماتريدي وما شابههما وأقليته إلي أن صيغت في المذهب الظاهري والحنبلي وما شابههما ثم المذهب الشيعي بغالبيته إلي أن صيغت في المذهب الاثني عشري وما شابهه وأقليته إلي أن صيغت في المذهب الباطني وما شابهه.
ولما كان حزب الأغلبية في الحركة الشيعية المعاصرة قد وصل إلي تحقيق دولته بعد ما يسمي بثورة الخميني التي استغلت منطق أقليتها ومنطق ما يماثلها في العلمانية الايرانية (أي الحركة الشيوعية والعلمانية الفرنسية) فإنه قد تخلص منهما بعد ذلك بأن قضي علي ثانيتهما ووظف أولاهما في خارج العالم الشيعي لمد سلطان الثورة فحصل الصلح بين البعدين. ولما كان حزب أغلبية الحركة السنية المعاصرة (الاخوان) لم يحقق بعد دولته رغم محاولة استغلال منطق أقليته فإنه ظل في الفعل التاريخي تابعا لاقليته المغالية أي للشكل الحنبلي من الظاهرية أو الحركة السلفية (لأسباب ظرفية أهمها أن المال يوجد مع اؤلئك وهؤلاء أصبحوا موظفين عندهم).
فيرجع خطاب الاسلاميين المؤثر حاليا إلي الفكر العقيم الذي يمثله رجلان هما الخميني وابن لادن. فما هو مضمون هذا الخطاب؟ وهل يمكن أن يحرر المسلمين بحيث يؤدون دورا تاريخيا مناسبا لمقتضيات العصر ومحققا لقيم الاسلام الحقيقية التي هي أكثر ثورية من كل ثورات العالم لو كان المسلمون يعلمون ؟ ويمكنني أن ازعم أن نسبة ما يفهمه العرب والمسلمون اليوم من الإسلام إلي ما فيه من قيم ثورية للانسانية كلها وليس للمسلمين وحدهم هي عينها نسبة ما في أرضهم من ثروات مادية عاشوا عليها آلاف السنين وهم بها جاهلون. و لو لم يحقق الغرب ثوراته العلمية والصناعية لما أصبحت الثروات الاسلامية ذات وجود فضلا عن أن تكون مادة لوعيهم وأداة لارادتهم.
ونفس الامر يمكن أن يقال عن الثروة الرمزية التي في دينهم. فلو لم يجرب الغرب في ثوراته السياسية والاجتماعية نظائر محرفة مما أوصي به القرآن لما ادرك المسلمون معاني ما دعا إليه من ضرورة تحرير البشرية من المستبدين بالسلطان الروحي (أو الكنيسة التي عوضها عندنا استبداد العلماء لما نقلوا سلطة التشريع من منزلة فرض العين علي كل مسلم إلي منزلة فرض الكفاية بالاستحواذ عليه) ومن المستبدين بالسلطان الزماني (الدولة ذات الحق الالهي التي عوضها عندنا استبداد الامراء لما نقلوا سلطة التنفيذ من منزلة فرض العين علي كل مسلم إلي منزلة فرض الكفاية بالاستحواذ عليه).
لكن القرآن الكريم الذي سعي إلي تحرير البشرية من الاستبدادين حدد طبيعة سلطتي الامة الحقيقيتين:
1- سلطة التواصي بالحق في الاجتهاد الذي يطلب علوم الدين والدنيا وكان علي المسلمين ابداع مؤسسات تنظمها لتكون أداة كل عمل تشريعي.
2- وسلطة التواصي بالصبر في الجهاد الذي يحقق الاستخلاف بتطبيق تلك العلوم في تنظيم حياة البشر وتمكينهم من تسخير العالم مع رعايته. وكان علي المسلمين ابداع المؤسسات لتكون أداة كل عمل تنفيذي.
والمعلوم أن مجموع الاستحواذين هو اغتصاب سلطتي الامة التي نسب إليها الرسول الكريم وحدها ودون سواها العصمة في الامرين. وذلك هو شرط التحرر من الطاغوت الذي قرنت الآية 256 من البقرة الكفر به بالايمان بالله إيمانا حرا لا اكراه فيه لتبين الرشد من الغي.
لكن أصل فكر الرجلين المؤثرين في الخطاب الاسلامي عند الاسلاميين مناف تماما لهذه القيم القرآنية وليس مناسبا للعصر فضلا عن أن يكون مناسبا لاستئناف الإسلام دوره التاريخي من منظور المتعاليات التي تصلح لكل العصور. فكيف يمكن لفكر يستند إلي نظريات ابن عربي الوجودية والقيمية أن يؤسس نهضة تحرر الانسان وتحقق قيم الاسلام وهي مبنية علي الجبرية والسلطة الروحية البديل من سلطة الامة: وذلك هو جوهر التناقض في الدستور الايراني بين الجمهورية التي تستمد شرعيتها من الانتخاب أو إرادة الشعب والمرجع الذي يستمد شرعيته من كنسية منافية لجوهر الاسلام ؟ وكيف يمكن لفكر لم يحتفظ أصحابه من فكر المنظر (ابن تيمية) الذي ينسبونه إليه إلا وجهه السلبي قصدت مجرد سلب نظريات ابن عربي الوجودية والقيمية أن يؤسس نهضة تحرر الانسان وتحقق قيم الاسلام: وذلك هو جوهر الحل البنلادني الذي يستبدل سلطان الكنسية علي الدولة بسلطان الدولة المسيطرة علي الكنسية في ما يدعو إليه من نظام ؟ فلا يكون الفرق بين بن لادن والخميني إلا بتقديم الاستبدادين وتأخيرهما: إما أن يكون استبداد العلماء تابعا لاستبداد الامراء أو العكس فيكون استبداد الامراء تابعا لاستبداد العلماء . وقد وضعت النوعين بين ظفرين لأن الامير هو من أمرته الامة والعالم هو من أجمع أهل الاختصاص علي علمه. فلا يكون الأول بدائيا ومستندا إلي تحويل الشعوب إلي عبيد الخوف من القوة المادية ولا يكون الثاني خرافيا ومستندا إلي تحويل الشعوب إلي عامة تابعة للتخويف بالقوة الغيبية.
وبذلك يكون خطاب فكر الاغلبية السنية التي لم تصل إلي الحكم ولم يعترف بها حركة اصلاحية ذات وجود مشروع في أي قطر وخطاب الاغلبية الشيعية التي يمثلها في إيران ما يسمي بالاصلاحيين فإنهما لا حول لهما ولا قوة وهما مضطران للبقاء عاجزين عن الفعل خوفا من أن يتهما بالتحالف مع أعداء الاسلام ممن هم خدمتهم الفعليون. فلا يكون للاصلاحيين الشيعيين وللاصلاحيين السنيين أدني امكانية للفعل خوفا من هذه التهمة وعجزا عن الاعلان الشجاع علي أنه لا يمكن استئناف التاريخ الاسلامي من دون حل المعضلتين اللتين يعاني منهما الاسلام منذ الحرب الاهلية التي بدأت منذ اليوم الأول لموت الرسول الكريم لكونها عين تحريفه.
فأما المعضلة الأولي فهي تبدو خاصة بالشيعة لكنها في الحقيقة تعم الحزبين الشيعي والسني: كيف يمكن التحرر من الاستبداد التنفيذي الذي صار بديلا من الإرادة الإلهية أعني مما صار بديلا من سلطة الأمة التنفيذية أو ولاية الفقيه فوق السلطة السياسية بديلا من سلطة الأمة ؟ فهذه النظرية التي هي مبدئيا خاصة بالشيعة صارت فعليا عامة لكل المسلمين. وما تبرره الوصية في حالة الشيعة تبرره الشوكة في حالة السنة.
وأما المعضلة الثانية فهي تبدو خاصة بالسنة لكنها في الحقيقة تعم الحزبين السني والشيعي: كيف يمكن التحرر من الاستبداد التشريعي الذي صار بديلا من الشرع الالهي أعني مما صار بديلا من سلطة الامة التشريعية ؟ فهذه النظرية التي هي مبدئيا خاصة بالسنة صارت فعليا عامة لكل المسلمين وما يبرره القياس الفقهي عند السنة يبرره العلم اللدني عند الشيعة.
وفي الجملة فإن أم المسائل هي كيف تستعيد الأمة الاسلامية ما أمرها الله أن تقوم به فرض عين علي كل أفرادها فلا تتركه للاغتصابين التشريعي للعلماء والتنفيذي للامراء فتحقق الشروط التي تؤهلها لان تكون خير أمة. ذلك أن القرآن الكريم لم يجعلنا خير أمة بصورة مرسلة بل هو جعل شروط الخيرية في الاية 104 من آل عمران ثم أردفها بجواب الشرط في الآية 110 منها: ما يعني أننا نكون ما وصفت الآية 110 إذا حققنا ما طلبت الآية 104 من آل عمران.
مقترحات للعلاج الممكن
إذا فكر المسلم حقا فإنه لن يكون محكوما بمعايير ظرفية في تحديد منزلته التاريخية واشكالات راهنه. فاحداث الحادي عشر من ايلول (سبتمبر) مثلا لا يمكن أن يكون لها حسبان في فكره من حيث هي تلك الأحداث بل من حيث ما تدل عليه من انخرام في نظام العالم. أما إذا كان دمية سياسية أو لاعبا بايديولوجية حزب حاكم أو معارض فيمكن أن يتكلم عن نوع تأثير هذا الحدث في فكر المسلمين وفي استراتيجية اصلاح شؤونهم ويهمل محددات الظرفية الفاعلة ليحصر فعل الامة في رد الفعل. مشكلة المشاكل بالنسبة إلي المسلمين هي هذا الاقتصار علي الظرفي ورد الفعل. فليس ما حدث في الحادي عشر من ايلول (سبتمبر) بالحدث الأهم في الظرف التاريخي الراهن لو فكرنا حقا من منطلق ما يوجبه القرآن علي الامة لعلاج قضايا الحياة البشرية ورعاية الكون.
فالحدث في ذاته أمر لو قيس بغيره من الأحداث التي تجري في عالمنا لاعتبر حدثا عاديا جدا. لكن توازن العالم المنخرم يضفي عليه ما لا يستحق بالقياس إلي ما يهمله العالم من مآس أكبر حجما وأخطر علي مستقبل المعمورة. فحادثة واحدة لاحدي الشركات الامريكية في الهند قبل ذلك بعقد قتلت عشرة اضعاف ما قتلت حادثة الحادي عشر من ايلول (سبتمبر). وبيع الشركات الغربية الدواء أو الغذاء المغشوش فضلا عن تجريب الأدوية الجديدة في الأفارقة قتل الملايين بقصد ومن سلط رسمية لدول تدعي القيم الإنسانية والديموقراطية. وهم علي أبواب تحقيق أمر في افريقيا سبق أن حققوا مثله في أمريكا عندما أفنوا أهلها بالكحول والجدري والسلاح: الايدز والمخدرات والحروب القبلية هي البديل الجديد من الأدوات التي أفنت الهنود الحمر. وقنابل أمريكا في فيتنام قتلت الزرع والضرع فضلا عن ملايين البشر. ومع ذلك فإن ذلك كله لم يعتبر حدثا مهما ليسأل الناس عن أثره في فكرهم. فلم اعتبر الحدث مهما إذن؟ ذلك هو المشكل.
وهذا يشبه التعامل مع العدوان علي أطفال الفقراء بالقياس إلي التعامل مع مجرد خدش يصيب أحد أطفال الاغنياء. وقس عليه قتل مئات الفلسطينين أو العراقيين بالمقارنة مع قتل يهودي واحد. وقس عليه قتل ملايين الغجر فعليا بالمقارنة مع ما يسمي بالمحرقة. أهمية الحدث الوحيدة بالنسبة إلي مفكر مسلم هي أنها تكشف عن أكبر أدواء البشرية الحالية. فانخرام توازن العالم وتحريف القيم يجعل قتل ملايين الافارقة من أجل مصلحة شركة دواء او ذهب أو بترول أو غاز أو أورانيوم وافناء شعوب أمور أكثر من عادية فلا يؤبه بها ولا تعتبر أحداثا فاصلة في التاريخ. أما قتل بعض المدللين في امريكا فإنه يراد له أن يكون من شواغل فكرنا الاولي بحيث لا ننظر في شؤون الصحوة والنهضة واستئناف الدور الكوني للاسلام إلا من خلاله.
إنما سبب ذلك أمران:
ففكرنا قد بات مجرد رد فعل.
ومؤسساتنا الخائرة يحكم المستبدين بها الخوف من الخوف.
لذلك فإن التهديد بالنفخ في الهواء تسيل له بطون المستبدين بالسلطتين ماء. لا يهمني ما يقوله الأمريكي أو الإسرائيلي. ما يعنيني هو تحديد شروط استئناف المسلمين دورهم الكوني لرعاية العالم تكليفا من رب العالمين ولتحرير البشرية من هذا الانخرام الذي أفسد العالم المادي بالتلويث الصناعي والتسليحي والعالم الروحي بالتلويث الثقافي.
لكن كيف يمكن أن يسهم المسلمون في تحرير البشرية من الطغيان العالمي في المجالين الروحي والمادي إذا كانوا هم أول ضحاياه بسبب ما حل بالقرآن من تحريف جعل علماء المسلمين وأمراءهم أول من يفسد كل المؤسسات التي أوصي بها؟ ماذا يعنيني رأي الامريكي أو الاسرائيلي في ما ينبغي أن يدرس أو أن يقال في خطب الجمعة إذا كان ما يدرس وما يقال ليس ضرره بالامريكان واليهود بأكبر من ضرره بالمسلمين أنفسهم ؟ فليست القضية قضية نصوص تبقي أو تزال. ذلك أننا نستطيع أن نقلب التحدي فنسأل من يريد منا ذلك أن يجربه هو علي نصه المقدس. ونحن علي يقين أنه لو فعل لما بقي منه إلا ما اعتبره القرآن غير محرف أي القرآن نفسه الذي هو أصل كل ما بقي من حقائق فيه ! أما القرآن فهو غني عن التطهير لان ما فيه ليس هو ما يلام علي الناطقين باسمه: فما كان الاجتهاد يوما هو ما يصوره عليه الجهلة ممن يسمي بقادة الجهاد في فوضي حركاتهم الحالية.
ذلك أن المسلمين لو طبقوا قاعدة الاستعداد الرادع بحسب أحكام القرآن لما اضطروا لتحويل الجهاد إلي السلوك البدائي الذي هو حيلة فاقد الحيل. فكل استشهادي من المسلمين أعتبره شهادة منه بأن المسلمين فشل علماؤهم وساستهم في الاستعداد الرادع المغني عن اللجوء لهذه الحلول اليائسة التي لا يمكن أن تربح بها أمة حربا إلا بشرط أن تخسر كل شروط الحفاظ علي المستقبل في المعترك الدولي القادم. فهي تشترط أن تبقي الحرب من جنس حروب القرون الوسطي. لكن العدو لن يقبل بمجاراتنا في حرب يمكن فيها للافراد أن يصلوا إليه ليفجروا أنفسهم بين شعبه. فإذا واصلت الامة مثل هذا السلوك فإن مستشهديها لن يستطيعوا تفجير أنفسهم إلا في شعوبهم فضلا عن كون ذلك سيقنع به العدو شعبه بضرورة اللجوء إلي ما عنده من الأسلحة الرادعة التي تعيد الأمة إلي القرون الوسطي: كل ما في الامر هو انتظار الحد الذي يقنع الرأي العام الغربي بأن استعمال السلاح الرادع أصبح مشروعا فيكون الفناء لاصحاب هذه الاستراتيجيات السخيفة التي لا تصلح إلا للدفاع عن قرب أي في الحروب البدائية.
ولما كان العدو ليس ملزما لا خلقيا ولا فنيا بمواصلة هذا الشكل من الحرب فإنه يمكن أن يحسهما بمجرد أن تقنع قياداته شعبه بضرورة الحسم. ولهم في غباوة قيادات هذا السلوك أفضل حليف لتحقيق القناعة. لذلك فإن مثل هذه الحلول دليل عن العجز وليست دليلا عن الشجاعة وهي اعتراف بعدم القيام بما طلب القرآن القيام به وعودة إلي حروب الجاهلية حيث يحارب الفرد الشجاع وليس الامة المنظمة التي تحارب بعقلها قبل يدها. لذلك فلا علاقة لها باستراتيجية الجهاد القرآني لانها مبنية علي نفي أول مبادئه. إنها عودة إلي الحرب الجاهلية خاصة وهي مشروطة بنفي أول قانون دولي للحرب وضعه القرآن: حصر القتال بين الجيوش عندما لا يكون الاستعداد الرادع رادعا. أما إذا غاب الاستعداد الرادع فالقتال ليس قتالا جهاديا بل هو حيلة من صاحب عدم الحيلة الذي أخذ غيلة.
وليس قصد مقترحاتي الاستسلام للعدو. كلا. بل معناه ضرورة فهم منطق الحرب كما حددها الإسلام وشروط النجاح فيها حتي تحول قوة العدو إلي أداة بيدك لمحاربته بها. وتعود الشروط إلي نوعين أحدهما سالب والثاني موجب:
أ ـ النوع السالب من الشروط وفيه خمسة فروع:
1 ـ الحيلولة دون حصول الاستبداد الروحي حتي لا تتحول الامة إلي عامة جاهلة لا سلطان لها علي قوانين الظاهرات الطبيعية والتاريخية لأن العلم والمعرفة أصبحا فرض كفاية للمستبدين بالامر الروحي في حـــين أن القرآن طالبنا بجعلهما فرض عين.
2 ـ والحيلولة دون حصول الاستبداد المادي حتي لا تتحول الامة إلي عامة عاجزة لا سلطان لها علي تحقيق آثار العلم بتلك القوانين في الطبيعة والتاريخ لان العمل أصبح فرض كفاية للمستبدين بالامر الزماني في حين أن القرآن طالبــنا بجعلهما فرض عين.
3 ـ الحيلولة دون اضفاء الاستبداد الاول الشرعية علي الاستبداد الثاني، اضفاء الشرعية الدينية علي الدكتاتورية السياسية قبلية كانت أو عسكرية.
4- الحيلولة دون مد الاستبداد الثاني الاستبداد الأول بالقوة التي تجعله يعمل بآليات السلطان المادي من خلال تعويض الكفاءة العلمية بالولاء لمن بيدهم رزق العلماء فيزول التنافس المـــبدع في المعرفة.
5 ـ وأصل كل هذه الشروط السالبة مبدأ واحد عام وضعه القرآن وطبقه الرسول منع تكون مافيات حاكمة في أي مـــيدان من مـــيادين الحياة العمرانية أعني في الذوق والرزق والنظر والعمل والوجود.
ب ـ النوع الموجب من الشروط وفيه خمسة فروع كذلك:
1 ـ مؤسسة التواصي بالحق ليكون العلم ثمرة الاجتهاد الجماعي لكل أفراد الامة لانه فرض عين.
2 ـ مؤسسة التواصي بالصبر ليكون العمل ثمرة الجهاد الجماعي لكل أفراد الامة لأنه فرض عين.
3 ـ أثر الأول في الثاني: العمل علي علم.
4 ـ أثر الثاني في الاول: تحول العمل الي مادة للمعرفة فتكون الامة في مراقبة ذاتية دائمة.
5 ـ والمبدأ الموحد لكل هذه الشروط هو الاستعداد الرادع أي القوة عامة والقوة العسكرية خاصة.
(*) كاتب ومفكر تونسي، ماليزيا
(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 25 ماي 2006)
من ديمقراطيّة المعتقدات إلى ديمقراطيّة البرامج
الإخوان بين التشريعي والرئاسة
د.رفيق حبيب (*)
هل يهدف الإخوان المسلمون إلى الوصول للحكم؟ يبدو السؤال غريبًا، فكل القوى السياسية تعمل للوصول للحكم، ولكنَّ جماعة الإخوان المسلمين ليست قوةً سياسيةً فقط، بل هي قوةٌ اجتماعيةٌ في المقام الأول، لها مشروعها الدعوي الشامل، والذي تُمثِّل السياسةُ جزءًا منه.
لهذا يصح أن نسأل حول موقف الإخوان من الوصول للحكم، فالقوى الاجتماعية تحمل رؤية حياتية شاملة، وقد تعمل للوصول إلى الحكم لتنفيذ رؤيتها أو لا تعمل.
والمتابع لمسيرة جماعة الإخوان يلاحظ أنَّ فكرةَ الوصولِ إلى الحكم ترتبط بما تراه الجماعة ضروريًّا لتحقيق رسالتها، وتطبيق فكرتها، ولهذا يصبح من الواقعي الحديث عن ارتباط فكرة الوصول إلى الحكم بالمناخ السياسي السائد، فإذا رأت الجماعة أن هناك قوةً سياسيةً أخرى تعبر عن مشروعها السياسي، فيمكن أن تدعمها، والأمر نفسه صحيح بالنسبةِ للحاكم، فالجماعة يمكنها دعم رئيس للدولة ليس من بين أعضائها إذا رأت أنه يتبنى مشروعها، وعليه يمكن للجماعة دعم مرشح رئاسي ليس من بين أعضائها ما دامت ترى فائدة من ذلك لمشروعها.
والجماعة عندما تأخذ مواقف مختلفة من فكرة الوصول الى الحكم، تعبر عن حقيقة تكوينها كحركةٍ اجتماعية، تحمل رسالةً تحاول نشرها بين الناس، وتؤيد كل ما يفيد هذه الرسالة، نقصد من هذا أن الحركة السياسية يجب أن تصل للحكم بنفسها، أما الحركة الاجتماعية الدعوية، فتركِّز على الرسالة، ولا يشترط أن تمارس الحكم بنفسها، ولا يؤثر عليها عدم وصولها للحكم؛ لأن وظيفتها كحركة دعوية اجتماعية تشمل العديد من الأدوار، وليس الدور السياسي فقط، في حين أن الحركة السياسية التي لا تستطيع الوصول إلى السلطة، أو لا تعمل من أجل الوصول للسلطة، تفقد وظيفتها الوحيدة، وهي العمل السياسي.
لهذا نرى أن دورَ جماعة الإخوان المسلمين في المجالس التشريعية هو الأساس، فهي بصفتها كحركةٍ دعويةٍ اجتماعية يفترض أن تعمل من أجل تمثيل قواعدها الجماهيرية في المجالس التشريعية، وهي كحركة دعوية لها مرجعية حضارية ودينية، تعمل من أجل صياغة النظام العام وفق رؤيتها، وبالتالي يصبح وجودها في المجلسِ التشريعي ضروريًّا لتقديم رؤيتها التشريعية المعبرة عن رسالتها، والعمل التشريعي يُمثِّل صلب العمل التأسيسي للنظام العام، بما فيه التشريع الدستوري والقانوني، ولهذا لا يفترض اكتفاء الجماعة بوجود مَن يقوم نيابةً عنها بهذا الدور.
وعليه يصبح سعي الجماعة للتمثيل في المجالس التشريعية جزءًا من رسالتها، له ضرورات عملية أكثر من مسألة السعي للوصول إلى السلطة التنفيذية، وحتى مع وصول الجماعة للأغلبية البرلمانية، فإنها قد تشكل الحكومة، أو تكتفي بدور الرقيب عليها. وبالطبع فإن تشكيل الحكومة حسب النظام المصري الحالي، هو من سلطة رئيس الجمهورية، وليس للحزب الحاصل على الأغلبية البرلمانية.
وتعد التجربة السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، ذات طبيعة خاصة، فهي تجربة تؤثر على مجمل المجال السياسي المصري، كما تؤثِّر على البلاد العربية والإسلامية، وأخيرًا تؤثر على جماعةِ الإخوان المسلمين نفسها، وكل الجماعات المنتمية لمدرستها في البلاد العربية وغيرها من الدول، لهذا يصبح من الضروري النظر لمنهج الإخوان في العمل السياسي من هذه الناحية، والحاصل عمليًّا أنَّ الجماعةَ تتدرج في عملها السياسي، كشأنها في منهجها الحركي عامة، ونرى أنَّ هذا الأمرَ ضروري ومفيد في الناحية السياسية، وإذا قارنا ذلك بما حدث في فلسطين من وصول حركة حماس لتشكيل الحكومة، من أول انتخابات تشريعية تشترك فيها، فنرى أنَّ ما حدث في فلسطين مفيد؛ لأنه يُمثِّل تجربةً صعبةً، ولكنها تجربة وصول حركة مقاومة لتقود العمل العام.
أما في مصر فإنَّ الوصولَ المفاجئ للحكم لجماعةِ الإخوان المسلمين، ليس أمرًا مطلوبًا؛ لأنه لا يُمثِّل مصلحةًَ عامةً لمصر أو للجماعة، ويلاحظ بالطبع عملية الممانعة الشديدة من قبل النخب للدور السياسي لجماعة الإخوان، وهو ما يعني وجود قوى خارجية ونخب داخلية تعمل من أجل منع الجماعة من الوصول إلى مقعد الرئاسة، ورغم أن هذا الاحتمال وارد بسبب الجمود السياسي الراهن، والذي يتسبب في حدوث تحولات مفاجئة، إلا أن المصلحة العامة تتحقق في الصعود السياسي للإخوان بصورة تدريجية ومتتالية. ولهذا نرى من المفيد أن يكون تركيز الجماعة على الانتخابات البرلمانية، من أجل الوصول إلى معارضة قوية، تتجاوز الثلث أولاً، ثم تعمل من أجل الوصول إلى الأغلبية، دون وجود داعٍ لتحقيق الأغلبية الكاسحة، وفي نفس الوقت تصبح المنافسة على مقعد الرئاسة مسألة مؤجلة، والأفضل أن تجد الجماعة في انتخابات قادمة مرشحًا وطنيًّا يحوز الإجماع من مختلف التيارات السياسية لدعمه، إذا كان هذا متاحًا أصلاً.
وربما يكون من المفيد إعلان الجماعة أنها لن تنافس على الانتخابات الرئاسية القادمة (عام 2011)، حتى إذا أُتيح لها ذلك، ولن تنافس على الأغلبية البرلمانية في الانتخابات التشريعية القادمة (عام 2010)، بل ستنافس على المعارضة المؤثرة (ثلث المقاعد)، والهدف من ذلك تأكيد أهمية وجود عملية تغيير مستمرة ومتدرجة، وأن تكون هذه العملية هي الوسيلة لتحديد قواعد عملية التغيير والإصلاح السياسي، ووضع قواعد لتداول السلطة والاحتكام للجمهور.
والمقصود من هذا هو تشكيل مجال سياسي يشمل جميع القوة السياسية، خاصةً القوى الفاعلة، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، من خلال منهج تغيير متدرج يسمح بتراكم التجربة السياسية، بصورة تنضج عملية التغيير، كما تساهم في إنضاج القوى السياسية نفسها
(*) كاتب وباحث مصري
(المصدر: موقع اخوان أون لاين بتاريخ 24 ماي 2006)